رواية زهرة فى مهب الريح الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم مروة حمدى
رواية زهرة فى مهب الريح الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم مروة حمدى
عالم جديد، طرق تعامل جديدة تعرضت لها اليوم، وضعتها فى حيرة بين ما راءته وما نشأت عليه، تسير بجانب صديقتها فى طريق العودة حائرة، لا تطيق صبرا على اخبار والدتها بيومها وماراءت ولن تنسى تلك الفتاة التى كانت تضحك بصوت مرتفع، أبتسمت وهى تتخيل كلمات المدح التى ستلقى بها والدتها عليها بعدما تمسكت بتعليماتها.
دلفت من الباب بسعادة تدندن، تنادى على والدتها بصوت عالى وهى تبحث عنها فى الارجاء بعدما أسندت متعلقاتها على المائدة.
والدتها وهى تخرج من غرفة اخاها تغلق الباب خلفها بهدوء، تشير لها أن تلتزم الهدوء.
والدتها: هشش، اخوكى راجع تعبان من المدرسة والدرس ال بعدها، محتاج يرتاح شوية علشان يعرف يذاكر طول الليل.
زهرة: ده لسه السنة فى أولها يا ماما!
والدتها وهى ترحل من أمامها متجه للمطبخ تحرك يدها فى الهواء: بس ثانوية عامة يا حبيبتى يعنى محتاج جو مناسب للمذاكرة واننا نهتم بيه ونراعيه ده مستقبل وده الولد ال هيرفع راسنا ويشد ظهرنا بيه.
غصة تشكلت بحلقها اثر حديث والدتها على الرغم من اعتيادها على تفضيل والدتها الدائم لاخاها ومنحه صلاحيات لم تمنح لها وهى الأكبر منه سنا،،الأ أنها حاولت رسم الابتسامة على وجهها من جديد.
زهرة: مش هتسالينى عملت ايه انهاردة فى اول يوم جامعة.
والدتها وهى تقف أمام حوض المياة: المفروض كبرتى على الكلام ده ووو.
انتصب ظهرها ودارت برأسها بسرعة باتجاه ابنتها تسألها بحده: كلمتى حد من الولاد ال هناك.
زهرة برعب من نظرتها: لا.
اؤمت برأسها وعادت إلى ما تفعل من جديد، ليصيب قلب تلك الزهرة الخيبة ليخطر شئ ما على بالها تنطقه بسرعة دون تفكير.
" بس زينب كلمت"
حسنا جملتها تلك نجحت بجدارة فى جعل والدتها تترك ما بيدها وتتجه لها تسألها بتوجس: مين؟
زهرة بصدق مش عارفة، هو كل الحكاية...
أخذت تقص عليها ما حدث كبغبغاء مدرب جيدا.
أطلقت والدتها زفرة ارتياح وعادت إلى عملها بدون حديث.
عقدت زهرة حاجبيها بدون فهم، لينطق لسانها بأفكارها بشكل تلقائى.
"أنتى مش هتقولى حاجه على ال حكتهولك"
والدتها: عادى، البنت مغلطتش فى حاجه.
زهرة: ااايه؟ بس انتى قولتيلى ما اختلطتش بحد من الشباب.
والدتها مقاطعه بحده: واقطع رقبتك لو عملتى كده.
تكمل بتبرير وهى منهمكة فيما تفعل لا تلاحظ تلك التى تقف وراءها تستمع لها وعلى وجهها تعابير مختلفة من الحز.ن الصد.مة وانعدام الثقة بالنفس.
والدتها: انتى حاجه وهى حاجة، البت زينب دى جدعة، بتعرف تتصرف وفى نفس الوقت واعية وتعرف تحمى نفسها كويس، مش زيك خيبة، انا من زمان وهى بتعجبنى ، اخ لو الواد اخوكى كان هو الكبير كنت جوزتهاله على طول.
رحلت من أمامها بآلية تتجه إلى غرفتها تجلس على فراشها بتيه تسترجع حديث والدتها طوال عمرها عن الحدود الالتزام منع الاختلاط وحديثها اليوم صباحا، ما راءته فى الجامعه اليوم من عالم منفتح، سمعت عنه ولم تراه قبلا،تصرفات صديقتها وحديثها معها وبالأخير حديث والدتها عن صديقتها وأعجابها بها، كل ذلك ألقى بدوامة من الأفكار تدور حولها آلاف الأسئلة التى هى بحاجة ماسة إلى فهمها واجابتها، ولكنها تثق كل الثقة ان والدتها لن تجيب على ايه منها سوى بتقريعها، حتى صديقتها لأول مرة لن تستطيع أن تتحدث معها فى شأن يقلقها، بعد حديثها معها اليوم لا ترغب بجعل نفسها غبية وبلهاء اكثر من اللازم معها.
مر الوقت سريعا، لم تطق صبرا على الانتظار ريثما ينتهى العشاء، أسرعت باتجاه غرفتها حتى تهاتف صديقتها، تتابعها أعين سعيدة لسعادتها تلك واخرى معترضة وبشدة.
انشراح: مكنش له لزوم يا حسين.
حسين بعقلانية: كنتى هترضى تروح لصحبتها البيت وعندها اخ ولد اكبر منهم.
انشراح: بس كده عنين البت هتفتح على حاجات كتير.
حسين: وده وقته انك تصاحبيها وتفهميها واهو قدام عينك احسن ما تكون بعيد عنك، هو الواد أحمد فين ما اتعشاش معانا ليه؟
انشراح وهى ترفع يدها تدعو لها: لا أحمد من هنا ورايح ليه مواعيد خاصة باكله وشربه يا قلب امه، السنه دى اعتبروه مش موجود خليه يركز ويشوف مستقبله يا كبدى.
حسين: ربنا معاه
بينما بالغرفة عند تلك الزهرة وهى تجلس بسعادة على الفراش.
_ ايوة يا زينب، انا مبسوطة مبسوطة اوى.
من على الجهة الأخرى: يارب دايما، فرحيني معاكى.
_بقول لبابا ان فى دكاترة طلبوا مننا شوية مواضيع نبحث عنها فى النت ونسلمها خلال الاسبوع ده وان اروح ليكى البيت نذاكر ونحضر سوا، قالى ما فيش داعى.
_يخيبتك وده ال مفرحك اوى كده، ما كده درجات من أعمال السنة هتروح منك واحنا لسه بنقول يا هادئ.
_اصبري عليا افهمك ...
أخذت تقص عليها رد والدها عندما أخبرته بهذا الأمر، ليفأجاها هو بأن قدم طلب اشتراك نت ومن المفترض إنه سيبدأ بالعمل اليوم عند الساعة ١٢ بعد منتصف الليل، وليس هذا فقط بل وقام بشراء حاسوب شخصى مستعمل من الاستاذ مدحت صاحب محل الأجهزة الإلكترونية فى اول الشارع لتستطيع العمل عليه وقد طلب منه تجهيزه واعداده من اجلى واحدثك الان وهو بين يدى.
فقط صوت تصفيق وصفير عالى وصل إلى مسامعها، لتدوى ضحكاتها العالية فى أنحاء غرفتها بسعادة، لياتى صوت والدتها ينهرها من الخارج بح.ده.
"الصوت يا زهرة، الجيران تقول ايه"
تضع يدها على فمها تكتم الباقية.
زينب: ابوكى ده عسسسسسسل وربنا، ربنا يباركلك فيه.
زهرة: يارب يارب ، مش هتحكيلى حلقة انهاردة؟
زينب: بصى سامعه الحجة عندى بتنادى عايزانى اشطب المطبخ ومش هخلص لو اشتغلت والفون فى ايدى، نأجلها لبكرة فى الجامعة.
زهرة بحز.ن وقد انطفأت سعادتها: بس كده انا مش هعرف أنام من غير ما اعرف كامل عمل ايه لنور.
زينب بدهشة: للدرجة دى.
تهز رأسها بالايجاب وكأنها تراها.
زينب وقد لمح بعينيها فكرة: كانت غايبة عنى فين بس، خلاص لقيت الحل واهو تريحينى من ذنك ده.
زهرة: حل ايه؟
_انت مش بتقولى النت هيشتغل عندك كمان كم ساعة؟
_اهااا.
_خلاص يا حلوة هبعتلك لينك الموقع تدخليه وتتفرج على الحلقة براحتك صوت وصورة وتابعى مع نفسك بقا.
_زهرة: ابعتى بسرعة ابعتى.
زينب: لا ده انتى حالتك صعبه اوى ، بعته واتس خلاص عدى الجمايل بقا سلاموز.
_سلااام.
المنزل غارق فى الظلام ما عدا غرفتها وغرفة اخاها المنكب على دروسه، وهى تجلس القرفصاء على الفراش تتابع شاشة الحاسوب أمامها حتى ظهرت تلك الإشارة لاتصاله بالإنترنت أخذت تقفز على الفراش بسعادة، جاهدت فى منع صرخاتها الفرحة لتجلس سريعا وهى تدخل ذلك الرابط فى محرك البحث، ثوان وظهر أمامها الموقع ، نظرت حولها كلصه، تبلع ريقها تشعر بالبرودة تجتاحها، دقات قلب مرتفعة بهلع، بطريقة ما تشعر بأنها تفعل شئ خاطئ، مدت أصبعها المرتجف تحاول الضغط على ايقونه التشغيل لتتوقف فجاءة وقد اتسعت عيناها بر.عب، ماذا سيحدث اذا مرت والدتها ورات نور الغرفة مضاء وعلمت أنها تشاهد احد المسلسلات التى تمنعها منها، بالتأكيد ستجعل والدها ياخذ الحاسوب ويلغى الاشتراك ويمكن ان ياخذ هاتفها أيضا .
هزت رأسها برفض، لتقف من مجلسها تغلق زر الإضاءة، لتغرق الغرفة بالظلام تحاول تجنب خوفها من العتمة وهى تخطو تجاه الفراش، تضع الحاسوب موضع رأسها على الوسادة وهى أمامه، جاثية على معدتها وقد غطت نفسها وحاسوبها بالغطاء.
مدت اصبعها وقامت بتشغيل تلك الحلقة التى انتظرت سماعها بفارغ الصبر، ليتسع فاهها وهى ترى أمامها هذا الكم من الرومانسية بين البطلين ، الطريقة التى أراح البطل رأسه على قدم حبييته ذكرتها بما رأته اليوم، ليبدا قلبها يدق بعنف وهى تتخيل كل ما تشاهده أمامها تكن هى بطلته،
ليصبح الحاسوب والانترنت هو نافذتها للعالم المحرم عليها،
مرت الأيام والجميع على حاله ماعدا تلك الزهرة التى تغيرت بها بعض الصفات وقد لاحظت صديقتها هذا التغير وقد رأقها كثيرا ظنا منها ان صديقتها واخيرا قد تحلت ببعض الثقة فى النفس.
ابتسامة صغيرة لاحت على محياها، وهى تجد فتى قدم متأخر يجلس بسرعة إلى جوار صديقتها الفارغ حتى لا ينتبه له المحاضر والأخرى لم تتوتر أو تنكمش كعادتها.
لتميل عليها هامسة: الله يرحم.
