القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل 1-2-3-4-5بقلم فاطيما يوسف (جميع الفصول كامله)

 رواية بين الحقيقة والسراب الفصل 1-2-3-4-5بقلم فاطيما يوسف (جميع الفصول كامله)







رواية بين الحقيقة والسراب الفصل 1-2-3-4-5بقلم فاطيما يوسف (جميع الفصول كامله)

الفصل الأول

🌹🌷🌹🌷🌹🌷🌹

صباحاً في مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط

  ومنبع العشق للعاشقين ومأوى السحر والجمال للمحبين ،


تجلس ريم في منزلها ممسكة بقلمها ودفترها تصمم رداءً جديدا من تصاميمها الرائعة التي تحلم أن تنفذ ولو تصميما واحداً منها بيدها،

ولكن زوجها يرفض دائما فهو لايريد أن يتعبها

أبدا مهما حاولت معه أنها تحب بل تعشق التصميم وتريد

 أن تجسده علي الحقيقة ،


ولكن كل مرة تأبي محاولتها بالفشل الذريع ، ولكنها في

 نهاية الأمر أقنعته أن ترسم التصاميم و تقوم ببيعها 

عبر تطبيق أمازون ،


ورأي تصميماتها مدير أكبر مصانع الملابس في الإسكندرية وتواصلوا معها عبر رقمها ومضوا معها عقداً بتلك التصاميم الرائعة ،


وهاهي منذ عامين تتعامل معهم دون أن يروها أو يعرفوا عنها إلا أشياء بسيطة ،


هي فقط ترسل لهم عدد من التصاميم كل شهر وفور انتهاء الشهر تجد ثمن تلك التصاميم مبعوثة لها عبر تطبيق "فودافون كاش " ولكن زوجها يأبي أن يأخذ منها جنيها واحدا ومتكفل لأي شيء يخصها هي وأ بنائه ومنزله بأكمل ،

أكملت التصميم بحرفية ونظرت له بانبهار وهي تحادث

 نفسها بفرحة : الله الله عليكي ياريما إيه الحلويات دي ،

وأكملت بمشاغبة مرددة :_ والله إنتي خسارة في البلد دي ،

وأثناء جلوسها في شرفتها وهي سعيدة بتصميمها سمعت جرس شقتها يعلن عن وصول ضيف ،

ارتدت حجابها وخرجت لتفتح الباب ووجدتها صهرتها ،

ابتسمت بوجه بشوش وأفسحت لها المجال كي تدلف

 مرددة بترحيب :  اتفضلي ياهند ، عاملة إيه ؟


أجابتها الأخري بابتسامة خفيفة:

_ الحمد لله كويسة ، آمال إنتي مختفية فين كده يختي

 ولا حد بيشوفك ولا بتسألي ، قلت لما أنزل أسأل انا .


أشارت إليها أن تجلس في الشرفة مكان جلوسها ورددت بعفوية:

_ معلش بقي ياهنودة كنت مشغولة في تصميم من بقالي يومين مع شغل البيت ومسؤولية الأولاد ، والله بحس إن الوقت مش بيكفيني .


تأففت الأخري من ذلك الحديث الذي دائما تسمعه من تلك الريم وأردفت بسخرية:

_ يختي إيه إللي مخليكي تاعبة نفسك كدة في التصاميم والحاجات دي ،


ده إنتي جوزك ماشاء الله عليه مش محتاج،


وأكملت بتقليل من شأنها وهوايتها:

_ علشان إيه يعني توجعي إيدك وعينك وهما كام ملطوش بتاخديهم آخر كل شهر ، وتهملي في بيتك وولادك وصحتك .


هتفت ريم بتعقل شديد وباتزان دون أن تفقد أعصابها من تدخل تلك الهند بشؤونها ، وهي تحاول الاستهزاء من عملها دائما :

_ مين قال ياهند إني مهملة في بيتي أو اولادي أو جوزي !


أنا بصمم وأنا قاعدة في بيتي ووقت فراغي ،


ثم أشارت بيدها علي شقتها مسترسلة حديثها :

_ وبعدين بصي حواليكي كدة وشوفي إذا كنت مهملة ولا لأ واديكي طلعتي علي فجاة من غير ماأكون مرتبة لحاجة يعني ،


واستطردت حديثها لكي توصل لها الصورة صحيحة :

_ وكمان أنا مش بصمم علشان العائد المادي،

اصلا باهر مش مخليني محتاجة حاجة ومش بياخد من فلوسي حاجة خالص ،


بس أنا بحب التصميم والأزياء وعندي شغف الإهتمام وإني أنفذ أفكاري علي الواقع ،


وميضرش إني أستفاد من حاجة شكل كدة ماديا طالما مش مقصرة في بيتي ولا ولادي .


بهتت ملامح هند من رد ريم الراقي المهذب وأكملت حديثها تسألها عن والدتها كي تنسيها الكلام في ذلك الموضوع التي لم تمل من تردادها له كل مرة تجلس معها .


((أحياناً يواجهنا أشخاص عقولهم فارغة وكل مايشغلها بث الطاقة السلبية التي يعيشونها في آذان غيرهم ،

وهؤلاء التعامل معهم نجعل أصابعنا في آذاننا ولا نضعها نصب أعيننا ونرمي بها عرض الحائط حتي لو استكبروا 

علينا استكبارا .))


_______________________


في منزل مالك الجوهري ظهراً


يقف في غرفته الواسعة ذات الطلاء الهادئ اللون والذي يبعث في النفس الراحة والهدوء كصاحبها فمالك يعشق الجلوس في تلك الأجواء الهادئة بالرغم من طبيعته العصبية ،

انتهى من ارتدائه لملابسه الكاجوال فهو قلما يرتدي الملابس الكلاسيك إلا في الاجتماعات المهمة ،

ثم مشط شعره بحرفية ونثر عطره المفضل إليه بسخاء ،


وجمع أشيائه وأخذ مفاتيح سيارته وهبط للأسفل ،


وجد والدته السيدة عبير تجلس وتضع السبرتاية أمامها وتصنع قدحا من القهوة و التي تطهيها كل يوم في هذا الوقت خصيصاً لولدها مالك ،


والتي تعلم مواعيد ذهابه يومياً فهي امرإة تمتاز بالطيبة الشديدة والحب لأبنائها ،


ولم تفكر يوماً من الأيام أن تتزوج بعد وفاة زوجها العزيز وتعيش حياتها فقط ترعى أبناءها ،


أحست بخطوات مالك تهبط الدرج فوجهت أنظارها إليه بإبتسامة مشرقة وأردفت بنبرة حنون :

_ صباح الخير يا مالك ، تعالي ياحبيبي اشرب قهوتك ،


واسترسلت بمحبة نابعة من قلبها الجميل:

_ عاملة لك بقي فنجان قهوة متعرفش تشربه من إيد

 حد غير عبير .


قبل أن يرد عليها الصباح احتضنها وقبل يداها ورأسها بإحترام وود ورد عليها الصباح قائلاً بدعابة:

_ أحلي صباح علي أحلي بيرو في حياتي وأحلي بيرو

 في الدنيا بحالها ،


واستطرد متسائلاً باهتمام :

_ ها أخدتي دوا الضغط قبل ماتفطري ولا نسيتي زي امبارح ؟


أفسحت له المجال كي يجلس بجانبها وأجابته وهي تفرغ محتوي القدح في الإناء بعناية قائلة :

_ أيوة ياحبيبي أخدته متقلقش عليا أنا زي العفريت قدامك أهو بسبع أرواح ،


متشغلش بالك بيا إنت أنا عايزاك تركز في حالك وتهتم بنفسك شوية ،


ثم أخرجت تنهيدة من صدرها محملة بالهموم وتابعت بخفوت :

_ ياحبيبي إنت من ساعة ما طلقت إللي ما تتسمي نهال وأنت حياتك كلها شغل في شغل ونسيت نفسك خالص ، ونسيت إن العمر بيجري وكل لما أقول لك تابع مع دكتور علشان خاطر ربنا يشفيك ، تتابع شوية وترجع تهمل في نفسك .


ضيق عينيه بملل من حديث والدته الذي لاتنفض عنه يوماً ، ودموعها التي تشق قلبه شقاً كلما رآها تهبط علي وجهها بسببه وأردف بعتاب محب وهو يضع إناء القهوة علي المنضدة واحتضنها وهو يربت علي ظهرها :


_ ياماما ياحبيبتي كل يوم تعيطي وتكلميني في الموضوع ده وتاعبة نفسك علشاني ، دموعك دي بتنزل علي قلبي تكويه وبتحسسني إني السبب في ضيقتك دي كل يوم ،


واسترسل بتوضيح كي يطمأنها:

_ أنا متابع والله ياست الكل مع الدكتور وهو أكد لي خلاص إن كلها شهور وأبقي تمام بإذن الله وهفرح قلبك ياحبيبتي .


انفرجت أساريرها واطمئن قلبها وربتت علي فخذه بحنان مردفة بفرحة:بجد يامالك يابني ولا بتقولي كدة وخلاص علشان تريحني ؟!


ياحبيبي أنا نفسي ومني عيني أطمن عليك وأفرح بيك وأشيل ولادك علي إيدي قبل ماأموت .


وضع يده علي فمها قبل أن تكمل حديثها الموجع لقلبه مرددا :

_ لأ ياحبيبتي متقوليش كده ربنا يديكي طولة العمر 

وتفضلي منورة حياتي ياأمي ده من غيرك ماأقدرش

 اعيش ولا أكمل ياست الكل ، وست قلبي .


واستطرد يطمأنها بحفاوة أكثر :

_ متقلقيش ياأمي أنا مسافر ألمانيا كمان شهرين علشان أشوف مكن جديد وحاجز مع مركز عالمي هناك من يومين ،


وبعت لهم التحاليل وطمنوني جدا وقالو لي إن حالتي 

أصلا مش صعبة ولا حاجة وإن ليها كورس علاجي هاخده بانتظام وعلي فترات وإن شاء الله هبقي تمام وزي الفل ،

طمني قلبك ياأمي .


ارتاح بالها واطمئن قلبها ونظرت له قائلة بدعاء:

_ ربنا يكمل شفاك علي خير ياحبيبي ويرزقك من الخير

 أعلاه ومن السعاده أقصاها .


أمن علي دعائها وأكمل قهوته وقام مستأذنا منها كي

 يذهب إلى عمله ،


وتركها وغادر وهي تدعي له أن يسدد خطاه ويجعل

 السلامة تحالفه أينما كان .

_____________________________


في البنك الأهلي بمدينة الإسكندرية حيث يتجمهر في

 البنك المئات من الأناس ،

ينتظرون أدوارهم بنظام عالي وترتيت ويرجع ذلك النظام لمدير البنك الأستاذ "جميل " فكم هو جميل حقا قلباً وقالباً ،


فهو يدير البنك بحرفية ونظام يشهد له الجميع فهو نابغة في إدارة الأعمال بشكل عام وفي الحسابات بشكل خاص ،


يجلس جميل في مكتبه وأمامه جهاز اللابتوب الخاص بالبنك ويجلس معه أيضاً مهندس الألكترونيات المسؤول عن إدارة الالكترونيات وأجهزة الحاسوب ومسؤول أيضاً عن تأمينها ضد الهكر ،


فجميل اختار موظفينه بدقة وعناية فائقة لأجل المسؤلية العظيمة التي تقع على عاتقه تجاه البنك ،


تحدث جميل بجدية إلي المهندس نادر وهو يعمل على حاسوبه دون أن ينظر له مرددا:

_ ها يابشمهندس عملت إيه مع الهاكر إللي حاول يخترق حسابات البنك ومفكر نفسه ذكي ومحدش هيكشفه ؟


استمع إليه نادر بآذان صاغية وأجابه بثقة وتأكيد:

_ متقلقش يافندم أنا مقفله كل الطرق إللي يقدر يخترق بيها الحسابات وعايز أفرحك كمان وأقول لك إني خلاص قدرت أوصل لمكانه برغم كل الاحتياطات اللي عاملها ،


واسترسل حديثه بإيضاح:

_ ابن الذين بيتكلم من أرقام برايفت ومن أماكن عامة يعني كافيهات مثلا مختلفة من كل بلد شكل يعني مرة يحاول من مصر ومرة من بورسعيد ومرة من الاسماعلية وهكذا ،


علشان مقدرش أحدد مكانه كل مرة بالظبط ،


بس القدر خدمني في مرة وكنا خارجين أنا وواحد صاحبي وكنا في الجيزة قاعدين في بيته ،


وجالي رسالة علي الموبايل إنه بيحاول يفتح لأني مظبطه علي برنامج معين عندي لو فتح بأي طريقة أنا مترصد له ،


متتصورش الواد ده دماغه رهيبة وكمية ذكاؤه عاملة إزاي يافندم كل مرة بيكتشف إن في حد كاشفه فيغير طريقته فوراً في الهكر والتعامل ،


مش عارف ليه ميستغلش دماغه العبقرية دي في الصح ويسيبه من سكة اللوع والحرام إللي ماشي فيها دي !


قطع حديثه جميل موضحاً له عقلية ذلك الهاكر قائلا بذكاء :

_ إللي زي ده يانادر مش عايز يتعب ولا يعافر ، مستني ضربة الحظ إللي تجي له علي طبق من دهب فيقفش فيها پإيده وسنانه ويقول يافكيك ،


وأشار علي حاله بفخر متسم بالدعابة:

_ بس علي مين ، ميخلش ويعدي علي جميل .


ابتسم الآخر وردد بدعابة مماثلة:

_ طبعاً ده دماغه فايتاه ومش عارف هو إنه بيتعامل مع خُط البنوك ،

حضرتك أيقونة ذكاء متحركة وكلنا هنا شغالين بتوجيهات حضرتك يافندم.


أماء له بشكر وطلب منه أن يكمل حديثه ،


أكمل نادر حديثه شارحاً بتفسير :

_ وبصيت ياباشا لقيت إشعار جاي لي إن فتح في مكان معين تابعت المكان واتفاجأت إنه في الجيزة ،

في أقل من ربع ساعة كنت قدام المكان طيارة ودخلت الكافيه الموجود فيه ومن استكشافي شفت واحد في منتهي الشياكة قاعد والأيباد بتاعه قدامه ، قربت منه كويس ودققت في إصدار الأيباد من ورا في رقم معين كدة أدخله عندي وأعرف إذا كان ده من ضمن أجهزة الهاكر ولا لأ ،


تعبت جدا علشان أتحقق من الرقم بس جبته في الآخر بصعوبة جداً ، علشان ميشكش فيا ،


وعرفت إن هو يافندم راقبته وأخدت رقم عربيته وبعتها لواحد صاحبي في المرور ولسة مستني يجيب لي أخباره بالتفصيل،


طبعاً منقدرش نقبض عليه إلا وهو متلبس وخلاص قربت يافندم ، وهجبهولك لحد عندك وهقدمه لك هدية علي طبق من دهب .


