هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل الثانى (2)
____ بعنــوان "زواج" ____
قبل 4 شهور
مر شهر على وفأة “نادر” و “عهد” تعيش في منزل “الصياد” بنفس غرفة أختها وسط معاملة العائلة السيئة لهما وكره الجميع الوضوح لهما، أغلقت “عهد” الهاتف مع صديقتها ودخلت من التراس إلى الغرفة وجلست جوار أختها على الفراش تفكر كيف تخبرها بأنها يجب أن ترحل وتعود بعد أن أجبرت ها “سلمى” على البقاء بحفيدها هنا فترة العدة، تنحنحت “عهد” بلطف ثم تحدثت بحيرة قائلة:-
-عليا أنا عندى كلية ودراسة وإمتحانات
نظرت “عليا” لها بحزن وهى تعلم بأن مستقبل أختها هناك فقالت:-
-أنا عارفة
حسمت “عهد” شجاعتها وقالت بلطف:-
-أنا لازم أرجع القاهرة يا عليا، أنا ماضية شرط جزاء للدار وحفلة التوقيع بكرة في الإسكندرية وإمتحاناتي في الكلية الأسبوع دا
أومأ “عليا” لها بحزن قائلة:-
-ماشي وخلى بالك من نفسك يا عهد
تبسم “عهد” بلطف لها ثم جمعت أغراضها في الحقيبة لكى تعود للقاهرة وحدها تاركة أختها وابنها هنا مع أهل زوجها المتوفى، كانت تسير في الحديقة وتتحدث في الهاتف مع مؤظفة الدار الغاضبة وتقول:-
-يا أستاذة عهد عشان ننهى النقاش دا يفضل حضرتك بكرة الساعة 2 تكوني في الإسكندرية
تحدثت “عهد” بنبرة غليظة ووجه عابس:-
-أكيد
أنهت الأتصال معها ثم أستدارت لترى “خالد” واقف خلفها مبتسمة ثم قال:-
-أنا مكنتش أعرف أنكِ مشهورة
ردت عليه بنبرة غليظة مُشمئزة من الحديث معه تقول:-
-شكرًا
مرت من أمامه لكى تغادر فأستوقفها وهو يمسك معصمها بلطف ويقول:-
-أستنى هبابه خلينا نتحدد سوا
نظرت ليديه ثم جذبت يدها من قبضته بقوة وهى تقول:-
-وأنا مش عاوزة أتكلم معاك
دخلت للمنزل بضيق وهى مُشمئزة من هذا الرجل ومن وجودها في الصعيد، تبسم “خالد” وهو ينظر عليها أثناء مغادرتها ثم تمتم قائلًا:-
-يخربيت جمال بنات مصر
____________________
كان “نوح” جالسًا في مكتبه بداخل المحجر شادرًا في أفكاره وهو يفكر في قاتل أخيه، وقف من مكانه وهو يسير في الغرفة بحيرة وعقله بعالم غير العالم حتى أنه لم ينتبه إلى فتح باب المكتب ليقطع شروده عندما شعر بيد تلمس ظهره ألتف ليجد “أسماء” ابنه عمه فنظر إليها وإلى باب المكتب المفتوح وهرع إليه لكى يغلقه وهو يصرخ بها قائلًا:-
-أنتِ اللى جابك أهنا؟
وضعت يدها على كتفه بدلال لتقول بنبرة ناعمة:-
-أتوحشتك يا نوح بجالك شهر مبتعودش الدار ولما بتعاود بتكون متأخر وتطلع مع طلعة النهار
أبعد يدها عنه ثم قال بجدية وحزم:-
-ليكون لازم أخد الأذن منك
تنهدت “أسماء” بحزن مصطنع وتنظر بعينيه بترجي لتقول:-
-وبعدين يا نوح هيفضل قلبك حجر أكدة لحد ميتى، أنا عملت كل حاجة عشان أعجبك وأرضيك
أستدار يعطيها ظهره بأختنا وقال ببرود سافر:-
-ولحد ميتى هفضل أقولك أن الحب مش عافية يا بنت عمى، وأنا مشايفكيش غير بنت عمى وبس زى خيتى تمامًا ريحى حالك وبطلى تتعبي قلبك وتجيب له العذاب
أشتاطت غيظًا من حديثه وهو يرفض مرة جديدة كالسابقة ودومًا لتصرخ به قائلة:-
-ما هو لو في واحدة في حياتك كنت جولت أنك عاشج لكن أنت بطولك أكدة ولا تكون ناوى تتجوز رجاصة كيف أخوك
عقد حاجبيه بضيق وأشتاط غضبًا من حديثها ليستدير وهو يمسكها من يدها بقوة ويقول بحدة صارمة:-
-غورى من وشي يا أسماء جبل ما صبري يخلص عليكِ
طردها من الباب ليرى “عطية” صديقه يدخل الباب فنظر إلى “أسماء” الغاضبة وهى تغادر بوجه غليظة وشاحب فقال بمرح:-
-وبعدهالك يا ولد الصياد
تمتم “نوح” بضيق وهو يقول:-
-تعال يا عطيه
دلف “عطيه” معه إلى داخل المكتب وهو يقول:-
-طب والله عندها حج، ما تجوزها يا نوح البنت بتحبك وعاوزك وأنت مش عاشق غيرها يعنى
رفع “نوح” نظره إلى صديقه بإختناق وضجر من حديثه ثم قال:-
-جواز أيه ونادر مفاتش على جتله شهر مش قبل ما أجيب اللى جتل أخويا
أقترب “عطيه” منه بخبث ثم سأل بهمس:-
-وبعدها هتتجوز أسماء
تنحنح “نوح” بإحراج ثم قال وهو يقف لكى يغادر:-
-ربك يسهل يا عطية
____________________
جمعت “عهد” حقائبها ووقفت أمام أختها ببسمة حزينة لفراقها ثم قالت:-
-حاولى تهربي من هنا يا عليا أنتِ اللى كان بيربطك بالناس دى مات، أنتِ دلوقتى حرة
عانقتها “عليا” بضعف وحب وهى تمسح بيدها على مؤخرة رأس أختها ثم قالت:-
-خلى بالك من نفسك يا عهد وأنتِ بتسافرى من الإسكندرية للقاهرة وركزي في إمتحاناتك دى
تبسمت “عهد” بلطف في وجه أختها وهى تسلل من عنقها لتتقابل أعينهما ثم قبلت “يونس” من يده وقبل أن تخرج من الغرفة، دق باب الغرفة ودلفت “حُسنة” لهما تقول:-
-الفطار جاهز
أخذت “عليا” أختها من يدها وتركت “يونس” في الفراش نائمًا ونزلا معًا، كان “على” جالسًا بمقدمة السفرة وجواره زوجته “سلمى” و”نوح” بجانبها في الجهة الأخرى كا يجلس “حمدى” وزوجته “فاتن” ثم “خالد” وجواره “أسماء” ، تنهدت “عليا” بخفة ثم جلست هي وأختها جوار “نوح” وكانت “عهد” مقابل “خالد” وجوار “نوح”..
