الجزء الاول من الفصل الحادى و الاربعون
عاد صفى الى البيت و هو يشعر بالضيق و ايضا عقله يفكر فى كل شيء ماذا ارادت فتون من كلماتها تلك هل ارادت ايصال الماضي الى نسيم و اخبراها عنه .. لا يظن هى فقط ارادت ان تجعل الماء عكر بينهم ارادت ان تخلق فجوه و عدم ثقه و تدخل الشك بينهم ... اذا كان هذا تفكيرها و تلك خطوتها الاولى فما هى خطوتها الثانية و كيف ستكون و ما ستكون نتائجها
رفع عينيه حين لاح البيت امامه ليجدها تقف هناك خلف النافذة تنتظره فلم يرد اظهار أي شيء يشعرها بالانتصار فرسم ابتسامه حقيقيه على شفتيه اساسها تذكره لنسيم و عقلها و هدوئها اى امرأه في مكانها يصل اليها حديث كهذا سوف تغلى غضبا و ايضا لن تمرر الامر على خير .. و لكن الغيرة الواضحة فى عيونها التي اسعدته بشده مع عقلها الواعي و هدوئها و ثقتها بها حقا تجعله يود ان يحجب عنها النسيم حتى لا يؤذيها فهى نسيمه فى حر الصيف و هي نسيم شراع مركبه التي ستوصله الى بر الامان
دخل الى البيت ليجد والدته جالسه فى مكانها و بجانبها الصغيرة تلعب ببعض العاب الصغار فقال بصوت عالي حتى يصل لفتون
- ايدك يا اما ابوسها و رجلك كمان
و اقترب منها ينفذ كلماته لتبعده الحجه صفيه و هي تضحك و تقول
- جوم يا والدى جوم يا حبيبي
ليجلس ارضا امامها و هو يقبل يدها عده مرات و هو يستمع لاقتراب خطوات فتون و قال بسعادة
- انا عايز اتمم جوازي بنسيم يا اما جوزيهالى يا اما تسلميلى يا اما على اختيارك ... نجاوتك وش الجفص
لتضحك الحجه صفيه بسعادة و هي تقول
- واااه عملت فيك ايه المخبلة دي ... جاي تجول فيها شعر
ليقبل يديها من جديد و يقول
- اول هام البوسه دى منيها ليدك ... و بتجولك تسلم يدك على البامية وهتجيلك من بدرى بكره
- ده اولا و ثانيا
قالتها الحجه صفيه بمرح تساير فيها صغيرها التى تظهر السعادة فى عينيه بوضوح
- عاجله و راسيه و بتثج فيا ... و بتحبنى ... و انى بحبها
قالها برومانسية لتضحك الحجه صفيه و هى تضربه على كتفه و قالت بغيره مصطنعة
- متتحشم يا واد و تسترجل كده في ايه
- فرحان يا اما فرحاااااااااااااان
لتربت الحجه صفيه على كتفه بحنان و قالت بسماحه
- ربنا يفرحك يا صفى يا ولدى و يسعدك و يهنيك
ليقبل يديها من جديد ثم وضع راسه على ساقها لتداعب خصلات شعره بحنان .... و كانت فتون تقف خلف الباب تنظر اليهم بغضب و حقد و كره كبير يتصاعد يوميا و يزيد ... ظلت تنظر اليهم لبعض الوقت و قبل ان تتحرك خطوه من مكانها قالت بهمس
- اما جلبت فرحكم حزن ..... و فرحكم لميتم ما بقاش انا فتون
و عادت الى مكانها و هى ترتب افكارها حتى تنفذ ما يرضيها و يطفئ نار الحقد بداخلها
**************************************
حين عاد محمود الى البيت وجد محمد و مريم فى انتظاره يريدون الاطمئنان عليه و على خديجه و يفهموا ما حدث جلس على الكرسي القريب بإرهاق و قص عليهم كل ما حدث من كلمات سفيان الى تفسير ندى لتصرف خديجه خيم الصمت عليهم لدقيقه حتى قالت مريم بأقرار
- انا قولتلكم قبل كده من قبل ماما ما تتوفى .... و انتو فعلا وقتها إهتميتوا شويه و هى كانت سعيدة جدا بده ... و كانت منفتحة اكتر لكن بعد كده كل واحد انشغل فى حياته ... و المشكلة رجعت من جديد ... انا مش هقول اننا غلطانين طول الوقت و لا كمان هقول انها غلطانه فى تفكيرها ... كلنا اتأثرنا بسبب جواز بابا التانى .. و كلنا كنا واخدين موقف من غير ما نحس يمكن تعاطف مع ماما مجرد رفض للفكره فى المطلق كمان انها اختنا بس من ام تانية خلانا كلنا واخدين موقف منها من غير ما نشعر ده غير موقف ماما منها و اللى كلنا شاهدين عليه
صمتت لثواني ثم اكملت قائله
- كنا بنتعامل معاها علشان خاطر بابا بس .. عايزين نرضيه فكنا بنجامله و نكلمها .. و هى حست بده . عرفت مكانتها عندنا و اتعملت معانا على اساسها
كانا يستمعان اليها بتركيز شديد و كل منهم يراجع بينه و بين نفسه كل المواقف التى جمعته بخديجه .. انطوائيتها .. انعزالها طوال الوقت داخل غرفتها ... قيامها طوال الوقت بواجبات المنزل و كأنها موظفه لذلك ظل الصمت سيد الموقف لعده دقائق حتى وقف محمود و هو يقول بحزن
- تمام كل واحد فيكم اكيد عارف هو قصر مع اخته فى ايه .. و كل واحد فيكم كبير كفاية علشان يعرف المفروض يعمل معاها ايه ... و القرار قراركم ... يا نقدر نرجع اختنا ... و نحاجى عليها و نحسسها بحبنا و مكانتها عندنا او نضيعها للابد و يوم ما نقابل ابوكم نقابله و احنى مش منفذين وصيته
و غادر من امامهم تارك كل منهم يفكر فى كل ما حدث و يحدد كيف سيتصرف مع اخته
*************************************
كان يجلس على الأريكة الكبيرة فى صاله منزله يستمع الى نقاش ابنتيه حول احدى القصص التي يقرأنها و كان فى قمه استمتاعه بذلك فكم هو جميل جدالهم
حين اقترب منه جواد و جلس بجانبه و هو يقول
- اذيك يا هندسه عامل ايه ؟
ليرفع صهيب حاجبه بتعجب و هو يقول
- ايه يا ابنى الاسلوب ده ؟
لينحني جواد وقبل يد والده باحترام وهو يقول
- اسف يا بابا بس صراحه كده انا عايز منك خدمه ... ممكن؟
- اكيد يا حبيبي ... خير
صمت جواد لثواني حين لاحظ صمت اختيه اللتان كان صوتهم يصل الى اول الشارع ثم عاد باهتمامه الى والده و قال
- طنط مهيرة هتتصل بماما تعزمها على التجمع العائلي بعد اسبوعين ... من فضلك وافق اننا نروح
ظل صهيب صامت لعده ثوان .. ليكمل جواد قائلا برجاء
- ليل هترجع بلدهم بعد التجمع ده و مش عارف هعرف اشوفها تانب امتى .. ارجوك يا بابا
اقتربت زهره من جلسه ابنها و زوجها بعد ان استمعت لحديثهم و قالت بهدوء
- بابا هيشوف ظروفه يا حبيبي و يرد عليك ... ماشي
نظر اليها جواد ببعض الضيق فهو كان يود اخذ وعد من والده بالذهاب ... اخذ نفس عميق و اخرجه ببطيء ثم وقف بعد ان هز راسه بنعم وعاد الى غرفته
فى نفس اللحظة التي نظر فيها ورد الى ياسمين و قالت بهمس
- يا عينى احبط
لتجيبها ياسمين قائله
- الحب بهدله ... ملناش دعوه خلينا فى القصة احسن
كان صهيب و زهره يستمعان الى حديث الفتاتان باندهاش و صدمه لتضحك زهره بخفوت و اقتربت من اذن صهيب و قالت بهمس
- جيل ربنا واحده العالم بيه
صمتت لثوانى ثم اكملت قائله بنفس الهمس
- شويه كده و قوم ادخل لجواد ... و قوله انك معندكش مانع ... طمنه لانه حزين اوووى انهم هيرجعوا تانى بيتهم .. صحيح هو فرحان بأن شمس خفت و علاقتها هى و ليل اتحسنت الا انه صعوبة انه يشوفها دى مضيقاه اوووى .. و انت حبيب قديم و عارف
ليبتسم بمشاغبة ثم قال بهمس مشابه
- حاضر يا زهره الحبيب القديم
فى تلك اللحظة علا صوت هاتفه لتنظر اليه و قالت بهدوء
- ده جواد الكبير
اجابه صهيب بسعادة كبيره و شوق ايضا
- عاش من سمع صوتك يا ابو صهيب
ضحك جواد بصوت عالي و هو يقول
- و انت كمان وحشني جدا يا ابو جواد ... طمني عليك يا صاحب العمر
- الحمد لله بخير .. انت اخبارك ايه و صهيب و ميما ؟
لتصله ضحكات جواد العالية و هو يقول
- ميما عامله ام العريس .. و شكلنا كده انا و انت هنبقا جدود قريب
ليضحك صهيب بسعادة وهو يقول
- بجد صهيب هيتجوز ؟
لتبتسم زهره بسعادة ... فهي تحب صهيب الصغير بشده يذكرها بحبيب عمرها مثابر قوى و ناجح لتنتبه من افكاره على صوت صهيب و هو يقول
- لا طبعا هو انا محتاج عزومه علشان احضر فرح ابنى .. ربنا يتمم على خير
اغلق الهاتف و قال لزهره بابتسامة سعيدة
- حضري نفسك و الولاد علشان خطوبه صهيب الاسبوع الجاي
ثم وقف و هو بيقول
- اروح اطمن بقا اللى قلبه موجع
لتضحك الفتاتان بصوت عالى و شاركتهم زهره الضح بصوت عالى .. ليرتعش قلبه من اثر تلك الضحكات التى يعشقها من حب حباته و ابنتيه التى يشبهانها بشده ************************
كانت تجلس فى الحديقة الكبيرة للقصر و هو يجلس بجانبها يستمع الى حديثها .. يتألم لتلك الدموع التي تملئ و جهها
حين حضر صباحا كان مقررا ان يسعدها و الا يتحدث معها فى ما يضايقها و ليخرجها مما هى فيه و لو ليوم واحد فأحضر لها باقة ورد كبيره جدا .. و ايضا دميه محشوه كبيره الحجم على شكل دب الباندا .. و بين يديى الدب صندوق كبير بداخله كل انواع الشوكولاتة .... و كم كانت سعادته برفحتها بهم و بعد ان تناول الافطار معها هى و سفيان و مهيرة و آدم و فجر ... و ايمن و ملك و الفتاتان .. اخذ الاذن بأن يأخذها و يذهبوا الى النادى قليلا .. و بعد تمضيه بعض الوقت هناك اضحكها كثيرا و جعلها تشعر بأهميتها ... و بكم يحبها ... ولم تشعر للحظه انها اكبر منه بل بالعكس .. كم وجدته رجل حقا تستطيع الاعتماد عليه خاصه مع جسده الضخم و صغر جسدها بجانبه حتى انها واقفه بجانبه تصل فقط الى اسفل صدره
عادا الى القصر و ها هم منذ اكثر من ساعتان على نفس تلك الجلسة هى تتحدث و هو يستمع باهتمام و اخيرا قالت
- انا مش عايزة اكون محور اهتمامهم ... و لا انا انانيه و مش بفكر غير فى نفسى ... انا بس نفسى احسن انهم أخواتي بجد اللى بيجمعنا الحب الحقيقي بين الاخوات .. مش مجرد الدم او وصيه ... انى وقت ما يكون عندي مشكله او مضايقه اجرى على اخويا و احكيلة ... زى ما بجري على ابيه سفيان و ابله مهيرة و احكيلهم ... انا ديما حاسة ان وجودى فى البيت او عدم وجودي واحد .... انت فهمني
ابتسم ابتسامه صغيره و هو يمد يده لها بمنديل و قال بحب حقيقي و اهتمام
- فاهمك جدا يا ديجه ... وللأسف مش هقدر اقولك انت فاهمه غلط او فاهمه صح لأنى فى الحقيقة معرفش طبيعة طبع اخواتك ... بس اقدر اقولك انى شفت خوف محمود عليكى لما جيت اطلب ايدك شفت احساس محمد لما جه يخطب اختى .. شفت حاله محمود و مريم لما محمد كان تعبان ... حسيت بلهفه محمد و هو بيكلمنى امبارح بليل علشان يسألنى عليكى كلمتك او لا ... و كمان مريم اللى اتصلت بزينه تسألها تعرف عنك حاجه و خلتها سألتنى ... كمان اعرف رائ عمو سفيان ان اخواتك بيحبوكى بس الماضى مأثر فيهم بشكل اكبر منك .. انت شفتى انطباع طنط خديجه الله يرحمها لكن ماشفتيش الحياه اللي كانت بينهم عامله أزاي و اخواتك افكارهم عن الماضي ايه
كانت تستمع لكلماته و هى تحاول التفكير من وجهه نظر اخوتها ... لكن ما ذنبها فى خطئ ارتكبه والدها من وجهه نظرهم ... لما كل الجفاء موجهه لها هي ... هي اولا و اخيرا اختهم الصغيرة و ليس لها ذنب فى كل ما حدث بالماضي
نظرت اليه بنظره المت قلبه بشده احتياج ... ضعف و وحده و احساس بالضياع ليأخذ نفس عميق حتى يستطيع اخراج نفسه من احساس الالم من اجلها و عليها .. و اخراجها هى الاخرى من احساس الشفقة على الذات
- خديجه من فضلك ممكن تبطلى تفكير فى الموضوع ده حوالى تريحي عقلك و قلبك من كل ده لشويه وقت بس علشان نفسيتك ترتاح و بعدين تقدرى تفكرى و تحكمى على الموضوع بوضوح
هزت راسها بنعم بصمت ليبتسم هو بمشاغبة و قال
- هو مفيش امل تطولي 10سم بس بدل ما انت واصله لبطني كده يعنى توصلي لصدري علشان تعرفى تسمعي دقات قلبي و لا يعنى لازم اشيلك بقا كده و اقعدك على رجلى زى البيبى علشان تسمعيها
كانت تنظر اليه بصدمه من كلماته الجريئة بعض الشيء و التى اخجلتها بشده ليضحك هو بصوت عالي على همسها الذى لم يصل اليه من الاساس ب(( قليل الادب )) لتضحك هى الاخرى بسعادة و داخل عينيها ترسم كل معالم الشكر و الامتنان و الاحترام و الاحتياج له و لوجوده بحياتها و سعادة اكبر بحبها لها و ايضا لتلك الدقة التي تهمس الان بأسمة داخل قلبها
***************************
كان يقف بجانبها داخل شقتهم يريها اخر ما انجزه ... و كانت هي سعيدة جدا بألوان الجدران و ايضا تلك الاشكال التى تزينها و تزين السقف ايضا .... نظرت اليه بسعادة و هي تقول
- زوقك حلو يا راجح ... ديما طبعا مش اختارتنى انا من الاول .. بس كمان عامل كل الاوان اللى بحبها و كمان بتنسيق حلو اوووى
كان ينظر اليها بأندهاش و بعض الغرور الذكوري المحبب ... اقتربت منه بسعادة و هي تقول بدلال
- على فكره انا بحبك اوووى .. عارف ليه
- علشان انا مفيش منى اتنين عارف لا داعى للتصفيق دعونا نعمل في صمت
لتضحك بصوت عالي و هي تقترب منه اكثر و امسكت ياقة قميصه بأطراف اصابعها و قالت
- صح مفيش منك ... و كمان لأنك حنين و طيب ... و راجل قد كلمتك ... كمان علشان ديما عايز تفرحني و تحقق كل أحلامي علشان و انا جبك بحس بالأمان و بحس بأهميتي و بحس بالسعادة
رفعت يديها لتحاوط بها و جنتيه و هي تكمل بحب كبير
- ربنا يباركلى فيك و اقدر اسعدك ... و لو نص السعادة اللي انت بتسعدهالى
ليضع يديه فوق يديها و قربها من شقتيه و قبلها بحب كبير و قال و هو ينظر الى عمق عينيها
- انا بحبك يا موده انت حلمى اللي ضحيت علشان احققه بكل حاجه ... و مستعد اضحى بحياتي علشانك ربنا يقدرني و افضل قادر احقق لك كل احلامك و اسعدك ديما
كانت الدموع تتجمع فى عيونها كما تتجمع فى عيون من يقف عند الباب دون ان يشعر به احد ثم غادر سريعا حتى لا يراه احد فى تلك الحالة فهو ابدا لن يكون سبب فى حزنه يكفى ما هو فيه و ايضا حتى يلعق جراح قلبه بمفرده و يعود من جديد الى جموده و بروده حياته الفارغة ****************************
مر اسبوع لم يتوقف محمود عن الاتصال بالقصر كل يوم يطمئن على خديجه كذلك محمد و مريم التي حضرت اكثر من مره و جلست معها كثيرا تقص عليها حال اخويها و تقص عليها كل محاولات عمر فى تعويضها عن كل ما حدث
كانت خديجه تشعر حقا بالسعادة من ذلك الاهتمام خاصه و هي تشعر به من القلب بحق .. ليست مجامله او لمجرد انهم يحافظون على وصيه والدهم و كم شعرت بأشتياقها لهم و للبيت و لغرفتها هناك
******************************
لم يصدق نفسه حين اتصل به عزيز فى اليوم الذى يسبق يوم خطبته يخبره انه يستطيع زياره نور اليوم ..غادر سريره سريعا و دلف الى الحمام و خرج ارتدى ملابسه و غادر الفيلا دون ان يرى والديه او يخبرهم بأين ذاهب و من داخله كان يفكر ان هذا القاء ضروري جدا ... عليه ان يرى بعينه ما يتحدثون عنه .. عليه ان يعلم كل شيء و ايضا يتأكد من احساسه تجاهها .. لأنه لن يقبل ان يظلم بلسم بأي شكل
وصل الى المستشفى و هناك قابله عزيز و قام بكل الإجراءات و ها هو يقف امام باب غرفتها
وضع يديه على مقبض الباب و ظل ثابت لدقيقه كامله ثم فتح الباب بهدوء بعد ان طرقه عدده طرقات متتاليه
حين وقعت عينيه عليها شعر بحنين قوى ... و شوق حقيقي لها لكنه ظل واقف مكانه مقطب الجبين حين وصل له صوتها الضاحك و هى تقول دون ان تنظر اليه
- انت مش هتبطل تضحكني ابدا ... عليك كميه غرور
نظر فى انحاء الغرفة الصغيرة وجدها خاليه تماما .. لا يوجد احد غيرها هو بالأساس لا يوجد في الغرفة سوا سرير و بأحدي الجوانب طاوله صغيره و كرسيين
اقترب خطوتان بهدوء شديد لم يجعلها تشعر به لينظر الى خارج النافذة الكبيرة المحاطة بشبكه قويه من الحديد لم يرى احد يقف هناك ... كان ينظر الى ظهرها و هو يفكر هل ما قالوه عنها سيكون حقيقه تؤكدها له من اول وهله ... اخذ نفس عميق ثم نادا عليها بصوت هادئ و واضح لتلتفت اليه بهدوء تنظر اليه بابتسامة واسعه وهى تقول
- صهيب ... يااااااه انت وحشتنى جدا
وقبل ان يجيبها نظرت الى النافذة وهى تقول
- بس ملكش دعوه انت .... ده صهيب و من كتير اوى مشفتوش يلا ارجع انت على أوضتك
نظر خلفها حتى يرى لمن تتحدث لكنه لم يرى احداً .... زادت حيرته و لكنها نظرت اليه من جديد و هي تقول بابتسامة واسعه .
- اخبارك ايه .. وليه مش بتيجى تزورني ... كل مره الظابط ده بيجي ليا ببقا فكراه انت
ابتسم ابتسامه اشفاق و قال بهدوء حتى لا يبكى حالها و ما وصلت اليه
- اسف على انى اتأخرت عليكي فى الزيارة ... بس مكنش مسموح ليا قبل كده اجى اشوفك ... بس وعد هجيلك ديما
ابتسمت بسعادة كبيره و مدت يدها و امسكت يديه و سارت به حتى وصلت الى الطاولة و اجلسته على احدى كراسيها وجلست هى على الكرسي الاخر و قالت بسعادة
- عرفت اللي حصل ؟
هز راسه بلا ... لتقول هى بسعادة
- مش الشيطانة التانية ماتت كمان
ليقطب جبينه بحيره وهو يقول بأستفهام
- شيطانه ايه ؟مين دى ؟
- مرات اشرف .
قالتها بصوت هامس ... ثم اقتربت منه قليلا و اكملت بنفس الهمس مع ابتسامه تشفى
- الظابط قالي انهم لقوها ميته في بيت اشرف و جثتها اتعفنت
ليشعر صهيب بالغثيان من كلماتها لتكمل هى سريعا
- هما مش عايزين يصدقوا انى مش زعلانه ... انا كده ارتاحت بس عارف ايه اكتر حاجه مزعلانى ؟
- ايه يا نور ؟
قالها بإستفهام مهتم ... لتقول هى بحزن شديد و بعض الدموع تتجمع فى عيونها
- زعلانه علشان القاضي مرضيش يخليني اروح عند بابا و ضياء .... هو صحيح سراج هنا مهون عليا .. بس انا كنت عايزة اروح لبابا .. عايزة احكيلة كل حاجه ... نفسى يحضني جامد و يطبطب عليا و يقولي شاطره اخدتي تاري
لوت فمها كالأطفال ... و كان هو يتلوى الما على حالها و ما وصلت اليه ... ايضا لرغبتها القوية فى الموت ... و لكن من هذا سراج كاد ان يسالها لكنها اكملت
- بس القاضي قرر يخليني ف الدنيا الوحشة ... بس عارف انا دلوقتى مش خايفة علشان سراج هنا و معاية هيحمينى من اى شيطان تانى هو قالى كده
- مين سراج ؟
قالها بشيء من نفاذ الصبر فهو يريد ان يفهم من ذلك السراج الذى حل مكانه و لا تتوقف هى عن ذكر اسمه ... لتبتسم هى ابتسامه واسعه و قالت مقلده طريقه سراج فى نطق اسمه
- سرااااج ... ده صاحبي بيجيلى كل يوم و نفضل نتكلم كتير اوووووى بيضحكنى ... و ديما يقولى انه فرحان اوووى انى رجعت
ثم اشارت الى النافذة و هى تقول
- كان واقف هنا ساعه انت ما جيت مشفتوش؟!
هز راسه بلا و هو يقول ببعض التوتر
- معلش مأخدتش بالى .. اصل انتِ كنت وحشاني جدا و ساعه ما دخلت الاوضة ما شفتش غيرك
ظل يتحدث معها كثيرا و يستمع لحديثها الذى اكد له كل ما قاله عزيز و اكرم
وحين غادر الغرفة كان قلبه يؤلمه بشده على حالها و بسبب رجائها ان يأتي دائما لزيارتها ... فهي تسعد جدا برؤيته
وقف قليلا مع طبيبها المعالج الذى اخبره ان سراج هذا خيال موضحا ذلك
- مفيش مريض فى المستشفى كلها اسمه سراج .. كمان هي قالت عنه انه جاي بعد ما قتل خطيبته و لا مراته فصعب مريض زى ده لو موجود اصلا يخرج من اوضتة .... كمان الجنينة الى شباك نور بيطل عليها فيها سور من الشجر صعب اى حد يعديه
خرج من هناك ... يشعر بالضيق من اجلها لكنه ايضا سعيد ... اولا لانه رأها و اطمئن عليها ... ثانيا لأنه تأكد ان ما كان يشعر به تجاهها هو مجرد موقف رجولي شهامة و نخوه ... احساسه كرجل لا يقبل ان يرى اى امرأه فى مكان نور .. او يحدث معها و لو شئ بسيط مما حدث لها
حين صعد الى سيارته اراد بشده ان يستمع لصوتها ... فاتصل بها وحين وصله صوتها قال بابتسامة سعادة
- بلسم جروحي عامله ايه ... استعديتي يا خطيبتي لبكره
ليقابله الصمت فقط .. و لكن صوت انفاسها الذى يصل اليه يطرب اذنه اكد له انه ولله الحمد استطاع جعلها تخجل .. و وجنتيها تتلون بالحمرة الطبيعية المثيرة و الاهم من هذا انها لم تجادل ليقول من جديد
- ايه رأيك يا بيل لو بدل الخطوبة بكره يبقا جواز على طول واهو الفيلا بتاعة ابويا كبيره و تساع من الحبايب الف و اصلا عصافير الحب مش هيعترضوا و الله
- مين بيل دى ... و هما مين عصافير الحب اصلا ... كمان هو انا لسه عرفتك علشان اتجوزك
قالت كل ذلك بصوت معترض .... و بشئ من العصبية ... ليضحك بصوت عالي و هو يقول
- حمدالله على السلامة ده انا كنت فاكر ان القطه كلت لسانك و لا علشان اتخطبتى بقا فهتعملي الحركات الفقع بتاعة البنات و شغل السهوكة
ليصله صوت (( برطمه )) و ايضا بعض الكلمات التى لم يفهمها ليضحك من جديد بسعادة ... هو حقا يعترف الان لنفسه هو يحب بلسم ... يحبها بشده
**********************************
كان العمل فى فيلا جواد الهاشمى على قدم و ساق فاليوم حفل خطبه ابنه المختفى منذ الصباح لا احد يعلم اين هو و لا يجيب على هاتفه ... كان جواد يتابع حركات ميما فى تجهيز بدلته و فستانها و ربطه عنقه من نفس لون فستانها اقترب منها و هى تبدوا فى عينيه الان و خاصه بتلك الابتسامة التي لا تغادر وجهها منذ تم الاتفاق على خطبه صهيب كانت تضع بعض الاغراض على طاوله الزينة ليحاوطها بذراعيه من الخلف و قبل جانب عنقها بشغف و هو يقول
- هو انت العروسة انهاردة و لا عروسه ابنك ... خفى الجمال ده شويه انا قلبي مبقاش يستحمل الحلاوة دي كلها
لتضحك بسعادة كبيره و هي تحاوط يديه التي تحتضن جسدها و هي تقول بسعادة كبيره
- انا حلوه علشان عينك هي اللي شيفاني ... كمان ساعتى بصهيب و فرحتي بيه كبيره مخليانى حاسة ان قلبى مرفرف و سعيد و حاسة ان ده يوم خطوبتي انا مش هو
نظر اليها عبر المرآه و قال بابتسامة واسعه
- احلى احساس فى الدنيا فعلا فرحتنا بولادنا و هما ناجحين و حياتهم حلوه
طرقات على الباب جعلته يبتعد عنها و سمح للطارق بالدخول ليطل وجه صهيب السعيد و هو يقول بمرح
- ممكن اقاطع عصافير الحب شويه
ليلوى جواد فمه بضيق مصطنع و شعرت ميما بالخجل قليلا ليدخل صهيب و اقترب من والده وقبل اعلى راسه ثم انحنى يقبل يد والدته و بعد ذلك اخرج من جيب بنطاله علبه زرقاء صغيره و قال لامه بابتسامة كبيره
- ممكن تقبلي منى الهديه الصغيرة دي
لتشعر ميما بالصدمة و لكنها صدمه من كثره السعادة ... حيث وجدت حين فتحت العلبة خاتم الماس رقيق و جميل نظرت الى ولدها باستفهام ليقول بأقرار
- نزلت اشترى هديه لبلسم ... و مينفعش اجيب ليها هديه و ما اجبش للسيدة الاولى فى حياتى كمان هديه
ثم مد يديه امامه و هو يقول
- تسمحيلى
لتتسع ابتسامتها السعيدة و هى تضع العلبة بين يديه .. ثم مدت يدها امامه ليخرج الخاتم من العلبة و وضعه فى اصبعها ثم انحنى من جديد يقبل يديها باحترام ..... كل ذلك تحت انظار جواد السعيد جدا بأحب اثنان على قلبه يراهم يضحكون بسعادة بعد مده طويله من القلق و الحزن و التوتر
ابتعد صهيب خطوه الى الوراء و نظر الى والديه و قال
- انا عايز اشكركم على كل حاجه ... ربنا يخليكم ليا ... و يباركلى فى عمركم ... و كمان عايز اعتذر لو في يوم حصل منى أي شيء ضايقكم او زعلكم
كانت نظرات والديه تحتضنه بحنان ... فخورين به ... و السعادة تملئ البيت بفضله و دون ان يسمح لهم بالتعقيب على كلامه قال و هو يغادر الغرفة
- هروح اجهز انا بقا ... و استعدوا للمفاجئات ها
قال كلماته الأخيرة بغمزه مشاغبة و هو يقف بجوار الباب ثم غادر الغرفة و اغلقه خلفه ... لينظر كل من ميما و جواد الى بعضهم البعض بحيره لكن ايضا بسعادة كبيره
*************************
فى المساء كان جواد و ميما يقفان عند باب القاعة الكبيرة التي حجزها صهيب في احدى اكبر فنادق العاصمة و امامهم الاستاذ عبد الرحمن والد بلسم و والدتها الأستاذة فاتن يستقبلون المعازيم
فى الوقت التي كانت بلسم فيه موجوده في ذلك الجناح الكبير فى نفس الفندق .... و خبيرة التجميل تقوم بتجهيزها .. كانت تشعر بالتوتر و القلق و الخوف ايضا فهى حتى الان لم ترى فستانها فقد قام صهيب باختياره بنفسه ... و لم يسمح لها برؤيته .... بعد مرور ساعه كانت تقف بلسم امام المرآه تنظر الى ذلك الثوب الذى يشبه ثوب الاميرات بلونه الازرق الداكن عند اطراف الثوب ... صعودا بخطوط زرقاء تتلألأ باللولي و الالماس حتى نصل الى قمه الفستان بلون البيبى بلو الرقيق بأكمامه الطويلة و الطرحة التى تفترش الارض من خلفها بنفس الوان الفستان فكم بدت رقيقه و جميله و مميزه خاصه مع ذلك الحجاب الذى يزين وجهها ... و كم شكرت صهيب فى قلبها على زوقه و احترامه لها .... طرقات على باب الجناح الخارجي ثم صوته الذى اربكها و جعل كل جسدها ينتفض بخجل ... بالأساس هى كانت تعطى ظهرها للباب ... مرت دقائق كثيره لم يقترب منها و لكنها متأكدة من وجوده معها بالغرفة فهي تستمع الى صوت انفاسه الذى يعلو تدريجيا شعرت بالاندهاش و القلق و كادت ان تلتفت ليقول هو سريعا
- خليكى زي ما انتِ ... انا مش مستوعب جمالك و انا لسه مشفتش وشك طيب لما اشوفك ايه اللي هيحصل
كان دقات قلبها تتصارع داخل صدرها ... مع كل كلمه يقولها ... و على شفتيها ترتسم اجمل ابتسامه خاصه مع تتلألأ تلك الدمعات داخل عينيها
- بلسم ... انتِ بلسم لكل جروحي اللى متجرحهاش انتِ سعادة محلمتش بيها يوم ... انتِ بكره اللى نفسى اعيشه و الحب اللي حلمت بيه و ... و انا بحبك
لم تعد تحتمل لتلتفت تنظر اليه بعيونها التي تتلألأ بالدموع لتجده هو الاخر ينظر اليها بعيون تمتلئ بالدموع مع ابتسامه واسعه بكامل وسامته ... التي تخطف الانفاس ... و تجعل دقات قلبها تتقافز بسعادة و رهبه .. اقترب منها اكثر لتلاحظ لون رابطه عنقه الزرقاء بلون ذيل فستانها ... و ايضا باقة الزهور التي بين يديه رائعة الجمال اقترب عده خطوات حتى وقف امامها مباشره و مد يده لها بباقة الزهور و قال
- مبروك عليا بلسم .... مبروك عليا وجودك فى حياتي .... و عايزك من انهارده تعرفي انك دخلتي حياتي و مستحيل تخرجي منها الا بموتى
لتبتسم بسعادة كبيره و لم تستطع ان تجيب على كلماته التي لمست قلبها .... فغمز لها بمشاغبة و وقف بجانبها و مد يده امامها لتضع يدها فى حضن يديه ليرفعها الى شفتيه و قبلها بحب و تقديس ثم و ضعها على ذراعه ثم قال
- يلا بينا ! ده انا عاملك شويه مفاجئات
لتنظر اليه بأندهاش و قلق ليغمز لها من جديد
- امسك نفسك يا وحش ده احنى لسه فى اول اليوم و اللي جاي كتير
*******************************
كانت اصوات الموسيقى تعلو استعدادا لاستقبال العروسان و تم خفض الإضاءة ... حتى وصلا عند الباب لتستقبلهم الاضواء الساطعة و الموسيقى العالية و الفتيات الصغيرات التي ترتدى فساتين رقيقه توزع الزهور في كل مكان كانت كل الانظار موجهه اليهم فبلسم كانت غايه فى الجمال و الرقى و الرقة .. و كان هو رمز للرجولة و الوسامة و صلا عند الكرسي المخصص لهم ... و جلسوا لدقائق بين مباركه الاهل و بعض الاصدقاء المقربين و حين هدء الوضع لثوانى انطفئت الانوار من جديد لتعلوا الهمهمات حتى عادت الإضاءة لكن فقط على منطقه المنتصف الفارغة الا من صهيب الذى يقف هناك و بين يديه مايكرفون
نظر الى بلسم و غمز لها بمشاغبة ... لتبتسم بخجل و علت الهمهمات السعيدة و المشجعة ليقول هو
- انهارده يوم مميز يوم خطوبتي بس بصراحه انا عايز أعترفلكم فى اعتراف
لتعلوا الضحكات ليكمل هو قائلا
- البنت اللي قاعده هناك دي و اللي المفروض انها خطيبتي ... انا بحبها اوووى و بصراحه كده انا مش ضامن نفسى معاها فعلشان كده و بعد اذن عمى عبد الرحمن و بعد اذن ابويا ... انا قررت اكتب الكتاب انهارده ... اتفضل يا عم الشيخ
كانت الصدمة على وجوه الجميع لكن صدمه السعادة و الفرح و بالفعل تم عقد القران امام الجميع و فرحه كبيره تملئ القلوب و العيون و دموع فرح من ميما و فاتن ... و حين قال الشيخ (( بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما فى خير )) ركض صهيب اليها يحتضنها و قبل اعلى رأسها ثم حملها و دار بها وسط تصفيق الجميع و ضحكاتها العالية
خلال ثوان كان المكان اصبح خالي من جديد بعد ان رحل الشيخ و ازاله الطاولة التي تم عقد القران عليها .... ليمسك صهيب بيديها و سار بها الى منطقه الوسط و كانت هي تنظر في جميع الاتجاهات بخجل في نفس اللحظة التي على فيها صوت الموسيقى المصاحب لصوت رامى صبرى و لكن المفاجئة كانت صوت صهيب الذى ملئ المكان يردد كلمات الأغنية و يتمايل مع الموسيقى بطريقه مميزه فجعلها تبتسم بسعادة و تحلق فوق السحاب الوردي .. بسعادة حقيقه بحب تراه فى عينيه لا يخطئه احد ابدا
(( انا بعترفلك عجباني بعد الكلام ده هقول تانى جابنى الجمال ده و ودانى و الضحكه دى مافيش بعديها و كلام ما بينك و ما بينى عماله تحلوى فى عينى بعنيكى دول علقتينى و النظرة ديا بموت فيها ... قوليلى يلا ايه الجمال ده كله قوليلى يلا ايه الدلال ده كله ده اللى زيك فى الزمان ده قلوا في الزمان ده قلو ))
ليهز كتفيه و هو يمسك اطراف بدلته و هو ينظر اليها بحب و مشاغبة ... و كانت هى تضحك بسعادة و تتمايل معاه بهدوء شديد و مع كلمات الأغنية كان يزداد تمايله و حركاته الراقصة الشبابية و سط تصفيق الجميع و سعادتهم و عد تصديقهم ان هذا هو صهيب الهاشمي الرجل الجاد الصارم فى عمله
و عند بداية المطع الثاني من الغنوة امسك يديها و ادارها حول نفسها عدة مرات ليتموج لون البحر فوق فستانها بدلال ثم ضمها بين ذراعيه ينظر الى عينيها و هو يردد كلمات الأغنية بصوت عالي و سعيد
(( استني خليكي معايا .. ده انا سيبت كل اللى ورايا ما انا فى الجمال شايفك ايه و مفيش كده في الدنيا دي و عليكي و الله طريقه علقتي قلبي انا فى دقيقه انا مش بجاملك دى حقيقه حتى القمر جامبك عادى ... قوليلى يلا ايه الجمال ده كله قوليلى يلا ايه الدلال ده كله ده اللي زيك فى الزمان ده قلوا فى الزمان ده قلوا ))
و ختم كل ذلك و هو يحملها من جديد و يدور بها مره اخرى و هو يقول بصوت عالى جعل الجميع يصفق و تعلوا الزغاريت (( بحباااااااااااااااااااااااااك )) *************************************
فى صباح اليوم التالى لم تستطع بلسم الذهاب الى العمل بالأساس هى قد غفت متأخرة بسبب كل ما حدث بالامس فى حفله الخطبة و عقد القران ... فصهيب بعد انتهاء الحفل اخذها و ذهب بها بمفرده لمكان قد حجزه لهم بمفردهم ... مركب كبيره راسيه على الشاطئ مجهزه بعشاء رومانسي .. هى تتذكر كلماته و همساته و لمساته الرقيقة على و جنتيها و احتضان يديه الى يديها طوال الوقت
اخذت نفس عميق و هى تنظر الى ذلك الخاتم المميز الذى اهداه لها بالأمس بعيدا تماما عن (( شبكتها )) الأساسية و حين سألته عن سبب شرائه له قال
- دى هديه منى ليكي هديه بداية حياه بينا على ذوقي انا بس بعيدا عن الشبكة .... و الخاتم ده زيه زي الدبلة ميتقلعش من ايدك و لا يضيع ممنوع
اغمضت عينيها و هى تبتسم بسعادة كبيره وراحه و تداعب الخاتم بين اصابعها حين علا صوت هاتفها لتمسك به و ظلت تنظر الى اسمه الذى ينير الشاشة ... اخذت نفس عميق مره اخرى و اجابته بصوت هادئ ليقول هو بمشاغبة
- صباح الخير زوجتي المصون ... وحشتيني والله
كانت تشعر بخجل كبير هى بلسم عبد الرحمن الفتاه الجريئة الواثقة من نفسها لا يسكتها احد و لا يستطيع احد احراجها تجد نفسها امامه صامته غير قادره على الرد على كلماته لينادي عليها بعد ان طال صمتها لتقول بخجل به بعض المشاغبة
- صباح الخير يا زوجي و قره عيني
ليضحك بصوت عالى و هو يقول بمرح
- عامله ايه يا بيل . و حشتينى من إمبارح و الله
لم تجيب عليه بشيء ليقول هو بابتسامة مرح
- لا انا مش متعود على كده فين بلسم ام لسانين .. فك كده معايا يا شبح
- شبح ... انت بتكلم واحد صاحبك و لا ايه
قالتها باندهاش يحمل بعض الضيق .. ليضحك هو بصوت عالي و قال
- لا بكلم بلسم روووحى .. على فكره والدتك عزماني انهاردة على الغدا عندكم ... عايز حاجه من الاكل تكون عمايل ايدك و متجيش تقوليلى عملت السلطة ... ماشي .. سلام يا زوجتى الحبيبة
و اغلق الهاتف و على و جهه اجمل ابتسامه ارتسم على محياه منذ زمن طويل و هى كانت تبتسم بسعادة انه متواضع و مرح و محب و هى ... تحبه
*********************************
مر اسبوع اخر كان كل رجال العائلة تجتمع كل يوم تقريبا فى مكتب سفيان ... لم تفهم مهيرة سبب تلك الاجتماعات التي يحضرها زين واسر اون لاين بسبب و جودهم فى منزلهم فمن الصعب ان يسافرا يوميا ذهابا و ايابا و كانت فجر تشعر بالحيرة .. وايضا غدا موعد التجمع العائلي ... و تحديد موعد العرس و لم يتحدث اليها والدها بشيء و لا حتى أواب ... و كانت هذه شكوت جميع نساء العائلة ايضا
خرج الشباب من غرفه المكتب الواحد خلف الاخر ... لتدخل مهيره الى سفيان و على وجهها معالم الضيق ليقترب منها سريعا و هو يحاوطها بذراعيه و يديه تداعب وجنتها
- مالك يا مهرتي .... مين مضايقك كده ؟!
لتبعد يديه عنها ببعض الغضب و قالت
- انت و ابنك .. ممكن افهم ايه الاجتماعات السرية دى ... كمان ايه الهدوء و البرود اللي أنتو فيه ده مش المفروض فرح الولاد خلال اسبوعين و لحد دلوقتى و لا جبنا الفساتين و لا حجزنا القاعة و لا اى حاجه خالص
كان يستمع اليها بابتسامة ناعمه و هادئة ثم اقترب منها من جديد و قال
- مهيرة بتثق فى سفيان و لالا ؟
- اكيد طبعا و هو ده سؤال
اجابته سريعا و دون لحظه تفكير ليبتسم بسعاده كبيره و قال
- طيب و لو سفيان قال لمهيرة متقلقيش .. و كل حاجه هتبقا تمام .. و هتحصل فى معادها ... و زى ما انتِ و البنات بتحلمو و اكتر هتصدقيني و ترتاحي و تهدى
ظلت تنظر اليه بتفحص ثم هزت راسها بنعم ليقبل اعلى راسها ثم قال بهمس جانب اذنها
- على فكره انتِ وحشتيني جدا جدا جدا
- انت اللى بعيد بقالك اسبوع اهو
قالتها بعتاب و لوم ... ليقبل جانب فمها و هو يقول
- معلش اصبرى شويه كمان بس ... و صدقينى هتبقى مبسوطة
هزت راسها بنعم باستسلام فهى حقا تثق به .. و تؤمن به و بأنه قادر على اسعاد الجميع و تحقيق و عوده
****************************
فى اليوم التالي تجمعت العائلة كالعادة اول جمعه من كل شهر .. صحيح بالوقت الذى مضى كانت الظروف لا تسمح بين موت خديجه الكبيرة و حادثه سفيان و ادم و بين ما حدث لملك و الفتاتان ... و حادثه محمد و مشكله ديجه لم يتسطيع الجميع الحضور و لذلك لم يحدث هذا التجمع لشهور ... فلذلك هذا اليوم حقا مميز .. اولا لنه يحدث بعد مده انقطاع .... ثانيا لان كل الابناء الان تقريبا كل منهم وجد نصفه الاخر و الجميع على وشك بداية حياه جديده
كان جميع الشباب يهتمون بأمور الشواء و البنات باقي الاشياء من سلطات و الاطباق الجانبية و بين مناقشات و ابتسامات
و لأول مره يحضر عمر ذلك التجمع و كم سعد به و شعر براحه كبيره و كأنه فرد منهم .. و هم عائلته التي حرم منها ... و ايضا حضرت ندى بعد ان اتصل سفيان بوالدها و طلب منه ان يجعلها تحضر معهم ذلك الاجتماع العائلى .. خاصه وهى بعد وقت قليل جدا ستكون زوجه محمود ... و كان الكبار جميعا يجلسون تحت تلك الشجرة الكبيرة وكان الشباب يتهامسون فيما بينهم حتى لا يصل صوتهم الى الفتيات ...و بعد ان انتهى من تناول الطعام طلب منهم جميعا ان يجلسوا حوله
- طبعا احنى كلنا عارفين ان فرح آدم و جورى ... و فجر و أواب ... كمان عمر و مريم .. و محمود و ندى لكن كمان هيبقى فى كتب كتاب آسر و خديجه ... و محمد و زينه
ليصفق آسر بسعادة و رفع محمد ذراعيه فى الهواء بسعادة لتشعر كل من خديجه و زينه بخجل شديد من تلك التصرفات الصبيانية المحببة من آسر و محمد
ليكمل سفيان كلماته
- ما هو ما ينفعش تفضلوا مخطوبين سنتين ثلاثة
لينظر محمد الى آسر الذى ظهرت على ملامحه علامات الضيق اكملها بتعابير طفوليه جعلت الجميع يضحك بصوت عالي ... نظر سفيان الى مهيره و فرح و مريم و جورى و فجر ليجدهم ينظرون له بضيق ليبتسم و هو يقول
- و قرار رجالى اجمع عليه كل رجال العيله ... الفرح و كل تجهيزاته من اوله لاخره مسؤوليه الرجالة .. مش عايزين البنات تقلق من اى حاجه تمام
ليصفق الشباب بقوه و هم يهللون بإسم سفيان ... امام نظرات الفتيات الزاهله ليبتسم سفيان و باقي الرجال بسعادة و غمز سفيان لمهيره بمشاغبة
تكملة الروايه من هنا هنا
تعليقات
إرسال تعليق