الجزء الثامن
كانت تسند رأسها على شباك السيارة و عامر يقود بها إلى حيث شمس بعد أن أصرت عليه أن يذهب بها.
انهمرت الدموع بشدة من عينيها وأغمضتها وهى تتذكر
ما أخبرها به عامر عن حالة شمس.
فلاش باك.
ظلت تصرخ به حتى انهارت على الأرض تبكى : رد عليا يا عامر ماله شمس؟
هبط عامر وضمها إليه وقال بصوت حزين: شمس تعبان
تعبان أوى يا ورد.
رفعت رأسها إليه بخوف: تعبان من إيه؟
دمعت عيناه : عنده سرطان فى مرحلة صعبة.
للحظة ظنت أنها توقفت عن التنفس ثم عاد إليها عندما تحدثت: س...س.رطان ازاي؟
ازدرد ريقه بصعوبة: عنده سرطان الجلد، جاله من فترة ونبه عليا مقولش لحد خالص وكان جاي البلد يحضر فرحك لما حصل اللى حصل و اتجوزك دلوقتى هو فى المستشفى لأنه حالته بقت صعبة وجسمه مش بيستجيب للعلاج.
نظرت له مشدوهة لفترة طويلة قبل أن تنهض وتقول بجمود: وديني ليه.
قال بإجهاد نفسي: ورد...
قاطعته بإصرار: بقولك خدني لشمس يا عامر أنا عايزة أروح واقف جنبه مهما هيحصل بعدين حتى لو سابني.
عودة للحاضر.
فتحت عينيها على حديث عامر: قربنا نوصل للمستشفى
وأنا مليش دعوة برد فعل شمس تمام علشان هيتجنن عليا لما يعرف أنى قولتلك وجيبتك.
قالت ببرود: أنا هتصرف.
وصلت معه إلى المستشفى وكلما اقترب لقاءه كانت تشعر بالتوتر يزداد داخلها، وقفت أمام غرفته أما عامر أختار أن ينتظر بالخارج.
فتحت الباب ونظرت بتفقد لتجده نائم على السرير،
دلفت وأغلقت الباب وراءها ونظرت له بذهول
كم تغير شكله فى الفترة القصيرة التى تركته بها
سقط شعره و نحف كثيرا كما شحب وجهه للغاية.
اقتربت منه وهى تكتم صوت بكاءها وتجلس بجانب سريره.
فتح عينيه بتعب وحدق بها بصمت كأنه شعر بوجودها وقال بهمس: ورد.
اقتربت منه وهى تبكى : ايوا ورد خبيت عليا ليه يا شمس؟
تنهد وقال بتعب: كنت هقولك ايه يا ورد أنى تعبان وخلاص قربت أمو..
وضعت يدها على شفتيه تمنعه: متقولش كدة أنت أن شاء الله هتخف وتبقي كويس الأعمار بيد الله.
أبتسم بضعف: مش كلامي يا ورد بس دى حالتى، خايفة عليا؟
ورد بتعجب: أكيد طبعا ايه الكلام ده !
أغمض عينيه بألم: ورد أمشي أنتِ مش لازم تكوني هنا
روحي عيشي حياتك أحسن.
قالت بإصرار: هو أنت فاكر أني سطحية أوى كدة؟
يا شمس بمزاجك أو غصب عنك أنا هفضل معاك لغاية ما تخف أن شاء الله حتى لو هتسيبني بعدين ومش عايزة كلام فى الموضوع ده تانى.
أبتسم لها ونظر لها مطولا ف احمرت خجلا منه،طرق الباب
و دلف منه عامر الذى قال بحذر: عامل إيه يا شمس؟
قال شمس بتوعد: كويس أن شاء الله قريب هتاخد اللى فيه النصيب مني.
أبتسم عامر ورفع يديه كالمستسلم: عرفت لوحدها بالصدفة ومقدرتش امنعها متجيش.
نظرت ورد بعتاب لشمس: ليه هو أنت زعلان أني عرفت مثلا؟
قال شمس بهدوء: مش عايزك تتحملي مسؤولية مش بتاعتك يا ورد أنتِ تستاهلي الأحسن.
رفعت حاجبها: طب ما هو الأحسن قدامي أهو.
حمحم عامر: أظن أنى جيت فى وقت مش مناسب.
نظرت له ورد بغيظ: ايوا وياريت تتفضل تروح تجيب لى أكل.
رفع عامر حاجبيه بذهول: لا والله دلوقتى مبقتش عاجبك يا ست ورد .
قالت ببرود: يلا علشان مفطرتش وقهوة معاك.
ضحك شمس بتعب ف نظرت له ورد بحنان أما عامر أبتسم لأن نفسية شمس الفترة الماضية كانت سيئة.
نظر عامر لورد بحنق قبل أن يخرج و تلتفت ورد لشمس.
