القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شيخ في محراب قلبى الفصل الثامن عشر والتاسع عشر بقلم رحمه نبيل

التنقل السريع

     

    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل الثامن عشر والتاسع عشر بقلم رحمه نبيل 






    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل الثامن عشر والتاسع عشر بقلم رحمه نبيل 



    18-19

    ___________


    صمتت وصمت هو فأي حديث قد يقال في هكذا موقف ...ذرفت دموع كثيرة، لكن وهل تشفع لها تلك الدموع .


    ابتسم هادي بوجع وهو يقترب منها يتساءل مشيرا لنفسه باستنكار :


    _ قلّيتي من قمتي وطلعتيني إني واحد ابن **** وبجبر بنت عمي على الجواز مني ...رغم اني انا اساسا مكنتش حابب كده .


    بكت بثينة أكثر تحاول الحديث لربما استطاعت الدفاع عن نفسها لكن هادي قاطعها وهو يصرخ مذكرا إياها بذلك اليوم الذي تجلد نفسها كل ثانية لما فعلته فيه :


    _ قعدت معاكِ وكلمتك قولتلك على الوصية وسألتك يا بثينة عندك مانع ؟؟؟ يا بثينة عندك اي اعتراض ؟؟؟ وأنتِ سكني وقتها، وانا فسرته إنه كسوف منك وعمري ما كنت اتخيل اللي عملتيه يومها .


    صمت يتنفس بعنف شديد يتذكر ذلك اليوم جيدا حينما أتى المأذون لعقد قرانه على بثينة وحضر معه أصدقائه وبعض الجيران لحضور العقد لكن وقتها فعلت بثينة ما احطّ من قدره أمام الجميع :


    _ كلمتي خالك يجي جري من البلد عشان يلحقك من ابن عمك الوحش اللي عايز يتجوزك غصب ...وخالك يسكت؟؟؟ لا ازاي ...جه قدام الكل هنا وقعد يشتم فيا ويزعق ويقولي هو عشان ابوها مات هتستقوي نفسك وتشوف نفسك عليها لا فوق انا لسه عايش. 


    سقطت دموع هادي وهو يشير لنفسه :


    _ انا بستقوى عليكِ ؟؟؟ انا عمري جيت عليكِ يا بثينة ؟؟؟ حتى بعد اللي عملتيه يومها ونزلتي من صورتي قدام الكل وطلعت زبالة قدامهم اني بجبرك على الجواز وخالك الهمام جه انقذك ..رغم كل ده عذرتك وقولت لسه بنت صغيرة ومش ذنبها اللي خالها قاله وسكت وعاملتك بما يرضي الله .


    صمت قليلا ثم صاح بقهر شديد :


    _ ده أنتِ اول واحدة يا شيخة اقولها اني بحب شيماء واعتبرتك وقتها اختي ...تعملي كل ده فيا ؟؟؟ شوهتي صورتي قدام الكل بأني مدمن وسكت ...طلعتيني واطي بجبر بنت عمي على الجواز وسكت، لكن توصل للأعمال والسحر ....


    توقف عن حديثه وهو يصفعها بعنف وقد أضحت عيناه حمراء بشدة صارخا في وجهها :


    _ ده انا اقتلك يا بثينة سامعة ...أنتِ مدركة أنتِ عملتي ايه ؟؟؟ ولا غلك وحقدك عماكِ ؟؟؟


    بكت بثينة بعنف وهي تضع يدها على خدها بوجع شديد من صفاته :


    _ يا هادي والله عملت كل ده عشان بحب...


    _ اسكتي ...تعرفي تسكتي؟؟؟ بتحبي مين ؟؟؟ بتحبيني انا ؟؟؟ الكحيان؟؟؟ اللي مش عنده عربية ولا فلوس في البنك ؟؟مش ده كلامك ليا بعد ما خالك مشي يوم كتب الكتاب وأنك مكنتيش حابة ترتبطي بيا لاني مش طموحك ؟؟؟


    صمت ثم قال بعدها ببسمة ساخرة :


    _ ولا لما لقتيني بروح لغيرك احلويت في عينك ؟؟ اصل ده مش حب ابدا ...أن الحاجة تكون معاكِ ومتبصيش ليها ولما تلاقي غيرك اخدها تفضلي تدبدي برجلك وتقولي لا دي بتاعتي انا ده مش حب ابدا يا بثينة ...انتِ عارفة ده اسمه ايه ؟؟؟ 


    صمت يراقب ملامحها الشاحبة وقد عراها أمام نفسها :


    _ ده اسمه مرض نفسي أنتِ مريضة يا بثينة والمفروض تتعالجي وانا عندي اللي يعالجك .


    رفعت بثينة عينها الحائرة له لا تفهم حديثه لتجده يقول بكل قسوة :


    _ فرانسو كلمني عشان اسرع الجواز وانا رفضت وقولتله مش انا اللي ارمي لحمي بالسهولة دي ولازم كل حاجة تمشي براحة عشان تاخدوا على بعض وتعرفوا بعض بس خلاص أنتِ جبتي أخرك معايا يابنت عمي وانا هعمل باصلي وأكمل للآخر واسلمك لعريسك و وقتها انسي إنك كنتِ تعرفيني في يوم يا بثينة لاني هنساكِ .


    صمت وهو يرى ملامحها المفزوعة لما قال ثم نظر لمروة وهو يتحدث بجدية كبيرة :


    _ ومتقلقيش على والدتك هي امي وهاخد بالي منها لان ملهاش ذنب في مرض بنتها ولا عمايلها وهاخدها تعيش مع امي وهاخد بالي منهم واظن كده عداني العيب .


    أنهى حديثه ثم تحرك صوب الباب لكنه توقف فجأة وهو يقول دون أن يستدير :


    _ اه صحيح متخافيش محدش هيعرف بقذارتك دي غيرنا احنا لان مش انا اللي افضح حد حتى لو كان عدوي وكمان لأن شيماء متستحقش تتصدم بالشكل ده في صديقة عمرها .


    أنهى هادي حديثه وهو يتحرك بسعة كبيرة جهة الباب ثم اغلقه بعنف  شديد خلفه جاعلا مروة تنتفض بفزع ثم رمقت ابنتها بغير تصديق لما سمعته منذ قليل، لكنها لم تفعل شيء سوى أن رمتها بنظرة قطعت بثينة ثم تحركت صوب غرفتها تستغفر ربها تبكي حالها وتفكر فيما قصرت لتُبتلى بابنة كتلك ؟؟؟


    بينما بثينة كانت ترى عالمها ينهار أمام عينيها لا تصدق ما حدث منذ ثواني وكأنها في كابوس ...كل شيء تدمر ....كل شيء .


    __________________


    _ قد يكون العقل شرقي......لكن القلب والله عاشق.


    تلك الجملة لو يعلم زكريا وقعها على قلب فاطمة لاشفق عليها مما سببه لها ...شعرت فاطمة بجسدها كله يرتجف بين ذراعي زكريا بعد سماعها لكلماته لا تصدق ما سمعته للتو .

    الن يرمقها بنظرات مشمئزة ؟؟؟ أو يرميها بكلمات كالسهام كما فعل الجميع ؟؟؟ أو حتى يشفق عليها كما البعض ؟؟؟ وللعجب وجدته يتسائل عن المجرمين الحقيقين رافعا عنها ذلك اللقب البغيض .


    ابتلعت فاطمة ريقها وهي ماتزال تسكن أحضانه تهمس بصوت منخفض جدا يرفض عقلها التصديق بوجود شخص كهذا في العالم :


    _ دي مثالية ولا ادعاء للمثالية؟؟؟


    ابتسم زكريا بوجع شديد لما وصلت إليه ..أبعدها زكريا عنه قليلا ثم تحدث ببسمته الحنونة التي اعتادت فاطمة مشاهدته بها بعد أن كان التقطيب عنوان ملامحه :


    _ تعرفي يا فاطمة ايه مشكلة المجتمع اللي احنا فيه ؟؟؟


    صمتت فاطمة ولم تجب سوى بإماءة رافضة ليكمل زكريا وهو يتنهد :


    _ إن من كتر ما المجاري طافحة فيه وريحة الصرف الصحي ملياه ...بقينا نستغرب ريحة المسك ونقول عليها معجزة .


    انكمشت ملامح فاطمة بعدم فهم لحديثه ويبدو أن مغزى حديث زكريا لم يصل لها ...ضحك زكريا بخفوت ثم جذبها لاحضانه مجددا وتحدث وكأنه يشرح لأحد التلاميذ عنه :


    _ يعني من كتر ما بقى الكل بيتصرف تصرفات لا تمت للدين بصلة ...بقينا نتصدم من اللي بيتصرف تصرفات عادية .


    صمت ثم أكمل :


    _ يعني اللي أنتِ بتقولي عليه مثالية ده اساسا تصرف طبيعي المفروض كان يحصل لكن لأنه أضحى نادر في المجتمع بقينا نشوفه تصرف خارق للطبيعة .


    الآن فهمت فاطمة ما يقصده لكن ورغم ذلك لم تتغير ملامحها بمقدار أنملة ليبعدها زكريا جاعلا إياها تجلس على الأريكة ثم جلس جوارها وصمت ...طال الصمت بين الاثنين حتى كادت فاطمة تظن أنه دخل في صدمة متأخرة قليلا لذا نظرت بطرف عينها جهته لوحده شارد بشكل مخيف ثم تحدث بهدوء شديد وتردد :


    _ هو ...أنتِ يعني ....قصدي ....


    صمت لا يعلم كيف يخبرها بالأمر...زفر بضيق شديد وهو يدفن وجهه بين يديه مهما ادعى أن الأمر لم يؤثر في رأيه لكنه بالفعل اثر في قلبه يشعر بطعنات متتالية توجه لصدره لا يعلم ماذا يفعل يود سؤالها عن من فعل ذلك يود معرفة ما حدث معها بالتفصيل، لكنه لا يأمن انهياره أمامها بعدما هدأ ...يود لو يركض من أمامها الآن لمنزله ينزوي في غرفته ثم يبكي كطفل صغير بعيدا عن أعين الجميع .


    خرج زكريا من حديثه مع نفسه على صوتها الخافت والجامد بشكل مخيف حقا :


    _ كنت في تالتة ثانوي وقتها ........


    _________________


    كان يضمها بوجع شديد وفكرة أنها قد تتعرض لخطر يقتله فها هي صغيرته الجميلة التي كتم حبه لها حتى أضحى قادرا على الفوز بها ...بين يديه وقد تعرضت للانهيار بسبب شيء لا يعلمه .