_الله عليك ياهندسة عمري ماشكيت في ذكائك لحظة يانادر ...قالها جميل بثقة ، وأكملوا حديثهم عن أمور أخري تخص البنك .


______________________________


في كلية التجارة جامعة الإسكندرية ،


في نهاية السنة الدراسية حيث تتوافد جميع الطلاب علي قدم وساق لآداء الإمتحانات ،


بتوتر شديد مُلاحظ علي وجوه الطلاب من مختلف أقسام كلية التجارة ،


يدلف الدكتور رحيم المالكي المدرج المسؤول عن مراقبته اليوم ،

ألقي السلام بجدية واحترام علي جميع الطلاب الماكثين في توتر وهرج ومرج من دورانهم حول بعضهم ، كل يسأل غيره ويستفسر عما يريد ،


انتظموا في أماكنهم فور دخول الدكتور المراقب عليهم ورددوا السلام بوقار واحترام مماثل ،


وزع جميع الأوراق بالعدد عدا ورقة واحدة ، استغرب ونظر إلي المقاعد ليري ماإذا كانت زيادة أم ماذا ؟


وبالفعل وجد مقعدا فارغا نظر إلي الطلاب وتساءل بجدية :

_ في مكان فاضي وورقة زيادة ياجماعة مين محضرش خلاص فاضل عشر دقايق وورق الأسئلة يوصل ؟


تلفت الطلاب يميناً ويساراً ليروا من ينقصهم وبعد لحظات بسيطة أجابت طالبة قائلة باستغراب:

_ ده مكان مريم عماد ، معقولة إيه إللي أخرها وللأسف مش معايا تليفونها اكلمها عليه ،


_طيب محدش يعرف عنها حاجة خالص ولا يعرف سبب تأخيرها إيه ؟ ...قالها رحيم بقلق دكتور علي طالب ، كقلق الأم علي ابنها من رسوبه في أمر ما ،


لم يعرف اي منهم اي طريقة للوصول إلي مريم لأنها انطوائية جداً ولا تتحدث مع أحد إلا قليل قلة من زملائها ،


وظلت مريم متأخرة لنصف ساعة من دخول وقت الإمتحان ، وفجأة وجدوا من يقرع علي الباب بدقات سريعة،


حوَّل رحيم أنظاره إلي الباب واستشف بذكائه أنها المتأخرة عن موعد الإمتحان ،


ضيق عينيه بزهق وعنفها قائلاً باستنكار وهو ينظر إلي ساعته:

_ الأستاذة إللي مش واخدة بالها من إن وراها امتحان وجاية متأخرة ولا هاممها ،


واسترسل حديثه باستهزاء :

_ ياتري البرنسيسة إيه إللي أخرها عن الإمتحان كان عندها ميتنج مع وكالة أنباء ولا حاجة ؟


تجمعت الدموع في مقلتيها من استهزائه بها أمام الطلاب دون أن يتركها تشرح سبب تأخيرها ،


ولكن هذا الاستهزاء لا يشغلها حالياً بقدر ما يشغلها آداء الإمتحان فردت بهمس واستعطاف :

_ أنا متأسفة جداً لتأخيري يادكتور بس والله غصب عني ظروفي صعبة جداً هي إللي أخرتني ، وطمعانة من حضرتك إنك تدخلني الإمتحان ومتضيعش عليا المادة .


فكر مع حاله وأوجعه استعطافها واعتبرها مثل إخوته لو وضعوا في نفس الموقف ،


فأشار إليها بيديه أن تدلف إلي مقعدها وأعطاها ورقة الأسئلة والإجابة ،


تنهدت بارتياح وأخذت الورقة منه وذهبت إلى مقعدها بتعب شديد حاولت أن تخفيه من على معالم وجهها ،


جلست وبدأت في الإجابة بهدوء وصمت مثل باقي زملائها ، وجاهدت حالها علي عدم الإنهيار من شدة التعب والإجهاد الذي تشعر بهم ،


ولكنه كل حين ينظر إليها بفضول انتابه فجأة ،


لاحظ عليها التعب والإجهاد واضحين للأعمي يراهم ولكن وجدها تجاهد حالها ، فقرر أن لا يشغلها حتي تنتهي فهي متأخرة مايقرب من ساعة ،


انتهي الجميع من إجابة الإمتحان عدا هي الموجودة في المدرج معه تحاول أن تنهي إجاباتها بسرعة جدا فالوقت انتهي منذ عشر دقائق ،


نظرت إليه باستعطاف أن يمهلها عشر دقائق فقط كي تنهي الإجابة ، وقبل أن تتحدث أحس هو بطلبها ، فأشار إليها أن تكمل لأنه لاحظ إجهادها ،


وبعد ربع ساعة بالتمام أنهت الإمتحان وذهبت لكي تعطيه الورقة و إذا بها قبل أن تصل إليه قوتها تنهار ، وتسقط مغشياً عليها قبل أن تسلمه بالورقة ،


انتفض من مكانه ذاهبا إليها برعب وحاول أن يصل إليها قبل أن تقع أرضاً لشدة متابعته لها ، وبالفعل قبل أن تصل رأسها أرضاً كان ممسكاً بها ،


تمعن في ملامحها البرئية والتي من الواضح أن ورائها انكسار وحزن يكسوا معالم وجهها ،


ثم حاول إفاقتها ضارباً علي وجهها بهدوء مرددا بقلق :

_ آنسة مريم آنسة مريم فوقي ،


لم تجدي محاولته نفعاً فأنزل رأسها بتمهل أرضاً وأخرج من حقيبته زجاجة البريفيوم الخاصة به ووضع منها علي يديه ثم ذهب إليها علي عجالة ومرر يداه علي أنفها ،


وبالفعل استجابت لمحاولته وتململت بين يديه وبدأت بفتح عينيها رويداً رويداً ،


وتقابلت زرقاويتها مع عسلية عيناه عن قرب شديد ،

هدأت من روعها وما إن وجدها أفاقت وتحاول لملمة شتاتها تركها بهدوء ،


اعتدل من قامته وسألها محاولا الاطمئنان عليها :مالك 

ياآنسة مريم شكلك مجهد جدا وباين التعب جداً علي

 وشك ، إنتي بتشتكي من حاجة معينة تاعباكي ؟


رمشت بأهدابها بتوتر وإجهاد وأجابت باختصار شديد:

_ لأ الحمدلله مش بشتكي من حاجة بس كنت مجهدة

 بسبب ضغط المذاكرة ،


ثم شكرته بامتنان علي وقوفه بجانبها وعدم حرمانها من الإمتحان ، ولملمت أشيائها وغادرت بهدوء كما دخلت ،

نظر إلي طيفها بشرود وردد مع حاله بشرود:

_ دي مالها دي ،دي شكلها وراها حوار كبير أوي ،

ثم جمع الأوراق الخاصة بالإختبار وغادر تاركاً المدرج ،

 وتلك المريم بغموضها غاصت اعماق عقله


___________________________


في شقة راندا المالكي

جالسة مع أبنائها تدون في دفترها الأشياء التي ستأخذها معها وهي مسافرة إلي زوجها دبي ، حيث انتهي أبنائها من آداء الامتحانات منذ اسبوع وحان وقت سفرهم إلي زوجها الحبيب يقضون معه الأجازة الصيفية ،


ومن عادتها قبل أن تسافر إلى أي مكان تدون الأشياء التي تحتاجها وتراجع عليها ليلة سفرها ، حتي لاتنسي شئ ويكون هاماً وتندم فيما بعد فهي مرتبة ومنظمة جداً ولا تسمح بالتهاون في شئ ،


وإذا بالهاتف الخاص بها يعلن عن وصول مكالمة ،

نظرت للهاتف وابتسمت بفرحة وأجابت علي الفور بابتسامة :

_حبيبي كنت لسة علي بالي وبفكر فيك والله ولقيتك بتتصل ، عامل ايه يا هوبة؟


ابتسم زوجها وأجابها وهو يدخل شقته في الكويت عائدا من عمله وقال مشاغباً لها :


_ وياتري بقي ياست راندا أنا بغيب عن بالك وبختفي ساعات ولا أنا في بالك علطول ؟


إبتسمت بحالمية وهي تداعب خصلة شعرها وتحدثت بنبرة يملؤها الحنين لزوجها الحبيب الغائب الحاضر ، الغائب بجسده ولكن حاضر بروحه ويحاوطها في كل مكان :

_ إنت مبتغيبش عن بالي ياإيهاب علشان أنساك ، أو بالأخص مفيش حاجة بتشغل بالي غيرك ياحبيبي .


وعلي جانبيها أبنائها يعزفون بأيديهم كطريقة للمداعبة علي حديث والدتهم حين تحادث أباهم وتنسي نفسها من شدة الإشتياق ،


فنظرت إليهم وضحكت بصوت عالي آثار دهشة زوجها 

وسألها بفضول :

_ ياتري بقي إيه إللي طلعك من الإنسجام مع جوزك 

حبيبك وخلاكي تضحكي أوي كدة ؟


انتبهت لسؤاله وتوعدت بالإشارة لأبنائها وأجابت:

_ الأولاد هو في غيرهم مركزين معايا خالص وأنا بتكلم 

معاك وبيعزفولي كمان تصور بقي .


ضحك بشدة وهو يتخيل منظر أبناؤه وهم كالعادة يشاكسون والدتهم وطلب منها أن تفتح الفيديو كول :

_ افتحي الفيديو كول علشان حبايب بابا المشاكسين 

وحشوه ونفسه يطمن عليهم .


استجابت له علي الفور وفتحت الفيديو كول ، وطار 

أبنائها عليها مهاب علي يمينها وسما علي يسارها ،

 يتسارعون لرؤية أباهم الحبيب مرددين بشغب محبب :

_ ازيك يابابي عامل ايه ، وحشتنا أوي ،


وبعثوا له قبلة بأيديهم ،


رد لهم القبلة بمثلها واجابهم يطمئنهم :

_ حبايب بابي عاملين ايه وحشتوني كتير قد الدنيا بحالها .


أجابوه بطمأنة علي حالهم :

_ متقلقش علينا ياحبيبي إحنا كويسين جداً ومش ناقصنا غير وجودك جمبنا وفي حضننا ياغالي .


أخذ نفسا عميقاً وأردف بصبر:

_ خلاص ياحبايبي كلها أسبوع وتيجوا وتنوروا لي دنيتي المضلمة من غيركم ،


ثم استرسل حديثه بحزن اكتسبه من الغربة وطول البعاد :

_ متتصوروش حياتي من غيركم عاملة إزاي ملهاش طعم ولا معني ولا لون ،


ولا بستمتع وأنا باكل لوحدي ، ولا بحس بطعم الحياة إلا بوجودكم معايا ياحبايب قلبي ،


حزنت راندا لأجله ووجهت الكاميرا علي وجهها وحدثته لتهدا من إحساسه بالوحدة :

_ هتصدقني يا إيهاب إني حاسة زيك بالظبط نفس إحساس الوحدة ، بالرغم من إني حواليا ماما وبابا وأخواتي وولادي ،


بالرغم من إني في بيتي وفي بلدي ،


بس أنت بالنسبة لي كلهم ياإيهاب أبويا وأمي واخويا وبلدي وسكني وسكينتي وكل ما ليا إللي مبحسش بيهم إلا وأنا في حضنك وبين ايديك ،


تركها أبنائها تحادث والدهم بخصوصية ودلف كل منهم لغرفته ،


تأثر بحديثها الصادق الخارج من أعماق قلبها ورشق في أعماق قلبه وردد بحب :

_ ياه ياراند كلامك عامل زي البلسم اللي بينزل علي قلبي يهديه من وجع البعاد والغربة ،


عارف ياحبيبتي وحاسس بيكي وبإحساسك ،

عارف إنك بتتألمي زيي وأكتر كمان ، يمكن أنا بتلهي في الشغل هنا وضاغط نفس جامد علشان أضيع اكتر وقتي ،


أما إنتي ياحبيبتي شايلة مسؤلية البيت والأولاد لوحدك وكل مسؤولياتهم وهمومهم ومشاكلهم عليكي ،


وأكمل بنبرة حماسية كي يلهيها :

بس أنا بقي مجهز لكم بروجرام اول اسبوع هيعجبكم جداً وأخدت أجازة الأسبوع كله،


وضاغط علي نفسي بقالي اسبوعين علشان أخد الأسبوع ده أجازة .


_ياااه ياإيهاب كل مرة ببقي جايالك فيها ببقي طايرة من الفرح زي أول مرة بالظبط ...قالتها راندا بحالمية وحب ،


وظلا يتحدثان بكل مشاعر الوحشة والحب والغرام ،


"الغربة " تعطينا رغد في العيش ولكن تسرق من صاحبها أحلي سنين العمر ،


في الغربة تمرض وحدك ولا تجد من يداويك ، وتأكل وحدك ولا تجد من يوآنس وحشتك ،


في الغربة تشعر بالحنين للأهل والوطن والزمان والمكان وأقصي أحلامك ساعة واحدة فقط تقضيها بجانبهم ولم تطولها،


في الغربة أشيائك كلها منظورة والبعض ينتظر رجوعك لكي يتطلعوا إلي الأشياء التي تأتي بها وليس ليتطلعوا إلي شخصك ،


ثمن الغربة عمراً، عزوة مفقودة، بكاء علي لقاء الأحبة كل يوم بلا دموع ،


في الغربة تفقد الإحساس بألذ متع الحياة بل تفقد الإحساس بالحياة ،


الغربة لا تعطي سوي شئ واحد فقط الأموال ،

ولكن ماذا عساها الأموال أن تفعل هل تشتري راحة بال ، هل تشتري ساعة واحدة في قرب الأحبة ، هل تشتري طمأنة الأهل حين المرض ،


كثير من المغتربين بعد عودتهم في المطاف النهائي يقولون ندما لو عادت بنا الأيام ما اغتربنا وما ضيعنا أجمل سنين العمر ،


لكل مغترب وتاركا شطر من قلبه أنت مجاهد عظيم من أجل البقاء ، ولكل مسؤولة وراء ذلك المغترب أنتي مناضلة عظيمة من أجل الإرتقاء .

__________________________


"

بين الحقيقة والسراب

بقلم فطيما يوسف

الفصل الثاني

🌹🌷🌹🌷🌹🌷🌹🌷🌹

واثق الخطا يمشي ملكا " تستحق تلك الجملة أن تقال

 علي مالك الجوهري ،

ولكن ملكا بأخلاقه ملكا بقناعاته الهادفة وليس بالشكل والمادة ،

وصل إلي مصنع الملابس الخاص به وترجل من سيارته 

بهيبة ووقار وهو يغلق أزارر حلته الكاجوال ،

ويعدل من نظارته الشمسية ذات الماركة العالمية المعروفة "لاكوست" بلونها الأسود ، والتي تخفي نظرات عينيه ببراعة ،

دلف متعجلاً بخطاه وهو يلقي السلام بتواضع علي 

أفراد الأمن الماثلين أمام المصنع ،

فهو خلوق جدا وليس فيه داء الكبر علي عماله ولا هو صاحب النظرات المرعبة التي يعانيها الجميع ،

بل هو معتاد مع عماله علي السلام والكلام والتواضع والمحبة ،

دخل إلي مكتبه بعد ما ألقي التحية باحترام علي

 السكرتارية المخصصة لمكتبه ،

وفور دخوله خلع نظارته الشمسية ونزع الجاكيت

 الكلاسيكي ووضعه في الشماعة المخصصة الموجودة

 في استراحة مكتبه ،

وجلس علي كرسيه ممسكاً الهاتف يطلب من مديرة

 مكتبه أن تبعث للأستاذ علي صديقه الصدوق ، ومدير المصنع أن يأتي له ،

استجابت له على الفور وهاتفت مكتب الأستاذ علي

 وطلبت من الإتيان إلي مكتب مالك ،

بعد عشر دقائق وصل علي ودق على الباب بأدب

 ودخل ملقيا السلام وأردف بجدية وهو يجلس:

_ ازيك يامالك ، حمد لله على السلامة .

أجابه مالك بوجه بشوش:

_الله يسلمك يا علي ، أنا تمام الحمد لله ،

أخبار التصميمات الأون لاين ايه ،

شغالين تمام ولا مقصرين ؟

أمسك بالملفات المطبوعة الموضوعة أمامه 

وأعطاها له بعملية مرددا:

_ بصراحة شغالين كويس جداً أكتر من المصممين

 إللي شغالين وجها لوجه معانا هنا ،

أتمني إن ولو واحدة فيهم توافق تيجي تشتغل معانا

 هنا علي أرض الواقع ،

علشان الفنانين والناس المهمة إللي بتجي لنا

 ومبيكونوش عايزين تصاميم اون لاين للأسف ،

مش بيقتنعوا إلا لما يقعدوا مع المصمم ويعرفوه إللي

 عايزينه بالتفصيل بيبقوا كدة مستريحين .

اختلف مالك معه في وجهة النظر وأدلي رأيه بعملية 

رجل محنك مدرك بالتصاميم:

_ أختلف معاك في النقطة دي،

ياعلي المصمم ده فنان خيالي بيسرح بخياله في

 صورة ويفضل يسرح فيها لحد ما يحس إنه قرب

 منها يقوم بقي مشغل الموسيقى إللي بيحبها ،

ومشروبه المفضل ويقعد في حتة هدوء علشان يبدع 

رسمته ويطلعها زي ماهو راسمها في خياله بالظبط 

ويمكن تطلع أحسن كمان،

واسترسل بتوضيح أكثر:

_ علشان كدة أنا حابب شغل التصاميم الأون لاين

 وخاصة صاحبة ماركة " ريما ستور "

بجد التصاميم بتاعتها عاجباني وفي حتة تانية خالص ،

 ليها لمحة إبداعية في التصميم مريحة جدا ،

أكيد صاحبة الماركة دي إنسانة هادية وراقية علشان

 تتطلع لنا التصاميم بالروعة دي ،


وأكمل بتمني : مصممة بالخبرة المتجددة دي أكيد

 سنها معدي ٤٥ سنة علشان خبرتها في التصاميم

 متطورة جداً عن الباقيين إللي بيبعتوا لنا ، واللي نعرف عنهم كل حاجة إلا دي رافضة أي طريقة للتواصل معاها ،

بجد أتمني في يوم من الأيام إني أقابل فنانة زي دي ومصممة عظيمة مينفعش تبقي مغمورة جوة التصميمات كدة ، ومتخرجش للعالم الخارجي وتحضر أتيليهات ،

 أنا واثق ومتأكد إن دي لو ظهرت هتكسر الدنيا.

حمحم علي بصوته وأخذ التصميمات المطبوعة 

وأعطاها له قائلا:

_ أتمني ذلك بس ساعتها لما منافسين كتير يحاولوا يخطفوها أو يحتكروها متزعلش ،

واسترسل وهو يمد يده بالتصميمات :

_ إتفضل ياسيدي التصميمات الجديدة أهي ،

إللي استلمناها أول الأسبوع بص عليها كدة وشوف إللي هيعجيك ايه ، وشوف إللي عايز تعديل أبعته تاني يتعدل .

أخذ منه التصميمات وتحدث بعملية وهو يتطلع إليها 

دون أن ينظر له :

_ السوق علمني إن الكف السابق غالب يابني ، يعني

 دي أول مايجي في بالها فكرة الظهور مش هتعدي من

 تحت إيد مالك الجوهري ،

ودة مش غرور مني ولا حاجة لأ دي خبرة سنين اكتسبتها من خلال ممارستي للعمل من أول مابتديت ، إنت عارف

 أنا المصانع دي ولا ورثتها ولا جات لي كدة من الهوا ،

تعبت فيها وعملتها من الصفر وطبعاً نجاحها يرجع

 أولا لفضل ربنا عليا في إنه رزقني التوفيق ، وللعمال إللي وقفت جمبي وسندتني من البداية لحد إللي وصلت له

 ،واسترسل بدهاء: وبعدين إنت قلت لي قبل كدة إنها

 اتعرض عليها عروض كتيرة جدا من منافسين حوالينا

 وهي كانت دايما بترفض ،

وقالت لك إنها يستحيل تسيب الكيان إللي ابتدت 

واتطورت وحققت نجاح معاه ،صح ولا أنا غلطان ؟

وافقه علي حديثه وأجابه بتأكيد : صح جدا يامالك

 ريما ستور بالذات فيها حتة الوفاء للي بتشتغل معاهم

 ومش ماشية بمبدأ اللي يغريها بفلوس أكتر تروح وراه ،

هي شايفة إن إسم الجوهري أضاف ليها ولسه هيضيف

 لها كتير علشان كدة مكملة وهتكمل معانا إن شاء الله ،

وظلا يتحدثان في أمور المصنع والتصميمات لمدة ،

إلي أن دق الباب ودخلت السكرتارية مرددة بعملية:

_ مالك بيه الأستاذة نهال برة وعايزة تقابل حضرتك ،

ضيق عينيه بزهق وردد باستنكار: قولي لها مالك بيه

مشغول ،وكاد أن يكمل إلا أنه وجدها تقتحم المكتب

 بكل غرور وابتسامة سمجة قائلة باستسماح : معلش

 يامالك عايزاك في حاجة مهمة ومش هعطلك كتير ممكن ؟

أشار بعينيه للسكرتيرة أن تتركها وتغادر ،

وقام علي من مقعده وهو يلملم أشياؤه قائلا باستعجال:

_ طيب أنا همشي أنا بقي ورايا مقابلات كتير ، اشوفك

 في الميتنج بالليل متنساش سلام .

لأ مش هنسي مع السلامة ،

رددها مالك بهدوء ، ثم نظر إلي الجالسة تنظر له بتبجح 

وقال ببرود :_ خير إن شاء الله إللي جايب نهال هانم

 لحد عندي وبدون ميعاد سابق ؟

رمشت بأهدابها بتوتر ورفعت مقلتيها تنظر داخل عيناه كطريقة منها للتأثير عليه كقبل ذلك وأردفت بعتاب :

_ كدة يامالك دي مقابلة تقابلها لي بعد المدة الطويلة

 إللي مشفتكش فيها ،مكانش العشم برده .

دق بقلمه على مكتبه ليبين لها عدم اهتمامه لثرثرتها 

وأوضح بسخرية:

_ عشم إيه إللي بينا يانهال إللي بتتكلمي عليه ،

العشم ده تبليه وتشربي مايته وتقولي الحمدلله

 وراه إني رضيت اقعد معاكي أصلاً .

استمعت لحديثه وقالت بحزن مصطنع : للدرجة دي هنت عليك تقول لي كدة ،للدرجة دي هانت عليك عشرة ٨ سنين جواز واتنين خطوبة !

ضحك بصوت عالي دليلا على الاستهزاء بكلامها وأكمل

 وهو يحك ذقنه بتساؤل: _ إنتي مصدقة نفسك والكلام العبيط إللي إنتي جاية تقوليه ده ،

خلاص مالك بتاع زمان إللي اتحايل عليكي هو وأمه

 إنك تفضلي جمبه ومتسيبهوش علشان خاطر أزمة

 صحية مسيري هتعالج منها ، وبالرغم من كده بينتي

 أصلك بدري أوي ،واسترسل بسخرية: يابنت الأصول .

قامت من مكانها واتجهت إلى مقعده واقتربت منه وهي

 تنظر داخل عيناه قائلة بندم صادق:_ كنت لسة صغيرة وغصب عني ضعفت من ضغط ماما وإللي حواليا ، ورجعت لك دلوقتى ندمانة ومشتاقة ومن الآخر عايزاك يامالك قلبي ،

وبحركة مفاجأة منها وضعت قبلة هائمة ،

انتفض من أمامها كمن لدغه عقرب وبسرعة ابتعد عنها

 فمالك يخشي الله ولا يقبل بأي شئ محرم يفعله وعنفها قائلاً بشدة :_ إنتي إزاي يابني آدمة إنتي تسمحي لنفسك تقربي مني بالمنظر ده يامحترمة !

عيب علي الحجاب إللي لايمت بالحجاب بصلة اصلا إللي إنتي لابساه ،

وذهب إلى الباب وأشار بيديه كطريقة لطردها مرددا

 بعنف: _ ودلوقتي حالاً إتفضلي اطلعي برة معنديش

 وقت أضيعه معاكي ،

ثم اتسعت عينيه بحدة كحدة عيون الصقر مردفا بصوت عالي:_ إتفضلي وياريت مشفش وشك هنا تاني .

قامت وهي تحمل حقيبتها بعنف وأردفت بتوعد جراء كرامتها المهدورة وهي تقف أمامه مرددة : هتندم يامالك وهتدفع تمن طردك ليا من هنا واستهزائك بيا ،

ثم خرجت بسرعة غاضبة من مكتبه تدل على غضبها الشديد واستيائها من مقابلته لها الغير متوقعة في عقلها بالمرة .

أما هو بعد خروجها حدث حاله وهو يضرب بكفٍ علي كف:

_ قال ياقاعدين يكفيكوا شر الجايين ،

وذهب إلى مكتبه وطلب فنجانا من القهوة كي ينزع عنه صداع الرأس من تلك الشمطاء التي كانت تجلس معه الآن .

أما هي بعد خروجها ركبت سيارتها وجلست بها وأمسكت هاتفها وهاتفت شخص ما مرددة بعصبية :

_ أيوة ياست هانم هو ده اللي قلتي لي ده الوقت الصحيح إللي هترجعي له وهيقابلك بالأحضان ،

أجابها الطرف الآخر:

_ اهدي بس إيه إللي حصل لعصبيتك دي ؟

جزت علي أسنانها بغضب ونطقت بسخرية:

_ البيه طردني طردة الكلاب من مكتبه وكأني حشرة وعاملني بمنتهي البرود ،

أنا نهال الدين يتعمل فيا كده،  واسترسلت بتوعد:

_ والله لا أندمه علي إللي عمله معايا وهدفعه التمن غالي ،

وظلا يتحدثان بتخطيط كل منهم علي هواه

_____________

في منزل باهر الجمَّال زوج ريم عصرا

عاد باهر من عمله فهو يدير مع أخيه سلسلة المطاعم المشهورة في الإسكندرية بالأسماك البحرية ذات النكهة المميزة بمطاعهم ،

ليتناول وجبة الغداء مع زوجته وأبنائه فهو عكس أخيه يحب التجمع مع أبنائه علي طاولة الطعام،

دلف إلي داخل المنزل وصعد إلي الطابق الثاني لكي 

يسلم على والدته ويطمئن عليها أولا ،

دلف إليها بوجه مبتسم وهو يقبل رأسها:

_ إزيك ياماما عاملة إيه يابرنسيسة اسكندرية بحالها .

واسترسل وهو يغمز لها بمداعبة:

_ إللي يشوفك كدة ميقولش عندك شابين طوال 

عراض زيي أنا وزاهر .

_الله أكبر عليكوا ياحبايبي ربنا يحرسكم ويحميكم 

من العين يااارب .... قالتها والدته بصدق ،

وأكملت بنبرة متهكمة :_ بردوا جاي علي ملى وشك

 علشان تتغدي مع البرنسيسة ريم هانم ،

ماكنت اتغديت مع أخوك ماهو مبيجيش زيك كدة

 كل يوم ويتعب نفسه ،

ولا الست ريم هانم تزعل وتعلق لك المشنقة.

استوعب سؤالها وأردف بنبرة عتاب محاولا تجنب سخريتها :

_ ليه ياماما ديما مش متقبلة ريم وديما شايفاها زوجة الإبن المتسلطة والمتحكمة ،

واسترسل بعتاب :_ علي فكرة بقي إنتي مربية رجالة

 مفيش حريم بتحكمهم ، كل الحكاية إني بحب أتجمع 

مع ولادي ومراتي علي سفرة واحدة ،وكمان بابا الله يرحمه معودنا علي كدة كان يسيب شغله ويجي يتغدي معانا.

لوت شفتيها بامتعاض وأردفت بنفس سخريتها:

_ ولما إنت راجل كدة زي ما بتقول سايب البرنسيسة 

تشتغل رسامة وخياطة ليه ؟! هي محتاجة فلوس علشان تجرسنا وسط الناس بشغلها علي النت ؟

انتصب قائماً كي ينهي الجدال العقيم الذي لايسمن ولا يغني من جوع مع والدته وأردف وهو ينظر إليها باستعطاف:

_ ياماما قلت لك ميت مرة ريم مبتشتغلش علشان الفلوس ولا علشان محتاجة ،وبعدين ليه مسمية شغلها ده خياطة

 أو رسامة مع إن دي مهنة عظيمة لكل ست بتشتغلها علشان تحسن من مستوي حياتها وتقف جنب جوزها ،واستطرد بتفهم : _ ريم مصممة ياماما ومصممة شاطرة جدآ وموهوبة وبتشتغل بهدف تضييع الوقت علشان متحسش بملل ،

ولا إنتي عايزاها تبقي زي هند قاعدة مع دي شوية ودي شوية وجايبة لجوزها مشاكل .

اقتنعت بحديثه لكن عن هند فقط وأكملت بتشبس :

_ وليه متكونش زي اختك ماهي ولا بتقعد مع دي

 ولا دي ولا بتجيب مشاكل وبردوا حافظة قيمة جوزها ومركزه وسط الناس .

تأفف بضيق وتحدث بحدة:

_ لو سمحتي ياماما ياريت متتكلميش معايا في

 الموضوع ده تاني ريم شخصية وأختي شخصية 

وطالما مراتي في حالها ومبتجبليش مشاكل خلاص .

أمسكته من يده وأجلسته كي تراضيه لأنها رأت علامات الضيق ارتسمت علي وجهه :_ ياحبيبي أنا بقعد باليومين

 هي فوقي وأنا تحتها ومبشفهاش ، وأكملت وهي بحزن مصطنع:_ والعيال ولادك بيوحشوني وببقي نفسي 

أشوفهم وهي مبترضاش تنزلهم إلا ورجلها علي رجلهم .

ربت علي ظهرها مرددا بحنان:_ خلاص ياماما هتكلم معاها في موضوع النزول والولاد ده ، أما موضوع التصميم والهواية إللي هي بتحبها معلش ياأمي اعذريني .

إبتسمت بانتصار لاعتقادها أنها مغصت اليوم علي ريم ورددت بخبث:_ لأ ياحبيبي متتكلمش معاها أنا مش عايزة أعمل لك مشاكل مع مراتك وتقول لك أمك ومش أمك آه .

_ولا مشاكل ولا حاجة ياحبيبتي ريم عاقلة ودماغها كبيرة ...قالها باهر وهو منتوي الخروج مودعا والدته وصعد إلى شقته في الطابق الرابع وهو ينفض جميع ما قالته له والدته عن باله .

دلف المنزل وما أن استمع ولده الصغير مجيئه هرول إليه مسرعا بسعادة عارمة ، وأخذه بين أحضانه مرددا

 بإبتسامة:_ حبيب بابي إللي واحشني قد الدنيا بحالها ،

ونظر يميناً ويساراً متسائلاً بلهفة :_ آمال فين مامي ؟

خطت إليه تحتضنه كعادتها عند عودته من الخارج ،

استقبلها بين أحضانها وقبلها من جبهتها مرددا بحب:

_ حبيبتي الجميلة إللي واحشاني جداً .

قبلته من وجهه وأردفت بإبتسامة عذبة:

_ حمد لله على السلامه ياقلبي ، إنت كمان واحشني جداً ،

واسترسلت وهي تشير إلى الطاولة :_ يالا ياحبيبي اقلع الجاكت واغسل ايديك أنا جهزت الأكل علي السفرة ،

بسرعة بقي علشان احنا جعانين جدا ومستنينك 

ومرضيناش ناكل حاجة خالص إلا لما تيجي .

ذهب إلي المرحاض كي يطهر يداه وتحدث:

_ حالاً أهو هغسل إيدي وأجي لكم يا حبايب بابا ،

وجلست العائلة الصغيرة مجتمعين علي طاولة الطعام 

بكل حب وألفة متسامرين بضحكات ومشاغبات باهر 

مع أطفاله وزوجته ريم ،وقرر أن يقضي باقي يومه معهم ،

ريم لها ولدان من باهر عمر في سن الخامسة من العمر ، وياسين عمره شهرين فقط ........




رواية بين الحقيقة والسراب 

الفصل الثالث

بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

في منزل جميل المالكي (والد ريم)

تقف راندا ووالدتها فريدة في المطبخ يجهزون الطعام ،

فراندا أتت لتقضي اليوم هي وأبنائها مع والدها ووالدتها وأخيها لأنها ستسافر إلي زوجها في نهاية الأسبوع ،

فريدة بحزن : يعني خلاص يا راندا هتاخدي الولاد

 وتسافري آخر الأسبوع ؟

واسترسلت بوحشة وهي تنظر إلى احفادها:

_ أنا متعودة علي وجود الولاد حواليا بجد هفتقدهم

 اوي ومش عارفة هستحمل بعادك وبعادهم إزاي ؟

احتضنتها راندا وقبلتها من وجهها وأردفت بحب: ياحبيبتي إنتوا كمان هتوحشوني أوي متتصوروش ببقي متضايقة علشان خاطر هبعد عنكم التلت شهور دول كلهم ،

واسترسلت وهي ترفع يداها الاثنتان : _ ولكن ما باليد

 حيلة يا أمي للأسف ظروف الشغل هنا في البلد صعبة جداً ولو إيهاب فكر يرجع مش هيلاقي مكتب يعيشنا المستوى الاجتماعي والمادي إللي إحنا عايزينه .

رد عليها رحيم أخيها وهو يخرج من غرفته :_ طب ياروني ما كفاية كدة ويرجع يفتح له مكتب هنا ورزقكم علي الله .

وجهت أنظارها تجاه أخيها وأردفت بعملية : للأسف يارحيم سوق العمل هنا بقي صعب والجنية قيمته قلت جداً وزيد عليهم كمان إن كل الفلوس إللي بيبعتها لنا إيهاب يدوب

 عملنا بيها الفيلا بتاعتنا ولسة كمان بنشطب فيها ،

قدامنا سنة كمان علي مانخلصها ،واسترسلت بتوضيح

 أكثر : لو رجع بقي واستقر هنا هنضطر نحط كل الفلوس إللي معانا في المكتب وتشطيباته ونستني بقي عقبال مانكون عملاء يثقوا فينا ،وبعد سنين الغربة دي كلها

 يبقي الحال كما هو عليه . استوعب أخيها حديثها 

وأردف بنبرة حنونة : _ فعلاً سوق العمل هنا بقي فيه 

خمول رهيب وربنا يستر ، ومين عايش في الدنيا مرتاح ياأختي ، توكلي على الله وقلوبنا ودعواتنا محاوطاكم .

ربنا علي ظهره بحنان مماثل ورددت :_ حبيبي ربنا

 يخليكم ليا وميحرمنيش منكم أبدا ،

ومسير الأيام هتجمعنا وساعتها بإذن الله مش هنفترق أبدا .

وما إن أنهت كلامها حتي سمعت أباها عائدا من البنك ،

هرول إليه أحفاده مسرعين باحتضانه ،

استقبل هم جميل بحفاوة مقبلا كل منهم من رأسه وردد بوجه يشع سعادة : _ يادي النور يادي النور أحفادك

 حبايبك منورين بيتك ياجميل ،

واحشني يامهاب إنت وحبيبة جدها سموكة القمر ،

وأمسك كل منهم بكفاي يداه وأجلسهم علي الأريكة وهو متوسطهم مرددا بحزن : خلاص هتسيبوا جدوا وتسافروا .

احتضنوه وقبلوه من وجهه وقال مهاب :_ إنت كمان هتوحشنا أوي ياجدوا وأكتر حاجة هتوحشني إنك تعملي كوباية القهوة التمام ونقعد أنا وأنت في البلكونة ونديها شطرنج لحد نص الليل ،

ثم ضم شفتيه وهو يضع إصبعه السبابة عليهم واسترسل بتأثر مصطنع:_ تصدق ياجدوا إني بجد هفتقد قعدتك ودروسك إللي بتديهالي في الحياة لما أسافر .

_بس بقي يامهاب سيب لي جدوا شوية هو مفيش

 غيرك إللي حبيب جدوا...قالتها سما وهي تشدد من 

احتضان جدها الحبيب.

ابتعد جميل عن مهاب بحدة مصطنعة وأردف بنبرة 

حب لسما: _ ابعد يا ولد يامهاب خليني أشبع من سمكة حبيبة جدها إللي بتعمل لي أحلي كيكة وجمبها كوباية شاي ،

ارتمت بين أحضانه وابتسمت لإطرائه الشديد لكل ماتفعله له وتحدثت بابتسامة عريضة:_ ياه ياجدوا إنت الوحيد إللي بتعمل لي قيمة وبترفع من معنوياتي إللي دايما حابطها

 لي الواد ده ، وأشارت بعينيها الي أخيها وهي تخرج له لسانها علي سبيل المداعبة ،

وبدوره ألقي بالوسادة في وجهها واشتعلت الحرب بينهم بمشاكسة ،

فضت والدتهم النزاع الأخوي المعتاد في كل منزل وكعادة

 كل ام رددت بصوت عالي:_ بسسسس عيب يابنت عيب ياولد ، ونظرت إلي والدها وقالت :

_ يالا يابابا ادخل غير هدومك أنا وماما جهزنا الغدا ،

واسترسلت بحزن مصطنع:_ ولو إنك انشغلت مع الأشقية دول ومسألتش علي بنوتك حبيبتك .

أجابها والدها وهو ينظر إلي أحفاده بحب :

_ متزعليش مني ياروني دول بيخطفوا قلبي أول مابشوفهم ،ثم ولج إلي غرفته لكي يبدل ملابسه ويخرج يتناول معهم الغداء ،

وضعت فريدة وراندا الطعام علي الطاولة بنظام وترتيب كعادة فريدة فهي تعشق النظام والترتيب وما إن انتهوا 

حتي خرج جميل من غرفته وجلسوا جميعهم يتناولون الطعام بشهية مفتوحة نظراً لتجمعهم ،

ثم أردفت فريدة بحزن :_ مش كانت الست ريم هانم

 كانت جت اتجمعت معانا في يوم زي ده ؟

_إنتي كلمتيها وعرفتيها ياماما ؟سألها رحيم وهو يشمر 

عن ساعديه ليتناول طعامه في أريحة ،

امتعضت ملامحها وأجابته بنبرة حادة:آه طبعاً كلمتها وبتقول إنها مش فاضية وإن وراها تصميم مطلوب تسلمه بكرة ،

وأنها هتبقي تروح لراندا تسلم عليها قبل ما تمشي ،

واسترسلت باستنكار: _ ومحليش التصميم إلا لما طلبت

 منها تيجي تتجمع معانا .

تفهم جميل حديثها وأجابها بتعقل :_ ماتبقيش أفشة كدة

 مع ريم ياأم رحيم ، البنت بتعشق التصميم وبتحبه جدا وبتحاول تتطور من هوايتها وتحقيق حلمها ،

المفروض مننا إننا تساعدها ونقف جنبها ومنكسرش مقاديفها .

استنكرت فريدة حديثه ونقده وأردفت بعتاب :

_ يعني لما أكون عايزة أجمع ولادي مع بعض علي سفرة واحدة وناكل من نفس الطبق يبقي بكسر مقاديفها ،

واسترسلت بتوضيح : _ فيها إيه لما كانت تستأذن من التصميم أنها هتأخره يوم علشان أختها مسافرة آخر الأسبوع ، وكانت جت اتجمعت معانا وقضينا يوم مع بعض ،

ولا علشان اتجوزوا وخلفوا بقي ملناش حق نضايق أو نطلب نشوفهم في أي وقت !

ضغط جميل علي يديها كنوع من التهدئة وتحدث بهدوء :

_ ملقتيش إلا ريم أهدي واحدة في ولادك وتشني عليها الحرب ، واسترسل بتعقل وهو يغمز لرحيم وراندا أن

 يصمتوا عن حديثهم عن أختهم لكي يهدئ والدتهم :

_ وبعدين البنت ملتزمة بعقد ومواعيد مع صاحب المصنع والعقد له شروط جزائية علي التأخير ، وغير بيتها وولادها وأنتي قلبك كبير ياأم رحيم .

_أيوة ياأخويا إنت هتيجي في صفي علشان الست ريم هانم آخر العنقود إللي أي حاجة بتعملها علي قلبك زي العسل ،

قالتها فريدة باستنكار لحديثه واستطردت بتهكم :

_ وأنا بقي الأم الشرانية وأنت الأب الطيب الحنين ،

ابقي خليها تعمل لك بقي الرز المعمر إللي كنت هعمله لك .

أجابها بدعابة على الفور متراجعا:_لاااا وعلي إيه ياأم 

الغالين البت ريم غلطانة والغلط راكبها من ساسها لراسها ،

واعملي فيها إللي علي كيفك ، بس متحرمنيش من الرز المعمر بتاعك إللي يعمر الدماغ ويسلطنها ،

وأكملوا سهرتهم في جو أسري ممتع وأثناء اندماجهم

 سمعوا صوت الجرس الخاص بفيلتهم الصغيرة يعلن

 عن وصول أحدهم ،

قام رحيم وفتح الباب وإذا بالصغار يقتحمون المنزل

 بمشاغبة تاركين آباهم مهرولين إلي جدهم الحبيب جميل ،

ابتسم رحيم وردد بمشاغبة:_ طيب مش تسلموا علي خالوا ياوحشين هو أنا كيس جوافة واقف يعني طب أنا زعلان ،

ومثَّل بعلامات وجهه التي أضحكت ريم وباهر بشدة ،

ثم ردد باهر بمداعبة : _ إحنا نقدر نزعل كيس الجوافة يوووه قصدي الدكتور رحيم علي سن ورمح ،

ثم أخذه في أحضانه ليتبادلوا السلامات

ودخلت ريم سلمت علي والدتها واحتضنتها بشدة وعلي أختها بالمثل وسلمت علي أبيها وتحدثت بعتاب مصطنع :

_ إيه ده متجمعين من غيري ياأندال وكمان بتاكلوا رز

 معمر من إيد ست الحبايب من غير ماتعزموا عليا ،

مكنش العشم ياوحشين أنا مخاصماكم . تأففت والدتها 

وردت بحنق: _ آه يختي كلي بعقلنا حلاوة وعلي رأي

 المثل خدوهم بالصوت قبل مايغلبوكم ،

واسترسلت بتهكم: _ هو أنا مش متصلة بيكي وعازماكي وقايلالك إن أختك جاية هي ولادها علشان نتجمع كلنا

 قبل ماتسافر لجوزها .

أنبت حالها أنها فتحت ذاك الحوار وأصبحت متيقنة أن والدتها لم تمرر جلستها مرور الكرام قبل أن تفضي مافي جبعتها بالكامل ،

وعلمت أن أفضل رد الآن هو الإعتذار لتجنب المشاحنات فأردفت بإبتسامة يصاحبها الدعابة: _انا إللي جبت ده كله لنفسي ،ايه يا نبع الحنان كده تقسي علي ريما حبيبتك 

وآخر عنقودك مكنش العشم بردك ،

ثم احتضنت والدتها وأكملت بصدق:_ معلش يا أمي حقك عليا إنتي عارفة غصب عني والله أنا ملتزمة بتصاميم

 بوقت محدد لازم أخلصها وإلا هتعرض لشروط جزائية .

لوت شفتيها بامتعاض وهتفت بحدة: _وأنتي إيه إللي يخليكي تلزمي نفسك وتحطي شروط تورطك ، مسبتيش نفسك حرة ليه وقت ماتخلصي تبعتي علشان متضغطيش علي نفسك وتقصري في حق نفسك وحق إللي حواليكي .

رأي باهر أن فريدة لن تصمت إلا أن تري دموع ريم بسبب تأنيبها لها فتدخل لكي ينهي الحوار مردفا بدعابة:_ ولا سلمتي عليا ياحماتي ولا رحبتي بيا ولا بأحفادك ولا كأنك شايفة حد غير ريما هانم ،

أنا زعلان جدا أنا زعلان خالص .

ابتسمت علي حركات وجهه وأومأت ببشاشة :_ لأ بقي

 ده إنت حبيب قلبي الغالي وأبو أحفادي وأخو رحيم ،

ثم نظرت إلي أحفادها واحتضنتهم بحب حقيقي ، 

وداعبتهم وانشغلت معهم ونسيت أمر ريم والتصميم

 في حضرة أعز الولد ،

ثم نظر جميل الي فريدة مرددا بفخر :_ سمعت إن بقي

 ليكي ماركة مشهورة ومكسرة الدنيا ياريما ستور ياعالمي ،

ابتسمت ريم علي فخر أبيها وتحدثت وهي تشير علي

 حالها بفخر مصطنع : _ أيون أيون أنا بقيت مشهورة 

بس للأسف مغمورة ،والله أنا خسارة في البلد دي .

ابتسموا جميعاً علي مداعباتها وأردف زوجها بجدية:

_ مغمورة آه قلتي لي ، طب متحلميش بقي ياحبي

 علشان ماتفقيش علي كابوس ،إحنا في بينا شرط إنك

 لو هتشتغلي يبقي مش مباشر ، إنتي عارفة إني بغير 

عليكي من الهوا الطاير ،ومش مستعد بقي لحوارات

 التصميم إللي معرفش مصنع مين مكلمك وآتليه مين

 عايزك وحوار الإغراء بالفلوس علشان تروحي للمصنع 

ده ولا المصنع ده ،واستطرد وهو ينظر داخل عيناها

 بحب: _ أنا عايز نعيش أنا وأنتي وأولادنا في هدوء 

بعيداً عن ضوضاء السوشيال ميديا وعالم الأعمال 

إللي مبينتهيش ،

لم يعجب جميل حديث باهر وتحطيمه لآمال غاليته 

ولكنه صمت لعدة أشياء أهمها أن ابنته موافقة علي 

حديث زوجها ولم تعترض ،

وأيضاً لم يريد أن يحشر نفسه بينهم هم أدري بشؤون بيتهم،

أما ريم حزنت داخلها لأجل تصميم زوجها علي غمر 

موهبتها داخل أركان منزلها فقط ،وأعدت نفسها للتحدث 

معه في ذلك الموضوع علي انفراد ،

ثم التهت مع عائلتها في جو كله مرح وسعادة لاتريد هي إفسادها بمزاجها السئ .

____________________________


في منزل مالك الجوهري

يجلس علي الأريكة وأمامه اللابتوب الخاص به يراجع 

بعض التصميمات المرسلة إليه من علي ،

وجد أن أكثرها يحتاج إلى تعديلات دونها أولا بأول لكي يرسلها إليه فهو المسؤول عن التصميمات الأون لاين

 ومتابعة أصحابها ،

إلي أن جاء أمامه التصميم المبهر الذي ينتظره كالمعتاد ويعرف صاحبته جيدا من أشياء كثيرة ،

من هدوئه الذي يخطف بريق العين ،

ومن اكتماله فنادرا ما يجد لصاحبة هذا التصميم أخطاء

 فهي تنفذ تصميمها بحرفية عالية ،

ومن توقيعها أسفل التصميم توقيع خاص بتصميمها فقط ،

وحدث حاله وهو يتناول قهوته ويشرب معها السيجار المفضل لديه قائلاً بإعجاب :_ ياتري عندك كام سنة ياريما ستور علشان تصميماتك إللي في منتهي الروعة دي ،

إللي زيك بالخبرة والإبداع ده اكيد عمرك معدي ٥٠ سنة ،

وأكمل متسائلا حاله بحيرة:_ ياتري ليه مختفية ورافضة الظهور واحدة زيك كان المفروض أقل حاجة يبقي عندها مشغل وأتيليه ويجي لها أشهر الناس يصمموا عندها ،

وبقي علي حيرته وتعجبه إلي أن خرجت والدته تدعوه

 إلي تناول العشاء ،

ذهب إلي طاولة الطعام وسأل والدته وهو يمسك الشوكة بيده اليسري والسكينة باليمني ويقوم بتقطيع الدجاج من أمامه بضيق:_ هو الأستاذ مازن سهران برة كالمعتاد كل يوم نتعشي من غيره ،ونظر في ساعة يده مردفا بحدة :

_ والساعة حالياً داخلة علي ١١ وهو ولا في دماغه .

ربتت أمه علي يده مردفة بحنان:

_ أمنتك أمانة يامالك ماتعصب نفسك يابني كل لما تيجي تاكل لقمة وتنكد علي نفسك ،

وهو بردوا شاب يابني اعذره بيعمل زي أصحابه الشباب

 إللي من سنه .

أجابها متهكما بسبب دفاعها المستميت عن تصرفات ذلك الفاشل :_ لحد امته ياماما هتفضلي تبرري له أفعاله الزبالة دي ؟ البيه السنة بياخدها بسنتين ومش حاسس ولا دريان بعمره إللي بيضيع في التفاهة والهيافة إللي هو عايشها ،

واسترسل بضيق وهو يتناول هاتفه لكي يتصل به ويري

 اين هو إلي الآن وما إن أجابه أخيه انفجر فيه بحدة :

_ الأستاذ إللي بيصيع مع شلة المراهيق إللي زيه ناوي

 يجي امته إن شاء الله ؟

توتر مازن من حدة أخيه وابتلع لعابه وأجابه بتوتر:_ أنا

 أنا خلاص راكب العربية وجاي أهو يامالك ،

وبعدين أنا متأخرتش يعني علشان تتعصب كدة ، دي

 الساعة لسة مجتش ١١ !

_أنا مستنيك نص ساعة بالكتير ألقاك قدامي ،

قالها مالك بأمر وهو يغلق الهاتف في وجهه دون أن 

ينتظر رده . وما إن وجدته والدته يمسك بالفوطة الخاصة بالطعام والتي بها يعلن عن انتهاؤه للطعام ،

حتي أمسكته من ذراعه وأردفت بمحايلة:_ أستحلفك بالله

 لا تقعد تكمل عشاك إللي كل يوم والتاني متكملهوش بسبب أخوك ،وأنا والله لما يجي هتكلم معاه وهشد عليه  .

مالك بهدوء :_ لأ إله إلا الله ، أنا خلاص شبعت ياأمي مقدرش آكل حاجة تاني .

_لا والله ما هتقوم إلا لما تخلص طبقك ده كله .

قالتها والدته بتصميم استجاب له مالك كي لا يحزنها ،

ثم أنهي طعامه وطلب من والدته فنجانا من القهوة 

تطهيه بنفسها له ،

وذهب إلي الأريكة لكي يكمل عمله بهدوء وهو ينتظر

 ذلك البارد ،

انتهت والدته من صنع القهوة وما إن جاءت تجلس بجانبه حتي سمعوا صوت السيارة الخاصة بمازن ،

حدثته والدته بامتنان:_ بقولك ايه يامالك متتكلمش

 معاه سيبني أنا المرة دي أتكلم معاه ياحبيبي .

وافق مالك علي حديثها لكي لا يحزنها ، وتناول قهوته في هدوء دون أن يعير قدوم أخيه ادني انتباه ،

نظرت إليه والدته بغضب شديد منعتة إياه بشدة : حمد لله على السلامة من اللف يامازن بيه ،

إيه مش هتسيبك من شلة الضياع إللي إنتي ماشي وراها

 دي وتركز وتفوق لمستقبلك ،

ثم رفعت سبابتها أمام عيناه وأكملت بشدة وهي تمد يدها الأخري له :_ هات الفيزا إللي معاك وحسك عينك تطلبها 

تاني إلا لما تتخرج من الكلية ،

انصدم هو من حديث والدته الذي يراه لأول مرة وسألها متعحبا: _ هي الفيزا مالها ومال اني انجح أو منجحش ياماما ! وبعدين انتي معصبة نفسك ليه ياحبيبتي كدة 

غلط عليكي من السكر والضغط .

صممت علي أن يعطي لها الفيزا وأكملت بحدة : أقول لك

 ليه يا عنيا الفيزا دي إللي مقوية قلبك ومخلياك تبعتر فلوسك يمين وشمال ،علي شلة المقاطيع إللي بتمشي 

معاهم وبيستغلوك للضياع .

واستجاب مازن لإصرار والدته خوفاً من نظرات مالك التي تخترقه ظنا منه أنه سيعرف يأخذها منها وهم وحدهم ،

ثم انتوي الذهاب إلى أعلي ليبدل ملابسه أوقفه صوت

 مالك مناديا عليه بحدة أرعبته :

_ مازن اقف عندك .

حول بصره لأخيه وداخله يرتجف وأجابه بتوتر:

_ نعم يامالك في حاجة تانية.

_اتأدب لما تيجي تتكلم مع أخوك الكبير إللي في مقام والدك .قالتها والدته له بتعنيف .

لم يفتح فمه وانتظر تحذيرات أخيه بملل ، إلي أن سمع صوت مالك مرددا بأمر قاطع:_ اعمل حسابك إنك هتنزل معايا المصنع من بكرة إن شاء الله ،تتابع الشغل مع علي وتتعلم منه وتشتغل تحت إيده علشان حجم الشغل كتر عليه ،

وأنت ماشاء الله فاضي أهو ولا وراك شغلة ولا مشغلة ،

واستطرد متهكما:_ أهو نستفاد من طولك وعرضك

 إللي ملوش لازمة في الدنيا غير السرمحة مع إللي

 يسوي وإللي ميسواش .

مط شفتيه بضيق وأردف مستنكراً:

_ يعني إيه أنزل الشغل والمصنع وأنا ولا أعرف أي 

حاجة وكمان لسة مخلصتش دراستي يامالك ؟

أجابه مالك ببرود دون أن ينظر له:_ وإيه علاقة الشغل بالدراسة انت ولا بتذاكر ،ولا بتروح الكلية غير مرة كل أسبوعين لما يهفك الشوق تغير صنف البنات الصايعة

 إللي إنت تعرفها ،واسترسل باستهزاء وهو يشير إليه:

_ البيه إللي بيصحي كل يوم الضهر 

_وإن رفضت بقي يامالك هتعمل إيه ؟قالها مازن باستنكار.

_بسيطة خالص العربية هتنسحب منك ، والأيفون إللي بآلافات إللي بتتمنظر بيه ،والفيزا أوردي انسحبت منك .

قالها مالك بتأكيد .

غضب مازن بشدة وتركه وصعد إلي الأعلي دون رد علي حديثه ،

_بكرة الصبح إن شاء الله تظبط منبهك علي ٩ بالدقيقة

 تكون صاحي ٩.٣٠ تكون علي الفطار ، سامعني ؟

قالها مالك دون أن ينظر إليه بكل ثقة وعاود عمله علي اللابتوب ،

وأثناء انشغاله بعثت له رسالة عبر الواتساب أمسك هاتفه ليري من صاحب تلك الرسالة ،

وجدها من طليقته وكان محتواها:

_ إزيك يامالك،

أنا بجد زعلانة منك علي المقابلة الوحشة إللي إنت قابلتها لي في المكتب ومش بس كدة ده انت طردتني كمان 

وخليت منظري وحش قدام السكرتيرة ،

أنا لسة بحبك يامالك وباقية علي عشرتنا مع بعض ،

للدرجة دي يامالك مبقتش أفرق معاك !

للدرجة دي مبقتش تحبني ولا طايق تشوفني !

قرأ هو رسالتها بملل واستغرب من أين أتت برقمه

 الخاص والذي لم يعطيه لأحد سوي والدته وأخيه

 وأخته وصديقه علي ،وحدث حاله:

_ الزفتة دي جابت رقمي منين هو أنا ناقص وجع 

دماغ من الحرباية دي ،

مش معقول يكون علي إللي إداها الرقم ده ما أصدق

 إني طلقتها وخلصت من نكدها وزنها،

ولا ماما طبعاً ، معقولة تكون أختي ولا مازن ،

بس مازن ميجرؤش يعملها يبقي مفيش غير الست

 هيام هانم ما هم طول عمرهم حبايب ،

واسترسل متوعدا:

_ ماشي ياهيام إن ماشفت شغلي معاكي مبقاش أنا مالك.

ولم يعير رسائلها انتباها ثم وضع رقمها ضمن الأرقام المحظورة كي لا تبعث له رسائلها التي تجلب له صداع 

الرأس مرة أخرى .

انتظرت هي كي يرد عليها أو يعيرها انتباها بعدما رأت

 علامة استلامه للرسالة ولكنه لم يرد ،

جائت لترسل له مرة أخرى وجدته قد حظرها ورمي برسائلها عرض الحائط كما ترمي القمامة في سلة المهملات ،

استشاط داخلها وانتوت غدا الذهاب إلي أخته كي

 تشهدها عليه وعلي تجاهله وأفعاله معها .

عجيب حقا أمر الإنسان الشئ يكون ملك يمينه ويفرط فيه بسهولة وما إن يتركه ويرحل ثم يعود ويجد ذلك الشئ وينظر إليه بعين أخري يلمع في عينيه ثانية ويريد امتلاكه وكأنه لعبة شفراتها في يده يحركها كيفما شاء ووقتما شاء .

__________________________


في الجامعة صباحاً يدلف رحيم بسيارته إلي الجراج كي يصطف سيارته ويصعد إلي مكتبه ،

وبعدما صفها وخرج منها ذاهبا إلي مكتبه إذا به يسمع أنينا خافتا لايسمعه أحد إلا بصعوبة ،

سار تجاه الصوت بخطوات بطيئة جداً وإذا به يسمع 

صوت أحدهم يقول :_ لاااا يا مي مش هعمل كدة 

ولا هنفذ لك إللي إنتي عايزاه ،

واسترسلت وهي تبكي ألما بصوت منخفض: إنتي فاهمة إنتي بتطلبي مني ايه أصلا اعمله ! إنتي عايزاني أعمل 

حاجة لا عمرى هقبلها ويستحيل أعملها ولو على رقبتى ،

انتي بتعملي كدة بحكم إني مليش حد يحاسبني وإن ده عادي ،  يستحيل أعمل إللي إنتي عايزاه ده وإللي عندك اعمليه واللى يحصل يحصل.

ثم أغلقت الهاتف وجلست تضم ساقيها تنتحب بشدة

 بسبب ضغط تلك مي عليها وابتزازها لها بسبب خطأ

 ارتكبته دون قصد أوقعها تحت براثن تلك مي .

كل ذلك أمام الواقف المستمع لكل كلمة قيلت واخترقت أذنه ،وحدث حاله:

_ مين دي إللي عماله تعيط بالشكل ده وواضح جداً

 إن حد بيبتزها علي حاجة وهي رافضة ،

وأكمل وهو مثبت أعينه علي ظهرها :_ طيب أروح لها 

وأفهم منها وأحاول أساعدها ولا أخليني في حالي

 أحلالي لا تعملي مشكلة وإحنا هنا في الجراج ؟

بس أنا متعودتش أشوف حد محتاج أو حزين وبيبكي ومروحش أشوف ماله خلاص هروح وامري إلي الله.

