القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نيران نجع الهوى الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم هدير دودو

 رواية نيران نجع الهوى الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم هدير دودو 




رواية نيران نجع الهوى الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم هدير دودو 




#الفصل_الأول 

نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو 

في أحد محافظات الصعيد بنجع العُمدة تحديدًا داخل منزل الجبالي المتسم على أثاثه الفخامة يبرز مدى قوة ونفوذ العائلة يجتمع جميع أفرادها حول مائدة الطعام، وكان الصمت سائد على الأجواء المشحونة بالتوتر ونظرات عمران الغاضبة بنيران مشتعلة كافية لإشعال النجع بأكمله، غمغم يقضى على الصمت بنبرته الجامدة ذات خشونة مهيبة: 


-يعني عتتچوز ياخوىّ وروحت اتحدت عالبنتة وأخوك الكَبير مكانش إهنيه، مجادرش تصبر على حالك لحد ما أعاود.


توقف حسن عن تكملة طعامه شاعرًا بغصة قوية تشكلت في حلقه وحاول أن يجبر ذاته على الإبتسام لينهي الأمر بسلام مغمغمًا بهدوء: 


-معلش ياخويّ حجك على راسيّ بس أخوك عاشجان معيجدرش يصبر دجيجة واحدة بعد إكده. 


مصمصت نعمة (عمته) شفتيها بعدم رضا وتحدثت مدعية الحزن بمكر تبرز رفضها أمام عمران الغاضب: 


-عاشجان! يا ولدي دي تلاجيها سحرالك لچل ما تعشجها إكده والله ديه ما تنفع تُبجى في العيلة دجيجة مخابراش فَهيمة عتوافج ليه.


أجابتها فهيمة بتعقل هادئة: 


-وموافجش ليه البنتة زينة وولدي رايدها يانعمة مناجصش غير مباركة اخوه ليه.


قطب عمران جبينه متعجبًا وغمغم متسائلا بجدية حازمة: 


-وهي مين العروسة الزينة يمّا اللي رضيتي عنيها؟


أجابته مبتسمة بسعادة تطمئن ابنها الصغير الذي بدا التوتر فوق قسمات وجهه: 


-بِِت الحوامدية يا ولدي. 


تطلع حسن نحو شقيقه بأعين يملأها الخوف ينتظر رده بلهفة ليتأكد من إتمام زيجته كما يتمنى، لكن الأمر يبدو خِلاف ذلك فقد امتعضت ملامح عمران وانتفخت أوداجه غضبًا ليزداد سواد عينيه القاتمة متسائلا بنبرة جامدة متزنة كما لو اتزانه يعني الهدوء الذي يسبق العاصفة: 


-مين من الحوامدية؟!


كان ينتظر اجابتها بلهفة فأسرع حسن يجيبه بقلق: 


-عهد ياخويّ بت أحمد الحامدي زينة مش اكده.


كان قلبه يدق بعنف متلهفًا لاستماع موافقته لكن عمران كان في عالم آخر تسحقه أفكار عقله المضطربة، كرر اسمها بينه وبين ذاته بنبرة خافتة مذهولًا: 


-عــهــد!! عـهـد بت الحوامدية!


استقام بطوله بسرعة البرق يرمقه بنظرات مشتعلة، ملتقطًا أنفاسه بعنف وغلت الدماء داخل عروقه البارزة  ليستحوذ الغضب عليه وازداد أضعاف تحت دهشة كبيرة من الجميع لكن لم يهمه كل ذلك صاح معترضًا بغضب وصوت جهوري زلزل جدران المنزل: 


-عهد!! الحديت الماسخ ده معيحصُلش واصل.


أسرعت نعمة معقبة بسعادة وقد تهللت أساريرها: 


-زين ما جولت يا عمران والله أني بجول حديتك ده ماللول.


رمقتها فهيمة بحدة أخرستها تمامًا وأسرع حسن يقف قبالته ولازال يشعر بالصدمة لرفضه القاطع وتحوله المباغت فسأله بعدم فهم: 


-وه ياخويّ ليه إكده عهد زينة والنچع كلياته خابر إكده وأني بجولك رايدها وجلبي عاشـ..


أنهى حديثه العابث بحدة غاضبًا وازداد جنونه ونظراته الرافضة: 


-عجولك إيه اسمع حديتي زين مش هجوله بعد إكده عهد ديه لاه معوافجش عليها.


استفهم متعجبًا بصدمة والذهول يسيطر على ملامحه: 


-ليه بس ياخويّ؟


لم يبالي بمشاعر شقيقه العاشقة لها بل استرد حديثه مؤكدًا بقسوة وعينين تلتمع بغضب ضاري: 


-الله في سماه ما هتتچوز البنتة ديه غير على چثتي ومهعيدش حديتي.


أنهى حديثه وسار نحو الخارج بخطوات واسعة وجسد متشنج غاضب كما لو داخله نيران متأهبة تزداد اشتعالًا ملتقطًا أنفاسه بصعداء وعقله يعيد ما حدث بالداخل ليصدر عنه تنهيده حارقة كافية لإشعال النجع والبلد بأكملها، وداخله سؤال هام يتردد في عقله المنهمك كيف ومتى شقيقه عشق تلك الفتاة الفاتنة؟! ليزداد الأمر سوءًا بعدما علمه اليوم، ازدادت نبضات فؤاده بعنف وتعالت أنفاسه بصوت مرتفع، محاولًا تهدئة ثورة عقله المهتاج بضراوة كبيرة..


تطلع حسن نحو والدته واسترد حديثه المذهول وقد وقع عليه ما حدث كالصاعقة التي زلزلت روحه: 


-كيف يمّا أهملها وأني رايدها؟


تطلعت أمامها بحزن وصدر عنها تنهيدة حارة، ربتت فوق كتفه بحنان حاولت تهدئة الأمر بتعقل: 


-اصبر يا ولدي أني هتحدت وياه، هو واخد على خاطره منيك، أنتَ خابر عمران جلبه طيب عيصفى بسرعة.


اومأ برأسه أمامًا وسار هو الأخرى بضيق غاضب شاعرًا بعدم الرضا من أفعال شقيقه وفرض هيمنته عليه دون الإهتمام لمشاعره، لكنه سيبقى هادئًا حتى يستطيع مجاراة أموره لتسير مثلما يريد ويستطيع الزواج من مَن أحب واختارها قلبه..


❈-❈-❈


بعد مرور يومين... 


كان يجلس عمران في غرقة المكتب الخاصة به ولج حسن مُهللًا بسعادة ووجه مبتسم هادئ: 


-مبارك ياخوي المحصول اتباع وخُلص كُمان. 


ابتسم عمران ولم يعطِ إهتمام مغمغمًا ببرود:


_مليح كنت خابر أن هيحصُل إكده. 


أقترب يجلس أمامه وحاول التحدث معه مرة أخرى ليهدئ الأمر بينهما: 


-لساتك واخد على خاطرك منيّ ياخوي، حجك على راسي أنت خابر معزتك في جلبي، عارف أني غلطت لما عملت إكده لحالي ومستنتش رچوعك. 


لم يبالِ بحديثه بل نهض مقتربًا منه يقف قبالته يرمقه بنظرات حادة والشرر يتطاير من عينيه الغاضبتين مردفًا بنبرة آمرة يملأها الغرور: 


-أني مهتحدتش وياك غير لما اللي جولته يحصُل وتهمل بِت الحوامدية ديه لحالها وملكش صالح بيها بعد إكده وده هيحصُل بالرضا أو الغصب.


وقف قبالته ملتقطًا أنفاسه بغضب زافرًا بضيق من شقيقه الذي يسعى لإثبات قوة نفوذه وهيمنته الطاغية، ورد عليه بغضب عارم متعجبًا: 


-وه كيف رايدني أعمل اللي عتجوله من غير ما اتحدت وياك، أنت معتعملش حساب لحديتي عاد، أني اللي هتچوز يا عمران. 


رمقه بنظرات غاضبة وكرر حديثه بإصرار صائحًا به بعنف قاسٍ: 


-اللي بجوله هيحصُل ما عاش ولا كان اللي هيوجع حديت جاله عمران الچبالي فوج يا حسن واعجِل حديتك. 


امتعضت ملامحه بعدم رضا وأردف بشغف محاولًا تغيير حديثه وكسب رضاه ليستميله: 


-اسمعني ياخوي أني عاشجها ورايدها مجدرش اهملها مجدرش. 


قال كلمته الأخيرة بضعف مترجي أن ينجح في تهدئته لكن الأمر جاء عكس ما يظن، اهتاج عمران غضبًا فضرب فوق سطح المكتب الذي أمامه بقوة شاعرًا بنيران قوية تعصف داخله بعد استماعه لحديث شقيقه الهاوي لها، هدر به بعنف ساخرًا منه بقسوة: 


-جلبك اللي عاشجها ده اشيله بيدّي واحطه تحت رچلي مش وِلد الچبالي اللي عيتچوز من غير موافجة اخوه وكَبير النچع ده، وأنت اتجدمت للبت ديه وأني مش أهنيه يبجي هتهملها كيف ما جولت. 


شعر حسن بغضب يعميه هو الآخر شاعرًا بالضيق من قيود شقيقه التي تزداد لكنه لن يتركها سوى بموته، بالطبع لن يترك مَن يريدها بسبب أوامر شقيقه الناهية هو اختارها بقلبه وعليه التمسك بها؛ لذلك همهم بحدة وعصبية معترضًا: 


-لاه أني مش ههملها جولتلك رايدها وهي رايداني وكله بارك مناجصش غير مباركتك ليا ياخوى. 


اندلع الغضب إلى عقله كاد يفقده صوابه فأسرع قابضًا فوق أطراف جلبابه يهزه بعنف صائحًا بتوعد: 


-مش هبارك ولا هوافج مهما حُصُل البت ديه مش هتبجى مرتك فاهم ومفيش حاچة اهنيه بتحصُل غير بموافجتي كنك مخابرش عاد. 


قال جملته الأخيرة بسخرية لاذعة ودفعه بقوة ضارية إلى الخلف وهو يرمقه بغضب، فنهض حسن مجددًا وصاح أمامه بتحدٍ ونظرات نارية: 


-وأني راچل مش عيل صغير جدامك هتمشيلي حياتي على كيفك، لاه أني مش هسمح بكدّه، وعهد هتُبجى مرَتي. 


أنهى حديثه وفرّ هاربًا خارج الغرفة يستشاط غضبًا لا يريد أن يستمع إلى رده مقررًا تحقيق ما يريده ويتزوج من عهد التي يريدها واختارها قلبه المحب لها، لن يدعه يتحكم في حياته، ويبتعد عنها حتى يرضي شقيقه فقط!!.. 

فيجب عليه التطلع إليه ويوافق لأجله.. هو يكره تحكماته الزائدة وقراراته الصارمة التي يتخذها دون النظر إلى أحد خاصة عندما أصبح كبير النجع متخذًا وفاة والده سبيلًا لتحقيق مطامعه بقسوة طاغية... يجعله يشعر كما لو أنه طفل صغير عديم المسؤولية والخبرة في الحياة لكن في الحقيقة هو عكس ذلك تمامًا.. 


جلس عمران متنهدًا بصوت مرتفع غاضب يشعر بنيران قوية تشتعل داخله مسيطرة على عقله، بعدما استمع إلى حديث شقيقه عنها وعشقه الضاري لها، لكنه يشعر بالصدمة كـيـف؟! كيف شقيقه يحبها وهو لم يظهر ذلك من قبل ولم يتفوه به؟ اجتمع داخل عقله صورة لها في آخر مرة رآها وحينها أخذ عهد على ذاته أنها لن تصبح لأحد سواه عنوة، لن يتركها لأحد وعلى إستعداد محاربة الجميع دون الإهتمام لأيٍ منهم، على استعداد أن ينقض مفترسًا لكل مَن يقترب منها ويقيد عنقها بقيود عشقه المتملكة لروحها..


يتذكر مظهرها الخلاب الفاتن الذي يفقده عقله وجميع حواسه وكأنه نسى العالم بأكمله ولم يتذكر سواها، بعسليتيها الساحرة يرى وميضهما تحت أنوار الشمس الساطعة ليشعر وكأنها نجمة عالية آتت إليه ولابُد من الحصول عليها، عجبًا لك أيها القلب فقد تمسكت بالدرب المستحيل متخذًا من تحقيقه عهدًا لابُد الحصول عليه ليهدأ وتنتهي ثورة المشاعر الغاضبة التي اندلعت داخله، عجبًا للقدر الذي يساهم في فراقها عنه وكأن كل ما حوله يتفق ضده لكنه سيظل صامدًا متمسكًا يها، فـكـيـف يتركها متنازلًا عنها لشقيقه وهي عـهـد عليه؟


لا أحد يعلم بحقيقة مشاعره نحوها لكنها ستكون مِلكًا له في النهاية متحدي القدر وجميع الصعاب التي تمنعه عنها، لا يريد أن يشعر بمذاق الفراق المرير.. 


وقفت فهيمة في الخارج شاعرة بالغضب هي الأخرى بعدما استمعت للمشاجرة التي تمت بين أبنائها ورأت الأمر يزداد صعوبة بينهما، لكن كيف لأبناء الجبالي أن يحدث ذلك بينهما تسجل اعتراضها وبضراوة، مقررة التدخل فيما بعد لحل الأمر بهدوء، لن تترك شيء يفرق بينهما وإذا شعرت أن ذلك سيحدث فستدمر مَن يفعلها دون رحمة.. 


                              ❈-❈-❈


استيقظت عهد بملامح ممتعضة متألمة على يد تقبض فوق خصلات شعرها السوداء بقوة شديدة فصدر عنها تأوه خافت عالمة أن أخيها هو مَن يفعل ذلك فتحت عينيها التي قابلت الضوء فأغمضتها لوهلة بضيق متأفأفة عدة مرات ودفعته بقوة إلى الخلف ليبتعد عنها، وأردفت معترضة بضيق: 


-بعّـد عني اتجنيت إياك، جولتلك جبل سابج يدّك اللي تترفع عليّ هجطعهالك بعد إكده ياخوي. 


صاح بها بغضب متبجحًا دون أن يبالي لما تتفوه: 


-چهزي الوكل وفين الفلوس اللي هملهالك حسن لما چاكي عشية. 


هبت واقفة قبالته بغضب وصاحت بشراسة حادة: 


-دول حاچتي، ملكش صالح بيهم هچيب اللي ناجصني منيهم هو جالي إكده. 


لم يهتم بحديثها فاقترب قابضًا فوق خصلات شعرها بقوة تزداد عما كان في السابق، وكرر حديثه متوعدًا بغضب: 


-بجولك هاتي اللفلوس غير إكده هحلف ما ليكي خروچ من الدار واصل. 


حاولت أن تبعده عنها متألمة بين يديه صارخة بضيق: 


-هملني أنتَ لحالي وبعِد عني مش هديك حاچة روح رچع مرتك اللي هملتك وهـ... 


لم ينتظر أن يستمع إلى حديثها الذي لن يهمه فقاطع حديثها بصفعة قوية هوى بها فوق وجنتها ودفعها بضراوة مما جعلها تسقط أرضًا وتصتطدم رأسها بالحائط فبقيت جالسة تنتظر ذهابه حتى لا يزداد الأمر، لكنه لم يبالِ صاح بعصبية ولهجة مشددة حادة: 


-أني موافجتش على چوازك منيه عشان تجوليلي لاه ومطولش منِيكي حاچة. 


جلست مكانها حتى تجعله يتركها في صمت لكنها تفاجأت به يبحث في الغرفة عن المال الذي أعطاها حسن إياه أثناء وجوده بعينين تلتمع بالطمع.. 


طالعها بضيق والشرر يتطاير من عينيه المصوبة نحوها بعدما أخفق في الوصول إليهم وغمغم بحدة ولهجة مشددة غاضبة: 


-فين اللفلوس يا عهد مهسكتش غير لما تچبيهم. 


ظلت صامتة كما هي لم تعيره اهتمام فازداد غضبه منها مقررًا أن ينهال عليها بالضرب مرة أخرى حتى يحصل على ما يريده، لكن قبل أن يفعل شيء استمع إلى دقات الباب المتعالية فذهب متأفأفًا بغضب حتى يرى مَن الذي آتى.


تفاجأ بوجود فهيمة الجبالي تقف أمامه بشموخ تطالعه بنظرات متفحصة له بغرور فأسرع يرحب بها بحرارة مشيرًا لها أن تدلف: 


-أهلًا يا ست فهيمة نورتي الدار عندينا بچيتك. 


ولجت إلى الداخل دون أن تعير اهتمام لحديثه وهمهمت متسائلة ببرود لتنفذ ما آتت لأجله: 


-فين عهد أُومال روح جولها إني رايداها. 


اومأ برأسه أمامًا وأسرع متوجه نحو غرفة عهد الصغيرة في ذلك المنزل المتهالك أثاثه الذي يعبر عن حالة مَن بداخله، وغمغم بتوتر وهو قلق من مجيئها إلى هُنا بذاتها: 


-جومي فزي يا بت بسرعة الست فهيمة جاعدة مستنياكي بدها تتحدت معاكي. 


نهضت هي الأخرى مسرعة شاعرة بعدم الإرتياح، فهي تعلم كم هي ذات شخصية حادة متكبرة يهابها الجميع خوفًا من صرامتها لكنها حاولت أن تهندم من هيئتها ملتقطة أنفاسها بصعداء محاولة أن تحث ذاتها على الخروج لتراها فصاح بها حازم بغضب وهو يدفعها بقوة إلى الخارج: 


-ما تشهلي شوية هي هتجعد مستنياكي إياك. 


تأفأفت بغضب من أفعاله وسارت إلى الخارج حيث تقف فهيمة وتنتظرها فأسرعت ترحب بها مبتسمة: 


-كيفك يا ست فهمية. 


ألقت نظرة سريعة عليها تتفحصها ثم أجابتها ببرود: 


-مليحة كنت رايدة اتحدت وياكي يا عهد. 


كانت تشعر بقلق شديد وتسارعت دقات قلبها فهي لن تأتِي إليها سوى عندما يكون الأمر هام بالطبع تمتمت بتوتر وخوف حتى تجعلها تتحدث وتخبرها عما تريده: 


-جولي اللي يعچبك يا ست فهيمة.


أسرعت تتحدث منتهزة الفرصة وتمتمت بجدية ماكرة: 


-عمران ولدي وكبير النچع مكنش موافج على اللي حُصُل عشان مكنش موچود الشهرين، وحسن زعل منيه فريداكي تتحدتي ويا حسن أنه يچي يصالح أخوه أنتي أكيد معتحبيش اللي هيحصلد 


سرعان ما اتضحت لها الرؤية وعلمت ما تريده منها لكنها بالطبع لن تقوى على الرفض، تعلم أن ما ستفعله لن يعجب حسن لكنها مجبرة على الموافقة أمام نظرات فهيمة النارية المصوبة نحوها التي تمتمت بحدة ولهجة مشددة عندما طال صمتها: 


-جولتي إيه يا عهد؟ 


أسرعت تومأ برأسها أمامًا بتوتر وتمتمت بخفوت تخبرها موافقتها: 


-هجول إيه يا ست فهيمة اللي رايداه هيُحصل وهنراضي سي عمران كيف ما تحبي. 


ابتسمت برضا بالرغم من علمها أنها ستفعل ذلك عنوة، لكنها لن تهتم بشيء سوى لتنفيذ ما تريده فنهضت بشموخ وغمغمت بنبرة متعالية يملأها الغرور: 


-طالما إكده بجى تعالي معاي حسن موچود في البيت. 


غرزت أسنانها في شفتها بغضب سيطرت عليه بصعوبة ونهضت معها محاولة أن تجبر شفتيها على الإبتسام حتى لا تجعلها تشعر بشيء وأسرعت تعد ذاتها إلى الذهاب واضعة الوشاح الأسود فوق رأسها وسارت معها في صمت تام. 


ولجت المنزل معها بخطوات متعثرة خائفة وبداخلها الرهبة الكبيرة من دخول هذا المنزل، هي لم تأتِ إليه سوى مرة واحدة من قبل بصحبة حسن في البداية وكان هو بجانبها يدعمها ويحاول القضاء على رهبتها الكبيرة، 

لا تعلم كيف ستعيش به بعد فترة قصيرة وهي لازالت تخشى الذهاب إليه، ترى داخل هذا المنزل العديد من الأسرار المخفاة عن النجع بأكمله ولم يكذب شعورها حقًا.. 

سارت نحو الداخل بمفردها بعدما وقفت فهيمة في الخارج تتحدث مع إحدى سيدات النجع، ما أن ولجت حتى تفاجأت بعمران يقف أمامها عادت مسرعة بخطواتها إلى الخلف متراجعة عن الإقتراب منه برهبة كبيرة، تفاجأ هو الآخر بوجودها فثبت بصره نحوها بنظرات مجهولة لديها لكنه هو كان يتطلع نحوها برغبة عاشق عُهد إليه حبها هي فقط زاهدًا باقي النساء، عينيه تتطلع نحو كل أنش بها لم يتخيل وجود فتاة مثلها، لا يعلم ما المميز بها حتى تسحره هكذا لكنه يراها مميزة في كل شيء، لم تنقطع نظراته نحوها وهلة واحدة كان يحاول أن يقضي على اشتياقه ولوعته المتأهبة، يحاول القضاء على صورتها التي تجتمع كل يوم داخل ذهنه يخبر ذاته أنها أمامه لا داعي للتفكير بها الآن عليه فقط النظر إليها ليدلف الإرتياح قلبه المتلهف لرؤيتها، لكن كيف سيبتعد عنها هو يسعى لإمتلاكها؟... يجب أن يفعل كل ما يستطيع فعله حتى يجعلها تبتعد عن شقيقه، هو لن يهدأ سوى بإمتلاكها سيجعلها مِلك لـعمران الجبالي شاءت أم أبيت!! 


لاحظ ذعرها وخوفها عندما رأته لكنه لم يهتم أن كانت تخشاه أم لا هو يفكر في طريقة لتنفيذ ما يريده لن يهدأ سوى وهي ملكه!!. ابتلعت ريقها الذي جفّ بتوتر من نظراته الجائعة فتمتمت بخفوت ضعيف: 


-كيفك يا سـ... سي عمران؟ 


يشعر لأول مرة بجمال اسمه الذي يستمع إليه من بين شفتيها المكنتزة الذي تمنى أن يلتقطهما في قبلة شغوفة قوية لكنه لن يستطع فعلها لن يتخيل أنها ستكون قريبًا زوجة شقيقه لن يسمح بذلك سوى بموته، نبرة صوتها العذب يستمع إليها وكأنها أنغام موسيقية تتلاعب بأوتار قلبه العاشق، حاول السيطرة على ذاته وأجابها بنبرة حادة قاسية كما يفعل مع الجميع: 


-أني مليح أنتي چاية ليه اهنيه في حاچة؟ 


حركت رأسها نافية بتوتر وتمتمت بنبرة متلعثمة ضعيفة والقلق سيطر عليها: 


_-لاه مفيش حاچة أني چاية اتحدت ويا حسن. 


اهتاج عقله عليها شاعرًا بالغضب بعدما استمع إلى إجابة خاطئة منها، هي الآن متواجدة لأجل حسن وهذا أكثر شيء يزعجه، فقد السيطرة على ذاته فأسرع مقتربًا منها بخطوات واسعة غاضبة، عادت إلى الخلف كلما رأته يقترب منها لكنه أسرع قابضًا فوق ذراعها بقبضة حديدية غاضبة يمنعها من الذهاب، صائحًا بها بحدة متوعدًا: 


-تتحددتي مع مين اتچنيتي عاد، مفيش ويانا اللي عتجوليه خافي على حالك واتحشمي، بعدين مين وافج على چوازك منيه؟


شعرت بالغضب من حديثه فحاولت دفعه بعيد عنها محاولة الفرار من قبضته لكنها فشلت فابتسم ببرود مما جعلها تشعر بالغيظ وتمتمت بغضب وضيق: 


-بعّد عني وهملني حسن مش صغير عشان حد يوافجله على الچواز هو رايدني وده كفاية عِندي بالدُنيا كلياتها. 


ازداد من ضغطه فوق ذراعها بغضب أكبر واستشاط عقله بنيران غاضبة مصوبًا نظراته نحوها كأنه سينقض عليها ويقتلها لذلك شعرت بالخوف منه إلا أنه لم يهتم لمخاوفها تلك المرة ولازال حديثها يتردد داخل عقله بغضب فصاح بها بحدة ولهجة حازمة: 


-مش حسن بس لللي محتاچ اللي يوافجله لاه حديتي بيمشي على النجع كله وأنتي خابرة إكده زين، أنتي واجفة جدام عمران الچبالي كبيرك وكبير الكل مبجاش ناجص غير اللي زيكي يتحدت ويايا إكده. 


شعرت بالحزن واجتمعت الدموع داخل عينيها مبتلعة الغصة القوية التي تشكلت داخل حلقها لإهانته لها لكنها لم تصمت بل رمقته بغضب وتحدٍ محاولة إظهار قوتها والتحكم في حزنها مانعة دموعها من السيل أمامه معلنة تأثرها بحديثه وقسوته لذلك ردت عليه: 


-اللي كيفي معملش حاچة غلط لكن كبير النچع هو اللي عمل وغلط في واحدة وبيجلل منيها كمان، هي دي أصول كبير النچع. 


رمقها بحدة متوعد إليها وقد برزت عروقه غاضبًا فرفع يده عاليًا ليصفعها بعدما أعماه غضبه أغمضت عينيها بضعف واضعة يدها فوق وجهها بخوف محاولة إنقاذ ذاتها لكنه لم يبالِ بخوفها لم يتوقف عما ينوى فعله سوى عندما صدح صوت حسن عاليًا معترضًا عن فعلته: 


-عـــمــران!! 


لم يهتم لوجود شقيقه فأسرع متوجه نحوهم بغضب شديد ودفعه إلى الخلف بقوة صائحًا بحدة وغضب يعميه مستنكر أفعال شقيقه الغير مألوفه منذُ أن علم بتقدمه لخُطبة عهد: 


-إيه اللي عتعمله ده ياخوي من ميتى وبترفع يدّك على حريم عاد بعد عَنيها وملكش دعوة بيها واصل عهد هتُبجى مرتي بالرضا أو الغصب عن الكل أني مش ههملها. 


استشاط عمران غضبًا ولم يستطع التحكم في أفعاله فأسرع يلكمه في وجهه بقوة متمتمًا بغضب حاد من بين أسنانه: 


-الله في سماه أن ما هملتها هتشوف وجتها وش تاني لعمران الچبالي، حديت أخوك هو اللي هيُحصُل. 


