رواية نور ايوب كاملة بقلم روان خالد
رواية نور ايوب كاملة بقلم روان خالد
"ماهو ابنك اللي عيونه حلوة يا حماتي أنا مالي!"
_دلوقتي بقيت حماتك؟ مش من شوية كنت عمتك الحرباية!؟
ضحكت على رد فعلها ورقصت حواجبها بـ استفزاز،
ضربتها بالمخدة بغيظ بس بعدها ضمتها بـ حنية..
"معرفش حبيتي إيه في الموكوس ابني."
مكانتش بتسأل، كانت مستغربة من كم الحُب اللي بتقدمه لابنها،
في الحقيقة الكل كان مستغرب كم الحُب اللي بيظهر منها لـ ايوب حتى ايوب نفسه، بس محدش يعرف حقيقة الموضوع..
"ياخلاصي على الناس الحلوة اللي لسه راجعة من التمرين."
اتحرج وخرج برا الاوضة ومقدرتش تمنع نفسها من ضحكة رجت الاوضة، اخدت الكتاب من مكتبته وخرجت علشان يدخل هو اوضته براحته يغير..
"ده كتابي؟"
عقدت حواجبها بـ دهشة:.
"اسمه كتابنا يا ايوب!"
استغفر ربه في سره وكان باين عليه التذمر لما قفل في وشها الباب وهو بيبصلها بقرف، لذيذ قد إيه بيحبها بجد؟ مشافتش حد بيحبها قده ولا بيعاملها برقة زيه كده..
مسكت الكتاب وضميته لـ قلبها زي ما نفسها تضمُه بس هنمشيها الكتاب عقبال صاحب الكتاب، دخلت اوضتها وقررت تكمل،
في الحقيقة كانت الكُتب هي الشيء الوحيد اللي بيثير فضولها في الحياة هنا أو يمكن مش الشيء الوحيد بس الكتب..
"نور جدك بيندهك علشان الغدا."
اتململت نور بغيظ فـ دي اهم حتة البطل كان هيتخلص من البطلة في رمح البصر علشان بس سرقت من مكتبته آمال لو بتعمل اللي هي بتعمله في ايوب كان زمانه عمل فيها ايه..
"إيه يانعومي مش عارف تاكل من غيري طبعًا."
قربت من جدها وباسته من راسه وخده ورفعت حاجبها بـ استفزاز لـ عمها ومراتُه بينما عمتها ضربت كف بـ كف من جنونها ولانها جالبة مشاكل زي ما ايوب بيقولها قربت منه وضربت على كتفه، بصلها بقرف..
"خير؟"
ميلت راسها بـ ببراءة:.
"ممكن تقعدني جنب جدو؟"
رفع ايوب حاجبه بـبرود فـ ده مكانه المعتاد وهي مقابلة لكرسيه:.
"مكانك هناك مش هنا."
بصت لجدها ورجعت بصت لـ ايوب بأسف استغربه وراحت تقعد مكانها، كاد الجد إنه يلوم حفيده علشان نظرات نور كانت محملة بالحزن..بس كلمات نور خليته يتراجع:.
"احسن أنا اصلا مش عايزه اكون غير من اصحاب اليمين ربنا يهدي الشمال."
صمت تام خيم على ترابيزة الغدا مع صدمة ايوب المخفية، ابتسمت نور بتلاعب وهي بتبدء تاكل بينما جدها كتم ضحكته على مشاكساتها اللي مبتخلصش..
"كده تاكلوا من غيري؟"
صوت كان مُختفي عنهم بقاله شهر ملىٰ الڤيلا من جديد سابت نور طبق الاكل بـ فرحة وعيونها لمعت على وشك البكاء، وجريت حضنته،
ضمها بقوة وكان طولها مناسب أنها تكون قد بنته بس القدر خلاها اخته الوحيدة ودي من احلى الاقدار، رحب بيه الجد بحفاوة وقام ايوب من مكانه بإتزان وسلم على صاحب عُمره:.
"وحشتني يا ياسين طولت المرة دي."
كانت معاتبة أيوب لصاحبه بـ كلمات خفيفة بس تترك أثر في قلب التاني، فـ هو اتولد واتربىٰ مع ايوب زي الضهر والحيطة لبعض، بص ياسين للي متشعلقة على دراعه وضحك..
"وانتَ كمان يا اخويا، بس لو تشيل القردة دي عن دراعي هكون شاكر جدًا ليك والله."
"لأ مش عايزة."
رفضت بشكل قاطع ضحك عليها وحضنها من جديد، رفع لجده ايده بـ استسلام إنه مش عارف يسلم عليه بسببها،
كعادة نور متعلقة بـ اخوها وكعادة ياسين بيكره بُعده عنها لأنها بتحسسه بمدىٰ تقصيره اتجاهها.
"طب والله كويس إنك جيت علشان تلم اختك شوية وتخليها تبطل فرك وروحة يمين وشمال."
"الله يسلمك يا ابلة ثلمىٰ مالك مصدرالي وش رجلك ليه يا ابلة ثلمى ما براحة علينا شوية."
رد ياسين بـ استفزاز على مرات عمه كتم الجميع ضحكاته،
بصتلهم بغيظ وبعدين بصت لجوزها وسابتهم وطلعت اوضتها،
"مكملتش اكلها يا ياسين."
"دي واكلة مال اليتيم يا نونو يعني اكيد شبعانة."
ضحكت نور واتجه ياسين لـ جده باس ايده وراسه، وبعدها لـ عمتُه ومربيتهم بعد وفاة اهلهم..
"اغيب عنك شهر تحلوي بالشكل ده يا سما هانم!"
اتكسفت عمتُه كعادة النساء البسيطة لما بتسمع مغازلة عن مدىٰ جمالها ضحك ايوب بخفة على مامته وعلى دهاء ياسين لأنه قدر يحنن قلب امه قبل ما تقلب عليه بسبب غيابه..
"بكاش وكنت ناوية اقلب عليك بس وحشت قلبي!"
حمحمت نور فـ لفوا واخيرًا انتبهوا لوجودها:.
"جو العشق الممنوع ده مش بحبه."
بصلها ياسين بصجر:.
"تعالي يامحور الكون طلعي الشنط دي لفوق."
اتخصرت نور بغنج وبصتله بقرف قبل ما ترجع تكمل اكل متجاهله وجود الجميع قرب منها جدها وشد ودانها فـ صرخت بوجع:.
"إيه ياحج نعمان انتَ شكلك بقيت زي حفيدك ومش مراعي إني بنوتة رقيقة متقدرش تستحمل ضرب أو شيل شنط، جرا إيه يا رجالة انتو ناويين تيجو على انثى غلبانه زي!"
نطقت عمتها بـ تهكم "غـلـ ايه ياعنيا؟"
غمزتلها:.
"بس يا سوسو انتِ سيبيني اتعامل مع الرجالة دي."
ضربت راسها بـ قلة صبر واتجهت للمطبخ علشان تجهز الحلويات لـ ياسين، بينما ياسين قرر يطلع اوضته يريح وبعد وقت..
" بِس بِس.."
بص أيوب وراه لقاها ماسكة الكتاب وقاعده في الجنينة جنب الشجرة بـ فستانها الزهري، قرب منها بتأفأف..
"مفيش حاجة اطول من كده تتلبس؟"
رمشت تلت مرات بأستغراب فـ بالفعل الفستان كان طويل:.
"اطول من كده إيه؟"
اتلجلج ايوب في كلامه:.
"اقصد فستان غير ده يعني."
بصت نور للفستان ورجعت بصتله ولأن نور بتحب تختار قعدتها وقت القراية بـ شكل مناسب لـ عقلها الراقي بتحب تختار كل حاجة راقية زي القاعده بالظبط!
يمكن علشان كانت زي الفراشة في وسط الجنينة،
كانت خفيفة ووجودها مريح وكأنها بتبعث راوئح تحفة تحببك في المكان اللي بتبقى موجودة فيه،..يمكن زي الورد!
كان فاشل في التعبير عن وصفها بس هي كانت اشطر واحدة توصف علشان كده المرة دي اتحولت نظراتها من الكتاب لـ ايوب،
ابتسمت بـ خفة وميلت بـ راسها كان يليق يكون أمير هارب من مسؤولياته لدقايق علشان بس يخطف نظرات لـ فراشة في وسط جنينته الخاصة بيه..
فاقت من وصفها السريع على صوته:.
صلي على محمد
_انا هخطب."
"بس أنا مش موافقة اتجوزك."
ضرب كف بالآخر من برودها فـ هو قالها الجملة دي تلت مرات قبل كده وفي الآخر كان بينتهي بيه الأمر لاعن صنف النساء بسببها.. وقبل ما يبعد الكتاب عن رجليها وينام مكانه ضحكت بخفة و
اتوترت من حركته وسِكنت لما بدء يتنفس بـ انتظام..
من المؤكد إنه نام، لوهله كانت هتَربت على شعره بهدوء بس تراجعت لما افتكرت ناهيها عن لمسُه..هو يحق ليه يقرب منها زي ما يحب لكن هي حتى مشاعرها متقدرش تقولها خوفًا من رَفضه.
"نام؟"
هزت راسها بـ تأكيد قبل ما تسند على الشجرة وايوب متربع على رجليها نايم مستسلم من تعب الدُنيا واللي قساه.
"مش هتقوليله بردو؟"
نفيت وانا بشاورله يوطي صوته علشان ميزعجهوش خصوصًا لما اتململ بـ ارهاق، شاورلي قبل ما يمشي..
"لينا كلام تاني يخصك يانور!"
اومأت ببطئ..
أنا معنديش قابليه للكلام في الوقت الحالي أهم حاجة بالنسبالي إن ايوب يرتاح، لو ايوب ارتاح كل حاجة هتكون كويسة،
نفسي الدنيا تبطل توجعه، نفسي يتبسط أيام كتير،
ويمكن نفسي يحس بيا..
"ميصحش اللي بيحصل ده يا بابا ايوب بيعاملها بشكل هي متستحقهوش وانا واقفة مش عارفة أعمل إيه زي ماهو ابني هي بنتي!"
كان صوت سَما وهي بتحادث الجد نعمان بـ قلق واضطراب من اللي بيحصل، فـ ابنها على وشك إنه يعمل مشكلة هيندم عليها طول العمر،
والمشكلة الأكبر إن الجد شايف إن نور هي الحل!
"ومين قالك إنه ميستحقهاش؟"
تساءل بـ نبرة رخيمة تنُم عن علمه بـ اللي مخططله..
"ميستحقهاش ياجدو."
_حتى انتَ يا ياسين؟
زَفر ياسين بـ ضيق واومئ للجد، كملت سَما بـ دفاع:.
"ميستحقهاش علشان نور بتخَرج افضل ما عندها وهو مصمم يقابلها ببرود، ابني بنىٰ حواجز من حديد وقافل على قلبُه مية باب وبيريح دماغه وقلبُه علشان يرضي ضميره اتجاهها، ونور؟ نور عندها احلام واهداف نفسها تحققها مع شريك حياتها اللي يقابل حماسها ده بـ حماس أكبر مش ردود افعاله تكون باردة بـ اتجاهها، جاف في مشاعره مبيحاولش يقولها كلمة حلوة دايمًا تعليقه سلبي، نور عفوية بتحب الكُل ورافضة الأذىٰ يكفي ماضيها ولما وقعت..وقعت في حد ممكن يأذيها أكتر
نور هتطفي لو فضلت مع أيوب، وانا رافضة ده."
اتنهد الجد بـ صبر:..
"خلاص كلكم بقيتوا شايفين أيوب الشخص الشرير الوحش!"
بـ دفاع اخوي غير مقصود اتدخل ياسين وهو في حيره من امره، فـ زي ما نور اخته ايوب اخوه الوحيد:.
"مش القصد ياجدي ايوب مفيش منه ويكفي أوي اللي عاناه هو كمان، صاحب جدع وتلاقيه في ضهرك يسد، اخ حنين وخايف على اخواته، راجل ناجح في حياته وبيحاول ويسعى، بس قافل مشاعره ومش راضي يلين رغم إن نور مداله ايديها الاتنين يتشبث بيها زي الغريق وهو مصمم يغرقها معاه، أنا خايف عليهم هما الاتنين، نور تغرق وايوب ميفوقش غير بعد فوات الأوان دي اختي وانا عارف لما بتتقفل من حاجة."
كان الجد بيسمعهم بتأني وساند على المكتب بإيده بيفكر،
جزء من كلامهم صح وجزء كبير غلط بس قرر يريح عقلهم ويديهم من تفكيره ثواني:.
"خلاص اتهبلت أنا علشان اضحي بـ احفادي؟
مبقاش ليا عقل علشان تحذروني كأني بعمل جريمة!!"
بص ياسين فـي الارض بأدب بينما عمتُه اتكلمت بـ منطقية:.
"العفو يا بابا بس فهمني ليه تجمع بينهم بالشكل ده وانتَ عارف إن أيوب مش بيبادل نور مشاعر."
حول نظراته من عليها لـلجنينة، وكان باين جزء منهم وهو نايم على رجليها بـ استكانه وهي مسترخية بخفة الفراشة..
"علشان نور هي اللي هتنقذ أيوب وبكرة تشوفوا، وياريت من غير نقاش تطلعوا وتسيبوني لوحدي."
قامت العمة من مكانها وخرجت بعد ما بصت لباباها بـ قلق بادلها بـ اطمئنان بينما ياسين فضل ثابت، والجد كان متأكد إنه عايز يقول حاجة..
"قول اللي عندك يا ياسين."
_لو نور حصلها حاجة هاخدها ونسافر برا ياجدي.
"وانا موافق."
