القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ملك عمري بقلم ساره على " هربت .. العروسة هربت .."كامله جميع الفصول من الجزء الأول إلى الجزء الخامس


" هربت .. العروسة هربت .."

انتفض من مكانه وهو يقول بغضب جامح :

" انتِ بتقولي ايه يا متخلفة انتِ ..؟!"

ردت الخادمة وهي ترتجف :

" والله زي ما بقولك كده .. ريم هانم هربت .."

ركض مسرعا نحو غرفتها في الطابق العلوي ليجدها فارغة .. فتح خزانة ملابسها فوجدها خالية من جميع اغراضها .. انتبه على ورقة مطوية موضوعة على السرير ففتحها ليقرأ ما في داخلها :

" متدورش عليا .. انا رحت خلاص ومش ناوية ارجع .."

اعتصر الورقة بين يديه ثم صرخ هادرا بقوة :

" ملك .."

انتفضت ملك الموجوده في غرفة مجاورة لغرفة اختها ريم على اثر صراخ والدها لتربت على اختها واخاها الصغيرين بحنو محاولة تهدئتهما قبل ان تنطلق مسرعة نحو والدها فتجده يرميها بنظرات حادة وهو يصرخ بها :

" اختك هربت يا ملك ..تعرفي راحت فين ..؟!"

هزت رأسها نفيا وهي تجيب بصوت مرتجف :

" ابدا .. هعرف منين .."

عاود سؤالها بصوت اكثر قوة :

" يعني انتِ متعرفيش هي راحت فين ومع مين ..؟!"

قالت بصوت شبه باكي :

" لا ابدا والله معرفش .."

جذبها من شعرها وقال بقسوة :

" خوفك ده بيأكد انك عارفة حاجة .. انطقي يا ملك بدل ما أذيكي .."

صرخت متأوهة بألم وهي تقول وسط دموعها الحارة :

" والله معرفش .."

شدد من قبضته على شعرها ليزداد صراخها لكنه توقف حينما وجد ابنته الصغرى ذات السته اعوام تراقبهما والدموع تهطل من مقلتيها بغزارة ..

حرر شعرها من قبضته وقال بقلة حيلة :

" هعمل ايه دلوقتي ..؟! اقول ايه لجاسر بيه ..؟! اقوله البنت هربت ..؟! موقفي ايه قدامه ..؟! اعمل ايه قولولي ..؟!"

مسحت ملك دموعها بأناملها واخذت تلعن ريم وتلعن نفسها فهي من ساعدتها على الهروب ..

حاولت تهدئة والدها لكنه ابعدها عنه وهو يصرخ بقوة :

" هقتلها .. والله العظيم لأقتلها .."

....................................................................  

كان جاسر يجفف شعره بالمنشفة بعد خروجه من حمام طويل استعدادا لحفل زفافه الذي سوف يقام مساءا ..

انتهى من تجفيف شعره وهم بخلع المنشفة ليرتدي ملابسه حينما سمع صوت طرقات على باب غرفته يتبعها اقتحام والدته المكان وهي تهتف بضيق :

" حماك بره وبيقول عاوز يقابلك ضروري.."

عقد حاجبيه بحيرة قائلا :

" حصلت مشكلة ولا ايه ..؟!"

ردت والدته :

" معرفش .. بس شكله مش طبيعي .."

" تمام .. هخرجله حالا .."

خرجت والدته من عنده بينما سارع هو لارتداء ملابسه وهبط الى الطابق السفلي ليجد حماه في انتظاره فحياه قائلا بود :

" حامد بيه .. اهلا وسهلا .."

قال حامد بإحراج :

" جاسر بيه .. مش عارف اقولك ايه .. بس ريم مختفية من الصبح .."

صاح جاسر بحدة :

" يعني ايه مختفية ..؟! قصدك هربت ..؟!"

قال حامد وهو يفرك يديه الاثنتين بتوتر :

" معرفش .. هي مش باينه من الصبح .."

اقتحمت والدة جاسر المكان وقالت حيث كانت تتنصت على حديثهم :

" بنتك راحت فين يا حامد .."

اجابها حامد بنبرة مرتجفة :

" والله ماعرف يا جلنار هانم .. علمي علمك .."

رد جاسر بغضب مخيف :

" احنا بنلعب ولا ايه يا حامد .."

ابتلع حامد ريقه وقال بتوسل :

" انا ذنبي ايه يا جاسر بيه ..؟!"

اجابه جاسر بتهكم :

" ذنبك انك معرفتش تربي .."

اخفض حامد وجهه بخجل بينما قالت جلنار :

" هنعمل ايه دلوقتي ..؟! الفرح كمان كام ساعه .. الناس كلهم عرفوا والصحافة مستنيه اليوم ده من زمان .."

نظر جاسر الى والدته وقال :

" احنا نلغي الفرح .."

الا ان والدته عارضته :

" لا طبعا نلغي ايه ..؟! مينفعش طبعا .. "

" امال هنعمل ايه ..؟!"

سألها جاسر بنفاذ صبر لتنظر جلنار الى حامد بتفكير قبل ان تقول :

" الفرح هيتعمل فمعاده والعروسة هتبقى ملك بنتك يا حامد .."

"ايه ..؟!"

صرخ بها جاسر وحامد في ان واحد قبل ان يهتف حامد بسرعة :

" ملك ازاي بس يا جلنار هانم ..؟! دي لسه طفلة .. اجوزها ازاي ..؟!"

اما جاسر فاخذ يقول باعتراض شديد:

" ملك ..؟! انتِ بتقولي ايه ..؟! دي اصغر مني بكتير .. دي قد بنتي .."

ثم اكمل في داخله " وكمان وحشة اوي ومعندهاش شخصية .."

قالت جلنار بحزم :

" والله ده اللي موجود .. ولا انت عاوزين يقولوا عنك انوا عروستك سابتك يوم فرحك ..وانت يا حامد هتستحمل فضيحة هروب بنتك .."

نظر حامد اليها بقلة حيلة بينما نطق جاسر اخيرا :

"انا مش موافق .. ملك بالذات لا .."

يتبع 

اسم المشاهد #ملك_عمري

لو لقيت تفاعل هالمشهد ده هنزل باللي بعده 🙂

باذن الله هنزل حطام عشق ودمية بين يديه الايام الجاية 😍

المشهد الثاني ..

" انا مش قادر اصدق اللي عملتيه ..؟! اتجوز ملك ..؟! ملقتيش الا ملك ..؟!"

قالها جاسر لوالدته بنبرة مستنكره لترد والدته عليه :

" ايوه ملقتش غيرها .. الكل عارف انك هتتجوز بنت حامد الاسيوطي .. لو جبت وحدة تانيه هيعرفوا انوا فيه غلط .. لكن لما تتجوز بنت نفس الرجل مش هيركزوا اوي .. ولا انت عاوز الكل يعرف انوا عروستك هربت وتتفضح .."

زفر جاسر انفاسه بضيق وقال :

" بس مش ملك .. دي صغيرة اوي وبشعة .."

تطلعت اليه والدته وقالت :

" عارفة انها صغيرة ومش حلوة خالص بس نعمل ايه .. ده الموجود .. استحملها شهرين ثلاثة وبعدين طلقها .."

رد جاسر بجدية:

" ده شيء اكيد .. امال عاوزاني اعيش مع وحدة زيها لا شكل ولا شخصية وفوق كل ده اصغر مني بكتير .."

قالت جلنار والدته بمواساة:

" معلش يا جاسر .. تعال على نفسك واستحملها .."

اومأ جاسر برأسه على مضض ثم خرج لتندفع سيلين ابنة خالته الى الداخل بعد خروجه وهي تصرخ بإنفعال :

" يعني ايه يتجوز ملك .. ده انا ما صدقت اخلص من ريم تقوم تجيني ملك .. كنت انا اتجوزته وخلاص .."

تطلعت اليها جلنار بضيق وقالت :

" انتِ مش هتعقلي بقى .. مانتي كنتي قدامه ومعبركيش .. ثانيا مش بنت اختي اللي تبقى بديلة لريم .. انتِ لما تتجوزيه هتتجوزيه بعد ما هو يختارك بنفسه ويحس بقيمتك .."

" وده هيحصل ازاي ان شاءالله ..؟!"

قالتها سيلين بحزن لترد جلنار :

" يا غبية .. ريم خلصنا منها .. وملك دي طفلة وبشعة .. وتقريبا هبلة .. يعني جاسر مش هيكمل معاها شهرين ثلاثة ويطلقها .. ساعتها الساحة هتفضالك من اول وجديد .. وانتِ وشطارتك بقى .."

تطلعت اليها سيلين بعدم اقتناع لكنها اضطرت الى موافقة خالتها ..

.....................................................................

كانت ملك تجلس بجوار اخويها الصغيرين ذوي السته اعوام علي ومنى ..

تقضم اظافرها وهي تفكر في ردة فعلها جاسر خطيب اختها وموقف والدها امامه ومن جهة اخرى تفكر في ريم والمكان الذي ذهبت اليه ..

لا تعرف كيف طاوعتها وساعدتها في الهروب .. ربما رغبتها في التقرب من ريم التي لطالما كانت بعيده عنها .. او ربما رغبة منها في اثبات انها ليست شخصية ضعيفة نكرة كما تحاول ريم ان تثبت لها هذا دائما ..

افاقت من شرودها على صوت والدها يتقدم نحوها وهو يشير للصغيرين :

" علي ، منى ، سيبونا لوحدنا .."

اذعن الطفلين لطلبه وخرجا بينما وقفت ملك وهي ترتجف قبل ان تسأله :

" ها يا بابا حصل ايه ..؟!"

رد عليها حامد بضعف :

" جاسر اتجنن لمًا عرف باللي حصل .."

" وبعدين ..؟!"

سألته بقلق ليرد بضيق :

" مبقاش قدامنا الا حل واحد .. الفرح هيتم فمعاده .."

" ازاي ..؟! هتلاقوا ريم فين ..؟!"

قال الاب بجمود :

" ريم مش هي العروسة .. انتِ العروسة يا ملك .."

جحظت عينا ملك بعدم تصديق وهي تحاول ان تستوعب كلمات والدها ..

" حضرتك بتقول ايه .. ؟! ازاي انا العروسة ..؟! عاوزني اتجوز خطيب اختي ..؟!"

رد الاب بحدة :

" مبقاش خطيب اختك .. بقى خطيبك .. وهتتجوزيه النهاردة .."

" ازاي بس ..؟! انت عارف انوا مش مناسب ليا .. نسيت فرق السن اللي بينا .. طب وخالد ..؟! هنقوله ايه ..؟!"

نظر اليها بقلة حيلة وقال :

" مفيش غير الحل ده .. وخالد ده تنسيه تماما .. "

قالت ملك بأسى :

" انسى حب عمري .. ازاي ..؟! انت عارف انوا خالد كل حياتي .."