شعر حسن بالإهانة خاصة أنه فعل ذلك في وجودها، لكن قبل أن يفعل شيء كانت عهد ممسكة بذراعه وتمتمت بنبرة مترجية بحزن محاولة السيطرة عليه قليلًا حتى لا يزداد الأمر سوءً وتكون هي المذنبة في النهاية، فهُنا في هذا النجع لا أحد سيعترف بخطأ كبيرهم "عمران الجبالي" الذي يحصل على هيبة والرهبة الكبيرة من الجميع: 


-حسن خلاص عشان خاطري تعالى نتحدتُ بعيد وهمله لحاله خلاص محصُلش حاچة. 


تطلع نحوها بعينين حادة أخافتها فانكمشت على ذاتها برعب متسكة بيد حسن بقوة، وغمغم بحدة ووعيد صريح: 


-بعدي أنتي عنيه عشان چوازكم عمره ما هيتم من غير رضايا وأني عمري ما هوافجلكم عليه، الله في سماه هتزعلي في الآخر. 


ضحكت ببرود محاولة إخفاء مشاعرها الخائفة كما اعتادت فابتسمت بلا مبالاه لتظهر عدم تأثرها بحديثه وكأنه لم يتحدث معها لكن بداخلها هي تخشى ما سيفعله عالمة جيدًا أنه لن يصمت، وجهت حديثها نحو حسن بهدوء:


-بدي اتحدت وياك في حاچة مهمة. 


سار معها جالسًا في الحديقة الخاصة بالمنزل شاعرًا بالغضب مما حدث فعمران شخص قاسي متسلط يريد الجميع يسير كما يهوى دون الإهتمام لرغبة أحد، لكنه مهما حدث لن يتركها هو يريد وجودها في حياته وأخبره بحبه لها إذًا لماذا يفعل ذلك؟! تنهد بغضب حاد يعصف بداخله، أغمض عينيه بقوة فطالعته بحزن عالمة ما يشعر به محاولة التحدث بمرح لتخفف عنه قليلًا وهي تلعن ذلك القاسي المتجرد من الرحمة: 


-وه يا حسن هنجعد ساكتين إكدة مش هتجولي حاچة واصل. 


ابتسم أمامها بهدوء محاولًا أن يخفي مشاعره وعنها واقترب منها أكثر مردفًا بلوعة وعشق متلهفًا لذلك اليوم الذي سيجتمع به معها: 


-اتوحشتك جوي يا عهد كنت هچيلك بس أنتي سبجتيني وعملتيها. 


ابتسمت بخجل واضعة يدها فوق وجهها وعادت هي إلى الخلف متمتمة بتوتر متلعثمة من نبرته العاشقة لها والتي لم تتخيل يومًا استماعها: 


-بس يا حسن بتخچلني متجولش إكده أني مبعرفش أرد على حديتك. 


اعتلت ضحكته لرؤية هيئتها الخجلة بعدما سيطر اللون الأحمر القاني فوق وجنتيها فأردف بجراءة: 


-بتخچلي من حديت بعد الچواز مش هيبجى حديت بس دة هيبجى أفعال كُمان. 


انهى حديثه ضاحكًا غامزًا لها بعينيه فنهضت مسرعة بخجل بعدما فهمت ما يشير إليه متمتمة بتلعثم محاولة السيطرة على ذاتها: 


-بس يا حسن اوعاك تعيد الحديت ده تاني معاي احنِا لساتنا متچوزناش، كنت عاوزاك متزعلش من سي عمران هو أكيد ميجصدش اللي حصُل حاول وياه براحة. 


تهرب من خجلها بذلك الحديث لكنه لم يقتنع بحديثها الذي لم تقتنع به هي الأخرى وتردفه عنوة صاح متوعدًا بغضب وقد ازداد تمسكه بها: 


-لاه أني مش هسكتله عاللي حُصُل، هو عشان الكبير هيعمل إكده. 


خشيت أن يفعل له شيء ويزداد الأمر سوءً بينهما بالطبع لن تريد أن تكون هي المتسببة في تدمير علاقتهما كما أشارت فهيمة في حديثها: 


-محصلش حاچة يا حسن هو بس تلاجيه واخد على خاطره منيك عشان اتفاچأ لما رچع. 


تطلع أمامه صامتًا والدماء تغلي بداخله بغضب شديد مزمجرًا بحدة لكنه يحاول أن يظهر الأمر طبيعي حتى لا تشعر به محاولًا إخفاء جميع مشاعره الحقيقية متخذًا من البرود سبيلًا لإخفاءها مغمغمًا بهدوء حتى لا يزعجها: 


-خلاص يا عهد ربنا ما يحرمني منيكي ومن وچودك معاي ومعوزكيش تزعلي واصل. 


ابتسمت بخجل دائم عندما تستمع إلى حديثه الذي يطرب أذنيها ويجعلها ترفرف عاليًا حاصلًا على قلبها التي لم تتخيل يومًا أن يفرح بعد موت والديها لكنه استطاع أن يفعلها ويمتلكه نتيجة لحبه الكبير لها الذي يردفه دومًا، لم تستطع الرد على حديثه فحاولت الهروب متمتمة بنبرة خافتة متلعثمة: 


-أنـ...أني ماشية بدك مني حاچة. 


عقب على حديثها بعشق جارف عازفًا على أوتار قلبها العاجز عن تحمله: 


-رايد سلامتك.. استني هوصلك. 


حركت رأسها نافية وأجابته معترضة برفض هادئ: 


-لاه متجلجش عليا هبجى اتحدت وياك لما اوصل. 


سارت نحو الخارج بخطوات مسرعة شبه راكضة لكنها وجدته يجلس يتطلع نحوها بأعين حادة، نظرات متوعدة جعلتها ترتجف وبدا الخوف وعدم الرضا لرؤيتها إليه، لا تعلم لماذا يتطلع إليها بتلك الطريقة شاعرة بعدم الإرتياح هي تهابه بشدة ليست هي وحدها مَن تهابه فجميع أهل نجع العُمدة يهابونه، لكنها لا تعلم لماذا يكرهها هكذا؟ هي لم تتذكر أنها اختلطت معه كثيرًا كانت أبرزها عند موت والديها، فلماذا يكرهها ولكن كـيـف؟! سألت ذاتها مستنكرة هي لم تفعل شيء، لم تتذكر أنها تحدثت معه هي بكت فقط بصمت فلماذا يكرهها!!؟ حاولت أن تنفض أفكارها عن عقلها حتى لا تصاب بالجنون بسبب شخص هكذا ملتقطة أنفاسها بصعداء شاعرة بعودة الهواء إليها بعد ابتعادها عنه.. 


حمقاء هي تظن أنه يكرهها!! كيف تفكر هكذا في الحقيقة تلك المرات القليلة كانت كافية لتجعله يعشقها لكن عشقه لها سيكون على طريقته الخاصة ستُعشق كما يهوى عمران الجبالي عنوة. 


كان يجلس يفكر بها متذكرًا نظراتها الخائفة إليه، كيف كانت تهرب من عينيه النارية المصوبة نحوها، لم يهتم إلى أمرها هو يفكر الآن في طريقة لينهي علاقتها مع شقيقه هي ملكه هو فقط..


                                          ❈-❈-❈


كانت فهيمة تجلس مع نعمة شقيقة زوجها الراحل.


تمتمت فهيمة بغضب مشتعل بعدما علمت ما حدث بين ابنائها محاولة التفكير قليلًا للوصول لحل مُرضي مغمغمة بغضب: 


-إيه اللي حُصُل لولاد الچبالي الوضع دِه ميتسكتش عليه واصل لازم أوصل لحل ماتفكري معاي يا نعمة أومال چاية تسكتي دلوك!؟ 


ابتسمت نعمة منتهزة الفرصة التي حصلت عليها 

وتمتمت بتفكير سام ماكر: 


-مش ساكتة بس اللي هجوله دلوك مش هيعچبك يا فهيمة وهتتمسخري عليّ. 


رمقتها بعدم فهم معقدة حاجبيها متعجبة لحديثها تمتمت متسائلة باستنكار: 


-ليه يا نعمة عتجولي إيه يخليني اتمسخر عليكي عاد؟! 


ابتسمت ببرود عندما رأت حيرتها وتحدثت بخبث: 


-السبب في اللي حُصُل كلياته بيناتهم، البت العجربة اللي ما تتسمى عهد هي اللي عملت إكده، لازمن تتربى زين وتبّعد عن عيلة اللچبالي. 


فكرت فهيمة في حديثها محركة رأسها نافية برفض وعدم اقتناع: 


-لاه يا نعمة ليكي حج تسكتي يا خيتي عهد مالهاش صالح باللي حُصُل دي چات النهارده عشان طلبت منيها إكده واتحددت ويا حسن كُمان. 


عقبت فوق حديثها بتهكم ساخرًا وهي ترمقها بسخرية تامة محاولة إقناعها بحديثها: 


-وعملت إيه لما چت يا فهيمة ولعت البيت وليعة كَبيرة، البت دي عتكدب علينا رايدة تهد العيلة وأنتِ هتُبجي بتساعديها بطيبة جلبك ياخيتيّ. 


فكرت في حديثها قليلًا لكنها تمتمت برفض: 


-نجطيني بسكاتك دلوك وهمليني لحالي أني هحل اللي حُصل بيناتهم. 


تأفأفت نعمة بغيظ ونهضت على مضض تتركها وهي مقررة ألا تصمت محاولة أن تجعلها تقتنع بحديثها مرة أخرى لتثأر لحقها الذي لم تنساه، فالتمعت عينيها بمكر والشرر يتطاير من عينيها المتوعدة لها سرًا..


                             ❈-❈-❈


بعد مرور يومين.. 


في منتصف الليل


استيقظت عهد ليلًا حيثُ تسود ظُلمة الليل الحالكة، شاعرة بصوت في المنزل قطبت جبينها بخوف سيطر على قلبها وقد دب الرعب أوصالها مرتجفة، تعلم أن شقيقها لن يعود اليوم، حاولت أن تشجع ذاتها قليلًا ونهضت بخطوات متعثرة بطيئة الخوف يملأها ملتقطة أنفاسها بتوتر وسارت خارج غرفتها لترى مَن اقتحم منزلها في ذلك الظلام الدامس، لكنها فجأة اصطدمت بشيء صلب قوي شاعرة بأنفاس حارة تلفح وجهها اعتلت صرختها بخوف وتمتمت بتوتر متلعثمة شاعرة بانقباض قلبها بداخلها وتوقف نبضاته: 


_ أنتَ مـ... مين ورايد مني إيه دلوك؟


كادت تبتعد عنه لكنها تفاجأت بقبضته القوية فوق خصرها ليقربها منه أكثر، فصاحت بضيق وخوف محاولة السيطرة على مخاوفها حتى لا ينتهزها ذلك المجهول: 


_ بعّد عني وهملني لحالي هصوت وأچيب النچع كلياته. 


ازداد من ضغطه فوق خصرها فتأوهت متألمة وتمتمت بضيق من بين دموعها التي تسيل بصمت: 


-أ... أنتَ خابر سي عمران كبير النچع دِه ممكن يعمل ايه دِه جاسي ومعيرحمش حد واصل، وأنت شكلك مش من إهنيه متِعرفش ممكن يعمل ايه.


اعتلت ضحكته ببرود وأجابها بلا مبالاة هامسًا داخل أذنيها فشعر برجفة جسدها أسفل قبضته: 


-عمران الچبالي بس هو اللي يجدر يدخلك إهنيه وفي الوجت دِيه ومحدش يجدر يجفله واصل. 


تطلعت داخل عينيه ترى وميضهم تود التأكد مما استمعت إليه لكنها تعلم صوته الوخيم جيدًا الذي يغلفه القسوة، لا تعلم من أين حصلت على تلك القوة التي دفعته بها ليبتعد عنها وأسرعت تعيد الضوء لتقضي على الظلام السائد في المنزل حتى تراه وتتأكد من وجوده أمامها، شعرت بالصدمة عندما رأته يقف ببرود كأنه لم يفعل شيء شعرت بالغضب من وجوده أمامها وصاحت معترضة على وجوده وهي ترمقه بضيق: 


-أنت بتعمل إيه إهنيه ميصُحش إكده ومش أني اللي هعلم كَبير النچع الأصول يا سي عمران.


لم يهتم لحديثها بل أجابها ببرود متبجحًا: 


-ومش أنتي اللي هتجوليلي الأصول أني الكبير كيف ما جولتي وچاي اليوم لچل أني احاسبك يا عهد.


تطلعت داخل عينيه بغضب وهتفت بتحدٍ غاضبة: 


-وچاي تحاسبني في نصاص الليالي يا كبير إكده يُبجَى أنت اللي رايد تتعلَم. 


أقترب منها مسرعًا بخطوات واسعة ضاغطًا فوق ذراعها بقوة آلمتها صائحًا أمامها بقسوة مشددًا فوق حديثه: 


-جولتلك تهملي حسن صُح وأنتي مهتمتيش للي جولته مش عمران الچبالي اللي هيتكسرله كلمة وانتي بنفسك جولتي أني جاسي ومعيهمنيش حد. 


حاولت الأبتعاد عنه بضيق لكنها فشلت فتمتمت بغضب معترضة على حديثه بتحدٍ محاولة عدم إظهار خوفها والرعب المتواجد داخل قلبها عالمة جيدًا أنها لم تستطع الوقوف أمام شخص مثله: 


-بعّد عني مينفعش تفضل إهنيه أني لوحدي وحديتك ديه مش هنفذه لأن حسن رايدني وهنتچوز كُمان 


دفعها بقوة إلى الخلف ورفع يده عاليًا ينوى صفعها فأغمضت عينيها بخوف واضعة يدها أمام وجهها بحماية محاولة الدفاع عن ذاتها، لكنه عاد بخطواته نحو الخلف متراجعًا عن قراره الغاضب وأردف يهددها بوعيد: 


-الله في سماه يا عهد وعهد عليا ليوم الدين أن ما هملتي حسن هتندمي وهبكيكي وبرضك مش هتبجي ليه لا دلوك ولا بعد إكده طول ما أني حيّ، وانتي خابرة إني جادر أنفذ حديتي من دلوك كُمان. 


سار نحو الخارج وتركها واقفة تطالع أثره بذهول لا تعلم سبب إصراره الكبير في ابتعادها عنه!!.رأت إصراره في عينيه القاسية وكأنه سينفذ تهديده لها، لكنها حركت رأسها نافية ملتقطة أنفاسها بصعداء منكمشة على ذاتها برعب ولا تعلم كيف ولج المنزل وهي بمفردها دون أن تشعر مقررة عدم الصمت على فعلته بقيت هكذا بضع دقائق وسيطرت على دوامة أفكارها، كادت تغلق الباب بعد ذهابه لكن قبل أن تفعلها تفاجأت بثلاث سيدات يخفون وجوههم يدفعون باب المنزل بقوة يقتربون منها والشرر يتطاير من عينيهم متوعدين لها علمت أنه هو مَن أرسلهم إليها بالطبع مستخدمًا نفوذه ضدها، تمتمت برعب وذعر: 


-أنتوا رايدين مني إيه هملوني وبعدوا عنيّ جولوله أني مش ههمل حسن. 


اعتلت ضحكاتهم شامتين بها لهيئتها المرتعبة منهم مغممين بتوعد ونبرة جعلت قلبها سيتوقف لما سيحدث لها: 


-هنربوكي يا جليلة الرباية لحد ما تعرفي أنتي عتجفي جدام مين.


قبل أن تركض مبتعدة عنهم خارج المنزل محاولة طلب المساعدة كانت سقطت في قبضتهم القاسية لم يتركوها بل قبضوا فوق شعرها بقوة كاد أن يقتلعوه لكنهم لن يهتموا لأمرها بدأوا يسددون لها ضربات مبرحة قوية دون رحمة، فانفلتت صرخاتها المتألمة تدوي عاليًا مسحوبة بوجعها لما يحدث لها بسببه فأسرعوا يكتمون أنفاسها ليستكملوا ما آتوا إليه، لم يصدر منها سوى آنين خافت متأوه يعلن عن وجعها الساحق لروحها، كانت تعلم من قبل أنه قاسي ولم يُهاب أحد لكنها لأول مرة تعلم أنه ظالم أيضًا..!! 


تأكدت ظنونها عندما رأته عاد من جديد يقف عند أعتاب المنزل يتطلع لما يحدث  بقسوة وتشفي لتنفيذ ما يريده، رمقته بنظرات ضيعة واهنة قبل أن تغمض عينيها فاقدة وعيها لم تشعر بشئ آخر بعدما رأت مدى قسوة والظلم عُمران الجبالي في سبيل تحقيق ما يهواه..!! 


بدأ بوضع قيوده الحادة حول عنقها ليمتلكها بقلب قاسٍ يسوده ظُلمة حالكة ويقف أمام القدر وقسوة الفراق المريرة، يرى وجع روحها الساحق والآم فؤادها بعد أن تعالى آنينه، لكن ذلك القاسي لم يهتم سوى بتحقيق ما يريد عَنوة. 


     ❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈-❈-❈❈-❈-❈-❈❈-❈-❈


رأيكم في الفصل يا حبايبي؟ عايزة توقعاتكم للي هيحصل الحياة هتمشي في النجع ازاي؟ وحابين عهد يبقى مصيرها مع عمران ولا حسن؟ 


نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو

#الفصل_الثاني

نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو 


هُناك فؤاد قاسٍ احترق وتوارت المشاعر بداخله لكن باغته القدر ودلف الهوى إليه ليحيي رماده من جديد فأصبح أسيرًا لمشاعره المغرمة، فكيف له أن يقسى على مَن هوى؟! 


شعر بالخوف يدخل قلبه للمرة الأولى، هُناك شعور جديد بداخله يحدث لأجلها هي فقط، قبضة قوية اعتصرت قلبه عندما رآها وهي بتلك الهيئة الضعيفة وبدأت تغمض عينيها متطلعة نحوه بقوة تعاتبه على فعلته القاسية الظالمة الذي لم يفعلها، لكنه أيضًا لم يتخيل أن يحدث شيء هكذا في نجع العمدة وفي حضرته..!! 


شعر بتزلزل قلبه العاشق  وهو يرى معشوقته بتلك الهيئة، شاهد جميع ما حدث لها لكن الصدمة سيطرت عليه، خوفه عليها جعله يقف كالتائه يخشى أن يصيبها شيء ويفقدها وهي تراه بتلك الصورة التي رُسمت داخل عقلها قاسٍ ظالم لابُد الفرار من براثنه القاتلة لكن في الحقيقة هو عاشق ولهان لم يهوَ يومًا سوى عندما رأى عينيها التي أسرت فؤاده المتيم بهواها، أقسم ألا يصمت عما حدث لها سيجعلهم يتمنون الموت على يده ثأرًا لحقها.. 


أسرع قاطعًا تفكيره مسيطرًا على مشاعره وسار بخطوات واسعة نحوها بغضب حاد متوعدًا لهم ولمَن أرسلهم إليها صائحًا بنبرة حادة يملأها الغضب متوعدًا بقسوة: 


-ده انتوا ليلة اللي چابوكوا سوده على دماغكم الله في سماه لاكون واخد روحكم بيدّي.


أسرعوا مبتعدين عنها بخوف عندما صدح صوته الغاضب يرج أرجاء المنزل وقد دب الرعب أوصالهم عندما رأوا نظراته المصوبة نحوهم بحدة أسرع مقتربًا منها بلهفة محاولًا الاطمئنان عليها مردفًا بقلق كاد يفتك بقلبه: 


-عهد... عهد جومي.


باءت محاولاته بالفشل لكنهم حاولوا استغلال الفرصة والهروب أثناء قلقه عليها ومحاولاته معها أسرعوا نحو الخارج هاربين منه برعب، هم ليس قادرين على تحمل ما سيفعله عمران الجبالي بهم.. 


ازداد غضبه عندما علم ما فعلوه لكنه لم يستطع البحث عنهم هو كل ما يشتت ذهنه ويقلقه الآن عهد الذي يتمنى أن تكون بخير لا يريد أن يصيبها أذى من أي شخص يود رؤيتها بخير دومًا، أسرع يحملها بخوف وعينيه تتطلع نحوها بلهفة ووميض عاشق متمني أن يضمها داخل حضنه ويغلق عليها بداخله بأقفال موصدة مانعًا الجميع من رؤيتها يريدها ملكه هو فقط، إذا سُئل يومًا عن الجمال كما يراه سيجتمع بداخله صورتها عينيه لم ترَ شئ أجمل منها، زواجه منها عهد عليه واجب التنفيذ، يتطلع نحو ملامحها بلوعة وهُناك رغبة تدفعه للاقتراب منها لكنه يصارع ذاته ورغبته العاشقة حتى لا يؤذيها يومًا، سينتظر حتى تصبح زوجته ويمتلكها كما ملكت قلبه وعقله. 


اسرع متوجه بها نحو المركز الطبي الخاص بالنجع ووقف في الخارج ينتظر خروج الطبيب بقلق ليطمئنه عليها. 


وها قد آتى الطبيب يطمئنه على صحتها بعملية عندما رأى قلقه عليها: 


-متجلجش يا عمران بيه، هي زينة دلوك وتجدر تتحدت وياها كُمان. 


عادت أنفاسه المسلوبة تنتظم، ونبضاته تهدأ رويدًا، لينتهي حالة القلق التي كانت مسيطرة عليه وتعود هيبته بشموخ كما كان، صدر صوته بجدية: 


- متشكرين يا دَكتور. 


ولج الغرفة المتواجدة بها بخطوات واسعة متلهفًا لرؤيتها والإطمئنان عنها، كانت تبكي بضعف شاعرة بألم كبير بعصف بأنحاء جسدها المتألم آثر الضربات المبرحة التي توجهت إليها دون رحمة، تشعر بضعفها وقلة حيلتها وكأنها سقطت فريسة لبراثن الحياة الحادة تمزقها بأنيابها القاسية، امتعضت ملامحها بضيق ما أن رآته وصاحت به بغضب معترضة على وجوده: 


-بـعّـد عني واطلع بره مش عاوزاك ويايا بعد إكده، چاي تفرح بعد ما عملت اللي رايده، وأني اللي بجولك بجا عمري ما ههمل حسن غير بموتي تعالي اجتلني لو رايد بس بنفسك مش چاببلي ستات خايبة معتعرفش تعمل حاچة رمش أني اللي هخاف ولا الناجصين دول اللي هيربونيّ. 


شعر بنيران حادة تشتعل داخل عقله الذي اهتاج لاستماعه إلى حديثها المعلن بتمسكها لشقيقه وتحديها له لكنه أيضًا شعر بالدهشة مما تردفه أجابها مستنكرًا معقد لحاجبيه بتعجب: 


-أني مجولتش لحد ياچي ولا أني اللي اعمل إكده، لو عايز اعمل إكده هعملها أني مش حد غيري، عمران الچبالي بيعمل اللي عايزه بنفسه يا بِت الحوامدية. 


قابلت حديثه بسخرية ولازالت لم تصدقه عالمة أنه يخدعها بالطبع، فتمتمت بتحدي محاولة السيطرة على آلمها حتى تستكمل حديثها معه بقوة: 


-ولما هو إكده كنت واجف تتفرج عليهم ودخلتهم وياي ليه يا عمران يا چبالي لساتك عتكدب عليّ وتبين حالك بريء عاد. 


برزت عروقه معلنة غضبه الحاد الذي وصل إليه مقتربًا منها بخطوات واسعة غاضبة قابضًا فوق ذراعها بحده، وصاح بها بعنف بعدما فقد السيطرة على ذاته أمام حديثها الساخر منه: 


-وأني جولتلك أن يوم ما هربيكي هعملها بيدّي وهچعلك متجدريش تجومي منيها واصل عشان تعرفي عمران الچبالي أني اللي انقذتك منيهم وچبتك إهنيه ياللي معتفهميش حاچة يأم مخ تَخين.


تألمت بضراوة بين قبضته القوية حاولت دفعه ليبتعد عنها لكنه كان مشدد فوق قبضته، فبكت بضعف ووجع قوي متمتمة بخفوت من دموعها: 


-بجولك بـعّـد عني أنت بتوچعني مش جادرة. 


أسرع يبتعد عنها عندما علم بوجعها مغمغمًا بهدوء آسفًا شاعرًا بوجع كبير في قلبه لرؤيتها لدموعها المتسبب بها الآن: 


-أني مجصدش حاچة مخدتش في بالي. 


لم تهتم لحديثه بل اعتدلت في جلستها أمامه محاولة السيطرة على وجعها وأجابته بغضب: 


-وأني هصدج حديتك الماسخ ده دلوك كيف، لو مش أنت اللي خليتهم يعملوا إكده فيا هيُبجى مين محدش بيعمل حاچة من غير رضاك في النچع إهنيه. 


يعلم مُحقة في حديثها لكنه سيعاقب من فعلها متوعدًا لهم بقسوة، حاول أن يقنعها بحديثه ليجعلها تصدقه وتعلم أنه لم يفعل بها ذلك متمتمًا بتعقل هادئ:


-معاكي حج في اللي عتجوليه لكن والله لساتني ما خابر مين اللي عمل إكده، وكيف جدر يعملها، مش ههمله وهرچعلك حجك منيه.


لازالت لم تقتنع بحديثه ولم تصدقه تراه الفاعل فيما حدث لها لأنها وقفت أمامه معلنة رفضها لحديثه عندما كان في منزلها فسألته بتهكم ساخرة: 


-طب وهما فين مش شوفتهم وهما عيضربونيّ ممسكتهمش ليه، ليه هملتهم يمشوا كنهم معملوش حاچة. 


كيف يخبرها أنه فقد عقله وتفكيره عندما رآها ساقطة أرضًا فاقدة وعيها، لم يستطع السيطرة على ذاته، كان فقط يريد أن يطمئن عليها ويقضي على لهفته ولوعته الشديدة إليها، كان يريد أن تكون بخير ولن يهمه شئ آخر، كيف ستصدق ذلك الحديث وهي لا تعلم بحقيقة مشاعره العاشقة نحوها، ولا أحد يعلم رمقها وطال نظره المثبت نحوها فارتبكت منكمشة على ذاتها شاعرة بالرهبة من نظراته القوية، لا يجد ما يرد به عليها فغمغم بقسوة حادة لينهي حديثها: 


-بجولك  مش أني اللي عِملتها واللي عمل إكده هچيبه وهچبلك حجك منيه كيف ما جولتلك بدك تصدجي صدجي مرايداش على كيفك يا عهد بس مش عمران الچبالي اللي عيكدب لأنه مبيخافش من حاچة وانتي خابرة إكده زين.


