رواية خان غانم الفصل الثاني وعشرون 22 الأخير بقلم سوما العربي
رواية خان غانم الفصل الثاني وعشرون 22 الأخير بقلم سوما العربي
رواية خان غانم الفصل الثاني وعشرون 22 الأخير بقلم سوما العربي
رواية خان غانم الفصل الثاني وعشرون 22 الأخير بقلم سوما العربي
رواية خان غانم الفصل الثاني وعشرون 22 الأخير بقلم سوما العربي
رواية خان غانم
الفصل الثاني و العشرين (الأخير)
في ظهر اليوم التالي
تململت في الفراش تتمطأ ثم تتثائب بخمول و هي تبتسم براحة تفتح عيناها رويداً رويداً.
و ما أن فتحت عيناها حتى أغلقتهما مجدداً و ارتمت على الفراش تتصنع النوم.
فهتف بشر : شوفتك صحيتي و فتحتي عينك كمان .
أضطرت لأن تفتح عيناها مجدداً و تردد بتوتر : صباح الخير.
فردد بضيق شديد: كان المفروض نقول صباحية مباركة بس إزاي و أنا عروستي طول الليل مرعوبة مني كأني هولاكو .
أبتلعت لعابها بتوتر و قالت بتأتأه و تقطع : ماهو.. ماهو أنت بردو الي قلعت مرة واحدة ، و بعدين كنت بتجري ورايا كأنك بتجري ورا فرخة ، و كمان.. كمان إنت.. أنا يعني.. ماهو.. أصل أنا أول مره أشوفك كده و أنت خضيتني و.
زم شفتيه يسب نفسه على غباءه ، لكن ماذا يفعل فلقد تمالك نفسه بصعوبة كل تلك الأشهر التي مرت و هي زوجته قبل العرس علاوة على الفترة التي قضتها أثناء عملها في بيته و هو يعشقها .
و ما أن أعلنا الزواج حتى ترك اللجام لرغبته أن تتحرر فأخافها و ها هي الآن تنتفض مرتعبة منه .
سحب نفس عميق لا يعرف كيف يتصرف الآن معها .
وضع يده على خده كمن سُكب طبخها و قال : و الحل ؟
أبتلعت لعابها من جديد و قالت بترقب : أنت تديني وقتي .
ملامح وجهه تنم عن أنه لا يستصيغ الفكرة بتاتاً ، فأنكمشت حول نفسها و أكملت: و ما تقربش مني تاني و النبي.
أغمض عيناه بصدمة ، حلا في أقصى درجات الرعب منه ، على ما يبدو أنه غبي متهور و قد أخافها .
مد يده يحاول تهدئتها فأنكشمت أكثر و أكثر على نفسها فقال و هو يربط على كتفها: مش هعمل حاجه و الله ، ده انا عايز أتبططب عليكي.
رفعت عيناها تنظر له بترقب الصدق فابتسم لها ثم قال: إيه رأيك نقوم نعمل فطار مع بعض ؟
و أخيراً أبتسمت له تهز رأسها موافقة فقال : طب يالا أسبقيني .
أزاحت الغطاء عنها لتنكشف منامتها الشتويه الواسعة ذو الخامة الثقيلة جداً فسأل مستنكراً: حبيبتي... الشتا خلص خلاص...هو أنتي سقعانة أوي كده ؟
حلا : لأ.. أه.. أه
فهم عليها فقال : طب يالا على المطبخ.
وثبت سريعاً من على الفراش و مرت أمامه تعطيه نظرة مطولة مفسرة لجسدها الغض الممتلئ.
فردد بعويل : يا نهار أسود ، يا رب أعرف أمسك نفسي.
مر الفطور بسلام و غانم يحاول منحها الفرصة بعد هجومه عليها بالأمس.
لكن الفرصة طالت و اليوم تعدى لأربع .
كانت تجلس بجواره على الأريكة تحاول الإندماج مع الفيلم و هي تلاحظ نظراته عليها فتتهرب منها .
لكنها لم تستطع أن تكمل و تلاقت عيناها بعينه فسألت : في حاجه ؟
ذم شفتيه و قال : لا يا حبيبي و لا حاجة.
قام عن مقعده و جلس بجوارها يلتصق بها ثم سأل: حلا حبيبتي ، أحممم، أنا شايف قمصان نوم كتير حلوة اوي جوا ، مش بتلبسي منهم ليه دول عجبوني أوي مش هما ذوقك بردو .