صاح بها مستنكرا :

" كفاية يا ملك .. انا مش ناقص .. ثانيا مش انتِ اللي ساعدتيها .. استحملي بقى .."

هطلت دموع ملك بغزارة بينما اشاح هو بوجهه وقال :

" اصعدي فوق وخدي شاور وجهزي نفسك قبل ما الميك اي ارتست تجي تجهزك .. "

سارت مسرعة خارج الغرفة لتجد عليّ ومنى امامها حيث تحدث علي بنبرته الطفولية :

" انتِ هتتجوزي يا ماما ملك وتسيبينا .."

ازدادت شهقاتها وهي تحتضنهما بينما منى تهتف بدموع حارة :

" انتِ مش قلتي انك مش هتسيبنا زي ماما .."

ابتعدت قليلا عنهما وقالت بصوتها الباكي :

" انا مجبرة على ده .. ثانيا متقلقوش كلها فترة وهرجع ليكم .. باذن الله فترة قصيرة .."

اتجهت مسرعة الى غرفتها كي لا يشهدان انهيارها أماميهما ..

.................................................................

حل المساء ..

كانت ملك قد ارتدت فستانها وانتهت خبيرة التجميل من وضع المكياج لها بينما ابنة خالتها هبة تساعدها ..

" كفاية عياط بقى .. الميك اي هيبوظ .."

قالتها هبة برجاء خالص لتتوقف ملك عن بكائها وهي تمد يدها لتتناول نظارتها الطبية الا ان هبة منعتها :

" انت هتلبسي نظارة يوم فرحك .. انت اكيد تجننتي .."

" امال هشوف ازاي ..؟!"

قالتها ملك ببراءة لتزفر ريم انفاسها وهي تقول :

" معندكيش لينسز تلبسيها بدل النظارة .."

ردت ملك بخوف :

" عندي بس بخاف البسها .."

" هي فين ..؟!"

سألتها هبة بجدية لترد ملك بضيق :

" قلتلك بخاف البسها .."

قالت هبة بإصرار :

" هي فين يا ملك .. مانتي اكيد مش هتتجوزي بالنظارة .."

اضطرت ملك الى ان ترشد هبة الى مكان والتي حملت العدسات والبستها اياه وسط تذمر ملك ..

انتهت هبة اخيرا من كل شيء واصبحت ملك جاهزة لاستقبال عريسها حينما خرجت سامحة لحامد برؤيته ابنتها والحديث معها ..

ما ان دلف حامد الى الغرفة حتى ادمعت عيناه وهو يرى ملك صغيرته بهذا الموقف ..

قالت ملك بسرعة :

" خالد عرف ..؟! قال ايه ..؟!"

قال حامد بجدية :

" لسه موصلش اصلا .. طيارته هتوصل بكره .."

هزت رأسها وهي بالكاد تكتم دموعها ليهتف حامد بجدية :

" اتفقت مع جاسر انوا الجوازة هتستمر لست شهور وبعدين يطلقك .."

" بجد ..؟!"

لمعت عينا ملك بسعادة غريبة قبل ان تقول بأسى :

" تفتكر خالد هيغفرلي جوازي ده .."

زفر حامد انفاسه بضيق وقال :

" مش مهم خالد .. المهم انتِ .."

ثم اكمل بحزن :

" البيت هيبقى فاضي من غيرك يا ملك .."

ادمعت عيناها وهي تسأله :

" علي ومنى .. مين هيهتم بيهم ..؟!"

رد الاب محاولا طمأنتها :

" انا بعت لدادة فاطمة .. هتجي من البلد وترعاهم الكام شهر دول لحد مترجعي .."

" هيوحشوني اوي .."

قالتها بغصة مؤلمة ليقترب منها والدها ويحتضنها قبل ان يبتعد عنها وغصته تزداد فملك لم تكن مجرد ابنته بل هي كل شيء بالنسبة له ..

لقد تحملت المسؤولية كاملة بعد وفاة والدتها منذ ستة اعوام .. اصبحت ام بديلة لاخويها وراعتهما كما تراعي الام ابنائها .. اعتنت بالمنزل ايضا وكانت مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة فيه .. عكس ريم والتي كانت تكبرها باثني عشر عاما الا انها كانت بعيدة كل البعد عن عائلتها واخوانها حيث كان لها اهتمامات مختلفة تماما ..

" يلا بينا .. زمان عريسك وصل .."

قالها حامد وهو يقبض على كف يدها ويسير بجانبها متجها بها الى الطابق السفلي حيث ينتظرها جاسر وعائلته كي يتم عقد القران ويأخذناها الى قاعة الحفل ..

...................................................................

كان جاسر يقف بجانب كمال ابن عمه وهو يشعر بالضيق والاختناق الشديدين ..

لا يصدق ما يحصل معه .. صباحا كانت يستعد للزواج من ريم حبيبته الفاتنة ذات الجمال الخلاب والان هو سيتزوج اختها ملك التي لم يرها سوى مرات معدودة ادرك من خلالها مدى بشاعتها و ضعف شخصيتها ..

زفر انفاسه بضيق وهو يلعن ريم في داخله وذاكرته تعود الى الخلف .. كيف دخلت الى حياته وظلت تطارده كثيرا حتى جعلته يغرم بها ويتقدم لخطبتها .. 

مالذي تغير وجعلها تهرب ..؟! مالذي حدث وكيف تجرأت على الهروب منه ..؟!

افاق من افكاره على صوت كمال ابن عمه وهو يهمس له :

" العروسة وصلت .."

رفع بصره نحو السلم ليتفاجئ بملك اخرى غير التي يعرفها .. كانت طفلة بريئة للغاية بملامح ناعمة رقيقة وعينين حزينتين .. لم تكن خارقة الجمال لكنها كانت بريئة ولطيفة بشكل جذاب محبب ..

افاق من شروده على صوت حامد وهو يقترب منه ويقدم ملك له والتي اخفضت بصرها ارضا ليمسك جاسر بيدها ويسير بها نحو الكنبة وسط نظرات هبة المشفقة وسيلين الحاقدة ..

تم عقد القران بسرعة واتجه الجميع الى قاعة الحفل التي كانت في افخم فندق في البلاد ..

كان الجميع يمثل دوره بإحترافية عالية مما جعل ملك تشعر بالاختناق الشديد واخذت تتخيل نفسها في وضع اخر تتزوج من خالد حبيبها تبتسم لها ويبادلها ابتسامتها باخرى مماثلة .. يراقصها على احدى اغنياتهما المفضلة ..

ادمعت عيناها بقوة وهي تتمنى ان ينتهي الحفل على خير ..

...............................................................

دلفت ملك الى الجناح الفخم في قصر عائلة جاسر ..

سمعت جاسر يغلق الباب خلفهما بعنف فارتجف جسدها كليا .. 

شعرت به يسير نحو الخزانة ويفتحها ليخرج منها ملابس  اخرى ثم بدأ يفك ازرار قميصه بلا مبالاة ..

اعتصرت قبضتي يديها بقوة وهي تسير بخطوات ضعيفة نحو الباب الاخرى للخزانة تبحث بها عن شيء مناسب ترتديه لتتفاجئ بقمصان نوم مثيرة للغاية من المستحيل ان ترتديها ..

اغلقت باب الخزانة بسرعة بينما انتهى جاسر من ارتداء ملابس الخروج وحمل هاتفه وخرج من الغرفة لتتطلع الى اثره بحيرة قبل ان تجلس على طرف السرير وهي تفكر في شيء مناسب ترتديه ..

انتبهت اخيرة الى تلك الحقيبة الضخمة الموضوعة في احد اطراف الغرفة لتنهض من مكانها مسرعة وتفتحها لتجد ملابسها فيها ..

ابتسمت بسعادة وهي تخرج احدى بيجامتها .. حملت البيجامة واتجهت نحو الحمام ولم تنس ان تأخذ نظارتها معها والتي وجدتها في نفس الحقيبة ..

وقفت امام المرأة وبدأت تحاول خلع العدسات كما علمتها هبة فنجحت اخيرا في خلعها بعد عدة محاولات ..

ثم اخذت تغسل وجهها وتزيل مساحيق التجميل من عليه ..

واخيرا بدأت تحاول نزع فستانها لتفك سحابه بعد عدة محاولات وترتدي بيجامتها المريحة ..

خرجت من الحمام بعدما جففت وجهها ورفعت شعرها على هيئة كعكة ثم قررت ان تنام بعمق على السرير ولا تفكر فيما سيحدث في الغد فيكفيها ما حدث اليوم ..

.............................................................

في احدى الشقق الراقية ..

كان جاسر يحمل كأس من المشروب ويتناوله بشرود حينما اقتربت منه احداهن وهي تهتف بسعادة :

" مصدقتش نفسي لما لاقيتك واقف قدام الباب .. واخيرا افتكرتني يا جاسر .. "

نظر جاسر اليها وقال :

" للدرجة دي واحشك يا لونا ..؟!"

ابتسمت وهي تحتضن ذراعه :

" واكتر كمان .. انت حبيبي يا جاسر ... حبيبي اللي مقدرش ابعد عنه .."

ثم اكملت بحيرة :

" بس مش غريبة انك تجيني ليلة فرحك بعد ما قطعتني المدة دي كلها ..."

ثم اكملت بخبث :

" هي العروسة طلعت مستعملة ولا ايه .."

صاح بها جاسر بحدة :

" لونا .. لمي لسانك .. مش جاسر اللي ياخد حاجة مستعملة .."

ارتعبت بشدة من نبرة الغضب التي سيطرت عليه وقالت معتذرة :

" اسفة والله .. انا بس شايفك مدايق .."

قاطعها بجدية :

" لونا .. انا جايلك عشان تبسطيني .. لو مش هتعملي كده يبقى اروح اشوف غيرك .."

اقتربت منه وهي تهتف بحب :

" طب بذمتك .. من بين كل الستات اللي عرفتهم .. لقيت وحدة تبسطك زيي .."

ابتسم بتهكم وقال :

" انتِ مفيش زيك يا لونا .. عشان كده الوحيدة اللي فضلت معاها طول السنين دي .."

ضحكت بإغراء وهي تجذبه نحوها في عناق مثير ..

يتبع

اسم المشاهد #ملك_عمري

تفاعلوا عشان انزل المشهد الثالث بسرعة ..

المشهد الثالث 

دلف جاسر الى جناحه فجرا .. خلع سترته ورماها على السرير ثم اقترب من ملك النائمة بعمق واخذ يتأملها قليلا .. كانت تبدو بريئة وصغيرة للغاية بشكل اثار ضيقه ..

زفر انفاسه بقوة وهو يهوي بجسده على الجانب الاخر من السرير ويغمض عينيه محاولا الحصول على القليل من الراحة ..