تناول الجميع فطارهما في صمت وكانت “عهد” تنظر في هاتفها بيدها الأخرى مُحاولة البحث عن سيارة أوبر تنقلها إلى القاهرة فهتفت “عليا” بلطف قائلة:-
-كُلى يا عهد، أنا هديكى عربية نادر تسافرى بيها
صاحت “سلمي” بانفعال شديد وهى تترك الملعقة من يدها قائلة:-
-واا ومين جالك أنى هوافج أن عربية ولدى تطلع من أهنا
تحدثت “عليا” بغضب سافر فهذه العربية ملك لها بعد وفأة زوجها هي وابنها الوريثين الوحيدان له قائلة:-
-أنا حرة في أملاكى ودى بتاعتى دلوقت حتى لو هولع فيها
تحدث “على” بنبرة هادئة وهو يتناول طعامه :-
-خلاص يا حجة همليها تعمل اللى عاوزاه
صاحت “سلمى” بانفعال قائلة:-
-جولت لا يعنى لا
كاد “عليا” اأن تصرخ لتمسك “عهد” يدها بلطف تمنعها من الحديث ثم قالت بخفة:-
-خلاص يا جماعة، خلاص يا عليا أنا مبعرفش أسوق أصلًا هطلب عربية وخلاص
تحدث “خالد” بنبرة ناعمة يغازلها قائلًا:-
-متتخانجوش يا جماعة، أنا هوصلها للقاهرة بنفسى
كان يتحدث وقدمه تلمس قدمها من أسفل السفرة لتفزع “عهد” من مقعدها بهلع من لمسه لها ليسقط كوب الشاي الساخن على “نوح” وهى تقف، نظرت لـ “نوح” بقلق وقالت بخجل:-
-أنا أسفة
قالتها وركضت بهلع إلى الأعلى لكى تغادر بأسرع وقت ممكن، لم تنتظر صعود أختها لتأخذ حقيبتها وتضع حقيبة ظهرها على كتفها وغادرت المنزل قبل أن يأتي “خالد” لها مرة أخرى، ركبت توكتوك من أمام المنزل ليأخذها إلى الموقف العام وهى لم تنتظر السيارة الخاص، سارت وسط الزحمة تبحث عن ميكروباص ذاهب إلى القاهرة أو الإسكندرية، أقترب بعض الشباب يتغازلوا بها وهى تحاول الفرار بعيدًا، توقفت سيارة رباعية الدفع سوداء أمامها ثم فتح الباب وترجل “نوح” منها ليقترب نحوه وفور أقتربه رحل الشباب بعيدًا يتحدث أحدهم بخفوت:-
-تعال يا عم إحنا مش جد نوح الصياد
سمعتهم “عهد” فنظرت إلى “نوح” بصمت وتعجب لظهوره الآن في هذا المكان ففتح باب السيارة الأخر وقال:-
-أطلعى
نظرت له بخجل ثم إلى الموقف بحيرة لكن ركوبها سيارته أفضل بكثير لسيارة الميكروباص، ثم صعدت ليضع “نوح” حقيبة سفرها في المقعد الخلفى وركب إلى مقعد السائق لتقول:-
-مش عاوزة أتعبك
أجابها “نوح” بنبرة هادئة ليقول:-
-مفيش تعب أنا كدة أو كدة مسافر إسكندرية هنزلك أقرب مكان ليكي
تبسمت “عهد” بعفوية وهى تلتف بجسدها له وتتكأ بظهرها على الباب وقالت بحماس:-
-ينفع أتعبك طيب وتوصلنى إسكندرية
نظر لها بتعجب ثم نظر إلى الطريق وهو يقول:-
-إسكندرية مش القاهرة؟!