خرج ياسين من المكتب بـ ضيق فَـ تفكيره في أمر نور وايوب بقى يثير حنقه خصوصًا إنه حاسس بيهم هما الاتنين ومش عارف يعمل حاجة.
_حبيبي كان هنا
مالي الدنيا عليا
بالحب والهنا
حبيبي يا أنا
يا اغلى من عينيا
نسيت مين انا؟
وقفت غُنا عند أكتر كوبليه بيوجعها، يمكن حتى مفيش حب بينهم يخليها تعتز بـ الحب اللي كان..
غمضت عنيها وغصة تملكتها،
شعور الاستنزاف ده سيء لأبعد حد والمشكلة ان الأغلب بينكر استنزافك وقت تعبك وبيتفضل عليك ومنهم اللي بيقول
_بس أنا مطلبتش منك تعمل كذا.
جملة مؤلمة،
خصوصًا لما بتيجي من اقرب الناس اللي حاولت علشانهم وهما مقدروش محاولاتك، فـ بتبدء تنسحب بهدوء يمكن تحفظ باقي مشاعرك لنفسك..
بس يا بتفشل يا بتنجح..
"كملي."
فَتح وقابلها بـ زرقة عينه نزلت رأسها بـ اتجاهه بس نظراتها مقدرتش تتواصل معاه اكتر من ثواني،
كانت غريبة فـ شوية تكون مفهومة وشوية متقدرش تفهم بتفكر في إيه..
بس في الحقيقة هي كانت خايفة تبصله عيونها تفضحها وتقوله إنها زعلانة ورغم ذلك بتحاول، بتحاول تكونله كل شيء،
بتحاول لأجله وهي أكتر حد فاقد للمحاولة ومُستَهلك.
_أنا الحب اللي كان
اللي نسيته قوام
من قبل الأوان
نسيت اسمي كمان
نسيت يا سلام..
على غدر الإنسان
دندنت بـ شرود في ملامحه لما بص بعيد ونظرة الحنين والشوق اجتاحت عينه، ألم قابع في قلبها معقول؟!!
بعدت راسه بـ حرص خوفًا من إنه يتأذي، بصلها بـ استغراب وفي ثواني كانت مختفية من قصاده على اوضتها، نسيت الكتاب ونسيت وجوده معاها ومش قادره تفتكر غير نظرته..
"طب ليه؟"
سألت نفسها سؤال ملهوش أي إجابة،
لامته بـ عيونها ومفهمش، فرشتله الارض ورد ومقدروش
همشها وبعدها ورغم ذلك بتحاول..
ورغم إن البُكا ساكن عيونها إلا إن مفيش دمعة واحدة نزلت،
ابتسمت بـ حزن..
يمكن كان نفسها تتحب بدل ما تستبدل!
"نور."
بعد ساعة كان واقف على باب اوضتها بـ حيرة وأسف،
حيرة لأنه مش عارف نظرتها سببها إيه، واسف لأنه بيظلمها وبيضحك على نفسه.
نظمت انفاسها وفتحتله الباب، دخل وبص حواليه بـ استغراب..
"خير إيه الشنطة دي؟"
قفلتها ووقفتها جنبها ومن الواضح إنها جاهزة للخروج:.
"مسافرة."
رفع حاجبه بـبرود:.
"من دماغك كده من غير ما تاخدي رأي حد؟"
عقدت نظراتها ومسحت على عيونها بتعب:.
"أنا قولت لـ ياسين وهو موافق."
قرب منها خطوتين وزق الشنطة بـ حدة، بس نور متراجعتش قابلت نظرات تحديه بـ اخرى مماثلة لها:.
"قبل ما تاخدي رأي ياسين تاخدي رأي!"
مسكته من تيشرته بـ غضب:.
"واخد رأيك بتاع إيه ده إن شاء الله!؟؟"
عض على شفايفه بيحاول يهدي من غضبه علشان الامور متكبرش بينهم بس من الواضح إن العنيدة اللي قصاده مش هتجيبها لـبر:.
"
"بصفتي جوزك ياختي!"
_جوزي اللي من اول يوم قالي كل واحد في اوضة وملكيش دعوة بيا ولا تقربي مني..اخد رأيك بقى بتاع إيه طالما لاغيني من حياتك.
من الواضح إنها لعبت على الوتر الصحيح،
كان باين من رد فعله لما اخد خطوة ورا بـ دهشة، ابتسمت نور بنصر لأن كلامه ليها لأول مره ييجي بفايدة، مسكت الشنطة من جديد واتحركت..
"متمشيش يانور."
نبرة اشبه بالاستنجاد قريبة من التشبث،
لمحت تعبُه فيها، غمضت عيونها بـ ارهاق فـ هي في حالة ضعف من نبرته ومن الواضح إنها هتتراجع عن قرارها خصوصًا لما قرب منها ومسك ايديها بـ لين عكس كل مرة..
"أنا تعبان ومحتاجك معايا."
عضت على شفايفها بـ ضيق سببه الأول إنه تعبان وهي لا يعز عليها تشوفه تعبان والتاني إنها محتاجاله أكتر منه بس نفسها احق.
"تمام ممكن تسيبني لوحدي؟"
"لا."
بصيتله بتفاجئ:.
"يعني إيه لا؟"
حك رقبته بتوتر ملحوظ وحمحم بخشونة:.
"أنا هبات معاكي هنا."
اتسعت عيونها بـ صدمة من كلامه المفاجئ:.
"تبات مع مين انتَ شكل عقلك ضرب اطلع برا."
سابها واقفة في نص الاوضة وراح نام على السرير، بصيتله بتذمر وسابت الشنطة، بصيتله بحنو قبل ما تتجه للحمام تغير هدومها فـ من الواضح إن خطتها هتتغير ويمكن ايوب نفسه يتغير!
بينما ايوب دفن راسه في مخدتها بـ راحه بعد ارهاق،
ميعرفش سبب توقفيها إيه ولا حتى وجوده هنا، همسله قلبه بأنه خاف يخسرها واتفق عقله مع قلبه مردد جواه إن نور الوحيدة اللي اختارته واختارت عتمتُه،
هي الوحيدة اللي بالرغم من صلابته معاها كانت بتقدر تليينه..
"اتاخر شوية ده سريري على فكرة."
اتمطع بجسمه وكان حجمه قد السرير نظرًا لصغر حجم نور جنبه:.
"مش عاجبك تعالي هنا."
كان بيشاور بإيده على حضنه، رفعت نور حواجبها بقرف وزقته ولكن متحركش، بصلها ببرود مرة ورجع بص لـ السرير مرة تانية فهمت نور إنها دلالة على عرضه مرة تانية..
"في احلامك."
ضربته بالمخده وقامت ولكن ايديه كانت الاسرع وسحبها، صرخة مكتومة صدرت منها وكل منهم قريب من التاني بشكل محدش يتخيله فيهم..
"ما انتِ اللي رسمالي احلامي."