لم تجبها وتظاهرت باندمجاها مع المحاضر، بينما فى الحقيقة لم تترك ذلك الوافد الجالس الا وفحصته بطرف عينها تقارن بينه وبين ذلك البطل من المسلسل الجديد تقارن بينه وبين مشهد مشابهة حيث تعرف البطل على بطلته عن طريق جلوسهما سويا.
وكانت نتيجة المقارنة ضده تماما، لتشيح بنظراتها عنه.
بعد وقت فى المقصف الخاص بالجامعة تجلس بانتظار رفيقتها تنظر إلى الثنائيات من حولها، تتمنى ان تسأل احد الفتيات منهم، بما تشعر وهى تتحدث هكذا مع شاب غريب عنها، كيف هو احساس جسدها باصابعها وهى تتخلل كف يده، فى الحاسوب ترى أحاسيس وانفعالات البطلة التى تحاول اظهارها كرد فعل ولكن بالتأكيد الواقعية افضل بكثير وهى تتوق لمعرفة كيف هو هذا الشعور.
"قفشتك سرحانه فى ايه؟"
زهرة بابتسامة :ها، لا ما فيش.
عاليا: يا بنتى عنيكى فضحاكى، بتبصي على الناس دول ليه؟ قولى سرك فى بير ما تخافيش.
لمعت عيناها وقد أتى الحل لها بقدميه، فمن افضل من عاليا ذات العلاقات العديدة حتى يخبرها عن الشعور؟
تهم بالحديث وقد تحفزت كل خلايا تلك العاليا لسماعها، لتأفف بضيق وتعود زهرة بظهرها إلى الخلف بارتباك وقد عادت زينب وهى تحمل بيدها اكواب المشروبات لهما.
زينب بابتسامة لزجه: اهلا عاليا، معلش معملتش حسابك ماكنتش اعرف انك قاعده مع زهرة.
عاليا بنفس الابتسامة: ولا يهمك يا روحى.
زينب وهى تسحب زهرة من يدها: طب عن اذنك بقا محتاجه زهرة فى موضوع.
أخذتها ورحلت دون أن تعطيها فرصة للرد، لتمتم عاليا بسخط.
عاليا: اوف عاملة زى عفريت العلبه بتطلع فى اوقات غلط.
بمجرد ابتعادهم عن المكان وجهت زينب حديثها بحده إلى زهرة.
_ايه ال عملتيه ده.
_عملت ايه يعنى لعصبيتك دى!
_عاليا تقعدى مع عاليا يا زهرة.
_عادى يعنى، ما احنا من اول ما اعرفنا إننا مع بعض والبنت كويسة معانا وبتسلم علينا وبتحاول تصلح ال ما بينا وبعدين ايه الحكاية يا زينب هى ماما عينتك حارس عليا وانا معرفش ولا ايه، زميلة وقعدت جنبى اهزهقها يعنى ولا اطردها مش عارفة.
_اووووف زهرة انا مش حارس انا خايفة عليكى.
_لا ما تقلقيش انا اعرف احمى نفسى كويس وبعدين عايزة تحمينى من مين؟ عاليااا!!!
_اه عاليا، ما هو ما تقنعنيش ان بعد ما نقفشها فى ثانوى بتتكلم مع ولد وراء المدرسة وحضرتك كالعادة روحتى قولتى لمامتك ال ما اتوصتش وعرفت الجيران وجيران الجيران ان عاليا بتكلم شباب لدرجة ان أهلها نقلوا من بيتهم بسبب الفضيحة، أنها فجاءة بقت بيس وتمام معاكى وعايزة تبقى صحبتك.
زهرة بدفاع واهى: ده موضوع قديم عاليا نفسها نسيته، وانتى عارفة انها أسبور وحابه تفتح صفحة جديدة معايا اقفلها انا ليه؟
_زينب بياس من رأسها المتيبس فى الفترة الاخيرة: طب علشان خاطرى خلى فى حدود فى التعامل معاها ممكن تاخدي حظرك منها.
صمتت لا تجيب سواء بهز رأسها حتى تنهى الموقف برمته وبداخلها تسخط على كل تلك الحدود التى يضعونها من اجلها حتى رفيقتها لقد سئمت منهم ومن تسلطهم عليها، ترغب بهدم تلك الحدود والتحليق بعيدا ولكن كيف؟
اخرجها صوت رفيقتها من شرودها: ايه يا بنتى ما قلتليش رايك؟
زهرة: فى ايه.
زينب: ما الاخت بقت تسرح كتير ومش مركزة.
زهرة: زينب.
زينب: بس ما تقفشيش، بقولك ايه رايك البس ايه انهاردة للعريس إلى جاى يشوفني.
زهرة بدهشة: هو فى عريس متقدملك؟
زينب: ايوه يا بنتى، وبابا شايفه مناسب وطلب ان اقعد معاه ونتكلم يمكن يكون في نصيب.
زهرة : واحنا لسه فى أولى جامعه؟
زينب: والله هو هيستنى سنتين والرابعة هاخدها معاه لو حصل نصيب.
زهرة: وباباكى موافق انك تقعدى وتتكلمي معاه عادى .
زينب : ما هو كله تحت عينيهم، اومال هتجوزه ازاى واقول رأي فيه على اى أساس.
زهرة: هو مش عاجب بباكى.
زينب: بس انا ال هتجوز.
زهرة: طيب وانتى موافقة تتخطبي من دلوقت.
زينب: فيها ايه؟ ما فيش حد فى حياتى كارتباط، وحابه اعيش جو المخطوبين فى الحلال يعنى انا ما ليش نفس يجبلى بوكس الشتا ولا دبدوب فى عيد الحب.
زهرة بدون قصد: وانا كمان نفسى.
زينب وهى ترفع يدها لأعلى بدراميه بعدما ابصروا فتى يقدم باقة من الازهار منمقة لفتاة ما احمرت وجنتيها خجلا وهى تلتقطها منه وخاتم الخطبة يزين يدها.
" اوعدنا يارب وتمملهم على خير"
نظرت لهم زهرة هى الأخرى بابتسامة حالمة وأمنية بقلبها إن تكن موضع تلك الفتاة يوما ما.
زينب وهى تتأبط ذراعها تسحبها لاحد المقاعد: سيبك انتى السنجلة جنتله برضه، لسه فاضل نص ساعه نسمع فيهم اغنية اليسا الجديدة.
زهرة: اغنيه؟!
زينب: يالهوووى، ما تقوليش هو من ساعه ما امك حرمت الأغانى والتلفزيون من أيام ثانوى علشان المذاكرة ما سمعتيش يختتتى، خدى حطي طرف السماعة فى ودنك والطرف التانى معايا نسمعها سوا خدى.
استمعت إلى الألحان بهيام وهى تغمض عيناها ضائعة بين سحر الكلمات ترى أمام اعينها المغلقة تلك المشاهد بين أبطالها وبين ثنائيات من حولها وكأنها تصفهم بدقة.
هى وحاسوبها على الفراش تقضم اضافرها بضيق فالحلقة المدبلجة لم تذع حتى الان، فقط تلك التى بالنسخة الأصلية هى التى رفعت.
زهرة : وبعدين بقا، خلاص ما اتفرج على النسخة التركية وخلاص.
_ ده على اساس انى هفهم بيقولوا ايه؟
_على الاقل هشوف المشاهد اخمن الاحداث اهو تصبيره لحد ما تتحمل التانية.
ضغطت عليها، ركزت جميع حماسها بانتباه، يفتح فاهها بصدمه بعد وقت وهى ترى البطل يقبل البطلة بتلك الطريقة، مشاهد كثيرة كانت جريئة، لتتحدث بهمس ..
"ايه ده، شكلهم كانوا بيقصوا المشاهد دى فى الدبلجة "
قامت بتشغيل الحلقة السابقة حتى تتأكد ولكن بنسختها التركية، لترى بالفعل مشاهد محذوفه لم تشاهدها بالمدبلجة، شحب وجهها وتسارع نبضات قلبها وهى تتابع ما لم تشاهده قبلا حتى بعالمها المنفتح الجديد.
وضعت الهاتف على أذنها بعدما تعالى صوت رناته، تجيب بصوت مبحوح من فرط تلك المشاعر التى بعثرتها ولم تفهم كينونتها بعد.
زهرة: الووو.
زينب بصوت فرح: قوليلى مبروك.
زهرة: على ايه؟
زينب: اتقرأت فاتحتى انهاردة.
زهرة بسعادة لصديقتها : مبرووووك مبرووووك، يالا بسرعة عايزة أدق أدق التفاصيل.
زينب: بهيام أخذت تقص عليها ما حدث فى تلك الجلسة، من حديث بينها وبين ذلك العريس وكيف أعجبت به وتفكيره اسئلته التى تنم عن عقل ناضج منفتح.
شردت بحديث صديقتها، لتسالها بتوهان.
"شكله ايه يا زوزو"
زينب بهيام: مز ابن الايه أخره الصبر جبر هييييح، أخذت تصف لها شكله وهى سعيدة تهم بالاغلاق، لتسرع بإخبارهاا.
"زيزى صحيح أنا مش جايه بكرة هننزل نجيب الشبكة أصله مستعجل ابقى سجليلى المحاضرات"
"ما تشغليش بالك ربنا يسعدك يارب"
أغلقت الهاتف شاردة من جديد، تقف من جلستها أمام المراءة، تتطلع إلى حالها بعينها بلون البندق شعرها البنى اللامع ، شفاها المكتنزة قليلا بشرتها القمحية ، مررت يدها على جسدها المتناسق الرشيق وهى تفكر.
"هو انا ليه مش بيجينى عرسان مع انى احلى من زينب بكتير"
تنهدت بحزن وهى تتمتم" بس مين هياخد باله منى وانا مقفولة القفلة السودا دى"
شعرت بالعطش، خرجت من غرفتها قاصدة المطبخ تعيد ملئ الأناء الفارغ، تمر من امام غرفة نوم والديها تلتقط بأذنها صوت امها المنفعل وهى تتحدث ، لتقترب من الباب تحاول استراق السمع بعدما جذبها الحديث وأثار فضولها، لتقف مصد.ومة متسعة العينين.
زهرة فى مهب الريح
البارت الرابع
لكزة مؤلمة بكتفها اخرجتها من شرودها، استمعت لتأنيبه وبراكين غضبه التى لا تنطفئ بصمت متاحشية النظر له حتى لا تثير غضبه أكثر ولكن ذكره لهذا الاسم جعل كل خلية بجسدها تصرخ بندم وحسرة وهى تقبض على فمها بصعوبة حتى لا تنفلت إحدى تلك الصرخات فتعجل من عذابها.
عادل بغضب جحيمى : ريحاله، ايه حنيتى ليه، مش هو ده على الخروف ولا نسيتى، دلوقت بقا فى نظرك رجل وهيحميكى منى ادينى اخدتك من قدامه ولا قدر يفتح بقه.
أغلقت عيناها من جديد، وقد انسابت دموعها التى حفرت مجراها بقسوة على وجنتيها، تهمس بداخلها..
" على طول عمره رجل، انا ال مكنتش أستاهل واحد زيه، اه لو الزمن يرجع بيا تانى"
دوامة عصفت برأسها لتعود بها إلى الخلف تستند على ظهر الكرسى خلفها وعيناها غائمة بمكان اخر ووقت مضى.
عادت إلى غرفتها غاضبة حانقة من تصرفات أهلها بحقها، كيف يفعلون بها شيئا كهذا؟
زهرة وهى تتحدث لحالها بعصبية: يعنى بيجينى عرسان زى اى بنت زى زينب حتى وبيرفضوها مع نفسهم من غير ما اعرف، حتى حق ان احس انى مرغوبة حرموه عليا لا وكمان لو شايفين ان العريس مناسب هيوافقوا عليه من غير حتى ما ياخدوا رأى!
ايه الحياة دى، انا مش هقدر أكمل حياتى كده.
******
فى الجامعة كانت تجلس وحيدة لأول مرة بدون رفيقتها تجلس على العشب، أصابها بعض من الضجر، أخذت تجول بعينيها حولها، ابتسامه حالمة رسمت على وجهها وهى تتابع ذلك الثنائى من بعيد، أخذت تراقب يد تلك الفتاة وهى تلتف باصابعها حول كف الفتى بجوارها، لتستقر بالنهاية داخله.
لم تشعر بنفسها وهى تفعل مثلها تزامنا معها حتى استقرت يدها بكف يدها الأخرى.
نكست رأسها لاسفل وهى تتنهد بعمق.
"الحب حلو مش كده"
كان هذا صوت عاليا المتابعة منذ مدة.
" ما اعرفش، إذا كان حلو ولا"
عاليا وهى تجلس جوارها" فايتك كتير، امال فين النص التانى بتاعك مش واقفالك غفر يعنى"
زهرة بضيق" زينب غايبة انهاردة، وبعدين ايه وقفالك غفر دى كمان"
عاليا بخب.ث وهى تراها فرصة لا يجب أن تفلت من بين ايديها" مش عايزاكى تزعلى يا زهرة، اصل كل الدفعة عارفة ان زينب عاملة عليكى حظر تجوال"
زهرة بح.ده" لا طبعا ما فيش الكلام ده، انا مش عيلة ومحتاجة حد يحرسنى"
عاليا" انا بقولك ال الكل ملاحظة"
صمتت زهرة وهى ترى نفسها بالفعل تتشبث بها كطفلة مذعو.رة تتعلق بأمها.
ملامحها المنزعجة عيناها الشاردة، راقوا لتلك المراقبة كثيرا، اكدوا لها انها على الطريق الصحيح فيما نوت.
عاليا بمك/ر: خلاص فكك رووقى.
ارجعت رأسها إلى الخلف لستند على الشجرة بظهرها تنظر لها بحالمية مزيفة متابعة: خلينا فى موضعنا الحب حلو.
زهرة ببعض الحز.ن: صدقينى ما اعرفش.
عاليا: بس انا اعرف.
زهرة وقد انتبهت بكل حماسها لتنظر لها بلهفة تسالها: قوليلى.
عاليا: ايه.
زهرة: حلو.
_احلى حاجة فى الدنيا.
_عامل أزاى؟
_زى ال طاير فى السماء، عارفة احساس انك تاكلي ايس كريم فى عز الثلج هو ده الحب.
زهرة بانجذاب وفضول لحديثها: وايه كمان.
عاليا وهى تشير على ذلك الثنائى بطرف عينيها: عارفة اللحظة ال يدك بتدفئ فى ايد حبيبك، رجفه بتمشى فى عروقك لحد ما توصل للقلب بعدها بتحسى بدفء وان الأمان كله فى اللمسة دى.
زهرة بحالمية: وايه كمان.
عاليا أخذت تتغزل بالعشق ووصفه بمعسول الكلمات لم يأخذها اى رأفة أو رحمة بقلب تلك الزهرة الأخضر التى تركته يتلهف للمزيد.
زهرة دون أن تعى لكلماتها: تعرفى ان الحب ال وصفتيه احلى بكتير من ال بنشوفه فى التركى والهندي.
عاليا بضحكة ساخرة انعقد لها حاجبى تلك الزهرة: هههههههههههه ده اسمه لعب عيال يا ماما.
زهرة باندفاع: بس البطل لما باا.
صمتت ولم تكمل ليصل لعاليا طرف الخيط لتغمزها بعينيها : برضه لعب عيال، عندك واتس اب؟
زهرة تحرك رأسها بلا.
هاتى تليفونك وتعالى جنبى شكلك خيبة خالص.
جلست تشاهدها وهى تحمل التطبيق وشرحت لها طريقة التعامل معه.
عاليا: والنهارده يا ستى استنى منى لينك بالليل هبعته منه هتعرفى الفرق بين ال كنتى بتتفرجى عليه وفكراه حب وبين الرومانسية الحقيقية والعشق.
زهرة: ممكن اسالك سؤال عن حاجه بقالها مده محيرانى ومش قادرة اتكلم مع حد فيها وحاسة انك انتى ال هتفدينى.
_اممم، اسالى.
_أنتى مش خا.يفة؟
_من ايه؟
_من احمم يعنى انتى احم فهمانى، الولد ال كان معاكى يوم المطعم ودايما بيوصلك الكلية وبتروحى معاه، ده مين هو مش اخوكى لانى اعرف اخوكى ، بس يا ترى قريبك؟
_تو، ولا قريبى، ده حبيبى ....قالتها ببطء شديد وكأنها تتذوق طعم الكلمة بفمها تتلذذ بها، لتثير جوع تلك المستمعة وقد نجحت.
_ببساطة بتقوليها كده؟
_هعقدها ليه؟
_مش خايفة من كلام الناس؟
_الناس على طول بتتكلم سواء بالصح أو بالكد.ب ...
قالت جملتها الأخيرة بقهر اخفته سريعا متابعه.
_بس انا هفهمك علشان انتى حبييتى وصعبان عليا حالتك دى،
قوليلى يا زهرة غير الولد ده بتشوفينى بتكلم مع اى ولد بطريقة غير ال حبيبتك زينب بتتكلم بيها مع اى زميل فى الدفعة.
هزت زهرة رأسها نافية.
عاليا متابعة: انا مش ماشية على حل شعرى علشان اتكلم مع ده ويبقى ليا علاقة بده، لا يا زهرة الإنسان بس ال انجذب ليه واحس ان في بينا مشاعر إهتمام اعجاب مشترك ويكون شاب كويس ليه ماديش لنفسى ولنفسه فرصة نتعرف على بعض نقرب من بعض نفهم بعض ولو ارتحنا ناخد خطوة جد فى حياتنا ونرتبط، مش ارتبط بواحد عميان بعد قعدة فى الصالون يحاول يظهر نفسه انه الملاك ال ماشى على الأرض وبعدين اشرب انا المر بعد الجواز، اومال حالات الطلاق الكتير دى كلها سببها ايه.
زهرة تمام بحسرة: حتى القعدة دى انا ماليش حق فيها.
عاليا :علي صوتك مش سمعاكى.
زهرة بحرج: بس يعنى ان ال بشوفه بين الولاد والبنات احم زى الاتنين دوول، يعنى احم فاهمنيى.
عاليا: اه بصى يا حبيبتى زى ما قولتلك فى الأول ارتياح كلام بسيط مش على طول ايدى فى ايده تتشبك، دوول بيبقوا وصلوا مع بعض لدرجة كبيرة من الثقة، انتى عارفة رغم انى وسط اهلى الا ان الوحدة بتقتلنى، ببقى ساعات كتيرة محتاجة لحضن يحسننى بالامان، مش بلاقيه غير فى حضن كريم.
زهرة بصدمة: انتى بتسيبيه يحضنك يا عاليا.
عاليا: يا بنتى كريم وانا وصلنا لدرجة إننا بنفهم بعض من غير ما نتكلم، اصلك مش عارفة كريم ده بيعمل علشانى ايه.
_ايه!
بنبرة هامسة رقيقة وأعين غائمة أخذت تقص عليها مواقف فاقت تلك المشاهد التى راتها على حاسوبها بين الابطال، لتدرك ان الحياة الواقعية يمكن أن تكون أفضل بكثير.
قامت من مجلسها تمسك بحقيبتها وقد فاض بها الشوق: انا مروحة يا عاليا.
_استنى انا جاية معاكى، كريم زمانه جه.
هزت رأسها بلا تعليق صارت إلى جوارها حتى وصلا إلى البوابه ترى ذلك الكريم الذى اعتدل بوقفته فور رؤيته لهم لتتحرك هى بسرعة باتجاهه بابتسامة تاركه زهرة خلفها تنظر فى أثرها، تلاقها هو بابتسامة ونظرة حانية ، تشابكت الأيدي ليصعد بها إلى سيارته تاركين تلك الشاردة تنظر لما خلفته السيارة من غبار بتمنى، وهناك من يراقبها من مرأة السيارة بأعين كالثعلب.
كريم: ها يا حبيبتى نتغدا الاول ولا نروح الاتيليه الاول.
عاليا وهى تعيد ارتداء خاتم خطبتها بخفة قبل أن يلاحظها كريم.
عاليا: الاتيلية طبعا علشان الميعاد مع البنوته ال هتظبط الفستان.
كريم: خلاص استقريتى على الدهبى، يعنى ايه حبك فى اللون ده ، فستان قراءة الفاتحة دهبى ، فستان الخطوبة دهبى وكمان فستان كتب الكتاب دهبى.
عاليا: تنكر ان الفستان حلو اوى اوى.
كريم وهو يمسك يدها يهم بتقبيلها: انتى ال محلياه يا قلبى.
سحبت عاليا يدها سريعا: كريم قولنا ايه اكتر من مسك ايدين ما فيش مفهوم.
كريم بغمزة: هانت كم يوم يا جميل.
عاليا: حتى ولو لما ابقى فى بيتك يا بن خالتي.
كريم وهو يمسك بهاتفه بعدما صدحت رناته: أمك بتتصل اهيه.
عاليا باستتنكار: أمك.
كريم بضحكه وهو يجيب: ايوه يا خالتي، أنتوا هناك خلاص قربنا نوصل يالا سلام سلام.
بعد غلق هاتفه"مستعجلة اوى عفاف، دى راحت من غيرنا على هناك هى وامى"
عاليا بغرور مصطنع: يعنى انت ال مش مستعجل.
كريم: انا الود ودى اطير على الماذون يا عاليا.
عاليا بتاثر: بجد يا كريم، والموضوع القديم مش مضايقك.
كريم بتفهم: دى مراهقة وانتى اتفهمتى غلط وقتها ومحدش ساعتها اداكى فرصة تبرري بالعكس انتى اتظلمتى فى الموضوع ده.
عاليا: ربنا يخليك ليا يارب انت عوض ربنا ليا...لتكمل داخلها وحقى هعرف اخده من ال ظلمونى كويس اوى، لتشرد فى ذلك اليوم عندما اوقفها ذلك الفتى من مدرسة البنين المجاورة لمدرستهم، يعبر لها عن حبه لتضطر للوقوف والاستماع له حتى يقف عن ملاحقتها واخباره بطريقة مهذبة بأنها لا تفكر بمثل هذة الأمور الان، لسوء حظها تراها زهرة وترحل قبل أن تستمع لها، وباليوم التالى أصبحت علكة بأفواه اهل الحى بأنها تصادق الفتيان حتى اضطروا للرحيل وترك منزلهم.