قالت له بقلق حاولت إخفاءه: صحتك عاملة ايه؟ الدكتور قال إيه؟
قال شمس بتهكم: قالوا إنه حالتي متأخرة وجسمي مش بيتسجيب للعلاج وكل شوية كيماوي وفحوصات وحقن.
حاولت تغيير الموضوع: بس تصدق شكلك أحلى من غير شعر.
أبتسم بسخرية: لا بجد.
قالت ببساطة: اه والله ملامحك الحادة باينة اكتر دلوقتي
استني كدة.
اقتربت منه ثم ابتسمت إبتسامة كبيرة: ايه ده عيونك رمادى أول مرة أخد بالي.
قال بمزاح: عارف أنى حلو على فكرة.
ورد : يا سلااام طيب ماشي .
طرق الباب فظنوا أنه عامر ولكن دلفت مرام إلى الغرفة
انقلب وجه ورد وعبست بوضوح.
قال شمس بإنزعاج: أنتِ إيه اللى جابك هنا؟
تجاهلت ورد واقتربت منه بتوسل: شمس سامحني بقا أنا عايزة فرصة تانية معاك أنا بجد ندمت على كل حاجة.
نهضت ورد بحدة: أنتِ اتجننتِ بتقولي إيه ؟ ده جوزي
أنا واتفضلي اطلعي برة.
نظرت لورد بحقد : ده كان جوزي قبلك وأنا بحبه ومتأكدة أنه لسة بيحبني ف اطلعي منها يا...
قال شمس بجمود: قولتيها بلسانك كنتِ ولو على الحب ف أنا بندم على كل لحظة حبيتك فيها واتجوزتك
اطلعي برة ومتورنيش وشك تانى فاهمة؟
نظرت لها ورد بانتصار: أظن سمعتي شمس اتفضلي اطلعي برة بقا.
نظرت لها مرام بكرا'هية: مش قولتلك متدخليش بيننا.
أمسكت مرام ورد من حجابها ف حاولت ورد الإفلات منها
وبدأت مشاجرة بينهما، نهض شمس بصعوبة من سريره
وحاول تحرير ورد من مرام حتى نجح وضمها إليه
و دفع مرام بعيدا.
صاح بها: أنتِ إزاي تتجرأِ تمدي أيدك عليها دى مراتي
وبقولك يامرام لو مطلعتيش حالا هندمك على اليوم اللى فكرتِ تيجي فيه.
نظرت له بندم وخيبة أمل وغادرت أما ورد التفتت ل شمس لتشكره ولكن صرخت عندما وجدته شاحب الوجه
يفتح عينيه ويغلقها بصعوبة.
ورد بقلق: شمس أنت كويس؟ أرتاح.
أسندته و أجلسته على السرير : أنا هروح أنادي للدكتور.
أمسك بيدها يمنعها: لا أنا كويس يا ورد خليكِ هنا.
جلست أمامه: متأكد؟ طب حاسس بأيه؟
قال شمس بهدوء: اقعدي يا ورد عايزة أحكي لك حكاية مرام وكمان أعمامي وايه اللى كان بيحصل معايا الفترة
اللى فاتت.
صمتت تنتظره يبدأ الكلام أما هو قال بصوت هادئ: أنا من وأنا صغير كنت عايش مع بابا وماما فى بيت منفصل عن بقية أعمامي وده علشان الخصوصية وكان وضع مريح لينا مكنتش بشوف عمامي كتير أصلا، كنت طفل سعيد
وزى أي طفل عادى لحد ما بابا مات وأنا عندي ١٤ سنة
ساعتها حياتى اتقلبت كليا لقيت أعمامي كلهم جم البيت عندنا بدل ما يقفوا جنبنا هددوا ماما لو مرجعتش حقهم
هيعملوا حاجات مش حلوة معانا، ساعتها سألت ماما هما ليه كدة وأصريت عليها .
أخذ نفسا عميقا ثم أكمل: قالتلي أنه جدي كتب كل الورث لبابا وطول السنين دى أعمامي بيحاولوا يرجعوا ورثهم منه، ف استغربت ليه بابا يعمل كدة هو بابا وحش؟
نظر لها: ساعتها عرفت أنه مش لازم علشان أنت اب كويس تكون إنسان كويس بابا اخد ورثهم طمع منه
وبردو أعمامي مش ملايكة، قولت لماما طب ما تديهم أنتِ فلوسهم ويسيبونا فى حالنا قالت إنها مش معاها حاجة
وبابا دخل بالفلوس دى مشروع واستثمار كبير وخسرهم قبل ما يموت، لما جم تانى حاولت افهمهم لكنهم مسمعوش
وضر'بوني وبهدلوا ماما و حولوا حياتنا جحيم
ماما مكنتش بتكمل فى أي شغل علشان هما بيخلوا
المدير يطردها يسلطوا علينا ناس تضايقنا مسبوناش فى حالنا لحد ما ماما ماتت من التعب والهم و المرض
أنا وقفت على رجلي بسرعة لأني مبقاش ليا حد
وحاولت ألاقي شغل بجانب دراستي وبردو أحاول اتواصل معاهم أقولهم أنه بابا خسر الفلوس وأنا مش معايا
حاجة مكنتش بيصدقوا خالص لحد ما كبرت واشتغلت
واجتهدت فى شغلى ساعتها قابلت مرام و حبيتها
و اتجوزتها بس....