نظرت له و هي على وشك البكاء و قالت : لا يا أخويا ، أخاف ألبسهم فتتغرغر بيا .
رمش بأهدابه : أخوكي ؟! أه ما ليكي حق .
صمت ينظر لنفس المنامة التشويه التي تعتمدها منذ أول يوم زواج ثم قال: طب و الترننج ده إيه هيفضل ثابت معانا ؟
حلا : ايوه... أصله.. أصله بيريحني
غانم: ولا عشان ده أوسع ترنج عندك.
وقفت تحاول الهرب من الإجابة و دلفت لغرفتهم فذهب خلفها فقالت : أنا هدخل أخد دش.
أبتسم بإتساع يحاول أخذ أي فرصة مردداً: أجي معاكي بقا .
هزت رأسها سريعاً و هرولت ناحية المرحاض ، هم ليدخل لكنها أسرعت بغلق الباب .
و إستشاط غضباً و هو يسمع صوت غلق قفل الباب من الداخل .
مسح على وجهه بضيق شديد ثم خرج من البيت نهائياً .
فخرجت حلا من المرحاض بعدما وصلها صوت صفق الباب من الخارج.
تقدمت من الشرفة المطلة على الشارع لتراه و هو يفتح باب سيارته بحزن ثم إستقلها و غادر.
تقدمت تجلس على الفراش بتوتر تضم يديها معاً بضيق تفكر بأنه قد طال صبره عليها كثيراً ، لا تعلم لما تخشى تلك الخطوة و هي تحبه ؟!
ربما عليها نسيان الخوف و التوتر ، و ما أن يعود و تراه تنظر له و لا تفكر سوى بأنها تحبه و أنه زوجها.
وقف في أرضه الممتدة على مدى النظر لا آخر لها يراقب العمال و هم يجمعون محصول المانجو من الأشجار .
ليبتسم بحنان و هو يتذكر عشقها الخاص جدا للمانجو و كم من مرة كان يراها في مطبخ بيته تأكلها على هيئة قطع ، أتسعت ابتسامته هو يتذكر ذلك اليوم حين أخبرها أن للمانجو أصول خاصة في التناول لكنها اخبرته أيضاً أن تلك هي طريقتها الخاصة التي تمتعها بالمانجو.
تنهد بتعب و قد قتله شوقه لها ، يهز رأسه بجنون فهي و بعدما صارت زوجته بات إقترابه منها في غاية الصعوبة ، قبلما تصبح زوجته كان قريب منها أكثر و الله.
إلتف لكي يغادر و ذهب ناحية سيارته ليجد سيارات صلاح عيسى تشق الطريق شقاً حتى توقف أمامه و ترجل منها .
ضحك غانم و هو يرى صلاح يترجل بسيارته بنفس الطريقة الدرامية ككل مرة و يقف من جديد أمامه بعصبية يردد : أنت ياض أنت واطي ليه ؟ مافيش فايدة فيك ؟
حاول غانم التوقف عن الضحك و هو يردد : و هو كان في فايدة فيك عشان يبقى في فايدة فيا ؟ كل مرة لازم تدخل عليا بدخلة الشبح دي ؟ ماخلصنا بقا و لا إيه يا عم الكاريزما ؟
أزاح صلاح نظارته من على عينه و قال : لا ما خلصناش ، و بعدين أهو أنا كده ، خلقتي كده، ربااني ، كاريزما ماشية على رجلين .
غمز له غانم بإحدى عينيه و ردد بعبث : و أما هو كده ، مش عارف تظبط ليه ؟
أرتبك صلاح في وقفته و حمحم مردداً: أحمم، تصدق أنا غلطان إني حكيت لواحد واطي زيك .
غانم:وماله ياعم مقبوله منك .
صلاح : يخربيت برودك يعني مش كفايه مالكش كلمة و بعد ما قولت لي مش هقدم على مزاد الأرض الجديده ألاقيك قدمت يا زبالة.
زم غانم شفتيه يدعي البراءة ثم قال: كده؟ و أنا إلي كنت ناوي أجيب المدام بتاعتي و نيجي عندك ل.. ل.... أنت قولت لي أسمها إيه ؟
تهلل وجه صلاح ونسى ما جاء لإجله و ردد بلهفة: ريم ... ريم مراتي... أسمها ريم .
رمش غانم بأهدابه غير مصدق لما يراه من صلاح الذي لطالما كان صلب جامد و شديد .
