هويتُ_رجل_الصعيد2
الفصل الرابـــع عشــر (14)
___ بعنـــــــوان “قلب عاشق” ___
جلست “أسماء” في الأستراحة والمنطقة المخصصة للأنتظار وبجانبها يجلس “نادر” مُرتدي زى العمليات بعد أن أنهى جراحة للتو قبل قدومه إليهم، سأل بقلق وهو يشبك أصابع يديه مع بعضهم ثم قال:-
-بس غريبة، أنا مش فاهم كيف حد يفكر يأذي نوح، مع ان البلد كلتها في بتحبه ودايمًا بيساعد الناس والغلابة
تنهدت “أسماء” بضيق شديد ثم أجابته بأختناق:-
-تفتكر حتى لو كان طيب الكل هيحبه، مفيش حد الناس كلتها بتحبه أكدةأكيد في اللى بيحجد عليه واللى بيكره أو متغاظ منه
عاد بظهره للخلف يتكأ على المقعد بتعب شديد ويمسح وجهه بيديه وهو يقول بتهكم شديد:-
-على رأيك
نظرت “أسماء” إليه وهى ترى تعبه ووجه شاحبًا وعينيه منتفخة من قلة النوم وبالكاد يستطيع فتحهما لتقول بنبرة خافتة:-
-أنت أخر مرة نمت ميتى؟
نظر إليها وهو ما زال مُسترخى بظهره للخلف وتنهد تنهيدة قوية مُعبأة بالكثير من التعب والأرهاق ثم قال:-
-من يومين ونص تجريبًا
تبسم بعد أن أخبرها بأنه مُستيقظ مُنذ أيام طويلة ليتابع بأرهاق وجسد مُنهك:-
-الحادثة اللى حصلت والأتوبيس اللى أتجلب خلى المستشفى في حالة فوضي والمصابين كلهم جم على أهنا، كيف أنام وفى إنسان بيتألم وأنا خابر زين أنى أقسمت قسم على إنقاذ المرضي
تبسمت بلطف على طيبة قلبه وروحه النقية لتقول:-
-أنت طيب أوى با نادر وحد بجمال جلبك وطيبتك يستحق فعلا أنه يكون ملاك بينجذ المرضي
مر موظف البوفيه من امامهم حاملًا صنية على الكثير من المشروبات فأشار “نادر” إليه وأخذ كوب من القهوة وقطعة كعكة مُغلفة وجعله يرحل، قال “نادر” وهو نظر إليها ثم قال:-
-دى حياة الأطباء يا أسماء وخصوصًا في الحالات الطارئة كيف اللى إحنا فيها دى
نظرت “أسماء” إلى قطعة الكعكة وهو يرقض منه قطعة صغيرة مُتناولًا إياها فقالت بفضول شديد ممزوج بالقلق:-
-أنت فطرت؟
أشار لها بقطعة الكعكة وبوجه مُبتسمًا فقالت بغضب شديد:-
-دا الفطار ويا ترى بجى أتعشيت في العشية ولا لا
نظر للأمام بحرج خوفًا من غضبها فهذا السؤال يوحى له بأنه أنذار شجار قادم وهذا العبوس الذي يحتل وجهها ونظرتها القاتمة كأشعة الليزر التي تخترق رأسه لتحرق وقال بخفوت هامسًا:-
-لا
ضربت ذراعه بقوة غاضبة وهى تطلق العنان لأنفعالها يضرب كيانه وعقله ثم قالت بجدية صارمة:-
-جولت أيه؟
نظر إليها بهدوء ثم قال بجدية:-
-مكنش عندي وجت أكل، الربع ساعة اللى هأكل فيها كنت بشيل فيها شظايا الأزاز من جسم طفل بيزنف، في أوجات إنقاذ المريض فيها اهم من الأكل نفسه
تذمرت بضيق شديد على حديثه وهى تقول بإستياء:-
-بس أنت لو مأكلتش هتتعب ومهتجدرش تعالج حد ولا حتى نفسك
تبسم بسمة دافئة وكأنه يحيا في كل مرة ينفذ فيها روح من الموت وقال بنبرة ناعمة دافئة:-
-صدقينى يا أسماء لحظة ما تشوف المريض سواء كان طفل أو رجل أو عجوز عاش من العمر حياة، لحظة ما تشوفيه غرجان في دمه بتنسي أصلًا أكلك ونفسك وأيدك كدكتور بتشتغل لوحدها
وقفت “أسماء” من مكانها ونظرت للأسفل تجاهه ثم قالت بنبرة خافتة:-
-خلي بالك من حالك وصحتك
غادرت من أمامه قبل أن يُجيب عليها فتبسم “نادر” بسمة رقيقة عليها وذهب بكوب قهوته إلى قسم الطوارئ لكى يكمل عمله..
_______________________
نظرت “عهد” إلى زوجها وهى تساعده في أرتداء عبائته بوجه عابس رافضة طلبه وألحاحه في مغادرة المستشفى ثم قالت:-
-نوح
قاطعها “نوح” بنبرة أكثر حدة وقوة يقول:-
-أنا هخرج من أهنا يا عهد، الرصاصة هم خلاص طلعوها وعالجوا الجرح
تأففت بضيق شديد وما زالت غاضبة وإصراره على المغادرة يثير فضولها أكثر ويُكثر من شكوكها لتقول بحيرة وتردد:-
-نوح أنت عارف اللى عمل فيك كدة صح؟
تجاهل “نوح” سؤالها قائلًا:-
-لو هتكشفي تتطمنى على البيبى روح أكشفي جبل ما نمشي
فتح باب الغرفة ودلف “عطيه” بصبحة “ليلي” والقلق يعتريه فقال:-
-حصل أيه؟
تذمرت “عهد” بأستياء شديد من زوجها لتسير نحو باب الغرفة غاضبة منه وهى تقول:-
-اسأل صاحبك
خرجت من الغرفة لتنطلق “ليلى” خلفها بقلق بينما نظر “عطيه” إلى “نوح” فنظر للجهة الأخرى غاضبًا من تصرفات زوجته، جلس “عطيه” قُربه ثم قال:-
-أيه اللى حصل؟
نظر “نوح” لباب الغرفة بقلق من أن يسمعه أحد ثم قصي له ما حدث ليستشيط غضبًا وهو يقول:-
-وخالد فين دلوجت؟
هز “نوح” رأسه بمعنى لا بضيق وهو لا يعرف شيء سوى هروبه منهم في الأرض الزراعية، ليؤمأ “عطيه” له بهدوء وقال
-أن شاء الله هنلاجيه عن جريب
نظر “نوح” له بغضب مكبوح بداخله ثم قال:-
-لا، مهتلاجهوش... خالد أتلم على همام ومطاريد الجبل
أومأ “عطيه” له بخفة ثم قال:-
-متزعلش مرتك وهى حامل
صمت “نوح” لم يعقب على حديثه، سارت “عهد” تجاه عيادة النساء والتوليد و”ليلى” تسير خلفها تريد أن تلحق بها لكنها غاضبة وغضبها يظهر في خطواتها المسرعة لتقول “ليلى”:-
-أستنى يا عهد
لم تتوقف “عهد” وكأنها لم تستمع للصوت صديقتها فمسكت “ليلى” ذراعها وقالت بلطف:-
-أستنى يا عهد أمال
تأففت “عهد” بشجن لتقول “ليلى” وهى تتطلع بملامح صديقتها والغضب يتملكها:-
-حصل أيه لكل دا؟ أنا كنت فاكرة وأنا جاية في الطريق أن هجي ألاقيكي منهارة عشان قلقانة لكن غضبانة ومخاصمة جوزك دى متوقعتهاش
نظرت “عهد” لها وقالت بانفعال وهى تكز على أسنانها:-
-يا ليلى، نوح مخبي عني حاجة، لا دى مش حاجة دى حاجات، نوح متغير وفى أسرار باينة في عيناه وأنا مش فاهمة هو مخبي أيه وليه؟ لكن أنا عارفة حاجة واحدة بس أن نوح متغير ولما جالي سايح في دمه كان بيقاوح وفى عينه نظرة مفهمتهاش
نظرت “ليلى” لها ثم قالت بلطف:-
-طب خليكي دلوقت جنبه وبعدين عاتبي وأفهمي اللى بيحصل لكن مش خلاص طاقت في دماغك أنك تعرفي وتفهمي دلوقت وهو مريض تجاهلت “عهد” حديثها وفتحت باب العيادة ودلفت للفحص لتنظر “ليلى” بضيق علي صديقتها ثم أخرجت هاتفها لتتصل بـ “عليا” فأجابتها “عليا” وهى جالسة على المقعد امام السفرة تطعم طفلها تقول:-
-أزيك يا ليلى
