رواية أوراق الماضي كامله بقلم شهد محمد
رواية أوراق الماضي كامله بقلم شهد محمد
عائشه بصوت مليان حيوية:
"ماماااا، ماما أنا جيت! إنتِ فين يا ريـموو؟"
ريم بصوت هادئ ومتعب:
"أنا هنا يا حبيبتي… في الأوضة. تعالي."
دخلت عائشة بسرعة وهي ماسكة في إيدها وردة صغيرة كانت جاباها من الطريق.
"بصي يا ماما، دي شبهك بالظبط! حتى ريحتها هادية زيك."
ابتسمت ريم رغم الإرهاق اللي باين على وشها، وقالت وهي بتاخد الوردة:
"إنتي دايمًا بتعرفي تفرّحيني يا عائشة. بس تعالي جنبي كده، نفسي أشوفك."
جلست عائشة جنبها، ومدّت ريم إيدها تمسح على شعرها.
"عارفة يا حبيبتي، كنت بفكر النهارده وأنا لوحدي… قد إيه أنا فخورة بيكي.
أنتي قوية أكتر مما تتخيلي."
ضحكت عائشة وقالت:
"يا ماما بلاش الكلام ده، إنتِ بس تعافي وارجعي تطبخيلي مكرونة بالبشاميل زي زمان."
ضحكت ريم بخفة وقالت وهي تحاول تخفي ألمها:
"إن شاء الله يا عائشة، قريب أوي."
لكن صوتها كان واهن، كأن كل كلمة بتسحب منها جزء من نفسها.
نظرت إليها عائشة بقلق:
"ماما، إنتي كويسة؟ شكلِك متعبة أوي."
ابتسمت ريم ابتسامة مطمئنة، لكنها قالت بصوت مكسور:
"تعبانة شوية بس… مش خايفة، أنا مطمنة طول ما إنتِ بخير."
ثم مدت يدها ناحية درج الكومودينو، وطلعت صندوق خشبي صغير، وقالت:
"خليه معاكي يا عائشة، بس متفتحيهوش دلوقتي.
لما تحسي إنك محتاجة تسمعيني ومش هتعرفي، افتحيه."
نظرت عائشة في عيون أمها وقالت بخوف:
"ليه بتتكلمي كده يا ماما؟ أنا مش عايزة أسمع كلامك ده."
ضغطت ريم على ايدها وقالت بابتسامة ضعيفة:
"أوعديني بس، إنك هتفتحيه لما تبقي جاهزة، مش قبل كده."
أومأت عائشة وهي تبكي دون ما تفهم ليه الدموع نزلت.
في اللحظة دي، ضمّتها ريم بهدوء، همست في ودنها:
"بحبك، مهما بعدت الأيام بينا."
وبعد يومين فقط، سكنت كل الأصوات في البيت.
صوت ريم اختفى، بس ريحتها فضلت في كل ركن…
والصندوق الخشبي فضل مكانه، مستني اللحظة اللي هتتفتح فيها أول صفحة من "أوراق الماضي".
ـــــــــــــــــ
كانت الغرفة ساكنة، إلا من صوت الساعة القديمة التي ورثتها "عائشة" عن أمها.
مرّ أسبوعين على وفاة "ريم"، لكن البيت ما زال يحتفظ برائحتها… برائحة القهوة التي كانت تعدّها كل صباح، وبضحكتها التي كانت تملأ المكان دفئًا.
في تلك الليلة، جلست "عائشة" على الأرض بجوار خزانة أمها، تتأمل المذكرات القديمة التي وجدتها في صندوق خشبي صغير عليه اسم "ريم" محفور بخط يد أنيق.
ترددت قليلًا قبل أن تفتح أول صفحة… وكأنها تخشى أن تواجه ماضي أمها الذي لم تعرفه يومًا.
"إلى نفسي... إن مرّت بكِ الأيام قاسية، تذكّري أنك أقوى مما تظنين."
(من يوميات ريم – الصفحة الأولى)
تجمدت عائشة للحظة، ودموعها بدأت تنهمر بهدوء.
لم تكن تعلم أن تلك الجمل البسيطة ستكون البداية لتغيير حياتها بالكامل.