فردد ببهوت : أنا و حلا هنيجي نتعشى معاكم على أساس إنك عازمنا عندك بعد الجواز و كده و حلا تحاول تتكلم معاها إيه رأيك ياسيدي .
كاد صلاح أن يقفز من الفرحة ، تحول لطفل صغير ، لم يكن قادر على أن يتحكم في فرحته و الأمل الذي دب في جسده القشعريرة .
فهناك أمل أن يصبح أحدهم في صفه ، فبقصته مع ريم كل الأشخاص ضده حتى أقرب الأقربين و الظروف أيضاً حتى ريم نفسها.
بدأ يتحدث بسعاده و إمتنان واضح : أنا .. أنا مش عارف أشكرك أزاي .. بجد مش عارف... أنا... أنا بص.. أنا هسيب لك المزاد ده.. لأ و مش بس كده... ده أنا هظبطهولك عشان تاخده لوحدك و بص ...
كان يتحدث سريعاً بلهفة و فرحة رجل لأول مرة يشعر بما يسمونه الحب .
و غانم مشفق عليه كثيراً و قد ذاق لوعته ، حاول الإقتراب منه يمسك يديه التي كان يشيح بهما في الهواء وهو يعبر من فرط سعادته .
و قال غانم بينما يقبض على عضديه : أهدى ، أهدى بس يا صلاح، أنا مش عايز منك حاجه ،انا بعمل كده عربون صحوبية مابينا ،انا لسه ما نسيتش إلي عملته معايا .
صمت صلاح يبتسم لغانم الذي أبتسم هو الأخر يقول: و عشان أنا حاسس بيك و جربت كل ده قبل كده.
هز صلاح رأسه متفهماً ممتن في نفس الوقت و قال برجاء: هستناكوا.. اوعوا تتأخروا ، مابقاش وقت و أمها عايزها تاخدها و هي مسافره .
غانم : أهدى ، إن شاء الله خير.... أنا و حلا هنبقى عندك بالليل.
غادر صلاح سريعاً لسيارته لكنه إلتف لغانم يقول : على فكرة أنا حفرت لجميل قبره إلي هينزله برجله قريب أوي مسألة وقت مش أكتر .
أبتسم غانم بتشفي بينما قاد صلاح سيارته عائداً للبيت و هو سعيد، سيذهب ليخبر ريم أن تتجهز لأن لديهم ضيوف ، إنها حجة رائعة كي يدخل غرفتها يتأمل جمالها الذي حرمته عليه والدته و والدتها ، لأول مرة يتفقا على شىء كان هو .. فقد اتفقا عليه.
(قصة صلاح عيسى و ريم ضمن أحداث رواية جوري و ثلاث نجوم و الرواية مش هتنزل على فيبسوك أو واتباد ده للعلم فقط)
كانت تجلس على الأريكة تفرك أصابعها ببعض تفكر في حل لمشكلتها ، عليها أن تتغلب على خوفها إن رغبت في إسعاد نفسها و إسعاد زوجها .
شعرت بصوت فتح الباب... زمت شفتيها بحرج ، لقد زادت في الأمر و تمادت ، بالتأكيد رجل گ كل الرجال و قد نفذ صبره خصوصاً و أنه قد صبر عليها كثيراً.
طوال كل الفترة التي مدت و هما متزوجان و هو مراعي حنون ، متفهم لأقصى حد و قد ترك لها فرصتها تماماً كما طلبت رغم أن الأمر لم يسلم من بعض التحرش ، ليس بعض ، بل غانم متحرش طوال الوقت.
كانت تتطلع لوجهه متوقعه أمارات العبوس عليه ، لكن... رمشت بأهدابها و أنشرح صدرها و هي تراه يحمل في يديه علبة كبيرة من الكارتون تظهر منها حبات المانجو الصفراء .
أتسعت عيناها فرحة و سال لعابها ما أن أبصرت المانجو أمامها.... و زادت فرحتها أضعاف و هي تجده على عكس ما توقعت أو فكرت .
فقد أقترب منها و هو يبتسم مردداً: المانجا يا مانجا.
أنهى كلامه بغمزة عابثة ، إنشرح صدرها ورفعت عيناها له تردد : أنا مانجا ؟
غانم : أيوه ملقوظة و مسكرة زيك و كل الناس بيحبوها .
أنكمشت على نفسها بخجل لا يخلو من السعادة بسبب غزله الممتاز بنكهة خاصة عليها بصمة غانم صفوان .
وضع يده أسفل عنقها و قربها منه يقبل رأسها مردداً: يالا بقا غيري عشان خارجين.
