القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل 6-7-8-9-10بقلم فاطيما يوسف (جميع الفصول كامله)

 رواية بين الحقيقة والسراب الفصل 6-7-8-9-10بقلم فاطيما يوسف (جميع الفصول كامله)




رواية بين الحقيقة والسراب الفصل 6-7-8-9-10بقلم فاطيما يوسف (جميع الفصول كامله)


رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل السادس 

بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

عصرا داخل البنك الأهلي بمدينة الإسكندريه يجلس 

جميل على مكتبه يفحص بعض الميزانيات ويراجعها

 وهو يرتدي نظارته بمهنية،

ثم استمع الى دقات على باب المكتب وأذن للطارق 

بالدخول،وإذا به المهندس نادر يدلف وعلى وجهه

 علامات السعادة مرددا بنصر:

_اخيرا وصلت له يا جميل بيه ،

اترصدت له وجبت لك اسكرينات بمحاولاته للسرقة 

من كذا مكان .ومد يده بالملف المطبوع به الاسكرينات .

أخذه منه جميل وهو يثني عليه بامتنان متطلعا إليه وعلامات السعاده باديه على وجهه :_عظيم عظيم يا هندسه كنت واثق ومتأكد ان انت هتجيب اخره ما انا مش بشغل معايا اي حد برده ،واسترسل حديثه وهو متعمق في قراءه الاسكرينات مرددا بتساؤل:

_طيب الاسكرينات دي كفيله انها تسجنه ولا هيقول ان ده مش ايميله والحوارات دي وخاصه ان انت بتقول ان هو ذكي ومأمن نفسه كويس جدا .

استمع نادر الى سؤاله بتركيز واجابه بدقه شارحا له:

_شوف يا فندم الاسكرينات اللي مع حضرتك هتلاقيني موضح اربع كافيهات كان متواجد فيهم وهو بيحاول يهكر بيهم البنك ،

والكافيهات دي ملغمه بالكاميرات واحنا لما نقدم الأوراق

 اللي معانا دي لمباحث الانترنت هي بمعرفتها هتتاكد ان الاسكرينات دي صحيحه وكمان هتلاقي في الملف اللي مع حضرتك صوره له لقطها له لما كنت في الكافيه اللي في الجيزه اللي بالصدفه عرفت اوصل له منه ،

واستطرد شارحا بتنبيه:_هتلاقي مع حضرتك في الملف ميعاد كل مره راح فيها كل كافيه تقريبا من سبع ايام

 بالظبط راح الكافيهات دي،

فاحنا لازم نتحرك بسرعه ونبلغ مباحث الانترنت لان الكاميرات بتتفرغ بعد ١٥ يوم بالظبط علشان يتاكدوا .

نظر له جميل وسأله بتركيز :_طيب انت عرفت ازاي ان 

هو كان بيروح الكافيهات دي؟

اجابه نادر بعمليه وذكاء:_كنت مكلف واحد يراقبه ويشوف وهو رايح فين في كل مره بيروح فيها وطبعا انا معايا رقم الأيباد بتاعه كنت ببحث عن مكان الكافيه اللي موجود فيها وانا قاعد مكاني وفعلا بتاكد ان الجهاز ده موجود في المكان ده وبسجل اليوم والساعه زي ما موجود عندك في الاسكرينات .

_هايل هايل يا باشمهندس نادر بجد انت بهرتني،

قالها جميل وهو معجب بذكاء نادر وأكمل باستعجال وهو يجمع الاسكرينات الورقية من أمامه ويعطيها له قائلا باستعجال:_حالا تاخد محامي من الشؤون القانونيه اللي 

تبع البنك وتروحوا فورا على النيابه وتقدموا بلاغ فيه مش هنستنى زي ما انت ما قلت لي ،

علشان يبقى عبره لكل واحد يفكر نفسه زكي عصره وأوانه ويفكر في السرقه بدل ما يستغل موهبته الالكترونيه وذكاؤه في السرقه .

اخذ نادر منه الملف مرددا وهو يقوم من مكانه باستياء:

_انا مش عارف اهالي الشباب اللي زي دي ازاي سايبينهم كده ولا بيسألوهم رايحين فين ولا جايين منين ولا بيعملوا ايه ؟

اجابه جميل بتوضيح:_والله يا نادر يا ابني ساعات الأب والأم بيبقوا بيسعوا على رزقهم علشان يخلوا اولادهم مش محتاجين حاجه فأكيد الولد ده مش راضي بحاله ولا اللي ربنا قسمه له فلجأ للسرقه واكيد امه وابوه مش عارفين هو بيعمل ايه .

اعتدل نادر بوقفته وانتصب منتويا الخروج مرددا

 باستنكار:_ما اعتقدش يا فندم ان الولد ده من ذوي

 الطبقات المتوسطه او اللي تحت المتوسطه وده واضح

 جدا من الكومباوند اللي ساكن فيه،

ومن نوع الأيباد اللي شايله وطبعا عنده كذا واحد وكمان الكافيهات اللي بيروحها ما يدخلهاش اولاد الناس اللي حضرتك بتقول عليهم ،

ثم استأذن من مديره باحترام وتركه،

وبعد ان خرج حدث جميل نفسه بتعجب :_انا مش عارف

 ايه الجيل المهبب اللي ما يعلم به الا ربنا ده يعني حالتهم الماديه كويسه جدا وبيسرقو ،فعلاً مابتهونش إلا علي الغلبان،

ثم عاد الى عمله واثناء انشغاله رن هاتفه المحمول برقم 

ابنته ريما ،اجابها مبتسماً:_ريما حبيبه بابا ،

وكاد ان يكمل سلامه عليها الا انه استمع الى انهيارها

 وهي تردد بنحيب :_الحقني يا بابا باهر مغمى عليه

 وعماله افوق فيه مش بيفوق خالص مش عارفه اعمل ايه تعالى لي بسرعه .

انتفض جميل من مكانه وحدثها باطمئنان:_اهدي يا حبيبتي واشرحي لي ايه اللي حصل بالظبط علشان أتصل بالدكتور وأحكي له .

تحدثت من بين شهقاتها بكلام لم يفهمه والدها بتاتا ولكنه سألها :_اهدي يا حبيبه بابا انا جاي لك على طول مسافه الطريق بس وهتصل بالدكتور يحيي يجي لنا على هناك،

طيب ما ندهتيش لوالدته ليه ولا لاخوه بدل ما انت

 لوحدك كده ؟

اجابته وعيونها متعلقه بباهر الملقي امامها :_ مش

 موجودين حماتي ميعاد زياراتها القبور النهارده وبتتأخر وزاهر هو اللي بيوديها وانا هنا لوحدي،واكملت بكائها بشده .

طب يا حبيبتي هدي اعصابك بس علشان الولاد ما يخافوش وانا خلاص 10 دقائق وهكون قدامك ،

قالها جميل وهو يقود سيارته باستعجال ،

وما هي الا دقائق حتى وصل إلى العماره التي تسكن بها ابنته وقبل ان يصعد الى الطابق المنشود هاتف الطبيب واستعجله ان يأتي سريعا ثم صعد الى شقة غاليته ووجدها تفتح له الباب بسرعه عندما استمعت الى صوت سيارته وأدخلته الى غرفه زوجها،

احتضن يداها وهو داخل لكي يطمئنها،

ووصل الى باهر الملقى على تخته لا حول له ولا قوه نظر اليه نظره عميقه وتحسس كف يديه وجبهته وجدهم مثلجتين تماما،

انخلع قلبه مما جال بخاطره ولكنه لم يفصح عنه خوفا

 على ابنته وفضل السكوت تماما الى ان يحضر الطبيب ويقوم بفحصه لعل وعسى يخلف ظنه،

وبعد ربع ساعه وصل الطبيب وأدخله جميل الى غرفه باهر ،

اخذ الطبيب سماعته وقام بفحصه تماما وبعد ان انتهى نظر اليهم بأسى وحزن مرددا:

_البقاء لله يا جماعه .

جحظت ريما بعينيها وتحركت براسها يمينا ويسارا وغير مصدقه ما قاله الدكتور للتو وذهبت اليه ممسكه بتلابيب حلته وهي تهزه مرددة بانهيار:

_ايه اللي انت بتقوله ده يا دكتور باهر مات!

لا انت غلطان لو سمحت عيد الكشف تاني وتاكد من كلامك من فضلك يا دكتور من فضلك عيده تاني ،

كل ذلك بدموع تهبط على وجهها كالشلالات وحدسها يؤكد لها انه ما زال حيا وعلى قيد الحياه وانه لم يمت ويتركها 

هي وأبناؤها .

نزع ابيها يدها من على الطبيب وجمع معه اشيائه وتركه يغادر ،

الا انها رفضت تماما ان يغادر الطبيب قبل ان يعيد

 الكشف وهجمت عليهم بكل قوتها مردفه بعنف:

_انت بتعمل ايه يا بابا سيبه بالله عليك يكشف عليه تاني

 هو اكيد غلطان باهر ما ماتش هو وعدني انه هيفضل جنبي ويكمل معانا انا والاولاد وعدني انه مش هيسيبني خالص

 هو اكيد غلطان اكيد غلطان .

احتضن ابنته وربت على ظهرها كي يهدئها وهي منهارة

 تماما ولم تستمع لأي من كلماته والى الآن لم يصدق

 حدسها ما حدث وابتعدت عن أبيها وذهبت اليه وهي تحتضنة مرددة ببكاء يمزق القلب:

_لا يا باهر قوم يا حبيبي وانا هعمل اللي انت عايزه 

ومش هشتغل وهبطل التصميم خالص،

وأكملت وهي تتشبث به بشدة :_قوم يا حبيبي ما تسيبنيش مش هقدر أكمل من غيرك انت وعدتني ان احنا هنكمل مع بعض لآخر العمر ما لحقتش اتهنى بيك ولا اتدفى في حضنك .

جذبها ابيها من ظهرها واحتضنها وهو يربت على ظهرها مهدئا لها:

_يا حبيبتي هدي نفسك علشان خاطر اولادك بيعيطوا 

من منظرك،

ده عمره والأعمار بيد الله كلنا مسيرنا سايبينها وهنروح

 للي خلقنا واللي أحن علينا من اي حد وافتكري قول

 الرسول صلى الله عليه وسلم

"انما الصبر عند الصدمة الاولى "

واسترسل حديثه وهو ينظر داخل عيناها ليحثها على

 الهدوء:_اهدي يا حبيبه ابوكي اهدي علشان خاطر

 إبنك الكبير بيرجف من الخوف والصغير مفلوق من 

العياط كأنه حاسس اهدي يا ماما اهدي .

ما إن ذكر ابيها اسم أولادها جرت عليهم واحتضنتهم ودموعها على وجهها كالشلالات والتي ايقنت من داخلها 

انها لم تجف بعد ،

احتضنتهم وهي تهدئ من روعهم فقد كان ابنها الأكبر 

منزويا في ركن وجسمه يرتعش من من منظر والدته

 وهو لا يفقه شيئا مما حدث لأبيه الى الان مردده له :

_اهدي يا عمر انا كويسه ما فيش حاجه بس يا حبيبي .

هاتف أبيها زاهر اخيه وطلب منه ان يعود الى المنزل

 لأمر جلل واستعجله ان لا يتأخر هو والدته،

وهاتف ايضا زوجته وابنه رحيم وابنته رندا ان يأتوا 

على عجاله لكي يقفوا بجانب ريما التي اوشكت على

 الانهيار وهي جالسه بجانب زوجها تنتحب بشده ،

وبعد نصف ساعه وصل الجميع وهم لا يفقهون شيئا

 مما حدث فجميل فضل ان لا يحاكيهم في الهاتف

 خوفا من ذعرهم ،

صعد زاهر ووالدته الى مسكن باهر كل ذلك وهم 

يعتقدون ان باهر وزوجته بينهم مشكله كبيره 

يريدون حلها ولم يخطر ببال احد منهم انه توفى،

دخلوا الى الطابق وجدوا فريده تحتضن الكبير وتربت

 على ظهره ،

وراندا اختها تحمل الصغير وتهدهد فيه ودموعهم

 تنزل على وجوههم بسخاء ،

استنتج باهر ما حدث فجرى مسرعا الى غرفه اخيه

 وجد زوجته جالسه على الأرض وهي تمسك يداه وتبكي بشده ذهب ناحيتها وسألها بدهشة :_ايه اللي حصل

 لاخويا يا ام عمر اخويا جرى له حاجه انطقي ؟

_مات باهر مات وسابني لوحدي انا واولادي مات

 حبيبي مات !

