الفصل التاسع و العشرون
كان يقف امام المرأة الكبيرة الموجودة فى أحدى أركان الغرفة يستعد للذهاب الى خديجة الابتسامة لا تغادر وجهه رغم التوتر و القلق الذى يشعر به طرقات على الباب سمح لصاحبها بالدخول
ليلتفت الى والدته و هو يقول بسعادة
- حلو كده تفتكرى هعجبها
ظلت فرح صامته تتأمل ولدها الشاب التى تتمناه الالاف من الفتيات يترك كل ذلك و يركض خلف فتاة أكبر منه و هذا هو عيبها الوحيد فهى لا تختلف على أخلاق خديجة التى لا غبار عليها و ايضا جمالها الأخاذ و رقتها و تدينها و لكن لماذا يتزوجها و هى أكبر منه فهناك فتيات كثر بتلك المواصفات
- آسر يا حبيبى فكر تانى فى الموضوع ده يا حبيبى انت الف بنت تتمناك
- بس انا مش عايز غير خديجة انا بحبها يا ماما انتِ ليه مش عاملة لحبى ليها حساب انا مقدرش اعيش من غيرها هى كل حياتى انا كل ما اتخيل انها ممكن تكون من نصيب حد تانى غيرى نار .... نار يا امى بتحرق قلبى و روحى بحس انى بموت
قاطع آسر كلماتها و اجابها بكل ما بداخل قلبه ثم اقترب منها خطوه اخرى و قال
- انتِ تقدرى تبعدى عن بابا تقدرى تتخيلى انه يكون من نصيب حد تانى غيرك
كانت تهز راسها رفضا للفكرة دون و عى منها ليكمل هو قائلا
- يبقى ليه عايزة تحرقى قلبى و تبعدينى عن خديجة هو انا سعادتى متهمكيش يا ماما
اقتربت منه سريعا تحاوط و جهه بحنان و الدموع تتجمع فى عيونها و قالت بصدق
- انا معنديش أغلى منكم يا آسر أنت و أختك خايفة عليكم يا أبنى خايفة الحب يبقى عامي عنيكم عن الصح
صمتت لثوانى كان هو يتابع تدحرج تلك الدموع من عينيها و هو يشعر بالضيق من نفسه و من تلك الكلمات التى قالها قبل ان يقول اى شىء اكملت هى حديثها قائله
- ربنا يسعدك يا ابنى
وربتت على كتفه و تحركت خطوة واحدة لكى تغادر الغرفة ليمسك آسر بيدها و هو يقول
- انا اسف يا ماما أنا و الله ما قصدت ازعلك .... لو مش عايزانى أروح مش هروح المهم. زعلك و رضاكى
و انحنى يقبل يدها بإحترام لتربت على رأسه و داعبت خصلات شعره بيديها و قالت
- لا يا حبيبى روح ..... وربنا يفرح قلبك و يسعدك
ثم اقتربت منه تعدل له ياقه قميصه و هى تقول
- بسم الله ما شاء الله اكيد خديجة مش هتقدر تقاوم الوسامة دى كلها
طبعت قبلة صغيرة على وجنته و غادرت سريعا و دموع عينيها تسبقها هى لا تعلم ماذا عليها ان تفعل هى غير مقتنعه بالأمر لكن تلك السعادة التى تسكن عين ولدها تجبرها الان على الصمت خاصة بعد حديثهم الأخير
•••••••••••••••••••
وصل آسر بيت السيد عادل و استقبله محمود بوقاره المعهود و مرح محمد خاصة بعد حديثه مع زين و تحديد موعد لإتمام الأمر و سعادته بذلك الخبر
كأن آسر يشعر بالتوتر و القلق. و بعض الخوف لكنه ظل يقرأ بعض آيات القرآن الكريم و هو يتذكر كلمات و الده
(( خليك واثق فى حبك و من قلبك الكبير خليك واضح و صريح و صدقنى اللى بيخرج من القلب بيوصل للقلب ))
ان التوتر يزداد خاصة و ان محمود قد ذهب ليناديها بعد ثوان قليلة دلف محمود الى غرفة الأستقبال و هى خلفه و قال بهدوء
- الباب مفتوح و انا قاعد قدامكم
ثم نظر الى خديجة و قال
- مش هحدد وقت للقاعدة دى خدى كل وقتك علشان تعرفى تاخدى القرار و لو هيكون فى قاعدة تانية تبقى للاتفاق ماشى
هزت خديجة راسها بنعم وهى تفكر فى رسالة مهيره لها قبل قدوم آسر
(( انا موافقة وسفيان كمان موافق الواد بيحبك بجد و قد المسؤلية بس فى جميع الأحوال أنا معاكى ديما ))
ليغادر محمود الغرفه ليشير لها آسر أن تجلس و هو ينظر اليها بابتسامه رغم كل ذلك القلق بداخله
لم ترفع عينيها تنظر اليه ليقول هو بمرح بعد ان جلس امامها
- على فكرة القاعدى دى اسمها رؤية شرعية يعنى من حقك انك تبصيلى علشان لو مثلا شكلى وحش هدومى مش نظيفة جذمتى مش متلمعه
لتبتسم بخجل و دون إرادة منها نظرت الى حذائه ليبتسم هو الأخر ثم قال
- ازيك يا انسة خديجة
رفعت رأسها تنظر اليه بخجل و قالت
- الحمد لله و أنت
- انا زى الفل الحمد لله طالما انتِ ادتينى فرصة اقعد معاكى
اخفضت راسها من جديد بخجل ليقول هو
- أنا جاهز أرد على كل أسئلتك
صمتت لثوانى تحاول تجميع شجاعتها حتى تسأله كل تلك الأسئله التى فكرت فيها طوال الأسبوع و التى تبخرت الان من رأسها و كأنها لم تفكر فيها من قبل
ظلت صامته لبعض الوقت حتى قال هو
- ليه اتقدمتلك مثلا ؟ او عن فرق السن ؟ فى أسئلة تانية ؟
رفعت عيونها اليه لتجده يبتسم فزادت حمرة وجنتيها ليأخذ نفس عميق ثم قال
- أنا أكتشفت انى بحبك مع كل مرة كنت بشوفك و أحس بقلبى نبضه بيزيد عينى بترفض تبص على أى حاجة أو أى شخص طول ما أنتِ موجودة أما بدأت أخاف يتقدملك حد و توافقى عليه لما تخيلت أنك مسئولة منه مش منى ليه حق عليكى و أتاكد من كل ده أما حسيت بخوف و ألم قوى فى قلبى مش متحمله
كانت تستمع اليه بأندهاش كلماته رغم بساطتها الا انها تحمل الكثير من المعانى و الحب الكبير لم تعقب على كلماته و لكن نظرة الإندهاش و تلك اللمعة فى عينيها جعلته يشعر بسعادة كبيرة فلقد لمس قلبها بكلماته ليكمل
- فرق السن مفكرتش فيه
لتقطب جبينها ليكمل هو
- اصل القلب لما بيحب مش بيحسبها بالورقة و القلم ولا بيبص على البطاقة الشخصية و يشوف السن و الأسم و الدين القلب بيحب بس العقل بقى يفكر
صمت لثوانى و كانت هى تنظر اليه تنتظر اجابته ليكمل هو بابتسامه
- عقلى بقى لما كان بيشوفك رقيقة و صغيرة كده شبه الأطفال و أنا بجسمى اللى شبه طرزان ده يقول فين فرق السن .... كمان بقى انا مقتنع بحاجة السن ده مجرد رقم فى البطاقة لكن العمر بيتحسب بالتجارب بإحساس قلبك بالحياة بالخبرة
اخذ نفس عميق و اعتدل فى جلسته ليقترب بوجهه منها
- انا مش شايف ان فرق السن ده مشكله كمان فى حاجة اسمها خطوبة اوضح فيها كم نضجى و اذا كان سنى فى مشكلة بالنسبة ليكى بس أرجوكى يا خديجة أرجوكى أوعى تفكرى ترفضى ادينا فرصة مع بعض خلينى اثبتلك إنى أصلح واحد ليكى أوعى تحكمى عليا بالإعدام بالله عليكى
كانت صامتة تماما لا تعلم ماذا عليها ان تفعل الآن او ماذا تقول ليدلف محمود الذى استمع لكلمات آسر كلها و أعجب بها بشدة و لكنه أراد ان ينقذ أخته من ذلك الموقف و قال بهدوء
- خلصتوا و لا لسه
ليقف اسر وهو يقول
- انا بس اللى اتكلمت أنسة خديجة مقالتش حاجة خالص
لينظر محمود الى أخته بحنان اخوى ثم قال
- هى سمعت منك اللى يخليها تقدر تفكر كويس و تاخذ قرار و على أجازتك الجايه نبلغك بقرارها
هز آسر راسه باستسلام ثم قال