حلا : بجد ؟ فين؟
غانم : صاحبي إلي حكيت لك عنه ، صلاح عيسى ، فكراه .
شردت متذكرة اول يوم رأته حينما كانت مجرد خادمة عند غانم و يوم حضر للحفل هو و تلك الفتاة التي لم تنسى ملامحها المميزة حتى الآن.
و قالت: أيوه فكراه ، بس هنروح ليه ؟
غانم : هقولك بس و إحنا في الطريق ،أنتي دلوقتي تقومي تلبسي عشان مافيش وقت ، أوكي ؟
أبتسمت له و وقفت منصاعة لطلباته لكن توقفت في منتصف الصاله و إلتفت له تقول: غانم .
غانم: يا عيون غانم.
ضحكت بميوعة و قالت: شكراً على المانجا .
إلتهب وجهه و قال بنفاذ صبر : يا صبر ايوووب ، روحي من قدامي يا حلا بدل ما افترسك .. روحي.
هرولت بسرعه لغرفتهما تغلق الباب كي تبدل ملابسها ثواني و صرخت بأسمه : غااانم .
دلف لعندها سريعاً يسأل برعب : إيه في إيه ؟
نظرت لإنعكاس صورتها في المرأة حيث كتفها و تلك العلامة الزرقاء عليه من جديد فرددت بخوف: بص تاني .. تاني ... لا أنت بيتك فيه حاجه ، أنا مش بيحصل لي كده غير لما ببقى في بيتك .
حاول تهدئتها قليلاً و هو يشير لها بيديه أن تهدأ ثم قال: أهدي بس علامة إيه ؟ في ايه ؟
أشارت له على كتفها و هي تردد : سلام قولا من رب رحيم ، حابس حابس ، لااأ و الله أكيد في حاجه.
وقف لثواني ينظر عليها و يراقبها بصمت إلي أن انفجر ضاحكاً عليها يملئ الغرفة بقهقهاته مما زاد من سخطها و هتفت بعصبية : أنت بتضحك على إلي أنا فيه... لأ أنا لازم أروح لشيخ أو زار .. ايوه أنا أعمل زار .
غانم : ههههه ... حي.
حلا: و كمان بتتريق عليا.. ده بدل ما تولع لي حتتين فحم و تجيبلي شوية بخور.. أوعى كده من سكتي.. اوعى.
حاولت الخروج من الغرفة لكنه شملها بذراعية يحتضنها يحبت محاولتها في الإفلات منه و هو مازال يقهقه مردداً: فحم إيه إلي اجيبه عشان البخور ، المفروض نجيب فحم لقعدة مزاج حلوة ده إحنا لسه عرسان ، بس هقول إيه بقا و أنا عروستي قاطعه عليا نور و ماية .
رفعت وجهها تحاول تغيير الموضوع مرددة : بقولك في بتاعة في كتفي ،انا خايفه أوي... مش أول مره تطلع لي ، كانت بتطلع لي لما كنت بشتغل في بيتك.
عض شفته السفلى و قال : عشان أنا إلي كنت بعملها و مانجتي .
أتسعت عيناها بصدمة و هو هز رأسه مؤكداً فسألت: إزاي ؟
أبتسم بوقاحة و مال على أذنها يهمس لها بما كان يفعله و قد كرره ليلة أمس و هو يتقلب على الفراش كأنه الجمر بينما هي غافية و لا تبالي بحرقته و لوعه .
أحمر وجهها و شهقت بصدمة تنظر له بإتهام واضح فهز رأسه يردد : حصل.
بدأت تضرب فيه مرددة: أه يا سافل ، بتستغفلني ، أطلع برا ... برا .
كانت تدفعه للخلف كي يخرج و هو يردد مدافعاً عن نفسه: إيه بس دي حاجة حلوة أوي و لذيذة أوي أوي.
أغلقت الباب في وجهه و هي تصرخ: يا قليل الأدب.
وقفت أمام المرآة ترى علامة الملكية خاصته المصكوكة على كتفها و هي تسمع صوته بالخارخ مازال يضحك فتبتسم بخجل ثم بدأت تبدل ملابسها.
في المساء.
كانت تجلس في سيارة غانم و هم في طريقهم للعودة للخان من جديد.
عادت برأسها للخلف تشاهد الضواحي و ملامح جمال الخان الهادئ و هي تفكر بقصتها و قصة ريم الصعبة التي جمعتها بصلاح عيسى و ظروفهما الشبه مستحيلة .
