سكريبت امان قلبى كامل بقلم رحمه طارق حصري
سكريبت امان قلبى كامل بقلم رحمه طارق حصري
انتي متأكده من اللي هتعمليه دا؟
بصيت لعمتي وأنا بلم هدومي في الشنطة:
أه يا عمتي.. متأكده انا اصلا معنديش حل تاني.
هزت راسها وقالت بخوف:
متأكده يا بنتي؟ اقعدي وإحنا هنتصرف.
قلبي كان بيتقطع وأنا ببصلها:
أستنى إيه يا عمتي؟ لما يجوزوني ابن عمي بالعافية؟ أنا قولت مليون مره إني مش بحبه.. وبشوفه زي أخويا وبس!
كملت لم هدومي بسرعة وخرجت قبل ما بابا يصحى.. ساعتها هتحصل مصيبة.
وقفت عند الباب وبصوت واطي قولت:
أنا همشي.
كنت حاسة بخوف رهيب.. إزاي هسيب البيت وأعيش لوحدي وأنا حتى لو مشيت آخر الشارع بخاف؟
ردت عمتي وهي متنهدة:
مع السلامة يابنتي خلي بالك من نفسك.
فتحت الباب وخرجت، نزلت ركبت العربية اللي هتوصلني للقطر.
في الطريق دماغي وتفكيري شغالين:
هو أنا قد اللي بعمله؟ طب لو كانوا ماجبرونيش علي الجوازة دي، كنت عمري فكرت أمشي؟ لأ.. أنا هربت عشان زهقت.. عشان بابا طول عمره ضعيف قدام عمي.. حتى لما قرروا يجوزوني لفهد، بابا ماقالش ناخد رأيها، لأ.. ضربني عشان أسمع كلامهم.
فجأة فوقت علي صوت السواق:
"حمدالله عالسلامة يا أستاذة."
الله يسلمك..اتفضل
ونزلت وأنا واقفة قدام محطة القطر، مترددة أكمل ولا أرجع أستحمل شوية كمان. رجلي سحبتني لجوة، وقفت عند الشباك:
تحبي تروحي فين يا فندم؟
اممم.. اسكندرية.
تمام، اتفضلي.
خدت التذكرة، وقعدت مستنيا القطر ودماغي لسه مش مبطله تفكير
"حياة جديدة إيه؟ أنا بهرب بس.. يمكن بغلط."
القطر وصل، ركبت وقعدت، بس أول ما اتحرك حسيت بدوار وخوف. قمت بسرعة عايزة أنزل، مسكني راجل وقال:
"رايحة فين يا أنسة؟"
"عاوزة أنزل.. مش هينفع أمشي."
"تنزلي إيه؟ القطر مشي خلاص."
فضلت أترجاه:
"بالله عليك نزّلني!"
"لا حول ولا قوة إلا بالله.. إيه العيال دي!"
رجعت مكاني تايهة، دموعي نزلت وأنا سندة راسي ع الشباك.
كانت ست كبيرة قاعدة جمبي، من أول ما ركبت وهي واخدة بالها مني. أول ما شافتني بعيط قربت، من غير كلمة أخدتني في حضنها.
ولقيت نفسي بحضنها كأني بدوّر على الأمان من سنين.
قالتلي وهي بتطبطب عليا:
"مالِك يا بنتي؟ صلّي ع النبي كده.. مين مزعلك؟"
ماقدرتش أرد من كتر العياط.
قالتلي بحنية:
"اهدي.. اهدي يا بنتي.. مش هسألك دلوقت. نامي وأنا جنبك."
وقتها حسيت إن أخيرًا لقيت حضن بعد حضن أمي.. لقيت طبطبة بعد ما كانت الدنيا كلها قاسية.