- يارب تنجح يا تتح
لتضحك خديجه بصوت عالى ليقول هو بمرح
- ضحكت يبقى قلبها مال
ليضحك محمود بصوت عالى فى نفس اللحظة التى ركضت فيها خديجة خارج الغرفة
•••••••••••••••••••••
كانت تجلس فى غرفتها تفكر فيما حدث اليوم و ذلك الشخص الذى قلب كل الموقف السعيد لتوتر و قلق رغم ثبات عمر و رده على ذلك الشخص
- خلاص عشت حياتك و نسيت اللى كان خلاص يا عمر و نسيت انك كنت السبب فى موتها و موت ابنك
نظر عمر الى صاحب الصوت وقطب حاجبيه بضيق و لكنه قال
- اهلا يا نزار أخبارك ايه ؟
- عايش على ذكرى حبى الوحيد اللى ضيعتها و دفنتها تحت التراب مطلعتش خاين زيك رغم انها فضلتك عليا
أجابه نزار بغل و غضب و حقد كبير و كانت مريم تحاول فهم ما يحدث و تلك الشحنات السلبيه التى ملئت المكان ليقول عمر بهدوء شديد يصل حد البرود
- الله يرحمها طول عمرها معايا كانت بتقولى انها مكنتش بتكره حد قدك
شعر نزار بالغضب يتصاعد بداخله فنظر الى مريم بنظرات وقحة من قمة راسها الى اخمص قدميها و تلك النظرات جعلت النار تشتعل بداخل عمر الذى خرج عن هدؤه و تحرك خطوة حتى يقف فى مرمى بصر نزار و يحجب عنه رؤية مريم تماما
- انا مش هسمح انك تتواقح و تبصلها بالشكل ده و لو ده حصل تانى عمر القديم هيرجع تانى و اكيد انت متحبش انه يرجع تانى
و اشار الى جرح غائر فى جبين من يقف امامه ليرفع نزار يديه يتحسس ذلك الجرح لتلمع عيناه بحقد و نار كره جعلت مريم تشعر بالخوف لكن وجود عمر معها جعلها تشعر بالأمان ولو قليلا ليضحك نزار بسماجة و هو يقول
- انا ماشى يا عمر بس لازم تبقا عارف انا قررت اخد تارى
وغادر بعد ان ترك الجو مشحون ومتوترا ظل عمر يعطيها ظهره لعدة دقائق ظلت هى صامته تماما خلالها ثم التفت اليها و قال بهدوء شديد
- انا هروح اشوف اللى ورايا
و غادر و تاركها واقعة فى حيرة كبيرة ظلت فيها طوال اليوم حتى كان وقت عودتهم للبيت اقترب منها و عرض عليها ان يوصلها فوجدتها فرصة لفتح كلام فيما حدث و لكنه لم يقل الكثير فقط
- نزار كان جار إيمان من وهما صغيرين و طول الوقت كان بيتعامل معاها على انها خطيبته و هى عمرها ما كانت متقبلاه او شيفاه لكن هو عمره ما اقتنع و طول الوقت كان نفسه ياخدها مني و إما ماتت جه علشان يشمت فيا و معرفش ايه اللى رجعه تانى
قال كلمته الاخيرة بشرود و تفكير عميق و بلهجه جعلت قلبها يقع أسفل قدميها من الخوف
و ها هى تجلس نفس جلستها منذ عادت حتى لم تستطع مساعدة خديجة اليوم فى اى شىء و لكن عليها أن تقف بجانبها فهى لم تقصر معها يوم قدوم عمر لتغادر السرير و ذهبت الى غرفة أختها التى كانت تجلس على طرف سريرها شاردة رغم تلك الضحكة الجميلة على وجهها لتبتسم رغم عنها و اقتربت منها تضمها بحنان و هى تقول
- أقول مبروك
لتخبىء خديجة وجهها بيديها بخجل لتضحك مريم بصوت عالى
••••••••••••••••••••••••
كان يقف امام صديقه عند السيارة يبتسم بسعادة فما حدث من آدم اليوم كان بالنسبه له شىء كبير يقدره بشدة
- مش عارف أشكرك أزاى يا آدم أنت بجد فرحتنى أوووى يا صاحبي
ليربت آدم على كتف صديقه و هو يقول بابتسامة
- ربنا يتمم على خير يا صاحبى و بعدين الدنيا دواره و فرحي قرب عايزك تخربها
ليضحك راجح بصوت عالي وهو يقول