مسحت تلك الدمعة سريعا متوعده لحالها بإكمال ما بدأت.
وصلت على أول الشارع الخاص بهم شاردة في حديث عاليا وموقف والديها وما سمعت وحتى حديث زينب لم تنتبه لتلك السيارة القادمه باتجاها، لتجد نفسها مسحوبه من ذراعها إلى جانب الطريق.
" آنسة زهرة، فى حد يمشى فى نص الطريق سرحان كده"
رفعت رأسها لمحدثها، لتقابلها أعين سوداء لامعه بشعر اسود ووجهه خمرى تمردت عيناها لتمر على كافة جسده تستكسفه، فلقد كان متوسط الطول متناسق إلى حد كبير، مررت ببصرها على يديه الممسكة بها مقارب منها لهذا الحد الذى لم يقترب منها رجلا قبلا سوا والدها، لتتعالى الدقات بقلبها وهى تستشعر ذلك الدفء المحيط بها، تسترجع حديث عاليا عن الدفء والأمان، لتنهتد بحالمية متسائلة بينها وبين نفسها اذا كان الشعور بالقرب من رجل كيف هو مذاق احضانه، خرجت من شرودها على سؤاله القلق وقد أعاده مرة أخرى بعدما لم يتلقى منها اى رد.
_انت كويسة؟
_زهرة وهى تنظر إلى يديه، تهز رأسها بالايجاب، ليترك يدها مسرعا معتذرا.
_نظرت له بعيناها تبحث عن تلك النظرة التى رأتها باعين ذلك الكريم لعاليا: هو حضرتك تعرفنى.
يهز رأسه بالايجاب وقد سمح لنفسه بالنظر لعيناها التى اثرته منذ زمن لا يصدق إنه يحدثها: اه، انا على شغال هنا فى الكافية من سنة بس انتى ال مكنتيش واخده بالك منى.
ابتسمت ابتسامة صغيرة وشكرته وهى راحلة فلقد طال وقوفها وتغشى من والدتها اذا رأتها مصادفة من الشرفة، ولكن هذا لم يمنع التفافة من الحين والاخر للخلف تنظر له لترفع حاجبيها بدهشه وهى تراه لا يزال واقفا بمكانه لا يبتعد عنها بعينه.
دخلت من البوابة تهمس لنفسها" هعد لعشرة زى البطلة بتاعه امبارح لو لقيته لسه واقف يبقى معجب بيا،١٢٣٤.. اطرقت برأسها كالبلهاء من البوابة لتجده لا يزال واقفا لتبتسم بسرعة لتتحرك يدها بشكل تلقائى من فرط سعادتها تشير له ليبادلها هو الاخر بدهشة ممزوجة بالفرحة وقد نال اخيرا على إهتمامها.
ذهبت مباشرة إلى غرفتها فكعادتهم بالاونه الأخيرة الاب بعمله والأم بالمطبخ تحضر طعام الغداء الذى يفضله ابنها بعدما ساد المنزل الصمت الا من النفس حتى لا ينزعج ذلك الطالب الثانوى وهو يشق طريقه للمستقبل، ابتسمت بسخرية لا تتذكر أنها حازت على كل هذا الاهتمام بالعام الماضى.
بعد وقت تجلس على مكتبها الصغير تراجع محاضراتها لليوم فالدراسة هى سبيلها الوحيد للخروج من قوقعتها تلك، وضعت الهاتف على اذنها تجيب المكالمة الواردة لها.
زهرة بمرح جديد عليها: صحبى ال ناسيني.
زينب: والنيعمة ما أقدر.
زهرة: ال شاغلك عنى.
زينب: هيييح الحليوة ال هيبقى خطيبى.
زهرة : يا سلام على الحلو لما تبهدله الأيام، اخترتي الشبكة خلاص؟
زينب: اه واسكتى الواد حسن ده طلع عسل اوى اوى.
زهرة : اشمعنا.
أخذت تقص عليها لطفه معاملته الرقيقة تفهمه لها ولذوقها صعب الارضاء.
زهرة ببعض الضيق الذى لا تعرف مصدره: على فكرة انا كمان كنت عايزة اقولك حاجة.
زينب: كلي آذان صاغية.
أخذت تقص عليها حادث السيارة وانها كانت على وشك الاصطدام بها لولا ذلك الشاب على، وصفت لها طريقة انقاذه لها بهيام وهى تمسك إحدى خصلات شعرها تلفها على اصبعها، ليخرجها من تلك الحالة صوت ضحكات زينب وقد أزعجتها وبشده.
زهرة: ممكن اعرف ايه ال بيضحك.
زينب: على حظ الواد يعينى، ده ليه سنه من اول ما جه الحته وهو عينه عليكى يا ولداه معدب يادميل، وانتى حتى اسمه ما تعرفهوش.
زهرة: وانتى ازاى ما تقوليليش حاجة زى كده؟
زينب بعدم إهتمام: ما هو اكيد يا زهرة مش هنركز مع كل واحد سبلنا سبلتين ونحنح بعنيه.
زهرة بضيق: طيب اقفلى يا زينب ماما بتنادى، سلام.
أغلقت المكالمة قبل أن تسمع الرد وقد تضايقت من صديقتها كثيرا، لما لم تخبرها؟ هل شعرت بالغيرة منها لان هناك من يهتم بها؟ هل استكثرت عليها الشعور بالاهتمام والحب من إحدهم؟ هل كانت عاليا محقة فقد أولت زينب لنفسها مهمة حراستها ونصبت نفسها كولى أمر لها؟!
صوت رسالة على تطبيق الواتساب أخرجها من شرودها .
زهرة: دى رسالة من عاليا اكيد رابط المسلسل المكسيكى ال قالت عليه بس ايه ال كتباه فى الرسالة التانية ده.
"ده رابط الحلقة الأصلية مش المدبلجة الرخمة بس ما تقلقيش مترجم انجلش وانتى شاطرة فيه وهستنى رايك فيه بكرة"
زهرة لما نشوف ال بعتاه يا عاليا.
بينما على الجانب الأخر وعقب إرسالها لتلك الرسالة أخذت تبتسم بخبث لشاشة الهاتف هامسه.
نار الشوق واللهفة ال ولدها الفضول ناقصها زقة من الرغبة علشان امك تدوق من نفس الكأس ال دوقته لأمى.
************
أظلمت غرفتها ودثرت حالها وحاسوبها بالغطاء، بدأت الحلقة امامها، اعجبها تتر البداية وقد راقها هيئة الابطال كثيرا، بدأت الحلقة، لقد كان مسلسلا رومانسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نست حالها وهى تعيش تلك المواقف بعقلها، عيناها ثابته مع الأحداث لم تشعر بالوقت وقد شاهدت ما يقارب العشر حلقات متتالية، همسات الابطال طريقتهم فى الحديث بتلك النعومة والجرعة التى فاقت عقلها، حتى أتى ذلك المشهد عندما اختلى البطل بحبيبته توقعت ان ينتهى الأمر بقبله وبعدها ياتى مشهد رياح تضرب النافذة أو فوران اناء القهوة أو شى مثل هذا ولكن هذا لم يحدث ما رأته أمامها كان مشهد واضح صريح التقطت أدق تفاصيله باحترافيه جعلت وجهها يشحب ويدها ترتعش من البرودة التى كست جسدها ومع ذلك لم تتحرك عينيها المتسعة من على الشاشة أمامها تبتلع ريقها بصعوبة وقد على صوت دقات قلبها.
انتهت الحلقة وانتهت طاقتها، لتغلق الحاسوب تغمض عينيها بارهاق وما رأته منذ قليل يعاد بمخيلتها مرة تلو الأخرى مخلفا بداخلها اصضراب لا تعرفه مشاعر لم تفهمها وهى تتخيل نفسها تلك الحبيبة.
أشرقت شمس يوم جديد وتلك الحائرة بأمرها للمرة الثانية تذهب بمفردها بدون صديقتها، لتقابلها تلك العاليا بابتسامة.
نظرت لوجهها الشاحب عيناها المرهقة، علمت ان خطتها تسير على النهج الذى ترغب به.
عاليا: ها عجبك.
زهرة: ده جرئ اوى يا عاليا انتى متأكده انك اتفرجتى عليه، ده فى حاجات صعبة اوى اوى.
عاليا: يا بنتى طبعا اتفرجت عليه، وبعدين اكتر من كده وبيحصل بين العشاق.
زهرة: عايزة تقولى أن ممكن بنت تعمل زى ما البطلة عملت مع حبيبها مع ولد قبل الجواز؟
عاليا: اه عادى، مش بتحبو وهتتجوزوا.
زهرة: ولو ما خطبهاش ولا اتجوزها.
عاليا وهى ترفع كتفيها بلا إهتمام: كله بيتصلح دلوقت وبيرجع زى الأول.
زهرة بدون فهم: يعنى ايه.
عاليا: الاول البودى جارد بتاعك فين؟
زهرة: قصدك مين، زينب؟
عاليا: اها ، مش شيفاه حواليكى يعنى!
زهرة: مشغولة خطوبتها اخر الاسبوع، عقبالك.
عاليا: مش دلوقت خالص لسه انا وكريم بندرس بعض الاول.
زهرة: مش هتكملى كلامك؟
عاليا بمكر : بخصوص ايه؟
زهرة: ال بيرجع زى الاول وبيتصلح.
عاليا: ااه، طاب تعالى تعالى ده موضوع طويل.
قالتها وهى تحيطها بكتفها تسير بها وقد قررت استغلال تلك الفرصة بعدم وجود زينب جوارها لتدق مسمار اخر فى نعش أخلاقها الرفيعة التى لطالما تباهت بها والدتها، تخبرها عن ما يحدث من تجاوزات بين الفتيات والشباب وتللك العيادات التى تعيد للفتاة ما فقدته تحت مسمى الحب، تزين لعيناها الشاردة الرذيلة، تحلل لقلبها المشتاق الرغبة وتمهد الطريق لعقلها بالتفكير دون ندم أو خوف.
مر الاسبوع سريعا لم تخلو اذن زهرة من معسول حديث عاليا ومواقفها التى تسردها عليها مستغلة عدم وجود حارستها وكذلك زينب التى تقص بعفوية ما يحدث بينها وبين خطيبها لها في كل مكالمتهم الهاتفية. وحدتها التى باتت رفيقتها بمجرد دخولها لمنزلها الهادئ هدوء الاموات، ليكن حاسوبها وفترة منتصف الليل بعد انتهاء دروسها هو سبيلها للترويح عن نفسها وعيش تلك اللحظات التى تسمعها وتشاهدها.
اقنعت والدتها بصعوبة للذهاب إلى خطبة زينب على وعد بعدم التأخر وان تكون بالمنزل الساعة الثامنة، فوجئت بوجود على هناك، لم تخطى عيناها نظرته المعجبه بها، تقدم منها وقد تشجع قليلا فمن ذلك اليوم عند مرورها من امام الكافيه تبادله نفس النظرات بل إنه يكاد يجزم أنها احيانا تقف تبحث عنه بعيناها عندما يتأخر قليلا فى الخروج لرؤيتها.
وقف إلى جوارها على مسافة خطوة متحدث بهمس حتى لا يلفت الانتباه: ازيك يا آنسة زهرة.