    ضم رشدي ماسة إليه أكثر وأكثر وهو يهمس لها أن تكون بخير لأجله فقط ...حتى سمع طرق على الباب ليصرخ دون وعي :


    _ قولت سيبونا لوحدنا مش عايز اشوف حد .


    أنهى حديثه يدفن وجهه في ماسة مجددا يحاول كتم دموعه لكن صوت شيماء الذي وصله مرتجفا وهي تتحدث بخفوت جعله ينتفض وهو يستمع لنبرتها المرعوبة :


    _ رشدي ...هادي برة وشكلة متبهدل اوي وعايز يقابلك .


    انتفض رشدي من جوار ماسة وهو يركض للخارج دون حتى أن ينتبه لثيابه الغير منمقة متحدثا بسرعة لشيماء :


    _ خليكِ جنب ماسة ومتسبيهاش .


    أنهى حديثه راكضا لغرفة الضيوف ليجد أن شيماء قد أخطأت الوصف حين استخدمت كلمة " متبهدل " لوصف هادي ...فهيئة هادي كانت أقرب للدمار وكأنه قد تعرض لحادث منذ قليل .


    دخل رشدي بسرعة يغلق الباب خلفه سريعا ثم هرول جهة هادي بملامح مفزوعة لحالته :


    _ هادي !؟؟؟ مالك حصلك حاجة ؟؟


    رفع هادي عيونه التي كانت أشبه بعيون رشدي مليئة بالدموع وحمراء :


    _ تعبان اوي يا رشدي ومش عارف اروح فين ؟؟؟ زكريا مش في البيت و......


    لم يكمل بسبب سماع الثلاثة لجرس المنزل يتبعه صوت سحر مرحبة بزكريا وهي تدله على مكان وجود رفاقه ...


    طرق زكريا باب الغرفة ليتجه رشدي له ويفتح الباب ليفاجئ بزكريا يلقي بنفسه بين ذراعيه مرددا بتعب شديد :


    _ حاسس اني مخنوق اوي وبموت ....


    _________________


    نظرت منيرة بتعجب شديد لابنتها التي تتوسط الأريكة جوارها بهدوء مريب وهي تفكر أنها لم تخبر زكريا بعد بالحقيقة فهي لم تستمع لأصوات شجار أو صراخ منذ جاء وحتى غادر ....


    كانت نحمده تجلس على الأريكة المجاورة لتلك التي تتوسطها كلا من منيرة وفاطمة وهي ترمق الاثنتان بشك كبير لهذا الهدوء :


    _ هو فيه ايه ؟؟؟ وزكريا كان هنا ليه ؟؟؟؟


    نظرت منيرة لنحمده بتأفف شديد فهي دائما تتدخل فيما لا يعنيها حاشرة أنفها في حياة الآخرين :


    _ ولا حاجة يا نحمده يا ختي كان جاي يطل على فاطمة ويشوفها لو عايزة حاجة .


    مصمصت نحمده شفتيها بسخرية وهي تتمتم بحنق :


    _ ومالك يا حبيبتي بتقوليها كده ليه ؟؟؟ هناكل حاجتها ولا يكونش هنحسدها يعني ؟؟؟


    زفرت منيرة بضيق شديد فها هي تفسر حديثها على هواها وما كادت تتحدث بكلمة إضافية حتى خرجت منار من غرفتها تحمل ورقة وقلم تتقرب من فاطمة ببسمة واسعة :


    _ فاطمة اديني رقم مستر زكريا عشان محتاجاه ضروري .


    واخيرا أصدرت فاطمة حركة تدل على أنها حية حيث ارتفع طرف شفتيها بتهكم شديد دون أن تعي مجيبة منار :


    _ زكريا ؟؟؟ وأنتِ هتحتاجي ايه من زكريا ؟؟؟


    ابتسمت منار تضم الورقة لصدرها ببسمة غبية :


    _ اه تصدقي نسيت اقولك ...مش مستر زكريا هيدرسلنا العربي بعد كده ؟؟؟ اصل المدرس القديم سافر تقريبا  ...مستر زكريا احسن كتير .


    صمتت ثم قالت بحماس شديد وبسمة بلهاء غير منتبه لتلك التي رمقتها بتشنج :


    _ تعرفي اساسا في الاول الكل مكنش مطمن للمدرس الجديد بس بعد ما شافوا مستر زكريا غيروا رأيهم اصلك مشوفتيش هو كاريزما ازاي في الفصل ولا طريقة كلامه و....


    توقفت عن الحديث وقد انتبهت فجأة لما تقول وهي تجد الجميع يرمقها بتعجب شديد والبعض مستنكر كفاطمة ومنيرة التي صاحت بحنق شديد :


    _ شوف العيال لسه قد ايه وبتتكلم ازاي ؟؟؟


    نظرت نحمده لابنتها بضيق شديد لحديثها ذلك لكن منار لم تأبه لها ونظرت لفاطمة تحدثها :


    _ هاتي بقى رقم مستر زكريا عشان عايزة أسأله عن المجموعات .


    شعرت فاطمة بنيران تشتعل داخلها بشدة لسبب تجهله أو تتجاهله :


    _ اه قولتيلي ...بس يا خسارة اصل مستر زكريا ملهوش في حوار المجموعات والحاجات الفاضية دي ...وكمان مش بيحب يدي دروس خاصة لبنات اساسا .


    صدمت منار من حديث فاطمة وقد التقطت اعتراضها الواضح من بين حروفها لتقول ببسمة خبيثة :


    _ هو أنتِ غيرانة ولا ايه ؟؟؟ ده المستر بتاعنا يعني خلي عقلك كبير شوية اكيد محدش هيبص ليه بالشكل ده .


    نهضت فاطمة تتحدث بحنق وغضب شديد :


    _ والله محدش بيفكر بالشكل ده قد اللي في سنك يا منار .


    انهت حديثها ثم تحركت جهة غرفتها بغضب شديد من نفسها لشعورها بالتملك جهة زكريا وهي من كانت تفكر في الانفصال عنه من ساعات فقط قبل محادثته...تاركة خلفها منار تبتسم بغيظ شديد .


    _____________________


    كان الثلاثة يجلسون في غرفة رشدي بعدما اخذهم لها بعيدا عن الجميع ...يتوسطون فراشه بين احضان رشدي الذي كان يضم كلا منهما في جانب مربتا عليهما كأم تضم طفليها ....


    كان الجميع في الغرفة يسبح في أفكاره الخاصة .


    _ نحن في غاية البؤس.. الآن ادركت أننا لا نتشارك فقط الاسماء العجيبة بل وأيضا حظنا التعس .


    رفع هادي رأسه من على صدر رشدي يرمق زكريا بنظرات حزينة ثم زفر وهو يعود ويضع رأسه على صدر رشدي الذي كان يستند برأسه على الحائط متحدثا بضيق :


    _ حاسس نفسي خلفتكم ونسيتكم ...هو انا ناقص هم ....ابعد ياض منك ليه مش ناقصة غم .


    تحدث رشدي وهو يبعد زكريا وهادي عنه ليعتدل في جلسته وهو يرمق الوجوه الواجمة ليقول مقتنعا :


    _ الظاهر لما باظت، باظت على الكل ...مالكم منك ليه .


    تحدث هادي دون أن يوضح :


    _ بثينة ...


    أضاف على حديثه زكريا :


    _ فاطمة ...


    ابتسم رشدي بسخرية كبيرة :


    _ ماسة ...

    نظر الثلاثة لبعضهم البعض ثوانٍ قبل أن ينفجروا في الضحك بصوت عالي محاولين به إسكات صرخات قلوبهم واخفاء اهاتهم.....


    صمت الجميع ليتحدث زكريا بسخرية كبيرة :


    _ اه من حواء ... بإمكانها جعلك نرقص كالمجنون وايضا قد تجعلك تبكي كما النساء ...وكأن حواء خلقت فقط لتتحكم في آدم المسكين ومشاعره .


    نظر هادي له ثم تنهد بتعب شديد وهو يلقي برأسه على قدم رشدي الذي حاول أبعاده بنزق شديد لكن هادي تمسك في قدمه يرفض الابتعاد وهو يقول :


    _ اسكت بقى خليني ارسم حالتي .


    نظر له الاثنان بعدم فهم ليتحدث رشدي بحنق شديد  :


    _ ترسم حالتك ؟؟؟


    _ هممم...هما بيقولوا كده في الأفلام لما واحد يكون زعلان اوي بيقول سيبوني ارسم نفسي لوحدي .


    فجأة صرخ هادي منتفضا من على قدم رشدي وهو يشعر بصفعة شديدة تهبط على وجهه وصوت زكريا يهدر به :


    _ اسمها يرثي حالته يا مغفل ...ايه يرسم دي ؟؟؟ اقول ايه جاهل ومتخلف .


    ابتعد هادي سريعا من على قدم رشدي وهو يجلس على ركبتيه يصيح بحنق شديد :


    _ يا عم زكريا مش ناقصة حصة عربي الله يكرمك الواحد على آخره .


    وكما صفعه فجأة ضمه فجأة ...حيث اتجه زكريا جهة هادي وضمه إليه وهو يربت على ظهره متحدثا بخفوت :


    _ خلاص يا هادي كله هيعدي يا حبيبي صدقني كله هيكون بخير وانا جنبك .


    تعجب هادي حالة رفيقه لينظر نحو رشدي يسأله بعينه عن سبب ما يقوم به زكريا ليهز له رشدي كتفيه بعدم معرفة لما يحدث وما كاد هادي يبعد زكريا عنه حتى شعر به يبكي وكأنه حينما قال تلك الكلمات كان يقولها لنفسه ليهدأ ......


    _________________


    كانت تجلس جوار ماسة وهي تنظر لها بحزن شديد، تتذكر ما حدث لها لكن أثناء ذلك حضرت في رأسها ذكرى مرأى هادي بتلك الحالة التي أصابت قلبها في مقتل فهي شعرت بضيق تنفسها بمجرد رؤيته في تلك الحالة .


    أغمضت عينها بوجع تود لو تنهض الان مقتحمة الغرفة عليهم لترى إن كان بخير أم لا ...


    أفاقت شيماء على صوت انين جوارها لتنتبه أن ماسة على وشك الافاقة من  غفوتها القصيرة بفعل المخدر .


    كانت ماسة تحاول فتح عينها بوجع شديد لا تشعر باطرافها وكأنها تجمدت كليا حاولت فتح فمها للتحدث لكن لسانها لم يسعفها سوى بقول :


    _ رشدي ......


    نهضت شيماء سريعا وهي تقترب من ماسة تبتسم لها:


    _ ماسة حبيبتي أنتِ بخير ؟؟؟


    نظرت لها ماسة بتشوش تهمس مجددا باسم رشدي تريده جوارها الآن لتتحدث شيماء وقد وجدت فرصتها للذهاب والاطمئنان على رشدي :


    _ رشدي ؟؟؟ عايزة رشدي ؟؟؟


    هزت لها ماسة رأسها وهي تشعر بدوران شديد قد أصابها ...تحركت شيماء سريعا جهة الباب وهي تجيبها :


    _ هروح اناديه.....


    ___________________


    _ يعني أنتِ قولتيله كل حاجة ؟؟؟


    هزت فاطمة رأسها بإيجاب على سؤال والدتها التي لحقتها للغرفة ومنذ ذلك الحين وهي تستجوبها عما حدث حينما كان زكريا هنا.


    لم تصدق منيرة ما سمعته من ابنتها ...هل علم كل شيء ؟؟؟ ورغم ذلك لم تسمع صوته حتى أو صراخه بهم أنهم خدعوه أو ما شابه .


    _ طب ...طب هو قال ايه ؟؟؟


    زفرت فاطمة بضيق شديد وهي تعيد حديثها للمرة المائة على والدتها :


    _ بعد ما حكيت ليه كل حاجة ابتسم بس وهز رأسه ومشي يا ماما مقالش حاجة أبدا .


    _يعني هيطلقك ؟؟؟


    فزعت فاطمة من مجرد الفكرة فليس بعد أن وجدت الأمان في حياتها البائسة يتركها :


    _ لا مش هيطلقني ..


    _ هو قالك كده ؟؟؟


    صمتت فاطمة لا تعرف بما تجيب والدتها وكيف تصف لها ردة فعله وما فعله والذي يؤكد لها جيدا أنه لن يطلقها ابدا :


    _ أنا واثقة فيه يا ماما ولأول مرة في حياتي اثق في حد وواثقة جدا إنه عمره ما هيسيبني ..قلبي بيقولي كده .


    ____________________


    _ قولتلك هحكي ليكم بعدين يا رشدي سيبوني بس أهدى الاول لو سمحتم .


    زفر رشدي بضيق شديد فهو منذ عاد زكريا للبكاء بين احضان هادي وهو يشعر بوجع شديد في قلبه وقلق كبير قد ملء صدره .....


    _ تمام يا زكريا اعرف اننا دايما معاك .


    ابتسم له زكريا ثم هز رأسه بشرود شديد وهو قرر أنه سيبدأ البحث عن ذلك الحقير الذي تجرأ وفعل ما فعله بفاطمة :


    _ رشدي لو عايز الاقي شخص معين ومعرفش غير اسمه وعنوان سكنه القديم تاخد قد ايه وتلاقيه ليا؟؟؟


    نظر كلا من هادي ورشدي لبعضهما البعض بعدم فهم لكن رشدي اجابه بتفكير :


    _ على حسب الأمر ده مش محسوم غير لما ادور بنفسي .


    هز زكريا رأسه ثم انحنى قليلا للطاولة التي تجاور فراش رشدي وحمل قلم ودفتر صغير ثم خط فيه ببعض الكلمات الصغيرة وقطع الورقة واعطاها لرشدي وهو يقول بجدية كبيرة :


    _ عايزك تجبلي الشخص ده يا رشدي تعرفلي هو فين بس ارجوك الموضوع مهم اوي بالنسبة ليا  .


    تعجب الاثنان أكثر من حديث زكريا فلم يسبق أن تحدث زكريا في هكذا أمور أو كان مهتما بأحد بهذا الشكل الذي يظهر من تعابير وجهه وطريقة حديثه ...

    نظر رشدي للورقة بيده وهو يقرأ الأسم بحيرة شديدة :


    _ جمال عبدالعظيم ؟؟؟؟؟؟؟


    سمع الثلاثة طرقا على الباب ليتجه رشدي صوبه ثم بعدها سمع هادي وزكريا صوته يقول بلهفة شديد :


    _ فاقت ؟؟؟


    استدار رشدي وهو ينظر لرفيقيه متحدثا بسرعة وهو يركض خارج الغرفة :


    _ ثواني وجاي ....


    راقب الاثنان رحيله المتلهف ليعلموا أن ماسة أفاقت واخيرا ...

    استدار زكريا لهادي ثم قال له فجأة بشكل صدمه :


    _ لو حابب افرح بنت يا هادي اعمل ايه ؟؟؟؟


    ___________________


    كان الجميع متجمع في غرفة ماسة بعد رحيل كلا من هادي وزكريا بشكل غريب ...لم يترك رشدي ماسة ولو لثانية واحدة فقد كان يضمها بشدة وأمام الجميع حتى تحدث ابراهيم بحنق كبير لابنه : 


    _ مش معقولة قلة الأدب دي ...يابني احترم أننا واقفين .


    تنحنح رشدي بخجل وهو ينظر لوالده قليلا قبل أن يقول :


    _ والله يا حاج كويس انك فتحت الموضوع لاني كنت محرج افتحه ....


    نظر له الجميع بعدم فهم ليكمل هو ببسمة محرجة :


    _ انا يعني كنت بقول لو تاخد الناس اللي معاك دي وتخرج يعني هكون ممنون ليك .


    فتح الجميع أفواههم ما بين مستنكر وخجل حيث ركضت شيماء للخارج بخجل ...تحدث رشدي بضحك وهو ينظر لرحيل شيماء :


    _ شوف اهي شيماء طلعت ذوق وفهمت انا عايز ايه ومشيت يلا بقى جر شوية العواجيز دول معاك وسيبنا .


    اقتربت ماسة من رشدي تهمس في أذنه بحنق شديد :


    _ رشدي انا قليلة الادب اه بس مش للدرجة دي ...ما ينفعش كده قدام الكل .


    نظر لها رشدي بحنق شديد ثم همس لها بنفس النبرة :


    _ فين قلة الأدب دي ؟؟؟ ما انا بمشيهم عشان ميبقاش قدامهم .


    _ لو مش بقاطع حاجة يا استاذ رشدي ممكن تخليك معايا شوية .


    ألتفت رشدي لوالده بتعجب ليسمعه يردد بحنق شديد وتهكم :


    _ كنت بقول نعمل فرحكم وكده كده شقتك جاهزة ونلمكم بدل الفضايح دي .


    وفجأة دوى صوت زغرودة هزت أركان الغرفة كلها لينظر الجميع جهة ماسة التي انتفضت من الفراش تطلق الزغاريد بفرحة شديدة...


    تحدث رشدي بحنق شديد :


    _ الله ما أنتِ زي القرود اهو امال مين اللي كانت بتطلع في الروح من كام ساعة ؟؟؟ بعدين يا عديمة الدم أنتِ المفروض تتكسفي على دمك شوية وتتمنعي.


    رمقته ماسة بحنق شديد ثم هبطت من الفراش وهي تتجه صوب امها تمصمص شفتيها بسخرية  :


    _ يلا يا اما ننزل نشوف فستان الفرح ...قال اتمنع قال .


    ضحكت سحر بفرحة شديدة لعودة ابنتها مرة أخرى بينما كان رشدي يرمق ماسة بغيظ شديد لوقاحتها تلك :


    _ ياربي مش معقولة اتجوز واحدة بالشكل ده ..


    كانت ماسة تتحرك نحو الخارج وهي تتمتم بأغنية تتمايل يمينا ويسارا :


    _ طلي بالابيض طلي يا زهرة نيسان .


    راقب رشدي طريقة تمايل ماسة حتى خرجت من الغرفة ليتشنج وجهه بسخرية لاذعة :


    _ لا زهرة نيسان ايه بقى ؟؟؟ دي فجلة نيسان ..بصلة نيسان ...إنما زهرة دي بعيد عن شعرك الاكرت يا نتنة .


    ________________________


    كان يقف مع هادي أمام باب منزل فاطمة وبيده كل ما قال عليه هادي يبتلع ريقه بخجل شديد متردد من طرق الباب أو التقدم إليه ليشعر بهادي يدفعه للباب لكنه يرفض ذلك وكل ثانية يعود للخلف حتى كاد يركض من هادي في أحد المرات .


    _ يا اخي اخلص بقى هتطلع روحي ...


    زفر هادي بضيق وهو يترك زكريا يقف أمام الباب ثم سريعا اتجه صوب جرس باب منزل فاطمة وطرقه ثم ركض لمنزله سريعا وتبعه زكريا الذي أراد الدخول معه للاختباء لكن هادي اغلق الباب سريعا قبل أن يصل له وهو يفتح النافذة الصغيرة في الباب صارخا في وجهه بحنق شديد :


    _ امشي ياض أقف قدام الباب امشي يا حيوان .


    احتدت نظرات زكريا وما كاد يتحدث صارخا به حتى سمع صوت خلفه يقول بتعجب :


    _ مستر زكريا ؟؟؟


    ________________


    _ بكرة !؟؟؟؟


    فزعت شيماء من حديث رشدي الذي أتى يخبرها أن غدا خطبتها على هادي والذي رفض أن يأتي يوم للتعرف قائلا أنهما بالفعل يعرفان بعضهما البعض لذا لينتقلوا لمرحلة الخطبة مباشرة .


    _ ايوة يا شيماء بكرة ...فيه عندك اي اعتراض ؟؟؟ صدقيني لو مش مستريح ه‍.....


    قاطعت شيماء رشدي سريعا ودون أن تنتبه للهفتها :


    _ لا يا رشدي مفيش اعتراض بس ...هو يعني 


    صمتت بخجل بعدما استوعبت ما قالته منذ قليل ..ابتسم لها رشدي وهو ينتقل للجلوس جوارها ثم جذبها لاحضانه بحنان شديد يربت عليها بحب :


    _ حبيبتي صدقيني انا لو كنت لفيت الدنيا دي كلها مكنتش هلاقي ليكِ واحد زي هادي ....سيبك من إن هو  صاحبي بس والله الواد راجل يعتمد عليه وطيب واهبل وفيه كل الصفات اللي ممكن ست تتمناها .


    ابتسمت شيماء بخجل ثم صمتت وهي تنظر لرشدي بريبة :


    _ هي خطوبة بس صح ؟؟؟


    ضحك رشدي بصخب شديد على خجل أخته ليقول لها بكل صراحة :


    _ بصي يابنتي هو حتى الآن هي مجرد خطوبة بس انا عن نفسي مضمنش هادي ممكن تلاقيه بكرة جايب زفة وياخدك معاه وهو ماشي .


    ______________


    ابتلع زكريا ريقه بصعوبة وهو يستدير واضعا وجهه ارضا يتجه للباب بخطوات صغيرة متحدثا بصوته الهادئ الرخيم :


    _ السلام عليكم ...فاطمة موجود ؟؟؟


    نظرت منار له بصدمة مما يحمل لا تصدق أن هذا الذي يقف أمامها يحدثها واضعا وجهه ارضا وحاملا لكل تلك الأشياء هو نفسه معلمها ذو الهيبة الشديدة ...


    _ ايوة فاطمة جوا في اوضتها اتفضل .


    تحرك زكريا صوب الباب ليشير لها بالتنحي جانبا حتى يمر لتفعل هي ذلك مبتعدة عن الباب ...


    تحرك زكريا للداخل وهو يتنحنح حتى يعلم الجميع بقدومه ...قابل في طريقه منيرة التي خرجت من المطبخ تحمل في يدها ملعقة كبيرة ترمقه بعدم فهم ليتحدث هو بحرج شديد يلعن في سره هادي وما فعله به :


    _ السلام عليكم ...بعتذر لو جيت بدون ما استأذن بس كنت عايز فاطمة و...


    قاطعته منيرة بسرعة ولهفة شديد تتخلل صوتها مشيرة لغرفة ابنتها التي تركتها منذ ساعة تقريبا شاردة بشكل مخيف :


    _ البيت بيتك يا حبيبي تيجي وقت ما تحب...ادخل الاوضة دي فاطمة فيها .


    نظر زكريا للغرفة بتردد شديد ثم ابتسم بحرج وهو يتجه صوبها بخطوات بطيئة بعض الشيء يتمنى لو يطول به الطريق لها ...لكن ها هو يقف أمام الباب وهو يطرقه بهدوء شديد ينتظر الاذن بالدخول ....ثواني وسمع صوت فاطمة يأذن له بالدخول .


    كانت تتسطح على فراشها بتعب شديد ليس تعب جسدي بل نفسي ...تخشى ان يتراجع زكريا في حديثه تخشى أن يتركها بعدما حصلت منه على أمل في أن يقف جوارها فما مرت به وما رأته من جميع من حولها جعلها تفقد الثقة في العالم كله .


    خرجت فاطمة من شرودها على صوت طرقات بابها لتتعجب بشدة من ذلك فمنذ متى كان سكان المنزل يحترمون خصوصياتها فعمتها ومنار يقتحمون الغرفة كما لو كانوا أحد أفراد فرقة المكافحة .


    فُتح الباب ببطء شديد وكأن الطارق يخشى أن يخرج له وحش من خلفه ...ثوانٍ قليلة حتى وجدت فاطمة دبدوب كبير زهري اللون مختلط باللون الابيض يدخل من الباب يتبعه بعض البالونات ...فتحت فاطمة فمها ببلاهة شديد وهي تقف على ركبتها في فراشها تراقب ما يحدث جيدا حتى واخيرا أطل ببسمته البشوشة من خلف الباب يحمل كل تلك الأشياء المبهجة .


    دخل زكريا للغرفة ثم اغلق الباب بهدوء ووقف خلفه وهو يجلي حلقه محاولا التفكير في شيء لقوله بينما يحمل في يده العديد والعديد من البالونات وهناك دبدوب أسفل ذراعه ويده الأخرى يحمل بها بعض الزهور البيضاء وعلبة حلوى متوسطة الحجم .


    كانت فاطمة تنظر لزكريا ببلاهة شديدة لا تفهم شيء ابدا مما ترى ....تقدم زكريا منها ببسمة خجله بعض الشيء مما يفعله فهو لم يسبق أن رفع حتى نظره في فتاة .


    وضع زكريا كل ما يحمل على الفراش حول فاطمة وهو يعتدل في وقفته يقول ببسمة :


    _ اخبارك ؟؟؟


    كانت فاطمة لا تستوعب شيء ابدا مما يحدث أمامها هل ...هل فعل كل هذا لها ؟؟؟ أحضر كل تلك الأشياء لها ؟؟؟ شعرت بدموعها تهبط دون وعي ليفزع زكريا من الأمر وهو يقترب منها بشدة يمسك وجهها بين كفيه بحنان شديد هامسا :


    _ ماذا ألا تحبين تلك الأشياء ؟؟؟؟


    ازداد بكاء فاطمة أكثر لتتغضن ملامح زكريا بشدة وهو ينظر لكل شيء بحسرة شديدة :


    _ معجبتكيش الحاجات ؟؟؟ انا جبت كل حاجة ممكن تحبيها زي ما هادي قالي ...الظاهر إن اخر مرة هادي عمل مفاجأة فيها لبنت كانت في ابتدائي مش فاهم انا ايه كمية الدباديب والبلالين دي ؟؟؟ يارتني كنت سألت رشدي بدل المتخلف ده على الاقل ك.....


    توقف زكريا عن التحدث بسبب صدمته من فاطمة التي ارتمت في أحضانه بعنف شديد وهي تبكي أكثر ...


    عاد زكريا للخلف بفزع وهو يرفع يده عاليا بسبب صدمته لما حدث ..ازدادت ضربات قلب زكريا وهو يبتلع ريقه ينظر للاسفل ليجد فاطمة تتعلق به كما لو كانت طفلة تتعلق بوالدتها وهي تضع رأسها على صدره وتدفن نفسها أكثر في صدره بينما مازالت تجلس على ركبتها على الفراش وهي تهمس ببعض الكلمات الغريبة التي لا يفهمها زكريا، لكنه رغم ذلك مدّ يده يحاوطها بدفء محبب لقلبها وهو يضع ذقنه اعلى رأسها هامسا بحنان شديد :


    _ أعجبتك تلك الأشياء السخيفة ؟؟؟


    ضحكت فاطمة من بين دموعها وهي تهز رأسها بسرعة ليبتسم زكريا بسمة أظهرت أسنانه البيضاء وهو يهمس لها :


    _ إذا سأخصص جزء من راتبي لتلك الاشياء وكل شهر أحضر لكِ منها، جيد ؟؟؟


    ابتسمت فاطمة أكثر وهي تهمس بصوت مبحوح من البكاء :


    _ همممم حلو اوي عجبوني اوي شكرا .


    _ على الرحب يا جميلة الجميلات، نحن طوع أوامر سموك غاليتي .


    ضحكت فاطمة وهي تضمه أكثر وقد أضحى حضنه هو مسكنها المفضل .....


    _ إذا جميلتي كنت افكر في أن ننهي هذا الأمر ونبدأ من جديد وبطريقة صحيحة .


    لم تفهم فاطمة الأمر لتبتعد عنه قليلا وهي تنظر له بتعجب تردد بصوت منخفض قليلا :


    _ مش فاهمة .


    ابتسم زكريا وهو يكوب وجهها بحنان ماسحًا دموعها برقة شديد وهو يقترب منها بتردد شديد ليقبل وجنتها سريعا ثم ابتعد وهو يقف بشكل مستقيم وكأنه لم يفعل شيء ثم تحدث ببسمة واسعة :


    _  اقول بأن تحددي ميعاد لي مع والدتك لأني سآتِ لطلب يدك غدًا ...فلنسر الطريق من بدايته بشكل صحيح .


    ابتسم وهو ينهي حديثه هامسا في نفسه بحقد وغضب :


    _ بعدما انتهى من تنظيف القمامة به ........


    _______________


    في اليوم التالي :


    كان رشدي يحاول كتم ضحكاته وهو ينظر لمظهر زكريا الذي صدم من أن اليوم خطبة هادي بعدما خطط هو للذهاب مع والديه لزيارة فاطمة ...


    _ خلاص بقى يا زكريا متبقاش قموص زي هادي يا عيني الواد استحمل كتير اوي خلينا نجوزه ونخلص بعدين نفوق ليك.


    لم يجبه زكريا بل لوى فمه  بحنق شديد وهو يتابع هادي الذي كاد ينهض من جوار شيماء ويرقص بين الجميع فرحا وقد وصل اخيرا لتلك اللحظة ...ورغم غياب بثينة الذي تعجبه الجميع واراح هادي بشدة إلا أن والدتها كانت أول الحاضرين لهذه الخطبة بطلب من هادي .


    نظر هادي بجانبه لشيماء التي كادت تختفي من الخجل وبسبب نظرات ذلك الذي يجاورها ...


    _ مبارك يا شوشو .


    نظرت له شيماء بخجل شديد وهي تهمس له :


    _ مينفعش تقولي شوشو على فكرة أحنا مخطوبين بس مش متجوزين .


    ابتسم هادي بحيث وهو يلمح بطرف عينه فرج الذي دخل وتبعه رجل كبير في السن يحمل دفتر ويرتدي عباءة سوداء :


    _ وماله نتجوز واقولك اللي انا عايزة .


    لم تفهم شيماء شيء حتى وقع نظرها على ما يحدق به هادي لتخجل بشدة وتنهض من جواره وتركض للداخل يتبعها ماسة وفاطمة .


    زفر رشدي بحنق شديد وهو يرى ما يفعل صديقه ليجد والده يتحدث له بضيق :


    _ هو صاحبك ده عبيط ؟؟؟ بيحطني قدام الأمر الواقع يعني ؟؟؟


    _ هو مش انا قولت منك ليه يا بابا يبقى لو سمحت متدخلنيش في أموركم العائلية انا برة الحوار ده كله ...


    اتجه هادي سريعا صوب فرج الذي كان يسند المأذون والذي يبدو عليه اثر المرض نتيجة لكبر سنة ...


    _ ايه ده ماله ؟؟؟


    نظر فرج لهادي وهو يساعد المأذون في الجلوس متحدثا بصوت منخفض :


    _ أصله نسي دوا الضغط فبعت عيل يجيبه ليه اصبر ياخد الدوا وتلاقيه قام زي القرد دلوقتي .


    نظر هادي لفرج بشر كبير وهو يسحبه بعيدا عن المأذون الذي كان يسعل بعنف متحدثا لوالدته :


    _ كوباية ماية لا الراجل يفطس مننا يا ما ....


    سحب فرج جانبا وهو يسبه بخفوت :


    _ ما هو انا استاهل اللي بيجرالي عشان اعتمدت عليك يا فرج ...رايح تخرج الراجل من تربته وجايبه ليا يكتب كتابي ؟؟؟


    _ يابني تربة مين ده اشهر مأذون في المنطقة كلها ده هو اللي كان كاتب كتابي .


    أخرج هادي صوتا ساخرا من حنجرته وهو يتحدث :


    _ مش فاهم ايه العلامة المميزة في إنه يكتب كتابك يعني؟؟؟ يكونش كتب كتاب الأمير تشارلز ولا ايه ؟؟؟ بعدين يعني تاعب الراجل وشيلته من على جهاز التنفس كده يفطس مننا ؟؟؟


    اعترض فرج على حديث ذلك الهادي المزعج والذي لا يعجبه شيء :


    _ انا مش فاهم ماله الراجل عمال تقول تربة وجهاز تنفس ما هو زي الفل اهو وإن شاء الله يكتب كتابك ونفرح بيك و....


