سكريبت بيت عيله لا لأ كامل بقلم حور حمدان
سكريبت بيت عيله لا لأ كامل بقلم حور حمدان
والله والله يا أسيل، لأخلّيه ما يبيّتك على ذمّته… واصبري عليّا بس، وإن ما طلّقِك ورماكِ، ما بقاش أنا.
ده الكلام اللي طلع من حماتي ليا، بعد ما رمت الأكل اللي سهرت وتعبت فيه… وسابتني ومشيت.
طبعًا كنت منهارة، بس حاولت أهدى وأصبر… عشان جوزي اللي متغرّب برا، وعشان ابني اللي جاي في الطريق.
قعدت بهدوء، وغصب عني غلب عليا النوم من التعب والعياط.
بس فوقت بعدها بكذا ساعة على صوت رنّة التليفون بتاعي… كتير.
ردّيت بخضة… كان "آدم"، جوزي.
قلت بتعب:
"فيه إيه يا آدم؟"
صوته كان باين فيه الحزن والزعل، وقال لي بعتاب:
"مزعّلة أمي ليه يا أسيل؟"
اتخضّيت، وقلت بسرعة:
"أبدأ؟! والله مقدرش أزعلها… دي ست الكل."
سكت شوية وقال:
"أمي كلّمتني… وبعتتلي كذا مسدج على الواتساب بتقولي فيهم:
مراتك اللي منها لله، وآكلة خيرك، شوف عاملة إيه لأمك وأخواتك.
ما انت لو كنت اتجوزت بنت أختي، مكنتش هتعمل فينا كده."
سكت أنا كمان، وبحزن سألته:
"وانت رديت عليها قلتلها إيه؟"
قاللي بنبرة مراقبة:
"قلت لها: مالُه بس الأكل يا أمي؟ ما هو حلو أهو!"
بس هي يا أسيل… باين اتعصبت أكتر، وقالتلي:
"بقولك إيه يا ابن بطّتي، والله لو نصرت مراتك علينا… لا تبقى ابني ولا أعرفك."
سكت شوية… وكنت حاسة بوجع كبير في قلبي، بس مينفعش أمّه تزعل، حتى لو كان ده على حسابي أنا.
قلتله وقلبي بيبكي:
"آدم…"
سمعت صوته تقيل، وكأن الدنيا كلها فوقه، وهو بيقول:
"نعم؟"
"طلّقني."
كلمة شكلها سهل… لكن نطقها أصعب ما يكون.
عدّت لحظة في سكون تام… قبل ما أسمع صوته بيعلي لأول مرة من يوم ما عرفته واتجوزنا:
"هَبَل! مش عايزة! أنا لا هخسرك… ولا هخسر أمي. الحل الوحيد إني أخلّصلك الإجراءات بتاعتك، وأبعتلك تيجي تعيشي معايا هنا. وماما هبعتلها عادي فلوس كل شهر… وهنيجي نزورها.
إنما تقعدي في بيت العيلة تاني؟ لا.
انتي بنت ناس… ومرضاش ليكي البهدلة ولا التعب أبدًا."
أول ما قالي الجملة دي… حسّيت روحي بترجع لجسمي شوية.
مكنتش مستوعبة إنه زعق… ومكنتش مستوعبة إنه رغم كل اللي حصل، لسه ماسكني بإيده ومش ناوي يسيبني.
مسحت دموعي وقلتله بصوت مكسور:
"بس يا آدم… أمّك هتزعل. وأنا مش عايزاك تبقى في وشّها بسببي."
سمعته بياخد نفس طويل… نفسيته فعلاً كانت تعبانة.
"أسيل… أنا طول عمري بسمع كلام أمي، وعمري ما دخلت معاها في مشكلة. بس المرة دي… الوضع غير.
انتي مراتي… وأم ابني."
قلبى وجعني أكتر من الكلمة دي… ابن آدم.
ابن الراجل اللي عمري ما حسيته جرحني ولا قسّى عليا.
من يوم اتجوزناه وهو سايب أهله وعايش عشان يبني بيت وإحنا فيه.
"آدم… أنا خايفة."
قالها قلبي قبل لساني.
رد بسرعة، وبحب حقيقي:
"ما تخافيش… طول ما أنا عايش."
سكت شوية… وبعدين قال:
"اسمعيني بقى… ركزي معايا. انتي هتقومي دلوقتي، تاكلي ، وتشربي عادي جدا، وتفتحي الشباك تهوّي الأوضة.
وبعدين؟
هتلمّي هدومك… تحطي الأساسيات بس في شنطة.
وبكره الصبح هبعتلك الفيزا الجديدة والتذكرة.
وتيجى هنا… ومن النهاردة مفيش بيت عيلة ولا مشاكل.
احنا بيت لوحدنا… وعيشتنا لوحدنا."
كلماته كانت زي بلسم على قلبي…
بس خوفي على ابني… وعلى حياتي… وعلى شكل الدنيا بعد السفر… كان بيشدني لورا.
"طب… واهلك ؟ وخالتك؟ وعيلتك؟ "
كنت خايفة يكون قراره حماسي.
آدم رد بنبرة ثابتة قوي:
"اللي مش عاجبه… يشرب من البحر.
أنا اخترتك… وانتي مش أمانة عند حد… انتي مراتي."
دموعي نزلت تاني… بس المرة دي مش وجع.
كانت راجعة من إحساس بالأمان لأول مرة من شهور.
"طب… وماما يا آدم؟"
سألته وأنا بتردد.
سكت لحظة…
وبعدين قال
"أنا هكلمها… بس بعد ما تبقي معايا هنا.
أنا مش هسمح لحد يعلي صوته عليكي تاني."
خففت دموعى بإيدي… وبصوت واطي قولتله:
"حاضر."
قال بنبرة أهدى:
"برافو يلا نامي دلوقتي، عشان أقدر أطمن عليكي لما أصحى."
قفلنا… وأنا ماسكة بطني، وببص للهدوم اللي مرمية في كل مكان بعد اللي حصل.
حسيت إن ربنا لسه شايف تعبي…
ويمكن… دي كانت أول خطوة في حياتي الجديدة.
تاني يوم، صحيت بدري…
الشمس كانت دخلة من الشباك، والهدوء مالي المكان، وكأني أول مرة أحس إن البيت مش خانق…
لأن خلاص، قلبي خد القرار.
لميت هدومي، كتبت ورقة صغيرة لحماتي، فيها بس:
"سامحيني لو كنت قصّرت وربنا يهدّي قلوبنا جميعًا."
وحطيتها على الترابيزة ومشيت.
روّحت على بيت خالتي اللي دايمًا فاتحالي بابها
وعلى المغرب وصلتلي التذكرة والفيزا، ومعاهم رسالة صوتية من آدم:
"مستنيكي يا أسيل ومستني أشيل معايا كل التعب اللي في قلبك."
كانت أول مرة من شهور أحس إن فيه حد شايل همي
مش زيه، زي ما هو.
بعد يومين كنت في الطيارة.
قلبي بيرتعش، وإيديا بتترعش أكتر وأنا ماسكة جواز السفر.
بس جوّا قلبي كان فيه أمان… أمان من نوع نادر.
أول ما وصلت…
لقيته واقف مستنيني في المطار.
آدم…
اللي كان باين عليه السنين اللي شال فيها المسؤولية لوحده، واللي عينيه أول ما شافتني… دمعت.
حضني من غير كلام.
قال بصوت مخنوق:
"حمدلله على السلامة يا روحي
حسيت إن الدنيا كلها بقت صغيرة أوي… وأنا وهو بس فيها.
عدّى أسبوعين…
آدم كان شايلها شيل فعلي—بيطبخ، وبينضّف، وكان بيرجع من شغله يجيب ليا حاجات للبيبي.
ولأول مرة من زمان بقيت اضحك من قلبي
وفي يوم…
جتلي رسالة على الواتساب من رقم حماتي.
ساعتها… إيديا اتجمدت.
الخوف مسكني من راسي لرجليا.
مكنتش قادرة أفتح… ولا حتى أتنفس.
بس آدم كان قاعد جنبي، لمس إيدي وقاللي بهدوء:
افتحي… وماتخافيش. أنا جمبك.
ضغطت… وفتحت.
طلعت رسالة صوتية.
كان صوت حماتي…
مش الصريخ اللي كنت متعودة عليه،
ولا الكلام اللي يوجع.
كان صوت هادي… ومكسور.
قالت:
يا أسيل أنا غلطت.
وزعلتك وزعلت ابني.
ربنا يقومّك بالسلامة ويرزقك بطفل زي القمر.
وانا والله بدعيلكم كل يوم.
ساعتها دموعي نزلت…
مش من وجع، ولا من كسرة…
من ارتياح.
حسّيت إن ربنا رجّعلي حقي من غير ما أطلب.
ورجوع الحق… عمره ما كان ضعف.
بصّلي آدم… وابتسم.
الابتسامة اللي بتطمن قلبي:
قلتلك… ربنا معانا.
عدّى الوقت
وجه يوم ولادتي
كنت مرعوبة
بس آدم ماسك إيدي كإنه ماسك الدنيا كلها.
بيقوللي:
متخافيش… أنا هنا.
وسمعت أول صرخة.
أول صرخة لفرحتي
طفلي.
آدم شاله، ودموعه نازلة من غير ما يحس.
قربه مني، وباس جبيني وقال:
ده ابنّا… بداية حياتنا الجديدة.
وفي آخر الليل…
بصّيت حواليا في الشقة الصغيرة اللي كانت زمان ضلمة…
والنهاردة مليانة حب.
مليانة أمان.
بصّيت لآدم وابتسمت:
شايف؟
كنت فاكرة النهاية هتبقى طلاق…
طلعت بداية.
ضحك ادم وقرب مني:
ما هو اللي اتبنى على وجع… ربنا بيجبره على فرحة.
وهنا… فهمت.
إن الحكاية اللي كنت فاكرة هتخلص بانهيار
ربنا كتب لها بداية جميلة
#تمتت
#حكاوي_كاتبة
#بيت_عيلة_لالا
#حور_حمدان


تعليقات
إرسال تعليق