رواية بيت البنات الفصل الخامس عشر 15بقلم أمل صالح جديده وحصريه
رواية بيت البنات الفصل الخامس عشر 15بقلم أمل صالح جديده وحصريه
#الخامس_عشر
- بابا اتجوز على ماما برة يا بسنت، مرجعش من السفر الست سنين اللي فاته عشان متجوز عليها.
قالتها وانفجرت في البكاء مرة أخرى وتركت الأخرى تتلقى حديثها بأعين متسعة وصدمة كبيرة، لا تصدق أن عمها "سلطان" فعل هذا بإبنته وزوجته!
سافر لخارج البلاد منذ ست أعوام بهدف العمل وزيادة دخل مالهم بسبب دراسة ابنته، سافر عندما كانت في العام الثالث لثانويتها تلك الفترة التي يحتاج فيها الطالب لوالديه بجانبه أكثر من أي وقتٍ آخر، وقد وعدهم بالعودة بعد ثلاث سنوات على الأكثر!
تحملت نرمين تلك السنة بحلوها ومرها بمفردها، عانت في كثير من الأيام، مرت سنة كاملة كالدهر عليها ما بين دروس واختبارات وترقب لتلك النتائج التي ستحدد مصيرها و وجهتها التالية في مسيرتها التعليمية.
كان يومًا عصيبًا آخر مرت به دون والدها، حين ظهرت النتيجة ووجدتها ثمانين بالمئة، لم تنسى حتى الآن نظرات والدتها القاسية التي صوبتها عليها، لم تنسى كيف رفضت والدتها أن يزورهم أي أحد لتهنئتها، كانت تتوقع ردة فعل أخرى، على الاقل ابتسامة أو عناق دافئ منها تخبرها به انها أحسنت صنعًا.!
ولكنه لم يكن سوى عزاء بدأ بهذا الرقم الذي ظنت أنه نهاية عالم وانتهى ببكاء صامت.
صمدت على أمل أن تمر تلك الثلاث سنوات بسرعة ويعود لتنعم بدفء أحضانه التي حُرمت منها، على أمل أن يأتي ليطمئنها أنه لجانبها مهما كانت النتائج، انتظرت وصبرت وحتى الآن لم تنل ما تريد..
حتى اكتشفت اليوم أن والدها العزيز صنع عالمه الخاص وعائلته الخاصة ببلاد أخرى، وكم آلمها هذا وجعلها تبدو كالمغفلة أمام ذاتها، فقدت الكثير من ثقتها به ... وبنفسها.
نظرت لها بسنت بصمت تغلغله صدمتها، شعرت أنها حتى غير قادرة على الاقتراب منها وضمها لها لتواسيها، الله وحده أعلم بما تشعر وبما تمر به هي ووالدتها، هي لم تجرب هذا الشعور من قبل ولكن بالنظر لحالة إبنة عمها فيبدو أنه شعور قاسٍ ومؤلم.
الآن أحست بالشفقة على زوجة عمها، للحظات تناست ما فعلته بهم وشعرت بقسوة ما تعانيه تلك السيدة التي هجرها زوجها.
جف حلقها فتحمحمت وقد تخلت عن صدمتها لفترة من الوقت لتقترب من نرمين تجذبها داخل أحضانها، وبصمت أخذت تمسح على ظهرها وهي تعقد حاجبيها بضيق من عمها الذي خذل عائلته الصغيرة بفعلته الشنيعة.
أما نرمين فتابعت حديثها وهي تبكي بين أحضان بسنت التي تواسيها بتلك التربيتات على ظهرها: كنت مستنية التلات سنين يعدوا عشان أشوفه بدل ما أنا بسمع صوته كل أسبوع مرة، عدوا تلات سنين وأربعة وخمسة وهو مرجعش! كنت مستنية دخوله علينا في اي لحظة، مستنية يفاجئنا برجوعه..
وعادت لتبكي بصوتٍ أرغم بسنت على البكاء هي الأخرى، بكت بصمتٍ وهي تحاول تهدئة تلك التي تعيش أسوء كوابيسها.
- نسيت كل الحلو اللي عيشته معاه يا بسنت، نسيت كل حاجة حلوة عملهالي لما عرفت من ماما النهاردة، مش عايزاه يرجع ولا عايزة أشوفه.
قالت آخر كلماتها بكُره شديد في لحظة تمنت فيها لو أن والدها سلطان أمامها لتلقي كل هذا بوجهه، وعلى ذكر والدتها "منة" ازداد بكاؤها وتلك اللحظات التي تلقوا فيها خبر زواج والدها عادت لتقفز أمام عينيها.
حيث كانت تنكب على كُتبِها تنظر للكلمات والاحرف بالكتاب بشرود؛ تفكر في تصرفات والدتها المريبة بالفترة الأخيرة، وتلك السيدة التي كثيرًا ما تدعوها للمنزل لتختلي بها بإحدى الغرف، مَن تلك السيدة؟؟ ولما تستمر بالمجيئ لوالدتها؟؟ ولماذا تجلس معها بإنفراد.
لم تكن نرمين لتفكر بكل هذا لولا مظهر السيدة المرعب، لو كانت هيئتها عادية لما شكت للحظة بها أو بوالدتها ولكن ملابسها السوداء وذلك الكحل الذي كانت تُغرق عينَها به وتلك الابتسامة الغير مريحة بالمرة كل هذا كان يوحي انها ليست مجرد صديقة لوالدتها!!
انتفضت نرمين في مكانها بفزع عندما وصلها صوت صراخ والدتها من الخارج فدفعت المقعد للخلف وتحركت للخارج بسرعة، وقفت في الصالة أمام منة التي تصرخ بجنون في الهاتف: يعني إيـــه؟؟ يعني إيـــه يا سلطان؟!! مسافر عشان تشتغل ولا عشان تتجوز عليا، رد عليـــــــــا.
صرخت بقوة في آخر كلمة وهي تلقي بالهاتف بعنف أرضًا، تقدمت نرمين خطوة من الهاتف لكي تلتقطه وتفهم ما يحدث بالضبط من والدها وكأن تلك الكلمات التي قالتها والدتها غير قابلة للتصديق.
ولكنها توقفت عما كانت ستفعل عندما رأت والدتها تلطم خديها وهي تصرخ بشكل مخيف بعد أن وقعت وانهارت أرضًا: ليـــه، يتجوز عليا ليـــه!
بللت نرمين حلقها وهي تبتعد خطوة للوراء بخوف: مـ ... ماما.
جحظت عيني منة وتوسعت بشكل كبير على غير الطبيعي، رفعت رأسها للسقف وصرخت بكل صوتها حتى لاحظت نرمين اختلاط صوتها بصوت خشن وكأنها ليست هي.
ارتفع صدرها لأعلى واسفل بخوف وامتلئت عينها بالدموع وهي لا تفهم ماذا يحدث، وقعت أرضًا بفزع عندما انتفضت منة من مكانها بشكل غريب لم تعتدل لتقف على قدميها كبشر عادي! بل بدى الأمر وكأنها قفزت من وضعيتها لتقف مباشرة على الأرض!
أخذت تلقي كل ما تطوله يديها أرضًا، حطمت المكان بأكمله أمام مرأى تلك التي تجلس أرضًا بخوف، ابتلعت نرمين ريقها وهي تشهق باكية عندما وجدتها تنظر لها بنظرات غريبة، وكأنها ليست والدتها.
اقتربت منها ببطئ دب الرعب بأوصالها حاولت القيام مرات عدة ولكن لم يساعدها ارتعاشها وارتجاف جسدها فزحفت لغرفتها واوصدت الباب عليها من الداخل جيدًا ليأتيها صوت والدتها المختلط بذلك الصوت المرعب وهي تصرخ امام الباب بينما تحاول فتحه بقوة.
التقطت هاتفها بسرعة وبعثت برسالة إنقاذ لبنات عمها بعد أن فقدت والدتها عقلها تمامًا، بالخارج أخذت منة تصرخ بينما تضرب رأسها بالباب والجدار جانبه وبدت أنها في حالة من اللاوعي.
اختفى ذلك الصوت الذي كان يصاحب صوت منة وتحدثت بصوتها الطبيعي: هم احسن مني في إيــه؟؟ ما جوازتهم الاتنين هنا وسط ولادهم وعايشين عادي!!
وتوسعت عيناها وهي تردد بجنون: أيوة عملت لعمك وبناته سحر، وعملت لغادة بنت فاتن جارتنا وعملت لعلاء جوز زهرة، وهعمل لأ...
واختفى صوتها تمامًا تلك المرة وحلّ مكانه ذلك الصوت المخيف ليتمكن منها فاندفع جسدها نحو الحائط وعادت لتضرب رأسها به.
ولم تفق من تلك الحالة إلا عندما سقطت أرضًا وشعرت بذلك السائل الدافئ الذي انهال فوق وجهها أثر ما فعلته بنفسها..