أومأت له بنعم وهى تقول:-
-أه عندى شغل هناك ضرورى
أومأ لها بنعم وركز في قيادته وهاتفها لا يتوقف عن الرنين وأستقبالها للاتصالات المتتالية، رن هاتفها باسم موظفة الدار لتنهدت بضيق قبل ان تجيب عليه ثم أستقبلت الاتصال لتسمع صراخ ووصل صوت الموظفة إلى أذن “نوح” فقالت”عهد”:-
-قولتلك هكون عندك الساعة 2 مفيش داعى لكل الغضب دا
-أعذرينى في الكلمة بس حضرتك مستهترة
أغمضت “عهد” عينيها باختناق تكبح غضبها ثم قالت:-
-أنا ممكن مجيش على فكرة وكل واحد وواحدة أشتروا تيكت للحفلة يثور عليكم بس أنا مش حابة أعمل أذية لحد ومتتصليش تاني
أغلقت الهاتف تمامًا ثم نظرت للنافذة ودمعت عينيها بحزن من إهانة هذه الموظفة لها، أنتبه “نوح” على حزنها وغضبها المكبوح بداخلها الذي تحول لدموع واضحة رأها في المرآة الجانبية للسيارة فضغط على زر النافذة يفتح لها الزجاج لتنفث عن غضبها في الهواء الطليق دون ان يتفوه بكلمة واحدة، نظرت “عهد”إلى زجاج النافذة وهو يُفتح لتنظر إلى “نوح” وهو ينظر إلى الطريق، لم يُفضل النظر لها في موقف كهذا ويرى ضعفها، أوصلها إلى المكان المحدد لإقامة الحفل ثم ترجلت وهى تقول:-
-متشكرة جدًا تعبتك معايا
هز رأسه لها ثم غادر، دلفت إلى الغرفة المُحددة وكانت صديقتها “ليلى” في أنتظارها بملابس جديدة لأجلهاوفور رؤيتها هرعت إليها تقول:-
-أخيرًا يا عهد، يلا معندناش وقت لازم تغيرى هدومك بسرعة
تذكرت “عهد” حقيبتها التي تركتها بسيارته لتصرخ بهلع:-
-شنطتى؟
قصت “عهد” لها ما حدث لتقول “ليلى:-
-مش وقت فاضل ساعة وتكونى على المنصة بدلى هدومك دلوقت وبعدين نشوف موضوع الشنطة دا
___________________
تذكر “نوح” الحقيبة فنظر للخلف لير حقيبتها في سيارته، نظر في ساعة يده وكان متأخر على موعده فأكمل طريقه إلى الفندق
___________________
كانت “عهد” جالسة على مقعدها وأمامها طاولة زجاجية موضوع عليها كتابها الصادر عن نجح العلاقات وتوقع للجميع على النسخ الخاصة بهما وأحدهم يُقدم لها باقة ورود وهدايا لتستلمها “ليلى” صديقتها ومديرة أعمالها، وقفت “عهد” من مكانها لتصعد على المنصة وتبدأ تتحدث عن الكتاب والعلاقات البشرية بجدية لتتوقف عن الحديث بدهشة أحتلت وجهها عندما رأت “نوح” يقف هناك بهيئة غير هيئته كان يرتدي بدلة رمادية وقميص أسود ويرفع شعره الأسود للأعلى لأول مرة تعلم لون شعره، أشاحت نظرها عنه بخجل وأرتباك من أنظار الجميع ثم أنهت حديثها ونزلت الدرجات وهى تبحث عنه لكنه أختفى فقالت مُتمتمة:-
-معقول تهيوات ..
أقترب منها مجموعة من الطلاب يقدمون لها النسخ لكى توقعها فتبسمت “عهد”إلى وجوهم وتوقع لهم بقلمها ليُقدم لها أحدهم باقة من الورد الأبيض ويقول:-
-إحنا بنحبك أوى
تبسمت “عهد” لهما وهى تقول:-
-وأنا كمان عن أذنكم
خرجت من القاعة حاملة باقة الورد في يدها وتتحدث مع “ليلى” الحاملة للهدايا الكثيرة، وقع نظرها على “نوح” وهو يقف أمام سيارته بأنتظارها فقالت بعفوية:-
-خلاص روحى أنتِ العربية وحطي الهدايا وأنا هحصلك
تقدمت نحوه ليعتدل في وقفته وهو يراها قادمة مُرتدية بدلة نسائية حمراء وحول خصرها النحيف حزام من ماركة فالنتينو أسود عريض وحذاء أسود بكعب عالي وشعرها مسدول على ظهرها، تبسمت بخفة وهى تقول:-
-أسفة عارفة أنى تعبتك المرة دى بجد
أخرج الحقيبة من سيارته ثم قال:-
-ولا يهمك
أخذت الحقيبة ونظرت له بعفوية مُبتسمة بإشراق لتقول:-
-أنا في الأول معرفتكش
نظر لها بصمت لتسرع في الحديث قائلة بإحراج:-
-مش قصدى حاجة والله بس شكلك أتغير شوية
أومأ لها بنعم ثم غادر لتتأفف بضيق من بروده وصمته الدائم فهى ظلت شهر في منزله ولم تسمع صوته إلا مرات قليلة أثناء حديثه مع والدته ولم يخاطبها مباشرة ولا مرة واحدة...
صعد السيارة بجوار “ليلى” لكى تعود إلى القاهرة تستعد إلى جولة طويلة في الإمتحانات النهائية لسنة قبل الأخيرة في كلية الإعلام...
___________________
“منزل عائلة الصياد”
كان “حمدى” جالسًا على الأريكة ويشرب النارجيلة ويسمع أغاني عبد الوهاب، أقتربت “فاتن” منه وهى تقول:-
-أموت وأعرف جايب البرود دا منين، يا راجل أخوك وابنه هيكوشوا على الورث كله
نفث الدخان من أنفه ببرود سافر وهو يرفع قدمه الأيسر إلى الأريكة ويضع يده على ركبته بخبث وهو يقول:-
-أنتِ متعرفيش حاجة ومالكيش غير في حديد النسوان اللى جاعدة وياها طول النهار ومتعرفيش أهنا في أيه
قالها وهو يشير إلى رأسه بفخر ومكر شيطاني، أربتت “فاتن” على يده بغرور وقالت:-
-بكرة تشوف يا سبع الرجال اللى أخوك ونوح ولده هيعملوا وهيطلعوك من كل دا حافي يا سبعي
وقفت من جواره لكى تغادر الغرفة مُشتاطة غاضبة وتقول:-
-أنا طالعة رايحة لدار حورية أشوفها وأشوف حماتها اللى جرفاها في الحياة دى
خرجت من الغرفة لتتركه كما هو فأخرج هاتفه بعد أن تأكد بأنها غادرت وأتصل بأحد يقول:-
-عاوز أشوفك بعد ساعة ...
____________________
أنشغالت “عهد” في الدراسة والإمتحانات وكتابة الكتاب الجديد، وأيام تنشغل في حلقات الإذاعة في الردايو رغم كونها طالبة في كلية الإعلام لكن بعلاقتها مع أحد الأساتذة بالكلية، عملت بالإذاعة منذ عامها الدراسي الأولي وأصبحت صاحبة برنامج من أشهر البرامج في الإذاعة وأهتمامها بالكتب وقناتها الخاصة على اليوتيوب التي تقدم بها محتوى خاص بالكتب والتعامل في العلاقات، وكل هذا أختها سجينة في الصعيد وحجتها أن تكمل عدتها حتى اليوم جمعت ملابسها في حقيبة وطفلها جالس على الفراش ويحمل هاتفها يشاهد أغاني الأطفال ليفتح باب الغرفة ودلفت “سلمى” بغضب لترى ما تفعله فسألت بجدية:-
-أنتِ بتعملي أيه يا مرت ولدى
أجابتها “عليا” بجدية وهو تضع الملابس في الحقيبة دون النظر لها قائلة:-
-زى ما حضرت شايفة بلم حاجاتى عشان أمشيوأظن العدة خلصت النهاردة
عقدت “سلمي” ذراعيها امام صدرها بغرور وقالت:-
-مين جال أنك هتمشي من أهنا
أعتدلت “عليا” في وقفتها بهدوء ثم تنهدت بخفوت قبل أن تفرغ غضبها الذي تحملته هذه الفترة هنا لتقول:-