---
في اليوم التالي، قررت عائشة أن تقرأ من المذكرات كل يوم صفحة، وتكتب في دفترها ما تعلّمته منها.
لكن القدر كان يخبئ لها شيئًا آخر…
بينما كانت تجلس في الكافيه الذي اعتادت الذهاب إليه مع
أمها، اقترب منها شاب يحمل كوبين من القهوة وقال مبتسمًا:
"آسف، الكرسي ده فاضي؟"
رفعت عائشة رأسها، لتجد تميم، كان دكتورها في الجامعة، الشخص الذي كانت تظن أنه نسيها تمامًا.
ضحكت بخفّة وقالت:
"تميم.. اقصد دكتور تميم.! ما كنتش متوقعة أشوفك هنا بعد السنين دي."
ابتسم وهو يجلس أمامها:
"ولا أنا… بس يمكن القدر حابب يرجّع حاجات كنّا فاكرينها خلصت."
في تلك اللحظة، شعرت عائشة أن الماضي مش دايمًا بينتهي، أحيانًا بيبدأ من جديد... بس بطريقة مختلفة
قالت بخفة:
"لسه بتحب القهوة سادة زي زمان؟"
ضحك وقال:
"واضح إنك لسه فاكرة التفاصيل الصغيرة دي."
ردّت وهي تمزح:
"أكيد، كنت دايمًا بتقول إن السكر بيخفي طعم الحقيقة!"
سكت عدي لحظة، وكأن الجملة لمسته من جوه. نظر لها وقال بنبرة غريبة:
"يمكن كنت أقصد حاجات تانية وقتها."
ابتسمت بخجل وقالت:
"زي إيه يعني؟"
هزّ رأسه:
"مش وقته نحكي عن الماضي… انتي عاملة إيه بعد… بعد والدتك؟"
تغيرت ملامحها، وصوتها بقى أهدى:
"بحاول أتأقلم… بس كل حاجة في البيت فاكراني بيها."
وبصت ناحية الشباك وهي تكمل:
"حتى الساعة القديمة بتفضل تدق كأنها بتعد الأيام من غيرها."
قال تميم بهدوء:
"ريم كانت ست عظيمة…"
التفتت له بسرعة، عينيها اتسعت بدهشة:
"إنتَ قلت ريم؟! إزاي عرفت اسمها؟"
اتجمد للحظة، كأنه قال حاجة من غير ما يقصد.
حاول يبتسم وقال بسرعة:
"أصل… يعني كنتِ بتتكلمي عنها في الكلية، وافتكرت الاسم."
لكن عائشة ما اقتنعتش.
حست إن صوته لما قال “ريم” كان فيه حُنين مش ممكن يكون من مجرد سماع اسم.
في قلبها، حاجة قالتلها إن في سر.
نهضت من مكانها وقالت بخفة مصطنعة:
"أنا لازم أرجع دلوقتي، اتأخرت."
قال بسرعة:
"استني… ممكن أشوفك تاني؟"
سكتت لحظة وهي تبص في عينيه، ثم قالت بهدوء:
"مش عارفة، ممكن"
. عادت عائشة إلى البيت بخطوات سريعة، قلبها يدقّ من الارتباك.
مشهد تميم وهو بيقول "ريم" ما خرجش من دماغها.
فتحت الباب ودخلت أوضتها، قعدت على الأرض قدام الصندوق الخشبي من تاني.
همست لنفسها:
"مستحيل يكون يعرفها… ولا يمكن؟"
مدّت إيدها وفتحت المذكرة، قلبت الصفحات بسرعة لحد ما عينها وقعت على جملة مكتوبة بخط مختلف شوية، كأن ريم كتبتها وهي متوترة:
"لو رجع تميم، قولي له إن الوعد لسه قائم… حتى بعد الرحيل."
شهقت عائشة، وقلبها وقع مكانه.
تميم!
الاسم موجود… بوضوح، وبنفس الطريقة اللي نطقها بيها النهارده.
رجعت بعنيها للجملة كذا مرة، كأنها بتحاول تفهمها غلط، بس مفيش.
المعنى واضح جدًا…
أمها كانت تعرف تميم.
رفعت المذكرة بسرعة، دورت في آخر الصفحات، وبدأت تلاحظ إن في أكتر من سطر ممسوح، وكأن حد حاول يخفي حاجة.
لمست الورق بإيدها، وقالت بصوت خافت:
"إيه اللي كنتي مخبيّاه عني يا ماما؟"
في اللحظة دي، دقّ الموبايل.
رقم غريب، بس الرسالة كانت قصيرة جدًا:
"بكرا الساعة سبعة عند النيل… لازم تعرفي الحقيقة. – تميم"
قعدت عائشة تتنفس بصعوبة، عينيها على المذكرة، والموبايل بيرن من جديد.
لكنها ما ردّتش.
كانت حاسة إن كل حاجة بتتغيّر من اللحظة دي…
وإن اللي جاي مش هيكون سهل.
رفعت المذكرة وبصت للسطر الأخير اللي كتبته ريم بخط مرتجف:
"مش كل الأسرار بتتحمل النور، يا عائشة."
#يتبع....
يترا إيه السر اللي كان بيربط بين ريم وتميم؟
الساعة كانت سبعة إلا ربع، عائشة وقفة علي الكورنيش هناك ، سرحانة في المياه.
تميم كان جاي من وراها، وشكله متردد.
قال بخفوت:
"ماكنتش متأكد إنك هتيجي."
ردّت وهي بتتجنب تبصله:
"وأنا كمان ماكنتش متأكدة… بس المذكرة خلّتني لازم أجي."
قعد تميم على السور وقال:
"الموضوع مش سهل يا عائشة … وفي حاجات مش هتعجبك."
قاطعته بسرعة:
"أنا محتاجة أعرف، حتى لو وجعني."
سكت لحظة طويلة وبعدين قال:
"ريم… مش كانت بس مامتك."
عائشة بصتله باستغراب:
"يعني إيه؟!"
تنهد وقال:
"ريم كانت مرات أبويا، اتجوزها وأنا عندي 6سنين… كنت بكرهها جدًا وقتها.
كنت فاكر إنها خدت مكان أمي اللي ماتت.
بس مع الوقت… هي كانت بتعاملني بحنية غريبة، حنية الأم اللي اتسرقت مني."
قاطعته عائشة وهي مش مصدقة:
"يعني إمي هي الي ربتك بس مجبتليش سيره عنك؟!"
أومأ وقال وهو بيبص ف الأرض:
مش كل الحكايات ينفع تتقال يا عائشة... خصوصًا اللي فيها وجع قديم.
بعد كده، لما أبويا مات، هي فضلت تعتبرني ابنها فعلاً.
بس أنا ماقدّرتش ده غير بعد ما سافرت.
ولما رجعت بعد سنين، كنت ناوي أشكرها علي كل حاجه عملتها معايا."
تميم مسك الكيس اللي في إيده وطلّع منه صورة قديمة.
مدّها لها وقال:
"دي كانت أول صورة ليا معاها بعد رجوعي من السفر."
عائشة بصّت فالصورة… ريم واقفة جنب شاب أصغر شوية من تميم اللي قدامها، وشها فيه نفس الابتسامة الدافية.
بس اللي شدّها حاجة تانية… في الخلفية، كانت هي نفسها!
عائشة صغيرة يمكن ١٢ سنة، بتضحك وهي ماسكة آيس كريم.
شهقت وقالت:
"ده كان في المصيف! أنا فاكرة اليوم ده، بس مش فاكرة إنك كنت هناك."
تميم قال بهدوء:
"كنت بعيد… كنت بخاف أتكلم معاكي، لأن ريم كانت دايمًا بتقول إنك صغيرة، وإني أتعامل معاكي زي أختي.
بس بعد سنين، لما شفتك في الجامعة، معرفتش أتعامل عادي.
افتكرت كل حاجة فيها، وكل حاجة فيها شبهها."
سكت لحظة وقال وهو بيحاول يخبي ارتباكه:
"الوعد اللي كتبته ريم في المذكرة… كان وعد بيني وبينها."
عائشة قالت بصوت متوتر:
"وعد إيه؟"
نظر لها وقال ببطء:
"إنّي أفضل جنبك… وأحميكي مهما حصل."
الهوى لفّ شعرها على وشها، وهي مش عارفة ترد.
مشاعر متلخبطة بين صدمة، حنين، وارتباك.
"بس ليه ماقلتشلي قبل كده؟ ليه خبيت كل ده؟"
ردّ وهو بيبص بعيد:
"لأن ريم كانت خايفة.
خايفة الحقيقة دي تغيّر كل حاجة بينك وبيني.
وخايفة كمان إن السر التاني يبان."
اتجمدت مكانها وقالت:
"فيه سر تاني؟!"
بصّ لها، وصوته اتغير:
"آه… بس المرة دي، مش عني."
"عن مين؟"
قرب منها وقال بهدوء:
"عن أبوكِ ."
عائشة اتجمدت، قلبها وقع في صدرها، والعالم وقف لحظة.
"يعني اي مش فاهمه ؟!"
تميم مدّ إيده في جيبه وطلّع ورقة قديمة، باين عليها إنها كانت في المذكرة.
قال بصوت هادي:
"ريم كانت كاتبة كل حاجة… بس مش كل الورق كنتِ شايفاه."
في اللحظة دي، قامت عائشة تاخد الورقة بإيد مرتجفة، لكن قبل ما تمد إيدها…
هزّ الهوا الورقة وطارت، وقعت في المية.
صرخت:
"تميم!!"
جري وراها، بس الورقة غرقت، واختفت بين موج النيل.
فضلوا واقفين ساكتين، المية بتلمع تحت ضوء القمر، وكأنها خبّت السر جواها.
تميم بصّ لها وقال بنبرة غامضة:
"الورقة راحت… بس الحقيقة لسه هنا، وأنا الوحيد اللي عارفها."
عائشة حست إن قلبها بيقع، مش بس عشان الورقة راحت، لكن عشان تميم بقى غامض أكتر من السر نفسه.
قالت بصوت مرتجف:
"يعني إيه؟ إنتَ عارف اي عن أبويا ا؟"
ردّ وهو بيبعد نظره عنها:
" عارف حجات كتير ريم حكتهالي قبل متتوفا ب3 ايام بس لو عرفتي، حياتك مش هتفضل زي ما هي."
وقف ساكت شوية، وبعدين همس وهو بيبص ف المية:
"مش كل الأسرار المفروض تتقال، يا عائشة … ولو اتقالت ممكن تفرحك وممكن تضايقك."
وبصت له هي، والدنيا كلها كانت ساكتة، غير دقات قلبها اللي بقت أعلى من صوت الموج.
#يتبع...
يا ترى إيه السر اللي تميم عارفه عن والد عائشة؟ وليه ريم ما حكتش حاجة لعائشة؟
تاني يوم، كانت عائشة قاعدة في أوضتها، والصندوق الخشبي مفتوح قدامها.
الأوراق اللي فيه، لكنها كانت بتحمل ريحة "ماما ".
في آخر ورقة، كان مكتوب بخط صغير ومهزوز:
"لو وصلتِ للنقطة دي يا عائشة، يبقى الوقت جه تعرفي الحقيقة..."
قلب عائشة بدأ يدق بسرعة.
سابت الورقة الأولى، وطلعت ورقة تانية كانت متنية جوّا مظروف أبيض مكتوب عليه:
"عن والدك."
فتحت المظروف بإيد مرتعشة، والكلمات اللي جوّاه كانت قليلة، لكنها قلبت الدنيا كلها:
"والدك ما سابناش يا عائشة، هو ضحّى علشان يحمينا.
كان عليه ديون كبيرة بسبب مشروعه، ولما الناس هددتنا بيكي،
قرر يختفي ويخلي الكل يفتكر إنه هرب…
لكنه كان بيبعتلي رسائل من بعيد لحد آخر يوم في عمري."
تجمدت عائشة في مكانها، والدموع نزلت على خدّها وهي بتهمس:
"يعني بابا ما كانش أناني؟ ما سابناش؟!"
وفي اللحظة دي، الباب خبط.
قامت تمسح دموعها، ولما فتحت، لقت تميم واقف ومعاه راجل كبير في السن، ملامحه باهتة لكنها مألوفة.
قال بصوت مبحوح لكنه مليان حنية وخوف:
"عائشة؟"
تجمدت مكانها وقالت وهي بتشهق:
"بابا؟!"
اتكلم تميم بهدوء:
"قابلته في الإسكندرية. كان عايش هناك باسم تاني.
لما عرف إنك بتدوري على الحقيقة، قرر يرجع."
انهارت عائشة في حضن والدها وهي بتبكي:
"ليه ما جيتش قبل كده؟!"
رد الأب، وعينه مدمعة:
"كنت خايف تكرهوني، كنت خايف من نظرتك يا بنتي…
بس دلوقتي فهمت إن الهروب مش بيحمي، الغفران هو اللي بينقذ."
ضمّته عائشة أكتر وقالت بصوت مليان وجع وحنين:
"ماما كانت عارفة كل ده… كانت بتستنانا نتصالح."
رفع الأب راسه وقال:
"عرفت من رسائلها إنها كانت بتحبني رغم كل اللي حصل.
هعيش باقي عمري أحاول أعوضكم عن الغياب."
مرت شهور بعدها، والبيت اللي كان مليان حزن بقى مليان حياة.
بدأت عائشة تكتب مذكراتها هي كمان، وقررت تسميها:
"حين تركتني أمي… لأجد نفسي."
وفي آخر صفحة كتبت:
"تعلمت إن الغياب مش دايمًا نهاية،
وإن في كل وجع رسالة،
وإن الحب الحقيقي بيعيش حتى بعد الموت.
ماما، رسائلك رجّعت لقلبي النور."
---
بعد فترة، كانت عائشة قاعدة على البحر في نفس المكان اللي كانت أمها بتحبه.
النسمة الباردة لامست وشها، والدفتر القديم في إيدها.
خلصت آخر صفحة من يوميات "ريم".
الكلمات الأخيرة كانت بتقول:
"لو يوم بعدي حسّيتي إن الدنيا وقفت، بصّي للسماء يا عائشة،
وتذكّري إن الغياب مش نهاية، الغياب أوقات بيكون طريق لبداية جديدة."
دمعت عائشة، لكن لأول مرة دموعها ما كانتش ضعف… كانت ارتياح.
اتنفست بعمق، كأنها بتودّع وجع السنين اللي فاتت.
وسمعت صوت وراها:
"لسه بتقرأي في اليوميات؟"
التفتت بسرعة، ولقت تميم واقف بابتسامة خفيفة، ماسك وردة صغيرة،
نفس نوع الوردة اللي كانت "ريم" بتحبها.
قال لها وهو بيقرب:
"فاكرة أول مرة جبتلك منها؟ كنتِ زعلانة ومش راضية تتكلمي."
ضحكت وقالت:
"فاكرة… بس المرة دي مش زعلانة."
جلس جنبها وقال بهدوء:
"عرفت خلاص إنك قوية من غير ما تهربي، صح؟"
هزّت راسها وقالت:
"قويّة، ومتصالحة…
ماما علّمتني حتى وهي مش هنا إن الحب مش تمسّك، الحب سلام.
لو بنحب حد بجد، نسيبه يعيش جوه قلوبنا، مش بس جنبنا."
ابتسم تميم وقال:
"ريم كانت ست عظيمة."
ردت وهي تبص للبحر:
"أعظم من كده كمان… علمتني أعيش."
سكتوا شوية، والدنيا حواليهم بدأت تلمع بلون الغروب.
قامت عائشة وفتحت الصندوق الخشبي آخر مرة.
طلعت منه الوردة الجافة اللي لسه محتفظة بريحتها،
ورمتها في الموج وقالت بصوت واثق:
"ودي ليكِ يا ماما… بس المرة دي، الوجع خلاص راح."
ابتسم تميم ومدّ إيده ليها وقال:
"جاهزة نبدأ صفحة جديدة؟"
ابتسمت هي كمان، وشبكت إيدها في إيده وقالت:
"جاهزة… الحياة لسه فيها فصول كتير مستنياني."
ومشيوا سوا، والخطوات بتسيب أثرها على الرمل،
لكن الموج كان بيجي ويمسحها بهدوء،
كأنه بيقول:
"النهايات الحقيقية هي اللي تعلّمنا نبتدي من جديد، من جوّانا."
تمت♥♥














تعليقات
إرسال تعليق