عادت نرمين من أرض الذكريات السوداء لأرض الواقع حيث هي داخل أحضان بسنت، استمرت بالبكاء دون أن تضيف أي كلمة أخرى فوق ما سبق وقالته وهي لا تعرف على أي همٍ تبكي، على والدتها وتلك الحالة التي انتابتها أم على ما فعله بهم والدها والذي من المفترض أنه سندها.
وفي النهاية غفت من شدة التعب على كتف بسنت التي تألمت كثيرًا لحالها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل مررتم من قبل بتلك اللحظات الذي يعميكم فيها الغضب؟؟ أن تأكل النيران صدورَكم وتودون تحطيم كل شيء وأي شيء، أن تضيق بيكم الأماكن ويعتريكم الضيق من كل ما حولكم.
كانت جنى تمر بكل هذا وأكثر، تمنت لو أنها صقرٌ أو نسرٌ لتحلق بسرعتهم لقسم الشرطة حيث بالتأكيد يتواجد ذلك العصام الآن.
كان صدرها يعلو ويهبط والغضب يتصاعد شيئًا فشيء كلما اقتربت من مرادها وبالمرآة يراقبها كلٌ من سامر وطارق الذي لا يعي أي شيء!
كلاهما قالا أنهما سيُفهمانه بالطريق ومنذ أن تحركت السيارة لم ينطق أي منهما ببنت شفة!!
تحمحم طارق يحاول جذب انتباه من يخبره بأي شيء فلم يلتفت له أحد، تطلع لسامر شقيقه جانبه فغمز له سامر.
رفع طارق حاجبيه ليشير بعينيه على تلك القابعة بالخلف فحرك له سامر يده كي يصبر، واستمر هذا الحديث الصامت بينهما حتى صاح طارق بنفاذ صبر: أيوة وبعدين يعني هتفضل تغمزلي كده كتير!
ضغط سامر على شفته وهو يلعن غباء أخيه الأكبر بينما بالخلف تطلعت له جنى بدهشة وفزع لصراخه المفاجئ.
وما كادت تجيبه قاصصة عليه ما حدث حتى توقفت السيارة فألقت بالحقيبة جانبًا وترجلت منها بسرعة لم يستوعبها أي منهما.
نظر لها سامر وهو يقطب جبينه بعدم فهم وثواني وفهم ثورتها وغضبها فنظر لطارق بسرعة صارخًا به وهو يهبط هو الآخر مهرولًا خلفها: احيه! حلق عليها بسرعة حلق عليها.
ترجل طارق بسرعة يلحق بها رغم أنه لا يفهم اي شيء ولكن الجميع يعلم غضب جنى التي ورثته عن والدها توفيق، ورثوا جميعهم ذلك الغضب ولكن بتباين وتفاوت وكانت جنى أقصاهم غضبًا.
دلفت لغرفة الظابط مصطفى الذي كان يجلس خلف مكتبه وامامه يجلس عصام، ومع فتحها لباب الغرفة بهذا الشكل رفع وجهه متعجبًا لمن اقتحم مكتبه.
ما إن رآها عصام حتى إبتسم ببرود وهو يشير عليها: أهي جنى جت اهي يا حضرة الظابط..
كانت تقف على أعتاب باب المكتب تطالعه بغضب أعمى وصدرها يعلو ويهبط لتلك النيران المتأججة التي تحيط به.
نظر لها عصام بتلك الابتسامة التي زادت من غضبها وتابع: تعالي عرفي حضرة الظابط إن دي حاجات بينا وملوش لزوم ند...
ولم تعطه الفرصة ليتابع واقتربت منه بسرعة لتهبط بكفها على وجهها بصفعة حملت من الغضب ما يكفي لتترك أثرًا بارزًا فوق قسماته.
توسعت عيني مصطفى وهو يخرج من خلف مكتبه بسرعة بينما على الباب وقف يجفف يده بذلك المنديل الورقي وبنظرة إعجاب وإنبهار تحدث بتلقائية: يا كوين يابنت الكوين ياللي عمرك ما هتكوني غير كوين!!
وجد فجأة من يدفعه من الخلف والذي لم يكن سوى سامر الذي اقترب بسرعة من ابنة عمه، نظر له عثمان بغيظ وما كاد يعتدل فتفاجئ بدفعة أخرى طارق الذي لحق بأخيه.
- يا ولاد الـ...
ويبدو أن تلك الصفعة لم تكن كافية لجنى التي صاحت وهي تمسكه من تلابيب قميصه: حاجات بينا ايه يا زبالة ياللي التربية معدتش على بيتك، دانا هخليك تقول ياريت اللي كان ما جرى بحق اللي عملته في تعبي وشقايا يا كِلح يا جربوع أنت..
توسعت عيني عثمان بتعجب وهو يردد من بعدها بينما يتابع ذلك المشهد من على الباب بإستمتاع: كِلح!!
جذبها سامر سريعًا من ذراعها للخلف وتحدث بتوتر وهو ينظر لمصطفى وتمنى داخله ألا تضعها فعلتها تلك بموضع الشك، نفضت يد سامر عنها ونظرت لمصطفى الذي تحدث بحدة: لو سمحتِ يا آنسة جنى اللي بتعمليه غلط وهيضعف موقفك في القضية، ياريت تعدي وتهدي عشان نشوف هنوصل لإيه.
ضيّق عثمان عينيه وهو يكرر إسمها بينما يحرك رأسه بإيجاب: جنى! إسم فيه جنجنة كده.
جلست أمام عصام الذي طالعها بغيظ ولم ينطق بأي شيء بعدما فعلته وهو يعلم أن هذا لصالحه بينما تطلع مصطفى لسامر وطارق وأشار لهما على مقعدين في أحد أركان المكتب لكي يجلسوا.
رفع وجهه ونظر بتحذير لعثمان الذي إبتسم بسمة واسعة وهو يرفع إبهامه بينما يتحرك للخارج ليترك أخيه يقوم بعمله على أكمل وجه.
رماها بنظرة أخيرة قبل أن يخرج وقد تذكر أنه رآها منذ قليل بالمشفى، جلس بالخارج بعد أن قرر سؤالها عن أحوال تلك السيدة التي ظنها والدتها، وستكون فرصة أيضًا للحديث مع ذات الرداء الأسوء!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمستشفى حيث بقى كلٌ من حامد وتوفيق ومَجد بإنتظار أن تستفيق السيدة منة والتي وكأنها أحبت ذلك الظلام الذي عانقها وأراحها من أحداث وحقائق بشعة فقررت البقاء داخله لفترة أطول!
كان حامد يجلس بجانب أخيه توفيق على المقاعد أمام غرفتها بينما مجد يقف بالخارج وهاتفه فوق أذنه يحاول الوصول لتلك التي استنجدت به ببضع كلمات وأغلقت من بعدها المكالمة بوجهه.
كان قلبه يتآكل قلقًا وخوفًا من أي يصيبها أي مكروه خصوصا أنه يعلم كم هي عنيدة، حاول مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى!
نظر للمر حيث بنهايته يجلس والده وعمه ثم للهاتف بين يديه؛ لا يمكنه إخبار عمه بأمرها ولا يمكنه كذلك أن يغادر المشفى هكذا دون قول شيء!! لقد وضعته بين فكي ذئب جائع وهربت!
أخذ يتنفس عدة مرات قبل أن يفتح الهاتف من جديد وهو يردد "يارب" على أمل أن تجيب تلك المرة، وكأن الله اطلع اللي قلبه ورأى هذا الخوف لتأتيه الإستجابة فورًا..
وضع الهاتف فوق أذنه وتحدث بسرعة وقليل من الحدة النابعة من خوفه: ايوة يا بسملة، في ايه اللي حصل تاني!
ولم يأته الرد سوى بكاء وشهقات، تنهد وهو يبتعد أكثر ليصبح امام الشارع المؤدي لخارج المشفى، تحدث بهدوء ولين: طب اهدي طيب، بطلي عياط لو سمحتِ وفهميني، متقلقيش أنا معاكِ!
استمرت بالبكاء لدقيقة أخرى تقريبًا قبل أن تتحدث بين شهقاتها: بعت ... بعت يهددني، أنا .. أنا والله معملتش كده.
كانت تقصد تلك الوضعيات بالصور التي أرسلها لها، عادت لتبكي مرة أخرى فقال مجد وهو ينظر حوله: طب معلش بس اهدي، اهدي وبراحة تاني عشان أفهم! هو بعت ايه؟
أجابت ببكاء ونبرة مترجية كي يصدق حديثها: صور لينا أنا وهو، بس والله أنا عمري ما قربتمنه بالشكل ده! والله كلها مش حقيقـ...
نظرت للهاتف بصدمة، أنهى المكالمة!!
ألا يصدقها؟!!!
يتبع...🥰
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق