المشهد السادس
ظلت تنظر له بريبة تنتظر رد فعله على ما قالته .. لا تعرف كيف استطاعت ان تبوح له بكل شيء .. لكن هناك شيء في داخلها اخبرها أن تتحدث وتخبره بما فعلته هي وشقيقتها .. وجدته ينظر لها بتمعن وكأنه يراها لأول مرة .. لم ينطق بحرف واحد فقط يتأملها دون حديث..
سألته بصوت خافت مرتجف :
" مش هتقول حاجة ..؟!"
اجابها اخيرا بعد صمت استمر لدقيقتين :
" اقول ايه ..؟! "
قالت بتعجب :
" قول اي حاجة .. اصرخ علي .. او حاسبني .."
" ليه هربت ..؟! ليه مواجهتنيش ورفضت تكمل الجوازة ..؟!"
سألها بهدوء غريب لترد بجدية :
" مكنتش هتوافق تلغي الفرح ولا بابا كان هيوافق فمكانش قدامها حل غير الهرب .. "
عاد الصمت حليفه حتى قطعته بملل :
" انت هتفضل ساكت كده كتير ..؟! سكوتك ده مخوفني .."
رد بصراحة :
" مش عارف اقول ايه .. من جهة مدايق جدا لاني اتحطيت فموقف غبي زي ده .. خصوصا اني معرفش حاجة عن الصور دي ومن جهة فرحان انوا هروب ريم خلاني اعيش حاجة مختلفة مكانتش فبالي ولا فحساباتي .."
رمقته بتعجب وهي تسأله :
" حاجة مختلفة ..؟! انت بتتكلم عن ايه ..؟!"
رد بخفوت وعيناه تلمعان بشكل غريب :
" انا اكتشفت انوا ارتباطي من ريم كان غلطة .. ريم مكانتش هي الانسانة المناسبة ليا .. ولا كنت هرتاح معاها .. غير اني اكتشفت اني عمري محبيتها وانوا مشاعري ناحيتها متعدتش الاعجاب .. عشان كده انا بحمد ربنا انوا الجوازة دي متمتش ومتورطتش معاها .."
رفعت حاجبها بدهشة وقالت بعفوية :
" انت مجنون يابني ..؟! انت متأكد انوا عندك ستة وثلاثين سنة ..؟!"
ضحك وهو يسألها بخبث :
" طب مانتي عارفة سني اهو .. امال جبتيها منين اواخر الاربعينات .."
احمرت وجنتاها وهي تقول :
" شكلك بيدي كده .. اعملك ايه ..؟!"
رد بمكر :
" على اساس انوا شعري ابيض من كتر الشيب ووشي عجز من التجاعيد .."
ضحكت بقوة قبل ان ترد :
" متقلقش .. كلها خمس ست سنين وشعرك هيتقلب ابيض ووشك هيعجز .."
ثم اكملت بمكر :
" نصيحة ليك الحق اتجوز وخلف بسرعة عشان متبنش قدام الناس جد لولادك .."
قال بخبث :
" منا متجوز فعلا .. "
ابتلعت ريقها وقالت وهي تبعد عينيها عنه :
" انا اقصد حاجة تانية .."
رد بجدية :
" وانا اقصد اللي فهمتيه .."
تطلعت اليه بصدمة قبل ان تقول بسرعة :
" لا انسى .. اللي بتفكر فيه لا يمكن يحصل .."
" ايه اللي بفكر فيه ..؟!"
سألها بمرواغة لترد وهي تكاد تبكي من فرط الخجل :
" انت سخيف على فكرة وبتستغل صغر سني .."
ضحك عاليا وقال :
" دي تاني مرة تعترفي فيها انك طفلة .."
تأملته متمعنة النظر بضحكته لتجد نفسها معجبة بها للغاية .. كان يبدو وسيما للغاية وهو يضحك من اعماق قلبه ..
انتبه لتأملها وشرودها فيه فابتسم بمكر قبل ان يجذبها نحوه ويطبع قبلة خفيفة على شفتيها ..
تصنمت في مكانها وهي تشعر بشفته تلتصق بشفتيها قبل ان تتعمق قبلته اكثر بينما هي مستسلمة له تماما لا تشعر بشيء سوى بقلبها الذي ينبض بعنف وجسدها الذي يرتجف من فرط المشاعر القوية التي اهلكتها ..
ابتعد عنها جاسر اخيرا يتأمل وجهها الذي اصبح بمئة لون وملامحها المضطربة ..
كان يشعر بنبضات قلبه تصل ذروتها .. لم يستوعب بعد مدى روعة التجربة .. ود لو يعاود تقبيلها مرارا دون ان يكل او يمل ..
تأمل ملامحها الساكنة قليلا قبل ان تنفجر في البكاء ..
اضطرب كليا وهو يحاول احتضانها وتهدئتها لكنه دفعته وقالت من بين بكائها :
" انت ازاي تعمل كده ..؟! ازاي ..؟!"
" اهدي يا ملك .. انا معملتش حاجة .. انا جوزك .."
صرخت بقوة :
" انت استغلتني .. "
رد بقوة وهو يحاول احتوائها :
" دي مجرد بوسة على فكرة .. مفيش داعي تقلبي الدنيا بالشكل ده .."
قالت ببراءة وهي تنهار من شدة البكاء :
" دي اول بوسة ليا .. انت بأي حق تعمل كده ..؟! بأي حق تسرق اول بوسه ليا بالشكل ده ..؟!"
زفر انفاسه بقوة وقد فهم الان سبب بكائها ليرد بجدية :
" انا جوزك يا ملك .. واللي عملته ده شيء طبيعي .. "
ردت معترضة :
" لا مش طبيعي .. احنه جوازنا مش طبيعي اصلا .."
" طب ممكن تهدي .."
قالها برقة لتمسح دموعها وهي تنظر له بغيظ ليجد نفسه يعتذر لها :
" انا اسف .. "
شعرت بالحرج وهي تتذكر استسلامها المخزي له والأسوء تلك المشاعر الغريبة التي انتابتها .. لم تشعر بالنفور والازدراء بالعكس تماما كان ما شعرت به هو السعادة .. لعنت نفسها وشعور الغدر والخيانة تمكن منها .. لقد خانت خالد ووعدها له .. غدرت به ..
لاحظ جاسر اضطراب مشاعرها الذي ظهر بوضوح على ملامحها فقال بجدية :
" اهدي يا ملك وانا اوعدك اني مش هقرب تاني منك .."
رمشت بعينيها وهي تقول :
" انا وحدة متخلفة .. وغبية .. انا عارفة نفسي غبية .. "
ثم اكملت بصدق :
" الغلط مش منك . الغلط مني .. انا كان لازم امنعك ومستسلمش .."
رد على مضض :
" خلاص انسي الموضوع واعتبري مفيش حاجة حصلت .. ونامي وارتاحي لآنك تعبتي النهاردة .."
أومأت برأسها وهي تتدثر تحت الغطاء وتحاول ان تنسى تلك القبلة واستسلامها المخزي له وفعل جاسر المثل ..
اغمضت عينيها لتتفاجئ به يسألها :
" هي فعلا كانت اول بوسة ..؟!"
التفتت نحوه وقالت بعدم تصديق :
" هو انت فاكر اني بكدب ..؟!"
قال بسرعة مصححا :
" اكيد لا .. بس انتي قلتي انك مرتبطة بخالد .. يعني معقول مرتبطين ومحصلش بينكم حاجة زي كده .."
ردت بسرعة وعفوية :
" خالد عمره مقرب مني ولا لمسني .. احنه علاقتنا كانت بريئة جدا .. هو كان بيخاف عليا ويحافظ عليا حتى من نفسه .. وحتى لو هو كان عايز حاجة زي كده انا مكنتش هسمحله"
تنهد براحة عندما سمع ما قالته بالرغم من ضيقه لمدحها لذلك المدعو خالد ..
قال اخيرا بعدما سيطر على مشاعره المتضاربة :
" انتِ جميلة اوي يا ملك .. اجمل بنت شفتيها فحياتي .."
لمعت عيناها بقوة لتجد نفسه تقول بلا وعي :
" انت كمان جميل .."
ثم قضمت لسانها وهي تلعن نفسها على ما تفوهت به قبل ان تستدير للجهة الاخرى وتغمض عينيها بقوة ..
....................................................................
مر شهرين بعد تلك الليلة ..
جاسر نفذ وعده لملك ولم يقترب منها اطلاقها رغم رغبته الشديدة بذلك ..
العلاقة بين جاسر وملك اصبحت جيدة جدا ..
في الصباح جاسر يذهب الى عمله وهي تذهب الى منزل والدها لمراعاة اخويها ..
وفي المساء يلتقيان على العشاء حيث يصعدان بعدها الى غرفتهما ويتحدثان في الكثير من الامور المختلفة حتى تغفو ملك دون وعي اثناء حديثهما ويظل جاسر يتأملها بعشق بات يسيطر على كيانه بأكمله قبل ان ينام بجانبها وهو يشعر بالسعادة والاطمئنان ..
جلنار ابتعدت عن طريقهما ولم تتدخل نهائيا بهما بالرغم من عدم رضاها عن ذهاب ملك الى منزل عائلتها يوميا وضيقها من مظهرها البشع بالنسبة لها ..
سيلين سافرت ايضا الى عائلتها وقد ارتبطت ملك بعلاقة قوية مع زينة ورزان اما ريم فظلت مختفية ووالدها ما زال يبحث عنها ..
في مساء احد الايام ...
كانت ملك تجلس وتتحدث مع زينة ورزان وتضحكان سويا حينما تقدمت جلنار منهما وهي تهتف بقلق :
" هو جاسر أتأخر ولا انا بيتهيألي ..؟!"
تطلعت الفتيات اليها لتقول زينة :
" جايز عنده شغل ولا حاجة .."
قاطع حديثها رنين هاتف ملك برقم غريب فإجابت بسرعة لتجد المتصل يسألها :
" حضرتك مدام جاسر الحسيني ..؟!"
" ايوه انا .. خير ..؟!"
سألته بقلق ليرد :
" استاذ جاسر عمل حادثه وهو دلوقتي فالمستشفى .."
سقط الهاتف من يدها وكادت ان تسقط ارضا لولا زينة التي لحقت بها وسندتها لتسألها جلنار بقلق :
" فيه ايه ..؟! مالك ..؟!"
ردت بصوت مذعور :
" جاسر عمل حادثة وهو دلوقتي بالمستشفى .."
ثم ركضت مسرعة وهي تقول بلهفة :
" انا لازم اروحله .."
لحقت بها زينة ورزان وكذلك جلنار التي اتصلت اثناء الطريق بكمال ابن عمه ..
كانت ملك تبكي طوال الطريق بشكل هيستيري وهي تدعو الله ان يكون بخير ..
دلفت الى المستشفى ليجدن كمال قد سبقهن فقام باستقبالهن واخبرهن انه ما زال داخل غرفة العمليات ..
انهارت ملك بين احضان زينة التي اخذت تواسيها ..
مر الوقت بطيئا حتى وجدت ملك والدها يتقدم نحوهم ومعه خالد الذي كان بجانب حامد وقت معرفته بحادثة جاسر ..
ما ان رأت ملك والدها حتى ركضت نحوه واحتضنته بقوة وهي تبكي بعنف وسط صدمة خالد الذي لم يستوعب انهيارها بهذا الشكل لأجل جاسر ..
حاول والدها تهدئتها مستغربا هو الاخر من انهيارها هذا فوجدها تقول وسط بكائها :
" انا خايفة عليه اوي .. مش عايزاه يموت .. متخليهوش يموت يا بابا .."
ادمعت عينا الاب وهو يحاول تهدئتها حينما خرج الطبيب واخبرهم انه بخير وان الحادثه لم تكن قوية كما انه سيتم نقله الى غرفة عادية وسيبقى في المستشفى عدة ايام حتى يشفى تماما ..
تنهد الجميع براحة بينما اخذ خالد ينظر الى ملك التي عادت الحياة لوجهها واحتضنت والدها مخبأة وجهها داخل احضانه بينما اخذ والدها يفكر في شيء اخر ..
هل احبت ملك جاسر ..؟! تصرفاتها وخوفها عليه بهذا الشكل يشيران الى ذلك ولكن هل احبها جاسر ايضا ..؟!
نظر الى ابنته بشفقة فهو اكثر من يعرف جاسر وذوقه في النساء .. وبحكم معرفته به فمن المستحيل ان يحب جاسر ملك .. لعن نفسه حينما وافق على ارتباط ابنته بجاسر فالمسكينة وقعت في حبه دون ان تدرك مدى سوء ذلك ..
بحث بعينيه عن خالد فوجده قد غادر ليجلس ابنته على الكرسي ويجلس بجانبها محاولا تهدئتها ليجدها تقفز بسرعة :
" خلينا نروح نشوفه .. زمانهم نقلوه الاوضة .."
وبالفعل ذهبوا الى هناك ليجدونه نائما غير واعيا بأي شيء ..
اقتربت ملك منه وأخذت تتأمله والدموع تهطل من عينيها بغزارة ..
تحدث الطبيب بجدية :
" الوقت متأخر ومينفعش كلكم تفضلوا هنا .. لازم شخص واحد يفضل معاه .."
" انا .. انا مراته وهفضل معاه .."
قالتها ملك بسرعة ليبتسم لها الطبيب ويقول :
" حقك طبعا .. الباقي تقدروا تتفضلوا وتزوروه بكره .. هو بخير .. اطمنوا .."
خرج الجميع بعد قليل تاركين ملك لوحدها مع جاسر والتي اخذت تنظر له بحزن يمزق قلبها ..
جلست بجانبه وأمسكت يده وهي تقول بخفوت :
" قوم من فضلك .. بلاش تموت وتسيبني .. انا مش عايزة اي حاجة مش كويسة تحصلك .."
ثم وجدت نفسها تنحني نحو يده وتقبلها برقة قبل ان تلمس خصلات شعره السوداء ..
ظلت جالسة على الكرسي حتى غفت عليه ..
حل الصباح ليفتح جاسر عينيه اخيرا وهو يشعر بألم شديد في انحاء جسده ..
التفت نحو اليسار ليتفاجئ بملك نائمة وهي جالسة على الكرسي ..
نبض قلبه بعنف وهو يمد يده ويلمس يدها قبل ان يهمس بحب :
" ملك .."
جفلت من نومتها واخذت تتلفت يمينا ويسارا قبل ان تسأله برعب :
" انت كويس ..؟! فيه حاجة بتوجعك ..؟!"
قال بسرعة محاولا تهدئتها :
" اهدي .. انا بخير الحمد لله .."
تنهدت براحة واخذت الدموع تتساقط من عينيها ليسألها بقلق :
" بتعيطي ايه ..؟!"
ردت بوجع :
" خفت يحصلك حاجة وحشة .."
ابتسم وهو يقول :
" انا كويس .. متقلقيش .."
مسحت دموعها وهي تلمس كف يده وتضغط عليه بدعم ..
جاء الطبيب بعدها وفحصه وطمأنها عليه ..
جاءت بعدها جلنار مع ابنتيها وكمال واطمئنا عليه وبقيا معه لوقت طويل ..
ثم جاء بعدها حامد تبعه العديد من اصدقاء جاسر واقاربه ..
لم يكن هناك وقت لهما كي ينفردا سويا فجاسر لديه العديد من الاصدقاء والاقارب الذين سارعوا لزيارته ..
حل المساء ورحل الجميع لينظر جاسر الى ملك الذي ظهر الاجهاد عليها بوضوح فسألها :
" ليه مروحتيش مع كمال يا ملك ..؟!"
ردت بسرعة :
" لا انا هفضل جمبك .. مش هسيبك لحد ما تخرج .."
قال بجدية :
" بس انتِ تعبتي خالص .."
ابتسمت له وقالت :
" انا كويسة ومتقلقش .."
رن هاتفها فوجدت خالد يتصل بها .. ارتبكت قليلا واجابته :
" مساء الخير .. اه الحمد لله بقى كويس .. ايه ..؟! "
نظرت الى جاسر وقالت :
" لا مينفعش .. "
تطلع جاسر اليها بشك بينما اكملت هي بتلعثم :
" قلتلك مينفعش .. تصبح على خير .."
ثم اغلقت الهاتف في وجهه ليسألها جاسر بجمود :
" مين ..؟!"
ردت بصدق :
" خالد .."
" عاوز ايه ..؟!"
اجابته بتوتر :
" كان عايز يشوفني ويتكلم معايا فحاجة مهمة .."
اغمض جاسر عينيه بإرهاق ثم فتحها وقال :
" اتمنى انوا متتكلميش معاه تاني ابدا يا ملك احتراما ليا على الاقل .."
قالت بسرعة :
" انا فعلا مش بتكلم معاه ولا بشوفه .. واظن انوا اما اتصل بيا دلوقتي رديت عليه قدامك .."
اومأ برأسه متفهما وقال :
" عارف .. انا بثق فيكي اصلا وبثق فأخلاقك .."
ابتسمت بإضطراب قبل ان تقول بجدية :
" نام وارتاح بقى .. الدكتور قال مش لازم تجهد نفسك بالكلام .."
...........................................................................
كانت تقلب في مواقع التواصل الاجتماعي بملل حينما رأت خبر اصابته بحادث سيارة فقفزت من مكانه بهلع لتسألها صديقتها :
" مالك يا ريم ..؟! "
اجابتها ريم بصوت متحشرج :
" جاسر يا نور .. جاسر عمل حادثه .."
اقتربت نور منها محاولة تهدئتها :
" طب اهدي يا حبيبتي .. اهدي .."
قالت ريم بذعر :
" اهدى ازاي .. انا خايفة تكون حالته خطيرة .. انا لازم اروحله .."
قالت نور بسرعة :
" تروحيله فين ..؟! انتِ اتجننتي ..؟! "
ردت ريم بقوة :
" مش مهم اي حاجة .. المهم اطمن عليه .."
عارضتها نور :
" ريم بلاش جنان .. لو ظهرتي دلوقتي محدش هيرحمك .. ومتنسيش كمان انوا اتجوز اختك .،"
قالت ريم بضيق :
" ميهمنيش اي حاجة .. المهم اني اطمن عليه .. واني اشوفه وهو كويس .. وانا هعتذرله وابوس ايديه عشان يسامحني .. انا ممكن اموت لو حصله حاجة .."
حاولت نور تهدئتها فقالت :
" طب اهدي دلوقتي .. اهدي وكل حاجة هتبقى تمام .."
.......................................................................
مرت العديد من الايام وخرج جاسر من المستشفى وبدأت الحياة تعود لطبيعتها ..
ظل جاسر مقيما في المنزل بأوامر الطبيب حتى يستعيد عافيته تماما وكانت ملك المسؤولة عن رعايته ..
في احدى الليالي كانت ملك تؤدي فريضتها بينما جاسر يقف بعيدا يتأملها بدهشة فهذه المرة الاولى التي تصلي بها امامه.. انتهت ملك من صلاتها لتتفاجئ به ينظر اليها بطريقة غريبة..
" بتبصلي كده ليه ..؟!"
سألته متعجبة من نظراته تلك فأجابها بجدية :
" مكنتش اعرف انك بتصلي .."
ردت بإستخفاف :
" حد قالك اني ملحدة قبل كده .."
وجدته يقول بصدق :
" اصل دي اول مرة اشوف فيها حد بيصلي .."
صاحت بعدم تصديق :
" نعم ..؟!"
ثم سألته بدهشة :
" عمرك مشفت حد بيصلي ..؟! مامتك او باباك او وحدة من اخواتك ..؟!"
هز رأسه نفيا وهو يجيب :
" لا .. مظنش انوا امي او اخواتي بيصلوا اصلا .."
قالت بتعجب :
" غريبة .. "
" ايه اللي غريب فكلامي ..؟!"
اجابته بصدق :
" المفروض انكوا تصلوا طالما مسلمين .. طب انت معروف ليه مش بتصلي .. بس مامتك واخواتك ليه .."
حاول تغيير الموضوع فسألها :
" انتِ بتصلي من زمان ..؟!"
أومأت برأسها وهي تجيبه :
" من اكتر من عشر سنين .. انا وعدت ماما اني التزم فصلاتي دائما .. وبابا كمان وعدها والتزم .."
ثم اردفت بأسف :
" ريم الوحيدة اللي مبتصليش .. مع انوا ماما حاولت معاها كتير وانا حاولت .."
اكملت وهي تبتسم بحب :
" اصل الصلاة دي مريحة اوي يا جاسر .. بتخليك تحس انك انسان جميل وتخليك تحب نفسك .."
صمت ولم يرد عليها ليتفاجئ بها تخبره :
" جاسر ممكن اطلب منك طلب ..؟!"
اومأ برأسه وهو يجيبها :
" اكيد ..اطلبي اللي انتي عايزاه وانا هنفذهولك .."
قالت وهي ترسم على شفتيها ابتسامة بريئة سحرته :
" ممكن تبطل شرب وعلاقات حرام .. حرام تضيع نفسك بسبب حاجات متستاهلش إنك تضيع نفسك عشانها .. "
وعندما لم تجد ردا منه اكملت بطفولة :
" النار بتحرق اووي يا جاسر .."
وجدته يبتسم رغما عنه لتعقد حاجبيها وهي تسأله بضيق :
" انت بتستهزء فكلامي .. بكره ربنا يعاقبك وتفتكرني .."
رد بسرعة وقد اختفت ابتسامته :
" مين قال اني بستهزء ..؟! عالعموم طلبك على عيني وعلى راسي .. وفعلا انتِ معاكي حق .. مفيش حاجة تستاهل اضيع نفسي عشانها .."
تنهدت براحة وهي تتجه نحو الفراش لتنام لتتفاجئ به يخبرها :
" ملك .. انا ملمستش ست من بعد اول ليلة ففرحنا .. دي كانت اخر مره المس فيها ست .. بعدها مقدرتش اقرب من اي ست .. حاولت ومعرفتش .. "
ابتلعت ملك ريقها وهي تشعر بشيء خفي وراء اعترافه هذا ..
......................................................................
استيقظت ملك صباحا لتجد جاسر يقف امام المرأة مرتديا ملابس الخروج ويسرح شعره لتسأله بجدية :
" هتروح الشركة ..؟!"
اجابها وهو يبتسم لها :
" ايوه خلاص .. فترة النقاهة انتهت .."
ابتسمت له وقالت :
" يبقى انا كمان هروح بيتنا .. اصلي بقالي كتير مزرتش اخواتي .."
" طب غيري هدومك بسرعة وانا هوصلك .."
قفزت من فوق السرير واتجهت مسرعة لتغير ملابسها ..
ارتدت ملابس الخروج وسارت مع جاسر حيث هبطا الى الطابق السفلي ليجدا رزان تنظر لهما بتوتر فسألها جاسر :
" مالك يا رزان ..؟! فيكي ايه ..؟!"
ردت رزان بتلعثم :
" فيه ضيفه جوه ..؟!"
سألها جاسر بحيرة :
" ضيفة مين ..؟!"
لينصدم من ريم التي تقدمت نحويهم وهي تهتف بخجل :
" انا يا جاسر .."
يتبع
ابغى اقول انوا فاضل مبدئيا اربع مشاهد طوال فاستعدوا بقى وقولولي رأيكم بالاحداث بصراحة وانا هتقبل اي نقد سلبي والاهم هل شايفين الاحداث سريعة..؟!
#ملك_عمري
المشهد السابع
نظرت ريم الى جاسر وملك بضيق قبل ان تقول بوداعة :
" جاسر ممكن نتكلم .."
همت ملك بالتحرك عائدة الى غرفتهما وهي تتمتم :
" عن اذنكم .."
الا ان جاسر مسك يدها وأوقفها بجانبه لتنظر ريم الى يديهما بكره قبل ان تقول بجدية :
" لوحدنا .. نتكلم لوحدنا .."
رد جاسر وهو ينظر بقوة الى عينيها :
" اولا ملك مراتي ومعنديش حاجة اخبيها عنها .. ثانيا احنه مفيش كلام بينا .."
قالت ريم بسرعة وانفعال :
" لا فيه يا جاسر .. احنه لازم نتكلم .. جاسر انا بحبك واسفة .."
شعرت ملك بقلبها ينشطر الى نصفين عندما سمعت اعتراف اختها بينما قاطعها جاسر بغضب :
" ريم الزمي حدودك .. انا دلوقتي جوز اختك .. احترمي ده على الاقل .."
قالت ريم :
" انت اتجوزتها عشان الفضيحة مش حبًا فيها .. انت بتحبني .."
حررت ملك كف يدها من يده وتحركت راكضة الى غرفتها بيمنا تطلع جاسر اليها بضيق وقال بصراحة مطلقة :
" انا عمري محبيتك يا ريم .. ارتباطي بيكي كان غلطة والحمد لله انها مكملتش .. تقدري تفضلي دلوقتي وبالنسبة لهروبك يوم فرحنا فاعتبريني سامحتك عليه .. وياريت تتفضلي دلوقتي من غير مطرود .."
تطلعت ريم اليه بعينين دامعتين قبل ان تخرج مسرعة من المنزل محاولة اخفاء دموعها بينما نظر جاسر الى رزان الساهمة بضيق قبل ان يعود الى غرفته عائدا الى ملك ..
صعد اليها ليجدها واقفة امام النافذة تتطلع خارجها بشرود .. اقترب منها وهو يهتف اسمها بخفوت ليجدها تتحدث وكأنها تكلم نفسها :
" كان عندي 13 سنة لما ماما ماتت .. ماما كانت مريضة قلب .. الدكاترة حذروها انها تخلف تاني من بعدي بس هي اصرت تخلف عشان تجيب لبابا ولد يشيل اسمه .. مفكرتش فأي حاجة غير انها تحقق حلم بابا .. وحملت وجابت الولد اللي بابا كان نفسه فيه بس مستحملتش وماتت .."
صمتت قليلا قبل ان تكمل وهي تلتفت نحو جاسر الذي كان يستمع اليها بإهتمام :
" ماتت وسابت علي ومنى .. منى اللي بابا سماها على اسم امي عشان يحس انها لسه عايشة بينا .. بقينا لوحدنا .. وحسينا بوحدة فظيعة .. انا اكتر وحده حسيت بالوحدة لاني كنت قريبة جدا من ماما ومتعلقة بيها بشكل غريب عكس ريم اللي كانت تعلقها فيها عادي مش اوفر يعني .."
ابتلعت ريقها وهي تحمل :
" فضلت اسبوع فأوضتي .. مقدرتش احضر العزا ولا قدرت اتكلم او اكل .. لحد ما فيوم سمعت صوتهم وهما بيعيطوا .. بابا كان تعبان اوي ومس مستوعب انوا خسر حب حياته .. وريم كانت فعالمها الخاص .. شغلها وصحابها .. مكانش فيه غيري .. رحتلهم وشلتهم وقعدت اهدي فيهم .. مصحتش المربية اللي بابا جابها عشانهم .. حسيت انوا دي مسؤوليتي انا .. ومن ساعتها قررت اني اكون ام ليهم واني اكون مسؤولة عن كل حاجة تخصهم .."
صمتت قليلا والذكريات تتدفق امام عينيها :
" كانوا بيكبروا قدام عيني وانا كنت بكبر معاهم .. اهملت كل حاجة وركزت على حاجتين اخواتي ودراستي .. رغم انشغالي بيهم بس كان عندي حلم اني اخش كلية من كليات القمة .. وفعلا اجتهدت وجبت مجموع يدخلني كلية الصيدلة .. بس قالولي انوا دراستها صعبه ومش هلحق عليها خصوصا انوا اغلب وقتي كان لأخواتي اللي كل ما بيكبروا اكتر كل ما مسؤوليتهم بتزيد اكتر .. فقررت ادخل كلية ألسن .. "
ابتسمت بألم :
" كنت بسمع الكل بيتكلم عني وعن شكلي .. لبسي اللي مكنتش مهتمة بيه .. كنت بلبس اي حاجة قدامي واخرج .. شعري اللي كنت بسرحه بسرعة واجمعه .. وشي اللي مش بحط عليه ميك اب .. نظارتي اللي مش بقلعها لاني مش بشوف من غيرها اصلا .."
ادمعت عيناها وهي تكمل :
" بس مكنتش مهتمة نهائي .. من انا وصغيرة مكانش شكلي من ضمن اهتمامي .. عمري مبصيت للشكل .. ولا اهتميت فيه .. دي كانت طبيعتي من انا وصغيرة .. وكبرت واستمريت كده .. كنت سايبه نفسي على طبيعتي رغم انوا كتير كانوا بيسخروا مني ومن شكلي ولبسي .. حتى ريم كانت متدايقة مني بسبب الموضوع ده .. بس انا مكنتش مهتمة يا جاسر .."
اشارت الى نفسها وهي تكمل :
" انا بحب نفسي كده .. برتاح كده .. مش بشوف نفسي غير كده .. انا مش بيهمني حد .. ولا رأي حد.. واللي مش بيحبني وانا كده يبقى مش عاوزاه يحبني اصلا .."
" خلصتي ..؟!"
سألها وهو يبتسم بهدوء لتومأ برأسها وهي تخبئ دموعها .. اقترب منها حتى وصل امامها ولم يعد يفصل بينهما الا سنتيمترات قليلة :
" تعرفي انك فنظري اجمل بنت فالدنيا .. وانوا ستات العالم كلها ميجوش حاجة جمبك .. تعرفي اني مبقتش اشوف ست فالدنيا غيرك .."