قالت بتساؤل: بس إيه؟
ظهرت المرارة فى عينيه : عرفت أنه أعمامي هما اللى باعتين مرام علشان تضحك عليا وتسرق فلوسي
طلقتها فورا وحذرت أعمامي لو قربوا مني تانى مش هسكت وبدأت ادي شغلي كل مجهودي و وقتي لحد ما
أخيرا عملت المصنع اللى بحلم بيه ومرام كل شوية تكلمي
أنها ندمت وأنا اصدها لحد ما حرقوا المصنع وهما فعلا
اللى حرقوه وأنا أتأكدت كمان لما جيت البيت بنزف
هما بعتوا ناس يضربوني، قدمت بلاغات ضدهم أخيرا
وكمان لقيت دليل أنه بابا خسر فلوسه و فلوسهم فى مشروع وبعدوا عن حياتي أخيرا بس الحمد لله جالي المرض ده وانا قدامك أهو.
قال الجملة الأخيرة بإبتسامة حزن ف اندفعت إليه وعانقته وهى تبكى بقوة، ربت عليها بحنان : متعيطيش يا ورد.
قالت ببكاء: مش مصدقة أنك واجهت كل ده لوحدك
أنت قوى جدا يا شمس.
قال بحنان: وأنتِ كمان قوية يا ورد .
ابتعدت عنه و نظرت فى عينيه: صدقني أنت هتتغلب
على دى كمان وأنا هبقي معاك دايما يا شمس .
نظر لها بعمق: كنت مستغرب كل تصرفاتك فى الأول لأنه عمر ما أحد أهتم بيا إلا لمصلحة بس أنتِ فعلا نقية
وجميلة من جوا ومن برة يا ورد.
بقلم ديانا ماريا.
مرت الفترة التالية مليئة بالضغط والترقب وكانت ورد فى حالة توتر قصوى، بدأ أسلوب معالجة جديد لشمس
وكانت ورد تلازمه أغلب الوقت ترفض مفارقته إلا قليلا ومع إصراره و إصرار عامر ولكن مع ذلك زادت حالة شمس سوءا وضعف و ازداد وهن مع الوقت، و شعرت ورد أنها تعيش على حافة الهاوية من شدة خوفها عليه وخوفها من فقدانه وإذا كانت من قبل لديها شك فى مشاعرها اتجاهها فقد تأكدت هذه الفترة أنها تحبه بالفعل وتحبه كثيرا .
كانت تجلس بجانبه تقرأ القرآن حين فتح عينيه وقالت بصوت ضعيف للغاية: و..ورد.
أغلقت المصحف و اقتربت منه: نعم يا شمس.
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يتنفس ببطء: عايز أقولك خدى بالك من نفسك يا ورد و عيشي حياتك كلها بفرحة.
قالت بريبة وخوف: بتقول كدة ليه بس ؟
قال بوهن: حاسس أنه كدة خلاص يا ورد ف علشان كدة بقولك متزعليش عليا و عيشي حياتك أن شاء الله هتلاقي حد تحبيه وحد يستاهل قلبك الطيب ده
مكنتش عايز اعلقك بيا علشان متتوجعيش بس اللى حصل، صدقيني لو كان عمري اطول من كدة كنت حبيتك من كل قلبى وبكل ما فيا لأنك تستاهلي فعلا بس ربنا مش رايد.
انهمرت دموعها : متقوليش كدة يا شمس بالله عليك هتخف وهتبقي كويس.
أغمض عينيه و سقطت يده من يدها ف نظرت له بصدمة : شمس مالك يا شمس ؟
ركضت خارج الغرفة تصرخ و تنادى لأي طبيب يأتي
ثم عادت لشمس مجددا تهزه: شمس اصحي ورد عليا
يلا يا شمس أنت هتفضل معايا صح رد عليااا.
دلف مجموعة من الأطباء للغرفة و عامر أيضا الذى صدم من منظره وأمسك ب ورد يبعدها وهو ينظر لشمس
بذهول أما ورد حاولت الإفلات منه وهى تصرخ بقوة وانهيار: لا سيبني بقاا شمس متسبيش وتمشي
بالله عليك يا شمس متروحش مني
لسة قدامنا كتير شمس فتح عينك شمس يا شمس!
#يتبع.
#فرصة_أخرى_للحب.
#ديانا_ماريا.
تعليقات
إرسال تعليق