وصل القطر اسكندرية، نزلت وأنا قلبي بيدق بسرعة.. حاسة إني عاملة مصيبة ومش عارفة هعرف أعيش ولا لأ
الست الكبيرة اللي كانت معايا بصتلي وقالت:
يا بنتي إنتي ليكي حد هنا في اسكندرية هنا ريحاله.
هزيت راسي:
لا.. أنا حتى عمري ما جيت اسكندرية قبل كدا.
ابتسمتلي بحنية وقالت:
طب تعالي اقعدي معايا عقبال متلاقي مكان كويس تستقري فيه أنا عايشة لوحدي خالص مليش حد ممكن يضايقك ولا اي حاجه
فضلت واقفة مترددة.. بس نظرتها كانت صافية لدرجة خلتني اوافق:
ماشي اسفة جدا لو هتقل علي حضرتك بس عقبال مشوف مكان هنا أعيش فيه لاني لسه معرفش حاجه هنا.
ركبنا تاكسي وروحت معاها، البيت كان بسيط وصغير بس ريحته دافية.. ريحة أمان.
قالتلي:
اسمي خديجة، كل الناس هنا بيقولولي أم زياد.. وأنتي اسمك إيه؟
ليلى.
إيه اللي جابك هنا يابنتي ومن غير اهلك.؟
سكت شوية، وانا بحاول اخفى دموعي:
هربت.. عاوزين يجوزوني بالعافية وأنا مش موافقة.
قربت مني وقالتلي:
يا حبيبتي... بس لازم تعرفي إن الهروب مش حل. إنتي محتاجة تثبتي نفسك وتبيني إنك أقوى.
كنت بسمع كلامها ودموعي نازلة.. حاسة إن ربنا بعتلي ملاك.
عدّى اليوم وأنا قاعده معاها، جابتلي أكل وسابتني أنام شوية. أول مره من سنين أحس إني نمت من غير خوف.
صحيت بالليل على صوت البحر.. خرجت البلكونة أبص على الموج، لقيت الدنيا هادية قوي
وقتها سألت نفسي:
هو أنا فعلا بدأت حياة جديدة؟ ولا دي مجرد هدنة قبل العاصفة اللي جاية؟
تاني يوم صحيت، لقيت "أم زياد" محضرة الفطار البسيط.. عيش وفول وجبنة. ابتسمتلي وقالت:
يلا يا ليلى كلي عشان تفوقي.. وبعد كدا نشوف هتعملي إيه.
كنت متلخبطة.. بس عارفه إن ماليش رجعة. قولتلها وأنا ببص في الأرض:
أنا لازم ألاقي شغل يا خالتي.. مش عاوزة أكون حمل تقيل عليكي.
مسكت إيدي وقالت بحنية:
يا بنتي إنتي مش حمل.. بس لو حابه تشتغلي، أنا هعرفك على واحدة صاحبتي عندها محل ملابس صغير.. يمكن تحتاج حد يساعدها اهو نكون عرفنها وتطمني وأنتي شغاله معاها.
بعد الفطار خدتني معاها.. وصلنا المحل، كان بسيط بس مليان هدوم بألوان كتير.
قلبي دق بسرعة من القلق.. عمري ما اشتغلت قبل كدا
الست صاحبة المحل بصتلي من فوق لتحت وقالت:
دي هتعرف تشتغل؟ شكلها عيلة صغيرة
وشي احمر من الإحراج، بس رديت بسرعة:
هتعلم.. جربيني.
قعدت أول يوم أرتب هدوم على الرفوف وأساعد الزباين بابتسامة.. كنت تايهة، بس مبسوطه حاسة إن دي بداية.
وأنا واقفة في المحل، لقيت في نفسي قوة غريبة.. أنا بشتغل.. أنا واقفة على رجلي من غير ما حد يجبرني.
وفي نص اليوم، جت واحدة زبونة، وأنا بهزر معاها ضحكت وقالت:
إنتي دمك خفيف يا بنتي.. خليكي هنا على طول.
لحسن حظي الست صاحبه الشغل كانت واقفه بعد اما مشيت الزبونه نادت عليا وقالت:
تمام.. هتفضلي شغاله. بس المرتب مش كبير.
مبصتش للمرتب.. أنا كل اللي همني ساعتها إني بقيت بعمل حاجة بإيدي
رجعت البيت بالليل، وإحساس غريب مالي قلبي.. أول مرة من زمان أحس إني ممكن أبدأ من جديد.
وقفت قدام البحر تاني يوم وأنا بقول لنفسي:
يمكن الحياة لسه مخلصتش معايا.. يمكن لسه ليا فرصة.
ليلى بدأت تتأقلم على حياتها الجديدة.. الصبح تروح المحل تشتغل، وبالليل ترجع بيت "أم زياد" وتساعدها في البيت. كانت بتحس لأول مرة إن ليها بيت تاني.
في يوم وهي قاعدة بتشرب شاي مع "أم زياد"، سمعتها بتقول وهي بتبص في صورة على الحيطة:
وحشتني قوي يا زياد.. ربنا يرجعك ليا بالسلامة.
ليلى سألتها:
مين دا يا خالتي؟
ابتسمت ودموعها في عينيها:
دا ابني.. مسافر بقاله سنتين بيشتغل برة. قالي هيرجع قريب بس بقاله خمس سنين مسافر ولسه مجاش.
ليلى حست إن فيه وجع في قلب "أم زياد"، وقامت حضنتها:
إن شاء الله يرجعلك بالسلامة وتفرحي بيه قريب.
عدت أيام قليلة، وليلى راجعة من الشغل تعبانة.. أول ما فتحت باب البيت، سمعت صوت راجل بيضحك جوة. اتجمدت مكانها من الخوف
يتبع....
طلعت "أم زياد" بسرعة وقالت وهي فرحانة:
"ليلى! تعالي.. دا زياد ابني.. رجع النهاردة
دخلت وانا متوترة.. لقيت شاب طويل، لابس قميص بسيط بس جميل اوي وابتسامة كبيرة مرسومة على وشه. أول ما شافني رفع حاجبه باستغراب:
"إيه؟ ومين دي يا أمي؟"
ابتسمت "أم زياد" وقالت:
دي ليلى.. قابلتها بالصدفه في القطر واتعرفنا علي بعض ولما نزلنا عرضت عليها تيجي تقعد معايا لاني لوحدي ومن وقتها وهي عايشة معايا و زي بنتي بالظبط
حسيت بارتباك شديد، قلبي بيدق جامد و اتكلمت بخجل:
أنا آسفة إني بتقل عليكم بس ولله انا خلاص هشوف مكان تاني أعيش فيه واسفه علي ازعاجي
اتكلمت أم زياد وهي بتقرب مني:
متقوليش كدا يابنتي بيتك ومطرحك
ضحك زياد وقال:
واضح إن امي حبيتك اوي يا آنسة ليلى.. أمي مش بتأمن لحد كدا بالساهل
ابتسمت بخجل،حسيت قد إيه هما عيلة جميله اوي وافتكرت أمي الله يرحمها محستش بدموعي وهي بتنزل من عيني ومن قسوة الدنيا معايا وفراق أمي اللي لسه مسببلي وجع رهيب كأنه امبارح
بصلي زياد وأنا بحاول اداري دموعي وقال:
مالك يا آنسة ليلي!
لا لا ابدا مفيش حاجه انا بس افتكرت أمي الله يرحمها
هي والدتك متوفية
هزيت رأسي بأنه اه
قربت مني أم زياد وهي بتاخدني في حضنها وبتطبطب عليا:
يابنتي انا موجوده هنا مكان امك الله يرحمه انا فاهمه طبعا محدش يقدر يعوض مكان الام بس أعتبريني انا زي امك تمام
ابتسمت وحسيت لأول مره بدفء العيلة الحقيقة
قعدنا على السفرة وأم زياد جابت الأكل وهي فرحانة إن ابنها راجع.
قعد على السفرة يأكل وقال:
تسلم ايدك ياأمي ياقمر وباس ايدها
تمتمت أم زياد وضحكت وقالت بس مش انا اللي عامله الأكل دي ليلى
زياد بصلها بصدمه وهو بيقول:
"إنتي اللي عاملة الأكل دا؟"
ليلى اتوترت وقالت:
أه.. يعني حاولت أساعد خالتي شوية.
أخد لقمة وبص لها مبتسم:
واضح ان طباخه ماهره حقيقي تسلم ايدك
ضحكت أم زياد وغمزتلي وهي بتقول:
علي فكرة ياليلي زياد دا مغلبني مش اي اكل يعجبه ومش أي حاجة يقول عليها جميلة
ابتسمت بخجل شديد وقولت:
انتي الكل في الكل ياست الكل يقمر انتي.
قعدوا يضحكوا ، لأول مرة من زمان أحس بدفء عيلة حقيقي.
بعدها بيوم، كان زياد خارج يتمشى، لقى ليلى قاعدة قدام البحر لوحدها. قرب منها وقال:
إنتي دايما بتحبي تقعدي هنا؟
ليلى قالت وهي مركزة في الموج:
البحر بيريحني.. الوحيد اللي بيسمعني والوحيد اللي مش بخاف وأنا بكلمه
وقف جنبها ساكت شوية، وبعدين قال:
أنا كمان كنت بحس كدا وأنا في الغربة.. إن البحر الوحيد اللي بيسمعني.
بصوا لبعض لحظة.. وصمتهم ملى المكان من حولهم
اتكلم زياد بحرس:
هو انا ممكن أسألك سؤال؟
اتفضل!
هو انا أمي قالتلي انك هربتي من أهلك بس أنا مفهمتش ليه هربتي منهم؟
عينها غرقت دموع، لفت وشها للبحر وقالت بصوت مكسور:
أهلي كانوا عاوزين يجوزوني لابن عمي بالعافية.. وأنا مش طايقاه.. قولتلهم مليون مرة إني مش موافقة. بس محدش كان بيسمعني.. حتى بابا.. كان بيضربني عشان اوافق.
زياد سكت شوية، عيناه مليانة غضب وحزن في نفس الوقت:
غطيت وشها بإيدي وقولت:
مكنش قدامي غير إني أهرب.. أنا جبانة يمكن.. بس كنت هموت لو فضلت هناك.
زياد قرب منها بهدوء،وقال بصوت هادئ:
إنتي مش جبانة يا ليلى.. إنتي شجاعة. يمكن دي أصعب خطوة خدتها في حياتك.
رفعت عيني ابصله، وأنا حاسه حاجة غريبة جوايا.
وأم زياد واقفة من بعيد بتتفرج عليهم وهي بتبتسم.. قلبها بيقول:
يمكن الليالي الجاية مخبية ليهم قدر جميل.
في يوم وانا واقفة في المحل، كان فيه زبون شكله مش مظبوط، فضل يضايقيني بكلام حاولت ابعد عنه اتعامل بأدب.
الراجل قرب مني وقال بصوت واطي:
ايه يا قمر.. سيبك من الشغل دا وتعالي معايا.
اتجمدت مكاني وخفت، بس قبل ما ارد عليه ظهر زياد من ورايا.
مسك الراجل من إيده وقال بحدة:
إنت بتكلم مين كدا؟
الراجل اتفاجئ وقال بتحدي:
"أنا بكلمها هي إنت مالك؟"
زياد شده بقوة وقال:
مالي؟ اداله بوكس فوشه وقاله:
لو شوفتك هنا تاني هخليك تندم.
الراجل اتلخبط وخرج بسرعة وهو بيتذمر.
وقفت متوترة، قلبي بيدق بسرعة، وقولت بخجل:
إنت إيه اللي جابك؟
ابتسم زياد وهو بيحاول يخفف التوتر:
ماعرفش.. قلبي قالي إنك محتجاني.
بصت له ودموعي قربت تنزل من غير ما اخد بالي.
قال بهدوء:
طول ما أنا هنا.. محدش هيقدر يضايقك.
وفي اللحظة دي حسيت بحاجة غريبة.. لأول مرة من يوم ما هربت، احس إن في حد واقف يحميني، مش يستغل ضعفي.
في نفس يوم بالليل، خرجت اتمشى عالبحر بعد ما خلصت شغل. البحر كان هادي، والهوا بيلعب في شعري. قعدت على السور وبصيت في الموج زي العادة.
فجأة سمعت صوت ورايا:
واضح إن البحر صاحبك المفضل.
التفت لقيت زياد واقف، ماسك إزازة مياه، وقعد جنبي. ابتسمت بخجل وقولت:
آه.. هو الوحيد اللي بيخليني أتكلم من غير ما أخاف يلومني.
زياد بص لها وقال:
وإنتي ليه متعودة تخافي من اللوم؟
سكتت شوية وبصيت في الموج:
عشان عمري ما لقيت حد يسمعني بجد.. كلهم كانوا عايزين يتحكموا فيا، حتى بابا.. كنت بحس إني مش بني آدمه ليها رأي.
زياد تنهد وقال:
انا عاوزك متخافيش ياليلي طول مانا جمبك
بصيتله وابتسمت أول مره احس إن بقي ليا سند حد مخافش من الحياه وهو جنبي
ضحك زياد وهو بيبص لي:
يمكن ربنا جمعنا عشان نكون أمان لبعض.. مش البحر بس.
سكتوا لحظة، عينيهم اتقابلوا، والوقت كأنه وقف. ليلي قلبها كان بيخبط بسرعة، أول مرة تحس بالحب.
رجعت البيت بعدها وهي مش عارفة تنام.. كل ما تقفل عينيها، تشوف ضحكته ونظرته.
كانت مبسوطة الأيام دي.. بين شغلها في المحل، وحنيّة "أم زياد"، وكلام زياد اللي بدأ يدخل قلبها غصب عنها.
لكن الفرحة عمرها ما بتكمل.
في يوم وهي واقفة في المحل بترتب الهدوم، دخلت واحدة ست من قريتها.. كانت جارتهم القديمة. أول ما شافتها، فتحت عينها وقالت باستغراب:
ليلى؟ إنتي؟!
اتجمدت مكاني، حسيت الدم وقف في عروقي. حاولت ارد بهدوء:
"إزيك يا خالتي.."
الست بصتلي بحدة وقالت:
إنتي مش كنتي هتتجوزي قريب؟ إيه اللي جابك هنا؟
اتلخبطت ورديت بسرعة:
بشتغل.. أنا سايبة البيت.
الست بصتلها وابتسمت ابتسامه خبيثه وقالت:
طب خلاص.. سلام.
مشيت، بس نظرتها قالت كل حاجة. ليلى عرفت إن الكلام دا هيوصل لعيلتها أسرع من النار.
رجعت البيت مرعوبة، أول ما شافها زياد سألها:
مالك؟ وشك أصفر كدا ليه؟
حكت له بسرعة اللي حصل. زياد اخد نفس وقال:
يبقى لازم نكون جاهزين.. أكيد الكلام دا هيوصل لعيلتك. بس متخافيش.. طول ما أنا هنا مش هسيب حد يقربلك:
بصتله بدموع:
أنا مش عاوزة أسببلك مشاكل يا زياد.
مسك إيدي لأول مرة وقال بهدوء:
المشاكل دي لو معاكي.. تبقى مش مشاكل.انا مستعد احارب اهلك والعالم كله عشانك.
من بعد ما الست شافتها في المحل، ليلى بقت عايشة في قلق. كل يوم وهي راجعة من الشغل تبص وراها تخاف تلاقي حد متابعها.