قاطعته بذهول :
" ليه ..؟!"
اجابها بجدية :
" لانوا اللي بيحب حد بجد بيشوفه اجمل شيء فالكون .. مش بيشوف غيره اصلا .."
" بيحب ..؟!"
نطقتها بعدم تصديق ليومأ برأسه وهو يعترف اخيرا بما خبأه طويلا :
" ايوه بيحب .. انا بحبك يا ملك .. بحبك .."
شعرت بقلبها ينبض بعنف بينما لسانها يرفض ان ينطق بحرف واحد .. ظل يتأمل جمودها وذهولها بهدوء قبل ان يكمل بجدية :
" انا مش هطلب منك رد دلوقتي .. انا هسيبك على راحتك .. مش هضغط عليكِ ابدا .. بس لازم تعرفي اني بحبك جدا .. بحبك لدرجة صعب تتخيلها .. "
ثم طبع قبلة دافئة على جبينها وهم بالتحرك خارج الغرفة عندما وجد رزان تطرق الباب وتدخل وهي تهتف بإبتسامة متشنجة :
" سيلين جات يا ابيه .. هي تحت وعاوزة اطمن عليك .."
تطلع جاسر الى ملك التي سيطر الوجوم على ملامحها ليهتف بملل :
" مش هنخلص النهاردة .. هنزل اشوفها .."
ثم تحرك خارج الغرفة تاركا ملك تتابع اثره بقلق وهي تفكر في سيلين من جهة وفي ريم من جهة اخرى ..
....................................................................
هبط جاسر الى الطابق السفلي ليجد سيلين تتحدث مع والدته والتي ما ان لاحظت ولوجه الى الداخل حتى قفزت نحوه واحتضنه لكن جاسر دفعها برفق فإرتبكت وهي تقول بحب ظهر جليا في نظراتها :
" حمد لله على سلامتك يا جاسر .."
ابتسم جاسر بتصنع وقال :
" الله يسلمك .."
قالت جلنار بنبرة ذات مغزى :
" سيلين جات من بره مخصوص عشانك .. سابت كل حاجة وراها عشان تطمن عليك .."
ابتسم ببرود لترد سيلين :
" طبعا وانا عندي كام جاسر .. وهفضل هنا كمان .. هستقر يعني .."
حل الوجوم على ملامح وجهه وهو يتمتم بصوت غير مسموع :
" كملت .."
" روحي يا سيلين ارتاحي فإوضتك .."
ابتسمت سيلين لجلنار وسارت متجهة نحو غرفتها بينما استدار جاسر لوالدته وسألها :
" هي ايه الحكاية ..؟! يعني ايه هتستقر هنا ..؟!"
ردت جلنار بجدية :
" متمثلش انك مش فاهم حاجة يا جاسر .. انت عارف انوا سيلين بتحبك ومن زمان كمان .. وهي اكتر واحدة مناسبة ليك بعد ما تطلق ملك .. اديك جربت وخطبت ريم على مزاجك وشفت طلعت ايه .. سيبني اخترلك وحدة على مزاجي المرة دي .."
قال جاسر باندفاع :
" مين قال اني هطلق ملك ..؟!"
نهضت جلنار من مكانها وقالت :
" ده كان اتفاقنا من الاول .. كام شهر وتطلقها .."
رد جاسر بحزم :
" الاتفاق ده ملغي بالنسبالي .. انا مش هطلق ملك .. وهي هتفضل مراتي لاخر يوم فعمري .."
صرخت جلنار بلا وعي :
" نعم .. المتخلفة دي تبقى مراتك .."
قاطعها بغضب عارم :
" إياكِ تغلطي فمراتي او تتكلمي عنها بالشكل ده .. ملك خط احمر بالنسبالي .. مش مسموح لأي حد يتخطاه .."
نظرت جلنار اليه بعدم تصديق ليكمل بحسم :
" لو دايقتيها فأي كلمة فأنا ساعتها هاخدها واسيبلك البيت باللي فيه .. فلو عاوزانا نفضل هنا يبقى تحترميها وتحبيها كمان .."
ثم خرج مندفعا من المنزل تاركا والدته في اوج صدمتها ..
....................................................................
صفعة قوية تلقتها ريم على وجهها جعلت الدموع تفر من عينيها ..
" حقيرة .. انتِ عارفة عملتي فينا ايه .. دمرتينا كلنا .. ودمرتي حياة اختك .."
قالها حامد بغضب وكره كبيرين لتجثو على ركبتيها امامه وهي تهتف برجاء :
" سامحني يا بابا .. انا عارفة مدى غلطي .. واوعدك اني هصححه .."
" ازاي يا هانم ..؟!"
سألها بغضب تحت انظار خالد الذي كان يتابع الوضع بضيق لترد بجدية :
" جاسر بيحبني وهيسامحني لما يعرف السبب اللي هربت عشانه .. وساعتها هيطلق ملك ويرجعلي وكل حاجة هتتحل .."
صاح حامد بعدم تصديق :
" انتِ اتجننتي ..؟! ده جوز اختك .. يرجعلك ازاي ..؟! عاوزة تتجوزي الراجل اللي اتجوز اختك ..؟؟"
قالت بسرعة :
" مهو هيطلقها .. وهو اتجوزها عشان الفضيحة .. يعني جواز مصلحة .."
تدخل خالد فالحوار قائلا :
" ريم معاها حق .. هو ده الحل الصحيح .. جاسر يرجع لريم وانا اتجوز ملك .. كل واحد ياخد مكانه الصحيح ..."
تطلع حامد اليهما وهو يهتف بعدم تصديق :
" انتوا تجننتوا ..؟!"
ثم اكمل :
" اللي بتفكروا ده مستحيل يحصل .."
" ليه ..؟!"
سأله الاثنان بعدم فهم ليرد بنبرة ذات مغزى :
" انتوا لسه متعرفوش طبيعة العلاقة بين جاسر وملك وصلت لفين عشان تبقوا واثقين من انهم هيرجعوا ليكم .."
قال خالد بسرعة :
" جواز جاسر وملك عالورق بس .. يعني مفيش حاجة حصلت بينهم لسه .."
ابتسمت ريم بسعادة بينما صرخ حامد بجنون :
" كفاية بقى .. انت بأي حق تتكلم بحاجة زي كده ..؟!"
رد خالد ببرود :
" ده وعد ملك ليا من اول يوم .. وانا واثق من انها مستحيل تتراجع عنه .."
خرجت ريم مسرعة من الفيلا بعدما حملت حقيبتها بينما نظر حامد الى خالد بضيق قبل ان يصرخ به :
" اخرج بره .."
................................................................
كانت هبة اب خالة ملك تجلس على الكنبة في غرفة ملك بينما الاخيرة تسير ذهابا وايابا وهي تغمغم بضيق :
" مستحيل .. جاسر مش بيحبني .. هو بيكدب .. وانا مش بحبه .. انا بحب خالد ومن زمان كمان .."
زفرت هبة انفاسها بضيق ثم صرخت بها بملل :
" كفاية خيلتيني .. اقعدي بقى .."
جلست ملك امامها وهي تهتف بوجع :
" انا بحب خالد يا هبة .. مستحيل اكون بطلت احبه .."
ابتسمت هبة وقالت بجدية :
" مفيش حاجة اسمها مستحيل يا ملك .. اولا القلب قلاب .. ثانيا مين قال انك كنتي بتحبي خالد اصلا ..؟!"
تطلعت اليها ملك بدهشة وسألتها :
" انتي تقصدي ايه ..؟!"
قالت هبة بثقة :
" نتكلم بصراحة ومن غير زعل .. انتِ من ساعة ما كبرتي ودخلتي الثانوية مكنتيش مهتمة بنفسك خالص .. حياتك كلها كانت لأخواتك والدراسة .. بالتالي مفيش شاب بصلك او اهتم بيكي .. خالد الوحيد اللي اعجب بيكي .. خالد الوحيد اللي اعترفلك بحبه .. تخيلي اما بنت مفيش شاب واحد اهتم بيها او شاف طيبة قلبها وجمالها من جوه ويجي واحد يشوف كل ده ويحبها زي ماهي .. طبيعي هتنجذب ليه وهتحس نفسها انها حبته .. لكن ده مش معناه انها بتحبه فعلا .. ممكن تكون بتحبه وممكن تكون حبت حبه ليها .. جبت اهتمامه بيها اللي ملاقتهوش عند اي شاب تاني .. حبت انوا قرب منها وحس بيها .."
تطلعت ملك اليها بحيرة قبل ان تسألها :
" يعني انا محبتش خالد ..؟!"
ردت هبة بجدية :
" لو كنتي حبيتي خالد بجد مكنتيش حبيتي جاسر اصلا .."
سألتها ملك بإرتباك :
" مين قال اني بحب جاسر ..؟!"
ردت هبة :
" تقدري تقوليلي تدايقتي ليه لما شفتي ريم قريبة منه .. ؟! خفتي ليه من رجوع سيلين ..؟! فرحتي ليه لما قرب منك وباسك .. مبسوطة ليه لما بتتكلمي معاه .. مش ده كلامك اللي انتي قلتيه بنفسك ..؟!"
أومأت ملك برأسها وقالت :
" ايوه انا قلتلك كده بس ده ممكن يكون تعود .."
ردت هبة بضيق :
" مفيش حاجة اسمها تعود .. التعود ميخلكيش تحسي بالسعادة لمجرد انوا باسك .. لو مكنتيش بتحبيه مكنتيش هتتقبلي قربه منك .. التعود ميخلكيش تغيري عليه .. انتي بتغيري عليه يا ملك .. بتغيري عليه من ريم وسيلين .. اعترفي لنفسك بده بقى وريحي دماغك .."
" حتى لو كان كلامك صحيح .. مين قال انوا جاسر فعلا بيحبني ..؟! مش يمكن يكون غلطان فإحساسه ..؟!"
صاحت هبة بضيق وهي تكاد تشد شعرها من شدة الجنون :
" الطم .. انا هلطم بجد .. هو جاسر ده عنده 16 سنة عشان يغلط فإحساسه .. هو مراهق مثلا ومش عارف يحدد شعوره .. ده عنده فوق الخمسة وثلاثين سنة .. وعرف ستات قد شعر راسه .. هيغلط ازاي فإحساسه .. مش كل الناس خايبة زيك ومش عارفة تحدد مشاعرها .."
رمقته ملك بعدم اقتناع وقالت :
" مش يمكن يكون بيجاملني او بيراعي شعوري .. مهو مفيش سبب يخليه يحبني ..؟!"
صاحت هبة بها :
" يجاملك ايه ويراعي زفت شعورك ايه ..؟! هو الموضوع ده فيه مجاملة ..؟! انتي هتجنني ..؟! واحد يجامل وحدة يقولها بحبك .. ملك فوقي لنفسك بقى .. ثانيا الحب لمًا بيجي بيجي من غير سبب .. بيجي لوحده كده .. "
سألتها ملك ببراءة وأمل :
" يعني هو بيحبني بجد ..؟!"
أومأت هبة برأسها وقالت وكأنها تقنع طفلة صغيرة :
" بيحبك وبيعشقك كمان .."
ابتسمت ملك بسعادة لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وهي تقول بألم :
" بس الحب ده مستحيل يكمل ... لانوا ريم بتحب جاسر .. وانا لا يمكن اعيش مع واحد اختي بتحبه .."
جحظت عينا هبة وهي تستمع لحديث ملك الصادم قبل ان تقول بإنفعال :
" كفاية بقى .. لا بجد كفاية بقى .. ريم ايه وزفت ايه ..؟! هي ريم عمرها فكرت او اهتمت فيكي .. كفاية بقى يا ملك .. كفاية بجد .. انتي عاوزة تضيعي الراجل اللي بتحبيه وهو بيعشقك عشان ريم .. يعني لو ريم كانت مكانك كانت ضيعت جاسر عشانك .. كفاية تضحية ومثالية فارغة .. فوقي لنفسك بقى وعيشي حياتك .،"
اجفلت ملك من انفعال هبة وادمعت عيناها لتحاول هبة تهدئة نفسها وهي تمسك ملك الدامعة من يدها وتهتف بجدية :
" ملك حبيبتي .. ريم دي شيليها من دماغك .. جاسر جوزك انتي وبيحبك انتي .. ريم لو كان عندها شوية ضمير مكانتش هربت وحطتك فموقف زي ده .. دي مفكرتش فيكي ولا فأبوها ولا فالفضيحة اللي كان جاسر ممكن يسببها ليكم .. وحدة زيها مينفعش تفكري فيها اصلا .. متزعليش مني بس انتي اكتر واحدة تعرفي ريم وتعرفي أنانيتها ... فبلاش تحسسيني انها الضحية المسكينة .."
" طب وخالد ..؟!"
سألها ملك بحيرة لترد هبة بتعجب :
" ماله ..؟!"
اجابها ملك بدموع :
" انتي ناسية وعدي ليه ..؟! انا كده خنته وخدعته .."
رمقتها هبة بنظرات ضيقة قبل ان تهتف بحسم :
" خالد ده تنسيه تماما .. تمحيه من دماغك لانوا كلامك معاه يبقى خيانة لجوزك .. ثانيا انتي مبتحبيهوش .. انتي بتحبي جاسر .. مش ذنبك انك حبيتي الراجل اللي اتجوزتيه .. ولا ناوية تضحي عشان خالد وترجعيله وانتي اصلا بتحبي جاسر .. كده تبقي عقدتي الامور اكتر ودمرتي خالد وجاسر لانوا الاول هيعيش مع وحدة مش بتحبه والتاني هيخسر حبيبته .."
نظرت اليها ملك مليا واخذ كلام هبة يدور عدة مرات داخل رأسها ..
.....................................................................
اندفعت ريم الى مكتب جاسر رغم محاولات السكرتيرة لمنعها لينتفض جاسر من مكانه وهو يهتف بضيق :
" انا مش قلت مش عايز حد يدخلي .."
قالت ريم بإصرار :
" لازم تتكلم وتسمعني .."
اشار جاسر الى السكرتيرة كي تخرج ليجد ريم تخرج مجموعة من الصور وترميها امامه وهي تهتف بدموع :
" عايز تعرف سبتك ايه .. انا سبتك بسبب دول ..؟! مقدرتش اتحمل خيانتك ليا .. وخفت اواجهك تجبرني اتجوزك غصب عني خصوصا اني عارفة نفوذك .."
نظر جاسر الى الصور واجاب بهدوء :
" عارف .. ملك حكتلي كل حاجة .. بس للمعلومة فقط الصور دي كانت قديمة .. قبل خطوبتنا انا وانتي .."
سألته ريم بدهشة :
" يعني ايه ..؟! يعني انت مخنتنيش بعد خطوبتنا .."
رد جاسر بهدوء :
" انا عندي علاقات كتير اوي يا ريم .. لكن كلها انتهت من حياتي لمًا خطبتك ..."
قالت ريم بألم :
" عشان بتحبني .."
هز رأسه نفيا وهو يجيبها بصراحة مطلقة :
" لا يا ريم .. مش عشان بحبك .. عشان انا متعودتش اخون الست اللي هرتبط بيها .. هي دي كل الحكاية .. لكن حب فأنا محبتكيش .. كل الحكاية اني انجذبت ليكي خصوصا بعد ما فضلتي تطارديني فكل مكان وتحاولي تقربي مني بكل الطرق .. اعجبت بيكي وبجمالك وحسيت انك مناسبة ليا كزوجة .. لكن كل حاجة تغيرت بعد هروبك .."
" حاجة ايه اللي تغيرت ..؟! انت عايز تقولي ايه ..؟!"
سألته بنبرة مرتجفة ليرد بعدما اطلق تنهيدة صريحة :
" اللي عايز اقولهولك اني بحب ملك .. واني عايزها هي وبس .."
صاحت بعدم تصديق :
" ملك .. بتحب ملك ..؟! انت اتجننت ..؟! انت واعي لللي بتقوله ..؟! بتحب ملك ..؟! هي فيها حاجة تتحب اصلا .. ؟! دي لا شكل ولا مضمون .."
تطلع اليها جاسر بكره وقال :
" مكنتش اتخيل انوا فيه وحدة تتكلم عن اختها بالشكل ده .. حقيقي كل يوم بكتشف فيكي صفة اسوء من اللي قلبها .. وملك دي عندي تساوي الدنيا كلها .. وشكلها اللي مش عاجبك فأنا بعشقه لدرجة اني مش بشوف ست غيرها .. اما المضمون فهي مفيش فنظافتها من جوه ولا رقتها واحساسها وحس المسؤولية اللي عندها .،"
ضحكت ريم بعدم تصديق وقالت :
" ده انت بتقول فيها شعر .. ده انت عمرك مقلتلي ربع الكلام ده .."
رد جاسر بإبتسامة عاشقة :
" لانها ملك يا ريم .. كلامي ده قليل عليها وعاللي بحسه اتجاهها .."
حركت كفي يديها امامه وهي تهتف بذهول :
" جاسر .. انت واعي للي بتقوله ..؟!"
ابعد كفي يديها بنفور وقال :
" دي اكتر مرة اكون واعي فيها .."
صمتت لثواني قبل ان تقول بحقد :
" طب انت بتحبها .. هي بقى بتحبك ..؟!"
توترت ملامحه قليلا قبل ان يجيب بهدوء :
" دي حاجة خاصة بينا .."
قاطعته بجدية :
" لا مش خاصة .. انت عارف ومتأكد انها مش بتحبك وانها بتعشق خالد .. كلنا عارفين الكلام ده .. دي بتحبه من لمًا كانت طفلة صغيرة .. حبه كبر معاها .."
" كفاية بقى .. انا مسمحلكيش تتكلمي عن مراتي بالشكل ده .."
ردت عليه بإبتسامة باردة :
" لو عاوز تحاسب حد روح حاسب مراتك اللي قالت لخالد ووعدته انوا جوازكم هيفضل عالورق وبس .. وانها مش هتخليك تقرب منها .. هو مش جوازكم لسه عالورق ولا انا غلطانة .."
اتسعت ابتسامتها وهي تشاهد الجمود الذي سيطر على ملامح وجهه ..
يتبع
#ملك_عمري
متنسوش التفاعل 😃
المشهد الثامن
خرج جاسر من مكتبه وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب .. ركب سيارته واخذ يقودها بسرعة كبيرة .. كلمات ريم تتردد داخل عقله فتزيد من غضبه وجنونه ..
كيف تخبر خالد بهذا ..؟! كيف تكشف لها سرهما ..؟!
ضغط بأنامله على مقود السيارة وهو يسب خالد وريم ويلعنهما .. فلولا وجودهما لكانت ملك ملكه منذ وقت طويل .. وما كان ليحدث كل هذا ..
اوقف سيارته امام بوابة القصر وهبط منها متجاهلا تحية حراس القصر .. دلف الى الداخل مسرعا وصعد الى الطابق العلوي متجاهلا نظرات والدته وسيلين المستغربة .. دلف الى غرفته ليجد ملك تبكي واختيه تجلسان بجانبها تواسيانها ..
رق قلبه لها وانجلى غضبه بسرعة حينما سمع صوت بكائها ورأى دموعها .. اللعنة انها تؤثر به وتجعله يقف كالمشلول امامها .. نظر الى اختيه وسألهما بصوت متحشرج :
" فيه ايه ..؟!"
وقفت زينة وهي تجيبه :
" معرفش يا ابيه .. احنا كنا جايين نتكلم معاها لقينا منهارة وبتعيط .."
اشار لهما كي يخرجها فخرجا تاركين ملك لوحدها معه .. رفعت عينيها الباكيتين نحوه فارتفعت نبضات قلبها بعنف لتزداد شهقات بكائها .. جلس بجانبها ومسح على ظهرها متسائلا بحنو :
" مالك يا حبيبتي ..؟! بتعيطي ليه ..؟!"
ثم لمس كف يدها برقة بالغة واكمل :
" حصل ايه يا ملك ..؟! بلاش تخوفيني عليكِ .."
وجدها تهتف بنبرة باكية وكأنها تحدث نفسها لا تحدثه كما فعلت في مواجهتهما صباح اليوم :
" تعرف انوا انا عندي 19 سنة دلوقتي .. "
نظر اليها بتعجب فأكملت :
" تعرف انوا خالد ابن عمي هو الوحيد طول السنين دي اللي قالي انوا معجب بيا وبيحبني .."
لا يعرف جاسر كيف سيطر على غضبه وقرر ان يستمع لها لتكمل هي بشرود :
" كان اول واحد يحسسني انوا بيحبني رغم كل حاجة .. اول واحد يعجب بيا .. اول واحد يشوفني من جوه .. كنا متفقين انوا هنتجوز بعد التخرج .. وعدني انوا هيسكن معانا بالفيلا عشان اراعي اخواتي واهتم بيهم .."
اكملت بدموع حارقة :
" لما اتجوزتك وعدته اني هفضل احبه واني مش تخليك تلمسني او تقرب مني .."
اغمض جاسر عينيه واعتصر قبضتي وهو يضغط على اعصابه بقوة عجيبه بينما استرسلت هي في حديثها قائلة :
" بس انا منفذتش الوعد ده يا جاسر .. انا خنت خالد .. ورجعت فوعدي ليه .."
سألها بعدم فهم :
" خنتيه ازاي يا ملك ..؟! احنا محصلش حاجة بينا .."
ردت ملك بوجع :
" الخيانة مش بالجسد بس يا جاسر .. الخيانة بالمشاعر كمان .. "
حاول ان يستوعب كلماتها ولأول مرة يجد نفسه غبيا في تفسير معنى كلام الشخص المقابل بينما اكملت هي بحشرجة :
" انا بعد كلام هبة معايا مقتنعتش باللي قالته .. قررت اعتمد على نفسي واسأل قلبي .. اشوفه هيرد عليا بإيه .. اتمنيت يقولي انوا هو بيحب خالد .. وانوا خالد الشخص الوحيد اللي حبيته .. بس هو مقالش كده .. تعرف قالي ايه ..؟! قالي انوا خالد عمره مكان الشخص اللي بحبه .. هو لا كان ولا هيكون حبيبي .. هبة كان معاها حق .. كل كلامها كان صح .."
نبض قلب جاسر بعنف ولم يستوعب ما يسمعه على لسانها .. لقد جاء ليعاقبها على افشائها سرهما لحبيبها فوجدها تخبره انها لا تحب خالد من الاساس ..
سألها وهو يمسكها من ذراعيها ويديرها نحوه محاولا التأكد مما سمعه :
" ملك انتي واعية للي بتقوليه ..؟! انتي مستوعبة كلامك ده ..؟!"
هزت رأسها والدموع اللاذعة تغطي وجهها بالكامل لتكمل بعد شهقات متتالية :
" انا خدعت خالد .. انا مبحبهوش .. "
ثم رمت نفسها بين احضانه وهي تهتف بنحيب :
" انا بحبك انت .. انا بحب جاسر .. "
لم يصدق جاسر ما سمعه ... شعر في تلك اللحظة انوا عاد مراهقا صغيرا يسمع كلمات الحب من حبيبته لأول مرة .. لم يشعر بنفسه الا وهو يشدد من احتضانها والاف الافكار تدور داخل عقله .. ما أرقه لليالي طويلة وتمناه كثيرا تحقق .. ملك بين يديه تعترف له بأنها تحبه ..
شعر بدموعها تبلل قميصه فأبعدها عنه واخذ ينظر الى وجهها الاحمر من شدة البكاء ليمسح دموعها بأنامله ويقول :
" انتي مش خاينة يا ملك .. المشاعر مش بإيدينا .. وانتي بالنهاية حبيتي الشخص اللي يبقى جوزك .. مش ذنبك انك اضطريتيني تتجوزيني .. ولا ذنبك انك حبيتيني .. واللي حصل ده احسن ليكي وليه .. احسن بكتير .. انتي كان ممكن تكتشفي ده بعد جوازك منه وساعتها كنتوا هتعيشوا بتعاسة .."
نظرت اليه وقالت :
" هبة قالت نفس الكلام بتاعك بالضبط .. بس انا مقتنعتش بيه .."
ابتسم وقال :
" هبة دي انا محتاج اشوفها واشكرها من هنا للصبح .."
ابتسمت وقالت :
" هي اللي خلتني اكتشف حبي ليك .. "
رد بضحك :
" لا ده انا هجيبها تعيش معانا .."
اغمضت عينيها قليلا وهي تبتسم بإنتعاش بينما اخذ هو يتأملها بعشق خالص ليجد جبينها يتغضن بعد لحظات والوجوم يسيطر على ملامحها ..
فتحت عينيها وهي تنظر له بضيق فتطلع اليها بعدم فهم لتقول :
" هي سيلين هتستقر هنا بجد .. ؟!"
زفر انفاسه براحة ورد :
" هسربهالك قريب .. متقلقيش .."
ردت بسخرية :
" تسربها ايه ..؟! هي فار .. ؟!"
ضحك بقوة وهو يجذبها نحوه محتضنا اياها ..
ثم ابعدها عنه بعد لحظات واخذ يتأملها بنظرات راغبة متعطشة ...
اخفضت رأسها خجلا وقد فهمت نظراته ليقترب منها ويخلع نظاراتها فنظرت اليه بعينيها البنتين الواسعتين ثم وجدته يفك شعرها الطويل لينسدل على جانبي وجهها .. ابتسم لها بجاذبية خفق قلبها لها ثم انحنى يقبل شفتيها ببطء لذيذ فتجاوبت معه هذه المرة بعفوية وبراءة اثارت جنونه .. ظل يقبلها برغبة شديدة حتى شعر بأنفاسها تتقطع ..
ابتعد عنها محاولا اخذ انفاسه ليجذبها من كف يدها ويتجه بها نحو السرير فهتفت بإعتراض خجول :
" خليني اخذ شاور الاول .."
رد معارضا اياها :
" عاوزك كده من غير اي حاجة .."
ثم اجلسها على السرير وعاد يقبلها من جديد بينما أنامله تعبث بأزرار قميصها تفتحه الواحد تلو الاخر وهي مستسلمة له كليا تحاول ان تبادله شغفه وجنونه الطاغي رغم خجلها وانعدام خبرتها ..
بعد فترة كان كلاهما مستلقيا على السرير وقلبه ينبض بعنف .. جاسر يشعر بالكمال لأول مرة .. شعور رائع لم يستوعبه بعد .. اخذ يسأل نفسه هل كل مرة معها ستكون بهذة الروعة ..؟! لقد شعر كأنه يلمس إمرأة لأول مرة وكأنه لم يعرف إمرأة من قبل ..
انا ملك فكان جسدها يرتعش بشدة وعيناها تنظران للسقف مشحونة بعاطفة غريبة .. التجربة كانت اروع مما تخيلت .. وبالرغم من انها بالكاد استطاعت التجاوب مع عاطفته الشديدة الا انها شعرت بكل شيء .. اضافة الى كلمات الحب والغزل التي القاها على مسامعها وجعلتها تغرق به اكثر واكثر .. لقد شعرت أنها أنثى بحق .. معه وبه اكتملت انوثتها ..
شعرت به يلمس وجنتها برقة فجذبت الغطاء جيدا حول جسدها العاري والتفتت نحوه تتأمله بإفتنان ليسألها بجدية :
" وجعتك ..؟!"
احمرت وجنتيها وهي تهز رأسها نفيا ليبتسم لها ويقترب منها مقبلا شفتيها برقة .. كان يرغب في تكرار التجربة لكن صغر سنها و نحافة جسدها منعته من هذا فهو يخاف الا تتحمل تكرار التجربة مرة اخرى في نفس الليلة ..
اخذ يمر بأنامله على ذراعها العلوي ليشعر بإرتجاف جسدها ..
" جاسر .."
" نعم .."
نظرت اليه وقالت :
" هو انا كنت هبلة مش كده ..؟!"
سألته بتوتر ليضحك وهو يقول :
" هبلة ازاي ..؟!"
اجابته ببراءة :
" مكنتش زي مانت حابب .. انا عارفة اني صغيرة ومش فاهمة حاجة .."
قاطعها بحب :
" انتي كنتي اروع مما تتخيلي .."
ابتسمت وهي تقول بشغل :
" بتجاملني انا عارفة .."
قرصها من انفها وقال :
" جاسر مبيعرفش يجامل .."
رن هاتفه فرفر انفاسه بضيق وهو يحمله ليجد زينة تتصل به فاجاب بهدوء :
" نعم ..؟!"
ارتبكت زينة وهي تسأله :
" ماما بتقول مش هتنزلوا تتعشوا ..؟!"
نظر الى ملك وسألها بخفوت :
" جعانة ..؟!"
هزت رأسها نفيا ليجيبها :
" لا مش عاوزين نتعشى .. احنا هنام خفيف .."
ابتسمت زينة بحرج وهي تغلق الهاتف بينما عاد جاسر الى ملك وقال :
" ملك .."
" نعم .."
سألها بجدية :
" هو فرق السن مش عاملك مشكلة خالص ..؟!"
ضحكت بمرح وقالت :
" فرق سن ايه بس .. فرق السن ده احلى حاجة .. اساسا كل الروايات اللي بقرأها البطل اكبر من البطلة بكتير .."