أنهى حديثه وخرج من الغرفة تاركًا إياها خلفه تفكر في حديثه لكنها لا تعلم هل هو صادق أم لا؟! لكن مَن الذي يريد أذيتها سواه!.. التقطت أنفاسها بصعداء ومسحت دموعها بتوتر محاولة اطمئنان ذاتها كما اعتادت دومًا، لم تتذكر يومًا أنها وجدت مَن يقف بجانبها عندما تحتاج تبقى وحيدة بمفردها منذُ وفاة والديها كانت والدتها الوحيدة هي التي تهتم بها وبأمرها لكن بعد أن رحلت أصبحت تواجه حياتها بمفردها، تنتظر زواجها من حسن متمنية من ربها أن يأتي ذلك اليوم مسرعًا حتى تجده بجانبها دومًا وتستطيع أن تخبره باحتياجها الشديد إليه ليطمئن قلبها الذي يريده خاصة أنها ليس لها أحد في تلك الحياة القاسية ويطغى ظلامها الدامس، أخوها لم يهتم لأمرها هو فقط يريد أن يحصل على ما يريده بجميع الوسائل المتاحة حتى لو كانت وسيلته اذيتها تعلم أنه سيفعلها ولم يهتم؛ لذلك هي تريد الزواج من حسن سريعًا، عالمة أنها لن تحصل على الحب سوى منه.. 


تفاجأ عمران عندما خرج بوجود حسن الذي آتى للتو بصحبة حمدي زوج عمته لا يعلم كيف علم ومَن لذي أخبره؟! لكنه تجاهل الأمر وسار ببرود، اقترب منه حسن يستوقفه بغضب ممسكًا به أمام الجميع صائحًا بحدة: 


-أنتَ اللي عِملت إكده فيها والله ما هسكت ياخوي من بعد اللي حصل منيك، جولتلك أني رايدها وهتچوزها مش هسمع كلمتك واصل بعد إكده. 


دفعه عمران بقوة إلى الخلف ورد عليه بغضب وصوت جهوري حاد: 


-من ميتى الحديت ده فوج يا حسن وارچع لعجلك، أني اخوك الكَبير الكلمة معاي بحساب واعر جوى. 


لم يهتم لحديثه بل وقف قبالته بتحدي غاضب يعميه معلنًا عدم خضوعه له كما يريد، والشرر يتطاير من عينيه هو الآخر مغمغمًا بحدة: 


-من دلوك يا عمران وهتهمل عهد وملكش صالح بيها واصل. 


ابتسم ببرود ليجعله يعلم أنه قابل حديثه بلا مبالاه وبرود ليجعله يعلم أنه لم يبالِ لثرثرته التي دون فائدة فالأمر سيصبح في النهاية كما يريد، أجابه ببرود جعله يستشاط غضبًا: 


-ومن دلوك بجولك أني، أن حديتك ده معيهمنيش واللي جولته هيتنفذ غصب عن الكل عشان أني الكبير إهنيه. 


أنهى حديثه ودفعه بقوة إلى الخلف ثم سار يتخطاه ببرود دون أن يهتم لأمره، يشعر بالغضب الشديد بداخله لتركها مع شقيقه بمفردها، نيران الغيرة تنبش بقلبه المغرم وتدفعه للعودة مرة أخرى، لكنه يحاول السيطرة عليها بصعوبة بالغة ليعود إلى المنزل من جديد. 


كان حسن يرمقه بتوعد غاضبًا مقسمًا أنه لن يترك عهد مهما حدث وقد ازداد تمسكه بها، هو يحبها ويريدها فلمَ يتركها؟ أسرع حمدي يمسكه مردفًا بتعقل: 


-اهدا يا حسن أومال ميصحش إكده، أنت خابر زين عمران يجدر يعمل ايه وياك ووياها ومعيهموش حد واصل. 


صمت لوهلة مبتسمًا واستكمل حديثه بمكر وهو يهمس داخل أذنيه بهمس فحيح كالأفعى يدس بعض الأفكار السامة بداخله كما أخبرته زوجته الماكرة: 


-بس اللي المفروض نعرفه دلوك عمران كان عيعمل ايه عنديها وفي الوجت ده، كِيف تدخله عليها وهي لوحديها؟! 


تطلع أمامه غاضبًا وبدأ يفكر قليلًا فيما يتحدث به حمدي وقد آتى داخل عقله العديد من الاسئلة، كيف حقًا سمحت له أن يدلف وهي بمفردها؟ والأهم من ذلك ماذا فعل معها؟! حاول القضاء على أفكاره السامة لكنه لم يستطع منع ذاته من التفكير بها بعدما سيطرت على عقله المظلم. 


                            ❈-❈-❈


دلف حسن الغرفة ليطمئن عليها كان يقف بذهن شارد مشتت يفكر في حديث حمدي، ابتسمت بسعادة شاعرة بعودة روحها من جديد وتعالت نبضاتها بارتياح عندما رآته متمتمة بتعب وضعف: 


-شوفت يا حسن اللي حصلي تعبانة جوي. 


وقف أمامها بهدوء مردفًا ببرود محاولًا السيطرة على ظلام أفكاره: 


-أني مهسكتش واللي عِمل إكده هچيبه وأچيب حجك منيه. 


ابتسمت بهدوء وقبل أن تتحدث تفاجأت بسؤاله الحاد المباغت لها: 


-عمران اخوي كان عيعمل ايه عنديكي في البيت يا عهد؟ 


بدا الارتباك فوق ملامح وجهها فطالعها بدهشة لكنها أسرعت تجيبه بتوتر دون أن تعلم سبب سؤاله: 


:- مكانش يا حسن كان چاي عاديّ كيف ما الناس بتاچي. 


يعلم أن حديثها كاذب فأسرع معقبًا عليه بسخرية لاذعة ولازال لم يشعر بالارتياح بعدما دخل الشك قلبه: 


-والناس اللي بتاچي بتبجى دلوك في أنصاص اللياليّ إكده، ايه اللي عتخبيه عليّ ومش رايداني اعرفه جولي الحجيجة. 


صمتت لوهلة بتوتر هاربة من عينيه ونظراته المعاتبة المصوبة نحوها لكنها لا تعلم ماذا تفعل؟! ظل كما هو واقفًا أمامها مثبتًا نظراته عليها ويرمقها بنظرات غاضبة لم تعتاد عليها منه فتمتمت محاولة أن تشرح له الأمر شاعرة بعدم الإرتياح: 


-أني جولتها يا حسن هو چه عادي صدفة وأني بجولك معملتش حاچة. 


أغمضت عينيها بتوتر لا تعلم كيف ستخبره ما يريده، لا تريد أن تجعل علاقته بشقيقه تزداد سوء وتخبره أنه آتى إليها ليلًا وولج المنزل دون أن يخبر أحد ولم يهتم لأبواب المنزل المغلقة متخطي جميع الحواجز حتى يصل إليها، لا تعلم كيف فعلها ودلف المنزل وفي النهاية هو قد فعل كل ذلك ليهددها بالابتعاد عن شقيقه ويفعل بها ذلك لينتقم من عنادها وتحديها له الذي لن يستطيع أحد أن يفعلها معه من قبل..! 


لم يقتنع بحديثها فعقب عليه بتهكم وهو يرمقها بعدم رضا غاضبًا: 


-كيف عادي في الوجت ده معتشوفيش احنا ميتي دلوك ايه اللي عتجوليه دِه يا عهد. 


صمتت أمامه بتوتر ولا تعلم بماذا تجيبه شاعرة بتوتر يعصف بداخلها ملتقطة أنفاسها بصعداء بعد أن شعرت بانقباضها، وتمتمت تجيبه بخوف متلعثمة: 


-هو اللي چه يا حسن أني مليش صالح بعدين مليح انه چه دلوك هو اللي چابني إهنيه كان زماني روحت فيها. 


صاح أمامها غاضبًا بحدة أخرستها وقد أشعل حديثها النيران الحاده بداخله عندما رآها مستحسنة مجيئه: 


-إيه اللي مليح عاد،،انتي خابرة عتجولي إيه من ميتي وينفع حد ياچيكي في الوجت دِه. 


أغمضت عينيها بضيق وتجمعت الدموع بداخلها بضعف شاعرة بالحزن لطريقته الحادة معها دون أن تفعل شئ، تمتمت متلعثمة بتوتر لتنهي حديثه الغاضب: 


-حـ... حسن أني مش جادرة دلوك نتحدت لما ابجى زينة. 


رمقها بعدم رضا مثبتًا عينيه الحادة عليها معلنًا رفضه لطريقتها وهروبها منه فأشاحت ببصرها نحو الجهة الأخرى مبتعدة عنه بحزن مبتلعة تلك الغصة القوية التي تشكلت بداخلها واعتصرت قلبها حزنًا، لا تعلم لماذا حزنت بسببه لم تر قلقه ولهفته عليها؟ هو فقط كان يتحدث بغضب يعميه يمنعه عن الإطمئنان عنها، يزجرها على أفعالها التي لم تفعلها ولم تتسبب بها، يراها مخطئة الآن لكنها في الحقيقة لم تسمح لعمران بالدلوف إليها هو لم ينتظر موافقتها يفعل ما يريده ويتخطى جميع الحواجز والقوانين بهيمنته الجبارة، تنهدت بضيق لاعنة إياه سرًا وهي ترى أنه المتسبب لما حدث ولازالت لم تصدق حديثه وتراه ظالم كاد ينهي حياتها بفعلته القاسية.. 


وقف حسن هو الآخر متنهدًا بغضب يعلم حزنها منه لكنه لم يستطع أن يخفي غيرته وخوفه عليها، يعلم أن شقيقه سيحاول اذيتها حتى تبتعد عنه لكنه لا يريد أن يترك له الفرصة لفعل ذلك هو لن يترك مَن أحبها واختارها قلبه لأجل عناد وهيمنة شقيقه العاشق للسلطة وفرض سيطرته على الآخرين ليرى خضوعهم إليه، هو لن يسمح بذلك يحدث لن يفني حياته في تحقيق ما يريده شقيقه ويلبي رغباته فقط دون تفكير، سيتمسك بحبيبته ويقف أمامه وأمام الجميع لأجلها ولأجل إثبات شخصيته وقوته أمام الجميع..! 


                                         ❈-❈-❈


في منتصف الليل الحالك حيثُ يسود الظلام  وينسدل ستاره الأسود ليخفي أفعال الجميع أسفل ظلماته صفعة قوية هوت بها نعمة الجبالي أمام السيدة التي كانت تقف أمامها تتطلع أرضًا بتوتر وقلق وصاحت بها بغضب حاد: 


-انتي اتجنيتي كيف يُحصُل إكده هو دِه اللي أني جولته وطلبته منيكي. 


وقفت السيدة بخجل عالمة أنها أخطأت في تنفيذ ما طُلب منها وحاولت أن تشرح لها بخوف: 


-لاه يا ست هانم أني جولتلهم اللي طلبتيه بس احنا معنعرفش أن سي عمران هياچي عنديها في الوجت دِه واحنا وجفنا بعيد لحد ما راح، هو اللي رچع تاني وعمل إكده. 


لم تهتم لسماع ثرثرتها هي الآن تخشى رد فعل عمران التي تعلم جيدًا انه لن يصمت ولن يهدأ سوى عندما يعلم مَن الفاعل، غمغمت بنبرة غاضبة والشرر يتطاير من عينيها: 


-أني مليش صالح في اللي عتجوليه دِه ومعيهمنيش واصل، أني طلبت منيكم تنفذوا حاچة وأنتي معملتيهاش يُبجى ملكيش حاچة عندي ولازمن تخفي دلوك عمران مهيسكتش عاللي حُصُل في النچع. 


طالعتها بقلق عالمة صِحة حديثها وخوفها لما سيفعله عمران إذا علم شئ، لكنها تمتمت بضيق مزمجرة باعتراض على جزء من حديثها: 


-حاضر يا ست هانم اللي رايداه كله هيحصُل طمني جلبك سي عمران مجدرش يشوف واحدة منينا المخفية عهد بس اللي جدرت تشوفنا، فين بجى باجي اللفلوس احنا معملناش حاچة غير اللي اتطلب منينا. 


ازداد غضبها وتمتمت بحدة بعدما قبضت فوق ذراعها بقوة ضارية آلمتها ترمقها بضيق: 


- زين وإلا كان زمانكم مدفونين چنب دارها، فلوس بعد اللي حُصُل مفيش حاچة انتو بوظتوا كل حاچة يا أم مخ تَخين. 


دفعتها بقوة إلى خلف فسقطت أرضًا لكنها لم تهتم لأمرها بل أردفت متمتمة بقسوة حادة: 


-اللي جولته يحصُل وتخفي خالص محدش يشوفك تظهري وجت ما أجولك أني لما عمران ينسى ويحصل حاچة تانية تشغله عنيكم. 


ظلت صامتة لم ترد عليها ترمقها بغضب فقط وهي لازالت غير راضية، فعقبت على حديثها بلهجة صارمة مشددة بتوعد: 


-سمعتي اللي جولته والله إن ما حُصُل لأجبض روحك في يدّي واتوايكي مكانك. 


اومأت برأسها أمامًا وأجابتها بخفوت وتوتر عنوة معلنة خضوعها لما تريده وهي تتطلع نحوها بضيق: 


-حاضر يا ست هانم محدش هيشوفنا واصل. 


سارت نعمة متوجهة نحو الداخل دون أن تهتم لأمرها بعدما حصلت على موافقتها لتنفيذ ما تريده متمنية أن تتخلص من تلك الفتاة ذات اللسان السليط التي لم تخجل في الرد عليها والتي تشبه والدتها كثيرًا متذكرة ما حدث من قبل وتسبب في كرهها. 


عادت بذاكرتها إلى ذلك اليوم التي آتت فيه عهد مع والدتها التي كانت تأتي للعمل في المنزل في المناسبات الكبيرة التي تحدث في العائلة. 


لاحظت نعمة زوجها الذي كان يتودد إلى والدة عهد لكنها حاولت التجاهل في البداية إلى أن آتى ذلك اليوم المشؤوم ووجدت زوجها يقف بجانب المطبخ يتطلع إليها برغبة كبيرة كانت فاتنة شديدة الجمال اكتسبته منها ابنتها التي تدفع الآن ثمن خطأ والدتها. 


اشتعلت نيران الغيرة بداخلها بعدما استمعت إلى مدحه إليها التي قابلته تلك الماكرة بابتسامة جذبته إليها أكثر، كيف لزوجها أن يرى امرأة سواها، شعرت باهتزاز ثقتها مما جعلها تتوعد إليها. 


ولجت المطبخ حيثُ تقف عهد ووالدتها وصاحت بغضب في والدة عهد التي تدعى بـ هنية توبخها بحدة ووقاحة: 


-مش دِه الوكل اللي طلبته منيكي، انتي عتتصرفي من دماغك ليه هو دوار ابوكي عاد. 


ابتلعت هنية تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها محاولة الدفاع عن ذاتها بتوتر وهي شاعرة بالحزن من إهانتها أمام ابنتها: 


-أ... أني يا ست هانم معملتش حاچة بس الست فهيمة هي اللي طلبت منينا نعمل الوكل ده بأمر من الكَبير.


دفعتها بغضب وقد اهتاج عقلها متمتمة بحدة متعمدة إهانتها بعدما ازدادت براثنها: 


:- انتي واعية للي عتجوليه ولا اتچنيتي ما ترچعي لعجلك امال يا هنية، أني إهنيه حديتي بيُبجى سيف على رجاب الكل ومحدش بيجدر يكسرلي كلمة جولتها. 


تطلعت نحوها بغل ودفعتها بقوة وهي ترمقها بازدراء ونظرات مهينة مقللة من شأنها مبتسمة بغرور على الرغم من أنها تستشاط غضبًا بداخلها، أسرعت عهد تتدخل بقوة معترضة طريقها حيث وقفت قبالتها ترمقها بحدة وتمتمت بضيق: 


-أما مغلطتش في حاچة يا ست نعمة لچل ما تعملي معاها إكده انتي اللي بتجللي من جيمة نفسّك بعمايلك وطريجتك اللي معتنفعش واحنا مش عايزين منيكم حاچة. 


دفعتها بقوة هي الأخرى لترد لها ما فعلته مع والدتها متطلعة نحوها بجراءة دون خوف تتحداها، اهتاج عقلها باحتدام شاعرة بنيران قوية متأهبة تشتعل بداخلها فرفعت يدها بقوة تنوى صفعها لتكسر كبرياءها الذي تقف به أمامه لكنها تفاجأت بتدخل عمران الذي منعها قابضًا فوق يدها بقوة مردفًا بجدية قاسية حادة كما يتحدث مع الجميع: 


-إيه اللي عيصير إهنيه في إيه يا عمة؟!.. 


أجابته بغضب متطلعة نحوها بتوعد غاضب وعينيها مثبتة نحوها تتفحصها من أعلاها إلى أدناها بضيق: 


-البت بت هنية ديه عتجف جصادي هي وأمها خطافة الرچالة اللي كيف الحية بترد بجلة رباية ولازمن اربيها بيدّي يا عمران عشان تعرف مين هي نعمة الچبالي وتجدر تعمل ايه. 


طالعتها بغضب وردت عليها بحدة: 


-إنى أمي معِملتش حاچه. 


أسرعت والدتها تزجرها بعنف وتتحدث بخوف مرتجفة متمسكة بيد ابنتها بقوة: 


- عهد معتجصدش حاچة يا سي عمران وأني اسفة يا ست هانم حجك على راسي. 


لم تُعجب عهد لما فعلته والدتها لكنها فعلت ذلك عنوة خوفًا أن يصيبها شيء سيء تطلع عمران نحوها بقوة يتفحصها بدقة عالية ممررًا عينيه عليها من أعلاها إلى أدناها تمسكت هي بذراع والدتها بخوف مغمضة عينيها لتهرب من نظراته المفترسة، لا تعلم لماذا تشعر بالرعب الشديد والذعر في حضرته، تشعر وكأن الهواء يختفي من المكان المتواجد به ترى القسوة في عينيه الحالكة تعلم أنه قاسٍ بدرجة كبيرة.


رمقتها نعمة بغيظ متطلعة نحو عمران الذي وقف يتطلع نحوها فقط مختلس براءة وجهها الهادئة فصاحت بضيق غاضبة والدماء تغلي بداخلها: 


-خليها تعتذر هي كمان يا عمران ملهاش صالح بأمها. 


أسرعت ترد عليها بشراسة وقوة متناسية رهبتها الكبيرة من ذلك الواقف يتطلع نحوها: 


-أني معملتش حاچة عِفشة، بدافع عن أمي يُبجى كيف غلطت إكده. 


ابتسامة جانبية نمت فوق ثغره لشراستها وعدم خوفها منه دون أن يهتم لحديث عمته المثرثر وأجابها ببرود: 


-خلاص يا عمة محصُلش حاچة. 


ابتسمت ورمقتها منتصرة فاعتلت همهمة بعض العاملات الواقفين بدهشة سارت عهد بصحبة والدتها متوجهة نحو الخارج مقررة عدم ذهاب والدتها إليهم مرة أخرى.. 


شعرت نعمة بالغيظ وقد اشتعلت النيران بداخلها، ولازال كلمات زوجها المتغزلة ونظراته الممتلئة بالرغبة تسيطر عليها تجعلها تود الاقتصاص. 


ازدادت غضبًا شاعرة باهتياج عقلها وتوعدت لهنية وابنتها بضيق مقررة أن تجعلها تندم وتكسر غرورها وكبرياءها الزائد وتثأر لحقها من والدتها التي نالت إعجاب زوجها وإثارة مشاعره نحوها. 


عادت من تفكيرها نن تلك الذكرى السيئة التي كانت بداية الشرارة الاي انبثقت بداخل قلبها الماكر وجعلت الحقد يسيطر عليها، لكنها ازدادت غضبـا عندما علمت أنها ستدلف العائلة كيف لتلك الفتاة أن تكون جزءًا من عائلة الجبالي كبيرة النجع ذات المكانة المرموقة في المحافظة بأكملها، ولم تكتفِ بذلك القدر بل تلك الفتاة تريد أن تدمر العائلة بفتنتها المماثلة لفتنة والدتها، شاعرة بمكرها وتخطيطها للحصول على مكانة كبيرة بتدمير علاقة حسن بعائلته هي ستلقنها ما تتذكره بعمرها القادم  متوعدة إليها لتجعلها تندم لكن على طريقتها الماكرة.. 


                             ❈-❈-❈


بعد مرور عدة أيام.. 


كانت عهد عادت إلى منزلها وقف حازم يعترض طريق أخته مستوقفها بحدة: 


- هملي اللي بدك تعمليه ده يا خيتي مهينوبناش منيه غير وچع الجلب. 


لم تقتنع بحديثه بل سارت مستكملة طريقها مردفة بتصميم غاضب شاعرة بالإهانة لما حدث لها خاصة بعدما تطلعت في المرآه التي عكست صورتها بهيئة أخرى وجهها يمتلئ بالكدمات القوية ذات اللون الأزرق وهُناك بعض العلامات القوية المنتهكة لعنقها اثر ضرباتهم القوية التي سُددت إليها دون رحمة، لم تصدق ما حدث لها لكنها دفعته لاستكمال ما تريده فقابلت حديثه بالرفض وإصرار كبير بداخلها: 


-لاه يا حازم أني هروح كيف ما جولت مش هسكت عاللي حُصُل ده حجي، هتاچي وياي؟ 


سألته متأملة أن تجده معها في ذلك الوقت معلنة احتياجها إليه كما تحتاج كل فتاة لمَن يسندها ووجوده في حياتها متمنية أن يكون هكذا هو الآخر ويتغير في طريقته السيئة معها لكن هيهات على حديثها الساخر بالنسبة له هو يذهب معها كـيـف تفكر بتلك الطريقة الساخرة؟! هو لم يهتم لأمرها هو فقط يريد المال ليحقق  ما يريد، فأسرع يسير إلى الخلف مبتعدًا عن طريقها مغمغمًا بتوتر: 


-لاه مش هاچي عشان أني مش موافج عاللي عتعمليه. 


ابتسمت بضعف ساخرة منه شاعرة أنها بمفردها في تلك الحياة تواجه قسوتها وظلمها بمفردها بعد رحيل والديها لم يكتمل على رحيلهما عام...لكنها تشعر أنهم أعوام متعددة، تواجه كل ذلك دون أن تجد مَن تستند عليه متمنية سرعة زواجها من حسن لشعورها بحنانه عليها ووجوده الدائم معها حين تحتاج إليه. 


مسحت تلك الدمعة المعلقة داخل عينيها بحزن وسارت بمفردها تسير بخطوات واسعة محاولة أن تظهر كبرياءها كما اعتادت بين الجميع واتجهت نحو منزل عائلة الجبالي.


ولجت المنزل بهدوء تفاجأت بحسن يقف أمامها مُرحبًا بها بسعادة: 


-تعالي يا عهد نورتي السرايا اجعدي يا حبيبتي سبجتيني كنت لسة چايلك. 


ابتسمت بهدوء هي الأخرى لكنها ظلت واقفة مكانها كما هي متمتمة بجدية: 


-بس أني مش چاية زيارة أني چاية لسي عمران رايداه اشتكي اللي حُصُلي في النچع اللي هو مسؤول عنيه. 


قطب جبينه بضيق وطالعها بعدم رضا مردفًا بخشونة جادة هو الآخر بعدما فهم ما تريده: 


-عهد أني هچيب اللي عمل إكده مش هسكت عاللي حُصُل عايزك تصدجيني ولا انتي عتشكي في اللي بجوله إياك. 


تعلم أنه قادر على فعلها لكنها تريد أن تجعله هو مَن يفعل ذلك لأنه الفاعل والمتسبب فيما حدث فأصرت على حديثها بجدية: 


- أني مصدجاك بس أني رايدة اتحدت مع سي عمران عشان هو اللي مسؤول عن اللي حصلي ومسؤول انه يچيبلي حجي. 


تفاجأت بصوته الوخيم بحدة يصدح من الخلف وعينيه تتطلع نحوها برهبة كبيرة ولهفة: 


-وسي عمران چايلك بنفسيه عشان يشوف شكوتك كيف ما بيعمل مع بجية الكل في النچع. 


أسرعت تلتفت إليه متطلعة نحوه بتوتر مغمغمة بجدية زائفة محاولة إظهار شراستها: 


-أني فـ.. 


قبل أن تستكمل حديثها قاطعها بجدية حادة بعدما جلس واضعًا ساق فوق ساقه الأخر بغرور: 


-اجعدي اللول عشان نعرف نتحدت.


تأفأفت بضيق وتمتمت بمكر: 


- يُبحى نجعد في المظلمة كيف البجية. 


ابتسامة جانبية نمت فوق ثغره لكنه أخفاها بمهارة ليطغى الجدية والقسوة فوق ملامحه ونهض سار معها بخطوات واسعة. 


وجلست أمامه بغضب وعادت تتحدث مرة أخرى مستردة حديثها بجدية وقوة: 


-دلوك في اغراب دخلوا عليّ بيتي وضربوني كُمان، فبدي أعرف مين اللي عمل إكده ورايدة حجي منيهم. 


ظل صامتًا بعدما استمع إلى حديثها مبتسمًا بمكر بعدما فهم ما تريد الوصول إليه لكنه أجابها بخشونة وجدية: 


-وحجك هتاخديه واللي عمل إكده هيچوا لحد عنديكي ونعرف منيه اللي عمل إكده جدامك جبل ما أني اعرف حاچة. 


اومأت برأسها أمامًا بمكر تطالعه بنظرات حادة عالمة أنها لن تكشف فعلته بسهولة فسألته بجدية هي الأخري: 


-ميتي!؟ هتچيبهم ميتي؟ 


ابتسم بهدوء وعينيه مثبتة عليها برغبة نظراته جعلتها تود الفرار من أمامه لاعنة إياه على جراءته وأفعاله التي يفعلها دون خجل فرمقته بضيق وامتعضت ملامحها لكنه لم يهتم أجابها ببرود مشددًا فوق حديثه: 


-أول ما اوصلهم هجولك يا عهد. 


سارت من أمامه بغضب لكنها رأت نظرات حسن المعلقة نحوها بعدم رضا معلنًا رفضه وغضبه عما فعلته وذلك ما كان يحذرها منه أخوها ولا يريده، أسرعت تقترب منه محاولة أن تخبره سبب ما فعلته بتوتر: 


-حـ...حسن أني عملت إكده عشان ديه الأصول إهنيه مش عاوزة حد يجول حاچة علينا. 


رد عليها بضيق يرمقها بنظرات حادة ولازال غير مقتنع بحديثها: 


-خلاص يا عهد انتي عملتي اللي عايزاه ومعتسمعيش حديتي همليني دلوك. 


سارت من أمامها بخطوات واسعة غاضبة متنهدًا بضيق فشعرت بالحزن هي الأخرى متمنية أن يفهم مشاعرها ويستمع إليها قبل أن يفعل ذلك معها، خرجت من المنزل بوجه مقتضب حزين، تسير بخطوات شاردة وهُناك بحر من الأفكار تنغمس بداخله ولا تجد مَن يهديها إلى الصواب.


                             ❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع... 


أرسل عمران إليها لتحضر إلى المنزل فدلفت المنزل بمشاعر مضطربة كانت تريد رؤية حسن والتحدث معه بعدما تجاهلها طيلة الأسبوع الذي مضى لكنها لم تجده،  كان القلق يسيطر عليها مما جعلها تسير بخطوات متعثرة ملتقطة أنفاسها بصعداء لتحث ذاتها على الدلوف لرؤية ذلك الشخص التي لا تطيق رؤيته، سارت بتوتر حيث يتواجد ويجلس في انتظارها تمتمت بهدوء: 


-أني چيت يا سي عمران كيف ما جولتلي.


رمقها ببرود دون أن يتحدث فقط أشار لها أن تجلس بلا مبالاه دون أن يعطيها اهتمام واستكمل عمله وكأنها لم تجلس أمامه ظلت صامتة لبعض الوقت حتى شعرت بالملل فأردفت بضيق وعصبية: 


- احنا هنفضل إكده كتير أنت اللي جولتلي آچي دلوك. 


طالعها بحدة أخرستها وأشار للحارس (الغفير) الذي يقف بجانبه فأسرع يحضر إليها السيدات تطلعت نحوهم بصمت محاولة أن تتذكر هيئتهم لتتأكد أنهم مَن فعلوا بها ذلك، اعطاها فرصتها لتفعل ما تريد وسألها بخشونة وجدية: 


-هما دول اللي جدروا يعملوا فيكي إكده؟ 


أومأت برأسها أمامًا تؤكد حديثه وأجابته بصوت متحشرج حزين بعدما شعرت بالغضب من رؤيتهم: 


-ايوه هما ولاد المركوب ربنا ينتجم منيهم. 


سألهم بقسوة جعلتهم يشعرون بالرعب ونظراته مثبتة نحوهم بنيران غاضبة مشتعلة يود أن يقتلهم متذكرًا قسوتهم عليها كيف كانوا يضربونها بقوة دون رحمة مستمعًا إلى صرخاتها المتألمة التي حطمت فؤاده المغرم: 


-مين اللي جالكم تعملوا إكده الله في سماه لو كدبتوا لاكون مموتكم إهنيه ودافنكم مكانكم.


أجابته واحدة منهم بخوف ونبرة ضعيفة مرتعشة: 


-هجول... هجول يا سي عمران. 


أشار لها بجدية حادة لتخبره فاستكملت حديثها بتوتر مبتلعة ريقها الجاف بخوف: 


-اللي جالت نعمل إكده الست فهيمة هي اللي رايده انها تربيها واحنا عِملنا اللي اتجالنا بس. 


شعرت بالصدمة ما أن استمعت إلى حديثها لم تتخيل أن والدته تفعل بها ذلك، هي لم تؤذها يومًا ولم تفعل لها شئ حتى تقابله بتلك القسوة الطاغية. 


هب هو واقفًا بجسد متشنج بجدية وصدمة كبيرة يطالعهم بنظرات قاسية والشرر يتطاير من عينيه بغضب اهتاج عقله لم يتخيل يومًا أن والدته تفعل هكذا لكنه يعلم أنها قادرة على فعلها بسبب تدمير علاقته بشقيقه؛ لذلك لن يصمت على ما حدث تنهد بغضب مشتعل سيطر عليه متوعدًا لوالدته بقسوة.


توقعاتكم للي هيحصل؟ حابين عهد مع عمران ولا مع حسن؟ 

نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو



#الفصل_الثالث 

نيران_نجع_الهوى

هدير_دودو 

هب عمران واقفًا استقام بطوله بصدمة سيطرت على قسمات وجهه مذهولًا يتطلع نحو تلك السيدة التي تحدثت معلنة اسم والدته وقد اشتعلت النيران بداخله واهتاج عقله من تلك الكلمات السامة صائحًا بها بغضب حاد: 


-انتي اتچنيتي يا ست انتي، كيف عتجولي إكده على ستك فهيمة، بجى هي اللي طلبت منيكم تعملوا العملة المجندلة ديه. 


اومأت برأسها مؤكدة بخوف وهي تود الفرار هاربة من أمامه ونظراته المثبتة نحوها بقسوة مزقت قلوبهن جعلتهن يتمنون التراجع عما يفعلون لكن كـيـف! ليتهم يستطيعون فعلها، أجابته بخفوت متلعثمة بتوتر: 


-أ... أني بجول الحجيجة واللي حُصُل احنا عِملنا اللي الست فهيمة طلبتوا منينا محدش يجدر إهنيه يعارضها. 


صاح بغضب وحدة أخرستها تمامًا وقد اكفهرت ملامحه القاسية معلنة وصوله لأعلى ذروة غضب تسيطر على عقله المتوهج: 


-اجفلي خشمك  مش عايز اسمع نفس لواحدة منيكم. 


حاول السيطرة على أعصابه الغاضبة  والتحكم في أنفعالاته أمامها، فتوقفت هي الأخرى متعجبة متطلعة أمامها بذهول ورمقته بنظرات معاتبة تنتظر رد فعله بقوة وجدته يتطلع نحوها منتظر أن يستمع إلى ردها عما استمعت إليه كانت تشعر بالذهول، كانت تظن أنه هو مَن فعلها ومتأكدة من ذلك توقعت أن يخبرونها باسم آخر لم تتوقعه لكنهم يتفوهون باسم فهيمة والدته بالطبع ليس هو مَن فعل ذلك وإلا كان لم يضع والدته في ذلك المأزق لكنها الآن في حيرة شديدة هل حقًا هو فعل مَن ذلك ويحاول إبعاد ظنونها من حوله أم والدته بالفعل مَن فعلتها فتمتمت بإصرار ماكر لعلها تصل إلى ما تريده: 


-أني معيهمنيش كل دِه أني بدي حجي من اللي عِمل فيا إكده...مطلبتش ولا جولت حاچة مش حجي. 


كان يعلم ما تريد الوصول إليه فأجابها بجدية ولهجة مشددة حازمة محاولًا التفكير بتعقل وهدوء ليصل إلى الحقيقة: 


-وأني جولتلك حجك هيوصلك واللي عِمل إكده هحاسبه حساب واعر وجدامك كُمان. 


نهضت تقف قبالته رافعة رأسها عاليًا لطول قامته متطلعة داخل عينيه القاسية محاولة أن تحث ذاتها للتخلص من الخوف الذي يصيبها وتحاول دومًا إخفاءه حتى لا يشعر بها: 


-هما جالوا دلوك أن الست فهيمة هي اللي جالتلهم يعملوا فيا إكده. 


برزت عروقه الغاضبة مقتربًا منها بخطوات واسعة وجسد متشنج حيث أصبح أمامها بخطوة واحدة فقط صائحًا بها باحتدام منفعلًا عليها: 


-وأني أمي متعملش إكده الست فهيمة هي ست النچع كله وعمر ما يطلع منيها الغلط واصل، أني هتوكد من الحديت ده ووجتها هيچاكي حجك جدام الكل. 


عادت مسرعة خطوة إلى الخلف بتوتر وخوف متحاشية النظر داخل عينيه القاسية، وتمتمت بتوتر محاولة إظهار شراستها: 


-وحجي دِه بجى هيوصلي ميتي لما ياچي حد تاني يموتني. 


كان يتطلع نحوها برغبة ملحة موزع نظراته عليها باجتياح شديد مدققًا في ملامحها الهادئة الشرسة في نفس الوقت لا يعلم طبيعة شخصيتها الصعبة بوجهها الهادئ القوى عينيها البنية التي تجذبه أكثر وتدفعه للإقتراب منها مانعًا ذاته بصعوبة بالغة للمرة الأولى في حياته الذي يتمنى امرأه.


هي ليست امرأة عادية تلك الفاتنة مَن سلبت أنفاسه وامتلكت نبضات فؤاده الذي أصبح عاشقًا متميمًا يسير خلف خطوات الهوى مغيبًا دون أن يترك لعقله سبيلًا، امرأة لا مَثيل لها جعلته يتمنى اقترابها، ويجتمع بها برابط الزواج القوى ليعيد روحه المسلوبة في عشقها بعدما أصبحت عـهـد على قلبه لابُد من أن يوفي به. 


حاول أن يضع حد لسيل مشاعره الجارف للتحكم في ذاته أمامها خاصة بعدما قطبت جبينها بدهشة من صمته الذي طال فغمغم بجدية وعقل رصين: 


-وأني جولت حجك هيوصل رايدك تصبري بس لما اتوكد من اللي عِمل إكده وهطلبك اجولك واچيبلك حجك من اللي اتچرأ يكسر جواعد عمران الچبالي وعمل إكده. 


أومأت برأسها أمامًا وتمتمت ببعض الكلمات الخافتة بهدوء وهي تعد ذاته للرحيل من أمام عينيه التي كادت تفترسها شاعرة بالضيق من اختلاط أنفاسها مع شخص ظالم مثله: 


-وأني مستنية حجي كيف ما جولتلي يا سي عمران.. 


أنهت حديثها وسارت مسرعة بخطوات شبه راكضة لتسرع بفرارها من أمام عينيه ونظراته الملاحقة لها، لم تفهم طبيعة شخصيته هي الأخرى هو لم يكن شخص هيّن بل هو ماكر خبيث يتلاعب بمشاعرها ويجعلها تخاف من نظراته فقط دون أن يفعل شئ يظن أنها ستفعل ما يريده وتبتعد عن حسن، هي لن تتركه سوى عندما يريد هو ذلك ليس لأجل ما يريده عمران ذلك القاسي الذي يود فرض هيمنته حتى يثبت أنه القادر المسيطر على العائلة والنجع بالكامل، هي تعلم ذلك دون احتياجها لما يفعله لكنها ستحارب لأجل مَن اختارها وفضلها على الجميع مواجهًا جميع الصعاب التي أمامه ويفرضها عليه شقيقه عنوة. 


التقطت أنفاسها بصعداء وقد اكتسى الحزن ملامحها عندما تذكرت حسن وانزعاجه منها ويتجاهل محاولاتها في التحدث معه بعدما تجاهلته هي وذهبت نحو عمران لتقدم شكوتها لكنها لم تعني ما فهمه هي فقط تريد أن تثأر لحقها وتعلم مَن الذي فعل بها ذلك عمران أم غيره، تفاجأت عندما اخبرونها باسم فهيمة لماذا فعلت بها ذلك وماذا ستسفاد من فعلتها؟! لم تفهم سبب ما حدث لها بعدما رأت الذهول والصدمة في عيني عمران حقًا... 


تطلع عمران نحوهم بغضب مشتعل كما أن الشياطين تطارد عقله صائحًا باحتدام قوى متوعدًا إليهم: 


- الله في سماه أن ما جولتوا الحجيجة لأكون دافنكم إهنيه ومحدش هيعرف عنيكم حاچة، مين اللي جالكم تعملوا إكده. 


أجابته واحدة منهم ولازالت تتحدث بإصرار على حديثها على الرغم من أن قلبها قد هوى بداخلها رعبًا لكنها تنفذ حديث نعمة: 


-أني جولت يا سي عمران الست فهيمة هي اللي طلبت منينا إكده. 


دفعها بغضب وأمر الحارس _الغفير_ بعودتهم كما كانوا في تلك الغرفة المظلمة، ثم سار بغضب متوجه نحو غرفة والدته يقتحمها بوجه مكهفر حاد فانتفضت تطالعة بضيق وسألت بعدم فهم متعجبة: 


-في إيه يا عمران إيه اللي حُصُل يا ولدي؟ 


اقترب منها بغضب يجيبها على سؤالها بسؤال آخر بجدية  مشددًا فوق حديثه: 


-انتي اللي اتفجتي ويا نسوان خايبة يمّا انهم يضربوا عهد في دارها. 


قطبت جبينها متعجبة لما يتفوهه وتستمع إليه للمرة الأولى مستنكرة بدهشة: 


-أني اعمل إكده أنت عتجول إيه اتجنيت إياك وأني هعمل إكده ليه عاد؟ 


لازال مثبت بصره عليها محاولًا أن يصل إلى مبتغاه فأردف بمكر: 


-عشان اللي عيحصل بيني أني وحسن أنتي أمي وخابر كيف عتفكري جولتي تتخلصي منيها وبكدَّه يتحل اللي عيحصل بيناتنا. 


لم تنكر أنها الآن تفكر في تلك الفكرة لتنهى صراع ابنائها التي لم تتمناه يومًا لكنها لم تفعلها هي فقط تفكر في الأمر لذلك أجابته نافية بقوة معترضة: 


-وأني لو عملت إكده هخاف يا ولد بطني من ميتي بعمل الحاچة في الضلمة لاه أني بعمل اللي رايداه جدام الكل ومعخافش من حد واصل وأنت خابر إكده زين. 


ظل يفكر في حديثها مدركًا مدى صحته لكنه لا يعلم ماذا يفعل ليصل إلى الحقيقة ولماذا يكذبون عليه؟ أخبرها ما حدث في الأسفل بجدية وخشونة: 


-لما مسكت النسوان اللي عملوا إكده وكنت جايل هعرف منيهم جدامها راحوا جالو أنك انتي يمّا اللي طلبتي منيهم يعملوا فيها اللي حُصُل. 


امتعضت ملامحها بذهول مندهشة وأسرعت تدافع عن ذاتها ببرود: 


-وأني جولت أني معملتش إكده شوف أنت مين اللي عيخليهم يكدبوا وعيعملوا كل دِه لصالح مين. 


اومأ برأسه أمامًا بثقة معقبًا على حديثها بتوعد وقد التمعت عينيه بغضب والشرر يتطاير منهما: 


-هيحُصُل كل اللي جولتيه ووجتها الله في سماه ما هرحم اللي عمل إكده هبكيه دم. 


التفتت ليسير نحو الخارج تارك الغرفة لكنها استوقفته صائحة باسمه بغضب وبداخلها العديد من التساؤولات تريد الحصول على إجابتهم: 


- عـمـران... استني يا ولدي بدي نكمل حديتنا اللي اتفتح. 


التفتت نحوها قاطبًا جبينه متسائلًا بدهشة ونبرة حادة قليلًا: 


-حديت ايه يمّا اللي عتكمليه. 


اقتربت منه هي الأخرى لتصبح قبالته مباشرة وسألته بجدية: 


- مهتم بالبت ديه ليه يا ولدي؟ 


حاول الهروب من سؤالها بتعقل هادئ مسيطرًا على ملامح وجهه لتظل جامدة كما هو، وأجابها ببرود ليخفي حقيقة مشاعره العاشقة: 


- مهتم كيف!؟ هي اللي چات وجدمت شكوتها وأني بعمل اللي عيحُصل مع الكل. 


تعلم أنه ماهر ويجد ردود مناسبة هاربًا مما تريده فسألته مرة أخرى بوضوح بعدما شعرت بتأكد ظنونها حوله بنبرة حادة واثقة: 


-لاه يا ولدي ديه مش كيف الكل، عتخسر اخوك عشان واحدة كيف الكل من ميتى! أنت كنت موافح على چوازه وأنت مش إهنيه وأنت اللي جولت أننا نروح ونمشي حالنا دلوك اتغير حالك من وجت ما عرفت أن البت ديه هي العروسة اللي هيتچوزها أخوك وبجيت عتتعارك معاه كيف اللاغراب عشان يهملها غصب عنيه ليه كل ديه؟ 


يعلم أنها محقة في حديثها هو قد تبدل حاله تمامًا بعد معرفته أن عهد هي مَن ستتزوج من شقيقه كيف يصمت وهو دومًا كان يحلم بها وبذلك اليوم التي ستصبح زوجته فقط انتظر أن يمر وقت مناسب على وفاة والديها لكن كل ذلك سيتدمر لأجل شقيقه وزواجه منها، مستحيل أن يتركها ويتنازل عنها هي حقه وستكون بين قبضته هو لينعم من اقترابها والعثور على راحة قلبه المتيم بها منذُ أن رآها وأصبح هاوي مغرم بها، حاول الهروب من حديث والدته ورد بنبرة مهتزة قليلًا: 


-مـ... مفيش يمّا أني جولتله يهملها هو اللي معيسمعش حديتي وبيعارضني وأني مش هجبل بده. 


لم تقتنع بحديثه فعادت حديثها بإصرار لتصل إلى الحقيقة: 


:- لاه مش إكده جول الحجيجة ياولدي أني خابراك مليح ليه رايده يهمل البت ديه وهو بيعشجها ورايدها ليه عتعمل إكده مع أخوك. 


صاح بغضب واحتدام منفعلًا عليها بنيران قوية تشتعل بقلبه لتذيقه لوعة وعذاب الهوى لم يعرفه سوى بحبه لها، وقد انفلتت زمام الأمور من يديه بعد ذكر والدته بمشاعر شقيقه نحوها: 


-محدش عيعشجها ولا ليه الحج أنه يجربلها غيري أني، هي حجي وملكي أني عاشجها من جبليه هي الوحيدة اللي ساكنة في جلبي ومعشوفش غيرها اللي هيجربلها غيري هجتله لو كان مين معيهمنيش حد واصل وعشان إكده جوليله يهملها يمّا. 


استمعت إلى حديثه بذهول وتوسعت عينيها بعدم تصديق محركة رأسها نافية بدهشة جمدت أطرافها، وسرعان ما لطمت فوق صدرها بقوة متمتمة بذهول لتلك الصدمة التي سقطت عليها كالصاعقة: 


- يا مري يا مري ايه الحديت الماسه اللي عتجوله ده يا عمران عتحب اللي أخوك رايدها كيف تفكر في إكده اتچنيت اياك. 


إذا كانت ترى حبه لها جنون فهو حقًا مجنون بها يهواها ويريدها بضراوة لم يشعر بنبضات قلبه سوى في حضرتها لأول مرة يعلم معنى الحب ويشعر أن لديه قلب مثل الجميع كان دومًا يسخر من الحب والمُحبين إلى أن سقط هو فيه وأصبح هاوى لكن على طريقته الخاصة عشق على طريقة عمران الجبالي، أجابها متبجحًا بجراءة حادة: 


-آه اتچنيت وتبعديه عنيها عشان هي ملكي أني ومحدش هيجربلها غيري وحسن مش هيجدر عليّ. 


رمقته بدهشة متعجبة حديثه وصرخت عليه بغضب: 


-لو هو هيهملها يبجى تبعد عنيها أنت كُمان والبت دي ملهاش صالح بعيلة الچبالي من دلوك. 


بالطبع لن يتركها هو سيظل متمسك بها إلى أن تصبح زوجته كما يريد فأجابها معترضًا باحتدام قوى: 


-لاه بجولك أني هتچوزها أني رايدها هي ساكنة جلبي. 


وقفت أمامه مباشرة متطلعة داخل عينيه بقوة وأردفت غاضبة: 


-جولت عتهملوها انتو التنين كيف عتتچوزها وأخوك كان رايدها فكر شوىّ من ميتي وعتحسب الدنيا إكده عجلك خف. 


لم يهتم بحديثها أجابها بأصرار وهو يوليها ظهره بشموخ: 


- أني جولتلك اللي عندي يمّا خليه يهملها عشان محدش هيجربها غيري واللي هيجرب هجتله. 


تعالت صرخاتها المنتحبة بصدمة: 


-يا مريّ رايد تجتل أخوك يا عمران يا مرك يا فهيمة تعالى يا حاچ شوف الكَبير عيجول ايه. 


تركها وسار من الغرفة ببرود وكأنه لم يفعل شئ لكنها هي كانت تشعر بالدماء تغلي بداخلها عالمة أنه لن يفعل ما تريده ولن تستطيع السيطرة عليه تنهدت بحرارة غاضبة وبدأت تفكر في طريقة لحل ما يحدث في عائلتها، تشعر بأن نعمة محقة يجب عليها التخلص من تلك الفتاة هي مَن ستبتعد ليس ابنائها، هي تستطع السيطرة عليها ستفعل كل ما بوسعها لتجعلها تبتعد عن عائلتها تشعر أنها حية ماكرة تتلاعب بابنائها فهمت لماذا تمسكت أن عمران هو مَن يعيد لها حقها، تنهدت بغضب حاد متوعدة لها، لكنها لا تعلم ماذا يجب أن تفعل للتخلص منها فالأمر يحتاج ترتيب بدقة حتى تفعلها دون معرفة عمران الذي يعلم كل صغيرة تحدث في النجع، وبالطبع تحتاج مساعدة لن تجد مَن يساعدها أفضل من نعمة التي ستعطيها توجيهات صحيحة للتخلص من عهد وابعادها عن النجع بالكامل لتحافظ على ابنائها وتعيد علاقاتهما الوطيدة.. 


                           ❈-❈-❈


جلست عهد مع حسن الذي كان يطالعها بنظرات معاتبة معترضًا على فعلتها التي تمت دون رضاه تمتمت بهدوء معتذرة: 


-خلاص بجى يا حسن متزعِلش منيّ والله ما كان جصدي أني بس كنت رايداه يچيبلي حجي كيف ما بيحصل مع الكل. 


تطلع نحوها مبتسمًا وأجابها بهدوء عاشق شاعرًا بالسعادة لوجوده معها: 


-وأنتي مش كيف الكل يا عهد انتي خلاص هتبجي مرتي... مرت حسن الچبالي يعني غير الكل. 


امتعضت ملامحها وتحولت من السعادة إلى القلق وهي  صامتة تفكر في حديثه، فسألها متعجب بدهشة معقدًا جبينه بعدم فهم: 


-مش فرحانة إياك، بجولك هتُبجي مرتي إيه اللي مزعلك دلوك.


التقطت أنفاسها بصعداء وأجابته بتوتر كاذبة لعلها تهرب من إجابة سؤاله الثقيل على قلبها: 


- مش إكده يا حسن أكيد فرحانة وزينة بفكر في حاچة تاني غير اللي عتجصده.


هي حقًا مشتتة تائهة خشيت من تهديد عمران وتدرك أنه قادر على تنفيذ ما يقوله هو ليس هيّن حتى تتجاهله تعلم جيد أن لا أحد يستطيع الوقوف أمامه كما أنها لم تريد أن يحدث ذلك بسببها ويتعارك الشقيقان، لكنها أيضًا تحب حسن هو الذي جعل السعادة تدلف قلبها ويغمرها بعشقه الذي تحتاجه دومًا هي لن تستطيع الإبتعاد عنه شاعرة أنه يمتلك قلبها ويتلاعب بمشاعرها كما يحب وهي راضية وسعيدة بذلك.


رمقها بعدم تصديق وعاد سؤاله عليها مرة أخرى بغضب محتدم: 


-كيف زينة معتشوفيش حالك اللي اتجلب مرة واحدة اول ما جولت انك هتبجي مرتي.


صارحته بحقيقة مشاعرها الخائفة متمتمة بتوتر متلعثمة في حديثها وكلما تفكر في كلماته تتذكر عينيه القاسية بنظراته التي تخترق قلبها وتجعله يتوقف عن النبض خوفًا من وجوده عالمة أنها مهما حاولت التمسك بالقوة لم تستطع الصمود بها أمام شخص مثله: 


-أ...أني بصراحة يا حسن جلبي واكلني وخايفة من اللي راح يعمله عمران هو لغاية ولدك مش موافج على چوازنا فكيف هنعمل إكده من غير ما يوافج أني خايفة من إكده.


هب واقفًا أمامها بغضب يرمقها بنظرات حادة تعكس مدى غضبه من حديثها الذي يقلل منه ويزعجه منفعلًا عليها  بغضب شديد: 


-وأني عيل مش هجدر احافظ عليكي منيه ومن حديته انتي شايفاني إكده، ولا منتيش رايداني يا عهد.


اهتاج عقله غاضبًا شاعرًا بالضيق يعتصر قلبه يرمقها بنظرات معاتبة بحزن، فحركت رأسها نافية وحاولت الدفاع عن ذاتها بتوتر: 


- لاه يا حسن أنت عتجول إيه كيف مش رايداك أنت خابر زين اني رايداك وبدي نتچوز بس أني مش عايزة يحصُل حاچة بينك وبين اخوك ويبجى أني السبب فيها.


لم يهتم لما تتفوه فهو لم يفعل شئ خطأ شقيقه هو من اخطأ يريد فقط أن يفرض هيمنته على الجميع دون رحمة  يود إلغاء اراء الجميع في سبيل تنفيذ ما يريده لذلك أجابها بهدوء جاد في حديثه: 


-متجوليش إكده انتي ملكيش صالح باللي عيحصُل بيناتْنا احنا هنتچوز كيف ما اتفجنا متتعبيش حالك وتفكري في عمران اخويّ هو دايمًا إكده معنهمتش لأمر غيره واصل.


اومأت برأسها أمامًا بصمت حتى لا ينزعج مرة أخرى فابتسم بهدوء ونهض ليذهب لكنها استوقفته حينما تفوهت باسمه بنبرة عاشقة ولا أروع جعلته يتصنم مكانه ويتطلع نحوها بنظرات شغوفة وقد تسارعت نبضات قلبه بسعادة ترف إليه: 


-حـــســـن...


خرجت الكلمات من بين فاهُ بصعوبة قد افقدته صوابه لم يشعر بشئ سوى بجمال عينيها المسيطر عليه يتطلع داخلهما وكأنه ولج إلى حياة أخرى يريد أن يصل إليها معها: 


- نعم يا جلب حسن ونن عينه كُمان. 


ابتسمت بخجل متطلعة أرضًا هاربة من نظراته التي تجعلها ترتبك شاعرة بالسعادة تدلف قلبها ونسيم العشق يداعب روحها دومًا في حضرته حاولت السيطرة على مشاعرها وتمتمت بتوتر مرتبكة وكأنها طفلة تعيش معه حياة جديدة متمنية دوامها بحنانه عليها الذي يغمرها به دون أن تخبره باحتياجها إليه: 


-أني اسفة...مش عايزاك تاخد على خاطرك منيّ مجصدش اعمل اللي يزعلك ولا اجول حاچة تعكر مزاچك. 


قبل أن يقترب منها مرة أخرى نهضت مسرعة تقف بمرح معقبة بخجل: 


-يـ... يلا كنت بدك تمشي من إهنيه عنديك شغل كتير. 


ابتسم على حديثها وهيئتها الخجلة معقبًا بمرح: 


-ههملك دلوك بس بعد إكده مش ههملك واصل. 


اتسعت ابتسامتها تزين وجهها الهادئ فسار هو الآخر متجه نحو الخارج بعدما تحدث مع حازم وهيئتها الرائعة لم تفارق ذهنه لوهلة واحدة.


جلست هي الأخرى تطالع أثره بسعادة متمنية دوامها لكن هُناك غصة قوية في قلبها لا تعلم لماذا تشعر أن سعادتها لن تكتمل هناك شئ يمنع قلبها من التحلق عاليًا بسعادة التقطت أنفاسها بصعداء محاولة التخلص من جميع الأفكار المسيطرة على عقلها مبتسمة بفرحة تداوي جميع جروحها متذكرة العشق التي حصلت عليه وناله قلبها في النهاية. 


قطعت شرودها به وبمشاعرها الشغوفة التي تعيشها للمرة الأولى على يديه صوت طرقات الباب التي عادتها لواقعها متخلصة من أحلامها لذلك اليوم التي ستصبح زوجته

حقًا، هي تنتظره بضراوة متمنية حدوثه مسرعًا، أسرعت تضع وشاحها فوق رأسها مرة أخرى لتخفي خصلات شعرها  البنية ظنًا منها أنه قد عاد مرة أخرى، مبتسمة بقلب كاد أن يترك صدرها ويحلق عاليًا في السماء.


تفاجأت بـ إيمان زوجة حازم التي عادت للتو بعدما كانت ذاهبة لأهلها حزينة حتى تشكوه إليهم، سرعان ما ابتسمت بسعادة مرحبة بها بحماس بكلمات لطيفة بعدما عانقتها بحرارة: 


-إيمان...اتوحشتك جوى يا خيتي، زين أنك رچعتي نورتي دارك من چديد.


احتضنتها هي الأخرى مجيبة عليها بهدوء لتطمئن عليها: 


- انتي زينة يا عهد أني رچعت عشانك أول ما عرفت اللي حُصلك يا حبيبتي والله لسة خابرة دلوك انتي كيفك وكيف حصل إكده حازم كان فينه في الوجت دِه؟


تسائلت بتوجس عالمة أن زوجها لم يهتم بأمر أحد في المنزل سوى ذاته.


أكدت شعورها عندما أجابتها متنهدة بحزن وقد تحولت ملامحها إلى اليأس والضيق من أخيها وأفعاله الدائمة: 


-انتي خابرة يا خيتي هو معيجعدش إهنيه على طول جاعد برة. 


احتضنتها إيمان مرة أخرى بحنان وحاولت مواساتها بهدوء: 


- هو على طول إكده معاوزاكيش تزعلي أني رچعتلك وهنچهز الحاچات اللي ناجصة لچوازك ويا بعض كيف ما اتفجنا.


ابتسمت أمامها بهدوء وسارت معها نحو الداخل شاعرة بالاطمئنان لعودتها مرة أخرى، سألتها إيمان باهتمام: 


-ومعرفتيش مين اللي عمل إكده عرفت أنك جولتي لسي عمران يچيبلك حجك لساته موصلش لحاچة.


أجابتها نافية بعد تفكير كبير متذكرة ما حدث عندما ذهبت إليه وقد ازدادت تساؤولاتها على عكس المتوقع لكن حتى الآن الحقيقة مخفاه بمهارة: 


- لاه معرفش حاچة هما كدبوا وجالوا أن الست فهيمة هي اللي جالتلهم يعملوا إكده بس أني بفكر في سي عمران هو الوحيد اللي رايد إكده وهددني كُمان وجتها.


قطبت جبينها بدهشة مستنكرة سبب ظنها، متسائلة بعدم فهم: 


-وسي عمران عيعمل إكده ليه وكيف هددك فهميني اللي حُصل وأني مهملة البيت الحزين دِه.


أجابتها بحزن يتواجد في قلبها المعتصر بقبضة قوية تزعجها وتؤلمها لتمنعها من السعادة: 


-هو مش موافج على چوازي من حسن وجالي أهمله لحاله وأني وجفت جصاده وجولتله أني مش ههمله واصل وهو چه إهنيه يخوفني وجالي أنه مش هيهملني وهياخد حجه منيّ بعديها حصل إكده.


حركت رأسها نافية متمتمة بعدم اقتناع: 


- لاه لاه بس سي عمران معيعملش إكده هو جاسي صُح ومعيرحمش حد بس معيخافش ولو عِمل هيجول.


زفرت بضيق وحزن لما حدث لها ، وظلت تحاول التفكير معها لعلها تصل لشئ يفيدها لكن هناك سؤال قوى يدور داخل عقلها لماذا عمران لا يريدها زوجة لشقيقه؟! ما الذي حدث لينقلب هكذا ما أن علم أنها العروس؟! بالطبع هناك شئ مخفي لم يعلمه أحد فـ عـهـد لم تفعل شئ له وتلك العائلة، لماذا يرفض وجودها مع شقيقه بعد أن وافق لزواجه وكان سعيد بتلك الفكرة!.


                             ❈-❈-❈


جلست فهيمة مع نعمة كانت صامتة تفكر بحيرة شديدة لا تعلم ماذا تفعل وكيف تخبرها بما حدث، طالعتها نعمة بدهشة متسائلة بتعجب: 


-كيفك يا فهيمة مالك مين مزعلك إكده وعتفكري في ايه؟


التقطت أنفاسها بضيق ولم تجد حل سوى أن تخبرها بما علمته فتمتمت بتوتر: 


-أ...أني سألت عمران ليه عيعمل إكده مع حسن. 


سألتها بتوتر مضطرب وهي ترمقها باهتمام كبير: 


- وجالك ايه اللي حُصل بيناتهم؟


اومأت برأسها أمامًا بحزن وغمغمت بتوتر خافتة وهي تشعر بالخجل لما أخبرها به ابنها وتهديده الجاد الذي سينفذه إذا أراد: 


-عمران رايد البت ديه هو كُمان وعيهددني أن لو مهملهاش حسن، هيعمل اي حاچة بالغصب والجوة.


جحظت عينيها بصدمة وفكرت قليلًا في حديثها وهي تستشاط غضبًا بضيق لا تعلم ما الذي مميز بها حتى يعشقها حسن بتلك الطريقة كما أيضًا يعشقها عمران وعلى استعداد أن يعادي شقيقه لأجلها هي ليست مميزة إلى هذا الحد لم تتمتع بجمال خلاب كما ترى حتى تتسبب في انقلاب العائلة رأسًا على عقب، تمتمت بدهشة وهي لازالت تشعر بعدم التصديق دومًا ترى عمران ذو شخصية عاقلة متزن بهيبة كبيرة كيف يتحول حاله هكذا: 


-شوفي يا فهيمة اكيد عمران معيجولش إكده من حاله لاه البت هي اللي لعبت عليه ووجعته في شباكها بكلامها المتزين كيف ما عتعمل ويا حسن وخلتهم يعشجوها وفي الآخر هتروح للربحان بعد ما تجلبهم على بعض.


فكرت فهيمة في حديثها قليلًا مغمغمة بدهشة مستنكرة حديثها: 


-البت هي اللي عملت كل دِه انتي شايفة إكده هي اللي خلت اللتنين يعشجوها.


اومأت برأسها أمامًا منتهزة تلك الفرصة التي آتت إليها دون مجهود وتمت بخبث ماكر كالأفعى: 


-ايوا طبعا هي اللي عملت إكده كيف مرة واحدة الاتنين بجوا عاوزينها هي اللي عتلعب بالنار ولازمن تچربها وتكويها لچل ما تتحشم وتتعلم الأدب ولا هنجف نتفرچ عليها وهي بتعمل إكده في ولاد الچبالي.


فكرت في حديثها شاعرة بعدم الإرتياح لكنها لن تسمح بتدمير تلك العائلة فتسائلت بتوتر: 


-وعنعمل ايه عشان تتربى كيف ما عتجولي.


التمعت عينيها بشر يتطاير منهما وأسرعت تعتدل في جلستها مردفة بمكر: 


- أني هجولك وتعملي اللي بجوله بسرعة عشان نِخلصُ من البت ديه.


اومأت لها فهيمة برأسها أمامًا سامحة لها بتفوه حديثها الخبيث الذي يملأه الحقد على تلك الفتاة التي لم تؤذيها ولم تفكر يومًا في إيذاء أحد بتلك العائلة، استمعت إليها بصدمة مردفة بتراجع وتوتر: 


- لـ...لاه يا نعمة كيف عتجولي إكده شوفي طريجة غير ديه اعملها.


لم تُعجب بردها المتراجع، فتنهدت بغضب مشتعل وأجابتها بقوة: 


- على راحتك بس متچيش تزعلي وتبكي عاللي هتعمله البت ديه لأنها عاوزة الخراب للعيلة وأن معملتيش اللي بجوله هتهدها على دماغتنا كلنا وتبجى ست النچع. 


تركتها وذهبت دون أن تسمح لها بالحديث، فبقيت تفكر في حيرة لا تعلم تفعل هكذا أم لا خاصة أنها لم ترى منها شيء سيء إلى الآن، تخشى أن تتراجع ويكون حديث نعمة صحيح وتخاف أيضًا أن تكون ظالمة، تنهدت بحرارة وضيق بقبض فوق قلبها بقوة ولازالت لم تتخذ قرار،  لكنها لم تسمح بتدمير العائلة. 


                          ❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع...


كان الوضع مستقر تسير الأمور بهدوء في النجع بالكامل وداخل منزل الجبالي بالتحديد إلى أن ولج حسن المنزل بعدما عاد من عمله، جلس بتوتر حيثُ يجتمع الجميع مردفًا بقلق مضطرب: 


-أني چاي اجولكم على حاچة مهمة اتفجت عليها مع حازم اخو عهد. 


شعرت فهيمة بقبضة قوية تعتصر قلبها دون رحمة مرتجفة لما سيحدث الآن في عائلتها وتعلم أن الحديث القادم سيجعل النيران تسيطر على العائلة، تطلعت نحو عمران بتوتر وقبل أن تتحدث كان تحدث هو بغضب ولهجة مشددة حازمة وعينيه يتطاير الشرر منهما مثبتة عليه: 


-هو أني مش جولت تهمل البت ديه وملكش صالح بيها بتتحداني إياك وحديتي معيتسمعش إهنيه.


ابتسم حسن محاولًا إظهار الأمر بمرح وهدوء ليمر بسلام دون شجار مع شقيقه المتمسك برأيه ولم يتقبل سواه، بعدما أخفق إخفاقًا ذريعًا في إقناعه عدة مرات كلما يفتح معه ذلك الحديث يصيح بغضب ناهيه بعنف يمنعه من مواصلته: 


- لاه طبعا يا عمران ايه اللي عتجوله ده يا خوى دة أنت حديتك على راسيّ بس جولتلك أني مجادرش عاللي رايده مني. 


تطلع نحو والدته لتدعمه مثلما تفعل دومًا لكنها لم تستطع خوفًا لما سيفعله عمران التقطت أنفاسها بتوتر وأشاحت ببصرها بعيدًا فصاح به عمران بغضب: 


-جولتلك تهملها وملكش صالح بيها، وجلبك العاشج دِه هجلعهولك من مكانه.


وقف قبالته معترضًا بغضب وقد اهتاج عقله بضيق من إصراره الذي لم يفهم سببه حتى الآن: 


-وأني مش ههملها جولت وخلاص ياخوي حديتك دلوك مش هيفيد.


امتعضت ملامحه بسخط لم يشعر بذاته سوى وهو يقبض فوق أطراف ثيابه بقوة ضارية منفعلًا عليه بحنق: 


-أنت اتجنيت إياك رايد تتحداني، بتجف جدام اخوك وبتعارض حديتي، فوج يا حسن عشان معملش اللي يزعلك ويبكيك كيف الولايا.


تعالت أصواتهما في مشاجرة عنيفة، شعرت فهيمة بقلبها يهوى بداخلها وهي تشاهد ابناءها يتحديان بعضهما لأجل تلك الفتاة الساحرة التي سلبت عقل كل منهما لتسحرهما بلعنة عشقها المميتة، لعنتها بداخلها لكن سرعان ما نفضت أفكارها واقتربت منهما متمسكة بذراع عمران وأردفت بتوتر: 


-همله يا عمران خلينا نسمعه واهدى دلوك محصُلش حاچة اللي عتعمله دِه. 


تطلع نحو والدته بضيق وابتعد عنه بغضب ولازال يشعر بنيران مشتعلة تعصف داخل عقله، تمتمت فهيمة بتوتر سامحة له التحدث بقلب مقبوض غير مطمئن لما سيحدث:


-جول يا حسن ايه اللي كان بدك تجوله يا ولدي. 


ابعد عينيه عن عمران ونظراته الحادة المثبتة نحوه وحاول ألا يهتم بأمره مغمغمًا بهدوء مبتسمًا ظنًا منه أنه سيجعل الجميع يشعر بالفرح: 


-أني اتحددت مع حازم اخو عهد واتفجت وياه اني هتچوزها أول الشهر اللي هيهل وهما وافجوا. 


تحولت ملامح جميع الجالسين كانت أولهم فهيمة التي علمت أن حديثع سيكون بداية صراع دموي بينهما، لا تعلم ماذا تفعل لإنهاء الصراع الذي سيحدث تطلعت نحو نعمة التي كانت ترمقها بمكر تخبرها أن الحل في تنفيذ فكرتها السامة والفتك بتلك الفتاة المتسببة فيما يحدث، فهمت معنى نظراتها السامة فأومأت لها إلى الأمام تؤيدها وتخبرها أنها ستنفذ حديثها. 


لم يرَ عمران كل ذلك هو يشعر بغضب يعميه وقد اهتاج عقله منفجرًا شاعرًا بضياعها منه هو لن يشعر بالإرتياح سوى وهي بين أنيابه القاسية يغمرها بمشاعره المغرمة ويعشقها كما يهوى، تنهد بحرارة كادت تحرق النجع بأكمله، اقترب من حسن مرة أخرى لكن بهيئة مشتعلة تزاد غضبًا وصفعة قوية حادة هوى بها فوق وجنته ولم يكتفِ بما فعله فقد انتفخت اوداجه باحتدام متوعدًا إليه وإليها، مَن يراه يقسم أنه سيرتكب أبشع الجرائم... 


آتت فواجع القدر القاسية تفرق القلوب كما جمعتها وتسلب السعادة من الجميع عنوة، لا أحد يعلم في النهاية مَن سيربح بعدما أعلن القدر اندلاع صراع محتدم داخل نجع العُمدة وبين أبناء أكبر عائلة به ليس سوى"عائلة الجبالي"


رأيكم في الفصل وتوقعاتكم للي هيحصل وهل جوازة حسن وعهد هتكمل ولا لا؟ 

نيران_نجع_الهوى

هدير_دودو


#الفصل_الرابع 

نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو 

أصبح الأخوة أعداء بفضل الهوى الذي بعثر المشاعر وسيطر على القلوب فجعلها ضريرة لا ترى سوى العشق فتردت العلاقات جانبًا وأصابها دمار شامل دون أن يهتم بها أحد.


وقف الجميع يتطلعون لما يحدث بصدمة كالصاعقة ألجمت ألسنتهم، يشاهدون فعلة عمران بأعين متسعة بذهول تام كان أولهم حسن الذي لم يتوقع يومًا أن يحدث ذلك بينه وبين شقيقه، يطالعه بعدم تصديق هل هو حقًا صفعه أمام الجميع ومن دون سبب لماذا فعل ذلك؟! اهتاج عقله غضبًا وتشنج جسده بعدما برزت عروقه مقررًا الثأر لحقه من شقيقه الذي لم يستحق أن يتعامل باحترام بعد أن تنازل هو عن حقه ولم يحترم أحد. 


كانت فهيمة تشعر بقلبها يهوى بداخلها بعدما تسارعت نبضاته عالمة نتيجة ما فعله وكيف سينقلب الأمر على الجميع؟! ويزداد سوءًا خاصة على حسن الذي بالطبع لم يصمت ولن يتنازل عن حقه، تعلم ذلك جيدًا وجميع مخاوفها قد تحققت الآن وسترى ابنائها يقفان أمام بعضهما وكل منهما متوعد للآخر يود الثأر منه...بينما نعمة فقد ابتسمت بخبث لتأثير ما حدث على فهيمة الذي سيجعلها تنفذ حديثها ويسير الأمر كما تريد لتنال حقها من تلك الفتاة ذات كبرياء عالي وغرور. 


لم يمر سوى لحظات ساد الصمت عليها لكن انتهى مسرعًا فور أن تمسك بشقيقه يهزه بقوة وهدر بعنف صائحًا: 


-انچنيت إياك يا عمران فوج ياخويّ أني مش هسكت ولا هتتحكم في حياتي كيف ما أنت رايد هتچوزها غصب عنيك وعن الكل ويدّك ديه معتترفعش عليا واصل بعد إكده. 


دفعه عمران بقوة ضارية جعله يرتد إلى الخلف ورد عليه ببرود غاضب يسبق نيرانه المتوهجة وبراثنه الحادة: 


- مفيش حاچة إهنيه هتحصُل غصب عنيّ والبت هتهملها بالرضا او الغصب وأنت شكلك معتچيش غير بالغصب يا ولد أبويّ. 


لم يبالِ بحديثه بل طالعه متبجحًا بقوة غاضبًا وبقيت ملامحه جامدة بغضب نارٍ: 


- أني هتچوزها غصب عنيك بجى يا عمران إيه جولك، مش عشان الكَبير هتعمل فينا إكده، لاه أني مش هسكت وهعمل اللي رايده. 


قبل أن يتحدث عمران ليرد عليه تمتمت فهيمة بحدة منفعلة عليهما: 


- يزياداكم عاد، ايه اللي عتعملوه في بعض يا ولاد الچبالي، هتجطعوا في بعضيكم من ميتى وبيحصل إكده في العيلة يجطعها مجصوفة الرجبة اللي عتخليكم تاكلوا في بعضيكم في اللأغراب. 


أجابها حسن بلوعة والنيران كادت تحترق قلبه المتآكل ويملؤه الغيظ بعدما تبعثرت مشاعره بامتهان في حضرة ذلك المتجبر الذي لم تعلم الرحمة سبيلًا إليه: 


- أني لسة لحد دلوك معملتش حاچة يمّا هو اللي عِمل بس مش هسكت عاللي حُصُل أني هچيب حجي ومش ههمل اللي جلبي رايدها وعيعشجها عشان هو بس عايز الدنيا كلياتها تمشي على كيفه. 


تشعر به ويمشاعره العاشقة بصدق متطلعة نحو عمران بنظرات يملأها العتاب واللوم لكنه لم يبالِ بها قابلها بنظرات قاسية بعنف متوعدة، حاولت أن تتدخل بتعقل متزنة لتجعل الأمر يهدأ قليلًا إلى أن تفعل هي ما ينهي ذلك الصراع بالقضاء على مَن تسببت في تلك الفتنة: 


- خلاص يا حسن مينفعش تجول إكده عمران اخوك الكَبير وموضوع البت ديه هنتحدتُ فيه من تاني. 


تطلع نحو عمران بغضب متوعدًا إليه، وصاح بقوة معترضًا على حديثها: 


- لاه مفيش حديت تاني في موضوع چوازي من عهد أني اتفجت على كل حاچة والموضوع خُلص. 


دفعه عمران إلى الخلف معقبًا على حديثه بوعيد محتدم: 


- الله في سماه ليوم چوازك منيها يُبجى يوم موتك وكلمتي مش هتجع واصل، عجلي ولدك يمّا حديتي مهرچعش فيه واصل. 


كان يرمقها بنظرات ذات مغزى آخر وحديث يحمل بين طياته العديد من المشاعر المخفاة التي ظهرت إليها في تلك الليلة المكروبة. 


سار مسرعًا بخطوات واسعة تارك المنزل كما أن الشياطين تلاحقه، لن يترك تلك الزيجة تكتمل سوى بموته، كيف ستتزوج من غيره هي لن تبقى لأحد سواه ستكون ملكه هو فقط عهده لن يكتمل سوى بامتلاكها، موجة غضبه الثائرة لن تهدأ سوى بالحصول على العشث الذي غوى الفؤاد وأرهقه. 


تنهد بقسوة ونيران متأهبة لا يعلم إلى اي مرحلة وصل في عشق تلك الفاتنة التي أسرت قلبه وعقله لتجعل روحه في النهاية تصرخ بعشقها سيجعلها زوجته عنوة ليشعر بالإنتصار والفخر بعدما فعل ما يريده واجتمع بها في النهاية، سيروضها على يده لتعلم مَن هو عمران الجبالي وكيف ستكون نتيجة عنادها وتحديها له. 


وقف حسن يتطلع نحو والدته بنظرات حزينة معترضًا على طريقتها القاسية معه ودعمها الدائم لعمران دون الإهتمام بمشاعره لكنه كان يخبرها بنظراته الصامتة أنه لن يتنازل تلك المرة سيتمسك بزواجه بمَن اختارها، سار هو الآخر بعدما جعل والدته تفهم أنه لن يتنازل وسيتمسك بها دون أن يعير لشقيقه اهتمام.. 


تطلعت نحو نعمة وزفرت بضيق ويأس، فأسرعت تقترب منها وغمغمت بمكر تعاتبها: 


- أني جولتلك جبل ما ده كله يحصل انتي اللي مش موافجة وجلبك واكلك على البت ديه وهي السبب في الخراب اللي عيحصُل.


رمقتها بتوتر متسائلة وهي لازالت لم تقتنع بحديثها: 


-شوفي ياخيتي حاچة تانية غير اللي جولتيها ديه نعرف نعملها بلاها الظُلم. 


زفرت بحنق مربتة فوق كتفها لتحثها على تنفيذ خطتها متمتمة بجدية: 


-مفيش غير إكده هو اللي هينفع مع بت زي ديه عتلعب بولاد الچبالي دة أجل حساب اللي زييّها والظُلم هي اللي چابته لنفسيها بِت الحوامدية.


اومأت برأسها باقتناع والتقطت أنفاسها بغضب بعدما استطاعت نعمة السيطرة على عقلها بزرع أفكارها الخبيثة لتحريضها ضد عهد تلك الفتاة التي لم تفعل شئ لتلك العائلة لتُعاقب عليه وتنال منهم تلك القسوة..


                           ❈-❈-❈


في المساء...


ولج حسن الغرفة الخاصة بوالدته التي أرسلت إليه تخبره أنها تريد التحدث معه وقف محمحمًا بخشونة جادة: 


- نعم يمّا جالولي أنك رايداني. 


أومأت برأسها أمامًا وتمتمت بهدوء مؤكدة، مشيرة إليه بالجلوس جانبها: 


- ايوه يا ولدي تعالى اجعد چاري وهنتحدتُ ويا بعض نتفج لچل اللي بيحصُل في السرايا بينك وبين أخوك. 


توجه بجانبها كما طلبت منه، معقدًا حاجبيه بعدم فهم متسائلًا بحدة: 


- نتفج على إيه يمّا أتفاجك يُبجى مع عمران مش معايّ هو اللي معاديني، أني لحد دلوك معملتش حاچة هو اللي عيعمل ومن غير سبب كُمان. 


لم تهتم لحديثه بل تمسكت بيده وغمغمت بإصرار جاد بعدما توصلت إلى حل ينهي ما يحدث دون إلحاق الأذى بعائلتها: 


- البت ديه معتدخلش عيلة الچبالي واصل تهملها لحالها وتبعد عنيها وتريح اخوك الكبير وتريح جلبي يا ولدي. 


هب واقفًا بغضب مندهشًا من تغيرها المباغت يرمقها بنظرات معترضة اصطحبت بكلمات غاضبة: 


- ايه اللي عتجوليه عاد، ده حديت ميدخلش العجل انتي بدك تنفذي اللي رايده عمران وأني مش مهم كيف غيرتي رأيك إكده من غير ما تفكري فيا، وجلبي مين يريحه ويداويه عاشجها يمّا. 


هربت بعينيها مبتعدة عن نظراته وأجابته بتعقل جاد وأعين مظلمة بقسوة: 


- اللي بجوله دِه عين العجل يا ولد بطني محدش بيعمل حاچة إهنيه في البيت والنچع غير بموافجة أخوك كيف أنت بدك تكسر كلمته عشان بت زي ديه بكره أچوزك ست ستها وأحلى منيها كُمان. 


يشعر بالظلم في تلك العائلة لكنه لم يصمت وقف قبالتها بتحدٍ غاضب معلنًا رفضه لما تقوله: 


- وأني جولتلك أني رايد البت ديه وعاشجها جلبي معيشوفش غيرها مهما حصُل لا حلوة ولا عِفشة، أخوي رافض اللي عيحصُل من غير ما يسمعني عايز يخبرني أنه هو الكبير وبيثبت دِه حتى لو بالغصب. 


غمغمت بحدة منفعلة عليه مشددة فوق حديثها بعدم رضا: 


- حديت إيه اللي عتجوله يا ولدي، فكّر يا حسن شويّ في حديتك أخوك رايد الخير للعيلة كلياتها.


لم يهتم لأمرها شاعرًا بالغضب منها لظلمها هي الأخرى تحاول إرضاء شقيقه مختلسة حقوقه عنوة؛ لذلك أجابها متبجحًا بغضب: 


- مش ههملها يمّا مجدرش اهملها، جلبي ميجدرش يبّعد عنيها وده آخر حديت عندي.


أنهى حديثه وخرج من الغرفة غاضبًا بخُطى واسعة سريعة، متنهدًا بحرارة غاضب متوعد لشقيقه يراه المتسبب فيما يحدث، ابتعاده عنها يعني تدمير حياته وهو لن يسمح بذلك سيحارب الجميع لأجل الحصول عليها ويشعر بالانتصار. 


بينما فهيمة أغمضت عينيها بضعف وضيق تشعر بتدمير علاقة أبنائها وكل ذلك بسبب فتاة منذُ متى وفتاة تؤثر بعائلة الجبالي بالتحديد عمران فهو كان يتطلع نحو الفتيات بنظرة أخرى لم يهتم عمره بواحدة منهم حيث أنه كان يترك أمر اختيار زوجته لها هي، كيف لتلك الفتاة أن تقلب حاله رأسًا على عقب جعلته يخفق في سيطرته على ذاته وتنكسر جميع حدوده الصلبة التي وضعها في نفس الوقت ابنها الآخر يريدها ولم يرَ سواها، بالطبع تلك الساحرة قد سحرت إليهما ليعشقوها لم تجد تفسير للأمر سوى ذلك.


                          ❈-❈-❈


في الصباح الباكر داخل المنزل المتهالك كانت تجلس عهد في غرفتها بصحبة إيمان يتحدثان سويًا كانت تتحدث بحماس محركة يديها في الهواء بسعادة: 


- مش مصدجة لحد دلوك أن خلاص هتچوز من حسن بعد كل اللي عيحصُل دِه.


ابتسمت لسعادتها التي لم تظهر سوى قليلًا، وأجابتها تشاركها بفرحة هي الأخرى: 


- والله كنت عارفة يا خيتي حسن مش هيهملك وهيعرف يتحدت مع سي عمران وأهو وافج كُمان وهتتچوزيه غصب عن الكل.


ابتسامة واسعة اعتلت ثغرها شاعرة بنبضات قلبها التي تدق بعنف كلما تذكرت في الأمر، سعيدة بضراوة متناسية جميع مخاوفها التي كانت تقبض فوق قلبها برعب لكنها تظن أن عمران وافق ورحب بالفكرة حمقاء هي كيف تفكر إنه يتنازل عما يريده، هو لن يتركها سوى بتحقيق ما يريده منها وما هو سوى امتلاك قلبها كما فعلتها واختليت جميع مشاعره. 


أسرعت إيمان مقتربة منها تحتضنها مبتسمة معقبة بمرح: 


- عتفكري فيه مش جادرة تستحملي بعادك عنيه.


ضحكت بخجل مبتعدة عنها متمتمة بتوتر متلعثمة: 


- بس يا إيمان ايه اللي عتجوليه ده، عارفة لو حازم رچع دلوك وسمع حديتك هيعمل فيا إيه.


لوت شفتيها ساخرة بحسرة كلما تذكرت أفعال زوجها المخجلة، وأجابتها بتهكم ساخرة: 


- افتكريلنا حاچة حلوة بلاش اللي بيوچع الجلب ده والله يا عهد أني رچعت إهنيه تاني عشان كان جلبي واكلني بعد ما عرفت اللي حصلك مجدرتش أفضل بعيدة عنيكي.


ابتسمت عهد بسعادة لحنانها معها تشعر دومًا أنها شقيقتها ليست زوجة أخيها لكن قبل أن تتحدث استمعت إلى صوت طرقات قوية تدق فوق باب المنزل بعنف قطبت عهد جبينها شاعرة بغصة قوية تقبض فوق قلبها المقبوض، تمتمت بتوتر موجهة بصرها نحو إيمان: 


- جومي افتحي الباب شوفي مين مش متطمنة اللي چاي وجلبي متوغوش. 


ربتت فوق كتفها بحنان تطمئنها مبتسمة ونهضت تفتح الباب بتوتر هي الأخرى، تفاجأت بفهيمة تقف أمامها ترمقها بنظرات حادة ظنًا منها أن عهد هي مَن ستقابلها لكنها غمغمت ببرود: 


- كيفك يا إيمان مليح أنك رچعتي دارك من تاني.


أجابتها بتوتر وعدم اطمئنان لنظراتها الغاضبة: 


- تسلمي يا ست فهيمة.


واصلت حديثها بجدية بعدما تطلعت بعينيها باحثة عن عهد: 


- روحي جولي لـ عهد أني عايزة اتحدت وياها في حاچة مهمة. 


سرعان ما أومأت برأسها أمامًا وأشارت إليها بالدلوف مرحبة بها بتوتر: 


- حاضر يا ست فهيمة ده الدار نور بوچودك. 


أسرعت تتوجه نحو غرفة عهد بقلب مقبوض بخوف بعدما رأت نظراتها الغير مبشرة بخير سألتها عهد بهدوء: 


- مين اللي چه عندينا دلوك. 


أجابتها بتوتر متلعثمة وقد بدا التوتر فوق قسمات وجهها: 


- د... ديه الست فهيمة وجالت أن بدها تتحدت وياكي. 


شعرت بعدم الاطمئنان بعدما رأت ملامحها الخائفة فتمتمت متسائلة باضطراب: 


- في حاچة ولا إيه، انتي مالك خايفة من ايه؟


حركت رأسها نافية بتوتر، حاولت ألا تزعجها وتعكس لها شعورها فتمتمت بهدوء بعدما أجبرت شفتيها على الابتسام عنوة: 


- لاه يا عهد مفيش حاچة هخاف من ايه اطلعي يلا اتحدتي وياها وانا هچهز حاچة تتشرب.


أيدت حديثها باستحسان هادئ ووضعت وشاحها فوق خصلات شعرها، خرجت متوجهة نحوها بهدوء مرحبة بها هي الأخرى كما تفعل دومًا: 


- كيفك يا ست فهيمة نورتينا بچيتك.


لم ترد عليها نهضت مسرعة قبالتها بوجه مكهفر غاضب بنظرات مصوبة نحوها ترعبها، ابتلعت عهد ريقها الجاف بتوتر وبطء مصحوب بدقات قلبها المتسارعة وتمتمت متسائلة بقلق محاولة ان تصطنع القوة: 


- في إيه ياست فهيمة حصل حاچة مزعلاكي منيّ؟


اقتربت منها بعينين حادة غاضبة تفوهت بقسوة ضارية: 


- فيه يا عهد والشغل اللي عتعمليه دِه مش هيخيل عليا بعد إكده ومش هصدجه من دلوك، أني چاية اجولك كلمتين تحطيهم في عجلك وتفهميهم مليح عشان اللي عتشوفيه منيّ بعد إكده مش هيعچبك واصل.


خشيت من طريقتها واقترابها الشديد منها فأسرعت تخطو خطوة إلى الخلف مبتعدة عنها بأطراف مرتعشة ووجه شاحب معقبة بتوتر لترد على حديثها المبهم: 


- وأني عِملت إيه يا ست فهيمة أني مجولتش حاچة ولا عِملت شئ يزعلك عشان تجوليلي إكده ا..


صاحت بحدة مرتفعة ولم تمهلها الفرصة للدفاع عن ذاتها أو فهم شئ: 


- بجولك ايه أني معيهمنيش أسمع منيكي حاچة انتي هتنفذي اللي هجوله، عارفة أن عمران الچبالي كبيرك وكَبير النچع مش موافج على چوازك من حسن صُح


اومأت برأسها أمامًا بصمت دون حديث، فأكملت حديثها مرة أخرى باحتدام قاسٍ: 


- ولچل إكده هتطلبي حسن وتجوليله أنك مش رايدة تكملي وياه وتهمليه لحاله، وملكيش صالح بيه ولا بعيلة الچبالي واصل.


ظلت صامتة تستمع إلى حديثها بأعين متسعة بذهول ولم تقوَ على التفوه بحرف واحد لترد عليها فصاحت هي بغضب لتنهي ذلك الحوار بنبرة متوعدة: 


- فهمتي اللي أجصده يا عهد مانتي يا بتي معتحبيش أني أحكم عليكي تهملي النچع أنتي وأهلك حتى خلجاتك مهطوليهاش. 


رمقتها بازدراء وقد فهمت تهديدها جيدًا فأسرعت تأومأ برأسها أمامًا متمتمة بخفوت متلعثمة: 


:- فـ... فاهمة...فاهمة يا ست هانم واللي رايداه هيحصُل.


ابتسمت بانتصار عندما رأت استسلامها التام لرغبتها التي ستنهي الصراع الذي يحدث بين ابنائها، ولجت إيمان وهي تحمل أكواب الشاي استوقفتها قبل أن تذهب بهدوء 


:- الشاي يا ست فهيمة.


استكملت خطواتها ببرود متمتمة بقسوة ساخرة: 


:- هشربه شربات في خطوبة عهد الچاية بعد ما تهمل ولدي.


لم تدعها تسأل أو تتفوه بشئ وسارت خارج المنزل مبتسمة بانتصار بينما عهد فسقطت أرضًا باكية بضراوة واعتلى صوت نحيبها المرتفع بحزن بعدما شعرت أنها محاصرة بضعف، ستفعل ما أُجبرت عليها عنوة معلنة ضعفها التام وذلها في ذلك المكان المفروض بقيود حادة تلتف حول عنقها ستنهي حياتها يومًا..


اقتربت إيمان جالسة بجانبها تشعر بالشفقة والحزن تجاهها لكنها أيضًا تشعر بالخوف عليها، ترى القهر الوجع داخل عينيها ولا تعلم ماذا تفعل لها!؟ احتضنتها بحب وحنان كبير محاولة التخفيف عنها مردفة بهدوء: 


- اهدى يا عهد اهدي ياخيتي متبكيش وحياتي عنديكي. 


حاولت عهد التوقف عن البكاء لكنها لم تستطع تمتمت بخفوت وقلب مقهور أنهكه الوجع الضاري: 


-مجدراش، كيف يا إيمان أني خلاص ههمله ههمل حسن وانتي خابرة زين جد إيه أني بحبه. 


اومأت برأسها أمامًا بضعف تؤيد حديثها وغمغمت متسائلة بعدم فهم: 


- هو إيه اللي حصُل عشان تعمل إكده؟ 


أجابتها بذهن شارد شاعرة بكره شديد بداخلها لذلك الشخص المتعجرف القاسي الذي تكرهه وبالطبع لم يكن سواه "عمران الجبالي" بالطبع هو مَن دفعها لتلك الفعلة القاسية بظُلمات قلبه الحالكة: 


- مخبراش بس كل اللي اعرفه أنها بتنفذ حديت عمران هو اللي رايد أن كل ده يحصُل وجالي كتير جبل سابج أني اهمل حسن. 


شددت إيمان من احتضانها لها بتوتر لكن تلك لم تتحمل ما يحدث لها وانهارت باكية بصوت مرتفع بكاءها يقطع أنياط القلب تشعر بالعديد من المشاعر المختلفة الظلم القهر، الوجع الضعف، والحزن الذي دمر قلبها، ولماذا كل ذلك!؟ ماذا فعلت لتسقط فريسة في براثن شخص لا يرحم مثله ستنفذ ما يريده لأجل الحفاظ على حياتها بعدما هددتها والدته واخبرتها بما ستفعله علنًا دون خجل. 


في ذلك الوقت ولج حازم الذي وقف يتطلع نحوها بدهشة معقدًا حاجبيه بعدم فهم فصدح صوته بخشونة وجدية متسائلًا لما يحدث: 


- في ايه؟ ايه اللي بيحصُل إهنيه وعهد ليه عتبكي إكده يا ايمان؟ 


لم تستطع زوجته الرد عليه فصمتت بتوتر وحاولت أن تظل كما هي وكذلك عهد التي كانت تائهة في دنيا أخرى عقلها يسترجع ذكرياتها الجميلة التي عاشتها معه وفي نفس الوقت تتذكر تهديدات فهيمة القاسية لها وكلماتها التي تجرح قلبها وتشعرها بضعفها. 


هدر حازم بعنف وعينيه مثبتة نحوهما بقوة: 


:- بجول في إيه حد يرد عليا هتفضلوا إكده إياك! 


خشيت إيمان من طريقته الغاضبة فأجابته بتوتر: 


- مـ... مفيش يا حازم دِه الست فهيمة كانت إهنيه وجالت لـعهد تهمل حسن وملهاش صالح بيه من دلوك. 


وقف يشعر بالغضب والدماء تغلي بداخله بعينين غاضبة مثبتة على أخته وأكمل حديثه بغضب حاد: 


- وهي جالت إكده ليه ما كانت موافجة وچات لحد عندينا تبارك بنفسيها؟ 


رفعت أكتفاها ترد عليه بتوتر وازداد تمسكها بعهد التي كانت تائهة لا تدرى شئ: 


- مخبراش يا حازم هي اللي جالت إكده عشان سي عمران مش موافج على چواز اخوه منيها. 


صاح بعنف وعدم اقتناع مقتربًا منهما يدفعها بعيد عن عهد ممسكًا بشعرها بقوة: 


- سي عمران اللي مش موافج ولا أنتي اللي عملتي حاچة تخليهم يهملومي ويرموكي إكده. 


صرخت متألمة وعادت لواقعها على قبضته القوية متمتمة بصراخ غاضب: 


- أنتَ عتعمل فيا إكده ليه بعِّد عنيّ وهملني لحالي. 


قابل حديثها بصفعة قوية هوى بها فوق وجنتها معقبًا بحدة منفعلًا: 


- اتجنيتي إياك من ميتى وصوت الحريم بيترفع عندينا، أني رايد بجى دلوك أعرف الست فيهمة جالتلك تهملي ولدها ليه، عملتي ايه ولا عرفوا إيه عنيكي. 


لم تهتم بقطرات الدماء التي تسيل من فمها بل نهضت لتقف قبالته بغضب ملتقطة أنفاسها اللاهثة بصعداء وصرخت عليه مرة أخرى باحتدام غاضب: 


- أنت اللي اتچنيت مش أني، أنا محدش يجدر يمسني بحرف واحد فوج لحالك أني خيتك كيف عتجول إكده. 


أنهت حديثها دافعة إياه بقوة إلى الخلف متوجهة نحو غرفتها شاعرة بالاختناق، هل أخوها يفكر بها هكذا فالآخرون ماذا سيقولون عنها؟! كما أن قلبها يريده هو استطاع في ذلك الوقت القصير أن ينال حبها ويجعل قلبها يشعر بمشاعر مختلفة اعتادت عليها في وجوده معها كيف ستُحرم من كل ذلك، هي بعد شهر فقط كانت ستصبح زوجته وفي لحظة واحدة انقلب حال حياتها رأسًا على عقب، تبغض ذلك المتسبب في تدميرها ليحقق ما يريده ويبدي سيطرته على النچع كاملًا.. 


في الخارج تطلعت إيمان نحو زوجها بغضب بملامح ممتعضة وعاتبته على حديثه القاسي معترضة على أفعاله بضيق: 


- كيف تجول ليها إكده أنت خابر زين أن عهد مفيش واحدة في النچع زييها. 


لم يهتم بحديثها ودفاعها الدائم عنها فهدر بها بعنف حاد: 


- لو هي كيف ما عتجولي انتي مكانوش جالولها تعمل إكده. 


تعلم أنها لن تحصل على نتيجة من التحدث معه وسيظل كما هو فزفرت بضيق لاعنة إياه سرًا وسارت من أمامه متوجهة نحو غرفة عهد لتحاول التخفف عنها شاعرة بوجعها.. 


أكمل بهمس بينه وبين ذاته متوعدًا إليها وهو لازال على اقتناع تام لما يدور بداخله: 


-البت ديه عملت حاچة ولازمن اتوكد بنفسي وجتها هكون جابض روحها بيدّي. 


جلس بغضب ووجه مكهفر ولازال بداخله رغبة قوية للتأكد من براءتها مقررًا تنفيذها للقضاء على الشك الذي يدور بداخل عقله عن تحولهم معها هو يشعر الآن بالغضب وخيبة الأمل بعدما بنى العديد من أحلامه الطامعة التي ستُحقق بزواج شقيقته من ابن عائلة الجبالي المدلل لكن الآن كل شئ سار عكس ما كان يريده..


                              ❈-❈-❈


في المساء.. 


دلف حسن المنزل بهدوء مبتسمًا وهو لا يعلم شئ عما فعلته والدته وجد إيمان ترمقه بنظرات حزينة والدموع تلتمع بعينيها فسألها بقلق بدأ يغزو قلبه: 


- في حاچة حصلت ولا إيه عهد مكانتش مليحة لما اتحددت ويايا. 


أشارت إليه بالجلوس مجيبة بخفوت ضعيف: 


- اتفضل اجعد ودلوك عهد هتاچي. 


جلس كما أشارت وهو يشعر بالحنق متذمرًا لما يحدث لكنه ينتظر قدوم عهد ليتحدث معها لم يمر سوى بعض ثوانٍ وخرجت عهد بوجه يملؤه الحزن فاسرع ينهض مقتربًا منها مغمغمًا بقلق: 


- كيفك يا عهد انتي تعبانة ولا إيه شكلك مش زين. 


وقفت أمامه تشعر بالضعف مبتعدة عنه إلى الخلف ولازالت تتحاشى النظر داخل عينيه وردت عليه بحزن مقهور: 


- أني زينة متجلجش عليّ أني كنت فرحانة جوي بچوازنا بس دلوك اتوكدت أنه معينفعش يحصُل كيف هتچوزك كيف واهلك كلياتهم مش موافجين، أني مش إكده ومجدرش أبجى إكده وجولتلك تاچي دلوك عشان اجولك أننا ملناش نصيب مع بعض. 


وقف معقدًا حاجبيه بعدم فهم والصدمة مسيطرة عليه مردفًا بعدم تصديق متعجبًا من حديثها المباغت: 


- إيه اللي عتجوليه دِه! تجصدي ايه بحديتك يا عهد! 


أخرجت جميع الأشياء الخاصة به التي حصلت عليها منذُ أن تمت خطبتهما وتمتمت بضعف عنوة ودموعها تلتمع داخل عينيها المسيطر عليها الشجن: 


- يعني ملناش نصيب وحاچتك أهيه كيف ما هي كاملة، ربنا يوفجك مع واحدة احسن منيّ. 


قبل أن تسير من أمامه لتمنع سيل دموعها الجارف استوقفها صوته الجهوي بعدما غلت الدماء داخل عروقه بغضب يعميه: 


- انتي عتجولي ايه مفيش حد أحسن منيكي ولو فيه معيهمونيش أني رايدك انتي يا عهد يا ست البنات. 


وقفت توليه ظهرها بضعف ودموعها تسيل فوق وجنتيها شاعرة بعدم تحكمها في مشاعرها أمامه فأسرع هو يقف قبالتها ولازال متمسك بها، سألها بهدوء وعينيه مثبتة عليها: 


- انتي مش جولتي جبل سابج انك عتثجي فيا أني هجدر أحميكي ومحدش هيجربلك واصل طول ما أني معاكي وأني عمري ما ههملك. 


انهارت باكية وسقطت أرضًا بضعف متطلعة داخل عينيه لتشعر بصدق حديثه، فأسرع يجلس بجانبها محاولًا أن يجعلها تهدأ وهو يريد ان يضمها داخل حضنه في عناق دافئ قوي يجعلها تعلم بحبه لها لكنه سيفعلها عندما يتزوجها لتنال من نعيم اقترابه. 


ظل يحاول معها حتى هدأت قليلًا ملتقطة أنفاسها بصعداء، فأعاد اشياءها إليها مغمغمًا بجدية وثقة: 


:- خلاص يا عهد بكفياكي بُكا أني عمري ما ههملك واصل مهما حصُل ورايدك انتي كُمان تحسسيني بإكده. 


اومأت برأسها أمامًا عدة مرات، وابتسامة هادئة ولا أروع زينت ثغرها مغمغمة ترد عليه بهدوء من بين دموعها: 


- حـ... حاضر حـ... حاضر يا حسن خلاص مش هجول إكده تاني وهنفضل مع بعض كيف ما رايدين. 


كانت تتطلع نحوه بسعادة تغزو قلبها من جديد مرتبطة بوجوده فبادلها هو الآخر شعورها مؤكدًا على ما يريده: 


- أول الشهر اللي هيهل علينا دِه هتبجي مرتي كيف ما اتفجنا يا ست البنات. 


حاول التحدث معها ليخفف عنها حزنها بعد فعلة والدته القاسية، مقرر عدم تركها بل سيقف ضد الجميع لأجلها. 


سار من المنزل عندما شعر أنها هدأت فوقفت هي تطالع أثره بسعادة وقلبها يدق داخلها بعنف مقررة الصمود أمام الرياح القوية دون أن تهتز بوجوده معها أغمضت عينيها مبستمة بارتياح متجاهلة تفكيرها في مستقبلها مع تلك العائلة وما سيحدث لها بداخلها، هي فقط تتذكر وجوده ودعمه الدائم بتمسكه الشديد لها. 


تشعر بالسعادة تغمر روحها بعد حديثه الذي داوى جميع جراحها وأعاد نبضات فؤادها عجبًا لك أيها العشق الذي سحق عقلها داخل دوامة عاشقة مفعمة بالمشاعر والذكريات سعيدة يجعلها تنسى الواقع بقسوته الطاغية وكأنها ولجت معه إلي عالم آخر لم يسود به سوى العشق. 


                                ❈-❈-❈


اقتحم حسن الغرفة الخاصة بوالدته بوجه مكهفر غاضب طالعته بدهشة لكن سرعان ما علمت أن عهد نفذت ما طلبته منها، حاولت أن تكتم مشاعرها، وأردفت متسائلة بدهشة زائفة: 


- في إيه يا ولدي ايه معكر مزاچك إكده؟ 


وقف قبالتها يرمقها بغضب متوهج، مغمغمًا بتهكم ساخرًا: 


- وإنتي مخبراش يمّا مين اللي عكره عاد!


وقفت أمامه ترمقه بشموخ وأجابته ببرود هادئ ولازالت لم تفصح عما فعلته: 


- وأنت جولتلي حاچة لچل ما اعرف، في إيه يا حسن؟ 


هدر بها بغضب جامح ونظراته يملأها العتاب: 


-جولتي لعهد إنها تهملني وهددتيها من ميتي وإنتي عتعملي إكده. 


شعرت بالغيظ والغضب متوعدة لعهد بعدما شعرت أنها فتاة ماكرة تخطط بدهاء حقًا ليست مثلما كانت تراها لن تتركها تفلت من بين براثنها ولن تدعها تدمر عائلتها ستضعها بين أنيابها القاسية تلتهمها بقسوة لتثأر لعائلتها، أخفت تفكيرها عنه متمتمة ببرود: 


- أني عِملت الصُح واللي كان لازمن يتعِمل بس أنت اللي مشايفش زين نوايا البت ديه. 


دافع عنها بضراوة نافيًا حديث والدته معترضًا بقوة: 


- لاه يمّا أني خابر هي كيف وعشان إكده مجادرش أني اهملها بجولك عاشجها. 


لا تعلم ماذا فعلت تلك الفتاة حتى تتلاعب بقلوب أبنائها وتحظى عشقهما، من الممكن أن يحبها حسن وذلك المتوقع لـكـن عـمران كيف؟!! هو أغلق قلبه من البداية ولم تُخلق مَن تجعله يحبها لا يؤمن بالحب ولم يتحدث عنه يومًا يسير على خطى والده كيف فعلت ذلك وسيطرت على قلبه؟!! حاولت أن تخفي جميع أفكارها حتى لا تتسبب في القضاء على العائلة متمتمة بجدية قاسية: 


-وهي مش ليك يا ولدي وعمرها ما هتُبجى من نصيبك، أني هچيبلك واحدة مليحة تليج بعيلة الچبالي. 


يعلم أنها لم تأتِ بالقوة لذلك تطلع داخل عينيها بمكر مدعي الحزن مردفًا بنبرة مؤلمة: 


- إنتي إكده رايدالي الحزن والوچع، بجولك رايدها معايزش المليحة أني عايز عهد. 


نفت حديثه بتوتر محاولة الدفاع عن ذاتها: 


- ولا عمري أجدر اتمنالك إكده أني رايدة أنت واخوك تبجوا زين وأعمل اللي يعچبك. 


ابتسم بهدوء منتصرًا بعدما استطاع أن يحظى بوقوفها ودعمها بدلاله الزائد فاسترد حديثه مجددًا: 


- خلاص إنتي وافجتي على زواچي منيها الشهر اللي هيهل كيف ما اتفجت مع اخوها. 


حركت رأسها برفض مجيبة إياه بإصرار ولازالت متمسكة برأيها لأجل مشاعر عمران وتهديده: 


- لاه يا ولدي اطلب أي واحدة غير ديه وهتبجى عنديك  بس البت ديه لاه معتدخلش العيلة طول ما أني لساتني فيا روح. 


التقط أنفاسه بصعداء مزمجرًا بغضب مردفًا بضيق: 


- وأني يمّا معتچوزش واحدة غيرها يُبجى حكمتي عليا ويكون في علمك أن عِملتي اللي جولتيه ليها ههمل أني كمان النچع ومحدش هيعرفلي طريج. 


رمقته بغضب ونيران متوجهة بداخلها وحاولت التأثير عليه بصرامتها الغاضبة: 


- عتهددني عاد يا ولد الچبالي من ميتي بجى الحديت ده إهنيه وعتعمل كل دِه عشان واحدة زييها. 


يعلم أنها لم ترضخ سوى بتلك الطريقة فأومأ برأسه أمامًا متبجحًا بإصرار شديد: 


- ايوه عشانها وهعمل أكتر لچل انها تبجى مرتي، لو متچوزتهاش ههمل النچع كيف ما جولتلك، اتمنيلي السعادة اللي مش هطولها غير وهي مرتي. 


وقفت في حيرة شديدة هو الآن أغلق جميع الأبواب أمامها لا تعلم ترضي مَن وكيف ستفعلها؟! تمتمت بخفوت متسائلة وللمرة الأولى التي تشعر أن زمام الأمور تنفلت من قبضة يديها: 


- سعادتك عنديّ بالدنيا كلياتها يا حبيب جلبي، أنتَ جولتلي اتفجت مع أخوها تتچوزها ميتى؟ 


اعتلى وجهه ابتسامة واسعة عالمًا أنه استطاع الوصول لما يريده بالضغط عليها فاحتضنها بسعادة، وأجابها ضاحكًا: 


- أول الشهر اللي هيهل علينا هنفرح كلنا. 


اومأت برأسها أمامًا بتوتر عنوة، فسار هو لتحقيق ما يريده، منتظرًا يوم زفافه منها بلهفة شديدة متمني بقائها معه طيلة حياته  سعيد حقًا يشعر بانتصاره على عمران بعدما سيحصل على ما أراده دون الرضوخ لمطالبه القاسية.. 


                           ❈-❈-❈


بعد مرور يومين... 


في المساء بالتحديد أسفل ظُلمة الليل الحالكة اعتلت طرقات مرتفعة فوق باب المنزل الخاص بعهد قبل أن تفتح إيمان وجدت حازم يستوقفها بجدية: 


-اجفي إهنيه أني اللي هفتح الباب. 


رمقته بدهشة معقدة حاجبيها بعدم فهم لكنها لم تعقب همهمت بخفوت ترد عليه وتركته يفعل ما يريده حتى لا يصيح عليها ويصب غضبه بها مثلما يفعل دومًا.. 


توجه نحو الباب فتحه وسرعان ما ظهر بعض السيدات بملامح وجه حادة قاسية يرتدون عباءة باللون الأسود بالكامل فأشار إليهم بالدخول: 


- اتفضلوا... اتفضلوا هي متلجحة چوة. 


اقتربت منه مسرعة وهمست متسائلة بخفوت شاعرة بالقلق من نظراتهم الغير مبشرة بالخير: 


- حازم إيه اللي چاب الداية عندينا. 


اجابها مفتخرًا بقسوة ليشعر برجولته وحكمه بتلك الطريقة الخاطئة: 


- چيبتهم عشان يتوكدوا من براءة عهد وأنها معملتش حاچة عِفشة كيف ما عتجول. 


طالعته بذهول وعدم تصديق ولكن قبل أن تتحدث وجدته يدفعها بقوة ويحذرها بنبرة حادة يملأها الوعيد: 


-ملكيش صالح إنتي باللي عيحصُل بيني وبين خيتي حتى لو هجتلها بدل ما اجتلك إنتي لو فتحتي خشمك بكلمة واحدة. 


وقفت ترمقه بنظرات يملأها القلق والخوف على ما يحدث لتلك المسكينة على يديهم سينتهكون حقها عنوة، بطريقة بشعة تظل محفورة داخل عقلها لن تُنسى مهما مرّ عليها من الوقت.. 


هُناك جروح لن تُشفى بالوقت وأن اختفت آثارها القوية ستظل ندباتها محفورة بداخل روحنا معلقة بأذهاننا، تذكرنا دومًا بما حدث وتعيده علينا كأنه يحدث الآن. 


لكنها قليلة الحيلة لم تستطع الوقوف أمام زوجها الظالم فيما يفعله مع أخته، طالعته باستسلام وحزن كبير متمنية من ربها أن يحفظها.. 


وجدت عهد مَن يقتحم غرفتها بصحبة أخيها فهبت واقفة بخوف قبض فوق قلبها من نظراتهم المرعبة المصوبة نحوها والتي جعلت جسدها يرتجف كلما يقتربون، تطلعت نحوه متسائلة: 


- فـ... في إيه يا حازم والناس دول چايين إهنيه ليه؟ 


أجابها ببرود بعدما اقتربوا يقيدونها بقوة مانعين إياها من الحركة رغم مقاومتها الضعيفة لهم: 


- چايين يجولولي إنتي لساتك زينة ومحافظة على حالك ولا لاه يا بت أبوي، نهايتك هتُبجى على يدّي. 


بقيت عينيها معلقة نحوه بخذلاتن، وتعالت صرخاتها بضعف شاعرة بالقهر الذي يبدو داخل عينيها وبدأت دموعها تسيل فوق وجنتيها وكأن روحها تُؤخذ منها عنوة، تحاول الفرار من بين قبضتهم القوية لتستطيع التقاط أنفاسها المحبوسة بداخلها من جديد، لكن هيهات هما قد آتوا لتنفيذ مهمة ولن يذهبوا سوى بالتأكد من براءتها كما طلب أخوها منهم فِعل ذلك مقابل المال بسبب ظنه في أفعالها ولن يطمئن سوى بالتأكد من برائتها أو قتلها إذا أثبت عكس ما يريده وصحة ظنونه حولها.. 


يحكم عليها بالموت في كلتا الحالتين أيظن أن بعد تأكده من برائتها ستبقى على قيد الحياة؟! كيف تحيا بعدما سلب منها أنفاسها وقبض روحها بقيود ظنونه الاي التفت حول عنقها وفي النهاية أدت إلى فناء روحها. 


❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈❈-❈-❈


نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو



#الفصل_الخامس 

نيران_نجع_الهوى 

هدير_دودو 


" عيدي لي فؤادي ونبضاته المغرمة التي سُلبت بفتنتك الخلابة 

                               وأعدك بالفراق"


وقفت ايمان تشعر بالحيرة والقلق على تلك المسكينة ذات الصرخات المرتفعة المنتحبة وهي تحاول مع أخيها المتجرد من رحمة والحديث معه يكون عقيم دون شفقة لأحد ،ولم تصل معه إلى نتيجة حتى الآن بعدما أغلق عقله بإصرار على تنفيذ ما يريده.


لم تستطع أن تبقى هادئة تشاهدهم وهم يسلبون روح تلك المسكينة بالقهر، فأسرعت ترتدي عباءتها السوداء واضعة وشاحها فوق شعرها بتوتر وسارت راكضة متجهة نحو أكبر منزل في النجع بالطبع هو منزل عائلة الجبالي في نجع العمدة، كانت تشعر بالقلق مسيطرًا على جميع أوتارها متمنية أن تستطع إنقاذ الأمر والإلحاق بها قبل أن تفقد روحها عنوة، تريد أن تصل إلى حسن مسرعًا حتى تخبره لينقذها من بين براثن أخيها الكاسرة التي ستتسبب في موتها يومًا ما.


كان عمران يقف في الخارج لكنه سرعان ما قطب جبينه بدهشة متعجبًا لحال تلك الراكضة التي جعلت فضوله يزداد ولكن ما جعله يظن بالأمر أكثر هو عندما رآها تقترب من المنزل وكادت أن تدلف استوقفها بذهول بصوته الجهوري الحاد ولازالت ملامحها غير مرئية لديه:


-اجفي عنديكي يا ست إنتي هو مفيش حاكم إهنيه.


وقفت متصنمة مكانها بخوف مسيطر على هيئتها لكنها حاولت التخلص منه مسرعًا مقتربة منه بخطى متعثرة وقبل أن تخبره عن ذاتها كان هو مثبت بصره نحوها مضيق عينيه بتفكير محاولًا أن يتذكرها شعرت بقلبها يهوى بداخلها فتمتمت بتوتر:


- أني إيمان يا سي عمران مرت أخو عهد اللي هتبجى مرت اخـ..


قبل أن تواصل حديثها قطعها هو مزمجرًا بغضب حاد لكن سرعان ما سيطر عليه بعدما سيطر القلق ينهش في قلبه المغرم عندما فكر في سبب قدومها هاتفًا بلهفة وقلق:


- وإيه اللي خلاكي تاچي إهنيه في الوجت ديه عهد فيها حاچة؟


سألها بخوف لم يشعر به سوى عندما يتعلق الأمر بها مما جعلها تشعر بالدهشة من نبرة صوته القلقة التي ظهرت عنوة عندما فقد السيطرة على مشاعره الحبيسة بداخله، لكن سرعان ما اجتازتها متذكرة ما يحدث بها في قبضة أخيها القاسي فأجابته متمتمة بضعف خافت:


- هـ.. هو حازم أخوها چايب الداية لچل انها تكشف على عهد، وبيجول أنها وجعت في الغلط وأني كنت چاية لسي حسن عشان يلحجها جبل ما يحصل فيها إكده. 


شعر بالغضب عندما استمع إلى حديثها متوعدًا لكل مَن يتسبب في أذى لها، أسرع في طريقه نحوها بقلق خوفًا من أن يُرتكب بها تلك الجريمة المميتة في حقها والتي ستقضي عليها، توجه إلى منزلها بأقصى سرعة ممكنة،

وكل ما يأتي في ذهنه صورتها وما يريد أن يفعله ذلك الوغد بها.


في النفس الوقت... 


كانت عهد تقف تطالع أخاها بنظرات يملأها الذهول والصدمة المسيطرة عليها ألجمت لسانها تشعر بالخزى من أقرب الناس إليها مَن كان من المتوقع حمايتها وسندها هو أول مَن طعنها ويساهم في قتلها، تمتمت تعاتبه بخفوت:


- أنت رايد تعمل إكده في خيتك يا حازم چايب الداية ليه، أنتَ خابر زين أني كيف..أني زينة البِنتة كُلياتها في النچع إهنيه. 


لم يبالي بحديثها بل أجابها بدون اقتناع متبجحًا بقوة: 


- لو إنتي كيف ما عتجولي خايفة ليه إكده خلي الست حليمة تكشف عليكي وتطمن جلبي. 


انكمشت على ذاتها هاربة برعب وتوجهت نحو نهاية الغرفة التي تود الفرار منها، تقف بأحد زواياها منكمشة على ذاتها بقدمي مرتعشة، شاعرة بفقدان روحها، حاولت أن تقنعه بضعف للتراجع عن جريمته الشنيعة في حقها:


- أني مش خايفة أني واثجة من حالي وعمري ما اعمل اللي عتجوله واصل بس أني مجدرش اتحمل اللي بدك تعمله فيا ياخويّ. 


كانت متأملة أن يقتنع بحديثها ويتركها دون أن يكسرها لكن هيهات فالغضب قد ملأ أوداجه لم يستمع إلى شئ ولم يتراجع، اقترب منها بخطوات غاضبة وصفعها بقوة معقبًا على حديثها بعنف محتدم:


- لو معِملتيش حاچة معتخافيش إكده يلا جدامي خلينا نتوكد من اللي عيدور براسي وجتها مهاسميش عليكي هجتلك والله.


قبض فوق ذراعها بعنف قبضة حديدية وجرها خلفه قابضًا فوق شعرها بشدة ودفعها بعنف فوق الفراش غير مُبالي بصرخاتها المرتفعة، فأسرعوا السيدات يقتربون منها يقيدون يديها مانعين حركتها منتهزين الأمر ليتمموا ما آتوا إليه..


كانت تشعر بقلبها يُقبض بداخلها وكأن هناك مَن ينزعه عنوة دون رحمة، هي لم ترتكب ذلك الخطأ لكنها ستُعاقب على ظنون أخيها الكاذبة بسبب أحاديث أهل النجع عنها، أين ذهب العدل والرحمة لتجد مَن يدفع الظلم عنها ويجعلها تسير في النور مبتعدة عن ظلمات ذلك الوغد القاسي..! 


تطلع نحوهم بأعين يملأها الشرر مغمغمًا باحتدام غاضب: 


- ههملكم برة لچل ما تتوكدوا من طهارتها وتچييولي البِشارة. 


صاحت بعنف متوسلة مانعة إياه من الخروج وتركها بمفردها فريسة بين براثنهم يفترسونها دون رحمة وينتهكون براءتها:


- لاه يا حازم متهملنيش وياتهم دِه أني خيتك متعملش فيا إكده أحِب على يدّك. 


اعتلت صرخاتها أكتر حتى اختفى صوتها، لم يصدر منها سوى أنين خافت من بكائها وهي ترتعش برجفة قوية تسير في سائر جسدها.


وقف شقيقها على أعتاب الغرفة وقبل أن يغلق بابها وجد مَن يقتحم باب المنزل بقوة ويقف بشموخ يرمقه بنظرات غاضبة مثبتة نحوه بتوعد واقترب منه دفعه إلى الخلف صائحًا بصوت جهوري حاد هزّ أرجاء الغرفة الصغيرة:


- انتو عتعملوا ايه اتچنيتوا إياك، إيه اللي رايدين تعملوه ده يلا هملوا المكان إهنيه واتجوا شري والله في سماه اللي هياچي إهنيه لچل اللي كنتوا عتعملوه تاني لأجتله بيدّي.


هبت مسرعة مبتعدة عن الفراش حامدة ربها على إنقاذها  متطلعة نحو حازم بخذلان وضعف لكنها سرعان ما زجرت ذاتها لتحافظ على حالتها القوية هي ليست ضعيفة بل قادرة على تحدي شخص مثله يجلب لها الخزى والحزن لمجرد أنها أخته.


اقترب عمران منه هو الآخر وبنظرات غاضبة يملأها القسوة والتوعد مسكه بطرف جلبابه يهزه منه بعنف صائحًا بحدة وخشونة:


- اتچنيت إياك عشان تعمل إكده فيها، خيتك عهد زينة البِنتة كيف تفكر تعمل إكده الله في سماه رايد اجتلك واتاويك مطرحك عاللي عتعمله دِه. 


حاول حازم دفعه ليبتعد عنه لكنه لم يستطع بسبب قوته الغاضبة كان يرتجف بين يديه وحاول أن يشرح له الامر بنبرة يملأها الخوف:


- يـ... يا سي عمران البت عهد بجت تعمل حاچات عِفشة ومعاجبنيش حالها ولچل إكده رايد اتوكد انها زينة واكسر عينها شويّ محدش بجى جادر عليها واصل. 


قبل أن يتحدث عمران ليرد عليه تخلت هي عن صمتها وصاحت به غاضبة بنيران مشتعلة ترمقه باذدراء وضيق: 


- ما عاش ولا كان اللي يجدر يكسرني  وأنت ملكش صالح بيا من دلوك اللي ميعرفش يحافظ على اهله كيفك إكده ملوش حديت وياهم من تاني. 


جن جنونه من حديثها المتبجح وإهانتها له الذي تفوهت بها دون خجل أمامه فصاح غاضبًا متوهج بدماء تغلى داخله:


- طلعلك حِس دلوك مخبراش إني اجدر اعمل فيكي ايه. 


ضغط عمران فوق وجهه بقوة جعله يلتفت نحوه مجبرًا وأجابه بحدة متوعدًا:


- اسمع حديتي وفكر فيه زين اللي كنت رايد تعمله ميحصُلش لا دلوك ولا بعد إكده خيتك زينة والنچع كلياته خابر إكده ومهتعملش ليها حاچة وأني مبجولش حديتي مرة تانية. 


اومأ براسه أمامًا بنظرات تملأها الرهبة والخوف من غضبه المعروف بين الجميع فدفعه عمران بقوة إلى الخلف وعينيه تتطلع نحوها يراها وهي تجفف آثار دموعها العالقة في عينيها ملتقطة أنفاسها بصعداء. 


أسرعت تجذب وشاح من اللون الأسود واضعة إياه فوق رأسها لتخفي شعرها من أمام عينيه، وبادلت نظراته بتحدٍ غاضبة والشرر يتطاير من عينيها متمتمة بشراسة تتخذها قناع لتخفي ضعفها:


- مش هجولك حاچة ولا اشكرك عاللي عملته ويايا لان ده واچبك، وهو كان عيعمل إكده فيا بسببك بعد ما جولت للسِت فهيمة تجولي اهمل النچع وحسن.


كان يستمع إلى حديثها مبتسمًا لطريقتها القوية التي تواجهه بها معجبًا بها، لكنه قطب جبينه بدهشة وتغيرت ملامحه تمامًا، مستمعًا لحديثها الأخير بعدم فهم لكنه لم يسألها أجابها ببرود: 


- أني معستناش من واحدة زييكي حاچة بعمل إكده لچل اني كَبير النچع ودِه واچبي ولا مخبراش إكده. 


تافأفت بغضب عالمة أن حديثها معه لن يعود عليها بفائدة فتمتمت بتوتر ونبرة خافتة تؤيد حديثه عنوة:


ـ لاه خابرة ومجدرش أجول غير إكده يا سي عمران يا كَبير النچع. 


اولته ظهرها بغضب ناهية حديثها العقيم مع شخص مثله لم ترَ منه سوى القسوة، تلك هي المرة الوحيدة التي يفعل معها خير لكن غير ذلك هو المتسبب في تدمير حياتها وإعاقة زيجتها بمَن أحبت بسبب استبداده في تحقيق ما يريده وإثبات قوته وهيمنته على الجميع بنفوذه الحادة في النجع.


رمقها بغضب عالمًا مدى كرهها له وكيف تفكر به، لكنه لم يهتم بذلك هو سيجعلها ملكه أن شاءت أو أبيت لم تعلمه ولم تعلم مدى إصراره في تنفيذ عهوده، والتي أصبحت هي أهمهم، لا يعلم ماذا فعل لها ليلقى ذلك الكره الكبير الذي يعتصر قلبه ويؤلمه، هي الوحيدة التي تؤثر به بجمالها الخلاب الذي أسر فؤاده منذُ أول وهلة ونظرات عينيها الفاتنة التي تبرز عن كرهها له بوضوح فيسيطر عليه حالة من الحزن لا يستطيع البوح بها.


سار خارج المنزل بخطوات واسعة ووجه مكهفر اعتاد ظهوره مع الجميع القى نظرة سريعة نحو حازم مغمغمًا بتوعد:


- اوعاك تفكر تكرر عملتك المجندلة ديه تانيّ الله في سماه لهكون جاتلك بيدّي انت خابر زين كلمة عمران الچبالي سيف على رِجَاب الكل. 


خرج بغضب لكن استوقفته إيمان التي تمتمت بهدوء:


- تشكر يا سي عمران منتحرمش منيك.


أجابها بثقة وملامح متزنة:


- ده واچبي، متجلجيش هي زينة دلوك محصُلهاش حاچة.


خرج مسرعًا وصورتها لم تفارق ذهنه، بوجهها الهزيل الخائف وعينيها الدامية من فرط البكاء، خصلات شعرها المتناثرة خارج وشاحها متنهدًا بغضب حاد عندما تذكر بكاءها المنتحب أسفل يديهم مترجية ذلك الوغد ألا يتركها وهو في النهاية قابل ذلك ببرود قاسٍ دون الالتفات لها. 


أسرعت إيمان متوجهة نحو غرفة عهد المغلقة لتطمئن عليها لكن قبل أن تدلف وجدت مَن يقبض فوق ذراعها يمنعها صائحًا بغضب:


- إنتي اللي عملتي إكده فكراني هسكت إياك عتكسري حديتي وتنفذي اللي رايداه إنتي وهي. 


تألمت بين قبضته متأوهة بضعف، وتمتمت بتوتر خائفة:


-أ... أني مجصدش اللي عتجوله أني بس كنت رايدة الحجها من اللي بدك تعمله فيها وانت خابر زين أن عهد معتعملش اللي عتفكر فيه. 


لم يبالِ بحديثها ولم يعطيه اهتمام وقد سيطر شئ واحد على تفكيره العقيم أنها عصت أوامره دون رهبة متخطية جميع الحدود فهوى فوق وجنتها بصفعة قوية أطاحتها أرضًا بعنف صائحًا بقسوة وصوت جهوري حاد:


- وإنتي مين لچل انك تجرري حاچة كيف ديه، مفكرة حالك مين إهنيه، المرَا اللي تكسر حديت چوزها ومعتسمعهوش تستاهل الحرج ودِه اللي هعمله فيكي دلوك. 


انكمشت فوق ذاتها ارضًا متألمة ولم يصدر منها سوى آنين خافت معلن بكاءها وهي تحت تأثير صدمتها لما فعله بها، لم يهتم لامرها بل أسرع يجرها من خصلات شعرها خلفه بقوة وركلها بقدمه بعنف مردفًا بغضب: 


- بدك تبيني أني مليش كلمة عليكي ومش عارف أحكمك إياك ،لاه فوجي لحالك يا إيمان ده أنا اجدر على كسر مية واحدة من صنفك العِوچ ده. 


اعتلت صرخاتها المتألمة بضعف مترجية إياه بخفوت والخوف سيطر فوق قلبها:


- خـ... خلاص خلاص يا حازم هملني مكنتش اجصد اللي عتجوله ده والله. 


لم يهتم بتوسلاتها وهو يصب غضبه من تهديدات عمران الصارمة بها،المتسببة في إتيانه لإنقاذ عهد مما كان سيفعله بها:


- لاه تجصدي بدك تجولي إنك بتتحديني وده نتيچة للي عتعمليه. 


استمر ضربه المبرح لها بقسوة تعميه عن رؤية حالتها الضعيفة وبكاءها المستمر برجاء معتذرة إليه عدة مرات عن فعلتها الصائبة بصوت منتحب باكٍ:


- أني اسفة مهعملهاش مرة تانية من دلوك والله ما هعمل حاچة تخليك تاخد على خاطرك منيّ. 


أسرعت عهد تخرج من غرفتها على صوت صرخاتها شاعرة بهلع والخوف عليها موبخة ذاتها على عدم خروجها مبكراً لكنها كانت في دنيا أخرى تفكر بضعف فيما حدث لها، لم تعلم أنه يفعل هكذا بتلك المسكينة أسرعت تحاول إبعاده عنها وتدفعه بقوة صائحة بغضب:


- بعِّد عنيها هملها،اوعى إكده أنت رايد إيه منيها. 


ترك إيمان وتمسك بها بغضب متوعد لها رافعًا يده عاليًا إلى أعلى ينوى صفعها صائحًا بغضب: 


- إنتي اللي عتشوفي حالك على راچلك وراچل البيت إهنيه ولازمن اكسرك كيف ما كنت هعمل.


قبل أن يصفعها تمسكت هي بيده بقوة مبتعدة عنه إلى الخلف، ترمقه بنظرات محتقرة مشمئزة كونه أخيها وردت عليه بقوة متبجحة به دون خوف:


- لا عاش ولا كَان اللي يجدر يكسرني أني شوكتي جوية مش كيفك ،وراچل بيت ايه أنت مصدج حالك إياك. 


رمقته محتقرة بضيق واستكملت حديثها الغاضب مرة أخرى عندما تذكرت كلماته:


- وده مش بيتك اصلا ده بيت اميّ وسايباه لبتها مش ليك شكلك نسيت انك بعت بيت ابونا من غير ما تجولي يا عيب الشوم عليك ،كيف راچل أنت عتجدر بس على حرمتك وتعمل فيها إكده. 


رمقها بغضب مشتعلًا لكنه لم يستطع فعل شئ لها لم تنتظر هي حديث من شخص مثله وأسرعت مقتربة من تلك الملقاه أرضاً تلعن حظها السئ الذي دفعها للزواج بذلك الشخص الفاقد لمعالم الرجولة ساندتها بضعف للجلوس وتمتمت بغضب وهي تطلع نحوها بحزن لما تفعله تلك الفتاة مع أخيها تلذي لم يقدر كل ذلك:


- إنتي اللي غلطانة ان لساتك مكملة معاه، اللي كيف إكده ميتعاشرش ياخيتي جولتلك همليه متجعديش معاه الله يشندل حاله. 


تحدث صائحًا بغيظ ضاربًا الطاولة بقوة: 


- اتحشمي واعدلي حديتك عتجويها عليا إياك، بدك تخربي بيتي بيدّك كيف ما أمك عملت مع أميّ. 


انهى حديثها ورمقها منتصرًا، فقابلت حديثه بغضب منفعلة عليه بضيق:


- اخرس خالص جطع لسانك، سيرة أميّ متچيش على لسانك العفش ده، أبوي مهمل أمك مش جبل چوازه من أمي بكَتير وأنت خابر إكده معتجولش الكدبة وتصدجها كيف البهايم. 


اقترب منها غاضبًا، لكنها قابلت نظراته بتحدٍ دون خوف ودفعته بعنف مبتعدة عنه، جعلت إيمان تستند عليها مربتة فوق ظهرها بحنو متوجهة نحو غرفتها 

صافعة الباب خلفها بعنف ملتقطة أنفاسها بصعداء، وتوجهت بجانب إيمان محاولة التخفيف عنها قليلًا مربتة فوق ظهرها بحنان:


- متجلجيش هتبجي زينة، ربنا ياخده وريحنا منيه. 


أنهت حديثها وعانقتها بضراوة مبتسمة لوجودها معها دومًا بعدما حُرمت من وجود شقيقة لها وتوفت والدتها، تركتها تصارع قسوة الحياة وصرامة النجع التي تعيش به لم تتلقى يومًا الحنان من أحد سوى من حسن مما جعلها لم ترى سواه ولا تريد رؤية شخص غيره متذكرة لهفته وقلقه الشديد عليها، مبتسمة بسعادة لاقتراب موعد زواجها به... ستبدأ حياتها معه بعد نجاحهما في تخطى جميع العقبات التي واجهتهما.


قلبها يطير فرحًا متذكرة نظراته نحوها وحديثه الملئ بالعشق الذي يغمرها به دومًا لم تندم يومًا على حبها لشخص مثله، تخشى أن تفقده بعدما تعلق قلبها به وأصبحت عاشقة له بالرغم تحفظها بمشاعرها داخلها ولم تبوح له بها منتظرة إتمام زيجتهما ،لكن ذلك لم يمنع ضراوة العشق الذي يسير بأوردتها وبين قلبها، تريد أن تشكو له حزنها والآمها أيضًا لكنها لم تستطع ستنتظر حتى تجتمع معه لتبوح له عما داخل قلبها وتحظى بنعيم عشقه..


                           ❈-❈-❈


كان عمران يجلس في غرفته متنهدًا بحرارة ولوعة لم يكن يعلم أن العشق نيرانه قاسية إلى هذا الحد لم تخمد يومًا منذُ أن عشقها لا يعلم من أين يشعر بتلك القسوة منها أم من قلبه الذي تعهد بنيل عشقها بعدما أصابته بسهامها التي أصابت قلبه الأليم دون رحمة، كانت حادة معه فأصابت قلبه بقوة جعلته يُحيي مشاعر خامدة صارخًا بعشقها واحتياجه لوجودها لينعم بدفء وعشق لم يشعر به من قبل.. 


لا يعلم ماذا فعلت لتصيب أعتى الرجال بنيرانها وتتلاعب بمشاعره كما تريد متجاهلة وجوده تمامًا تحب غيره وتصارع من أجل الاقتراب بغيره، تلك الحمقاء متجاهلة مَن يصارع لأجلها ويتمنى اقترابها.


أغمض عينيه بقوة وصورتها تجمعت داخل ذهنه صورة لها بملامحها الهادئة التي لم تنزح لوهلة واحدة عن عقله الملئ بذكرياته القليلة معها.. 


تذكر حديثها عندما ذكرت ما فعلته والدته وبدت ملامحه متعجبة لما استمع إليه فسار بشموخ واثقًا نحو غرفة والدته اقتحمها غاضبًا بحدة نهضت والدته واقفة أمامه متسائلة بغضب مصحوب بالدهشة التي بدت فوق ملامح وجهها:


- وه في يا ولدي من ميتى وأنت عتدخل إكده؟ 


اقترب منها بنظرات غاضبة كالسهام النارية الملقاه بدقة لتعلم هدفها وبصوت جهوري حاد أجابها:


- من وجت ما بجيتي معملاش حساب ليا ويتجللي منيّ لچل تعملي اللي رايداه وناسية أني الكَبير إهنيه ولازمن كل اللي بيحصُل ابجى خابره. 


قطبت جبينها وقد ازدادت دهشتها لكنها تمتمت بجدية لعدم رضاها عن طريقته معها:


- أنت خابر زين أن بعملك حساب في النچع كلياته بس اللي ميصحش بچد أنك تجف وتتجدت ويايا بالطريجة العفشة ديه.


رمقته بغضب هي الأخرى تبادله نظراته وأكملت حديثها متسائلة مرة أخرى بحزم:


- ايه لللي حصُل لچل إنك تعمل إكده وتجف جدامي تحدتني إكده؟


ألقى حديثه مرة واحدة بغضب مشددًا فوق أحرف كلماته بحزم:


- لما تروحي لواحدة من أهل النچع عشان تهدديها تهمله أو هتطول أذيتك يبجى لاه عملتي يا أمّا مش جادرة على ولدك فتجدري عليها وناسية أن في كبير إهنيه يجف جدام اللي يخطر على باله يأذي أي حد في نچع. 


مصمصمت شفتيها بعدم رضا متوعدة إليها تلك الماكرة تتلاعب بالنار وتفسد علاقة الأخوة وها قد وصلت لمبتغاها، فأجابته باحتدام قاسٍ:


- وأنت ولدي يعني لازمن تجف جدامي وتتحدت مليح مش كيف ما بتعمل دلوك، البت ديه لازمن تهمل النچع عشان ولاد الچبالي يعاودوا كيف ما كانوا وأني هعمل إكده مش البت ديه اللي هتهد العيلة. 


رمقها بتحدٍ غاضب والشرر يتطاير من عينيه الحمراء مقتربًا منها أكثر بجسد متشنج وثار عليها بغضب منفعلًا وقد برزت عروقه بوضوح عاكسة مدى الغضب:


- وأني جولت أنها مش هتهمل النچع وما عاش ولا كان اللي هيكسر حديتي يا أمّا ولا أنتي عتشوفي غير إكده. 


اولته ظهرها بتوتر ملتقطة أنفاسها بصعداء وتمتمت بتوتر: 


- معيتكسرش يا ولدي، وأني مجولتش اني هكسره لو البت ديه هتفضل إهنيه يبجى هتتچوز اخوك كيف ما اتفج وِلد الچبالي مش هيعاود في حديته كيف ما بسمع حديتك يبجى تسمع لاخوك. 


ظهر الوجع المكبوت في قلبه داخل عينيه كيف يوافق أن تكون لغيره وهو على استعداد لقتل مَن يقترب نحوها كيف يوافق للتنازل على قلبه؟! هل حقًا من الممكن أن يعيش أحد دون قلب!.. هي عهد على قلبه كيف يخبرونه أن يتنازل عنها ويبتعد عنها دون أن يفهم أحد أن حياته متوقفة على وجودها معه.


لا أحد يشعر بما بداخله يتعاملون كأنه حجر لا يشعر متنسايين مشاعره لأول مرة يتمنى اقتراب ووجود أنثى، ولا أحد يعطي لذلك اهتمام هناك براثن قوية داخل عقله تجعله يستشيط غضبًا يدفعه للتدمير الجميع، كما أن بداخل قلبه وجع ونيران كادت الفتك به وتدمير ذاته.. 


أغمض عينيه بقوة ضاغطًا عليهما بغضب وسار بوجه مكهفر غاضب خارج الغرفة والمنزل بأكمله لا يعلم أين يذهب لكنه لا يجد مكان ينعم فيه بارتياح وسعادة يود الهروب من النجع بالكامل حتى لا يراها وهي مع شقيقه معًا لم يشعر سوى بالشقاء والحزن الذي لم يترك قلبه منذ أن عشقها.. 


لكن السؤال الأهم هو هل سيصمت ويراها بجانب شقيقه بثوبها الأبيض الذي تمنى رؤيتها به أم سيدمر الجميع ويتحداهم للحصول عليها عنوة وتنفيذ عهده الذي طال؟! 


                                ❈-❈-❈


بعد مرور يومين.. 


كانت عهد تقف أمام منزل الجبالي بعدما طلب منها حسن أن تأتي لتحسين علاقتها مع والدته مرة أخرى، ملبي رغبتها كما طلبت منه ليجعلها ترضى عنه وتنحاز معه ليستطيع الوقوف أمام براثن عمران الغاضبة مستند عليها لتدعمه دومًا فيما يريده وأهمهم الحصول على عهد، بالزواج منها والإجتماع بمَن اختارها قلبه.. 


تطلعت نحو المنزل برهبة كبيرة مسيطرة على قلبها المرتجف خوفًا مما ستتلاقاه بإجتماعها بهم بعدما علمت نوايا تلك العائلة نحوها، رأت معاملة فهيمة التي تحولت تمامًا معها لكن لم يكن لديها حل آخر التقطت أنفاسها بصعداء مستمتعة بالهواء النقي خارج المنزل، ثم سارت إلى الداخل بخطوات متعثرة يملأها التردد. 


أسرع حسن مقترب منها مرحبًا بها، ويغازلها بابتسامة هادئة:


- نورتي السرايا كلياتها وجلب صاحبها كُمان يا ست البنتة. 


ابتسمت شاعرة بنسيم هادئ يجعل قلبها يرفرف عاليًا وأجابته بخجل خافت:


- بس يا حسن أنت خابر أني مجدرش عالحديت دِه واصل، جلبي بيجف اول ما بتجوله. 


قهقه عاليًا وعينيه تتطلع نحو هيئتها الخجلة بوجهها ذو اللون الأحمر أثر كلماته وأجابها بلهفة عاشق:


- لاه بعيد الشر عنيكي إنتي وجلبك، ده أني إكده اللي مجادرش على حديتك. 


سارت معه نحو الداخل مبتسمة وعقلها يعيد عليها كلماته المعسولة التي تشفي قلبها من جاحه وتداوي ندباته، لتسعد روحها وتعيد ضحكتها مرة أخرى مزينة وجهها. 


ولجت حيثُ يجلس الجميع رأت فهيمة تجلس بصحبة نعمة موجهين نظراتهم نحوها بهيئة غاضبة معلنة رفضهم لوجودها في المنزل، لكنها حاولت ألا تشغل عقلها بالتفكير في أمرهم ستحاول أن تجعل الأمر يمر بسلام على الجميع بالتودد إليهم بهدوء وطيبة قلب؛ لتحصل على الهدوء والإرتياح وذلك ما ستعتاد عليه في حياتها القادمة في ذلك المنزل.


التقطت أنفاسها بصعداء وهي تشعر بالتوتر يضرب قلبها المرتجف بعنف، وتمتمت بهدوء مبتسمة عنوة بإجبار:


- كيفك ياست فهيمة إنشالله تكوني زينة. 


مصمصت شفتيها بعدم رضا وأجابتها بحدة:


- مليحة عجبال ما تبجي كيفي وتدوجي النار اللي دايجاها دلوك. 


أشاحت ببصرها مبتعدة عنها بعدما فهمت مغزى حديثها، وما تريد أن تصل إليه وتحدثت باقتضاب: 


- كيفك يا ست نعمة. 


امتعضت ملامحها بغضب وأجابتها بتكبر متوعدة إليها:


- زينة مش كيف ما رايدة. 


لم تعقب على حديث كل منهما بل جلست صامتة تفرك يديها بتوتر تود الإنطلاق هاربة خارج المنزل بما فيه، والفرار من نظراتهم النارية المصوبة نحوها التي تلهبها بضراوة وهم يشاهدونها ببرود.


لكن الأمر اختلف تمامًا عندما رأت الذي عاد يقف أمامها بشموخ، والذهول فوق ملامحه متعجبًا لوجودها لكنه حاول السيطرة على ذاته متحكمًا بقلبه ومشاعرة الضارية التي تغمره وتدفعه للإقتراب منها يود الاستمتاع بنعيمها حتى وأن كان سيقف ضد الجميع.


يتمنى لو أن يجد شئ واحد داخلها يخبره باحتياجها إليه

دون رفض، سيحارب الجميع لأجلها لأجل الحصول على نظرة واحدة سعيدة داخل عينيها الممتلئة بالحزن، لكن تلك الحمقاء لم تعطِ لمشاعره أي اهتمام متجاهلة وجوده وعشقه لهاؤ تظن أنه سييأس ويبتعد عنها لم تعلم أن رغبته حولها ستزداد ليستطع امتلاكها عنوة وينتصر على الجميع أولهم هي.


خشيت من نظراته المصوبة نحوها فانكمشت فوق ذاتها برعب ورهبة تملأ قلبها الخائف وقف حسن أمامه يرمقه بتحدٍ غاضب مغمغمًا باحتدام شديد:


- إيه ياخوي اجعد مفيش حد عندينا من برة دي مرت أخوك دلوك.


شدد فوق كلمته الأخيرة عن عمد علمه عمران جيدًا، فأجابه ببرود يخفي خلفه غضب جامح يستطيع تدمير النجع كاملًا بنيرانه المشتعلة ولم تخمد لوهلة واحدة:


- لساتها مبجتش مرت أخويّ يا حسن، شكلك مخابرش اللي ممكن يحصُل جبل ما تبجى مرتك.


امتعضت ملامحها بتوتر خوفًا من تهديده عالمة أنه يستطيع تنفيذ ما يريده دون النظر لما يريد الجميع، النجع كاملًا يعلم أن راحة عمران الجبالي هي الأهم ويأتي بعدها أي شئ آخر لكنها كيف تجعله يشعر بالارتياح مقابل تعاستها وحرمانها من حبيبها. 


اقترب حسن منها مربتًا فوق يدها بحنان معقبًا بهدوء ليهدئ من روعة قلقها الذي بدا منعكس فوق ملامح وجهها الخائف بذعر:


- متجلجيش عمر ما في حاچة هتجدر تفرج بيناتنا وتبعدني عنيكي يا ست النچع كلياته، عمري ما هجدر اهملك واصل.


أسرعت تجذب يديها مبتعدة عنه بخجل وتستمع إلى دقات قلبها المتفاوتة بأذنيها، أغمضت عينيها ضاغطة فوقهما بقوة لا تعلم أتفرح مستمتعة بنسيم كلماته العاشقة والتي تجعل قلبها يتراقص فرحًا لاستماعهم أم تحزن وتخشى رد فعل الذي يقف يرمقها بغضب متوعدًا

لها خاصة أنها تخشاه وتخشى أذيته لن تريد أن تتلاقاها منه؟


لم تستطع أن تظل صامتة بعد حديثه فتمتمت بخفوت وصوت خافت متمنية ألا يصل إلى مسامعه: 


- ربنا يخليك ليا وما يحرمني منيك واصل. 


قطعت نعمة حديثها بغل زاجرة إياها بعنف غاضب:


- اتحشمي، واجفي زينة إكده بلاها حديت ماسخ، ويلا عشان الوكل چاهز الوكل بيحضر إهنيه أول ما الكبير بياچي. 


اومأت برأسها أمامًا بتوتر عندما رأته يطالعها بهيئة مخيفة سحبت أنفاسها فسارت صامتة حيث سار الجميع وجدت حسن يشير إليها بالجلوس بجانبه فابتسمت منفذة ما يريده، همس بنبرة سعيدة مبتسمًا:


- ايوة إكده رايدك چاري طول الوجت. 


ابتسمت بخجل متلعثمة ولم تستطع الرد عليه اكتفت بهمهمة بسيطة خرجت بصعوبة من فاهها المبتسم ببلاهة:


- وأني چارك وعمري ما ههملك. 


التمعت عيني نعمة بالحقد فصاحت بغضب وغرور تود أن تكسرها وتهينها أمام الجميع:


- جولتلك اتحشمي واحترمي حالك والوكل اللي جدامك ده انتي معتشوفيهوش عنديكم. 


ابتعلت تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها، ولم تستطع الصمت بالرغم أنها رأت حسن يحاول معها لتهدأ لكنها لم تستطع رمقتها بتحدٍ غاضبة وعقبت على حديثها بقوة مشددة عليه:


- لاه أني بشوفه كَتير الوكل ده آخر جاچة افكر فيها مش أني اللي هعمل إكده، أني عيني مليانة جوي يا ست نعمة. 


اغتاظت من ردها ولم تستطع التحكم في غيظها فصاحت أمامها بغضب:


- انتي جليلة الرباية والحيا اللي كيفك منسمعلوش حس ولا نفس مش عتجفي تردي على أسيادك من غير حيا، ولا عتنسي حالك إياك. 


التمعت الدموع داخل عينيها لكنها تحكمت بهم جيدًا لن تسمح لأحد أن يرى ضعفها ليشعر بانتصاره، فهبت واقفة بغضب ترمقها بعدم رضا متمتمة بحدة:


- أني برد على الغلط يا ست نعمة ولاه معنساش حالي، بس إنتي اللي عتنسي حالك وواجفة تهيني واحدة من أهل النچع كُمان. 


قبل أن تتحدث نعمة مرة أخرى لتستكمل إهانتها، هب عمران واقفًا قبالتها مغمغمًا بخشونة جادة:


- وكَبير النچع موچود وحجك هيوصلك يا عهد. 


تابع بصره نحو عمته بنظرات مشتعلة غضبًا مغمغمًا بجدية قاسية:


- اعتذري منيها يا عمة عاللي حصُل، هي مجالتش حاچة عِفشة عشان تعملي معاها إكده، ولو عِملت برضك محدش إهنيه بيجول حاچة غيري.


نهضت فهيمة مسرعًا معترضة على حديثه بنيران غاضبة مشتعلة،ترمق بها عهد وتود احتراقها بغل وغيظ كبير:


- ايه اللي عتجوله ده يا عمران دي عمتك يا ولدي بدك نعمة الچبالي تعتذر لواحدة كيف عهد اعجل حديتك أومال. 


صاح أمام والدته بحدة ضارية ولازال لديه إصرار كبير على تنفيذ ما قاله خاصة عندما علم بشعورها بالإهانة ودموعها الذي استطاع رؤيتهم، مهما حاولت أن تخفيهم عن الجميع ليس هو مَن يُخفَى عليه شيء:


:- لاه متچنيتش بس نعمة الچبالي كيف ما عتجولي غلطت ولازمن اللي غلط يتحاسب يمّا وأني مهعملهاش حاچة غير انها تعتذر من اللي غلطت فيها عهد أو غيرها في النچع محدش يجدر يهينهم طول ما أني حاكمه.


تطلعت فهيمة نحو حسن بغضب، فخشي أن تلغي أمر زفافه ويعود رفضها كما كان، أسرع يقترب من عهد متمتمًا بتوتر: 


- خلاص يا عهد محصلش حاچة عمتيّ متجصدش تزعلك. 


أكمل حديثه هامسًا بخفوت:


- لچل خاطري عنديكي هملي الأمر كن مفيش حاچة حصلت، نتممُ بس چوازنا وبعدها أني هعاودلك حجك. 


تنهدت بصوت مرتفع حزين واومأت إليه برأسها أمامًا عنوة، ستفعل ذلك لأجله بالرغم من إهانتها مثلما فعل هو لأجلها العديد، لكن قبل أن تتحدث أردف عمران بغضب:


- أني جولت اللي هيحصُل الأمر مش عهد تسامح أو لاه، أني شوفت غلط ومعينفعش اسامح عليه إكده يلا يا عمة.


تأفأفت بغضب معترضة وغمغمت مجبرة تنفذ ما يريده:


- خلاص يا عهد محصلش حاچة متاخديش على خاطرك منيّ، مكنش جصدي ازعلك إكده. 


ابتسمت برضا متطلعة نحوه بسعادة لكن سرعان ما عبس وجهها عندما رأت نظراته المصوبة نحوها على الرغم من هدوئها إلا أنها تحمل العديد،فأغمضت عينيها ضاغطة فوقهما بضعف ملتقطة أنفاسها بصعداء وأشاحت بصرها مبتعدة عنه متحاشية التطلع إليه مرة أخرى وهي لا تعلم كيف هو؟! كيف يكون هناك شخص مثله لازالت لم تستطع 

أن تحدد ملامح شخصيته الغامضة لكنها لن تشغل ذهنها في التفكير به، ستظل تراه بصورة واحدة فقط عمران الجبالي حاكم النجع ذو قلب قاسٍ وحديث صارم يهابه الجميع.


بالرغم من عودة حقها كما تريد إلا أنها تشعر بالضيق وعدم الرضا، كانت تتمنى أن يأتي عن طريق حسن ليس هو لكنها تعلم أنه صمت بصعوبة حتى لا يحدث فجوة تعوق أمر زواجهما مرة أخرى، لكن بعد أن يتم زواجها منه بالطبع الأمر سيختلف وستجده بجانبها دومًا دون أن تتمنى، هكذا أقنعت عقلها. 


أنفاسها قد عادت إليها منذُ خروجها من المنزل وروحها عادت تحيي جسدها من جديد بعدما شعرت بنزعها داخل المنزل ذو ملامح قاسية، لم تشعر يومًا بالإرتياح بداخله...! 


طالعها حسن متعجبًا بملامح وجه يملأها الدهشة متسائلًا:


- للدرچة ديه! كنك كنتي بتتعذبي چوة. 


شعرت بالحرج فحاولت أن تبرر موقفها بتوتر متلعثمة:


:- لاه مش إكده بس السرايا إهنيه بتحسسني أن جلبي هيجف، وكُمان محدش رايد وچودي غيرك. 


أسرع يتحدث مبتسمًا بلهفة تحمل بين طياتها عشق ضاري:


- وأني مش كفاية يا عهد. 


هربت بعينيها بعيدًا بخجل متحاشية نظراته النابضة بعشق وتمتمت بخفوت:


- مرايداش غيرك يا حسن. 


أسرعت تفر هاربة من أمامه بخطوات واسعة مبتعدة عنه، فابتسم ببلاهة منتظر يوم زفافهما بلوعة كبيرة، يريد ذلك اليوم الذي ستصبح به زوجته وملكه كما يتمنى قلبه النابض لها والذي يحلم دومًا بالإقتراب منها، يعد الأيام ويريد أن تمر مسرعة ليأتي يومه المعهود كما تمنى.


                           ❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين...


كان حسن يعد جميع الأشياء الخاصة بزفافه بعناية وفرحة شديدة طال انتظارها يومان فقط وستبقى عهد زوجته تحمل اسمه كما كان يتمنى، هو منذُ أن رآها وهو يتمنى اقترابها يود أن ينعم بحنانها وعشقها الخالص لهؤ خاصة أنها لم يسبق لها أي تجارب مع غيره سيستطيع أن يجعلها تسير على طريقه وكما يريد ليكون هو المتحكم في العلاقة المليئة بالعشق.


أثناء تفكيره العميق ومخططاته القادمة لحياته معها وجد مَن يقتحم الغرفة بقوة غاضبة لم يكن سواه هو الوحيد القادر على فعل ذلك _عمران شقيقه_ يقف بهيبة وشموخ ونظراته الغاضبة مصوبة نحوه كالنيران المتأهبة التي لم تخمد سوى بالحصول عليها، هواها كاللوعة يزداد اشتعاله بقلبه دون رحمة. 


اقترب من حسن بخطوات غاضبة مما جعله يعود إلى الخلف بعدما تحولت ملامح وجهه هو الآخر في لحظة واحدة فقط! لكنه حاول أن يدعي الثبات ووقف قبالته يخفي قلقه مغمغمًا بجدية شديدة:


- في حاچة ياخويّ؟


ثبت بصره عليه بغضب وأجابه صائحًا بحدة:


- كنك مخابرش عتعمل ايه؟ بجى بتتحداني يا ولد الچبالي عتتحدى اخوك الكَبير لچل تنفذ اللي رايده بالغصب والجوة أني هملتك بكيفي لحد دلوك. 


التقط أنفاسه الحارقة وأكمل حديثه بغضب جنوني مسيطر على عقله:


- عتتحدى أخوك وكَبيرك عشان واحدة يا رخيص إكده أنت راچل. 


فارت الدماء داخل عروقه فاقترب منه هو الآخر بغضب وصاح يجيبه بعنف:


- أني راچل غصب عنيك وعن الكل، وعشان أني راچل معهملش اللي جلبي اختارها وعشجها مهما حصُل هتچوازها كيف ما جولت ووعدتها واللي عندك أعمله ياخويّ. 


الغيرة ملأت قلبه يقف ذلك الوغد يعترف بحبه لها وهو يحترق بلوعة هواها المتأهبة، يخبره أنه سيتزوجها عنوة دون الحاجة لرضاه، يخبره أنه مَن فاز وسيتزوج بمَن اختارها وهو الآخر يريدها، لم يشعر بذاته سوى وهو يقبض فوق أطراف ثيابه ويهزه بعنف صائحًا باحتدام غاضب:


- جلبك دِه هفعصه بالچزمة الجديمة ومحدش هيجدر يجولي حرف واحد وبرضك هعمل اللي رايده يا ولد الچبالي.


أجابه بغيظ غاضب والشرر يتطاير من عينيه هو الآخر يرمقه بتحدٍ وضيق:


- عهد هتچوزها، منيش عيل خيبان مستني موافجتك عهد كمان ليلتين وهتُبجى مرتي. 


لم يشعر عمران بحاله سوى وهو يلكمه بغضب والغيرة تعميه عن التفكير كل ما يحركه هو مشاعره العاشقة لها سوف يفقدها بإتمام زيجة شقيقه منها.


وقف حسن مذهولًا من فعلته المباغتة وقد فقد السيطرة على ذاته، فدفعه بقوة إلى الخلف مبتعدًا عنه، صائحًا بصوت جهوري حاد:


- أنت من دلوك ملكش حاچة عنديّ أكتر من أنك كبير النچع والكبير ملوش حج أنه يوافج على عروستي، ودلوك تهملني وملكش صالح بيا واصل. 


وقف عمران غاضبًا دفع المنضدة بقدمه بقوة معقبًا بتوعد: 


- وأني بجى مش هسكت على چوازك منيها، وأنت خابر  عمران الچبالي يجدر يعمل إيه مليح. 


دفعه غاضبًا وخرج بنظرات متوعدة وعقله يفكر في طريقة لإفساد الأمر، سيجعله يندم على تحديه ليعلم جيدًا مَن هو عمران الجبالي!..وما الذي يستطيع فعله لتحقيق ما يريده والحصول على عهده الذي طال انتظاره.. 

عقله يخبره أن يهدأ حتى لا يؤذي شقيقه، ولكن للقلب أحكام أخرى لتتردى العلاقات جانبًا ولم يلتفت سوى خلف مشاعره المغرمة التي استحالت أي شيء في سبيل الحصول على مَن غوت فؤاده بفتنتها.

ولا أحد يعلم في النهاية لمَن الانتصار؟


ضرب حسن الحائط بغضب، لا يريد أن يصل الأمر به إلى هنا لكن عمران هو مَن اخطأ ولم يفكر به، لا يعلم ماذا سيفعل؟! لكن الذي متأكد منه أنه لن يصمت ولن يدع الأمر يمر بسلام وسيفعل المستحيل لأجل تنفيذ ما يريده والثأر لحقه.


                           ❈-❈-❈ 


بعد مرور يومين.. 


آتى اليوم المعهود والمنتظر للعديد كانت تقف عهد أمام المرآه المحطمة في غرفتها تطالع انعكاس صورتها بسعادة، ترى ذاتها بثوبها الأبيض التي تمنت أن ترتديه منذُ أن تمت خطبتها ورأت كم الحب المتواجد لها بقلبه، اليوم تشعر بفرحة وسعادة قلبها يدق داخلها كالطبول الصاخبة معلنة فرحتها، اليوم يمر سريعًا لم ينقصه سوى وجود والدتها كما كانت تتمنى، أصبحت عروس فاتنة تسحر العقول وتسلب الأنفاس وتغوي القلوب.


ولجت عليها الغرفة إيمان مبتسمة بسعادة مطلقة عدة زغاريد بفرحة مهللة:


- كنّك كيف البدر في ليلة تمامه والله مفيش واحدة في النچع كلياته كيفك وكيف چمالك ياخيتي.


ازدادت ابتسامتها اتساعًا بخجل متطلعة أرضًا، وردت عليها بخفوت وهي تهندم من هيئتها بلمسات خفيفة لتنتهي تمامًا وتخرج من غرفتها على منزل زوجها كما كانت تتمنى متناسية ما ينتظرها داخل المنزل الملئ بوكر الأفاعي لكنها لم تهتم بكل ذلك، اليوم لم تفكر في شئ سوى أنها عروس لـحسن الجبالي مَن اختارته وحاربت لأجله..


احتضنت إيمان بضراوة ما أن انتهت معقبة بهدوء:


- تسلمي ياجلب خيتك من چوة والله أني اللي عمري ما هلاجي كيفك. 


ربتت إيمان فوق كتفها وهي الأخرى سعيدة لسعادة عهد تلك المسكينة التي رأت العديد في حياتها الحزينة، لكن الآن انتهى كل ذلك ليحل محله السعادة المُستحقة لقلبها.. 


أصوات الموسيقى الصاخبة ترتفع معلنة الفرحة بولوج حسن الذي آتى للتو مبتسمًا هو الآخر ويفكر فيما سيفعله معها وحياتهما القادمة بأعين ملتمعة بشغف وانتصار لوصوله لما يريد.


كل شئ كان يسير على ما يرام كما خطط له وانتظره كل منهما بأحر من الجمرات الملتهبة، وها قد آتت اللحظة المنتظرة سيتم عقد قرانها جلس حسن أمام حازم مردفًا بسعادة وابتسماته تزداد اتساعًا:


- مبروك يا حازم خيتك هتبجى في جلبي جبل عيني. 


اعتلت الزغاريد مجددًا ترتفع وتعالت همهمات الجميع بعدما رأوا كم الحب التي حصلت عليه تلك الفتاة منه، بالطبع لديها حظ قوي لتحصل على كل ذلك هناك مَن يحسدها أيضًا على ما ستحصل عليه بعد زواجها منه ستصبح كنة لأكبر عائلة في نجع العمدة والزوجة المدللة نتيجة لعشقه الضاري لها. 


وقفت إيمان بجانب فهيمة مبتسمة وتمتمت بفرحة:


- مبروك يا ست فهيمة. 


حاولت أن تبتسم لتظهر فرحتها أمام الجميع حتى لا تتسبب في استماع ثرثرتهم عليها بأن ابنها تزوج دون موافقتها، تحاول أن تتفادى كل ذلك بابتسماتها المجبرة التي لا تتعدى شفتيها، لكن داخلها قلبها سيقف من القلق مرتعبة من رد فعل عمران الذي اقسم بألا يصمت عما يحدث وسيثأر لحقه حتى يحصل عليها هو الآخر..

فاقت من شرودها الذي طال مما تسبب من إثارة دهشة إيمان وردت عليها ببرود هادئ مدعية الفرحة:


- مبروك علينا كِلياتنا. 


بدأ الشيخ حديثه لإتمام عقد قرانها، لكن قبل أن يتم شئ وجد مَن يقتحم المنزل بقوة ويقف بشموخ وضباط الشرطة معه الذين أسرعوا يقيدون حسن، لم يكن سواه مَن فعلها ليفسد السعادة بالطبع عمران الجبالي.


لا أحد يفهم شئ وهي بالداخل انقبض قلبها خوفًا عندما توقفت أصوات الجميع الفرحة ليحل محلها همهمات لم تفهم سببها، فتحت الباب بخفة محاولة أن ترى أي شئ لتفهم سبب ما يحدث وقلبها يعتصر داخلها رعبًا لتتأكد ظنونها على الفور وهي ترى حسن يخرج من المنزل بوجه شاحب مرتعب بصحبة رجال الشرطة والأصفاد الحديدية تلتف حول يده..! 


"هُناك آمال مبتهجة من السعادة تترجى تحقيقها في حياتها القادمة لكن بمساعدة القدر القاسي تحولت لأحلام 

تكملة الرواية من هناااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا




تعليقات

التنقل السريع