زهرة: الحمدلله..
لم تستطع السيطرة على فضولها لتساله هو انت هنا بتعمل ايه؟
على بابتسامه وهو يشعر بأنها تفسح له المجال لفتح الحديث معها: العريس يبقى صحبى.
زهرة : العروسة صحبتى.
على: عارف.
زهرة وهى تنظر بطرف عينيها: وياترى عارف ايه كمان.
على : حاجات كتير مستنى الوقت والفرصة انى اقولهالك.
زهرة: وده كله من امتى؟
على: من اول مرة شفتك فيها وانتى راجعة من مدرستك.
زهرة: امممم شكله موضوع كبير.
على : انا والله غرضى شريف ومحتاج اتكلم معاكى اعرفك فيها على نفسى وعلى ظروفى لو تسمحي قبل اى حاجه علشان ما اتعرضتش لإحراج بعد كده.
هزت رأسها له بالايجاب بالموافقة وقد اتفقت معه على وعد باللقاء بعد جامعتها بالغد بأحد المقاهى المفتوحة على النيل، لترحل بعدها من جانبه حتى لا تلفت الانتباه.
*******
انتهت اخر حلقة من ذلك المسلسل بزفاف البطلين وقد عرضت ليلة الزفاف كاملة أمام عينيها، لتشعر بالسخونه تسرى بجسدها، أخذت تتحرك بغرفتها ذهابا وايابا ولكم رغبت بالنزول تحت المياة بالحمام لعلها تطفئ تلك النار التى اشتعلت بها ولكنها خافت لربما شعرت بها والدتها وسالتها لما تستحم بذلك الوقت؟
جلست على الفراش وقد قررت إعطاء نفسها ولعلى فرصة فاربما كان هو المنشود هو من سيشعرها بأهميتها من سيعاملها كجوهرة كما اخبرتها زينب عن الطريقة التى يتعامل بها حسن معها ، من سيشعرها بانوثتها كما يفعل كريم مع عاليا من سيغدق عليها بحبه واهتمامه ودفء احضانه كما يفعل ابطالها.
لتنام لأول مرة منذ دلوفها للجامعة قريرة العين متشوقة للغد.
" هى زينب ما جتش انهاردة تانى"
كان هذا صوت عاليا القادم من خلفها.
زهرة: تعبانه طول الاسبوع لف وسهرت امبارح متأخر.
عاليا: اكيد مع خطيبها معزمتنيش الند.لة.
زهرة وهى تمسكها بيدها تتحرك بها بعيدا عن تجمع الطلاب.
_سيبك من الكلام ده دلوقت، المهم انا كنت عايزة اخد رايك فى حاجة وبدور عليكى من الصبح.
عاليا بفضول: قولى سمعاكى.
قصت عليها كل ما يخص ذلك العلى دون ذكر إنه جارهم الجديد وقد أتى بعد رحيلها.
عاليا: برافو عليكى يا زهرة هو ده القرار الصح، لازم انتى ال تقررى لحياتك مين يناسبك ومين لا دى حياتك انتى بتاعتك انتى وهتعيشيها مرة واحدة، ها هيجى ياخدك من هنا؟
_لا هنتقابل بره.
عاليا بإحباط فلقد كانت ترغب بجعل زملائهم يرونها برفقة احد الشباب ولكن اخفت خذلانها بسرعة فما وصلت له زهرة الان بدايه نهايتها.
_بس هنصحك نصيحه كأخت وصاحبه يا زهرة بلاش زينب تعرف عن الولد ده حاجة، كمان بلاش نتكلم قدامها علشان ما تضايقيش بالكلام وممكن تعملك مشاكل مع والدتك ال زى زينب دى عندها حب تملك مش عايزاكى تصاحبى حد غيرها ولا حد يعيش زى ما هى عايشة مع خطيبها ومقضياها.
زهرة وتهز رأسها بتيه وشرود: عندك حق، حتى انا فكرت فى كده فعلا.
لم تعى لنظرات الشماته التى تطل من مرافتها وهى تنعتها بالغباء بداخلها.
أتى الموعد المتفق عليه ذهبت بلهفة حيث مكان موعدهما، اتسعت عيناها بسعادة وهى تراه يقف خارجا ينتظرها، وقفت تراقبه من على بعد وهو ينظر إلى ساعه يده من الحين للآخر يتطلع إلى الطريق من حوله بارتباك واضح على معالمه، حتى التقت عيناه بها، ليتجه لها مسرعا بلهفة لم تغفلها بل راقتها كثيرا.
على : كنت خايف ما تجيش.
زهرة: انا وعدتك انى اسمعك.
على: بس اكيد مش في الطريق كده وال رايح وال جاى يتفرج علينا ولا ايه.
هزت رأسها له ليشير لها بالسير أمامه، لتفعل وهى تتمنى لو يسير إلى جوارها ولكنه كان خلفها.
قبل أن تجلس على الطاولة قام بسحب الكرسى لها، لتبتسم ابتسامة صغيرة وقد اعجبها تصرفه، قام باستدعاء النادل ليسألها ماذا تريد؟
بعد وضع النادل للمشروبات أمامهم ورحيله، خيم الصمت لثوان حتى قطعته زهرة باستعجال.
زهرة: انا مستنية اسمع.
على: مستعجله.
زهرة: مش هينفع اتأخر عليهم فى البيت.
ابتسم بتفهم فهو يعلم أنها من أسرة متشددة وهذا ما جذبه لها من البداية أخلاقها بجانب جمالها الطفولى البرئ، اخذ نفس عميق، يتطلع إلى أسفل .
انا أسمى على ٢٤سنه والدى ووالدتى متوفين، كان المفروض مخلص جامعة بس والدتى تعبت قبل وفاتها وكان لازم اسيب الدراسة فترة اشتغل لأجل علاجها، عمى عرض عليا اعيش معاهم فى البلد مع أولاده بعد وفاة اهلى، رفضت وجيت على مصر سكنت فى اوضه فوق السطوح فى العمارة ال بعدكم بحيث اكون قريب من شغلى ومن دراستى، ال رجعت كملتها وانا فى آخرة سنه حاليا فى كلية آداب قسم تاريخ، بشتغل فى سنتر بتاع واحد زميلي بدرس تاريخ يومين فى الاسبوع وباقى الايام فى الكافية وصاحب الكافية هو هو صاحب البيت ومعرفة قديمة مع والدى الله يرحمه والرجل بيحاول يساعدني على قد ما يقدر، بإذن ألله بعد ما اخلص كنت محوش قرشين هدخل بيهم مشروع سنتر مع واحد صاحبى، فدى ظروفى لو تقبلى بيها هتقدم لوالدك بقلب جامد.
حسنا غرفة بالسطوح وعامل كافية لا يزال طالب، لن يقبل به والدها ابدا، لقد سمعته باذنها تلك الليلة وهو يرفض من هو أفضل منه بكثير، تنهدت بحزن يبدو شاب جيدا ان أخبرته ان أباها لن يقبل حتى هى لا تظن ان هذا الوضع سيناسبها من الأساس سيختفى من حياتها وستضيع تلك الفرصة التى اتت لها حتى تعيش ما تحلم به ويؤرقها، لتماطله هذا العام ولترى اذا حقا استطاع تنفيذ ما ينوى، تكن درسته جيدا وتفهمت طباعه كما اخبرتها عاليا لربما وقتها انفصلا بهدوء بعدها .
وضعت يدها على الطاولة تنظر داخل عينيه وهى تقلد تلك البطلة تخبره بنبرة رقيقة: انا موافقة عليك وعلى ظروفك يا على، بس بابا اخاف تتقدم دلوقت ويرفضك.
على: بس انتى موافقة.
زهرة: مقدرش أقف فى وش بابا.
على بحزن :والعمل؟!
زهرة: نستنى السنة دى لحد ما تخلص وتكون نفسك بعدها تتقدم بقلب جامد وانا فى ظهرك.
على: هتستنينى؟
زهرة بنبرة استهزاء لم يشعر بها على تعيد عليه حديث والدها تلك الليلة التى سمعته يلقيه على مسامع والدتها.
"لسه صغيرة وفى أولى جامعة "
على: هتستنينى؟
زهرة وقد قربت يدها من يده بدون ان تلمسها وعيناها تأثر عينيه : هستناك.
كانت دعوة صريحة منها له لمسك يدها ولكنه لم يفعل، زفرت بضيق تتصنع الابتسام وقد تذكرت تلك الجملة التى أخبرتها بها زينب سابقا
"الفتى لا يتعدى الحدود مع الفتاة إلا إذا تعدت هى إحداها اولا"
زفرت لنفسها بتروي فالأيام قادمة.
توالت الأيام وعادت زينب الى دراستها ولكن بشكل غير منتظم لتحضيراتها لها ولعشها ، لتكن الأيام التى تتخلف فيها اجازة لزهرة من حياتها، تتحدث الى مستشارتها عاليا تقابل على وقد توطدت علاقتهما معا يذهبان للمقاهى، مراكب نيليه سينما، يحفزها تشجيع عاليا و تغنى زينب عن خطيبها وتلك المقاطع التى أصبحت تبحث عنها بنفسها دون الحاجة إلى أن يرسل لها احد رابط لمواقع ما، تعيش مع على الحب العذرى بكل معانيه الا انه لم يمسك يدها قط وكان هذا يضايقها وبشده فمن وجهة نظرها حبه لها بتلك الطريقة ليس كاملا، ليس هو ذلك الحب الذى رأته وسمعت عنه وشاهدته على حاسوبها حتى أتى ذلك اليوم وقد تغيرت حياتها بالكامل.
زهرة فى مهب الريح
البارت الخامس
____
لا تعى بنفسها وهى تدك بقبضة يدها الصغيرة على صدرها بقوى هاوية تتمتم بكلمات لم تصل لمسامع الجالس إلى جوارها
" ما تروحيش ما تروحيش فوقى فوقى ، غبية غبية هضيعى ارجعى "
أنفلتت منه ضحكة صغيرة ساخرة عليها معلقا.
"كل الشو ال بتعمليه ده مش هيشفعلك ولا هيقلل من ال مستنيكى يا زهرة"
بينما هى بعالم أخر ينهش الند.م به قلبها واحداث ذلك اليوم تعود لها من جديد كصف.عة تحذرها بألا تلقى اللوم على احد سواها هى فقط.
تزفر بضيق وهى تمسك بالهاتف تنتظر اجابته وهى تهاتفه للمرة الثانية على التوالي، حتى اتاها الرد.
زهرة: ايه ده كله يا على، كنت فين برن من بدرى.
على بصوت متعب: والله يا زهرة التليفون كان بعيد وبالعافية قمت وجبته علشان ارد ولولا انى مخصص ليكى رنه ماكنت قمت ولا اهتميت.
زهرة: للدرجة دى دور البرد شديد.
على: بصراحه هو مش بس البرد.
زهرة: هو انت مخبئ عليا حاجه.
على: انا نزلت الشغل.
زهرة: نزلت الكافية وانت تعبان احنا مش قولنا ترتاح.
على: الراجل كتر خيره مستحملنى فمحبتش اتقل عليه وبعدين بعد الدواء ال قولتى عليه حسيت نفسى احسن.
زهرة: ازاى احسن وانت مش قادر تقوم من مكانك حتى.
على: ما هوو.
زهرة عائدة لحاجبيها: ما هو ايه؟
على : مياة سخنة نزلت على رجلى امبارح حرقتنى.
زهرة : وبعدين.
على: روحت للمستشفى واهو من امبارح فى البيت مخرجتش لا كافية ولا سنتر واهو على السرير .
زهرة: مش كنت تخلى بالك من نفسك يا على.
على: النصيب يا زهرة يالا الحمدلله.
زهرة: سلامتك الف سلامة، حد معاك يراعيك.
على بحسرة: مين يا زهرة ما انتى عارفة ال فيها.
زهرة: خلى بالك من نفسك.
على: حاضر.
أغلقت معه الهاتف شاردة، فاليوم لم تأتى كلا من عاليا ولا زينب والمحاضرة الوحيدة لليوم ألغيت ولا رغبة لها بالعودة لمنزل الامو.ات الان، زفرت بضيق وهى تتحرك للعودة.
بعد وقت قليل وعلى اول شارع لفت نظرها السكون المحيط بالمنطقة، نظرت إلى ساعة يدها وجدتها العاشرة صباحا، كلا بعمله الان، ساقتها قدمها وهى تجرها بملل لتقف أمام بوابه منزلها، رفعت رأسها لأعلى تجد نوافذهم مغلقة، ولا يوجد أحد بأى شرفة من الشرفات، ابتسامة ما.كرة لاحت على وجهها وهى تحيد بنظرها عن المنزل إلى الطريق مرة أخرى لتسرع بخطواتها نحو تلك البناية التى تليهم بأمتار، التقطت أنفاسها ورفعت رأسها لأعلى تتذكر وقتها حديثه.
" ساكن فى أوضة على السطوح"
صعدت السلالم بسرعة وخفة حتى لا يشعر بها احدهم، وكل تفكيرها أنها ستفاجئه بقدومها ليستشعر قلقها عليه، وانها حقا تهتم لربما تجرأ بعدها واتخذت علاقتهم منحنى اخر غير ذلك المنحنى الرتيب الحذر حتى فى الكلمات التى تخرج من فاهه.
وصلت إلى السطح وقد لفت نظرها مدى نظافته وترتيبه، وقعت عيناها على الغرفة الوحيدة به، هندمت وضع ملابسها واتجهت لها، طرقت على الباب الموارب بخفه، ليصل لها صوته.
على: مين؟
لم ترد، لتبتسم وهى تدلف من الباب.
زهرة: انا.
على بدهشة: زهرة؟!!
زهرة وهى تغلق الباب بعدما تأكدت من عدم وجود احد بالسطح مرة أخرى.
"زهرة، مفاجأة وحشة الف وارجع تانى"
على: مقصدش بس ازاى يعنى احم جيتى.
قالها وهو يحاول النهوض من على الفراش، لتتجه له زهرة بسرعة تمسكه من كتفه تعيده مرة اخرى، تحدثه برقه.
" توتو اقعد أرتاح هو انا جايه اتعبك ولا ايه"
تكمل حديثها بعدما عاد براسه للخلف، وهى لا تزال ممسكة بكتفه، تتعمد الاقتراب منه وهى تعيد وضع الوساده خلف رأسه يصل لها صوت ابتلاعه لريقه، تراه يغمض عينيه بقوة لتبستم لنفسها فمن الواضح أن تأثيرها قوى عليه وللغاية.
جلست على مقربة منه تنظر له بعيون ناعسة" ينفع اعرف ال انت فيه ومكنش معاك وخصوصا انى عارفة انك لوحدك ومحدش جنبك"
سعد قلبه بحديثها كثيرا ظهر اثره على وجهه وهو يبتسم لها" حقيقى يا زهرة انا مهم عندك اوى كده"
زهرة بدلال مفرط " يعنى يا على لو مش مهم كنت جيت لحد هنا اشوفك محتاج حاجة، ولا كنت كلمتك كل الوقت ده"
نظرت حولها
" بس ايه الشطارة دى الأوضة زى الفل"
على: الوحدة علمتنى حجات كتير.
نظرت له برقة متابعة وهى تسير بغنج تتطلع حولها.
" تعرف كان نفسى من بدرى اشوف اوضتك"
عقدت حاجبيها تلتف له وهى تشير على الطعام على المائدة المعلب.
" انت ما كلتش حاجه ولا ايه"
اجابها بإيماءة من رأسه.
لتنظر له بتذمر طفولتها مصطنع جعل قلبه يقفز بداخله من فرط مشاعره.
" ينفع كده؟ خلاص هسخن الاكل وتاكل قدامى، اوكى"
مرة اخرى إجابه بإيماءة من رأسه.
لتبستم له برقه هدمت اخر ذرة ثبات لديه، ليظل نظره معلق بها حتى انتهت وتقدمت منه تضع الصنية على قدمها وهى تجلس جواره.
يالا بقا افتح بقك.
على بدهشة: هتأكلينى؟
زهرة وهى تهز رأسها بابتسامة صغيرة.
بس الجرح فى رجلى وو.
قاطعته زهرة وهى تضع المعلقة بفمه تحدثه بهمس.
"بس انا حابه تاكل من ايدى يا على، مش عارفة حاسة انى كده هكون مرتاحة أو مطمئنة انك على الأقل اكلت وخلى بالك هتخلص ال قدامك ده كله"
حسنا يا سادة مشاعر إهتمام وحب افتقدها منذ رحيل والديه وبالأخص والدته، لم يشعر بنفسه وهو يحتضن يدها بيده لتسرى تلك الشعرية بجسدها وقد ارتجف قلبها بداخلها تنظر إلى يدها مشدوهه محدثه نفسه واخيرا، اخيرا عرفت كيف هو الشعور عندما يحتضن أحدهم كف حبييته، بلعت ريقها بصعوبة وهى تراه يقرب يدها من فمه وهو مغمض العينين وهناك دمعة صغيرة هبطت على يدها تزامنا مع تلك القبله التى طبعت عليها لتخرج شهقة صغيرة مكتومة منها، لا تصدق انها تعيش تلك اللحظات التى تمنتها معه هو مع على، توترت من هول تلك المشاعر التى عصفت بها لتهتز ساقها بتوتر كما هى عادتها لتختل تلك الصنية الموضوعة على قدمها تشهق بألم وقد سقط محتواها عليها وبالاخص ذلك الحساء الساخن.
شهقتها تلك اخرجته من تلك الحالة التى عصفت به، ليرى ما حدث لينحنى من مجلسه بسرعة مقتربا منها يزيح من عليها بيده يسمح على ساقيها، لتهدأ حركتها وتتخدر اعصابها من ذلك القرب، تتذكر احد تلك المشاهد والبطل قريب من معشوقته بهذا الشكل تتذكر وصف عاليا لها وهى تكن فى مثل هذة الموقف مع كريم.
طال صمتها ليرفع نظره بسرعة يسألها بقلق.
" أنتى كويسة"
بطر حديثه وهو يجدها شاردة به صافنه بوجهه قريب للغاية منها، مرت ثوانى ام دقائق اتصلت بها الأعين وفقط أنفاس ساخنه تخرج منهما.
لتقترب هى منه برأسها تضع يدها على كتفيه، وعيناها لا تفك حصار عينيه ليقترب هو منها كالمغيب لتكن تلك أول قبلة تحظى بها، بادلته إياها من جديد بشوق تستكشف كيف يكون مذاقها.
بينما هو بعالم أخر فتاة أحلامه بين يديه، وهو الشاب الذى لم يقترب من احداهن قبلا لتاتى هى برقتها وبراءتها تخطف قلبه وتهدم حصونه، ليتمادى دون وعى وهى لا تمانع لتاتى تلك اللحظة التى خرجت منها شهقة صغيرة متألمة جعلتها تفيق على حالها لتتسع عيناها بصدمة من وضعها لتضرب تلك الجملة بعقلها وقد اخبرتها بها عاليا سابقا
"كله بيتصلح وبيرجع زى الاول"
لتبتسم بظفر وتقرر الاستمتاع بتلك اللحظات التى شاهدتها وارقتها ليال طوال.
بعد وقت أعادت من وضع الغطاء على جسدها البارد مولية ظهرها له تبتسم بإنتشاء بينما على الجانب الأخر ينظر لها بندم وصوت أوشك على البكاء.
_ انا اسف يا زهرة انا اسف، مش عارف انا عملت كده ازاى، الشيطان كان اقوى منى، سامحينى استغلتيت طيبتك وبراءتك.
استمعت له ببلاهه، لتحرك فمها بالاتجاهين سخرية منه، ليس هذا ما يحدث، بل يسقيها البطل كأس عشقه مرة تلو الأخرى متغزلا بها، لتعتدل فى جلستها تنظر أرضا تجاريه بحديثه.
" هو ده جزائى يا على، انى وثقت فيك وحبيت اكون جنبك فى حالتك دى، تعمل فيا كده تستغل حبى وثقتى وتضيعنى بالشكل ده"
_انا بحبك ومش هتخلى عنك وانا مستعد أصلح غلطى.
زهرة وهى تقف ترتدى ملابسها بسرعة بتهرب منه.
" ال حصل عمره ما هيتصلح يا خسارة يا خسارة يا على"
_ زهرة اسمعينى بس.
_ اسمع ايه أرجوك انا مش مستعدة اسمع حاجه دلوقت خالص، انا ضعت ضعت
قالتها وفرت هاربة من أمامه حاول اللحاق بها لم يستطع من ألم ساقه كما لا يزال عاريا، ليجلس على الفراش ينظر لبقعة الد.ماء أمامه ليمسك الشرشف يضعه على وجهه يبكى بندم، ليصدح صوت أذان الظهر، يتنهد بحزن وهو يطوى الشرشف بعناية يضعه بعدها بالخزانة، متوجها إلى دورة المياة بصعوبه، يقف تحت المياة الباردة لعلها تخفف قليلا من نار الذنب التى تأكل قلبه.
بينما هى عقب خروجها من تلك البناية مررت بنظرها على الطريق قبل أن تخرج لتنتظر ثوان حتى مرور أحدهم من أمامها لتخرج مسرعة إلى منزلها.
تدلف من الباب وهى تدندن متجهه إلى غرفتها يوقفها صوت والدتها.
الام: غريبة يعنى راجعة بدرى انهاردة.
زهرة بسخرية:لا هو الغريبة سؤالك بصراحك ما كنا بطلنا الأسئلة دى.
الام: قصدك ايه
زهرة: ابدا ما تاخديش فى بالك، محاضرة وخلصت وجيت على طول ها ارجع تأنى لو وجودى هيزعجكم.
الام: لا بس وطئ صوتك علشان اخوكى بيذاكر وبلاش تغنى.
زهرة وهى تتجه لغرفتها: عُلم.
الام فى اثرها: فى حاجة متغيرة فيكى يا بت بطنى.
بينما تلك الزهرة عقب دخولها أخذت تدور حول نفسها بسعادة تجلس على الفراش وهى تضع يدها على فمها تتذكر طعم تلك القبلة، تتنهد بشوق وهى تتذكر ما حدث بعدها.