لكن النوم أبى أن يزور أجفانه فظل مستيقظا حتى الصباح حينما شعر بها تتحرك وتفتح عينيها البنيتين وهي تتثائب وتبسط يديها بعفوية مما جعل احداهما ترتطم بصدره فانتفضت من مكانها وهي ترمقه بنظرات متسعة مذعورة قبل ان تحرك يدها على الطاولة جانبها وتسحب النظارة الطبية وترتديها ..

رمقها جاسر بنظرات مندهشة للحظات فهي تصرفت وكأنما رأت عفريت ثم سرعان ما تحولت نظراته لأخرى ساخرة متهكمة حيث نهض من مكانه واتجه نحو الشرفة ليتنفس القليل من الهواء قبل ان يعاود الولوج الى الداخل ليجد ملك تعدل غطاء السرير قبل ان تلتفت نحوه فيتأمل جسدها النحيل للغاية وبيجامتها البيتية التي تحتوي على رسوم كارتونية بإمتعاض فهذا منظر عروسه التي من المفترض ان تكون الان في أبهى حلة لها ..

قال اخيرا بنبرة باردة :

" غيري هدومك عشان هننزل نفطر تحت .."

أومأت برأسها بينما اخرج هو ملابس خروج جديدة له واتجه الى الحمام واخذ دوش سريع قبل ان يخرج منه وهو يجفف شعره لينصدم من مظهرها ..

كانت ترتدي بنطال من القماش عريض للغاية فوقه قميص ذو اكمام طويلة يصل الى منتصف فخذيها ..

معهما حذاء رياض مسطح وشعرها مرفوع على شكل كعكة والنظارة الطبية تخفي نصف وجهها الذي كان يخلو من اي مساحيق تجميل ..

زفر انفاسه بضيق وهو يفكر في منظرها المقرف بالنسبة له ولجميع الموجودين لكنه لم يقل شيئا فهي زوجته لفترة مؤقتة سيتحملها ثم سرعان ما يطلقها ..

اتجه نحو الطاولة واخذ يسرح شعره ثم حمل عطره ووضع الكثير منه ..

التفت لها ليجدها تهتف بصوت خافت :

" ممكن اطلب منك طلب ..؟!"

رد برود :

" لا .."

قالت بضيق :

" ليه يعني ..؟! انا من حقي اقول طلبي .."

قال بحسم :

"انتِ زيك زي الكنبة هنا .. ملكيش رأي ولا أهمية .."

ردت بغيظ منه ومن حديثه :

" بتعاملني كده ولا كأني انقذتك من الفضيحة .."

" بتقولي ايه ..؟!"

قالها بصياح غاضب لترد بتحدي :

" بقول انك لازم تشكرني عشان انقذتك من الفضيحة والا كان زمان الكل بيتكلم عن العريس اللي عروسته سابته يوم فرحه .."

جذبها من شعرها بقسوة وهو يقول :

" ومين سبب الفضيحة دي ..؟! مش اختك المصون .."

تأوهت ألما وهي تجيب :

" والله كان عندها تسيبك وتطفش .."

شدد من قبضته وهو يقول :

" انا عمري ممديت ايدي على وحدة ست بس شكلي هعملها معاكِ .."

صرخت بألم ليحرر شعرها من قبضته فأخذت تفرك مكان قبضته بوجع وهي تهتف بحسرة :

" حرام عليك .. بوظت شعري .."

" محسساني انوا شعر شريهان .. ده كله على بعضه خصلتين .."

قالها بسخرية لترمقه بنظرات كارهة قبل ان تهتف بجدية :

" ارجوك اسمعني .. انا لازم اروح بيتنا .."

قاطعها بنفاذ صبر :

" مفيش مرواح من هنا .. انتِ لسه عروسة يا هانم .. عاوزة الناس يقولوا ايه .. ؟! فيه عروسة تسيب بيتها تاني يوم ..؟!"

اقتربت منه وقالت بعينين دامعتين ورجاء خالص :

" من فضلك خليني اروح .. امبارح اول ليلة الان بعيد عن اخواتي وأكيد هما دلوقتي مش كويسين من غيري .."

رد بتهكم :

" ليه كنتي امهم وانا مش عارف ..؟!"

قالت بسرعة :

" انت ايه .. معندكش قلب .. دول اطفال صغيرين ومفيش حد غيري يرعاهم .. حرام عليك .."

قال بقوة وهو يقبض على ذراعها :

" لسانك الطويل ده هقصهولك ومرواح من هنا مفيش .. انتِ فاهمة ..؟!"

رن هاتفه فحمله ليجد حامد يتصل به فقال بضيق :

" اهي كملت .."

ثم اجاب بإقتضاب :

" خير ..؟!"

ليأتيه صوت حامد المتلهف :

" ملك عاملة ايه يا جاسر بيه ..؟! كويسة ..؟!"

رد جاسر بملل :

" اهي كويسة قدامي .."

" طب ممكن اكلمها ..؟!"

اعطى جاسر الهاتف الى ملك التي اخذته بلهفة وهي تقول :

" بابا ازيك .. ؟! انا كويسة يا حبيبي متقلقش .. والله كويسة .. علي ومنى اخبارهم ايه .. ناموا كويس .. فطروا .. طب هاتهم اكلمهم .."

كان جاسر يتابعها وهي تتحدث مع اخيها الصغير بإستغراب حيث كانت ملك تقول :

" علي يا حبيبي انا كويسة .. والله هاجي قريب .. متعيطش يا حبيبي .. عيب انت بقيت راجل .. انا هجيلك واجيبلك العاب كتير .. ايوه وهنلعب كل الالعاب اللي بتحبها .. هات منى بقى .."

هطلت دموعها بغزارة وهي تتحدث مع اختها بشكل مس قلب جاسر :

" ايوه يا موني .. عاملة ايه ..؟! انا كويسة .. موني خلي بالك من نفسك .. متعيطيش .. والله هرجع قريب .. خدي بالك من نفسك ومتنسيش تاكلي انتي وعلي كويس .. انا هتصل بيكم بالليل .. "

اغلقت الهاتف واعطته لجاسر .. جلست على السرير بوهن واخذت شهقاتها تزداد اضعافا بشكل اثار شفقة جاسر الذي لم يعرف كيف يتصرف معها ..

حاول تهدئتها فاقترب منها وهو يقول بلين :

" ممكن تبطلي عياط ..مانتي كلمتيهم خلاص .."

ردت عليه من وسط شهقاتها :

" مش كويسين .. بيعيطوا .. هما اكيد محتجيني .. دول مبيعرفوش يعملوا حاجة من غيري .."

تنهد جاسر وهو يقول :

" طب خلاص اهدي .. انا هبقى اخدك ليهم بعد الفطار .."

انتفضت من مكانها وامسكت بكف يده وهي تهتف به بلهفة :

" بجد هتاخدني ليهم ..؟!"

اومأ برأسه وقد أثرت به تصرفاتها فأكمل :

" خشي اغسلي وشك عشان هننزل نفطر وانا هاخدك ليهم .."

اتجهت مسرعة الى الحمام لتغسل وجهها وتجففه بالمنشفة ثم خرجت له ليهبطوا سويا الى الطابق السفلي من القصر ويتجها الى غرفة  الطعام ..

دلفا سويا الى غرفة الطعام ليتفاجئ بجلنار وسيلين على المائدة اضافة الى اختي جاسر زينة ورزان ..

نهضت رزان من مكانها وهي تتجه خارج غرفة الطعام بعدما القت تحية الصباح عليهما ليمسكها جاسر من ذراعها ويهمس لها :

" هي سيلين بتعمل هنا ايه ..؟! مش المفروض تسافر مع خالتي وجوزها امبارح بالليل ..؟؟"

ردت رزان بنفس الهمس :

" اصلها هتفضل هنا فترة وبعدين تلحقهم .."

قال جاسر بضيق :

" اهي كملت .."

ثم سمع والدته تقول :

" واقفين عندكوا ايه .. مش هتيجوا تفطروا .."

اتجه جاسر وملك نحو مائدة الافطار حيث جلس جاسر على رأس المائدة وجلست ملك على الكرسي بجانبه بينما اخذت سيلين ترمقها بنظرات ساخرة من مظهرها المزري ..

مظهرها لم يعجب ايضا جلنار التي وجدته غير لائقا بالفتاة التي تحمل لقب كنتها ..

تحدثت سيلين بنبرة خبيثة قاطعة وصلة الصمت :

" صحيح يا جاسر ..انتوا مش هتروحوا شهر عسل زي ما كنت ناوي ..؟!"

رمقها جاسر بنظرات حادة بينما ارتبكت ملك واخذت تعدل وضعية نظارتها حينما رد جاسر بهدوء :

" معنديش وقت للكلام الفاضي ده .. عندي شغل اهم .."

رد سيلين بنبرة ذات مغزى :

" شغل اهم من شهر عسلك .. "

قاطعتها جلنار بقوة :

" دي حاجة خاصة بينه وبين مراته يا سيلين .. ملناش دعوة .."

كظمت سيلين غيظها وهي ترمق ملك بنظرات كارهة لم تلحظها الاخيرة فهي كانت تخفض نظراتها طول الوقت ..

انتهى جاسر من تناول طعامه ليشير الى ملك قائلا :

" انا هخش مكتبي اخلص كم حاجة ورايا وانتي جهزي نفسك عشان كمان شوية هنروح عند بيتكم .."

هزت رأسها وهي تنهض من مكانها واتجه راكضة نحو غرفتها يتبعها جاسر الذي اتجه نحو مكتبه ..

......................................................................

دلف خالد الى مكتب عمه بعد وصل الى البلاد مباشرة وعرف بأمر زواج ملك من جاسر ..

ارتبك حامد وهو يرى ابن اخيه بمظهر مخيف يسأله :

" الكلام اللي سمعته صحيح يا عمي ..؟! ملك اتجوزت جاسر ..؟!"

رد حامد متظاهرا بالقوة :

" ايوه صحيح .. اتجوزوا امبارح .."

صاح خالد بغضب :

" ليه يا عمي ..؟! مانت عارف انوا ملك تخصني وانها بتاعتي من زمان .. هو ده وعدك ليا .. انت وعدتني اني هتجوزها لما تتخرج .. وانا وافقت على كل شروطك حتى اني اعيش معاكم هنا عشان ملك تهتم بأخواتها .. بعد كل ده تجوزها لغيري .."

نهض حامد من مكانه وقال :

" يابني افهمني ..  والله غصبا عني .. ريم اختفت وكان لازم وحدة تحل محلها .."

صرح خالد بألم :

" تقوم تجيب ملك .."