- ده هييقى ضرب نار للصباح الباكر يا كبير
ربت آدم على كتف راجح مرة اخرى و هو يقول
- يلا بقى اطلع لمراتك
هز راجح راسه بنعم ليغادر سريعا و صعد آدم الى السيارة بجوار جوري التى كانت تنظر اليه نظرة غريبة و كأنها تراه لاول مرة فرفع حاجبيه و هو يقول
- ايه ناوية تصورينى
- انت مين ؟
قالتها باستفهام مندهش و بنظرات إعجاب
ليضحك بصوت عالي و هو يقول
- انا خاطب يا انسة و بحب خطيبتى و مش ناوي أخونها
لتضرب كتفه بقوة ثم قالت
- و لا تقدر اصلا .... بس بجد يا آدم أنت مين .... أنت ابن خالى الغيور القتم و لا آدم المرح و اللى بيعرف يرقص و يضحك و يفرح زى ما شوفتك النهاردة
ظل صامت لثوانى ثم قال بهدوء شديد
- انا الاتنين انا آدم اللى مستعد اضحى بحياتى علشان وطنى و أهلى و أنا آدم اللى مستعد أموت علشان أبويا و أمى و أختى و علشانك آدم اللى بيحب صاحبه جدا رغم رخامته آدم الشاب اللى ممكن يرقص و يفرح أنتِ بس اللى مكنتيش عايزة تشوفى غير آدم الغيور اللى انتِ متخيلاه عايز يسيطر عليكى و يفسد حريتك
ظلت صامته تنظر اليه دون اى رد على كلماته و كان عقلها يصور لها مواقف قديمة كثيرة بينهم
احترم صمتها و حدثه يخبره انها تفكر فى كلماته
وذلك أسعده بشدة فهى تعاند دائما و تجادل و ان تصمت هذه المرة انه لانجاز كبير
•••••••••••••••••••••••
صعد راجح سريعا ليجد والد مودة يجلس على الأريكة الكبيرة فى صالة المنزل يبتسم بسماجة ليبادله اياها و هو يقول
- امال فين مودة مراتى
قال الأخير بطريقة موحية لتتسع ابتسامة مصيلحي بسماجة و هو يشير الى الغرفة المقابلة له و قال
- مستنياك جوه و حماتك مجهزلكم العشا
هز راجح رأسه بنعم و توجه الى الغرفة و فتح الباب و دلف و أغلقه خلفه ليجد مودة واقفه هناك بجمالها الذى خطف قلبه من أول مرة وقعت عينيه عليها ليقترب سريعا يضمها بقوة و يغمرها و يستنشق رحيقها العذب و يغرق نفسه بين احضانها الذى يشعر انه موطن راحته و امانه و قال
- انتِ بقيتى كل ما أملك يا مودة ... كل ما أملك ربنا يديمك عليا نعمة و فرحة يارب
لتبتسم بخجل و هى تبتعد عنه تنظر الى عينيه بسعادة وفرح و قبلت يديه التى تحتضن يديها ثم قالت
- انا بحبك اوووى يا راجح ربنا يقدرنى و أسعدك و أكون ديما زى ما أنت تحب و أوعدك أكون ليك السعادة و لا يمكن أضايقك ابدا فى حياتى
ليعود و يضمها بقوة و هو يقول
- خليكى فى حياتى بس و أنا مش عايز حاجة تانية من الدنيا لو موت دلوقتى هموت مرتاح و فرحان
لتضمه بقوة و هى تشعر بالخوف رغم تلك السعادة الكبيرة التى تغمر قلبها
••••••••••••••••••••••••••••
كانت تقف أمام المغسلة تجلي الصحون بغضب فهى لم تستطع فعل ما كانت تريده و فشلت خطتها و لكنها لن تستسلم تذكرت ما حدث صباحا حين خرجت من المنزل للمره الثانية بحجة نسيانها للطماطم و لكنها كانت تود ان تذهب الى منزل نسيم و لكن عتمان قابلها فى الطريق بعد ان شعر ببعض التعب فكرر العودة الى البيت لأخذ بعض الراحة فقابلها فى طريقها ليشعر بالإندهاش
- رايحة فين يا فتون
لينتفض جسدها خوفا حين سمعت صوته و التفتت تنظر اليه بتوتر و قالت
- راچعة السوج اصلي نسيت الطماطم
ليهز راسه بنعم ثم قال بإرهاق