وما إن خطي أول خطوة إليها حتي وجدها غادرت الجراج بسرعة دون أن يعرفها أو يعرف ما بها .

استغرب كثيرا وفي نهاية الأمر أغلق سيارته وغادر المكان دون أن يدري أو يستنتج ماسمعه لتوه ، أو من تكون تلك المنطوية علي حالها وتبكي علي أمرها ،

وصل إلي  مكتبة ووضع حقيبته وجلس في مكانه وفتح جروب الواتساب الخاص بقسمِه ليري لجنة المراقبة التي سيذهب إليها اليوم ،

علم المدرج الذي يراقبه اليوم وجمع أوراقه وذهب إليه وأثناء سيره في الرواق المؤدي إلى المدرج اصتدم بشخص ما ووقعت أوراقه من أثر الإصطتدام ،

رفع راسه وإذا بها تلك مريم التائهة ،

نظر إليها وجدها مرتعبة وخائفة من تعنيفه لها وما إن

 وجدها تفتح شفاها لكي تعتذر أسكتها قائلا:_ علي

 ما أعتقد اسمك مريم إللي كنتي جاية متأخرة المرة

 إللي فاتت ،واسترسل بتساؤل:

_ هو إنتي دايما متلهوجة ومتأخرة كدة يابنتي ؟

ودايما بتجري كدة ومش مدية نفسك الوقت الكافي

 إللي تظبطي فيه أمورك ؟

تهتهت في الحديث ورفعت أنظارها إليه بعدما جمعت

 أوراقها المبعثرة وقالت باعتذار:_ أنا متأسفة جداً يادكتور غصب عني والله ،ظروفي صعبة وملخبطة شوية معلش اعذرني .

نظر داخل عيناها الزرقاويتان ووجد بهم أثر للدموع المختنقة بداخلهم وعلي وجهها آثار البكاء وأردف وهو يعرض عليها المساعدة:_ طيب في حاجة أقدر أساعدك بيها اعتبريني حد القدر بعتهولك يساعدك ومتعتبرنيش دكتور جامعي .

أجابته بشرود :_أنا مشكلتي وحكايتي كبيرة وغريبة وملهاش حل يادكتور ،

واسترسلت بتيهة :_ أنا الموت أرحم لي من إللي أنا فيه وبعيشه .

حزن داخله لأجلها وردد باندهاش:_ياه للدرجة دي حياتك صعبة !

نظرت أرضاً وأجابت بحزن عميق:_ وأصعب مما تتخيل ،

 بعد إذنك يادكتور علشان متتعطلش ،

ميعاد الامتحان كمان عشر دقايق .

أذن لها أن تغادر وقبل أن تتحرك عرض عليها مساعدته 

قائلا:_ لو احتاجتيني أنا مكتبي معروف جدا هنا اسألي علي مكتب الدكتور رحيم وأنا تحت امرك في أي مساعدة .

شكرته بعينيها ممتنة لذوقه وأخلاقه التي أصبحت غير موجودة في تلك الأيام ، وذهب كل منهم إلي مشغولياته .


رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل الرابع

 بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

انتهت مريم من محاضرتها واستعدت للرجوع الى

 مأواها والذي يمثل لها الجحيم على الحياه ،

نعم فالملجأ بالنسبه لمريم جحيمها الأبدي الذي تتمنى

 ان تخرج منه سليمة الروح وسليمة الجسد ،

استقلت المواصلة "الاتوبيس" التي توصلها الى الملجأ ،

وها هي الآن وصلت بقلب يرتجف بسبب تلك اللعينة التي تهددها ليلا ونهارا عندما وجدتها تنتظرها أمام باب الملجأ،

خطت بأقدام مرتعشة حتى وصلت اليها،

ابتسمت الأخرى ابتسامة ماكرة مردفة لها بعيون تنطق

 شرا :_حمد لله على السلامة يا مريم هانم ،

واستطردت بتهكم:_إنتي ازاي يابت إنتي تتجرئي

 وتقفلي السكة في وشي !

إنتي مش عارفة ان الفيديو اللي معايا ده أقدر

 أفضحك بيه وأخليكي عبرة لمن لا يعتبر ،

واسترسلت حديثها بتهديد : _ انا عايزاكي تفكري في

 اللي انا قلته لك ده كويس جدا قبل ما تاخدي أي قرار علشان انا مش هتراجع ، وتابعت سُمَّها التى تلقيه في

 أذان تلك البريئة:  وبعدين يا بنتي فكري بعد ما تخرجي

 من الملجأ هتروحي فين ؟ هتاكلي منين هتشربي منين هتعيشي ازاي؟  الملجأ خلاص ما بقاش زي زمان يضمن

 لك وظيفة ومكان وحتى لو ضمن لك مكان بيبقى في منطقة شعبية كلها مشاكل،فصدقيني انا عايزة مصلحتك 

من غير حد من اللي حواليكي ما يحس بيكي .

انتفضت مريم كمن لدغها عقرب وأجابتها بثقة مزيفة

 ولكن داخلها يرتعب:_ انا عمري ما هعمل اللي إنتي 

بتقولي عليه، ده انا لو هاكلها عيش حاف أشرف لي

 وأكرم لي من اللي انت عايزاني أعمله،

وبعدين اللي رزقني السنين دي كلها مش هيرزقني

 عمري اللي جاي ؟

قاطعت حديثها وأردفت بنبرة حادة وهي تشير لها 

بسبابتها:_ انا على فكرة مش باخد رأيك انتي هتعملي

 اللي انا عايزاه وغصب عنك،

يا إما هبدا بتنفيذ تهديدي خطوة خطوة ومش

 هسيبك إلا وانتي متدمرة،

واسترسلت حديثها بهدوء اكثر لكي تميل راسها :

_وبعدين ازاي واحدة زيك وفي جمالك وفي رشاقتك

 ما تستغلش الجمال ده في حاجة تخليها تعيش سعيدة ومرتاحة .

كورت مريم يديها بغضب وأجابتها ببرود قاتل:_ هو

 علشان ربنا جعلني جميلة أستغل الجمال ده في الحرام !

إنتي مش فاهمة انتي بتطلبي مني ايه !

اللي إنتي بتطلبيه ده صعب جدا انفذه ،

ولا انا علشان ما ليش اهل أتحامى فيهم هتستقوي عليا،

واسترسلت بقوة :_بس خلي بالك انا ليا رب أقوى من

 أي خلق شاهد ومطلع على ابتزازك ليا واعملي حسابك 

مش هعمل اللي إنتي بتقولي عليه ده نهائي .

رفعت الاخرى رأسها لأعلى بشموخ وأردفت بقوة مماثلة لقوتها:_ هنشوف يا حلوة مين اللي هيكسب في الأخر وانتظري مني مفاجأة هتعجبك قوي .

وتركتها وغادرت المكان وهي تركب سيارتها وتنظر لها

 نظرة الشر ينبعث من خلالها ،

وما أن فرَّتْ بسيارتها حتي انطلقت دموع مريم بغزارة 

ووجع وقهر ،وحدثت حالها وهي تناجي ربها:_ يارب

 ما ليش غيرك ولا أب ولا أم ولا أخ ولا خال ولا عم

 ولا ضهر يحميني من غدر الزمان،يارب اصرف شرها عني ،

ثم ولجت من بوابة الملجأ وجدت المديرة تقف على

 أعتابه وهي تربع يديها على صدرها وتنظر لها قائلة بتهكم:

_ البرنسيسة مريم حمد لله على السلامة متأخرة عن ميعاد خروجك ساعة بحالها وإنتي عارفة ان انا بحب النظام وما بحبش التاخير، طول عمرك كده لِعَبِيَّة وملاوعة ،

وعلشان تأخيرك ده تطلعي حالا تغيري هدومك وتنزلي هتنضفي حمامات الملجأ كلها ،

صعقت مريم من حكم تلك القاسية التي لا تصح أن

 تكون في مكان كل من فيه مدمرين نفسيا ،

وتحدثت إليها باستعطاف:

بالله عليكي يا أبلة انا في امتحانات ومحتاجة كل وقت اذاكر فيه والمواصلات هي اللي أخرتني،

لما أخلص امتحانات أوعدك اني أنفذ عقابك كله من

 الأول للآخر،

بس يارب يخليكي سيبيني أذاكر علشان عايزة أخرج 

بتقدير زي اللي انا متعودة عليه كل سنة .

لم تتأثر الأخرى بتوسلات تلك اليتيمة ولا ببكائها واكملت بحدة:_ما تتحايليش يا هانم علشان انا ما باكلش من

 دموع التماسيح دي،

اتفضلي على فوق فورا أمري ما فيهوش جدال علشان

 بعد كده ما تفكريش تكرريها تاني،

يلا يا بنت انجري مش فاضية لدلعك ده،

واسترسلت وهي تعطيها ظهرها: _تاتكم القرف بنات

 تجيب الهم أهاليكم سابوكم وطفشوا ورموكم لنا هنا 

يبلونا بيكم .

لم تعد تتحمل مريم تلك القسوة من مجتمعها التي

 نضجت وهي تعاني منه بلا رحمة ولا شفقة،

يحملونها هي ومن مثلها أخطاء من رموهم في وكر 

الحياة وهم لا ذنب لهم في وجودهم في تلك الظروف

 التي انجبروا عليها ،

وصعدت إلى الأعلى لكي تبدل ملابسها لتنفذ الأمر

 وتحاول ان تنهيه على عجالة لكي تستطيع ان تذاكر ،

ووعدت حالها ان تستمر في صبرها وان تتحمل أي آلام

 سواء كانت جسمانية او نفسية لكي تصل بحلمها الى 

طريق سليم ، وتأني بحالها بعيدا عن تلك القساوات

 من المجتمع .

_________________


عصرا في كافيه مشهور في الإسكندرية تجلس

 اثنتين من أرقى نساء المجتمع نهال طليقة مالك

 الجوهري واخته هيام الجوهري

نهال بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر :_انتي فاهمة 

يعني ايه انا نهال الدين تنطرد من المكتب اللي انا 

وقفت جنب أخوكي فيه كأي زوجة أصيلة وبنيت معاه المصنع من الصفر،

ووقفت معاه وبعت له مجوهراتي واستلفت من بابا 

وفي الآخر يطردني انا من المكتب قدام اللي يسوي

 واللي ما يسواش!

استمعت هيام إلى حديثها بتأفف وضيق وأجابتها

 بتهكم: _انت هتألفي يا ست نهال إنتي اه في الأول

 وقفتي جنبه واديتي له مجوهراتك واستلفتي له

 من باباكي، بس المصنع ساعتها كان عليه ديون كتير

 جدا وقروض من البنوك جيتي إنتي لما عرفتي بمرضه أجبرتيه إنه يرجع لك دهبك ويرد لباباكي الفلوس اللي

 إنتي استلفتيها له منه،

استشاطت نهال غضبا من حديث هيام وأردفت

 بنبرة اكثر حدة :

_امال إنتي كنتي عايزاني أعمل إيه يعني !

كنتي عايزاني أفضل عايشة مع بني آدم عقيم أنا 

من حقي اني أخلف ويكون لي أولاد من حقي أبقى

 أم ودي ابسط حقوقي .

أجابتها هيام ببرود:_ طيب وايه اللي جابرك ان إنتي 

ترجعي له دلوقتي وكل شوية تصدعيني وتسأليني

 عن أخباره عامل إيه ومش عامل إيه وانا علشان

 صعبانة عليا ببلغك أخباره أول بأول .

استكانت بجلستها وهدأت من نبرة صوتها وأردفت

 بنبرة صادقة:_ انا مش هكذب عليكي يا هيام أنا

 بحب مالك ومش بس بحبه انا بعشقه ومقدرتش

 أتخطى حبه ولا أنسى السنين اللي أنا عشتها معاه ،

واسترسلت وهي تفرك يديها:_ ما تتصوريش انا كل

 يوم بتعذب من بعد مالك عني ،

وكنت مفكرة اني لما أروح له واعتذر له بنفسي لحد

 عنده إن هو يسامح ويغفر ونرجع نعيش مع بعض تاني،

مكنتش متخيلة ان هو هيتعامل معايا بالأسلوب العنيف ده ،

كنت متخيلة اني وحشاه زي ما هو ما واحشني وإنه نفسه نرجع لبعض زي ما انا نفسي ارجع له بالضبط .

قطبت هيام جبينها وهزت رأسها بعدم فهم وسألتها

 متعجبة:_ ازاي يعني عايزاه يرجع لك بعد كل اللي

 عملتيه فيه !

سبتيه وهو في عز الديون اللي متراكمة حواليه وزاد

 عليهم دينك اللي إنتي طالبتيه ان هو يسده ،

وسيبك بردوا من كل ده إنتي كسرتيه لما عرفتي ان

 هو مش بيخلف وطلبتي منه الطلاق،مستنية إيه منه !

إنه يرجع يفرش لك الأرض ورد ورمل ويقول لك

 بالأحضان يا حبيبتي بالأحضان،

إنسي يا نهال ده مش مالك الجوهري خالص مالك مستعد يرمي قلبه تحت رجليه ولا إن حد يذله او يستضعفه .

انطلقت دموع نهال وفرت من عيناها بغزارة ونظرت لها بضعف وأردفت تطلب منها الاستشارة:_طيب قولي

 لي يا هيام أعمل ايه علشان مالك يسامحني ويرضى

 عني ويرجع لي،

أنا طالبة منك إنك تساعديني وتقفي جنبي ومش 

هنسى لك الجميل ده طول عمري،

استوعبت سؤالها وأردفت بنبرة جادة متجنبة دموعها :

_طب ما تجيبي من الآخر يا نهال وخليكي صريحة كدة معايا علشان مش انا اللي بتاكل من جو المشاعر والحب والندم والحوارات دي إنتي عارفة ده كويس،

إنتي عمليه جدا فوق ما تتخيلي،وا سترسلت حديثها

 بذكاء: إنتي عايزة ترجعي لمالك علشان خاطر عرفتي 

ان هو كشف وربنا أكرمه وهيخف وهيرزقه بأولاد في المستقبل من اللي هيتجوزها،

فبلاش بقى حوار بحبه وبعشقه والحاجات دي

 ما بتاكلش معايا فخليكي صريحة معايا علشان نتفق .

