القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية خان غانم الفصل الثامن عشر 18بقلم سوما العربي


رواية خان غانم الفصل الثامن عشر 18بقلم سوما العربي 





رواية خان غانم الفصل الثامن عشر 18بقلم سوما العربي 



رواية خان غانم

الفصل الثامن عشر


التسعت عيناها بخوف، لقد أستمعت لتلك الكلمة مسبقا وقد باتت تعلم غانم جيدا لن تنسى مطلقاغ تلك الدقائق التي قضتها في غرفته تدافع عن شرفها.


يزداد الخوف في قلبها وهي ترى تلك الابتسامه الشيطانية التي أرتسمت على جوانب فمه والغموض يحتل عيناه


وسألت بخوف حاولت أن تداريه :قصدك إيه بكلامك ده، أنا مش مديونة ليك بحاجه اصلا عشان أسددها:  قولت لك ده حقي وحق أبويا 


بإبتسامه شيطانيه على جانب شفتيه نظر لها بصمت تام وسخريه ولم يتحدث بل ولاها ظهره ليغادر وهي تصرخ تناديه لكنه لم يكن ليجيب


ما كان ليريحها ابداً برده فعدم الرد كان يزيد من رعبها


خرج نهائياً وأغلق باب البيت عليها وهي بالداخل تسمع تكات قفل الباب والمفتاح يدور بداخله يخبرها انه يحبسها ، وانها الآن اصبحت سجينة غانم صفوان.


وقف خلف الباب يستمع لصوت صريخها وهي تناديه، تسبه وتشتمه فأغمض عيناه بتعب، يقف بين صراعات كثيره ما بين ما يمليه عليه عقله وما يرغبه قلبه الملعون بعشقها.


عشقها الذي بات يؤرقه ليله ويؤلمه طوال نهاره، لم ينساها ابداً فقد ظن انه ربما لو أبتعدت عنه قد يهدأ قلبه قليلا لكن لم يزده الإبتعاد إلا شوقاً وجنوناً


فأسرع إلى سيارته، يعلم....لو بقى وهو يستمع لصوت صراخها تناديه لذهب إليها وأخذها بين أحضانه  يعتذر هو لها بدلاً من أن تعتذر هي


ظل يقود سيارته داخل شوارع الخان حتى وصل بيت غانم الكبير وصل إليه وترجل من سيارته قاصداً غرفته حيث ترك سلوى ينتوي المكوس لجوارها يراعيها، يعلم أن اعصابها الان متعبة جداً.


لم يرغب ابدا في أن تستمع لما أستمعت إليه، يكفيها ما بها من صدمات، هو الاخر مصدوم ولا يعلم ما تقصده حلا بحديثها وعن أي ذنب تتحدث.


بخطوات سريعة خفيفة صعد الدرج سريعاً حتى وصل الى غرفته الكبيره وفتح الباب ليتفاجأ بها خاليه تماما من زوجته ظن انها بالمطبخ فذهب يفتش عنها بحث في كل ارجاء البيت ولم يجدها


فتش عن كرم .... هو المتواجد هنا دائماً و يعلم كل شيء 


لكن لم يجده أيضاً في المطبخ ....ذهب الى غرفته التي يقتنها بالحديقة فوجده خارجاً منها وهو يحمل حقائب سفر مغلقة


نظر له باستنكار وسأل:  ايه الشنط دي انت رايح فين؟


فجاوبه كرم بترفع : ماشي


عقد غانم ما بين حاجبين وسأل:  ماشي؟ ماشي رايح فين يا ابني؟ وأيه الشنط دي؟ ماشي خالص يعني انا مش فاهم؟


كرم :  ايوعه ماشي خالص، مش عايز أقعد هنا انا حر فيها ايه دي؟


حاول أن يتحرك ويزيح غانم عن طريقه لكي يذهب لكن غانم ما أوقفه وقال وهو مازال مستغرباً بشدة:  أنت ماشي رايح فين؟ هو أنت ليك مكان تاني غير هنا ؟ طول عمرك عايش في بيتي .


