#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل السابع (7)
___ بعنــــوان "ليـــن"___
صعد للأعلى بعد أن أنهى فطاره وتهديد “عليا” وعندما فتح باب الغرفة وولج رأها تجلس في غرفة المعيشة بصحبة “ليلى” ومعدات التصوير موجود يبدو أنهما كانوا يصوروا فيديو جديد، لم ترفع أيهما نظرها به وهن غارقات في العمل، تركهما ودلف على غرفة النوم حتى لا يسبب لهما إزعاج، وقفت “ليلى" تمسك الكاميرا ثم قالت:-
-مستعدة
أومأت لها بنعم ليبدوأ التصوير وقبل أن تنهى ”عهد” المقدمة ذعرت “ليلى وهى تلفظ أسمها وتنزل الكاميرا بعيدًا:-
-عهد!!
نظرت “عهد” لها لتقترب “ليلى” منها بذعر وهى تمسح أنفها الذي سال الدم منه فنظرت “عهد” ليد صديقتها وقد لوثتها الدماء لتجلس في الأرض بخوف وهى ترتعش..
كان “نوح” جالسًا على الفراش بأسترخاء ويقرأ عن مرضها أكثر على الأنترنت حتى سمع صوت صراخ “ليلى” فألقى الهاتف على الفراش ووقف ليسرع بالخروج فرأهما جالستين على الأرض وزوجته بين يدي صديقتها فهرع نحوها يأخذها منها وهو يقول:-
-ما لك؟
كانت تشعر بدوران شديد وإرهاق، أقترب لكى يحملها لكنها وضعت يدها على صدره وقبل ان يسألها عن سبب منعها له أستفرغت ما بداخلها، فزعت “ليلى” من رؤية حالة صديقتها تتدهور هكذا وذرفت الدموع من عينيها بصمت أم هو لا يبلى بما يحدث وحملها على ذراعيه بالقوة رغمًا عنها وأخذها إلى المستشفى و”ليلى” معهم تحتضنها بذراعيها أثناء قيادته للسيارة، فحصها الطبيب و”نوح” يقف في الخارج مع “ليلى” بأنتظاره حتى خرج الطبيب وأخبره أن جسدها ضعيف وحالتها تسوء ومن الأفضل أن تجد متبرع لها سريعًا دون أنتظار متبرع متوفى، أخذها في سيارته شبه نائمة وعاد للصعيد ليُصدم “حمدى” عندما فتح باب المنزل ودلف بها فكان يجب أن يعود غدا وليس اليوم وكأن مرضها سبب الفضل في إنقاذ حياتهما من مكر عمه..
ساندها حتى وصلت للفراش ووضع الوسادة خلف ظهرها لتُتمتم بتعب قائلة:-
-أنا هموت يا نوح
هز رأسه بالنفى وهو يمسح على رأسها بلطف يطمئنها ويهتف بحنان:-
-لا بعد الشر عنك، أنتِ هتعملي العملية وهتبجى زينة وأحسن منى كمان
صمتت وهى تنظر إلى عينيه في هدوء وهو يبادلها النظر ليقطع نظراتهما الصامتة صوت طرقات على باب الغرفة وعندما فتح كانت والدته والقلق واضح عليها وتقول:-
-خير يا ولدى
أدخلها وهو يشير على “عهد” بذراعه وقال:-
-عهد تعبانة هبابة يا أمى
ذهبت لكى تجلس جوارها وكان وجهها شاحب ومقلة عينيها صفراء بجسد هزيل وضعيف والنعاس على وشك هزيمتها، مسحت “سلمى” على جبينها بلطف فتبسمت “عهد” بتعب وهى تقول:-
-دايمًا بلاقى الحنان لما أتعب
أجابتها “سلمى” بعيني دامعة بنبرة جادة:-
-متتعبيش بس وأنا هغرجك حنان بس من غير مرض