-حضرتك قولتي أقضي العدة هنا عشان الناس وعشان وعشان.. وأهى العدة خلصت أنا عندي شغل وحياة هناك
حملت “سلمى” الطفل بقوة لتقول:-
-عاوزة تمشي يبجى تمشي لحالك ولد ولدى مهخرجش من اهنا
أتسعت عيني “عليا” على مصراعيها بذهول لتقترب كى تأخذ طفلها منها بالقوة وهى تصرخ دون أهتمام لأحترام هذه السيدة قائلة:-
-أنتِ بتقولي أيه؟ أدينى ابنى
دخلت “فاتن” و”أسماء” على صراخهما وشجارهما وهم يقفوا في صف “سلمى” ويدفع “عليا” خارجًا وحدها بدون طفلها حتى أخرجوها من المنزل كاملًا لتعطي “سلمى” الطفل إلى “أسماء” وقالت بجدية وغضب:-
-عاوزة تعيشي ويانا ويا ولدك يبجى معندكيش غير حل واحد انك تتجوزى من ولدى نوح غير أكدة مهتشوفيش ولدك تانى واصل
أتسعت عيني “فاتن” وأسماء” عاشقة هذا الرجل فهم وقف معها لأجل أرضائها كى توافق على زوج “أسماء” من “نوح” ليس أن تزوجه من أخرى، نظرت “عليا” لها بصدمة قاتلة وهى تقف مكانها خارج باب المنزل فهذه كانت خطتها من البداية أن تسجنها هنا حتى تنتهى العدة وتزوجها من ابنها الأخرى، نظرت “عليا” إلى طفله الباكي هناك بين يدي هؤلاء النساء...
__________________
وصلت “عهد” للصعيد رغم الخوف الكامن بداخلها من هذه العودة ووجود “خالد” هذا الرجل المتعجرف الذي يعاملها معاملة مقززة لكنها جاءت مُلبية طلب أختها في إنقاذها، أخذتها “حُسنة “إلى غرفة “عليا” وكان الباب مغلق عليها من الخارج كسجينة وعندما دخلت أغلقت “حسنة” عليهما مرة أخرى..
__________________
أشتاط “نوح” غضبًا من حديثهما وهو لا يصدق ما يسمع وطلب والدته فقال:-
-جواز أيه يا أمى؟ ما تتحدد يا أبويا
تنهد “على” بهدوء وهو جالس على المكتب ليقول:-
-أسمع كلام أمك يا نوح ولا عاوز البنت تأخد ولدها ومنشوفهوش تاني
كز “نوح” على أسنانه بأختناق وهو يقف من مكانه ويسير بعيدًا ثم قال:-
-يعنى عشان حفيدكم اللى هو كدة كدو حفيدكم ومحدش يجدر ينكر دا تضحوا بيا وبسعادتى
وقفت “سلمى” أمامه ثم وضعت يدها على وجنته بلطف وقالت بعيون دامعة ونبرة خافتة:-
-ليه بتجول أكدة يا ولدى، أنت من البداية ناوي متتجوزش ومفيش واحدة عاجبك، أكتب عليها وخليها مرمية في أوضتها ولا أكنها موجودة بس تكون على ذمتك يا ولدى
صمت ولم يعقب على هذا الحديث فالجدال به لا جدوى منه ستنفذ والدته ما تريده...