تحدثت “ليلى” بخفوت وهى تبتعد عن باب العيادة:-
-بخير الحمد لله، أنتِ عاملة أيه؟
تبسمت “عليا” بلطف وهى تجيب عليها:-
-الحمد لله، وعهد عاملة أيه؟
صمتت “ليلى” قليلًا قبل أن تتفوه ثم قصت لها ما حدث لتفزع “عليا” من مكانها ثم قالت:-
-أضرب بالنار أزاى
تحدثت “ليلى” بضيق شديد وهى تقول:-
-هو دا اللى لفت نظرك بقولك عهد ماشية عناد مع جوزها ومخاصماه في وقت زى دا وعادي عندك
سألت “عليا” بقلق:-
-لا متقلقيش أنا هكلمها
ربتت “عهد” على كتف “ليلى” من الخلف وهى تقول بضيق:-
-ليلى
ألتفت “ليلى” لها بفزع خوفًا من غضبها لتقول:-
-بطلي فتنة يا ليلى ها ويلا خلينا نمشي
سارت في الأمام مُتجاهلة الحديث مع أختها، ضحكت “عليا” على تذمر أختها الصغري وأغلقت الخط، عادوا الأثنين إلى الغرفة وكان “نوح” على أستعداد للمغادرة مع صديقه “عطيه” لتنظر “عهد” إليه بضيق وخرجت من الغرفة معه لتستقل سيارة “عطيه في الخلف وهو جوارها وجلست “ليلى” في الأمام بجوار “عطيه” لينطلق بهما، نظرت “عهد” من النافذة بضيق من تصرفه وتهوره لكنها شعرت برأسه تسقط على كتفها بلطف لتنظر إليه فقال “نوح” وهو مغمض العينين بخفة ويقول:-
-عهدي
نظرت “عهد” إليه ويديه تسلل إلى يدها ليتشابكوا الأصابع وكأنه يحاول أمتصاص غضبها بأحتوائه لها وضعفه الذي يعلن عنه امامه لتقول بهمس وهى تنظر على هذا الثنائي الجالس أمامًا:-
-بعدين يا نوح
تنفس نفس عميق وقال بهمس وهو مُتكأ على جسدها:-
-تخيلي لو الرصاصة دى صابت جلبي كنت هترعب لأنك فيه
رفعت “عهد” يدها الأخرى لتربت على يديهما المُتشابكة ثم قالت بخفة:-
-بعد الشر عنك يا حبيبي
صمت “نوح” قليلًا وهو يستنشق عبيرها ورائحتها ثم قال:-
-بجيت شبه المدمن على يدك، مُشتاق لرائحتك ومتسألنيش كيف بشم الورد فيكي دائمًا وكأنك أجمل وردة في حياتي
تبسمت “عهد” بلطف ثم همست إليه بخفة:-
-بس يا نوح هيسمعوك
فتح عينيه وهو يرفع رأسه قليلًا ثم نظر إلى عينيه الساحرتين ووجهها الدافيء بدفء وجنتيها المتوردتين بسبب خجلًا من حديثه هكذا علنًا فقال:-
-الداكتورة جالت أيه؟
تبسمت بعفوية وقلبها يخفق بجنون بعد أن تذكرت حديث الطبيبة لها وقالت هامسة له:-
-ولد، النونو طلع ولد أتمنى يبقي شبهك كدة
تبسم “نوح” لها وقبل أن يتحدث أوقف “عطيه” السيارة ليترجل أولًا وهكذا “عهد” تأخذ يد زوجها وتسانده للداخل فقابلوا”على” و”سلمي” في طريقها للخروج لكنهم توقفوا بدهشة من رؤيته ليقول “علي” بقلق شديد:-
-أيه اللى جابك الدكاترة جالوا هتخرج بعد يومين
-انا زين يا حج
قالها “نوح” وهو يسير نحو الدرج فنظرت “سلمي” بضيق إلى زوجها وقالت:-
-هيفضل رأسه ناشفة أكدة زيك
قالتها وهى تستدير لكى تعود للداخل بعد أن عاد ابنها من المستشفى ...