تتذكر كيف كانت قصتها أيضاً هي و غانم مستحيلة و كيف هدى الله طريقهما كي يصبحا زوج و زوجة ولا يوجد ما يقف في طريقهما سوى خوفها و رهبتها التي يجب أن تتغلب عليها.
تتذكر أيضاً ملامح صلاح المتعبة بسبب إستحالة نجاح حبه ... تفكر... أنها هي و غانم قد مرا بتلك الفترة .
لم تنسى أيضاً كم من مر عليهما من وقت وهما زوجان لكنه مراعي ما طلبته ، تحمل و لم يتذمر.
و كثيراً ما فكرت أنه قد يثور.. قد يخرج غضبه فيه .. أو يلمح لأنه قد سأم دلالها .
لكنه لم يفعل.. و إن فعل في مرة فقد كانت مداعبة من زوج متحرش لا أكثر.
ضحكت بصوت أسترعى أنتباه غانم الذي يقود بتركيز و هي تتذكر محاولاته للتحرش بها حتى بعد الزواج و التي كانت تبوء بالفشل ليس لأنها قوية بل لأنه هو من كان يتركها غير مرحب بالضغط عليها منصاع لطلبها الذي طلبته صباح زفافهما .
نظر لها غانم مستفهماً فهزت رأسها تردد : ولا حاجة.
هز رأسه مبستماً و توقف بالسيارة فقالت: إيه ؟
نظر لها باستنكار يقول: إيه وصلنا للبيت .. هننزل.
نظرت له بدلال و قالت : لأ أنا هدخل الأول .
صمتت تشير ناحية شرفة غرفة النوم ثم قالت له: لما أنور لك النور مرتين ورا بعض تدخل.
غمز لها ضاحكاً و قال : سيم يعني ؟
حلا : أمم .. سيم .
غانم : إحنا ولا إلي بيتاجروا في الممنوع.. بس ماشي ، أنا راضي بأي حاجة.
غمزت له هي الأخرى لأول مرة فصفق بيديه يردد : الله ، الصلى على النبي ، لا بقيت خطر و يتخاف منك .
ضحكت عالياً ثم ترجلت من السيارة و دلفت للبيت .
و ظل غانم بالسيارة و قد طال إنتظاره و هو يجلس على مقعده يفرك مردداً: تكونش نوت تفرج عني ، لأ لأ مانا أخاف أتعشم و تطلع عاملة لي عشا رومانسي بس ... ده أنا يجيلي فيها سكته قلبية.. لأ بس إحنا اتعشينا عند صلاح و مراته .. مراته إيه بقا ماهو متبهدل زيي ، كلنا في الهوا سوا.. هي أتأخرت كده ليه.. الله.. النور نور.
قفز من سيارته سريعاً و دلف لعندها بعدما أضيئ نور الغرفة لمرتان كما أخبرته .
فتح الباب ليجدها تقف خلف منه ترتدي قميص بلون العناب تنظر للأرض بخجل و هي تردد : أنا بقول كفايه كده.
أقترب منها يردد بلهفة: و أنا كمان بقول كده من بدري.. عناب.. احنا ليلتنا عنابي إن شاء الله.
نظرت له و قالت : غانم.. بلاش قلة أدبك دي انا ما صدقت شجعت نفسي بقا و مكسوفة أصلا و أنا....
قاطعها بعدها حملها على يديه يردد: أسكتي شوية بقا .
صرخت و هي تشعر بنفسها قد طارت في الهواء ثم أستقرت على ذراعين قويتين تردد: انت بتعمل ايه.
دلف بها للغرفة ثم وضعها على الفراش و هو يردد: سيبونا ناخد فرصتنا بقااااا .
تعمد أسلوب الضحك و الهزار معها بالبداية كي ينسيها خوفها منه ثم اذابها معه بقبلاته التي القتهم في بحر محموم أمواجه عالية لم تهدأ إلا مع خيوط النهار.
فمع شعاع شمس اليوم الجديد كان غانم و حلا مازال مستيقظان ،هي تنام على صدره و هو يضمها إليه يداعب خصلات شعرها مردداً: فاكرة لما كنتي بتصرخي في وشي و تقولي لي أنا مش رخيييصة هههههه.
ضحكت هي الأخرى حينما تذكرت و هو أكمل ضاحكاً: و لا فاكرة لما رقعتيني علقة في الأوضة ههههه .
غمرت رأسها في عنقه و هي تضحك و هو يسرد عليها كل لتفاصيلهما البائسة و التي تحولت الآن إلي ذكريات جميلة مضحكة ربما سيسردوها مستقبلاً على أطفالهم.
بعد مرور سنة
كان يجلس بمقدمة أحد الأراضي الزراعية التابعة له يتابع العمال و هم يبذرون الأرض تارة و ينظر في دفاتر الحاسبات التي بين يديه تارة أخرى حتى دلفت سياره صلاح من بعيد .
لكن ليست ككل مرة بعاصفة تربية بل بكل هدوء حتى توقف أمامه يترجل من سيارته بتبختر و وجهه مشرق سعيد .
أقترب من صديقه في خيلاء و غانم يتابعه و هو يكتم ضحكاته .
أزاح صلاح نظارته الشمسية من على عيناه ثم ألقاها بترفع و كبر على طاولة غانم الذي يراقب كل ذلك ضاحكاً بينما قال صلاح بشموخ و رواق : بنجور .
ضحك غانم وردد ساخراً: الله يرحم، أمال فين عاصفة الصحراء و الداخلة الأكشن إلي كنت بتدخلها عليا .
زم صلاح شفتيه بكبر و كأنه طفل يعاند طفل مثله ثم تحدث بغرور : علمونا في المدرسة ما نردش على الناس النوتي .
ضحك غانم بإندهاش يردد : نوتي ؟! مالك ياض فيك إيه كده ، أنت من ساعة ما ربنا سهلك و أنت ماحدش عارف يلمك .
رفع صلاح رأسه عالياً و أكمل : ولسه هنحرف أكتر و أكتر .
لم يلبس أن ردد بحماس و جنون : ده الواحد طلع فايته حاجات كتير يا جدع .
لم يستطع غانم الصمت أو تمالك نفسه من الضحك فعلت قهقهاته حتى أثارت أنتباه المزارعين.
فقال صلاح بترفع شديد جداً : وطي صوتك يا حيوان فرجت علينا الناس.
زادت ضحكات غانم من طريقة صلاح الذي تغير تماماً منذ تغيرت حياته بأن تبدلت الظروف أبتسمت له الدنيا مع "ريم" .
تعصب صلاح قليلاً فالتقت نظارته من على الطاولة و وضعه على عينه من جديد و هو يردد : أنا غلطان إني جيت لك عشان أقولك إني جبت جميل أرض أرض .
إلتف كي يغادر لكن أستوقفه غانم يردد بلهفة :بجد ؟ إزاي ؟ و إيه إلي حصل ؟
إلتف صلاح و ردد ببساطة: شوف أنا بقالي سنة بحاول أوقعه و ماعرفتش ، أصله مش سهل بردو ، و لا فيش حاجة وقعته غير طمعه .
غانم : أزاي ؟
صلاح : مضى على نفسه بشيكات كتير في صفقة بطاطس و في شرط جزائي.. رقم يخض .
غانم: طب و جبته أرض أرض إزاي ؟
أستنكر صلاح غباء غانم و ردد ببساطة: فصلت الكهربا عن تلاجات المخازن .. بسيطة.
أتسعت عينا غانم بصدمة فيما أكمل صلاح: أنا مش واجع قلبي غير العمال الغلابة الي كانوا فاتحين بيوتهم من الشغل عنده ، عشان كده أنت ملزم بنصهم توفر لهم شغل عندك أو عند معارفك و أنا هتكفل بالباقي.
هز غانم رأسه موافقاً ثم قال: طب و جميل فين ؟ عايز أقابله دلوقتي.
تنهد صلاح و قال بيأس : عشان تتشفى فيه ؟ سيب الراجل في حاله دماغه أتلحست من خسارة الفلوس ،كان مهووس بيها و دلوقتي محجوز في مستشفى العباسية و إبنه الواطي سافر هجرة و سابه ، سيب الراجل في حاله و كفياك نبش في إلي فات ... سلام.
غادر صلاح بتمايل يقود سيارته و هو يدندن أحدى الاغنيات الرومانسية الرائجة .
جلس غانم على كرسيه و كلمة صديقه تتردد في أذنه يفكر أنه ربما عليه بالفعل عدم النبش في الماضي .
و ما أن بدأ يرجح الفكرة حتى ظهرت عمته أمامه تردد بهياج : أنت كنت عارف إن راضي هيتجوز ؟
أعتدل غانم في جلسته وسحب نفس عميق ثم قال: ازيك يا عمتي.
وفاء: رد عليا ، كنت عارف... شكلك مش متفاجئ .. يبقى كنت عارف .