" طب بصيلي عشان بتكلم بجد .. انتي عارفة انا اكبر منك بكام سنة ..؟!"
أومأت برأسها وهي تقول بجدية :
"17 سنة .. بس اللي بيحب حد مش هيهمه لا فرق السن ولا الشكل ولا الحالة المادية ولا اي حاجة .. وانا بحبك كده لوحدك من غيرتي اعتبارات .. بحبك لذاتك وكنت هحبك حتى لو كنت اكبر مني بثلاثين سنة .."
ثم اكملت وعينيها تلمع بمكر :
" ثانيا فرق السن ده احسن ليا .."
رفع حاجبه متسائلا :
" ليه ان شاءالله ..؟!"
ردت بمرح :
" عشان انا مهما كبرت هفضل اصغر منك بكتير وبالتالي مش هتبص لغيري زي ما كل الرجالة بيعملوا لما زوجاتهم بيكبروا .."
رد بمكر :
" يا حبيتي اللي عاوز يبص بره هيبص حتى لو كان متجوز وحدك قد بنته .."
رمقته بنظرة حادة وقالت :
" يعني انت هتبص بره بكل الاحوال ..؟!"
جذبها نحو صدره وقال :
" انا مستحيل ابص بره مهما حصل .. لاني بحبك واللي بيحب وحدة مش بيشوف غيرها .."
........................................................................
حل الصباح عليهما ففتحت ملك عينيها لتجد جاسر ينظر لها بعذوبة .. ابتسمت له بحب فوجدته يقترب منها ويقبلها من وجنتيها برقة قبل ان ينحني نحو شفتيها ويقبلها مزيحا الغطاء عن جسدها مكررا تجربة الليلة الماضية بشغف اكبر ..
بعد فترة ابتعد عنها وهو يلهث بقوة بينما سحبت هي الغطاء تستر به جسدها قبل ان تهتف بخجل :
" انا عاوزة اخذ شاور .."
" طب قومي .."
نظرت له وقالت :
" طب ابعد وشك عشان هقوم وانت عارف اني مش لابسة حاجة .."
رد بخبث :
" وفيها ايه ..؟! منا شفت كل ده قبل كده .."
صرخت به بحرج :
" جاسر .."
كتم ضحكته بصعوبة وادار وجهه بعيدا عنه لتنهض مسرعة وتلتقط ملابسها وترتديها قبل ان تركض نحو الحمام ..
خرجت بعد فترة وهي ترتدي روب الاستحمام لتجد جاسر يجري اتصالا يخص العمل قبل ان يغلق الهاتف وينظر اليها بحب ثم يقترب منها ويقبلها من جبينها ويهمس لها :
" هاخد شاور ونغير هدومنا ونطلع نفطر بره .. فيه مطعم بيطل عالنيل هيعجبك اووي .."
ابتسمت له ثم اتجهت نحو الهاتف تعبث به ترسل رسالة لهبة تخبرها عما حدث .. بعثت لها برسالة مختصرة قبل ان يرن هاتفها باسم ريم .. ارتبكت كليا وهي تجيبها ليأتيها صوت ريم الغاضب :
" مبسوطة بعد ما سرقتي حبيب اختك .. مرتاحة دلوقتي يا ملك وانتي عايشة مع الرجل اللي اختك بتحبه .. ضميرك مرتاح وانتي عارفة اني بعشقه ومن زمان .. بس يا ترى جاسر يستاهل انك تخسري اختك الكبيرة عشانه .. يستاهل آنك تضحي بيا انا اختك عشانه هو .."
قالت كلماتها المسمومة ثم اغلقت الخط في وجهها لتظل كلماتها تتردد داخل اذن ملك التي ارتعش جسدها بالكامل واخذ قلبها يدق بقوة ..
ضغطت على عينيها كي لا تبكي ثم سارعت وغيرت ملابسها وارتدت نظارتها وعقدت شعرها دون حتى ان تسرحه ..
وجدت جاسر يخرج من الحمام وهو يحيط خصره بالمنشفة ليهتف بتعجب :
" جهزتي بسرعة .. ثواني واجهز .."
" انا هروح بيتنا .."
سألها مستغربا :
" بيت مين ..؟!"
ردت بجدية :
" بيت بابا .. وهستني ورقة الطلاق .."
تطلع اليها بعدم فهم وعندما وجد الجمود واضح على ملامحها سألها بعدم تصديق :
" ملك انتي بتقولي ايه ..؟! طلاق مين ..؟!"
ردت بقوة :
" طلاقنا .. احنه مننفعش لبعض يا جاسر .."
حاول ان يقترب منها ويلمسها لكنها ترجته بدموع :
" متقربش ارجوك .. انا خدت قراري خلاص .. احنه لازم تتطلق .."
سألها بصوت متحشرج :
" انتي واعية للي بتطلبي ..؟! ملك انا جاسر .. فيه ايه ..؟! احنه كنا من شوية مبسوطين وهنخرج سوا .. طلاق ايه اللي خطر على بالك ..؟!"
اجابته وهي تمسح دموعها :
" ده قراري النهائي وارجوك متضغطش عليا .."
ثم حملت حقيبتها وهاتفها وركضت مسرعة خارج الغرفة ..
...............................................................
دلفت ملك الى منزل والدها لتجد والدها في وجهها فركضت نحوه والدموع تغطي عينيها .. احتضنها وهو يسألها بقلق :
" مالك يا حبيبتي ..؟! بتعيطي ايه ..؟!"
اجابته بجدية :
" انا قررت اني اطلق من جاسر .."
ثم اردفت وهي تتجه نحو الطابق العلوي :
" انا هروح اوضتي ومش عاوزة اشوف حد .. وارجوك لمًا جاسر يجي خليه يطلقني بهدوء .. انا مش حابه اشوفه ولا اشوف اي حد .."
ثم اتجهت نحو غرفتها لتبكي هناك كما تشاء ..
جلس الاب على الكنبة يفكر فيما يحدث ليجد جاسر يلج اليه بعد لحظات وهو يهتف بقلق :
" فين ملك يا حامد بيه ..؟؟"
رد حامد بهدوء :
" ملك فأوضتها ورافضة تشوف اي حد .. وكمان عاوزة تطلق .."
رد جاسر بقوة :
" انا مش هطلقها .. ملك ملكي ومستحيل اسيبها .."
رد حامد بحيرة :
" بس ده كان اتفاقنا من الاول يا جاسر .. كام شهر وتطلقها .."
رد جاسر بجدية :
" الاتفاق ده اتلغى خلاص .. انا بحبها وهي بتحبني ومستحيل اتخلى عنها .."
ثم اكمل بتنهيدة :
"انا هسيبها كام يوم ترتاح هنا .. بس لازم تفهمها اني متمسك بيها ومش هتخلى عنها وهتفضل مراتي لاخر يوم فعمري .."
هم بالخروج ليجد ريم امامه ويبدو انها استمعت الى كلماته الاخيرة تنظر اليه بحقد ليطالعها بلا مبالاة ويرحل ..
......................................................
مساءا ..
كانت ملك تجلس في غرفتها وهي تبكي بصمت .. وجدت ريم تدلف الى الداخل وهي تسألها بضيق :
" هديتي ..؟!"
تأملتها ملك بكره لتكمل ريم وهي تجلس بجانبها :
" جاسر رفض يطلقك .. بس انا عاوزاكي تجبريه على ده .."
تطلعت اليها ملك بنفور لتكمل ريم :
" ده عشانا احنا الاتنين .. عشان منسمحش لرجل يدمر علاقتنا .."
ثم اكملت بمكر :
" مش هنخسر بعض عشان جاسر يا ملك .. صح ..؟!"
ثم اكملت بخبث :
" انتي هتقولي لجاسر انك عاوزة تتطلقي بسرعة عشان تتجوزي خالد لانك بتحبيه من زمان ودي امنية حياتك .."
رمقتها ملك بنظرات كارهة بينما فوجئت ريم بوالدها يدخل الى الداخل وهو يهتف :
" إياكِ يا ملك تعملي كده ..؟! جاسر بيحبك متخسريهوش .."
نهضت ريم من مكانها وقالت :
" انت بتقول كده يا بابا ..؟! عاوزها تتجوز الراجل اللي انا بحبه ..؟!"
رد حامد بجمود :
" انتي عاوزاها تخسر جوزها اللي بيحبها عشان انانيتك .. انتي فاكرة انا مش عارف انتي بتخططي لإيه ..؟! عاوزة جاسر يطلق ملك عشان ترجعي تلفي حواليه ويتجوزك .. انا مش فاهم انتي ازاي قادرة تكوني بالحقارة دي .. ؟! ازاي ..؟!"
صرخت ريم :
" انا ..؟! انا الحقيرة ..؟! وبنتك اللي سرقت خطيبي مني تبقى ايه ..؟! طبعا مهي دايما الملاك .. العفيفة اللي مبتغلطش .. اما ريم الوحشة اللي معندهاش قلب ولا ضمير .. بس لا المرة دي مش هسمحلها تاخذ جاسر مني .. هي خدت حبكوا انت وماما .. خدت اهتمامكم ... بس مش هسمحلها تاخذ جاسر مني .."
التفتت نحو ملك وصرحت بغل :
" جاسر ليا يا ملك .. مش هسمحلك تاخديه .. انتي فاهمة ..؟! انا مستعدة اقتلك .. اقتلك واخلص منك ولا انك تاخديه مني .."
جذبها والدها من ذراعها وصفعها بقوة لتنظر اليه بصدمة قبل ان تصيح بجنون :
" انا بكرهك .. طول عمري بكرهك ..عمري محبيتك .. دايما شايفني مش مسؤولة .. دايما كارهني .. انا بكرهك .. بكرهك وعايزاك تموت .."
وضع حامد يده على قلبه وهو يشعر بألم شديد في صدره .. تطلعت اليه ملك برعب حتى وجدته يسقط ارضا امامها وهو يصرخ بقوة ..
يتبع
فاضل مشهدين استعدوا 🙂
#ملك_عمري
#سارة_علي
المشهد التاسع
في احدى المستشفيات الخاصة ..
كانت ملك تجلس على احدى الكراسي الموضوعة في ممر المشفى تبكي بصمت بينما ريم تسير ذهابا وعودة وهي تشعر بقلق شديد ..
توقفت عن سيرها وهي تستند على الحائط وتدعو الله ان يحفظ لها والدها .. لقد فقدت وعيها تماما وتفوهت بكلمات صعبة لم يتحملها والدها .. كيف فعلا هذا ..؟! كيف وصل بها الحقد الى هنا ..؟! هي لن تسامح نفسها ابدا اذا حدث لوالدها شيء ما ..
انتبهت الى خالد الذي تقدم نحويهما راكضا قبل ان ينحني نحو ملك ويسألها بلهفة :
" عمي ماله يا ملك ..؟! حصل ايه ..؟!"
رفعت ملك وجهها الباكي نحوه وهتفت بحزن :
" معرفش .. قلبه وجعه فجأة ووقع عالارض .."
ثم اكملت بنحيب :
" انا خايفة يحصله حاجة .. خايفة يموت ويسيبني هو كمان .."
جلس خالد بجانبه يواسيها متجاهلا ريم الواقفة تنظر الى غرفة العمليات بصمت ودموعها تنساب على وجنتيها بغزارة .. شعرت بملك بأحدهم يتقدم منهم فرفعت بصرها لتجده جاسر فقفزت نحوه ورمت نفسها بين احضانه بإنهيار ..
احتضنها جاسر وهو يرمق خالد بنظرات حادة قبل ان ترق نظراته وهو يرى انهيار ملك الواضح فيشدد من احتضانها محاولا مواساتها ..
اشاح خالد بوجهه بعيدا عنهما وهو يشعر بالإختناق .. ود لو ينهض ويرحل لكن عمه في الداخل ولا يجوز ان يتركه هو وبناته في وضع كهذا ..
خرج الطبيب بعد فترة قصيرة وهو ينظر لهم بأسف قبل ان يخبرهم بوفاة حامد ..
انهارت ريم باكية بينما لم تتحمل ملك الصدمة ففقدت وعيها بين احضان جاسر ..
.........................................................................
انتهت ايام العزاء وريم تعتزل كل شيء حيث تجلس في غرفتها بينما ملك مع اخويها تحاول أن تلهيهما عما حدث .. لا تعرف اذا ما كان عليها ان تواسيهما او تواسي نفسها .. كانت هبة معها طوال الوقت تساندها وجاسر ايضا بجانبها يحاول طمأنتها والتخفيف عنها ..
عاد جاسر بعد انتهاء اليوم الثالث الى منزله ليجد المنزل خاليا لا يوجد احد سوى سيلين التي نهضت تستقبله وهي تبتسم له برقة فسألها بجمود :
" فين امي واخواتي ..؟!"
اجابته بجدية :
" كلهم فأوضهم .. ليه فيه حاجة ..؟!"
اقترب منها وقال فجأة :
" تعرفي .. لولا انك بنت خالتي انا كنت هعرف ازاي اتصرف معاكي .. بس هقولك حاجة واحدة .. تلمي هدومك وتسافري لأهلك فأقرب وقت .. "
صدمها كلامه فسألته بقلق :
" ليه يا جاسر ..؟! انا عملت ايه ..؟!"
رد عليها بهدوء مخيف :
" انتِ هتستهبلي .. فاكرة اني مش عارف انك انتي اللي بعتي الصور اياها لريم عشان تلغي الجوازة .."
ابتلعت ريقها وهي تهتف بعدم فهم :
" صور ايه ..؟! انت بتتكلم عن ايه ..؟!"
رد بنفاذ صبر :
" سيلين انا فاهمك وحافظك كويس .. مش جاسر اللي يتلعب عليه .. من ساعة ما ملك حكتلي موضوع الصور وانا ابتديت ادور لحد ما اتأكدت إنك انتِ ورا الموضوع .."
اكمل وهو يرمقها بنظرات محتقرة :
" انت ايه ..؟! معجونة بمية ايه ..؟! فاكرة بالطريقة دي هحبك واتجوزك .. ؟! للاسف انتِ بتحلمي .. لو ستات العالم كلهم خلصوا وفضلتي انتِ مش هتجوزك بردوا .. "
ثم اكمل وهو يبتسم :
" بس تعرفي انا بشكرك .. حقيقي بشكرك .. لولا عملتك دي مكنتش اتجوزت ملك وشفتها على حقيقتها وحبيتها .. سبحان الله كنتي بتخططي لإيه وربنا عمل ايه .. عشان تعرفي بس انوا الخباثة والخطط الحقيرة بتاعتك مش هتفيدك .."
مسكته من ذراعه عندما هم بالتحرك وهتفت به بترجي :
" بس انا عملت كده عشان بحبك .. بحبك من زمان اوي .. والله العظيم عملت كل ده عشان كنت عايزاك ليا .."
ابعد ذراعه من قبضتها بنفور وقال :
" انت عمرك محبيتيني .. انتِ بس حبيتي فلوسي والمركز والعيلة .. كنتِ عاوزة تتجوزي واحد من نفس مستواكي تتباهي بيه قدام صحابك .. انا اكتر واحد عارف تفكيرك .."
ثم اكمل وهو يرمقها بنظرات مشمئزة :
" سافري يا سيلين .. والا هفضح عملتك قدام الكل .. سافري بنفسك بدل ما اطردك من هنا قدام الكل .."
ثم تركها ورحل الى غرفته لتسقط دموعها بغزارة وقد حسمت امرها .. سوف تسافر في اول طائرة وتعود من حيث اتت فيبدو ان جاسر لن يكون لها ابدا ..
........................................................................
حل الصباح مجددا ..
استيقظ جاسر من نومه واخذ حمامه سريعا قبل ان يرتدي ملابسه ويذهب الى عمله فهو تركه طوال الثلاث ايام السابقة ..
هبط الى الطابق السفلي ليجد الجميع متجمع على طاولة الطعام ..
القى تحية الصباح عليهم وجلس في مكانه لتقول والدته :
" سيلين قررت تسافر بالليل يا جاسر .. بحاول اقنعها تفضل معانا بس هي مش راضية .."
تطلع جاسر الى سيلين التي اخفضت انظارها نحو طبقها ثم رد على والدته بفتور :
" سيبيها على راحتها .. طالما هي حابة تسافر خليها تسافر .."
ثم تناول القليل من الطعام قبل ان ينهض متجها الى عمله .. نهضتا كلا من زينة ورزان وقررتا ان تذهبا الى الحديقة الخارجية يتمشيان قليلا بينما نظرت جلنار الى سيلين وقالت :
" احنا مش اتفقنا آنك هتفضلي هنا .. ملك خلاص طالبة الطلاق .. وانا هقنع جاسر انوا يتجوزك .."
ردت سيلين بتوتر :
" ملوش لزوم يا خالتو .. انا مبقتش عاوزة اتجوز جاسر .."
رمقتها جلنار بنظرات متعجبة قبل ان تسألها بعدم فهم :
" يعني اني مبقتيش عاوزة تتجوزي جاسر ..؟!"
ردت سيلين بهدوء :
"عشان جاسر مش بيحبني ولا عمري هيحبني .. وانا مش مستعدة اهين كرامتي اكتر من كده .."
ثم اكملت بوجوم :
" واظن انك مش هترضي ليا اتجوز واحد مش عاوزني .. كمان جاسر بيحب ملك .. وانا مش هتجوز واحد بيحب غيري .."
تطلعت جلنار اليها بإحباط ثم قالت بضيق :
" يعني ابني يصوم يصوم ويفطر على ملك .. ايه الحظ ده ..؟!"
ابتسمت سيلين وقالت :
" سيبيه على راحته يا طنط .. عالاقل ملك طيبة مش زي ريم .."
هزت جلنار رأسها بعدم اقتناع وفي داخلها تتمنى لو تصر ملك على طلب طلاقها من جاسر كي تزوجه هي بمن أفضل منها ..
.....................................................................
تقدمت هبة نحو ملك الجالسة على سريرها بملامح مرهقة .. وضعت صينية الطعام امامها وهتفت بها :
" انا جبتلك الفطار لحد عندك ... لازم تاكليه كله .. انتي مكلتيش حاجة طول الايام اللي فاتت .."
ردت ملك بخفوت :
" مليش نفس .."
رمقتها هبة بحزن وقالت :
" عشان خاطري يا ملك .. لازم تاكلي حاجة .. كده هتوقعي من طولك واخواتك محتاجينك .."
ادمعت عينا ملك وهي تقول :
" مش مصدقة اني بقيت يتيمة الاب والام خلاص .. فقدتهم هما الاتنين فأكتر وقت محتاجاه فيهم .."
ربتت هبة على ذراعها وهي تهتف بمواساة :
" معلش يا حبيبتي .. ده نصيبهم .. ادعيلهم بالرحمة .."
ثم اكملت بجدية :
" صحيح .. ماما عايزة تاخذكم عندنا .. تعيشوا معانا بدل مانتوا هنا لوحدكم .."
ردت ملك بجدية :
" احنا مش هنسيب بيتنا ونروح لأي حتة يا هبة .. ده بيتنا واحنه هنفضل فيه .. كمان مفيش اي قلق علينا .. معانا الحراسة والخدم .."
أومأت هبة برأسها وقالت بتفهم :
" انا قلتلها كده بردوا .. وقلتلها إنك لو رفضتي هفضل معاكي الفترة الجاية لحد ما تتحسني وترجعي بين جوزك .."
ابتسمت ملك بمرارة وهي تقول :
" بيت جوزي ..؟! مانتي عارفة اني طلبت الطلاق .."
قالت هبة بجدية :
" الكلام ده ملوش معنى .. احنه ملحقناش نتكلم بالموضوع ده .. مفيش حد يستاهل تطلبي الطلاق عشانه .. "
هطلت دموع ملك بغزارة وهي تكمل :
" ريم طلعت انانية اوي .. عمري ما اتخيلت انها تكون بالأنانية والحقارة دي .. انا كنت مستعدة اسيب جاسر عشانها .."
ثم اكملت بجدية :
" بس انا مينفعش اكمل معاه فكل الاحوال .. مش عشان ريم .. لا عشان اخواتي .. اخواتي مبقاش ليهم حد .. انا الوحيدة اللي بقيت ليهم .. مش هتخلى عنهم .."
ردت هبة بسرعة :
" مين قال انك لو رجعتي لجاسر تبقي بتتخلي عنهم .. جاسر بيحبك وبيحب اخواتك وهياخد باله منكم كلكم .،"
ردت ملك بجدية :
" جاسر مش مجبر بأخواتي .. هما مش ولاده عشان يبقى مسؤول عنهم .."
ردت هبة بجدية :
" طب مش تسأليه الاول .. يمكن هو ليه رأي تاني .."
قالت ملك :
" لا مش هسأله .. مش هحرجه بسؤال زي ده .. انا هصر على الطلاق وخلاص .. وهو هيطلقني وينساني وربنا يوفقه مع وحدة تناسبه متبقاش مرتبطة بمسؤولية طفلين .."
تطلعت هبة اليها بعدم اقتناع بينما اخذت ملك تتناول قليلا من الطعام الموضوع امامها محاولا منها ان تثني هبة عن اي كلام يخص هذا الموضوع ..
.................................................................
حل المساء مجددا ..
خرجت ملك من غرفة اخويها بعدما تأكدت من نومهما ثم اتجهت الى الحديقة الخارجية واخذت تسير بها وهي تفكر فيما حدث معها بالأونة الاخيرة ..
سمعت اصوات خطوات تتقدم منها فوجدت خالد يسير نحوها وهو يبتسم بتردد ..
بادلته ابتسامته وقالت :
"ازيك يا خالد ..؟!"
رد بنفس الابتسامة :
" بخير الحمد لله .. وحشتيني يا ملك .."
ارتبكت ملك قليلا لكنها ردت بهدوء :
" ميرسي .."
حل الصمت بينهما وخالد يحاول ان يخبرها بما يجول داخله لكنه متردد حتى نطق اخيرا :
" عرفت من عمي الله يرحمه انك طالبة الطلاق من جاسر .."
سيطر الوجوم على ملامحها وهي ترد :
" ايوه صحيح .."
انبعث الامل داخله وهو يقول :
" انا ممكن اساعدك فالموضوع ده واوكلك محامي .."
قاطعته ملك بجدية :
" ملوش لزوم لده كله يا خالد .. احنا هنتطلق بهدوء من غير ما حد يدخل فالموضوع .."
اومأ خالد برأسه متفهما وحل الصمت بينهما مجددا قبل ان تجد ملك نفسها تقول فجأة:
" بس الطلاق ده مش هيغير حاجة يا خالد .."
" يعني ايه ..؟!"
سألها خالد بعدم فهم لترد بجدية :
" يعني انا مش هتجوز بعد جاسر .."
قال خالد بسرعة :
" عشان اخواتك صح .. اخواتك دول ولاد عمي وانا مسؤول عنهم وعن رعايتهم لحد ما يكبروا .."
قالت ملك بهدوء :
" لا مش عشان كده .. انا عارف انهم ولاد عمك وانت قد المسؤولية دي .."
" امال عشان ايه ..؟!"
سألها خالد بعدم استيعاب ليظهر الارتباك جليا على ملامح وجهها فردد خالد بعدم تصديق :
" حبتيه ..؟! عشان بتحبيه يا ملك ..؟!"
هزت ملك رأسها وهي تجيبه بأسف :
" انا اسفة يا خالد .. انا بحبه ومش هقدر اكون لراجل تاني غيره .."
صاح بها بعدم وعي :
" طب والوعد اللي بينا .. ووعدك ليا .."
ابتلعت ريقها وهي تجيبه باعتذار صادق :
" انا اسفة على ده بردوا .. اسفة بجد يا خالد .. كل حاجة حصلت غصبا عني .."
رمقها بنظرات هازئة وقال :
" غصبا عنك .. ملقتيش الا جاسر يا ملك .. ده لا شبهك ولا من نفس طينتك .. حبيتيه ازاي ..؟!"
ردت بحزن :
" حبيته وخلاص .. حبيته زي ماهو .."
قال بمرارة :
" حبيتيه زي ماهو .. انا كنت حاسس بس كنت بكدب نفسي .. قلت ملك مستحيل تحب واحد زي جاسر .. بس يظهر اننا فزمن المعجزات .."
" خالد انا .."
قاطعها ببرود :
" متقوليش حاجة .. الحب مش بالعافية يا ملك .. واضح اني اخترت الانسانة الغلط .. او يمكن انا كنت شايفك وفاهمك بشكل غلط .."
قال كلماته الاخيرة وانسحب من امامها وخرج من الفيلا بأكملها لترفع رأسها عاليا فتجد ريم تنظر اليها من شرفتها بملامح حزينة لتشيح ملك وجهها بعيدا عنها فهي لا تطيق رؤيتها ..
تقدمت هبة مسرعة من ملك وهي تخبرها :
" جاسر جه يا ملك .. وهو قاعد فالصالون مستنيكي .."
توترت ملك وهي تقول :
" تمام هروح اشوفه .."
ثم اتجهت بخطوات بطيئة نحو صالة الجلوس لتجد جاسر جالسا على احد الكراسي قبل ان ينهض من مكانه ويقترب منها ويسألها بحنان :
" عاملة ايه دلوقتي ..؟!"
ردت عليه بضعف :
" بقيت احسن الحمد لله .."
ثم اتجهت نحو الكنبة وجلست عليها فجلس جاسر في مكانه ليجدها تسأله :
" جاي ليه يا جاسر ..؟!"
رد جاسر بجدية :
" جاي عشان اشوف مراتي واطمن عليها .."
اطلقت ملك تنهيدة طويلة قبل ان ترد :
" انا قريب مش هبقى مراتك وانت عارف كده .."
رد جاسر بجمود :
" انا قلت لحامد بيه الله يرحمه اني مش هطلقك وهتفضلي مراتي لاخر يوم فعمري وانا لسه متمسك بكلامي ده ومش هرجع عنه .."
ردت ملك بقوة :
" خلاص وانا مش هرجع ليك .. خلينا كده .. متجوزين وكل واحد عايش لوحده .. لحد ما تزهق وتطلقني .."
حاول جاسر تغيير الموضوع فسألها :
" علي ومنى عاملين ايه ..؟!"
ردت ملك وهي ترسم على شفتيها ابتسامة حزينة :
" الحمد لله كويسين .."
منحها ابتسامة خفيفة وقال :
" ربنا يخليكي ليهم .."
بادلته ابتسامة بأخرى وهي ترد :
" يارب .."
ظلت صامتين لمدة طويلة حتى نهض جاسر من مكانه وقال :
" الوقت أتأخر ولازم اروح .. هجيلك بكره بعد الشغل .."
ردت ملك بهدوء :
" ملوش لزوم تجي يا جاسر .."
قاطعها جاسر بقوة :
" هاجي يا ملك .. هاجي كل يوم عشان اطمن على مراتي ... واطمن على اخواتك كمان .."
اقترب منها وطبع قبلة دافئة على جبينها قبل ان يتحرك خارج المكان ..
كان يسير متجها نحو سيارته حينما سمع احداهن تلحق به وهي تنادي عليه ..
التفت ليجدها هبة فنظر لها بحيرة قبل ان يبتسم برسمية وهي يسألها :
" خير يا هبة ..؟!"
ردت عليه بجدية :
" اسفة بس انا لازم اقولك حاجة مهمة .."
" قولي .."
قالت هبة بجدية :
" ملك مصرة على الطلاق .."
قاطعها بجمود :
" وانا قلتلها وبقولهالك .. طلاق مش هطلق .."
ابتسمت هبة وقالت :
" انا كنت واثقة انك متمسك بيها .. بس انا مش جيالك عشان اقولك ده بس ..انا جاية اقولك سبب طلبها ده .."
رد جاسر بسرعة :
" بسبب ريم طبعا .."
قاطعته هبة :
" لا .. ريم كانت سبب فعلا لكن السبب دلوقتي اتغير .."
عقد جاسر حاجبيه وسألها بعدم فهم :
" اتغير ازاي ..؟!"
اجابته هبة :
" ملك عايزة تطلق عشان اخواتها .. عايزة تهتم بيهم وتراعيهم .. هما مبقاش حد ليهم غيرها .. وهي مش عايزة تبعد عنهم .."
قال جاسر بسرعة :
" ومين قال انها هتبعد عنهم .. ملك هترجع معايا ومعاها اخواتها .."
قالت هبة :
" انا قلتلها نفس الكلام .. بس هي قالت انك مش مجبر تتولى مسؤوليتهم وهما مش ولادك .. ولما قلتلها تصارحك بده قالت مش هتحرجك بحاجة زي كده .."
نظر جاسر اليها وقال :
" الموضوع مفيهوش احراج .. انا بحب ملك وبالتالي بحب اخواتها وبعتبرهم اخواتي .."
" انا عارفة ده .. بس المهم انك تثبت ليها ده .. وتثبت انك حابب وجودهم هنا الاتنين معاكم .. وانك عاوز تبقى مسؤول عنهم بس من غير متبينلها انك عرفت سبب اصرارها على الطلاق .. ملك حساسة اوي ولو عرفت بكلامنا ده هتزعل جامد .. فاهم ..؟!"
ابتسم جاسر وقال :
" فاهم يا هبة .. انا عارف هتصرف ازاي .. سيبي الموضوع ده عليا .. "
ضحكت هبة وقالت :
" انا واثقة فيك وهعتمد عليك .."
قال جاسر بإمتنان :
" انا بشكرك جدا .."
تنهدت هبة وهي تجيبه :
" لا شكر على واجب .. ملك دي اختي وهي تستحق كل خير .."
ربت جاسر على ذراعها بأخوة قبل ان يتجه نحو سيارته ويركبها ويبدأ في قيادتها وهو يفكر في الطريقة التي يجعل بها ملك تعود اليه وتثق به ..
.........................................................................
بعد مرور اسبوعين ..
كانت ملك تجلس في غرفتها تقرأ في احدى الروايات الجديدة حينما سمعت طرقات على باب غرفتها فسمحت للطارق بالدخول ..
وجدت ريم تتجه نحوها فنهضت ملك من مكانها وقالت بضيق :
" ايه اللي جابك هنا ..؟!"
ردت ريم بألم :
" مكنتش اعرف انك قاسية اوي كده يا ملك .."
ردت ملك بجمود :
" القساوة دي تعلمتها منك يا ريم .."
ابتسمت ريم بإنكسار وقالت :
" استاهل .. استاهل كل كلامك ده .. واستاهل كل حاجة تعمليها فيا .. انا استحق كل ده واكتر كمان .."
ثم هطلت دموعها بغزارة وهي تقول :
" بس لازم تعرفي اني ندمانه .. ندمانه جدا .. وضميري بيأنبني .. انا مش عارفة ازاي عملت كده .. ازاي سمحت لنفسي اتصرف معاكي كده وازاي قلت لبابا الكلام ده .. انا زي ما كنت بغيبوبه وفقت منها .. والله العظيم انا مكنتش واعية للي بعمله .. انا صحيح مكنتش قد المسؤولية وكنت متسرعة دائما فكل تصرفاتي .. كنت شايفة نفسي عالكل وفاكرة اني احسن من الكل .. بس انا مش وحشة .. كل الحكاية اني لما اتولدت بابا وماما دلعوني زيادة خصوصا اني كنت بنتهم الوحيدة ل12 سنة .. مكانش فيه غيري وماما مكانتش عارفة تخلف غيري فكان الاهتمام كله ليا .. عشان كده بقت شخصيتي كده .. كل طلباتي كانت مجابة .. مكانش فيه حد بيزعقلي لما بغلط ولا فيه حد بيقولي ده مش ليكي او مينفعش تعملي كده .. انا مش بحملهم المسؤولية بس انا بشرحلك حاجات يمكن انتي اول مرة تاخدي بالك منها .."
ادمعت عينا ملك ورق قلبها لتكم ل ريم بوجع شديد :
" انا عمري مهسامح نفسي عاللي عملته فيكي وفبابا .. انا هسافر يا ملك .. هروح امريكا واستقر هناك .. مش هقدر افضل فالبلد دي بعد كده .. "
قالت ملك بسرعة :
" لا يا ريم متسافريش .. خليكي معانا .. احنا محتاجينك .."
ردت ريم :
" انتوا مش محتجاني يا ملك .. علي ومنى عندهم انتي .. وجاسر كمان معاكم وهياخد باله منكم .."
ردت ملك بجدية :
" انتي عارفة اني هطلق منه قريب .."
قاطعتها ريم :
" اياكي تعملي كده .. انتي مش عارفة هو بيحبك قد ايه .. بيحبك لدرجة صعب تتخيلها .. انتي عمرك مهتلاقي حد بيحبك كده .."
" انتي اللي بتقولي كده يا ريم ..؟!"
قالتها ملك بتعجب لتومأ ريم برأسها وهي تكمل :
" ايوه انا اللي بقول كده .. عشان لو سمعتي كلامه ه
عنك وشفتي نظراته ليكي هتفهمي انا بقول ايه .. متضيعيش حب زي ده من ايدك .."
نظرت ملك اليها بحيرة وقالت :
" طب وانتي ..؟!"
ردت ريم بجدية :
" انا هسافر امريكا واشتغل هناك .. نور هتكون معايا .. متقلقيش عليا .. وهنفضل على تواصل وهزوركم بين فترة والتانية اطمن عليكوا .."
" متسافريش يا ريم .. بلاش نتفرق .."
ردت ريم :
" انا محتاجة السفر ده اوي يا ملك .. محتاجة ابعد وأبدأ من جديد .. جايز الاقي نفسي هناك .. وانا والله هزوركم دائما ... وانتي بردوا ممكن تجي تزوريني .. انا هحجز طيارة بعد يومين .."
" بالسرعة دي ..؟!"
قالتها ملك بدهشة لترد ريم :
" احسن .. خليني ابعد عن هنا واحاول انسى اللي حصل .. متقلقيش عليا .. نور هتكون معايا وهنفضل على تواصل .."
اقتربت ملك منها وضمتها اليها بقوة لتتساقط دموعها بغزارة كذلك ريم التي اخذت تبكي بحزن شديد قبل ان تبتعد عنها وتحتضن وجهها وتقول :
" سامحيني يا ملك .. سامحيني ارجوك .."
قبلتها ملك من وجنتيها وقالت :
" مسامحاكي .. بس اوعديني انك هتتواصلي معايا يوميا وتزوروني بين فترة والتانية .."
ابتسمت ريم رغم دموعها وقالت بصدق :
" اوعدك .."
ثم خرجت من الغرفة وهي تكفكف دموعها وتدعو الله ان يغفر لها جميع ما فعلته ..
........................................................................
بعد مرور اسبوعين اخرين ..
كانت ملك تجلس في صالة الجلوس وهي تقرأ في احد الكتب بجانبها هبة تتابع احدى مسلسلاتها المفضلة على التلفاز وعلي ومنى يلعبان فالايباد الخاص بهما ..
رن جرس الباب فسارعت منى لفتحه تسبق الخادمة ويحاول علي اللحاق بها فهما يتسابقان حول من يفتح الباب الاول ..
فتحت منى الباب لتجد جاسر فصرخت بسعادة :
" ابيه جاسر .."
رفعت ملك عينيها عن الكتاب ونظرت الى هبة التي ابتسمت لتقول :
" موعد زيارة كل يوم .."
رفعت هبة حاجبها وقالت :
" مش جاي يطمن على مراته .."
ردت ملك بتذمر :
" انا مش عارفة هو ناوي على ايه .."
ثم اكملت بضيق :
" لا والولاد فجأة بقوا متعلقين بيه .."
قالت هبة بخبث :
" مهو بقى فمقام أبوهم.."
رمقتها ملك بنظرات حادة لتعدل هبة حديثها ؛
" اقصد اخوهم الكبير .."
" مساء الخير .."
قالها جاسر وهو يتقدم منهما ويجلس على احد الكراسي لترد الاثنتان تحيته قبل ان يسأل ملك بهدوء :
" عاملة ايه يا ملك ..؟!"
ردت ملك بهدوء :
" كويسة الحمد لله .."
ابتسم جاسر لها بينما نظرت هبة له وقالت وهي تنهض من مكانها :
" هقوم اجيب طبق الحلو اللي عملته ملك .. اصلك متعرفش ملك بتعمل حلويات لذيذة ازاي .."
ارتبكت ملك بينما قال جاسر بتعجب :
" مكنتش اعرف انك بتطبخي .."
ردت منى :
" دي بتطبخ وبتعمل حلويات وكل حاجة .. طبخها الذ من اكل الطباخ .."
ابتسم جاسر وهو يقول :
" بجد ..؟! ده انا طلعت محظوظ بقى .."
ردت ملك بتوتر :
" دول بيبالغوا .."
جاءت هبة بطبق الحلو ومعها اطباق صغيرة ثم بدأت تضع الحلو في الاطباق حيث اعطت جاسر الطبق واعطت الصغار وكذلك اعطت ملك طبقها واخذت هي طبقا ايضا ..
تذوق جاسر الحلو فنظرت ملك اليه بقلق وخافت الا يعجبه طعمه الا انه ابتسم وهو ينظر لها ويقول :
" بجد طعمه حلو اوي .. مكنتش اعرف انك شاطرة اوي كده .."
ابتسمت ملك وهي تتذوق قليلا من الطعام قبل ان تشعر بالغثيان فتبعده عنها بسرعة ..
سألتها هبة بقلق :
" مالك يا ملك ..؟! فيه حاجة ..؟!"
وضعت ملك يدها على معدتها وقالت :
" مفيش حاجة .. شوية غثيان .."
ثم حملت كوب الماء الموضوع على الطاولة وشربت منه القليل ليسألها جاسر :
" اخذك الدكتور يشوف مالك ..؟!"
هزت رأسها نفيا وقالت :
" لا انا كويسة متقلقش ...يمكن بس قلبت معدتي من الحلو ..."
نظر اليها جاسر بقلق بينما ابتسمت هي واكملت :
" بجد مفيش حاجة .. انا كويسة .."
قالت هبة بمرح :
" شغلتينا بيكي ونسينا ناكل الحلو .. يلا يا جماعة الكل يخلص الطبق بتاعه لاحسن ملك تفتكر انوا الحلو مش عاجبنا وتزعل .."
المشهد العاشر والاخير
مر اسبوعين اخرين وجاسر يزور ملك يوميا ويقضي معهم الكثير من الوقت ..
تعلق به علي ومنى بشكل كبير فهو كان يهتم بهما ويجلب معه لهما الكثير من الاغراض والالعاب ..
كانت ملك تتابع كل هذا بضيق فهي لا تريد لأخويها ان يتعلقا بجاسر ويريان فيه الاب الذي حرما منه ..
في احد الايام كانت ملك تجلس في الحديقة وتعبث في هاتفها حيث تقلب في مواقع التواصل الاجتماعي بملل حينما وجدت الخادمة تقترب منها وتسألها :
" تحبي احضرلك العشا يا هانم ..؟!"
سألتها ملك بجدية :
" شوفي الولاد جاعو ولا لسه واسألي هبة كمان .."
ردت الخادمة :
" الولاد لقيتهم نامو بعد ما كلوا الشيبسي والشوكولاته وهبة هانم قالتلي من شوية انها ملهاش نفس تتعشى .."
قالت ملك بجدية :
" وانا مش حابة اتعشى لوحدي .. يبقى متعمليش عشا وانا لو جعت هاكل اي حاجة .."
ثم عادت تعبث بهاتفها حينما شعرت باحدهم يقترب منها فالتفتت للخلف لتجده جاسر الذي ابتسم ما ان رأها والقى التحية عليها فبادلته التحية ..
جلس بجانبها على الكنبة الموضوعة في منتصف الحديقة لتسأله ملك :
" كنت فالشغل .."
اومأ برأسه وهو يقول بإرهاق :
" كان فيه صفقة مهمة والحمد لله كسبناها .."
ابتسمت له وهي تقول :
" الحمد لله .."
سألها وهو يبحث عن الصغار بعينيه :
" امال الولاد فين ..؟!"
رمقته ملك بنظرات باردة وقالت بضيق :
" ناموا .. بتسأل ليه ..؟!"
سألها بدوره متعجبا من نبرتها ونظراتها :
" مالك بتكلميني كده وبتبصيلي كده ليه ..؟!"
تنهدت ملك وصمتا قليلا قبل ان تجيبه :
" عشان كل اللي بتعمله مش عاجبني .."
" بعمل ايه ..؟!"
سألها جاسر بدهشة لترد بعصبية :
" متعملش نفسك مش فاهم حاجة .."
قال جاسر بصرامة :
" مترفعيش صوتك وانتي بتكلميني .. وانا فعلا مش فاهم انتي بتتكلمي عن ايه .."
ردت بقوة :
" بتكلم عن تصرفاتك مع الولاد واهتمامك المبالغ بيهم .. بتعمل معاهم كده ليه ..؟! عاوزهم يتعلقوا بيك ليه ..؟! فاكر انوا بالطريقة دي هرجعلك .."
اجابها جاسر بغضب من تفكيرها هذا :
" لو فاكره اني بستغلهم عشان ترجعيلي تبقي غلطانه .. انا بعمل كده عشان انتي مراتي وهما اخوانك .. وانا زي ما مسؤول عنك مسؤول عنهم .. لو انتي شايفة حاجة غير كده تبقى مشكلتك مش مشكلتي .. عن اذنك .."
نهض من مكانه بعصبية فشعرت بمدى فداحة ما قالته .. ركضت خلفه وهي تنادي عليه لكنه لم يبال بها حتى شعر بشيء قوي يرتطم بالارض فالتفت للخلف لينصدم بها ممددة على الارض فاقدة للوعي ..
حملها بسرعة محاولا افاقتها فاستجابت له بعد لحظات وهي ما زالت تشعر بدوار شديد يسيطر عليها ..
سألها بقلق :
" انتي كويسة ..؟!"
أومأت برأسها وهي تحاول التماسك امامها والنهوض بينما لسانها يقول :
" انا اسفة يا جاسر .."
رد جاسر بسرعة :
" مش وقت اسف دلوقتي .. المهم انك تكوني بخير .."
ثم امسكها من يدها وقال :
" تعالي معايا .."
سألته بقلق :
" انت واخدني فين ..؟!"
رد بجدية :
" هنروح المستشفى .. نخلي الدكتور يفحصك ويفهم سبب الاغماء ده .."
ردت بسرعة :
" دي اول مرة تحصلي .."
قال بضيق :
" وانا هستنى لمًا تتكرر .. تعالي يلا معايا .."
" يا جاسر الوقت متأخر .."
قال بجدية :
" الساعة لسه مجاتش عشرة .. تعالي يلا .."
" طب خليها بكره .."
قالتها وهي تنظر اليه برجاء ليتطلع اليها بضيق قبل ان يقول على مضض :
" تمام نخليها بكره .. بس بكره الساعة تسعه الصبح هكون عندك نروح الدكتور عشان يفحصك ويطمني عليكي .."
أومأت برأسها بينما اكمل هو بحزم:
" ودلوقتي روحي نامي وارتاحي ..."
ابتسمت وقالت :
" حاضر .. تصبح على خير .."
بادلتها ابتسامتها وهو يقول :
" وانتي من اهل الخير .."
.......................................................................
في صباح اليوم التالي ..
ركبت ملك السيارة بجانب جاسر والقت عليه تحية الصباح ثم قالت بضيق :
" كنت أخرت الموعد شوية .. منمتش كويس .."
ضحك وهو يرد :
" عايز اطمن عليكي بأسرع وقت .."
نظرت اليه وقالت :
" انا كويسة واللي حصل امبارح دوار عادي بيحصل لأي حد .."
اومأ برأسه وهو يقول :
" هنعرف دلوقتي اذا كان دوار عادي او حاجة تانية.."
وصلا الى المشفى بعد حوالي ربع ساعة ليهبطا من السيارة ويتجها الى عيادة الطبيب الذي قام بفحص ملك قبل ان يبتسم لها وهو يقول :
" متقلقيش يا مدام .. مفيش حاجة خطر .."
تنهد جاسر براحة بينما قالت ملك بمرح :
" مش قلتلك مفيش حاجة .. مجرد دوار .."
رد الطبيب بجدية :
" انا قلت مفيش حاجة خطر بس احتمال فيه حاجة حلوة .."
تطلعت ملك اليه بعدم فهم ليكمل بإبتسامة :
" الاعراض اللي عندك بتقول انك حامل .. لازم تعملي تحليل دم عشان تتأكدي .."
ابتسم جاسر بعدم تصديق بينما اتسعت عينا ملك بصدمة قبل ان تهتف بدهشة :
" حامل ..؟!"
اومأ الطبيب برأسه وقال :
" احتمال كبير .. لكن لازم تعملوا التحليل عشان تتأكدوا .."
نظرت ملك الى جاسر وهي تبتسم بشرود ليمسكها جاسر من يديها ويشكر الطبيب قبل ان يسير بها نحو مركز تحليل الدم وهو يهتف بحماس :
" لازم نعمل التحليل بسرعة .."
أومأت برأسها بلا وعي لتقوم بالتحليل فعلا وتجلس بجانب جاسر وهي تبتسم ببلاهة ...
ظلا ينتظران نتيجة التحليل التي ظهرت بعد فترة طويلة نوعا ما ليأخذ جاسر التحليل من الموظفة ويشكرها بلطف لكن ملك سبقته وسحبت منه النتيجة وفتحتها واخذت تقرأ ما بها بلهفة شديد قبل ان تصرخ بمرح :
" انا حامل .. انا حامل .."
واخذت تقفز بعدم تصديق ليمسكها جاسر من خصرها وهو ينظر الى الناس المندهشة من حولها ثم همس لها بسعادة :
" اهدي يا حبيبتي .. مينفعش تتنططي كده وانتي حامل .."
ضحكت بخفوت بينما احتضنها جاسر وهو يهمس لها :
" انتي مش عارفة انا مبسوط قد ايه بالخبر ده .. مبسوط جدا .."
رمقته بنظرات فرحة وقالت :
" انا فرحانه اوي .. فرحانه بجد .."
قبلها من جبينها ثم سحبها خلفه وهو يهتف بها :
" من النهاردة تسمعي الكلام .. وتاكلي كويس .. وكل حاجة اقولها تنفذيها من سكات .."
ثم قال بسرعة وقد تذكر شيئا :
" احنه لازم نشوف دكتورة نسائية تفحصك وتتابعي معاها الحمل .."
" تمام انا هسأل .."
قاطعها بجدية :
" لا هنشوف دلوقتي .."
رمقته ملك بتعجب وقالت :
" دلوقتي .."
اومأ برأسه وهو يقول :
" ايوه عشان نتطمن عالبيبي وعلى صحتك .."
ابتسمت بخفة وقالت :
" تمام شوفلنا دكتورة بقى نروحلها لاحسن انا عمري مرحت دكتورة نسائية قبل كده .."
....................................................................
مساءا ..
مدد جاسر ملك على السرير وغطاها باللحاف جيدا بينما علي ومنى يحيطانها وهما يبتسمان بسعادة ..
قالت منى وهي تشير نحو بطن ملك :
" يعني هنا فيه بيبي .."
أومأت ملك برأسها وهي تبتسم لها بحنو ليكمل علي :
" طب هو ولد ولا بنت ..؟!"
وقبل ان تجيب ملك قالت منى بثقة :
" بنت طبعا .. "
رد علي بضيق :
" ليه بنت ..؟! مش جايز ولد .."
ردت منى بعناد :
" انا متأكده انها بنت وهتبقى شبهي .."
قال علي بغضب :
" لا ولد .. احساسي بيقول كده .."
ضربته منى على رأسه وقالت :
" انت معندكش احساس اصلا .."
شدها علي من شعرها فصرخت منى عليه ليفك جاسر شعرها من يدي علي التي تضغطان عليه بقوة قبل ان يبعدهما عن بعضيهما ويهتف بهما بجدية :
" كده بردوا .. بتتخانقوا وناسيين انوا ماما ملك لازم تكون مرتاحة على طول ومتتعبش خالص .. "
ثم اكمل :
" ولا انتوا عاوزينها تتعب والبيبي يزعل .."
قالت منى بسرعة :
" لا كله الا البيبي .."
ثم ربت علي على بطن ملك وقال :
" متزعلش يا بيبي .."
ضحك جاسر على افعالهما الطفولية بينما نظرت ملك اليهما بحنو لتقول منى :
" بس هي هتبقى بنت صح يا ابيه ..؟!"
هز جاسر رأسه مدعيا التفكير وقال :
" لسه مش عارفين يا منى .. بس ان شاءالله هتكون بنت زي مانتي عاوزة .."
ابتسمت منى برضا بينما ظهر الضيق جليا على ملامح علي فقالت ملك بحب :
" او ممكن ولد شبهك يا علي .. قول يارب .."
قال علي وهو يرفع يده نحو الاعلى :
" يارب يا ماما .."
اقتربت هبة منهم وهي تحمل كوب الحليب وتضعه بجانب ملك قبل ان تهتف بالصغار :
" يلا كلنا نخرج ونسيب ملك لوحدها عشان ترتاح .."
نهض الصغيران بطاعة واتجها خلف هبة نحو غرفتهما بينما نظرت ملك الى اثرهما وقالت بخوف :
" تفتكر هلحق اربي ثلاث ولاد من غير ما اهمل اي حاجة تخصهم .."
ابتسم وهو يربت على كتفها :
" هتقدري وانا هكون معاكي فكل لحظة .. احنه هنربيهم سوا يا ملك .."
ابتسمت بتوتر وقالت :
" بس علي ومنى مش ولادك وانت مش مجبر .."
قاطعها بسرعة :
" علي ومنى ولادي .. انا بحسهم كده حقيقي .. "
سألته بترددد:
" يعني مش هتفرق بينهم وبين البيبي اللي هيجي .."
قال بصدق :
" وحياتك عمري مهفرق بينهم .. هما الثلاثة هيكونوا عندي واحد .."
تنهدت براحة فهي تثق بكلامه بينما سألها هو :
" افهم من كده خلاص .. هترجعي تنوري حياتي من تاني .."
ابتسمت وهي تومأ برأسها ليتنهد بسعادة قبل ان تقول :
" لازم تشكر ابنك .. مكنتش هرجع لولاه .."
ربت على بطنها وهو يهمس بمرح :
" متشكرين يا بيبي .."
ضحكت بخفة قبل ان ترمي نفسها وسط احضانه تستنشق رائحته وهي تهتف بحب :
" وحشتني اوي يا جاسر .. وحشتني فوق ما تتصور .."
.....................................................................
في صباح اليوم التالي ..
استيقظت ملك من نومها على صوت جاسر الذي كان يحوي اتصالا مع احد موظفيه ..
اغلق الهاتف معه ثم اتجه نحو ملك وهو يبتسم بحب قبل ان يجلس بجانبها ويهتف بجدية :
" كويس انك صحيتي .. كنت عاوز اخذ رأيك فحاجة ..؟!"
" حاجة ايه ..؟!"
سألته بحيرة ليرد بجدية وهو يفتح الهاتف امامها ويعبث به لتظهر امامها مجموعة من الصور التي تخص منازل راقية للغاية :
" دي كلها صور لارقى البيوت فالقاهرة .. عاوزك تختاري اكتر واحد يعجبك عشان اشتريه ونستقر فيه .."
لمعت عيناها وهي تسأله بعدم تصديق :
" يعني احنه مش هنرجع الفيلا ..؟!"
اطلق جاسر تنهيدة وقال :
" لا .. احنه هيكون لينا بيتنا الخاص بينا .. كده احسن لينا كلنا .. "
ابتسمت بعدم تصديق وهي تقلب في الصور قبل ان تعقد حاجبيها بتفكير وتلتفتت نحوه تسأله بجدية :
" طب ليه مناخدش بيت قريب من القصر بتاعكم .. عالاقل تبقى قريب من امك واخواتك وتزورهم وقت متحب .."
تطلع جاسر اليها بتفكير قبل ان يقول :
" تصدقي فكرة .. انا افتكرت دلوقتي انوا جارنا عماد بيه عاوز يبيع الفيلا بتاعته هي بنفس الشارع بتاعنا بتبعد ثلاث بيوت عن قصرنا .. ممكن ناخذها وبكده اكون قريب من ماما والبنات .."
قبلها من جبينها وهو يهتف بحب :
" انتي حقيقي مفيش زيك .."
ضحكت بنعومة قبل ان تقول :
" طب قوم خلينا نفطر عشان انا جعانة .."
نهض من مكانه وهو يقول :
" هنزل حالا اقولهم يحضرولك الفطار .. وانتي اجهزي بسرعة .."
ثم خرج من الغرفة لتنهض ملك من مكانها وتغير ملابسها بسرعة ..
.................................................................
بعد مرور عدة اشهر ..
في احدى المستشفيات الخاصة ..
حملت ملك طفلها وهي تنظر له بسعادة بالغة غير مستوعبة ان هذا الكائن الصغير هو ابنها من جاسر ..
اخذت الذكريات تتدفق اليها منذ هروب ريم واجبارها على الزواج من جاسر .. تذكرت كرهه ومعاملته السيئة لها ونفوره الواضح منها ثم حبه الجارف لها ومعاملته التي تغيرت مئة وثمانين درجة .. كان عاما حافلا بالكثير من التطورات والتغيرات اهمها انها نجحت في تكوين عائلة رائعة اثبتت من خلالها انها ام مثالية ..
افاقت من افكارها على صوت رزان تسأل :
" هتسموه ايه يا ابيه ..؟!
ابتسم جاسر وهو يجيب :
" احنه اتفقنا نسميه زين .."
" حلو زين .."
قالتها زينة بحب قبل ان تصرخ فجأة :
" الله زين يعني مشتق من زينة .. ميرسي اوي يا ابيه .. مكنتش اعرف انك بتحبني كده .."
مطت رزان شفتيها بضيق وقالت :
" اشمعنا زين يا ابيه .. مكنت تسميه اي اسم تاني .."
ابتسمت ملك رغم تعبها وقالت :
" ولا يهمك يا رزان .. المرة الجاية هجيب بنت ونسميها رزان .."
" ميرسي يا قلبي .. ولو مش حابة رزان ممكن تسميها روز مشتق بردوا من اسم رزان .."
ابتسمت ملك بخفة وهي تحتضن الصغير بينما اخويها يحيطانها من الجانب وينظران اليه بإندهاش متعجبين من هذا الكائن الصغير ذو العينين البنيتين الواسعتين اللتان تشبهان عيني والدته ..
تقدمت جلنار نحو ملك وقبلتها من وجنتيها وهي تهتف بسعادة بالغة ظهرت عليها منذ رؤيتها لحفيدها :
" مبروك يا ملك .. "
ثم التفتت نحو جاسر واحتضنته :
" مبروك يا حبيبي .. يتربى فعزك .."
قبلها جاسر من جبينها واحتضنها بينما نظرت ملك اليه بحب قبل ان تطبع قبلة على جبين الصغير وهي تتنهد بعمق ..
..........................................................................
بعد مرور خمس سنوات ..
ربتت ملك على بطنها المنتفخ وهي تنظر من خلف النافذة الى صغارها الاربعة ..
علي ومنى اللذان اصبحا في الحادية عشر من عمرهما وزين الذي اتم عامه الخامس منذ اسبوعين وروز التي اتمت عامها الثالث منذ ثلاثة اشهر ..
تأملت بطنها المنتفخ بضيق فهي باتت تضايقها كثيرا ولا تستطيع النوم الا قليلا ..
ثم ابتسمت حينما تذكرت انها تحمل هذه المرة توأم بنات وكم سعدت في بادئ الأمر حينما علمت انها ستنجب توأم مثل والدتها ..
نظرت مرة اخرى الى الصغار اللذين يلعبون بمرح وهي تفكر بأن المسؤولية زادت عليها فقريبا سوف تصبح مسؤولة من ستة اشخاص .. لا تنكر ان جاسر اثبت وبجدارة انه اب رائع والذي يحاول قدر المستطاع ان يعينها في تربية الصغار رغم شغله الدائم والكثيف ..
التفتت الى الخلف لتجده يتقدم نحوها وهو يبتسم بخفة قبل ان يحتضنها من الخلف ويقبلها من رقبتها ..
توردت وجنتاها وهي تقول :
" بناتك تعبني اوي .. هما هيجوا امتى ..؟!"
ضحك بخفة وقال :
" كلها ثلاث شهور ويوصلوا بالسلامة .."
قالت بضيق :
" انا مش ناوية اخلف تاني خلاص .. كفاية علينا كده .."
قال جاسر بمكر :
" ودي تجي بردوا .. احنه مش اتفقنا نكمل الفريق .."
التفتت نحوه وهي ترمقه بغيظ :
" فريق ايه .. ؟! انت مش شايف انا بقيت عاملة ازاي ..؟! ده انا مش بلحق اخذ نفسي .."
ابتسم وهو يقول بمرح :
" مانتي الا حملتي ثلاث مرات خلال خمس سنين .. لو كنت متجوز ارنبة كانت استنت شوية عن كده .."
ضربته على ذراعه وهي تقول بضيق :
" ارنبة .. انت شايفني كده .. لا بجد زعلت .."
ثم ادمعت عيناها وهي تكمل :
" انا مليش ذنب على فكرة .. انت السبب.."
جذبها نحوه وهو يحتضنها برقة قبل ان يقول :
" بهزر يا حبيبتي .. متخليش الهرمونات تقلبك عليا .."
ردت بزعل :
" لا كلامك هو اللي بيقلبني .."
ابتسم وهو يقبل شفتيها برقة ثم ينحني صوب عنقها ويقبلها بشغف لتبعده عنها وهي تهتف :
" مش وقته .."
رد بخبث :
" بالعكس ده احسن وقت .. عشان الولاد تحت .."
نظرت الى الاسفل لتجدهم منشغلين باللعب فقالت وهي تبتسم بخجل :
" هو انت مملتش مني بجد واحنه مع بعض طول السنين اللي فاتت ..؟!"
ابتسم وقال :
" مفيش حد بيمل من روحه يا ملك .."
ربتت على وجنته وقالت :
" حتى وانا شبه البطيخة كده .."
ربت على بطنها وقال :
" انتي متعرفيش بتبقي جذابة ومغرية قد ايه فبطنك اللي شبه البطيخة دي .."
ضحكت بخجل بينما جذبها هو نحو السرير في عناق لم يكن بريء اطلاقا ..
انتهت بحمد الله
تعليقات
إرسال تعليق