- طيب يلا نچيبها ونرچع اصلي تعبان و عايز أنام
كانت تشتعل غضبًا لقد أفشل مخطتها و لم تستطع افشال تلك الزيجة و لكنها لن تتوقف ستظل تحاول ولن تكون فتون ان تمت تلك الزيجة
عادت من افكارها على صوت حماتها و هى تقول
- نامى بدرى يا مرت ولدى علشان بكره الصبح نعمل زيارة كبيره لنسيم
قالت الحجة صفية تلك الكلمات و هى تنظر الى فتون بتحدى ثم غادرت المطبخ لتسمع صوت تهشم احد الصحون لتضحك الحجة صفية وهى تقول
- فداكى يا مرت الكبير
ليزداد حقد و غل فتون و تشتعل النار بداخلها أكثر
•••••••••••••••••••••••••••
ظل أيمن واقف امام تلك النافذة الزجاجية ينظر الى زوجته يدعوا الله ان يردها له و لبناته
كان يتشبث ببقائه جانبها حتى لا يعود الى البيت و يقف امام مشكلة توأمتيه عاجزا دون أن يستطيع حلها
يود لو يحتضنهم يخبئهم داخل قلبه يعيد تقويمهم يسقيهم من حنانه و قوته و رقة والدتهم و عطفها يجعلهم أسوياء
اقترب سفيان الذى حضر مخصوص ليتحدث معه فهو يعلم جيدا ما يشعر به الآن فهو أيضا أب و يستطيع تخيل ما يدور داخل عقله
ربت على كتفه لينظر اليه أيمن بتشتت ليهول سفيان ما رآه داخل عينيه ليربت على كتفه من جديد و هو يقول
- حاسس بيك يا أيمن و متخيل احساسك بس الهروب مش حل بناتك محتاجينك أنت الأب و السند أنت الحماية أنت الباب اللى لازم يفضل ثابت فى وش الريح
كان أيمن يستمع لكلمات سفيان و هو مطرق الرأس ينظر ارضا بخجل و مع كلماته الأخيرة رفع رأسه ينظر اليه باستفهام ليقول سفيان موضحا
- ليل محتاجة حضنك محتاجة حبك محتاجة تحس انك بتحبها و بتدعمها و انك سندها و أمانها
كان يستمع لكلمات سفيان بتركيز شديد و تفكير عميق
- و شمس محتاجة قوتك محتاجة تحس أنك بتحبها بس كمان مش هتسمح بغلطها واثق فيها لكن كمان مش ضامنها شمس محتاجة تحس بغيرها و تفهم انها مش مركز الكون
صمت سفيان ليترك لأيمن المساحة الكافية لإدراك كلماته و ما يجيب فعله أخذ سفيان نفس عميق و قال بهدوء
- الدكتور رحيم عايز يقعد معاك
قطب أيمن حاجبيه بأستفهام ليقول سفيان موضحا
- الدكتور النفسى اللى هيباشر حالة البنتين
هز أيمن رأسه بنعم ثم قال بعد تفكير
- الصبح هكون فى القصر و هحاول أنفذ اللى أنت قولته
- و الدكتور معاده بكره
قالها سفيان بإقرار ليهز أيمن رأسه بنعم و هو يخرج هاتفه يتصل بزين يطلب منه الحضور باكرا هو و فرح
••••••••••••••••••••••••••••••
فى صباح اليوم التالى كان قد وصل الى قمه فقدانه اصبره و عدم تحمله الأنتظار ليذهب الى السيد عزيز هو يريد الأطمئنان عليها يريد أن يراها و لن يوقفه أحد
دخل الى مكتبه دون أذن و خلفه سكرتيرة مكتب السيد عزيز التى تحاول منعه
- ما هو أنت لازم تلاقليى حل انا لازم أشوفها
أشار السيد عزيز الى سكرتيرته بالذهاب و وقف على قدميه و هو يقول
- اتفضل اقعد الأول و فهمنى ايه مشكلتك
ليصرخ صهيب فى وجهه و هو يقول
- مشكلتى إنى عايز اطمن على نور عايز أشوفها فهمت مشكلتى
وقف عزيز امام صهيب و قال بهدوء شديد
- مينفعش
- يعنى ايه مينفعش
قالها صهيب بصوت عالى يصل لحد الصريخ ليقول عزيز بنفاذ صبر
- صهيب عيب كده أنا فى مقام والده
تراجع صهيب خطوة للخلف و اخذ نفس عميق و اخرجه بهدوء ثم قال
- انا اسف يا استاذ عزيز بس بجد انا محتاج اطمن عليها محتاج اشوفها
اشار له عزيز ان يجلس فجلس بعصبية و جلس عزيز امامه و قال بمهادنة
- نور دلوقتى مينفعش حد يزورها لانها تحت الملاحظة و الاختبار علشان يكتشفوا هى مريضة نفسية فعلا و لا لا و اللى عرفته ان وكيل النيابة راحلها امبارح و بلغونى ان الدكتور المتابع لحالتها طالب دكتور اكرم و أنا ناوى أروح أزورها النهاردة
ظل صهيب صامت ينظر اليه بتفحص و ضيق ثم قال
- يعن انا مش هينفع اشوفها
- خلال ال ٤٥ يوم لا
أجابة عزيز أجابة قاطعة ليقف صهيب متوجها الى الباب ثم وقف مكانه و نظر الى عزيز و قال بحزن
- ممكن توصلها سلامى و تقولها انى عايز اشوفها و اطمن عليها وانى جمبها و فى انتظارها
هز عزيز راسه بنعم و هو يشعر بالشفقة على ذلك الشاب الذى لم يراه يوما الا قوى و اثق من نفسه هادئا ليغادر صهيب كما دخل كالعاصفة قادرة على تدمير العالم
•••••••••••••••••••••••
وصل أيمن إلى القصر بعد أن حضر زين و فرحة و اخبرهم انه لن يتأخر
استقبلته أخته بابتسامة مشجعة و قوية و اطمئنت على ملك و عليه ايضا ثم صعد الى غرفة ليل
طرق الباب عدة طرقات ثم دلف الى الغرفة ليجدها صامتة هادئه تجلس فى مكانها تنظر الى النافذة فى نفس اللحظة التى وصل فيها الدكتور رحيم و صعد خلف أيمن و وقف عند الباب ينظر الى ما يحدث بتركيز
اقترب أيمن منها و جلس بجانبها صامت لعدة ثوان أخذ نفس عميق ثم قال بضعف وحزن
- انا طلعت أب فاشل مكنتش الأب اللى يحتوى بناته و يكتشف مشاكلهم و يحاول يحلها أو يكون صديق ليهم وقت ما يحسوا بأى مشكلة او خطر يجروا عليه و يحكولوا حقك عليا يا بنتى حقك عليا علشان الغلط غلطى انا فى الأول و فى الأخر
كانت دموع عينيها تغرق ووجهها و كان هو الآخر يحاول أن لا يبكى لكنه لم يستطع ذلك و سالت دموعه فوق وجنتيه ثم نظر الى اليها و قال
- ينفع أخدك فى حضنى ينفع يا ليل ينفع يا بنتى
لم تتكلم و لكن علا صوت بكائها مع هزة رأسها بنعم ليقترب منها يضمها بقوة وهى تبكى و كذلك هو و كان رحيم يتابع كل ما يحدث بابتسامة سعادة فهذه خطوة مهمة و كبيرة و ستساعد بشدة فى علاج ليل
ظل أيمن يحتضن ابنته حتى هدأت تماما ليبتعد عنها قليلا و ربت على راسها و قال
- ممكن تسامحينى يا ليل
ظلت تنظر اليه بصمت ليبتسم بحزن و هو يقول
- خدى وقتك و أنا أوعدك من النهاردة هتلاقيني فى ظهرك و سندك وأمانك و أيدى لو اترفعت عليكى تانى هقطعها
لتشهق ليل بصوت عالى و أمسكت يديه تقبلها باحترام ليبكى من جديد و هو يقبل رأسها و يضمها من جديد
و بعد بعض الوقت ابتعد عنها بعد ان قبل رأسها مرة اخرى وقال
- هسيبك دلوقتى علشان هروح لأختك كمان لازم ارجع لماما المستشفى ماما عملت العملية يا ليل و اكيد لما تفوق هتبقى عايزة تشوفكم خفى بسرعة علشان متخافش عليكى كمان امتحاناتكم قربت
ظهر التوتر و القلق على ملامحها لكنها طمئنها قائلا
- متقلقيش ان شاء الله ماما هتكون زى الفل و ترجعلنا و انتو كمان ترجعولى
تركها و غادر الغرفة ليقابله دكتور رحيم بابتسامة مشجعة و قال
- الخطوة دى هتفرق جدا معاهم
ليهز أيمن رأسه بنعم و توجه الى غرفة شمس و رحيم خلفه
يتبع
تكملة الروايه من هنا
تعليقات
إرسال تعليق