    _ ياللهوي الحقني يا هادي الراجل هيروح مننا .


    نظر هادي بشر لفرج وهو يهدر في وجهه بغضب :


    _ نقيت فيها يا بومة اهو الراجل بيسلم نمر اهو وهيقابل رب كريم ...اقتلك  اخلص منك ولا اعمل ايه ؟؟؟


    ترك هادي فرج وركض جهة الرجل وهو يحمل الدفتر سريعا يلوح به أمام وجهه وهو يصيح به :


    _ امسك نفسك ابوس ايدك عايز ادخل دنيا ....


    تحدث الرجل العجوز وهو ينظر أمامه :


    _ أنا جايلك يا غالية ....وحشتيني اوي .


    صاح هادي وهو يسرع من حركة يده :


    _ لا استني شوية يا غالية....يعني هي وحشتك لما جيت تكتب كتابي ؟؟؟ ايه فكرتك بيها ولا ايه ؟؟؟ ابوس ايدك امسك نفسك لما تكتب الكتاب وابقى روح معاها ...


    كان زكريا يجلس جوار الرجل يربت على صدره في حركات دائرية يحاول مساعدته بينما هادي يولول كما النساء جواره يندب حظه ويلعن فرج ...


    اقترب فرج منهم وهو ينظر للرجل بحزن يقول :


    _ لا حول ولا قوة إلا بالله مالك بس يا حاج سعد ما انت كنت زي الحصان ؟؟


    رمقه هادي بشر وهو يصيح في وجهه ومازالت يده تتحرك بعنف :


    _ مالوش يا خويا عنده شوية مغص بس .


    ضرب فرج كف بكف وهو يتحدث بحسرة شديدة :


    _ لا حول ولا قوة إلا بالله ..طب حد يعمله كوباية لمون دافية طيب و.......


    لم يكمل فرج حديثه بسبب هادي الذي ألقى الدفتر ارضا ثم انقض عليه صارخا في وجهه :


    _ هقتلك يافرج هقتلك وابعتك معاه تاخد بايده .


    نظر فرج له برعب شديد يحاول الابتعاد عنه وهو يصرخ :


    _ اعملك ايه ملقتش غيره وانت قولت تقب وتغطس وتطلعلي بواحد وده اللي لقيته ...


    كاد هادي يتحدث صارخا في وجهه لولا ذلك الصوت الذي صدح في المكان :


    _ أين العريس ؟؟؟؟


    توقف هادي وتوقف الجميع بتعجب لذلك الصوت ليجدوا أنه لم يكن سوى صوت المأذون الذي اعتدل في جلسته وحمل الدفتر من الأرض وفتحه وهو يتحدث كما لو أن يكن يصارع الموت منذ قليل .


    نظر له الجميع ببلاهة ليتحدث فرج ببسمة وهو ينسل من بين يدي هادي :


    _ شوفت قولتلك الراجل زي الفل ومش فيه حاجة ...هو بس كان بيشحن .


    تجاهل هادي فرج وهو يركض جهة المأذون صارخا به أن ينهي عقد القرآن قبل أن ينفذ شحنه مجددا ...


    وسريعا تم الأمر بلمح البصر لينتهي المأذون معلنا ارتباط قلبين آخرين ...


    علت الزغاريد في المكان وارتفع صوت المهنئين لهادي لكن كل ذلك توقف بمجرد سماع صرخة ماسة باسم فاطمة .........


    فزع زكريا وشعر كما لو أن قلبه قد توقف عن الخفقان ليركض سريعا جهة المكان الذي به فاطمة ليجدها ساقطة في الممر وجسدها متيبس وقد عادت حالتها مجددا ....


    انحنى زكريا سريعا لفاطمة وحملها من الأرضية وهو يركض بها صوب الغرفة التي فتحتها له ماسة مشيرة له بالدخول .....


    أشار زكريا لماسة أن تغلق الباب خلفها :


    _ اقفلي الباب ياماسة لو سمحتِ ....


    خرجت ماسة وهي تغلق الباب خلفها تاركة زكريا الذي يضم فاطمة بعنف شديد هامسا في أذنها :


    _ اششش انا جنبك يا قلبي ..انا هنا يا فاطمة. 


    وكأن صوته قد مثل لها طوق النجاة حيث تمسكت به في عنف وهي ترتجف مرددة بنبرة مرتعبة شديدة وهي تبكي بعنف :


    _ انا شوفته ....انا شوفته .......


    دمتم سالمين ❤️

    شيخ_في_محراب_قلبي

    التاسع_عشر


    "‏تفننوا في جبر الخواطر، ولا تتكئوا على سِعة قلوب أحبابكم."


    صلوا على الحبيب 


    _______________


    كان القلق هو ما يسود المكان بعدما ركض زكريا تاركا الجميع خلفه ما بين خوف وترقب ...


    اقترب هادي سريعا من رشدي الذي كان يقف جوار ماسة محاولا فهم ما حدث ...


    _ والله يا رشدي ما اعرف حاجة، هي لما شيماء خرجت بعد كتب الكتاب خرجنا انا وهي وراها ويدوبك لسه رجليها مخطتش للصالة لقيتها مرة واحدة اتسندت على الحيطة وهي بتتنفس بصعوبة وبعدها وقعت في الأرض زي اللي بتطلع في الروح .


    لم يفهم أيا من هادي أو رشدي شيء ابدا مما حدث لكن هادي اقترب من إذن رشدي وهمس له بخفوت شديد :


    _ رشدي معلش شوف زكريا كده لو محتاج ينقل مراته للمستشفى وانا هعتذر من الناس خلينا نقفل الليلة على كدة ونشوف زكريا .


    نظر له رشدي قليلا ثم هز رأسه باقتناع :


    _ تمام اصبر الاول اشوف زكريا واللي حصل معاه ولو كده لم الليلة يا هادي .


    هز هادي رأسه ثم تحرك صوب شيماء التي كانت تبكي بخوف شديد لما سمعته منذ قليل ثم جذبها لاحضانه بحنان هامسا لها بكلمات مطمئنة .


    ______________________


    _ فاطمة اهدي لو سمحتي وفهميني تقصدي ايه ؟؟؟؟


    تحدث زكريا بعد صمت طويل ولحظات مرت على أعصابه كالجحيم بعد كلمتها تلك وقد شعر فجأة بتوقف العالم من حوله .


    بكت فاطمة وهي تتمسك به دافنة نفسها في صدره وكأن ذلك الشخص يقف أمامها الآن يخيفها... هاتفة بنبرة مرتعشة :


    _ هو ...هو برة انا شوفته يا زكريا ...هو برة انا شوفته والله ...برة ...هو برة .


    كانت فاطمة تكرر كلمتها بهزيان وهستيريا لا تعي ما يحدث حولها بينما زكريا كان يشعر وكأن كل جسده ينتفض مطالبا إياه بالخروج الآن وقتل كل رجل يقابله في الخارج دون تفرقه ...لكنه رغم ذلك اغلق عيونه بعنف ضاغطا على قبضته بقوة شديد حتى كادت عروقه تنفجر ثم قبل رأس فاطمة بحنان وتحدث بنبرته الهادئة كما لو أن شيئا لم يحدث .


    ثم ابتعد قليلا عن فاطمة وهو يهمس لها بحنان شديد :


    _ أتسمح لي جميلتي أن أخرج لدقائق قليلة ثم أعود لها ؟؟؟


    وكأنه بحديثه ذلك قد ضرب رأس فاطمة بقوة لتستفيق من تلك الهوة التي ألقاها عقلها بها صارخة وهي تتشبث به في عنف باكية بجزع :


    _ لا لا متخرجش هيجي هو لا يا زكريا لا هو هو هيجي هو قالي كده هو قالي .......


    ابتلع زكريا ريقه محاولا الإفلات منها :


    _ حبيبتي هطلع بس استأذن من هادي واجي اخدك ونمشي متخافيش محدش هيدخل هنا ماشي ؟؟؟


    نظرت له فاطمة برعب شديد وهي تهز رأسها بنفي تبكي أكثر وهي تزيد من تمسكها به :


    _ لا لا خليك جنبي بالله عليك بلاش تسيبني بعد ما وثقت فيك .


    شعر زكريا بوجع شديد في قلبه من حديثها ليضمها إليه أكثر وهو يهمس لها بحنان شديد :


    _ حبيبتي مينفعش افضل هنا والكل برة قلقان وهنبوظ الليلة بتاعة هادي وشيماء ....يرضيكِ يعني نعمل كده ؟؟؟


    هزت فاطمة رأسها بنفي ومازال جسدها يرتجف بعنف شديد وهي تبكي ليكمل زكريا حديثه :


    _ طيب ينفع أخرج اعتذر منهم واجي على طول اخدك ونمشي وصدقيني محدش هيدخلك هنا هبعتلك ماسة تقعد جنبك لغاية ما ارجع وكمان مش هشيل عيني من على الباب ده ماشي ؟؟؟


    ورغم كل ما تمر به فاطمة في تلك اللحظة وذلك الشعور الموحش الذي سيطر على قلبها إلا أنها بيد مرتجفة تركت ثياب زكريا التي تجعدت من تمسكها بها ثم عادت للخلف ببطء وهي تهز رأسها له بالقبول .


    ابتسم زكريا وهو ينهض ببطء من جوارها ثم تحرك للخارج بعدما ألقى لها بواحدة من تلك البسمات التي تذيب قلبها ....


    خرج زكريا سريعا للصالة ببسمة هادئة كتلك التي يتخذها عنوان ملامحه دائما وبعدها اتجه صوب رشدي وماسة مخفضا وجهه ارضا :


    _ معلش يا ماسة خليكِ خمسة كده جنب فاطمة وانا شوية وهاجي .


    هزت ماسة رأسها سريعا ثم اتجهت صوب الغرفة تتبعها شيماء التي تركت هادي ...


    توجه هادي صوب زكريا ورشدي يتحدث بقلق شديد :


    _ زكريا خير باذن الله ؟؟ فاطمة كويسة ؟؟؟ الغي الليلة وناخدها تك....


    قاطعه زكريا ببسمة واسعة وهو يضمه من كتفه بحب :


    _ تلفي ايه يا اهبل إنت؟؟؟ مش دي الليلة اللي هتموت من زمان وتعملها ؟؟؟ 


    قلب هادي عيونه بملل وهو يتحدث :


    _ يا عم فكك من الليلة تتعوض بس المهم فاطمة تكون بخير .