تتمتم بعدما أخذت ملابس نظيفة متجه إلى الحمام.
" ما كانش قادر ياجل تأنيب الضمير شوية"
فى ركن منزوى يجلس يقرأ بكتاب الله وعيناه تفيض بها الدموع وصوت شهقات متتالية هى كل ما يصدر عنه، يد ربطت على كتفه، رفع رأسه لصاحبها وهو يجلس إلى جوارها بصعوبة لكبر سنه وحالته الصحية ليعاونه على بسرعة.
_تعيش يا على يا بنى.
نظر ذلك الرجل ذو الوجه البشوش له، والآخر صامت لا يقوى على رفع عينه من على الأرض.
_ من الظهر وانت هنا كل ما ادخل اصلى ألاقيك واهو العشاء قرب وانت لسه قاعد، مالك يا بنى فى ايه؟
_ما فيش ياحج كامل اتوحشت الغالين بس، ولو على الشغل فأنا راجع من بكرة.
_مش عيب عليك كلامك ده يا على، على العموم انا عارف ال بيك.
رفع اعينه المتسعة المذكورة له برعب ليهز رأسه بالايجاب يحيد عنه بنظره لمسبحة يده يحرك حباتها بين يديه، انا وبصلى الظهر كنت واقف جنبك وخدت بالى من بكائك استنيت لما الناس تخرج واسالك،انت لوحدك قعدت فضفضت مع ربك على ذنبك وعرفت قد ايه كنت صيدة سهلة للشيطان، اضايقت منك واتصدمت فيك وخرجت من غير ولا كلمة، لكن لما رجعت وانا شايفك وانت على نفس الحالة قلبي حس انك حقيقى ندمان وزرعة ابوك لسه موجوده فعلشان كده هنصحك روح يا بنى لابوها واعترفله واطلبها منه وماتنامش الليل إلا وهى على ذمتك.
على بخزى: تفتكر بظروفى دى هيوافق.
الحج كامل: تفتكر يا بنى فى ظرفه دا قدامه حل تانى يالا بينا وانا جاى معاك مش هسيبك لوحدك.
يمسك على بيده حتى يقبلها، يسحبها الآخر بسرعة.
حج كامل: عيب عليك يابنى انتى زيك زى شريف ابنى الله يرحمه يالا بينا يا بنى يالا وبالمرة نادى على عمك محسن المأذون هو جوه يجئ معانا ما فيش وقت ده عرض وشرف والله اعلم حال البنت المسكينه دى ايه دلوقت.
" ولما اقوله اه يقولى هو لا يجرحنى واقوله اه..... "
تتراقص باحترافية على وقع تلك النغمات المنخفضة الصوت التى تصدح من هاتفها المحمول بسعادة لم تشعر بجرس الباب ولا بما يحمل خلفه من عاصفة.
حج حسين والدها يقف أمام الباب بإستغراب للواقفين وقد تعرف على اثنين منهم ويجهل هوية ذلك الشاب على الرغم من أن وجهه مألوف بالنسبة له.
حج كامل بعدما حاول السيطرة على صدمته عندما عرف هوية الفتاة فقلد كان يكذب احساسه منذ دلوفهم لتلك البناية ولكن الآن ووالدها يقف أمامه فلا مجال للشك.
حج كامل بتنهيدة: مش هتقولنا نتفضل ولا ايه يا حج حسين.
حج حسين: حقك عليا فى دى يا حج كامل وانت يا حج محسن اتفضلوا.
محسن وهو يميل على كامل: هو فى ايه يا حج واحنا هنا ليه؟
كامل بهمس بعدين هتعرف.
ليعلى صوته وهو يتحدث إلى حسين: بالاذن منك فى الأول كنت عايزك انا وعلى فى كلمة على انفراد يا حسين يا خويا.
نظر له كلا من محسن وحسين بإستغراب ليشير لمحسن بالجلوس على المائدة ويشير إلى الباقين إلى غرفة الصالون تاركين المأذون خلفهم يضرب يد بالأخرى.
" ولما هما هيتوشوشوا جايبنى ليه، وليه قالولى هات الدفتر معاك"
بغرفة الصالون.
حسين بقلق: فى ايه يا كامل حاسس ان فى حاجة وحاجه كبيرة كمان.
كامل بعد تنهيدة عميقة نظر لحسين: اسمعنى يا حسين وامسك نفسك كويس وأعرف ان كل حاجة ولها حل بإذن الله.
هز رأسه بصمت وقد تحفزت كل خلية بجسده بتوجس.
ليطلعه الآخر على الأمر وتلك الكارثة التى حلت عليه بأقل التفاصيل، ليقم فزعا من مجلسه غير مصدق لما يقال يصفع علي على وجهه بكل قوته، يصرخ بغير وعى.
"كدب كدب زهرة ما تعملش كده ما تعملش كده فى ابوها"
يخرج من غرفة الصالون إلى غرفة ابنته كإعصار، يفتح الباب فجاءة ليقف مصعوق وهو يراها ترقص غير واعية بما يدور من حولها ليمسكها من كتفها، تفزع هى من هيئة والدها وتلك العينان الغاضبة.
الاب: انتى تعرفى شاب اسمه على.
عيناه ذائغة وجاحظة ناظرة لاسفل ووجه شاحب اجابته، ليغمض عينيه بحسره ، يفتحهما على وسعهما وهو يطبق على عنقها بيده الاخرى: متسائلا.
الكلام ال قاله صح، انتى حطيتى راسى فى الطين وسلمتى نفسك ليه يا بت الكلب.
احمر وجهها وجحظت عيناها، كادت على وشك ان تلفظ انفاسها تحت يديه لولا يد على التى انقذتها، لترتمى على الأرض تلتقط أنفاسها بصعوبه وعلى باب الغرفة تقف أمها مصعوقة مما سمعت.
على: الغلطة غلطتى وانا هصلحها، زهرة مالهاش ذنب فى حاجة.
اخذ يتنفس بغضب ناظرا لها بكره ووالدتها تذرف الدموع بقهر.
حسين: يبقى هنكتب الكتاب دلوقت يالا.
نظرت فى اثرهم بصدمه تهمس بصوت مسموع: لا مش عايزة اتجوزه مش دلوقت لا.
سمعتها والدتها التى أغلقت باب الغرفة سريعا متوجهه لها تكيل لها الضربات على أنحاء جسدها بغل وقهر وحزن وكسرة.
" مش عايزة ايه يا فاجرة ، اومال روحتيله ليه، يا خسارة تربيتى فيكى، يا خسارة ياريتك كنت موتى قبل اليوم ده"
خرجت من الغرفة واغلقت عليها بالمفتاح، تنظر إلى غرفة ابنها الآخر تحمد ربها على تواجده بالدرس بهذا الوقت.
بينما زهرة بالداخل زحفت على الأرض بصعوبة حتى اقتربت من الفراش، رفعت تفسها بصعوبه تلتقط هاتفها تتصل على مستشارتها عاليا تخبرها بما يجب عليها فعله.
عاليا: هاى زهرة اخبارك.
زهرة ببكاء وصوت متألم: الحقينى يا عاليا.
عاليا: مالك.
زهرة: انا فى نصيبه.
عاليا بفرحة لم تقوى على إخفائها: بالراحة كده وقوليلى فى ايه.
قصت عليها كل شئ غير واعية بتلك التى تسجل لها المكالمة.
زهرة: انا مش عايزة اتجوز دلوقت، لسه حاجات كتير معشتهاش، وده طلع ولا نزل قهوجي.
نظرت عاليا للهاتف بحاجب مرفوع معلقه داخلها
" لا ده انتى عيارك فلت بقا ولما هو قهوجي روحتيله ليه يا خضرة"
عاليا: وانا هعمل أيه بس يا زهرة، انتى بتقولى جايبين المأذون لوقدرتى تقولى لا قولى دى حياتك ومحدش هيغصبك على حاجة انتى مش عايزاها.
صوت خطوات أقدام أمام باب الغرفة،أغلقت الهاتف بسرعة تنظر للباب بترقب حتى فتح ودخل والدها بالدفتر يأمرها بالتوقيع نظرت له بر.عب ولم تمد يدها لتحيد بنظرها إلى والدتها الواقفة خلفه وهى تخرج سكين مطبخ من بين ثنايا ملابسها بتحذير واضح لتلتقط القلم بسرعة، تمضى، ليبصق عليها والدها ويخرج بعدها .
والدتها: منك لله ضيعتى فرحتى ال استنيتها طول عمرى.
خرجت واغلقت الباب خلفها تاركين إياها ملقاة على الفراش ولا يدور بعقلها سوا شئ واحد أنها أصبحت زوجه لعامل قهوة.
مر الوقت وانتهى المأذون من الإجراءات وخرج بسرعة من المكان.
كامل فى محاولة لتلطيف الاجواء: على راجل يا حسين وصدقنى هيحميها ويصونها.
حسين: خدها وامشى مش طايق اشوفه واشوفها.
كامل بتفهم: هات مراتك يا على ويالا بينا.
على: لا.
حج كامل بعدم فهم: لا ايه.
على بثبات: مش هاخدها.
هنا وقع قلب حسين بين قدميه لينظر له بخوف نطق به صوت كامل المتسائل: ليه يا على، ناوى على ايه؟
على وهو يبلع ريقه نظر ال حسين الجالس على المقعد لايقوى على الحركة، رأف قلبه لحال هذا الاب ليجثى على ركبته أمامه، متحدثا.
" حج حسين زهرة هخدها عروسة من هنا، انا محوش قرشين، على جنب هعملها فرح صغير على قدى هنا فى الحته واجبلها فستان زيها زى اى بنت،هدور على شقة صغيرة تكفينا احنا الاتنين سوا، وسامحني الشبكة هتكون دبلة على قد ظروفى "
نظر له حسين نظرة حزينة شاكرة، ليبتسم كامل وهو يربط على كتفه،
"والشقة عندى يا على فى مستأجر خرج وانت أولى من اى حد واهو فى نفس المنطقة وجنب أهلها."
هنا أغمض كلا من ابويها أعينهم وقد انهمرت منها الدموع، ليكمل كامل
" وال قولته ده كله يخلص فى كم يوم، فالدخلة اخر الاسبوع ، ايه قولك يا على وانت ياحسين"
على: وانا من ايدك دى لايدك دى.
حسين: وانا عاد ليا كلمة يا كامل.
كامل : بنتك اتجوزت يعنى تدب صوابعك فى عين الطخين، يالا يام العروسة بنتك اتكتب كتابها، سمعينا زغروطة، علشان محدش يشك من الجيران.
وهنا عند ذكر الجيران خرجت إلى الشرفة مسرعة ترسم ابتسامة مصطنعة تطلق الزغاريط الفرحة، يسألها الجميع عن السبب تخبرهم بكتب كتاب زهرة، وعندما يسأل أحدهم عن سر هذا الاستعجال يكن السبب: الفتى مجتهد ورجل يعتمد عليه وخير شئ للفتاة هو بيت زوجها حتى اخاها الذى قدم وفؤجى بالأمر أخبر بنفس السبب علاوة أن العريس متقدم منذ فترة ولم يرغبوا بإخباره و تصريف ذهنه عن المذاكرة.