___________________
فتح “نوح” باب غرفته بساعده وهو يحملها فاقدة للوعى ثم دلف وأغلقه بقدمه، وضع “عهد” على الفراش برفق وتطلع بوجهها الملاكي قليلًا، لا يفهم سبب أرتدائها فستان زفاف أختها، أخرج علبة السجائر من جيبه وهو يقف في الغرفة لتسقط منه ورقة فنظر لها وكانت صدمته الكبرى عندما رأى اسمها جوار اسمه لتصبح زوجته فنظر للخلف وهو يغلق قبضته على السيجارة يفتتها بقبضته القوي، تطلع بها وهى في فراشه نائمة وفستانها الضخمة يملأ السرير، ظل جالسًا طيلة الليل على الأريكة حتى أذان الفجر فذهب للمسجد كى يصلي وعندما عاد رأها جالسة على الأريكة غاضبة وفور دخوله صاحت بأنفعال:-
-أنتِ بتقفل عليا وحابسنى فاكر نفسك مين
أجابها وهو يقترب نحوها حتى وصل أماها وينظر في عينيها وقال بلهجة ثابتة:-
-جوزك!! مش عاملتي بطلة شجاعة عشان أختك
تحاشت النظر له بصمت فهو على حق هي زوجته برغبتها وبكل قوايها العقلية، جلس على الفراش ينزع عمته وهو يقول:-
-بس عندي سؤال أزاى واحدة زيك بشهرتك وناجحك دا توافج تتضحي بمستجبلها عشان بس أختها
أجابته بنبرة هادئة وهى تسير بصعوبة من فستانها قائلة:-
-عشان كل نجاحي دا وشهرتي بفضل أختى وعشان هي اللى صرفت عليا كل تعبها وفلوسها وجهدها عشان أوصل لدا، عشان مقدرش أشوفها بتتوجع كدة وأسكت
نظر لها وهى تجلس على الأريكة وتأخذ مناديل من فوق الطاولة وتحاول جاهذة تنظيف قدمها من الطين وجروحها، تعجبت بدهشة عندما رأته يجلس على ركبته ويأخذ المنديل من يدها يداوي جرح قدمها بيديه فنظرت له بدهشة بينما هو ينظر إلى قدمها المليئة بالجروح وقال بهمس:-
-نصيحة منى متحاوليش تهربي من هنا لأنك فكل مرة هتفشلي لولا وجودى هناك كان الغفر هيجتلوكي لأن دا الأمر اللى عندهم
أتسعت عينيها وهى تسحب قدمها من يده ليرفع نظره إليها فقالت:-
-وأنا هعيش هنا ؟!
وقف “نوح” من أمامها وقال بجدية:-
-مش دا أختيارك
تنهدت بتعب وأختناق تنهيدة مليئة بالخذلان واليأس ثم نامت على الأريكة في صمت
______________________
في الصباح كانت “أسماء” واقفة أمام باب غرفته وقلبها يشتعل غضبًا وغيرة وهى تعلم بأن حبيبها بالداخل مع امرأة أخرى، بدأت تسير أمام الباب ذهابًا وإيابًا وتضرب يدها بالأخرى حتى أربتت “حُسنة” على ظهرها وهى توقل:-
-واجفة أكدة ليه؟
صاحت “أسماء” بها بأنفعال وكأنها تفرغ غضبها بهذه المرأة قائلة:-
-وأنت ش مالك ما تغورى من وشي يا ست أنتِ
أبعتدت ”حُسنة” عن باب الغرفة وقالت:-
-طب عن أذنك أكدة عشان أصحي العرايس
طرقت على باب الغرفة بخفوت..
أستيقظت “عهد” على صوت طرقات الباب ودهشت عندما وجدت نفسها في الفراش لتبحث عنه ولم تجده فنزلت من فراشها وهى تمسك الفستان بيديها وشعرها مسدول على ظهرها والجانبين وقبل أن تفتح الباب، فتح باب المرحاض وخرج “نوح” مُرتدي عباءة بيضاء اللون، أبتعدت عن الباب قليلًا ليُفتح هو فقالت “حُسنة:-
-الفطار جاهز يا يبه
رأى “أسماء” تقف خلفها غاضبة وهو يعلم جيدًا سبب غضبها ونظراتها النارية هذه لتتسع عينيها بصدمة قاتلة عندما رأت “عهد” بالداخل بفستان الزفاف وليست “عليا”......
هويتُ_رجل_الصعيد
نور_زيزو
نورا_عبدالعزيز
تعليقات
إرسال تعليق