_ماذا عن الاحلام التي صنعتها في مخيلتي سويًا، ألن تحققها مثلما فعلت، ألن تضعني في اولىٰ اهتماماتك كما اردت، ماذا عن خوفك من غيابي، ألا يؤثر بك أن تراني أحاول من اجلك وانتَ تقتلني بنظراتك، ألا استحق المعافرة لتجد قلبي مثلما أحاول انا؟
ولكن كيف ستجد قلبي طالما هو هُنا وانت تعلم!
اتوترت نور وحاولت تبعد عنه بس أيوب كان الاقوى، في كل شيء كان الاقوى إلا مشاعره اتجاهها عمرها ما اتساوت أو اتوجدت..
سابت نفسها لـ مشاعرها تتحكم فيها لأول مرة،
خرجت برا إطار القوة واستسلمت لـ احساسها بـ الدفء اللي محاوطها،
ابتسمت بخفة لما افتكرت حضن باباها وقت خوفها،
نفس الدفا!
همهم أيوب بـ نعاس ونور حمدت ربها اكتر من مرة إنه مش شايف وشها نظرًا لـ سخونيته، وتمسكها بـ قفلة ايديها خوفًا من إنها تفضح نفسها وتحضنه تلقائي، استسلمت لكونه المبادر بـ قربه ليها بالطريقة دي، رغم رفضه الشديد لجوازتهم وليها هي شخصيًا..
استسلمت لـ سلطان النوم واخيرًا.
"نور ءء.."
دخلت سما عليها زي كل يوم تصحيها وشافتهم في آخر مشهد تتوقعه في حياتها، ايوب نايم وفوقيه نور متوقعه ونايمين في استسلام تام، ترقرق الدمع في عيونها لمنظرهم اللي اتمنت تشوفه من سنين واخيرًا اتحقق..
خرجت برا الاوضة وسندت على الباب بهدوء، مر من قصادها مرات أخوها بصتلها بأستفسار تجاهلته سما، قربت منها بفضول:.
"واقفة كده ليه آمال نور مش معاكي يعني هي لسه نايمة؟"
اتأفأفت سما من فضولها:.
"تعبانة فسيباها نايمة يا سلمى."
غمغمت سلمى بسوقية وبصت لسما شزرًا:.
"ادي اخرة دلعكم."
استمعوا لـ صوت ساخر:.
"جرا إيه يا ابلة ثلمى مالك مصدرالنا وش رجلك ليه يا ابلة ثلمي."
بصتله بقرف:.
"ولد مش متربي."
عدل قميصه بطريقة وهمية وبعدين بص لـ عمته من جديد همستله:.
"الكلمة الوحيدة اللي طلعت من بؤقها صح."
شاور على نفسه بـ معنى انا؟
اومأت بتأكيد وسحبته ببطئ، فتحت باب اوضة نور،
مد ياسين راسه لجوا وصعق من المنظر،
قفل الباب وخرج برا ابتسمت عمته على رد فعله:.
"ولا أنا كمان مصدقة والله."
رمش ياسين بعدم فهم:.
"مين دول؟
ده أيوب؟؟
دي نور؟؟؟؟
مين دول؟؟؟؟؟"
"شوفت بقى إن ابني بيلاوع؟
نور بعد امبارح قابلتها وقالتلي انها مسافرة لـ لارا كام أسبوع تريح فيهم بس واضح إنه عرف يتحكم في اموره، ابني وانا عارفاه، بس أنا خايفة عليهم من بعض."
بصلها ياسين بتفهم وعند ذِكر "لارا" لمعت عيونه بـ حزن كملت عمته وهما متجهين للجنينة:.
"هترجع، لارا مستحيل تفضل بعيدة عنك أكتر من اسبوع وانتَ عارف هو بس وقت الخناق بنبقى محتاجين نصفي دماغنا من كل حاجة علشان كده لما قررت تيجي مصر مرضيتش تنزل معاك دلوقتي."
اتنهد بضيق وبص لدبلته بحنق:.
"يا عمتو تصفي دماغها في حضني مش بعيد عني، عمرك شوفتي حد قادر يبعد عن روحه؟ أنا ده مبقدرش ابعد عن لارا، أنا عارف اني غلطان وزي الزفت ومقصر في حقها بس والله بحاول علشان اعيشها في احسن المستويات."
ضحكت سما على كلامه الأخير،
بصلها بعدم فهم فـ هو بيشكي مش عايزها تسخر..
"غبي يا ياسين الست مننا مش عايزة تعيش في أحسن المستويات الست عايزة تعيش بين ايدين الراجل اللي بتحبه ودي اعلى المستويات عارف ليه؟"
_لا.
"علشان دي بتبقى اعلى مستويات الحب، انها تكون مع الراجل اللي بتحبه وقتها بيغور كل الماديات والمستويات وكل حاجة ممكن تعمل عائق طالما حبيبها معاها، عمرك سمعت عن إن حمل الليالي خفيف لما يشيلوه اتنين؟"
اومئ:.
"عارف بس هي مستحيل هتبقى طيقاني دلوقتي."
كملت سما:..
"عارف؟ لارا تلاقيها دلوقتي قاعدة مستنياك تكلمها وهتتدلل شوية ومتردش هتبقى عايزة تشوفك بتحاول علشانها قد إيه، مين قالك المحاولة كلها للماديات عمرك ما سمعت عن محاولات المشاعر؟"
نفىٰ بعدم فهم وهو بيعيد صياغة كلامها في عقله:.
"اكبر مثال قدامك المعاقين في مشاعرهم فوق دول، نور وايوب كل واحد فيهم بيحارب مشاعر التاني واحده بتحاول تتوغل في قلبه والتاني بيحاول علشانها ومكابر عارف دول بكرة لو خسروا بعض كل واحد هيعض على ايده بندم واكترهم أيوب."
سألها بحيرة بعد ما بص بعيد ناحية الڤيلا وهو بيتمنى من جوا إن عمته تكون بتتكلم بصدق فـ خسارة نور وايوب لبعض هتكون آخر حاجة يحب يشوفها في حياته!
"تفتكري أيوب هيتغير علشانها؟"
ضحكت عمته واومأت بـ طمأنينة:.
"ابني ده، حُبه لـ سارة مكنش حقيقي كان الحب الأول ولما خيرها بينه وبين الماديات اختارت الماديات واسمحلي اقولك ماديات مش ابن خالتها لأنه عرض عليها فلوس أكتر، صدمة احتلت ابني حب حياته تبيعه؟!
وفوقها موت ابوه ومطالبة اعمامه بالورث كله كان جاي عليه بـ قهر سابلهم كل حاجة وجيه لجدك نعمان يلحقه من نفسه واللي بيحصله، ووقتها أنا مترددتش لحظة في اني اجمع بينكم كلكم،
ابني قفل على نفسه وكِره نور علشان كانت بتفكره بنفسه وقت موت ابوك وامك وكرهها أكتر لأنها قدرت تلينه بس في نفس الوقت بيكون عايز يشبعها حُب الدنيا وخايف يتخذل من تاني."
"بتتكلموا في إيه؟"
كان صوت الجد وهو مقرب منهم بعد يوم متعب من لفُه في المزارع علشان يتأكد على كل الشغل وانه ماشي صح، ابتسم ياسين لجده ووسعله مكان جنبه، ربت الجد على رجله وابتسمت سما من تاني:.
"مفيش يابابا هحكيلك.."
في الاوضة فوق.
فتح أيوب عيونه بـ تعب وحس بـ حِمل عليه رمش بدهشة لوجود نور على هيئة جنين مستسلمة والسلام يعم ملامحها،
بصلها لثواني متأمل ملامحها..
_كيف لتلك الهوجاء أن تقتحم عزلتي بـ جنونها وتجعلني مهتز المشاعر، تلك العيون الناعسة عندما تفتحها تشعرني بـ تَفتُح الوردات بعد خريف كئيب، ورموشها تصيب بسهامها جروحي فـ ترممها..
أليست السهام تقتُل؟ مالي لا ارى سوى شفاءٌ،
وشفاها تخبرك بـ أن تقترب أكثر وتتشاركوا الاحاديث سويًا مع كوب من الشاي ثم تتشاركوا القُبل فالشاي لم يكُن سوىٰ مقدمة للملحمة التي ستحدثها عندما تنطق بأسمِه..
افيقي يا صغيرة..
افيقي واخبريني كيف لكِ أن تفتحي أقفال قلبي
الشديدة بـ نظرة واحدة من ورودك تلك!
"ايوب.."
همهم بـ نوم كملت وهي قافلة عيونها:.
"طلقني.."
"طلقني يا أيوب."
_متعرفيش تكوني هادية خمس دقايق؟!
سكتت وانصتت لكلامه مفيش مانع من الهدوء خمس دقايق،
يمكن يكونوا اخر خمس دقايق تبقى قريبه منُه بالشكل ده،
مفيش احلى من اللحظة دي بالتحديد..
"الخمس دقايق خلصوا ها هتطلقني امتى؟"
_عايزة تطلقي ليه يانور؟
كان سؤال ساذج خارج من حبيب عيونها،
لوهلة كانت عايزه تضربه وتقوله علشان كل حاجة عكسها مفيش حاجة اتمنتها دامت معاها..
بس قررت تقول الأسباب المقنعة أكتر من مخاوفها..
اتنهدت بخفوت وقعدت جنبه وقررت تخفض نظرها عنه علشان قلبها ميلينش لأن المرة دي عقلها اللي متحكم في زمام الأمور وده مريحها أكتر، هي مش هتيجي على نفسها علشان حد مبيحاولش ليها..
"احنا مش صغيرين يا أيوب انتَ عارف ومتأكد اني بَحمل ليك مشاعر ورغم ذلك انتَ مبتحبنيش، يبقى أنا من حقي انفصل واعيش حياتي زي ما أنا عايزة واجرب طعم إني احب واتحب،
أنا المرة دي مش بطلبها منك علشانك وعلشاني،
علشانك حتى تلاقي حد تقدر تتقبله وتعيش حياة طبيعية مش مجبر عليها،
وعلشاني لأن أكيد في حد يستحقني بيدور عليا و..."
قاطع حديثها بحواجب معقودة بشدة:.
"أنا عارف إني بعاملك بشكل سيء واني مستحقش اكون معاكِ ولا حتى زوج كويس من اول يوم قررت نتجوز فيه، بس أنا بحاول يانور."
تخبطات في نَفس الاتنين،
الاولى كانت عايزة تسيبه وتمشي بعد صدمتها من اعترافاته، والتاني كان بيدرك حقيقة خسارتها،
_عانقيني واخبريني انكِ لن تفعليها مثل سابقكّ،
تمسكي بي وشاركيني الأنفاس حتى تنقطع ولكن لا تتركيني،
خُذي ما تبقىٰ من انسانيتي واجعليها تتحول إلى اشجار،
ولكن لا تَطرح ألم مثلما فعلوا قَبلك بل ورود بيضاء مثلك طاهرة، وحمراء تتشابه مع ضخات قَلبك البريء،
انزعي خوفي وتعبي وارهاقي وأبدليهم رِقة من لمساتك،
كُوني لي وطمأني فؤادي المُرهق..
كُـوني لــي فــقـط!
"أنا آسف على كل حاجة حصلت، ومستعد اقدملك كل اللي تتمنيه بس متبعديش، أنا بقالي شهر بنازع نفسي إزاي اقرب منك زي ما بتحاولي بس أنا طبعي شديد وخايف عليكي.."
كان توسل اكتر من كونه حديث،
بصتله نور بـ رقة وخوف من قلقه، مسكت ايديه بتردد:.
"صدقني دي هتبقى آخر مرة هاجي فيها على نفسي،
بس لو حصل موقف اثبتلي عكس كلامك همشي مع ياسين!"
كانت قوية متقدرش تمنع رغبتها في البُعد عن الاشياء اللي بتزعجها، وده رسم في عيونه نظرة فخر لأنها مش انثى ضعيفة،
في الحقيقة هي فعلًا مش انثى ضعيفة لأن اللي تخلي حجر يلين ويكسر مبادئة لأجلها تبقى انثى ضعيفة،
وهو من محبين النساء الاقوياء زي مامته!
اتكلم بـ ثقة وندم غير معهودين منه:.
"وانا اوعدك هبذل كل جهدي علشانك."
مسكت ايديه وشاورت ناحيه قلبه:.
"علشانك انتَ، لما تجاهد أنك تغير نفسك علشانك كل حاجة بعدها هتكون في صالحي، واعتقد وقتها مش هتأذي منك بعد كده، حاول وانا معاك."
كان ممتن لوجودها في حياته، ومش من اللحظة دي،
من اول يوم جت فيه تتخبى من وَحشة العالم هنا وكانت بالرغم من حزنها إلا إنها حاولت كتير تطلعه من احزانه،
كان امتنانه خفي وبيظهر على هيئة برود..
قامت نور بخفة الفراشة واتجهت لـلحمام تبدء يومها بينما أيوب اتجه لاوضته وهو عازم على التغيير الجذري، قابل ياسين في طريقه اللي غمزله:.
"إيه يا دنجوان."
بصله بقرف:.
"إيه يا متهان."
ضحك ياسين بقوة لما فهم مقصده ولكن حرك حواجبه بأستفزاز للتاني:.
"أنا آه متهان بس بموت فيها الدور والباقي على اللي خارج يتسحب من اوضة مراته كأنه عامل جريمة علشان بس غروره عاميه."
اصاب حديثه طريقه الصح لما اتبدلت نظرات أيوب لـ واحدة مدركة حقيقة كلامه، هو مش مضطر يتسحب لاوضته، هي فعلا مراته ومن النهاردة هيباتوا سوا!
"خليك في حالك وروح صالح مراتك ما إحنا كنا عايشين مرتاحين."
بصله المرة دي ياسين بنفس نظراته الاولى وهم للرد ولكن سبقه صوته:.
"وجوده في أي مكان راحة."
بص ياسين وراه بعدم تصديق وكانت لارا واقفة وراه ماسكة في ايديها آدم، ابتسمت عيونه قبل شفايفه واتجهلها، خفى ايوب ابتسامته واتجه لاوضته تارك المساحة ليه..
"أنا آسف حقك على قلبي."
كلمتين قادرين يمحو أي غلط،
مبادرتها ووجودها هنا شيله ذنب جديد، قرب منها وباس راسها بندم، سمع صوت ساخر جاي من تحت:.
"هو أنت بتبوس امك دي مراتك ياجدع."
مسكه ياسين من هدومه بخفة وسخر:.
"هو انت يلا ورايا ورايا اكيد مش هبوسها وانت واقف يعني."
ضحكت لارا بقوة خلت ياسين يسيب ابنه ويبصلها بهيام،
نفس النظرة اللي بصهالها من أول يوم حبها فيه لحد الآن متغيرتش!
"طب والله ابوسك قدام الواد ده وميفرقش معايا."
حط آدم ايديه على عينه في اللحظة اللي شهقه خرجت من مكان معروف المصدر ولم يكن سوىٰ نور، حطت ايديها على قلبها بدراما:.
"حرام عليكم هتلوثوا الولد البريء."
"قوليله يا نونو وانا لسه عيل على الكلام ده."
رفع ياسين حاجبه بسخرية:.
"عيل مين ياض ده انت دماغك دي تمشي بلد."
حطت نور ايديها على ودن آدم بتمثيل الصدمة والأسف وآدم استجاب لتمثليتها لما لوىٰ شفايفه بأسف، مسكته ونزلت معاه لتحت ساخرة:.
"عندكو اوض تلمكو."
ضرب ياسين كف بكف قبل ما يبص لـ مراته من جديد،
مسك ايديها بـ ندم وهتفلها بيأس:.
"حقك عليا انا اسف والله مهونتيش عليا وكنت هكلمك."
شجعته بنظراتها قبل كلامها:.
"إحنا اتفقنا نكون سوا في كل حاجة ياسينو،
لو متكلمتش كنت هتكلم أنا بس انت وحشتني فمرضيتش اكلمك قولت اجي على طول كده واعملهالك مفاجأة."
غمزلها ياسين بوقاحة:.
"بصراحة احلى مفاجأة."
صوت ساخر من جديد اعرب عن اعتراضه وخلى ياسين يستغفر ربه بغيظ:.
"استغفر الله العظيم يارب يابني احترم نفسك شوية."
خجلت لارا من حديث أيوب ودخلت اوضت ياسين بينما الآخر ضرب أيوب بخفة:.
"ارحمني بقى هلاقيها منك ولا من قطاعة الارزاق التانية."
"تعالى بس عايزك في مشوار.."
كان لسه هيعترض ولكن أيوب جذبه كان اسرع من اعتراض التاني، مروا على الجنينى وكانت نور واقفة بتلعب مع آدم وضحكها مالي المكان، ابتسموا الاتنين على تذمر جدهم وامهم..
"مشكلة."
"عقلها ضارب."
كلمتين خرجت من فم كل واحد فيهم على جنونها لما قررت تاخد عكاز جدها تضرب بيه آدم اللي شدها من شعرها وجري..
اتجهوا لـ مزرعة الجد الاساسية يتابعوا شغلهم فـ زي ما ايوب ليه في الارض ياسين كمان ولازم يتابعوا الشغل مكان جدهم..
"يا نعمااان."
"عايزة ايه يا آخرة صبري؟"
اتكلمت بهمس:.
هددته بالبعد والطلاق ورفض."
ابتسم جدها بتلاعب:.
"هي دي الأخبار، طب وبعدين قالك إيه؟"
حمحمت بتوتر:.
"وعدني إنه هيحاول، انت متأكد ياجدو انت عارف والله أنا مش هقدر على الضغط ده لو أيوب فشل إنه يتغير."
اتكلم جدها بثقة:.
"الراجل مننا لما يلاقي البنت اللي بتحبه ناويه تسيبه لأجل غروره بيبدء يفوق يا نور، هيحس أنه هيخسر اكتر حاجة متمسكة بيخ ومختاراه في الدنيا خصوصا إن الدنيا بتلطش في الرجالة كتير، بس هل ده معناه إن الستت تهدد الراجل بالبُعد عادي؟ لأ تهدده بالبُعد في حالتين بس..
الأولى أنه خايف يقول مشاعره فـ لما تبعد يعرف إنه خسر،
والتانية لما تجيب آخرها من افعاله وعايزاه يفوق وفي الآخر بتبعد فعلا، حتى لو البُعد مش القرار المناسب بس الراحة افضل!"
همهمت نور بفهم ونامت على رجل جدها:.
"والخطة الجاية إيه ياجدو؟"
طبطب على راسها بحنية فـ نور كأنها بنته مش حفيدته:.
"أيوب قالي إنه هيضم الاوض سوا يبقى مفيش خطط سيبيه هو هيتصرف دلوقتي بشكل صح بس اوعي تكسريه يانور."
رفعت نور رأسها بـ سخرية حزينة:.
"اكسره يا جدي؟
ده أنا حفظاه أكتر من نفسي، ده الوحيد اللي يومي مبيكتملش إلا بوجوده، حتى افعاله اللي تعباني دي بحبها، انا بحبه أوي يا جدو بس بردو بحب نفسي علشان كده بحاول اوازن، ادعيلي أنا اللي متكسرش على ايديه ياجدي."
حضنها جدها بـ تأثر من حديثها:.
"ربنا ما يجيب كسر ابدًا ويجعلك البنت اللي هتنورله حياته من تاني ياحبيبة قلب جدك واشوفك دايمًا مبسوطة ومرتاحة."
_لم يكن بإختياري أن اقع لك،
فوالله لم يكن الحُب يومًا من اهدافي،
لطالما حلمتُ بالحرية والسفر والمكوث مع الأصدقاء،
لماذا أتيت وبعثرت كل شيء؟
كياني اضحى لك،
فؤادي يضخ لأجلك،
عيناي تبحث عَنك،
وشفاهي تتلذذ بـ نُطق اسمُك،
واذناي تطرب عند الاستماع لصوتك،
اضحيتُ كُـلـي لـك،
فـ أرجوك اعيد ترتيبي بيداك!
"أيوب انا علشان واثق فيك مسلمك نور اوعا تخذلها."
كان صوت ياسين بعد مدة من مكوثهم مع بعض،
ابتسم ايوب المرة دي بإطمئنان ريح قلب ياسين:.
"هتصدقني لو قولتلك إني حاليًا بقاوم الماضي علشانها؟!"
"ولو سارة رجعت؟"
جف حلق أيوب اثناء شربه للشاي،
وعلىٰ صوت تليفونه بـ رقم جده..
"ايوا ياجدي إيه الصوت ده؟"
"سارة هنا وبتسأل عنك.."
بص أيوب لـ ياسين بصدمة..
"انتِ بقى اللي استبدلك بيا؟"
_اخطأتي القول يا حبيبتي أنا نور عينه.
رمتلها الكلمة بسخط قبل ما تحط رجل على رجل ببرود بينما لارا موجهه نظرات الغيظ لـ "سارة" وسما قاعدة جنب نور راسمة الهدوء والرقي على ملامحها بينما من جواها ام بتتقطع على ابنها اللي اتجرح جرح كبير على ايد اللي قداملها،
ضرب الجد رجله في الأرض وجهلهم الانظار..
"إيه اللي جايبك ياسارة؟"
رجعت خصلة من شعرها بدلال مقزز:.
"راجعة لـ أيوب حبيبي."
_العنوان غلط ياحبيبتي.
اتكلمت نور بـ غيرة واضحة ومازال رسمة الاستفزاز والسخط تعتليها بصتلها سارة بـبرود وهي بتتفحصها من فوق لـ تحت،
هي كانت تعرف بوجود بنت خاله قبل ما ييجي هنا بس عمرها ما شافتها، بنت عادية وجميلة بس مش اجمل من سارة "في نظر سارة."
ياريتها تعرف إن الجمال مبقاش يُقاس بـ الشكل اكتر من كونه جوهر داخلي، ورغم ذلك نور بتفوز بـ احلى الملامح اللي بتجمع بين البنت البريئة اللي بتعرف تمثل الخضوع وبين البنت الشرسة اللي مبتسمحش لـحد يدوسلها على طرف..
مبهرة!
"إيه اللي جاب الأشكال دي هنا ياجدي!"
كان صوت أيوب القوي من وراها، كانت نور هتقفله بحماس زي كل مرة بتشوفه فيها بس المرة دي الوضع مختلف كانت عايزه تشوف كلامه هيصح فعلًا ولا هيخطأ، هيدي نفسه فرصة يختارها هي ولا هيختار ماضيه من جديد، رجعت ضهرها لورا بـ راحة لما قرب عليها ووطى اتجاه راسها و..باسها!
حركة مفاجأة ولكن حنينة..
همسلها جنب ودنها بينما هي لسه في صمت تام وخضة من حركته:.
"إيه اللي مقعدك معاها؟"
رفعت عيونها اتجاهه بتيه:.
"ها؟"
ضحك بخفة والبرود اترسم على وشه لما سارة وقفت قصاده تسلم عليه تحت انظار الكل واولهم ياسين والجد، اتهللت اسارير سارة لما وقف قدامها..
"اطلعي برا."
تلاشت ابتسامتها:.
"ليه يا أيوب ده انا جيتلك علشان اقولك اني سبت ابن خالتي علشانك جاية اقولك اني اختارتك انت اكمل معاك حياتي وارجع ايامنا من تاني فاكرها؟"
قربت منه وكادت إنها تمسكه بس هو كان الأسرع وخد خطوة ورا وبصلها بأستحقار:.
"الأيام دي تبليها وتشربي مياتها،
انتِ بالنسبالي واحدة حقيرة اختارت الفلوس على الحب،
واحده بتبيع في أول محطة امشي اطلعي برا ومتجيش هنا تاني!"
رسمت سارة الصدمة على ملامحها:.
"انتَ اللي بتقول كده يا أيوب؟
ده محدش حبني قدك ولا كنت معاه غيرك، انا جايه اقولك يلا نكمل حياتنا أنا مش عايزه غيرك أنا آسفة والله أنا غبية."
سخر ايوب وتمتم بـ كلمات لاذعة ابتسمت على اثرها نور بينما لارا حطت ايديها على ودن آدم، ابتسمت سما وياسين والجد بفخر لأن اخيرًا قرر أيوب إنه يفوق!
"انتِ شكلك مبتفهميش هوضحهالك.."
مسك ايد نور وشدها ناحيته، حط ايده على وسطها بـحنية وبصلها في نفس اللحظة اللي نور رفعت فيها راسها اتجاهه من حركاته المفاجأة:.
"الحمدلله إنك خرجتي من حياتي علشان ربنا يرزقني ويعوضني بأحلى واجمل البنات في الدنيا اللي لا هتيجي قبلها ولا بعدها واحدة تاخد مكانها تاني، واحدة بتخاف عليا اصحى تعبان مش واحدة بتخاف اصحى اقولها معييش فلوس ومش هنخرج، واحدة بصتها بتملاني حنان الدنيا مش جشع، واحدة اختارتني في كل تعبي ولما وقفت على رجلي ومقالتش للماضي بتاعي لأ مش أول ما الورث اتوزع وعرفت اني مش هاخده سابتني جري، لو كان في قلبي ذرة حب ليكي فهي انتهت من أول ما نور بقت مراتي!"
كلامه كان صادم الكل مش بس نور،
تعبير أيوب عن مشاعره في وجود سارة كأنها حفلة موسيقية عازف الكمان نسي المقطوعة الاساسية واستبدلها بـ تانية اكتر روعة!
اتمسكت نور في قميص أيوب وهو حس بـ ايديها بصلها من جديد والمرة دي نظرته غلفها الحب عكس القسوة اللي كان بيتكلم بيها، سخرت سارة من الوضع:.
"آه يعني أنا اقف جنبك لحد ما تقف على رجلك وهي تيجي تاخدط على الجاهز لا شابو بجد."
غمض عيونه بنفاذ صبر:.
"ولا حتى شوفتك جنبي في حاجة هقولهالك للمرة الاخيرة يمكن تفهميها، انا بقيت راجل متجوز ومراتي اهم وانضف واحدة في حياتي لو فكرتي تيجي ترمي سِمك هنا تاني هتزعلي مني اتفضلي برا."
قربت منه سارة بـ استعطاف اخير ومسكت ايديه:.
"يا أيوب لو..."
قاطعتها نور لما تفاقمت مشاعر الغيرة فوق صدرها:.
"ما قااالك برا!!"
طلعتها لارا بـ شماته واضحة وابتسم الجد من جديد،
كانت سما هتتكلم ولكن سبقتها نور لما سابتهم ومشيت، بصوا لبعض بعدم فهم..شاورت سما لـ ايوب يتحرك وراها..
طلعت نور اوضة أيوب وقفلت الباب من جوا، حاول يفتحه ولكنها كانت مصممة على رأيها:.
"نور افتحي!!"
"لأ."
زعق ايوب بحدة:.
"بقولك افتحي."
ارتعش صوتها ودمعت عيونها:.
"قولتلك لأ!!"
حط أيوب ودنه على الباب يسمعها اول ما شهقت ضرب الباب بغضب لانه مش فاهم سبب غضبها فـ هو فكر إنها كده هتطمنله بس واضح إنه اخطأ.
"نور علشان خاطري افتحي."
كان توسل اكتر من كونه طلب،
قعدت نور على الأرض وحطت ايديها على عيونها تمنع بكاها يزيد بس كان غصب عنها، الغيرة زادت اضعاف خصوصا لما قربت منه..
_سأسمح لكَ أن تضع جَمرة من نار بين اناملي،
ولكن لن اسمح
بـ أن تقترب منك انثىٰ غيري،
أن تلفظ اسم غيري..
تلتفت لها..
تبتسملها بـ جاذبية..
يساورك القلق اتجاهها..
تهتم بـ تفاصيلها..
تلك الأشياء لن اسمح بها مطلقًا، هل سمعت عن الملكية؟
ضع حدودك لهم وانا سأضع علامات ملكيتي لك،
تلك الأعين والنظرات ورعشة اليد لي وحدي،
تلك الحنية والدلال المبالغ بِه يخصني أنا،
لن أسمح لـ غيري بأن يتدلى خصلات شعرها أعلى رأسك مثلما افعل، ولن تشاركك أحدهم الرقص سواي، ولن تأخذ فتاة رأيك في ألوان الفساتين الخاصة بها إلاي،
واخيرًا جَرِب ان تترك ياء مؤنثة تقترن بـ وجودك،
ولن ترىٰ سوىٰ سيلًا من الدماء.
كلماتها ترددت جوا عقلها قبل ما تسمع تكة المفتاح ودخول أيوب عليها مهجم الوجه، بصلها بتأنيب اخفضت بصرها عنه،
قفل الباب وقعد جنبها على الأرض،
اتكأت بـ راسها على كتفه..
"ممكن افهم بتعيطي ليه؟"
كان واضح إنه عارف من نظراتها هي بتعيط ليه،
وكانت هي اجبن من انها تفصح عن شعور النار اللي قادت جواها خصوصا لما اختارها هي اكتر من تلت مرات!
"مبحبهاش ومبقتش عايزها ومتأكد إنك عوضي في الحياة دي بعد كم التعب اللي تعبته وقررت احاول علشان العيون الحلوين دول ليه مصممه تبعدي؟!"
قالها مخاوفه اللي اتكونت في آخر كلمتين،
لأن عيونها كانت بتهرب وكل مرة كانت بتشوفه كانت بتهرب بس وقت الهرب مبقاش نافع، يا تواجه يا هتفضل جبانة،
عدلت جلسته وقعدت قصاده منكسة الرأس سرعان ما رفع وشها ليه يقابل نظراتها اللي بتسحره،
"انا اسفة فكرتك هتمشي وهتختارها هي زي ما كل مرة بتختار أي حاجة إلا أنا بس المرة دي مصدقتش لما اختارتني."
يا اللي حياتي بتحلم بيك،
وبشوف كل الكون بـ عينيك،
إنت العمر الحلو اللي زمان كان متأجل
عشته وشوفته جوا عينيك في معاد وبيوصل
ليه عايزين ياخدوه من قلبي؟
ليه يلومني الناس على حبي!
_اصبح خسارتُكِ فكرة مُرعبة لأ استطيع أن اتخيلها،
خوفًا من أن يتحقق،
ماذا سأفعل بدونك يا صغيرة اخبريني؟
سأذهب للبحث عن من يرى جميع ندوبي زهور
واتسأل عن من سيكذبني عند نطقي بأنني بخير
واجلس على الشاطئ انتظر بحرًا من الحنان
وسأشتري من البائع بضع آمال
وسيُعطَف عليِٰ بالأطمئنان
وربما سيأتي أحد اللصوص يسرق من جيبي صورة لكِ
حينها فقط سأدرك أنني خسرتُكِ،
وخسرتُ..
عيونك التي تراني بلا ندوب..
وخوفك عليٰ،
وحنَانِك،
وآمالاك،
واطمئنانك،
وحبُكِ لي،
وخَسرتَني!
"يا نور أنا يعتبر بجرب طعم الحياة من جديد على ايدك،
طب تعرفي اني بقيت اخرج من الاوضة واقرر اغيب علشان ارجع الاقيكي مستنياني بتنكشيني، وبتجنن لما بشوفك قاعدة بتقري لوحدك وسط الجنينة من غيري، وبيتلبسني الشياطين لما بتضحكي على كلمة البطل قالها مش أنا!"
كانت كلماته بترضي قلبها من غير ما يعرف،
والاطمئنان مغلف عيونه،
دايمًا ايوب كان متخبط في قراراته بس لأول مره تشوف في عيونه تصميمه على رأيه وعازم على تنفيذه، قامت من جنبه بهدوء وقررت تقعد قصاده ونظراتهم اتقابلت قبل ما تميل وتبوس عيونه بـهدوء، اخدتها الجرآة تقرب منه بعد ما كان بيكره القُرب بينما ايوب غمض عيونه بـ سَكينة لما حس بـ أثر شفايفها على عيونه..
_قبليني واغدقيني من حُبك،
علميني الحُب وكيف للمسات يدك الرقيقة أن تطرب فؤادي،
اقتربي حتى اُلثم فمكِ بـ احتياج لعل جحيم عقلي يهدئ،
اهمسي في اذناي بأنك ستزيلين كل هذا التعب،
ثم اربتِ على رأسي بهدوء بأنكِ هنا في المكان الصحيح،
اخبريني انكِ مني ولي وبي،
هذبي لساني السليط واسكنيني،
ازهريني بـ كلماتك واخبريني بـ مدى اشتياقكك وحبك لي،
فـ أنا رجل متعطش لـ للحب ويداكِ قادرة على إذابة قوتي..
أو عيناكِ لأ أعلم ايهما أقرب..
ضُميني لكِ ولا تبعديني،
كوني هُـنـا.
"حاول لأجلي وانا معاك حتى لو تعبتك!."
_كله لاجلك يهون.
كلمات صغيرة افتكرتها نور وهي قاعدة وسط الجنينة بتقرى وفي ايديها الكتاب بـ فستانها الزهري، بصت لقت أيوب بيلعب مع آدم و لين ابتسمت بخفة لما رفع راسه اتجاهها وسابهم وقرب منها بـ حماس..
"بتقري من غيري!"
شاورتله فـ قعد وسند بـ راسه على رجليها وبدأت تقراله وهي بتمشط شعره بـ هدوء وهو مستمتع بفعلتها..
.
"مين يتخيل من اليوم إياه تسمحلي اقرب منك كده؟"
ضحك على كلامها:.
"كنت خايف اضعف كده وانا قدامي عيون حلوة!"
حركت كتفها بدلال:.
"طب ما تضعف!"
اتسعت ابتسامته بمكر وغمزلها بوقاحة:.
"مش عايزة تجيبي أخ لـ لين؟"
بعدت راسه بإحراج وقامت اتحركت من قصاده:.
"والله بحبك يا غزال!"
تمت


تعليقات
إرسال تعليق