قال حامد محاولا تهدئته :

" مكانش قدامي حل تاني .. كنت عايز اسكت جاسر بأي طريقة .. بس على العموم اطمن .. احنا اتفقنا انوا هيطلقها كمان كام شهر .."

قال خالد بحسرة :

" حتى لو هيطلقها .. مش هين عليا اعرف انوا حبيبتي عايشة مع راجل تاني غيري .. على ذمة راجل تاني .."

ربت حامد على كتفه وقال بمواساة :

" معلش يا خالد اهدى .."

رمقته خالد بنظرات حزينة قبل ان يخرج من الغرفة ويخرج هاتفه من جيبه ويتصل بملك ..

انتظر قليلا ليأتيه صوتها الهامس :

" خالد .. انت كويس ..؟!"

اجابها بصوت متحشرج :

" هكون كويس ازاي وانتِ تجوزتي غيري .."

ردت ملك بحرقة :

" انا اسفة .. كنت مجبرة والله .. انا مش متخيلة اني اتجوزت غيرك .. انا اسفة يا خالد سامحني .."

سألها وهو يغمض عينيه بأسى :

" لمسك ..؟!"

" ايه ..؟!"

سألته بعدم استيعاب ليرد بقوة :

" لمسك يا ملك .. ؟!حصلت حاجة بينكم ..؟!"

احمرت وجنتاها وهي تجيبه بخجل :

" انت بتقول ايه يا خالد ..؟! انت اتجننت ..؟!"

صاح بها بنفاذ صبر :

" ردي عليا وريحيني ..؟!"

ادمعت عيناها وهي تجيبه :

" ملمسنيش اطمن .."

قال خالد بجدية :

" متخليهوش يقرب منك يا ملك .. وانتِ ان شاءالله هتطلقي منه قريب وساعتها هتجوزك على طول .. مش هستنى للتخرج .."

ابتسمت بأمل وهي تقول :

" ياريت يا خالد .. ياريت نتجوز بعد الطلاق بسرعة .."

قال خالد بغيرة حارقة:

" اوعديني يا ملك انوا مش هيلمسك ولا هيطول منك شعره .."

زفرت ملك انفاسها وقالت بجدية :

" اوعدك يا خالد اني مش هخليه يقرب مني ابدا .. اطمن بقى .."

" اوعديني كمان انك هتفضلي تحبيني وهتكوني ليا .."

ردت ملك بحيرة :

" انت شاكك فحبي ليك يا خالد ..؟!"

قال خالد بنفاذ صبر :

" اوعديني يا ملك .."

" اوعدك يا خالد اني هحبك لاخر يوم فعمري .. بس ارجوك متكلمنيش تاني .."

" ليه ..؟!"

سألها مستغربا لترد بجدية :

" عشان انا دلوقتي وحدة متجوزة .. مينفعش اكلمك وانا متجوزة رجل تاني .. دي تعتبر خيانه وحرام كمان .. احنه لازم نبعد عن بعض لحد ما اطلق من جاسر .. تمام يا خالد .."

" بس .."

قاطعته ملك برجاء :

" ارجوك يا خالد .. انا مش عايزة اشيل ذنب حد .."

تنهد وقال :

" هستحمل يا ملك .. طالما هتكوني فالاخر ليا هستحمل .."

ابتسمت وقالت بنبرة حانية :

" مع السلامة .."

ثم اغلقت الهاتف بسرعة وهي تتنهد بقوة وتدعو الله ان تمر الايام القادمة على خير ..

يتبع 

مشاهد #ملك_عمري


المشهد الرابع 

اوقف جاسر سيارته امام فيلا حامد الاسيوطي ..

هبطت ملك مسرعة يتبعها هو بهدوء شديد .. وقف خلفها وهي ترن جرس الباب عدة مرات كطفلة صغيرة حتى فتحت الخادمة لها الباب بعد قليل فإندفعت الى الداخل وهي تسأل بلهفة :

" الولاد فين ..؟!"

تفاجئ جاسر بالطفلين يهبطان درجات السلم بسرعة قياسية ويقفزان نحوها بشكل جعل الثلاثة يقعون ارضا بينما ملك تحتضنهما بقوة والطفلين يشددان من ضمها ويبادلانها قبلاتها المتفرقة ..

كان جاسر في اوج دهشته من المنظر الذي يراه فأخر ما تصوره ان تكون علاقة ملك بأخوانها هكذا ..

فملك لم تتجاوز سن التاسعة عشر كي ترتبط بطفلين صغيرين بهذا الشكل ..

ظل الثلاثة على هذا الحال حتى نهضت اخيرا والطفلين ما زالا متشبثين بها ..

تقدمت من الخادمتين وضمتهما وحيتهما وكأنهما صديقتين لها وليستا خادمتين ..

حسنا هذا شيء اخر لم يتوقعه ففي قصره يتعامل الجميع مع الخدم بحدود لا يتجاوزها أيًا كان ..

لكن ملك تتحدث وتمزح مع الخدم وكأنهم رفاقها ..

ذهبت الخادمتان عائدتان الى المطبخ بعدما انتهت وصلة الترحيب بينما ملك ما زالت ممسكة بالطفلين حيث همس علي اخيرا بصوت سمعه جاسر :

" هو ده جوزك يا ماما ..؟؟"

ماما ..! حسنا هذا يكفي .. قالها جاسر لنفسه مندهشا فالطفلين ينادونها ماما ويتعاملان معها على هذا الاساس .. شعر انه اذا بقي لحظة واحدة هنا سوف يجن ..

لقد زار الفيلا هنا مرات قليلة وكانت لقائاته تقتصر على ريم وحامد .. اما ملك فرأها يوم خطبته فقط والطفلين لم يرهما ابدا ..

وجد ملك تجيب علي بخفوت :

" ايوه هو ده .."

قالت منى بصوت مسموع :

" بس ده وسيم اوي .."

نظرت اليه ملك بضيق من خلف نظاراتها بينما تجاهل جاسر كلمات الطفلة وهو يقول :

" مش هنقعد بقى .."

قالت ملك بسرعة :

" اه طبعا اتفضل .."

قالتها وهي تشير الى صالة الجلوس حيث جلس جاسر على احد الكراسي وجلست ملك على الكنبة المقابلة له والطفلين بجوارها ..

تقدمت احدى الخادمات منهما وقالت :

" تحبوا تشربوا ايه ..؟!"

نظرت ملك الى جاسر وسألته :

" تحب تشرب ايه ..؟!"

اجابها بهدوء :

" قهوة سادة .."

قالت ملك للخادمة :

" اعملي قهوة سادة ليه .. واعمليلي هوت توشكلت انا وموني وطبعا عصير التفاح لعلي .."

ابتسمت الخادمة وهي تتجه الى المطبخ لتعد ما قالته ملك بينما قال علي :

" خلاص مش هتروحي تاني يا ماما ..؟!"

اجابته ملك بجدية :

" لا هروح طبعا .. بس كلها فترة صغيرة وارجع .."

قالت منى بضيق :

" كل ده بسبب ريم .. انتِب بعدتي عننا بسببها .. انا بكرهها .."

نظرت ملك الى جاسر الواجم ثم عادت وأشارت الى منى قائلة :

" عيب يا موني .. مينفعش نتكلم على ابلة ريم كده .. دي اختك الكبيرة .."

رد علي بضيق :

" انا بردوا مش بحبها .. دي عصبية اوي ومش بتحبنا .. وانتِ بعدتي اننا بسببها .."

نهرتهما ملك بحدة :

" كفاية .. عيب نتكلم على حد اكبر مننا بالشكل ده .. لازم نحترم الكبار ونتكلم عنهم بشكل كويس .. ولا ايه ..؟!"

اخفض الطفلان وجهيهما بخجل وقال بصوت واحد :

" سوري ماما .."

تحدثت منى قائلة :

" علي مش بيخلص اكله يا ماما .. "

عارضها علي :

" دي بتكدب يا ماما .. انا بخلص اكلي كله .."

ردت منى :

" لا انا مش بكدب .. انت مخلصتش نص الطبق حتى .."

هم علي بالرد الا ان ملك سبقته وهي تقول بقوة :

" كفاية انتوا الاتنين .. وانت يا علي مش اتفقنا انك تخلص الاكل كله عشان تكبر بسرعة .. ولا انت مش عايز تكبر ..؟!"

قال علي بجدية :

" لا عايز اكبر اكيد .."

ابتسمت ملك وقالت :

" يبقى تخلص اكلك .."

اومأ علي رأسه بإذعان بينما جاسر يتابع الحديث الدائر بينهما بملامح صامتة حينما تقدمت الخادمة وقدمت لهم المشروبات التي طلبوها ..

بدأ الاربعة في تناول مشروباتهم حينما دلف حامد بعد قليل وهي يتجه نحو ملك بلهفة فنهضت ملك من مكانها  واحتضنته بقوة وقد ترقرقت الدموع داخل عينيها ..

ابتعد حامد عنها قليلا وهو يتأملها قائلا :

" انتِ كويسة مش كدة ..؟! طمنيني عنك ..؟!"

اجابته ملك بصوت مبحوح :

" انا بخير يا بابا .. اطمن .."

اتجه حامد ببصره نحو جاسر الذي نهض من مكانه وحياه ببرود قبل ان يجلس حامد معهم وينظر الى ملك  وصغاره بحنو ..

أشار حامد الى جاسر قائلا :

" جاسر بيه ممكن نتكلم ..؟!"

اومأ جاسر برأسه وهو ينهض من مكانه ويسير خلفه الى الحديقة الخارجية للفيلا ليجد حامد يقول :

" ارجوك يا جاسر بيه .. رجاء شخصي مني .. تاخذ بالك من ملك وتعاملها كويس .. هي ملهاش ذنب بعمايل اختها .."

نظر اليه جاسر بطرف عينيه وقال :

" حد قالك اني هاكلها .."

رد حامد بهدوء :

" مش قصدي .. بس ملك طيبة وبسيطة .. ومش شبهك ابدا .. هي مختلفة عنك فكل حاجة .. هي فترة صغيرة وكل واحد هيروح لحاله .. اتمنى انوا الفترة دي تعدي على خير وتتقبل وجودها معاك وتعاملها بشكل كويس .. وانا بكرر تاني ده رجاء شخصي مني ليك .."

نظر اليه جاسر للحظات قبل ان يرد بهدوء :

" ان شاءالله .."

.......................................................................

" هي سيلين مطولة هنا ..؟!"

قالتها رزان لاختها زينة التي ردت بقرف :

" تقريبا اه .."

قالت رزان بملل :

" البت دي معندهاش كرامة .. لسه عندها امل فجاسر حتى بعد ما اتجوز .."

ردت زينة :

" عشان عارفة انوا جاسر هيطلق ملك بعد فترة .. تعرفي ملك دي شكلها طيبة وبنت ناس .."

قالت رزان بضيق :

" بس مش حلوة ومش ستايل خالص .."

قالت زينة وهي تعتدل في جلستها :

" عشان مش مهتمة بنفسها .. تعرفي لو اهتمت بنفسها هتبقى جميلة .. "

ثم اكملت بتفكير :

" متجي نساعدها تتغير وتبقى جميلة .."

قالت رزان بإعتراض :

" واحنا مالنا ..؟! هنساعدها ليه ..؟!"

ردت زينة بجدية :

" عشان هي مرات اخونا .."

صححت لها رزان :

" مؤقتا .."

ردت زينة :

" يا بنتي وفيها ايه ..؟! مش يمكن لما تتغير جاسر يحبها ويفضل معاها ..؟!"

سألتها رزان بعدم فهم :

" ولو ده حصل ..؟! احنا هنكسب ايه ..؟!"

قالت زينة بهدوء :

" هنكسب انوا مرات اخونا هتكون بنت طيبة ولطيفة .. احسن ما يتجوز سيلين الخبيثة او ريم المسمومة .."

قالت رزان بسخرية :

" وانتِ عرفتي منين انها طيبة .. مش يمكن تطلع شبه اختها .. ويمكن انيل كمان .. ميغركيش هدوئها .. فيه ناس كتير كده يبانوا لطاف وهما بيشتغلوا من تحت لتحت .."

قاطعتها زينة :

" يا بنتي .. انا ليا نظرتي فالناس بردوا .."

زفرت رزان انفاسها بضيق وقالت :

" يعني عايزة ايه دلوقتي ..؟!"

ردت زينة :

" نقرب منها ونخليها تهتم بنفسها وتبقى جميلة .."

" ولو طلعت وحشة فكل الحالات ..؟!"

قالتها رزان بتهكم لترد زينة :

" مفيش بنت وحشة فكل الحالات .. اي بنت لما تهتم بنفسها وشكلها بتبقى جميلة .."

قاطع حديثهما دخول جاسر خلفه ملك الحزينة فأشارت زينة لرزان بعينيها قبل ان تقول :

" انتوا رجعتوا يا ابيه ..؟!"

اومأ جاسر برأسه وهو يقول لملك :

" انا هروح المكتب اكمل شغلي .. وانت اصعدي فوق .."

قاطعته زينة وهي تجذب ملك من ذراعها نحوها :

" لا سيبها معانا شوية يا ابيه .. "

نظر اليها جاسر بتعجب فإبتسمت له زينة ببراءة ليقول :

" لو عاوزة تفضل معاكم.. عادي براحتها .."

ثم تركهم متجها نحو المكتب لتجلس ملك على الكنبة ورزان تجاورها من جهة وزينة من الجهة الاخرى ..

توترت ملك من وضعيتها  تلك بينما جذبت زينة النظارة بعيدا عن عينيها لتتطلع ملك اليها بدهشة فتقول زينة :

" عينيكِ جميلة .. مخبياهم بالنظارة ليه ..؟!"

اجابتها ملك بهدوء وهي تسحب النظارة وترتديها :

" عشان مش بقدر اشوف من غيرها .."

فوجئت ملك برزان تفك شعرها الناعم الطويل لينسدل على ظهرها ويصل الى نهايته فشهقت رزان وهي تقول :

" شعرك يجنن يا بنت الايه .."

سحبت ملك شعرها وجمعته بسرعة على شكل كعكة لتجد زينة تقول بتذمر :

" بتجمعيه ليه ..؟! سيبيه مفرود احلى .."

ردت ملك بضيق :

" بحبه كده .."

قالت رزان :

" يا بنتي .. لازم تفردي شعرك دائما وتهتمي بيه .. وتقلعي النظارة دي اللي مخبيه ثلاث ارباع وشك .. بصي استعملي لينسز .. او اعملي عملية .."

قالت ملك بسرعة :

" لا لا مش هعمل عملية ولا هلبس لينسز .. انا مبسوطة كدة .."

ثم هبت مسرعة بعيدا عنهما متجهة نحو غرفتها ..

دلفت الى الحمام ووقفت امام المرأة تنظر الى ملامح وجهها البسيطة بعدما خلعت نظاراتها وحررت شعرها ..

كانت تبدو ناعمة ورقيقة حتى لو لم تكن ذات جمال خارق ..

مسحت وجهها بباطن كفها ثم خلعت ملابسها ووقفت اسفل الدوش تأخذ حماما سريعا ..

انتهت من حمامها واخذت المنشفة الكبيرة تلفها حول جسدها وهي تلعن نفسها لأنها نسيت ان تأخذ ملابس نظيفة معها ..

خرجت من الحمام الى الغرفة لتشهق بلا وعي وهي تجد جاسر امامها ينظر اليها مصدوما ..

اخر ما توقعه ان يرى ملك الصغيرة بجسدها النحيل هكذا لا ترتدي شيء سوى منشفة بيضاء ...

عيناها بدتا بنيتان واسعتان وشعرها الطويل .. طويل للغاية بشكل فاجئه .. ملامحها الطبيعية بدت بريئة وطفولية للغاية بشكل أثاره وجعل الدماء تغلي في عروقه وارتفع شعور الرغبة داخلها ..

كتم رغبته بقوة وهو يقول :

" مالك اتوتري كده ليه ..؟! انا مش شايفك اصلا .. اطمني .."

ردت عليه بجفاف :

" محسسني انوا انا اللي هموت عليك .."

" لمي لسانك ده بدل مقصهولك .. انتِ كلك على بعضك  مفكيش حاجة تغريني .. ده انا لو شفتك عريانه قدامي مش هتأثر .. "

صرخت به بلا وعي وقد جرحتها كلماته بشدة :

" على فكرة بقى انا بردوا مش شايفاك وانت مش ستايلي اصلا .. مش عارفة امتى الكام شهر دول يخلصوا واطلق منك واتجوز خالد بقى .."

جذبها من ذراعها بقسوة وقال بصوت عالي أثار الذعر داخل نفسها :

" خالد مين يا روح امك ..؟! هي حصلت .."

صرخت بوجع :

" متجيبش سيرة امي على لسانك .."

صاح بها بحدة غير ابها بوجعها :

" قلت خالد مين ..؟!"

ردت بدموع لاذعة :

" ابن عمي ويعتبر خطيبي .."

" امال انا ايه ..؟!"

سألها بجنون لترد بصوت مبحوح :

" جوزي مؤقتا .."

قست قبضته عليها وهو يكمل :

" الهانم مستنية تطلق عشان تتجوز واحد تاني .. والله وعرفت تربي يا حامد .."

" متجيبش سيرة ابويا على لسانك .."

صاحت به بقهر ليرد بقوة :

" ده انا هجيب سيرة ابوك وعمك وابن عمك والعيلة كلها .."

" كفاية بقى .."

قالتها وهي تحرر ذراعها من قبضته ليكمل بكره : 

" كان يوم اسود يوم ما تجوزت من العيلة دي .."

ثم اردف وهي يقبض على ذراعها مرة اخرى :

" لو جبتي سيرة اي راجل تاني على لسانك هديكي حتة علقة اخليكِ ترقدي فالسرير ثلاث اسابيع على الاقل .. انتِ فاهمة ..؟!"

أومأت برأسها والدموع تتساقط داخل عينيها فحرر ذراعها بالقوة لتسقط هي على ارضية الغرفة وتبكي بقوة ..

............................................................

مساءا على مائدة العشاء جلس الجميع على المائدة بإستثناء ملك ..

تقدمت الخادمة منهم وهي تقول بأدب :

" ملك هانم بتقول إنها مش جعانه يا بيه .."

نظرت جلنار الى جاسر وقالت :

" هي هتتدلع من اول يوم .. حضرتها مش عاجبها تنزل تاكل معانا ولا ايه .."

لم يجبها جاسر بل نهض من مكانه واتجه الى الطابق العلوي حيث جناحه ..

دلف الى الداخل ليجد ملك تجلس على الكنبة وتقرأ في احدى الروايات ..

اقترب منها وسألها :

" مش عايزة تتعشي ليه ..؟!"

ردت عليه بهدوء وهي ما زالت تنظر الى الكتاب امامها :

" مش جعانة .."

قال بضيق من عدم نظرها له :

" ياريت تبصيلي وانا بكلمك .."

وضعت الكتاب جانبا ووقفت امامه وقالت :

" بصيتلك اهم .."

" المفروض انك تنزلي تحت وتقعدي معانا على العشا .. حتى لو مش جعانه .. تقدري تجاملي وتاكلي اي حاجة .. "

ردت عليه بقوة :

" انا مش مجبرة اجامل حد .. خصوصا لما يكون الحد ده مش طايقني .."

 زفر انفاسه وهو يقول :

" مفيش حد مش طايقك يا ملك .. انتِ بيتهيألك .."

تطلعت اليه بدهشة من اسلوبه الهادئ معها ونظراته العادية نحوها بينما أخذ هو يتأملها مليا بصمت قبل ان يجد نفسه يسحب النظارة من فوق عينيها فتظهر عينيها الواسعتين ..

رمشت ملك بعينيها عدة مرات تحاول استيعاب ما فعله قبل ان يزداد تعجبها وهو يفك شعرها بيده فينسدل على جانبي وجهها بنعومة ويصل الى اخر ظهرها ..

قال بهدوء لا يعكس تلك النيران المندلعة داخله :

" كده احلى على فكرة.."

جذبت النظارة منه وارتدتها وهي تشعر بالخجل الشديد وقد احمرت وجنتاها بشدة بينما قال جاسر بجدية :

" كمان يومين فيه حفلة مهمة بمناسبة احدى الصفقات اللي كسبناها مؤخرا .."

" وانا مالي ..؟! بتقولي الكلام ده ليه ..؟!"

قالتها بتوتر وهي تلملم شعرها ليرد بضيق :

" حضرتك مراتي وبقولك كده عشان تجهزي نفسك وتحضري الحفلة .."

قالت بسرعة :

" لا لا .. انا مليش فجو الحفلات ده .. انسى اني احضر .."

رد بقوة :

" مفيش حاجة اسمها مليش فجو الحفلات .. هتحضري غصبا عنك .. اقول للناس ايه .؟! مراتي اللي متجوزها من يومين رفضت تجي معايا الحفلة اللي انا عاملها .."

" بس .."

قاطعها بحسم :

" قلت هتجي يعني هتجي .."

ثم سحب شعرها مرة اخرى وقال :

" وشعرك ده سيبي على حريته كده .. بلاش تلميه ورا مرة تانيه .."

ثم رحل وتركها تتطالع اثره بإندهاش ..

يتبع 

#ملك_عمري

#سارة_علي


المشهد الخامس 

انتهت ملك اخيرا من قراءة روايتها الجديدة والتي كانت رومانسية كالعادة ..

اغلقت الكتاب وهي تبتسم بحالمية .. كم تعشق الروايات العاطفية وقصص الحب فيها وكم تتمنى ان تعيش قصة حب مشابهة .. 

تذكرت تفاصيل الرواية وحب البطل العميق للبطلة وتضحيته لأجلها والنهاية التي جمعتهما سويا وأثمرت عن فتاة صغيرة تشبه والدتها ..

تنهدت بصوت مسموع وهي تدعو ربها ان تعيش تلك المشاعر وتنجب الكثير من الاطفال من الرجل الذي تحبه فهي تعشق الاطفال عموما ..

افاقت من افكارها على صوت الباب يفتح فتنهدت بضيق وهي تفكر ان جاسر قد جاء وسوف يتعكر مزاجها ..

دلف جاسر الى الداخل بعدما اغلق الباب ورماها بنظرة باردة قبل ان يخلع سترته ويرميها على السرير ويبدأ بفك ازرار قميصه ليتفاجئ بها تصيح به :

" انت بتعمل ايه ..؟!"

التفت لها وقال :

" بغير هدومي .."

نهضت من مكانها واقتربت منه وهي تقول بغيظ :

"هنا .. ؟! مش تراعي انوا فيه بنت معاك فالإوضة .."

رد جاسر قاصدا استفزازها :

" بنت ..؟! هي فين دي ..؟! اذا كنتي بتتكلمي عن نفسك فأنا شاكك انك بنت اصلا .."

نظرت له بضيق وقالت :

" لو فاكر انوا كلامك هيجرحني تبقى غلطان .. انا واثقة بنفسي وميهمنيش كلام حد خاصة واحد زيك .."

 رمقها بنظرات مستخفة وقال :

" بجد ..؟!"

أومأت برأسها وأكملت :

" ايوه .. وياريت تتفضل تغير هدومك فالحمام .."

قال ببساطة :

" مانتِ قبل شوية خرجتي شبه عريانه وغيرتي هنا .. وانا سبتك عادي عشان عارف اني مش هتأثر بيكي .. انتِ مش عايزاني اغير هنا ليه ..؟!"

صمت قليلا واكمل بخبث :

" خايفة تتأثري وتنجذبي ليا ..؟!"

احمرت وجنتاها خجلا من وقاحته وقالت :

" الزم حدودك .. انجذب لمين ..؟! انت كلك على بعضك مش هاممني .. ولو كنت اخر راجل مش هنجذب ليك .. كل الحكاية اني بنت وبتكسف اشوفك بتقلع قدامي كده .. وده كسوف عام من اي راجل مش منك تحديدا .."

قاطعها بملل :

" خلاص خلاص .. انتِ هترغي كتير ولا ايه ..؟! هروح اغير جوه وأمري لله .. يعني الواحد قاعد فإوضته ومش واخد راحته .."

قالت بسرعة :

" سيبلي الاوضة .. اقولك فيه مليون اوضه تقدر تقعد فيها الفترة دي .. ولو عاوز انا اروح اوضة تانيه .."

رد بضيق :

" لا طبعا .. عايزة الناس هنا يقولوا عليا ايه لما يشوفوا مراتي بتبات فإوضة تانية ..؟!"

قالت بسخرية :

" الناس .. الناس .. هو ده كل اللي هامك ..؟!"

رد ببرود :

" اه طبعا .. امال انتِ اللي هتهميني ..؟!"

ثم اتجه نحو الخزانة وسحب بيجامته واتجه نحو الحمام ليرتديها بينما اتجهت هي نحو السرير وتمددت عليه وتدثرت جيدا بالغطاء .. اغمضت عينيها بنية النوم لتتفاجئ بعد لحظات به ينام بجوارها فإنتفضت من مكانها وهي تهتف بجزع :

" انت بتعمل ايه ..؟!"

اعتدل في جلسته وقال :

" مالك ..؟! هكون بعمل ايه ..؟! هنام طبعا .."

صاحت به :

" هنا ..؟! جمبي ..؟!"

رد ببرود :

" اه هنا .. عند حضرتك مانع ..؟!"

قالت معترضة :

" اه عندي .. انت تتفضل تنام عالكنبة .."

قال بهدوء :

" لا يا قلبي .. لو عاوزة انتِ تنامي عالكنبة نامي إننا انا مستحيل انام غير على السرير .."

نظرت الى الكنبة بضيق وعادت ببصرها نحوه وهي تقول بوداعة :

" هو يصح كده يا استاذ جاسر .. يعني تسيبني انا بنت انام على الكنبة وحضرتك تاخذ السرير لوحدك .."

تطلع جاسر اليها بدهشة قبل ان ينفجر ضاحكا بشدة .. توقف عن ضحكاته وهو يلاحظ وجهها الذي يكاد ينفجر من الغيظ ليقول :

" استاذ جاسر .. من امتى الادب ده ..؟! ثانيا انتِ اللي مش عايزة تنامي جمبي يبقى تتنيلي وتنامي عالكنبة .."

ردت بتلعثم :

" مهو ميصحش ننام جمب بعض .. انت ناسي انوا جوازنا كده وكده .."

رد جاسر بنفاذ صبر :

" بصي يا حلوة انا عايز انام لانوا بكره ورايا شغل كتير .. فاتنيلي ونامي وخلصيني .. انا مش فايق لشغل العيال بتاعك .."

صرخت به بغضب :

" انت بتتكلم كده ليه ..؟! متتكلم بإسلوب احسن من كده .."

اغمض جاسر عينيه للحظات محاولا ضبط انفاسه كي لا ينفجر في وجهها في هذا الوقت المتأخر من الليل ثم فتحها وقال :

" يا بنت الناس اقصري الشر واتخمدي .. متخلينيش اتغابى عليكِ .."

" مش هنام .. "

قالتها بعناد لتجده يجذبها من رأسه ويضعه على المخده ويدثرها بالغطاء وهو يهتف بها بصوت قوي :

" نامي بقى .. كان يوم اسود يوم ما فكرت اتجوزت .. ادي اخرة اللي يتجوز عيلة .."

دفعت يده بعيدا عنها ونهضت من مكانها ووقفت على السرير ليظهر طولها كاملا امامه ثم قالت :

" احترم نفسك لو سمحت .. انا مش عيلة .. انا عندي 19 سنة وقريب هبقى عشرين .. مش ذنبي اني اتجوزت واحد قد ابويا .."

قال جاسر بسخرية :

" طب كويس معترفة انك طفلة وقد بنتي .."

" لا يا حبيبي مش انا اللي طفلة .. حضرتك اللي عجوز .. يا ترى انت عندك كام سنة ..؟! اممم اظن انك فنهاية الاربعينات يعني قربت عالخمسين صح ..."

جذبها من قدمها فوقعت في حضنه لتبتلع ريقها وهي تراه يرمقها بنظرات باردة لا توحي بشيء .. ظل يتأملها بنظراته الفارغة قليلا حتى قال بهدوء :

" اظن استحملتك كتير واستحملت تفاهتك اكتر .. لحد كدة كفاية .. نامي بدا ما اوريكي العجوز ده هيعمل فيكي ايه .."

" طب ابعد عني .."

قالتها بذعر ليدفعها بعيدا عنه ويصرخ بها :

" اتخمدي .."

فجذبت الغطاء نحوها حتى رأسها بينما ابتسم هو ونام بجوارها ليجدها غفت بعد لحظات قليلا فإبعد الغطاء عن وجهها وأخذ يتأملها لفترة طويلة دون أن يشعر بالملل حتى اخذه النوم هو الاخر ..

.......................................................................

مر يومين لم يحدث بهما شيئا هاما فجاسر كان معظم وقته في العمل وملك تقضي وقتها ما بين زيارة اخوانها في منزلها صباحا والاعتناء بهما بعدما سمح جاسر لها بهذا ثم العودة مساء وقضاء باقي الوقت في غرفتها حتى يعود جاسر فتدعي النوم ليتمدد هو بجوارها ويغط في النوم هو الاخر بعد أن يتأملها طويلا ..

في اليوم الثالث كانت ملك تستعد للخروج والذهاب الى منزل والدها لتتفاجئ بزينة ورزان يقتحمان الغرفة عليها بينما الاخيرة تهتف :

" كويس انك جاهزة ولابسه لبس خروج .. يلا بينا عشان هنتأخر .."

سألتهما ملك بعدم فهم :

" نتأخر على ايه ..؟! "

ردت زينة :

" نجهز عشان حفلة بالليل .."

قالت ملك بسرعة :

" لا طبعا .. انا مش هحضر الحفلة .."

قالت زينة بجدية :

" انتِ عايزة جاسر يتعصب عليكِ .. ده منبه علينا بالحرف الواحد اننا نجهزك للحفلة .. اتقي شره وتعالي معانا .."

" يا جماعة انا مليش فجو الحفلات والله .،"

قالتها ملك بصدق لترد رزان :

" انتي مش قادرة تستوعبي كلامنا ليه .. ؟! جاسر قال لو مروحتيش الحفلة وانتِ بأبهى حلة هيعقلك ويضربك .."

ارتجف جسد ملك بينما نظرت زينة بتردد الى ملك فهما يفعلان كل هذا من وراء جاسر الذي لا يعلم اي شيء عما يفعلانه ..

تطلعت ملك اليهما بحيرة قبل ان تجذبها رزان من يدها وتدفعها أمامها حيث سوف يتجهان الى اهم دور الازياء في البلاد ..

بعد ثلث ساعة كانت ملك تقف بين زينة ورزان اللتان اخذتا يبحثان لها عن فستان مناسب ..

حتى وقع اختيارهما على فستان احمر سواريه طويل يصل حتى كاحلها لكنه عاري الظهر ..

" يلا .."

قالتها زينة لملك وهي تشير الى غرفة القياس لتسألها ملك بغباء :

" يلا ايه ..؟!"

ردت رزان بنفاذ صبر :

" يلا قيسيه .."

" بس انا مش هلبس ده .. ده مفتوح اوي .."

قالتها ملك بسرعة فردت زينة :

" يا بنتي عادي .. كلنا هنلبس كده .. متبقيش قفل .."

تطلعت ملك اليهما بتردد فلاحظت الاصرار واضح على وجهيهما فأخذت الفستان وارتدته ليظهر رائعا على جسدها النحيل ..

خرجت اماميهما وهي تشعر بالخجل لتصفر رزان بينما تهتف زينة بإعجاب :

" هايل .. بجد هايل .."

بينما قالت رزان :

" احنا كمان هنختار فساتين لينا ونروح بعدها الكوافير .."

أومأت ملك رأسها بضيق فإنتقت كلا من زينة ورزان فستانين رائعين ثم اتجهن الثلاث فتيات الى الكوافير ..

قالت زينة لصاحبة الكوافير :

" بصي يا زيزي .. احنه لسه عندنا وقت طويل قبل الحفلة .. عاوزة مرات اخويا تطلع تجنن .. اعمليلها كل حاجة .. متسيبيش حاجة ناقصة .. حتى لو رفضت ملكيش دعوة بيها .. اعتبريها هوا .. نفذي كلامي وبس .."

ثم اشارت الى ملك الواقفة تتحدث مع رزان وتنظر حولها بتوتر فهي لم تدخل الى صالون تجميل منذ عدة سنوات :

" يلا يا ملوكة .. روحي مع زيزي عشان تجهزك .."

نظرت زيزي الى ملك :

" اديني كام ساعة وهخليها شبه الممثلات .. "

قالت زينة بثقة :

" انتِ هتقوليلي .. منا عارفيكي .."

سحبت زيزي ملك الخائفة من يديها وأخذتها الى الطابق العلوي بينما قالت رزان :

"يارب تطلع حلوة وتعجب جاسر .."

قالت زينة بثقة :

" يا بنتي دي زيزي .. دي تعمل من القرد نعامة .."

ضحكت رزان وقالت :

" ياربي عالتشبية .."

قالت زينة بجدية :

" انا مش قصدي ملك .. اساسا ملك مش وحشة .. دي جميلة وملامحها ناعمة .."

قالت رزان :

" طب واحنا هنعمل ايه ..؟!"

سألتها زينة بضيق :

" انتي لسه مصرة تحضري الحفلة ..؟!"

ردت رزان :

" اكيد ..."

قالت زينة بهدوء :

" بس جاسر هيدايق عشان انتي لسه صغيرة .."

قالت رزان بسخرية :

" جاسر مش هيبقى معانا اصلا .. جاسر هيركز مع عروسته .."

ثم اكملت بحماس :

" يلا بقى احنه كمان نجهز للحفلة .."

.......................................................................

مساءا ..

كان كلا من الفتيات يجلسن في السيارة بينما السائق يتجه بهن الى الحفلة ..

كان ملك يزداد توترها كلما اقتربا من مكان قاعة الحفل ..

شعرت زينة بتوترها فقالت محاولة تهدئتها :

" يا بنتي اهدي شوية .. دي كلها كام ساعة ونرجع .."

ردت ملك بصوت باكي :

" انا خايفة .. انا مش بحب الحفلات دي .. "

" ليه ..؟! دي مسلية ..؟!"

قالتها رزان بتشجيع لتهتف ملك بجدية :

" انا كده .. متعودتش اروح حفلات .."

" امال كنتي بتروحي فين ..؟!"

سألتها زينة بتعجب :

" اروح فين يعني ..؟! انا معظم وقتي يا فالجامعة يا فالبيت .. انما الحفلات والتجمعات دي انا بكرهها .. ريم هي اللي بتحبها وبتروحلها دائما .."

صمتت ملك حينما اوقف السائق السيارة امام القاعة لتهبط رزان من السيارة وتجذب ملك بالقوة من يدها وتخرجها من السيارة فتتبعهما زينة ..

" يلا يا ملك .."

قالتها زينة بحماس لتبتلع ملك ريقها وهي تنظر الى شكلها وملابسها بذعر حقيقي قبل ان تضطر للسير معهما الى داخل الحفل ..

اما داخل الحفل فكان جاسر يقف بجانب كمال ابن عمه ويتحدثان مع مجموعة من رجال الاعمال حينما لمح كمال زينة ورزان يتقدمان بثقة الى الداخل وخلفيهما ملك ..

همس كمال لجاسر الواقف بجانبه :

" جاسر بص وراك .."

رمقه جاسر بنظرات متعجبة دون ان يلتفت وقال :

" فيه ايه يا كمال ..؟! مالك ..؟!"

رد كمال بسرعة :

" بص يابني وانبهر زيي .."

التفت جاسر الى الخلف لتجحظ عيناه مما يراه .. لم يصدق ما رأته عيناه .. هل هذه ملك زوجته ..؟! وما هذا الذي ترتديه ..؟! 

" نهار ابوكي اسود .."

قالها جاسر بصوت مسموع ليتطلع كمال اليه بدهشة بينما وجد سيلين تقترب منه وتهتف بسخرية:

" اوه مش مصدقة .. يا ترى كم عملية تجميل عملت عشان تبقى كده .."

رماها جاسر بنظرات جعلتها تبتلع ريقها بتوجس وتخرس نهائيا بينما سار هو بخطوات سريعة نحو زوجته المحاطة بأختيه ..

وقف امامهن وانظاره تتجه نحو ملك التي تطالع المكان حولها بتوتر فقال ببرود :

" واخيرا شرفتوا .."

ردت رزان :

" كنا بنجهز يا ابيه .."

بينما اكملت زينة وهي تنظر الى ملك التي نظرت الى جاسر اخيرا :

" بس ايه رأيك يا ابيه ..؟! اللوك الجديد هايل مش كده ..؟!"

سألهما جاسر بتوعد خفي :

" انتوا اللي عملتوا كل ده صح ..؟!"

أومأت الاختان رأسيهما بفخر شديد ليبتسم جاسر بتصنع وهو يقول بغضب مكتوم :

" لا حقيقي برافو .. انتوا تستاهلوا هدية على عملتكم دي .."

سألته رزان بلهفة :

" بجد يا ابيه ...؟! هدية ايه بقى ها ..؟!"

رد جاسر وعينيه لا تنزل من على ملك :

" متستعجليش على رزقك يا روزي .."

ثم مسك ملك المرتجفة من يدها وسحبها ورائه غير العافية بتعثرها بكعب حذائها عدة مرات ..

اوقفها امام احدى الطاولات المعزولة ووقف بجانبها وهو يزفر انفاسه بضيق ..

يشعر بنفسه يكاد يشتعل من شدة الغيظ ..

كيف لها أن ترتدي شيء كهذا ؟!

تأملها مليا منبهرا للحظات بجمالها الناعم البريء قبل ان يتذكر أن هذا الجمال ظاهر للجميع فيزداد غضبه اضعافا .. إنها المرة الاولى التي يشعر بها بشعور كهذا .. يشعر بأنه يود تحطيم وجه كل من ينظر اليها .. يشعر بأنه يريد أن يجذبها ويعيدها الى غرفتهما ويغلق الباب عليها لتبقى فيها الى الابد .. لا يفهم لما يشعر هكذا ..؟! منذ متى وهو يهتم بما ترتديه إمرأته ..؟! لقد خرج مع الكثير من النساء واخرهن ريم لكنه لم يهتم يوما بما يرتدينه ولم يفكر بشيء كهذا ..

لماذا يشعر الأن بقلبه يكاد ينفجر من شدة الضيق والقهر ..؟!

حاول التماسك قليلا حتى لا يفتضح امره وأخذ يعد الساعات كي تنتهي هذه الحفلة ...

اقترب منهما كمال المبتسم وقال مرحبا بملك :

" اهلا مدام ملك .. ماشاءالله طالعة زي الق..."

ثم قطع اخر حروف كلماته وهو يلاحظ نظرات جاسر المشتعلة ليقول بتردد :

" منورة يا مدام .."

لترد ملك برقة :

" ميرسي يا ..."

قاطعها مذكرا اياها به :

" كمال .. ابن عم جاسر.."

" اهلا بيك .. "

ابتسم كمال وهو ينسحب ملاحظا تشنج جاسر والذي ازداد اضعافا بتقدم عمار منه وهو احد رجال الاعمال المهمين في البلاد والذي يكبره قليلا حيث حياه اولا ثم اشار الى ملك قائلا :

" مش تعرفنا يا جاسر بيه .."

تنحنح جاسر قائلا :

" ملك .. مراتي .."

مد عمار يده نحو ملك التي مدت يده وحيته بإبتسامة رقيقة ليقول عمار بترحيب :

" منورة يا هانم .."

ثم اشار لجاسر :

" بس المدام شكلها صغير اوي .."

ابتسم جاسر بتصنع ورد بغيظ :

" لا مش صغيرة .. بس هي كده ..بيبي فيس .."

اومأ عمار رأسه بتفهم ثم انسحب ليتنفس جاسر الصعداء قليلا وهو يتمنى ألا يتقدم احد اخر منهما ..

بعد لحظات وجد ملك تتحرك ليقبض على يدها وهو يهتف بها :

" على فين ..؟!"

ردت بجدية :

" عاوزة اخرج بره .. اشم شوية هوا .."

رد بحدة :

" مفيش خروج .. انتِ هتفضلي واقفة جمبي لحد ما الحفلة دي اخلص .."

همت بالرد عليه ليقاطعها بصوت خافت حاد :

" كلامي واضح .. خلي ليلتك تعدي على خير .."

نظرت ملك اليه بكره بينما اخذ جاسر يلعن اختيه ويلعن نفسه اكثر بانه طلب منها الحضور ..

ثم شرد بعدها بشعوره الغريب هذا محاولا تفسيره ..

فلماذا ملك وحدها من أثارت به كل هذا المشاعر القوية ..؟!

نظر اليها قليلا فوجد قلبه ينبض بعنف بشكل فاجأه .. ابتلع ريقه وهو يشعر بالخوف لأول مرة .. الخوف من شيء يهاب الاعتراف به .. الحب والغيرة .. 

عندما توصلت افكاره الى هذا الحد سحبها من يدها وهو يهتف بها :

" يلا نمشي .."

ثم اشار الى اختيه ان يتبعانه ..

جلست ملك بجانبه في السيارة وجلست الاختين في الخلف متعجبتان من خروجه مبكرا للغاية من الحفلة ..

وصلوا اخيرا الى القصر ليهبط جاسر ويسير امامهن ..

دلفن الى الداخل ليغلق الباب ويطلب منهم الوقوف امامه ..

وقفن الثلاث فتيات امامه كالمذنبات حينما صرخ هو بهن :

" مين اللي اختار الفستان ده ..؟!"

نظرت ملك اليهما لتجدهما صامتتين قبل ان تقول هي بشجاعة :

" انا .. ماله مش حلو ..؟!"

رمقها بعدم اقتناع :

" مستحيل تكوني انتي اللي اخترتيه .. انا عارف زوقك اصلا .. انطقوا مين ..؟! انتي يا زينة ..؟!"

قالت زينة بسرعة :

" والمصحف رزان .."

رمقتها رزان وهي تهتف بغيظ :

" واطية .. ايوه انا يا ابيه .. ايه مش حلو ..؟!"

قال بصوت عالي غاضب :

" زفت .. زفت يا رزان .. انتِ بأي حق تلبسي مراتي كده ..؟! جايباهالي بفستان ملط .."

شهقت زينة بينما قالت رزان بضيق :

" انت بتهزر يا ابيه .. ما الفستان حلو اهو .. وكل اللي بالحفله لابسين فساتين شبهه .."

صرخ بقوة اكبر :

" انا مليش دعوة بجد .. انا عليا بيهه .."

قالت رزان بسرعة :

" ايه ده ..؟! انت بتغير يا ابيه ..؟!"

شهقت ملك بينما صاح بها جاسر :

" قلت اخرسي خالص .."

ضربتها زينة على ذراعها وقالت :

" لسانك ده لميه .."

ثم اردفت بتوسل :

" والله يا ابيه احنه كل اللي كنا عاوزينه اننا نشرفك قدام الناس ونخليهم يتكلموا علي مراتك .. "

" ايه ..؟!"

صححت رزان بثقة :

" قصدي يعجبوا بجمال مراتك .."

جذب جاسر ملك من ذراعها وقال :

" كده ..؟! بالفستان ده ..؟! ورافعين شعرها ليه ..؟! كنتوا سبتوا مفتوح عشان يغطي ظهرها بدل مهو عريان .."

ردت رزان :

" دي تسريحة ستايل جدا يا ابيه .."

بينما قالت زينة برعونة :

" مانت لما كنت خاطب ريم كانت بتلبس انقح من كده وكنت بتخرج معاها عادي .."

" متجيبيش سيرة زفت .. انا مليش دعوة بجد غيرها .."

هنا لم تتحمل ملك فإنفجرت به قائلة :

" كفاية بقى .. انت فاكرنا ايه ..؟! عبيد عندك وقاعد تحاسبنا ..؟! مش كفاية اني وافقت واستحملت حفلتك السخيفة .. جاي كمان تحاسبني على لبسي .. ثانيا انت مالك اصلا ..؟! انت صدقت اننا متجوزين ..؟! عاملي فيها سي السيد .. بدل ما جاي تحاسبني روح حاسب نفسك يا بتاع الستات .."

شهقت رزان وزينة برعب بينما نظرات جاسر المخيفة جعلتها تقفز هربا من امامه ليلحق هو بها ركضا وهو ينادي عليها بغل ..

صعدت ملك الى الطابق العلوي مسرعة وهي تتعثر بكعب حذائها عدة مرات ثم دلفت مسرعة الى غرفتها واتجهت مباشرة الى الحمام واغلقت الباب عليها بالمفتاح لتجد جاسر يضرب الباب بقوة وهو يصيح بها :

" افتحي يا ملك .. افتحي يا هانم .."

ردت ملك بذعر :

" مش هفتح .. "

" افتحي بدل ما اكسر الباب فوق دماغك .."

ارتجف جسدها وهي تقول :

" لو فتحت هتضربني .."

صاح بقوة :

" افتحي ومش هضربك .."

قالت معترضة :

" لا هتضربني .."

" قلت مش هضربك .."

" طب احلف ..."

" والله العظيم مش هضربك .."

تطلعت ملك الى الباب بتردد ثم قالت :

" احلف بشرفك .."

" اخرجي بقى .."

قالها جاسر بنفاذ صبر لترد بعناد :

" احلف بشرفك وانا هخرج .."

" وشرفي ما هضربك .."

اتجهت ملك نحو الباب وفتحته وتقدمت خارج الحمام لتتعثر بقدمها وهي تتقدم نحو جاسر فتلتوي قدمها بقوة وتسقط ارضا صارخة بألم شديد ..

شعر جاسر بقلبه يهوي اسفل قدميه من شدة رعبه عليها فركض نحوها وانحنى بجانبها يسألها بقلق شديد :

" مالك ..؟! انتِ كويسة ..؟!"

هطلت دموعها بغزارة وهي ترد عليه بوجع :

" مش كويسة .. "

لمس قدمها فتأوهت بألم .. خلع حذائها ثم حملها وسط اعتراضها حيث صرخت به :

" ابعد عني بقى .. انت السبب فكل اللي بيحصلي .. كان يوم اسود يوم ما اتجوزتك .."

وضعها جاسر على السرير غير مبالي بما تقوله ثم فحص قدمها برقة لينظر الى وجهها المليء بالدموع فينقبض قلبه بشدة ويشعر بضياع شديد بسبب دموعها وألمها اللذان يمزقان قلبه ..

اخرج هاتفه مسرعا من جيب بدلته واجرى اتصالا بأحد الاطباء ليطلب منه المجي ..

انتهى الاتصال وقال محاولا تهدئتها :

" اهدي .. دلوقتي الدكتور هيجي وهتبقي تمام .."

ردت ملك بصوتها الباكي :

" بتوجعني اوي .."

نهض جاسر من مكانه واتجه نحو الحمام ليخرج روب الحمام ويطلب منها ان تلبسه كي لا يراها الطبيب بهذا الفستان ..

" هو ده وقته .."

صرخت به بضيق ليرد بقوة :

" البسيه يا ملك .."

ارتدته على مضض ثم ظلت تبكي بصمت وهو يشعر بقلبه يتمزق اشلاءا حتى اتصل به الطبيب يخبره انه وصل فهبط الى الطابق السفلي واستقبله وسط اندهاش والدته واختيه وسيلين اللواتي لحقن به ووقفن خارج الغرفة ..

فحص الطبيب قدمها ثم وضع لها القليل من المرهم وربطها جيدا ..

تطلع الى جاسر القلق بشدة مبتسما وقال :

" متقلقش .. التواء بسيط فالكاحل .."

ثم كتب لها مجموعة ادوية تخفف عنها الالم وطلب منها ألا تتحرك كثيرا الايام القادمة حتى تشفى قدمها بسرعة ..

خرج جاسر مع الطبيب كي يشكره ويحاسبه بينما دخلن النسوة الى ملك ..

حيث قالت جلنار ببرود :

" حمد لله على السلامة .. ايه اللي حصل ..؟!"

ردت ملك بصوتها المبحوح :

" رجلي اتلوت .."

جلسن زينة ورزان بجانبها واخذتا تتحدثان معها بمواساة بينما سيلين تراقبها بسعادة قبل ان تنطق اخيرا :

" انتِ مكسوفة تقولي انوا جاسر ضربك .. بس ملوش حق يضرب عروسته من اول يومين .."

صاحت بها ملك بحدة :

" مين ده اللي يضربني ..؟! انا محدش يقدر يمد ايده عليا .."

دلف جاسر الى الداخل وهو يسأل بإستغراب :

" فيه ايه ..؟!"

ردت ملك بسرعة :

" بنت خالتك .. فاكرة انك ضربتني .."

نظر جاسر الى سيلين وقال بقوة :

" وانا من امتى بمد ايدي على ست يا سيلين .. ده انا معملتهاش مع وحدة تستاهل بدل الضرب الحرق هقوم اعملها مع ملك .."

ابتلعت سيلين ريقها وهي تشعر بكلماته كالخناجر المسمومة تطعنها بلا رحمة فإنسحبت خارجة تتبعها جلنار التي لم تعجبها كلمات جاسر ..

نظر جاسر الى اختيه وقال :

" ايه ناويين تباتوا هنا ..؟!"

نهضت الفتاتين وودعتا ملك وانسحبتا من المكان بهدوء ..

بينما نظر جاسر الى ملك وسألها بهدوء :

" بقيتي احسن ..؟!"

أومأت برأسها ليسمعا طرقات على باب الغرفة فيتجه جاسر ويفتح الباب ليجد البواب يعطيه الادوية التي اوصى الطبيب بها ..

اخذ الادوية منه وشكره ثم اتجه نحو ملك ووضع الادوية بجانبها قائلا :

"لازم تلتزمي بالادوية دي عشان رجلك تخف بسرعة .."

أومأت برأسها وقالت :

" انا لازم اغير هدومي .."

" يكون احسن بردوا .."

ثم قال :

" هطلعلك بيجامة من شنطتك ..."

واتجه نحو الحقيبة وسحب احدى بيجاماتها وهو يقول :

" ابقي علقي هدومك فالخزانة بدل مانتي سايباها فالشنطة كده .."

ثم اعطاها البيجامة ليجدها تستند عليه وهي تنهض من فوق السرير وتسير نحو الحمام ..

دلفت الى الداخل وغيرت ملابسها بتأني ثم خرجت وهي تعرج على قدمها المصابة لتتجه نحو طاولة التجميل وتجلس أمامها ثم تبدأ بفك تسريحة شعرها تحت انظار جاسر المستمع بما يشاهده .. انسدل شعرها الحريري على ظهرها ثم بدأت تخلع العدسات الطبية وترتدي بدلها النظارة قبل ان تتجه بخطوات بطيئة نحو السرير وتتمدد عليه ..

حمل جاسر بيجامته واتجه نحو الحمام .. غير ملابسه وعاد متمددا بجانبها ..

ظل صامتا للحظات قبل أن يسألها :

" نمتي ..؟!"

اجابته بخفوت :

" لسه ..؟!"

التفت نحوها وظل ينظر اليها قليلا ثم قال بعدما التفتت هي الاخرى نحوه وظلت تنظر اليه :

" جبتي منين حكاية الستات دي ..؟!"

رمشت بعينيها قليلا قبل ان تسيطر على ارتباكها وتقول :

" هتنكر انك كده ..؟!"

تطلع اليها بصمت قليلا قبل ان يعاود سؤالها :

" جاوبي على سؤالي يا ملك .."

ردت ملك بجدية :

" انا مكدبتش يا جاسر .. انت فعلا كده .."

" عرفتي منين ..؟!"

ردت بخفوت كاذبة :

" شفتك مرة بالصدفة مع وحدة ست قاعدين فكافيه .."

قال بسرعة :

" هنكدب من اولها .. انا عمري مقعدت مع وحدة من صحباتي فكافيه .."

رفعت حاجبها وهي تقول :

" يعني بتعترف انوا عندك صحبات ..؟!"

رد بضيق :

" مجاوبتيش على سؤالي .."

" لا جاوبتك .."

" منا قلتلك عمري مقعدت مع ست اعرفها فكافيه ..."

زفرت انفاسها وقالت :

" جايز كان مطعم ومخدتش بالي .."

" ولا مطعم حتى .."

نظرت اليه بغيظ ليسألها :

" ايه ..؟! القطة اكلت لسانك ..."

نظرت اليه بتردد وقالت :

" انا شفتك .."

عقب حاجبيه متسائلا :

" شفتي ايه ..؟!"

ردت بخفوت :

" شفتك فالصور مع كذا بنت فوضعيات مش حلوة .."

جحظت عينا جاسر وهو يسألها :

" شفتيني امتى وازاي .؟!"

اغمضت عينيها قليلا قبل ان تجيبه :

"الكلام ده قبل جوازك من ريم بيوم ... وهو ده السبب اللي خلاها تهرب .. وانا لما شفت الصور ساعدتها عشان تهرب يوم الفرح .."

يتبع 

تكملة الروايه من هنا 


 

تعليقات

التنقل السريع