وضعت “عهد” رأسها على صدر “سلمى” لتطوقها بذراعيها فأغمضت عينيها مُستسلمة للنعاس مهزومة أمامه، نظر “نوح” لها وشعر بوخزات في قلبه ليقول:-
-خليكى وياها يا أمى
غادر الغرفة بأختناق شديد في صدره وشعره بالعجز عن مساعدتها ربما يقتله فذهب لصديقه “عطيه”
_____________________
كان “حمدى” يشتاط غيظًا وغضبًا مما حدث وفشل خطته لتقول “فاتن”:-
-أحسن أنها باظت أنا من البداية جولتلك تبجى غبي لو جتلته، لو نوح مات مراته وأبوه اللى هيورثه مش أنت
ضرب ركبته بيده وهو يقول بغضب نارى:-
-ومين جالك يا أم مخ تخين أنى كنت هجتل نوح، أنا كنت هخطف منه مرته وأساومه
جلست “فاتن” جواره بحماس ثم قالت:-
-ما هي متلجحة في الأوضة جارى، أدينى أنت الموافجة وأنا مش أخطفهالك دا أنا أخلص عليها وأرتاح
نقر رأسها بأصابعه بأشمئزاز من غباءها ثم قال:-
-ونوح هيهملك أكدة تدخلى أوضته ولا تأذي مرته في داره بغبائك دا
ضربت كف على الأخرى وهى تقول:-
-ااااه لو يسيبونى عليها
___________________
كان “نوح” جالسًا فوق العشب تحت نخلة في أرضي زراعية وشاردًا في عجزه عن إنقاذها ومعالجة مرضها فسأله “عطيه” بقلق:-
-ومرت أخوك دى هتوافج
أجابه بنبرة شر وغضب مكبوح بداخله:-
-لازم توافج يا عطيه معنديش خيار تانى ، الفكر والخوف من المرض هم اللى هيموتوا عهد لأنها جبانة وأنا مههملهاش تموت أكدة
نظر “عطيه” له بحيرة ثم قال:-
-أنت حبتها يا نوح؟
نظر “نوح” له بدهشة من سؤاله وتنهد تنهيدة طويلة معبأة بالكثير من المشاعر المختلطة ثم قال:-
-مش حُب، أنا جوايا أحساس أنى مسئول عنها وأنها مسئوليتى، أنانية أختها ومكرها مولدين جوايا الحنية والطيبة عليها
سأله “عطيه” سؤال ماكر قائلًا:-
-شفجان عليها يعنى
سؤاله الماكر أثار غضب صديقه فأجابه “نوح” بسرعة وهو ينظر إليه بغضب:-
-لا مش شفجة، أنا بشفج على الغلابة والمحتاجين وبساعدهما لكن هي مش شفجة أنا بجد خايف عليها، تعرف أنى جرأت عنها كتير وكتير من التعليجات كانت بتجول أنها عنيدة ومتمردة على كل حاجة حتى ألوان الهدوم بتتمرد عليها لدرجة خلتنى عاوز أشوف عنادها دا كيف وعامل معاهم كيف؟ أنا من يوم ما عرفتها ومشوفتش غير ضعفها وحزنها
أربت “عطيه” على كتفه بلطف وجمع شجاعته وهو يقول:-
-هجولك حاجة ومتتعصبش عليا ولا تسبنى وتجوم، اللى بيحاول يكتشف واحدة ويعرف عنها ويدخل يبحث عن صفحاتها ويوصل أنه يجرأ تعليجات الناس عنها دا واحد بيحب يا نوح
نظر “نوح” له بوجه عابس على وشك أن يطلق العنان لغضبه في وجهه فتابع “عطيه” بشجاعة:-
-بطل تنكر دا وصدج وأبجى أسال حالك وانت باصص في عينيها بتحس بأيه ولو جرالها حاجة بعد الشر موجفك هيكون ايه، وأفتكر يا صاحبى أن الحب مهوش عيب ولا حرام وأن اللى في البيت دى مرتك وحلالك والصخرة اللى في صدرك من حجها تلين وتحب
وقف “نوح” غاضبًا من حديث صديقه وينفض الغبار عن عباءته وهو يقول بتذمر:-
-أنا ماشي عشان أنت خرفت على المساء
ناده”عطيه” وسط ضحكاته فهو كان يعلم بأن صديقه سيهرب:-
-خد هنا يا نوح، طب مهتصليش الفجر
لم يُجيب عليه وغادر المكان عائدًا للمنزل وعندما دخل غرفته كانت “عهد” نائمة بالفراش ووالدته غادرت لغرفتها تاركة هذه الزوجة الضعيفة وحدها، ولج للمرحاض ووقف تحت صنبور المياه لفترة طويلة يفكر في حديث “عطيه” ويتكأ بذراعيه على الحائط، لم يشعر بالوقت الذي قضيه تحت المياه الباردة وعندما خرج لم ينام على الأريكة بل أخذته قدمه إلى الفراش وجلس جوارها يتطلع بملامح وجهها وهى تنام على ظهرها ورأسها مائلة للجانب الأيسر وشعرها الأسود مفرود جانبها، رفع خصلة شعرها عن جبينها بسبابته لتشعر بشيء يزعجها فحركت رأسها برفق ليفزع وهو يرفع يده عنه، تتطلع بملامحها وحاول أن يشعر بدقات قلبه لكنها كانت هادئة ولم تتسارع لأجلها فعاد للأريكة ببرود وهو يُتمتم بسخرية:-
-جال حُب وعشجان جال
نام على الأريكة بأرتياح بعد أن تأكد بأن حديث “عطيه” خرافة لا أكثر
______________________
كانت “سلمى” تجهز الفطار على السفرة مع “حُسنة” فجاء “على” وقال بحنان وهو يجلس على السفرة:-
-صباح الخير يا سلطانة جلبى
تبسمت “سلمى” وهى تقول بعفوية:-
-صباح فل يا سيد الرجال
جلست على المقعد جواره وتركت “حُسنة” تكمل وحدها فقالت بنبرة خافتة:-
-مرت ولدك تعبانة جوى يا حج وأنا خايفة على نوح
وضع “على” يده على يد “سلمى” بلطف وطمأنينة ثم قال:-
-متجلجيش، ولدك راجل
نظرت للخلف على “فاتن” الجالسة في الصالون ثم همست له بقلق:-
-ما تتحد مع نوح يدي عمه حجه، أنت خابر شرهما كيف أنا معاوزش أخسر ولدى التانى اللى باجى ليا من الدنيا
بدأ “على” يتناول فطاره مٌتجاهل طلبها وقال ينهى الحديث في هذا الاتجاه:-
-كُلي يا حج وهملى ولدك يدير شئون حاله لوحده
تأففت “سلمى” بضيق شديد من موافقة زوجها على ما يحدث، دق باب المنزل لتفتح “حُسنة” لترى “عليا” واقفة أمام الباب، أدخلتها إلى “سلمى” فتعجبت “سلمى” من هدوء هذه المرأة فعندما جاءت أول مرة كانت شجاعة ومتعجرفة تتحدث مع الجميع بتعالى وغرور لكن اليوم مكسورة وهادئة كالطير الذي كسر جناحيه، تحدثت “عليا” بنبرة هادئة:-
-نوح فين؟
أجابتها “سلمى” ببرود وهى تتناول الفطار لا تبالى بوجودها:-
-عاوزة ايه من ولدى يا وش الشوم أنتِ
تنهدت “عليا” بغضب مكبوح بداخلها وهى تشعر بأنها المهزومة أمامهم الأن ثم قالت:-
-عايزاه
تحدث “على” بنبرة ثابتة وهو يدرك سبب مجيئها قائلًا:-
-أطلعى يا حُسنة صحى نوح
أومأت له بنعم وصعدت الدرج...
____________________
فتح “نوح” عينيه بتعب ليراها أمامه أول شيء يقابل عينيها وهى جالسة على الأرض جواره ويدها على كتفه، أتسعت عينيه على مصراعيها بذعر من أن تكون تشعر بالمرض فأعتدل في نومه وهى تقف من جلستها أمامه ليقول:-
-في أيه؟
تبسمت بسخرية من حالها ومرضها وقالت:-
-هو أنا بقيت بخض أوى كدة
تنحنح بحرج من رد فعله التلقائي فور أيقاظها له ثم قال:-
-لا كنت بحلم بكابوس بس
قهقهت ضاحكة على كذبته البريئة وهى تجلس جواره فنظر إلى بسمتها العفوية ثم مسح وجهه بكف يده لتقول:-
-أنا كنت فاكرة عندك شغل وراح عليك نومة
أبعد يده عن وجهه لينظر إليها، كانت تنظر للأمام مُتحاشي النظر له وكأنها تترك له مجال النظر إليها دون حرج أو استحياء، دق باب الغرفة وعندما فتح أخبرته “حُسنة” بزيارة “عليا” ليرفرف قلبه فرحًا وهو يعلم سبب هذا الزيارة، وقفت “عهد” باستغراب وهى تقول:-
-عليا جت هنا؟
دلف للمرحاض ليبدل ملابسه سريعًا ثم خرج فرأها بدلت ملابسها لكى تنزل فاستوقفها وهو يقول:-
-أستنى هبابة أهنا، هتكلم وياها وبعدين أخليها تطلع لك
-بس
قالتها “عهد” تعارضه لكنه لم يترك لها مجال للجدال وخرج من الغرفة فتنهدت بهدوء وجلست على الأريكة، نزل لأسفل ليراها واقفة كما هي لم يرحب بها أحد ، أخذها ودخل للمكتب لتُتمتم “فاتن” بفضول شديد:-
-لا الموضوع أكدة فيه أن ولازم أعرفها
____________________
-تخرجى من العمليات هتلاجى ولدك جارك
قالها “نوح” بجدية لتقول “عليا” بأعتراض:-
-لسه لما أخرج من العمليات، قولتلك هتبرع خلاص يارب تحبسنى هنا بس أدينى ابنى دا عيل صغير
هز رأسه بلا وتابع حديثه قائلًا:-
-كيف ما أنتِ مستعجلة على ولدك انا كمان مستعجل على عهد
تأففت “عليا” بضيق ليأتيهما صوت “على” من الخلف يقول:-
-أديها ولدها يا نوح وهى مهمتشيش من أهنا غير بعد العملية
تأفف “نوح” بضيق لكنه لم يعارض حديث والده فأومأ له بنعم لتبتسم بسعادة، خرج “نوح” من غرفة المكتب معها ليرى “خالد” يقف مع والدته بعد عودته من الأقصر ليتذكر حديث “عهد” وما فعله بها..
كانت “عهد” تقف بمنتصف الدرج بعد أن رأت “خالد” بقدمي ثقيلة وخائفة من النزول وتحدق به برهبة والقشعريرة تلازم جسدها ..
تبسمت “فاتن” بعفوية وهى تربت على ذراع “خالد” وتقول:-
-أطلع غير خلجات يا ولدى على ما أجهز لك الفطور
أتاهم صوته القوي وهو يناديه بنبرة مُخيفة ومرتفعة :-
-خااااالـــــد
نظر “خالد” تجاه الصوت ليستقبل لكمة قوية على وجهها من قبضة “نوح” ليعود خطوات للخلف ويسمع “نوح” يقول:-
-دى عشان جلة ربيتك
رفع “خالد” وجهه بغضب ليستقبل لكمة أخر منه وهو يقول:-
-ودى عشان تعرف كيف ترفع عينيك دى في مرتى
أتسعت عينى “عهد” بذهول وهى تراه يلكمه بغضب سافر لأجلها، هلعت “فاتن” بخوف وهى تقول:-
-في ايه يا نوح ما لك ومال ولدى
لم يجيبها بل تقدم خطوة أخرى نحوه وقبل أن يلكمه مرة أخرى تحدث “خالد” وهو يمد يده في وجه “نوح” يمنعه من الأقتراب ويقول:-
-مرتك كدبة يا نوح أنا كنت في الأجصر ومعملتش حاجة
مسك “نوح” يده الممدودة بقوة ولوها له بقوة وهو يجذبه نحوه وقال:-
-أتحدد عنها زين ونجستك ممحتاجش حد يجولها
صرخ “خالد” من ألم يده بهلع ليفزع الجميع وهم يشاهدون وكانت “عليا” مُصدومة مما تراه وكيف يدافع عن “عهد” بهذا الغضب، هرعت “عهد” إليه وهى تقف بالمنتصف وتتشبث به قائلة:-
-خلاص يا نوح
جذبها من ذراعها بيده الأخرى لتقف خلفه دون أن يرفع نظره بها وعينيه ثابتة على “خالد” وهو يقول بغضب شديد:-
-ورب العرش لو رفعت عينك فيها تانى لأفجعهم لك وأدفنك حي يا خالد
ضربه برأسه بقوة وترك يده ليسقط “خالد” أرضًا ونزفت أنفه من رأس “نوح” وضربته القوية، أستدار وهو يأخذ يدها بلطف لتتعجب من فعلته.. الآن كان كالثور الهائج ومع التفافه لها تبدل حاله وعاملها بلطف، نظرت له وهو حاد مع الجميع إلا هي يأتي إليها بكل لطف وحنان، تسارعت نبضات قلبها وهو يصعد بها ويضع يده خلف ظهرها كأنه يخبر الجميع بأنها ملك له وتحت جناحيه ومن يرغب بأذيتها فليأتى له أولًا، صعد للأعلى ليرى “أسماء” تقف مكانها بعد إن شاهدت ما حدث وعيني على وشك البكاء لكنها تكبح دموعها قدر الإمكان من الحسرة والحزن ليمر من جوارها باردًا كالثلج وكأنها شفاف لم يراها بينما نظرت “عهد” إلى عينيها لترى بهما ألم العشق والوجع فتحاشت النظر لها بشفقة على حُبها الذي ينمو وينمو من طرف واحد..
دخل إلى الغرفة بها ولم يتركها إلا بالفراش ثم أنحنى قليلًا نحوه ووضع يده على وجنتها بلطف وقال بنبرة هادئة:-
-أنا هطلع، أرتاحى أنتِ ولو حبتي تخرج من أوضتك .. أخرجى ومتخافيش من حد واصل
تبسمت بعفوية كالحمقاء مُستمتعة بضربات قلبها التي على وشك الأنفجار بداخلها ثم قالت:-
-أنا هطلع لما تيجى
أومأ لها بنعم ثم قال بلطف:-
-أطمن يا عهد طول ما أنتِ جارى وتحت عينى مهيصبكيش أذي
هزت رأسها بنعم وعينيها غارقة في النظر إلى عينيه السوداء، ذاهب من أمامها لكى يبدل ملابسه فضربت قلبها بخفة وبقبضتها الصغيرة لتقول:-
-وبعدين معاك بقى
_____________________
وقف “خالد” أمام المرأة يمسح الدم من أنفه ويتطلع بوجهه الذي تشوه من لكماته ليلقى المنديل بغضب سافر وهو يقول:-
-بتستعجل موتك يا نوح بس أنا مهجتلتش برصاصة أنا هخليكى تتنمى الرصاصة دى رحمة منى
دلفت “أسماء” له غاضبة وهى تقول:-
-عملت أيه لعهد خليته يتحول عليك أكدة
أخذها من يدها بقوة وغضب يأخذها تجاه الباب ويقول بانفعال:-
مالكيش صالح بيا خليكى أنتِ يا ست العفيفة غرجانة في حُبه لحد ما أحرج جلبك عليه
نفضت “أسماء” ذراعه من قبضته بعنف وقالت بتهديد:-
-والله لو اذيت نوح يا خالد ما هيكفينى فيك موتك
أخرجها من باب الغرفة بقسوة وهو يقول:-
-أنتِ معندكيش دم يا بت، بس هو كيف جلبك متحرجش وأنتِ شايفاه مع غيرك
تمتمت “أسماء” بضعف وقلب مُنهك وهى تتشبث بملابس أخيها قائلة:-
-أنت مهتأذهوش يا خالد صح؟
أبعد يده عنها بقسوة وهو يحدق بعينيها ببرود ويقول:-
-بكرة ألبسك أسود عليه يا خيتى
أغلق الباب في وجهها لتجهش في البكاء وهى تعود إلى الغرفة باكية وقلبها ينزف دمًا على عشقها المدنس بالأشواك
____________________
ذهب “نوح” للمستشفى بـ “عليا” لتجرى الفحوصات اللازمة للجراحة وبعد الأنتهاء أخذها إلى المنزل وقبل أن تترجل من السيارة قال:-
-هتلاجى ولدك في أوضة نادر
غادرت السيارة سريعًا بلهفة لرؤية طفلها وعندما دلفت للغرفة رأت “يونس” نائم في الفراش لتسرع له وتتنازل عن حذرها أمام “نوح” فعندما أسرعت للفراش أُغلق الباب عليها ثم سمعت صوت المفتاح يغلق من الخارج حتى لا تهرب ...
تبسم “نوح” بجدية وهو جالس في سيارته بعد ان رأى “خلف” يخرج من المنزل ليعطيه مفتاح الغرفة بعد أن نفذ ما طلبه، أخذ المفتاح وغادر المنزل بسيارته...
___________________
نزلت “عهد” للأسفل مُرتدية فستان أبيض عليه ورود زرقاء بكم وطويل يصل لأسفل ركبتيها وشعرها مسدول على ظهرها يصل لخصرها وتضع حول رأسها ربطة شعر بيضاء من الفرو وعلى هيئة فيونكة وترتدى حلق أذن فضي طويل، دلفت للمطبخ فرأت “حُسنة” تعد الطعام فذهبت نحو المطبخ لكى تحضر كوب من القهوة فقالت “حُسنة” بلطف:-
-الجهوة ممنوعة عنك
أخذت البن من يدها للتعجب “عهد” لها فتابعت “حُسنة” بحرج قائلة:-
-نوح بيه جال أن القهوة ممنوعة عنك والعصير أفضل
أعطتها كوب من العصير لترتشف “عهد” القليل منه ولتبصقه في الحوض سريعًا وهى تقول:-
-أنتِ نسيتى تحطى سكر
أجابتها “حُسنة” بجدية وثقة من موقفها قائلة:-
-السكر والملح ممنوعين
تركت “عهد” الكوب من يدها وخرجت غاضبة إلى الحديقة وهى تتنفس بضيق شهيق وزفير طويل وتقول:-
-أهدى يا عهد
كانت تتحدث وهى تشير بيديها للأعلى وللأسفل لكى تسترخي، جلست على أقرب مقعد لها ليأتى صوت “نوح” من الخلف يقول:-
-حتى كرسي هتأخده مش كفايه الفرشة
أستدارت تنظر له بضيق ثم عادت بنظرها إلى الأمام وعقدت ذراعيها أمام صدرها ليتعجب غضبها فألتف ليقف أمامها وقال:-
-حد زعلك؟
صاحت “عهد” بأختناق في وجهه قائلة:-
-مين اللى قالك أنى هأكل من غير ملح والعصير أزاى من غير سكر
تبسم بخفة وهى لا ترى بسمته ثم جلس جوارها على نفس المقعد فصُدمت من رد فعله وألتصقه بها لتحاول الأبتعاد عنه بعد أن ألتصق بها ويقول:-
-عشان صحتك
كادت أن تقف ليلف ذراعه حول كتفها يمنعها من مغادرة المقعد مُحدثها بنبرة خافتة:-
-أستحملى هبابة من غير ملح وسكر لحد ما يحددوا ميعاد العملية
حاولت الفرار من ذراعه جاهدة لكنها فشلت في مقاومة بنيته الجسدية القوية وعضلاته وتشبثه بها وعينيه غارقة فى عينيها لتضع يدها على صدره وتدفعه فشد بيده عليها فسكنت هادئة ناظرة إلى عينيه ثم قالت بعبوس:-
-أنت تقدر تأكل من غير ملح
نظر إليها فرأى الغضب ممزوج بالحزن ليؤمأ لها بنعم وقال:-
-ليكى عليا من النهاردة اكل من غير ملح وياكى من نفس الوكل والطبج
تلاشي الغضب من وجهها وظهرت بسمة خافتة بخجل على شفتيها ثم قالت:-
-لا مش لدرجتى
__________________
وافق الطبيب على التبرع من “عليا” وحدد ميعاد للجراحة قبل نهاية الأسبوع ليأخذها “نوح” للغرفة وتركها مع الممرضة لتجهزها إلى الجراحة وعندما دخل للغرفة كانت تجلس في الفراش وترتجف بخوف ووجهها شاحب، أخذ يدها في يده بلطف ليجد جسدها بارد كقطعة ثلجية فتحدثت بنبرة دافئة:-
-متخافيش يا عهد أنا جارك
رفعت نظرها له بضعف ولم تتفوه بكلمة واحدة فمسح على رأسها وقال:-
-أنا هستناكى أهنا
أومأت له بنعم وكأنه يخبرها أنه بالانتظار فلا تجرأ على الرحيل بعيدًا، دلفت “ليلى” من باب الغرفة هادئة ثم قالت:-
-خلاص
نظر الأثنين لها ليروا الممرضة تدخل بالسرير المتحرك (الترولى) لكى تأخذها فساعدها “نوح” وهو يمسك يدها للصعود وسار بها للخارج ويدها مُتشبثة بيده حتى بلغت باب غرفة العمليات فأنفصلت يديهما عن بعض وأُغلق الباب عليها ليقف مع “ليلى” ووالده و”سلمى” بأنتظارها لمدة تصل إلى ستة ساعات وبعد طول انتظار خرجت ممرضة له أعطاها بعض النقود من قبل مُبتسمة وتخبره بأن العملية أنتهت بخير، نص ساعة أخرى وفُتح باب الغرفة الثنائي ثم خرج الترولى وهى به نائمة ليسرع نحوها وهو يضع يده على رأسها فوق طاقية زى العملية ولحظة تتطلعه بملامحها شعر بأن قلبه هدأ وحرب القلق الذي نشب بداخله تلاشي بعد أن أطمن عليها وخروجها سالمة ليأخذوها إلى الغرفة ولم يدخل لها أحد لتظل بالمستشفى أسبوعين تحت العناية، جلس “نوح” مع الطبيب قبل أن يُصرح لها بالخروج ثم قال:-
-أهم حاجة الأكل تأكل كويس جدًا والمياه على طول وبلاش رياضة وحركة قوية، الأدوية اللى كتبتها لحضرتك تمشي عليها ومفيش شغل لو المدام بتشتغل قبل 3 شهور والعربية منسوقهاش، هنبعد عن أي حاجة تنقلها عدوى او أي فيروس ومنختلطش بناس كثير الفترة دى ومتأخدش أي تطعيمات أو أدوية قبل الأستشارة ولو في خططكم الحمل بلاش لمدة سنة على الأقل
تنحنح “نوح” بحرج من ذكر الحمل ثم وقف بوجه أحمر من الخجل وقال:-
-متشكر يا داكتور
غادر المكتب ليعود إلى غرفتها وكانت “ليلى” بالداخل تجهز الحقيبة بعد أن ساعدتها في تبديل ملابسها لترتدي فستان أزرق اللون طويل وفضفاض بنصف كم، أقترب “نوح” فوضع خصلات شعرها خلف أذنها من الجانبين ليضع القناع الطبي (الكمامة) على وجهها ثم مد يده إليها ليقول:-
-يلا
أومأت له بنعم وهى تضع يدها في يده وحملت “ليلى” الحقيبة ثم غادروا المستشفى وتذهب “ليلى” معهم إلى الصعيد...
____________________
__”منــــــزل الصيــــــاد”__
كانت “فاتن” جالسة على الأريكة وعلى قدمها طبق من التفاح وتمسك في يدها سكين تقطع وتأكل وهى ترمق “سلمى” بعينيها ببرود فجاءت “حورية” وجلست جوارها:-
-هو في ايه؟
تمتمت “فاتن” وهى تعطي التفاح إلى “حورية”:-
-شكل نوح معاود النهاردة بمراته المريضة
وضعت “حورية” يدها على رأسها وهى تتكأ بساعدها على الأريكة ثم قالت:-
-مريضة فالحة مش كيف بنتك الموكوسة اللى جاعدة تحب لي فيه وهو مع غيرها أنا حاسة ياما أن بنتك ناجص تجعد تراعها في مرضاها
أقتربت “فاتن” من “حورية” لتهمس في أذنها بمكر قائلًا:-
-متجلجيش أبوكى منتظرهم على الطريج وأن شاء الله يعاود من غير مرته المرة دى ...
يتبــــع....
#هويتُ_رجل_الصعيد
#نور_زيزو
#نورا_عبدالعزيز
تعليقات
إرسال تعليق