الفصل الثانى عشر
حين أمسكت الهاتف ورأت أسمه ينير شاشته ظلت ممسكه بالهاتف لا تعلم ماذا عليها أن تفعل .
أخذت نفس عميق ثم أجابت قائله
- السلام عليكم
ليبتسم وهو يجيب
- وعليكم السلام .. اتأخرتى فى الرد ليه كده .
لتتوتر قليلاً ثم قالت
- أنا آسفه بس مكنتش سمعاه .
ليهمم ثم قال
- أخبار الشغل أيه
لتقطب جبينها بحيره قائله
- هو مش حضرتك كنت بتعرف كل حاجه كل يوم
ليقول لها بتقرير
- أيوه بس قولت أشوف يمكن فى حاجه حصلت بعد مكالمتى .
لتقف على قدميها وبدأت تسير فى الغرفه بتوتر قائله
-لا يافندم مفيش حاجه حصلت
أراد أن يشاكسها قليلاً فقال كذباً
- أنا قدامى لسه أسبوعين ... أنا سايب ورايا شويش مش كده
لتصمت قليلاً هى لا تريد أن ترتكب حماقه بخروج كلمه خاطئه تجعلها تخسر وظيفتها فقالت بأبتسامه صفراء
- أكيد يا أيمن بيه
ليصرخ فيها قائلاً
- أقسم بالله يا ملك لما أرجع لهعرفك عقاب كلمتك دى
وأغلق الهاتف سريعاً لتنظر له بحيره وتوجس ماذا قالت ليثور بهذه الطريقه . رفعت كتفها بمعنى لا تعرف و ألقت الهاتف على السرير وخرجت تكمل ما كانت تفعله
كان هو كالأسد الحبيس .... دائماً يصدر منها تصرف يجعله يود قتلها بيده المجرده ....جلس مكانه يفكر ... هو لم يتعامل معها لأوقات كثيره ... ولا يعرف عنها تفاصيل كثيره .... ولكن دائماً يشعر أنها تضع حواجز بينها وبين أى شخص يحاول الاقتراب منها ..... ولا يفهم السبب ..... وهو متأكد أن هناك سر كبير خلفها
اقترب منها بهدوء وهى تقف خلف النافذة الكبيره بغرفة نومهم ... تنظر إلى الخارج بشرود ... رغم حبها له ورغم سنوات زواجهم الست ... مازال هناك رواسب لذلك الحادث بداخلها مهما حاولت النكران ..... يتأكد من ذلك فى شرودها هذا ... وأحيانا تفلت منها نظرات لوم وعتاب حين تظن أنه لا ينتبه إليها ..... اليوم هو ذكرى ذلك الحادث ... اليوم مر ست سنوات على زواجهم .... اليوم على الرغم من إتحاد قلبان تحبا وتعاهدها على الحب الأبدى ... إلا أنه ذكرى مؤلمه مريره لكليهما احتضنها من الخلف فأجفلت قليلاً ولكنها ابتسمت وهى تريح رأسها إلى الخلف على كتفه وتحيط يده التى يضعها على بطنها بيدها
تكلم مباشراً ودون مقدمات ... يريد أن يفتح ذلك الجرح لمره واحده أخيره ... ويغلقه إلى الأبد .
- ميما أنا آسف .
لتقطب جبينها وهى تعتدل لتنظر إليه باستفهام فأكمل بعد أن قبل يديها
- ميما نفسى تتكلمى ... تخرجى كل إللى جواكى .... لومينى اضربينى اتهمينى بالجبن بالخيانه بالكذب .... قوللى قد أيه أنا كنت حقير وسافل
لتضع يدها على فمه تسكت سيل كلماته الموجعه .... هى تعلم أن جرحها مازال ينزف رغم مرور كل تلك السنوات .... وانجابها لثمرة حبهم ... ولكن ذلك اليوم يأتى إليها بكل الذكريات المؤلمه .... ولكنها تعلم جيداً أنه يلوم نفسه ويعذبها ليس فى ذلك اليوم بس ولكن كل يوم ... أحياناً ترى نظراته الأسفه .. وأحياناً أخرى تستمع لهمساته الليليه حين يظن أنها غارقه فى النوم ... كم من مره أعتذر منها وقبل يدها ... بل وقبل قدميها أيضاً .. وهو يبرر ويلوم نفسه .... كم من مره كانت تود أن تاخذه بين يديها تخبره أنها الأن لا تهتم حتى ولو كذباً ... ولكن ما كان يضايقها حقاً هو ذلك الإحساس بالرضا من أفعاله تلك ... وكأنها تثأر لنفسها منه ....
ابتسمت له بحب حقيقى وهى تقول
- هتخرجنى فين النهارده .
ليبتسم لها بانكسار وهو يقول
- أولاً ماما هتيجى علشان تقعد مع صهيب .... النهارده كله بتاعنا .... وكله مفاجأت .
ليحتضنها مع همسه المؤلم
- عارف أنى مستحقش السماح ... بس لحد ما موت هطلبه منك ... وهعتذر .
كانت دموعها تتجمع فى عينيها ... و همسه يصل إليها يجعلها تشعر بألمه وغصه مؤلمه تسكن حلقها ... ولكنها لم تستطع أن تقول اى شىء ... وهو لم ينتظر منها أى رد ... هو يستحق ذلك المرار .
طرقات ملحه على الباب أيقظته من غفوته الإجبارية ... هو من ذلك اليوم وهو لا يستطيع النوم ... أمه تأتى إليه تلومه على ما فعل ... هو لم يعى فداحة خطئه إلا بعد أن رأى جسد ندى الشهاوى يتهاوى من نافذة غرفتها .... أحياناً ينتصر شيطانه ويبرر له ما فعله ... ولكن هناك فى مكان بعيد بداخله شىء يلومه وبشده
تحرك بخطوات ميته ليفتح ذلك الباب ... سوف يلكم ذلك الذى يقف خلفه على ذلك الإزعاج
فتح الباب وعلى وجهه علامات الشر ... لتختفى سريعاً وظهرت معالم الأرتباك حين وقعت عيناه على سفيان الذى يستند إلى الحائط بكتفه السليم وينظر له بنظرات يفهمها جيداً ظل الاثنان ينظران لبعضهما دون كلام حتى قطع ذلك الصمت صوت سفيان المتهجم وهو يقول
- كنت عارف أنك بارد .. بس مكنتش أعرف أنك قليل الزوق .
ليزداد توتر زين وهو يشير إلى سفيان بالدخول خطى إلى الداخل خطوتين و ألتفت إلى صديقه الذى أغلق الباب ووقف ينظر إليه فى ترقب
ليضع سفيان يديه فى جيب بنطاله وظل ينظر إلى صديقه مشعث الشعر ..... غير مرتب الملابس حيث يرتدى شورت منزلى على قميص كلاسيكى .... وذقنه الناميه ... وعيناه شديدة الحمره من قلة النوم
قال مباشره بدون مهادنه
- أنا مش بلومك على إللى أنت عملته ولا زعلان منك .... لكن أنت محتاج ده علشان تفوق
ولم يعطى للواقف أمامه فرصه ليتخيل ما هذا الشئ الذى يحتاجه ليجد لكمه قويه فى وجهه ... و أخرى فى بطنه وأخيراً ضربه سفيان بقدمه ليسقط أرضا نفض سفيان يديه وهندم نفسه من جديد
وقال ببرود
- القهوه بتاعتى مظبوطه .
وترك زين مسجى على الأرض وجلس على أقرب كرسى بعد أن أزاح من عليه كومه من الملابس ...واضعاً قدم فوق الأخرى بخيلاء
ظل زين جالساً أرضا ينظر إلى صديقه ... هو بالفعل كان يحتاج إلى تلك اللكمات حتى يخرج من ذلك الأحساس المؤلم ... كان بالفعل يحتاج إلى شعور الألم الحسى حتى يتخلص من الألم النفسى
وقف سريعا ودون كلمه دلف إلى غرفته أخرج ملابس نظيفه ودلف إلى الحمام
ظل سفيان جالساً مكانه دون كلمه أخرى حتى شعر بحركة صديقه تبعه بعينيه حتى وجده يدلف إلى الحمام فوقف سريعاً يلملم كل تلك الأغراض وجمع جميع الملابس المتسخه فى حقيبه ووضعها بجانب الباب .... وأعاد ترتيب الغرفه ... ثم دلف إلى المطبخ ليجمع كل الأغراض الملقاه في كل مكان إلى أماكنها .. والأشياء الأخرى جمعها بكيس كبير للقمامه ووضعها أيضاً بجانب الباب ولكن من الخارج ... ثم عاد إلى المطبخ ليحضر كوبى من القهوه
خرج زين ليجد سفيان يقف أمام النافذه ورائحة القهوه تملئ المكان أبتسم ابتسامته الساخرة وتقدم يأخذ كوبه ...ووقف بجانب صديقه قائلاً
- أنا عارف أنك مش زعلان منى ... وعارف كمان أنى عملت الصح ..علشانك وعلشان أيمن ... لكن .
صمت لبضع ثوانى كان سفيان يركز بصره عليه يعلم ما خلف تلك اللاكن... ولكنه يعلم أيضاً أنه لابد أن يقول هو كل ما بدخله حتى يخرج ذلك الألم بيديه فيطيب جرحه
أكمل زين وعيناه شارده فى اللا شىء قائلاً
- أنا كنت محتاح انتقم لامى ... بس بعد ما حققت انتقامى .. حسيت بالألم من جديد .... حسيت وكأنى لسه شايف أمى أمبارح بتندبح .... والأكتر .. أنى حسيت أن أنا كمان بندبح ... لدرجة أنى حاسس بألم قوى جداً فى رقبتى
ظل سفيان ينظر إلى صديقه بشفقه ... أن صديقه يتألم بشده ولابد من إخراجه من تلك الحاله .
وضع يده على كتف صديقه يدعمه وقال
- أنا عارف أحساسك ومقدره يا زين ... وأنا لو مكانك كنت هعمل زيك ... ومش هسيب أى حد أزا إللى بحبهم حى .... وأنت خلاص نفذت ده ... أرجع بقا ..متفضلش فى الأحساس ده كتير .... أرجع عيش حب واتجوز ... أشتغل بكل طاقتك ... خلى أمك تحس بالفخر بيك ... استسلامك للحاله دى موت ... وأنت مينفعش تموت نفسك .....
تنهد بصوت عالى ثم أكمل قائلاً
- ولكم فى القصاص حياه .... حياه يا زين ..مش موت ... أنت أخدت بتارك ... أرجع للحياه .
ظل زين ينظر إلى سفيان لبعض الوقت يفكر فى كل كلمه قالها صديقه ... ولم يتكلم سفيان مره أخرى ترك المجال لصديقه يفكر فى كلماته ويحللها
وبعد عدة دقائق قال
- أنا ممكن أسافر يومين ؟
لينظر له سفيان بشك .
ليبتسم الأخر وهو يقول
- مش هروح بعيد ... هروح أقعد يومين مع اخو المدام
ليضحك سفيان بصوت عالى ليندهش الواقف أمامه ليقول من بين ضحكاته
- أخو المدام .... أنا كنت هموته ... بس يلا نفد من أيدى
ليزداد اندهاش زين و هو يقول
- تقتله ليه
لينظر له بشر وهو يقول
- علشان واخدلى حجة أنها أخته وبيقرب منها براحته ... تخيل بقا إللى يجيب سريتها على لسانه هعمل فيه أيه
ليصل إليه تهديد سفيان واضح وصريح ليتنحنح فى خوف وهو. يقول
- اااا اقصد هروح أقعد مع أيمن يومين .
ليربت سفيان على كتفه وهو يقول
- مفيش مشكله ... بس مطولش علشان أنا الفتره الجايه مشغول شويه .
ليهز زين رأسه بنعم .
كانت تقف فى غرفته بعد أن طلبت منها زوجة عمها جمع الملابس التى تحتاج إلى غسيل
كانت تدور بداخل الغرفه وكأنها لأول مره تراها .... ولكن عدم. وجوده رغم عدم رأيته لها يجعلها تتفقد كل مكان بأريحية ... هى تعلم أنه سوف يخرج من الحمام فى أى لحظه ... ولكن تلك اللحظات المسروقة فى غرفته بمفردها لهى كنز بالنسبه لها ....
خرج من الحمام يشعر بانتعاش حقيقى .... ولكنه وقف فى مكانه وهو يشتم رائحتها فى المكان ... وكلما اقترب من غرفته تزداد رائحتها قوه ليدق قلبه بعنف داخل صدره وقف عند باب الغرفه لا يعلم هل رأته ام لا ولكنه يشعر بها تتحرك فى الغرفه بأريحية ... وأيضاً يستمع لأصوات فتح الإدراج وإغلاقها فقال بمرح
- دى حمله تفتيشيه تفقديه لأحوال الرعيه .
لتشهق بصوت عالى ليضحك هو بقوه لتقول
بغضب مصتنع
- مش تكح .. خضتنى .
ليرفع حاجبه قائلاً
- على فكره أنتِ فى اوضتى ... يعنى المفروض أنا إللى أقولك بتعملى أيه هنا فى اوضتى .. وبتفتشى على أيه
لتشهق مره أخرى وهى تقول
- وعرفت منين أنى .....
لتصمت وهى تضع يدها على فمها ... تسكت باقى
كلماتها التى تكشف فعلتها
ليقترب هو بهدوء وقال
- فتشى براحتك يا زهره اوضتى ملكك ... لأنى أنا نفسى ملكك .
ليصمت لثوانى كانت هى تنظر إليه بحب حقيقى ليكمل
- تعرفى ساعات بفكر أكتبلك صك لملكيتك ليا .... علشان أكون عبدك بجد .... بالقانون والأعراف.... لأن فى ملكيتك ليا حياه .... تعرفى ساعات كتير بحس أنى نفسى أعمل حاجات كتير .. بس عمايا مكتفنى .
لتضرب صدره بقوه ليتأوه وهو يقول
- حرام عليكى إيدك تقيله .. ده أنا بقولك كلام حلو .. تضربينى ليه
لتقول بعد أن ضربته مره أخرى
- علشان بتقول عمايا ... يا صهيب أنت بتشوف بقلبك وإللى بيشوف بقلبه ده بيكون أقوى وأجمل وأصدق حد فى الدنيا ... العين بتخدع لكن القلب لأ .
صمتت لثوانى ثم قالت
- وبعدين أيه صك الملكيه ده ... أولا أنا مش محتاجاه فى حاجه لأنك ملكى بدون نقاش ... بس ملكى وأنت ملك على قلبى وعقلى وروحى .
ثم أمسكت يديه لتقبلها بحب وهى تقول بمشاغبه
- نفسى اخبى أيدك دى .. البنات بيموتوا على الأيدين إللى زى إيدك كده .... العروق بتعمل شغل عالى اووى يا صهيب
ليقطب جبينه وهو يضرب رأسها بيده الأخرى قائلاً
- يا فصيله ... عروق أيه وايد أيه .. أنتِ هبله يا حبيبتى
لتصمت تماماً ... تستمتع بوقع تلك الكلمه بصوته ومن شفتيه ... عضت شفتها وهى تغمض عينيها بحالميه
ليقول لها بصوت هامس
- مالك يا مجنونه سكتى فجأه ليه .
لتقول هى الأخرى بصوت هامس بسبب احساسها به الأن
- هو أنا بجد حبيبتك يا صهيب .
ليقول سريعاً وبتأكيد
- طبعاً حبيبتى
لتقترب منه وهى تضم يده إلى صدرها قائله
- قولها كتير .... أفضل قولها لحد ما اصدقها ... وأعتقد أن عمرى ما هصدقها .
-كانت جالسه فى مكانها المعتاد حين استمعت لطرقات سريعه على الباب وقفت سريعاً وهى تعدل من طرحة إسدالها فتحت الباب لتجد خديجه تقف أمامها وهى تبكى ..فقالت سريعاً
- مالك يا خديجه فى أيه
لتجيبها خديجه سريعاً وهى تسحبها من يدها لتصعد معها إلى شقتها
- مريم سخنه مولعه ولا كمدات نافعه ولا خافض الحراره ومش عارفه أعمل أيه
صعدت معها سريعاً ودلفت إلى الشقه وهى تقول
- جهزى البانيو بمايه فاتره بسرعه
ودخلت إلى غرفة مريم وحملتها لتضعها فى الماء
لتشهق بصوت عالى ... نظرت مريم إلى خديجه قائله
- أتصلى بعادل بسرعه خليه يجيب الدكتور
حضر عادل سريعاً ومعه الطبيب فى نفس الوقت التى غيرت مريم وخديجه ملابس مريم الصغيره
وقفت مريم فى الخارج تتطلع إلى شقة خديجه هى لأول مره تصعد إلى هنا وأول مره ترى شقتها المجهزة شعرت بغصه بحلقها ولكنها تغاضت عنها سريعاً كان عادل ينظر إليها وإلى نظراتها إلى شقة خديجه ألمه قلبه عليها وقد أتخذ قرار كان يؤجله منذ مده
استمعوا إلى كلمات الطبيب الذى قال
- كان تصرف سليم أنكم خليتوا جسمها كله فى المايه
لينظر عادل لمريم بفخر
فأكمل الطبيب كلماته
- كانت بدايه حمه ... الأدوية دى تلتزموا بمواعيدها وان شاء الله خلال يومين هتتحسن
خرج الطبيب وعاد عادل إلى الداخل وجلس بجانب ابنته وقبل أعلى رأسها .
نظرت خديجه إلى مريم وقالت
- شكرا يا مريم .. مش عارفه من غيرك كنت هعمل أيه
لتربت مريم على كتفها وهى تقول
- مريم بنتى ..... ربنا يشفيها و يعافيها ... بس
لينتبه عادل لها بكل تركيزه حين قالت خديجه
- بس أيه .
لتقول مريم بخوف
- ممكن أبقا أطلع أطمن عليها .
ليتحفز عادل لرد خديجه حين ابتسمت وقالت
- أكيد طبعاً تشرفى فى أى وقت .
لتبتسم مريم بسعاده وغادرت سريعاً
كاد عادل أن يذهب خلفها ولكنه لم يتحمل ترك مريم الصغيره .... ليؤجل حديثه قليلاً ... ولكنه لابد من تلك المفاجئه المؤجله .
يتبع
البارت 13من هنا
تعليقات
إرسال تعليق