انصدمت الأخرى من حديث تلك الداهية التي تكشف

 جانبا من حقيقة رجوعها لمالك وأجابتها بسخرية

 مماثلة:_طب طالما إنتي بقى اللي طلبتي الصراحة 

ما تعترفي إنتي كمان إنك مش عايزة مالك يخلف أصلا،

علشان عايزة تكوشي على ثروته بما إنك أخته وهينوبك

 من الحب جانب،أو فيما بعد يعني هينوب ولادك من

 الثروة العظيمة اللي هيسيبها مالك بحكم انه مش

 بيخلف صح ولا أنا غلطانة ؟

وقفت الأخرى بحدة بالغة وضربت على المنضدة بيديها وقالت لها بفحيح:_ما تنسيش نفسك يا نهال وتدوري 

وتلفي علشان تطلعيني طماعة وأنانية زيك،واستطردت حديثها بعيون تتسع وعيدا:_ أنا أصلا اللي غلطانة

 إني ضيعت من وقتي معاكي وجيت علشان أخفف

 عنك شوية وأنتي أصلا واحدة ما تستاهليش ،

هنتظر إيه من واحدة باعت جوزها وسابته وهو في

 بداية حياته علشان مرض يمكن يخف منه مع السنين

 وما صبرتش عليه،

أردفت الأخرى بحدة مماثلة:_ يا ريت انت اللي 

ما تنسيش نفسك يا هيام إنتي اي حاجة بتعمليها

 لي بتاخدي المقابل بتاعها ،

ما تنسيش اني بخدمك بمركز بابا في الوزارة وجمايلي مغرقاكي من ساسك لراسك ،

فلو هترفضي تساعديني يبقى نفضها سيرة ،

لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك .

رفعت الأخرى حاجبها وأردفت ببرود:_اه ده انت 

بتعايريني بقى بالخدمات اللي انا بطلبها منك 

ما كانش العشم يا مرات اخويا العزيز سابقا،

بس انا عايزة أقول لك على حاجة تحطيها حلقة

 في ودانك انا لو دراعي وجعني وشد في الوجع 

عليا هقطعه ولا هيهمني وانت عارفاني كويس جدا ،

واستطردت بصوت عالِ: _إنتي عايزاني أعمل لك إيه

 يعني أرجعك لمالك بالعافية،

إنتي عارفة هو مش بيسمع غير كلام نفسه وبس

 وانا بالذات دون ان اي حد دايما كشفني وما بيقبلش

 مني ولا كلمة،

فانتي خليكي ذكية وابعدي شوية لحد ما يهدى وكل

 فترة بعيدة شاغليه وخليه ينشغل بيكي ،

واستمر الحديث بينهما كل منهما تلاعب الاخرى بدهائها .

___________

في شقة راندا المالكي مساء

تجلس في غرفتها وهي متأكة علي الشزلونج في 

جلسة استرخاء واضعةً أمامها الأيباد الخاص بها

 تتصفح تطبيق الفيسبوك،

واذا بالفيديو كول يعلن عن وصول مكالمة من زوجها،

على الفور ابتسمت وأجابته :_حبيب قلبي وحشتني 

جدا ولسه كنت قاعدة بفكر فيك .

ابتسم الآخر على حديثها ونظر اليها بعيون تنطق غرام:

_ لاااا لو على الوحشة بقى فانتي اللي وحشاني كتير

 جدا جدا،طمنيني عليكي يا حبيبتي عاملة إيه والأولاد عاملين إيه ؟

أخرجت تنهيدة حارة وأردفت قائلة بنبرة محملة بالعشق وعيون ذائبة: _ ياه يا ايهاب ما تتصورش انا بعد 

الدقايق والثواني علشان آجي لك يا روح قلبي،

يا ترى انت زي كده بالظبط ؟ اعتدل الآخر بجلسته

 وأجابها : _لما تيجي وتوصلي يا روح قلبي من أول 

حضن بس أحضنه لك هتعرفي قد ايه انا مشتاق ليكي 

وإن إنتي وحشاني ،واستطرد متسائلاً باهتمام:

_طمنيني على الأولاد عاملين إيه؟أجابته باستفاضة 

وهي تطمئنه على أبنائه:_ الأولاد بخير يا حبيبي ما تقلقش وراك رجالة واقفين في غيابك زي الأسد ،

واسترسلت بتذكر :_تصور مهاب النهاردة وقع في النادي

 أثناء التمرين ورجله كانت هتنكسر لولا ستر ربنا .

قطب الآخر جبينه وتساءل مستفسرا بهلع:_اتأكدتي

 كويس يا راندا إن رجله كويسة وما فيهاش حاجة 

وكشفتي عليه عند دكتور كويس؟

أنا عارف ان مهاب حماسه في التمرين بيخليه يشد

 على جسمه وعلى نفسه .

_ما تقلقش يا حبيبي انت عارفني من ناحية أي حاجة في ولادي بقعد أفحص وأمحص لحد ما اتاكد إنهم بخير ،

ما تقلقش علينا بس انا حبيت اعرفك علشان خاطر لما 

زمايله ينزلوا له على جروب النادي يطمنوا عليه ما تقلقش ،

واسترسلت بإبتسامة بشوشة: _ قول لي بقى نفسك اجيبه لك ايه معايا وانا جاية لك ،بط ولا حمام ولا ممبار ولا إيه بالظبط؟ إيه اكتر حاجة مشتاق تاكلها من ايدي ؟

نظر إليها الآخر بسعادة بادية على ملامح وجهه مرددا 

وهو يفتح يديه على وسعهم:_ هتقولي عليا إني طماع 

لو قلت لك انا عايز دول كلهم،

نفسي آكل أكل مصري من إيد مراتي حبيبتي علشان

 بعيد عنك معدتي أددت من اكل المطاعم وإنتي عارفاني اصلا ما بحبش اكل المطاعم وبفضل اكل البيت .

بانت معالم الحزن على وجهها من حديث زوجها وأردفت بحنين :_ده انت تؤمرني وتشاور بس ومع على راندا

 الا التنفيذ،بس أهم حاجة لما أعمل لك الأكل تاكله

 كله وما تزهقش من عمايل ايديا ؟

_لاااا أزهق مين يا ماما هاتي إنتي بس الحاجات

 اللي انا قلت لك عليها دي وما لكيش دعوة واتوصي

 بالبط إنتي عارفة ان انا بحبه جدا ،

قالها ايهاب وهو يشاكسها بمداعبة.

وضعت يدها بجانب جبينها كعلامة لتنفيذ الأوامر 

مرددة لمداعبته بمماثلة:_ علم وينفذ يا سعادة

 البشمهندس إيهاب البحيري.

ضحك الآخر بشدة حتى أدمعت عينيه من فكاهة 

زوجته ثم اكمل حديثه بتمني:_ نفسي قوي أخلص 

من الغربة اللي انا فيها دي واتجمع أنا وإنتي والأولاد في بيت واحد وفي مكان واحد وما اسيبكمش ابدا ابدا ،

بجد الغربة اه بتدي فلوس لكن بتسحب من عمرنا ومن صحتنا ومن أسعد لحظاتنا .

حزنت لأجله كثيرا وأردفت بتشجيع :_عندك حق في كل 

اللي انت قلته يا ايهاب بس في الآخر لما تشوف اللي 

انت اتغربت عشانهم مرتاحين وحياتهم مستقرة وأمورهم ماشية هتقول انا فنيت عمري لأغلى الغاليين،

وهتحس إن تمن الغربة على قد ما اخد من عمرنا بس هيخلينا نعيش باقي العمر مرتاحين،هون على نفسك

 الأيام علشان تهون،وآهي ماشية إحنا بنجي لك في

 الأجازة وانت بتنزل لنا برده أجازة،

استمع الآخر لحديثها الذي نزل على قلبه كبلسم يداوي الجروح وهتف قائلا:_كل اللي إنتي قلتيه ده هو اللي مصبرني على الغربة وإني أتحمل علشان خاطر ولادي

 يكون مستقبلهم افضل ويعيشوا حياة نوعا ما مرضيه

 ليهم .واستمر الحديث بينهم كل منهم يثابر الآخر 

ويشد من أزره على التحمل والصبر حتى يكملوا

 رسالتهم مع أبنائهم .


رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل الخامس

 بقلم فاطيما يوسوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

في فيلا مالك الجوهري

تجلس عبير وابنتها هيام جلسه الأم وابنتها المعتادة 

تحدثت هيام وهي تمسك بكوب العصير بين يديها

 متسائلة:_ بقول لك إيه يا أمي هو مالك أخبار 

علاجه إيه في تقدم ولا هو لسه زي ما هو؟

كادت أن تجيبها والدتها إلا أنهم استمعوا لصوت مالك

 يدلف عليهم مرددا بتهكم وهو ينظر  لأخته نظرة ذات مغزى:-_وانتي مالك يا هيام تسألي عن علاجي،

ليه تدخلي أصلا في حاجة زي دي ؟ ثم وضع حقيبته واستطرد بحدة بالغة: _ولا بتسألي علشان تروحي تبلغي الهانم اللي بتبلغيها كل اخباري وكأنها هي اللي أختك 

ومش أنا اللي اخوكي ، إلا قولي لي يا هيام بتقبضي

 كام من ورا الشغلانة دي ،نهال بتقبضك كويس 

ولا بتضحك عليكي ؟

أجابته متهكمة بكلمات خرجت من بين أسنانها باستنكار:

_إلزم حدودك وانت بتتكلم معايا يا مالك واعرف ان انت بتتكلم مع أختك الكبيرة،  يعني إيه بقبض كام !

هو أنا محتاجة علشان تقولي الكلام ده ولا أنا أذيتك 

في إيه قبل كده علشان تتعامل معايا بالبرود اللي بقالك

 كذا شهر بتتعامل معايا بيه ؟واسترسلت بسخرية:

_ولا إنت كتر قعدتك مع العمال خلوك تتعامل مع أختك الكبيرة بقلة ذوق ؟

جلس بجانب والدته ونظر لها بعيون حادة كعيون الصقر قائلا:العمال اللي إنتي بتتكلمي عنهم دول أنضف ناس ،

شغالين بعرق جبينهم ومش فاضيين للقيل والقال اللي

 إنتي عايشة فيه، ده اولا ،

ثانيا أنا حذرتك قبل كده بدل المرة ألف مرة، عايزة تفضلي مكملة صحوبيتك مع نهال على عيني وعلى راسي ،

لكن من غير ما تنقلي لها أخباري أول بأول لأن أنا خلاص جبت اخري منك ،المرة الجاية همنعك تدخلي هنا اصلا .

كادت أن تتحدث لولا والدته عبير أشارت إليهم ان يصمتوا مرددة بعتاب: _كده يا ولاد بطني تعملوا كده وانا موجودة وعايشة على وش الدنيا ،

آمال لما أموت هتعملوا إيه في بعضكم إخص عليكم ،

ما كانش العشم يا مالك تطرد أختك من البيت في وجودي،

وما كانش العشم يا هيام تروحي للحرباية طليقته وتبلغيها أخباره على طول ،

اقعدوا انتوا الاتنين واستهدوا بالله أحسن والله العظيم اسيب لكم البيت ده خالص وامشي .

نظر مالك إلى والدته وتحدث باسف وهو يمسك كف يديها ويضع عليه قبلة ويمسك جبينها ويقبله :

_انا آسف يا أمي ما تزعليش مني وحقك عليا إنتي عارفة

 إن البيت ده بيتك وأنا ما اقدرش إن انا أتكلم وأقول مين يدخل ومين ما يدخلش حقك على راسي من فوق،

واسترسل بحزن بالغ:_بس أنا صعبان عليا نفسي إن أختي الوحيدة والمفروض ان هي الكبيرة بتاعتنا تقعد مع طليقتي وتبلغها باللي بيحصل في حياتي وهي عارفة كويس هي عملت فيا إيه.

تنهدت والدته بتعب واحتضنته بشدة وأردفت قائلة بحنان بالغ:_يا حبيبي ربنا يبعدها عنك ويكفيك شرها ويرزقها

 باللي يلهيها عنك ويرزقك إنت كمان ببنت الحلال اللي تسعدك ويشفيك يا ابن بطني .

واسترسلت متسائلة:

_بس ليه يا حبيبي افترضت إن أختك بتحكي لها كل

 أخبارك ما يمكن بتعرفها من حد تاني؟

قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعجبا:_هي نهال هتجيب رقمي الخاص منين يا ماما محدش يعرفه خالص غيرك انتي ومازن وعلي صاحبي وهي كمان ،

أكيد ما فيش واحد منكم هيديها رقمي غيرها هي ،ثم نظر الى أخته متسائلاً:_صح الكلام ده ولا أنا غلطان يا هيام؟

فركت هيام يداها بتوتر وأجابت بزيف:والله يا مالك اتصلت بيا واتحايلت عليا اديها الرقم وقالت لي إنها عايزاك في

 شغل وانا كان نيتي خير ليك،  واسترسلت بدفاع:

_ليه ما تسامحهاش يا مالك نهال بتحبك جدا وندمت

 على كل اللي عملته معاك،

ليه ما تديهاش فرصة تانية وهي أحسن من غيرها على 

الاقل عارفة بظروفك وراضية بيها .

كاد مالك أن يعنفها بالكلام إلا أن والدته أشارت اليه بالسكوت لكي ترد بدلا عنه ونظرت إلى ابنتها نظرة غضب متحدثة باندهاش: _انتي اتجننتي يا بت إنتي ولا جرى لمخك حاجة !عايزاه يرجع لها إزاي إنتي ناسية هي عملت فيه ايه اللي تبيع مره تبيع ألف مرة ودي ما باعتش بس 

دي باعت ودمرت وهزمت اخوكي وسابته في عز شدته وكملت عليه  واسترسلت متسائلة باستنكار :

_وبعدين إنتي مالك اصلا يرجع لها ولا ما يرجعلهاش،

تدخلي في اللي ما لكيش فيه هو بيجي يتدخل في حياتك وفي خصوصياتك وفي ولادك مالك انتي وماله ،

هتستفادي ايه يعني من الموضوع ده كله وعماله تحاربي علشانه وانا كل ده وساكته لك لكن لحد هنا واستوب

 يا هيام انا اللي هقف لك بعد كده .

استشاطت هيام غضبا وقامت من مكانها بغضب قائلة:

_بقى كده يا ماما بتسمي خوفي على اخويا وعلى مصلحته واني عايزه ارجع له بيته ومراته تدخل في اللي ما ليش فيه،

واني عايزه مصلحة من وراه هتكون يعني ايه المصلحة

 اللي هستفادها من نهال شكرا قوي يا امي ،

ولم تنتظر رد والدتها واخذت حقيبتها وفرت من امامهم

 بعد ان جلدوها،

ثم نظرت عبير الى ابنها وهي تربت على ظهره مردده:

معلش يا حبيبي مهما كان دي اختك الكبيره والوحيده استحملها علشان خاطر امك وانا ما سكتلهاش اهو،

بس بالله عليك يا مالك اوعوا يا ابني الدنيا والزمن

 يفرقوكم في يوم من الايام انا عشت طول عمري

 اكلكم من طبق واحد وما فرقتش بينكم ابدا ،

ومش عايزه الدنيا تفرقكم عن بعض،كده احس ان تعب السنين راح هدر واني ما أديتش الرساله كما ينبغي ان

 يكون وهحس ان والدك مش مرتاح في تربته بسبب 

فرقتكم عن بعض يا ابني،طمأنها مالك وهو يحتضنها:

_يا حبيبتي يا امي ما تقلقيش ولا تحطي في بالك انتي عارفه ان انا بطلع بطلع وبنزل على ما فيش ،

وان انا بحب اخواتي جدا اكتر من نفسي وما تقلقيش

 عمري ما هفكر افترق عنهم ابدا في يوم من الايام،

ودايما هعود نفسي اتحمل معاهم غلطاتهم واجي على 

نفسي علشان خاطر زعلك يا ست الكل .

_لا يا حبيب قلبي اوعى تيجي على نفسك ابدا علشان

 خاطر اي حد،

كل اللي بطلبه منك ما تتفرقوش يعني عاقب وخاصم

 بس ما تزيدش في العقاب والخصام علشان البعيد عن

 العين بعيد عن القلب ربنا يحفظكم لبعض يا ولاد عمري .

قالتها ام مالك بنصح وحنين لولدها الغالي .

واكملوا حديثهم ومالك يحاول ان يروي عن قلب والدته وينسيها ما حدث حتى لا تحزن


احيانا نضطر ان نتنازل بعض الشيء حتى لا نحزن اغلى المقربين لقلوبنا لانهم هم نفسهم تنازلوا الكثير من اجلنا

 اجل فلتنازل قليلا كي نعبر بسلام حروب الحياه

______________________________


في منزل باهر الجمال مساء وبالتحديد في شقه زاهر

يجلس زاهر ممسكا بكوب من القهوة في يد وفي اليد الاخرى سيجاره المفضل منتظرا زوجته هند التي تحمم

 بناتها وتجعلهم يستعدوا للنوم ،

وممسكا بهاتفه يتصفح من خلاله الأكونت الخاص به

 الى ان تاتي وبعد نصف ساعه دخلت هند بمنظرها 

المزري وشعرها الأشعث كعادتها ،

نظر اليها زاهر بضيق متحدثا بتهكم :_هي قرون

 الاستشعار دي هتنزل امتى يا ست هند مش هتبطلي 

بقى بهدله في شكلك وتهتمي بنفسك؟

كذا مره نبهتك على الحوار ده وأنتي ولا إنتي هنا !

واسترسل بسخرية:

_زي برده المنظر المقزز بتاع البيت اللي كل يوم ادخل

 الشقه والاقيها مبهدله ومش نظيفه وريحتها وحشه

 بالمنظر ده مش هتعدلي بقى .

تاففت هند بضيق واجابته بلا مبالاه:

_انت مش هتبطل بقى اسلوبك ده في الكلام معايا 

وتركز في كل حاجه حواليك هو احنا بنشوفك امتي 

اصلا انا والبنات غير الساعتين بتوع بالليل ،

واسترسلت بسخرية:_ما بتشوفش اخوك باهر اللي كل

 يوم ما يرضاش ياكل لقمه ولا يتغدى بره بعيد عن مرات واولاده ولا احنا  مش قد المقام يا استاذ زاهر .

ضحك بسخريه على حديثها وردد قائلا:_انتي تيجي

 ايه في ريم مرات باهر له حق طبعا يجي طاير يتغدى 

معاها ومع اولاده ست شاطره ونظيفه ومهتمه ببيتها وبولادها ،بالرغم من ان ليها مهنة بتاخد من وقتها كتير،

اما إنتي ولا وراكي اي حاجه مهمله في نفسك وفي

 بيتك وفي بناتك وحذرتك بدل المره ميت مره

وخلاص انا جبت أخري منك انا راجل بحب أرجع

 بيتي بعد يوم شغل صعب الاقي مراتي في احسن 

صوره وبيتي هادي ومريح استريح فيه،

لكن انا ولا لاقي ده ولا لاقي ده لما اشوف اخرتها 

معاكي ايه ،ويلا اتفضلي اطفي النور واخرجي بره

 عشان عايزه انام .

اجابته بعدم رضا:_كل يوم خناق على التفاهات وتنكد

 عليا عيشتي ما اعرفش ليه شكل ما يكون ما فيش 

غير هند في الدنيا دي اللي واخده الهم كله ،

واكملت حديثها في الخارج دون ان يسمعها:_تاتكم

 القرف رجاله تجيب الهم مش كفايه عليا خدمه بناتك

 اللي مطلعين روحي طول النهار لا وكمان بتتريق

 على كل حاجه ونظرت حولها يمينا ويسارا مردده باستنكار:_مالها الشقه نظيفه وزي الفل جت على حبه

 الورق والهدوم المرمين في الارض دول كل يوم يقرفني عليهم لما اروح اشوف لي اي حاجه اكلها بدل الهم ده،

وذهبت الى المطبخ لكي تنفس همها في طعامها 

ولا تلقي بال لحديث زوجها ولا يزعجها من الاساس

 لانها اعتادت عليه

_____________________________

نفس المنزل في شقه باهر الجمال

تتحدث ريم مع والدتها في الهاتف

ريم بابتسامه لوالدتها:_ربنا يخليكي ليا يا امي ويديم صحتك عليكي يا رب، صينيه النجرسكو اللي إنتي بعتها

 لي تحفه يا امي ولا الحمام خطير بجد بجد تسلمي لي .

اجابتها والدتها بابتسامه مماثله:_انا قلت ابعت لك الأكل 

اللي إنتي بتحبيه علشان انتي ما اكلتيش معانا لما كانت اختك موجوده، وبرده عشان اصالحك على زهقي عليكي 

لما جيتي معلش يا حبيبه قلبي إنتي عارفاني بحب

 اجمعكم كلكم مع بعض بحس الفرحه مش سايعالي 

وانتم كلكم حواليا .

ريم باحترام لوالدتها:_انا عمري ما ازعل منك ابدا يا امي مهما عملتي ده إنتي احن أم في الدنيا ،بس إنتي عارفه طبيعه شغلي ايه ،حتى لو كان التصميم بالنسبه لي هوايه بس انا واخده تحدي مع نفسي اني اتقدم فيه كل يوم خطوات عن اليوم اللي قبله،

واسترسلت بدهاء كي تكسب والدتها:

_وانتي عارفه ان احنا كلنا طالعين لك في الحكايه دي

 لازم الحاجه اللي بنعملها تطلع من تحت ايدينا مظبوطه

 وما فيهاش غلطه،وعودتينا برده ان احنا نبقى توب

 في مجالاتنا علشان خاطر نفضل طول عمرنا مميزين

 في كل حاجه

يسلم لي دعمك ليا وحنانك عليا يا ست الكل،

واستمرا في حديثهما الى ان انهت ريم المكالمه بعد

 رجوع زوجها باهر من العمل،

دخل باهر غرفته ووجدها تتحدث مع والدتها ابدل 

ملابسه بهدوء وانتظرها حتى انهت مكالماتها وسالها:

_ فين الاولاد يا حبيبتي مش سامع لهم صوت؟

ابتسمت له واجابته برقه:_الاولاد ناموا من ساعتين انت عارف عمر عنده حضانة وياسين نومه متقطع .

واسترسلت بتساؤل:_تحب احضر لك العشا دلوقتي .

أجابها باهر متمنعا:_لا يا حبيبتي خليكي مرتاحه انا 

مش قادر اكل حاجه خالص من ساعه الغدا لو انت

 عايزه تتعشي روحي وانا هستناكي .

ريم بابتسامه_انت عارف انا مش بتعشى اصلا لان

 الاكل بالليل بيعمل لي حموضه على صدري،

ثم توترت قبل ان تبدا حديثها معه التي تعد له منذ

 ايام واجلته عدد من المرات ولكن اخذت نفسا عميقا 

وقررت ان تفاتحه: _بقول لك ايه يا حبيبي عايزه اتكلم

 معاك في موضوع مهم ممكن؟

ضيق باهر عينيه واجابها بصدر رحب:_ممكن طبعا

 يا حبيبتي انتي اصلا ما تستاذنيش تتكلمي على طول .

أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :_انا لي عتاب عندك وزعلانه

 منك بسبب كلامك اللي قلته قدام بابا وماما واخواتي

 عن شغلي في التصاميم .

ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة 

ظهرت علي ملامحه :_كلام ايه اللي انا قلته عن التصاميم

 يا ريم مخليكي زعلانه كده وشايله مني انا عمري قلت حاجه تزعلك اصلا قدام اي حد ؟

تحدثت بهدوء كي لا يبدأوا مناقشتهم بجدال سئ:_طبعا 

ليك حق ما تفتكرش لان الكلام اللي قلته ده اللي انت

 بتقوله لي على طول وحابب توصله لي بس انا ليا كيان وحلم وعايزه احققه، ومن حقي عليك انك تتناقش معايا

 فيه بهدوء من غير زعل .استغرب بشده لحديثها وردد:

_طيب انا وقفت قصاد حلمك ولا منعتك من هوايتك

 اللي انت بتحبيها بالعكس انا دايما بدعمك برايي

 وبشجعك تكملي .نطقت ريم بصراحه كي تنهي هذا

 الامر بلا رجعه:_بصراحه يا باهر المصنع اللي انا ببعت

 له التصاميم كلمني كذا مره اني اشتغل في المصنع 

معاهم وجها لوجه وهيدوني مرتب كويس جدا،

وقبل ان تكمل حديثها قاطعها: _انتي عايزه تخرجي

 تشتغلي في مصانع وتتعاملي مع رجاله!

ما كانش ده اتفاقنا من الاول يا ريم ،

واسترسل بتهكم:_وبعدين مرتب ايه اللي إنتي محتاجاه انتي عايزه تروحي تشتغلي في المصنع علشان خاطر المرتب ،طب ما انا مستعد اديكي المرتب ده بس تقعدي

 في بيتك معززه مكرمه وما تسمحيش لحد يتحكم فيكي عشان حبه فلوس .

اتسعت ملامحها بذهول لعدم فهم زوجها مغزى حديثها واردفت بجدية:هو انت مفكرني عايزه اروح اشتغل في المصنع علشان خاطر المرتب ولا علشان خاطر الفلوس؟!

انا بصراحه كده شايفه اني بدفن نفسي وتصاميمي

 اللي انا شايفاها انها تستحق تبقى براندات عالميه في

 شغل الأون لاين،

اللي زيي كان زمان دلوقتي عندها اتيليه ومشغل بسيط وعامله مشروع صغير تحقق فيه حلمها،

بس انا ما طلبتش منك كل ده كل اللي انا طالباه اني اشتغل ،انا حاسه ان انا مخنوقه من روتين الحياه اللي

 انا عايشاه .

انزعج بشده من حديثها ولاول مره يعلو صوته عليها

 مرددا بحده:_يعني انا يا ست ريم هانم خانقك وقافل عليكي!

ما انا حياتي كلها انتم وشاغل نفسي بيكم اكتر من

 اي حد وبحاول بقدر الامكان اني اخرجك انتي

 والاولاد وقت ما اكون انا فاضي .

اشارت ريم بسبابتها في وجهه:_لو سمحت يا باهر 

ما تعليش صوتك عليا انت عارف اني ما بحبش

 الصوت العالي،وعلى فكره اللي انا بطلبه منك ده

 حقي لا الدين ولا الشرع منع الست انها تشتغل وتحقق حلمها طالما مش هتقصر في بيتها ،

ثم ربعت يديها واكملت بتاكيد:_وبصراحه كده انا مصممه

 ان انا انزل اشتغل ويبقى ليا هدف اسعى علشانه .

استشاط غضبا واجابها بصوت عالي اكثر من ذي قبل:

_هو الشرع حلل يا ست هانم ان الست ما تسمعش كلام جوزها او تخالف اوامره شرع ايه ده اللي انت بتتكلمي عنه،

وخلاصه الكلام يا ريم شغل ما فيش شغل انسي .

_تمام ياباهر يا نوصل لحل مرضي يا اما اتصل ببابا وماما يجوا يحلوا معانا المشكله دي،  قالتها ريم بتصميم.

انصدم مما سمع لتوه وتوجع من حديثها وأردف بهدوء 

ما يسبق العاصفه:_من امتى يا هانم واحنا بندخل حد

 في مشاكلنا من امتى خرجنا سر بيتنا بره وحد سمع بينا !

واستطرد بغضب شديد:_قفلي الحوار ده وما تتكلميش

 فيه تاني لان انا اديت امري وخلاص .

_لا يا باهر انا مش شغاله عندك انا هنا مراتك وشريكتك

 في حياتنا ، وأنا مش جرسون شغال عندكم في المطعم علشان تدي له اوامر ويسمعها،

انا بني ادمه ليها راي والمفروض تحترمه .قالتها ريم 

بتصميم أكثر .

اجابها باهر وهو ينهي الامر:_تمام كده اختاري يا بيتك واولادك يا الشغل

انصدمت ريم من مقارنته وانهائه للامر بينهم بتلك 

البساطه ورددت بعناد: _خليك فاكر يا باهر ان انا 

اللي ما حطتش المقارنه دي،

وانا هختار الشغل وولادي طالما الانانيه وحب الذات

 وصلت عندك للدرجه دي !

انصدم الاخر من حديثها ككل وجلس على على تخته

 وهو يضع راسه بين يديه مرددا:_عمري ما كنت اتخيل

 ان المناقشه ما بيني وبينك توصل للدرجه دي!

عمري ما كنت اتخيل ان انتي تهدي بيتنا بالسهوله دي

 وان إنتي تختاري الشغل على باهر !

بجد انا انصدمت فيكي صدمه عمري .

ثم أمرها ان تخرج من الغرفه وتتركه وحده،

كادت ان تتراجع وترتمي تحت قدميه وتتاسف له

 الا انها رات ان من حقها العمل وتحقيق الذات فغادرت الغرفه بسرعه اما هو فارتمى على تخته مغمضا عينيه

 بوجع  وانتهت تلك الليله محمله بالاثقال على قلوبهم

 واتى الصباح محملا بعلم الغيب،

استيقظت واستغربت بشده ان باهر نائم الى الان ولم 

يذهب الى عمله ولكن استنتجت انه مهموم من حديث الامس مثلها ولم ينم الا متاخرا من الليل فتركته

 يستريح وينام،

انشغلت هي بمتطلبات اولادها ومنزلها ،

حتي فات من الوقت عده ساعات وباهر كما هو نائم،

انشغل قلبها وعقلها عليه بسبب ساعات النوم الكثيره التي نامها باهر وقررت ان تدلف الى الغرفه لكي توقظه،

دقت على الباب قبل ان تدخل كعادتها ولكن لم تجد ردا ففتحت الباب ودخلت ونادت عليه: باهر باهر قوم احنا 

قربنا على العصر ،

باهر ، باهر مبتردش عليا ليه...........


تكملة الرواية من هنااااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا


تعليقات

التنقل السريع