    هز زكريا رأسه ببسمة وهو ينظر حوله  :


    _ كويسة متقلقش ... ألا صحيح يا هادي إنت مجبتش فوتجرافر انهاردة ولا ايه ؟؟؟


    نظر هادي ببلاهة لرشدي الذي يستمر في مراقبة زكريا بنظرات غامضة :


    _ جبت اكيد ودي تفوتني ...بس ايه مناسبة السؤال ؟؟


    ابتسم زكريا وهو ينظر له هو ورشدي :


    _ كنت بفكر نتصور صورة مجمعة بالمناسبة السعيدة دي ....


    أنهى زكريا حديثه ثم صاح بصوت عالي سعيد وهو يصفق بكفيه :


    _ يلا يا شباب كله يقرب هنا هنتصور بالمناسبة السعيدة دي ..عايز كل الشباب يتجمعوا هنا عشان نخليها ذكرى حلوة لينا .


    ابتسم الجميع وعلت هتافات الشباب تحت نظرات صدمة من هادي وتعجب من رشدي فها هو زكريا الكاره للصور والتصوير والذي كان يتملص في أي مناسبة من تلك اللحظة يطلب من الجميع التصوير .


    ابتسم زكريا بشكل مخيف وهو يرى جميع الشباب يجتمعون في منتصف البهو الخاص بمنزل رشدي لينادي زكريا فرج الذي اقترب سريعا حاملا بيده قطعة كعك وهو يهمس له :


    _ فرج أخرج كده شوفلي فيه شاب برة ولا حاجة عشان بس عايز يكون الكل في الصورة .


    ابتسم فرج وهو يرفع عينه لزكريا متحدثا ببسمة واسعة :


    _ وانا كمان !؟؟


    ابتسم له زكريا بسمة باهتة :


    _ وانت كمان يا فرج بس يلا شوف فيه حد واقف برة ولا لا .


    ركض فرج بخطوات حثيثة للخارج ليختفي ثوان قبل أن يعود وهو يسحب أحد الشاب من يده بعنف شديد :


    _ يا بني تعبتني بقولك هنتصور سوا صورة ..


    زفر الشاب بحنق شديد يحاول جذب يده من فرج والذي لم يكن سوى فرانسو الذي كان يتحدث في هاتفه في الخارج :


    _ طب سيبني بس انت ماسك فيا كده ليه !؟؟ بقولك ثواني وهحصلك .


    دفع فرج فرانسو في المكان الذي تجمع به جميع الشباب الموجودين ثم وقف جوارهم وهو يبتسم لزكريا مشيرا له بإصبعه أن الجميع هنا .


    ابتسم زكريا وهو يفرد ذراعيه محيطا رفيقيه اللذان يرمقانه بصدمة وعدم فهم ....


    _ يلا كله يبتسم للكامير...واللي ورا يقفوا على طراطيف الاصابع عايز الكل يظهر في الصورة لاني هشيلها جوا قلبي .


    كاد المصور يلتقط الصورة للجميع لولا زكريا الذي تحدث سريعا وكأنه تذكر شيئا :


    _ لا بقولك ايه يا ابو علي ادي الكاميرا لعمي ابراهيم وتعالى معانا في الصورة عايزين صورة تجمع الكل هنا انهاردة عشان الذكرى بس .


    ورغم تعجب حسن ( المصور و أحد جيران الشباب ) إلا أنه خلع الكاميرا من رقبته ثم أعطاها لابراهيم وأخبره كيف يلتقط صورة بعدما ضبط زاوية الالتقاط ثم ركض ووقف جوار الشباب ليبتسم زكريا بخبث وهو ينظر للكاميرا بعدما تأكد جيدا من وقوف كل شاب في هذه المناسبة جواره .


    ___________________


    كانت تجلس في غرفتها وهي تشعر بنيران تشتعل داخلها وكلمات ذلك الزوج المزعوم ترن داخل أذنها بعدما حدثها منذ قليل على الهاتف ...


    _ وده مين اللي هيعمل كده ؟؟؟


    كان صوته مرعبا رغم هدوئه ومازالت هي حتى الآن لا تدرك كيف أن شخص بمثل ملامحه التي تدل على الرقي والتفتح بمثل هذا الخبث والدهاء ..


    أجابت بثينة وهي تحاول أن تتمسك بطل ذرة ثبات بها :


    _ انت ...لو عايز تتجوزني تعمل كده .


    انطلقت ضحكة من فرانسو وهو ينظر للخلف حيث الجميع في عقد قران هادي :


    _ امممم شكلك معرفتيش اخر التطورات ؟؟؟


    _ تطورات ايه دي ؟؟؟


    ضحك فرانسو أكثر وهو يتحدث بصوت هادئ :


    _ مش معقولة كده يابنتي محدش عاملك قيمة في العيلة دي ....ما علينا بعد يومين كتب الكتاب والفرح وبعدها بيوم السفر يا بسبوستي .


    اشتعلت النيران في رأس بثينة التي انتفضت من مقعدها صارخة بعنف شديد :


    _ ومين اللي قال كده إن شاء الله ؟؟؟


    _ هادي، وانا الصراحة موافق خليني اخلص اصل ادوم حبيبي وحشني .


    لم يبدو أن بثينة فهمت شيء لذا صمتت تحاول التفكير فيما يقصد لتسمته يردد على مسامعها بنبرة لأول مرة تسمعها منه :


    _ ادم ابني ٣ سنين .


    زفرت بثينة وهي تجيبه بوقاحة شديدة :


    _ آخر همي ...انا دلوقتي في موضوع الفرح ده ..انا مش موافقة على الموضوع ده .


    أجابها فرانسو باردة جدا :


    _ آخر همي ...


    ولم يمنحها ثانية إضافية للإجابة واغلق المكالمة ليجري مكالمة أخرى بالمحامي الخاص به وأثناء ذلك جاء فرج لسحبه حتى يأخذ صورة مع الجميع ...


    أفاقت بثينة من شرودها تزفر بضيق وهي تفكر فيما يحدث وفي المسار الذي تحركت إليه حياتها .


    _ ايه اللي وصلني لكل ده ؟؟؟؟


    ______________________


    ابتسم زكريا مبتعدا عن الجميع وهو يتحدث بصوت عالي ليسمعه الكل في المكان :


    _ طب يا جماعة اعذروني انا بس لان المدام مريضة شوية فهضطر أخدها وامشي ...


    كاد هادي يفتح فمه للتحدث ليوقفه زكريا بإشارة من يده وهو يتحدث مبتسما :


    _ لا يا هادي مش هتلم الليلة ...كملوا زي ما انتم كل شيء بخير متقلقوش .


    أنهى حديثه وهو يتجه لهادي يضمه بحب شديد هامسا له :


    _ صدقني والله هعوضها ليك في الليلة الكبيرة يا حبيبي بس دلوقتي مش هقدر صدقني والله مش هقدر ......مبارك يا حبيبي .


    ابتعد زكريا ثم اتجه لرشدي تحت نظرات هادي المتعجبة لحديثه وهو يشعر بغصة في قلبه وأن هدوء وبسمة صديقه تلك ليست سوى إشارة لحرب مشتعلة داخلة .


    _ مبارك لشيماء يا رشدي صدقني مش هتلاقي حد يحافظ عليها ولا يحبها قد هادي واسألني انا لاني اكتر واحد شوفت هو بيحبها قد ايه ؟؟؟


    ابتعد زكريا عن رشدي ثم ابتسم لهم بسمة صغيرة قبل أن يستدير ذاهبا للغرفة التي بها فاطمة ...وبمجرد أن أبتعد عن أعين أصدقاءه المراقبة له حتى تحول وجهه بشكل مخيف ينبأ بكوارث قادمة .


    _____________________


    _ بقولك ايه انا بستأذنك ليه اساسا انا هروح اخدها وأخرج ومتقولش كلمة واحدة لاحسن تطلع في دماغي واخدها على البيت وإنت عارف اني قادر اعمل كده .


    أنهى هادي كلماته يتجه صوب شيماء التي تجاور ماسة بعدما تحدث لرشدي حتى يخرج مع شيماء لبعض الوقت وحدهما ..وكالعادة بدأ رشدي في ازعاجه .


    وصل هادي جوار شيماء ثم تحدث ببسمة سخيفة :


    _ يلا يا شوشو قومي غيري والبسي اي حاجة مريحة عشان نخرج سوا .


    رفعت شيماء نظرها لهادي بتعجب :


    _ نخرج ؟؟؟


    ابتسم لها هادي يهز رأسه بإيجاب :


    _ ايوة يلا انا استأذنت من رشدي وهو وافق برحابة صدر


    تحدث رشدي من بعيد قليلا وقد وصل له حديث هادي :


    _ كداب موافقتش والله .


    تجاهله هادي وهو يشير لها بالنهوض لتغيير ثيابها والتي كانت عبارة عن فستان طويل باللون الذهبي به بعض الزينة الثقيلة نوعا ما لكن دون زيادة بل كان يبدو شديد الجمال عليها إلى جانب حجابها البسيط والراقي وبعض الزينة التي تكاد تظهر في ملامحها  .


    نظرت شيماء جهة رشدي تسأله بعينها أن تنفذ حديث هادي ليبتسم لها رشدي هازا رأسه بإيجاب يخبرها أن تذهب معه .


    رحلت شيماء مع ماسة وهي تنظر لهادي بخجل ....

    ابتسم هادي وهو يلقي نفسه على الأريكة جواره بهيام شديد يربت على قلبه وهو يبتسم بسمة هائمة غبية يدور بنظره في المكان وهو يرى العالم حوله وردي لكن فجأة فزع حينما جائت عينه على وجه شخص يكاد يلتصق به ....


    انتفض هادي وهو يصرخ جالبا انتباه جميع من حوله :


    _ ياربي وقفت قلبي يا جدع ...هو إنت لسه هنا ؟؟؟


    كان هادي يتحدث المأذون والذي كان يتوسط الأريكة التي ألقى هادي نفسه عليها ليفزع من وجوده وقد أنهى بالفعل عقد قرانه منذ فترة ....


    تحدث المأذون بتعجب شديد وهو ينظر لهادي :


    _ هما خلصوا ؟؟؟


    لم يفهم هادي شيء ليتحدث بتعجب بعدما لمح رشدي يقترب منه :


    _ هما مين دول اللي خلصوا ؟؟؟


    _ العريس والعروسة خلصوا تصوير وهيصة ؟؟؟


    حسنا يبدو أن ذلك العجوز خرف فهادي لم يفهم جيدا ما يقصد لذا تحدث بعدم فهم :


    _ اه يا حاج خلصوا بعدين انا العريس ايه مش عارفني ؟؟ ده انت لسه كاتب كتابي .


    نظر له الراجل من أعلى لاسفل بدقة وهو يجيب بتعجب :


    _ انت العريس ؟؟؟ ازاي ده انا فاكر إنه كان ابيض من كده .