_________________________
أخذت “عهد” من باب المرحاض بعد أن بدل ملابسه ببنطلون قطني أسود وتي شيرت وردي، ذهبت به نحو الفراش لينام بتعب فجلست أمامه وهى تقول:-
-أستناني هنا
ذهبت لتحضر مجفف الشعر وجلست أمامه تجفف شعره بلطف ويدها تغلغل في خصلات شعره بدلا من فرشة الشعر بلطف، شعرت بيديه يتلامس بطنها المُنتفخة بدلال لتنظر إليه وكان نظره مُثبتًا على بطنها مُغمورًا بطفله وكأنه شاردًا معه لتبتسم بخفة وهى تكمل ما تفعله فقال “نوح” بصوت دافيء:-
-جولتي ولد
أومأت إليه بنعم ثم قالت وهى تجلس على ركبتيها أمامه:-
-اه
رفع “نوح” ذراعه الأيسر يلمس وجنتها بحب شديد ونعومة أشد وألذ ثم قال بخفة:-
-كنت عايز بنت كيف القمر وتكون طالعة لك بس الحمد لله كل اللى يجيبه ربنا زين ونحمده عليه
تبسمت “عهد” بحب شديد ثم قالت:-
-أنا بجي كنت طايرة من الفرح لأن هجيب ابن منك ولك وحتة منك، تخيل ابنى هيكون حتة منك كدة ويدوب بنات البلد كلهم بجماله وحلاوته
نظر “نوح” بعينيها مباشرة وقال بخباثة ودية:-
-وأنا مدوب قلبك؟
ضحكت “عهد” وهى تضع رأسها على كتفه بخفة وضربات قلبها تتسارع لأجله والطمأنينة التي تشعر بها في حضرته تكفيها للبقاء على قيد الحياة، شعر “نوح” بأن عناقها له يمتص فزعها وذعرها التي أصابه حينما رأته غارقًا في دمائه أمس، ليرفع يده يربت على ظهرها لتهمس له بدلال:-
-أنا دايبة أيه بس! دا انا عاشقك بجنون والله لو لاحظة حسيت أنك بطلت تحبنى أموت فيها وموت الحياة أفزع من الموت وألمه أوجع يا نوح
قبل “نوح” رأسها بلطف ثم قال بحب :-
-ألف بعد الشر عنك يا حبيبتي
أبتعدت عنه لترفع نظرها إليه لتلمس وجنتيه بيديها تداعب لحيته بحب ثم قالت بذعر:-
-لو أقولك أحساسي كان عامل أزاى لما شوفتك سايح في دمك، ولا قلبي أتخطف أزاى لما وقعت منى، أنا كنت حاسة انى قلبي وقف وأتعريت قدام الناس، أنت مش بس جوزى يا نوح، أنت قلبي وروحى وحبيب عمرى والله لو جرالك حاجة أنا ممكن أموت فيها، نوحأنا..
