سكريبت رفق بالنساء كاملة بقلم حور حمدان
سكريبت رفق بالنساء كاملة بقلم حور حمدان
كنت واقفة في المطبخ، وإيدي لسه فيها ريحة الكريمة اللي كنت بزوق بيها تورتة العيال…
التورتة اللي فضلت يومين بحضّر فيها، وأنا قلبي بيكبر من الفرحة كل ما أفتكر شكلهم وهما بيطفّوا الشمع.
كل حاجة كانت ماشية بهدوء… ريحة الشوكولاتة في الجو، صوت ضحكتهم من الأوضة، وحتى الموسيقى الخفيفة اللي كنت مشغّلاها—كانت عاملة للبيت روح تانية.
وقفت أصوّرهم، لقطة.. اتنين.. تلاتة…
ولقيت نفسي بضحك وأنا بكتب التعليق الكوميدي:
صبرني يا ربّي… ما عرفت أربي.
ولا كنت أتخيل إن الصورة اللي كنت شايفاها لطيفة… هتبقى أول باب للوجع.
وأنا بقلب في الصور، الموبايل نور.
مسدج.
مش من النوع اللي يتعدّي.
ولا من النوع اللي يتقري من غير ما حاجة جواكي تقع فجأة.
كان مكتوب فيها:
مش عيب عليكي تعملي عيد ميلاد زي دا؟! والصور توصلي ويتقال هي مش عارفة تربي… أمال إنت متغرّب ومسافر لي؟!
حسّيت إني اتسمرت.
إيدي وقفت فوق الشاشة، كإن الزمن اتسحب من المكان.
أنا؟ مش عارفة أربي؟
أنا اللي شايلة البيت، والغربة، والعيال، والوحدة وهو بعيد؟
أنا اللي كنت بضحك من شوية على الصورة… بقيت دلوقتي ببلع غصّة مالهاش آخر.
قعدت دقايق أفكر… أرد ولا أسكت؟
أحكي ولا أعدّي؟
وفي الآخر كتبتله:
إيه اللي بتقوله دا يا حبيبي؟ أنا قصدت أقدم الموضوع بشكل كوميدي مش أكتر… إنما الأولاد، بشهادة الكل، متربيين.
ما لحقتش أتنفس…
الموبايل نور تاني.
رسالة تانية… بس دي، كانت زي حد بيفتح باب لريح باردة تخبط في صدري.
بصي يا قمري… أنا لو نزلت وسمعت حد بيتكلم عن تربية الأولاد ولو للحظة… صدقيني هعمل حاجة واحدة بس… هتجوز عليكي واجيبها هي تربيهم.
الكلمة وقعت جوا وداني زي حديدة سخنة.
مش خوف… ولا ضعف.
صدمة.
وجع إن الجواز بقى سلاح… مش شَراكة.
إنه يلوّح بكلمة "هتجوز عليكي" كأنها حاجة تتقال وخلاص.
مسحت دموعي بسرعة، وحطيت الموبايل على الرخامة كأن لمسه بيوجعني.
لازم أرد… بس مش بقلب الست المكسورة.
بقلب الست اللي وقفت كتير… واللي خلاص، اتكسرلها آخر ضلع.
كتبتله:
إنت واخد بالك بتقول إيه؟!
يعني بدل ما تفرح إن في بيتك يوم فرحة… يوم ولادك اتبسطوا فيه…
تبعتلي دا؟
تهددني؟!
طب اسمع…
لو أنت شايف إن الجواز سلاح تهددني بيه، يبقى إحنا محتاجين نقف مع نفسنا وقفة جد.
لإن التربية مش صورة… والتربية مش تعليق…
والتربية مش إنك ترمي كلمة تهز مراتي وتكسر أم ولادك.
وقفت أبص للرسالة… قلبي بيدق بس عقلي صاحي.
مسحت آخر سطر، وبدّلته بـ:
لو شايف إن تربية ولادك محتاجة حد غيري… يبقى قولها بصراحة من غير تهديد.
وبعت.
وبعد البعت… جالي الصمت.
الصمت اللي بيخليك تسمعي صوت نفسك، دقات قلبك، حتى صوت الثلاجة.
البيت اللي كان من دقيقة مليان فرحة… بقى فيه ريحة وجع.
عدّى عشر دقايق…
ربع ساعة…
تلت…
لحد ما الموبايل نور تاني.
الرسالة كانت:
مافيش تهديد… أنا بقولك الحقيقة. الناس بتتكلم، وأنا مش ناقص كلام.
هنا… كل حاجة اتقفلت جوايا.
ردّيت:
تمام… خلّينا نقفل الكلام دلوقتي.
لمّيت التورتة… حاجات العيال… لبستهم.
ما اتكلمتش.
ما بررتش.
ما بكيتش قدّامهم.
قفلت نور البيت، وخرجت.
وصلت لأهلي…
ماما أول ما فتحت الباب قالت:
«مالك يا بنتي؟»
قلت بثبات أنا نفسي استغربته:
"مفيش… هاقعد عندكم كام يوم."
عدّى يوم… اتنين…
وهو يرن كتير.
ما ردّيتش.
لحد ما بعت إنه نازل من السفر وعايز يشوف العيال.
استنيته في الصالة…
لما دخل، شكله متوتر… مش عارف يبدأ منين.
قعد، وبصلي:
«دي آخر مرة تعملي كدا. البيت بيتك، إنما ما تسيبيهوش.»
بصيتله ببرود مش متصنّع، برود العِبرة:
"أنا ما سبتش البيت… أنا سبْت كلمة كسرتني."
سكت.
كان باين إنه مش مستوعب إزاي ردي هادي كدا.
قلتله:
"لو شايف إن الأولاد محتاجين حد يربيهم غيري… يبقى أنت اللي لازم تكون موجود.
الأولاد ليهم أب واحد… مش بدوّر على حد تاني.
ولو شايف إن الجواز تهديد… يبقى أنت اللي لازم تفكر، مش أنا."
قعد ساكت…
وبعدين قال بصوت أوطى:
«أنا غلطت… بس كنت متضايق.»
قلت:
"الضيق مش سبب تكسر أم ولادك."
سكت تاني…
وبعد دقيقة قال:
«طب نرجع؟ حقك علياعارف اني اتعصبت جامد في كلامي»
قلتله:
"نرجع… بس بشرط واحد: احترام.
لا تهديد… ولا كلمة تتقال من غير تفكير.
اللي فات مش هيتكرر."
هز راسه…
واتفقنا.
#تمتت
#حكاوي_كاتبة
#رفقً_بالنساء
#حور_حمدان


تعليقات
إرسال تعليق