    خرج صوت مستنكر من حنجرة هادي وهو يجيب الرجل :


    _ معلش اصل الجو في صالة عمي ابراهيم الفترة دي استوائي فتلاقيني اخدت لون .


    هز الرجل رأسه وكأنه قد اقتنع لكنه عاد وتحدث :


    _ ايه ده لحظة مش العريس اساسا كان عبيط ؟؟؟ فرج قالي إنه فرح واحد عبيط واجي بسرعة قبل ما يقتل حد بس إنت شكلك كده والله اعلم مش عبيط .


    تحدث هادي بسخرية وهو يرمق الرجل :


    _ الله يكرمك يا حاج والله 


    صدح في المكان ضحكات رشدي العالية وهو يسقط ارضا صارخا من بين ضحكاته :


    _ لا يا حاج في دي انت صح ...العريس فعلا عبيط .


    استدار هادي هو يلمح بطرف عينه فرج الذي كان يجلس جانبا يتناول قطعة من الجاتوه بكل استمتاع ليركض له سريعا بغيظ شديد صارخا :


    _ فــــــــــــــــــــــــــرج .......


    ______________________


    _ وها نحن اميرتي قد وصلنا لغرفتك .


    هكذا تحدث زكريا وهو يضع فاطمة بحنان شديد على فراشها مبتسما لها بسمته التي أضحت تسكن كل اوجاعها وآلامها وتطمئنها أن القادم سيكون سعيد طالما كان بجواره .


    _ هو إنت يعني ....اصل اللي حصل ...هو ...


    كانت فاطمة تتحدث بحديث عشوائي لا تعلم ماذا تقول حقا كيف تتحدث معه بشأن ما حدث منذ قليل ...لكن يبدو أن زكريا تفهم الأمر ليضمها بحنان مقبلا رأسها :


    _ حسنا، ما رأيك بأن تنامي اليوم وغدا نتحدث .


    تحدث زكريا يود الرحيل من أمامها الآن حتى يفكر في القادم، لكن فاطمة أمسكت يده سريعا وهي تتحدث بلهفة ودموعها بدأت في الهبوط :


    _ مش عايزة اشوفه ابدا يا زكريا مش عايزة اقف قدامه ...هموت والله جسمي كله بيترعش وبحس اني عايزة اولع فيه و....


    توقف زكريا عن الحديث وهو يجذب رأسها لصدره بتعب شديد ووجع :


    _ مش عليكِ تقفي قدامه ابدا غير يوم ما تخدي حقك منه ...يوم ما تشوفيه بعينك وهو بيتعاقب على اللي عمله يومها بس هتقفي قدامه وانتِ رافعة راسك .


    قبل زكريا رأسها بحنان هامسا :


    _ اعدك جميلتي أنني لن اترك حقك ابدا ...لذا نامي قريرة العين ولا تهتمِ لأي شيء يحدث حسنا ؟؟


    نظرت فاطمة لعيونه بدموع وهي تتحدث بوجع كبير :


    _ انا بظلمك اوي معايا يا زكريا انا دمرت مستقبلك كله بجوازي منك .


    ابتسم زكريا وهو ينزع حجابها حتى لا تختنق ثم رتب شعرها بحنان هامسا لها بحب شديد لا يعلم متى وأين تغلغل داخله فالأمر بدأ بنزعة الحماية التي نمت داخله تجاهها وبعدها تحولت لمسئولية وها هي المسئولة قد كبرت لتنضج مكونه ثمارها التي طرحت حبًا انتشر رحيقه في ربوع جسده كله معلنا بذلك بداية موسم عشق خاص حوّله من راهب لشاعر في حبها .


    _ وما نفع المستقبل إن لم يكن جوارك غاليتي ؟؟ 


    _____________________


    كان رشدي يضحك بعنف وهو يحاول جذب هادي بعيدا عن فرج الذي كان يضم طب حلواه وكأنه يحمي صغيرة من وحش مفترس صارخا في هادي :


    _ جرا ايه يا متخلف انت ؟؟ كنت هتخليني أوقع الكريزة في الارض من الفزع .


    تحدث هادي بغيظ شديد وهو يضغط على أسنانه بعنف يشير بكفيه لفرج وكأنه يطحن ثمرة طماطم أسفل قبضيته :


    _ ده انا بص هخلع راسك دي واحطها في خلة واعملها كريزة ....بقى انا عبيط يا فرج ؟؟؟ انا عبيط ؟؟؟


    تحدث فرج وقد أدرك سبب غضب هادي لذا تراجع أكثر على مسند المقعد الذي يتعلق به خوفا من هادي :


    _ لا يا هادي يا بني ..قطع لسان اللي يقول عليك كده يا حبيبي...


    _ وانا ميرضنيش كلمتك تنزل الأرض يا حبيبي .


    ابتلع فرج ريقه بقلق وهو يرى هادي ينظر له بشر :


    _ قصدك ايه ؟؟؟؟


    ابتسم هادي بشر كبير وهو يتحدث :


    _ يعني هقطعلك لسانك يا فرج ووريني بقى هتتغزل في ام اشرف ازاي ؟؟؟ أما خليت اشرف يسدلك الشباك بتاعها مبقاش هادي عبدالهادي .


    _ هادي بتعمل ايه ؟؟؟


    كان ذلك صوت شيماء التي خرجت للتو من غرفتها ترمق هادي بعدم فهم لما يفعل ...انتفض هادي مبعدا رشدي عنه ثم تحرك صوب شيماء بلهفة شديدة ولم ينسى قبلها أن يمرر يده على رقبته كحركة السكين مشيرا لفرج بها وهو يتوعده ....وصل هادي لشيماء وهو ينظر لها بحب شديد وبسمة ثم مد يده لها :


    _ تسمحلي جميلتي ؟؟؟


    نظرت شيماء حولها للجميع بخجل شديد ووضعت يدها في يد هادي وتحركت معه وهي تبتلع ريقها بتوتر تحت نظرات الجميع السعيدة لأجل الاثنان .


    نظر رشدي لماسة التي تقف تراقب خروج شيماء ببسمة واسعة ليشير لها بعينه أن تتبعه لسطح البناية ثم تحرك يسبقها وقد انقلبت ملامحه ١٨٠ درجة وكأنه ليس ذلك المازح الضاحك الذي كان في المنزل منذ ثواني فقط .


    نظرت ماسة لاثره تعلم جيدا ما يريده لذا تنفست تهدأ نفسها وبعدها استأذنت من الجميع ثم تبعته سريعا حتى لا تزيد من غضبه وتجعله يظن أنها تتملص من المواجهه .


    __________________


    خجلت فاطمة كثيرا من حديث زكريا وما كادت تفتح فمها للإجابة حتى قاطعها صوت رنين هاتف ما ...والذي كان هاتف زكريا .


    أخرج زكريا هاتفه وبمجرد أن لمح الاسم الذي أنار الشاشة حتى على وجهه ملامح غريبة كليا عن وجه الذي اعتاد أن يحمل للهدوء والحنان والحزم دائما .


    ابتسم زكريا لفاطمة بسمة لم تصل لعينه ثم أجاب الهاتف وهو يتحدث بكلمات مقتضبة جدا لمحدثه :


    _ بعتها ؟؟؟...جزاك الله خيرا ....هستنى بقى تطلعها واجي استلمها منك ...تمام في رعاية الله .


    أنهى زكريا هاتفه ثم أخذ ينقر فيه على بعض الأزرار بلهفة شديدة حتى توقف فجأة ونظر لفاطمة التي كانت تتابع حركاته دون فهم ...


    ابتلع زكريا ريقه وهو ينظر لفاطمة بحنان يكوب وجهها هامسا :


    _ فاطمة هوريكِ صورة وعايزك بس تشاوري ليا على الشخص اللي شوفتيه انهاردة ماشي ؟؟؟


    ازدادت خفقات قلبها لدرجة شعرت أن زكريا قد سمعها لكن برؤية تلك النظرات المشجعة والمساندة لها في اعين زكريا هزت رأسها بتردد كبير في انتظار ما يحدث .


    ابتسم لها زكريا بتوتر شديد يخشى أن يعرضها لصدمة أو ما شابه، لكنه عليه معرفة ذلك الشخص ليبدأ في أخذ قصاصه منه ومن رفيقه، وهو بالطبع لم يكن ليعرض فاطمة لحمل أن تقف أمامه وجها لوجه وتشير عليه لذا رأى أن هذه افضل طريقة للوصول إليه....


    مدّ زكريا يده بالهاتف وهو يترقب كل شيء يصدر من فاطمة التي تحركت عينها من وجه زكريا ليده اتحدث في صورة كبيرة تضم عدد كبير من الشباب والذي تعرف منهم البعض مما رأت سابقا ..أخذ وجهها يمر على الجميع وهي تشعر أنها على وشك الانهيار وتنفسها أصبح صعب جدا ..تشعر ببوادر انهيار وتلك الحالة اللعينة تكاد تعود لها لكن فجأة توقف كل ذلك حتى تنفسها الضعيف توقف وهي ترمق ذلك الذي كان يجاور رشدي ويبتسم بسمة واسعة وكأنه لم يذنب في حياته أو يحيل حياة أحدهم لتعيسة..يبتسم هكذا بكل بساطة وهو دمرها وحطمها ..سقطت دموع فاطمة أكثر وقد أضحت شهقاتها عالية مرتعبة تشير بأصبع مرتجف جهة أحد الأشخاص وهي تتحدث بنشيج بكاء حاد :


    _ ده ....ده يا زكريا هو ده كان ..كان ...


    توقفت فاطمة عن الحديث وهي تصرخ بانهيار شديد مغمضة عينها تدفن وجهها بين قدميها لا تود تذكر كل ما حدث تتمنى لو تفقد تلك الذاكرة اللعينة فهي للحق لا تحتاج شيء منها .


    تجمد زكريا محله بصدمة كبيرة وهو يفتح فمه غير مصدق لتلك الحقيقة التي ضربته بها فاطمة من قليل ...لا يصدق أن ذلك الشخص الذي يدعي البراءة والهدوء والشرف أمام الجميع ليس سوى واحد من أقذر أصناف الرجال إن صُنف رجلاً من الأساس .


    سحب زكريا نفسه بعنف من صدمته وهو يرفع رأس فاطمة يضمها إليه بقوة وقد استحالت عينه للسواد تماما هاتفا بنبرة مرعبة :


    _ اشششش خلاص خلصت ...الموضوع خلص عندك لغاية هنا و اوعدك مش هتشوفي وشه غير وهو مذلول يا قلبي ...


    صمت قليلا ثم تحدث بحب ونبرة مرعبة :


    _ وعدًا قطعه قلبي لعيناكِ جميلتي .....

