القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية جبر السلسبيل البارت الخامس والسادس بقلم نسمه مالك في موسوعة القصص والروايات جميع الفصول كامله


الفصل الخامس..والسادس 

جبر السلسبيل..

✍️نسمة مالك✍️..


أشرقت شمس نهار يومًا جديد،استيقظ الجميع منذ بكرة الصباح يجمعون أغراضهم إستعدادًا للسفر برفقة "عبد الجبار" إلى مصر، بينما "سلسبيل" لم تأخذ شيء معاها مطلقًا،حتي إنها قامت بخلع ثيابها البيتيه بأكمالها، و ألقتهم بالقمامة ، و ارتدت عباية سوداء كبيرة للغاية على جسدها الصغير و حجاب من نفس اللون أخذتهم من "خضرا" ، لا تريد أخذ شيء من هذا المنزل يذكرها بما عانته، و قد حسمت قرارها فور خروجها منه لن تعود إليه مرة أخرى، بل لن تعود إلى البلد ثانيةً..


كان قلبها يرفرف بفرحة غامرة بين ضلوعها، كالطير الحبيس لسنوات داخل غرفة مظلمة ، و أخيرًا رأي شعاع نور الحرية عندما صعدت برفقتهم سيارة "عبد الجبار" المجهزة لسفر المسافات الطويلة ،لسوء حظها جلست بجوارها "بخيتة" بينما جلست "خضرا" خلفهما بجانب أبنتيها، و جلس "عبد الجبار" كعادته بجانب السائق، يتابعهم عبر المرآة بأعين كعيون الصقر..


لم تبالي "سلسبيل" لنظرات "بخيتة" الحارقة و كلماتها السامة التي تلقيها على أذنها من حين لآخر،حتي وصل بها الأمر أن تلكمها بعنف بكوعها مرات متتالية ببطنها من شدة غيظها منها، و لكن بنفس الوقت كانت سعيدة بقدومها معاهم، و بداخلها تنوي أن تزوجها لابنها رغمًا عن أنف "خضرا" ..


كانت "سلسبيل" مستندة برأسها على نافذة السيارة التي تحركت بهم للتو، نظرت للطريق بشرود تتذكر عندما أخذها والدها من عائلة والدتها بعد وفاتها و هي لم تتم عامها السابع بعد، و أتى بها إلى زوجته التي أذاقتها معه كل أنواع العذاب، و كانت وراء زيجتها السيئة و هي طفلة بعمر الرابعة عشر..


وبالرغم لكل ما حدث لها على يد والدها، إلا أنها تريد أن تودعه قبل أن تغارد البلد، أطلقت زفرة نزقة من صدرها، و نظرت تجاه "عبد الجبار" و تنحنحت بحرج و هي تقول..

"لو سمحت يا أبو فاطمة!!"..


زمجرت "بخيتة" بشراسة، و لكمتها بكوعها بقوة مرددة..

"كك خابط اسمه سيدك عبد الچبار"..


"وبعدهالك عاد يا أمه.. مش أكده أمال".. قالها "عبد الجبار" و هو ينظر لهما من فوق كتفه، و تابع موجهه حديثه ل"سلسبيل " التي ترقرقت بعينيها العبرات..

" كملي حديتك"..


ابتلعت لعابها بصعوبة، و قد ظهر الخوف على ملامحها الحزينة، و همست بصوت مرتجف..

"عايزة أسلم على أبوي قبل ما نطلع من البلد"..


" أصيلة يا خيتي".. نطقت بها "خضرا" و هي تمد يدها و تربت على كتفها بحنو، لتشهق" بخيتة" بقوة و ترمقها بنظرة  حادة مدمدمة..

" اممم أصيلة.. دي كهينة و مية من تحت تبن يا عبد الچبار أسألني أني"..


ساد الصمت لدقائق قطعه عبد الجبار بصوته الصارم قائلاً..

" قناوي بيكون فى غيطه دلوجيت مش أكده؟"..


حركت "سلسبيل" رأسها له بالايجاب سريعًا رغم أنه لم يكن ينظر لها، لمحها في المرآة و قد رسمت ابتسامة باهته على محياها المرتعدة، و عينيها تنظر له بامتنان و انبهار بشخصيته القوية..