بينما بمكان اخر وعقب انتهاء تلك المكالمة، تستمع عاليا للتسجيل مرة أخرى بسعادة وهى تقف بغرفة منزلها لم تعى لذلك الواقف خلفها وقد استمع الى المكالمة المسجلة أيضا، اقترب منها يرى ماذا تنوى ان تفعل يراها تحدد جميع جهات اتصالها حتى ترسل ذلك التسجيل وقبل الضغط على زر إرسال اوقفها صوته.
" اوعى تعملى كده"
التفت له بسرعة..
_كريم، انت جيت امتى؟
_من بدرى وانتى مشغولة مع صحبتك.
_ما تقولش صحبتى.
_ده اكيد بعد ال كنتي هتعمليه.
_تستاهل، لازم تدوق من نفس الكأس ال شربته انا واهلى من غير ذنب بس الفرق هنا أنها اذنبت وفضيحة اكبر.
_واهو ربنا سترها من عنده، ما تفضحيهاش انتى.
_صدقنى دى ما تستهلش غير الفضيحة، الولد عايز يصلح والخاطية مش عاجبها متخيل!
_تجيلها بعيد عننا.
_انت مش فاهم ولا عارف انا حاسة بايه.
_لا فاهم علشان عشته معاكم لحظه بلحظه ياعاليا، خرجيها من تفكيرك وكفاية أنه بسبب ال حصل انا وانتى لاقينا بعض انسيها وخليكي احسن منها وصدقينى بال سمعته صحبتك دى هى اكبر عدوة لنفسها وحكايتها مش هتخلص هنا فبلاش تكونى انتى ،سبيها لغلطها الجاى، علشان خاطرى يا عاليا.
اطرقت برأسها لاسفل تنهدت بعمق لتمسك بهاتفها من جديد تحت نظراته المترقبة، لتقم بحذف المقطع من هاتفها ناظرة له بابتسامة.
"وخاطرك غالى اوى عندى يا كريم"
"بحبك"
"انا اكتر"
مرالاسبوع سريعا وزهرة حبيسة بغرفتها يدخل لها الطعام ويغلق عليها من جديد وقد اوفى على بوعده فستان بسيط بمعاونه والدتها اثاث بسيط للشقة ودبلة صغيرة وفرح أمام البنايه،تجلس هى جواره بنقم صامته إلى أبعد الحدود، اتت زينب لتباركها.
زينب بهمس انا مش فاهمه حاجة يا زهرة كتب كتاب وجواز فاجئة ولا كوافير ولا فرح فى قاعة هو فى ايه؟
زهرة بابتسامة صفرا: فى نصيب.
ابتعدت عنها زينب بتوجس وهى تعود إلى مقعدها جوار والدتها بعدما شعرت بعدم رغبة زهرة بالحديث.
كذلك اتت عاليا التى بمجرد دخولها علت الهمسات حولها للمباركة دون التطرق إلى اى موضوع وجوارها كريم الذى استغل وجود معظم اهل الحى ليقف على المنصة معرفا عن نفسه بأنه خطيب عاليا ويدعو الجميع إلى حفل عقد قيرانهم.
لتتحول همهماتهم إلى مباركات حتى من زينب استقبلتها عاليا شاكرة وجود كريم بحياتها.لتقرر القيام بعمل شئ يمكن أن يصلح ما أخطأت به مع زهرة لتتوجه لها وهى ترى وجهها العابس تميل على أذنها: هو دلوقت جوزك حلالك عيشى معاه كل ال كان نفسك تعيشيه و اتمنيتيه يا زهرة سيبى نفسك تحققى ال حلمتى بيه وعلى شاب وسيم وبيحبك، قالتها وهبطت من على المنصة تتبأطا ذراع كريم مغادرة لذلك الحفل وقد انتهى بعدها بقليل.
تقف بمنتصف تلك الشقة المتواضعة بسخط لم تختر اى شئ من محتوياتها، يد أمسكت بيدها الصغيرة نظرت له يقبلها برقة.
على: انا عارف ان ده أقل بكتير من ال تستحقيه،بس ده وضع مؤقت بسبب الظرف ال كنا فيه، ربنا يقدرنى حبيبتي واسعدك واعوضك عن كل ال فات.
همساته قبلته مع حديث عاليا لها جعل عقلها وقلبها يلين له، لتبحر معه فى تلك البحور التى غابت بها معه مرة واحده قبلا ولم ترتوى، لتعش معه بسعادة حقيقية العشق كما رغبت، سينما ، مطعم ويومين بالإسكندرية ولكن لكل شئ نهاية، اتت الامتحانات نهاية العام، وعاد على إلى عمله مرة أخرى ليجتمع بزهرة يوميا بعد المغرب كانت تتضايق كثيرا من عمله بالمقهى ولكنها كانت تخبر حالها بأنه وضع مؤقت وسينتهى كما قال سابقا.
فى أخر يوم بالامتحانات اغمى عليها بالجامعة، لتكتشف أنها حامل بالشهر الاول سعد على كثيرا وكذلك أهلها ليكن هذا الخبر هو الخيط الذى أعاد وصلها بعائلتها مرة اخرى، مسؤولية جديدة وضعت على كاهل زوجها، ليعمل حتى وقت منتصف الليل كل يوم لتوفير مصاريف الولادة واحتياجات المولود الجديد.
بينما عاليا بعد انتهاء هذا العام انتقلت الى جامعه أخرى بالمحافظة التى انتقل لها كريم بعمله بعد زواجهم، كذلك بحكم الارتباط ابتعدت كلا من زهرة وزينب عن بعضهما كذلك الخصال الجديدة التي امتلكتها زهرة ، تلك الاسوار التى حاوطت بها نفسها جعلت العلاقة بينهم هشة سطحية.
بسبب الحمل قضت عامها الثانى بالمنزل، لا تخرج الا للمحاضرات المهمة فقط والامتحانات بينما على يذهب اربع ايام للمركز التعليمى ويأخذ بالمقهى فترتى عمل، مما جعلها غا.ضبة ناقمة للغاية فهو يأتى متعب وينام كالقتيل، لتعود مرة أخرى لتلك المسلسلات والمواقع من جديد، ليفيض بها الشوق له صنعت العشاء وزينت الطاولة بعناية هيئت نفسها على أكمل وجه، ليفاجا بها هكذا لينجذب لها كالفراشة التى تنجذب للنار فتحرقها.
بعد وقت استلقى جوارها بتعب فلقد كان اليوم شاقا على حق بينما هى نظرت له وغضبها تفاقم حسنا ليس هذا هو على زوجها، لم تعتد عليه هكذا لتمرر الموضوع هذا اليوم فلربما هو متعب حقا.
ولكن تكرر الأمر مرة واخرى وإخرى لتنفجر به بإحد المرات غير سامحه له بالهروب إلى النوم ككل مرة.
زهرة: دى ما بقتش عيشة دى، انا محبوسة هنا بين أربع حيطان، لا بخرج ولا بتفسح ولا كلمه حلو حتى واخر ليل راجع مهدود مش عايز غير تنام قتيل للصبح وبس.
على بعدم تصديق: انتى بتقولى ايه، انتى مش حاسة بيا انا راجل واقف على رجليا علشان بس اقدر اكفيكى من عيشة لتعليم لحمل انا ما بنامش ولا باكل زى البندامين زى الطور ال فى الساقية من اول ما يصحى لحد ما ينام.
وزهرة: انت ضحكت عليا يا على قولتلى ان اخر السنه هتفتح سنتر مع زميلك بمجرد ما تخلص امتحانات واهو السنة خلصت ودخلنا فى غيرها ولا عملت حاجة من ال قولتها.
على بضحكة ساخرة متألمة: والفرح والشقة و الدبلة والمصيف ال فى اسكندرية تفتكرى ده كله من فين.
صمتت لم تعرف كيف تجيب كيف تخرج ذلك الغضب بداخلها لا ترى سبب يمكن أن تفتعل من أجله مشكلة وتتركه وترحل فلقد سئمت تلك الحياة كما أنه أكد لها ستصبح زوجه عامل قهوة إلى الأبد.
نظر لها بحسرة وتركها ورحل بينما هى جلست تعيد حساباتها لو رحلت لأهلها كيف تخبرهم بمشكلتها الحقيقية معه، وإذا تركته ماذا ستفعل بتلك الطفلة بإحشاءها، كما أن والدتها ستضيق عليها الخناق فهى لا تترك مناسبة الا وتقرعها على فعلتها القديمة فبالتاكيد لو عادت ستعامل كسجينه ، على فرصتها الوحيدة لإكمال دراستها والعمل ووقتها يمكن أن تستقل بحياتها كما تريد.
انتظرته حتى عاد لوقت متأخر، اندهش من وجودها مستيقظة ليتجاهلها عابرا إلى الغرفة لتدخل خلفه وبدلالها واللعب على وتر حبه لها، تبخر غضبه منها.
مرت الأيام حتى وضعت زهرة تلك الطفلة التى كانت الفرحة الحقيقية لعلى ولاسرتها، اسماها على رقيه على اسم والدته ليصبح الوضع كالتالى، تذهب زهرة إلى جامعتها تاركة الطفلة مع والدتها، وعندما تعود تأخذها حتى يأتى على وتتركها له وتنام، اهتمت اكثر بدراستها فغضبها من وضعها وسخطها عليه لا يهدئ بل يتفاقم مع الوقت كما أنها تخبئ عن الجميع مهنة زوجها التى تخجل منها وبشدة حتى زينب ابتعدت عنها نهائيا.
مرت الأعوام وتخرجت زهرة من جامعتها بمعدل جيدجدا واستطاعت عن طريق معارف لوالدها أن تجد عمل بأحد الشركات ولقد كان على له اعتراض وحيد بأن ابنتها تحتاج إلى رعايتها ولكنها اقنعته بأن والدتها ستهتم بها والا يقف بطريق تحقيق حلمها ليرضخ لها.
ضوء قوى جعلها تغمض عيناها من شدته تستمع إلى تلك التهديدات التى لا تنضب، تنظر بطرف عينها له وهى تبتسم بسخريه وهى تتذكر ذلك اليوم الذى تتمنى الان وبشدة لو انه لم يأتى.
دلفت من باب ذلك المبنى بسرعة فلقد تأخرت على اول يوم عمل لها لتصطدم بأحدهم، لم تبالى بالنظر له ومعرفة هويته بقدر قلقها من التأخر باليوم الأول لتتركه وترحل دون اعتذار تاركه اياه ينظر باثرها بحاجب مرفوع.
أخذتها السكرتيرة إلى القسم الذى ستعمل به ، لتتعرف على زملائها بالعمل حتى وصلت لرئيس القسم، لا تعرف لما ولكنها تشعر أنها رأته سابقا.
بينما هو نظر لها بتقيم لم تتسنى له الفرصة لرؤيتها عن قرب بعدما اصطدمت به.
السكرتيرة: اعرفكم أستاذ عادل رئيس القسم ودى مدام زهرة الموظفة الجديدة معاكم.
مد يده لمصافحتها وعيناه مسلطة على خاصتها لتمد يدها هى الاخرى وقد اثرتها تلك اللمعة بعينيه ولا تعلم لما.
تكملة الروايه من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملة من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق