نوفيلا اِرْتِواء القلب كامله بقلم نورا عبدالعزيز حصريه
نوفيلا اِرْتِواء القلب كامله بقلم نورا عبدالعزيز حصريه
#اِرْتِواء_القلب
الفصل الأول (1)
جلست “ديمة” أمام المكتب فى أنتظار أن يعود أحد وكانت بصحبة عمتها ، دلف العسكرى بكوبين من عصير الليمون وقال:-
-أتفضلوا ومتقلقوش نادر باشا فى أقل من 24 ساعة هيجيب المهتم دا من قفاه
نظرت “ديمة” إلى عمتها بقلق مُخيم على قلبها بعد ان أبتزها هذا المُختل عقليًا بصورها فكان حلها الأمثل اللجوء للمباحث الألكترونية عن مجاراة هذا المختل، فُتح الباب ودلف شاب ثلاثيني مُرتدي قميص رمادي فاتح اللون وبنطلون أسود بملامح مصرية جادة، بشرة حنطية تملي للأسود وعيني بندقية بنية ويرفع شعره الأسود للأعلى وقال بعبوس:
-نادر باشا فين
أجابه العسكرى بهدوء ورسمية:-
-شغال على محضر الأنسة، تحب أدور لك عليه فى أوضة العمليات ياحمزة باشا
نظر حمزة إلى الفتاة والخوف محتل وجهها بوضوح ويديها ترتجف من القلق فقال ساخرًا وهو يكاد أن يغادر المكتب:-
-مورناش بقي غير البنات اللى تصاحب الشباب ويرجعوا يندموا
لم تتحمل “ديمة” كلماته القاسية المُهينة لها فأستوقفته بكلمتها الحادة:-
-يا حضرة
ألتف “حمزة” إليها ببرود وتتطلع بها وهى تسير نحوه بخطوات هادئة، كانت فتاة عشرينية العمر ترتدي بنطلون أسود وقميص نسائي أبيض اللون فوقه سترة نسائية وتلف حجاب وردي اللون مُحاطًا بوجهه النحيف وتملك عيني عسلية فاتحة كأشعة الشمس الذهبية وأنفه نحيفة حادة وشفتي باللون الكرزية وبشرة متوسطة البياض، وقفت أمامه ثم قالت بإقتضاب:-
-أنت إنسان مهزق وأنا لو بأيدى هفصلك من وظيفتك دى
أتسعت عيني “حمزة” على مصراعيها بدهشة من جراءة هذه الفتاة فى سبه ولعنه هكذا لتتابع “ديمة” بغضب مكبوح بداخلها:-
-قولت بتصاحب!! أنت متخلف درجة أولى وأنا غلطانة أني سمعت لكلامك وجت المكان دا ووثقت فى شرطة بلدى
كانت تحدث عمتها وعيناها على “حمزة” ثم قالت بضيق:-
-يلا يا عمته أنا هعرف أتصرف لوحدي من غير مساعدة حد
أخذت حقيبتها وغادرت قسم الشرطة مع عمتها بينما “حمزة” كان مذهولًا من هذه الفتاة فدخل “نادر” عليه ينظر فى المكتب بتعجب ثم قال:-
-هى راحت فين؟
سأله “حمزة” بضيق شديد ويشعر بأختناق سافر داخله من هذه الفتاة التى أهانته قائلًا
-مين دى؟
-اه دى كاتبة روائية وصحفية واحد أخد صورها اللى بتشاركها مع المتابعين بتوعها وبيبتزها بيهم مقابل المال
قالها “نادر” وهو يجلس على مكتبه فشعر “حمزة” بالحرج الشديد من فعلته واتهامها بما لا تفعل ….
________________
أستعدت “ديمة” للذهاب إلى حفل التوقيع المحدد لها داخل معرض الكتاب، أرتدت بنطلون فضفاض وردي اللون وبلوزة نسائية بيضاء اللون تحط عنقها برابطة كبيرة ولفت حجاب أبيض به بعض الورود الوردية مع حذاء بكعب عالى أبيض وحملت المعطف الأسود الطويل على ذراعيها ثم غادرت الغرفة بتعجل لتقول:-
-عمته انا ماشية
أجابتها عمتها من الداخل بنبرة مُحذرة تقول:-
-ماشي خلى بالك من نفسك
غادرت “ديمة” المنزل وأستقلت سيارة الأوبر التى طلبتها حتى وصلت إلى مركز مصر للمعارض الدولية حيث يقام معرض القاهرة الدولي للكتاب وصارت تجاه الجناح المخصص للدار الناشرة لكتابها الجديد..
على الجهة الآخرى كانت تقف فتاة عشرينية العمر مع “حمزة” وتجذبه من ذراعه بقوة لكى يدخل فقال بضيق:-
-ملك أنتِ طلبتى أوصلك بس مش أدخل معاكي، انا ورايا شغل
ضحكت “ملك” هذه الفتاة الخبيثة ثم قالت:-
-وبعدين معاك يا حمزة معقول تيجى لحد هنا ومتسلمش عليها
تذمر “حمزة” بضيق شديد من أفعال أخته الصغرى وقال بضيق:-
-ملك أنتِ عارفة كويس أنى مبطيقش حنان صاحبتك دى
ضحكت “ملك”بعفوية وهى تسير نحو بصحبته إلى القاعات لترى “حنان” تقف فى الساحة تنتظرهما وفور رؤيتهما تبسم الأتنين ليقول “حمزة” بضيق شديد:-
-أنا بعرفك أهو لو فتحت موضوع الإرتباط دا هحرجها وميهمنيش يا ملك
قرصته “ملك” من ظهره خلسًا وهى تقول:-
-عيب يا حمزة البنت بتحبك بجد والله
تأفف “حمزة” بضيق شديد من هذا الموقف وأخته التي تسعى جاهدة لكى تزوجه فهو شارف علة بداية الـ 33 عام ومع طبيعة عمله فدائمًا ما يدعي الإنشغال ويتهرب من هذه الخطوة حتى أنها قدمته إلى جميع صديقاتها المناسبات له لكنه فى كل مرة كان يفتعل عذر ويترك أنطباع سيء لديهم، وصلوا أمام “حنان” لتبتسم إليه بعفوية شديدة وتلقائية وتمد يدها إليه كى تصافحه بينما تقول:-
-أزيك يا حمزة؟
أجابها وهو ينظر للجهة الأخرى بتبلد:-
-كويس الحمد لله
لم يكلف نفسه بالسؤال عنها فضحكت “ملك” بأحراج من فعل أخاها وقالت:-
-أحمد يونس جه ولا لسه
أجابتها “حنان” بحماس للقاء كاتبهم المفضل قائلة:-
-على وشك
داعب “حمزة” عنقه بأختناق وضيق ثم قال:-
-أنا همشي
مسكته “ملك” من ذراعه سريعًا قبل أن يهرب ثم قالت:-
-أستن يا حمزة إحنا مش هنتأخر هنوقع الكتاب ونتصور صورة ونروح على طول متبقاش بايخ كدة وتسيب أختك تتمرمط فى أتوبيسات الهيئة
تأفف بأختناق شديد ثم أشار على أحد الكافيهات الموجودة وقال:-
-هستناكي هناك لكن معاكي ساعة واحدة يا ملك فاهمة، ساعة أنا مش فاضي لك وورايا شغل قد كدة
تذمرت “ملك” وهى تسير مع “حنان “ على هوس أخاها بعمله وتمتمت:-
-كتك نيلة خلي المجرمين والحرامية ينفعوك
سار فى طريقه للكافي بعد أن وضع نظارته السوداء على عينيه وأخرج هاتفه لكى يحدث صديقه به ليقول:-
-أنا من رأى المتواضع أنك تعجل فى موضوع الجواز دا لأن ملك بقيت حاشرة نفسها فحياتي بطريقة لا تُطاق، دا ناقص تجرنى على المأذون
ضحك “عامر” بسخرية على حال صديقه وابن عمه ثم قال:-
-هههههه هى غلطانة أنها خايفة على مستقبلك
تأفف “حمزة” بضيق أكثر ثم قال:-
-أنتوا مالكم ومال مستقبلي ها؟، أسمع يا عامر فهم خطيبتك المتسلطة دى أنى مش هتجوز بالطريقة دى أما علي النعمة أقولك ما عندى بنات للجواز وأجوزها لواحد تاني عشان تفهموا شعورى أنتوا الجوز
ضحك “عامر” على أنفعال “حمزة” ثم قال بجدية:-
-ما هو زيك قاعد فى القسم 24 ساعة ومقضيها مجرمين وحراميه منتظر تتعرف على واحدة فى التخشيبة وتقول عايز أتجوزها، ما تعقل الكلام برضو يا حمزة
كاد أن يُجيبه “حمزة” لكن أصطدمت به فتاة لتسقط الهاتف من يده، أنحنت سريعًا لتحضر الهاتف وهى تعتذر بصوت دافيء:-
-أنا أسفة جدًا
قدمت الهاتف وهى ترفع رأسها تتطلع به ليُصدم الأثنين وقالت “ديمة”:-
-أنت!!!
رمقها “حمزة” بهدوء وقال وهى يأخذ الهاتف منها ويغلق الخط:-
-شوفتي الصدف بقى
تأففت “ديمة” بضيق شديد ثم ألتفت بتعجل من امرها وأقتربت من فتاة مارة وهمست بلطف:-
-ممكن أعمل دقيقة من موبايلك؟
حدقت الفتاة به بتوتر ثم قالت:-
-أنا معيش رصيد أسفة
غادرت الفتاة لتتذمر “ديمة” أكثر وهى تغلق قبضتها بغضب مكبوح بداخلها ممزوج بالقلق والتوتر وكادت أن تذهب لأخرى لكن أستوقفها يده وهو يمد هاتفه إليها فنظرت للهاتف ثم إليه فقال بجدية:-
-أعتبريه أعتذر مني على اللى قولته أخر مرة
تأففت بضيق وأخذت الهاتف من يده ودونت الرقم الخاص بها ثم وضعته على أذنيه لعل أحد يُجيب وتعثر على هاتفها الذي فقدته للتو مرة وأخرى ولن يأتيها أى جواب لتنظر إليه بحرج ثم قالت:-
-ممكن أجرب مرة كمان
أومأ إليها بنعم لتجرب مرتين أخرتين وفى الرابعة أجاب عليها صوت شاب يقول:-
-ألو
تحدث بحماس وأرتياح قائلة:-
-مساء الخير بس دا تليفوني
أتاها صوت الشاب يقول:-
-أستاذة ديمة
أومأت إليه بنعم ليخبرها الشاب بأنها تركت هاتفها داخل جناح الدار أثناء حفلة التوقيع فتنفست الصعداء بإرتياح شديد ثم أغلقت الخط، ألتفت “ديمة” للخلف فتنحنحت بحرج ثم قالت وهى تقدم الهاتف له:-
-شكرًا
-على أيه دى دقيقة بـ14 قرش مش حاجة
قالها بهدوء ثم أخذ الهاتف منها وكادت أن تذهب ليقول بخبث شديد:-
-بس أنا عايزاهم
ألتفت “ديمة” مرة أخرى إليه وتطلعت به ليقول بجدية صارمة:-
-أنا عايز الـ14 قرش
ضحكت بسخرية وهى تنظر بعيدًا عنه ثم قالت بتهكم شديد:-
-هههههه كان لازم أعرف أنك مستغل
أخرجت من حقيبة ورقة بخمس جنيهات ثم قالت:-
-أتفضل
نظر لورقة المال بضيق ثم قال بجدية:-
-أنا عايز 14 قرش لا يقله قرش ولا يزيدوا قرش حقى وحقك
فاض الأمر منها ولتصرخ به وهى تكز على أسنانها بأختناق من هذا الرجل قائلة:-
-أجبلك قروش منين دلوقت ها؟ أووووف
تقدم خطوة منها للأمام ثم تطلع بوجهها وقال:-
-أتصرفي يا أما بقى تقبلى أعزمك على فنجان قهوة
حدقت به بتعجب من طلبه فتنحنح “حمزة” بحرج شديد وتابع حديثه:-
-يعنى عشان محسش بتأنيب ضمير على اللى حصل من يومين وأعتذر
هزت “ديمة” رأسها بهدوء ثم قالت بجدية:-
-مفيش داعي يا حضرة الضابط للأعتذار وخلى ضميرك يرتاح أنا من البداية مبثقش فى الشرطة مش صدمنى ردك وفعلك
وضع “حمزة” يديه فى جيب بنطلونه وقال بإصرار أكبر:-
-كدة زاد إصرارى على طلبي
تأففت بأختناق ثم قالت:-
-خلاص خلاص بس فنجان قهوة بس
أومأ إليها بنعم ليدخلوا القاعات معًا وهى تسير وسط الزحام بين الزوار حتى وصلت للجناح المخصص للدار وفور قدومها أقترب شاب المبيعات بالهاتف وقدمه إليها فأخذت الهاتف وقبل أن ترحل جاءت مجموعة من الفتيات إليها يحملون كتابها الجديد لتوقع لهم وألتقطت القليل من الصور بصحبتهم، وقف “حمزة” بعيدًا وهو المسئول عن تصويرهم مُنبهار بنجاح هذه الفتاة ثم غادرت مع “حمزة” للخارج فقال قاطعًا الصمت السائد بينهما:-
-أبقى خلى بالك من حاجاتي وخصوصًا أن باين أن تليفونه غالى مش كل الناس ممكن ترجعه ليكي
تبسمت بعفوية ممزوجة بالسخرية من حالها ونسيانها للأشياء وقالت:-
-بـ33ألف جنيه بس
رمقها “حمزة” بدهشة ثم قال:-
-معقول الكتابة بتكسب كدة، طب ما تأخدينى أشتغل معاكي
ضحكت “ديمة” بعفوية وخرجا معًا إلى البلازا المُكيفة وأثناء سيرهما أتاهما صوت “ملك” من الخلف وتقول:-
-حمــــزة
ألتف “حمزة” ببرود تام وهو يعلم بأن “حنان” ما زالت مع أخته وأقتربت “ملك” وصديقتها منه والأثنين يتطلعوا بوجه “ديمة” ويتفحصوها من الرأس لأخمص القدم لكن لكلا منهما سبب فـ “ملك” كانت مُندهشة من رؤية أخاها مع فتاة لأول مرة و”حنان” كانت الغيرة تأكل قلبها بعد أن رأته يبتسم ويضحك مع هذه الفتاة بتلقائية لأول مرة على عكس تلبد مشاعره وتعابير وجهه أمامها، وقفت “ملك” أمامه وقالت:-
-رايح فين.. لحظة مين دى؟
نظرت “ديمة” لهذه الفتاة وكانت تصغرها عمرًا وترتدي فستان أزرق اللون طويلة وتلف حجاب أبيض وحذاء رياضي مُريح للمشي طويلًا بهذا المكان وتحمل حقائب بلاستيكية كثيرًا من مُعظم الدور أثر شرائها للكتب، قبل أن يُجيب تحدث “حنان” بضيق أكثر قائلة:-
-ما تنطق يا حضرة الضابط مين دى؟
لهجتها ونبرتها أثروا غضب “ديمة” فكانت تتحدث بسخرية ممزوجة بالتقليل من شأن “حمزة” وهكذا “ديمة” الفتاة الواقفة معه، حدقت ديمة بها بأختناق سافر وكانت فتاة بنفس عمر “ملك” تقريبًا لكنها سمينة قليلًا وترتدي بنطلون جينز ضيق كاد أن يُفلق من ضيقه وقميص نسائي أبيض اللون بيه خطوط طولية برتقالية ويصل إلى أعلى ركبتيها وتلف حجاب برتقالية اللون مع أقل نسمة هواء سيطير من فوق رأسها وعنقها يظهر من هذا الحجاب، غضب “حمزة” هكذا من سؤال “حنان” وكأنها تأمره أو ولية أمره فقال بجدية صادمة للجميع:-
-ديمة حبيبتي
أتسعت عيني الجميع بصدمة قاتلة ولم تقل صدمة “ديمة” عن صدمة أخته وهذه الفتاة الهائمة بإعجابها به …..
______يتبــــــــع....______
#اِرْتِواء_القلب
#نور_زيزو
#نورا_عبدالعزيز
#اِرْتِواء_القلب
الفصل الثاني (2)
تطلعت “ديمة” به وفتحت فمها قليلًا من الصدمة لم تفهم شيء أهو أستغلها الآن ويكذب أمام الجميع، أشار على “ملك” ببرود وما زال مُصطنع الجدية وقال:-
-ملك أختي حكيت لك عنها كتير
لم تُجيب “ديمة” فأشار إليها لتنحنح بحرج من كذبته وقالت:-
-أه أهلا وسهلا يا ملك كان نفسي أشوفك من زمان
لم تصافحها “ملك” بل حدقت بها بغرور ثم قالت:-
-أنتِ بقي جاية هنا عشان تقابلى حمزة مع أنى مش شايفاكي شارية كتب ولا أى حاجة
تنحنحت “ديمة” بضيق من الموقف الذي وضعها به ثم قالت بهدوء:-
-أنا كاتبة وكان عندي حفلة توقيع النهاردة كنت أتمنى تشرفيني
رفعت “ملك” حاجبها إليها ثم قالت بسخرية:-
-أنت لسه متعرف عليها يا حمزة مش كدة!!
ضحك “حمزة” على أخته الفضولية التى تشبه مركز المخابرات فى حياته ليقول:-
-لا طبعًا
عقدت “ملك” ذراعيها أمام صدرها بصمت قاتل كاد أن يقتل “حمزة” من التوتر ليخرج من جيبه قلادة من الذهب وقال:-
-فى واحدة هتعرف عليها النهاردة وأجيب لها سلسلة ذهب ليه فلوس أهلى كتير مثلًا
وقف أمام “ديمة” ليضع القلادة حول عنقها ليهمس إليها بترجي قائلًا:-
-أبوس أيدك أقف جنبي دقيقتين بس
كزت على أسنانها وهى تستغل الفرصة التى سنحت لها وقدمها القدر إليها على طبق من الذهب وهمست بخبث مُنتقمة منه:-
-والـ 14 قرش
تنحنح بحرج ثم قال:-
-هديكي 14 جنيه بس خليكي جدعة كدة
تبسمت “ديمة” بخبث وهى تنظر بعيدًا وتقول:-
-هفكر وكله معتمدة على معاملتك ليا
أبتعد عنها بعد أن وضع القلادة حول عنقها وكانت عيني “حنان” و”ملك” لم تفارقهما أبدًا كالنسور المسلطة أعينها على فريستها لتقول “ديمة”:-
-جميلة، بس مش غالية شوية على هدية لحفلة توقيعي
تبسم “حمزة” بعفوية ثم قال وهو يغمز لها:-
-مفيش حاجة تغلى عليكي يا حبيبتى
نظر إليهما ثم قال بجدية:-
-كملى لفك يا ملك ولما تخلصي كلمينى..سلام
ذهب سريعًا مع “ديمة” وجلسوا فى الكافي بعد أن طلب “حمزة” القهوة وكانت ترمقه بنظرة غضب سافر يكاد يلتهمه فقال بحرج:-
-أنا أسف بس أختي رغم أنها الصغيرة ألا أنها بتخوف زى رئيس المباحث
عتق “ديمة” شفتها السفلي بأقتضاب ثم قالت:-
-تقوم تستغلني مش كدة
تنحنح بحرج شديد من فعلته ثم قال:-
-مكنش قصدي والله بس هى جاية النهاردة وجايبنى مخصوص عشان أخرج من هنا محدد ميعاد مع والد البنت دى
تبسمت “ديمة” بعفوية رغمًا عنها وعن غضبها منه ثم قالت:-
-مش عيب عليك وعلى هيبتك يا حضرة الضابط
مد يه إليها ليقول:-
-ممكن السلسلة سامحينى بس دى بـ 6000جنيه
ضبطت “ديمة” حجابها لتختفي القلادة عن نظره وقالت بجدية:-
-هدية مقبولة يا حمزة باشا
نظر إليها بدهشة فهل تحتال عليه الآن وضحك بسخرية ثم قال:-
-أنا ممكن أعملك محضر وأسجنك
ضحكت “ديمة” ضحكة أنتقامية منه وقالت:-
-تسجن حبيبتك برضو
وقفت لكي تغادر المكان فغادر خلفها مُسرعة لتسرع فى خطواتها وهى تضحك بقوة عليه لكن لم يكن القدر معها هذه المرة فألتوت قدمها اليسرى على حافة الرصيف وسقطت أرضًا ليسرع إليها بعد أن تجمع حولها مُجموعة من الفتيات حاولت أن تقف بحرج لتصر بألم فأخذ “حمزة” يدها وجعلها تجلس على الرصيف وذهبوا التفيات بعد حضوره، نظرت إليه بقلق وقالت:-
-أنت هتضرب ولا أيه؟
-تسمحي ليا
قالها بلطف فتعجبت لطلبه وقالت:-
-أسمح لك باية..
لمس قدمها المصاب بيده وبدأ نزع حذائها ذو الكعب العالي لتتألم بخفة فرفع نظره إليها وقال بضيق:-
-مفيش حد يلبس كعب فى مكان زى دا، ملك قالت كدة، وبعدين بتجرى ليه حد قالك أنى ماشي بالكلبشات فى جيبي
حاول تحرج قدمها لكنها صرخت صرخة قوية ولم تشعر بيدها وهى تضرب كتفه بقوة من الألم ليقول:-
-شكلك كسرتيها
نظر حوله ثم قال بجدية:-
-أنا عربيتي برا تقدرى تسندي عليا لحد ما نوصل
دفعته بعيدًا وهى تجذب قدمها من يده وتأخذ حذائها فى يديها وقالت بخوف:-
-أنا أركب عربيتك ليه؟ مستحيل
تأفف بغضب من حذرها وقال بضيق:-
-هو أنا هخطفك أنا هوديكي مستشفى تصلحك المفروض تشكرينى
تمتمت بحذر قائلة:-
-أنا مبركبش مع راجل غريب، أنا هطلب أوبر
نظر إليها وكانت عيناها تتلألأ الدموع بهما من الألم ثم قال بسخرية:-
-وسواق الأوبر كان معاكي فى المدرسة ولا أبن طنط حشرية جارتكم
مد يده إليها لنظر إليها مُطولًا ثم وضعت يدها فى يده لتقف مُتكأة عليه وسارت معه على قدم واحدة حتى وصلت لمرأب السيارات بالخارج وفتح باب السيارة السوداء سيدان وجعلها تركب بحرص ثم ألتف ليصعد بمقعد السائق وأنطلق على أقرب مستشفي بها وبعد الفحص أوصي الطبيب بالجبس ودفعت “ديمة” تكاليف العلاج ثم غادرت معه فقال بهدوء:-
-أوصلك فين؟
أعطته عنوانًا لينطلق عليه بعد ان أتصل بأخته وأخبرها بأن تعود للمنزل وحدها، أوقف سيارته أمام مبني سكينة وترجل من السيارة أولًا ثم أنزلها وقال:-
-دا بيتك
أجابته بجدية قائلة:-
-لا، دا أستوديو العمل بتاعى
دخلت للمصعد بصحبة ولم يترك يدها لحظة حتى وصلوا للطابق الثالث ليخرجوا من المصعد معًا ودقت على الباب لتفتح لها فتاة عشرينية الباب وفور رؤية ما أصابها هرعت إليه ودفعت “حمزة” بعيدًا عنها لتأخذ يدها وهى تقول:-
-حصل ايه بس
دخلوا معًا ليغلق “حمزة” الباب لتقف الفتاة تنزع عن أكتافها المعطف وهى تقول:-
-أن شاء الله عدوينك يا أستاذة، اللهى كل عينك شفتك ولا صلتش على النبي تعمه و..
قطعتها “ديمة” بضيق شديد من ثرثارتها وقالت:-
-حُسنة.. حُسنة مش وقتك خالص أنا مش عايزة أسمع صوتك
وضعت الفتاة يدها على فمها لتقول “ديمة”:-
-أتفضل أرتاح يا حضرة الضابط
نظرت “حُسنة” إليه فضربتها طديمة” بخفة على يدها وقالت:-
-أنا جعانة ها
أومأت إليها بنعم وذهبت إلى المطبخ وأحضرت كوم من الورق وهى تقول:-
-أطلب لك بيتزا ولا كريب، أنا بقترح نطلب سمك عشان تتغذي وصحتك ولا أقولك الشريف اللى فى أول الشارع عليه حته...
صرخت “ديمة” بغضب من ثرثارة هذه الفتاة تقول:-
-حُسنة..
رمقتها “حُسنة” بعينيها لتقول “ديمة” وهى تكز على أسنانها قائلة:-
-أطلب أى حاجة من غير ما أسمع حسك ولا حتى صوت نفسك مفهوم
أومأت “حُسنة” بنعم ثم غادرت لتقول “ديمة” بجدية:-
-أعملي حساب حمزة باشا معانا
أجابها “حمزة” بنبرة خافتة:-
-مفيش داعي أنا همشي على طول
تبسمت “ديمة” بتلقائية وهى تقول:-
-متخافش أنا مش متعصبة عشان وجودك، هى عاملة زى الردايو مبتفصلش والسؤال عندها بمقالة وأحتمال نوصل لكتب تاريخية من الأمثال والحكم بس بت غلبانة يتيمة مالهاش حد
نظر “حمزة” إليها ثم قال:-
-ممكن سؤال؟
أومأت إليه بنعم برحب ليقول بجدية:-
-عملتي أيه فى اللى كان بيبتزك بالصور بما أنك مشيتى من القسم بسببي
تنهدت “ديمة” بخفة ثم قالت:-
-هدفع له بكرة 5000 جنيه
أتسعت عينى “حمزة” على مصراعيها فهل أستسلمت لابتزاز هذا المختل عقليًا فقال بجدية:-
-هتقابلي فين؟
ضحكت “ديمة” بسخرية من أصابتها وقالت:-
-أقابل أيه بقى أنا هخليه يجى هنا؟
صرخ “حمزة” بها بانفعال من سذاجتها وغباءها قائلًا:-
-أنا هبلة يا بت أنتِ هتعرفي عنوانك عشان كل شوية ينط لك عادي ويبتزك
صرخت هى الأخرى به قائلة:-
-والله حضرتك واللى زيك المفروض موجودين عشان تحموني أنا واللى وزي من الأشكال دى
-دا حقيقي وأسمعي بقى اللى هيقولك عليه ….
______يتبــــــــع....______
#اِرْتِواء_القلب
#نور_زيزو
#نورا_عبدالعزيز
#اِرْتِواء_القلب
الفصل الثالث (3)
وصلت “ديمة” على ميدان التحرير كما حدد هذا المجرم مكان لقائها وكانت تجلس بالمقعد الخلفي لسيارة حين أتاها اتصال منه يقول:-
-أنتِ فين؟
أجابته “ديمة” بجدية صارمة:-
-فى العربية قولتلك أنى مكسورة مش هعرف ألف عليك
تبسم بعفوية وحماس وهو يقول:-
-شوفتك
أغلق الخط معها وبدأت يسير نحوها لتقول بقلق:-
-أنت مُتأكد من اللى بتعمله دا
أجابها “حمزة” الجالس فى مقعد السائق مُدعي كونه سائق سيارة أوبر:-
-متقلقيش زى ما فهمتك بس حطي الفلوس على الكرسي اللى جنبك من جوا عشام ميطلش يأخدها منك وماطلي معاه وأتاكدي من الصور
أومأت إليه بنعم وفعلت كما طلب منها حتى وقف الشاب جوار باب السيارة الخلف وطرق على النافذة لتوتر “ديمة” من فتح النافذة لكنها تفعل وقبل أن تتحدث أو تماطل بأي شيء ظهر “نادر” ورجال الشرطة من العدم وقبضه عليه فتبسم “حمزة” بسخرية وقال:-
-هروحك وأرجع أنفخ أمه
أومأت “ديمة” إليه بنعم وأنطلق إلى حيث الأستوديو الخاص بها وبعد ان سلمها لـ “حُسنة” رحل، صعدت “ديمة” مع “حُسنة” لتجد عمتها بالداخل فأزدردت لعابها بقلق من رؤية عمتها لتبتسم “حورية” عمتها بسخريةمما حدث لأبنتها فقالت:-
-أنا كنت عارفة
تنحنحت “ديمة” بحرج من هذا الحديث ثم قالت:-
-عمته أنا..
