الجزء التاسع والأخير.
حدقت به بصدمة: إيه؟
كان يبكى بحرقة: ماتت امبارح وهى داخلة العملية
م..ماتت وسابنتي لوحدي.
تجمعت الدموع فى عينيها و نظرت له بشفقة وعطف
ف فى الفترة القصيرة التى عرفته بها أحست أنه يحب أمه كثيرا و متعلق بها.
مسح دموعه و نظر لها: ده ذنبك يا ياسمين ذنبك
أنا عملت كل ده علشان خاطر أمى وفى الآخر ربنا علمني درس كبير أوى وخدها مني علشان الفلوس الحرام
عمرها ما تنفع أبدا.
عقدت حاجبيها بإستغراب: عملت ده علشان خاطر مامتك؟
إزاي؟
زفر بقوة وقال بصوت متعب: كانت تعبانة أوى
عندها القلب وأنا مش لاقي شغل ومش معايا فلوس
والدة طارق جت لى تقولي أنها هتتكفل بمصاريف العملية بتاعها مقابل أنى أقابلك واخبط فيكِ علشان حد يصورنا
أنا فى الأول رفضت بس بعدها أمى تعبت أوى و مكنش معايا فلوس خالص حتى حاولت أدور على شغل
و ملقيتش و فى الآخر ضعفت و وافقت على خطتها
بس دايما كان ضميري بيأنبني و الإحساس بالذنب
ملازمني وطول الوقت عايز أعترف لك بذنبي
صدقيني والله مكنتش أعرف أنها هتعمل فيكِ أكتر
من كدة ولما تعبتي فعلا خدتك البيت لأنك تعبانة
أنا مش بكدب هنا و واجهتها لما عرفت وكنت جاي
أقولك على الحقيقة لأنى مبقتش مستحمل عذاب
الضمير و سبحان الله جبت الفلوس وأمى دخلت العملية
و ماتت فيها.
رفع عينيه لها بحسرة: عارفة يا ياسمين أنا عملت كل
حاجة إلا أهم حاجة خالص، عارفة هى أيه؟
قالت ببحة: ايه؟
رفع بصره إلى السماء: أنى نسيت أقول يارب
لجأت لكل حاجة إلا هو مع أنه هو الأساس و قادر
ينجيني ويرزقني و يشفي أمى
بس شيطاني غلبني، كان لازم أروح له هو كان هيساعدني
مش الخطط الشريرة ولا الفلوس الحرام.
عاد ببصره إليها مرة أخرى: بس ساعتها مكنتش قادر أفكر كنت خايف أوى لتروح مني زي ما هما راحوا.
سألته بهدوء وفضول: هما مين؟
تجمعت الدموع مجددا فى عينيه لكنه لم يبك: أبويا
و أخويا، أبويا كان رجل غلبان على قد حاله يشتغل يوم اه
ويوم لا على حسب الشغل لما تعب كنت أنا صغير لسة فى المدرسة و أخويا أصغر مني أمى حاولت تطلع تشتغل
علشان توفر له فلوس علاجه بس للأسف مكنش فى حاجة
بتقضي لحد ما أبويا مات، امى خرجت تشتغل فى البيوت
علشان تصرف علينا وبعدها بفترة أخويا الصغير تعب
و حرارته كانت عالية ومقدرناش نلحقه لأنه جات له
حمي شديدة و متبقاش ليا غير امى اللى اتكسرت بس
مسكت نفسها و قاومت علشانى شوفنا أيام ما يعلم
بيها إلا ربنا وبفضل الله بعديها لقت شغل عند مديحة
هانم أم طارق وفضلت تشتغل عندها لحد ما كبرت
وتعبت وقعدت من الشغل و أنا كمان كل أما اشتغل
تحصل حاجة وامشي منه مع أنى متعلم الحمدلله.
حدق بها بتوسل و استعطاف: وده اللي خلاني أضعف واقبل مكنش فاضلي غيرها بس غلطت فى حق ربنا
وحقك و حق نفسي بالله عليكِ يا ياسمين سامحيني
علشان أقدر أسامح نفسى فى يوم و أدعى لى ربنا
يسامحني ويغفر لى ذلتي و غلطي.
نظر لها لمرة أخيرة قبل أن يستدير ويغادر ويتركها
تقف مكانها دموعها تنهمر بصمت .
صعدت إلى غرفتها وهى تبكى على نفسها وعليه فى آن واحد.
مكثت فى غرفتها طوال اليوم تستعيد ذاتها، تفكر هل تسامحه أم لا، لا تنكر أن ما فعله معاها ليس سهلا ولكن فى المقابل فعل أشياء جيدة وكان يريد الإعتراف لها كما أنه تألم بما فيه الكفاية.
تحدثت معها هدير: طب وأنتِ هتعملي إيه؟ هتسامحيه؟
تنهدت بتعب و أغمضت عينيها: مش عارفة يا هدير.
قالت هدير بعطف: والله أنتوا الاتنين صعبانين عليا
يا ياسمين وهو واضح أنه طيب و كان جاي يعترف لك
أصلا.
ياسمين بألم: صدقيني عايزة اسامحه يا هدير بس مش عارفة قلبى واجعني منه أوى، زعلانة منه وزعلانة
عليه.
هدير بعقلانية: يا حبيبتى ادي نفسك فترة ترتاحي
وفكري براحة كدة وساعتها هتعرفي الصح واللي
ترتاحي بيه اعمليه .
ابتسمت ياسمين لها إبتسامة صغيرة: حاضر يا حبيبتى.
مرت فترة كانت صعبة عليها ولكنها بدأت
تتخطاها بفضل الله ثم هدير التى وقفت بجانبها فى
كل خطوة ولكن كان معاذ كان هو من يشغل بالها
أغلب الوقت، أين هو؟ كيف أصبح؟ هل هو بخير؟
فى يوم كانت تشعر بالملل ف ارتدت ملابسها وخرجت
للكافيه القريب منها والذى رأت فيه معاذ لأول مرة.
كانت جالسة تنتظر طلبها وتفكر به وبذكرياتهم حين أتى النادل ف رفعت بصرها لتشكره ولكن تجمدت كلمات
الشكر على شفتيها حين رأت معاذ أمامها هو من يحضر
لها الطلب.
قالت بنبرة مصدومة و مرتعشة: م..معاذ؟
وضع لها مشروبها على الطاولة وقال بعملية: حاجة تانى
يا فندم؟
تفحصت هيئته التى تدل على أنه النادل و قالت ببرود: لا شكرا مش عايزة حاجة.
نظر فى الأرض و أومأ برأسه وقبل أن يغادر قال بصوت جاد: صدقيني أنا مجتش هنا علشان اضايقك أو أزعجك
أنا بشتغل هنا وبس.
ثم ذهب وأكمل عمله وطوال الوقت كانت تراقبه خفية
وهو يعمل حتى لم تنتبه أنها جلست لوقت طويل.
بدل ملابسه وغادر ف غادرت وراءه بدافع الفضول القوى
لمعرفة أين سيذهب.
بعد سير مسافة لا بأس بها وهى وراءها تحاول ألا يراها
وصل إلى المقابر ودلف ليجلس أمام قبر عائلته.
كان مظهره حزين للغاية حتى لم تحتمل وتقدمت منه.
قالت بصوت عالى: معاذ.
التفتت بذهول: ياسمين ؟ أنتِ إيه اللى جابك هنا؟
تقدمت منه بخطوات ثابتة : معاذ هو أنتِ عايزني اسامحك بجد؟
نظر لها بعدم استيعاب ثم نهض بسرعة وقال بلهفة: اه طبعا.
ابتسمت وقالت بمكر: طب أنت بتحبني؟
حدق بها بخجل ثم نظر فى الأرض و وأومأ برأسه بإحراج.
أدارت ظهرها له وهى تبتسم بسعادة: طيب لو عايزني اسامحك تعالى لميعادك مع بابا الساعة ٨ علشان تطلبني منه.
ثم سارت تغادر وسمعت صوته يقول غير مصدق: يعنى أنتِ موافقة يا ياسمين؟
بقلم ديانا ماريا.
كان طارق يعد حقيبته حين دلفت إليه والدته تقول بحزن: هتمشي يا طارق؟
قال بصرامة: هحاول مع ياسمين لمرة أخيرة لو موافقتش ترجع لى هسافر واسيب البلد كلها.
تجمعت الدموع فى عينيها: طب وهتسبني؟ أنا مش مهمة ليك؟
نظر لها بحدة: هو أنا كنت مهم ليكِ لما عملتي كل ده
و فرقتيني عن ياسمين؟ كنت مهم ليكِ لما كنتِ بتشوفيني
كل يوم بتعذب وأنتِ ولا هنا وكمان خططتي خطط
قذرة علشان تكرهيني فيها أكتر.
والدته بندم: والله عملت كدة علشانك يا طارق.
قال بتهكم: متقوليش بس علشاني لا ده كان علشانك أنتِ و علشانك غرورك وللأسف كنت مغفل وفهمت ده متأخر.
انتهى من حزم أمتعته ثم غادر تحت نظراتها المتحسرة.
حضر زوجها يقول: شوفتي أني قولتلك هتندمي وهيكون
الوقت فات بس مش طارق لوحده اللي هيمشي.
قالت بحيرة: قصدك ايه؟
قال بحزم: أنا كمان همشي أنا طول السنين دى كنت مستحملك لأني بحبك بس أنتِ فكرتِ حبي ده ضعف
و خنوع ليكِ استحملتك كتير اوى لحد ما طاقتي خلصت
وحبك راح من قلبي بسببك وبسبب كل تصرفاتك
دلوقتى أنا لازم أدور على نفسي واعيش مرتاح
وده مش هيكون معاكِ.
ثم غادر هو أيضا وتركها تبكى ندم وحسرة ولكن
فى الوقت الذى لا ينفع فيه الندم.
بقلمي ديانا ماريا
وصل طارق إلى منزل ياسمين وتطلع له بشوق ثم صعد
بسرعة ولكن أستغرب مما وجده، كانت الأجواء والزينة
تدل على مناسبة ما ويوجد أناس كثيرة.
سأل أحد الشباب: هو فى فرح هنا؟
الشاب: ايوا كتب كتاب الأستاذة ياسمين بنت عم أحمد.
لم ينطق طارق من الصدمة و سار ببطء إلى الداخل
حتى رآها معه ونفس المشهد يتكرر فى كتب الكتاب ولكن
مع شخص غيره كانت تحتضنه بقوة وهو أيضا.
أبتسم بحزن وتمني السعادة لها و غادر بهدوء إلى الأبد.
شاهده والدها ولكن لم يتحدث وتركه يدرك أنه خسرها.
أما ياسمين كانت تعانق معاذ بسعادة والدموع تنهمر من عينيها.
قال بحنان : طب بتعيطي ليه دلوقتى؟
ابتعدت عنه و رمشت بعينيها عدة رأت لتبعد الدموع: علشان فرحانة.
رفع حاجبه بمزاح: والفرحان بيعيط؟
ياسمين بغيظ: اه طبعا.
تبسم لها : مش خايفة تندمي لأني فقير وعلى قد حالى؟
نفت بقوة: لا طبعا المهم أنك تحبني وتحافظ عليا
وأحنا نكافح سوا، المهم أنك تكون عوض وسند ليا.
قال بحب: أنا أوعدك أنه مكانتك هتفضل فى قلبى بل كل
يوم حبى هيزيد ليكِ وهحافظ عليكِ بعيوني وقلبى
وروحي وربنا يقدرني واعمل كل اللى أقدر عليه علشان
أسعدك، هفضل أن شاء الله سندك بعد ربنا و عُجازك
لما نكبر وهمسك أيدك فى كل مراحل حياتنا لحد ما
نشوف أحفادنا قدامنا قاعدين بيسمعوا قصة حبنا.
لمعت عيناها بالحب: وأنا كمان هفضل أحبك أن شاء الله
مش هقولك طول العمر، هقولك طول عمرنا مع بعض
وهبقي ونسك و رفيقة دربك وشريكة حياتك
مش هتبقي لوحدك تانى.
قبل جبينها بتقدير وحب واحتضنها بقوة مرة أخرى
وهى تتمسك به بقوة وثقة.
تمت بحمد الله.
نزلت الان
تعليقات
إرسال تعليق