رد عليه كرم بقوة و غيظ : أنت بتسمي ده بيت ؟ عندي الأكبر منه ، هبقي أعزمك فيه عشان تيجي تشوف يا ... يا غانم بيه ههههه.


هز غانم رأسه و هو يرى كرم مستعد للتحرك من جديد فأستوقفه يردد : إنت يا أبني ، مش بكلمك ، أستني عندك.


إلتف له كرم و قال : خليك في نفسك مالكش دعوة بيا.


غانم : أنت في ايه يا إبني من أمتى بتكلمني كده.


كرم: و ما كلمكش كده ليه ؟ تزيد عني في إيه أنت ها؟ لعلمك أنت مش أحسن مني في حاجه ، أنا زيي زيك و يمكن أحسن منك كمان .


رمش غانم بأهدابه لا يمكنه الإستيعاب و ردد و هو يضع كفه على كتف كرم: إيه إلي حصللك يا كرم بتكلمني كده انا بسأل عشان خايف عليك أنت عارف إن أبوك إلي مربيني يعني انت زي أخويا.


نفض كرم كف غانم من على كتفه بقوه و هو يردد بغل : لأ مش زي أخوك و لا بحبك و لا بطيقك حتى و كفاية عليا أوي السنين اللي أستحملتك فيها غصب عني بس خلاص بقا ، خلاص ... و همشي ، أوعي من سكتي.


ثم تركه و غادر بخطى قوية ثابته و غانم يقف في الخلفيه مصدوم.


و لم يخرجه من صدمته سوى صوت هاتفه ليبصر أسم والد سلوى على الهاتف .


فتح الخط و جاوب على الفور ليستمع لرضا و هو يخبره أن أبنته عنده ببيته و يطلب منه الذهاب لعندهم في التو و الحال.


ظل يتلفت حوله ينادي على العم جميل يناديه : عم جميل ، يا عم جميل.


ذهب هنا و هناك يفتش عنه و لم يجده ، في الآونة  الأخيرة بات يختفي كثيراً.


إلي أن وقف أمام أحد الحراس عند الباب يسأل: عم جميل فينه ؟


فجاوب الحارس : خرج من بدري و مش عارفين هو فين ؟


غانم: هو في ايه؟ بقاله فترة .....


قطع حديثه توقف سيارة سوداء عاليه ترجل منها صلاح عيسى أمام غانم بغضب شديد يصرخ فيه : بتلاعبني يا بن صفوان ؟مش عارف تلعب بشرف ؟ نسيت أصول الشغلانة ؟ هقول ايه ؟ طول عمرك واطي و بتلعب من تحت الطرابيزه .


أشتغلت أعين غانم و هدر عالياً: لم لسانك و أتظبط بدل ما تزعل .


تقدم صلاح و ضربه في صدره مردداً: أنت خيش و قش يالا ... جبان و لا تعرف تعمل حاجة.


لم يستطع غانم الصمت و ناول صلاح لكمة قوية في فكه و هو يقول له : مين ده اللي جبان يالا ده انا ارجل من بلدك .


فرد صلاح اللكمه له يخبره أيضاً: لأ جبان و عيل و خواف و إلا كنت وقفت ناطحتني و قولت لي هاخد العطا ده مش تلعب لعبك الوسخ إلي في الدرا ده.


ضربه غانم بقوه في معدته و هو يهتف : لعب مين يالا ، هو أنا هخاف منك ، أنت باينك رافع لك شريط و جاي تطلعه علينا.


فهدر صلاح : أنت عيل و بوق على الفاضي ، بتقول أي كلام لو مش خايف مني ماكنتش عملت شركة جديده تاخد العطا مني و أنت عاملي فيها الواد البرئ قال و مش عارف يا صلاح مين عمل كده و لازم نعرف عشان كده ظهر لنا منافس جديد و في الاخر تطلع أنت إلي مدور الليله كلها .


صرخ غانم بجنون : مدور إيه ياض أنت ما تجيب من الآخر و بطل لك و لا مش عندك حاجه تتقال أصلاً .


صلاح: ناصح أنت كده يعني و أكلتني بكلمتين ؟ طب خد دي بقا ، أنا عرفت أن شركة الفتح إلي أخدت العطا الكبير الأخير تبقى بتاعت جميل.... جميل دراعك اليمين الي مربيك الي رايح جاي في ديلك و مش بيقولك غير يا ولدي .


سقط الحديث على غانم كالصاعقة ، ظل مبهوت متخشب الملامح لدقيقة كاملة و عقله يسترجع شريط طويل من الأحداث و المواقف التي ربطها و رتبها الآن فقط ليدرك صدمة عمره في العم جميل.


رف رف بأهدابه و بلل شفتيه يحاول أن يتحدث ، كانت حالته مذريه للدرجة التي صعب حاله فيها على عدوه صلاح.


حمحم يجلي صوته و هو يردد: جري ايه يالا في ايه ؟ ماتنشف كده ؟ أحمممم ؟ عادي يعني... ما يروح الله يسهله .


نفى غانم برأسه يردد : ده هو الي مربيني ، ده كان لسه معايا من شوية ... يعمل معايا أنا كده .


ضيق صلاح ما بين حاجبيه و قال بتوعد : و لا يهمك ، سيبهولي ، و حياة رحمة أمي لافرمهولك في السوق.


رفع كفيه يردد : و كله بالأصول ، أنا يتضحك عليا.. طب ماشي .. سلام بقا أنا دلوقتي.


تركه و غادر سريعاً يخطط بعقله الجهبذ كيف سيقضي على جميل الخبيث قبلما يبدأ.


و غانم دار بسيارته و على قلبة ثقل الجبال متجه لبيت رضا والد سلوى ليرى فيما يريده و ليطمئن على سلوى خصوصاً بعدما حدث.


دلف لبيت رضا بعدما فتحت له الخادمة  ليجد العائلة و عائلة العائلة في شرف إنتظاره .


نظر لهم بإستغراب و قال: مساء الخير .


فقال رضا بصوت غليظ : خير ؟ و هييجي منين الخير بعد ما بهدلت بنتي و ضيعت صحتها و خليتها تدفع معاك تمن ذنب هي ما عملتوش.


هز غانم رأسه بعدم إستيعاب و قال : ضيعت ايه و ذنب إيه ، هو في أيه بالظبط و أنت بتكلمني كده ليه ؟ ده بدل ما تقول لبنتك تعقل و تهدى ، و أن مافيش واحده محترمة تسيب بيت جوزها من غير أذنه.


وقف قباله رضا و ردد : ده لما يفضل جوزها لكن إحنا خلاص عايزين نفضها سيرة .


فهدر غانم بنفاذ صبر : هو في ايييه ... ما كفايه دلع بقا ، أنا أستحملت كتير بس أنتو سوقتوا فيها أوي، ماترحموني شويه ، أنا مدبوح و قلبي واجعني زيها بالظبط ، إلي مات ده أبني أنا ... أنا دفنته بأيدي .. مش هي لوحدها إلي موجوعة و مصدومه عشان تفضل تضغط عليا كده ، أنا مراعي إلي هي فيه بس هي كمان لازم تفتكر إني موجود في الحياة معاها و مصيبتنا واحدة و لا هي الرجالة ما بتتألمش ؟!


وقفت سلوى و صرخت فيه : و هو مين السبب في كل ده ؟ مين الي موت أبني ؟ مش أنت ؟


أتسعت عيناه بصدمة و ردد : أنا ؟


سلوى: أيوه أنت... ذنبك إلي عملته زمان ، البنت الخدامة دي قالت كل حاجه ، و أنا طول السنين دي أسأل نفسي في أيه ؟ مش بيثبت و يكمل لي حمل ليه؟ روحنا لكل الدكاتره و كلهم قالوا مافيش مشاكل ، و أحمل و ما يكملش ... يا ريتني حتى مش بحمل خالص.. لا كنت هتعب و لا أدوق حلاوة الحمل و الأمل في طفل و بعدها بكل بساطة ينزل شوية دم ، كأن ربنا بيزود عذابي ، لكن المره دي كانت أقوى ، ده كان خلاص قرب يتولد ، أنا مااالي أدفع ذنب أنا ما عملتوش ليه ؟


صرخ فيها غانم: ذنب أيه إلي بتتكلمي عنه ده ؟!


سلوى : ذنب البنت إلي كنت على علاقة بيهل زمان و أجهضتها ، قريبة الخدامة ، أنا سمعت كل حاجه ، أنا مش ذنبي أنك بوظت حياة واحدة زمان و بعدها ضيعت حياة عيلة بحالها و جيت تتجوزني عادي من غير ما تقولي ، عشان أعيش طول عمري معاك ادفع تمن ذنبك .


حاول غانم الأقتراب منها يتحدث رغم صدمته: أهدي يا سلوى ، بلاش تقولي كلام تندمي عليه بعدين ، هي فترة صعبة عليا و عليكي ، أهدي و أنا هحاول أنسى إلي إنتي قولتيه دلوقتي عشان باقي عليكي .


كان يحاول مسك يدها بكفيه لكنها نفضته عنها و صرخت فيه : و أنا مش باقية عليك و بقولك اهو طلقننني.


أتسعت عيناه و تخشب مكانه من صدمته يقول : إنتي بتقولي ايه يا سلوى ؟ إنتي أكيد أتجننتي.


فقالت بهيستيريا : مجنونه ؟ أنا أبقى مجنونة لو كملت معاك ، أنا عايزة أجيب طفل ... لأ أطفال.. أطفال كتير يملوا عليا حياتي و أنت مش هتعملي ده ابدا... يبقى تطلقني .


ضحك بخفة و قال : إنتي أكيد بتهزري معايا مش كده ؟


فردت بقوة : إيه غرورك مش مصورك إن في واحده عاقلة ممكن تفكر تطلب الطلاق من غانم صفوان مش كده.


هز رأسه نافياً و قال بخيبة أمل: لأ ، بس ما أتخيلتش إنك تتخلي عني ، مع إني ما إتخليتش عنك.


صرخت فيه تردد ساخرة : و الله ؟ ده بجد ؟ طب و غرامياتك مع الخدامة ؟ إيه فاكرني مش عارفة ؟


نظر لها بعمق ثم قال : براڤو ، بتعرفي كل حاجه و إنتي في مكانك بس ما سألتيش نفسك و لا مرة أنا ليه لحد دلوقتي ما أتجوزتهاش ؟ مع إني أقدر ؟ ليه خليتها تسيب البيت ؟ و السؤال المهم بقا ... لما هو كده كنتي مكملة ليه ؟ عشان الطفل مش كده ؟ و أول ما شكيتي و لو بنسبة بسيطة إنك و إنتي معايا مش هتجبيه سبتيني مع أني طول السنين إلي فاتت دي كان ممكن أتجوز و هيبقى عذري معايا و أقول أصل أنا عايز أخلف ، أنا گراجل ما عملتهاش و إنتي عملتيها.


نظرت له ببرود و قالت: خلصت ؟ بردو طلقني .


صمت تماماً و هو متفاجأ ، كأنه يتعرف لأول مرة على سلوى ، بل و كأنه أمام سلوى جديدة غير التي يعرفها و كان مستعد لأن يدعس على قلبه كي لا يجرحها .


فتحدث بصوت رخيم ثابت : أنتي طالق يا سلوى ، طالق بالتلاتة .


هم لكي يغادر بقوة لا يود الإلتفاف خلفه لمن باعه لكن أستوقفه رضا يردد بصوت غليظ : أستنى عندك ، أنت فاكرها سايبة ؟ أنت لازم تدفع تعويض إلي حصل ده.


وقف عم سلوى و قال لأخيه : عايز إيه تاني يا رضا ما الراجل طلقها أهو ، تعويض إيه بقا ؟


رضا: مش اقل من أربعه مليون جنية كل سنة بمليون .


فنهره أخيه بحدة : كلام إيه اللي بتقوله ده يا رضا ، أسكت خالص ما تركبناش الغلط.


رضا: لأ لازم يدفع .. مجبور ... ده بهدل بنتي دكاترة و سقط و عمليات و بعدين إيه مش معاه أربعة مليون و هو إبن صفوان غانم.


زم غانم شفتيه و حاول تمالك أعصابه ثم قال ببرود و إزدراء : و حد قالك إن إبن صفوان غانم بيوزع ملايين ؟ بنتك مش هتاخد مني غير حقوقها الشرعية و بمزاجي وقت ما أحب.


صرخ فيه رضا : كلام أيه إلي بتقوله ده أنت فاكر إني هسكت لك 


غانم : و لا تقدر تعمل معايا حاجة ، ده انا غانم صفوان.


فصرخت سلوى : بس بقا كفايه ، أنا مش عايزه حااااجة.


أسرعت شقيقتها تضمها لها كي تهدئها و هو نظر لها بإستحقار ثم قال: والله أنا إلي المفروض يتدفع لي تعويض على السنين دي .


تحرك رضا لكي يعنفه على ما قاله لكن تمكن شقيقه من تثبيته بينما غادر غانم سريعاً و هو لا يرى أمامه .


خرج بسيارته من بيت رضا و وقف في منتصف الخان على جانب الطريق.


لا يعرف لأين يذهب ، فكرة أنه يصارع في هذه الحياة بطوله مؤلمة ، مؤلمة أشد الألم حتى لو كان رجل قوي و ذو نفوذ و مال .


الأسرة هي الظهر و الداعم الأساسي لكل شخص و هو اليوم قد فقد كل شيء ، حرفياً كل شئ.


يود البكاء لكن لا يسعه حتى أن يفعل ،  وضع رأسه على مقود السيارة يفكر حتى قفزت عمته إلي رأسه .


نعم عمته ، كيف نساها ؟ هي الوحيدة المتبقية من رائحة والده و كانت صديقة مقربه لوالده .


هز رأسه و هو يسأل نفسه أين هي منذ فترة و لما لم تسأل عنه طوال كل تلك الأزمات التي مرأت عليه؟ لم يكن التغافل طبعها و كانت مداومة في السؤال عنه و زيارته .


أمرها غريب حقاً لكن أخبر نفسه أنه لن يحزن منها ، بالتأكيد لديها ما يمنع فذلك لم يكن طبعها أبداً.


لذا فوراً و بدون تفكير تحرك بسيارته و ذهب لبيت زوجها في مقدمة مدخل الخان.


ترجل من السيارة و خطى بقدمة لكي يصعد السلم الذي يتقدم البيت الكبير كي يدخله لكن تفاجأ بصوت زوج عمته يناديه : جاي هنا عايز مين ؟


إلتف غانم له و قال بإستنكار: هكون عايز مين ؟ جاي لعمتي هي فين ؟


نظر له زوج عمته بغضب شديد و غيظ ثم ردد : و الله عال ، قال يعني مش عارف عمتك فين و إنت إلي حاميها ، لو حاي عشان ورقة طلاقها قولها اني ماشي فيها و قريب أوي هتوصلها بس ماعلش يعني تبقى تقولي عنوان أبعته عليها .


هز غانم رأسه بجنون ،كأنه ينفض الكلام عن أذنه و قال: إيه إلي بتقوله ده يا عم راضي ، حاميها إيه و مشيت فين و طلاق إيه ؟ هو في ايه ؟ أنت زعلتها تاني ؟


ضيق راضي عيناه بحقد و غضب ثم قال: هو انا كنت زعلتها أولاني من أساسه ، ده أنا كنت عامل خدي مداس طول الخمسة وعشرين سنة إلي اتجوزتها فيهم و هي تملي نمروده و كانت تجري على أبوك و جدك تشتكي عشان تغضب و ترجع بيتهم و أنا أروح و أنا مش غلطان أحايل و أدادي و أرجعها و من بعدهم كانت بتتحامى فيك إنت.


سحب غانم نفس عميق يشعر بالأرض تهتز من تحته و كأن ميزان الدنيا قد أختل 


صدمة خلف الأخرى يأخدها فيمن حوله و قد عاش معهم عمره بطوله ، و كأن الجميع كان مرتدي لأقنعه خلفها وجوه كثيرة و اليوم هو يوم كشف الستر.


لم يكن مصدق لما يسمعه حتى جلس مع راضي الذي ظل يقص عليه تفاصيل لم يكن يعرفها كانت تخفيها عمته لمواقف قلبت هي حقيقتها ليصبح هو الجاني و هو من يتطاول عليها.


بوضع التفاصيل الدقيقة لجوار بعض في مواقف مرت تبينت الصورة كامله و تبين كذب عمته و إفتراها على راضي الذي عاش عمره كله مظلوم من عمته و جده و والده و منه أيضاً بناء على ما يسمعوه من سناء.


ليتعلم درس حياته ، إياك ثم إياك ثم إياك أن تبني لأي شخص صورة في ذهنك بناء على رؤية و رأي الآخرين فيه ، بل أبنيها بعد إحتكاكك المباشر بشخصه فقط .


وجد نفسه يقف أمام باب البيت يفتحه و يدلف لعندها ، وثبت من فوق الأريكة تقول بخوف : ايه هتعمل فيا أيه ؟


لم يجيبها ، بقى صامت ... لقد لف لفته و عاد إليها مخذول .


على ما يبدو إن تلك هي الحقيقة التي أراد القدر أن يثبتها له ، هي حبه ،و أسرته ، هي تعويضه و من تبقى له .


ربما هو من تأخر عنها أو هي التي تأخرت عليها ، ربما كان في تأخرها عن الظهور في حياته نوع من العقاب.


عقاب على ذنب لا يعرفه و لا يعرف متى أقترفه ... و رغم يقينه التام بأنه لم يفعل ما قد يعاقب عليه هكذا و بهذه الصورة إلا أنه قد أيقن بإقدامه على خطأ ما ليدفع الثمن بتلك الطريقة.


و هي رعبها يزداد طوال ماهو صامت هكذا لا يجيب  ، عيناه مظلمة خاويه كأنه تائه ، لا تستطع توقع رد فعله القادم.


فقالت : مش بترد عليا ليه ؟


أنتشله صوتها من أفكاره و بدأ يقترب منها ببطء مثير يخلع عنه معطفه لتصرخ و هي تراه بات قريب من جداً : لااااا، أنت فاكرني لقمة سهلة ، ده انا أقف في زورك أخنقك ، المرة دي بموتك.


لتصدم به يقف أمامها مباشرة يقول بألم ببصيص من الجمود لكن خرج صوته مبحوح مجروح : أحضنيني .


أتسعت عيناها بصدمة من هيئته المتألمة ،من الصدمة لم تحرك ساكناً و أمام جمودها أرتمى هو في أحضانها لجبرها على أن تفتح ذراعيها و تحتويه بأحضانها .


وجدت نفسها تضمه لها بحنان كأنها تحمل عنه همومه ترغب في تخفيفها.


و عادت بظهرها و هي مازالت تحتضنه ليجلسا على الأريكة  تسأل بحنان: مين عمل فيك كده ؟


أغمض عيناه بتعب ثم جاوب : كلهم .


جعدت ما بين حاجبيها و سألت: كلهم مين ؟


سحب نفس عميق و لم يجيب و اكتفى بقول : أحضنيني و بس يا حلا .


ففعلت و ظلت تمسد جذور شعره حتى ذهب في النوم و هي بقيت تنظر له بمشاعر متخبطة ما بين الحنان و الإشتياق و ما بين الكره و النفور.


في الصباح


أستيقظت لتجد أنها باتت ليلتها متكورة على نفسها فوق الأريكة متدثرة بغطاء من الصوف و هو ليس بجوارها.


لتدرك أنها أستيقظ قبلها و دثرها لكن أين هو الآن؟


وقفت لتبحث عنه في غرف البيت المعدودة ثم فتحت الباب الخلفي المطل على الحديقة الغناء ثم مجرى النيل لكن لم تجده ، حتى بالطابق الثاني لم تجده .


عادت للصالة من جديد تردد بجنون من تصرفاته: ملبوس ده و لا ايه ، بالليل ييجي مضروب على قلبه و أحضنيني و مش عارف إيه و الصبح فص ملح و داب ؟ اللهي يبتليه بمصيبه البعيد.


لتستمع لصوته و هو يردد : أكتر من كده!


رفعت عيناها لتراه يقف عند مدخل الباب و قد اغلقه للتو ، يرتدي ثياب غير تلك التي كانت عليه ليلة أمس لتفتن أنه خرج و بدلها و لتوه عاد .


تقدم منها يردد بحاجب مرفوع : إنتي بقا إلي كنتي بتدعي عليا السنين اللي فاتت دي كلها ، أتاريني جاي أرض أرض و كل يوم مصيبة شكل .


نظرت له بنزق و قالت: و ما ربك بظلام للعبيد يا باشا ، لو ماكنتش ظالم لحد ربنا مش هيظلمك و عندنا في الفلاحين في مثل بيقول لو كل الدعى بيجوز لا كان خلى لا صبي و لا عجوز .


فسأل بجهل : يعني إيه ؟


حلا : يعني الدعوة مش بتتقبل غير لو أنت ظالم و المظلوم دعى عليك لكن مش كل ما حد يدعي على حد ربنا هيقبلها .


هز رأسه مهمهاً : أممم.. مش قصتي ، أنا عايز فلوسي يا حرامية .


تصلب وجهها بغضب متفاجأ فالماثل أمامه الأن لهو شخص أخر غير ذاك المنهار الذي جاء إليها يختبئ من العالم في أحضانها .


و قالت مذهوله : أنت إزاي كده ؟ ده أنت من كام ساعه بس كنت ....


فقاطعه بإشارة من يده و هو يقول : هو انا كده جرحي بيلم بسرعة.


تقدم بخطى ثابته يتبختر أمامها و هي لا تستطع إنكار إعجابها بوسامته الغير عادية و التي زادها بتلك الحلة الرماديه الانيقه و قميصه الأسود المفتوح من أعلى يبرز ضخامة عضلات صدره.


جلس على الأريكة يضع قدم فوق الأخرى و هو يردد بعدما نفخ دخان سيجاره : ها يا حلوة فكرتي هتدفعي إلي عليكي إزاي ؟


رمشت بأهدابها لا تملك الرد الأن فقال: شكلك ما فكرتيش ، أنا بقا فكرت ، خدي.


ألقى بيده ملف به عدة أوراق و قال : أمضيلي هنا يا قطقوطة .


نبرته في الحديث كانت مرعبة ،جعلت مفاصل جسدها كلها تتفكك و تتخبط و هي تسأل برعب : ورق إيه ده ، أنا مش همضي على حاجه.


رفع أنفه بكبر و قال: أمضي أحسن .


نظرت له بتحدٍ فقال : ما خلصنا عرفنا إن معاكي حزام أسود يا ست الكتكوتة .


زم شفتيه بحزن مصطنع و هو يردد ببراءة مزيفة : بس أمك يا حرام ، عضمة كبيرة مش هتتحمل ، ليه يا حلا تعملي في ماما كده ، ده حتى الأم مدرسة.


نظرت له بصدمة تستوعب تهديده و هي تردد : أه يا أبن آل....


أخرسها بحده يردد : لمي لسانك عشان ممكن تحتاجيه في الأكل والشرب حرام لما اقطعه على غيار الريق كده ، و أخلصي أمضي أنا مش فاضيلك .


هدر بجملته الأخيرة بعنف شديد فأهتز جسدها رعباً ثم سألت : مش أعرف همضي على إيه الأول.


على الفور تكونت على زوايا فمه إبتسامة شيطانية خبيثة و قال بأعين لامعه منتشية : ده عقد عبودية.


أتسعت عيناها و صرخت فيه : نعم يا روح أ...


فهدر عاليا برعب : حلاااااا ... بلاش تختبري صبري .. يالا إخلصي ، الرجاله واقفه تحت بيت ماما سميحة .


فقالت بخوف و يأس : أطلب أي حاجة تانية أو حتى خد الفلوس بس مش كده.


سحب نفس من سيجاره و نفخه أمام وجهها ثم قال: لأ الفلوس ما بقتش لازماني أوي دلوقتي.


مرر عيناه على جسدها الغض الممتلئ ثم ردد : أنا عايزك أنتي.


ابتلعت رمقها برعب  و هي تهز رأسها رافضه فصرخ بنفاذ صبر : يالاا اخلصي أنا مش فاضي لك .


انتفض جسدها من صراخه عليها و لم تجد بد من التقدم لعنده بخطوات مرتعشة مترددة تتناول القلم الذي ألقاه لها بازدراء ثم توقع بدموع على كل الأوراق الموضوعة أمامها .


تحت نظراته المنتشية إلى أن انتهت و قالت بدموع و قد أمتلئ صدرها بالحزن و هي تخفض رأسها أرضاً : خلصت .


فقال بأمر فظ : قومي زي الشاطرة كدة أعملي لي فطار .


كانت جالسه عند تستمع له بصدمه فصرخ فيها : يالا إخلصي ، نسيتي نفسك و لا إيه ؟


لتصرخ هي الاخرى بعدما فاض بها : أنا مش خدامة عندك.


أبتسم بجانب شفته و قال : ليه إنتي مش دخلتي لبيتي بنفسك على إنك خدامة و عملتي فيها السبع رجالة في بعض ، سدي بقا ... و دلوقتي أنتي نزلتي في الليڤيل عن الخدامة بشوية أصلا أنتي لسه ماضيه عقد يخليني أعمل فيكي أي حاجة.


حلا : مافيش في القانون حاجة إسمها كدة .


غانم: مين قالك ، لأ في بس أنتي أبقي أسألي ده لو عرفتي يعني تخرجي من هنا و تلاقي حد تسأليه لانك مش هتشوفي عتبة الباب و يالا قومي مش عايز صداع و رغي كتير ، ياريت تنفذي الأوامر من سكات ، سامعه.


صرخ فيها بحده لتنتفض سريعاً و تذهب للمظبخ و عيناه تتبعها تلتهمها إلتهاماً .


و ما أن أختفت من أمامه حتى مد يده يلتقط العقود ثم قربها له و هو يبتسم بسعادة كبيرة.


مش شدة سعادته قبل الورقات بجنون و بداخله يتوعد لها بالكثير في أيامهم المقبلة......


*********

تكملة الروايه اضغط هناااااااا 

اللي عاوز البارت الجديد يعمل متابعه من هناااااا علشان يوصلكم اشعار بالنشر 

الرواية كامله من 👈(رواية خان غانم) 

اضغط على اسم الروايه ☝️☝️☝️



تعليقات

التنقل السريع