رواية قلوب تائهة الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بقلم سهام صادق
رواية قلوب تائهة الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بقلم سهام صادق
الــفـــصـــل الــحـــادي عـــشـــر
لحظات معدوده جمعتهم بقلوب عاشقه ، بقلوب تبحث عن ساكنها قلوب لا تحمل سوا الغفران ،قلوب قد نست كل الأمهاا بين ايدي اصحابهاا
نظرا لها مبتسما وهو يراها تبتعد عنه ، وعيونهاا تتهرب منه من شدة خجلهاا ، ظل يتأملهاا وهو يراهاا تلتف سريعاا حولهاا ، ثم قالت بأرتباك: هقوم احضرلك الفطار
بدأت ضحكاته تتعالا وهو يري شدة ارتباكهاا ، نهض من علي الفراش وبدء يرتدي سُترته ومازالت ضحكاته مستمره عليها
نظرت له بضيق شديد وكادت ان تغادر من الغرفه ، ولكنه كان اسرع منها فأمسك يديهاا واقترب منها وهو يقول : مع اني مش بحب أفطر، بس هفطر معاكي النهارده
تحولت نظراتها سريعاا اليه التي تعبر عن سعادتها، ثم غادرت الغرفه وقلبها يتراقص من الفرح ، وهو يري صاحبه يغمرهه بتلك السعاده
تتابعها بعينيه وهو شارداا بها ، شاردا بملاكه الصغير الذي يرضيه أبسط شئ حتي لو أبتسامة صغيره ، تنهد بأسي وهو يتذكر كلامه البارحه وكيف قتلها بكلماته بدون أن يشعر
.................................................. ..............
افاقت من نومهاا ، وهي تود ان تراه الان نائم بجانبهاا ..
تطلعت بأعينها بأسي وهي تتخيله بجانبها ، ولكن قد خاب ظنهاا ، نظرت الي هاتفهاا وهي تتمني أن تجد منه اتصالا او رسالة يعتذر بهاا عن ليلة امس ، ولكنه أيضا لم يتذكرها ، تنهدت بأسي وهي تري نفسها مثل الطفله الصغيره التي تغضب حين يوعدها ابهاا بعروس لعبه ويخيب ظنهاا ، فقد تعلقت به حقاا وعصفت بكل شئ مقابل ان تقضي لحظات تختطفهاا من الزمن لتكون بجانبه ، كانت تعلم تماما بأنه سيأتي يوم وستصبح فيه مجرد غريبه بالنسبه له ، او بالأصح ستكون ليس اكثر من ذكري فقط
يالها من لحظات قاسيه عندما تجد نفسك أصبحت ذكري لأحد كان بالنسبه لك كل شئ ، تنهدت بأسي وهي تتذكر طفلهاا الصغير، تمنت لو عادت الايام ثانية مثلما كانت فتاة في الثامنة عشر من عمرها وتزوجت ممن احبه قلبها وانجبت منه طفلا يشبهه كثيرا وعاشت معه مثلما كانت تتمني
ولكن ليس كل مايتمنه المرء يُحصل عليه... نهضت من فراشهاا وهي تبحث عن قرصا لتتناوله ليخفف ذاك الصداع المؤلم
.................................................. .........
كان يتأملها وهو يرتشف فنجان قهوته ، وكلما تلاقت اعينهم أبتعدت بنظرها بأي شئ لتمنع تلك الخجل ان يظهر علي وجهها ويفضحهاا ، كان يبتسم بداخله وهو يري ارتباكهاا هذا ، اقترب منها قليلاا وهمس في احد اذنيها وقال :
تسلم أيدك علي الفطار ... ونهض من علي كرسيه وهو يقول لهاا : عايزه حاجه يامريم قبل ما امشي
أبتسمت له وهي تخفض رأسها وقالت : شكراا
تطلع لها قليلا وقبل ان يغادر ، نهضت من علي كرسيهاا وأقتربت منه وهي تقول : خلي بالك من نفسك
وبدون ان يشعر وجد قلبه يبتسم قبل شفتيهه .. وقال : حاضر
نطقت أسمه ، وكأن صوتها قد أتي من مكان بعيداا .. وقالت:
استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
وكأن قلبه كان يود أن يسمع تلك الدعاء الجميل ، وكأن عينه كانت تتمني ان تري تلك النظر الحانيه ، وكأن أذنيه كانت تشتاق أن تسمع مثلا هذا الصوت الحاني ، الذي لا يطلب شيئا من الله سوا ان يحفظه له ... تأملهاا قليلاا وهو يود ان يجري عليهاا ليحتضنها وينسي العالم بأكمله معهاا ، فلحظات قليله قد جمعتهم جعلته لا يريد ان يبتعد عنها ، وكأنها مثل المغناطيس تجذب كل شئ حولهااا بتلك البرائه والطيبه التي تمتلكهاا .... غادر سريعااا وهو يشعر بأن كيانه كله قد أهتز وبأن قلبه التائه قد اصبح ضائعااا
فتح السائق له باب سيارته ، وظل يحدثه وهو ليس سواا في عالم الاحلام الذي صنعه قلبه مع ملاكه الصغير ... الي ان ان افاق من شرودهه وقال : بتقول حاجه يا حسن
حسن بأبتسامه : لا ياأدهم باشا، بس كنت عايز اسأل هنروح الشركه ولا الفيله
ادهم بتنهد : لاء الشركه ياحسن
.................................................. ............
دموع تكاد تقتلها ، وهي تري نفسها بذاك الفستان الذي باتت به ليلة امس ، وضعت يدهاا علي ذاك الجنين الذي بدأت تشعر بوجودهه ، ظلت تتحسسه ودموعهاا تخترق قلبهاا قبل عينيها وهي تقول : مامي وحشه ياحبيبي ، وحشه اوووي عشان باعت نفسهاا لبابي ، بس بابي ضحك علي مامي وهي صدقته عشان كانت فاكره انه بيحبها ، بس بابي مكنش بيحبها ، وكأن شايفهاا مجرد لعبه عايز يتسلي بيها ، شوفت بابي كسر مامي ازاي ، ثم تنهدت بأسي وهي تقول : بس انت هتكون بيبي حلو وتحب مامي صح عشان مامي بتحبك اووي ... وسقطت دمعه من عينيها وهي تقول : وبابي كمان هيحبك ياحبيبي عشان انت هتكون ابنه حبيبه ..
ظلت تحادث جنينها ، وكأنه شخص يسمعهاا ، ولكنه هو الوحيد الذي يشعر بحزنهاا هذا ... قطع شرودهاا وهو يطرق عليها باب غرفتها وقال : يلاا ياشاهي عشان تفطري
كانت تسمع صوته وهي لا تستطيع ان ترد عليه بشئ وكأن لسانهاا توقف عن الكلام
اياد : شاهي ردي علياا ياشاهي ، طب افتحي الباب
ظل يندهه عليهاا وكاد ان يحطم باب غرفتهاا ، ولكنه توقف عندما رئها تفتح له باب غرفتها بتلك الهيئه وكأنها قضت معظم ليلتها تبكي
أياد بقلق : انتي كويسه ياشاهي ، اجيبلك دكتور
نظرت له بعيون تُعاتب من كان سبباً في بكائهاا .. وبعد وقتا قصير قالت : انا كويسه ، متشغلش بالك بيا
أياد بتنهد : طب أدخلي غيري هدومك وتعالي افطري ، انتي ماكلتيش حاجه من امبارح
تنهدت بسخريه وهي تقول : خايف عليناا
أياد : ايوه ياشاهي خايف عليكم ، ويلا ادخلي غيري هدومك عشان تفطري
نظرت له بألم شديد ، والتفت بوجهها بعيدا عنه
تتابعها بنظرهه بتألم علي حالهاا فوضع يدهه علي كتفيها وهو يقول بصوت حاني : انا هنزل استناكي تحت عشان نفطر سواا
تنهدت بأسي ، وذهبت لخزانتهاا لتخرج بعض ملابسهاا
.................................................. ...........
ولأول مره تخطي قدماهاا هذا المكان ، نظرت حولهاا وهي تتطلع لهذا المبني الضخم ، وبعد قراراً قد حسمه قلبهاا ..ترجلت من احد سيارات الاجره .. وما من دقائق معدوده حتي كانت تقف امام سكرتيرته بعد ان ارشدها أحد موظفي الاستقبال لمكتب صاحب الشركه
تطلعت اليها سكرتيرته الخاصه وهي تقول : صباح النور يا مدام ، اي مساعده اقدر اقدمها لحضرتك
صافي : ممكن اقابل أستاذ أدهم
السكرتيره بأعتذار : مقدرش يافندم مادام مافيش ميعاد سابق
وقبل ان تطلب منهاا أن تدخل اليه وتعلمه بوجدهاا ، كان يخرج من غرفة مكتبه ، وعندما وجدها امامه
أدهم : دخلي مادام صافي ياهنا ، وياريت تجيبلنا اتنين قهوه لو سامحتي
أردفت خلفه ، وهي تشعر بالشوق اتجاهه ، اقتربت منه وهي تتابعه بعيناها من الخلف وقالت : عارفه اني موحشتكش يا أدهم
تنهد بأسي وهو يبتعد عنهاا وقال : أتفضلي اقعدي ياصافي
تطلعت له بأسي وهي تقول : لما ملقتكش بترد علي تليفوناتي ، قولت اجي أطمن عليك
وقبل أن يتفوه بأي مبرر لها .. وجدها تقاطعه وهي تقول بأبتسامه حزينه : اتمني ان اللحظات الي قضناهاا سواا نقدر ننساها ، ونبتدي صفحه جديده كأننا أصدقاء وبس
تطلع لها وكاد ان يتكلم ، ولكن قطع حديثهم دخول الساعي وهو يقدم لهم قهوتهم ... ثم غادر
تابعت صافي بالحديث وهي تقول : انا وانت ياأدهم كنا بندور علي حد يحس بينا وننسي معه حتي لو للحظات الحاجات الي بنهرب منهاا ، يعني كنا بندور علي الاحتياج مش اكتر .... نظرت اليه تتطلع له بأعينهاا الحانيه
ثم قالت : انت أنسان جميل اووي يا أدهم جواك حنان ممكن يملئ الكون ده كله ، بس للأسف بتمنع نفسك انك تبان قدام الي بتحبهم غير بصورة وهيئه أدهم الي لازم الكل يخاف منه وبس
وبعد وقتا طويل ... قال : صافي ، انا
نظرت له مبتسمه وهي تقول : صافي عارفه أدهم كويس ، عشان كده هتبعد عن ادهم
وكاد أن يتحدث ، ولكنهاا وقفت وهي تتطلع له بأعين مودعه ومدت له أحد ايديها وهي تقول بأبتسامتهاا التي أعتاد عليها : مع السلامه ، يا أدهم
وتركته وهو يشعر بالذنب أتجاهها ، ولكنه ماجعله يتقرب منها انه قد وجد معها ما يرضي احتياجه لا أكثر ، تنهد بأسي وهو يتذكر كلماتها فقد كانت حقا سيده جميله تتمتع بعقل لا يبحث عن شئ سوا بالقليل لكي يريح قلبه ..
غادرت صافي .. وهي تشعر بالأرتياح ولكن الذنب ايضاا يحاوطهاا عندما جعلت من نفسهاا عشيقه مقابل هروبهاا من ذكرياتهاا الأليمه ووحدتهااا
.................................................. .............
وضعت امامه قهوته ، ونظرت اليه وهي حزينه لما تسمعه تنهدت بأسي وهي تقول : طب وصافي ، انتوا الاتنين كنتوا بدوروا علي الي نقصكم ، طب مريم ذنبهاا ايه في كل ده
تنهد بأسي وهو يقول : عارف أني ظلمتهاا ، وكنت ناوي أطلقهاا بس ..
ألهام : بس أيه حبيتهاا
تنهد بضيق وهو يقول : مش عارف حاجه ولا فاهم حاجه يا ألهام ، بس حاسس أن مريم بقيت أحد ممتلكاتي ومش هقدر ابعدهاا عني
تنهدت الهام بحزن وهي تقول : مريم مش فلوس بتعملها، ولا أرض بتشتريها ، ولا مشاريع وصفقات بتأسسها ... مريم أنسانه يا أدهم اوعي تنسي في يوم انهاا انسانه زيناا
أدهم بأسف : للأسف عارفه كل ده ، بس هي السبب بٍحبهاا لياا خلتني أحس انهاا بتاعتي انا وبس ولازم تكون بتاعتي ولياا
ألهام : مكنتش أناني كده يا أدهم
نظر لها بشرود تام .. وهو يقول : الايام بتغير يا ألهام
وأدهم أتغير اوووي ، ثم أبتسم وهو يقول : بس معاها هي برجع أدهم الطفل الي عمره 7 سنين
أبتسمت ألهام وهي تتذكره وقالت : وأدهم المراهق بتاع 15 سنه نسيت
تنهد أدهم بشرود وهو يقول : يااااااااااااااا كانت احلي سنين عمري ، ثم تنهد بحزن وقال : قبل ما اكون الشخص الي قاعد قدامك دلوقتي
الهام بتمني : مين عالم يمكن يجي اليوم الي ادهم بتاع زمان يرجع تاني
ضحك بشده وهو يهم بالرحيل : لسا عندك أمل فياا ، مع ان انا فقدت الامل في نفس من زمان ومن زمان اووي كمان
تطلعت اليه ألهام بأسي وهي تتذكرهه عندما كان طفلاا صغيرا ، أبتسمت بحزن وهي تقول : هترجع ادهم بتاع زمان ، انا حاسه بكده أدهم الطفل هيرجع امتا مش عارفه بس هترجع يا أدهم بحنيتك وقلبك الطيب وابتسامتك الحلوه يا ابني
.................................................. ...........
نظر لها متسألا ، حضرتي نفسك ،عشان هنسافر شهر بره البلد
شاهي بتنهد : شهر عسل يعني ، بس انا اعرف ان العريس بياخد عروسته ويقضوا شهر العسل عشان بيكون عايز يقضي معاها وقت يفضلوا يفتكروه طول حياتهم ، بس انا وانت أظن اننا عمرنا ماهنفتكر حاجه غير اسوء لحظات قضيناها مع بعض
أياد بتنهد : بعد ساعتين لازم نكون في المطار ياريت ، تكوني جاهزه ....
ظلت تتابع خطواته ، وهي تشعر بالاختناق لما يحدث وكأنها ليست عروس تقضي أحلي أيام عمرهاا بجانب من احبته
.................................................. ............
وبعد وقتا طويلا قضاهاا يشغل فكره بعمله فقط ،تنهد بتعب وهو يصارع قلبه بأن يذهب اليهاا ، وقف بتعب وهو يغادر مكتبه ... وكاد ان يصعد لغرفته ولكن استوقفه نداء احدهما
فاطمه : مش هتتعشا يا أدهم
أدهم بتعب : لاء يا داده ، روحي نامي انتي
تنهدت الداده بأرتياح وهي تقول : ماشي يا بني ، تصبح علي خير
أدهم : وانتي من أهله
صعد الي غرفته ، وبات ليلته وهو يتمني ان يذهب اليهاا ويأخذها بين احضانهاا ... ولكن هيهات فهو لا يستطيع أن يظهر امامها بصورة الرجل الحنون ، حتي لو علي حساب قلبه .... فالحب بالنسبه له ليس سوااا مخدرا نخدر به مشاعرا لنحيا بيه بعالم تائه بقلوب تائهه ....
.................................................. .........
لم تستطع جفونها أن تغمض وتستسلم للنوم ، وكلما غلبها النعاس ... كان قلبها يحادثهاا بأنه سيأتي لهاا ... ستستمع لتلك الصوت الذي لا يشعر أحد بحنيته سواهاا ، تمنت لو انه الان بجانبها يأخذها بين أحضانه ، تذكرت قبلته الحانيه ويديه الدافئه وانفاسه الهائجه وكأنه يهرب من شئ بداخله ...... سالت دمعه من عينيهاا عندما ذكرهاا عقلها بأنهاا لا شئ بالنسبه له ، وضعت يديهاا علي أذنيها لتخمد ذاك الصوت وهي تقول : ياريت كان بأيدي كنت كرهته ، بس انا بحبه هو الانسان الوحيد الي حبيته
تردد ذاك الصوت ثانيه وهو يقول لهاا : بس هو ميستهلش حبك ده ، مش شايفه حالك سيبك لوحدك وضحك عليكي وخدعني قبل ما يخدع قلبك وافتكرته بيحبك فعلاا
وبدون أن تشعر وجدت يدها تضعهاا علي قلبها .. وهي تقول : قوله انه مش بأيدي ، قوله ان هو الوحيد الي قدر يخدك وبقيت ملكه هو ، قوله اني حبيته من غير ماأحس
تنهدت بحزن علي حالهاا .... تمنت ان تنزع قلبهاا من بين ضلوعها وتفر هاربه من سجن لم يضعها فيه سواا من أحبت
تنهدت بأسي ... وهي تقول: يمكن يجي يوم ويحبني
ابتسمت عندما سمعت صوت أذان الفجر يعلواا ، وكأن الله يقول لهاا لا تجعلي حبك لاحد عبادي ينسيكي من خلقكي ، فأن قلب من احببتيه بيدي أنا
نهضت من علي فراشهاا لتلبي نداء بارئهاا ، وهي تتمني لو يأتي اليوم لتنهض هي وهو لكي يصلوا سوياا ... كما كانت تري أمها واباهاا يفعلون معا
.................................................. ...........
لم تصدق عينيهاا عندما تطلعت ، لمن امامهاا فأنه يشبهها كثيرا ، سقطت دموعهاا وهي تسأل محاميهاا وهي تقول : ابني صح ، مازن ابني
نظر لها المحامي بأشفاق ، وهز رأسه ليأكد لها ما رأت عيناهاا ....
سقطت علي ركبتيهاا ، وهي تمد له ايديهاا وتقول : انا ماما يامازن تعالا ياحبيبي
وقف من بعيد يتأمل ذاك المنظر، وهو يشعر بالراحه أتجاهها كما كان هذا الشعور يذكرهه بذكريات حفرت في ذاكرته تنهد براحه شديده ، ثم رحل دون ان تشعر بوجدهه
كانت تاخذهه بين احضانه ، وكأنها تخشي فقدانه ثانيه ، لم تصدق انه كبر هكذا واصبح عمرهه الان سبع سنوات ....
ابعدته عنها قليلاا ، وهي تنظر في عيناهه التي تتطلع فيهاا
صافي بحنان : انا ماما ياحبيبي ، انا ماما يامازن متخفش
ثم اعتدلت ووقفت وهي تمسك احد أيدي طفلها وقالت : مش عارفه أشكرك أزاي يا أستاذ محسن
نظر له محسن مبتسما .. وقال :متشكرنيش أنا يا مدام صافي ، الي المفروض تشكريه أدهم باشا هو بعلاقاته اقدر يساعدنا وكمان دفع الشيكات الي كانت علي أحمد بيه وكان المقابل انه ياخد مازن ويتنازل عن حضتنه
نظرت لطفلها بحزن وهي تتذكر والدهه الذي ابعدهم عن بعض تلك السنوات الماضيه ، والان قد تركهه مقابل المال
وبدون ان تشعر تذكرت أدهم وأرتسمت علي شفاهاا أبتسامة
لمافعله من اجل ان يعيد اليها طفلها كما وعدهاا
اخفضت ببصرهاا .... وهي تقول بفرحة تملئ قلبهاا قبل عينيهاا : وحشتني اووي ،اووي يامازن
يتبع بأذن الله
*********
الـــفــــصـــل الثــاني عـــشـــر
لحظة لقاء قد اتساوت بكل شئ ، لحظة قد تجمعت فيها دموعها لتعبر عن مدي شوقها،لحظة قد عجز اللسان فيها ان يرسل كلماته التي تمني دوما ان يُنطق بهاا ، وابتسامه قد عادت لقلب قبل شفتاهه، ودفئ قد افتقدته الروح ، وايدِ تمنت لو ان يأتي يوم لتحتضن مفتقدهاا ، شعورا كثيرا كان يحاوطهاا ولكنه ليس سواا شعور يعبر عن فرحة صاحبه ...
نظرت لطفلها بشوق شديد ، وهو نائم بين ذراعيهاا، ظلت تتأمل ملامحه التي افتقدتها منذ زمن ، وياله من زمن كان قاسي عليها عندما حرمها من طفلها ، اقتربت منه بحزر لكي لا توقظه ووضعت قبله حانيه علي جبينه ... وبعد وقتا قصير، كانت تمسك بهاتفهاا وهي تنتظر ان يُرد عليهاا وبعد لحظات
أدهم : مازن أخباره ايه دلوقتي
صافي : مش عارفه أشكرك أزاي يا أدهم ، بس كل الي قدر اقولهولك ربنا مايحرمك من اعز الناس عندك ، عشان بجد أصعب حاجه لما الروح تفقد اصاحبهاا
أدهم : متشكرنيش ياصافي ، الظروف هي الي ساعدتني اني اقدر ارجعلك ابنك من تاني ، حافظي عليه اووي ياصافي
صافي بهدوء : وانت حافظ علي الي بتحبهم ، عشان ميجيش يوم تندم انك ضيعتهم من ايديك .... ثم نطقت بكلمتها الاخيره وهي تقول : مع السلامه يا أدهم
وكأن كلماتها الاخيره قد لمست قلبه ، تنهد بأرتياح وهو يبحث عن مفاتيح سيارته ليذهب اليها
.................................................. ...........
وبعد رحله طويله ، استغرقوهاا للذهاب الي ايطاليا
تتابعهم الحامل وهو يحمل متعلقاتهم الخاصه ، انتهي الحامل من وضع ما يحمله ، وتتطلع لهم مبتسما وهو يتمني لهم لحظات ممتعه ... ثم تركهم وانصرف
ظلت تتأمل الغرفه بنظرهاا ، فقد كانت غرفه واسعه تحتوي بداخلها علي غرفتين للنوم ، تنهدت بأرتياح شديد ، ودخلت الي غرفتهاا وهي تشعر ببعض التعب
كانت نظراتهاا اليه توحي بالكثير من الألم ، وكلما تتطلع الي أعينها شعر بمدي حقارته ، فهو قد حرمهاا من اجمل لحظات عمرهاا ، ولكن ماكان يبرره لنفسه انا لست المخطئ فقط
وكأن القلب يريد ان يدافع عن نفسه ليقول : اصبحت انا الان مخطئ عندما ، صدقت بحبك وعصفت بكل شئ لكي أرضيك ، هل نسيت عندما كانت تبتعد عنك وتتركك بالأيام دون ان تحادثك ، ماذا كنت تفعل كنت تتهمني بالأهمال ... وعندما اصبحت تمتلكني ماذا فعلت بي ...... يالك من وقح
تنهد بضيق شديد ... وكأن عقله أصبح مدافع عنه
كنت عايز أكسر غرورهاا
نطق القلب متألما وهو يقول : انت فعلاا كسرتني وكسرت نفسك معايا بذنب هتفضل تفتكرهه طول عمرك
وضع يديه علي اذنيه وهو يشعر بالصداع الشديد ، لم يشعر بنفسه سواا وهو جالس في تلك البار لينسي نفسه بين كؤسه البغيضه
.................................................. .............
وقف يتابع حركاتهاا ، وهي تسجد بخشوع ، وكلما تأملهاا وهي تسجد أبتعدت عيناهه سريعاا وهي تشعر بالخجل الشديد من صاحبهاا ، كان صوتهاا عالي نسبيا وهي تناجي ربها بعد ان انهت صلاتهاا ، وعندما نطقت بأسمه في الدعاء سادت الحسره قلبه ، فحتي في صلاتها لا تنساهه ... اما هو يهرب بفكرهه بعيدا حتي لا يتذكرهاا قلبه ... التف ليغادر الغرفه سريعا كي لا تري تلك النظرات التائهه
ولكن استوقفه صوت ندائهاا عليه ، ابتسمت بحب وهي تقول : ممكن تقرب شويه يا ادهم مني
وقف للحظات ،يتأكد ممن طلبته منه .. وعندما قررت طلبهاا بخيبة أمل ... اشاحت بوجهها وهي مازالت جالسه علي سجادة الصلاه
اقترب منها قليلا ، وبعد لحظات هبط بركبتيه وهو ينتظر أن يعرف ماذا تريد .. ثم قال بصوت متهدج : انتي تعبانه يامريم
ابتسمت له بحب شديد وهي تهز له رأسها نافية ... ومدت يديهاا الصغيره وأمسكت بيدهه .. وشرعت بالتسبيح عليها
وكلما ذكرت اسم الله علي أحد اصابعه .. وجد جسدهه يرتشع .. وكأنه كان يفتقد منذ زمن مائا يريد ان يرتوي بيه
ظل يتأملهاا ... وشعور الراحه التي طالما بحث عنها قد وجدها واصبحت تسري بين عروقه .. أغمض عينيه وكأنه يعيد ذكريات ماضيه حينما كان يري والدته تسجد ويسجد بجانبها وعندما تنهي صلاتهاا ، تبتسم له وتضع يدها علي رأسه بحنان وتضمه بين أحضانهاا
نظرت إليه تتأمل ملامحه ، وبداخلهاا شعور بالتمني أن يزرع الله في قلبه الهدي ويرشدهه الي طريق الصلاح بعيدا عن هذا العالم المزيف
فتح عينيه برفق ، عندما أحس بأن حركة اصابعهاا قد توقفت
نظر لهاا طويلاا .. وكأنه يبحث عن اشياء بعيده تسير امام اعينه... وبعد لحظات قال : ليه عملتي كده
مريم بأبتسامه : عشان تشاركني في الثواب
ويالها من كلمة قد سقطة علي اذنيه ، خدعها في كل شئ وهي تبحث له عن أجرا يتقرب به لربه ،يحطم قلبه بيدهه كي لا يحبهاا ، يتركهاا وحيده وهي لا تنساهه وتذكرهه في صلاتهاا ..... نهض من امامها وهو يقول بهروب : انا كده أطمنت عليكي ، عايزه حاجه مني يامريم قبل ما امشي
وقفت امامه مثل الطفله الصغيره التي تترجي اباها ان يبقي معاها بدموعها ، ولكن سريعا ما أشاحت بوجهها وهي تقول : هو انا هفضل محبوسه هنا
أدهم : وانتي عايزه تخرجي ليه
مريم بحزن : عايزه أرجع اشتغل تاني
أدهم بحده وهو يقربها منه : خروج من هنا مافيش ، وشغل برضوه مافيش فاهمه
كانت دموعهاا هي من استطاعت ان ترد عليه ، ابتعدت عنه وهي تمسح دموعهاا وتقول : بس انا بقيت بخاف اووي صدقني ، مبضحكش عليك
حاول ان يلطف الوضع قليلاا بينهم وقال : انتي مش طفله صغيره يامريم ، الاطفال بس هما الي بيخافوا ولا انا متجوز طفله
نظرت له بعتاب شديد .. وهي تخرج بعض الكلمات من حلقها بصعوبه : صح انا مش طفله صغيره ، ولازم اعيش ديما لوحدي
وقبل ان يضعف قلبه .. التف بوجهه بعيدا عنها وهو يقول : تصبحي علي خير... ثم تركهاا ورحل من عالمها الذي يخشي ان يقع فيه بدون ان يشعر ..
تنهدت بأسي .. وهي تقول بين دموعها التي انسابت بعد رحيله : يارتني كنت طفله صغيره ، كنت أشفقت علياا وفضلت قاعد معاياا
.................................................. ............
وقفت تتطلع له بخجل شديد ، وهي تقول بشمهندس احمد
ألتف الي مصدر الصوت ، وهو ينظر لها متعجبا في حاجه ياهبه
هبه بتردد: بصراحه ، كنت عايزه أسأل حضرتك علي مريم
أحمد : مريم مين ، وبعد ان تذكرها : اه مريم مساعده بشمهندس اياد
هبه : ايوه يافندم .. بقالها مده كبيره مبتجيش الشغل ، وبتصل بيهاا ديما تليفونها مقفول ، ممكن تقولي عنوان شغلها الجديد الي الشركه حولتهاا ليه
أحمد : للأسف معرفش يا أنسه هبه ، لان موضوع النقل ده تم عن طريق ادهم
هبه بخجل : لو مش هضايق حضرتك ، ممكن تسألي مستر أدهم عن مكان نقلها
احمد : حاضر يا أنسه هبه ، عن أذنك
.................................................. ..............
وقفت تنتظر ان يتطلع بأعينه اليها ، حتي لو قليلاا ، وبدون أن يرفع نظرهه عن ما امامه من اوراق .. قال بصوته الجاد: أتفضلي اقعدي يامدام نانسي
نانسي : لو مشغول ممكن ،اجيلك في وقت تاني يا أدهم باشا
تطلع بنظرهه قليلا اليها .. وهو يشعر بالأشمئزاز من تلك المنظر بملابسهاا التي تجلس بها امامه .. وقال بعد ان نظر الي الأوراق التي امامه ثانية : خير يامدام نانسي
نانسي بتصنع للحزن : هو عزت حبيبي مقلكش أني كنت عايزه ارجع أشتغل هنا تاني في الشركه
أدهم بجديه وهو ينهض من علي كرسيه : عزت باشا عنده شريكاته الي بيدرهاا ، تقدري تشتغل عندهه يا مدام ..
ثم ألتف اليهاا بأحتقار وهو يهم بالمغادره .. وقال : مضطر امشي عشان عندي اجتماع مهم ، وابقي وصلي تحياتي لعزت باشا
وقفت تتابعه بعيانهاا ، وهي تستشيط غضبا من تجاهله لهاا ، تطلعت الي ملابسهاا وهي تقول : شكل المهمه صعبه ، عشان أقدر اوقعك يا أدهم باشا ، بس مافيش حاجه بتصعب علي نانسي
.................................................. ................
أفاق من نومته هذه ، وهو يشعر بالصداع الشديد ، تطلع بجانبه وجدهاا نائمه بجوارهه ..أخذ يتذكر ماحدث ليله أمس ولكن كل ما يتذكرهه هو عندما خرج من حجرته وذهب ليحتسي مشروباا ، أستيقظت من نومهاا وهي تبتعد عنه وقالت بأرتباك : أصلك كنت جاي تعبان من بره ، وفضلت ماسك في أيدي تقولي متسبينش خليكي جنبي ، ومحستش بنفسي غير دلوقتي
وكادت ان تغادر الغرفه وتتركه : ياريت تخف الشرب شويه ، يعني عشان صحتك ...
أياد بتعب : متشكر ياشاهي
أشاحت بوجهها بعيداا ، وخرجت سريعا من غرفته قبل ان تفتضحها عيناهاا من الخوف عليه
تنهد بتعب شديد ، ولاحت أبتسامة علي شفتاهه عندما تذكرهاا .. ولكنه سريعاا ما رفضها عقله
تنهد بأسي .. وهو يخشي أن يكون فعل بهاا أخاهه شيئاا لا ذنب فيه سوا انها قد أحتلت جزء من تفكيرهه
.................................................. ......
دموعا لم تجف واعين قد تورمت من كثرة بكاء صاحبتهاا
نهضت من علي الفراش وهي تشعر ببعض السخونه تسري في جسدها النحيل ، تحركت بضعف نحو حمام غرفتهاا لتنعم ببعض الماء لعله يريح جسدهاا ، وبعد ان انهت حمامهاا ، ارتدت ملابسهاا بصعوبه وقد ازدادت سخونه جسدهاا
أستقلت علي الفراش بصعوبه ، وجسدهاا بدء يرتعش .. حاولت ان تنهض لتبحث عن دواء .. ولكن اعياء جسدها قد منعهاا ... ظلت تتألم بصوت ضعيف .. لم يكن ألم حرارتها اقوي من ذاك الألم الذي جعلهاا تشعر بأنهاا إذا فارقت روحهاا جسدهاا لن تري أحد بجانبها سوا تلك الجدران ... سالت دمعه من عيناها وكأنهاا تشفق علي حال صاحبتهاا ، ونامت والعرق يصب علي وجههاا بسبب السخونه
كان ينهي عمله ، وعندما تذكر دموعهاا التي كانت تترجاهه ان يبقي بجانبهاا ، تنهد بأسي شديد وهو يمنع قلبه من ذاك الشعور، قرر ان يتابع عمله .... ولكن بعد مده قصيره كان يستلقي بسيارته ليذهب اليهاا
كان البيت يعمه السكون التام ، خشي بأن تكون قد تركته ورحلت ، ترجل الي غرفتهاا وهو يندهه عليهاا
أبتسم عندما وجدهاا نائمه بتلك الملابس التي تعبر عن مدي برائتهاا ، ولكن قد انتابها لشئ قد كانت تندهه علي أحد
اقترب منهاا وهو يراهاا تتفوهه ببعض الكلمات ، وضع يدهه علي جبينهاا وهو يشعر بالأسي ... فقد تركها بمفردها وهي مريضه
ومنذ زمن بعيد قد ترك مهنه الطب التي كانت يوما ما حلما من أحلامه وتخلي عنها من اجل ان يحافظ علي تلك الثروه ، بدء يفحصهاا وهو يشعر بالخوف عليها ، فتحت عيناهاا ببطئ شديد ،ثم اغلقتها ثانية
.................................................. ...........
جلست بجانبه ، وهي تتصنع الزعل
عزت : مالك يانانسي ياحببتي
نانسي بحزن مصطنع : يرضيك كده يازيزو أبنك ياعاملني المعامله ديه ، ده كان ناقص يطردني
عزت بهدوء : يانانسي ، انا قولتلك تعالي اشتغلي معايا ، انتي ليه مصممه انك تشتغلي عنده
نانسي بأرتباك : ما أنت عارف يازيزو ، انا قبل ما اتجوزك وأشوفك ياحياتي ، كنت شغاله سكرتيرة لبشمهندس احمد ، وانا بصراحه عايزه أرجع اشتغل تاني هناك وسط صحابي
عزت : يانانسي ياحببتي ، انتي دلوقتي مراتي .. ومينفعش تشتغلي زي اي موظفه
نانسي بضيق : كده يا عزت ، يعني انت مش عايزني أشتغل ، اخص عليك أخلفت وعدك معايا وقولتلي هخليكي سيدة مجتمع
عزت وهو يقترب منهاا لكي يقبلها : خلاص ياقلب عزت يبقي تعالي اشتغلي معاياا ، بدل ما انتي ديما وحشاني كده
نانسي بدلع : بس انا يا زيزو مش عايزه حد يقول عشان هي مراته ، والكلام الا انت عارفه ... هاا ياحياتي هتكلمه ارجع تاني الشركه انت مهما كان عزت باشاا
عزت بتنهد : ربنا يسهل
نانسي بخبث : ميرسي يازيزو ياحياتي ، ثم اقتربت منه لتضع قبلة علي خد ذاك العجوز وهي تضحك علي غبائه امام انوثتها التي اصبحت سلاحهاا امامه
.................................................. ...........
وضع يدهه يتحسس حرارتها ثانية ، تنهد بأرتياح عندما وجدهاا تنخفض ، تتطلع الي ملامحهاا المتعبه ، وبدء يزيح خصلات شعرهاا عن عيونهاا ، اقترب منهاا قليلا وبدء يغطي جسدها برفق ، ونهض من علي الفراش ليحضر لهاا شئ ساخن تأكله ، وبعد ان خلع سُترته وازاح برابطه عنقه
بدء يعد لهاا الطعام .... وهو يبتسم بعذوبه لما يفعله هو
انتبهه علي صوت هاتفه
أدهم : ايوه يا أحمد
احمد بأستغراب : فيك حاجه يا أدهم انت تعبان
أدهم بضحك : ما انا كويس اه ، وبكلمك
أحمد بأرتياح : اصل عمرك ما اتأخرت علي الشركه ، فقلقت ...
أدهم بتنهد: انا مش جاي النهارده ، وخلي هنا تلغي كل الاجتماعات
احمد بقلق : لاء يا أدهم أكيد فيك حاجه ، نص ساعه واكون عندك في الفيله
ادهم بضحك : قولتلك انا كويس صدقني ، وكمان انا مش في الفيله ... ثم انتبهه لصوت انفاسهاا المتقطعه خلفه وقال : سلام دلوقتي
التف اليهاا ، وهو يقول بحده مصطنعه : قومتي ليه من علي السرير
نظرت له بعتاب شديد وكادت دموعهاا تتساقط .. ولكنها سريعاا أشاحت بوجهها وقالت : متقلقش عليا انا كويسه ، وكمان انا مش طفله صغيره
ضحك بشدهه علي تذكرها لكلماته وظل يتطلع اليهاا وهو يقف امامهاا : شكل قلبك أسود يامريم
نظرت له بخجل من تلك النظرات واخفضت رأسهاا
ادهم : روحي ارتاحي ، عشان اجيبلك الشُربه ، وعلي فكره انا الي عاملها بأيدي
وبعد لحظات معدوده ، كان يطعمها بيديه وهم يتحدثان
أدهم : كنتي لازم تتصلي بيا لما حسيتي انك تعبانه
تتطلعت عيونهاا اليه وكادت ان تتحدث
أدهم بتنهد : من بكره هيجبلك شغاله ، تفضل جنبك
مريم بتعب : بس انا مش عايزه حد يخدمني ، انا بعرف اخد بالي من نفسي كويس
أدهم : انتي مش شايفه نفسك بقيتي ازاي ، وكمان انا مش مستعد اجي مره تانيه الاقيكي بالمنظر ده
تتطلعت اليه بحب شديد وهي تري خوفه عليها، الذي يمنع عيناهه ان تظهرهه كان قلبها يحدثها بهذا ... وبدون ان تشعر ابتسمت له
ادهم بضحك : بتضحكي علي ايه
ومن شدة ارتباكهاا قالت : اصل افتكرت شكلك وانت بتعملي الاكل وواقف ماسك المعقله في ايد ، والتليفون في الأيد التانيه
أبتسم رغما عنه ...وقبل أن يفتضح أمرهه .. قال : طيب يلاا عشان تشربي الدوا بتاعك وبطلي ضحك
ثم تابع بالحديث وقال : شكلي بسببك هرجع أمارس مهنه الطب تاني
تطلع الي أعينها التي تنظر لها بغرابه وقال : مالك بتبصلي كده ليه
مريم بخجل : اصلي مش مصدقه انك طبيب
أدهم بسخريه : كنت
مريم بتسأل : طب سيبت مهنه الطب ليه
التف بوجهه بعيدا عنهاا وهو يقول : ارتاحي دلوقتي وانا هفضل بره اتابع شوية شغل في التليفون
تتابعته بأعينهاا الي انا غادر الغرفه ... ووضعت رأسهاا علي وسادتهاا بأبتسامه حب وهي تتذكر نظرات خوفه عليهاا ، بدء عقلهاا يسبح معهاا في عالم احلامهاا ، وقلبهاا لا يتوقف عن الرقص بنغمات دقاته فرحا ، فاليوم اجتمعوا معاها الاثنان ... ونامت وهي تبتسم مثل الطفل الصغير
عاد اليهاا ثانية ، وهو يري أبتسامتهاا الصافيه علي وجهها النائم .. أبتسم علي برائتهاا هذه واقترب منهاا بحزر شديد ، ووضع قبلة حانيه علي جبينها بألم يعتصر قلبه بسبب عِند صاحبه .
يتبع بأذن الله
*********
الـــفـــصــل الــثــالثـــ عـــــشـــر
أحلاما نتصدي بها عن واقعا ، وواقعا نريدهه بأحلامنا
وأيام يطيل أنتظارهاا ، وعمرا يمضي مودعاا لأصحابه
وذكريات تبحر في أعماق قلوبنا، وقلوب تعيش تائهه ، وعيون تود ان تبصر علي ما تتمناهه قلوبنا ، وعقلا سارحاا بين ارواحنا يتمني لو للحظه سكون يتوقف فيهاا صارخا هائجا بأفكارنا وذكرياتنا الهاربه بين بحور قلوبنا
خطوات بطيئه كان يخطو بهاا ،بين صراع لا يود ان يخمد وقف أمام غرفتهاا قليلاا ، لعله يستجمع تلك القرار الذي أتأخذهه عقله ... وبعد لحظات كان يطرق عليهاا الباب لتستجيب هي وتفتح له الباب وتقف تتطلع الي عيونه الهاربه منهااا.... تنهدت طويلاا وهي تتطلع له وقالت :
في حاجه يا أياد
أياد : عايز أتكلم معاكي ياشاهي ممكن
شاهي بهدوء : وانا كمان كنت عايزه اتكلم معاك بهدوء ، بدل ما أحنا ديماا بنتخانق
أياد بأرتياح : طيب أنا هستناكي في الصاله
نظرت الي ملامحه ، وهي تائهه بين طياتهاا ... تنهدت بعمق ، وذهبت خلفه لتعرف ماذا يريد
أياد بهدوء: انا مش عايز أظلمك أكتر من كده ولا عايز اظلم ابني الي جاي زي ما ظلمتك ...
ثم تتطلع بوجهه لأعلي ليري وجهها ، مش عارف هيقدر يسامحني ازاي لما يعرف انه جيه الدنيا بغلطه غلطناها ونسينا عواقبهاا ....ثم اشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يقول : انا وانتي غلطنا ... انا غلطت لما حاولت اعقبك واكسر غرورك ، وانتي غلطتي لما سلمتِ نفسك لياا عشان ترضيني ....... اخفض عيناهه ثانية .. وبعد لحظات : اتمني انك تسامحيني
كانت تستمع له وهي تجمع شتات أوجاعهاا .. وبعد لحظات رفعت بصرها بكبرياء وهي تقول : ياريت لما اولد تتطلقني يا أياد ، وياريت تنهي الرحله عشان عايزه انزل مصر
.................................................. .......
وبعد وقتا طويلاا قضته بين احلامهاا ، استيقظت وهي تبحث عنه بأعينهاا ..... نهضت من علي الفراش وهي تتمني أن تجدهه كما وعدهاا ....
كان جالسا وهو ممدد برأسه للخلف ومغمض العينين ، اقتربت منه وظلت تتطلع علي الملامحه التي طالما عشقت صاحبهاا بكل عيوبه وقسوته ... ابتسمت وهي تتذكر لمسات يدهه الحانيه وهو يطعمها ، اخفضت بجسدهاا قليلاا كي تيقظهه من تلك النومه ، ولكنه كان اسرع منها وجذبهاا اليه وهو يقول : بقالك ساعه واقفه تبصي علياا ، ايه يامريم انا حلو اووي كده
حاولت النهوض من وضعتهاا هذه ، فكم كانت قريبه من انفاسه وبين يديه ، وتستمع لدقات قلبه ... حاولت الابتعاد عنه ثانية ولكن محاولتها أبت بالفشل
مريم بخجل : ممكن تسيبني
نظر لهاا مبتسما وهو يقترب من اذنيها بأنفاسه : لاء
كانت نظراتها له مثل نظرات الطفل وهو يترجي اباهه ..
ابتسم لها ثانية ولكن بصوت عالي : متحاوليش معاياا فاهمه ، عشان مش هسيبك انتي الي جيتي برجليكي وكنتي فاكراني نايم
تطلعت بضكته قليلاا ، وهي شاردة به .... ثم سقطت دمعه من عيناها
ادهم بخوف : مريم انتي تعبانه
أخذت تحرك برأسهاا نافية وهي تقول :لاء
أدهم : طيب بتعيطي ليه ،وبدون ان يشعر وجد نفسه يضمها الي صدرهه بخوف شديد
حاولت ان تبتعد عنه ، ولكن ضمته لها جعلتها تنسي كل شئ حتي خجلهاا واستكانت بين احضانه ، وهي تقول : نفسي ادهم الحنين يفضل علي طول كده
أبعدها عنه قليلاا وهو يضحك بشده وقال : اممممم ، مره ادهم الانسان ومره ادهم الحنين ... اومال انا كنت ادهم ايه بقي قبل ما أكون دول
تأملته قليلاا وهي تري ضحكاته العاليه ، فأخفضت بوجهها بعيدا عن عيناهه التي تتطلع بهاا
وبدون ان يشعر وجد نفسه يقبلهاا بشده، ثم حملها برفق لتصبح من الان زوجته
.................................................. ......
لحظات قضاها وهو يتذكرهاا ، يتذكر اللحظات التي تمنهاا ان يتعجل بها الزمن لتكون زوجته .... احبها بشدة لدرجة انه لم يبصبر بعيوبهاا ، ويالها من ذكري أليمه عندما يتذكرها يشعر بمدي غبائه ، تنهد بأسي وهو يسترجع تلك الذكري الأليمه
أدهم : صدقني يا أحمد ندي ، ديه مش بتحبك ديه بتحب فلوسك بس ، بتحب الي هتاخد منه اكتر
أحمد بحده :ولا هي عجبتك يا صديق عمري ، وجاي دلوقتي تفرق بيناا ..... فعلا ندي كان كلامها صح
أدهم بعتاب : انا يا احمد ، انا هسيبك عشان انت شكلك دلوقتي مش في وعيك
أحمد بحده :انا الي دلوقتي بقيت في وعي فعلاا
نظر له بعتاب ، وهو يغادر شقته وقال : بكره هتعرف الحقيقه يا احمد بس ياريت تعرفها قبل فوات الاوان
وياله من اوان قد أتي ليعصف به ، عندما سمع كلماتهاا وهي تقول : انا بحبك انت يا ادهم ، احمد ده مجرد سِلم كنت عايزه اقرب بيه منك .... انا مستعده افسخ الخطوبه دلوقتي حالا ياحبيبي ...... وكادت ان تقترب منه لتحتضنه
أبعدها عنه وهو يبتسم لمن أمام أعينه وهويقول : نورت الحفله يا احمد
كان في عالم اخر ، لا يشعر بشئ سواا بقلبه الذي أصبح ينزف .... تطلع اليها بسخريه وهو يبتسم : مش عايز اشوف وشك في حياتي تاني فاهمه ، اطلعي بره ياحقيره
عاد بذكرياته ..... وهو يبتسم بسخريه ... عندما شاهدهاا اليوم وهي تمسك بين احد ايديهاا طفلاا ، وملامحها التي ابدلها الزمن وكأنها ليست هي ...
.................................................. .............
وقفت تعد له طعام الافطار ، وهي شارده بليلة امس ، كانت انفاسه مازالت عالقه بجسدها وكأنهاا مازالت بين احضانه ، تنهدت بأسي وهي لا تعرف ماذا هي الان لديه ...
انتبهت من شرودهاا ،عندما تطلعت للقهوه التي تفور امامهاا .. وبعد ان اعدت الفطور علي المائده ، ذهبت اليه وجدته قد افاق من نومته ويرتدي ملابسه ...انتبهه الي وجودها ونظراتها التي تبتعد عنه خجلا وهي تقول : الفطار جاهز
ابتسم لهاا بعذوبه وهو يلف حول عنقه تلك الرابطه .. وبعد ان انهي ربطهاا اقترب منها ورفع وجهها بين بيديه وقال :أممممم ، ومنزله راسك للارض ليه ..... وانحني بجسدهه ليصبح في مستوي اذنيهاا ليقول : هتفضلي مكسوفه كده مني
وكاد ان يقبل عنقهاا ... ولكنها كانت اسرع منه وابتعدت عنه لتغادر الغرفه
أبتسم علي فعلتهاا هذه وهو يبتسم علي افعال ابنته الصغيره وليس زوجته ... ثم غادر الغرفه وهو يقول : افطري انتي كويس عشان تاخدي علاجك ...وكاد ان ينطق بي ياحبيبتي ولكنه تنهد طويلاا وقال : لو احتاجتي حاجه كلميني ... ثم غادر وهو أخذ بقلبها معه الذي يعصف به بعِندهه
.................................................. .............
نظرات غضب قد امتلكته ، عندما رئهاا تجلس في مكتبه وهي تتطلع له بتلك النظرهه التي يكره ان يراهاا
أعتدلت من جلستهاا وهي تنظر لزوجهاا وتبتسم
عزت بهدوء : جيت قبل الاجتماع بنص ساعه ، بس للاسف حضرتك لسا واصل قبل ما الاجتماع مايبدء بخمس دقايق
تطلع له بهدوء تام بعد ان جلس علي كرسي مكتبه ونظر للأوراق التي امامه وقال : اتفضل علي غرفة الاجتماعات ياعزت باشا عشان الاجتماع هيبدء
كانت اعينهاا تتطلع لهما مبتسمه وهي تري كم المشاحنات التي بينهم
نانسي بهدوء : هو انا هحضر معاكو الاجتماع ياحياتي
عزت بأبتسامه : طبعا ياحببتي ، انتي دلوقتي من اعضاء مجلس الادراه
اما هو اخذ بأوراقه وغادر غرفته وهو ينظر لهم بسخريه
وبعد وقت طويلاا قضاهه في تلك الاجتماع ... ذهب الي غرفته وهو يشعر بالأختناق الشديد من كل شئ .. جلس بتعب علي اريكته واتكئ بجسدهه ليصبح متساويا مع الاريكه واغمض عينيه وهو يتذكرهاا وهي نائمه بين احضانه وهو يداعب خصلات شعرهاا بيدهه ويقبلهاا ، تنهد بضيق وهو يشعر بالأحتقار من نفسه عندما تذكر بعض اللحظات التي قضاهاا مع صافي مسبقاا تنهد بأسي .. ونهض من جلسته ليتابع عمله
.................................................. ........
وبعد لحظات قد قضاها في القلق عليهم ، اسرع بخوف الي الطبيب وهو خارج من غرفتهاا
تتطلع له الطبيب مطمئنا وهو يقول : متقلقش مستر أياد ، المدام بخير والبيبي كمان بخير .. بس لازم الراحه التامه والمدام متتحركش
أياد بتسأل : بس احنا كنا ناوين ننزل مصر
الطبيب محزرا : مينفعش دلوقتي مستر أياد ، عشان حالة الجنين مش مستقره لازم نستني لما الحاله تستقر .. عن أذنك
تنهد بأسي وهو يتذكرمنذ لحظات فقط كان سيفقد طفله
وبعد لحظات كان يتطلع اليها وهي نائمه ، اقترب منهاا وهو يمسك احد ايديهاا ويقبلهاا ...
شعرت بلماسته ، نهضت بتعب وهي تتحسس جنينها وتقول : ابني مات صح ، اكيد انت فرحان دلوقتي عشان خلصت منه
نظر لها معاتبا .. وهو يقول : لاء ياشاهي البيبي بخير ، الدكتور طمني ... بس لازم ترتاحي ومش هينفع ننزل مصر دلوقتي لغير لما حالتك تستقر .....ثم تركهاا وهو يشعر بالأختناق من كلماتها فكيف تظن انه سيسعد عندما يفقد طفله، هل تراهه قاسي بهذه الدرجه .....
.................................................. ............
وبعد وقتا قصيراا ، دخلت اليه وهي تقول :انا حجزت لحضرتك الشاليه الي طلبته في الغردقه ، اي اوامر تانيه يافندم
أدهم وهو يترك حسوبه الشخصي : كل الاجتماعات والبنود الي هتتمضي ، حوليها علي بشمهندس احمد .. عشان انا مش هكون موجود في الشركه يومين
هنا بتسأل : هو حضرتك هتغيب يومين يافندم .. ثم تطلعت اليه سريعاا وهي تقول : اسفه يافندم ، اصل حضرتك مش متعود تغيب عن الشركه يوم واحد
ادهم بجديه : اتفضلي يا أنسه هنا علي شغلك
تطلعت اليه ثانية بخجل .. ثم غادرت مكتبه
وفي تلك اللحظه كان احمد يهم بالدخول ..
أحمد بتسأل: ايه ده يا أدهم هو انت هتسافر،وهتسيب الشركه يومين
ادهم بضيق : هو في ايه ياجماعه ، هو انا مينفعش ارتاح واخد اجازه كل فتره ، اريح اعصابي فيها
أحمد مبتسما : أمممممممم ، وياتري مين سعيدة الحظ الي قدرت تغير أدهم بيه شوكت حفيد شوكت باشا الدمنهوري ..
أدهم بجديه : وانت ليه فاكر ، اني لما اخد اجازه لازم اقضيها مع واحده ... مش يمكن عايز اكون لوحدي
أحمد بضحك : أممممممم ، معتقدش ان مافيش واحده ظهرت فجأه في حياتك وبدأت تغير أدهم .. ثم قال مبتسما : الي كان بقي لا يطاق .. بس بصراحه انا سعيد بكده واتمني اني اشوفها عشان اشكرهاا علي التغير العظيم الي عملته فيك ده
أدهم بحده وهو ينظر لساعته : عندي اجتماع مهم بره الشركه مضطر امشي دلوقتي
وقبل ان يهم بالمغادره ...
أحمد بتسأل : صحيح يا أدهم ،انت نقلت مريم انهي فرع من شريكاتنا ولا طردتها خالص
وقف للحظات .. وهو يود ان يتطلع اليه بحدهه حتي لا يذكر اسمهاا ثانية ... فلا أحد لابد ان ينطق بأسمهاا سواه هو فقط ... ثم قال : طردتهاا .... وخرج سريعا قبل ان يفضحه قلبه ويقول : يالك من كاذب ، لقد تزوجتها واصبحت تعشقهاا
ولكن عِنادك هذا سيجعلهاا تضيع من بين يديك
.................................................. .............
لم يتحمل قلبه ، ان لا يسأل عليه فمهما فعل شئ فسيظل هو اباهه واخاهه الاكبر ، كان يشعر بالخوف الشديد عندما يعلم انه عندما ابعدها عنه ، تقرب منها هو وتزوجهاا .... عاود الاتصال ثانية وبعد وقتا قصير .. كان يحادثه وهو سعيد
أياد بسعاده : عارف يا أدهم انك كنت خايف علياا ، خايف لتتكرر نفس مأستنا مع عزت باشا ، والمفروض ابطل انانيه واستهتار
أدهم بحب : اوعا تزعل مني في يوم ياأياد صدقني غصب عني .. كان يقول له هذا وهو يتذكر مافعله
أياد: في حد بيزعل من ابوهه يا ادهم ، ثم ضحك قليلا وقال : انت حاله شاذه مع عزت باشاا .. بس انا فعلا قبل ما بشوفك اخويا الكبير بشوفك ابوياا الي ديما واقف في ضهري بيحميني حتي من نفسي
وبعد لحظات من الصمت : خلي بالك من نفسك ، ومن شاهي .. ولما حالاتها تستقر خد طياره خاصه وانزلوه بس خليها تبلغ اسعد باشا بحملهاا يعني عشان محدش يشك
وبعدما اغلق مع اخاهه ، ظل قليلاا يتخيل اليوم الذي ستنكشف فيه نوايه الماضيه .. التي ابدلتها الايام لعشق وحب لم يتخيل يوما ان يعصف بكيانه
.................................................. ...........
تنهد السائق بتعب وهو يقول : مش موجوده يا جلال باشا
جلال بتنهد : انت متأكد ان ده عنوانها يا عم سيد
سيد بتعب : ايوه ياجلال بيه ، انا لما كنت بوصلهاا كانت بتنزل هناا ، يمكن تكون سافرت عند حد من قرايبها
جلال بقلق : كل ده مش معقول ، طب كانت قالت
سيد بتسأل : هو حضرتك يابيه انت ومروان بيه الصغير هتسافروا امتا عشان العمليه
جلال بتنهد: بعد بكره ان شاء الله ، ادعيلوه ياعم سيد ان عملية زرع القوقعه تنجح واشوفه بيتكلم قدامي
سيد بدعاء: ربنا يشفيهولك ياجلال بيه ، ومايحرمك منه
جلال بتنهد : يــارب ، ثم قال :ياتري انتي فين يا أنسه مريم
.................................................. ...........
وقف السائق ، حتي تفتح الاشاره ليكمل مواصلة طريقه
وبعد لحظات وقفت تلك الطفله الصغيره ، وهي تطلع اليه وتقول ، تاخد مناديل يابيه .. ربنا يكرمك خد مني
ابتسم لتلك الطفله الصغيره وقبل ان يتحدث اليهاا كان ضابط الشرطه يأخذها من يدها بعنف وينهرهاا
خرج من سيارته سريعاا ، وبعد محادثات دامت بينه وبين ضابط الشرطه .. قال : يلا يافرح تعالي معايا
فرح بخوف : اجي معاك فين ، لاء يابيه احنا كله والا الشرف
ابتسم لحديثها الطفولي هذا ، فكيف لفتاه في عمرهاا تخشي علي شرفها وهي مازالت في السابعه من عمرهاا
أدهم بأبتسامه : اسمعي الكلام يافرح ، ومتبقيش زي مريم فاهمه
فرح بتسأل : مريم مين ديه يابيه ، بنت حضرتك
أدهم بشرود: مريم ديه كل حاجه عندي ... ثم انتبهه لشرودهه وهو يقول : والدك ووالدتك عايشين
فرح : امي بس هي الي عايشه ، وانا الي بصرف عليها عشانه تعبانه، ممكن تاخد المناديل ديه بقي وتديني العشرين جنيه عشان اروح اجبلها الدوا
أدهم بحنان وهو يمسح علي شعرها : عشرين جنيه بس ، اتفضلي ياستي ادي الفلوس اه
فرح بأبتسامه : كل ديه فلوس ، دول كتير اووي .. لاء انا هاخد حقي وبس وخد اه المناديل ..
ظل يتطلع الي برائتهاا ، وطفولتها هذه التي تجعلك تشفق عليهاا ... وبعد وقتا طويلاا في احد الاحياء الشعبيه
كان يمسك بيدها وهو يصعد تلك السلالم الباليه ....
كان يتطلع لهذا المكان ، وكأن عينيه لاول مره تري في الوجود مثل تلك العيشه التي لاتشبهه عيشه صاحبهاا
فرح : هي ديه الاوضه الي عايشين فيه ، هروح انده امي عشان تشكرك علي الفلوس والدوا والاكل الي جبتهولنا يابيه ... ثم نظرت لهذا الفستان الذي طالما تمنت ان ترتديه .. وركضت سريعاا الي ذاك الغرفه وهي تخرج ممسكه بأيد والدتها المريضه
نظرت السيده له وهي تتطلع الي اناقته وهيبته ، وقالت : هي بنتي عاملت حاجه يابيه ، اوعي تكون عايز تاخدها مني عشان تشغلها عندك او تشتريها بالفلوس ، خد يابيه فلوسك والدوا والاكل احنا مش محتاجين حاجه من حد
أدهم بطيبه : يا فندم ، انا مش عايز حاجه ، ثم ابتسم لفرح ابتسامة صافيه : انا بس جاي اقولك ان فرح متنزلش تاني الشوارع ، لان انا هتكفل بكل مصاريفها ومصاريف علاجك كمان
والدة فرح : وليه تعمل معايا كده انا وبنتي ، ومين في الزمن ده بقي بيساعد حد كله بياكل في التاني
أدهم بأبتسامه: اعتبريني واحد مجنون في الزمن ده ، وعايز يساعد غيره .....وصدقيني انا مش عايز مقابل انا هتكفل بمصاريفهاا ... ثم عاود النظر لفرح ثانية وهو يقول : وهتكملي تعليمك يافرح
اخذت الفرحه تظهر علي وجهها الملائكي الصغير ، واتجهت نحوهه وهي تقول : انت حلو اووي ياعمو ادهم ، ربنا يكرمك يارب ...
ابتسم أدهم لدعوة تلك الصغيره ، وكأن الحياه بدئت تبصرهه بعالم جديد وهو العطاء ....
نظرت الام لفرحة ابنتها وهي تقول : ربنا يجازيك خير يابني
أدهم بأبتسامه :كل شهر هبعت السواق بتاعي يشوف طلباتكم ، وياريت ترجعي فرح تاني مدرستهاا وانا هتكفل بكل حاجه
ثم رحل ورحلت معه تلك الدمعه التي دائما كانت تسيل علي وجه تلك السيده وهي تشعر بالشفقه علي ابنتها الصغير...
تطلعت بأبنتها الصغيره وهي تدور بذاك الفستان الوردي
وأبتسمت وهي تتذكر جملتها لطفلتهاا (لا تخافي ياطفلتي ان الله معنا ولن يتخلي عنا ) ......
يتبع بأذن الله
*********
تعليقات
إرسال تعليق