أخذ “نوح” يدها في يده بهدوء ثم نظر إليها وقال:-
-أنا هجولك يا عهد بس الكلام اللى هجوله دا ميطلعش برا باب الأوضة دى نهائي لأى حد ولا حتى من باب الفضفضة مع ليلي
نظرت “عهد” إليه بقلق شديد وقالت:-
-في أيه يا نوح
حد من نظرته إليها لتقول بحيرة:-
-حاضر يا نوح مش هقول لحد
قصي لها ما حدث وأختطافه لـ “خالد” مع “تاج” لتقول بذعر:-
-وخالد هو اللى عمل فيك كدة
أومأ إليها بنعم لتنظر “عهد” لزوجها الهادئ رغم معرفته بالفاعل الذي حاول قتله مما أثار فضولها وخوفها في آن واحد، الفضول يقتلها لمعرفة ما ينوى على فعله وهكذا الخوف من رد فعل زوجها الشرس على رجل تجرأ عليه بغباء وهو لا ينتبه أين أنتهاء المطاف بوالده وأخته، فهم “نوح” نظراتها رغم صمتها ليقول بلطف وهو يعود بظهره ويتكأ على الفراش
-أطمني يا عهدي
لأول مرة تشعر بالقلق رغم كونها جواره فكان “نوح” امانها وسلامها وفى حضرته تختفي كل مخاوفها لكن الآن صمت “نوح” كهدوء ما قبل العاصفة وليس ضعفًا أو قبولًا بالأمر..
__________________________
في أحد خيم الغجر كانت “تاج” جالسة مع السيدة العجوزة وهى تمارس ألعيبها على أحد الزبائن وعندما غادرت المرآة ألتفت السيدة العجورة وقالت بضيق:-
-وبعدهالك يا بنت الغجر هتفضلي جاعدة أكدة لا شغلة ولا مشغلة وبعدين تعالى أهنا أنتِ كنتِ مستنية أن ولد الصياد يتجوز غجرية أكدة عادي
مسكت “تاج” خصلات شعرها بغضب سافر ثم قالت بمكر وغضب ناري مكبوح بداخلها:-
-ميبجاش شعرى دا على مرة لو ما دخلت بيت الصياد بعزى وكرمي ولا أنتِ عايزانى أفضل ويا الغجر ونتنجل من بلد لبلد وأفضل غازية الغجر عمرى كله واللى في بطني دا يتولد من غير أب ولا أهل وهو له أهل يسدوا عين الشمس وأتخن تخين، لا أنا هستسلمش للمستقبل الميت أنا همسك بيدي وسنانى في الفرصة اللى جت لغاية عندي، واللى في بطني دا هو الفرصة اللى مينفعش أهملها واصل
قهقهت السيدة العجوزة وهى تنظر في يدها على الحجارة الموجودة في يدها ثم قالت:-
-يبجى هتلاجي النار في وشك ومهطولش تكون لا ست الدار ولا غازية الغجر
نظرت “تاج” لها بضيق شديد ثم وقفت بانفعال صارخة بها:-
-أنتِ عاوزة تتضحكي عليا بألعيبك دى لتكوني صدجتى أنك ساحرة بجد وبتعرفي البخت وتجرأي الكفوف، فوجي أمال دا إحنا طباخين السم سوا
تبسمت السيدة العجوزة وهى ترمي الحجارة في النار الملتهبة أمامها داخل الأناء الأسود ثم قالت بخفوت:-
-بس شكلك نسيت أن طباخ السم بيدوجه يا تاج
غادرت “تاج” الخيمة لتنظر السيدة العجوزة للدخان المبعث من الأناء الذي أمامها فقالت بتمتمة خافتة:-
-الدم ماليكي يا تاج من كل ناحية وشكلك هتغرجي فيه
سارت “تاج” وسط الخيم والغجر وهى غاضبة تكاد تتلقط أنفاسها بصعوبة من شدة ألتهب الغضب داخل صدرها الصلبة فقالت:-
-ماشي يا خالد يا ولد الحرم مبجاش تاج الغجرية لو ما دوستك بجزمتي
_______________________
دقت “فاتن” باب غرفة ابنتها بخفة ودلفت لترى “أسماء” جالسة على الفراش فقالت:-
-صباح الخير
تبسمت “أسماء” وهى تترك الهاتف من يدها وتخفيه أسفل الوسادة بخجل شديد من والدتها ثم قالت:-
-صباح النور يا ماما
نظرت “فاتن” للهاتف وخجل أبنتها ثم قالت بعفوية أثناء جلوسها أمام “أسماء”:-
-شكلك مبسوطة؟ فرحينى وياك
تنحنحت “اسماء” بحرج من والدتها وتوردت وجنتها بلون الدم من ربكتها وتوترها ثم قالت:-
-أبدًا ..جصدي دا عادي يعنى لسه صاحية من نومى
ضحكت “فاتن” بلطف على ابنتها ثم أخذت يدها بين راحتي يدها بعفوية وحُب شديد مُمتنة لسلامة ابنتها وكونها على قيد الحياة وهتفت بلطف قائلة:-
-وأنا معايزاش أكتر من أكدة أنك تكوني بخير ومبسوطة
تبسمت “أسماء” بحُب وسعادة مغمورة بحٌب والدتها وحنان الذي يغرقها في أحتوائها لتقول:-
-أنا بحبك يا ماما ومبسوطة وفرحانة لأنك في حياتى وأمى
رفعت “فاتن” يدها إلى رأس أبنتها ثم بدأت تربت على شعرها بدلال وحنان لتشعر “أسماء” بأنها أميرة والدتها المُدللة والناعمة بقلب طفلة رغم سنوات عمرها الطويلة إلا أنها ستظل طفلة والدتها وصغيرتها لتقول:-
-وأنا معنديش أغلى منك في حياتي كلها ولو حبيتى تحكي ليا حاجة أنا موجودة ومحدش هيحبك ولا هيخاف عليكي جدي أنا
تبسمت “أسماء” لها وقبل أن تُجيب عليها قاطعهم فُتح الباب ودخول “حُسنة” لتقول:-
-الست تاج تحت وعايزة تجابلك يا ست فاتن
أومأت لها بنعم وهى تقول:-
-طيب يا حُسنة أنا جاية
غادرت “حُسنة” لتقف “فاتن” من مكانها وقرصت وجنة أبنتها بدلال ثم قالت:-
-الحديد بينا لسه مخلصش ها
تركت بسمة لأبنتها ثم غادرت الغرفة لتخرج “أسماء” هاتفها من أسفل الوسادة وفتحت مربع المحادثة بينها وبين “نادر” لتجد منه رسائل كثيرة يتسائل عن تأخيرها في الرد بسبب مجيء والدتها لتبتسم بعفوية وهى تعود لمحادثتها معه...
نزلت “فاتن” للأسفل ورأت وجه “تاج” المليء بالعبوس والغضب وهى جالسة على الأريكة في الصالون لتقول:-
-أيه اللى جابك أهنا تاني؟ أنتِ خابرة زين اللى هيحصل لو الحج على شافك أهنا بعد ما كنتِ عايزة تجتلى حفيده وهو في بطن أمه
تبسمت “تاج” بخباثة شديدة ثم وقفت بثقة وهى تقول:-
-أنتِ خابرة أنا جاية أهنا ليه؟ أنا مش عبيطة عشان أجي أكدة من غير حاجة تحمينى منكم ومن شركم
نظرت “فاتن” لها بصمت لتبتسم “تاج” بسمة ماكرة وعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت:-
-أنا حبلة في حفيدك أنتِ يا ست فاتن.....
يتبـــــــــــــــــع....
هويتُ_رجل_الصعيد2
نور_زيزو
نورا_عبدالعزيز
تعليقات
إرسال تعليق