"فوت على أرض قناوي فى طرقنا يا حسان"..


" حسان" بطاعة.. " أمرك يا كَبير ".. 


مرت دقائق قليلة و توقفت السيارة على جانب الطريق الخارجي المؤدي للأراضي الزراعية..

"سلمي عليه و ترچعي طوالي.. متعوجيش"..

قالها "عبد الجبار" دون أن ينظر لها..


"حاضر.. أنا مش هتأخر والله.. بس متسبونيش و تمشوا ونبي".. أردفت بها "سلسبيل" بصوت تحشرج بالبكاء، و هي تتنقل بنظرها بين "خضرا" و زوجها..


"خضرا" بابتسامة حنونة.. "اطمني يا بتي هترچعي تلاقينا مستنيك أهنة"..


فتحت" سلسبيل" الباب بيد مرتعشة، و خرجت من السيارة على مضض، و هي تستجديهم بنظرتها المذعورة أن لا يتركوها.. نظرتها هذه جعلت" عبد الجبار" ينفخ بضيق، و تحدث بنفاذ صبر قائلاً.. 

" روح معاها يا حسان و عاود بيها، و أوعاك قناوي يمسها بسوء.. هو خابر زين أنها في حمايتي"


انصاع" حسان" لحديثه على الفور، و غادر السيارة، و سار برقفة "سلسبيل" التي تخطو بخطي غير ثابتة بسبب أرتجاف بدنها الملحوظ أثر خوفها..


ساروا مسافة ليست بقليلة حتي رأت والدها ممسك بالفأس و منشغل بعمله في الزراعة..أخذت نفس عميق تملئ رئتيها بالهواء بعدما شعرت بأنفاسها تتلاشي، و نبضات قلبها تتباطئ..

"أبوي".. قالتها و هي تقترب منه بحذر، و تفرك يديها ببعضهما بتوتر..


توقف "قناوي" عما يفعله عندما وصل صوتها لأذنه، استدار ينظر تجاه مصدر الصوت بوجهه مكفر اشتعل بالغضب فور رؤيتها برفقة الغفير الخاص ب "عبد الجبار" ، و قد ظن أنها أخطأت بحقهم فأرسالها له مرة أخرى..


" هببتي أيه تاني يا بت المركوب".. نطق بها  و هو يهجم عليها دون سابق إنظار، و أمسكها من حجابها و بدأ يكيل لها الصفعات مرددًا..

"غلطتي في الحاچة المرادي و لا في البيه الكبير نفسه.. انطقي لأدفنك مكانك"..


هرول تجاهه "حسان" و حاول دفعه عنها و هو يقول بذهول..

"وه وه وه أيه اللي بتهاببه ده يا راچل يا مخبول أنت.. بعد عنِها دي في حماية عبد الچبار بيه"..


كان "قناوي" قابض على شعرها من فوق الحجاب بقبضة من حديد جعلت" حسان" يفشل في أبعاده عنها، و يده الأخري تهبط على وجنتيها الناعمة بصفعات أدمت شفتيها و أنفها، و مع كل هذا كانت "سلسبيل" لا تبكي، و لا حتي تُدافع عن نفسها، تركته يصب جم غضبه عليها كعادته،


ركض "حسان" عائدًا تجاه سيارة رب عمله، و هو يصرخ بصوت جوهري..

"ألحق يا عبد الچبار بيه.. قناوي هيموت بته في يده"...


"يا مُري.. الحقها يا أخوي من يد الراچل المفتري ده

 أحب على يدك".. صرخت بها "خضرا" و هي تضرب على صدرها حين وصل سمعها صرخات "حسان" المستغيثة من بعيد..


صك "عبد الجبار" على أسنانه بقوة كاد أن يهشمه، و غادر السيارة بثبات و هدوء رغم الضجيج الثائر بداخله، رفع عبائته على كتفه و سار بخطوات واسعة، و ملامح غاضبة لا تبشر بالخير أبدًا..

"بعد يدك عنِها!!!"..

قالها بصوت جوهري قبل أن يصل لهما، و لكن لم ينتبه له "قناوي" بعد، مما دفع هذا الغاضب لمد يده داخل جيب جلبابه، و أشهر سلاحه المُرخص، و أطلق عيار بالهواء يصم الأذان..


