![]() |
أدمنت قسوتك - الفصل ١١
مرت ثلاثة ايام تعافى بها كريم قليلا من تلك الحادثة ....
وعاد الى منزله تحت رعاية والدته واهتمامها ...
اما مايا فما زالت مختفية هي وعائلتها لا أحد يعلم عنها شيئا ....
طوال الثلاثة ايام كان حسام يبحث عنها بإرشادات من قبل كريم ...
لكنه لم يستطع ان يجدها ...
وكأن الأرض انشقت وابتلعتها ...
...............
كان كريم واقفا في شرفة غرفته يتطلع الى القمر اللامع وسط السماء....
يفكر بها .... ولا يوجد لتفكيره بها مهرب ...
طوال الثلاث ايام الفائتة كانت مايا تشغل باله وعقله وربما قلبه ايضا ....
انه يشعر بالاشتياق لها .... بالرغبة في رؤيتها ...ولمس وجهها ...واحتضانها ....
عادت ذاكرته الى الخلف وتحديدا الى تلك الايام التي قضوها خارج البلاد ... كانت هادئة ومطيعة ... عاش اجمل ايامه معها ... هناك حيث كانت بين يديه ... ملكه وحده ... !
اخذ نفسا عميقا وزفره بقوة وهو يشعر بألم قوي في قلبه .... وكأن احد يلكمه هناك ... شعر بحركة خفيفة خلفه فإلتفت ليجد حسام ورائه .... اقترب منه و وقف بجانبه يسأله :
" مش هتحكيلي ...؟!"
تطلع اليه كريم بحيرة... ماذا سيخبره ...؟! عن ايجاده لها فمنزل دعارة ...؟! هل سيشوه سمعتها أمام أخيه ...؟!
أم سيخبره عن ابتزاره لها بهذا الشكل المقيت ...؟!
حينها سينزل من عين أخيه ....
" مفيش حاجة تتحكي ..."
" ازاي ...؟! انا محتاج اعرف شفتها فين وحبيتها ازاي ...؟!"
قالها حسام بحسن نية ليهتف كريم بنبرة تائهة :
" حبيتها ...!"
فيرد حسام مؤكدة :
" ايوه حبيتها ...مهو مستحيل الزعل ده كله عليها وتقولي محبيتهاش ...."
قال كريم بعصبية خفيفة:
" حب ايه بس يا حسام ....؟! انت فاكرني لسه مراهق بيحب على نفسه ...؟!"
سأله حسام بذهول :
" واتت شايف الحب مراهقة ....؟!"
تطلع اليه كريم بنظرات حائرة ولم يجبه بينما أردف حسام بجدية:
" بلاش تنكر حبك ليها يا كريم ...لأنك ساعتها هتتعب اووي ...."
ابتسم كريم ساخرا على ما قاله أخيه ...وكأنه ليس بمتعب الأن ... اما حسام فسأله :
" بس انا اللي مش قادر افهمه ليه ضربتك .... ؟! ليه عملت فيك كده...؟! والاهم ليه بلغت عن حالتك ...؟! جايز تكون ندمت مثلا.....؟!"
تطلع حسام اليه فوجده صامتا فقال بملل:
" هتفضل ساكت كده كتير ...مش هتقول حاجة ...؟!"
التفت كريم نحوه وقال :
" أقول ايه....؟! "
" قول اي حاجة .... انا اخوك ومن حقي افهم ..."
رد كريم بغضب مكتوم :
" تفهم ايه ...؟! اذا كنت انا نفسي بحاول افهم .... بحاول افهم انا تجوزتها ليه .... "
شعر حسام بالشفقة على كريم فكان يبدو متعبا بحق ....
ا
تحدث حسام قائلا بنبرة هادئة :
" طب اهدى الاول .... وخلينا نعرف هنلاقيها ازاي..."
اشتعلت عيناه ما ان ذكر حسام موضوع البحث عنها وايجادها ثم قال بنبرة هادئة لكن متوعدة :
" انا لازم الاقيها ...وساعتها مش هرحمها ...."
شعر حسام بالخوف منه ومن ملامحه التي لا تبشر بالخير ابدا ... فقال مهدئا اياه :
"بلاش عصبيتك دي يا كريم ...انت لسه فمرحلة نقاهة ...."
صمت كريم ولم يقل شيئا اما حسام فقرر تركه وحيدا حينما شعر بأن هذا أفضل له ...
في صباح اليوم التالي ...
على مائدة الافطار ....
تقدم كريم من عائلته اللذين كانوا يتناولون فطورهم وقال بصوته الرخيم :
" صباح الخير..."
رد عليه كلا من حسام ووالدته اما والده فتجاهل تحيته ليقول كريم :
" هتفضل متجاهلني كده لحد امتى ....؟! "
تأمله والده بنظرات جامدة قبل ان يهتف به :
" لحد متديني مبرر واحد للي عملته ....."
" هو انا عملت ايه ...؟! كل ده عشان تجوزت ...؟!'"
قالها كريم ببرود مغيظ ليرد والده بإستهزاء :
" لا الحقيقة معملتش حاجة تستاهل ... اتجوزت بالسر من ورانا....ومراتك ضربتك وكانت هتموتك ..."
زفر كريم أنفاسه بضيق فلما الجميع مصر ان يذكره بما حدث معه ....
سحب كرسي وجلس عليه ثم قال يجدية :
" انا جايز غلطت فعلا اني خبيت جوازي عنكم ... بس حقيقي انا كنت مضطر لده ...ومحدش يسالني مضطر ليه ....؟!"
" محدش يسألني ... محدش يسألني ... انت فاكر نفسك ايه عشان تحط شروط لينا واحنا بنتكلم معاك .."
قالها الاب بغضب كبير لينتفض كريم من مكانه هادرا بعصبية :
" يووه انا زهقت ....انت ليه مصر تكبر الموضوع ...."
" كفاية بقى ....اسكتوا انتوا الاثتين ...."
صرخت الام بها ليصمت الاثنان على مضض ....
" يا جماعة اهدوا شوية مينفعش كده ...."
قالها حسام محاولا تهدئة الوضع ليرد كريم بعجرفة :
" والله انا هادي اووي بس هو مصر يعصبني ..."
" كريم ...احترم نفسك ...مش معنى انك كبرت ده يخليك تتكلم معايا بالطريقة دي ....انا والدك مش جندي بيشتغل تحت ايدك ..."
تنهد كريم بصمت قبل ان يقول بنبرة جافة :
" انا اسف ....حقيقي مكنتش واعي للي بعمله ... بس انا اعصابي متوترة اووي ....راعوا ده ارجوكم ...."
" ليه يا حبيبي ...؟! متوتر ليه ...؟!"
سألته منى بإهتمام ليرد :
" ابدا مفيش كل الحكاية انوا مراتي مختفية بقالها ثلاث ايام ....مليش حق اتوتر ابدا ...."
زمت الام شفتيها بعبوس ما ان جاء ذكر زوجته ...
اما كريم فرفع بصره نحو السقف وهو يطلق تنهيدة قوية ...
.................
في شقة راقية تطل على النيل ...
كان نائما بعمق حينما رن هاتفه فإستيقظ وهو يشتم في داخله المتصل ...
اعتدل في جلسته ليجد رنين هاتفه قد انقطع ... اتجه ببصره ناحية الشقراء الجميلة النائمة بجانبه ...
نهض من مكانه مرتديا بنطاله قبل ان يحمل هاتفه ويخرج الى الشرفة ...
اجرى اتصالا سريعا ليأتيه صوت احد الرجال يقول :
" سعد بيه ....انت فين...؟!"
اجابه سعد :
" موجود ... قولي ايه الجديد....؟!"
اجابه سعد :
" لسه بيدوروا عليها ومش لاقينها ..."
ابتسم سعد براحة وقال :
" كويس اوووي ...اي جديد بلغني بيه...."
" حاضر يا فندم ...."
اغلق سعد الهاتف واخذ يتطلع الى مياه النيل بملامح رائقة ... اقتربت منه الشقراء الجميلة واحتضنته من الخلف قائلة :
" انا جعانة ....عايزة افطر ..."
التفت نحوها وقال بمكر :
" حالا ...احسن فطار ليكي ...."
كان كريم يجلس مع عائلته يتناولون طعام العشاء حينما اقتربت الخادمة منهم بملامح متوترة وقالت :
" كريم بيه ...فيه وحدة عايزاك..؟!"
التفت لها بحاجبين معقودين وسألها :
" وحدة مين ...؟!"
اجابته بإرتباك :
" بتقول انها تبقى مراتك ..."
قفز كريم من مكانه واتجه بسرعة الى غرفة الجلوس ليتبعه الجميع ....
تصنم في مكانه حينما وجد مايا امامه تجلس على الكنبة واضعة قدما فوق الاخرى وترتدي فستان فخم رائع للغاية ....نهضت مايا من مكانها ما ان دلف كريم الى الداخل وتقدمت نحوه تهتف بترحيب :
" حبيبي ازيك ..."
بينما تجمد جميع افراد العائلة من هول الصدمة ....
ابتسمت مايا بعبث وقالت مشيرة إلى والدته :
" اكيد انتي طنط منى ...والدة كريم ..."
رمتها منى بنظرات حاقدة لتكمل مايا بأسف :
" سوري بجد على اللي عملته... بس كريم حبيبي عارف اني عصبية مووت ... ومع كده عصبني جدا ...."
ثم التفتت نحو كريم و قالت :
" حبيبي .... عامل ايه ....؟!عرفت انك بقيت احسن ..."
قبض كريم على كف يدها وهم بسحبها خلفه حينما جذبت يدها من يدها واقتربت نحو والده وقالت :
" اكيد حضرتك والده ...شبهه اووي الحقيقة .... انا مايا مرات ابنك ...."
ثم اردف تشير الى بطنها :
" وأم حفيدك ...."
اتسعت عينا كريم بقوة حينما اكملت مايا بخبث :
" اصل انا حامل يا عمو ..."
" حامل ....!!"
قالها كلا من الام وحسام بذهول بينما قبض كريم على يدها مرة اخرى وسحبها خلفه ..
أدمنت قسوتك - الفصل ١٢
دفعها الى داخل غرفة نومه وأغلق الباب خلفهما جيدا ....
" ايه اللي عملتيه ده ...؟!"
سألها بنبرة تنذر بخطر كبير يقترب منها لكنها لم تبالِ به لترد بنبرة متماسكة :
" عملت ايه ..؟! حبيت اتعرف على أهلك ..."
" كده ....بالطريقة دي ..."
قالها وهو يكز على اسنانه بغيظ منها ومن برودها اللامتناهي لترد بلا مبالاة أججت غضبه :
" والله مكانش قدامي حل تاني...طالما انت مكنتش ناوي تعرفني عليهم قلت أتعرف انا ...."
ثم اردفت بنبرة خبيثة :
" وكمان انا معملتش كده الا بعد معرفت إنهم عرفوا بحقيقة جوازي منك ..."
" ده كله ميدكيش الحق باللي عملتيه .... انتي جيتي ليه اصلا....؟! عايزة ايه ..؟!"