قاطعتها “حورية” بضيق شديد تقول:-
-لما حتى مرضك بتخبيه عليا يبقي عمته أيه بقى
-أنا بس محبتش أقلقك عليا ودا مجرد كسر عادي
قالتها “ديمة” بخجل حزينة لتجيب عمتها بضيق شديد:-
-كسر عادي، أنتِ كل مرة بتجي تباتي هنا بتبقي واقعة فى مشكلة وكارثة هتفضلي لحد أمتى تخبي عليا، خلاص شايفة نفسك كبرتي عليا وبتشيلي همومك ومشاكلك لوحدك
كادت “ديمة” أن تتحدث لتقطعها “حورية” بغضب قائلة:-
-متتكلميش أنا مش عايزة أسمع منك حاجة خليكي بقي شايلة نفسك بنفسك
غادرت “حورية” المكان لتحاول “ديمة” أن تركض خلفها لكنها سقطت أرضًا فجهشت فى البكاء ببراءة وخوف، ربما تصطنع القوة لكى تنجو من قساوة الحياة لكن بداخلها كانت هشة ضعيفة مثل بقية الفتيات والنساء، قلبها يحمل البراءة والطيبة وترتعب خوفًا من شدائد القدر وقساوته، رغم كونها فتاة يتيمة الأب والأم وتعيش بمنزل عمتها التى راعتها طول حياتها مُنذ ان كانت فى الخمسة من عمرها لكنها إحيانا تشعر بالعبء وكونها ثقيلة الحمل على عمتها لذلك أستجرأت الأستوديو لتعيش به وحدها وتستقيل بحياتها لكن الحياة ثقيلة كالجبل على عاتقها ...
***********************
جلس “حمزة” من غرفته ليلًا ويحمل هاتفه فى يده وأمامه رقمها الي دونته بيدها حين فقدت الهاتف ليفتح شاشة المراسلة على تطبيق الواتس اب وتردد كثيرًا فى محادثتها وبنهاية المطاف أرسل رسالة قصيرة (رجلك عاملة أيه دلوقت؟) لم يأتيه الجواب فنظر فى ساعة الهاتف وكانت السابعة مساءًا وحتى الثامنة لم تجيب عليه، فُتح باب الغرفة ودلفت “ملك” تقول:-
-العشاء يا حمزة
خرج معها ليتناولوا العشاء فنظر للطعام وقالت بإحباط:-
-أندومي!! العشاء أندومي
تبسمت وهى تبدأ بالأكل بسعادة قائلة:-
-دا جميل والله أنت بس تتعود عليه وبعدين متنكرش أن امبارح كان أندومي بالخضار النهاردة أنا عاملة أندومي بالسجق
ضرب السفرة بيديه بأختناق وقال بعجز عما يعيشه مع هذا الفتاة:-
-أرحمي اللى خلفوني يا ملك، أنت امك خلفتك عشان تشيلنى ولا أنتِ بقيتي أختي تخلصي حق ها
تناولت طعامها بلا مبالاة ليقف مستشيطًا غضبًا وهو يقول:-
-ماله شيخ البلد بتاع الكشري قصر معايا فى فيا عشان أتحوج لفاشلة زيك
أخذ هاتفه وطلب طعام من محل الكشري وكاد أن يدخل للغرفة ليستوقفه صوت “ملك” المنغمسة فى طعامها:-
-حلقتلك ولا أيه؟
ألتف إليها لتتابع الحديث بسخرية:-
-أول مرة أشوف واحد مرتبط مبيرغش فى التليفون بالساعات وبخلاف ساعات العمل قاعد فى بيته مبيخرجش حتى يقابلها ولا يفسحها
كز على أسنانه بضيق من هذه الفتاة وحقًا ستتسبب فى موته ودلف إلى غرفته وفتح شاشة المحادثة وما زالت لم تجيب عليه، جلس على فراشه ودلف يتصفح صفحاتها على مواقع التواصل لأجتماعي كان أخر منشور شاركته مُنذ 7 دقائق هذا يعنى بأنها رأت رسالته حتمًا وتجاهلتها، بدأ ينظر على صورها التى تشاركها وكانت “ديمة” جميلة جدًا وفاتنة بعينيه والكثير من التعليقات من متابعينها يشهدون بطيبتها ويتمنوا لها الشفاء العاجل ويمدحونها بشدة فهذه الفتاة تحمل من حُب الناس القدر الكافي لأسعادها لكن هذ ما رأه “حمزة” ظاهريًا لكن على الجهة الأخرى كانت “ديمة” جالسة بغرفتها الموجودة فى الطابق الثاني من الأستوديو وتبكي بحزن على ما يحدث معها فصعدت “حُسنة” إليها وكان الفراش أمام الدرج الحديدى مباشرة فغرفتها كانت نفتوح على بقية الأستوديو بدوان جدران أو حواجز وقالت:-
-صاحب العمارة بعت أنذار بالإخلاء
وضعت “ديمة” الوسادة على رأسها لتخفي دموعها عن مؤظفتها وتمتمت بضيق:-
-دا اللى كان ناقصني
***********************
كان “حمزة” يغادر القسم مع قوة من الشرطة ذاهبًا فى مهمة رسمية بعد حصوله على بلاغ ليرن هاتفه معلن عن أستلم رسالة ليفتحها بلا مبالاة وهو يصعد جوار السائق فى سيارة الميكروباص ليُدهش عندما رأى اسمها والرسالة قادمة منها بعد أسبوع تقريبًا من رسالته ومحتواها (كويسة فكت الجبس النهاردة) نظر مطولة للرسالة وتسائل أيجيب أما لا فهي تجاهلته لمدة أسبوع وستكون إهانة لكرامته إذا أجاب عليه فور مرسلته لكنه أجاب بنهاية المطاف قائلًا:-
-طب الحمد لله أبقي خلى بالك بعد كدة
أتاه الرد فورًا منها عندما أرسلت إليه:-
-أنا ممكن أشوفك؟
تبسم “حمزة” بحماس شديد وأجاب على الفور:-
-أكيد ممكن بليل
حدد الميعاد والمكان للقائها بعد أنهاء مهمته وأغلق الهاتف مُبتسمًا بسعادة ونظر فى المرآة على هيئته وصفف شعره بأصابعه
***********************
ظلت “ديمة” تنتظره فى المول المحدد وكان موعد لقائها السابعة والآن أصبحت الساعة الثامنة ونصف ولم يأتي لتستشيط غضبًا من فعلته وكادت أن تغادر لكن أستوقفها فتاة وشاب وقالت الفتاة:-
-حضرتك أستاذة ديمة الحاوى
أومأت “ديمة” إليها بنعم لتبتسم الفتاة بحماس شديد وقالت:-
-أنا بحب حضرتك جدًا وقرأت كل كتبك ومقالات ومن أشد المعجبين بمجلتك
تبسم “ديمة”إليها وقالت:-
-دا شرف ليا ويسعدني
أخرجت الفتاة نوتة صغيرة من حقيبتها وقالت:-
-ممكن توقعيلي
وقعت “ديمة” إليها ببسمة مُزيفة لم تفارق وجهها فى لقاء متابعينها لكنها بالكاد تحترق من الداخل غضبًا من أهماله وتخلفه عن الموعد دون أن يرسل لها رسالة مُعتذرًا عن قدومه لتغادر الفتاة وهكذا “ديمة” غادرت المول بأكمله ووقفت تطلب سيارة أوبر لكن توقف أمامها سيارة وأتاها صوته من الداخل:-
-أركبي
تأففت بضيق شديد ثم فتحت باب السيارة وصعدت وألتفت تنظر إليه لتُصدم من هيئته فكان فى حالة فوضوية وجهه به جرح أسف العين اليسرى وهناك جرح بذراعه الأيمن وشق بقميصه الزيتوني لتسأل بقلق:-
-أيه اللى بهدلك كدة
أنطلق بسيارته وهو يقول:-
-كنت فى مهمة وطبعًا أسف على التأخير بس والله مسافة الطريقة حتى ومدخلش صيدلية ولا غسلت وشي ، أتعشيتي؟
هزت رأسها بالنفي ليأخذها إلى مطعم بالكوربة وبعد أن جعلها تجلس على طاولة قال:-
-أطلبي اللى يعجبك وأطلبي ليا معاك وأنا هغسل وشي من الدم دا وأجى على طول
أومأت إليه بنعم فذهب إلى المرحاض وعندما عاد رأها لم تطلب بعد والنادل يأخذ طلبها ثم غادر، وقفت من مكانها على المقعد الخشبي وجلست جواره على الأريكة وكانت طاولتهما فى أحد زوايا المكان بعيدًا عن أنظار الجميع ليراها تضع حقيبة بلاستيكية على الطاولة وتخرج منها شاش وقطن ومطهر وكريم فنظر إليها لتقول وهى تضع المطهر على القطن:-
-لو مطهرتش جروحك وفضلت ماشي بيها كدة ممكن تتلوث وتأذيك
نظرت إلى قميصه الزيتوني المفتوح وقالت بجدية:-
-أقلعه
