![]() |
أدمنت قسوتك - الفصل ١
كانت مايا تقف في احد اركان غرفة المحقق تتابع سير التحقيق وهي تبكي بصمت ...
بينما انظار كريم لا تنفك ان تتركها ابدا ...
لم يستطع ان يبعد انظاره عنها ....
لقد جذبه جمالها المبهر بشكل غير طبيعي ...
هو بطبيعته يعرف العديد من الفتيات ...
وجميعهن جميلات للغاية ...
لكن جمال هذه الفتاة مختلف ...
جمال لم ير مثله من قبل ...
" تعالي هنا ..."
اشار لها كريم ان تقترب منه فتقدمت ناحيته وصدرها يعلو ويهبط بشدة بسبب شهقاتها المتتالية ...
" من امتى وانتي بتشتغلي معاهم ..؟!"
ازدادت شهقاتها ارتفاعا فنهرها بضيق :
" بطلي عياط بقى واتكلمي ..."
اجابته اخيرا من بين شهقاتها :
" انا والله مكنتش عاوزة اروح الشقة ...بس هو اللي اجبرني ...انا والله مش كدة ... "
منحها ابتسامة ساخرة قبل ان يهتف بأسف مصطنع :
" خلاص انا مصدقك ... بس اهدي الاول ... "
ثم طلب من ابراهيم ان يأخذ بقية الفتيات معه ويذهب بهن الى المكان المخصص لحجز السجينات ويترك مايا معه ...
جلست مايا على الكرسي المقابل له وهي تبكي بشهقات متتالية ...
اعطاها كريم كوبا من الماء فأخذته منه وتناولته بينما اخذ كريم يتأملها بإعجاب واضح ...
تحدث كريم اخيرا بنبرة رقيقة:
" ها بقيتي احسن ....؟!"
اومأت برأسها بصمت ليبتسم هو بخفة قبل ان يسألها بجدية :
" احكيلي بقى ... ايه اللي جابك هنا ...؟!"
مسحت مايا دموعها بأطراف أناملها ثم بدأت تقص عليه كل شيء ... كيف جاء بها القدر الى تلك الشقة ....
كان كريم يستمع اليها بملامح هادئة ويتصنع الحزن و الاسف حينما تتحدث مايا عن معاناتها وما تعرضت له من عذاب واسى ...
انتهت مايا من سرد كل شيء على مسامعه ليتنهد بصوت مسموع قبل ان يهتف بصوت رخيم قوي :
" متقلقيش يا مايا ...انا هساعدك انك تخرجي من هنا ..."
" بجد ..؟!"
قالتها مايا بنبرة مندهشة ليومأ كريم برأسه ويهتف بها بجدية مؤكدا على ما قاله :
" بجد ... "
" انا بشكرك اووي ....مش عارفة اقولك ايه بجد ..."
قالتها مايا بنبرة رقيقة ليبتسم كريم لها بخبث قبل ان يهتف بعد لحظات قليلة من الصمت :
" بس كل شيء وليه مقابل ....!"
اعادت مايا خصلة من شعرها خلف اذنها ثم سألته بتوجس :
" مقابل ايه ...؟!"
نهض المكان واخذ يسير امامها وهو يقول بنبرة مقصودة :
" مقابل ايه يا كريم ...؟! مقابل ايه ...؟!"
بينما تتبعه هي بنظراتها القلقة ليقول بنبرة قاطعة :
" عايزك .... "
حاولت مايا ان تستوعب كلماته فسألته بعدم فهم :
" مش فاهمه ...عايزني يعني ايه...؟!"
اقترب كريم منها وانحنى امامها ماسكا خصلة من شعرها بإصبعه ثم هتف ببرود :
" متستعبطيش عليا يا مايا ... انتي فاهمه كلامي كويس ... عايزك ليا ... بأي شكل ... وتمن ده اني هخرجك من هنا زي الشعرة من العجينة..."
قفزت مايا من فوق الكرسي وقالت بنبرة باكية :
" انا مش كدة ... والله مش كدة ...انا حكيتلك ظروفي ... "
صرخ بها بنفاذ صبر :
" بلاش تعيدي وتزيدي بنفس الكلام ...."
ثم رقت نبرته كثيرا:
" انا عارف وفاهم ده كويس .... وبحاول اساعدك..."
اقترب منها وحاوطها بذراعيه وقال :
" بصي يا مايا ... انتي لو موافقتيش على طلبي هتتحاكمي بتهمة الدعارة ... هتاخدي كام سنة سجن حلوين .... وسمعتك هتنتهي ... هتعيشي كل حياتك منبوذة ..."
" ارجوك متعملش فيا كده ...ارجوك ..."
" هش ...متعيطيش ..."
قالها وهو يحرك أنامله فوق وجهها الرطب ليرتجف جسدها كليا فيصل بأنامله فوق شفتيها المنتفختين ويلمسها برغبة شديدة ....
هو يريدها وسوف ينالها بأي شكل ....
ابتعد عنها فجأة وسألها بحسم :
" ها قررتي ايه ...؟!"
لتهز رأسها نفيا عدة مرات وهي تجيب :
" مش هقدر .... والله مهقدر ...."
" ابراهيم ..."
صرخ بها كريم ليدلف ابراهيم بسرعة فصاح به :
" خدها جمب اخواتها .... وخليهم يتوصوا بيها ..."
جلس كريم على مكتبه وهو يفكر بأمر مايا ... الان بالتأكيد هي تعيش اسوء ايام حياتها ... كيف لا وقد اودعها في احد السجون وأوصى النساء هناك ان يستوصوا بها ... بالتأكيد سيلقنوها درسا لن تنساه طالما حييت ...
مرت عدة ساعات طلب كريم بعدها من ابراهيم ان يجلب مايا ...
فُتحت الباب ودلفت مايا الى الداخل ...كان منظرها لا يوصف .... شعرها مبعثر بالكامل ووجهها مليء بالكدمات والدماء تنزف من أنفها وفمها ...ملابسها ايضا ممزقة والكدمات تغطي ذراعيها وقدميها ....
رفع قدميه واضعا اياهما على مكتبه بينما اخرج من جيبه علبة سجائره ليضع سيجارته ويشعلها داخل فمه ...
نفث دخان سيجارته في الهواء حوله بينما اخذ يتأملها بعينين ناعستين وهي تقف أمامه كطير مذبوح لا تستطيع قول اي شيء ...
نهض من فوق كرسيه فجأة وأطفأ سيجارته داخل مطفاة السجائر ... تقدم نحوها واخذ يدور حولها بينما عيناه تتفحصان جسدها الشبه عاري بملامح ساخرة ونظرات جريئة وقحة ...
" عرفتي إنوا ملكيش حد غيري ... انا الوحيد اللي أقدر أنقذك من الوحل ده ..."
اهتزت حدقتيها بألم واضح وهي تجيبه بإستسلام :
" عرفت ..."
ثم أردفت متسائلة بملامح متشجنة وصوت مختنق :
" عايز ايه وانا هنفذهولك ...؟! "
رد بإستخفاف :
" تفتكري هعوز ايه من واحدة زيك ....؟!"
ابتلعت ريقها وقالت :
" مش عارفة ...."
رفع ذقنها بأنامله واخذ يتأمل وجهها المليء بالكدمات بسخرية قبل ان يقول :
" اقولك ... انا عايزك ... فاهمة يعني ايه عايزك .... ولا دي بردوا محتاجة شرح ...!"
هزت رأسها عدة مرات بينما تقصلت ملامح وجهها لا اراديا واخذ الدموع تهطل من عينيها لتقول بنبرة جزعة :
" بس انا مش كده ... والله مش كده ..."
صرخ بها بنفاذ صبر :
" انتي هتستعبطي ... هو انا جايبك من جنينة الحيوانات ... انا جايبك من بيت دعارة يا روح أمك ... "
" موافقة..."
هتفت بها اخيرا ليبتسم بإنتصار قبل ان يقول لها بوداعة :
"برافو عليكي ...تعالي اقعدي هنا ..."
أجلسها على الكرسي وجلس على الكرسي المقابل له ثم قدم لها الماء فرفضته ....
وضع كوب الماء امامها وقال :
" اسمعيني يا مايا ... انا هخرجك من هنا ... مش بس كده ... هعيشك عيشة ملوك ... هصرف عليكي ....واقدملك كل اللي بتحلمي بيه ....كل ده بمقابل بسيط ... انك تبسطيني ...."
بللت مايا شفتيها بلسانها ثم اومأت برأسها دون رد ليكمل كريم بجدية :
" كده احنا متفقين .... هتعملي كل اللي اطلبه منك وتنفذيه بالحرف الواحد ... عشان تخرجي من هنا ... وأي تصرف حقير منك صدقيني مش هرحمك ...."
لم تعطه مايا اي ردة فعل فنهض كريم من مكانه واجرى اتصالاته ...
اما مايا فأخذت تفكر فيما يحدث معها وكيف ستتصرف وتنفذ نفسها من هذا الشيطان ...
السابق
الفصل ٢
أدمنت قسوتك - الفصل ٢
خرجت مايا من مركز الشرطة بعدما تم الإفراج عنها ... لقد استخدم كريم طريقته الخاصة التي ساعدتها في تبرئتها ... فقد اتفق معها على ان يخبر الجميع بأنها كانت مساعدة له في تلك القضية ... حيث أرسلها هو بنفسه لتعمل في ذلك المكان حتى تجلب له معلومات عن المكان والفتيات اللاتي يعملن به ... وبإتصالاته مع من حوله استطاع تبرئتها والافراج عنها ....
وقفت مايا امام باب المركز وأخذت تستنشق الهواء حولها بقوة ... من كان يصدق ان يحدث هذا معها ..؟!
لقد كان بينها وبين السجن لعدة اعوام شيء لا يذكر .... هي كانت على وشك ان تحبس بتهمة الدعارة ... والله وحده يعلم ما كان سيحدث بها وبعائلتها لو ثبتت التهمة عليها بالفعل ...
تنهدت بألم وهي تتذكر المقابل الذي ستدفعه في سبيل تبرئتها ... ويبقى السؤال الاهم ... هل ستقدر على تنفيذ ما قاله ذلك الضابط الحقير ...؟! هل ستستطيع ان تسلمه جسدها بسهولة ...؟! تأملت المكان حولها قبل ان تتذكر حديثه معها :
" انتي هتفضلي تحت عيني طول الوقت ...اي تصرف حقير منك ... هيكون مقابله رد قوي منه ... هعمل فيكي وفأهلك اللي عمره ميخطر على بالك .... انا انقذتك من السجن والعار ... وانتي هتديني المقابل ...deal ..."
اعتصرت قبضة يدها بقوة وقد بدأت الافكار المأساوية تتسرب اليها ...
سارت بخطوات يائسة خارج المكان عائدة الى منزلها ....
وهناك ما ان وصلت حتى وجدت والدتها واختها تتناولان طعام العشاء ...
وقد تفاجئتا بوجودها فقد سبق وأخبرتهما أنها ستتأخر لعدة ايام في العمل ...
ذلك العمل الذي ظنته عملا شريفا سيجلب اللقمة الحلال اليها لتكتشف فيما بعد حقيقته ...
القت التحية عليهما بإقتضاب ولم تجب على تساؤلاتهما وهي تدلف الى غرفتها وتغلق الباب جيدا ...
جلست على سريرها بوهن لتهطل الدموع الغزيرة من عينيها ... بكت حتى اكتفت من البكاء... ثم مسحت دموعها برقة ونهضت من مكانها تتأمل وجهها في المرأة ... هي لا تعرف ماذا يجب عليها ان تفعل ..؟!
ولا تعرف كيف ستتصرف ....؟! هي حتى لا تستطيع ان تحكي ما حدث لأي شخص ... فمن سيسمعها ..؟!
والدتها المريضة بالقلب ...؟! أم اختها التي تصغرها بعدة اعوام ....؟! أم سعد ...؟!
هطلت دموعها مرة اخرى وهي تتذكر سعد حبيبها ... ذلك الشاب الذي تجمعها علاقة حب طويلة به منذ ان كانا مراهقين ...
هل ستتخلى عنه هو الاخر كما ستتخلى عن شرفها...؟!
وكأنه شعر بها وبألمها فإتصل بها على هاتفها الذي تركته مسبقا في المنزل ... تطلعت الى اسمه الذي يضيء الشاشة بنظرات باكية قبل ان تضغط على زر الاجابة وتقول بنبرة متشنجة :
" نعم يا سعد ..."
" كنتي فين يا مايا ...؟! قلقتيني عليكي ..."
كان الخوف واضحا في صوته فأجابته بإقتضاب لم ينتبه له :
" منا قايلالك اني لقيت شغل جديد وهتأخر فيه ...."
" وحشتيني ...."
تقلصت ملامحها بألم وهطلت دموعها بشهقات متتالية لاحظها هو فهتف بسرعة :
" مايا انتي بتعيطي ...؟!"
مسحت دموعها بعنف ثم قالت بسرعة ونفي :
" لا .... صوتي تعبان شوية ..."
لم يصدقها بتاتا لكنه لم يضغط عليها فقال بجدية :
" طيب هسيبك ترتاحي شوية ..."
" سعد ..."
" نعم ..."
" انا بحبك ..."
السعادة الجلية في صوته وصلتها على الفور وهي تسمعه يقول بحب خالص :
" وانا بموت فيكي يا مايا ...."
اغلقت الهاتف في وجهه ثم هوت بجسدها على سريرها دافنة وجهها الباكي في مخدتها علها تخرس شهقاتها الباكية....
في صباح اليوم التالي...
في فيلا راقية ...
تقدم كريم من مائدة الطعام التي يجلس عليها والده ووالدته و أخوه الاصغر ...
القى التحية وجلس في المكان المخصص له لتهتف والدته به بإنزعاج:
" بقالك يومين بايت برة البيت يا كريم .... مش طريقة دي ..."
حاول كريم امتصاص غضبها فقال بنبرة مرحة :
" جرى ايه يا موني ....؟! منا قلتلك اني هبات فالشقة مع صحابي نتسلى شوية مع بعض ..."
تحدث والده بنبرة مؤنبة :
" سيبي الواد يعيش حياته يا حبيبتي ... متضغطيش عليه ..."
تحدث الاخ الاصغر قائلا بسخرية :
" مهو عايش حياته بالطول والعرض يا حاج ..."
رمقه كريم بنظرات حادة قبل ان يهتف ببرود :
" خليك فحالك يا حسام ..."
ثم التفت نحو والده قائلا :
" انت الوحيد اللي ناصفني في البيت ده يا حاج ...."
قاطعته والده قائلة بنبرة جادة :
" كريم ... انت معزوم بكره على العشا فبيت عزمي بيه ..."
ابتلع كريم لقمته ثم قال بنبرة متضايقة :
" مينفعش المعاد يتأجل ليوم تاني ..."
" لا مينفعش ... "
قالتها الأم بحزم ليومأ كريم برأسه وينهض من مكانه قائلا بنبرة مقتضبة :
" تمام ... "
ثم تحرك خارج المكان ليشير الاب الى زوجته قائلا :
" ضروري يعني تروحوا لبيت عزمي بيه ....؟!"
اجابته الام بتأكيد :
" طبعا ... عشان يشوف كارما بنته ... انت عارف اني عايزة اخطبها ليه من زمان ...."
" ومين قال انوا هيقبل ....؟!"
سألها حسام بجدية لترد بإصرار عجيب :
" هيقبل ... انتوا اخرجوا من الموضوع بس وانا هخليه يقبل ..."
تطلع حسام اليها بنظرات غير مقتنعة الا انه لم يشأ ان يتدخل في هذا الموضوع ....
ما ان خرج كريم من فيلا عائلته حتى اخرج الهاتف من جيبه وفتحه وأخذ يبحث عن رقم مايا فيه ...
اتصل بها بعدها ليأتيه صوتها الناعم قائلا بنعس واضح :
" مين معايا ....؟! "
" نسيتي صوتي بالسرعة دي..."
قالها كريم بنبرة وديعة لتنتفض مايا من مكانها قبل ان تهتف بذعر وتلكأ :
" انت عايز ايه ...؟!"
اجابها بتلقائية :
" عايزك ..."
ثم اردف بقوة :.
" النهاردة تجيلي في المكان اللي اتفقنا عليه .."
" بس ...."
قاطعها بمكر :
" متجيبيش اي حاجة معاكي ... تعالي بهدومك بس ....انا هجهزلك كل حاجة تحتاجيها ..."
ثم اغلق الهاتف في وجهها وهو يبتسم بخبث وهو يفكر بما سينتظرها هذه الليلة معه ....
ااغلقت مايا الهاتف واخذت تنظر امامها بشرود ...
ما زالت تتذكر الحوار الدائر بينهما ليلة البارحة قبل خروجها من المركز ...
"انا مستعدة اعملك اي حاجة ... الا ده ...."
رفع ذقنها بأنامله وأخذ يتأمل عينيها اللامعتين بنظرات ماكرة قبل ان يهتف :
" وانا مش عايز الا ده ..."
" طب اي حاجة غير الحرام ..."
" تقصدي ايه ....؟!"
اجابته بأخر ورقة تمتلكها معه :
" تتجوزني ... "
قهقه عاليا غير مصدقا لما يسمعه ...
هل جنت هذه الفتاة ....؟!
كيف استطاعت ان تطلب منه شيء كهذا....؟!
" انتي بتهزري ...اتجوز مين ...؟! اتجوزك انتي ...!! "
اومأت برأسها ليعاود الضحك عاليا قبل ان يتوقف عن ضحكاته ويقول بغضب مكتوم :
" ده اللي ناقص ...اتجوز واحدة زيك ...متفوقي لنفسك يا بنت انتي ... "
" حتى لو عرفي ...انا راضية ... بس بلاش كده .."
قالتها بنبرة مترجية ليرد بعنجهية وغرور :
" انسي ...اسمي مش هيتحط جمب اسمك فأي وضع كان ...."
افاقت مايا من ذكرياتها تلك على صوت والدتها تنادي عليها لتتناول طعام الافطار..
السابق
الفصل ٣
أدمنت قسوتك - الفصل 3/4
وقفت مايا أمام الشقة التي أخبرها كريم عنها ... اعتصرت قبضة يدها بقوة وهي تفكر بأنها تخطو اولى خطواتها نحو الجحيم ... نعم فتسليم نفسها لكريم هو الجحيم بحد ذاته ... ضغطت على جرس الباب بتردد ليفتح لها كريم الباب خلال ثواني وهو يرتدي بنطال برمودا فوقه قميص خفيف ذو اكمام طويلة ازراره العلوية مفتوحة يبرز من خلالها صدره الصلب العريض ...
ما ان وقعت عيناه عليها حتى ابتسم ابتسامة من ظفر بمراده أخيرا ثم أفسح لها المجال لتلج الى الداخل واغلق الباب جيدا بالمفتاح ...
" نورتي شقتي المتواضعةة..."
قالها بإبتسامة عريضة لتتأمل مايا الشقة الواسعة بإندهاش حقيقي ... لم تر في حياتها بأكملها شقة كهذه ...ما مدى الثراء الذي يتمتع به هذا الشخص ليعيش في شقة فخمة وراقية كهذه ...؟!
افاقت من أفكارها تلك على صوته وهو يقترب منها ويحيط كتفيها بذراعيه ليشعر بإرتجافة جسدها لا اراديا ... ابتسم بسخرية فهذه الفتاة تمثل دور البراءة بشكل متقن ...
" متخافيش يا بيبي ... انا مش هاكلك ..."
تطلعت اليه بنظرات كارهة مشمئزة ليقهقه عاليا قبل ان يقرصها من وجنتها ويهتف بها :
" بموت في نظراتك دي ...."
اشاحت بوجهها بعيدا عنه بينما قبض هو على كف يدها الناعم واتجه بها نحو الشرفة قائلا بنبرة حماسية :
" تعالي شوفي النيل ... المنظر من هنا تحفة ..."
وقفت مايا على رؤوس اصابعها ويدها ممسكة بسور الشرفة تتأمل مياه النيل اللامعة بملامح حزينة ... كم تمنت لو تغرق في هذه المياه وينتهي امرها ... لفحتها نسمات الهواء الباردة فإقشعر بدنها وقد ترك هذا المنظر شعورا باردا خاليا داخلها ...
شعرت بكريم يحتضنها من الخلف محيطها ظهرها بذراعيه فأغمضت عيناها بألم تخفي دموعا ترقرقت داخلهما ...
ظلا على هذه الوضعية لفترة طويلة ... كريم يحيطها من الخلف مستنشقا عبير شعرها الناعم شاعرا بلذة غريبة تسيطر عليه ... مايا تخفي دموعها بمعجزة وتخبئ ارتجافة جسدها اثرا للمساته ...
" مش يلا بينا ..."
نطق بها كريم اخيرا قاطعا اللحظة الصامته لتلتفت مايا نحوه تتأمله بنظرات متوسلة ان يرحمها لكنه لم يبال بيها وهو يجرها خلفه ويقول :
" تعالي اوريكي جبت ايه ليكي ..."
ثم اتجه بها نحو غرفة النوم الفخمة واخرج من الخزانة قميص نوم اسود اللون مكشوف للغاية خاصة عند منطقة الصدر ...
تأملت مايا قميص النوم الاسود بملامح مدهوشة ... هل سترتدي هذا امامها ...؟! رباه ماذا ستفعل ...؟! هل لم ترتدِ شيئا كهذا من قبل حتى في منزلها ...
وجدته يتأملها بملامح منتشية وهو يتخيلها ترتدي هذا القميص الشبه عاري له ... ستكون أكثر من رائعة به ...
ابتسم ملأ فمه وقال :
" يلا يا مايا ... البسيه بقى ... عشان منتعطلش اكتر من كده ..."
مسكت مايا الفستان وأخذت تنظر اليه بنظرات تائهة حائرة ....
وجدته يشير الى غرفة صغيرة ملحقة بغرفة النوم قائلا :
" يلا خشي الحمام جوه غيري هدومك والبسيه ...."
سارت مايا بخطوات ضعيفة نحو الحمام ...اغلقت الباب خلفها ثم وقفت في منتصفه تحمل قميص النوم تنظر اليه بنظرات تائهة حائرة ...
ظلت متصنمة في مكانها ترفض التحرك او فعل اي شيء وكأنها شعر بذلك فطرق على الباب هاتفا بها :
" لو اتأخرتي اكتر من خمس دقايق هخشلك بنفسي ..."
ما ان سمعت كلماته حتى سارعت لخلع ملابسها وارتداء قميص النوم ...
تطلعت مايا الى ما ارتدته بملامح شبه باكية ... لا تصدق انها ستخرج بهذه القطعة العارية امامه...
سمعت صوت طرقات على الباب فقررت ان تخرج اخيرا فلا يوجد حل اخر امامها سوى هذا ... مسحت دمعة تسللت من عينها وخرجت اليه....
وقف كريم مذهولا مدهوشا يتأمل مايا بهذا القميص العاري .... لا يصدق ما يراه امامه ... تحفة فنية بحق ... ملاك يسير على الارض ...
تأملها بدءا من وجهها الناعم الرقيق الخالي من مساحيق التجميل ثم عنقها الخمري الطويل ... صدرها الذي يظهر معظمه من قميص النوم والذي يثير بداخله اشياء متضاربة ... جسدها النحيل والذي يلتصق به قميص النوم كجلد ثاني انتهاءا بساقيها النحيلين الطويلين اللذان يظهران بسخاء اسفل القميص ....
لم يشعر بنفسه الا وهو يصفر عاليا بحماس شديد قبل ان يقترب منها ويدور حولها هاتفها بانبهار :
" اجمل مما تخيلت ... انتي تجنني يا مايا ... حقيقي تجنني ..."
ثم مسك كف يدها وسار بها نحو السرير أجلسها عليه واقترب منها وأخذ يقبل جانب وجهها برقة بالغة ...
انحدرت قبلاته من جانب وجهها الى فكها واخذ يتذوقه على مهل ... ثم عنقها الذي اثاره وبشدة .... يريد ان يتذوق كل قطعه من جسدها .... ان يجرب معها جميع الاحاسيس المنشودة ... الا يترك شعور واحد دون ان يشعر به معها ... شعر بتصلب جسدها ثم ما لبثت ان دفعته بعيدا عنها ونهضت من مكانها تهتف ببكاء :
" لا مش هسمحلك تقرب مني ...."
زفر أنفاسه بإحباط ثم قال:
" بصي يا مايا ...احنا بينا اتفاق ... اي واحد هيخل بالاتفاق اللي بينا هياخد جزاه ... وانتي عارفة انا اقدر اعمل فيكي ايه .."
" هتعمل فيا ايه اكتر من انك تاخد شرفي ...."
قالتها بمرارة ليقول بسخرية :
" شرفك ....انتي مصدقة نفسك يا بنت ... انتي نسيتي انا جايبك منين ...!! فوقي يا ماما ... متنسيش انا عملت ايه معاكي ...انتي كان زمانك متحاكمة بقضية دعارة ....عارفة يعني ايه دعارة ....!!!"
سالت الدموع من عينيها بغزارة ليهتف بتهديد صريح :
" بكلمة واحدة مني ألبسك بدل القضية قضيتين ... وزي مخرجتك منها زي الشعرة من العجينة ... هلبسك قضية أتقل منها وبسهولة ... "
صمتت ولم تتحدث فنهض من مكانها واقترب منها هامسا لها :
" خليكي هادية ومطيعة وانا اوعدك اني هعملك كل الي تحبيه وتتمنيه ... بس تسمعي الكلام وتنفذي الي انا عايزة ..."
ثم سحبها خلفه نحو السرير مرة اخرى .... وهجم عليها يقبلها بشوق جارف دون ان يأخذ ردة فعل واحدة منها ... جن جنونه عندما وجدها لا تبادله عواطفه ومشاعره تلك فابتعد عنها وهو يسبها ويلعنها قبل ان يقبض على عنقها بقسوة هاتفا بتبرم :
" انتي ليه مش عاوزة تسمعي كلامي ....؟! ليه مصرة تعذبيني وتعذبي نفسك ...؟! "
تحدثت بصوت مختنق :
" والله العظيم انا مش زي مانت فاكر ... انا لسه بنت ..."
قهقه عاليا محررا رقبتها من يده ....
" لسه بنت ... ماشاءالله لحقتي تعمليه بالسرعة دي..."
نهضت من مكانها وسألته :
" اعمل ايه...؟!"
" العملية اياها ..."
قالها وهو يغمز لها بخبث لتنتفض من مكانها وتصرخ به بإنفعال وقد انهارت اعصابها تماما:
" كفاية بقى ... حرام عليك ... قلتلك مية مرة انا مش كدة ...والله العظيم انا مش كدة ....اثبتلك إزاي..."
ثم اقتربت منه وهتفت :
" انتي ليه مصر تحكم عليا اني كده ....؟! ليه مش عايز تصدقني....؟! "
" على فكرة انتي تنفعي تشتغلي فالسينما ... انا ممكن أكلملك منتج صاحبي يشغلك معاه ...."
كان يتحدث ببرود لاذع جعلتها تفقد الأمل به .... هذا الرجل بلا احساس بكل تأكيد ....
" مايا ....قدامك خيارين....يا تكوني ليا زي منا عاوز ... يا تخرجي من هنا حالا وتستحملي كل اللي جاي ...."
في هذه اللحظة تجسد كل شيء امامها ... والدتها ....اختها ... حتى سعد ... الجميع ينظرون اليها ... يترجونها ألا تفعل بهم هذا ....ألا تفرط بشرفها ... لأجل أيا كان ... مسحت باطن وجهها بكفيها ثم اتجهت نحو الحمام تحت انظاره .... غيرت ملابسها وخرجت له ... تحدثت اخيرا :
" انا خارجة ... خارجة ومش راجعة مهما حصل ... انا مش هفرط فشرفي لأي سبب كان ....ولو عاوز تأذيني براحتك ... ربنا الكبير قادر يحميني منك ومن اللي زيك .... عارف ليه ...؟! لأنوا عارف اني مظلومة ...."
السابق
الفصل ٤
أدمنت قسوتك - الفصل ٤
خرجت مايا من شقة كريم وهي تشعر بالراحة الكبيرة ..
لا تصدق بأنها نجت من الوقوع بالخطأ ...
لقد كادت ان تخسر شرفها لولا ما حدث ...
لولا رحمة الله بها وتراجعها عما حدث ...
اخذت نفسا عميقا وابتسمت براحة جلية ...
ثم سارت في الشارع بخطوات بطيئة وهي تتأمل المارة حولها وتفكر في داخلها في حل ينقذها من بطش كريم ...
وفي اثناء سيرها رن هاتفها فأخرجته من حقيبتها واجابت على المتصل والذي لم يكن سوى سعد ...
" ازيك يا مايا ....؟!"
كان سؤالا اعتياديا أجابت عليه :
" بخير الحمد لله ... ازيك انت...؟!"
" بخير ...."
فجأة خطر على بالها شيء ما ...شيء جعلها تسأله بسرعة :
" سعد ممكن اقابلك ....؟!"
رد بتلقائية :
" اكيد ... تحبي نتقابل فين ..؟!"
اجابته :
" فالكافيه اللي جمب بيتنا ...."
" ربع ساعة واكون عندك ..."
اغلقت الهاتف وهي تتنهد براحة ...لقد وجدت الحل الذي سينقذها من ذلك المجرم ... لكن يتبقى شيء واحد ...موافقة سعد ...
..................
دلفت مايا الى الكافية لتجد سعد في انتظارها ... ابتسم بفرح ما ان رأها ثم هب واقفا من مكانه مستقبلا اياها ..
بادلته مايا ابتسامة خافتة وهي تجلس امامه بينما عقلها يعيد ذكريات الساعة الفائتة وما حدث بها وشعور بتأنيب الضمير تجاه سعد وهي تتذكر ان ذلك الحقير قد رأها وهي شبه عارية طغى عليها ...
ابتسمت بوهن قبل ان تسأله :
" عامل ايه ....؟!"
اجابها:
" كويس ...بس مطحون فالشغل ..."
" ربنا يعينك ..."
قالتها بإبتسامة سمحة ليسألها :
" طلبتي تشوفيني ليه ...؟! مش من عوايدك يعني ..."
اخذت تعبث بأناملها وهي تفكر في طريقة تخبره من خلالها بما تريده منه :
" سعد انا فكرت كتير فوضعنا وعلاقتنا ... انا موافقة اني اتجوزك ... "
سعد متعجبا مما قالته :
" انتي بتقولي ايه يا مايا ...؟! انتي بتتكلمي بجد ...؟!"
اومأت مايا برأسها وهي تضيف بنبرة ثقيلة :
" اكيد مش بهزر.... سعد انا بحبك ... وعايزة اتجوزك..."
سعد وهو يشعر بالحرج :
" بس يا مايا انتي عارفة ظروفي ... انا مش هقدر اجيب الشقة ولا المهر اللي انتي ومامتك عاوزينه ..."
مايا بتفهم فاجأه :
" عارفة وموافقة ...انا اللي يهمني اننا نتجوز ونعيش فبيت واحد سوا ...واني اكون مراتك وفحمايتك ...."
شددت على حروف كلماتها الاخيرة ...
تطلع سعد اليها بحيرة ولم يعرف ماذا يجب ان يفعل ...
هل يوافق على الزواج من حبيبته بوضع متردي كهذا ...؟!
هل سيجعلها تشاركه شقائه وتعبه ...؟!
شعرت مايا بتخبط افكاره فأمسكت بيده داعمة لها وقالت:
" انا عارفة انك متفاجئ من طلبي ... زي ما عارفة انك خايف تظلمني معاك .... بس انا بحبك وعاوزاك .... ومش هاممني اي حاجة فالدنيا غير اني اكون فحضنك وأمانك ... احنا هنتجوز ونعيش سوا ... انا وانت نشتغل ونبني نفسنا مع بعض ..."
سحب يده من كف يدها وقال :
" طب والشقة ...؟! هتقبلي تعيشي مع امي واخواتي ...؟!"
اومأت برأسها وقالت :
" هقبل ... انا اصلا بحب مامتك واخواتك ... وعلاقتي بيهم كويسه... وانت عارف ده كويس ..."
ما زال هناك شعور بداخله أن ثمة امر غريب يحدث وراءه ...لكن لا يهم ...طالما مايا ستكون زوجته وملكه .. لقد انتظر هذه اللحظة طويلا ... وحلم بها كثيرا ... وهاهي تتحقق بسهولة امامه . .
" قلت ايه ...؟!"
افاق من شروده على سؤالها ليبتسم ويجيبها اخيرا :
" موافق ...."
تنهدت براحة ثم قالت بسعادة :
" احنا نتجوز على طول ...ايه رأيك ...؟!"
تعجب سعد من سرعتها لكنه لم يشأ ان يحرجها فإبتسم وقال :
" تمام لو ده هيريحك ..."
" شكرا يا سعد ...شكرا اوي ..."
قالتها بإمتنان حقيقي له ....فهو سينقذها من براثن الذئب دون ان يعلم ... سوف يحميها منه ومن بطشه .... وسينتهي حينها كل شيء ...
عاد كريم الى فيلا عائلته وهو يشعر بتخبط وحيرة شديدين ...
ما زال يفكر بما حدث وما فعلته مايا وقالته ...
شعور غريب في داخله يخبره ان يصدقها .... وشعور اخر يكذبها ...
وهو تائه حائر بين هذين الشعورين ...
وجد أخيه يجلس في صالة الجلوس يتابع التلفاز فجلس بجانبه بعدما القى التحية عليه ...
تأمله حسام بتعجب... كان يبدو مرهقا للغاية ... فسأله بحيرة :
" مالك...؟! شكلك بيقول انك مش كويس ...!"
اجابه كريم وهو يطلق تنهيدة ثقيلة:
" مهدود حيلي بسبب الشغل ..."
ثم اردف متسائلا عن والده ووالدته :
" امال بابا وماما فين ...؟!"
اجابه حسام :
" خرجوا يتعشوا بره ...عزموا عليا معاهم بس رفضت... قلت اسيبهم يعيشوا شبابهم شوية ...."
ابتسم كريم ساخرا على كلمة شبابهم ثم ما لبث ان قال :
" حسام ... ايه رأيك تروح بكره بدالي عزومة عزمي بيه ....؟!"
ابتسم حسام قائلا :
" انت بتهزر يا كريم ... دول عزموا ماما مخصوص عشانك ...."
" ليه يعني ...؟!"
سأله كريم بلا مبالاة ليرد حسام :
" عشان كارما بنته ... دي ماما معجبة بيها اوي .... وعايزة تخطبهالك ...."
" طموحة اوي ماما دي ...."
قالها كريم ساخرا ليضحك حسام عاليا قبل ان يقول بعبث :
" بس البنت ايه ....تهبل ..."
" بجد ...؟!"
سأله كريم متحمسا ليرد حسام بإستهزاء :
" غيرت رأيك بالسرعة دي .."
ليقول كريم بخبث :
" مهي لو تستاهل بجد ... يبقى لازم اروح ..."
حسام بجدية :
" من ناحية تستاهل فهي تستاهل ...روح وانت مطمن .."
نهض كريم من مكانه وهو يبتسم بإنتشاء قبل ان يودع اخيه ويتجه الى غرفة نومه ...
......................
في اليوم التالي ...
اوقف كريم سيارته امام فيلا عزمي الجندي ...
هبط من سيارته ثم اتجه نحو الجهة الاخرى من السيارة وفتح الباب لوالدته التي هبطت بدورها ليظهر فستانها الفخم بوضوح ....
لطالما عرفت والدتها بأناقتها الطاغية وجمالها الساحر ...
سار كريم وهو ممسك بذراع والدته نحو الباب الفيلا ليجدوا عزمي وزوجته جيهان بإستقبالهم ...
رحبوا بهما بحرارة وأجلسوهما في صالة الجلوس ....
كان كريم يتابع الأحاديث السائرة بينهما بملل شديد ..
لقد جاء الى هذه السهرة خصيصا لرؤية كارما ....
وهاهو ينتظر طلتها البهية منذ اكثر من نصف ساعة ...
لحظات قليلة ودلفت كارما الى الداخل ...
ليتأملها كريم بنظرات باردة وإن أعجبه جمالها بشدة .... لكن هذه عادته لا يظهر الاعجاب نحو اي فتاة بل يحتفظ به في داخله حتى يأتي الوقت المناسب ويفصح لها عنه ...
كانت كارما جميلة للغايةة بل مثيرة اكثر مما هي جميلة ....
تمتلك جسد أنثوي رائع ذو تفاصيل مغرية لأي رجل ... شعرها الطويل مصبوغ باللون الأشقر الذي يلائم بشرتها البيضاء الناصعة ... والمكياج الصارخ يملأ وجهها ...
لا يعرف لماذا قارن بينها وبين مايا .... كانت مايا تختلف عنها جذريا ... فهي أنعم منها بكثير ... جسدها اقصر وأنحل بكثير ... بشرتها خمرية ... ووجهها خالي من المكياج ... وبالرغم من اثارة كارما وجمالها المثير الا ان كفته مالت نحو مايا وهذا شيء استغربه بل وازعجه كثيرا ....افاق من افكاره تلك على صوت كارما ترحب به وتمد يدها نحوه فنهض من مكانه وامسك يدها رادا لها التحية ببرود .... جلست كارما بجانب والدتها وعادت الأحاديث المملة تأخذ اطارها المعتاد وعاد كريم لأفكاره من جديد والتي تخص واحدة فقط ...مايا ..
أدمنت قسوتك - الفصل ٥
جلست مايا امام والدتها وهي تشعر بالحرج الشديد ...
لا تعرف كيف ستفتح موضوع زواجها من سعد معها ...
كانت والدتها تنتظر منها أن تبدأ حديثها لتفهم منها الموضوع الذي يؤرق تفكيرها ...
تنحنت مايا قائلة بنبرة مترددة :
" انا وسعد قررنا نتجوز ...."
تطلعت سعاد والدتها اليها بتعجب فهي كانت تعرف بأن مايا تؤجل موضوع زواجها من سعد حتى تستقر اوضاعه المادية ... فمالذي تغير الان ...؟!
سألتها سعاد بحيرة :
" انتوا مش كنتوا اتفقتوا تتجوزوا لما سعد يكون نفسه وتستقر اوضاعه المادية ...؟!"
ارتبكت مايا وظهر الارتباك جليا على ملامحها لكنها ردت بنبرة متماسكة :
" ايوه ... بس لو هستنى اوضاع سعد تستقر يبقى مش هنتجوز ابدا ..."
قالت والدتها بعدم اقتناع :
" طب وانتي ايه اللي يجبرك على جوازة زي دي ...؟! انتي ممكن تتجوزي واحد حالته المادية افضل وتعيشي بوضوع مستقر معاه ..."
ردت مايا بجدية :
" انتي عارفة اني بحبه ... ومش هتجوز غيره ..."
تطلعت والدتها اليها بنظرات غير مرتاحة قبل ان تنطق قائلة :
" يعني انتي متأكدة من قرارك ...؟!"
اومأت مايا برأسها اكثر من مرة لتمط سعاد شفتيها بضيق قبل ان تهتف بقلة حيلة :
" طالما انتي موافقة ومقتنعة ... يبقى مش هقدر اقول غير موافقة ..."
ابتسمت مايا براحة قبل ان تعاود والدتها سؤالها بعدم ارتياح :
" انتي واثقة من قرارك ده يا مايا...؟! يعني مش هتتراجعي عنه ....؟!"
هزت مايا رأسها نفيا وقالت بإقتناع تام:
" ابدا ...."
هزت الام رأسها بتفهم قبل ان تهتف بها :
" مبروك يا مايا...مبروك يا حبيبتي ..."
نهضت مايا من مكانها واحتضنت والدتها وقبلتها وهي تشعر براحة مبدئية فيبدو ان الامور سوف تسير لصالحها اخيرا ....
وقف كريم في الحديقة الخارجية لفيلا عزمي الجندي يدخن سيجارته ويفكر رغما عنه بمايا ...
بات لا يفهم سبب تفكيره الدائم بها ...
هل لأنها جميلة للغاية ...؟!
لكنه عرف من هن أجمل منها ...
نفث دخان سيجارته في الهواء عاليا حينما شعر بأحد ما يقف خلفه ...
التفتت نصف التفاتة ليجد كارما خلفه تبتسم بعفوية ...
" واقف هنا ليه ...؟!"
سألته محاولة منها لفتح الحديث معه ليجيبها قائلا :
" بدخن سيجار ..."
وقفت بجانبه تتأمل الحديقة المحيطة بها بينما هو عاد يشرد بمايا تلك التي سيطرت على تفكيره فجأة وباتت تحتله بشكل غريب...
" كريم..."
افاق من شروده على صوت كارما تناديه ليهتف بها :
" نعم ...!"
سألته بتردد:
" هو انت ليه مشتغلتش مع باباك فشركته ...؟! ليه اخترت تشتغل فالشرطة ...؟!"
تأملها قليلا قبل ان يرمي سيجارته ارضا ويطفئها بحذاءه ثم يجيبها :
" يمكن عشان بحب شغلي فالشرطة ... "
اومأت رأسها بتفهم ثم قالت :
" هو انا مدايقاك بوقفتي جمبك ...؟!"
هز رأسه مجيبا :
" اطلاقا ..."
ابتسمت ملأ فمها ثم قالت بسعادة جلية :
" كده بقى اتكلم براحتي ..."
ابتسم بتصنع وقال :
" اها اتكلمي اكيد ..."
احاطت ذراعه بذراعها بشكل فاجأه هو شخصيا ثم قالت :
" تعرف اني معجبة بيك اووي ..."
اومأ برأسه واجاب بغرور :
" اها عارف ...اساسا الكل معجب بيا..."
مطت شفتيها بأستياء وقالت :
" مغرور ...."
" واثق من نفسي ...."
قالها مصححا لترد بعفوية :
" وبارد كمان ...."
فجأة دفعها على الحائط خلفها واحاط جسدها بذراعيه قائلا بنبرة هادئة لكن قوية :
" انتي اد كلامك ده ....؟!"
اومات برأسها وقد شعرت بتفتت جميع مقاومتها امامه ... فهو واقف امامها يحيط جسدها بالكامل بهذا القرب المهلك منها ...
انحنى اكثر نحوها مقربا فمه من فمها بنية تقبيلها حينما أشاحت هي بوجهها بعيدا عنه ليتنحنح بحرج ويحرر جسدها من ذراعيه ....
في صباح اليوم التالي ...
في مركز الشرطة الذي يعمل به كريم ...
دلف كريم الى مكتبه ثم بدأ يباشر عمله ...
ولج بعد لحظات صديقه عمر اليه ...
كان عمر صديقه المقرب وخازن جميع اسراره ....
جلس على الكرسي المقابل له وقال متسائلا بنبرة ساخرة:
" اخبار ليلة امبارح والانسة كارما ...؟!"
اجابه كريم وهو يتراجع الى الخلف :
" كويسة ...بس كارما دي طلعت دايبة فيا من زمان ..."
" بجد ...؟!"
سأله عمر بعدم تصديق ليهز كريم رأسه ويقول بجديةة:
" بجد ..."
ثم اردف بعدها :
" بس البنت طلعت ايه ...فرسة ..."
غمز له عمر بعبث قائلا :
" وقعتها ولا لسه ...؟!"
اجابه كريم:
" لسه ...حاليا مش فاضي ليها ... "
" امال فاضي للانسة مايا ...؟!"
اومأ كريم برأسه ثم شرد يفكر بها ليسأله عمر بنبرة جادة :
" هو انت لسه مراقبها ....؟!"
" طبعا... واخبارها بتوصلني اول بأول ...."
هز عمر رأسه بتفهم ثم شرد هو الاخر بهذه الفتاة واهتمام كريم الغريب بها دونا عن غيرها ...
بعد مرور عدة ايام ...
امام المصنع الذي يعمل به سعد اوقف كريم سيارته ...
هبط منها مرتديا نظارته الشمسية ليطلب من احد العاملين هناك ان ينادي سعد ....
وبالفعل خرج سعد من المصنع بعدما ابلغه العامل بأن رجل يرتدي ملابس الشرطة ويركب سيارة حديثة للغاية يطلب مقابلته ...
تأمله سعد وهو يسير نحوه بملامح مندهشة فمن هذا الرجل الذي يريد مقابلته ....؟!
تقدم نحوه وسلم عليه ليطلب منه كريم ان يركب معه ليتحدث معه بأمر خاص جدا ...
حاول سعد الامتناع عن مقابلته بحجة عمله وعدم سماح مدير المصنع له بترك العمل في هذا الوقت لكن كريم أخذ الاذن له من صاحب المكان ...
بعد حوالي نصف ساعة كان كريم يجلس امام سعد في احد ارقى الكافيهات في البلاد ..
" اتفضل ..."
قالها سعد ليرد كريم :
" طبعا انت مش عارفني يا سعد ....مش كده ...؟!"
سعد وهو يهز رأسه نفيا :
" الصراحة لا ..."
تأمله كريم بملامح ساخرة قبل ان يهتف بهدوء مخيف :
" بس انا اعرفك عن طريق مايا ...خطيبتك ..."
شدد على كلمة خطيبتك الاخيرة ليسأله سعد بتوتر :
" هو انت تعرف مايا منين ..؟!"
سأله كريم بنبرة ذات مغزى :
" قول انت ...ضابط زيي هيعرفها منين ...."
صمت سعد ولم يرد ليكمل كريم :
" خطيبتك كانت متهمة عندي ...."
رفع سعد رأسه فورا وسأله :
" متهمة بإيه ...؟!""
" بالدعارة ...."
جحظت عينا سعد بعدم تصديق ليشعل كريم سيجارته وينفث دخانها عاليا قبل ان يكمل ببرود :
" مسكناها بشقة مفروشة هي وكم بنت ... "
" انت كداب ...."
" انا مش بكدب .."
صرخ به كريم ثم رما في وجهه المحضر الذي يؤكد ما قاله ليقرأه سعد بعدم تصديق قبل ان يسأل كريم بنبرة مرتجفة :
" طب لو هي فعلا متهمة ....خرجت ازاي ...؟!""
التوى فم كريم بإبتسامة باردة قبل ان يهتف بجمود :
" انا اللي خرجتها ..بعدما ما اتفقت معاها انها تكون عشيقتي ...وهي وافقت ..."
حاول سعد استيعاب ما يسمعه ....فأن يسمع كل هذا عن خطيبته وزوجته المستقبلية امر لا يمكن تحمله ...
فتح كريم هاتفه وجعله يرى شريط فيديو يجمعه مع مايا وهي شبه عارية بوضع مثير للغاية ...
هطلت الدموع من عيني سعد وهو يشاهد خطيبته وحبيبته بين احضان رجل اخر يقبل وجهها ورقبتها ....
انتهى الفيديو ليمسح سعد دموعه بأنامله بينما اعطاه كريم مناديل ورقية ليمسح بها دموعه ...
رمى سعد المناديل بوجهه ثم انتفض من مكانه وانقض عليه يصرخ به :
" انت السبب ... ليه عملت كده ...؟!"
دفعه كريم بعيدا عنه وهتف بنفاذ صبر :
" انت غبي ولا بتستغبي ... بقلك مسكتها بشقة دعارة ... "
اشاح سعد وجهه بعيدا عنه محاولا ان يخفي دموعه التي تهدد بالهطول مرة اخرى ... اما كريم فنهض من مكانه واقترب منه قائلا بنبرة خبيثة :
" اسمعني يا سعد ...انا عايز مصلحتك... عايز اساعدك ..."
" انا هقتلها ... "
قالها وهو ينهض من مكانه بملامح مخيفة ليوقفه كريم بسرعة وقد انتفض قلبه لا اراديا ما ان سمع ما قاله سعد ...
" الامور متتحلش كده ...."
" امال ازاي ...؟!"
صرخ به سعد ليرد كريم بهدوء غريب :
" هقولك ..."
أدمنت قسوتك - الفصل ٦
" اللي بتطلبه ده شيء مستحيل... ازاي تطلب مني اعمل كده ..؟!"
رمقه كريم بنظرات باردة قبل ان يقول بنبرة عادية :
" اللي بطلبه منك هو الصح ... انت اكيد مش ناوي تتورط بسببها فقضية تانية...."
"تقصد ايه...؟! انت بتهددني ...؟!"
سأله سعد بنبرة عالية قليلا ليرد كريم بسرعة وصوت بارد :
" اشش ... اخرس خالص ومترفعش صوتك مرة تانية ...واه انا بهددك ... وافهمها زي متفهمها ..."
ثم اردف بنبرة ماكرة :
" انا بحاول اساعدك ...اقدملك حاجات كتير كويسه ... مقابل انك تنفذ اللي بطلبه منك ...."
" وايه المقابل المهم بقى اللي هيخليني اعملك اللي انت عاوزه ...؟!"
قالها سعد وهو يتكئ على ظهر الكرسي ليبتسم كريم برضا قبل ان يرد :
" مليون ..."
سأله سعد بعدم تصديق :
" مليون جنيه ..."
صحح له كريم هازئا :
" مليون دولار..."
ابتلع سعد ريقه بتوتر وحيرة.... ما يعرضه كريم لا يمكت رفضه بأي حال من الأحوال ... ولكن كيف سيوافق عليه ...؟! ما يطلبه كريم ايضا صعب للغاية...
تأمله كريم وهو يبدو عليه الحيرة وقلة الحيلة ليبتسم بخبث قبل ان يقول بنبرة قوية :
" مليون دولار تحققلك كل اللي بتتمناه ... تعيشك بأحسن مستوى بدل المرمطة اللي انت فيها ....."
" بس ...."
قالها سعد بتلكؤ ليقول كريم بسرعة رادعا اي مجال للقلق او التردد قد يتولد لديه :
" مبسش ... فكر كويس يا سعد ... انا بضمنلك حياتك الجاية ... وبأمنلك اللي جاي ... زي منا اقدر اخد اللي انا عايزه منك بكل سهولة ... بس انا مش عايز اظلمك معايا ... عايز اخد وادي المقابل اللي يناسب اللي اخذته ...."
" لا كتر خيرك الحقيقة ..."
قالها سعد بنبرة هازئة ليبتسم كريم ملأ فمه ويقول بمرح لا يليق به :
" قلت ايه بقى ...؟! اظن مفيش عرض افضل من كده ...."
هز سعد رأسه بشرود ليكمل كريم بإنتصار :
" نقول مبروك ...."
جلست مايا بجانب نايا اختها الصغرى التي كانت تذاكر دروسها بتركيز شديد ...
تأملتها نايا بقلق فقد كان يبدو عليها الضيق والواضح والألم ...
سألتها نايا بقلق بينما كف يدها امتد ليلمس يد مايا الشاردة رغما عنها :
" مالك يا مايا ....؟! شكلك بيقول انك مش كويسه .. "
افاقت مايا من شرودها على سؤال اختها الغريب والذي جاء في محله لتجيبها بقلق ورغبة عارمة بالبكاء تجتاحها :
" قلقانة اوي يا نايا .... قلقانة وهموت من قلقي وخوفي ..."
" طب ليه ...؟! ايه اللي حصل ...؟!"
سألتها نايا بتعجب من هذه الحالة الغريبة التي تسيطر على اختها لترد مايا عليها بنبرة مترددة :
" حاسة انوا فيه حاجة مش كويسه هتحصل قريب ...قلبي بيقولي كده ..."
" حاجة ايه....؟!"
هزت مايا رأسها نفيا وقالت بجهل :
" مش عارفة...مجرد احساس وخلاص ..."
قالت نايا بنبرة هادئة حكيمة :
" لو شايفة انوا الجوازة دي هتأذيكي يبقى بلاش منها ...."
تطلعت مايا الى اختها الصغرى بحيرة ظهرت بوضوح خلال عينيها الضائعتين لتحتضنها نايا من ذراعيها وتضمها اليه بحنو بالغ ...
سمعتا الاثنتان صوت والدتهما وهي تنادي على مايا قائلة :
" مايا حبيبتي ....تعالي ساعديني فترتيب جهازك قبل مناخده شقة خطيبك ... "
نهضت مايا من مكانها وتوجهت خارج الغرفة بخطوات ثقيلة ثم تقدمت نحو والدتها وبدأت تساعدها في ترتيب جهازها ...
في هذه الأثناء رن هاتفها فحملته لتجد سعد يتصل بها ...
ضغطت على زر الاجابة ليأتيها صوته :
" ازيك يا مايا ...؟!"
" اهلا يا سعد... انا بخير ... انت ازيك ....؟!"
اجابها سعد :
" بخير الحمد لله ..."
صمت لوهلة قبل ان يردف بصوت بارد :
" جهزتي نفسك عشان ننزل نختار فستان الفرح ...؟!"
اجابته مايا بملامح قلقة :
" اها جاهزة ....تحب ننزل امتى ....؟!"
اجابها بسرعة:
" بكره الصبح...!"
" تمام ..."
اغلق سعد الهاتف في وجهها دون ان يودعها حتى لتستغرب كثيرا من تصرفه لكنها لم تعلق ولم تضع الموضوع في بالها ...
في صباح اليوم التالي ...
على مائدة الطعام في منزل كريم كان كلا من منى والدة كريم وحسام اخيه يجلسان على طاولة الطعام يتناولان فطورهما ...
توجه كريم نحويهما قائلا بنبرة مرحة خفيفة :
" صباح الخير ...."
"صباح النور ..."
اجابه الاثنان قبل ان يهتف حسام بتعجب :
" شكلك رايق اوي النهاردة...."
ليرد كريم بخفةة:
" انا رايق على طول ..."
" ويا ترى ايه سبب الروقان ده....؟!"
سألته منى بجدية ليجيبها كريم بصوت عابث :
" وانا مش هكون رايق لي ... شغلي ماشي كويس جدا ... صحتي بخير ... عايش احسن عيشة ...والاهم من ده عندي امي قمر زيك ...."
" حبيبي ..."
قالتها منى بدلال ليهمس له حسام :
" عرفت تاكل عقلها بكلمتين كالعادة ...."
" عيب عليك ...."
قالها كريم وهو يغمز له لتهتف منى به فجأة :
" بقلك يا كريم...ايه رأيك تجي معايا النهاردة للنادي نشوف كارما ووالدتها ...."
" هي جايه النادي النهاردة ...؟!"
قالها كريم وهو يمضغ طعامه لتهز منى رأسها وتقول مؤكدة :
" ايوه وانا اتفقت اني هقابلهم هناك ..."
شعر كريم بالحيرة ...فهل يذهب لمقابلة كارما ويقضي
القليل من الوقت المسلي معها ... ؟!
وجد نفسه يرغب بمقابلتها ورؤيتها ...علها تنسيه قليلا مايا التي بات يفكر بها ليلا ونهارا .... لا بأس يا مايا ... ستكونين لي قريبا ...!
" ها قلت ايه ...؟!"
افاق من شروده على سؤال والدته ليجيب :
" تمام هروح معاكي ..."
ابتسمت الام بإنتعاش وقالت :
" خلاص قوم غير هدومك عشان نروح سوا ...."
" مش بدري اوي دلوقتي..."
قالها كريم وهو ينظر الى ساعته لترد الام عليه :
"لا طبعا مش بدري ... خلينا نلحق اليوم من اوله ..."
نهض كريم من مكانه واتجه نحو الطابق العلوي وتحديدا نحو غرفته ليغير ملابسه تاركا والدته تبتسم بسعادة فيبدو ان ما تخطط لها يجري وبدقة ...
خرجت مايا من شقتها واتجهت خارج العمارة بأكملها لتجد سعد في انتظارها ....
ابتسمت له بحب وتقدمت نحوه قائلة بصوت سعيد :
" صباح الخير ..."
اجابها بإقتضاب :
" صباح النور..."
تعجبت من نبرته معها لكنها لم تعلق بل سارت بجانبه متجهان نحو السوق حيث سيشتريان فستان زفافها واشياء اخرى مما تحتاجه مايا قبيل زفافها الذي اقترب كثيرا ....
في احد المحلات وقفت مايا تنظر الى فساتين الزفاف بسعادة خفية ...لا تصدق أنها بصدد شراء فستان زفافها ...لقد حلمت بهذا اليوم كثيرا وتمنته كثيرا ....
اخذت تقلب مايا الفساتين بإعجاب واضح.... اما سعد فكان يقف في احد اركان المحل يتابعها بملامح باردة لا توحي بشيء ....
اخرجت مايا احد فساتين الزفاف الذي نال اعجابها ثم توجهت به نحو سعد وسألته وهي تضع الفستان على جسدها :
"ها ايه رأيك ...؟! حلو ...؟!"
اعتدل سعد في وقفته وقال بنبرة عادية :
" اها جميل ..."
" أقيسه ....؟!"
" ايوه قيسيه ...."
توجهت مايا نحو غرفة التبديل الملحقة بالمحل وارتدت الفستان ...
خرجت بعد لحظات امام سعد الذي تأملها للحظات بنظرات يملؤها الاعجاب ...لحظات قليلة واختفت نظراته تلك ليحل البرود محلها ...
قال سعد بنبرة باردة :
" جميل اووي ..."
ابتسمت مايا بغبطة وقالت برقة :
" يعني نشتريه ..."
" اها طبعا ..."
اتسعت ابتسامة مايا بسعادة ثم ما لبثت ان عادت مسرعة الى غرفة التبديل وغيرت الفستان ....
اما سعد فقد ملأ شعور الالم والحسرة قلبه... كانت مايا اجمل مما تخيل بمراحل وهي ترتدي فستان الزفاف...
لقد حلم بها طويلا وتمنى ان يراها وهي ترتديه له وحده ...لكن القدر لعب لعبته معه وخذله كالعادة ....
افاق من افكاره الموجعة على صوت مايا تطلب منه ان يدفع سعر الفستان ففعل ذلك وهو يحاول ان ينفض تلك الافكار عن رأسه ...
في احد اشهر النوادي الرياضية الترفيهية...
جلس كريم بجانب والدته على احدى الطاولات الموجوده في حديقة النادي يرتدي نظارته الشمسية ويتابع من خلفها ما يجري من حوله ...
خلع كريم نظارته الشمسية وقال لوالدته بضجر :
" هيجوا امتى ....؟! اتأخروا اوي ..."
" مش عارفة ...اتأخروا فعلا ..."
قالتها منى وهي تنظر الى ساعتها حينما قال كريم فجأة :
" وصلوا اخيرا..."
تأمل كريم كارما وهي تتقدم منهما بجانب والدتها ترتدي بنطال من الجينز الازرق يلتصق بجسدها كجلد ثاني مبرزا مفاتنها الخلابة فوقه قميص اخضر اللون قصير للغاية بالكاد يلامس طرف البنطال ...
ما ان وصلت نحويهما حتى ابتسمت بتشنج واضح وقالت وهي توجد حديثها لمنى :
" ازيك يا طنط ...وحشتيني ...."
ثم التفتت نحو كريم الذي نهض من مكانه وابتسم لها :
" ازيك ...؟!"
ليرد كريم بتلقائية :
" بخير ...انتي ازيك ...؟!"
اجابته :
" I'm fine ..."
جلست كارما بجانب كريم ووالدتها ومعها والدتها ....
اخذوا يتحدثون في شتى المواضيع المختلفة حينما شعر كريم بالملل فقال موجها حديثه لكارما :
" ايه رأيك نقوم نتمشى قريب من هنا ...؟!"
" يلا بينا .."
قالتها كارما وهي تنهض من مكانها وتسير بجانبه ....
تحدث كريم قائلا :
" عاملة ايه ...؟!"
" كويسه .... وانت عامل ايه ...؟! اخبار شغلك ايه ...؟!"
" تمام جدا ..."
وقف الاثنان اسفل احدى الأشجار ليقول كريم متسائلا ومحاولا فتح الحوار معها:
" انتي درستي ايه صحيح ...؟!"
اجابته كارما :
" درست ادارة اعمال فأمريكا...."
" تخصص جميل ...."
قالها كريم بإعجاب حقيقي ثم اردف قائلا :
" على كده بتساعدي والدك فشغله .....!"
اومأت برأسها واجابته بغرور مفتعل :
" انا ماسكة شغل بابا كله تقريبا...."
ابتسم كريم وقال :
" برافو .... تعجبني المراة العملية اووي ...."
ابتسمت كارما وقد ظهر الخجل الطفيف على ملامحها ليسترسل كريم في احاديثه محاولا التعرف عليها اكثر ....
في احد الكافيهات المطلة على النيل جلس كلا من مايا وسعد سويا يتبادلان الاحاديث العادية ....
كانا يتحدثان عن زفافهما الذي سيتم بعد ثلاثة ايام وعن الاشخاص الذين سيدعونهم الى الزفاف وغيرها من الامور المهمة ....
تحدثت مايا قائلةة براحة :
" كده خلصوا كل المعازيم .... وخلصنا تقربيا كل الحاجات اللي لازم نجهزها للفرح ...."
قال سعد مؤكدا ما قالته :
" فعلا ...خلصنا كله تقريبا ..."
اردف سعد بعدها قائلا بإعجاب مفتعل :
" تعرفي انك كنتي زي القمر بفستان الفرح ... "
احمرت وجنتا مايا خجلا وشعور كبير بالسعادة لامس قلبها .... لقد مدحها سعد اخيرا وتغزل بها ..... لقد خرج اخيرا من شرنقة البرود المحيطة به طوال اليوم ...
اردف سعد بنبرة كاذبة :
" انا مبسوط بيكي اووي يا مايا ... وسعيد انك هتكوني ليا بعد ما استنيتك كثير... "
" وانا مبسوطة اكتر منك ... ومش مصدقة نفسي اصلا ..."
قالتها بعفوية كبلت قلبه الذي يكذب عليها... هل يعقل ان تكون هذه الفتاة الماثلة امامه سيئة الى هذه الدرجة...؟!
أبعد تلك الافكار عن رأسه وقال بنبرة ذات مغزى:
" لا صدقي...احنا خلاص هنتجوز .... وهتكوني ليا .... "
ارتجف جسد مايا بسبب كلماته وقد راودها شعور غريب بالخوف وعدم الراحة لكنها أثرت ألا تفكر بهذه الطريقة....
ابتسمت بخفوت بينما امسك سعد كف يدها لتبعد يدها عن كف يده فجأة ...
ابتسم سعد في داخله بسخرية فهاهي تمثل عليه الطيبة والبرائة ....
اما مايا فكانت تتعجب من نفسها وتصرفها الغير مقصود ....
" انا بحب نقائك اوي يا مايا.... كفاية اني هتجوزك وانا عارف انوا مفيش رجل لمسك ولا هيلمسك غيري ..."
طفرت الدموع داخل عينيها لتهتف بنبرة مبحوحة وملامح شاحبة :
" خلينا نقوم ....انا اتاخرت اوي..."
نهض سعد من مكانه وقد تأكد من حقيقة ما سمعه عنها ...
بعد مرور ثلاثة ايام ...
وقفت مايا امام المرأة تتأمل فستان زفافها بملامح سعيدة ... هاهي ستتزوج اخيرا من سعد ... سعد الذي تحبه وتريده بحق ...لقد عاهدت نفسها أنها ستكون صادقة معه ... ستخبره بجميع ما حدث معها ...
نعم لقد تعبت من اخفاء جميع ما حدث عنه وهاهي ستخبره بكل شيء ....
اقتربت منها والدتها واطلقت الزغاريد احتفاءا بإبنتها الحسناء .... ثم احتضنتها بقوة واخذت تقبلها وهي تجاهد كي لا تبكي ....
" يا ماما خليني احضنها انا كمان ..."
قالتها نايا وهي تبعد والدتها عن مايا وتحتضنها بقوة بينما بالكاد استطاعت مايا ان تسيطر على دموعها...
خرجت مايا بعدها من غرفتها لتتجه نحو صالة الجلوس حيث ينتظرها سعد والمأذون وأقاربهما ....
تأملها سعد بملامح حزينة للغاية ....كانت تبدو كملاك يسير امامه ... لا يصدق انها خدعته بهذه الطريقة ...
سوف يجعلها تدفع ثمن هذا غاليا ... ولكن لا بأس ...هو سينظر للأمر بطريقة إيجابية.... فهاهو سينتقم منها وينال حقه كاملا ....
جلست مايا بجانب المأذون الذي بدأ يقول كلمته المعتادة قبل ان يبدأ بعقد قرانهما ...
سأل المأذون مايا اذا ما كانت تقبل الزواج بسعد لتجيب بسرعةة:
" موافقة ...."
التفت المأذون نحو سعد وسأله اذا ما كان يقبل الزواج بمايا فصمت للحظات قليلة قبل ان يجيب بنبرة ثقيلة :
" موافق ..."
اطلق الجميع الزغاريد احتفالا بهما بينما أعلنهما المأذون كزوجا وزوجة ....
اقتربت سعاد والدة مايا واختها نايا منها وباركوا لها هذه الزيجة ثم ما لبثتا ان اقتربتا من سعد وباركتا له ...
بدأ المدعوون يباركون لمايا وسعد حتى بقيا الاثنان لوحديهما لتهتف مايا به بحب :
" مبروك...."
اجابها سعد بإقتضاب :
" الله يبارك فيكي ..."
ثم ما لبث ان قال بسرعة وعجلةة:
" هنروح امتى...؟!"
لتقول مايا :
" وقت ما تحب ..."
وبالفعل غادر الاثنان المكان بعد فترة قصيرة بعدما ودعا الضيوف وأهاليهما ...
اتجه سعد بمايا نحو احدى السيارات الحديثه الموضوعة امام العمارة التي تقطن بها مايا .....
تأملت مايا السيارة بحيرة شديدة بينما اشار لها سعد قائلا :
" يلا نركب ...."
" نركب فين ...؟!"
اجابها سعد بجدية :
" نركب العربية..."
بهتت ملامح مايا وقالت بإندهاش :
" هي دي عربيتك ...؟!"
اجابها سعد :
" ايوه عربيتي ... خلينا نركب بقى عشان نروح ..."
حاولت مايا ان تستوعب ما سمعته على لسان سعد ثم قررت ان تستفسر عما يحدث حالما تصل الى شقة عائلته ...
....................
امام احدى العمارات الراقية للغاية اوقف سعد سيارته ...
هبط منها واتجه نحو الجانب الاخر وفتح الباب الاخرى لمايا التي هبطت من السيارة وهي تنظر الى المكان حولها بتعجب ....
" احنا فين ..؟!"
سألته بقلق ليجيبها سعد :
" دي شقة صاحبي.... هنقضي بيها كام يوم لحد منرجع بيتنا ..."
ثم قبض على كف يدها وجذبها خلفه متجها بها نحو الشقة الموجودة في الطابق الثالث...
فتح سعد باب الشقة ودلف اليها تتبعه مايا التي تأملت الشقة بملامح جامدة ... كان من المفترض ان تنبهر بها وبمدى رقيها لولا انها رأت مثلها مسبقا ...
اغلق سعد باب الشقة واقترب منها قائلا :
" ها عجبتك الشقة...؟!"
التفتت مايا نحوه وقالت بنبرة مرتجفة وشعور غريب يخبرها بأن هناك شيء ما سيء سيحدث لها :
" سعد انا لازم اقولك حاجة مهمه ...."
وقبل ان تتحدث كان هناك شخص ما يقف خلفها ...
لم تستطع مايا ان تستدار نحو الخلف .... جسدها تصنم في مكانه ...
اما سعد فقال بسرعة وترحيب :
" اهلا كريم باشا ...."
ثم اردف قائلا وهو ينظر الى وجه مايا التي شحب كليا :
" الامانة وصلت ....
أدمنت قسوتك - الفصل ٧
التفتت مايا اخيرا نحو كريم فوجدته واقفا خلفها واضعة يديه في جيوب بنطاله ويتأملها بنظرات ساخرة ....
اغمضت عينيها بقوة تحاول ألا تصدق ما تراه ...تتمنى أن تفتحها لتكتشف أن ما يحدث وهما ... وأن هذا محض حلم سينتهي حالما تفتح عينيها ....
فتحت عينيها حينما سمعت سعد يقول موجها حديثه لكريم :
" تؤمرني بحاجة تانية يا باشا ....؟!"
ليهز كريم رأسه نفيا ويرد عليه :
" لا كفاية كده ...كفيت ووفيت ..."
تقدم سعد نحوه وأعطاه ورقة بيضاء مطوية قبل ان يهتف به:
" ده عقد الجواز ... كل حاجة تمت زي مانت عايز .... انا لازم امشي دلوقتي . .."
ثم تحرك خارج الشقة مسرعا دون ان يلتفت نحو مايا ....
تقدم كريم نحو مايا وأخذ يدور حولها متأملا إياها بفستان الزفاف الذي كان أكثر من رائعا عليها ... كانت فاتنة بحق وهو كان مفتونا بها ...
وقف أمامها أخيرا وجهه مقابل وجهها يتأملها بملامح باردة هازئة قبل ان يقول :
" شفتي إنوا ملكيش حد غيري ... لفيتي كتير ورجعتي ليا ...."
اعتصرت مايا قبضتي يديها بقوة وحاولت ان تكتسب القليل من السيطرة على الذات فسألته بجمود :
" ممكن أعرف ايه اللي بيحصل هنا ....؟!"
ابتسم بظفر وقال :
" هقولك ...."
ثم اعطاها عقد الزواج لتفتحه بسرعة وتقرأ ما به فتنصدم بشدة مما قرأته .... كان عقد زواجها من كريم ....
" ازاي ...؟! "
صرخت بها مذهولة مما تراه ليسحب كريم العقد من يدها بسرعة ويقول :
" زي مانتي شايفة ...."
ثم أردف بنبرة ماكرة :
" عملتلك اللي انتي عايزاه وتجوزتك ... اظن مفيش احسن من كده ..."
قالت مايا بنبرة ساخرة:
" اتجوزت عاهرة زييي مش كده .... "
كسا الجمود ملامحه فقال بضيق :
" ملوش لزمة الكلام ده ... انتي مراتي وانا عايزك ... "
هنا فقدت مايا اعصابها وصرخت به بقوة وغضب :
" انت فاكرني ايه ...؟! لعبة فإيدك ....؟! يعني إيه عايزني ...؟! "
اقترب منها وبدأ يحرك إصبعه على عنقها :
" يعني عايزك .... بكل ما فيكي ...."
تأملته بنظرات مشمئزة قبل ان تهتف بكره :
" انت مريض ... "
رد بغضب مكتوم :
" لولا اني مش حابب أشوه وشك الجميل ده ...كان هيكون ليا تصرف تاني معاكي ..."
" انا خارجة حالا ..."
قالتها وهي تجر فستانها خلفها ليقبض على ذراعها ويجذبها نحوه هاتفا بها :
" تخرجي فين ... انتي دلوقتي مراتي...شرعا وقانونا كده ...."
" الناس كلها عارفة اني مش مراتك ....الجواز ده باطل... كلهم هيشهدوا ضدك ..."
قهقه عاليا كمن سمع نكته ثم قال :
" هههه وانتي فاكرة انوا الناس هيقفوا معاكي ضدي انا .... فاكرة إنهم هيقدروا يقفوا فوشي ... تأكدي يا مايا يا حبيبتي إني بإشارة واحدة مني أخليهم يشهدوا إني جوزك شرعا وقانونا ..."
هزت رأسها بعدم تصديق وقالت :
" انت ايه يا اخي ...؟! ايه كمية الشر دي ...؟! ليه بتعمل كده ...؟! هتستفيد ايه ....؟!""
رد ببساطة:
" مزاجي ...مزاجي عاوزني أعمل كده ...."
مسحت دموعها اللاذعة بأناملها ثم قالت برجاء :
" ارجوك انا مش حمل كل ده ... ارجوك افهمني .."
رفع ذقنها بأنامله وأخذ يتأمل ملامح وجهها بإعجاب ... كانت جميلة حتى وهي تبكي ...
" هشش ....اسكتي ...."
قالها وهو يضع إبهامه على شفتيها لتهتف ببكاء يقطع القلب :
" سيبني فحالي ارجوك ..."
قال كريم بنفاذ صبر :
" انا جوزك يا مايا ... افهمي ده وتعاملي معاه ..."
تركته واتجهت نحو الكنبة... جلست عليها وأخذت تبكي بقوة واضعة كفي يديها على وجهها ...كانت تبكي حظها العاثر الذي أوقعها بيد رجل مثل كريم ورجل اخر مثل سعد .... تبكي والدتها التي لا تعلم شيئا عما يجري حولها ....تبكي الجميع ... تبكي روحها وعذابها المستمر .... تبكي اشياء كثيرة ..... ظلت هكذا لفترة طويلة دون ان تتوقف عن البكاء ..
في صباح اليوم التالي ...
خرجت نايا من غرفتها لتجد والدتها تعد لها طعام الافطار وهي تبكي... شعرت بالقلق لأجلها فإقتربت منها وسألتها :
" مالك يا ماما ...؟! بتعيطي ليه ...؟!"
ردت الأم :
" مايا وحشتني اوي ..."
ابتسمت نايا على والدتها وقالت :
" معقولة يا ماما ...هي لحقت توحشك ...!!!"
اومأت الأم برأسها وهي تمسح دموعها بأطراف أناملها ثم قالت بنبرة ضعيفة:
" قلبي واجعني عليها من الصبح ... مش عارفة ليه ..."
ردت نايا بجدية :
" ده طبيعي عشان اول مرة تبعد عنك كده ... تلاقيها دلوقتي نايمة فالعسل ....متقلقيش عليها ..."
" خير ان شاء الله ..."
قالتها الام بتنهيدة قبل ان تكمل موجهة حديثها لنايا :
" خلينا نفطر ... مش هسمحلك تروحي الكلية قبل ما تفطري ..."
الا ان نايا اعترضت :
" لا مش هلحق ...يادوب الحق اوصل الجامعةة..."
ثم هربت مسرعة قبل ان تستمع رفض والدتها او اصرارها على تناوا فطورها اولا ...وصلت نايا الى الجامعة لتجد حسن زميلها في انتظارها ... والذي اقترب مسرعا منها ما ان رأها ليهتف بها :
" صباح الخيرر يا نايا ...اتأخرتي ليه ...؟!"
أجابته نايا :
" معلش امبارح كان فرح اختي ومنمتش كويس فصحيت متأخرة ...."
" مبروك يا نايا وعقبالك ..."
احمرت وجنتا نايا خجلا وهي تجيبه شاكرة :
" ميرسي ...عقبالك انت كمان ...."
ثم انتبهت الى ساعة يدها فقالت بعجلة :
" اتأخرنا عالمحاضرة ...."
ليكمل حسن بجدية:
" النهاردة هياخدنا دكتور جديد ...لسه منعرفش طباعه ... خلينا نفوت بسرعة لأحسن يجي قبلنا ويطردنا ..."
سارع الاثنان في الدخول الى المحاضرة ليجدان الدكتور موجود بالفعل فسمح لهما بالدخول على مضض...
جلست نايا بجانب صديقتها وسألتها بصوت خافت :
" هو ده الدكتور الجديد ...؟!"
اومأت صديقتها برأسها وقالت :
" ايوه ...."
لتعاود نايا سؤالها :
" اسمه ايه.."
" حسام .... اسمه حسام ..."
اومأت نايا برأسها ثم عادت بتركيزها نحوه ....
استيقظ كريم من نومه فنهض مسرعا من فوق فراشه واتجه الى الخارج ليرى مايا الذي تركها نائمة ليلة البارحة على الكنبة ...
خرج من غرفة النوم الى صالة الجلوس ليجدها مستيقظة بوجه شاحب ميت ...
" انتي كويسه...؟!"
سألها لترفع نظراتها الباردة نحوه وتقول :
" انت شايف ايه ...؟!"
انحنى بجسده نحوها وقال :
" مايا اسمعيني ... انا مش حابب أاذيكي ... انا عايزك ... وفي المقابل هديكي حاجات كتير.... قلتي عايزة جواز وأديني اتجوزتك .... عايزة ايه اكتر من كده ...."
ابتسمت مايا بسخرية وقالت :
" لا كتر خيرك الحقيقة ....ميرسي انك اتكرمت واتجوزتني ... معقولة كريم باشا بنفسه قبل اني أشيل اسمه ...."
نهضت من مكانها وهي تراقب الضيق الذي يحاول كتمه ....سارت بخطوات متعثرة بينما نهض هو بدوره من مكانها واتجه خلفها ... خرجت الى الشرفة تستنشق الهواء العليل عله يساعد في تهدئة روحها وقلبها ....
وقف خلفها يتأمل الخارج بملامح جامدة لتتحدث أخيرا :
" موافقة ...."
التفت نحوها فورا وقال :
" موافقة على ايه ...؟!"
اجابته بنبرة خافتة :
" موافقة اني أكون ليك أداة متعة زي مانت عايزني ... "
" انتي بتقولي ايه يا مايا...؟!"
قالها مذهولا مما يسمعه لترد بجدية :
" ايه مش سامع ...؟! مش ده اللي انت عايزه ...؟! أديني هعملهولك ..."
ثم تحركت داخل المكان وهي تهتف بجدية :
" هكون ليك زي مانت عايز ...."
ثم التفتت نحوه تتأمل نظراته المندهشة بسخرية دفينة قبل ان تكمل ببرود :
" بس تنفذلي كل شروطي الاول ...."
"شروط ايه ....؟!"
سألها بملامح مندهشة من القوة التي باتت تتحلى بها ... من أين جائت بكل هذه القوة والسيطرة ... وكيف تغيرت فجأة خلال ليلة واحدة وباتت تضع الشروط وتقرر ...
اقترب منها ووقف موازيا لها مردفا بنبرة حازمة :
" متتكلمي ولا خايفة ....؟!"
ردت بنبرة جامدة :
" انا اخر واحدة ممكن تخاف منك ...اطمن بعد اللي عملته فيا قضيت على كل ذرة خوف جوايا ...."
ابتسم ببرود قاتل أغاظها وقال بتهكم:
" برافو ...القطة البريئة كبرت وبقت تخربش..."
رمته بنظرات محتقرة وقالت بتحدي :
" اها والفضل ليك ...."
اتجه نحو الأريكة وجلس عليها واضعا قدما فوق الأخرى متسائلا :
" وايه المطلوب مني ..؟! اتكلمي ....!"
اتجهت نحو الكنبة المقابلة له ...جلست عليها واضعة قدما فوق الاخرى .... ثم هتفت بجدية:
" اولا أهلي ...."
" مالهم ....؟!"
" توفرلهم أحسن مستوى معيشي .... بعد ما تخليني احكيلهم كل حاجة وأعرفهم اللي حصل بطريقتي ..."
" أوفرلهم ايه يعني ....؟!"
سألها بعدم فهم لترد بجدية :
" شقة كويسه فمنطقة راقية تليق بيهم ... فلوس تخليهم يعيشوا فمستوى مادى كويس ... اكيد يعني مش انا اللي هفهمك هتعمل ايه ..."
" وانا ايه اللي يجبرني على كل ده ..؟! "
سألها متعجبا من ثقتها العالية لترد ببساطة:
" لأنك عاوزني وانا هكون ليك زي مانت عاوز ... بس تنفذلي شروطي الاول ...."
صمت وهو يفكر بما تقوله ... بينما استرخت هي في جلستها تنتظر منه ان يعلن موافقته ...نعم فهي تثق به وبموافقته اكثر من اي شيء ...
" غيره ...؟!"
سألها قاطعا صمته لتبتسم في داخلها قبل ان تكمل بإنتصار :
" عايزاك توفرلي شغل مناسب ليا .... "
" بس انا مبحبش مراتي تشتغل ..."
" مشكلتك ....انا من حقي اشتغل ... "
كانت حادة في نبرتها فصاح بها بتهديد:
" بلاش تعلي صوتك عليا ... مش معنى اني هنفذلك اللي انتي عايزاه تعلي صوتك ... فاهمه ....؟!"
ضمت شفتيها بقوة وهي تفكر بأنها يجب أن تسايره لتنال منها ما تريد وتحقق مرادها ... كل شيء يجب ان يسير كما خططت له وأرادته ....
قالت بنبرة هادئة لا تشبه ما سبقها :
" ياريت انت كمان تراعي كل اللي مريت بيه ... ثانيا يعني ايه مفيش شغل ... هو احنا عايشين فالعصر الحجري ..."
" قلتلك مبحبش مراتي تشتغل ....ولو عالمرتب انا هديكي المرتب اللي يكفيكي ..."
قالها محاولا انهاء الموضوع لكنها كانت مصرة على رأيها ...فهي لن تسمح له بالتحكم فيها بعد الان...
"بس انا عايزة اشتغل .... متعودتش اقعد من غير شغل ...."
تأفف بنفاذ صبر وقال :
" انتي ليه مصرة تعملي مشكلة من كل حاجة ...؟!"
ابتسمت ساخرة وقالت:
" اه فعلا انا الي بعمل مشكلة ...."
" غيره ....؟!"
صمتت قليلا قبل ان تقول بخبث :
" حاليا مش عايزة غير الحاجتين دول .... لحد ما افتكر اللي جاي ...."
تأملها بنظرات فارغة تجاهلتها وهي تنهض من مكانها وتتجه نحو غرفة النوم تبحث عن شيء ترتديه بدلا من فستان الزفاف وتفكر في طريقة تخبر بها والدتها بما حدث ....
وقفت مايا امام شقة عائلتها وهي تشعر بالتردد والخوف الشديد ...
لقد دربت نفسها كثيرا على ما ستخبر والدتها به ...
لكنها ما زالت غير مستعدة بتاتا .... ماذا ستقول لها ...؟!
وهل ستتقبل والدتها ما ستقوله ...؟! الله وحده يعلم ماذا ستفعل والدتها بها حينما تعلم الأمر من أوله....
لقد قررت أن تخبرها بكل شيء بدءا من تورطها في قضية الدعارة تلك ووقوعها في يد كريم ثم ذهابها الى شقته وطلبها الزواج من سعد وما فعله سعد بها وكيف خانها وباعها لأجل المال...
تنهدت بصمت وهي تحاول ان تضفي القليل من الشجاعة على نفسها .... ثم رنت جرس الباب لتفتح نايا لها الباب وتتفاجئ بوجودها فتهتف بعدم تصديق :
" مايا انتي جيتي ..!"
تحتضنها مايا بقوة وهي تدعو ربها ان تمر الامور بسلام ... تأتي والدتها على صوت اختها لتحتضنها فورا بعدما أبعدت نايا عنها وتقبلها من وجنتيها وتشدد من احتضانها ...
" مايا حبيبتي ..."
قالتها والدتها ببكاء لتهتف مايا :
" عشان خاطري متعيطيش ...."
بعد الانتهاء من تبادل الاحضان والقبل تسائلت سعاد بتعجب :
" انتي مش كنتي هتسافري الاسكندرية من الصبح .... وفين سعد ... ؟! ليه مش جاي معاكي ....؟!"
ابتلعت مايا ريقها وتطلعت بنظرة متوترة لنايا التي شعرت بوجود شيء ما خاطئ يحدث مع اختها ....
تنحنحت مايا قائلة بنبرة متوترة :
" الحقيقة انا جيت عشان اقولكم على موضوع مهم ...."
" موضوع ايه ...؟!"
اخذت مايا نفسا عميقا ثم بدأت تسرد على مسامع والدتها واختها ما حدث معها بالتفصيل ....
.........................................................................
كانت مايا تبكي بشدة بينما والدتها واختها يستمعان الى ما تقوله بعدم تصديق ....
تحدثت الأم قائلة :
" لا انتي بتكدبي ...مستحيل يكون ده اللي حصل ... يعني ايه تجوزتي واحد تاني غير سعد ....وازاي كنتي محبوسة بقضية دعارة .... انتي بتكدبي عليا اكيد ...."
" والله هو ده اللي حصل ....والله مكدبتش بحرف واحد ...انا مليش ذنب فكل اللي حصل ... ذنبي الوحيد اني وقعت مع واحد واطي زي كريم وواحد سافل زي سعد ..."
" ليه مقلتيش ...؟! ليه سكتي ...؟! ليه مجيتيش ليا اول ما عرفتي اللي حصل ...؟!"
" تفتكري كريم كان هيسيبني اجي ليكي ... ولو جيت كنا هنخلص ازاي من الناس وكلامهم ..."
قالت سعاد بعصبية شديدة :
" ودلوقتي مش هنخلص من الناس وكلامهم ....اقول ايه للعالم ... بنتي تجوزت واحد تاني بدل العريس اللي شفتوه ...."
نهضت مايا من مكانها وانحنت امام والدتها قائلة من بين دموعها :
" انا دبرت كل حاجة .... انتوا هتسيبوا المنطقة باللي بيها... وهتروحوا معايا .... هتعيشوا معززين مكرمين .."
" هنهرب على اخرة الزمن ...."
" منا معنديش حل تاني ...لازم ابعدكم ..."
قالتها مايا وهي تنهض من امام والدتها لتنهض والدتها من مكانها وتتجه اليها وتديرها نحوها وتقول :
" احكيلي الحقيقة يا مايا .... انتي حصل حاجة بينك وبين الضابط ده .... وجاية تعملي الشويتين دول علينا دلوقتي ..."
هزت مايا رأسها عدة مرات بعدم تصديق .... لا تصدق ان والدتها تشك بها .... كيف وهي من ربتها ...؟!
" انتي ازاي تقولي كده ....؟! انتي بتشكي فيا يا ماما ...؟! بتشكي فبنتك ....!""
" انا مبقتش فاهمه حاجة ...."
قالتها الام بإنهيار وهي تتحرك بعيدا عنها لتتجه مايا خلفها وتحتضنها قائلة بصدق :
" والله محصلش حاجة بيني وبينه ...والله العظيم انا كنت صادقة فكل اللي قلته ليكي ومش بكدب ... انا لسه طاهرة يا ماما ومحدش لمسني لا كريم ولا سعيد ...."
الام بنبرة تائهة:
" طب طالما كلامك ده صحيح ....عايزاني أوافق عاللي بتعمليه ازاي .... اجي معاكي ازاي ... وأسملك للي اسمه كريم ده .... واخليكي تحت رحمته ...."
" عشان معندناش حل تاني...ده الحل الوحيد اللي عندنا ...."
جلست سعاد على الكنبة بوهن ...بينما احتضنتها نايا بقوة وهي تقول :
" اهدي يا ماما...بلاش تعملي بنفسك كده .... بلاش تتعبي نفسك ..."
ردت الأم بوهن :
" انا انتهيت خلاص ....ضعت وبناتي ضاعوا معايا ...."
اقتربت مايا منها وقالت :
" وحياتك مفيش حاجة ضاعت ...وانا اوعدك اني هعوضك عن كل حاجة .... بس اسمعي كلامي الاول .."
تطلعت والدتها اليها بنظرات غير مقتنعة وهي تحاول تصديق ما توعده به ابنتها ..
أدمنت قسوتك - الفصل ٨
خرجت مايا من عند والدتها وهي تشعر براحة مبدئية ...
لقد تحدثت مع والدتها وأقنعتها بما تفكر به ....
اتجهت الى خارج العمارة لتجد كريم في انتظارها فقد أصر أن يوصلها بنفسه الى منزل عائلتها وينتظرها أسفله ...
ما ان دلفت الى داخل السيارة وجدت كريم يقول متهكما :
" ليه جيتي على نفسك ونزلتي بدري ...كنتي خدتي وقت اكتر من كده ..."
رمته بنظرات فارغة قبل ان تهتف ببرود :
" والله كنت بحاول أقنع ماما بعملتك السودة ... والله المفروض اقولها اللي عملته واسيبها وانزل ...."
" وقالت ايه ...؟!"
تنهدت بعمق وقالت :
" وافقت اخيرا انها تبعد عن المنطقة كلها وتجي تعيش فالشقة اللي هنشتريها ليها .."
ابتسم كريم في داخله بسخرية وهو يفكر بأن والدة مايا قد طمعت في أمواله بينما اكملت مايا :
" هو انت هتجهز ليهم الشقة امتى ...؟!"
رد عليها :
" حالا لو عايزة ..."
الا انها اعترضت :
" استنى كم يوم .... يكون الوضع هدي شوية ..."
" كويس...يبقى بعد ما نرجع من شرم ..."
سألته مايا بعدم فهم :
" نرجع من فين ...؟!"
اجابها بإبتسامة :
" من شرم .."
" واحنا هنروح شرم ليه ...؟!"
اجابها ببساطة :
" هنعمل شهر عسل زي مكل الناس بتعمل .."
لتصرخ مايا بصوت عالي:
" وانت فاكر اننا متجوزين بجد زي كل الناس..."
قبص كريم على ذراعها وجذبها نحوه قائلا :
" صوتك ميعلاش عليا ده اولا ..ثانيا احنا متجوزين زي كل الناس ... وانا قلت هنسافر يعني هنسافر ...."
حررت ذراعها من قبضته بالقوة ثم رمته بنظرات كارهة ليبتسم بتهكم قبل ان يقول :
" انا هروحك الشقة ...بعدها اروح بيتي ...اجهز كل حاجة تخص السفر ...هنسافر بالليل ... ارجع الاقيكي مجهزة كل حاجةة....فهمتي ...؟!"
لم ترد مايا عليه ليصيح بها :
" فهمتي ...؟!"
اومأت مايا برأسها على مضض ليحرك كريم سيارته متجها بها نحو شقتهما ...
دلف كريم الى فيلا عائلته ...
اتجه نحو صالة الجلوس ليجد والدته تشاهد التلفاز ...
اقترب منها قائلا بنبرة سعيدة :
" موني حبيبتي ...عاملة ايه ...؟!"
ابتسمت والدته لا اراديا حينما رأت السعادة تشع من عينيه ثم قالت بحب :
" كويسه يا حبيبي ...انت عامل ايه ...؟!"
رد بتنهيدة :
" بخير ...صحيح انا هسافر شرم كم يوم ..."
سألته والدته بتعجب :
" ليه ...؟! هتسافر ليه ...؟!"
اجابها وهو يعتدل في جلسته :
" سياحة ...عايز اغير جو ..."
" هتروح لوحدك ...؟!"
اجابها كريم كاذبا :
" لا مع صحابي ...."
اومأت الأم برأسها متفهمة ثم ما لبثت ان قالت :
" تروح وترجع بالسلامة يا حبيبي ...صحيح يا كريم ... كلمت كارما ...؟!"
كريم بتعجب :
" اكلمها ليه ...؟!"
الام بنبرة ذات مغزى:
" تطمن عليها ...تسأل عنها ....اهو تكلمها وخلاص ..."
" ماما ...اللي بتفكري فيه مش هيحصل ...كارما بنت جميلة وكويسه بس مش عايزها ..."
سألته الام بضيق :
" ليه مش عايزها ..؟!"
اجابها بفتور :
" مش عايزها وخلاص ..."
الام بتعقل :
" يا كريم لازم تنسى الماضي ... مينفعش تفضل كده .. "
كريم بعصبية خفيفة :
" كدة ازاي يعني ...؟! منا كويس اهو ...."
ردت الام بنبرة مترددة :
" كويس ازاي وانت رافض انك ترتبط بأي واحدة عشان اللي حصل زمان معاك ..."
انتفض كريم من مكانه وقال بنبرة غاضبة :
" قلت مليون مرة محدش يتكلم فالموضوع ده ... "
نهضت الام من مكانها وقالت محاولة تهدئته :
" يا حبيبي انا بحاول اساعدك ...انت لازم تتخطى الماضي..."
" وانا مش محتاج مساعدة حد ... قلت الف مرة ملكمش دعوة بيا .... ولو عالجواز فأنا مش هتجوز ابدا ...ارتحتي..."
الام بنبرة حادة :
" كريم خد بالك وانت بتتكلم معايا ....انا امك ... "
اخذ كريم نفسا عميقا ثم زفره ببطأ وقال :
" يبقى متستفزنيش لاني على أخري ... ارجوكي افهميني ...انا لما اعوز اتجوز هتجوز ...متقلقيش عليا ...انا مبسوط كده. .."
صمتت الام ولم تقل شيئا بينما ذهب كريم مسرعا من امامها ...
جلست نايا بجانب والدتها وقالت :
" انا مش مصدقة اللي حصل مع مايا ....حقيقي انا مصدومة ..."
تطلعت اليها والدتها بنظرات باهتة وقالت بصمود غريب :
" لولا اني عارفة بنتي كويس وتربيتي ليها مكنتش صدقتها ..."
" لا يا ماما ...مايا متغلطش ...انا متاكدة من ده ..."
كانت نايا واثقة من براءة اختها .... فهي تثق بأختها وبأخلاقها اكثر من اي شيء....
تحدثت بعدها قائلة بجدية :
" بس انا خايفة عليها من اللي هي ناوية عليه ... خايفة اووي ..."
قالت والدتها بقلق:
" وانا خايفة اكتر منك ... بس هاعمل ايه ...لازم اسايرها ...مينفعش اسيبها لوحدها ..."
صمتت نايا لتكمل الام بألم :
" مش كفاية اني هسيب شقتي ومنطقتي واروح اعيش فمكان تاني بعيد...ده انا حتى مش هقدر أودعهم ..."
ربتت نايا على ظهرها وقالت :
" معلش يا ماما ...هو قدرنا كده ...لازم نرضى بيه ...."
" يارب فوضت أمري إليك ..."
قالتها الام بدعاء خلاص ثم أكملت بخوف:
" انا خايفة على اختك اوي ...هتعمل ايه لوحدها معاه ...؟!"
قالن نايا وهي تحاول طمأنتها :
" متقلقيش عليها ...هتبقى كويسه باذن الله ... بعدين هي مع جوزها ...مهما كان هو جوزها ومستحيل يأذيها ..."
" ده اذا كانت جوازتهم حلال ...."
مايا بعدم تصديق :
" هي احتمال تكون مش حلال ..."
ردت الام ببكاء :
" مش عارفة ...مش عارفة اي حاجة .. "
" خلاص يا ماما اهدي ارجوك ...."
مسحت الام دموعها وقالت :
" انا هقوم اتصل بيها واطمن عليها ..."
ثم نهضت وحملت الهاتف لتتصل بمايا وتطمئن عليها ..
اغلقت مايا الهاتف مع والدتها بعدما طمأنتها عليها ....سمعت صوت الباب يفتح لتجد كريم امامها بعد لحظات وهو يسألها :
" ها جهزتي شنطة هدومك ....؟!"
اومأت برأسها وقالت :
" اها ... جوه فالأوضة ...."
اتجه كريم نحو غرفة النوم واخرج منها حقيبة ملابسها ثم قال لها :
" يلا ورايا ...خلينا نروح دلوقتي عشان نوصل بدري ..."
اتجهت مايا بالفعل خلفه وقد قررت أن تطيعه بكل شيء ....
جلست بجانبه في السيارة لينطلق كريم بها الى شرم الشيخ ...
كان الطريق طويلا وقد اشترى لها كريم الطعام والماء ...
وصلا اخيرا بعد عدة ساعات لتجد مايا أن كريم قد حجز لهما مسبقا جناح في احد القرى السياحية المشهورة ...
دلفت مايا الى الجناح الخاص بهما ورغما عنها تأملته بإعجاب خفي ...لم تر مايا طوال حياتها شيئا كهذا ...شيء بهذا المقدار من الفخامة والرقي ...
شعرت فجأة بكريم خلفها يحتضنها ويقبل عنقها بتروي .... ارتجف جسدها كليا وحاولت ان تدفعه قائلة :
" انت بتعمل ايه ...؟! مش وقته على فكرة ....؟!"
" اشش ...بالعكس ده وقته ...."
ثم ادارها نحوه ليقبل شفتيها برقة بالغة لكنها دفعته بعيدا عنها وقالت :
" قلت مش وقته ... لما ارتاح شوية ..."
زفر كريم أنفاسه بضيق وملل ثم ما لبث ان قال ؛
" طب غيري هدومك وارتاحي ...انا هطلبك الاكل ..."
" تمام ..."
قالتها مايا وهي تتجه نحو حقيبتها لتفتحها وتخرج منها فستان محتشم ....قررت أن تأخذ حمام سريع وترتديه ... وبالفعل اتجهت نحو الحمام لتستحم وترتدي ملابسها فيما بعد ...
حل المساء ...
كانت مايا قد تناولت طعامها مع كريم ونامت قليلا ...
شعرت مايا بشخص يحاول ايقاظها لتجد كريم في وجهها يهتف بها :
" مش كفاية نوم ...يله ورانا حاجات كتير نعملها ..."
ابتلعت مايا ريقها بتوتر وقد فهمت بأن اللحظة الحاسمة قد جائت ...
اعتدلت في جلستها بينما اتجه نحو الخزانة واخرج منها قميص نوم اسود ليقول :
" فاكرة القميص ده ...؟! عاوزك تلبسيهولي ...محتاج اشوفك فيه ...."
كان نفس قميص النوم الذي طلب منها ان ترتديه في تلك الليلة المشؤومة ...
نهضت مايا من مكانها واخذت القميص منه واتجهت نحو الحمام برأس مرفوع ...
ارتدت القميص وخرجت لا شامخة غير مبالية ...
وقفت امامه بهذا القميص الشبه عاري ليقترب منها كريم ويجذبها نحوه ...
" انتي جميلة اووي يا مايا ...اجمل بنت شفتها بحياتي ..."
قالها كريم بنبرة راغبة قبل ان ينحني ويقبل شفتيها ... استجابت له مايا وبادلته قبلته على مضض...
ثم تفاجئت بها يحملها ويتجه بها نحو السرير ...ليزيل عنها قميص نومها ويمارس الحب معها بشوق ولهفة كبيرين...
كان يتصرف معها كعاشق بحق ...ينادي اسمها بكل لهفة ....يتلي على مسامعها كلمات تعبر عن شوقه لها ورغبته فيها....كانت مايا ضائعة تائهة بين كرهها له وشغفه بها ... وفي النهاية استسلمت كليا له وهي تعد نفسها أنه سيدفع ثمن كل هذا قريبا ....
...................
ابتعد كريم عن مايا اخيرا بعدما انتهى منها بينما سالت الدموع الغزيرة من عينيها ...
لقد انتهى كل شيء ... وباتت ملكه رسميا....
ارتدى كريم بنطاله واتجه نحو الحمام لغرض الاستحمام اما مايا فاعتدلت في جلستها وهي تغطي جسدها العاري باللحاف ...
ثم شرعت بإرتداء ملابسها ....
خرج كريم من الحمام بعد حوالي عشر دقائق وهو يرتدي روب الاستحمام ...
وقف أمام المرأة يسرح شعره حينما نهضت مايا من مكانها واتجهت نحو الحمام ليوقفها ممسكا بذراعها متأملا اياها:
" بتعيطي ليه ...؟! "
ثم اكمل بتهكم :
" انتي ليه مصرة تحسسيني انها اول مرة بالنسبة ليكي ..."
لم تتحمل مايا ما سمعته ...ليس الان بعدما اخذ عذريتها ...وجدت نفسها تحرر ذراعها من قبضته بقوة وتصرخ به بجنون وانهيار :
" أنت ايه ..؟! لسه مصر تطلعني عاهرة.... اثبتلك ازاي اني مش كده وانك اول حد يلمسني ..."
ثم اتجهت نحو الفراش وابعدت الغطاء وحملت الشرشف الذي يحوي على بقع حمراء وقالت :
" هو ده مش دليل كافي ليك اني شريفة وعمري معملت حاجة غلط ..."
اشعل كريم سيجارته داخل فمه ثم نفث دخانها عاليا وقال :
" عادي ... عملية بسيطة ترجع كل حاجة زي الاول واحسن كمان ..."
" انت مريض... "
قالتها بقرف منه ومن تفكيره ليصفعها بقوة على وجنتيها بشكل اسقطها ارضا .
أدمنت قسوتك - الفصل ٩
نهضت مايا من مكانها ووقفت أمامه مواجهة له ... تأملته بنظرات محتقرة قبل ان تسير بعيدا عنه ....
اخرجت بيجامة لها من حقيبتها واتجهت نحو الحمام ....
وهناك في الداخل انهارت باكية على أرضية الحمام الرخامية ...
تبكي حظها الذي وضعها في يد شخص لا يرحم مثله ..
ظلت تبكي حتى بدأت مواجعها تهدأ تدريجيا ....
شعرت بنفسها تسترجع قوتها ....
نهضت من مكانها واتجهت نحو المرأة ...
تأملت الكدمة الحمراء التي تغطي وجنتها قبل ان تهتف بحقد :
" هدفعلك تمنها غالي اووي يا كريم ....."
ثم مسحت دموعها بعنف واتجهت نحو الدوش لتستحم ....
اما في الخارج فأخذ كريم يدور داخل الغرفة كالأسد الجريح ...
لأول مرة يشعر بندم كبير على شيء ما فعله ....
ربما لأنه يدرك في داخله أنها بريئة ....
فهو بسبب خبرته وعلاقاته النسائية المتعددة يستطيع التمييز بين الفتاة العذراء من غيرها ....
شعر بالاختناق فاتجه خارج الجناح .... أخذ يسير في المكان بلا وجهة محددة....
عاد بعد حوالي ثلاث ساعات الى الجناح ليجد مايا نائمة بعمق ...اقترب منها وجلس بجانبها ثم أخذ يسير بإصبعه على جانب وجهها ....
تسائل في داخله عن سبب إصراره عليها ....هي دونا عن غيرها ...
وجد نفسه لا يجد الاجابة المناسبة ..هو فقط يريدها ويرغب بها اكثر من اي شيء....
فتحت مايا عيناها وهي تشعر بسيل من القبلات على وجهها ورقبتها ...رفعت جسدها قليلا وتطلعت اليه بنظرات غير مصدقة....
همت بالحديث لتجده يقول :
" اشش ....عايزك ..."
ابتلعت ريقها وقالت :
" انا تعبانه ...."
رد ببرود مغيظ :
" اظن اتفاقنا كان واضح يا مايا ... انتي هنا عشان تمتعيني وقت ماحب ...."
وقبل ان ترد كان يقبلها بعنف فاضطرت أن تستسلم له وهي تعد نفسها أنها ستجله يدفع ثمن كل هذا قريبا ...
في صباح اليوم التالي ....
استيقظت مايا من نومها لتجد الفراش خاليا بجانبها ....
تنهدت براحة وهي تنهض من مكانها وترتدي الروب فوق قميص نومها ...
فجأة فُتحت الباب ودلف كريم الى الجناح ....
تأملته وهو يسير نحوها ويدندن ببعض الأغاني قبل ان يهتف بإبتسامة واسعةة:
" صباح الخير ...."
ابتسمت مايا وقالت :
" صباح النور ..."
ثم اردفت بمكر :
" شكلك رايق ...."
رد براحة:
" اووي ....رايق اووي ....فوق ما تتصوري ....وانتي السبب ..."
" انا ....؟!"
قالتها مايا بذهول قبل ان تسأله بعدم تصديق :
" ليه ...؟!"
غمز لها بخبث :
" انتي مش فاكرة اللي حصل ليلة امبارح ولا ايه ....؟!"
احمرت وجنتاها خجلا وأشاحت وجهها بعيدا عنه ليبتسم بسعادة على خجلها قبل ان يهتف بها :
" غيري هدومك عشان نخرج ونفطر بره عالبحر ....."
اومأت برأسها واتجهت نحو الخزانة ... أخرجت ملابس لها واتجهت نحو الحمام لتغيير ملابسها ...
خرجت بعد فترة قصيرة وهي ترتدي ملابس شديدة الأناقة ...
وجدته يقترب منها وهو يقول بإعجاب :
" انا عمري مشفت جمال كده ولا هشوف ...."
" بتبالغ على فكرة ...."
قالتها وهي ترفع شعرها عاليا لتجده يوقفها بذراعه ويقول :
" سيبي شعرك مفتوح ....بحبه وهو مفتوح اكتر ...."
توقفت عما تفعله بشعرها وقالت بإذعان :
" حاضر ....."
اتجه بعدها نحو سترته المعلقة واخرج منها دواء ....تقدم منها وقال :
" نسيت اديكي دي ..."
تناولت منه الدواء وسألته ببراءة :
" ايه دي ....؟!"
ليجيبها :
" دي حبوب منع الحمل ...نسيت أديها ليكي ....كان المفروض تاخديها امبارح...."
بهتت ملامح مايا كليا قبل ان تتماسك وتومأ برأسها وتقول :
" تمام ....هبقى اخدها من النهاردة ..."
" مايا اياك تتهاوني فموضوع الحبوب...انا مش عايز اطفال ...."
كادت أن تخبره بأنها لا تطيق من الاساس ان تنجب طفلا منه لكنها ابتلعت كلماتها داخل حلقها واكتفت بإيماءة من رأسها كرد على كلامه ...
مرت عدة ايام قضتهما مايا مع كريم الذي اخذ يعاملها برقي ومحبة غريبين ....
كان يدللها للغاية ويعاملها برقة وحنو ....
بشكل فاجئها هي شخصيا....
لقد تغير كريم معها جذريا ....
انتهت رحلتهم وعادا الى الشقة ....
كما انتقلت عائلة مايا الى الشقة التي اشتراها لهم كريم ....
وفي أحد الايام كانت مايا تجلس بجانب كريم يتابعان احد الافلام الأجنبية ...
كانا يبدوان كزوجين مثاليين ...
شعرت فجأة ماسا بشعور غريب في معدتها فنهضت فجأة من مكانها واتجهت نحو الحمام وتقيأت ....
نهض كريم من مكانها واتجه نحوها ...ما ان خرجت من الحمام حتى تأملها بنظرات مشككة قبل ان يهمس لها :
" ايه اللي حصل ...؟!"
ردت عليه:
" مش عارفة ...تقربا عيانة .."
" عيانة ولا حامل ....؟!"
رفعت وجهها المصدوم نحوه ليصرخ بها :
" عاملالي روحك بريئة ومصدومة ومش فاهمة حاجة... وانتي حامل يا روح امك ...."
" من فضلك متتكلمش معايا بالشكل ده ... ومتجيبش سيرة امي ..."
قبض على شعرها فصرخت بقوة ثم سار بها وهو ما زال قابضا على شعرها نحو غرفة النوم وهي تصرخ من شدة الالم ....
هتف بها وهو يرميها على السرير :
" قدامي ....دلوقتي تغيري هدومك عشان نروح للدكتور ونكشف عليكي ...."
اذعنت لطلبه ونهضت من مكانها وهي تمسح دموعها بأناملها ...ارتدت ملابسها سريعا وسارت خلفه متجه بها الى المستشفى .....
وهناك أخبروه ان يقوم بإجراء تحليل الدم وبالفعل أجرته مايا ليجلسا بعدها الاثنان في صالة الانتظار ينتظران ظهور نتائج التحليل ....
بعد مدة قصيرة ظهرت النتائج فذهب بها كريم الى الطبيب والذي أخبره :
" للاسف المدام مش حامل ...."
ابتلع كريم ريقه وقال :
" متأكد....؟!"
اومأ الطبيب برأسه وقال :
" انا اسف ...بس النتيجة باينة اهي ...مفيش حمل ..."
نهضت مايا من مكانها بسرعة واتجهت خارج غرفة الطبيب يتبعها كريم ....
طوال الطريق كريم ومايا صامتان ....كلاهما غارق في افكاره ....
كريم يفكر بمايا وبأنه ظلمها كثيرا وأذاها ... وهذه ليست المرة الاولى التي يطلب منها هذا .... أنب نفسه كثيرا لما فعله ...
ومايا تتوعده في داخلها بعد طريقته معها ومعاملته السيئة لها ...لقد اهانها كثيرا وتحملت كثيرا حتى طفح الكيل بها ....
ما ان وصلا الى الشقة حتى دلفت مايا بخطوات راكضة نحو غرفة النوم ....فتحت خزانة ملابسها وأخرجت ملابسها من الخزانة ... اقترب كريم منها وقبض على ذراعها موقفا اياها عما تفعله مديرا اياها نحوها :
" بتعملي ايه ...؟!"
اجابته وهي تحرر ذراعها من قبضته :
" مروحة ...سايبالك الشقة باللي فيها ...ومش هتقدر تمنعني ...."
" مش بكيفك ....انا مش هسمحلك تعملي كده ..."
قالت بإصرار وتحدي :
" لا بكيفي ...هخرج يعني هخرج ...ومش هرجعلك تاني ...هتعمل ايه يعني ...؟! هتضربني ...؟! عادي تعودت .... هتأذيني او تلفقلي تهمة كمان عادي.... مبقاش يفرق معايا ..."
ثم عادت نحو الخزانة واخذت تخرج الملابس ليقترب كريم منها ويقول :
" بلاش تتجنني يا مايا ...خلي يومك يعدي على خير ...."
تطلعت اليه بنظرات كارهة حاقدة قبل ان تهتف بشجاعة :
" لو فاكر اني هخاف منخ وافضل هنا تبقى غلطان ..انت أهنتني ...وأكتر من مرة ...وانا استحملتك كتير .....استحملتك لدرجة فوق طاقتي ..."
" مايا .... اسمعيني انا غلطت فعلا واتسرعت ..."
" كفاية ..حرام عليك ...سيبني بحالي بقى ..."
كانت تصرخ بصوت عالي وإنهيار وهي ترمي ملابسها خارج الخزانة ليحتضنها بقوة وهو يهتف بجنون :
" لا يا مايا مش هسيبك...انا بحبك يا مايا ....بحبك اووي ..."
تجمدت مايا في مكانها بين احضانه وهي تسمعه يكمل بنبرة صادقة:
" ايوه بحبك ولا يمكن اسيبك ...."
أدمنت قسوتك - الفصل ١٠
" انت بتقول ايه ...؟!"
قالتها بدهشة وهي تتحرر من أحضانه ليتصنم في مكانه للحظات يحاول استيعاب ما نطق به ....
لقد اعترف لتوه بأنه يحبها دون أن يعي ما يقوله ...
كيف فعل هذا ...؟! بل ولما هي تحديدا دونا عن غيرها ...؟!
انقلبت ملامحه كليا حينما استعاد وعيه وقال :
" قلت مش هتخرجي من هنا ...."
عقدت ذراعيها امام صدرها وهتفت :
" هتمنعني ازاي ....؟!"
كانت مدهوشة من تغيره المفاجئ معها بعد لحظات من احتضانه لها واعترافه بحبها ....
" انا اقدر أمنعك تتنفسي حتى ...."
احتدت نظراتها كليا لتهتف ببرود يناقض الوميض المشتعل داخل عينيها :
" لو فاكر آنك هتخوفني بالطريقة دي تبقى غلطان ... انا همشي ... وانت مش هتقدر تمنعني ...."
وقبل ان تتجه نحو ملابسها لتضعها في الحقيبة كان يلوي ذراعها هاتفا بقسوة :
" على جثتي تطلعي من هنا ... دي فيها موتك ..."
تحدثت مايا رغما عن المها :
" انت طلعت فعلا مجنون ومريض... وانا لا يمكن افضل عايشة مع واحد زيك ..."
" لا هتعيشي وغصبا عنك ..."
قالها وهو يشدد من لوي ذراعها لتهتف ببكاء :
" سيب ايدي ...."
حرر ذراعها اخيرا من قبضته لتتلمسها مايا بأناملها وهي تبكي بصمت ....
" بلاش تقولي كلام انتي مش قده ..."
قالها هازئا وهو يتجه خارج الغرفة لتنهار مايا باكية ....
بعد حوالي ربع ساعة هدأت من بكائها اخيرا ونهضت من مكانها واتجهت خارج الغرفة ...
وجدته واقفا في شرفة منزله يدخن بشراهة....
تأملته بحقد دفين قبل ان تمد يدها جانبا حيث توجد مزهرية زجاجية ثقيلة ... حملتها ولم تشعر بنفسها الا وهي ترميها بإتجاه رأسه ليسقط أمامها غارقا في دمائه ...
اقتربت منه لتجده فاقدا للوعي .... لم تشعر بنفسها الا وهي تركض خارج الشقة هربا منه فها قد جاء وقت خلاص منه ...
في صباح اليوم التالي
في إحدى المستشفيات الحكومية ...
ممدد على سريره رأسه مربوط بشاش ابيض ... ووالدته تحتضنه بقوة وهي تهتف ببكاء :
" حبيبي ... كنت هتجنن عليك ...الحمد لله إنك فقت منها بخيرر...."
تنهد كريم بتعب وهو يحاول جاهدا ان يجيب :
" متقلقيش يا ماما انا كويس اووي ...."
" ازاي حصل كده ..؟! مين اللي إتجرأ يعمل معاك كده ...؟!"
ابتلع كريم ريقه ولم يعرف ماذا يرد ليدلف الاب الى الداخل بعدما سمع كلام والدته ويهتف بجمود :
" عشيقته.... عشيقته هي اللي عملت كده ..."
شهقت والدته بعدم تصديق وهتفت :
" انت بتقول ايه ...؟! عشيقته ازاي ..؟! "
قاطعها كريم بنبرة عنيفة :
" مراتي مش عشيقتي...."
هنا كانت الصدمة من نصيب الاب الذي صاح غاضبا :
" انت بتقول ايه ....؟!"
كريم وهو يشعر بألم كبير في رأسه :
" ايوه مراتي على سنة الله ورسوله ..."
" امتى وازاي ...؟!"
قالتها الأم بوجع ليهتف كريم بتعب :
" دي حكاية طويلة...مش هقدر احكيها دلوقتي..."
" عارف لو مكنتش عيان ومضروب ضربة زي دي فدماغك ...كان هيبقى ليا كلام تاني معاك ...."
قالها الاب وخرج من الغرفة لتقترب والدته منه وتسأله بخوف :
" انت بتتوجع مش كده....؟!"
اومأ كريم برأسه دون ان يرد لتكمل الام :
" قولي يا كريم .. مين الحقيرة دي ... وليه تعمل معاك كده ...؟!"
كريم وهو يكز على اسنانه :
" متتكلميش عنها بالطريقة دي من فضلك ..."
الام بحيرة وعدم تصديق :
" بتدافع عنها بعد اللي عملته فيك ..."
" عشان تبقى مراتي ..."
لوت الأم فمها بإنزعاج ليطلب كريم منها :
" ممكن تندهيلي حسام ..."
قالت الام باصرار :
" بس انا عايزة اعرف ايه اللي حصل ... اتجوزتها ازاي وامتى ... ضحكت عليك ازاي ....؟!"
كريم بنفاذ صبرر :
" يا امي اندهيلي حسام من فضلك... عاوزه ضروري "
نهضت الام من مكانها على مضض لتصيح حسام كي يراه ....
دلف حسام الى الغرفة التي يوجد بها كريم تتبعه والدته ليهتف كريم مشيرا اليها :
" ماما ممكن تسيبينا نتكلم لوحدنا شوية ...."
مطت الام شفتيها بضيق وخرجت ليجذب حسام كرسي ويجلس بجانب كريم الذي بادر قائلا :
" عايزك فموضوع مهم ..."
حسام بجدية:
" قول ...."
" مايا عايزك تدور عليها وتجيبها من تحت الأرض ...."
تطلع حسام اليه بنظرات مترددة ليهتف كريم :
" ايه ...؟! بتبصلي كده ليه ..؟!"
سأله حسام بتردد :
" تكون مين البت دي يا كريم ...؟! وليه متمسك بيها ...؟!"
رد كريم ببساطة :
" تكون مراتي يا حسام ..."
" ايه ...؟! مراتك ...؟!"
قالها حسام مصدوما ليومأ كريم برأسه ويكمل :
" ايوه مراتي عشان كده لازم تلاقيها..."
" طب ادور عليها فين ....؟!"
اجابه كريم وهو يتنهد بتعب :
" هديك عنوان عيلتها ...دور عليها هناك ...راقب اختها وامها ...هي اكيد مش هتقعد معاهم... بس بنفس الوقت اكيد هما عارفين مكانها او عندهم اتصال بيها ..."
صمت حسام ولم يقل شيئا ليسأله كريم بإستغراب :
" بتبصلي كده ليه ...؟!"
اجابه حسام :
" مش فاهم اي حاجة ومش مقتنع باللي بتعمله ...."
كريم بجدية :
" مش مهم تقتنع المهم تنفذ اللي بقوله ...."
ثم اردف :
" هما الشرطة اللي بلغوا ابوك انوا مايا اللي عملت كده ..؟!"
اومأ حسام برأسه وقال :
" اها ... بلغوه انهم لقوا فالشقة حاجات تدل على وجود بنت عايشة معاك كمان اللي بلغ عن وجودك وإصابتك بنت فهما ربطوا الاتنين ببعض .."
اخذ كريم يفكر بمايا والسبب الذي جعلها تفعل هذا.... لقد اتصلت بالشرطة تخبرهم عن وجود شخص مصاب في الشقة ... لماذا فعلت هذا ...؟! مالذي يجعله ترغب بإنقاذه بعدما كادت تتسبب بموته ...؟!
زفر كريم انفاسه ضيقا ليُفتح الباب فجأة وتدخل والدته تتبعها كارما ووالدتها ....
" شوف مين جه يزورك يا كريم ... كارما ووالدتها...."
اعتدل كريم في جلسته وأخذ يبتسم بإحراج بينما اقتربت كارما منه وقالت بنبرة رقيقة :
" سلامتك يا كريم .."
ابتسم لها كريم مجاملة ورد بإقتضاب :
" الله يسلمك ..."
جلست كارما بجانبه وكذلك والدها بينما اشار كريم لحسام ان يخرج وينفذ ما قاله ....
....................
اوقف حسام سيارته امام المبنى الذي توجد به شقة عائلة مايا ....
اتجه الى الشقة التي يوجد بها عائلة مايا ....ضغط على جرس الباب عدة مرات لكن بدون رد ...
قرر أن يسأل احد الجيران عنهم ليخبروه بأنهم غادروا الشقة مساء البارحة ...
زفر أنفاسه بإحباط وهو يعود الى ادراجه ... لم يعرف أين يجب أن يبحث عنها فقرر أن يعود الى كريم ويسأله عن الطريقة المناسبة للبحث عنها فهو يعمل في الشرطة وأفضل منه في أمور كهذه ..
تكملة الروايه اضغطي من هنا
تعليقات
إرسال تعليق