رواية بطل قصتي الفصل الاول بقلم عبير ابراهيم
رواية بطل قصتي الفصل الاول بقلم عبير ابراهيم
روايه بطل قصتي
الفصل الأول
ضغطت بقدمها دواسة الفرامل لتتوقف السيارة أمام الباب الخارجي للمستشفى التي تعمل بها، نزلت عنها واتجهت للداخل بخطوات واثقة، فخصلاتها الغجرية الطويلة بنية اللون التي جمعت بجديلة واحدة ارتاحت على إحدى كتفيها وفستانها ذو اللون الأسود الحالك والأكمام القصيرة الذي يصل إلى ما بعد ركبتيها بقليل وتلك الجدية التي تُجيد رسمها بمهارة على صفحة وجهها والتي لا تليق بملامحها الرقيقة، تُظهر بوضوح شخصيتها المنضبطة والقيادية، سارت بخطوات ثابتة باتجاه حجرة مكتبها، تلقت الكثير من التحيات وكذلك النظرات الممزوجة بالهمهمات الغامضة والجانبية التي لا تفهم سببها ولكنها رمت بها خارج رأسها فليس لديها الوقت لتشغل عقلها بالتفكير في مثل هذه الأمور، فهي أوركيد فريد أفضل جراحة في المستشفى واحدة من أمهر جراحي القلب في البلاد رغم أنها لم تتخطي الثلاثون عامًا، فقد استطاعت أن تثبت مهارتها وجدارتها من خلال سنوات عملها القليلة، ذهبت مباشرة إلى مكتبها وضعت حقيبتها، ارتدت معطفها وعلقت سماعتها الطبية فوق عنوقها ثم توجهت مباشرة إلى عملها.
مر اليوم سريعًا وهي تتنقل بين أروقة المستشفى تتفقد حالات مرضاها، شعرت بالتعب فتوجهت إلي الكافيتريا الخاصة بالمستشفى، طلبت فنجانًا من القهوة وقطعة من فطيرة الجبن، وراحت تجلس على مقعد أحدي الطاولات بجانب النافذة، كانت تراقب الباب في كل مرة يُفتح فيها مُتمنيه من كل قلبها أن يكون هو، لكنها كانت تصاب بخيبة الأمل، أطلقت تنهيدة خفيفة ثم أدارت رأسها تنظر من النافذة تُشاهد الطريق الذي تُضيئه مصابيح الإنارة بعد أن غربت شمس هذا اليوم، تتحاشي نظرات الأطباء والممرضين غير المألوفة بالنسبة ليها، أخرجت الهاتف من جيب معطفها الطبي لتري أن كانت قد تلقت أي اتصال منه، ولكنه لم يكن هناك أي مكالمات واردة، بعد لحظات انضمت لها صديقتها أريج، جلست على المقعد أمامها بإرهاق بعد أن طلبت كوبًا من الشاء، لتقول بتعب جالي على نبرات صوتها:
_ العمل في هذه المستشفى سيقتلني يومًا ما.
لم يصل حديثها إلي أوركيد التي تنظر إلي ما خلف النافذة بشرود تام وهي تمسك بقدح قهوتها بين كفيها، لتُلوح الأخرى بكفها أمام عينيها، استفاقت من شرودها لتقول بهدوء وقد أفتري ثغرها عن ابتسامة ودودة:
_ أريج متي أتيتِ؟ هل أنتهي دوامك أم تنالين قسطًا من الراحة؟
أجابتها أريج وهي تخلع نظارتها الطبية وتفرق عينيها من شدة الإرهاق:
_ أنال بعض الراحة حتي أستطيع الصمود لنهاية اليوم.
حضر عامل الكافيتريا يضع كوب الشاي الخاص بأريج الذي كانت قد طلبته قبل جلوسها، فوق الطاولة بهدوء ويقول برسمية:
_ تأمرين بشيء أخر طبيبة أريج.
أجابته أريج بابتسامة هادئة أرفقتها بقولها، وهي تعاود تثبيت نظارتها الطبية أمام عينيها:
_ شكرًا لك يا حُسين، لا أريد شيء.
أنصرف العامل لتتابع أريج حديثها من جديد لتقول بعد أن تلتقط كوب الشاي بين راحتيها وبدأت ترتشف منه ببطيء:
_ فيما شرد عقلك.
أجابتها أوركيد مبتسمه:
_ لا شيء معين، ولكن ما يشغل ذهني حقًا هي تلك النظرات الغريبة التي يرميني بها الجميع منذ الصباح، ماذا حدث لهم؟ هل يوجد أي شيء خطأ في مظهري، أم أنهم يروني للمرة الأولي.
أزدرت أريج ريقها بقلق ثم وضعت كوب الشاي على طرف الطاولة برفق وقالت:
_ لا عليكِ منهم، أنتِ تعلمين أنهم لا يكفون عن الثرثرة على الجميع، أخبريني متى ينتهي دوامك؟
طافت أوركيد بنظراتها في كل اتجاه، ثم قالت بنبرة واثقة متجاهلة سؤالها الأخير:
_ من المؤكد يوجد خطبًا ما، فنظرات الشفقة التي يرميني بها البعض، والشماتة التي تخرج من الآخرين ليست بلا سبب، ولن أتجاهل الأمر حتى أعلم سبب تطلعاتهم الغريبة تجاهي.
ابتلعت أريج ريقها بصعوبة ثم قالت بصوت مهتز وقد بدت منها ابتسامة مشوبة بالتوتر والاضطراب:
_ شفقة وشماتة.. لماذا! أنتِ فقط تتوهمين فلا يوجد شيء.
فقدت أوركيد صبرها وقالت وهي تهم بالنهوض من فوق مقعدها:
_ إن لم تخبريني بما أجهله سوف أذهب على الفور واسأل أحداهم.
مدت أريج يدها تلتقط كفها تحثها على الجلوس وقد ارتسم الحزن على صفحة وجهها وأطلقت تنهيدة حارة ثم قالت بنبرات مهزوزة:
_ اليوم خطبة أيمن....
#يتبع
#عبير_إبراهيم
تكملة الروايه اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق