القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية زيغه الشيطان (اضواء مبعثرة)الفصل العاشر والحادي عشر بقلم فاطمة محمد وفاطمة سلطان

 رواية زيغه الشيطان (اضواء مبعثرة)الفصل العاشر والحادي عشر بقلم فاطمة محمد وفاطمة سلطان




رواية زيغه الشيطان (اضواء مبعثرة)الفصل العاشر والحادي عشر بقلم فاطمة محمد وفاطمة سلطان


الفصل العاشر من #زيغه_الشيطان

#أضواء_مبعثرة

بقلم فاطمة محمد & فاطمة طه سلطان.


_____


اذكروا الله


_____


'الاعجاب هو التوأم الوسيم للحب.'

- أحلام مستغانمي.


_______


اليوم التالي..


يجلس نجم على المكتب أمام رضوان يشرح له بعض الصفقات والأمور الخاصة بالعمل…


كما وجه رضوان له نصائحه في بعض الأمور وأوامره التي لا تقبل النقاش في أمور أخري فهو صارم مع الجميع ورغم أن أكثر شخص يُحبه نجم لكن مع ذلك هناك بعض الصرامة والحزم بينهم.


وما أن انتهى اجتماعهم ذلك أردف نجم وهو يلملم تلك الأوراق المُبعثرة:

- تمام يا چدي، زي ما انتَ جولت انا هديهم الأوامر النهاردة عشان ينفذوا…


- ماشي، سيبك من الشغل بجى وخلينا نتحدث عنك.. 


نظر له نجم وهو يحاول أن يبدو جاهل لما سيتحدث به جده ولكنه يعلم أنه سيتحدث عن غرام، فهتف قائلا وهو يضيق ملامحه: 

- خير يا چدي في حاجة !!


رمقه رضوان بمكر لا يدري من منهما أكثر فهمًا للآخر، فصاح بعد أن خرجت منه ضحكة ساخرة: 

- مشكلتك أنك واعي وفاهم يا نچم بس بتحب تبين أنك مش فاهم، أنا عايز اتحدث عن غرام عامل ايه معاها؟ يعني كيف الأمور ما بينكم بعد كتب الكتاب، ويكون في علمك أنا مش ناوي كتب الكتاب ده نقعد عليه كتير، شهر شهرين بالكتير أوي ونحدد الدخلة، انا عايز أشوف أبن ليك يكون لك سند وضهر، ربنا يخلي سندس بس أحنا عايزين راچل يا ابني…


تنهد نجم بضيق حاول إخفاءه، لا يريد أن يزعج جده أو يخالف أوامره..فمازال يشعر بالانزعاج من نفسه كونه تزوج فتاة قد ولدت أمامه تنفيذًا لوصية عمه حتى أنه هو من أختار أسمها، فالفارق بينهما كبير جدا في العُمر.


فتحدث نجم معقبًا بنبرة هادئة: 

- مش مرات عمي جالت لما غرام تخلص چامعة دي لسه فاضلها سنتين…


- مرات عمك تجول اللي تجوله، المهم أنتَ بس تقول الميعاد والعروسة هتجول أمين؛ سنتين إيه يا نچم من امتى و أحنا بنكتب كتب كتاب سنتين…


- بلاش نسبق الأمور يا چدي، أنا لسه بحاول أخد عليها، وكمان كتب الكتاب اتعمل علشانك، لكن الدخلة وكل ده هيكون بمزاچي أنا وبموافقتها برضو مش ده كان كلامك في الأول؟؟ 


قال نجم كلماته بنبرة جامدة بعض الشيء، فأجاب رضوان بهدوء ونبرة حانية: 

- اكيد طبعا بس انت عارف غلاوتك عندي وانا عايز اشوف حفيدي، عارف أنك حفيدي بس الحقيقة أنك بالنسبالي أبني، وأنا عايز أشوف ابنك علشان كده بتكلم؛ القرار قرارك اكيد يا ابني انا بس نفسي اطمن عليكم كلكم قبل ما أموت...


- بعد الشر عليك يا چدي، ربنا يطول في عمرك ويخليك لينا….


________


أما بالخارج..


كانت غرام تدور في المطبخ وتتابعها توحيدة وبعض من العاملات في المنزل، فكانت غرام تمسك هاتفها تارة لتقرأ خطوات الوصفة..


وتارة أخرى تتحدث مع توحيده أو مع الفتيات حتى يساعدوها في الطعام فقد أصرت أن تحضر بعض الأصناف اليوم التي يفضلها نجم؛ راغبة بأن تكبر في نظره بأي طريقة كانت، ويراها امرأة جديرة أن تكن زوجتة وأنها ليست فتاة صغيرة مدللة كما كان يسميها من قبل…


فصاحت توحيدة بمرح:

- خلاص يا غرام هتنامي بعد اكده في المطبخ أهدي شوية…


كانت غرام تقطع الخضروات فهتفت قائلة بحماس: 

- يعني مش عايزاه او عايزاكم تفضلوا تقولوا عليا مدلعه، عايزة أعجبه يا توحة يعني عايزاه يشوفني مراته وأقدر اكون ست بيت مش عيلة في نظره يعني علشان فرق السن …


قالت كلماتها الأخيرة بحرج ونبرة خافتة، فتنهدت توحيدة وهتفت بهدوء ونبرة صادقة:

- ربنا يحميكم ويخليكم يا بنتي لبعض ويهدي سركم ونفرح بعيالكم؛ وبعدين ده الفرق بيني وبين الحج رضوان يچي تلاتين سنة وعندي منه راضية وياسمين والحمدلله متفاهمين…


ابتسمت لها غرام حتى ولو حديثها لم يعجبها كثيرا ولكنها تحاول أن تبث الطمأنينة بها، فعادت توحيده قائلة حينما أقتربت من غرام وتفقدت الاشياء المتواجدة على الموقد: 

- متعرفيش البت ياسمين مالها مش طايقة كلمة من حد انا عارفة انك سرها…


جرحت نفسها وهى تقطع الطماطم بمجرد أن سمعت تلك الكلمات ولم تتأوه فلم تؤلمها كثيرًا توقفت عن التقطيع وأعطته للخادمة المتواجدة بجانبها وقالت بلا مبالاة:

- ملهاش يا توحة هي بس كالعادة متخانقة مع أيمن شوية؛ ولان الامتحانات قربت وخايفة تشيل مادة تاني ولا حاجة..


جاءت سندس وهى تندفع من الخارج بهيئتها الفوضوية فصاحت قائلة: 

- ستو توحيدة…يا توحة..


اقتربت منها توحيدة بحب وطبعت قبله على رأسها بعد أن مالت عليها قليلاً لتصل لمستواها فرغم أنها تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا وتقترب من السادس عشر، لكن قامتها قصيرة وتحتفظ بتلك الهيئة الطفولية وكأنها عشر سنوات...

- أيه يا قلب ستو توحيدة.


- انا اخدت شهادة تقدير النهاردة…


قالتها سندس بفرحة عارمة تحتل قلبها، فأردفت توحيدة: 

- شكلك هتطلعي لراضية بتفكريني بيها وهي صغيرة، مبروك يا حبيبتي روحي قولي لبابا وجدو بقى..


هتفت سندس بحماس وهي تراقب غرام ودخولها المستمر منذ أيام للمطبخ.. 

- ايه ده بابا هنا!! مش في الشغل.. 


ردت غرام عليها بهدوء: 

- لا مش في الشغل هيتغدا معانا يا سندس علشان أنا اللي عاملة الأكل النهاردة يدوبك تغيري هدومك وتأكلي…


عقدت سندس ساعديها بغيرة وحنق، قائلة :

- وانتِ تعملي الأكل لبابا ليه وأنا بعمل إيه لما تعمليه انتِ..


أجابت غرام بنبرة ساخرة: 

- مكنتش أعرف أنك علطول بتعمليه، انتِ لسه صغيرة يا سندس وعمرك ما دخلتي المطبخ وبعدين انا مراته وانتِ بنته يعني مفيش وجة مقارنة يا بيبي..


جزت سندس على أسنانها قائلة بغضب مكتوم :

- ستو توحيدة هي اللي بتعمل الأكل دايما أشمعنا انتِ بتعملي دلوقتي الأكل، وزي ما انتِ هتعملي أنا هعمل بقى وانا مش بيبي يا غرام انا بيني وبينك خمس سنين يعني لو انا بيبي فـ أنتِ كمان تبقى بيبي ومينفعش تبقى مرات بابا عشان عيلة زيك زيي…


أدركت توحيدة ما ينتاب الصغيرة، فهتفت قائلة وهي توجه حديثها لسندس محاولة فض ذلك الحديث: 

- انتِ وراكي مدرسة يا سندس لما تكبري هتدخلي المطبخ لغاية ما تزهقي …


- ما هي وراها جامعة زي ما انا ورايا مدرسة وبعدين هي ليه بتدخل في كل حاجة تخص بابا !


قالتها سندس بغضب شديد، أما  غرام فكانت ترمقها بصدمة فهي بالفعل اليوم أدركت أنها لم تكن مجرد خيالات في عقلها فهي كانت تشعر بالغضب المتواجد في الصغيرة منذ عقد قرآنها بنجم ولكن اليوم أدركت أنها تبغضها بالفعل…


ابتسمت توحيده قائلة مبررة: 

- حبيبتي هي مراته، وطبيعي تهتم بيه بكرا انتِ كمان تكبري وتخلفي ويكون ليكي واحد تهتمي بيه..


-وماما كانت مراته وهى خدت مكانها…ليه تاخد مكان مش مكانها...


قالتها سندس بحنق وتشنج فأضافت توحيدة: 

- ربنا يرحمها يا حبيبتي بس بابا اتجوز تاني وبقت مسؤولية أن واحدة تهتم بيه على غرام..


كانت تتحدث معها بنبرة هادئة وتحاول ان تخفف من حدة مشاعرها وغضبها، أما غرام أستكملت طعامها فهي لا تريد أن تتشاجر معها أو تتحدث بما لا يعجب الصغيرة وتجدها حجة للشكوى عليها فهي تعرف تفكير الفتيات في هذا العمر فأستكملت ما تفعله..


غير منتبهين أن نجم كان يستمع لكل شيء فكان سيطلب القهوة ولفت انتباهه صوت ابنته الغاضب وحديثها المتمرد ذلك... 


_________


تسللت ريما حجرتها واضعة حقيبتها الصغيرة على الفراش، ثم سريعًا ما ضربت على جبهتها متذكرة سحاب فستانها الذي لن تنجح بفتحة بسهوله… 


تأففت بضجر، محركة يديها تجاه السحاب محاول فتحة.. 

ظلت تحاول دون يأس، وصل السحاب لمنتصف ظهرها فلم تستطع استكماله.. 


قلبت عيناها بنفاذ صبر، فستضطر للجوء لـ مربيته حتى تفتحها لها… 


انتشلها من افكارها صوت الباب الذي فُتح على مصراعيه، والجًا منه شهاب الذي التقطت عيناه سحابها المفتوح لمنتصف ظهرها… 


ابتلع ريقه واتخذ من البرود قناعًا بعدما تأججت مشاعره وشعر برغبته بالقرب منها تزداد رويدًا رويدًا..


أغلق الباب، فـ اعتدلت على الفور مستنكرة فعلته، صائحة عليه: 

-مش في اختراع اسمه باب تخبط عليه وتستأذن الأول..


إلتوى وجهه بغلاظة متعمدة متمتم بتهكم:

-اخبط وأنا داخل أوضتي ليه إن شاء الله؟


-اوضتك!!سلامات يا أوضتك دي أوضتي أنا، اتفضل اخرج برة ومتدخلش هنا تاني يلا..


قالتها بأنفعال، فقال ببرود تام وهو يتقدم منها:

-يلا في عينك، دي أوضتي ومن انهاردة هنام هنا..


كزت على أسنانها وتحدثت من بينهم:

-ماشي يا شهاب اشبع بالأوضة انا هسيبهالك..


تحركت أمامه متناسية أمر سحابها، فما كان منه سوى أن جذبها لترتطم بصدره بقوة، هامسًا جوار أذنيها:

-مش هتخرجي، لا أنا ولا أنتِ هنخرج..


قال الأخيرة رافعًا يديه وسار بأنامله على ظهرها المكشوف، ارتجف جسدها بقوة أثر لمساته وكادت تنهره لولا استكماله لباقي السحاب وابتعاده عنها، مسترسلًا حديثه بجمود رغم جسده الذي يطالب بها….

-غيري هدومك واجهزي، ساهر جاي يتعشا معانا..


قطبت حاجبيها وصاحت بتساؤل:

-ساهر مين؟


رد بوجوم:

-ساهر العدوي..


جحظت عيناها وقالت بأنبهار وتلقائية شديدة:

-بتهرج أنت تعرف ساهر الممثل؟؟


اماء لها زافرًا بضيق من تساؤلاتها التي لا تنتهي:

-أيوة بقولك صاحبي…


صفقت بكلتا يديها بعفوية متمتمة:

-الله أنا بحبه أو


كادت تكمل لولا اقترابه المباغت وقبضه على معصمها متحدث بأعين تطلق شرار وغيرة قاتلة لاعترافها بعشقها لرجل آخر:

-بتحبي مين؟ أنتِ أتجننتي اتكلمي عدل بدل والله ارفع أيدي واسقفلك على وشك ده…


كادت بسمة تشق ثغرها ولكنها منعتها مدركة غيرته و ضيقه من حديثها بتلك الطريقة..


تهللت اساريرها فها قد وجدت ضالتها وعلمت كيف ستثير استفزازه وتخرجه عن شعوره..

فقالت بهدوء وبراءة مزيفة:

-ساهر يا شهاب هو في بنت فيكي يا بلد مبتحبوش ده كفاية


صاح بها بهدر، فقد طفح الكيل يغار عليها بجنون لا يتحمل مدحها في آخر:

-اخرسي يا ريما ومتستفزنيش احسنلك…


قال الأخيرة مغادرًا من أمامها..

او هربًا إذا صح القول فلو استمر بقائه أكثر فكان سيرتكب جريمة لامحال….


صفع الباب من خلفه بقوة، فلاحت بسمتها الخبيثة مدركة ما ستفعله تلك الليلة


__________


تحمل صغيرها على قدميها تداعبه وترسم البسمة على ثغره الصغير…

لا تعبئ بحديث صفية التي تجلس على الأريكة المجاورة محاولة الانشغال مع الصغير….


انفرج باب المنزل وطل اكرم بجسده متحدث بصوت عالي موجهًا حديثه لوالدته:

-شوفتي اللي حصل مش نچم الدسوقي اتچوز غرام بنت عمه….


صدمت صفية وكذلك رقية التي اندفعت في الحديث مستفسرة منه:

-يعني إيه اتچوزها ؟!!!! اتچوزها كيف يعني…


كاد أكرم يجيبها لولا صراخ صفية عليها مرددة بنبرة جاءت بها من أعماق الجحيم:

-وأنتِ مالك أنتِ يتچوز اللي يتجوزها قومي فزي اطلعي اوضتك وخدي معاكي إبنك...يلا…


ظلت رقية مكانها ترمقها بضيق وعبرات حبيسة ثم حملت صغيرها وصعدت لغرفتها تحت انظار أكرم الذي جلس جوار صفية وعاتبها قائلًا:

-ليه اكدة ؟؟؟

كل ده عشان سألت…


كزت صفية على أسنانها وعلقت بأنفعال مفرط:

-متسألش... وأنت كمان متكلمش معايا...سبوووني …


قالت الأخيرة مغادرة هى الأخرى صاعدة لغرفتها….


________


في المساء..


بعد العشاء كان قد أتى والد ووالدة زوجة نجم الأولى حسناء والتي توفت منذ ست سنوات تقريبًا، فهما يأتون كل أسبوع يوم أو يومان فالعلاقة بين العائلتان جيدة إلى حد ما…


كان يجلس نجم معهم ولكن استأذن بالذهاب للحديقة لمقابلة شخص ما فيما يخص العمل….


فجلسوا مع حفيدتهم رفقة رضوان وتوحيدة..


بينما جلس نجم على تلك الأريكة المتواجدة في الحديقة، بعد أن ذهب الرجل الذي كان يقابله..


ثم جاءت غرام وهى تحمل كوب من الماء وفنجان القهوة بعد أن مشطت خصلاتها بسرعة شديدة، وهندمت ملابسها ووضعت أحمر الشفاه حتى تكن بهيئة أنثوية بقدر الإمكان حتى تمحي تلك الطفلة المجنونة في عقله فهى ليست صغيرة بل هى فتاة مكتملة الأنوثة وستريه ذلك…


حتى أنها ستفعل أي شيء لتجعله يقع في غرامها ويراها امرأة ناضجة، فحرصت أن تذهب بنفسها عوضًا عن الخادمة..


وقفت امامه وتنحنحت حتى تلفت أنتباهه فهو كان شارد تمامًا ويخرج الدخان من فمه بسبب تلك الارجيلة التي لا تفارقه: 

- القهوة يا نجم..


انتبه لها ونظر لها وسرعان ما ظهرت الصدمة على قسماته الرجولية متفحصًا هيئتها وما فعلته بنفسها…

ورغم أنه أعجب بهيئتها ولكنه صاح قائلا بغضب تاركًا الارجيلة بغضب منتفضًا من جلسته: 

- يا نهار أمك أسود إيه اللي انتِ عملاه في نفسك ده، الطرحة فين ورقبتك باينة ليه…


نجحت في إثارة غيرته على الأقل فهي تعمدت فتح أولى أزرار ذلك القميص الذي ترتديه أسفل فستانها العصري والذي يتناسب مع الموضة، وترتدي حذاء ذو كعب عالي، فهتفت بنبرة هادئة وهي تضع القهوة على الطاولة: 

- براحة يا نجم، عادي ملبستهاش أنا عارفة أن الراجل اللي معاك مشي من نجية وبعدين انتَ قاعد لوحدك ليه العصبية دي كلها…


- افرضي في حد جه، وأني مش لوحدي ... وشاف منظرك ده...اسمعي بقى حذاري يا غرام حذاري ألاقيكي خارجة بالمنظر ده تاني…


قال كلماته بنبرة لا تحتمل النقاش، فأجابت عليه قائلة بهدوء ومكر: 

- عيوني يا نجم خلاص متزعلش، مكنتش اعرف ان غيرتك وحشة كدة…

  

- انتِ بنت عمي ودلوقتي مراتي يعني لو مغيرتش عليكي المفروض اعمل إيه…


قالها بسخرية وهو يعاود الجلوس ويسحب نفس من تلك الارجيلة جالسًا بأريحية وتلك الطريقة التي ستفقدها عقلها من هيبته ووسامته..


فهتفت قائلة بنعومة:

- عايز حاجة قبل ما أمشي طيب..


- آه اقعدي عايز اتكلم معاكي، كنت هناديكي..


جلست بحماس لمحه في عيناها، فهو من يريدها تلك المرة فأردف نجم بنبرة غامضة: 

- اقفلي زراير اللي انتِ متنيلة لبساه ده وخفي اللي حطاه في وشك ده…


- حاضر يا نجم؛ اللي تعوزه كله هعمله…


اغلقت الأزرار وجمعت خصلاتها مع بعضها بعد ان كانت تتركها حرة، فحاول أن يتحدث بنبرة حانية: 

- متزعليش من طريقتي، أنا كنت متعصب شوية وكنت خايف حد يشوفك كده…


ردت بدلال وابتسامة مشاغبة:

- ياه لو كنت أعرف انك هتغير كده كنت عملتها من زمان و أنا مزعلتش عموما انتَ عندك حق، وأوعدك مش هتكرر…


- ماشي، يعني حاولي تراعي أختلافنا عن بعض، ولاننا بقينا في وضع جديد وحاسس كأني أول مرة أتعامل معاكي وكأنك غريبة عني، فياريت لو كلمتك مرة وحش أو زعقت ده علشان لسه متعرفنيش…


كان نجم يحدثها بنبرة غامضة وبرغم ذلك استشعرت بأنه بدأ يخطو خطوات تجاهها، فكانت سعيدة بذلك كونه اصبح يتحدث في ارتباطهم فأستكمل نجم حديثه وهو يسحب من تلك الارجيلة انفاسه ويخرج الدخان من فمه.. 


- وعايزك تعرفي، أن خلاص أنتِ في حكمي مش في حكم أمك ولا حتي في حكم جدي، وأن الرأي الاول والاخير ليا أنا وانتِ مش رأي حد تاني ولو ناوية تكملي معايا يبقي لازم نمشي على الأساس ده..


- حاضر يا نجم، فهماك 


قالتها بهدوء وفهم فهي تدرك ما يريد قوله، فتحدث نجم 

-  النهاردة سمعت كلامك مع سندس في المطبخ..


ابتلعت غرام ريقها بتوتر على الرغم أنها متأكدة أنها لم تخطئ بحقها ولكن مع ذلك كانت تعصر ذاكرتها هل تفوهت بشيء قد يغضبه، ولكن لم تجد، تحدث نجم مرة أخري قبل أن يشعرها بالتوتر أكثر 

- بصي يا غرام، أنا أهم حاجة عندي بنتي ..


قاطعته غرام قائلة بنبرة هادئة: 

- بس انا معملتش حاجة تضايقها..


- متقاطعنيش يا غرام علشان تفهمي، انتِ غالية وشرفي وعرضي قبل ما تكوني مراتي انتِ بنت عمي وعارفة غلاوتك عندي، بس بنتي هي اغلى حاجة وأكدب عليكي لو قولتلك انك اغلى منها ومهما حبيتك واحترمتك بنتي هتفضل اهم واحدة، وده مش معناه أني هخليها تغلط فيكي أنا أساسا هتكلم معاها في الموضوع ده لوحدنا كان المفروض اكلمها قبل كتب الكتاب بس كل حاجة جت بسرعة زي ما انتِ عارفة…


كانت غرام تنظر له بوجه هادئ لا تظهر اي انطباع ان كان جيد او سيء على كلامه، لا تدري هل يجب أن تغضب بسبب كلامه أم ماذا؟؟ 


ولكنها حافظت على وجهها الخالي من التعبير، وأجابت عليه 

- عندك حق يا نجم، انتَ اتكلم معاها وأنا هحاول احسن علاقتها بيا يعني هي علاقتنا مش وحشة من الاول هي من يوم كتب الكتاب حاسة بالغيرة، يعني أنا حاسة بيها لان جت عليا أيام كنت بغير على بابا الله يرحمه حتى من ماما بيبقي سن مراهقة عايز الاهتمام بيه ، فما بالك أني مش مامتها بقا…


ادهشته بحكمتها وجديتها الغريبة التي لأول مرة يشعر بها فأجاب عليها بهدوء وإعجاب: 

- كويس يا غرام ان تفكيرك كده، وأنا هتكلم معاها برضو بس حبيت اتكلم معاكي في النقطة دي..


- اتكلم معايا في أي نقطة تحبها يا نجم المهم أننا نفهم بعض اكتر ونقدر بعض ونعمل اللي يريح التاني ..


نهضت من مكانها مبتسمة في وجهه بهدوء 

- لو مش عايز حاجة تاني، هدخل علشان ورايا مذاكرة..


- لا تسلمي يا غرام ..


أجابها مبتسمًا في وجهها أبتسامة صادقة تلك المرة ليست متكلفة فعلى ما يبدو كان يصفها بالمدللة والمتهورة ولكن هناك القليل من الحكمة مخبأة بداخلها فهي تحاول إرضاءه بأي طريقة….


_________


إستقامت أمام المرآة تتفحص هيئتها التي باتت أنثوية مغرية، خاصة بعد أرتدائها لفستان قصير يصل لركبيتها باللون الأسود يبرز لون بشرتها البيضاء، تاركة خصلاتها الناعمة تنساب بنعومة على ظهرها، واضعة أحمر شفاه بلون أحمر قاني برز شفتيها الممتلئة …


فقد أعلنت الحرب عليه، متذكرة تلك الليلة الذي اصطحبها فيها لحفل زواج بتول وأمجد وكيف استثارت أعصابه بـ أحمر الشفاه الذي كانت تضعه وكيف أصر على ازالته…


تبسم وجهها وهى تتخيل رد فعله عند رؤيتها…


التقطت قنينة العطر المتواجدة أمامها وقامت بنثر القليل منها..


انتهت والتقطت نظرة خاطفة، ثم سحبت نفسًا عميقًا زفرته دفعة واحدة، متجهه صوب الباب، حتى تهبط للأسفل فضيفهم قد وصل منذ لحظات…


غادرت الحجرة وهبطت درجات الدرج بهدوء تام راسمة بسمة محبة على وجهها الأنثوي…


أما شهاب فكان يقف رفقة والده يرحب بصديقه، يمرح معه وضحكاتهم تصدح عاليًا…


رآها فهمي أولًا، فـ أشار لها يحثها على الأقتراب..

-تعالي يا ريما..

دي يا سيدي ريما مرات شهاب…


التفت شهاب حتى يراها…

وليته لم يفعل...اختفت بسمتة في الفضاء الواسع ..


يراها تقف أمامهم بفستانها القصير الأشبه بالقمصان المخصصة للنوم..


جالت عيناه على ذراعيها المكشوفة، وقدميها العارية، أما شفتيها…..فكانت تدعيه لالتهامها..


تملكته الغيرة الشديدة بتلك اللحظة، يأبى أن يراها رجل آخر…


لم يفكر بشيء إلا بأخفاء تلك الفاتنة عن أنظارهم ….


بينما هى دنت من صديقه الذي كان غائبًا عن زفافهم لسفره للخارج، وما أن آتى رغب في المباركة لهم جالبًا لهم بعض الهدايا…


بينما هى دنت من ساهر مرحبة به بحرارة، مخبرة إياه عن مدى أجابها وحبه له:

-يعني أنا بصراحة مش مصدقة أني واقفة قدام ساهر العدوي، حقيقي تمثيلك يجنن و


ما لبثت أن تكمل لولا فعله شهاب الذي تكاظم غضبه و تشنجت عروق رقبته ويديه فلا يدري أي وحش قد جعلته بملابسها و هيئتها تلك…


سحبها خلفه عنوة دون أن يتحدث أو يستأذن من صديقه الذي اندهش مما حدث لا يفقه شيء، أما والده فقد تفهم سبب فعلته..


تحركت معه بأستسلام صاعدًا درجات السلم، حتى وصلا أمام باب حجرتهم….


بينما مال ساهر على فهمي غامزًا له بأحدى عيناه بأستفسار:

-هو في إيه؟


ابتسم فهمي وطالعه مجيبًا بمرح متهربًا من الأجابه:

-مجانين أنا عايش مع اتنين مجانين…


أما بالأعلى صفع الباب عقب دخولهم دافعًا إياها على الفراش والغيرة تكاد تقتله، هادرًا بها بصراخ:

-حلو قميص النوم ده يا هانم..


نهضت عن الفراش والحنق يرافقها مهندمة خصلاتها التي تبعثرت أثر دفعته:

-هو فين قميص النوم ده، أنا مبلبسش قمصان نوم سلامة النظر، اظاهر أنك محتاج تلبس نظاره…


نظر لها شرزًا وهو يقترب منها، وعيناه لا تبشر بالغير كذلك وجهه الذي تحول لأحمرار شديد:

-متبقيش مستفزة يا ريما… وقوليلي إيه القرف اللي أنتِ لابساه ده، ما كنتي انزلي من غير هدوم احسن..


اتسعت عيناها وقالت بصدمة مصطنعه:

-إيه اللي بتقوله ده، عيب كدة، ازاي يعني من غير هدوم..


-وحياة أمك ...عيب واللي أنتِ لابساه ده مش عيب..

وإيه اللي في بوقك ده ها، مش اتنيلت قولتلك قبل كدة متحطيش حاجة على شفايفك…


حركت كتفيها بعفوية متحركة صوب المرآة مرة أخرى ويديها تعبث بخصلاتها:

-والله دي شفايفي أنا، واعمل فيها اللي أنا عايزاه لما تبقى شفايفك أنت أبقى اكلم…


ضم شفتيه معًا غيظًا...غضبًا… غيرة..

لايعلم لكنه يدرك بأنها نجحت في أغضابه ..


خرج صوته محذرًا حاسمًا:

-طب اسمعي بقى خروج من الأوضة بالمنظر ده تنسية، أنتِ مش متجوزة واحد بقرون عشان اسيبك تلبسي المسخرة دي، لا يا ريما أنتِ متجوزة راجل...ومفيش خروج من الأوضة غير لما تغيري القرف ده…


استدارت ترمقه صائحة بعناد وإصرار:

-مش هغير يا شهاب، أنا حرة..


رفع حاجبيه الأيسر وردد بحسم:

-خلاص يبقى ملكيش خروج من الأوضة دي غير لما تغيري وتلبسي حاجة محترمة، غير كدة انسي…


أنهى كلماته متحركًا تجاه الباب جاذبًا مفتاح الغرفة من الداخل وخرج من الغرفه واضعًا مفتاح الباب من الخارج حاكمًا أغلاق الباب…


اتسعت عيناها وهى تراه يغلق الباب، فهرولت تجاهه طارقة على الباب متمتمة من بين اسنانها:

-افتح يا شهاب أنا مش في سجن هنا…


جاءها صوته من الخارج:

-مش هتخرجي يا ريما واعلى ما فخيلك اركبيه….


غادر مكانه ونزل لصديقه مرة أخرى، أما ريما وأن استمعت لخطواته تبتعد حتى اتسع ثغرها وقهقهت عاليًا سعيدة بنجاحها في أشعاله واستفزازه….. 


________


-أنت إيه البرود اللي انت فيه ده يا تيم هى عيشتك برة علمتك البرود والتناحة ؟؟؟بقولك ضربها ولسة قاعدة معاه….دي مبقاش عندها كرامه بقت مهزقة...


رددت داليا كلماتها على مسامع تيم ابن شقيقتها و اخًا لابنتها بالرضاعة والذي يقيم بالخارج في إحدى الدول الاجنبية..رفقة زوجته وابنته الصغيرة…


فما كان منه سوى أنه تأفف مردد بلامبالاه وبرود:

-اعمل ايه يعني يا دودي هى حرة بتول مش صغيرة كبري دماغك…


كزت على أسنانها وقالت:

-تصدق انك طلعت مهزق زيها..وانا غلطانة اني بكلمك وبحكيلك…


انتهت مغلقة في وجهه بعنفوان وحنق...


________


أنتشلت بتول هاتفها، وجاءت برقم والدتها، وضعت الهاتف على أذنيها مقررة أخبارها بحملها علها تعود الحديث معها، فهى تقاطعها منذ أن أصرت بالبقاء في منزل من تطاول عليها وأهانها، بل وأخبرتها بالأكاذيب وهى أنها ستسامحه ولكنها تحتاج بعض الوقت، ممهلة ذاتها بعض الوقت تفكر به دون أي ضغط من والدتها... 


ترى اتنصت لوالدتها وتتركه، أم تعطيه فرصة ثانية 

لحظات وكانت تجيبها: 

-أهلا بالهانم اللي معندهاش كرامة وقررت تسامح جوزها ولا كأنه لطشها بالقلم قدام الناس ..


تبخرت ابتسامتها وسعادتها وقالت بمرارة : 

-لو سمحتي يا ماما، بلاش تفتحي الموضوع ده، الموضوع خلاص انحل بيني وبين امجد، وأنا سامحته، كان لازم اسامحه… 


صاحت داليا بهدر: 

-لا مش لازم، مش لازم تسامحية يا بتول، مدام هانك مرة يبقى يقدر يعملها مرة واتنين وتلاته وألف، الراجل اللي يمد أيده على مراته وميتحكمش في أعصابه يبقى مش راجل، كان لازم توقفيه وتعرفيه أن مسامحتك مش بالساهل، عشان بعد كدة يخاف على زعلك، أمجد مبيحبكيش يا بتول، اللي بيحب مبيجرحش ومبيأذيش ... 


زفرت بتول وحاولت التغاطي عن كلمات والدتها، مغيرة مجرى حديثهم: 

-ماما أنا حامل… 


ألجمتها الصدمه، فخرج صوتها متقطعًا: 

-أنتِ بتقولي إيه، حامل ازاي يعني؟ 


-هو إيه اللي ازاي يعني يا ماما هو أنا مش متجوزة، ماما ارجوكي خلينا ننسى اللي حصل، أنتِ وحشتيني وعايزة اشوفك، عشان خاطري يا ماما ورحمة بابا... 


تنهدت داليا قائلة برضوخ وحيرة شديدة في مشاعرها: 

-والله انا ما عارفة افرح عشان أنتِ حامل ولا ازعل عشان هو من امجد، مش كفاية أمجد واحد في الدنيا دي... 

ما علينا انا هقوم البس واجيلك وهحاول انسى يا بتول بس ده مش عشانه ولا عشانك ده عشان خاطر حفيدي اللي في بطنك…


__يتبع__




الفصل الحادي عشر من #زيغه_الشيطان

#أضواء_مبعثرة

بقلم فاطمة طه سلطان & فاطمة محمد.


_______


اذكروا الله.


______


'إن نفسية المرأة خاصة ذات الكبرياء هي غابة متشابكة الأغصان يستحيل فهمها والتنبوء بمساراتها.'

- أحمد خالد توفيق.


_______


تجلس بتول في الغرفة تحديدًا على فراشها وحيدة كعادتها في الأيام الماضية، لا تتحدث مع أحد من اصدقائها أو يأتي لها أحد، تغلق هاتفها تمامًا لا تريد أن تفتحه لتتلقى الاتصالات أو ترى رسائل أحدهم…


لم يصفعها أحد من قبل... تشعر بالحرج والتوتر تخشى حتى أن تخرج من بيتها وعزلتها لتقابل أي شخص قد يكن رأى ما حدث لها..


تذكرت بعض الكلمات التي كان يقولها والدها لها بعد التخرج…


" مش شهرتك أنك تكوني مذيعة معروفة، شهرة البني آدم بتكون قدام نفسه والمبادئ اللي في حياته، احترمي نفسك دايما يا بتول وقدريها، احترمي وحبي نفسك لدرجة أنك متخليش حد في حياتك يهينك، اعرفي قيمة نفسك سواء بقيتي بتول الإعلامية المشهورة أو بتول اللي ممكن متشتغلش وممكن كل الفلوس دي كلها تروح وتعيش في عشة .. فهماني يا بنتي" 


تحاول ان تتخيل  لو كان والدها على قيد الحياة هل كان سيتجرأ أمجد على صفعها؟؟ هل كان سيقبل أن تُهان ؟؟؟ 

وهل كانت ستتمادى والدتها لتلك الدرجة؟؟ 


اسوء شعور تمر به تلك الفترة، كون أكثر اثنان اشتركوا في أن تكن مُهانه هما أكثر أشخاص تحبهم…


تغضب من والدتها وفعلتها فلو كانت توقفت عن الثرثرة بين الناس عن زوجها، لما علم أمجد شيء، ولكنها تحبها فهي والدتها وحبيبتها مهما كانتا على غير توافق.. 


وتغضب من أمجد رغم أنه زوجها وحبيبها الأول، الذي قُبلت أن تضحي بأي شيء من أجله، صفعها وأهانها أمام الجميع فلو كان أنتظر ذهابهم للحديث او حتى أن يتحدث بطريقة لينة وهادئة لكانت ذهبت للمنزل ويحدث ما يحدث…


لكنه وبعد ما فعله ركع لتسامحه.. ترجاها..


بكى لأول مرة ماذا تفعل أن كان حبها له أكبر مما فعل!! 


سئمت من تلك الأحاديث والأفكار والحيرة كادت أن تنهض وتشغل ذهنها بشيء آخر….

لكن اقتحم أمجد الغرفة فاتحًا الباب بسرور شديد وصاح باسمها 

- بتول ... بتول..


هتف اسمها بحماس عجيب وهو يحمل الكثير الأكياس البلاستيكية وتلج الخادمة من خلفه ومعها كمية من الأكياس أيضًا واضعة إياها على الفراش بهدوء ثم رحلت من الحجرة..


نهضت بتول عن الفراش باستغراب شديد فهو قد اشترى متجرًا على الأغلب!!!!


- ايه يا أمجد الحاجات دي ؟!!! 


- افتحيها وانتِ تشوفي.


أخذت تقلب وتعبث في الحقائب وتخرج ملابس كثيرة خاصة بالأطفال حديثة الولادة إن كانت الوانها خاصة بالفتيات أو الصبيان أو للاثنان معًا وبعض الألعاب التي لا تظن أن هناك طفل أقل من عام أو إثنان يستطيع أن يستخدمها…


هتفت قائلة بهدوء وحماس دب في أوصالها؛ والبسمة ارتسمت على ثغرها: 

- ايه يا امجد، انتَ اشتريت كل ده ليه وامتى..


احتضنها من الخلف بعمق شديد ليقبل كتفها ويغلق قبضتة على خصرها يستند بذقنه على كتفها…


فلما يقترب منها هل هي ينقصها حيرة فما زالت منزعجة منه حتى ولو قامت بمسامحته هناك شيء بها بات لا يتقبله... 

- لابننا او بنتنا يا بتول..


قال كلماته وهو يمرر كف يده على بطنها، ولكن مازال لا يتواجد أي اختلاف أو بروز بتلك المنطقة... فأستكمل حديثه قائلا 

- روحت المكتب الصبح مكملتش ساعة، وطول النهار لغاية ما جيت هنا وانا عمال الف وعايز اشتري كل حاجة وأي حاجة فرحان فرحة عمري…


ابتسمت بخفة ثم هتفت بخفوت شديد:

- مكنتش متوقعة انك هتكون فرحان أوي كده يا أمجد..


- فرحان دي كلمة قليلة، انا هكون أب لأول مرة يا بتول، وهكون أب لطفل منك انتِ حبيبة قلبي وعمري أزاي مفرحش بس..


- ربنا يكمل فرحتنا على خير يا أمجد..


قالتها من قلبها، فهي تتمنى أن تمر تلك الفترة بسلام.. 


- يارب يا روح أمجد، انا حجزتلك عند دكتورة بكرا، لازم تتابعي يا بتول وتهتمي بنفسك وباللي في بطنك…


_________


تقبع ياسمين بحجرتها محاولة الوصول له دون فائدة، فحتى الآن لا يجيبها…


ظلت تحاول دون ملل، فقط تتمنى سماع صوته.. 


ربما يبثها بعض الطمأنينة والراحة التي فارقتها منذ أن أخطأت في حق ذاتها وعصت خالقها… 


فلو عادت عقارب الساعة، لم تكن ستفعل العديد من الأشياء…

لم تكن ستقابله وتستجيب له، لم تكن ستضعف أمامه… 

أغواها الشيطان واستجابت له… 

لم تفكر في عواقب فعلتها والآن تدفع الثمن… 


وأخيرًا بعد محاولات عدة اجابها...لاحت اللهفة على وجهها الذي كان منكمشًا على أتم استعداد للبكاء والأنهيار… 


كادت تتحدث وتلومه على عدم حديثه معها فهى تحتاج إليه بشدة… 


ولكن كلماته كانت لها كالصاعقة، مرددًا بتشنج وعصبية مفرطة لم تقابلها من قبل معه: 

-في إيه زن زن زن، أنتِ مبتفهميش، بتتصلي لية دلوقتي؟ 


ابتلعت تلك الغصة المريرة، ودموعها تتسابق على وجهها دون توقف مجيبة بنبرة باكية: 

-أنا بكلمك عشان اقولك أني جبت الساعة  من اوضة نجم يا أيمن… 


قلب عيناه غيظًا وقال: 

-واعمل إيه دلوقتي، مش خلاص جبتيها خليها معاكي.. 


تحدثت بصعوبة مرددة بقلب ينزف: 

-أنت بتكلمني كدة ليه يا أيمن، أنت عُمرك ما كلمتني كدة.. 


اكفهر وجهه ورد بأستفزاز، وكلمات كانت كالنصل الحاد: 

-وأنتِ مستنية اكلمك ازاي يعني!! 

اسقفلك وافرح بيكي عشان سلمتيني نفسك، طلعتي رخيصة أووي يا ياسمين، بس أنا اللي غبي كان لازم افهم كدة من لما كنتي بتبعتيلي صورك وأنتِ في البيت ولما وافقتي تكلميني فيديو كان لازم افهم أنك رخيصة وممكن تسلمي بسهولة، ولو كان حد غيري كنتي برضو هتسلمي ليه….


لم تتحمل تلك الصدمة وتلك الكلمات التي إصابتها بمقتل، فـ ارتخى جسدها نادمة كما لم يندم إحدهم من قبل، متحدثة بنبرة متقطعة مرتجفة … 

-أنتَ بتقول إيه، أنا عملت كدة عشان بحبك، مش عشان رخيصة يا أيمن..أنا مش رخيصة وأنت عارف كدة كويس.. 


رد بتصميم ونبرة قاسية صارمة: 

-لا رخيصة يا ياسمين، مفيش واحدة تسلم نفسها لواحد من غير جواز مش رخيصة، تعرفي انا مبسوط أن حصل كدة عشان مدبسش فيكي، وبعدين هعوز إيه اكتر من اللي حصل، وآه جوازنا كدة خلاص بح.. 


كاد يغلق فتذكر شيء ما، فقال دون تردد: 

-آه نسيت اقولك أنا انبسطت اوي الليلة دي، لو عايزانا نكررها تاني معنديش مشكلة… 


سقط الهاتف من بين يديها تدريجيًا أما هو فأغلق الهاتف وقسماته تتحول للوجوم غاضبًا من تسليمها له… 


ظلت جالسة مكانها تتمنى الموت بتلك اللحظة… 

ولكن مهلًا كيف ستقابل ربها بعدما ارتكبت تلك المعصية… 

ازدادت وتيرة بكائها ورفعت رأسها للأعلى وهى تضرب على رأسها تشعر بنيران تضرم بجسدها بأكمله: 

-يارب...يارب عارفة أني غلطت سامحني يارب أنا حسة اني بموت بالبطئ يارب اغفر لي يارب… 


ولجت غرام الحجرة دون استئذان وعينيها تبحث عنها، سرعان ما وقعت عيناها عليها وهى تفترش الفراش بجسدها وحالتها سيئة للغاية… 


أغلقت الباب واندفعت تجاهها، جالسة جوارها محتضنة إياها يُصعب عليها رؤيتها بتلك الحالة المزرية: 

-مالك يا ياسمين، إيه اللي حصل تاني!!! 


لم تجيبها ياسمين فكانت صدمتها فيه تلجمها… 

ظلت غرام تربت على كتفيها محاولة التهوين عليها، وبعد مرور بعض الوقت وقد هدأت ياسمين نسبيًا.. 


خرج صوت غرام وهى تخرجها من أحضانها تناظر وجهها: 

-بقيتي أحسن دلوقتي؟ 


نفت ياسمين برأسها وقالت بمرارة وخذى: 

-لا يا غرام مش أحسن، أنا ضيعت نفسي، وغضبت ربنا، ولطخت شرف العيلة، أيمن أنا كلمته وقالي كلام صعب أوي يا غرام، مش مصدقه أنه خرج منه، كنت مستنيه يطمني، بأي حاجة، يقولي هكتب عليكي، بس هو معلش كدة، بيقولي أني رخيصة يا غرام، رخيصة عشان حبيته، عشان وثقت فيه…. 


كزت غرام على أسنانها وقالت على مضض: 

-اسكتي يا ياسمين أنتِ مش رخيصة هو اللي رخيص و زبالة عشان استغل ضعفك وبدل ما يصلح اللي حصل، رايح يستخبي زي الفأر، أنتِ مغلطيش لوحدك، أنتم الأتنين غلطوا بس الفرق الوحيد اللي بينكم أنك ندمانه بس هو مش ندمان ده بجح ومش راجل، قومي يا ياسمين قومي اتوضي وصلي وادعي ربنا يسامحك والمصيبة دي تتحل من غير فضايح…


_________


صباح اليوم التالي..


تقلب نجم في فراشه على جانبه الآخر بأنزعاج، مستنكرًا ذلك الصوت الأنثوي الذي يسمعه ويزعجه كثيرًا ولا يكف عن الهتاف بأسمه، فـ في البداية قد ظن أن يتوهم وأن مصدر ذلك الصوت في نومه ليس إلا.. 


-نجم، نجم اصحى بقى كدة هتتأخر. 


لحظات وكان ينهض من نومته فزعًا، عندما أدرك هوية صاحبة الصوت، وعلم أنه ليس حلمًا، بل حقيقة…


طالعها وخرج صوته متحشرجًا متحدثًا بلهجته الصعيدية: 

-أنتِ بتعملي إيه أهنا، ودخلتي كيف؟


رسمت بسمة واسعة أظهرت أسنانها البيضاء، عاقده ذراعيها أمام صدرها، مردفة بدلال وغنج: 

-إيه اللي دخلتي كيف، دخلت من الباب يا نجم يلا بقى قوم فوق عقبال ما اروح اغير عشان توصلني.. 


هنا وانتبه لهيئتها القاتلة المذيبة لأي رجل... 


ازدرد ريقه وعيناه تجوب عليها بدءًا من خصلاتها الطويلة المحاوطة لوجهها، حتى منامتها الناعمة باللون الأسود والتي برزت أنوثتها الطاغية بوضوح، فمن يراها قد يظنها امرأة ناضجة مكتملة الأنوثة... 


كاد يبعد أنظاره عنها، لكن وقعت عيناه على عنقها الطويلة التي تكشفها منامتها وجزء بسيط الواقع أسفل عنقها….


ابعد عيناه واستغفر ربه وهو ينتفض من على الفراش كمن لسعه أفعى مقتربًا منها واقفًا قبالتها محاولًا قدر الأماكن ابعاد عيناه عن ذلك الجزء المكشوف. 


هدر بها وهو يجذبها من معصمها، لا يدرك غاضبًا من ذاته لتأثره بها، أم منها هى.. 

-أنتِ أتچننتي عاد، كيف تخرچي من أوضتك بالمنظر ده.. 


لا تنكر سعادتها بالبداية لرؤيه مدى تأثيرها عليه، فكان عليها أن تظهر له بأنها لم تعد تلك الطفلة وها قد نالت ما أرادت، وبات على يقينًا تامًا بأنها ليست طفلة. 

تبخرت سعادتها عند رؤيتها لعيناه التي احتدت رامقًا إياها بنظرات ساحقة كالرياح العاتية..

خرج صوتها ناعمًا أو هكذا أرادت مرددة وهى ترفع يديها واضعة إياها على صدره: 

-وإيه يعني، مفيش رجالة في البيت غيرك أنت وجدي، وأنت جوزي يبقى إيه المشكلة بقى. 


اخفض عيناه تجاه يديها الموضوعة على صدره، فتلك اللمسة احرقت جسده حقًا.. 


كز على أسنانه وابعد يدها التي وضعت على صدره عنه متمسكًا بذراعيها الذي يمسكه منذ البداية مقتربًا من الباب ساحبًا إياها خلفه، ثم قال قبل أن يفتح الباب، بنبرة مخيفة أراد بها أخفاء رغبته بها، فمنذ سنوات لم يقرب من أنثى: 

-اسمعي بجى، حركات الحريم دي متتعملش عليا، دلع مش عايز، وحركات ماسخة كمان مش عايز، وإلا ورحمة أبوي لتشوفي وش تاني مش هتحبي تشوفيه يا غرام، والأوضة دي متعتبيهاش تاني. 


قال كلمته الأخيرة وهو يهزها برفق، أما هى فكانت تنتفض بين يداه وهابت من نبرته وطريقته معها، وما أن أنتهى حتى قالت مبررة بعبرات ترقرقت في مقلتيها: 

-أنت أتاخرت عشان كدة..


أغمضت عينيها وجعًا من كلماته، فلم تكمل حديثها مندفعة من غرفته لاعنة نفسها لدخولها حجرته وتعريض نفسها لتلك الاهانه.... 


_________


هبطت ريما من غرفتها حاملة ثلاث لوحات قد انتهت منهم قبل زفافها وعليها تسليمهما قريبًا…


فقد أخبرت شهاب ليلة أمس أنها ستبدأ بالعودة مجددًا إلي عملها ولم يعترض على ذلك…


كانت تنزل على الدرج بكل خبث وهي ترتدي فستانها القصير من اللون الابيض ويأخذ شكل جسدها يصل بالكاد حتي ركبتيها، وترتدي جاكت جينز قصير فوقه كما قامت بلملمة خصلاتها العسلية…


واضعة الهاتف على أذنيها تتحدث مع مها صديقتها وهي تنوي أن تصيبه بالجنون اليوم .. 


جاء شهاب وفهمي فخرجوا لتوهم من المكتب، ليلقي فهمي التحية عليها ثم صعد الدرج متجهًا نحو غرفته..


بينما هتفت ريما بنبرة هادئة والابتسامة ترتسم على ثغرها :

- صباح الخير 


- صباح النور 


قالها شهاب بهدوء قبل أن يتفحص هيئتها، أعجبته هيئتها الانثوية والتي لا يحق لاحد أن يراها بتلك الطريقة سواه. 


فتحولت نظرات الأعجاب إلى نظرات غاضبة وحانقة فصاح بها وهو ينهرها: 

-  شكلك ناوية تخليني ادفنك يا ريما، يا نهار ازرق على دماغك..لا ازرق ايه ده أسود أن شاء الله..


نظرت له بلا مبالاة ومطت شفتيها بضيق، وهتفت قائلة لصديقتها التي تتواجد على الهاتف: 

-طب أقفلي كده يا مها، سلام 


أغلقت مع مها، ثم نظرت له بجمود واستفزاز: 

- لا مش ازرق ولا اسود، ابيض اهو، وبعدين انتَ لسه مروحتش الشغل يا شهاب انا افتكرتك مشيت..

  

- بقولك ايه اللي انتِ لبساه ده ولا اطرشيتي فيها…


قال كلماته وهو يجز على أسنانه ستفقده عقله بالتأكيد حتى أنه لم يستمع إلى هرائها..


فصاحت ريما قائلة بنبرة هادئة وباردة 

- حاسب على طريقة كلامك، وبعدين ولا كتفي باين ولا شعري سايب ولا حاطة ميكب أوفر والفستان عادي جدا وياريت يا شهاب متأخرنيش 

علشان مها داخله على الفيلا وهنروح سوا بعربيتها…


- اه فعلا انتِ مش بتكدبي غطيتي كتافك وسبتي السمانات تتهوى صح..


قال كلماته بحنق شديد وهو يعتصر قبضته...فردت ببساطة:

- كلماتك بقت بيئة يا شهاب حقيقي لازم 


حك شهاب ذقنه ثم أخذ أنفاسه، وتمتم قائلا بتفهم مقاطعًا إياها ببرود فهو قد فهم مخططها وما تحاول فعله به:

- بس تصدقي يا ريما فعلا الفستان مفيهوش حاجة انا مكبر الموضوع، روحي المعرض ولو صاحبتك مش هترجعك اتصلي بيا أبقي اجيلك بعد الشغل...


شحبت ملامحها كالموتى، يريدها أن تذهب بتلك الهيئة العمل؟؟؟لا تأتي لها الجراءة لأن تخرج بهذا الشكل كانت تظنه سيثور وسوف يمنعها ولكن لم يهتم، فقالتها ببلاهة متسائلة فعلى ما يبدو لم ينظر جيدًا: 

- يعني امشي !!!!


- اه امشي، ربنا معاكي يارب وانا احتمال انزل اروح شوية مشاوير انتِ مش كنتي مستعجلة ولا ايه؟؟ 


تريد تحطيم رأسه فهو يجعلها تفشل في مخططاتها، هتف شهاب مستكملًا حديثه: 

- بس صحيح قبل ما تمشي أنا هتكلم معاكي في موضوع مهم قولي لصاحبتك تستنى عشر دقايق.


- موضوع ايه ده؟


- لما تطلعي هتعرفي، اطلعي بس في الأوضة علشان بابا هنا وطنط سعاد وأنا عايز اتكلم معاكي لوحدنا…


جزت على أسنانها بغضب من لا مبالاته، فقالت بنبرة حانقة: 

- ماشي ياريت بسرعة علشان متأخرش.


تركته وصعدت إلى الغرفة والشرار يتطاير من عيناها..


بعد خمس دقائق تقريبًا.. 


وجدته يدخل إلى الغرفة ويحمل شيء خلف ظهره لم تستطع تحديدها في البداية..

أغلق الباب خلفه بقوة افزعتها، كانت على وشك الابتعاد عن الاريكة ليحتجزها بجسده فظلت جالسة مجبرة على ذلك..

وعلى الفور اظهر لها ذلك المقص والقى بكيس بلاستيكيًا أسود اللون على الأرضية…


- الا قوليلي يا ريما، انتِ بقيتي مستفزة كده من امتى ؟؟ 


- قصدك إيه يا شهاب مش فاهمة؟


- فين السويتشيرتات واللبس بتاعك..


- في الدولاب يعني انتَ ذكي أوي هكون شيلاهم فين ؟؟؟ 


فهتف قائلا بنبرة خافتة 

- حلو يعني الدولاب في حاجة تتلبس للخروج بدل قمصان النوم دي..


صاحت ريما به متصنعة البرود 

- دي مش قمصان نوم قولت، وبعدين انتَ في وسط الناس كلها بتلبس الألعن من كده يعني شيء مش غريب عليك وده فستان عادي جدا أصلي حبيت أغير من استايل لبسي التقليدي...


قاطعها قائلا وهو يجز على أسنانه فستفقده عقله.. تغضبه وبشده جعلته طوال الوقت يفكر بها وبأفعالها فقط: 

- الناس يا ريما، الناس اللي متخصنيش، مش انتِ، الناس مش مراتي علشان يهموني او اتحكم واغير عليهم..


مد أنامله ومررها على ساقها المكشوف ببطء شديد اثار مشاعرها به ودبت القشعريرة لجسدها وهو ينظر لها في عيناها بحدة ولا تستطيع الصمود أكثر من ذلك تحاول الا تتأثر بقدر الإمكان..


وأخيرًا توقف عندما وصل إلى طرف الفستان ليبدأ بقصه حتى نصفه تقريبًا، تحت صراخها فهي لم تصدق ما يفعله 

- انتَ مجنون .. شهاااب بطل غباء..


- مش انتِ اللي عايزاني اتجنن واتغابى فـ أنا بقولك نجحتي في ده برافو..

بس تصدقي وهو مقصوص احلى كتير…


ابتعد عنها وهو يحدق بها وبفستانها فقد أصبح لا يصلح لهذا اللقب، كان ينظر شهاب بشوق وضعف أمام ذلك الشعور الذي يريدها لا يدري هل هو تأثر كأي رجل يرى أمامه امرأة فاتنة…


أم أصبح يميل لها، شيء عجيب يحدث معه؛ فهتف:

- قطعيه أنتِ وكملي بقا علشان أبويا تحت وانا لو كملت تقطيع صدقيني مش هنخرج من هنا قبل اربع أيام وهتهور جامد يا قشطة..


كانت تنظر له ببلاهة لا تدري هل تخجل او تبتسم أو تغضب بسبب طريقته وجدته توجه ناحية غرفة الملابس لتأتي خلفه بعد ان ارتدت ذلك الروب حتي يختفي جسدها بسبب فستانها الممزق، وجدته يفتح الخزانة الخاصة بها 

- انتَ بتعمل أيه ولا بدور على ايه في هدومي يابني كلمني..


قالت كلماتها بعدم فهم فأجاب عليها بهدوء شديد: 

- هعمل حاجات وعمايل حلوة استني بس هفاجئك يا ريما..


وصلت يده إلى ذلك الفستان الاسود الذي ارتدته ليلة امس لم يستخدم المقص بل مزقه بيده حتى أصبح قطعتان لتصرخ به قائلة :

- شهاااااااب بطل جنان..


- متستفزنيش وتقوليلي بعدها بطل، مش هبطل انا سألتك ده قميص نوم قولتي لا وبرضو لقيته ميصلحش فستان خروج يعني حاجة ولا تنفع لجوزك ولا للخروج لزمتها أيه..


قال كلماته باستفزاز شديد وفتح ذلك الكيس الذي اتي به من الأسفل واضعًا أياه في الكيس 

- انتَ جايب كيس زبالة يا شهاب..


- اه في زبالة كتير هرميها من لبسك وخلاص انا بعترف أني بغير عليكي يا ريما مش محتاجة تجننيني اكتر من كده..


أخذ يخرج بعض الفستاتين ملقيًا أياها في الكيس تحت صراخها الذي لم يبالي به ولم يتوقف وجد فستان من اللون العسلي لم ترتديه بعد فهتف سائلا إياها: 

- ده بيتخرج بيه ده يا ريما..


- اه بيتخرج وهخرج بيه... 


لم تستكمل حديثها وتحديها لتجده مزقه أمام عيناها، فهتف شهاب حينما رأي سعره وورقه البيانات. 

- ياه ده لسه بالتيكت يا ريما كان غالي اوي بس يلا مش مهم تتعوض ان شاء الله 


وضعه في الكيس ليقع عيناه إلى آخر فستان من اللون الأحمر لا يظن أن طوله يصل حتي لما إرتدته اليوم ولكن سيكون هو فقط من ترتدي له هذا الفستان بلونه الناري، أخذه و وضعه بين ثيابه قائلا غامزا لها: 

- لا ده حرام يتقطع ده وينفع جدا يخلي الواحد يتهور لما الوقت يسمح .. 


توجه الى الرف المتواجد عليه أدوات ومستحضرات التجميل اخذًا ما يعرف أنه أحمر شفاه وما يشك به فهو ليس خبيرًا في تلك الأشياء.. 

- أهمد بقا سيب الميكب ومش هحط حاجة.


- احلفي 


- وربنا ما هحط حاجة سيب الحاجة بقا حرام عليك خربت الدنيا


قالتها بانفعال شديد فلقد اغضبها ومزق كل الفساتين التي أتت بها والدتها وصديقتها فلم تكن اختيارها ولكن كانت تنوي ان ترتديهم له على امل ان زواجهم سيكن بغير تلك الحادثة التي حدثت…


اقترب منها حاملا ذلك الكيس وهمس لها 

- لو سقعتي بليل هتلاقي الحاجات دي بولع فيهم تحت ابقي انزلي ادفي على نارهم او اتصرف أنا من غير ما تنزلي وتكلفي نفسك، انا حاليا غصب عني ماشي ورايا ميعاد مهم بس راجعلك هنروح من بعض فين، قطعنا الهدوم وكسرنا واتخاقنا جه وقت التفاهم ووضع النقط على الحروف..


اقترب مقبلًا أحدي وجنتيها بطريقة أصابتها بالجنون ولكن حاولت أن تدعي التماسك ليذهب تاركًا قلبها يخفق بشدة، انطلقت منها ضحكات على فعلته لا تصدق الجنون الذي أصبح به، فكان دائما يأخد وضعية البرود..


رن هاتفها فأجابت على صديقتها 

- الو يا مها، تعالي خدي اللوح وروحي انا كده كده مكنتش هروح اللي استفدته بس ان فساتيني كلها اتقطعت …


_________


كانت غرام قد خرجت من غرفته، والشرار يتطاير من عينيها والدموع تهبط منها بلا توقف، قد استطاع اغضابها، وكأنها ليست زوجته، ليست جريئة مثلما كان يصف في فعلتها بل هي تسعى أن تُقرب المسافة بينهما وتكسر تلك الحواجز التي مازالت بينهما، لم تتوقع أنه سيغضب ويثور عليها لتلك الدرجة وكأنها قد فعلت شيء مُهين..


دخلت غرفتها غالقة الباب خلفها بعنفِ شديد وأغلقته من الداخل بالمفتاح ثم حاولت أن تهدأ قليلًا..


لم تمر نصف ساعة تاركه إياه، حتى سمعت دقات على باب غرفتها

صاحت متسائلة عن الذي يريدها؟؟ 

- مين ؟


جاءها صوته الهادئ والرجولي، تحدث بنبرة هادئة وكأنه هكذا يحاول إصلاح ما أفسده:

- انا يا غرام، جهزتي علشان اوصلك الجامعة؟ 


- مش رايحة حتة امشي انتَ..


قالتها بغضب وحنق ولم تفتح حتى الباب لتثير غضبه اكثر؛ فهتف قائلًا :

- افتحي يابنت الناس، بلاش جفل دماغ وعند؛ يلا علشان متتاخريش وعلشان سندس متتاخرش..


- قولتلك مش رايحة حتة انا حرة، ياريت تمشي من قدام الباب علشان عايزة انام ومش عايزة اتكلم معاك..


قالت كلماتها بغضب شديد وهي تقف خلف الباب، لتشعره بمدى حماقته وكرامتها الذي بعثرها، فهى تريد إرضاءه ولكن لن تقبل أن يتخد تلك النقاط أنها ضعف وليس حب..


كانت ابنته تقف في نهاية الطُرقة الخاصة بالغرف، وأيضا راضية قد مرت ليشعر الجميع بما تفعله غرام وأنها تتجاهله..


فهتفت سندس بغضب من دلال تلك الفتاة على أبيها وهو يحاول أرضاءها أيضًا 

- انا هتأخر يا بابا كده، يلا..


فصاح نجم قائلا بنبرة غاضبة موجهًا حديثه لغرام:

- اجده يا غرام، ان شاء الله عنك ما خرجتي ولا روحتي الجامعة لما ارجعلك هوريكي شغل العند ده…


ليذهب وتسير خلفه أبنته سعيدة بصراخه عليها اما هي في الداخل تجلس على الفراش وتعبث في هاتفها، فليفعل ما يريده هي لن تتنازل مهما أحبته، فليعرف قيمتها ويُدرك أفعاله، هي ليست أبنه عمه الصغيرة؛ الآن هي زوجته وعليه أن يحترم تلك النقطة..


_________


بعد مرور ساعتين..


كانت غرام مازالت تجلس في الغرفة بملل شديد لا تجد شيء تفعله ولم تكن تريد الذهاب الى غرفة ياسمين فهي ستصاب بالأكتئاب بسبب بكائها ولا تستطيع مساعدتها، ففضلت الجلوس بمفردها..


وبتلك الأثناء وجدت هاتفها يعلن عن وصول رسالة على تطبيق

{WhatsApp} 

وكانت الرسالة من نجم لم تفتحها وانتظرت قليلة حتى لا تظهر أنها تنتظره، ولكن فضولها لم يُمكنها من الانتظار 

ففتحتها و وجدت الرسالة تنص على:


"انا مش هاجي على الغداء، وهاجي بعده يا غرام وهتتغدي معايا، ولو عاندي معايا اعرفي أني هكسر الباب على دماغك، وياريت تعملي الويكة علشان اشوفها حبيتها، وحذاري ارجع أشوف عكس اجده هتبجي چنيتي على حالك.."


___________


وبعدين وياك يا أمجد بقالك أكتر من شهر مفكرتش تزورنا، من ميتى وأنت بطول الغيبة أوي اكدة!!


مسح أمجد على وجهه قبل أن يبرر لها متأسفًا على تأثيره بحقها:

-أنا آسف يا أمي، بس كان عندي شغل، وشوية مشاكل معرفتش خالص اعدي عليكي…


آتاه صوت والدته الحانق مرددة:

-خلاص يبجى تضبط أمورك والقيك عندي انهاردة.. بكرة، اي حاجة بس المهم تيچي.


خرجت بتول من المرحاض، فأتسعت بسمته لها وهو يتلفظ بهدوء مراقبًا وقوفها أمام المرآة  واضعة خصلاتها بجانب واحد ممشطة خصلاتها وعيناها تراقب انعكاس صورته:

-مش هينفع يا ماما الفترة دي خالص اسيب بتول وآجي..


تساءلت والدته، متمتمة بتهكم:

-ليه يا ضنايا مينفعش تسيبها؟


-عشان بتول حامل يا ماما، هتبقى جده..


أعلنت اساريرها وانفرج ثغرها كاشفًا عن أنيابها، ثم سرعان ما رفعت يديها وغطت فمها مطلقة (زغرطوة)ثم قالت بفرحة عارمة:

-يا ألف نهار أبيض يا ألف نهار مبروك، بكرة هكون عنديك، لا بكرة إيه أنهاردة هتلاقيني عندكم، لازم اجيلكم واباركلكم بنفسي، وبالمرة اجيب لمرأتك شوية وكل من أهنا يرم عضمها.


-ماشي يا أمي تنوري وهنستناكم انهاردة..


أغلق معها، ثم نهض من على الفراش مقتربًا منها مطوقًا إياها من الخلف طابعًا قبلة على عنقها الطويل، خاصة تلك الشامة متوسطة الحجم التي تزيد من جمالها…


هامسًا جوار أذنيها وشفتاه تتلمس أذنيها عن عمد:

-إيه الجمال ده؟

أول مرة أشوف واحدة حامل بالجمال ده…


كبحت بسمتها التي أرادت الخروج من بين ثغرها سعيدة بكلماته المتغزلة التي تجعل أي امرأة تذوب كالجليد..


ثم خرج صوتها ناعمًا هادئًا مرددة على مسامعه:

-هى طنط جاية ؟


اخفض يداه وسار بها ببطء شديد على بطنها التي تحمل ابنه في أحشائها مجيب على استفسارها:

-آه، عايزة تيجي تباركلنا وتجبلك شوية حاجات معاها من البلد..


اماءت برأسها، وتمتمت بترحيب:

-تمام هبلغ نوال تحضر الأوض.


كسى وجهه بسمة واسعة، متحدث بحب

-مفيش داعي انا هبلغها.


قال الأخيرة وهو يحركها جاعلًا إياها واقفة قبالته، وانحنى قليلًا راغبًا في تقبيلها وتذوق شهد شفتيها، لكنها ابتعدت عنه وكأنها تعاقبة نادمة على استسلامها السابق له مغمغمة:

-هتتأخر على شغلك يا أمجد…


تنهد بحرارة قبل أن يؤما لها، أخذًا بعض الملابس من الخزانة متجههًا صوب دورة المياة المرافقة لغرفتهم. 


___________


في المساء..


كانت تقف بجواره مرحبة بوالدته وشقيقته وابنها الصغير الذي تحمله على كتفيها:

-أهلا يا طنط، ازيك يا رقية عاملة إيه..


رددت الأخيرة رافعة ذراعيها مداعبة وجنتي الصغير بحب…


جاءها صوت رقية الهادئ والبسمة تزين محياها:

-بخير الحمدلله ازيك أنتِ يا مرات أخوي.


-بخير، اتفصلوا يلا، أمجد خلى نوال جهزتلكم العشا والاوض، اكيد تعبتوا من الطريق.


أجابت صفية بنفي ولهجة صعيدية:

-لا ولا تعبنا ولا حاچة، احنا طول الطريق نايمين..


أما رقية فوافقت على حديث بتول وقالت:

-أنا بقى معرفتش انام من معاذ، فخير ما عملتي بصراحة هموت وانام….


____________


وصل نجم الدوار فأستقبلته توحيدة التي كانت قد خرجت للتو من المطبخ…


صدح صوته الرجولي، مرددًا:

-إيه يا توحة جهزتي الوكل؟


أجابته وهى وتجذبه من ذراعيه معاتبة إياه:

-أيوة چهزته جول بجى لـ توحة حبيبتك عملت إيه لمراتك؟


قطب ما بين حاجبيها وقال نافيًا حديثها:

-هكون عملتلها إيه يعني، اطلعي اديها خبر

خليها تحصلني، عقبال ما اغير الهدمة اللي عليا..


اماءت له بأنصياع، فصعد هو لغرفته مبدلًا ملابسه يستعد لتناول الطعام معها.


أما على الجانب الآخر فكانت تقف على باب غرفتها قبالة توحيدة متمتمة:

-مش نازلة يعني مش نازلة، انا شبعانة ومش هاكل، هى عافية يعني..


لكزتها توحيدة في ذراعيها وقالت:

-اخلصي يا بنتي، أنا مش حمل مناهدة، ولو قولتي أكدة قدام نجم هتخليه يثور علينا كيف الثور…


عقدت غرام ساعديها وتحدثت بأصرار لا تبالي بما تتفوه به:

-برضو مش نازلة..


تناهى لمسامعهم صوت أغلاق باب غرفته، فتنهدت توحيدة وقالت:

-أنتِ اللي جبتيه لنفسك بنشوفيه دماغك دي.


كاد يهبط الدرجات لولا رؤيتها واقفة على باب غرفتها وتوحيدة تغادر من أمامها متمتمة ببعض الكلمات المتذمرة الخافتة مما تفعله، هابطة درجات السلم..


بارح مكانه مقتربًا منها بعدما انتبهت إليه، وظلت واقفة مكانها:

-أنتِ منزلتيش ليه؟

-مش نازلة، كلت معاهم وشبعانة إيه هتأكلني بالعافية ولا أيه..


خرج صوتها هادئًا باردًا، ورغم ذلك أثارت غضبه بشدة، تشنجت ملامحه وهو يهتف:

-يعني إيه مش هتنزلي ويعني ايه كلتي أنا مش قايلك متأكليش وتستنيني عاد وتعمليلي الويكا.


حركت كتفيها مجيبة إياه:

-معملتش حاجة وجعت وكلت محصلش حاجة يعني، اكيد مش هقعد جعانة، وأنت تقدر تاكل لوحدك..


حاول كبح غيظه، لكنها لم تتوقف عن استفزازه، مسترسلة:

-صحيح أنا عايزة اروح عند ماما الأسبوع الجاي.


هز رأسه بملامح واجمة، وتحدث بنبرة منفعلة:

-وفيها إيه نودوكي على الأقل نخلص من حركات العيال اللي بتسويها دي.


قالها مغادرًا من أمامها، أما هى فـ دبدبت بقدميها أرضا، هامسة بغيظ من نعته إياها بطفلة:

-برضو عيلة…..


__يتبع__

تكملة الرواية من هناااااااا 



لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع