جاريتي
الفصل الثلاثون
كان الجميع صامتا وكأن على رؤسهم الطير ... كان والديها يلومان نفسيهما وبشده كيف غفلا عن ابنتهما ... كيف لم يفكرا للحظه فى كل ما قالته كيف تغافلوا وتناسو
كان زين ينظر إليهم يقدر مشاعر حزنهم على ولدهم ولكن كيف يعيشون فى عالم الأموات ويتركون الأحياء يموتون بالبطئ وقف على قدميه واقترب من السيده أمينه جثى أمامها على ركبتيه وقال وهو ينظر إلى عينيها بلوم
- ليه سيبتيها كده ليه وصلتيها لكده ... قلبك محسش بيها
نظرت إليه وعيونها تملئها الدموع .... وقالت
- طارق أول فرحتى ... شاب لسه بيفتح ... كان ديما حنين وطيب ديما يقولى حاضر يا أمى .. تأمرينى .... كنت بقف جمبه أحس أن أنا إللى بنته مش هو إللى ابنى ... وفرح كانت على طول ماسكه فيه رايحه جايه معاه ... لكن أنت معاك حق فى كل إللى قلته ... قلبى إزاى محسش ببنتى ... إزاى أسيبها تعيش ميته
وانهارت ببكاء مرير يقطع نياط القلب
كان السيد أحمد يستمع إلى كلماتها وهو يجلد نفسه بتلك الكلمات فأمينه ليست المخطئه الوحيده فهو أيضاً مخطئ وبشده
كان زين يشعر بالحيره ماذا عليه أن يفعل الأن قلبه معلق بذلك الباب الذى تختفى خلفه تلك المجنونه القصيره .
شعر بنظرات السيد أحمد فقال
- أدخلها يا ابنى ... أدخلها
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
استيقظت من غفوتها لتجد نفسها تنام أرضا شعرت بألم قوى فى عينيها ... ولكنها لا تتذكر ما سبب نومها هنا استمعت لصوت فتح الباب لتنظر إلى الذى يقف أمام الباب بارتباك ابتسمت شعر من نظره عينيها أن هناك شىء خاطئ فأراد التأكد فقال
- أخبارك أيه
لتبتسم وهى تقف على قدميها وقالت
- الحمد لله يا زين باشا كويسه
ليقطب جبينه وهو يردد خلفها
- باشا
لتقول موضحه بطريقتها المرحه
- أيوه باشا وشرطه و سلطه وكده يعنى .
لينظر لها بشر وهو يقول
- ماشى يا خطيبة الباشا .... أجهزى علشان عايزك فى مشوار
نظرت إلى ساعتها لتجدها تشير إلى الحاديه عشر
فقالت له
- أحنا بليل ولا الصبح
ليشير لها برأسه بإتجاه الشباك .
لتنظر إلى الشباك ثم عادت بنظرها إليه من جديد وقالت
- هنخرج دلوقتى .. الوقت اتأخر
ليقول هو بأقرار
- أولا هنتعشا معاهم بره لأنهم لسه متعشوش مستنين حضرتك تصحى ... ثانياً ... أنا مستأذن من والدك والمكان إللى رايحله على ما نوصل هنكون الصبح .
وخرج سريعاً وهو يفكر ماذا حدث لها ... أنها تتعامل بهدوء وكأن شىء لم يكن .. هل يجوز أنها تريد تخطى الموضوع ام أنها حقاً من كثرة الضغط عقلها جعلها تنسى كل ما حصل
كانوا فى انتظاره أمام الباب وشعروا بخوف عميق بسبب تلك النظره الحائره فى عينيه وصمته اقترب منه السيد أحمد وقال
- أيه يا بنى هى فيها حاجه
لينظر له زين باندهاش وقال
- بتتعامل عادى جدا وكأن مافيش حاجه حصلت
كانت نظرات السيد أحمد مندهشه و حائره وكذلك السيده أمينه عاد بنظره إلى زين وقال
- وأنت قولتلها أيه
ظل زين صامت لبضع ثواني ثم قال
- أنا أتعاملت عادى وكأن مفيش حاجه حصلت وطلبت منها تجهز علشان هنخرج نتعشى معاكم وبعدين هنخرج حتى هى إعترضت لكن أنا أقنعتها أننا هنروح مكان بعيد هنوصل الصبح وطبعاً ده بعد ما أخذت أذنك
زادت نظرات الحيره فى عين السيد أحمد وكان ينظر إلى زين بشك فأوضح زين قائلاً
- أنا عارف حضرتك بتفكر في أيه بس صدقني أنا وفرح محتاجين بعض جداً وأنا مش هاجيب لها سيرة الموضوع إللى حصل النهارده إلا لو هي أتكلمت فيه وأرجوكم أتعاملوا معها طبيعى جداً و حاجه كمان أنا عايز حضرتك تثق فيا أنا بحب فرح وعمرى ... عمرى ما هأزيها
خرجت فرح من غرفتها تبتسم ابتسامتها المعهوده .
وقالت بمرح
- أنا جاهزه جداً للفسحه الغريبه .
نظر الجميع إليها بأبتسامه بسيطه فقال زين
- طيب يا جماعه يلا بقا ألبسوا أنتو كمان علشان نخرج .
جلست فرح على أقرب كرسى ليجلس زين أمامها صامت فقالت هى باندهاش
- حاسه أنى نايمه من وقت طويل
نظر لها باستفهام وقال
- مش فاكره اى حاجه حصلت معاكى قبل النوم
جعدت أنفها كالأطفال وقالت
- لأ .. مش فاكره حاجه خالص .. حتى أنا مش فاكره أنا رجعت إزاى من الشغل .
هز رأسه بنعم دون كلام وبعد عدة دقائق خرج السيد أحمد والسيده أمينه وعلى وجههم إبتسامه هادئه وقال أحمد
- يلا أحنا جاهزين ... تعالى يا فرح
لتقترب فرح من أبيها ليضمها بقوه وقال
- ربنا يخليكى لينا يا بنتى ... ونقدر نسعدك زى ما أنتِ ديما بتسعدينا
كانت تشعر بالغرابه ولكنها أيضاً تشعر بسعاده قويه وكبيره .
وخرجا من الباب وكل منهم يفكر فيما حدث وسيحدث
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان يجلس خلف مكتبه فى الشركه يتحدث عبر الهاتف ... ليفهم من زهره ما هى تلك المعضله الكبيره التى تقف أمامها وحين شرحت له الوضع صمت لثوانى يفكر ثم قال لها
- أوقفى الشغل النهارده يا زهره .. وبكره ان شاء الله كل حاجه هتكون محلوله ... أنا مستنيكى
أغلق الهاتف وظل يطرق بأصبعه على سطح المكتب اعتدل فى جلسته ومد يده يضغط زر استدعاء سكرتيره الجديد
شاب فى الثلاثين من عمره نحيل ومتوسط القامه ولكن ملامحه شديدة الوسامه بخشونه رجوليه مميزه
طرق الشاب الباب برفق ثم دخل يقول بأدب
- تحت أمرك يا باشمهندس
ظل صهيب صامت لثوانى ثم قال
- أسمها افندم يا شريف مش تحت أمرك
ليبتسم الشاب فهو وقع صريعاً فى عشق صهيب من المقابله الأولى وكل ذلك بسبب تواضعه وأخلاقه الكريمه فى نفس اللحظه التى عرف فيها بحاجه شريف للعمل مع كل مؤهلاته المميزه عينه فوراً ليس فقط سكرتير له بل أيضاً مدير للمكتب فى غيابه وسكرتير تنفيذى
ومن وقتها وشريف يعتبر صهيب صاحب فضل كبير عليه
أخرجه صهيب من أفكاره وهو يمد يده بهاتفه طالباً منه إخراج رقم شركه الهاشمى .
نفذ شريف فى صمت ... فأكمل صهيب قائلاً
- عايزك تحدد مع صاحب شركه الهاشمى معاد النهارده ضرورى جداً.
أعاد شريف الهاتف إلى صهيب وقال
- ثوانى وأقول لحضرتك الميعاد .
بعد عدة دقائق طرق شريف الباب وقال بهدوء
- المعاد بعد نص ساعه .
ليهز صهيب رأسه وقال
- طيب شوف السواق فين خليه يجهز العربيه .
فى تلك اللحظه دلفت زهره إلى المكتب فحيت شريف قائله
- إزيك يا أستاذ شريف .. أخبار الشغل مع صهيب ايه
ليبتسم شريف بامتنان وهو يقول
- الباشمهندس ونعم مديرى الشركات .
ليبتسم صهيب وقال بغرور مصتنع
- يا ابنى دى أقل حاجه عندى .
وقف صهيب لتقول له زهره
- على فين كده
ليقول بغموض
- على شركة الهاشم ... ادعيلى .
وخرج هو وشريف وجلست زهره مكانها تشعر بالحيره
~~~~~~~~~~~~~~~~~
كانت جلسه العشاء مميزه حقاً ... لم تتوقف فرح عن إضحاك الجميع حتى ذلك الثلجى نجحت فى إخراج صوت ضحكه عاليه منه .... كانت الساعه قد شارفت على الثالثه صباحا حين أعاد زين السيد أحمد وحرمه إلى البيت بعد أخذ الأذن بالذهاب فى رحله صغيره وسيعودا فى نهايه النهار
كانت تشعر بالحماس وهى تخرج خارج مدينتها لأول مره إحساسها بالغموض وأنها لا تفهم إلى إين يأخذها كان يجعلها تتمرجح بين الحماسه والخوف .
وصل إلى مدينته الساعه السابعه ليذهب بها إلى حيهم القديم أوقف السياره أمام بيت قديم نسبياً وطلب منها أن تترجل وقفت تنظر إلى الحى والبيوت بتمعن ثم نظرت إلى البيت الذى يقف أمامه زين وقالت بوجه طفولى بكاء
- أنت جايبنى فين يا باشا أنت هتموتنى ولا أيه
لينظر لها بشر وأشار لها أن تدخل البيت ظلت واقفه أمام الباب فدفعها بيده إلى الداخل ودفعها مره أخرى لتصعد السلم
كانت تصعد درجات السلم لذلك البيت المهترئ بجانبه تمسك بيده بشده ويظهر الخوف جلياً على ملامحها وهو يبتسم فى سعاده من تلك الطفله التى أرتبط بها من وقت التقاها وهى دائماً تضحكه بحركاتها هى دائماً تظهر القوه وفى آخر الأمر ترتعش خوفاً وأكثر ما جعله يأتى بها إلى هنا ... إنفجارها أمس وخروج كل ذلك الضيق .. أراد أن يكشف لها ذاته كما أكتشف هو ذاتها
كان يشعر بالخوف من القادم ولكنه أراد أن يكونا سويا إلى الأبد والأن سيتضح كل شئ
نظر لها و قال
- أنتِ مسكانى كده ليه هو أنا ههرب
لتنظر له وهى تقول بصوت باكى
- هو أحنا فين يا باشا والله أنا معملتش حاجه غلط
ليقطب جبينه وهو يقول
- باشا أيه يا فرح دى تالت مره تقوليها النهارده هو أنتِ ديما كده تحبى تضايقينى
لتنظر له وعيونها تمتلئ بالدموع وتقول
- أحنا فين طيب أيه المكان الغريب ده
ليقف أمامها وهو يقول باستفهام غاضب
- أنتِ بتثقى فيا ولا لأ .
لتنظر حولها بخوف تنظر لذلك البيت القديم من حولها بخوف ثم هزت رأسها بنعم
ليرفع حاجبه متزامنه مع حركه رأسه المستفهمه
لتقول بصوت يرتعش خوفاً
- بث. بثق فيك
ليكتف يديه أمام صدره وهو يقول
- مش باين
لتبتعد خطوه للخلف وهى تمسح تلك الدمعات التى تسيل على خدها وقالت
- أنت ساعات بتبقى طيب معايا ..وساعات بتبقى مش طايق منى كلمه ساعات بحس أنك ممكن تكون بتحبنى وساعات بحس أنك مبتكرهش حد قدى وساعات بحس أنك فاهمنى شايفنى من جوه زى النهارده وساعات بحس أنك بتتعامل مع كائن فضائى وأنا دلوقتى مش فاهمه أنا فين وليه وبعدين هو أنت ليه بتضايق من كلمة باشا لما بقولهالك ما كل الناس بتقولك يا باشا وبعدين هو مش أنت باشا فعلاً وهترجع شغلك تانى وتبقى ظابط
ليظل ينظر إليها بتركيز وهو يفكر هل ظلمها يوم وضعها فى تلك الخانه هل ظلمها حين ضغط عليها بأسلوبه الجاف وتعامله الغير سوى ... لماذا كان يرى فيها هايدى رغم الإختلاف الكلى بينهم ... لابد من أن يتخلص من ذلك الماضى إلى الأبد
تقدم الخطوه التى ابتعدها وقال بهدوء عكس ما يشعر به
- أولا كل إنسان جواه جزء طيب وجزء شرير بس الجزء الشرير ده بيطلع مع إللى بيكرهّم ومين قالك أنى مش بحبك بس
صمت قليلاً يحاول استجماع كلماته تنهد بصوت عالى ثم أكمل قائلاً
- أنا فى حاجات كتير مرت عليا قبلك خلتنى بالطبع ده حذر وكل شىء تحت الأختبار ..... بس لازم تتأكدى أنى بحبك ولا مكنتش معاكى دلوقتى .. ولا جبتك هنا
ثم نظر إليها بشر وهو يقول بصوت عالى وعصبى
- هو أنتِ بتشتغلى عندى ولا حد غريب عنى علشان تقوللى يا باشا طيب أيه رأيك بقا أوقفك طبور ذنب واكدرك
ليظهر الخوف جلياً على ملامحها ليشعر بالغرابه هل صدقته
لانت ملامحه و نبرته وهو يقول لها وهو يقترب من وجهها
-أومال مين يقولى يا زين ... يا زيزو ... يا حبيبى
لتتلون وجنتاها بشده بحمره قانيه جعلته يضحك بصوت عالى
لتضربه فى صدره بغضب مصتنع وهى تقول
- مستفز
ليقبل يدها وهو يقول
- تعالى بقى أفهمك أنا جايبك هنا ليه .. قبل ما أكلك
وقال الأخيره وهو يغمز لها بشقاوه
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كانت تشعر بالأنبهار هى الأن تقف فى غرفته القديمه ... شقاوة طفولته ... وبداية صباه حب مراهقته وبدايه عمله فى الشرطه ... كانت تنظر إلى الصور المعلقه على الحائط صوره له مع شخص يشبه بشده من الواضح أنه والده .. وشهادة تخرجه ... وصوره له مع سفيان وبعض الأصدقاء الآخرين التى لا تعرفهم
كتب دراسته ... وكتب أخرى)أدبيه ... زاد اندهاشها ذلك الثلجى يقرأ كتب أدبيه لن تندهش أن وجدت روايات عاطفيه أيضاً
كان يتابع حركتها فى غرفته واستكشافها كل أنش فيها .
اندهش من إحساسه
كان يتمنى أن يجدها منذ وقت طويل ... وكأنه كان يحلم بها منذ صباه وأحلام المراهقه .... كانت هنا معه فى تلك الغرفه
وقفت أمام صوره لأمراه جميله يبدوا عليها الوقار مصحوب بفيض حنان تنظر إليها بتمعن وقف خلفها وقال
- أمى
نظرت له نظره سريعه ثم عادت إلى الصوره قائله
- عنيك شبه عنيها رغم الفرق الكبير
فقال باستفهام
- فرق أيه
فقالت سريعاً موضحه
- عنيها كلها حب وحنان .. وعنيك كلها خوف شك برود
ثم نظرت إليه باهتمام حقيقى وأكملت
- نفسى أعرف أيه إللى غير نظرة عنيك إللى شفتها فى الصوره إللى هناك دى
وأشارت إلى صورته مع والده
ظل صامت ينظر إليها ثم قال
- لأنى نحس ..... قاتل ..... لأنى حسيت بالخيانه .
قطبت بين حاجبيها ... وظهر الأندهاش على ملامحها
ليجلس هو على سريره واسند رأسه على ظهر السرير وقال
- هحكيلك كل حاجه ... لأنى بجد محتاج أتكلم .
يتبع
تكملة الروايه من هنا
تعليقات
إرسال تعليق