جلست على السرير ووضعت قدما فوق الاخرى تهتف بثقة لا يعرف من أين أتتها :
" انت جوزي ومن حقي أجي وأعيش معاك بدل مانتَ راميني بشقتنا ومش بتفتكرني غير وقت النوم ...."
" لا وبجحة كمان ...!!!"
قالها محدثا نفسه بأنها تغيرت للغاية ....تغيرت كثيرا عن تلك الفتاة التي عرفها ...
ابتسمت ببرود قاتل قبل ان تهتف بصوت جامد :
" البجاحة دي اتعملتها منك ..."
" ليه مهربتيش مني للابد ...؟! ليه رجعتي ....؟!"
كان سؤالا متوقعا منه وهي كانت مستعدة له فأجابته بجدية :
" مكنتش حابة ابني يعيش بعيد عنك ..."
صاح بها :
" انتي هتمثلي هنا كمان ...منا وانتي عارفين انك مش حامل ...."
" انا مش بكدب ...انا حامل فعلا ..."
ابتسم ساخرا قبل ان يقول :
" حامل ازاي وانا كنت واخد احتياطاتي كويس ... مفيش ولا مرة لمستك من غير ما اخدها ..."
شحب وجهها كليا بشكل ظهر بوضوح لتتسع ابتسامته ويكمل :
" ايه كدبتك بانت صح ....؟!"
بللت شفتيها بلسانها ثم قالت بإصرار واهي :
" انا حامل منك .... وانت بتكدب ...."
جذبها من شعرها لتصرخ بألم بينما صاح بها :
" انتي هتكدبي دلوقتي كمان...بقلك كنت واخد احتياطاتي وانا معاكي....."
دفعته بعيد عنها وقالت ببكاء :
" امال ليه شكيت قبل كده اني حامل منك لما خدتني وعملت التحاليل طالما انت واخد احتياطاتك...."
رد بما صدمها :
" انا مكنتش شاكك انوا الحمل مني ....!"
" تقصد ايه ...؟!"
سألته بنبرة مهزومة وملامح متشنجة ليرد ببرود :
" قصدي واضح ....انا كنت متأكد انك مش حامل مني ..."
" يعني انت بتشك اني كنت حامل من غيرك .....؟!"
قالتها وهي تشير لنفسها بعدم تصديق .... هل وصل الحد به ان يشك بها بهذه الطريقة ...؟! أن يظن بها العهر والخيانة....؟!
أشعل سيجارته ونفث دخانها قبل ان يقول ببرود قاتل :
" والله اللي تفهميه بقى..."
انقضت عليه كالمجنونة لتقع سيجارته ارضا واخذت تضربه على صدره بعنف وهي تهتف بجنون واختلال :
" انت مريض .... انت مش طبيعي ...ازاي تفكر بيا كده ....انا مش عاهرة ...انت فاهم ... مش عاهره ..."
أوقفها حينما قبض على ساعديها بكفيه وقال بحدة :
" اخرسي بقى..."
حررت نفسها منه بقوة لتقف مواجهة له وصدرها يعلو ويهبط من شدة الغضب والانهيار ....
" طلقني...."
قالتها من بين لهاثها ليرد :
" طلاق مش هطلق ... وانتي هتفضلي هنا ... "
اتجهت نحو الباب تحاول فتحها ليقول :
" متحاوليش...مش هتقدري تفتحيها ...."
استدارت نحوه ترمقه بنظرات متأججة ليقترب منها ويحيط وجهها بين كفيه ويهتف بغلظة :
" انتي جيتي للأسد بنفسك .... ولازم تتحملي كل حاجة منه ...."
ثم اكمل وهو يبعدها عن الباب ويفتحها :
" انا مش هحبسك فالأوضة دي ... ولا فالبيت... عارفة ليه ...؟! لأنك مش هتهربي مني ..."
ابتسمت بقهر وسألته :
" ايه اللي يخليك ضامن عدم خروجي بالشكل ده ...؟!"
" لأني هلاقيكي وساعتها مش هرحمك ....مش انتي بس ....اختك وامك ... الاتنين مش هرحمهم بردوا .... فلو عايزة تحافظي عليهم خليكي عاقلة واسمعي كلامي ..."
" انت حقيقي واطي ..."
ابتسم بخفة قبل ان يفتح الباب ويخرج من الغرفة تاركا اياها تنهار على ارضية المكان ...
نهضت مايا من مكانها بعد وقت طويل قضته بالبكاء ...وقفت امام المرأة تتأمل وجهها الباكي بقلب مفطور .... لقد اختارت ان تلعب معه ...مع الأسد ...وعليها أن تتحمل ما سيجري لها ... مسحت وجهها بباطن كفيها ثم قررت ان تتجه نحو الحمام الملحق بالغرفة....داخل الحمام أخذت تغسل وجهها جيدا ثم جففته بالمنشفة ثم حملت المشط وأخذت تسرح شعرها لتعيد له شكله المنمق ...ما ان انتهت من كل هذا خرجت من الحمام وأخذت تتأمل الغرفة بملامح ممتعضة فهي غرفته بكل تأكيد...
رفعت ذقنها عاليا وخرجت من الغرفة وهبطت الى الطابق السفلي لتجد كريم يتحدث مع والدته بصوت خافت فإقتربت منهما وهي ترسم ابتسامة واسعة على شفتيها ثم قالت موجهة حديثها لكريم :
" حبيبي انا لازم اروح اجيب هدومي من شقتنا .... تجي توصلني ..؟!"
لم ينصدم كريم منها ومن تصرفها فهو توقع هذا منها فأجابها :
" تمام ..."
ثم التفت نحو والدته وقال :
" مش هترحبي بمايا فبيتنا يا ماما .... اصلك ملحقتيش ترحبي بيها ...."
" هي مدتناش فرصة نرحب بيها يا حبيبي .."
قالتها الام بتهكم تجاهلته مايا وهي تقول :
" سعيدة بمعرفتك يا طنط ..."
ومدت يدها له لتلمسها منى من أطراف اناملها وترد بإقتضاب :
" انا الاسعد..."
قبض كريم على يدها ثم قال مشيرا لوالدته :
" احنا هنروح دلوقتي ....واحتمال نبات فالشقة ..."
ثم سار بها خارج الفيلا تاركا والدته تتابعه بنظرات متحسرة...
.....................
دلف الاثنان الى الشقة لتهتف مايا وهي تدور في ارجاء الشقة :
" تصدق وحشتني شقتنا اووي ..."
ثم جذب انتباها اثار الدماء الحمراء التي طبعت على الارض لتهتف بأسف مفتعل :
" تؤ تؤ مش كانوا ينظفوها طيب...."
التفتت نحو كريم وقالت :
" بس ولا يهمك يا بيبي...ثواني واكون منظفاها ..."
جذبها كريم من ذراعها وقال :
" ناوية على ايه المرة دي ....؟!"
اجابته بخبث :
" على كل خير ...."
ابتعد عنها وخلع سترته ثم قال :
" انا رايح الاوضة ... ابقي تعالي ورايا ..."
ثم سار نحو غرفة النوم لتتبعه مايا بسرعة بعدما قررت أن تترك تنظيف الدماء للغد ...
دلفت مايا الى الغرفة لتجده يفتح خزامة نومها...اقتربت منه بفضول فوجدته يخرج قميص نوم شبه عاري من الستان الفضي ... ثم التفت نحوها وقال :
" اقلعي ...."
" نعم ....!"
هتفت بها بصدمة ليكمل ببراءة :
" اقلعي عشان تلبسي ده يا روحي ...."
" وانت متخيل اني هلبس ده قدامك ...."
" ماله ده...؟!"
ردت بخجل فطري :
" عريان اوي..."
قهقه عاليا قبل ان يقول بعينين لامعتين :
" عريان اووي ... ده على اساس اني مشفكتيش وانتي عريانه بالكامل قبل كده ...."
احتدت نظراتها وهي تصرخ به :
" مليون مرة اقول بطل سفالتك دي ..."
جذبها من شعرها وقال:
" وانا مليون مرة قلتلك متعليش صوتك عليا ....:
ثم اردف بجمود وهو يحرر شعرها من قبضته :
" روحي البسيه يلا ..."
اخذت مايا قميص النوم منه على مضض قبل ان تهمس لنفسها :
" والله فايق ورايق ...ليه نفس للحاجات دي بعد كل اللي حصل..."
عادت بعد لحظات وهي ترتدي قميص النوم لتجده عاري الصدر ممددا على السرير.... اشار لها بإصبعه لتقترب منه بخجل فجذبها من مرفقها واجلسها امامه قبل ان يعتدل في جلسته ... الغبية لا تفهم انه يشتاقها بشدة .... اخذ يقبلها بشغف ورغما عنها استجابت له ....
اكثر ما يغيظها انها رغما عن كل ما بينهما تستجاب له بسهولة وكأنه هناك انجذاب حسي يطغي على ما بينهما من أعاصير وصواعق ....
بعد.فترة كانت تفترش صدره وهي تشعر بإنتعاش غريب...ربما كونها قررت أن تبعد كل الافكار السلبية عن رأسها الليلة ....قررت ان تعيش كمايا فقط ....مايا لا غير...
" مايا ..."
صاح بها بنبرة هادئة لترد :
" نعم ..."
تنهد قبل ان يقول :
" انا مقلتش لأهلي انك مش حامل ...مكنتش حابب أطلعك كدابة قدامهم ...."
تأملته بملامح حائرة فمالذي يجعله يهمه امرها امام اهله
أدمنت قسوتك - الفصل ١٤
رن جرس الباب فسارعت مايا لفتحه لتجد كريم في وجهها ...رمته بنظرات غامضة بينما القى هو التحية عليها ودلف الى الداخل ... هوى بجسده على الأريكة وقال :
" كان يوم متعب اووي ..."
اقتربت منه وجلست بجانبه وقالت بدون مقدمات :
" هو أنت كنت متجوز قبل كده ...؟!"
تنهد بصوت مسموع وقال :
" هي ماما لحقت تحكيلك ..."
ردت مايا بسخرية:
" هي غلطت تقريبا وقالتلي مقتطفات عن الموضوع..."
ثم اردفت بنبرة غاضبة:
" بس إنت ازاي متحكيليش عن الموضوع ده ...."
" بصي يا مايا انا تعبان ومش طايقك اصلا ... فبلاش تعملي شغل الستات النكدية ده وتقعدي تسألي وكده ..."
نهضت من مكانها وتخصرت قائلة :
" والله كلامي بقى شغل ستات نكدية .... طب انا مش هسيبك النهاردة الا لما تحكيلي كل حاجة ...مش كفاية انك خبيت عليا انك كنت متجوز ..."
" وهتفرق معاكي فإيه لو كنت قلتلك ...؟!"
قالها ببرود ولا مبالاة لترد بجدية :
" كانت هتفرق كتير ...."
زفر كريم انفاسه بضيق بينما سألته مايا :
" مين جوليا ...؟! وطلقتها ليه ....؟!"
احمرت عينا كريم لا اراديا حينما عادت ذكرى جوليا اليه ... اخر ما تمناه يوما ان تعود تلك الذكريات اليه من جديد ... فهو قد عاهد نفسه الا يتذكرها مرة اخرى .... سيعتبرها كابوس وانتهى من حياته ... كابوس ذهب بلا رجعة.... ولكن مايا يبدو انها مصرة على اعادته الى حياته مرة اخرى ...بعدما ظن انه انتهى الى الابد ...
" اتكلم ..."
قالتها بعصبية ليرد بغضب :
" ممكن تخرسي الاول..."
وضعت مايا يدها على فمها بينما اشعل كريم سيجارته ونفث دخانها عاليا وبدأ يسرد لها ما حدث معه في الماضي :
" كنت بحبها ...حبيتها من اول يوم شفتها بيه ....كانت جميلة اووي ...أجمل بنت ممكن تشوفيها فحياتك ..."
شعرت مايا بغصة قوية داخل قلبها لم تعرف سببها لكنها قررت تجاهلها وهي تسمتع الى باقي حديثه :
" اتقدمتلها ....كانت خطوبة تقليدية ....أهلها اغنيا واحنا كذلك فوافقوا على طول .."
لم تستطع مايا أن تظل واقفة فجلست بجانبه ليكمل :
" اتخطبنا سنتين .....كانت اجمل ايام فعمري .... كنا أسعد اثنين .... واتجوزنا ...وعشنا بردوا أيام سعيدة ... لحد ما ..."
اخذ نفسا عميقا من دخان سيجارته بينما سألته مايا بتردد :
" لحد ايه ...؟!"
اجابها كريم وهو ينفث دخان سيجارته :
" لحد ما خانتني ..."
" ايه ...؟!"
قالتها مايا بعدم تصديق ..... خانته ...!!!
" ازاي...؟!"
ابتسم كريم بسخرية على سؤالها وقال :
" زي كل الناس ما بتخون .."
" عشان كده طلقتها ...."
" قصدك قتلتها ..."
جحظت عينا مايا بعدم تصديق ... حاولت ان تستوعب كلماته ...قتلها ...!!! هل يعقل ...؟! ولكن كيف ..؟!
اخذت تسعل بشدة قبل أن تسأله بإستنكار :
" قتلتها ...؟!"
اومأ برأسه واكمل :
" قتلتها ....خانتني فقتلتها ... مكانش ادامي حل تاني ..."
انتفضت من مكانها قائلة ببكاء ونبرة مرتجفة :
" ليه ...؟! ليه تعمل كده...؟! حرام عليك ...!"
" دي خاينة ...يعني تستاهل الموت ...."
قالها بحدة بالغة لترد ببكاء :
" بس مش لدرجة الموت ... مش لدرجة إنك تقتلها ..."
قالت كلمتها الاخيرة بإنهيار قبل ان ينهض كريم من مكانه ويحتضنها ...
ابتعدت عنه وقالت :
" ابعد عني ...قتلتها ازاي ...؟! جاوبني...."
انتفض كريم من مكانه بعصبية وقال بغضب حارق :
" انتي بتحاسبيني ليه ... هاا ...عشان قتلتها ...هي تستاهل الموت ...دي خانتني ...عارفة يعني ايه خانتني ...؟! طعنتني فظهري بعد ما حبيتها واديتها كل حاجة ... عارفة يعني ايه اعرف انها نامت فسرير غيري ...لا وخدي الكبيرة بقى ...حملت منه ..."
توقفت مايا عن البكاء وهي تستمع لحديث كريم المؤلم ...اخفضت رأسها ارضا وهي تفكر بأنه عانى ..عانى كثيرا ....
اما كريم فقد أخمد بسرعة دمعة تسللت من عينه .... لا يريد ان يضعف امامها ...ابدا ...
رفعت مايا وجهها نحوه اخيرا ثم سألته :
" قتلتها ازاي ...؟!"
" خنقتها بعد ما استفزتني بكلامها ..."
لم تستطع مايا ان تستمع الى حديثه اكثر فإنهارت في البكاء امامه ...أما هو فقد خرج مسرعا من الشقة دون ان يعرف الى أين يتجه ...
توقفت مايا عن البكاء اخيرا لتركض نحو هاتفها وتحمله ....أجرت اتصالا سريعا لياتيها صوت الشخص الذي اتصلت به :
" سعد الحقني ....انا فمصيبة ...."
" فيه ايه يا مايا...؟! حصل ايه ...؟!"
سألها سعد بنبرة يشوبها القلق لترد مايا بنحيب :
" ده طلع قاتل كمان ..."
" انتي بتقولي ايه....؟!"
سألها سعد بعدم فهم لترد مايا ببكاء :
" قتل مراته عشان خانته ..."
" اهدي يا مايا...اهدي يا حبيبتي...."
" انا لازم اطلق منه ...وانت لازم تساعدني..."
" حاضر هساعدك ...بس اهدي ..."
هدأت مايا اخيرا لتقول بصوت متحشرج :
" انا خايفة اووي يا سعد ...خايفة منه بجد ..."
" متخافيش يا مايا انا هساعدك ...انتي بس نفذي اللي اتفقنا عليه ...وكل حاجة بتكون بخير..."
صرخت مايا بعدم تصديق :
" أنفذ !! انفذ ايه ...؟! بقولك قاتل ...ده لو عرف باللي بيني وبينك هيقتلني ...."
" معندناش حل تاني يا مايا ...لازم نكمل خطتنا ..."
اغلقت مايا الهاتف في وجهه وهي تفكر بأن سعد ما زال كما هو ....يفكر في مصلحته فقط ...اتجهت نحو غرفة نومها وغيرت ملابسها بسرعة ثم خرجت من المنزل متجهة الى الشقة التي تسكن بها عائلتها ...
............
كانت مايا نائمة بين احضان والدتها وتبكي بشكل يقطع القلب ...
اما والدتها فأخذت تربت على شعرها وظهرها وتهف بها :
" اهدي يا مايا ...اهدي يا حبيبتي عشان خاطري ..."
رفعت مايا رأسها نحو والدتها وهتفت بدموع لاذعةة:
" اهدى ازاي بعد كل اللي حكيتهولك ...انتي مسمعتيش عمل ايه ... ده قتل مراته عشان خانته ...يعني اكيد لو عرف بالاتفاق اللي بيني وبين سعد هيقتلني ..."
" بعد الشر عليكي يا حبيبتي ... بعد الشر عليكي يا مايا ... انا مش قلتلك بلاش سعد ...مش حذرتك منه .."
ردت مايا وهي تمسح دموعها :
" كنتي عايزاني اعمل ايه يعني ...؟! مكانش قدامي حل تاني ...كان لازم اعمل كده ... كان لازم الاقي اي طريقة تخلصني من كريم ...ولا كنتي عايزاني افضل معاه بعد كل اللي عمله فيا ..."
صمتت والدتها ولم تعرف ماذا تقول لتنهض مايا من مكانها وتهتف بألم :
" سكتي ليه يا ماما ...؟! كنتي عايزاني افضل مع كريم عشان يعذبني ويهين بيا ...؟!"
" اكيد لا ... بس مكنتش عايزاكي تقربي من سعد تاني ..."
قالت مايا بجدية :
" هو اللي رجع قرب مني مش أنا ...وانا قررت استغله ...وانتقم منه بعد مباعني ودمر حياتي ..."
" انتي عايزة تنتقمي من سعد ولا من كريم ...؟!"
سألتها الام بحيرة لترد مايا بحقد :
" من الاتنين...."
شعرت الام بالخوف على ابنتها فقالت بتوسل :
" بلاش يا مايا ...بلاش عشان خاطري ...سيبك منهم وفكري بنفسك ..."
" نفسي ...عايزاني أفكر بنفسي ازاي وهي مش ملكي ... وهي ملك كريم بيه..."
صمتت الام ولم تعرف ماذا تقول بينما أكملت مايا بجدية وإصرار :
" لازم اخد حقي من كريم وسعد ...
أدمنت قسوتك - الفصل ١٥
كانت مايا تحاول النوم ليلا في سريرها بعدما عادت من عند والدتها ....
لم تكن قادرة على النوم وشعور الخوف يسيطر عليها ...
الخوف من المجهول ... الخوف من رجل يثير جميع المخاوف الكامنة لديها ....
سمعت صوت باب غرفتها يفتح فأغمضت عينيها مدعية النوم لتشعر به يقترب منها ....
يجلس بجانبها متأملا إياها بملامح مستكينة ... ثم ما لبث ان قرب وجهه من وجهها وهمس لها بصوت خافت سمعه :
" عارف اللي قلته صعب .... عارف انك صعب تتقبليني بعد اللي عرفتيه عني... بس انا مش جاني ...انا ضحية بردوا ....جايز اكون اذيتك كتير وانتي ملكيش ذنب بكل اللي حصل ...بس انا كنت بعمل كده من حبي فيكي ....ايوه انا بحبك ... بعترف قدامك دلوقتي وانا متأكد انك مش نايمة وسامعاني ...انا عمري مفكرت احب بعدها ...ولا فكرت أني هرجع أعيش من تاني ...لحد ما دخلتي حياتي ودنيتي.... ساعتها فهمت انوا الحياة بتديني فرصة جديدة ... بحبك يا مايا ...والله بحبك ونفسي تحبيني..."
اخذ جسد مايا يرتجف لا اراديا عندما سمعت ما قاله كريم وأخذت الدموع تهطل من عينيها بغزارة .... شعر هو بنحيبها المتقطع فأثر أن يتركها قليلا لكن ما إن هم بالتحرك بعيدا عنها حتى فوجئ بها تمسك كف يده وتعتدل في جلستها لتهمس من بين بكائها :
" انا اسفة ..."
اقترب منها ممسكا وجهها الذي يدنو نحو الاسفل بكفي يديه متسائلا بقلق:
" بتعتذري ليه دلوقتي ...؟!"
رفعت عينيها الباكيتين نحوه وهتفت بصوت مبحوح :
" اسفة عشان مسمعتكش ...عشان مقدرتش اوقف جمبك ...واسفة لاني مش قادرة اسامحك ... انا حقيقي مش عارفة اغفرلك اللي عملته....انت اذيتني دمرتني ....وانا مش هعرف اغفر كل اللي عملته .... بجد ده مش بإيدي ... "
احتضن كريم وجهها الباكي بين كفيه ثم هتف بها بنبرة اجشة :
" انا عارف اني اذيتك جامد ...عملت حاجات كتير اذتك ودايقتك ... وعارف اني مليش عذر باللي عملته ... بس انا فعلا ندمان على كل حاجة عملتها ...ونفسي تغفريلي كل اللي عملته ونبتدي من اول وجديد .."
" تفتكر اني هقدر اغفر ليك انك اتهمتني بشرفي اكتر من مرة ....انك اشترتني من سعد بفلوسك وفضلت تعايرني بده .... لو انت مكاني هتقدر تسامح .....؟!"
اخفض كريم رأسه فهو لا يملك الاجابة على سؤالها او بالأحرى يملك اجابه لا تناسبه ....
ابتسمت مايا بمرارة وقالت :
" شفت انوا صعب ...صعب اوي..."
رفع رأسه نحوها وقال :
" بس مش مستحيل ..."
" قصدك ايه ....؟!"
سألته بنبرة متعبة ليهتف بإصرار :
" قصدي انك ممكن تسامحيني .... لو حبيتني ...."
كان كأنه يستنجدها ان تحبه ...أن تسامحه ...بهتت ملامحها كليا ولم تعرف ماذا تقول ...هل يطلب الحب منها ...؟! هل يجرؤ على ذلك ....؟!
تشدق جانب فمها بإبتسامة هازئة قبل ان تهتف ببرود وهي تحرر وجهها من كفيه :
" وتفتكر الحب هيجي بالسهولة دي ...؟!"
" وليه لا ..؟! الحب ممكن يجي فجأة ... يجي بشكل احنا مش متوقعيه ...."
كان يتحدث عن الحب ببساطة فاجئتها هي شخصيا بينما لفتتها جملته الاخيرةة:
" زي ما حبيتك فجأة وبدون تخطيط ...."
صمتت ولم تعرف ماذا تقول اما هو فأكمل بنبرة حارة :
" انا هفضل وراكي لحد ما تحبيني .... مش هسيبك تضيعي مني ابدا ....عارفة ليه ...؟! لأنك قدري ...انتي قدري اللي لازم اتمسك بيه ..."
شردت مايا في كلماته وشعور بالخوف والضيق ملأ صدرها ....
في صباح اليوم التالي ...
استيقظت مايا من نومها بعد ليلة طويلة قضت اغلبها تفكر بحديث كريم وما قاله ...
كيف كان واثقا من مشاعره نحوها ..؟!
وكيف اعترف بحبها بهذه السهولة...؟!
هل انقلبت الحكاية الان ...؟!
هل ستصبح هي شريرة الحكاية ...؟!
نهضت من فوق فراشها وتوجهت خارج الغرفة لتجده نائما بسلام على الكنبة في صالة الجلوس ...
اقتربت منه وتأملته بملامح باردة ....كان يبدو مريبا حتى وهو نائم ...هذا الرجل يسبب لها الكثير من الفوضى داخلها ... ولكم حاولت ترتيب هذه الفوضى لكن بلا فائدة ...
اتجهت نحو المطبخ وقررت ان تعد الافطار كأي زوجة اصيلة ... ثم توقظ زوجها ليتناول طعامه معها....
وبالفعل اعدت وجبة الافطار وذهبت لتوقظه ... استيقظ كريم على صوتها ليرسم على شفتيه ابتسامة خافتة قبل ان يجرها نحوه ويطبع قبلة خفيفة على شفتيها....
" دي صباح الخير اللي انا مستنيها ..."
كسا الاحمرار وجنتيها كالعادة اما كريم فنهض من مكانه واتجه نحو الحمام ...
خرج من الحمام بعد دقائق وهوو يجفف وجهه ليتجه نحو مايا الجالسة على مائدة الطعام .. .
جلس بجانبها واخذ يتناول طعامه حينما تحدثت مايا قائلة:
" ممكن أسالك سؤال ..؟!"
اجابها برقة لا تليق به :
" طبعا ..."
ص
تنفست مايا بعمق قبل ان تسأله بتردد :
" هو انت ليه اعترفتلي بحبك بالسهولة دي بعد ما كنت شايفني شخصية بشعة وعاهرة ..."
قاطعها بسرعة :
" انا عمري مشفتك كده ...جايز اكون بينت ليكي اني شايفك كده ...بس فالحقيقة عمري مفكرت بيكي كده ... يمكن عشان انا زمان اديت كل مشاعري لجوليا ...فخفت اديكي مشاعري واظهرها تستغليها .... "
هاهو يأتي على ذكر تلك المرأة من جديد ....وهاهي تغضب بلا سبب واضح من جديد ...
حاولت اخفاء غضبها وهي تسأله بعدها :
" طب وايه اللي تغير دلوقتي عشان تظهرلي مشاعرك ....؟!"
اجابها بعد صمت قصير تبعه تنهيدة طويلة:
" الخوف ...خفت اني اخسرك ... انا مش مستعد اخسرك يا مايا ... مش مستعد ابدا ..."
تناولت مايا لقمة صغيرة داخل فمها بينما عقلها اخذ يفكر في كلمات كريم رغما عنها وسؤال ملح يتكرر داخل ذنها هل سيخسرها كريم يوما ...؟!
وقفت مايا امام فيلا عائلة كريم وهي تشعر بالحرج الشديد ...لقد اتصل بها كريم خلال عمله وأخبرها ان والدته تدعوها للغداء حتى يتحدثا بشأن تفاصيل الزفاف ...في الواقع هي ممتنة لوالدة كريم كونها فكرت في أن تأخذ رأيها بتفاصيل هذا الزفاف....لكنها تشعر بالحرج والقلق كلما تحدثت معها ...
بكل الاحوال هي لم تكن سيئة كما تخيلت ...بل على الاقل هي افضل مما توقعت بكثير...
فتحت الباب وطلت الخادمة خلفه لترحب بها وتخبرها ان السيدة منى تنتظرها في صالة الجلوس ...
سارت مايا نحوها وهي تحمل باقة ورود غالية لتجد منى في اتتظارها والتي رحبت واستقبلتها بإبتسمة واسعة قبل ان يجلسا سويا ويتحدثان بشأن تفاصيل الزفاف ...
..............
كان كريم يتابع عمله بتركيز شديد في مكتبه الخاص في مركز الشرطة حينما فتح الباب ودلفت كارما منه ...
انتقض في مكانه ما ان راها ثم قال بسرعة:
" كارما...انتي بتعملي ايه هنا ...؟!"
ابتسمت كارما وهي تقترب منه وتقول :
" وحشتني قلت اجي اشوفك ..."
كريم بعدم تصديق :
" هنا فالقسم ..."
اومأ برأسها وهي تتأمل المكان حولها بملامح فضولية قبل ان تهتف بحب :
" مكان شغلك حلو اوي ..."
رد كريم بإقتضاب :
" ميرسي ..."
" كريم ممكن اعزمك عالغدا ..."
لعق كريم شفتيه وقال :
" في الحقيقة انا كنت ناوي اتغدى مع العيلة النهاردة ..."
" اووه للاسف ..."
قالتها كارما باسف حقيقي ليشعر كريم بالاحراج فيقول :
" ايه رأيك تتغدي معانا ...؟!"
كارما بخجل :
" مش حابة ازعجكم ..."
ابتسم كريم مجاملة وقال :
" مفيش اي ازعاج ...ماما هتنبسط بيكي اوي..."
" اذا كان كده ماشي ..."
اوما كريم برأسه قبل ان يحمل مفاتيح سيارته ويخبر كارما ان يتجها سويا الى منزله ..
تابع
أدمنت قسوتك - الفصل ١٦
اوقف كريم سيارته امام المنزل ثم هبط منها واتجه نحو الباب الاخرى وفتح الباب لكارما ...
هبطت كارما من السيارة وسارت وراءه الى داخل المنزل ...فتحت الخادمة لهما الباب ليشير كريم اليها قائلا :
" اتفضلي يا كارما ..."
منحته كارما ابتسامة خافتة قبل ان تدلف الى الداخل ويتجه بها كريم الى صالة الجلوس ليجد والدته ومايا هناك ....
نهضت منى من مكانها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة مرحبة اما مايا فرمقت كريم بنظرات حادة لم ينتبه لها ونهضت بدورها تستقبل كريم وضيفته ...
" اهلا يا كارما ...نورتينا..."
قالتها منى وهي تقبل كارما من وجنتيها قبل ان تشير الى مايا معرفة :
" أعرفك مايا خطيبة كريم ..."
اختفت ابتسامة كارما كليا ما ان سمعت ما قالته منى بينما ابتسمت مايا ببرود وهي تستمع الى تعريف منى عن كارما :
" كارما صديقة العائلة ..."
جلس الجميع بجو متوتر في صالة الجلوس واستطاعت كارما ان تخفي ضيقها بمهارة فأخذت تمرح وتضحك مع كريم ووالدته وسط صمت مايا التام ...
" امال حسام فين ...؟!"
سأل كريم بإستغراب عن اختفاء حسام المفاجئ لترد منى :
" بياخد شاور فوق ... يخلص وينزل .."
اوما كريم براسه متفهما ثم ما لبث ان استدار نحو مايا الصامته الواجمة ليسألها بتعجب :
" مايا انتي كويسه...؟!"
تنحنت مايا قائلة بجديةة:
" اها كويسه جدا ..."
جاء حسام بعد لحظات والقى التحية على كريم وكارما ثم نهض الجميع نحو طاولة الطعام ليتناولوا طعام الغداء سويا ...
جلست مايا بجانب كريم على الجانب الأيمن لمنى التي ترأست الجلسة بينما جلس حسام وكارما على يسارها ...
بدأ الجميع تناول طعامهم حينما تحدثت كارما موجهة حديثها لمايا :
" تعرفي اني مشفتكيش قبل كده ...!"
" وهتشوفيها فين يعني...؟!"
سألها كريم بنبرة جادة لتجيبه كارما بإبتسامة امام مايا التي اخذت تتأمله بملامح متحفزة :
" قصدي انها باين مش من الوسط بتاعنا عشان مشفتهاش قبل كده بأي سهرة او فالنادي مثلا ...."
رد كريم ببرود:
"مايا مبتحبش السهرات ولا النوادي عشان كده مش هتلاقيها موجوده هناك ولا هتشوفيها اصلا...."
" امال بتحب ايه ..؟!"
سألته مايا بإستخفاف ...
" الشغل ..."
ردت مايا عليها بملامح جادة ليبتسم كريم لها قبل ان تكمل مايا :
" الشغل والبيت والنوم وحاجات تانية كتير اهم من السهرات والنوادي .."
منحتها كارما ابتسامة مصطنعة قبل ان تكمل تناول طعامها تحت انظار الجميع ...
دلفت مايا الى شقتها يتبعها كريم الذي اغلق الباب خلفهما ...
جلست على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس لتستريح قليلا بينما قال كريم وهو يخلع سترته :
" كانت قعدة جميلة...."
لترد مايا عليه :
" طبعا ...خصوصا بوجود كارما ..."
" اكيد مش هتقولي انك حبيتيها...."
قالها كريم ساخرا لترد مايا بإستهزاء :
" اه حبيتها جدا....كفاية تقل دمها ..."
ضحك كريم بقوة قبل ان يقول بخبث :
" تقل دمها بس ... قولي كفاية جمالها ...اناقتها ....ثقافتها ...."
" هي عجباك للدرجة دي ....؟!"
سألته مايا بحاجب مرفوع ليرد كريم وهو يجلس بجانبها محتضنا اياها من الخلف :
" انا محدش بيعجبني غيرك ..."
منحته مايا ابتسامة جانبية متهكمة قبل ان تنهض من مكانها وتقول بإرهاق :
" انا تعبانة ....عايزة انام ..."
نهض كريم بدوره وقال موافقا اياها :
" الحقيقة انا تعبان بردوا ...ومحتاج انام عشان فايق من الصبح ...."
اتجه الاثنان الى غرفة نومهما وفي داخل كل منهما الكثير من الكلام ليقوله ..
............
مرت عدة ايام اخرى وجاء اليوم الموعود ...يوم زفاف مايا وكريم ...تم عقد القران من جديد في شقة عائلة مايا ثم اتجه العروسان الى احد اشهى الفنادق بالبلاد حيث يقام حفل الزفاف هناك ...
ورغما عنه شعر كريم بالسعادة البالغة حينما رأى مايا بفستان الزفاف ... كانت اكثر من رائعة واجمل مما تتخيل ... وهو اكثر من سعيد كونه نالها ...نعم لقد نال اخيرا ما اراد بعد سنين من العناء واالالم ...بعدما ظن انه لن يجد سعادته المفقودة ....
اما مايا فكانت تتابع جميع ما يحدث بملامح حزينة ...رغما عنها لم تكن سعيدة ...هناك غصة قوية بداخلها كلما تتذكر حقيقة ما يحدث ... وتتذكر فرحتها الزائفة بهذا الزفاف ...
انتهى الزفاف على خير واتجه مايا وكريم الى الجناج التي حجزته لهما منى مسبقا في نفس الفندق ...
دلفت مايا الى الجناح وهي تجر فستانها خلفها ...شعرت بكريم يقترب منها بخطوات متوترة ...وقف خلفها صامتا فإلتفتت هي نحوه تتأمله بملامح باردة قبل ان يجذب انتباهها قميص نوم ابيض اللون معلق على الشماعة ... اتجهت بخطوات سريعة نحوه وجذبته من مكانه تتأمله بملامح شاردة ...كان هذا القميص الابيض لا يشببها بتاتا فهي لم تكن طاهرة مثله ...
اقترب كريم منها وشعر بأنها غير طبيعية فسألها بتردد :
" مايا انتي كويسه ...؟!"
هزت رأسها نفيا والذكريات السيئة أخذت تعود اليها ....
" اللون الابيض ده مش لايق عليا ....اللون ده يليق على بنت بيلمسها جوزها لأول مرة ....انما احنا ....احنا للاسف مش كده ..."
قالتها بنبرة مريرة ليأخذ كريم قميص النوم منها ويهتف بجدية :
" شيلي الافكار دي من دماغك يا مايا ...شيليها ارجوكي ..."
اشارت مايا لنفسها بسخرية :
" فستان وعروسة ...طب وازاي وانت دخلت عليها من شهور .... انت مقتنع باللي نعمله ده ... "
" لا مش مقتنع ...بس مبسوط ....مبسوط بيكي ..."
اشتدت ملامحها غضبا وهي تهتف بحقد :
" مبسوط ..!!! طبعا عشان انت مخسرتش حاجة بالعكس انت كسبت كتير ... بص يا كريم لو فاكر اني هكون زوجة مطيعة ليك وتحت امرك فأي وقت فأنت غلطان .... انا اتجوزتك النهاردة لأني مجبرة على ده ...ولأنك سبق وهددتني بأمي وأختي ..."
" ارجوكي يا مايا انسي كل اللي قلته زمان ..."
كان يرجوها ان تنسى لتبتسم بتهكم قبل ان تقول بألم ظهر بوضوح على محياها :
" انسى ايه ولا ايه ...قولي انت انسى ايه بالضبط ...فهمني ..."
أخذ كريم نفسا عميقا ثم قال بحرارة :
" مايا دي فرصتنا عشان نبدأ من اول وجديد ...عشان ننسى الماضي ...ونبدأ حياة جديدة بعيد عن المشاكل دي كلها ... اديني فرصة واحدة بس يا مايا وانا هثبتلك اني بحبك وعايزك ...."
مسحت مايا وجهها بكفي يديها قبل ان تقول بإرهاق :
" تفتكر هقدر اسامح ...."
مسك يدها بحنو وقال :
" لو اديتيني فرصة وحدة بس ....ساعتها مممكن تسامحي ...."
صمتت مايا ولم تعرف ماذا تقول...هو يطلب السماح منها .. قلبها يخبرها ان تعطيه فرصته المنشوده وعقلها يخبرها ألا تنخدع بهو... وبينهما كانت هي تائهة حائرة لا تعرف ماذا تفعل وكيف تتصرف ....
" انا عارف اني مش هقدر ابرر اللي عملته ولا هقدر امحيه بس يمكن اقدر اخليكي تنسيه ..."
" ليه دلوقتي ...ليه فجأة اتغيرت وبقيت كده ...؟! بتطلب السماح والغفران مني ..."
اجابها بصدق :
" لاني تعبت ...تعبت من كل حاجة ....انا يمكن قاسي جدا ...معنديش ضمير فنظرك ...بس انا حقيقي لو اتعاملت معاكي كده فده بسبب التجربة اللي مريت بيها .... واللي نفسي انساها وابدأ معاكي من جديد ...."
صمتت مايا ولم تعرف ماذا تقول ليكمل كريم :
" مايا انا كنت عايش ومش عايش ... مكنتش فوعيي وانا بعمل فيكي كل الي فات ...اللي حصلي زمان كان مخليني شايف كل الستات زبالة ... انا كنت عارف ومتأكد اني مش زيهم ...بس مقدرتش اعترف بده ...خفت انك تستغلي ده زي ما هي استغلتني ..."
اغمضت مايا عينيها للحظات قبل ان تفتحها لتجده يبتسم لها بحب فتهتف لا اراديا ودون وعي :
" موافقة ... موافقة اديك فرصة تثبتلي العكس ....موافقة اني اكون سبب تغييرك ...
أدمنت قسوتك - الفصل ١٧
في صباح اليوم التالي ...
وقفت مايا امام السرير تتأمل كريم النائم بعمق بعد ليلة طويلة قضوها سويا يتبادلان الحب بشغف تشعر به لأول مرة ...
احمرت وجنتاها خجلا وهي تتذكر ليلة البارحة وما حدث فيها ...
جلست على السرير بجانبه تتأمله عن قرب ... تعبث بخصلات شعرها تارة وبلحيته تارة اخرى ....
ابتسمت بشغب حينما وجدت الانزعاج واضحا على ملامحه ...
فتح عينيه اخيرا ليبتسم بسرعة ما ان رأها أمامه ....
اعتدل في جلسته وقال :
" صاحية بدري ليه ...؟!"
هزت كتفيها وقالت :
" منمتش اصلا ..."
" بالبساطة دي ...؟!"
" ايوه..."
صمت لوهلة قبل ان يقول :
" جعانة ..؟!"
اومأت برأسها ثم أجابته بإبتسامة :
" اوي ..." ٠
" تحبي نطلب الاكل هنا ولا ننزل تحت ....؟!'
أجابته بعد تفكيرر :
" ننزل تحت ..."
نهض من مكانه بحماس وقال :
" يلا نغير هدومنا عشان ننزل تحت نفطر..."
وبالفعل نهضت من مكانها وجرت نحو الخزانة لتخرج ملابس خروج لها ...
غيرت مايا ملابسها بسرعة قياسية وكذلك كريم...
هبط الاثنان من الجناح الخاص بهما ليتجها الى المطعم الملحق بالفندق ليتناولا طعام افطارهما سويا ....
جلس الاثنان على احدى الطاولات حيث جاء النادل لهما بفطور خاص للعرائس ...
بدئا يتناولان طعاميهما حينما لمحت مايا احدهم يجلس على الطاولة الاخرى فتجمدت كليا ...
كان سعد يجلس على الطاولة المقابلة لهما مقابل مايا ويبتسم لها بخبث ...
بالكاد استطاعت مايا ان تبتلع اللقمة بينما شعر كريم بأن هناك خطب مايا فإلتفتت للخلف وشاهد سعد أمامه ...
احتدت ملامحه لا اراديا ووجد نفسه ينهض من مكانه بنية الانقضاض عليه لكن مايا ركضت نحوه وأوقفته قائلة بترجي :
" سيبه يا كريم ارجوك...."
اخذ سعد يضحك عاليا بشكل جذب انتباه الموجودين اما كريم فوجد نفسه يدفع مايا ويتجه نحوه بملامح تشع غضبا ....
" انت بتعمل ايه هنا...؟!"
سأله كريم بنبرة خطيرة ليجيبه سعد بإستفزاز :
" انا بايت من امبارح هنا ...جمب جناحك.... حتى أصواتكم كانت باينة عندي ..."
جذبه كريم من قميصه وأوقفه ثم لكمه بقوة جعلته يتراجع الى الخلف عدة خطوات....
شهقت مايا بصدمة بينما اتجه سعد نحو كريم بعدما مسح الدماء التي تخرج من فمه ولكمه بدوره ...
بدأ الطرفان يتبادلان اللكمات حتى تدخل رجال الأمن بينهما محاولين أن يفضوا هذا النزاع القائم ...
ابتعد كريم عن الرجال واقترب من مايا وقبض على يدها جارا اياها خلفه متوعدا في داخله لذلك الحقير ....
دلف كريم الى جناحه وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب .... حرر مايا من من قبضته واخذ يدور في ارجاء الغرفة بطريقة تدل على مدى عصبيته وغضبه ...
تطلعت مايا اليه بنظرات قلقة ...لم تعرف ماذا يجب عليها ان تفعل ... هل تقترب منها وتتحدث معه ...؟!
أم تتركه حتى يخف غضبه ويهدأ ...؟!
قررت الاقتراب منه والحديث معه لكنها ما ان سارت نحوه حتى وجدته يقول بغضب وهو يلوح بيده امام وجهها :
"مش عايز اسمع صوتك يا مايا ...."
ارتعدت مايا كليا عندما سمعت ما قاله لكنها تماسكت وهي تهتف به بجمود من بين أسنانها:
" على فكرة ملوش لزمة تكلمني بالطريقة دي ... انا كنت عايزة اهديك مش اكتر ...."
رد بنبرة يملؤها الغضب :
" وانا مش محتاج حد يهديني ...."
ثم قال ببرود :
" حاولي متتكلميش معايا وانا بالشكل ده يا مايا والا هتسمعي كلام مش هيعجبك ..."
تحركت مايا خارج الغرفة وهي بالكاد تخفي دموعها ... هاهو يحملها ذنب ما حصل من جديد ... يقسو عليها ...
سحقا له ولمشاعرها التي بدأت تتحرك نحوه .... هو لن يتغير...مهما حدث سيظل كما هو لا يختلف عما عرفته ....
................................
خرج كريم من الغرفة بعد مرور اكثر من ساعة ... كان يبدو هادئا بشكل مريب ... اقترب من مايا الواجمة وجلس مقابلا لها وقال بأسف :
" مايا انا اسف ...انا مقصدتش حاجة من كلامي ... انا بس مكنتش طايق نفسي ولا طايق حد ..."
ردت مايا بعصبية تمكنت منها :
" ده كله ميدكش الحق انك تعاملني بالشكل ده ... انا مراتك ... والمفروض اني من الطبيعي اشاركك فكل حاجة...مينفعش تقولي مش عايز اسمع صوتك .... "
قاطعها بنبرة ناعمة محاولا امتصاص غضبها :
" انا عارف ده ...ومتفهم كلامك ... بس حقيقي مكنتش واعي لتصرفاتي ... انا لما بغضب مش بكون واعي لأي حاجة ... بتصرف بكون وعي ..."
أشاحت مايا وجهها بعيدا عنه بضيق حقيقي ليقترب كريم منها ويجلس بجانبها ويقبض على ذقنها بأنامله مديرا وجهها ناحيته قائلا:
" لسه زعلانة مني ...؟!"
أجابته وقد تحركت العبرات داخل عينيها:
" انت مشفتش نفسك عاملتني ازاي ...."
مسك كف يدها وطبع قبلة عليه قبل ان يهتف بترجي :
" انا اسف يا مايا ....سامحيني ارجوك ...."
مسحت عينيها بأناملها برقة ثم قالت بنبرة رقيقة أذابته كليا :
" اسامحك بس بشرط .... بلاش تعاملني بالطريقة دي مرة تانيه ..."
طبع قبلة اخرى على كف يدها وقال :
" حاضر ...أي أوامر تانية ...؟!"
اومأت برأسها ليعقد حاجبيه متسائلا :
" ايه كمان ...؟!"
اجابته بجدية :
" توعدني انك تشاركني بكل مشاكلك... فوقت غضبك وضيقك ...مش عايزة احس اني بعيدة عنك .... فاهمني ..."
زفر كريم أنفاسه وقال :
" فاهمك يا مايا .... فاهمك اووي .."
نهض من مكانه وقال بحماس :
" يلا قومي غيري هدومك ... هنخرج نتعشى بره ...."
سألته بإستغراب :
" هو احنا مش هنرجع الفيلا الليلةة...؟!""
اجابها نفيا :
" تؤ ....احنا هنفضل هنا الليلة كمان ..."
ابتسمت بإنشراح ثم قالت بحماس هي الأخرى :
" هغير هدومي بسرعة ..."
" خدي راحتك عالاخر ...."
اخرجت مايا فستان زهري اللون قصير يصل الى ما بعد ركبتها...
ارتدته وهي تشعر بسعادة غريبة تسيطر عليها ...
تأملت نفسها بالمرأة لتجد السرور واضحا على ملامحها مما زادها رقة وجاذبية...
بدأت بتسريح شعرها الناعم الطويل ووضع المكياج على وجهها ...
انتهت من هذا لتتأمل جمالها بملامح مسترخية....قاطعها رنين هاتفها لتحمله فتجد سعد المتصل ... حملت الهاتف بسرعة بعدما أخفضت الصوت ثم اتجهت الى الحمام وأغلقت الباب خلفها وأجابت على المكالمة بعدما فتحت صنبور الماء :
" نعم ...عايز ايه ...؟!"
جاءها صوت سعد الساخر :
" عايز مكافئة عاللي عملته النهاردو يا عروسة ..."
مايا بقرف :
" انت فاكر اني مبسوطة باللي عملته ...؟! انت مين قالك تعمل كده ...؟!"
تطلع سعد الى هاتفه بتعجب ثم قال مبررا :
" انا قلت احرق دمه شوية بدل ماهو حارق دمنا على طول ..."
زفرت مايا انفاسها على مهل ثم قالت :
" اسمعني يا سعد.... انا مش هستمر فحكاية الانتقام دي ..."
" يعني ايه ...؟!"
سألها سعد مصدوما لترد ببرود :
" يعني مش عايزة انتقم منه خلاص ... واعتبر كل الاتفاق اللي بينا منتهي ...."
" انتي تجننتي يا مايا ....ايه اللي تغير ..؟!"
هدرت به :
" متعليش صوتك عليا ... ثانيا انا حرة انتقم ...منتقمش ...براحتي ..."
اغلقت الهاتف لي وجهه ليتطلع اليه سعد بصدمة قبل ان يقول بتوعد :
" طيب يا مايا ....انتي اللي ابتديتي ...."
اما مايا فقد خرجت لكريم ...
تأملها وهي تقف أمامه بهذا الثوب المهلك ...كانت احلامه تتجسد بها .... بها فقط يموت ويحيا... يتنفس ويختنق ...بها ملاذه ...أمانه ...روحه التي ظن يوما انه فقدها...
اقترب منها وطبع قبلة على وجنتها ...اما مذاق وجنتيها فكان شيئا أخر ...شيء يضاهي مذاق شفتيها....
قبض على كف يدها وسار بها خارج الجناح متجها بها الى المطعم ..
أدمنت قسوتك - الفصل ١٨
في صباح اليوم التالي ...
في فيلا عائلة كريم ...
هبطت منى الى الطابق السفلي واتجهت الى غرفة الطعام ...وجدت زوجها وحسام يتناولان طعام الافطار سويا .... اقتربت منهما والقت التحية عليهما ثم جلست بجانب زوجها وقالت بضيق واضح :
" هو كريم مش ناوي يرجع بقى ... بقاله يومين بايت بالفندق ..."
" سيبيه براحته يا منى ...هو عريس ومن حقه يستمتع ..."
قهقهت منى بسخرية وقالت :
" عريس ...!! انت صدقت ولا ايه ...؟!"
رمقها الاب بنظرات حادة وقال ببرود :
" ملوش لزمة الكلام ده ... الي حصل حصل ...دلوقتي هو عريس .... ."
صمتت منى حينما شعرت بانزعاج زوجها بينما تحدث حسام قائلا :
" هما مقالوش بجد هيرجعوا امتى ...؟!""
هز الاب رأسه نفيا وفي نفس اللحظة دخل كريم ومايا اليهم لتقفز الام من مكانها وتقترب من كريم هاتفة بحب :
" حبيبي واخيرا رجعت..."
احتضنها كريم وهو يقول بمرح :
" للدرجة دي كنت واحشك يا ست الكل ...؟!"
ردت الام وهي تربت على كتفه :
" اوي اوي ..."
نهض الاب من مكانه وقال :
" ادينا فرصة نسلم عليه الاول ... "
وبالفعل احتضنه الاب وسلم عليه بحرارة ... اما منى فاقتربت من مايا وحيتها ببرود نوعا ما فهي لم تنس لها انها حاولت قتل كريم مسبقا ...
حيا الاب مايا ايضا وكذلك حسام وجلس الجميع على طاولة الافطار ....
تحدث الاب قائلا :
" ان شاء الله تكونوا استمتعوا باليومين اللي فاتوا .."
" جدا يا بابا..."
ابتسمت مايا بخجل على ما قاله كريم بينما غمز حسام له بعبث ...
تحدثت الام بجدية:
" جهزتلك اوضتك يا حبيبي ... تقدروا تستقروا بيها فورا ..."
" ميرسي اوي يا ماما..."
قالها كريم ممتنا لوالدته بينما اشار لمايا قائلا :
" ايه رأيك نروح نريح شوية فوق ..."
" زي مانت عايز .."
قالتها مايا بوداعة شديدة لينهض كريم من مكانه فتنهض هي معه ويتجها الى غرفتهما في الطابق العلوي ...
ما ان دلف كريم الى غرفة نومه حتى هوى بجسده على السرير... اقتربت مايا منه وجلست بجانبه وقالت :
" شكلك تعبان ..."
اجابها ؛
" اوويي ..."
ثم اكمل غامزا بخبث :
" بقالي يومين منمتش بسببك ..."
احمرت وجنتيها كليا وقالت محاولة تغيير الموضوع :
" ايه رأيك تقوم تاخد شاور وبعدين تنام ...؟!"
اومأ برأسه وهو ينهض من مكانه ويخرج ملابس نوم خفيفة من خزانة ملابسه و يدخل إلى الحمام .... اما مايا فأخذت تغير ملابسها ...
خرج كريم من الحمام ليجدها مستلقية على السرير ويبدو انها تفكر في أمر هام ....
اقترب منها وجلس بجانبها متسائلا :
" سرحانة بإيه ..؟!"
اجابته دون ان تنظر اليه :
" تفتكر احنا لينا مستقبل مع بعض ...؟!"
تغضن جبينه بتساؤل حائر :
" ليه بتقولي كده...؟! اكيد لينا مستقبل مع بعض ولا انتي عندك رأي تانيى... "
اعتدلت في جلستها وباتت مقابلة له فقالت بنبرة عفوية:
" انا بقيت حاسة اني مش مكتوبلي اعيش سعيدة ولا افرح ... حقيقي بقيت بحس الاحساس ده ....فبقيت أخاف من أي حاجة بتحصل حواليا .... انت فاهمني ..."
ابتسم لها وقال:
" فاهمك...."
تنهد بصوت مسموع ثم أكمل :
" مش عايزك تفكري بالطريقة دي .... ابدا ... خليكي واثقة بيا... وانا اوعدك اني مش هخذلك ابدا..."
احتضنت وجهه بكفي يديها وقالت :
" شكرا لأنك سمعتني ...!"
طبع قبلة على كف يدها ثم قال بنبرة ودودة :
" تعرفي انك وحشاني...."
ضحكت بخجل وقالت :
" تاني ...؟!"
اومأ برأسه ليقترب منها ويقبلها بخفة ...تجاوبت معه كليا وذابت بين احضانه ...
" بحبك ...."
هتف بها بنبرة صادقة نابعة من أعماق قلبه لتبتسم له قبل ان تطبع قبلة رقيقة على شفتيه جعلته ينقض على شفتيه مقبلا اياها بشوق ولهفة ذائبا معها في عالم خاص لا يوجد به سواهما ....
خرجت مايا من غرفة نومها تاركة كريم ينام لوحده بعمق ...
سارت نحو الطابق السفلي فوجدت منى تجلس في صالة الجلوس لوحدها تتابع التلفاز ...
اقتربت منها وقالت:
" مساء الخيرر...."
اجابتها منى بجمود:
" مساء النور ..."
سألتها مايا بتردد :
" تسمحيلي أقعد هنا معاكي ...."
اشارت منى بيدها نحو الكنبة قائلة :
" اتفضلي ...."
جلست مايا بجانبها وهي تشعر بالخجل الشديد ...
تحدثت منى بنبرة باردة :
" اخبارك حملك ايه ...؟!"
صمتت مايا لوهلة قبل ان تقول بنبرة متلكأة :
" بصراحة انا عايزة اكلمك فالموضوع ده ...."
تطلعت اليها منى بنظرات غير مرتاحة لتتحدث مايا :
" انا مش حامل ..."
" ايه....؟! انتي بتقولي ايه ...؟!"
سألتها منى مصدومة لترد مايا بعدما ابتلعت ريقها :
" بقول لحضرتك اني مش حامل .."
" كذبتي علينا يعني ..."
اومأت مايا برأسها لتكمل الام بحقد :
" ويا ترى كريم عارف انك مش حامل ...."
اجابتها مايا :
" عارف من اول يوم ..."
ابتسمت منى بتهكم لتجد مايا تقول:
" انا عارفة انك صعب تحبيني ...خاصة بعد اللي عملته ...وكمان بعد كذبتي دي ... بس لازم تفهمي اني عملت كل ده غصبا عني .... انا مكنتش حابة انوا تعارفنا يكون كده.... ولا كنت حابة اعمل كده ..."
تطلعت اليها منى بنظرات مستاءة لتكمل مايا بخجل :
" اتمنى انك تسامحيني .... وتتقبليني بحياتك ....."
صمتت منى ولم تجبها بل ظلت تفكر بمايا وتصرفها الغريب ...فهل هي صادقة بما تقوله ام إنها تدبر لشيء اخر....؟!
..............................
مرت ايام عديدة وعلاقة مايا بكريم تتحسن كل يوم اكثر من اليوم الذي قبله ...
الغريب ان مايا باتت تشعر بالكثير من المشاعر ناحية كريم ..
مشاعر باتت تفهمها لكنها تخشى الاعتراف بها ...
اما كريم فكان يعترف بمشاعره لها في كل لحظة ...
يخبرها بحبه وغرامه ....بجنونه بها ....
استيقظت مايا في احد الايام على صوت هاتفها يرن .... تطلعت الى الهاتف لتجد سعد يتصل بها ...
كان كريم قد غادر الى عمله صباحا وهي ظلت في فراشها تشعر ببعض الارهاق ...
اجابت على الهاتف بعد تردد :
" نعم ...عايز ايه ...؟!"
جاءها صوته الساخر :
" وحشتيني ...قلت اطمن عليكي ..."
" سعد بلاش طريقتك دي ...قولي بتتصل بيا ليه وعايز مني ايه ....؟!"
جاءها صوته البارد يقول :
" اخبارك ايه مع كريم باشا ....؟! يا ترى بيعاملك كويس ... ولا ..."
ردت بجمود.:
" بيعاملني احسن معاملة .... المهم انت عايز ايه ...؟!"
" عايز اقابلك ..."
قالت مايا بتهكم:
" لا يا راجل ...بالسهولة دي ..."
رد سعد ساخرا :
" المفروض اني اخد معاد يعني ولا ايه....؟"
قالت مايا بحدة :
" بعينك ..انا مستحيل اجي واشوفك .... ده انا ابقى اتجننت لو عملت كده .."
الا انه قال بثقة لا تعرف من أين جاء بها :
" هتجي يا مايا ...وهنشوف ...."
" مش هاجيى....."
" مايا انا بعتلك فويس طويل شوية...ابقي اسمعيه ... اووك .."
ثم اغلق الهاتف في وجهها لتتطلع الى هاتفها بقلق واضح قبل ان تعقد العزم على سماع ما ارسله لها ..
أدمنت قسوتك - الفصل ١٩
فتحت مايا التسجيل الصوتي الذي أرسله سعد لها ...
اخذت تستمع اليه بملامح هادئة لا تعكس ما يجول بداخلها من اضطرابات مميتة ...
لقد توقعت أن يكون التسجيل يحوي على اتفاقها مع سعد للإنتقام من كريم ...
اغلقت التسجيل وهي تأن ألما ... لقد وقعت بالفخ الذي اعده سعد لها بكل غباء ... والان سوف تضطر الى الاستسلام له وتنفيذ ما يريده منها ...
نهضت من مكانها واتجهت نحو الحمام... غسلت وجهها عدة مرات بالماء ... جفتت وجهها بالمنشفة ثم أخذت نفسا عميقا قبل ان تخرج من الحمام وتتجه نحو هاتفه ...تحمله وتتصل بسعد فيجيبها بسرعة قياسية...
تسأله عما يريد دون مقدمات :
" عايز ايه مني يا سعد ....؟!"
ويجيبها هو ببساطة قاتلة:
" لما أشوفك هقولك ..."
وهي وحيدة ضائعة خائفة :
" لازم تشوفني ...؟!"
يجيبها بإصرار غريب :
" اكيد لازم...امال هنتفاهم ازاي ....؟!"
تبتلع ريقها بتوتر ثم تسأله بوجوم :
" نتقابل امتى وفين ....؟!"
فيجيبها بجدية :
" بكره ...فالشقة اللي قعدتي فيها فترة طويلة ...فاكراها...؟!"
نعم تتذكرها ....تلك الشقة اللعينة التي قضا بها ايام هروبها من كريم ...ليتها لم تذهب اليها ولم تقع في قبضة هذا الحقير ...
" ايوه فاكراها....هجيلك بكره الساعة ستة هناك ...."
ابتسم بإنتصار قبل ان يغلق الهاتف بوجهها .... اما هي فجلست على سريرها بوهن ... تفكر بما أوقعت نفسها به ... سعد بالتأكيد يخطط لشيء ما ... ولكن ما هو لا تعلم ...
انه يريد الايقاع بها من جديد .... وهي ستكون اكثرر من غبية اذا أوقعت نفسها معه ....ولكن ما العمل ...؟! ماذا ستفعل وكيف ستمنع نفسها من مقابلته ...؟!
لا يوجد حل امامها سوى أن تذهب اليه وتقابله وتفهم منه ما يريد ...
كانت الافكار تعبث بعقلها وقلبها الذي سيطر الخوف عليه ... اغمضت عينيها وأخذت تحاول أن تتوصل الى حل نهائي لهذه المشكلة الصعبة ...
اغلق سعد هاتفه وهو يبتسم بزهو ...
ستأتي مايا وسيحقق مراده المنتظر ...
عاد بذاكرته الى الخلف ليتذكر ما حدث قبل فترة طويلة ...
حينما جاءته مايا يومها تطلب منه أن يساعدها بعدما ضربت كريم ...
مال زال يتذكر كيف جعلها تقيم في شقة إستأجرها مخصوصا لها ولعائلتها ...
وتذكر حديثه معها أيضا ....
" يعني انتي عايزة تخلصي من كريم ..."
سألها بدهشة مصطنعة لتهتف مؤكدة جميع ما قاله :
" ايوه وبأسرع وقت ...."
" وعايزاني أساعدك ...؟!"
ردت مايا بتأكيد :
" ياريت ...."
ثم نهضت من مكانها وقالت بجدية :
" كريم دمرنا احنا الاتنين .... واحنا لازم ننتقم منه ... "
التفتت نحوها بعد تفكير وقال :
" مايا انتي عارفة اني ......"
صمت قليلا لتكمل نيابة عنه :
" انك بتحبني .... "
اومأ برأسه مؤكدا ما قالته لتكمل :
" وانا بردوا لسه بحبك ..."
" طب واللي عملته معاكي ....؟"
ردت بحيادية غريبة :
" انا مش هنكر اني لسه مش مستوعبة اللي عملته ...غير اني مش هقدر بسهولة اغفرلك اللي عملته ...انت اتخليت عني وقت ما استنجدت بيك ...."
قال مبررا فعلته القذرة :
" انا عملت كده عشان شفت صورك معاه ... شفتك وانتي فحضنه بقميص النوم ....كان لازم اصدق كلامه ... مكنش قدامي حل تاني ..."
" كان لازم تواجهني ... تكلمني ...مش تسلمني ليه ... مش تبيع وحده استنجدت بيك ..."
أخفض رأسه خجلا منها واستياءا من نفسه لتكمل :
" على العموم احنا لازم ننسى اللي حصل ونفكر باللي جاي ...ده عشانا احنا الاتنين ...كريم مش هيسيبنا ... واحنا لازم نحلص منه قبل ما هو يخلص علينا ..."
عاد بتفكيره الى الوقت الحاضر وهو يتذكر كيف اتفق معها على كل شيء ....ولكن بذكاءه سجل لها هذا الحوار فهو كان لديه شعور بأنه لا تقول ما ستفعله وبالفعل كان تفكيره في محله ...
دلف كريم الى غرفة نومه ليجد مايا تجلس على السرير تفرك يديها الاثنتين بتوتر ...
اقترب منها لتقف في وجهه ....طبع قبلة على وجنتها وقال :
" وحشتيني ...."
اجابته بإبتسامة واهية:
" انت اكتر ..."
" مالك ...؟! شكلك بيقول انك مش كويسه ..."
تنهدت بتعب ثم قالت بجدية :
" ابدا تعبانة شوية ..."
سألها بقلق واضح وهو يحرك يده على جانب وجهها :
" مالك بس ..؟! انتي من الصبح مرهقة ...اطلبلك دكتور ...؟!"
هزت رأسها نفيا وقالت :
" مش عايزة ....هبقى كويسه اكيد ..."
ثم اكملت وهي تحتضنه وتخفي دموعها :
" انا اسفة..."
ابعدها عنه متأملا وجهها الاحمر بملامح متعجبة :
" اسفة ليه ...؟! بتعتذري ليه يا مايا ...؟! هو فيه حاجة حصلت ...؟!"
اومأت برأسها ليسألها بقلق :
" حصل ايه ...؟! احكي يا مايا ..."
استدارت مولية اياه ظهره وهتفت بمرارة :
" مش هقدر احكي ...."
وضع كف يده على كتفها فشعر بتشنجها ليزداد قلقه اضعافا فيسألها بنبرة خافتة :
" اتكلمي يا مايا ....اتكلمي ارجوكي ..."
" مش هقدر...."
انهارت باكية امامه ليحتضنها وهو يحاول تهدئتها ....
بدأ يتوسل بها أن تخبرها ما حدث لتهتف من بين دموعها اللاذعة :
" لو قلتلك مش هتفهمني ولا هترحمني ..."
" انتي عملتي ايه يا مايا .....؟!"
سألها بشك تملك منه لتجيبه وهي تمسح دموعها بأناملها :
" عملت حاجة صعبة اووي ... حاجة مستحيل تسامحني عليها ...."
بدأ ينفذ صبره فسألها بعصبية :
" مايا انا بقيت على اخري ....اتكلمي ارجوكي ...."
" سعد ..."
اشتعلت عيناه غضبا ما ان ذكرت اسمه ليسألها بنبرة خطيرة :
" ماله ...؟!"
مدت له هاتفها وقالت :
" اسمع الفويس ده ...."
اخذ الهاتف منها وشغل التسجيل الصوتي ليسمع ما به ...
كان يسمع الحوار الدائر بينهما بملامح قاتمه ....جسده يرتجف بالكامل من هول ما يسمعه ...
اغلق الهاتف ورماه على السرير ...
" ليه ...؟!"
قالها بعد صمت طويل لتهتف ببكاء :
" كنت عايزة انتقم منك ومنه ... كنت عايزة اخلص منكم ... واخد حقي منكم ..."
ابتسم ساخرا :
" ده تبريرك للي حصل ..."
" ده مش تبرير ...ده حقيقة..."
مسحت دموعها بقوة :
" انا كان لازم اخد حقي منك .... ومنه هو كمان ...انتوا دمرتوني .... سرقتوا احلامي وحريتي ...أخدتوا كل حاجة مني .... حتى سمعتي ... كان لازم ادمركم انتوا كمان ..."
كان يستمع الى حديثها وهو يعتصر قبضة يده بقوة .... لقد خدعته ...استغلت حبه ...خانته مع الذ اعداءه ....
سمعها تكمل :
" بس اقسم بالله ده كله تغير ... انا شلت الموضوع ده من دماغي ....من ساعة يوم الفرح ...ساعة متكلمنا ... قررت اني اسامحك ...اغفرلك اللي عملته ..."
ابتسم بسخرية وقال:
" لا برافو ... خير ما عملتي ...."
وقفت امامه ترجوه ان يسامحها :
" كريم انا عارفة اني غلطت ..."
صفعها بقوة على وجنتها لتنساب دموعها مرة اخرى ...
" ليه دلوقتي حكيتي ...؟! ليه ...؟!"
صرخت بضعف :
" عشان بيهددني ..."
قبل ان تنهار باكية :
" ايوه سعد بيهددني ... بيهددني انوا يفضحني قدامك .... "
" وليه مفضحكيش ...؟!"
سألها وهو يمسكها من ذراعها بقوة :
" عشان طلب انوا يقابلني انا وافقت ..."
" وقابلتيه ...؟!"
سألها بنبرة مشتعلة لتهز رأسها نفيا وتقول :
" ابدا والله ....كان المفروض اقابله بكره..."
تركها اخيرا ليهتف :
" اخرجي دلوقتي من هنا يا مايا ..."
" كريم ..."
" ابعدي عن وشي دلوقتي ..."
" كريم ارجوك ..."
هتفت بها بتوسل ليهتف بغضب:
" انا خارج وسايبهالك ..."
ثم خرج لتنهار باكية على ارضية الغرفة ...
أدمنت قسوتك - الفصل ٢٠
بعد مرور يوم كامل ...
وقفت سعد أمام باب الشقة في تمام الساعة السادسة مساءا...في الوقت الذي حددته مايا لتقابله ...
فتح الباب بالمفتاح ودلف الى الداخل ليجد المكان خاليا ...
" مايا ...."
صاح بتوجس وهو يتجه نحو غرفة النوم حينما تصنم في مكانه وهو يشعر بأحدهم يقف خلفه وهو يهتف بتهكم :
" مفيش مايا .... "
التفت سعد نحوه ببطأ قبل ان يكمل الاخير ما ان اصبح مقابلا له :
" فيه انا ...انفع ...؟!"
ابتلع سعد ريقه وقال بنبرة مشوشة:
" أنت بتعمل ايه هنا ...؟!"
اجابه كريم وهو يقترب منه ويعبث بياقته :
" جاي عشان أربيك ..."
دفعه سعد بعيدا عنه وهتف :
" انت تجننت ...."
ليرد كريم بنبرة قويةة:
" لا انا صاحي وصاحي اووي كمان ..."
ابتلع سعد ريقه بتوتر سيطر عليه رغما عنه قبل ان يهتف بنبرة متماسكة :
" لو فاكر اني هخاف منك تبقى غلطان ....انا مبخافش منك ولا هخاف ..."
ثم اردف بنبرة ماكرة :
" بالعكس انت اللي لازم تخاف ...."
ضحك كريم عاليا قبل ان يقول من بين ضحكاته :
" انا اخاف ...تبقى متعرفنيش كويس ..."
ملأ الحقد نظرات سعد الموجهة نحو كريم قبل ان يرد بنبرة كارهة :
" لا طبعا كريم باشا مبيخافش ... كريم باشا بيأذي وينتهك حرمة ناس من غير ميخاف ..."
" انت اخر واخد ممكن يتكلم بالقيم والاخلاق يا سعد ... لأنك متعرفش اصلا يعني ايه قيم واخلاق وحرمة ناس ..."
ثم اردف بنبرة ذات مغزى :
" عالاقل انا مبعتش حبيبتي لراجل تاني عشان الفلوس ...!"
اعتصر سعد قبضة يده بقوة وهو يحاول التماسك مرارا امامه اما كريم فابتسم بإنشراح وهو يرى تأثير كلماته واضحة على سعد ...
" انت عايز ايه ...؟!"
سأله سعد بنبرة مستهجنة ليرد كريم :
" انت اللي عايز ايه ...؟! بتحوم ورا مراتي ليه ....؟!"
رد سعد بنبرة فاترة :
" مراتك هي اللي استنجدت بيا وطلبت مني أخلص منك ..."
ابتسامة مريرة تكونت على شفتي كريم وهو يهتف:
" عارف ..."
ثم اردف :
" وعارف كمان انك وافقتها عاللي طلبته ولما رفضت تكمل الاتفاق هددتها بالفويس اللي معاك ..."
" هي اللي حكتلك .."
اومأ كريم برأسه وهو يكمل مؤكدا على ما يجول بخاطر سعد:
" مقدرتش تخوني...."
" حبتك ...؟!"
سأله سعد بملامح مترددة ليرد كريم بثقة :
" عندك شك فده ...؟!"
ابتلع سعد ريقه وقال محاولا تغيير الموضوع :
" انت جيت بدالها ليه ...؟! عشان تحميها مني ...؟!"
" شيء ميخصكش ... "
قالها كريم بصرامة ثم أردف :
" قولي عايز ايه ...او بالاحرى عايز كام وتشيل مايا من دماغك ...؟!"
رد سعد بسخرية :
" لا فلوس انا اكتفيت منها ....مبقتش محتاجها ...."
" امال عايز ايه ...؟!"
" مايا ...عايز مايا..."
وقبل ان ينتهي من كلامه كان كريم يلكمه على وجهه بقوة ... نهض سعد من مكانه ارضا وهو يمسح دماء انفه بيده قبل ان يبتسم بتشفي لكريم ويهتف به بتهكم مقصود :
" مشكور يا باشا ...مقبولة منك .... كله مقبول منك ..."
قبض كريم عليه من ياقة قميصه ثم قال بنبرى هجومية مندفعة :
" انا ممكن اقتلك هنا فمكانك ....ومحدش هيحاسبني عليك .... اهدى واحترم نفسك بدل ما اوريك اللي عمرك مشفته ..."
ابتسم سعد كمن لا شعور له وقال بلا مبالاة :
" اعمل فيا اللي أنت عايزه .... انا مش هتنازل عن مايا مهما حصل ..."
هنا لم يتحمل كريم ما سمعه فأخذ يسدد لكماته لسعد .... لكمات لم يقاومها سعد بل استقبلها بإستسلام تام ....
ابتعد عنه كريم اخيرا لينهار سعد على ارضية المكان فبصق كريم على وجهه ثم حمل نفسه وخرج من المكان وهو يتوعد لسعد بأنه سيأخذ حقه منه كاملا ولكن فالوقت المناسب ...
دلف كريم الى غرفة نومه ليجد مايا جالسة على السرير واضعة رأسها بين كفي يديها ...
رفعت رأسها ما ان شعرت بوجوهه فظهر وجهها الباكي لتنتفض من مكانه وهي تقترب منه وتهتف به :
" عملت ايه ....؟!"
ابعد ذراعه من يدها وقال بإقتضاب :
" ميخصكيش ..."
مايا وهي تتوسله :
" ارجوك متعملش معايا كده ... انا عارفة اني غلطت بس متعاقبنيش بالطريقة دي ..."
اطلق تنهيدة طويلة قبل ان يلتفت نحوها ويهتف بها ببرود :
" لمي هدومك ..."
" ليه ...؟!"
سألته بنبرة غير مستوعبة لما تسمعه فيهتف بها :
" هتروحي بيت اهلك ...."
" ليه ....؟!"
كررتها بتوجس ليرد بما جعل الدم يهرب من عروقها :
" هطلقك ...."
هزت رأسها نفيا وقالت بدموع لاذعة :
" لا مستحيل .... انت مش هتطلقني ...لا يا كريم ارجوك بلاش تعمل كده ..."
" امال عايزاني اعمل ايه ..؟!"
قالها بنبرة هادرة ونفاذ صبر لترد ببكاء :
" عاقبني زي مانت عايز بس خليك جمبي ..."
ابتسم بتهكم وقال بمرارة:
" بعد ما خنتيني ....طعنتيني فظهري ..."
قبض على ذراعها بقسوة وقال بنفور بينما عيناه بدتا ناريتين :
" انا كان لازم اقتلك عاللي عملتيه ...بس انا رحمتك من الموت ..."
" كريم انا بحبك ..."
قالتها بنبرة مرتجفة خجول ودموعها توقفت عن الجريان ليبتسم بسخرية مريرة ويقول :
" للاسف اتأخرتي اووي ..."
مسحت وجهها بباطن كفيها ثم قالت وهي تهز رأسها عدة مرات يمينا ويسارا :
" لا متأخرتش ...انا بحبك وانت بتحبني ... وهتسامحني ..."
" حطي نفسك مكاني ..."
اخذت نفسا عميقا وقالت :
" انا استحملت حاجات كتير منك .... الي عملته فيك ميجيش ربع اللي عملته فيا .... ومع كده انا سامتحك ... سامحتك عشان حبيتك ..."
قالت جملتها الاخيرة بدموع محصورة قبل ان تهتف بألم :
" انت كمان لازم تسامحني ... تسامحني زي ما سامحتك ..."
أشاح وجهه بعيدا عنها لتكمل بتوسل :
" سامحني المرة دي يا كريم ... سامحني زي ما سامحتك...."
" لمي هدومك يا مايا ...."
هزت رأسها نفيا مرة أخرى وقالت غير ابهة بصرامته :
"لا مش هلمها ...ومش هروح اي مكان ... انا هفضل هنا جمبك ...مش هسيبك ..."
قال بنبرة عصبية عنيفة :
" قلت لمي هدومك ... عشان تروحي بيت اهلك ... "
قررت ان تستخدم اخر ورقة ضغط لديها فهتفت اخيرا :
" انا حامل ..."
ضحك عاليا قبل ان يقول :
" بطلي بقى...بطلي كدب وخداع ..."
" انا مش بكدب يا كريم... انا حامل .... "
قالتها مؤكدة كل حرف صدر منها ليكمل هو بإستهزاء :
" لا بجد ...حامل ...من مين ان شاء الله ...؟!"
بهتت ملامحها وقالن :
" يعني ايه من مين ...؟! اكيد منك ...."
دفعها بعيد عنه وقال مصرا على تكذيبها :
" دي لعبتك الجديدة ...صح...؟! بس انا فاهمك ...وعارف انك لا كنتي ولا هتكوني حامل ..."
" اقسم بالله العظيم انا حامل ..."
أقسمت له بنبرة صادقة قبل ان تتجه نحو الحمام وتخرج منه بعد لحظات وهي تحمل جهاز كشف الحمل لتضعه امام عينه وتهتف مشيرة الى الجهاز :
" بص ده الجهاز بيأكظ اني حامل ..."
جحظت عيناه بصدمة قبل ان يهتف بها بنبرة جنونية وهو يقبض على ذراعها :
" حامى ازاي ...؟! انطقي يا مايا ..."
" يعني يه حامل ازاي ...؟!"
" حامل ازاي وانا عقيم يا مايا ....؟!"
" انت بتقول ايه ...؟!"
قالتها وهي تحرر ذراعها من قبضته ليهتف بها بتأكيد :
" انا عقيم يا مايا
تكملة الروايه اضغطي من هنا
تعليقات
إرسال تعليق