وفي ليلة وهي قاعدة في أوضتها، موبايلها القديم اللي سايباه في الشنطة رن فجأة. اتجمدت وهي شايفة الرقم.....
يتبع...
كان رقم أبوها.
قلبي وقع، ما ردتش.. سابته يرن ويسكت. بس بعدها جالي رسالة قصيرة:
"إنتي فاكرة إنك هتهربي مننا؟"
إيدي كانت بترتعش وأنا ماسكة الموبايل.
زياد دخل الأوضة في اللحظة دي، شاف وشي متغير، قال بسرعة:
"في إيه؟"
مديت له الموبايل من غير كلام، أول ما قرأ الرسالة وشه اتقلب.
"يعني خلاص عارفين إنك هنا."
قعد جنبي وقال بحزم:
"إسمعي يا ليلى.. إنتي مش لوحدك. حتى لو جم لحد هنا، مش هسيبك ترجعيلهم غصب عنك."
محستش بنفسي غير ودموعي نازلة:
"أنا خايفة يا زياد.. مش عاوزة أخسر البيت اللي لقيته هنا.. ولا الأمان اللي حسيته لأول مرة."
زياد قرب أكتر وقال وهو بيبص في عيني:
"إنتي عمرك ما هتخسري طول ما أنا موجود."
عدى يومين.. والصدمة حصلت.
كنت راجعة من الشغل، لقيت عربية كبيرة واقفة قدام البيت. أول ما قربت، شوفت عمي واقف، وبابا جنبه. قلبي بدأ يدق بسرعة من الخوف وأنا برجع بخطواتي لورا.
أول ما شافني عمي صرخ:
"بقي إنتي تهربي عشان متتجوزيش ابني وتخلي سيرتنا على كل لسان؟!"
ولما حاول يقرب مني عشان يمسكني ويضربني ويخدني معاه،
وقفت متجمدة، مش قادرة أرد ولا حتى أدافع عن نفسي. وفجأة ظهر زياد واقف بكل قوة:
"إياك حد يقرب من ليلى، سامعين؟!"
عمي بص له من فوق لتحت وقال:
"وإنت مين؟ مالكش دعوة بالبنت دي.. دي بنتنا وهنرجعها غصب عنها."
زياد اتقدم خطوة وقال بصوت ثابت:
"لأ.. ليلى مش هترجع."
عمي انفجر:
"إنت مين أصلاً عشان تقرر؟ ليلى جوازها الليلة من ابن عمها ومش هيتلغي."
زياد بص له بعزم وقال:
"لو على الجواز.. يبقى خليني أنا اللي أطلب إيدها دلوقت. قدامكم."
الكل اتصدم، حتى أنا.
وقفت تايهة.. دموعي بدأت تنزل، مش مصدقة اللي بيحصل.
زياد بص في عيني بحب وقال بهدوء وسط كل الصخب:
"ليلى.. إنتي عاوزة تفضلي هنا معايا ولا ترجعي معاهم؟ القرار قرارك."
كل العيون بصة عليا، عمي بيبصلي بتحذير وأنا بدأت أتوتّر وأخاف أكتر.
حسيت إن قلبي هيقف من الخوف، بس لأول مرة قلت لنفسي:
أنا مش هخاف.. المرة دي أنا اللي هختار.
مسحت دموعي بسرعة، وبصيت في عيون زياد وقلت بصوت عالي:
"أه.. أنا موافقة. عاوزة أكون معاك يا زياد."
الصمت اتكسر فجأة.
عمي اتجنن وقال:
"إنتي اتجننتي؟! إزاي تقولي الكلام دا قدامنا؟ إنتي مخطوبة لواحد تاني!"
بس زياد وقف قدامي وقال بكل قوة:
"هي اختارت... خلاص."
باباها كان واقف ساكت، عينه مليانة دموع وهو شايف بنته واقفة لأول مرة بتدافع عن نفسها. حاول يمد إيده يتكلم، لكن عمها شده وقال:
"يلا بينا.. البنت دي خلاص خرجت مننا. مبقتش تخصنا."
مشيو بغضب، وأنا وقفت بتنفس بصعوبة، قلبي بيرتعش، بس في نفس الوقت حسيت إني أخيرًا حرة.
زياد قرب مني وقال بابتسامة دافية:
"من النهارده.. إنتي مش لوحدك يا ليلى."
عدت أسابيع قليلة بعد المواجهة.. وزياد ما ضيعش وقت. راح لأبو ليلى رسمي، وطلب إيدها قدام الناس كلها، عشان محدش يقدر يتكلم تاني.
أبوها كان ساكت، لكن عينيه كانت بتقول إنه مرتاح إنها لقت حد يحميها. وبعد يومين رجع لوحده على بيت "أم زياد"، وطلب يشوفها.
لما شوفته، دموعي نزلت وجريت عليه أحضنه:
"يا بابا.. كنت محتاجاك جنبي من زمان."
حضني بقوة وقال:
"سامحيني يا بنتي.. كنت هجوزك بالغصب لواحد إنتي مبتحبهوش، وكنت مقصر معاكي كتير. لكن من النهارده إنتي ليكي حياتك اللي إنتي اخترتيها."
اليوم اللي بعده بدأوا التحضيرات.. البيت اتملى ضحك وفرحة، وأم زياد كانت في قمة سعادتها وهي بتجهز لفرح ابنها وليلى اللي بقت بنتها ومراته في نفس الوقت.
يوم الفرح جه.. قاعة صغيرة على البحر، كلها أنوار بيضا وزغاريط ملت المكان.
ليلى لابسة فستان أبيض بسيط، بس جمالها طاغي وابتسامتها منورة القاعة.
زياد واقف مستنيها، عيونه مليانة حب وحنان. أول ما دخلت، كل الناس بصوا ليها بإعجاب، لكن هو بس اللي كان شايفها أجمل بداية لحياته.
وقت عقد القِران:
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير."
والزغاريط علت. وأبوها كان واقف بيعيط من الفرح وهو شايفها بتضحك من قلبها لأول مرة.
بعد ما خلص الفرح، والدنيا هديت، ليلى وزياد راحوا شقتهم الجديدة.
كان المكان متزين بالورود والشموع، والجو كله دفا.
ليلى كانت متوترة وبتضحك بخجل، وزياد أول ما شافها قال بابتسامة دافية:
"إنتي أجمل عروسة شافتها عيني."
نزلت دمعة من عينيَّ من غير ما أخد بالي، قرب من وشي ومسكني وهو بيمسح دموعي وقال:
"ماتعيطيش يا ليلى.. الليلة دي بداية الفرح."
قعدوا جنب بعض على الكنبة، وهو مسك إيديها وقال بحب:
"أنا مش عاوز غير إنك تكوني مرتاحة وسعيدة معايا.. أوعدك إن عمري كله هيبقى ليكي."
ابتسمت بخجل ورديت:
"وأنا عمري كله معاك.. إنت الأمان اللي كنت بدور عليه."
قرب مني وحضني، كان حضن دافي جدًا.. حضن نساني كل خوفي، وكل وجعي القديم راح خلاص.
الحضن اللي بدأ معايا حياة جديدة كلها حب وراحة.
غمضت عيني وأنا لسه في حضنه وقلت:
"من النهارده يا زياد.. حياتي كلها فرح بيك."
وهو رد بابتسامة:
"وكل يوم معاك هيبقى عيد."
وابتدت رحلتنا مع بعض… رحلة حب وأمان ما بتنتهيش.
<<<<<<<<<<<<
النهاية...
ايه رأيكم في الرواية؟؟
بقلمي/رحمه طارق
تعليقات
إرسال تعليق