نظر حوله بحرج ثم نزع قميصه وظل بالتي شيرت الأبيض الملوث بقطرات من دماءه وبدأت تطهر جرح ذراعه بأهتمام وحذر لتقول وعينيها على الجرح:-
-أنت كل مهم بترجع متشلفتش كدة يا حمزة باشا
ضحك على تحفظها بالألقاب رغم عفويتها معه ليقول:-
-لا مش دايمًا وبلاش باشا دي
نظرت إليه بغضب من تعرضه للأذي هكذا وفتحت اللاصقة الطبية ووضعت بحرص على جرحه بينما تقول بلطف:-
-أنا أسفة لو أتاخرت فى الرد على رسالتك بس المود مكنش لطيف وكان عندي شوية مشاكل كدة
تطلع “حمزة” بوجهها وتلك الخصلة التى تسربت من حجابها خلسًا لتُعلم الجميع بلون شعرها الأسود ونعومته فقال بجدية:-
-ولا يهمك
نظرت إليه بقلق من جديته ونبرته الحادة فأشار بأصبع على جبينه لعلها تفهم ما يلمح له وأن تخفي خصلتها عن نظره ونظر أى شخص أخر لا يحل له رؤية شعرها لترفع يدها على جبينها وأخفتها تمامًا ثم عالجت جرح وجهه بحرص شديد ألا تسبب بألم له وجاء النادل بالطعام لهما لتبتعد عنه وتعود إلى مقعدها وبدأت تقصي له خلافها مع عمتها وكيف تربت وكبرت بمنزل عمتها مع أولادها لكن عندما أشتد عودها وكبرت رغبت بالأستقلاء وحدها بعيدًا عن منزل عمتها وأبنيها الشباب وزوجها لكن الحياة لم تساعدها فجاء إنذار الإخلاء القادم لها ولم تشعر بالوقت الذي مر بسرعة البرق على عكس وقت أنتظارها لقدومه مر ببطيء شديد، ساروا معًا إلي سيارته ليلًا فى الطريق فقالت بلطف:-
-بلاش تستهون بتغير الجو دا وألبس تقيل لسه الشتاء ممشيش أوى
تبسم إليها وهو يقول:-
-خايفة عليا
ضربته فى ذراعه بحقيبتها وهى تقول بحرج:-
-أنا غلطانة أصلاً
ضحك “حمزة” عليها بصوت مرتفع ثم قال:-
-أيه العنف دا يا بت
رمقته بحدة من كلمته الأخيرة وقالت:-
-متنرفزنيش عليك
ضحك وهو يشير على بائع المثلجات وقال:-
-تأكلي أيس كريم
أومأت إليه بنعم بوجه طفولي ليقف جوارها وهى تختار ما تفضله وكان حريصًا على مراقبتها وسط زحام الزبائن فكاد شاب ان يصطدم بها ليجذبها “حمزة” بقوة من ذراعها قبل أن يلمسها هذا الشاب حتى لو عن طريق الخطأ لتندهش “ديمة” من فعلته وتطلعت بوجهه فكانت عيني “حمزة” على الشباب وليس عليها لتشعر “ديمة” بخفق قلبها وضرباته المُتسارعة بينما قال “حمزة” بجدية:-
-تعالى أقفي هنا وأنا هجبلك
أوقفها جوار السيارة وذهب لجلب المثلجات وهى تراقبه عن كثب بعينيها وضربات قلبها لم تتوقف لوهلة واحدة ولم تستطيع إبعاد عينيها عنه بإعجاب لتعلم أن قلبها بدأ يكن المشاعر لهذا الرجل الذي أقتحم حياتها على سهو دون سابق أنذار كما أقتحمت المشاعر قلبها كرصاصة خرجت من مسدسه وأستقرت فى يسار صدرها.....
______يتبــــــــع....______
#اِرْتِواء_القلب
#نور_زيزو
#نورا_عبدالعزيز
#اِرْتِواء_القلب
الفصل الرابع (4)
منذ ذلك اليوم وبدأت “ديمة” تنظر إليه بنظرة مُختلفة فبدأت تراه أوسم رجل فى العالم قد تراه عينيها رغم كون “حمزة” رجل عاديًا جدًا فى ملامحه، تحدثه دومًا فى الرسائل وقليلًا فى المكالمات، حتى أنها بدأت تشاركه أفكارها فى الكتابة والموضوعات التى تناقشها فى مجلتها الخاصة وأصبح “حمزة” يشغل جزءًا كبيرًا فى يومها ومهم ..
دخل “نادر” المكتب على “حمزة” ليراه يقف أمام المرآة ويدندن قائلًا:-
-كلامه بحر حنية، غرامه فرحة وهدية دا إحساس جديد عليا قبله معرفتوش، رقته نسمة من الجنة ضحكته غنوة تتغني يا ترى أسمه ايه اللى بينا دا اللى مفهمتوش
إجابه “نادر” بإعجاب من مزاجية صديقته قائلًا:-
-دا أسمه حب يا ضنايا
ألتف “حمزة” إليه وبسمة على وجهه ليقول:-
-كنت حاسس والله
رفع “نادر” يده بغضب شديد من هذا الرجل وقال:-
-أنت جاي تهزر يا حمزة باشا
تذمر “حمزة” على صديقه وقال:-
-يخربيت غتاتك عايز أيه يا فصيل
تبسم “نادر” بخبث شديد وهو يقول:-
-الغنوة برا ييووووه قصدك عيونه اللى قابلوك برا بيتعملها محضر مش أسمها ديمة برضو
فزع “حمزة” من مقعده وهو يقول بصدمة ألجمته:-
-محضر
خرج للخارج بذعر فرأها تجلس مع عسكري وفى يدها الأصداف الحديدية لينظر إليها بصدمة قائلًا:-
-أنتِ بتعملي أيه هنا؟
عتق شفتها السفلي بحرج من مقابلته كمتهمة وقالت:-
-والله مقصدش أنا حولت أفهمه بس
أشار إليها بأن تصمت فصمتت “ديمة” بخوف من ملامحه الجادة والغضب يتطاير من عينيه ثم قال:-
-فكها يا عسكرى
نزع العسكرى عنها الأصداف ليأخذها إلى مكتبه وذهب إلى الضابط المسئول ثم عاد غاضبًا يكاد يقتلها فى تلك اللحظة لتوقل:-
-حمزة أنا
صرخ بها بانفعال شديد وهو يقول:-
-مبتعرفيش تسوقي بتشتري عربية ليه ها
-مش من حقي أشتري عربية يعنى
قالتها بعناد ليقف أمامها وهو يرفع يديه ويغلق قبضته بضيق شديد امام وجهها مما ارعبها لتقول:-
-لا حقك طبعًا تشترى عربية وتخبطي الناس، المنطق بيقول تتعلمي السواقة وبعدين تشتري عربية طيارة انتِ حرة، أنتِ عارفة لو الرجل اللى أتكسر دراعه دا مقبلش الصلح هيجرالك أيه هتنامي فى الحجز النهاردة ودا مبدئيًا
قوست شفتيها للأسفل بحرج منه ثم قالت بخوف مُتلعثمة:-
-أتصرف يا حمزة
كاد أن يفقد غضبه عليها لكنه كبح الغضب عندما رأى عينيها تتلألأ بالدموع خوفًا من دخول السجن ليغادر المكتب تاركها خلفه، ساعات مرت عليها داخل مكتبه وهو لم يعود ليعود ليلًا فقالت:-
-كل دا يا حمزة كنت فين وسيبنى هنا؟
تحدث بجدية حادة قائلًا:-
-كنت بعمل الصلح ياختى، حسبي الله ونعم الوكيل ربنا على المفترى
تطلعت به بغضب ثم قالت ببرود شدي:-
-أنت بتدعي عليا يا حمزة
تأفف بأختناق لتقول:-
-أنا ماشية
مسك يدها قبل أن تغادر وقال بجدية:-
-أستنى هوصلك
-شكرًا معايا عربيتى
قالتها بتلقائية ليرفع حمزة يده حاملًا سلاحه لتُصدم “ديمة” من وضع المسدس فى رأسها ليقول:-
-عليا النعمة لو حطتي رجلك جوا العربية دى تانى لأفجر رأسك الغبية دا بنفسي وغورى قدامي عشان مفلقكيش نصفين وأرتاح
أزدردت لعابها بخوف منه ثم غادرت بصحبته وفور نزولها من سيارته رأت صاحب العقار يقف أمامها وقال بضيق:-
-والله وأتكتب ليا أشوف السنيورة، أسمعي يا بنت الحلال أنا بعتلك بدل الأنذار عشرة وكدة عدني لعيب معاكي أخر الأسبوع لو مكنتش سيبتى الشقة أنا هرميكي بحاجاتك برا الشقة بالقوة
أتاه صوت “حمزة” القوي يقول:-
-متتكلم عدل يا حج أنت متخليش الواحد يقفد أعصابه عليك أمال
تحدث الرجل بأختناق شديد يقول:-
-أنا اللى عندي قولته وبينى وبينك المحاكم
غادر الرجل من أمامهم فنظرت “ديمة” إليه بتوتر وحرج ثم قالت:-
-مع السلامة هبقي أكلمك
صعدت للأعلى دون ان تنتظر جواب منه فغادر “حمزة” المكان صامتًا....
**********************
دلفت “ديمة” من باب منزل مكون من ثلاثة طوابق بصحبته وقالت:-
-ممكن تفهمنى أنت واخدني على فين يا حمزة
فتح لها باب الشقة الموجودة فى الطابق الثاني وكانت شقة فارغة وخالية من الأثاث ثم قال:-
-أنقلي الأستوديو بتاعك هنا وحل مشكلة الإخلاء
نظرت للشقة وكانت مكونة من غرفتين ودورة مياه ومطبخ أمريكاني مفتوح على الردهة وغرفة الأستقبال مفتوح على الردهة بدون جدران أو حواجز لتقول بقلق:-
-أيوة يا حمزة بس مش لما أعرف إيجارها كام ومدة الإيجار قد أيه انا عايزة مكان مفضلش أنقل منه
أخذ “حمزة” خطوة نحوها بلطف وتطلع بملامحها وضربات قلبه كاد أن تفقده وعي فى حضرتها ليقول بنبرة دافئة:-
-أعتبريها مدي الحياة المهم تعجبك
خجلت من نظراته إليها وهى تعلم جيدًا بأنه يكن المشاعر لها مثلها تمامًا لكن لم يجرأ أى منهما على الأعتراف بذلك للآخر فقالت:-
-طب ممكن أقابل صاحب المكان الأول
أخذ خطوة أخرى نحوها وقال:-
-قدامك بشحمه ولحمه
أتسعت عيني “ديمة” على مصراعيها بذهول ثم قالت :-
-حمزة أنا
كاد أن يتحدث ليأتهما صوت من الخلف يعرفه جيدًا وكانت “ملك” تقول:-
-والله عال يا حمزة باشا جايب حريم فى بيتى
ألتف “حمزة” إليها وهو يكز على أسنانه وقال:-
-ملك أخرة صبرى وجلطتي فى الحياة
تبسمت “ديمة” بعفوية إليها لتقترب “ملك” منها بغرور وقالت:-
-أنتِ حبيبته بجد بقي
خجلت “ديمة” من كلمتها وتوردت وجنتيها بلون الدم الذي تدفق من جسدها كاملًا إلى رأسها وبدأت تشعر بحرارة جسدها ترتفع لتقول “ملك”:-
-كسوفك ومجيء حمزة بيك هنا بيقولك أنك كدة، ويا ترى حددوا ميعاد الفرح ولا ناوي تفاجأني يا حمزة
كز “حمزة” على أسنانه ثم قال:-
-أنتِ لابسة كدة ورايحة على فين؟
أجابته بغرور وتكبر قائلة:-
-خارج مع عامر خطيبى وسندى وأعظم أنتصاراتي
أجابها “حمزة” بجدية بعد أن شعر بأنها تلقي بالحديث عنه قائلًا:-
-طب عشان أنتصارتك العظيمة دى مفيش خروج وخلى سندك كدة يورينى نفسه
ضرب الأرض بقدميها غضبًا من قرار أخاها لتقول بانفعال شديد:-
-يعنى أيه مفيش خروج دا ها أنت مش عارف أننا بنجهز الشقة عشان نتنيل نتجوز
رفع “حمزة” حاجبه بغرور وقال بجدية:-
-مفيش خروج ووفرى على نفسك أسطوانة الصعبنيات دى ها مفيش خروج يا ملك عشان تتعلمي تكلمى أخوكي أزاى وأشوف بقى سندك وظهرك وعزوتك وأفشل أنتصارتك دا هينفعك أزاى
غادرت “ملك” الشقة بضيق وهى تُتمتم بأغتياظ من اخاها ليلف إلى “ديمة” فقالت:-
-خليها تخرج
نظر لها بدهشة لتقول:-
-أكيد طلبتك أذنك قبل ما تقوله وأنت وافقت وهى أديته كلمة مينفعش تيجي وهى خارجة وبعد ما لبست تقول لا وتغير كلمته، االراجل بيتعقد من لسانه يا حمزة وميرسي على الشقة عجبتنى
غادرت المكان وتركته من أجل أخته، دلف “حمزة” إلى غرفة أخته بهدوء مُعتقد بأنها ستكون تبكي بأنهيار وحزن وقال:-
-قومي أخرجى يا هانم ومتزعليش
سمعها تقول بحماس:-
-أشطا يا عمورى أنا موافقة نخليها السبت أصلا النهارد الجو كان ساقعة مكنتش قادرة أخرج
دهش “حمزة” من أخته العفوية وهى تضع سماعات الأذن وتتحدث مع خطيبها ليغادر الغرفة بصمت قبل أن تشعر به، جلبت “ديمة” مهندس لتنظيم الشقة كما تريد وبعد أسبوعين وإلحاح على صاحبة المنزل بتمديد المدة حى تنهتي شقتها الجديدة من التجهيز نقلت أغراضها إلى الشقة الموجودة بمنزل “حمزة”، كان باب الشقة مفتوحًا وترتب “حُسنة” مع “ديمة” المكان فدلفت “ملك” للشقة فرأتها تبدلت تمامًا وأصبحت الجدران بلون الفانلييا والأثاث بلون الزيتوني وصنعت طابق أخرى فى غرفة الأستقبال من الحديد يحمل بالأعلى مكتبة الكتب الخاصة بها، رأتها “ديمة” تقف تتطلع بالشقة لتبتسم بعفوية وقالت:-
-أتفضلي
تنحنحت “ملك” بحرج من وجودها ودخولها على سهو دون اذن وقالت:-
-أحم انا مش قصدي أدخل بس الباب كان مفتوح
تبسمت “ديمة” إليها وقالت:-
-ولا يهمك فى وقت تحبي تجي تعالي
ألتفت “ملك” لكى تغادر فقالت:-
-أنا شكلي هحبك زيه ولا أيه
ضحكت “ديمة” بتلقائية على هذه الفتاة التى أعترفت بحب أخاها وهو نفسه لم يفعلها وأكملت ما تفعله لتنتهي من ترتيب المكان فجرًا فصنعت كوب من الشيكولاتة الساخنة وخرجت لتصعد للطابق التالي وكان سطح المنزل لكن “حمزة” يفرش أرضيته بالنجيلة الخضراء وتضع أريكة خشبية أرجوحة جانبًا وتحت مظلم خشبية كبيرة يضع أجهزة رياضية لأجله فجلست على الأريكة وهى تحتضن الكوب بيديها ونظرت للسماء تراقب النجوم بشرود حتى أنها لم تشعر بصعود “حمزة” لكن فاقت من شرودها عندما سمعت صوته يقول:-
-أنا فاكر أنى اجرت لك الشقة بس
وقفت بحرج من كلمته وأرتدت نعلها وهى تقول:-
-أنا أسفة
تكاد أن ترحل ليمسك يدها ويجلس على الأريكة ثم جعلها تجلس جواره مُجدًا وقال بينما ينظر للسماء:-
-أنا بهزر معاكي، أقعدي بتشربي أيه
قالها وهو يأخذ الكوب من يدها ليشرب المتبقي منها بينما “ديمة” ظلت تنظر إلى وجهه والكدمة المُحيطة بعينيه وكأنه حصل على كدمة جديدة اليوم، شعر “حمزة” بأناملها الصغيرة تلمس وجنته فأنزل الكوب من فمه ونظر إليه لتقول بحزن شديد على رؤيته يتأذي هكذا:-
-بتوجع؟!
تطلع “حمزة” بملامحها الحزينة وخوفها عليه الذي يفيض من عينيها الفاضحة لما تخبئه بداخلها ولم تبوح به ليقول:-
-أمممم
وقفت من مكانها ونزلت إلى شقتها ثم عادت إليه بثلج لتقف أمامه وتضع مكعبات الثلج على عينه اليمني وظل يتطلع بها وهى تقف أمامه وتقصي له ما حدث اليوم معها وحضور أخته لشقتها ثم قالت بعفوية مرحة:-
-أعتقد أن أخيرًا اختك أتنازلت عن عدوانيتها معايا
أجابها “حمزة” بكلمة واحدة لا تمت للحديث بصلة قائلًا:-
-تتجوزينى؟
______يتبــــــــع....______
#اِرْتِواء_القلب
#نور_زيزو
#نورا_عبدالعزيز
#اِرْتِواء_القلب
الفصل الخامس (5) الأخيـــــر
كان “حمزة” هائمًا بملامحها ولمساتها الساحرة إليه وهى تتحدث عن يومها بعفوية كأنها تقف أمام نفسها فى المرآة، ربما لم يستمع لكلماتها جيدًا بسبب شرود عقله أيقول أم لا لينتهى به المطاف بلفظ هذه الكلمة حينما قال:-
-تتجوزيني؟!