انتفض "قناوي" قفزًا بمكانه حين رأي "عبد الجبار" يقترب عليه مهرولاً، كان القلق واضحًا عليه لمرآي تعابير وجهه الغضوب، و تحول القلق إلى خوف حين وجده يستعد للهجوم عليه فدفع ابنته من يده بعنف أسقطها على الأرض الغارقة بمياه الري.. 


هنا صرخت "سلسبيل" عندما انحصرت العباية و كشفت عن ساقيها أمام أعين "عبد الجبار" الذي لجمته الصدمة و تقطعت نياط قلبه حين لمح أثار حروق متناثرة بطول قدميها منهم القديم، و منهم الحديث، و أيضًا أصبح مذهولاً لعدم أرتدائها شيئًا أسفل ملابسها، لكنه انتبه حين أسرعت هي بستر نفسها أن هذه العباية تكن لزوجته، و أدرك حينها بعقله الواعي أنها بالتأكيد تركت جميع ثيابها عن قصد..

حينها قام بخلع عباءته من حول كتفيه، و ألقاها عليها بغمضة عين كساها بها،


"يا مُرحب يا كبير"..

قالها "قناوي" و هو يبتعد عنه للخلف بخوف ظاهر على ملامحه القاسية مكملاً..

"خير يا كبير عملت أيه تاني بت الفرطوس!!"..


قطع حديثه حين قبض "عبد الجبار" على عنقه بعنف، و تحدث بغضب عارم قائلاً..

"أنت صنفك اييييه يا ابن ال *** علشان تعمل في بتك اللي من لحمك ودمك أكده!!!!! "..

أنتهي جملته و سدد له ضربه عنيفه بجبهته جعلت "قناوي" يصرخ متألمًا..


"أبوي"..صرخت بها" سلسبيل " وهي تنهض من مكانها بصعوبة، و هرولت تجاه "عبد الجبار" تمسكت بذراعه بكلتا يدها تحاول ابعاده عن "قناوي" و هي تقول بتوسل..

" خلاص يا سي عبد الجبار سيبه الله يخليك"..


لم تتزحزح يد "عبد الجبار" عنه، و ظل قابض على عنقه، و من ثم مال على وجهه و نظر بعينيه و هو يقول بصوت أجش..

"بتك چاية لحد عندِك تسلم عليك قبل ما تسافر بعد كل عمايلك المقندلة فيها.. تقوم تُضربها تاني حتي بعد ما قولتلك أنها بقت في حمايتي!!!! "..

فور إنتهاء حديثه سدد له ضربة أقوى جعلت أنفه تنفجر منها الدماء..


"أبوس أيدك سيبه يا عبد الجبار".. همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة، و هي تقف على أطراف أصابعها وتمسك كف يده الضخمة بيدها الصغيرة، و تبعد أصابعه عن عنق والدها حتي خلصته من بين قبضته الفولاذية..


"يله مشي قدامي من أهنة قبل ما أرتكب چناية انهاردة" 

..قالها "عبد الجبار" و هو يلقي عباءته على كتفه مرة تانية بعدما سقطت من "سلسبيل" فلتقطها "حسان"، اعطها له..


أنصاعت "سلسبيل" لحديثه على الفور و سارت أمامه بخطوات متعبه، و عينيها تطلع لوالدها بنظرات وداع، فهي على يقين أنها لن تعود له ثانيةً مهما حدث..

"مع السلامة يا أبوي"..قالتها بغصة يملؤها الآسي، و كم تمنت أن تستمع منه و لو كلمة واحده يطيب خاطرها بها إلا أنه خيب ظنها به كالعادة حين قال بنبرة محذرة..

"إياكِ يوصلني شكوة واحدة منِك.. يوصلني خبرك و لا يقولولي كلمة بتك قليلة الرباية دي مرة تانية يا سلسبيل.. فاهمة يا واكلة ناسك"..


" أتمنى يا أبوي.. أتمنى يجيلك خبري ساعتها أنا اللي هرتاح".. غمغمت بها و هي تسير بجوار "عبد الجبار" الذي أطبق عينيه بقوة بعد جملتها هذه الذي اعتصرت قلبه..


" جبر يلم العفش".. قالها" عبد الجبار " و هو يلقي نظرة أشمئزاز أخيره على" قناوي"..


بينما" سلسبيل" شهقت بصوت خافت حين شعرت بيد"عبد الجبار" تضع حولها عباءته، و يتحدث بصوته الصلب بنبرة أمره..

" متقلعهاش واصل"..


أمسكت طرفيها تضمهم عليها بيدها بصمت، فعباءتها كانت ملطخة بالوحل و المياه التي جعلتها  لاصقة بجسدها..ظلت خافضة رأسها لم تستطيع النظر له من شدة خجلها، 

حتى وصلوا للسيارة مرة أخرى و همت هي بالصعود لكنه اقافها حين قال..

"فاطمة هاتي خيتك و اقعدي چار چدتك"..


عملت من جملته هذه انه كان يري ما تفعله والدته بها منذ صعودهم السيارة،ضيقت "بخيتة" عينيها و رمقته بنظره مغتاظة، بينما تراقص قلب "سلسبيل" بفرحة غامرة من أهتمامه هذا الجديد عليها كليًا، و الأكثر من عبق رائحته التي تملئ عباءته، حواطتها و داعبت حواسها..


"تعالي يا خيتي جلبي عليكي ".. قالتها" خضرا" و هي تفتح ذراعيها لها، ارتمت "سلسبيل" داخل حضنها عالقة عينيها بتعب، فهي و النوم على وفاق حينما يأتي توقيت الهرب، لأول مره منذ سنوات طويلة تغرق بنومٍ أمن بعدما انطلقت بهم السيارة أخيرًا مغادرة البلد.. 


مرت ساعات ظلت" سلسبيل " نائمة خلالهم تصارع كوابيسها الدائمة التي جعلتها تصرخ بفزع فجأة أكثر من مرة ، حتي شعرت بيد حنونه تربت على وجنتيها الظاهر عليهما أثار صفعات والدها..

"أصحى يا حبيبتي"..


رمشت بأهدابها أكثر من مرة، و نظرت حولها لم تجد سوي "خضرا"، و السيارة فارغة، ببنما" عبد الجبار" يقف خارج السيارة ينتظر خروجهما..

"إحنا وصلنا مصر يا أبلة خضرا!!!"..


ابتسمت لها "خصرا" مغمغمة.. "أيوه الحمد على السلامة.. نورتي مصر يا ست البنته"..


" الله يسلمك يارب".. نطقت بها "سلسبيل" بسعادة بالغة و هي تستند عليها و تغادر السيارة بخطي مترنجحة قليلاً أثر انفعالتها المتضاربة..


"ما تهمي يا حُرمة منك ليها علشان تچهزولنا الوكل"..

كان هذا صوت" بخيتة" الغاضب الواقفة بالشرفة التي تطل على حديقة المنزل الواسعة..


"همليهم يرتاحوا لول، و الوكل چاي في الطريق يا أمة..متشليش هم واصل"..

قالها "عبد الجبار" و هو يتجه لسيارة أخري كانت مغطاه بحديقة المنزل، و يقوم برفع الغطاء من عليها، و استقل مقعد السائق مكملاً..

" هوصل للشركة اطمن على الشغل"..


"متتأخرش علينا يا أخوي..هنستناك على الوكل"..

أردفت بها" خضرا "بنبرة راجية، و هي تتنقل بنظرها بينه و بين والدته التي ترمقهم بنظرات ثاقبة..


"متقلقيش هعاود طوالي".. قالها وهو يتحرك بالسيارة لخارج المنزل..


هنا ابتسمت "بخيتة" ابتسامة خبيثة، و تحدثت بأمر قائلة..

" خضرا شهلي و نضفي البيت الا التراب ياما.. حركي جتتك اللي شايلة لحم دي"..


صمتت لوهلة و تابعت بجحود قائلة..

"عارفة تتخني و تشيلي لحم زي البهيمة اللي بنعلفوها للضحية، و منتيش عارفة تشيلي حته عيل يشيل أسم ولدي"..


جملة أصابت "خضرا" بمقتل، جعلتها تسمرت محلها تحملق فيها بأعين تحجرت بها العبرات، و قد شعرت أن الدنيا تدور من حولها، و سقطت فجأة مرتطمة بالأرض الصلبة مغشيًا عليها ..


" أبلة خضراااااا"..


انتهي الفصل..

يهمني رأيكم يا حبايبي..

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..


أطلقت "سلسبيل" شهقة قوية و كادت أن ترتطم بالوجهة الأمامية للسيارة عندما فرمل "عبد الجبار" فجأة لولا أنه أمسك ذراعها بأحكام على أخر لحظة..


لم تكد تلتقط أنفاسها من أثر المفاجأة المفزعة، لتسمع صوته من جانبها ينطلق بلهجة خفيضة لا تخفي غضبه المشحون أبدًا..

"قولتلك ألبسي الحزام الطريق اهنة واعر"..


"معرفتش أقفله والله.. أنا أسفة"..همست بها بصوت مرتجف و هي تحاول غلق حزام الأمان بتوتر، و جسد ينتفض بوضوح..


نفخ"عبد الجبار" بضيق و أوقف سيارته بمكانٍ جانبي قليلًا على الطريق السريع خالٍ من الناس، و استدار نحوها أمسك هو الحزام يضعه حولها بنفسه فأصبح محاصرها بجزعه الضخم بين ذراعيه،


رغم حرصه الشديد حتي لا يلمسها إلا أن قربه منها إلى هذا الحد جعل أنفاسها علقت بصدرها، تطلع له بأعين هائمة، و كالمغيبة رفعت يدها و لمست بأصابعها ذقنه الكثيفه، هنا رفع وجهه لها بصدمة و تقابلت عينيهما حينها تزلزل كيانها كله دفعه واحده،


بينما هو يرمقها بنظرة جامدة و ملامح منذهلة من فعلتها الجريئة بالنسبة له، و هم بالابتعاد عنها لكنها أسرعت و أمسكت ياقة جلبابه، جذبته عليها أكثر حتي اختلطت أنفاسهما، و نظرت بعمق داخل عينيه و هي تقول بغصة مريرة يملؤها الأسى..

"أبلة خضرا بس اللي منعاني عنك"..


بكت بنحيب و تابعت بتقطع من بين شهقاتها..

"حاولت أدور على غلطة واحدة امسكها عليها تكون مبرر ليا أريح بيه ضميري لو ختك منها.. بس ملقتش.. معاملتها الطيبة معايا و حبها الصادق لكل اللي حواليها خلاني أدوس على قلبي اللي حبك و هبعد عنكم.. و بالذات عنك أنت يا عبد الجبار"..


أقتباس من حلقات جاية..

اتمني تفاعل قووووووي جددداااااا علشان أنزل الحلقة الجديدة يا حبايبي..

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..



الفصل السادس..

جبر السلسبيل..

✍️نسمة مالك✍️..


تطاير الغبار عقب انطلاق سيارة "عبد الجبار" عاكسًا غضبه عليها، بعدما هاتفته ابنته الكبري لتخبره ببكاء أن والدتها فقدت وعيها و لم يستطيع أحد أفاقتها، كان قد وصل للتو لمقر شركته، و قبل أن يخطو لمكتبه الزجاجي الفخم، أتاه هذا الإتصال الذي أسقط قلبه أرضًا فهرول عائدًا لسيارته و قاد بها بأقصى سرعة..


نجا من حادث سير بأعجوبة بعدما تمكن من السيطرة على المقود، و أخيرًا صف السيارة أمام باب منزله و قفز منها حين لمح  "سلسبيل" جاثية على ركبتيها بجوار "خضرا" الملقاه أرضًا تحاول أفاقتها..


"خضراااا"

قالها و هو يقطع المسافة الفاصلة بينهما راكضًا، و مال على زوجته يتفحصها بلهفة مرددًا بفزع..

"أيه اللي حُصل!!! "..

زمجر بشراسة مكملاً و هو يتنقل بنطره بين "سلسبيل" و "بخيتة" التي هبطت الدرج، و تقترب عليهم مستندة على عصاها الخشبية،

"مالها مَرتي يا أمه"..


"مخبراش يا ولدي.. هي وقعت لحالها أكده"..

نطقت بها "بخيتة" ببراءه مصطنعة، و من ثم تابعت بشهقة و هي تراه يستعد لحملها..

"يا مُري أنت هتلفحها كيف بچيتتها المفشولة دي.. تقطم ضهرك يا ولدي"..


"و بعدهلك عاد يا أمه".. قالها بغضب، و هو يضع يد حول خصر زوجته، و يده الأخرى أسفل ركبتيها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة، كأنها لم تزن شيئًا أمام نظرات "سلسبيل" المنذهلة،


فتحت فمها ببلاهة عندما رأته يستقيم بها واقفًا، و سار بخطوات ثابتة لداخل المنزل، لم يضعها على أقرب اريكة كما ظنوا، بل اتجه لغرفتهما الخاصة بالطابق الثاني،


"عيني عليك يا ولدي و على حمولتك التقيلة"..

أردفت بها "بخيتة" و هي تصعد خلفهما، و خلفها"سلسبيل" التي تعض على شفتيها بغيظ منها مرددة بصوت خفيض..

"حرام عليكي يا وليه بقي.. بطلي كلامك اللي زي السم دا يا شيخة"..


"شخشخت ركبك يا عفشه يا بت المركوب"..

قالتها و هي تلتفت لها، و ترفع عكازها تنوي ضربها به كعادتها إلا أن" سلسبيل" فرت راكضة حتي تخطتها و احتمت ب "عبد الجبار" صارخة..

"حوشها عني ونبي يا سي عبد الجبار"..


"كفياكِ يا ااااااامه".. قالها و هو يضع زوجته على الفراش بتمهلٍ، و جلس بجوارها محتضن وجهها بين كفيه، يربت على وجنتيها برفق مغمغمًا..

"خضرا.. فوقي يا غالية.. أني سيبك زينة.. أيه اللي چرالك"..


كانت "سلسبيل " تطلع لهما بابتسامة حالمة، معاملته لزوجته راقتها كثيرًا، أطبقت جفنيها بعنف حين داهمتها إحدي ذكراها البشعة برفقة زوجها القاسي الذي كان إذا رآها مُتعبة زاد تعبها و ألامها بقسوته، و يده التي لم تري منها سوي الصفعات..


" أمه مالها يا بوي!! ".. كان هذا صوت" فاطمة" ابنته التي تحتضن شقيقتها الصغري، و يبكيان بنحيب، فقتربت منهما "سلسبيل" و ضمتهما لها، و بدأت تبكي هي الأخرى..


أنتصب "عبد الجبار" واقفًا و أسرع نحو طاولة الزينة أخذ زجاجة عطر من عليها نثر منها على باطن يده بغزارة و عاد مرة أخرى بجوار زوجته و هو يقول.. 

"متبكيش يا فاطمة ..بطلي بُكي يا حياة..خدي خيتك يا فاطمة و روحوا على أوضتكم، و أمكم هتفوق و هتبقي زينة دلوجيت ".. 

انصاعت الفتاة لحديث والدها في الحال، و ظلت "سلسبيل" واقفة مكانها تتابع هذا الرجل الذي لم تري في حياتها مثل رجولته من قبل..


"عبد الچبار".. همست بها "خضرا" و هي تجاهد لفتح عينيها..

" أني أهنه يا غالية.. فوقي متخلعيش جلبي عليكي"..

قالها و هو يميل على جبهتها، و يلثمها بقبلة مطولة مكملاً..

"فتحي عيونك يا خضرا خلي الروح ترد فيا عاد"..


انبلجت ابتسامة على ملامح" سلسبيل " الباكية، رغم شعور الحسرة الذي ينهش قلبها على حالها، و ما مرت و ما زالت تمر به.. 


بينما "خضرا" استعادة وعيها بعدما شعرت بلهفة ، و لمسات زوجها الحانية، و عبقه الذي يغمرها، و ذراعيه التي تحاوطها بحماية..


"عبد الچبار ".. قالتها هذه المرة بتقطع من بين شهقاتها بعدما انفجرت باكية ببكاء مرير و هي تتذكر كلمات "بخيتة" التي جرحت قلبها بسكينٍ بارد..


لم يفكر "عبد الجبار" مرتين و هو يخطفها داخل صدره بعناق محموم أمام الجميع، خاصةً "بخيتة" التي جحظت عينيها، و لوة فمها للجانبين أكثر من مرة مرددة بغضب..

"اتحشم في وچودي يا ولد"..


"وه.. اتحشم ليه يا أمه.. أني في أوضة نومي، و دي مَراتي!!!!"..

أردف بها ببرود، و هو يربت على ظهر زوجته صعودًا و هبوطًا،


رمقته "بخيتة" بنظرة حارقة، و غادرت الغرفة بأكملها و هي تسب و تلعن بسرها،


شعرت "سلسبيل" بالحرج، فتنحنحت و هي تسير بخطي مسرعة نحو باب الغرفة أمسكته تسحبه خلفها و هي تقول..

"احححم.. سلامتك يا أبلة خضرا"..


"تسلمي من كل رضي يا خيتي"..

قالتها" خضرا " و هي تبتعد بخجل عن أحضان زوجها الذي أبي تركها، بل أنه جذابها عليه، و رفعها قليلاً أجلسها على قدميه، و قام بلف ذراعيها حول عنقه مستندًا بجبهته على جبهتها و هو يقول..

"قوليلي مين زعل ست الناس"..


قبل أرنبة أنفها، و وجنتيها قبلات متفرقة جعلت أنفاسها تتلاحق، و تابع مستفسرًا..

"أنتي متغميش أكده إلا لو حاچة واعرة زعلتك"..


كان هذا المشهد الحميمي تراه "سلسبيل" التي لم تغلق باب الغرفة بالكامل، تيبست محلها كمن فقدت الحركة تتابعهما بدهشة و عدم تصديق لما تراه، و كأنها أمام إحدي أجمل، و أروع الأفلام الرومانسية على الإطلاق..


"هزعل كيف و أنا مَراتك يا عبد الچبار.. يكفيني شوفتك يا أخوي اللي بتشفي جلبي حتي لو فيه ميت شق"..

همست بها "خضرا" و هي تطلع لعينيه بنظرة يملؤها الحب، و العبرات معًا،


أهداها "عبد الجبار" ابتسامته النادرة قبل أن يميل عليها بوجهه ويلتقط شفتيها بين شفتيه بقبلة شغوفه و هو يميل بها على الفراش ليعالج جروحات قلبها بطريقته الخاصة..


كتمت" سلسبيل " شهقة قوية، و أغلقت الباب بمنتهي الحرص و فرت راكضة من أمام الغرفة، دلفت لداخل حمام كان بابه مفتوح، اغلقته خلفها مستنده عليه بظهرها، و وضعت يدها على قلبها لعلها تهدأ من عنف دقاته محدثة نفسها بذهول..

"معقول دا يبقي أخوك يا عبد الرحيم!!!!"..


............................................... لا حول ولا قوة الا بالله 💐...


بعد حوالي ساعتين.. جلس الجميع حول مائدة الطعام بأمر من الذي يرأسها "عبد الجبار" بعدما كانت "بخيتة" تعترض على جلوس "سلسبيل" معاهم، كانت ملامحه عابسة بشدة، نظره مصوب تجاه والدته التي تأكل بشراهه غير مبالية لنظراته..


انتظر حتي فرغت من طعامها، و همت بالقيام، إلا أنه أجلسها ثانيةً حين قال بصوت أجش..

" أمه.. يفرقلك زعلي يا أمه؟ "..


تطلعت له "بخيتة" بلهفة و هي تقول..

"و لا زعل حد واصل يفرقلي غيرك يا ولدي"..


"يبقي متزعليش مَراتي"..قالها بنبرة راجية، و صمت لبرهةٍ و تابع بهدوء..

"اللي يزعل خضرا.. كأنه زعلني تمام ،و أنتي خابرة زين أن زعلي واعر قوي يا أمه"..


كانت" سلسبيل " تتابع حديثهم بقلب يتمزق، دون إرادتها تقارن أفعال زوجها الحمقاء معاها، كان لا يشغله زعلها و قهرة قلبها من أفعال والدته، بل كان يشجعها على اهانتها، و يضربُها سويًا،لم يدافع عنها و لو لمرة واحدة طيلة فترة زواجهما،


" حاضر يا ولدي.. اللي رايده هو اللي هيُحصل"..

نطقت بها "بخيتة" من أسفل أسنانها، و هي ترمق "خضرا" بنظرات كالسهام القاتلة..


تنهد "عبد الجبار" براحة مغمغمًا..

"و سلسبيل يا أمه؟! "..

هنا تهللت أسارير تلك الحزينة بفرحة غامرة، و رفعت رأسها تنظر له بابتسامة ممتنة، لكنها تلاشت سريعًا حين ثارت"بخيتة" بصوت غاضب قائلة..

" ملكش صالح بهبابة.. لما تبجي مَراتك تبجي تتحدد، و تدافع عنِها..غير أكده ملكش صالح بيناتنا"..


هب "عبد الجبار " واقفًا، و تحدث بنفاذ صبر قبل أن يسير من أمامهم..

"أني مشاغلي ياما يعني معوزش وچع دماغ، و لا فاضي لحديت الحريم الماسخ ده يا أمه"..


"خليك بمشاغلك يا ولدي.. و متشيلش هم من چهتنا واصل"..

أردفت بها" بخيتة " بابتسامة مصطنعة، و هي تتنقل بنظرها بين "خضرا، سلسبيل".. كانت نظرتها الخبيثة كفيلة بسحب الدماء من عروقهما..


...........................................صلِ على الحبيب 💐.....


مر أسبوع على وجود "سلسبيل" بمنزل "عبد الجبار" شعرت خلاله بالأمان الذي غاب عنها له سنوات، عرفت معني الراحة و السكينة التي حُرمت منها، أصبحت مقبلة على الحياة بعدما كانت تبغضها، و تتمني الموت لعله يكون رحيم بها عن ما تعيشه من عذاب على يد والدها، و حماتها شديدة الطباع،


كانت "بخيتة " هادئة تلك الفترة حتي لا تغضب ابنها منها بعد ما فعلته بزوجته، هدوءها هذا تحفظه "سلسبيل" عن ظهر قلب، تعلم جيدًا أنها الآن كالنيران أسفل الرماد، و لن يدوم صمتها هذا طويلاً، و ستعود كما كانت و أكثر،


لم يشغلها ما تنوي عليه "بخيتة" معاها، كل ما يشغلها حاليًا هذا العملاق، صاحب الملامح الغاضبة دومًا، صوته الأجش، هيبته التي ترتجف منها الأبدان، عينيه الثاقبه، نبرته الحادة، و مع كل هذا يمتلك قلب طفل حنون يغمر زوجته حُب صادق لم تري مثله بحياتها من قبل،


كل ثانية تلمح طيفه بها يزداد عشقه بقلبها المُتيم به أضعاف مضاعفة فوق عمرها، تلجم نفسها بصعوبة بالغة عنه، عينيها التي ترمقه بنظرات هائمة بين حين وآخر، و هو حتي لم يرمقها بنطرة خاطفة،يتجاهلها عن قصد، و إن أراد أن يصل لها أي شيء يكون عن طريق زوجته "خضرا"..


"قومي قامت قيامتك".. هكذا أستيقظت "سلسبيل" على صوت "بخيتة" التي تنغزها بعكازها بعدما سحبت من عليها الغطاء و ألقته أرضًا، و تابعت بأمر..

"قومي نضفي الدوار، و چهزي الوكل قبل ما سيد الدار يقوم"..


تأوهت "سلسبيل" بألم و هي تنظر تجاه النافذة فوجدت الليل مازال يخيم، و لم تشرق الشمس بعد..

"بتصحيني و الشمس لسه مطلعتش حتي!!!! "..


لكمتها "بخيتة" لكمة قوية مدمدمة..

"ليكي سبوع واكله.. شاربة.. نايمة.. أيه نسيتي أصلك ولا فاكرها وكل و مرعي وقلة صانعة.. قومي همي وراكِ شغل ياما"..


تحاملت "سلسبيل" على نفسها، و غادرت الفراش بتكاسل، لتدفعها "بخيتة" خارج الغرفة بعكازها، شهقت" سلسبيل " حين وقعت عينيها على المنزل الذي انقلب أثاثه رأسًا على عقب، و المياة تغرق السجاد الموضوع فوق بعضه..


قامت" بخيتة " بمسك زجاجة من سائل التنظيف، و سكبتها فوق السجاد، و القت لها فرشاة و تمتمت بجحود..

"همي اشتغلي بالقمتك"..


انتهي الفصل..اعملوا متابعه من هنا هنا 

البارت 7_8من هنا 






 

تعليقات

التنقل السريع