    ____________________


    كان هادي يجلس على مقعد أمام شيماء وهو يستند بظهره للخلف يحدق في شيماء التي تدعي أنها تتناول الطعام لتتلاشي ذلك الحرج من هادي ....لكن هادي كانت نظراته لها جامدة وهو يراقب كل ما تفعله بملامح ممتعضة...


    زفر ببطء ليهدأ نفسه ثم اعتدل في جلسته يدفع الطعام أمام شيماء ثم سحب طبق السلطة التي لا تأكل سواه منذ جلست وتحدث مشيرا للطعام :


    _ كلِ يا شيماء يا حبيبتي انا مش خارج مع معزة عمالة تأكلِ خس بس .


    رفعت شيماء نظرها لهادي بعدم فهم ليقترب هادي بجسده قليلا منها هامسا :


    _ انا مش اهبل يا شيماء عشان ماخدش بالي من اللي بتحاولي تعمليه .


    توترت شيماء وهي تعتدل في جلستها أكثر مردفة :


    _ قصدك ايه يا هادي ؟؟؟ ما انا بأكل عادي و.....


    _ هو انا عمري اشتكيت من جسمك يا شيماء ؟؟؟ عمرك شوفتي في عيني نظرة عدم رضا عن جسمك ؟؟


    لم تجب شيماء فالسؤال ألجمها كليا ليكمل هو بغيظ يحاول كبت غضبه منها :


    _ لا صح ؟؟؟ يبقى ليه بتعملي كده ؟؟ 


    صمتت شيماء ولم تجب مجددا ليزفر هادي بضيق وهو يمد يده يمسك يدها التي تستقر على الطاولة بينهما :


    _ شيماء اسمعِ اللي هقوله عشان اخر مرة هقول الكلام ده ...لو أنتِ بتعملي كل الهبل ده عشان مثلا رأيي فيكِ أو رأي حد فيكِ ففكك من الحوار ده كله ومتعمليش اي حاجة لان انا معنديش اي مشاكل مع الحوار ده بالعكس أنا يوم ما حبيتك ..حبيتك كده .


    صمت يتابع تعابير وجهها ثم أكمل :


    _ إنما بقى لو بتعملي كل ده عشان نفسك فأنا معاكِ بس انا مش عايزك تعيشي وأنتِ حاسة نفسك متكتفة أو متقيدة بحاجة معينة يا شيماء ارجوكِ .


    سقطت دموع شيماء دون أن تشعر لتهز رأسها له وهي تضع وجهها في الطعام أمامها تحاول اخفاء دموعها فهذا الموضوع حساس جدا بالنسبة لها وجسدها يعد أكبر عائق في دنيتها كلها .


    نهض هادي من مقعده واتجه لشيماء ثم سحب رأسها لاحضانه برقة وحنان شديد مربتا على رأسها دون كلمة واحدة بينما هي وكأنها واخيرا حازت فرصتها للانفجار بكل ما يعتمل نفسها لتتحدث من بين شهقاتها :


    _ انا بكره نفسي اوي اوي يا هادي ...بكره ابص لنفسي في المراية...لحظات لبسي بتكون ابشع لحظات في عمري وانا بحاول الاقي حاجة تناسبني ..تعبت من كل ده .


    ضمها هادي إليه أكثر يقبل رأسها ثم أبعدها بحنان وهو ينحني على ركبتيه جوار مقعدها ممسكا بيدها خامسا :


    _ كل ده مش مهم عندي يا شيماء قد ما قلبك مهم عندي لو حصلك ايه ولو حصلت أي تغيرات في شكلك هتفضلي شيماء اللي حبيتها وحفيت وراها وطلع عين أهلي عشان في الاخر تكون على اسمي .


    ابتسمت شيماء بسمة صغيرة من بين دموعها لتسمعه يكمل حديثه بهمس خافت وكأنه يدلي بسر :


    _ اقولك على سر خطير ؟؟؟


    _ إنت اللي قتلتك موفاسا ؟؟؟


    صدم هادي من جواب شيماء ثواني قبل أن ينفجر ضاحكا عليها وهو يهز رأسه بلا متحدثا :


    _ لا حاجة اخطر من قتل موفاسا ....


    حاول تمالك نفسه قليلا ليهمس لها بخفوت :


    _ انا اللي كنت بطفش العرسان اللي بيجولك.


    _ عرسان ؟؟ بيجولي ؟؟؟


    كانت معالم الصدمة تظهر جليا على وجه شيماء لا تصدق ما اخترق سمعها للتو ....هز هادي رأسه وهو يقاوم تلك الضحكات التي يمنعها بصعوبة من الانطلاق لرؤيته ملامح وجهها :


    _ لا هو انا مقولتلكيش؟؟ مش عقبال عندك كان بيجيلك عرسان كتير وانا اللي كنت بطفشهم ؟؟؟؟


    ____________________


    _ ونهاية كل السكوت ده ايه ؟؟؟


    رفعت ماسة عينها لرشدي تحاول تفادي ذلك الغضب الذي يشع من عينه وهي تحاول تفادي كل غضبه :


    _ يا رشدي ما انا مش عارفة اقول ايه انت اللي ناديتني .


    _ ماسة....


    كلمة واحدة لكن أثرها على ماسة كان كبير فقد ارتجف جسدها برعب لتلك النبرة التي تحدث بها إليها لتبتلع ريقها وهي تستمع لحديثه :


    _ أنتِ عارفة كويس اوي أنا ناديتك ليه ؟؟؟ فاتكلمي قبل ما اعصابي تفلت وهيكون رد فعلي مش حلو واظن مفيش حد يعرفني اكتر منك .


    ابتسمت ماسة بغباء وهي تحاول أن تلطف الأجواء :


    _ ما انت عارف يا رشدي اني بتخنق مرة واحدة و...


    _ وبتنهاري بالشكل ده اللي محصلش من وفاة والدك !؟؟ ما اظنش يا ماسة .


    أغمضت ماسة عينها بتعب شديد وهي تتحرك صوب رشدي تضمه بلا مقدمات وهي تستند برأسها على صدره ويدها تلتف حوله هامسة له بحب :


    _  انا بحبك اوي يا أباظة .


    إن كانت تظن أنها بهذا الشكل قد امتصت غضب رشدي ...فقد أصابت فهي بالفعل بمجرد ضمها له هدأ جسده تلقائيا وبادلها العناق يهمس جوار أذنها بحنان :


    _ حصل ايه يا ماسة ؟؟؟


    ضمته ماسة أكثر وهي تقص عليه كل ما حدث وما رأت وكل شيء لتستشعر بجسده يتيبس أسفل يدها بشكل مخيف وما كادت تتحدث حتى قاطع هذا الصمت صوت رنين هاتف رشدي الذي أجاب سريعا بصوت يحاول عدم إظهار غضبه فيه .....


    _ فين ؟؟؟ ماله زكريا ؟؟؟ طيب تمام ثواني واكون عندكم .


    أنهى رشدي حديثه ثم قبل رأس ماسة بحنان وهو يتحدث لها :


    _ انزلي دلوقتي يا ماسة وبعدين نكمل كلامنا ...


    _ ماله زكريا ؟؟فاطمة حصلها حاجة ؟؟؟


    جذب رشدي ماسة خلفه وهو بجيبها باختصار :


    _ فاطمة كويسة بس زكريا الله وحده اعلم ايه اللي حصل ليه ؟؟


    __________________


    كان يطرق الباب بايقاع منتظم ليسمع صوت لؤي من الداخل وهو يسب في الطارق حتى فتح الباب بعنف شديد :


    _ جرا ايه يا طور إنت ؟؟؟ ماسك طبلة في فرح شعبي ولا ايه ؟؟ مش عارف اتابع الماتش .


    لوى هادي فمه بحنق شديد وهو يتحرك للداخل :


    _ ايه يا لؤي العنف ده ؟؟؟ كل ده عشان ماتش يا اخي اووف منكم الكورة لحست مخكم .


    _ منكم اللي هما مين يعني ؟؟؟بعدين إنت جاي عندنا عايز ايه ؟؟


    ابتسم هادي بهدوء شديد :


    _ ايه يا لؤي بس كلامك ده كده هحس انك مش طايقني .


    _ ما هي دي حقيقة فعلا انا مش طايقك ولا طايق كابتن ماجد اللي بقاله ساعة عمال يصرخ جوا ربـــاه و ويحي، ولا كأنه بيحارب مع احمد مظهر في فيلم واسلاماه.


    ابتسم هادي وهو يستمع لصوت طرق عنيف على الباب جعل لؤي ينتفض من مكانه بغضب شديد صارخا :


    _ مين الحيوان اللي بيخبط ده ؟؟؟


    تحرك لؤي جهة الباب سريعا يفتحه ليجد رشدي يدخل بعنف كما لو كان في غارة على وكر عصابات وهو يصيح برعب :


    _ زكريا حصله ايه  ؟؟؟ 


    نظر لؤي لرشدي يحاول أن يهدأ نفسه ثم تحرك جهة الداخل ببرود شديد :


    _ محصلوش حاجة بس شوية كده وهيبقى مشرد بلا مأوى .


    لم يفهم رشدي ما يحدث ليتحرك سريعا صوب غرفة زكريا يتبعه هادي والذي لم يحلو له المرور سوى من أمام التلفاز مانعا عن لؤي الرؤية بالكامل لينحني لؤي سريعا ويمسك بخفه المنزلي ملقيا إياه على هادي الذي صرخ متألما من وقعه على ظهره .


    دخل رشدي الغرفة بنفس الشكل الذي اقتحم به المنزل وهو يصرخ بفزع في زكريا :


    _ حصل ايه ؟؟؟ حد عملك حاجة ؟؟؟ انطق قول حصل ايه ؟؟؟


    استدار زكريا لرشدي بملامح شبه خاوية من أي تعابير وهو يتنفس بعنف يرمق هادي الذي تبع رشدي للغرفة وهو يفرك ظهره بألم مغلقا باب الغرفة خلفه ...


    تحدث زكريا بصوت غامض مخيفا موجها حديثه لرشدي :


    _ رشدي إنت تعرف ايه عن صاحبك اللي اسمه مصطفى ده ؟؟؟


    انكمشت ملامح رشدي بعدم فهم وهو يطيل النظر في زكريا ليتحدث هادي متدخلا في الحوار :


    _ مصطفى مين؟؟؟؟ قصدك زميله اللي كان جاي يطلب ايد شيماء !؟؟؟


    هز زكريا رأسه وعيونه تزداد سوادا وهو يتحدث بنبرة مرعبة :


    _ هو بعينه يا هادي .........


    دمتم سالمين  ❤️


    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله  من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




    تعليقات