غانم : أمال كنتي فاكرة ايه ؟ هيفضل عايش على ذكراكي؟ ده بطل و الله أنه ساكت علينا و حاطت جزمة في بوقة و مامشيش في الخان يحكي عن عملتك معاه .
بهت وجه وفاء و قالت : أنت بتعايرني يا غانم ؟ بتقول كده لعمتك؟ و بالطريقة دي
تنهد غانم و قال: روحي يا عمتي على البيت ، أهو أنا سيبتهولك كله مش كفاية؟ روحي و أهدي و سيبك من كل ده و فكري إزاي هترجعي عيالك لحضنك تاني راضي خلاص شاف حياته حقه بصراحة.
سكت أسنانها بقوة و ألتفت كي تغادر لكنها لن تذهب إلا بعدما تدمي جروحه هو الآخر مثلما فعل معها فقالت: مش تبقى تروح تبارك لسلوى.
مسح على وجهه بنفاذ صبر و قال: و أنا مالي بيها ، الله يسهل لها .
وفاء : بقول يعني واجب بردو تبارك لها على سبوع عيالها.
إلى هنا و أزاح غانم يده من على عينيه ينظر لها بصدمة فأبتسمت متشفية ثم أكملت : مش خلفت توأم من جوزها الجديد، إزاي مش عارف ده ابوها مالي الخان زينه و كهارب و عازم الناس كلها ، معقول نسي يعزمك... ألا صحيح هي مراتك العجلة دي مش حامل ، ما تروح تكشف شوفوا العيب من مين ؟ لا يكون منك ، شكله منك .. ماهي سلوى أتجوزت و بيقولوا متهنية في جوازتها و خلفت كمان و ربك عوضها .. يا خسارة ده تلاقي مراتك أول ما تسمع الخبر هتسيبك ، واطية و تعملها .
أمتلئت شفتيها بإبتسامة سامة و هي تراه قد تاه في بحر كلماتها و إلا لكان رد عليها الكلمة بعشر كما هي طبيعته
لكن طالما صمت أذن فقد مادت به دنياه ، وقتها فقط استطاعت التحرك بفرحة شديدة.
تخطت الساعة الثانية بعد منتصف الليل و هو للأن لم يعد.
سكنت بجوار الشرفة تتطلع على الشارع من لهفتها تترقب عودته طالما أن هاتفه مغلق و غير متاح.
يشرد عقلها في كل الاتجاهات تفكر أين ذهب و لما تأخر لحد هذا الوقت .. لأول مره يفعلها ، حتى و هي خادمة في بيته لم يصدف أن رأته يعود متأخر هكذا.
تهلل وجهها فرحة و هي أخيراً تبصره يعود و لكن مترجلاً .... لم يعد بسيارته.
خافت كثيراً و أرتعدت أوصلها ثم هرولت تفتح الباب تستقبله فاتحة ذراعيها بقلق تردد: كنت فين ؟ أنا كنت هموت من القلق عليك ؟
زاد رعبها عليه و هي تراه يرتمي في أحضانه بخضوع تام و قد تملك منه اليأس و القلق فهتفت برعب بينما تشدد من ضمه لأحضانها : مالك يا غانم ؟ ايه عامل فيك كده .
فرد بقهر : سلوى ولدت يا حلا .
هنا توقف بها الزمن و تحولت من انثى تفيض بالحنان لتحتوي شريكها إلى لبوة شرسة غيورة و نفضته من أحضانه فبهت وجهه و لم تبالي بل صرخت فيه : و هو ده اللي عامل فيك كده ؟ ايه ماكنتش عايزها تخلف من حد غيرك ؟ كان نفسك ترجعلك ؟
صرخت بأخر كلماتها بشر منقطع النظير جعل عيناه تتسع ، ثواني و ضحك يجذبها لأحضانه عنوة و هي تتمنع بغضب شديد لكنها ارغمها و أدخلها لحضنه يردد: بتغيري عليا يا حلا ؟
فردت بغيظ ساخرة: لأ طبعاً و أنا هغير عليك ليه ؟ كنت جوزي مثلاً ؟!
سحب نفس عميق ثم قال: أنتي مش فاهمه حاجه و مش عايزه تديني فرصة افهمك ، أنا بموت كل يوم، كل ما أفتكر رنا بنت عمك و إلي شاركت في إنه يحصل لها ، سلوى لما كانت مراتي كان مش بيكمل لها حمل و لما أتجوزت غيري خلفت و توأم كمان ، كأن ربنا بيراضيها و بيعوضها عن السنين اللي عاشتها معايا ... عارفة ده معناه إيه ؟ معناه إني ذنب .. أنا كلي على بعضي ذنب و البعد عني غنيمة..
رفع عيناه ينظر لها و قال : أنا خايف تسبيني يا حلا .
صمتت بتيه لا تفتن رد و هو فهم ذلك فقال بعجز تام: أنا... أنا مش عارف أكفر عن ذنبي إزاي.. لما بفتكر رنا .. كانت بنت شابة و الدنيا لسه فاتحه لها دراعتها جيت أنا بكلمة مني سوقتها للموت و خليت عيلتك تفلس و بفضيحة.. حتى لو إنتي سامحتيني أنتي و أمك لسه ربنا مش مسامح ... أنا.... أنا روحت لكذا حد أسأل أزاي أكفر عن ذنبي و كذا أقترح كذا حاجه... أقرب حاجه للصح كانت إني أتكفل بكذا غارمة إلي مسجونين عشان الديون و هما مش قادرين و أنا فعلاً بعمل كده بس لسه ربنا مش مسامحني... روحت النهاردة لشيخ الجامع لما ضاقت بيا الدنيا .
أبتلعت لعابها بتوتر و سالت بلهفة واضحة : و قالك ايه ؟
رد بتعب: قال لازم أصبر و أرضى بقضاء الله عشان ربنا يرضيني و أستمر في عمل الخير ما أقطعوش.. أنا و الله مستمر و عملت ميزانية للغارمات خلاص.
نظر لها برجاء يردد : أوعي تسبيني يا حلا أنا مش هينفع أخسرك . . مش هقدر و الله.
ضمته لأحضانها و هي تغمض عيناها تمتنع عن البوح بكل مخاوفها لكنها تقسم أنها لن تتركه .
غفى الوقت المتبقي من الليل في أحضانها ة بالصباح أسيقظ على صوتها تردد : غانم .. أصحى يالا
فتح عيناه ليجدها متجهزة تماماً للخروج فسأل: أنتي خارجه .
صححت له قائلة : خارجين ... إحنا لازم نرجع نروح للدكتور نشوف في ايه و ناخد برو بالاسباب و لا أيه؟
هز رأسه موافقاً و ذهبا للطبيب الذي أخبرهم أن كل منهما أموره الصحية جيدة جداً و أن الأمر كله بيد الله و يجب أن يتحلى بالصبر و ألا يقنطا من رحمة الله.
بعد مرور عام و نصف.
في حديقة المنزل الصغير المطلة على البحر جلس غانم مع صديقه صلاح و زوجة كل منهما حول حلقة لشواء اللحم.
و عين غانم تراقب ذلك اللص الصغير الذي يحاول التلصص لتلك العربة وردية اللون و قد نجح بالفعل لكن لحقه صوت غانم يصرخ : صلااااح .. أبعد إبنك عن بنتي و إلا مش هيحصل خير.
فقهقه صلاح على إبنه و ما يفعل ثم قال : ما تسيب الواد يلعب يا غانم الله.
ثم غمز لأبنه مردداً: اللعب ياد و لا يهمك
فهتف ابن صلاح بفرحه : الله دي بتضحكلي.
أغتاظ غانم مردداً: بتضحك لك إزاي يعني هي لسه صغيرة مش بتضحك.
فأقسم الصبي يردد: و الله بتضحك لي
تقدم غانم و حلا عند أبنتهما ليروها بالفعل تضحك لأول مرة في مهدها فنظرا للصبي بغيرة و شر ثم نظروا لبعض و قال غانم لحلا : دي ضحكت له قبلنا
حلا: يبقى نطردهم .
غانم : صح .
حلا: و لا بلاش نبقا قللات الذوق هما ما عملوش حاجة ابنهم إلي عمل.
حلا : صح .
حاول غانم مدارات غيرته على ابنته حتى رحل صلاح و أسرته و هو دلف للبيت مع حلا و أبنتهم يتفرد بدفئ عائلته الصغيرة بعد عناء طويل .
★★★★★
وصلنا لنهاية الرواية أتمنى أنها كلها على بعض تكون عجبتكم و هستنى رأيكم فيها .
و إن شاء الله بعد العيد في كذا مفاجأة بكذا رواية.
بحبكم جداً
دمتم بخير
اضغط على اسم الروايه ☝️☝️☝️
تعليقات
إرسال تعليق