توقفت “ديمة” عن الحديث ونظرت بعينيه مباشرة ويديها لم تتحرك لها ساكنًا فقالت بتلعثم:-
-أنت.. أنا .. هو
تبسم “حمزة” على لعثمتها ثم كرر كلمته مرة أخرى يقول:-
-تتجوزيني؟
ضحكت “ديمة” بعفوية عليه ثم قالت وهى تلقي الثلج له مُصطنعة الغضب:-
-فين المقدمات وحلاوة البدايات ها مش تقولى بحبك مثلا ومقدرش أعيش من غيرك
ضحك “حمزة” وهو يقول:-
-بدايات ايه دا أنا شعرى قرب يبيض يا بنتى أنا فى النهايات
أنفجرت “ديمة” ضاحكة على مزحته وتشبيه بالعجائز رغم كون فى اوائل الثلاثينات ليتطلع بضحكاتها وبرائتها الناعمة ليقول بهمس:-
-طب والله ما قادر أقاوم الضحكة دى وجمالها فأتجوزينى بسرعة لان معندكيش خياراتك
رمقته “ديمة” بدهشة من أمره إليها لتقول بسخرية:-
-زواج مع سبق الإصرار دا ولا ايه
أومأ إليها بنعن ثم قال:-
-ولو موافقتيش هأخدك تحري القسم
وقفت من مكانها وقالت بخبث شديد:-
-أفكر
غادرت المكان سريعًا ليقول بهيام:-
-عليا النعمة قلبي داب
سمعته “ديمة” قبل أن تضع دمها على الدرج لتبتسم بخجل شديد ثم عادت برأسها من خلف الحائط وقالت:-
-حمزة
ألتف سريعًا على صوتها ليرأها تظهر رأسها من خلف الحائط وقالت ببراءة:-
-أنا موافقة
ركضت بهلع قبل أن يلحق بها ودلفت شقتها ثم اغلقت الباب فوقف “حمزة” أمام الباب ويرى ظلها من زجاج باب الشقة ليقول بدفء ونبرة هامسة:-
-طب بحبك
تسارعت ضربات قلبها وتنفست الصعداء بعد سماع هذه الكلمة التى لطالما أنتظرتها كثيرًا منه لتضع يديها على وجنتيها التى توردت من الخجل والفرح فشعرت بحرارة حارقة تخترق جسدها وألتفت تتكأ على الباب بظهرها وتلمس القلادة الموجودة فى عنقها منذ لقائهما الثاني التي حصلت عليها منه جبرًا والآن هى عاشقة غرقت فى الهوي معه وقد غلبها العشق وهواه...
************************
جلست “ديمة” صباحًا في غرفة الاستقبال في شقة عمتها لتقدم لها “حورية” كوب من الشاي الساخن بالنعناع ثم قالت وهى تجلس على مقعدها:-
-يعنى حمزة عايز يقابل عمك
تنحنحت “ديمة” بخجل ثم قالت بلطف:-
-يا عمته ما انا ماليش غيركم وجوز حضرتك في منزلة والدي طبيعي أن حمزة يجي يطلبنى منه إلا لو حضرتك عندك سبب يمنع دا
تبسمت “حورية” بلطف ثم أخذت يد “ديمة” بين راحتي يديها وقالت:-
-سبب يمنع، طب دا انا من يوم ما خدتك ودخلتك بيتى وأنا بحلم باليوم اللى أشوفك عروسة فيه وألبسك فستانك بأيدي، أنا مخلفتش بنت اه لكن ربنا عوضني بيكي
تبسمت “ديمة” بعفوية ثم قالت:-
-ربنا يخليكي ليا يا عمته ومتزعليش منى لو زعلت يوم صدقني مش قصدي حاجة وحشة ولا في نيتي أي حاجة لكني حاولتى بس أشيل مسئوليتي وأتعود أعتمد على نفسي أنا برضو 27 سنة مش صغيرة
ربتت “حورية” على يد “ديمة” وتبسمت إليها بلطف ثم قالت:-
-هكلمك عمك لما يرجع من الشغل وأخلى يحدد ميعاد
تبسمت “ديمة” بسعادة وهى لم تتخلي أن يأتي يوم كهذا بحياتي لتغادر منزل عمتها وتذهب لمقر المجلة التي تعمل بها لتبدأ يوم عمل جديد..
*************************
قهقهت “ملك” بسعادة وهى لا تصدق ما تسمعه في الهاتف من طرف خطيبها لتقول:-
-قول وربنا حمزة قالك كدة
أجابها “عامر” بنبرة جادة وهو جالسًا بمقر شركته حيث يعمل قائلًا:-
-وأنا هكدب عليكي ليه بقولك حمزة هيتجوز
أنتفضت “ملك” من فراشها بحماس شديد وهذا الخبر الذي كانت تنتصره طيلة حياتها وفرحًا لتركض بفوضوية ووجهها النائم إلى حيث غرفة أخاها لكن “حمزة” قد غادر مبكرًا لأجل عمله فتحدثت بجدية:-
-بقولك أيه يا عمورتي أقفل دلوقت يا حبي وحياتك عندي لأحلي لك بوقك يا واد بحتة بسبوسة
قهقه “عامر” بعفوية ضاحكًا على هذه الفتاة فربما هي سعدت بهذا الخبر أكثر من العريس نفسه والعروسة ليقول بحماس:-
-أبوس أيدك أنا ما عايز بسبوسة بس أوعدينى أن الأندومي ميدخلش بيتنا
ضحكت بعفوية وهى تدخل المرحاض بالهاتف ثم قالت:-
-وتأكل أيه يا حياتي لما ترجع من شغلك ها، ولا هنقضيها أكل فطار وغداء وعشاء عند طنط
تذمر “عامر” على فتاته المدللة وقال:-
-طب أنا أتجوز ليه بقي ما دام هفضل أكل عند أمي الثلاثة طقات ها
مسكت “ملك” فرشاة أسنانها في يدها ثم قالت بأختناق سافر:-
-قولت أيه يا عامر
سحب كلمته سريعًا فإذا كان أخاها رائد المباحث يخاف منها فما عنه وهو مجرد محاسب ضعيف ليقول:-
-سلامتك يا حياتي من كل شر
تحدث بجدية صارمة إليه هاتفة:-
-طب أقفل بقى وبطل رغي على الصبح؟
أغلقت الاتصال معه ثم غسلت وجهها سريعًا وأسنانها وركضت لغرفتها تبدل ملابسها وتذهب خارجًا..
*********************
صرخ “حمزة” بأختناق في هؤلاء الشباب وهو يلقي الهويات الشخصية على المكتب قائلًا:-
-يعنى طلاب جامعة أمريكية وزفت على دماغكم وتقطعوا بعض كدة أومال من متربين في الشوارع
كاد أن يتحدث أحد الشباب قائلًا:-
-يا باشا والله...
قاطعه “حمزة” بنبرة قوية غاضبًا:-
-مسمعش حس كلب فيكم أنتوا هتشرفونا شوية في الحبس وأنتوا هناك بقي قرروا هتعملوا أيه في الكافي اللى دخدختوا وتشوفوا هتتصلحوا مع بعض ولا تترحلوا على النيابة
فتح باب المكتب ودلفت “ديمة” لترى هؤلاء الشباب فقال “حمزة” بعد أن وقف من مكانه وسار نحوها:-
-أنتِ اللى جابك هنا؟
قبل أن تجيبه تحدث أحد الشباب بذهول لافظًا أسمها بنبرة واضحة أخترقت أذني “حمزة”:-
-ديمة!!
ألتف الأثنين علي صوته فأتسعت عيني “ديمة” على مصراعيها حين رأت ابن عمتها يقف معهم فقالت بصدمة ألجمتها:-
-أنت بتعمل أيه هنا؟
نظر “حمزة” إليها ثم أخذها للخارج معه وترك الشباب في المكتب لتقف معه في الرواق وتقول:-
-مشاجرة!
أجابها “حمزة” بأختناق سافر من الوضع الذي أصبح فيه قائلًا:-
-وياريتها جت على مشاجرة دا البيه ابن عمتك هو زعيم الشلة
صمتت “ديمة” قليلًا تفكر فيما يحدث، مساءًا يجب أن يذهب “حمزة” إلى زوج عمتها لطلب يدها والآن ابنه أمام “حمزة” كمتهم لتقول “ديمة” بقلق:-
-أنا ممكن أدفع تكاليف تصليح الأزاز اللى أتكسر
نظر “حمزة”إليها بضيق من تصرفها وهو يكره هذه الطريقة في التهرب من الخطأ لتقول بتوتر خوفًا من شخصية هذا الرجل :-
-حمزة فكر كويس عمه مش هيدخلك بيته لو سجنت ابنه وأمرت بترحيله على النيابة، أتنازل المرة دى بس عشاني وأعتبره رد جزء من جميل العائلة دى عليا وتربيتهم ليا
أومأ إليها بنعم ثم قال:-
-أنا هكلم الطرف المتضرر لو قبل بالصلح مفيش مانع لكن لو مقبلش مفيش حاجة أسمها أتنازل يا ديمة ولازم تعرفي أنى شغلي وحقوق الناس مفهوش مشاعر ولا عشان خاطرك
أومأت إليه بنعم ليعود إلى مكتبه فوجد الشباب تصالحوا معًا ولم يتبقي سوى أصلاح ضرر صاحب الكافي فتكفلت “ديمة” بها حتى قبل التعويض وأخذت ابن عمتها إلى المنزل وظلت هناك حتى جاء “حمزة” بصحبة “ملك” لزيارتهما مساءًا ليرحب زوج عمتها به عمومًا وخصيصًا بعد أن قصي له ابنه ما بدر من “حمزة” صباحًا في قسم الشرطة مما جعل الجميع يرحب به لتبتسم “ديمة” بعفوية وسعادة وهى تقف خلف الباب حتى جاءت لها “حورية” وأعطتها الصينة ثم قالت:-
-بطلي تلمعي أوكر كدة وأدخلى قدمي الجاتوه
أومأت “ديمة” إليها بنعم ثم ولجت للغرفة فتطلع “حمزة” بها وهى تقف جوار الباب مُرتدية فستان كحلي اللون كقميصه وتلف حجاب رمادي اللون وتضع القليل من مساحيق التجميل، لم يستطيع “حمزة” أبعاد نظره عنها ودقات قلبه لم تتوقف عن النبض لأجلها فرحًا والحب أشعل نيرانه داخله وقد نشبت الحرارة على قلبه فتبسم زوج عمتها وهو يرى نظراتهم لبعض وبسمة “ديمة” كافية بأخباره أنها أختارت هذا الرجل لتكمل معه بقية عمرها بتأني وحرص ولا حاجة للتفكير فكان الجواب مضيئًا بعينيها التي تلألأت عشقًا وسعادة ليقول بسعادة:-
-على بركة الله نقرأ الفاتحة
وضعت “ديمة” الصنية وجلست جواره ليقرأوا الفاتحة وعينيه تختلس النظر لها بحب فتبسمت “ملك” بسعادة ثم قالت بهمس:-
-كفاية بحلقة الرجل هيطردنا كمان شوية
ضحك “حمزة” على أخته وأبعد نظره عنها بصعوبة وحاول السيطرة على قلبه المُشتعل حتى غادر المكان وبقت “ديمة” بمنزل عمتها هذه الليلة...
**********************
صرخت “ملك” في الهاتف وهى بمركز التجميل ترتدي فستان زفافها الأبيض وعابسة على عكس بقية العرائس قائلة:-
-طب والله يا عامر لو ما جبت ليا أكل معاك وأنت جاي وما هتلاقي عروسة تتجوزها أنا بقولك أهو
تحدثت “حنان” بعبوس قائلة:-
-أكل أيه يا بنتى اللى بتفكرى فيه دا ها، أرحمنى
تحدثت “ديمة” بهدوء قائلة:-
-أنا ممكن أنزل أجيبلك أكل
رمقتها “حنان” بسخرية ثم قالت بعبوس حاد:-
-بقولك أيه يا خطافة الرجالة أنتي متتحشريش
ضربت “ملك” صديقتها على ظهرها بقوة لدرجة ألمتها وقالت:-
-أتكلم مع خطيبى أخويا كوس ها وبعدين فين الرجالة اللى خطفتها دى ها
تنحنحت “حنان” بضيق قائلة:-
-معلش عشت الدور وأنسجمت وبعدين أنا كنت بكراش على أخوكي
تنحنحت “ديمة” بضيق والغيرة تلتهب بداخلها ثم قالت:-
-ومين اللى سمحلك تكرشي علي خطيبي ها
ضحكت “ملك” بعفوية ثم قالت بخباثة:-
-أحسن تستاهل أستلمي به
نظرت “حنان” إلى “ديمة” بحرج بينما نظرة “ديمة” كانت تلتهمها وتكاد تقتلها في مكانها من الغيرة الممزوجة بالغضب لتقول “حنان”:-
-خلاص يا جماعة مكنش حتة كراش وبعدين أنا دلوقت بكراش على صاحبه نادر يخربيت جمال أمه
أجابتها “ملك” وهى تجلس أمام مؤظفة التجميل قائلة:-
-نادر متجوز وعنده بنوتة
ضربتها “حنان” بأختناق سافر بعد أن قصفت “ملك” كلمتها بردها وهى تقول:-
-ما تخرسي شوية هو انتِ موجودة فحياتي عشان تجلبيلي التعاسة
ضحكت “ملك” بعفوية وهكذا “ديمة” ليمر اليوم بسلام حتى وصلوا للقاعة وبدأ “حمزة” بأستقبال المعازيم وأصدقاءه من العمل وكان مُنشغلًا تمامًا عن “ديمة” فكان الأب والأخ والأم لـ “ملك” بيوم كهذا، تذمرت “ديمة” على أنشغاله عنها طيلة اليوم منذ الصباح ولم يهاتفها مرة واحدة على الأقل لتكبح غضبها منه بداخلها حتى يتم يوم “ملك” ولا تخربه عليها، وقفت “ملك” ترقص مع “عامر” على أغنية (شو محسودين-سعد رمضان) وتلف ذراعيها حول عنقه بُحب وبسمتها لم تفارق وجهها وتُتمتم مع الأغنية بكلماتها ويديه تلف حول خصرها ليحملها بقوة ويدور بها بجنون وهى تصرخ بسعادة تغمرها بعد أن أصبحت زوجة لحبيب عمرها وتحقق حلمها الأعظم الذي لم تتمني سواه بحياتها، كانت “ديمة” تستمع لكلمات الأغنية وهى تنظر إلى “حمزة” الواقف مع أصدقاءه ورئيس المباحث يضحك بسعادة معهم (والله قليل ياللي انحكي عنا قليل، عملنا كل شيء قالوا عنه مستحيل، عشنا حياة ما شافوها بالأحلام فصاروا يقولوا عنا مجانين) تبسم “ديمة” رغم حزنها وكلمات هذه الأغنية لمست قلبها ومشاعرها كأنها تروي قلبها وبذور حبها المدفونين بيسار صدرها، أنهت اليوم بسرعة البرق لتذهب “ملك” لمنزل زوجه ويعود “حمزة” لمنزله بصحبة “ديمة” فكادت أن تصعد الدرج ليقول:-
-ديمة
ألتفت إليه وهى تقف على الدرج صامتة ليسير نحوه وصعد معها للأعلى لكن قبل أن تدخل شقتها مسك “حمزة” يدها وقال:-
-ممكن أوريكي حاجة
لم تفهم كلماته فأخذها للسطح وقبل أن يخرج وضع يده اليسري على عينيها يحجب عنها الرؤية وخرج للسطح بها ثم قال:-
-هشيل أيدي بس متفتحيش إلا لما أقولك
أومأت “ديمة إليه بنعم رغم جهلها وهى تقول:-
-أنا مش فاهمة حاجة، أنت روحت فين؟
لم يُجيب عليها فقالت بتردد:-
-أفتح..هفتح
فتحت عينيها ببطيء لتراه واقفًا داخل قلب كبير مصنوع من اللمبات الكهربائية وورود كثيرة على الأرض وهناك غطاء سرير ملقي بعدين يبدو أنه وضعوا فوق الورود في غيابها حتى لا تسرقهما نسمات الهواء بعيدًا ليقول بنبرة دافئة:-
-بصي أنا يمكن مش رومانسي زى ما البنات بتحب وممكن أكون جدي معظم الأوقات وعلى طول عصبي وغيور لدرجة تخنق، ممكن كمان أكون دقة قديمة زى ما بتقولوا وعمرى ما هعرف مثلًا أقف جنبك في فرح ونرقص سوا قدام الناس ومعظم الأوقات هقدم حُبي وحنيتي لك في بيتنا بعيد عن عيون الناس، عارف كمان أن نظام شغلي مُخنق وممكن أغيب عن البيت ومقدرش أقولك مبرر لدا لسرية الشغل بس ممكن تقبلني بكل عيوبي دي لأن رغم أن كل دي عيوب فيا إلا عندى قلب بيحبك وبيعشقك لوحدك، قلب وعقل أختاروكي لوحدك من بين كل الناس وعشانك مُستعد أسافر وأحارب بلاد بس يكفيني بسمة منك تنور وشك وحياتي
ظلت “ديمة” تستمع لكلماته وهى واقفة مكانها دون أن يتحرك لها ساكنًا وعيناها تدمع فرحًا من جمال كلماته رغم أنه يتحدث عن عيوبه لينتهى من كلماته وأخرج علبة صغيرة من جيبه وفتحها وكانت تحمل خاتم زفاف لأجلها ثم نظر للخاتم ومنه إليها وقال بنبرة دافئة:-
-تقبلي تكوني حبيبتي وكل دنيتي
تقدمت “ديمة” منه لتدخل إلى هذا القلب ثم وقفت أمامه تتطلع بملامحه ورفعت يدها إلى وجنته تداعبها بأناملها الناعمة ثم قال بنبرة دافئة:-
-أنا عايزاك بكل عيوبك يا حمزة، لأن في نظري كل عيوبك دى أجمل ما فيك أزاى هعيش مع راجل مبيغيرش عليا ها ولا شارك الناس حبنا عشان يحسدون ما هي العين فلقت الحجر، عصبي طب دا أنا وقعت في حبك في كل مرة بتقولى هأخدك تحري وهفلقك نصين، عيوبك دى خطفتني يا حمزة لعالم تاني عالم مفهوش غير حُبك بس
تبسم “حمزة” إليه بسعادة ثم أخذ يدها ينزلها إلى يده ليضع الخاتم في بنصرها وقال بلطف ونبرة دافئة لمست قلبها بصدقه:-
-يشهد ربنا عليا أنى هصونك زى ما وصاني ديني وربي وأحافظ على وصية رسول الله بعمري كله
ذرفت الدمعة المتلألأة في عينيها على وجنتيها فرحًا وهيامًا بجمال كلماته ثم قالت بدلال:-
-أنا بحبك يا حمزة
تبسم “حمزة” إليها بسعادة وظل يتطلع الأثنين بعيني بعضهما وكأن العناق الذي أشتاق “حمزة” له في هذه اللحظة يعانقه لها بعينيها وقد ضمتها نظراته إليه ليروى قلبهما بعشقهما الكامن بداخلها، قلبين أفقدوا الحب طيلة سنواتهما لكن بلقائهما لبعض ارتوي قلب كلا منهما ارتواءًا كافي كل ما مضي وقادم ، ارتواء القلب لن يأتي بوقت مُحدد أو سن معين بل يحتاج لقلب أخر شريكًا له ليضخ كلا منهما العشق بالآخر حتى يكتمل الارتواء ....
______ تمت بحمد الله ______
تعليقات
إرسال تعليق