وقع الخبر على قلبه كالصاعقه نظر الى اخيه بقلب

 مفطور وعيون محدقه على جسد اخيه ولسانه كأنه

 شل ولم يعد على النطق،

ساقته قدماه الى الجهه المقابله لزوجه اخيه ممسكا

 بيده وواضعا جبهته عليها قائلا بانهيار :_لا يا حبيب 

اخوك وابن عمري مشيت وسبتني بدري واحنا لسه

 في اول الطريق ،

نطق كلماته تلك وهو ينفطر دموعا على العزيز أخيه ،

اما والدته في الخارج جلست بجانب فريده وسألتها باستغراب :_هو في ايه يا ام رحيم مالكم يا حبيبتي

 بتعيطوا ليه هي ريما تعبانه ولا جرى لها حاجه؟

استمعوا الى سؤالها وبكوا جميعا بصوت عالي ولم 

يقدر اي منهم على نطق حرف واحد،

فهوى قلبها بين قدميها وجرت الى غرفه صغيرها 

وما ان وصلت وشاهدت منظر زوجته وابنها الاكبر واستنتجت ما جرى حتى سقطت مغشيا عليها من 

اثر الصدمه،

هرولوا جميعا ناحيتها عدا ريم التي لم تتحرك من

 مكانها وهي تبكي على الفقيد الغالي،

بعد مده عادت الى رشدها ووضعت يدها على راسها وانطلقت بالعويل مردده:_اه يا ابني اه يا حبيبي

 لا يا باهر ما تسيبنيش يا حبيب امك ضاع شبابك 

ما لحقتش تتهنى بعيالك يا حبيبي قوم يا زاهر قوم

 يا حبيبي ما تعملش في امك كده ،

وظلت على عويلها ولم يقدروا عليها ان يجعلوها تصمت ،

_____________________________


في نفس اليوم عصرا في دار الأيتام كانت مريم تدلف

 الى الدار عائدة من الجامعه واثناء دخولها لمحت تلك الشمطاء وهي تصافح مديره الملجأ واخذتها ودلفت 

معها الى غرفه مكتبها ،

تبعتهم مريم بعينيها الى ان اختفوا من امام ناظريها 

وساقتها قدماها الى اقرب مقعد وجلست عليه وهي

 واضعه يدها موضع قلبها مردده لنفسها بارتعاب شديد :

_يا مرك يا مريم ما تكونش جايه توريها الفيديو

 يا فضيحتك يا فضيحتك ،وأكملت وهي تضرب على 

قدميها بكف يدها:_اعمل ايه يا رب دلني على الصح،

ادخل دلوقتي عليهم وافهم المديره قبل ما الكلبه دي

 تشوه صورتي قدامها ولا اعمل ايه؟ دبرني يارب ،

واستطردت ببكاء: _انا كده هتطرد من الملجأ وانا لسه

 في الجامعه ولا ليا مكان يأويني ولا حد يواسيني

 في مصيبتي دي،

حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا مي ربنا ينتقم منك ويوريني فيكي يوم ويشردك زي ما انتي عايزه

 تشرديني ،وأكملت حديثها مع نفسها وهي في حيره

 اتذهب لهم أم تنتظر مصيرها المحتوم ،

وفجاه رفعت انظارها تجاه الباب وجدت المديره ومي خارجتين من المكتب تصافح كل منهما الاخرى ثم ارتدت

 مي نظاراتها الشمسيه قائله لمديره الملجأ:_اي حاجه يحتاجها الملجأ من تبرعات او مساهمات انا تحت امرك 

يا مدام شريفه وربنا يقدرني على فعل الخير .

شكرتها الاخرى بحفاوه وربتت على يديها مردده بامتنان مغلف بالطمع:_تسلمي لنا يا ست البنات وربنا يجعله

 في ميزان حسناتك وما يحرمش اليتامى دول من

 عطاياكي وهداياكي ولا يحرمني انا شخصيا

واسترسلت حديثها بزيف:_ما تتصوريش معزتك عندي

 قد ايه يا انسه مي بعتبرك زي بنتي بالظبط،

مانا اللي مربياكي هنا مع اخواتك في الملجأ بس إنتي

 ربنا كرمك واشتغلتي شغل حلو عشان دايما دماغك

 حلوه وبتفهميها وهي طايره،

ابتسمت لها مي بسماجه لتذكرها ماضيها في الملجأ

 والذي تبغضه ولو ودت واقتلعت جذورها من تلك

 الملجأ لفعلت مع العلم انها في حياتها لم تذكر امام 

احد انها كانت مرباه في الملجأ واردفت ببرود:

_طبعا حضرتك زي والدتي وربنا يعلم انا بحبك وبحب اخواتي هنا قد ايه تؤمريني بحاجه تانيه يا مدام شريفه .

ابتسمت لها الاخرى وامائت براسها:_ما نستغناش عنك

 يا ميوشه وما تغيبيش عننا يا ليدي يا جميله .

امائت لها براسها بابتسامه وتركتها وذهبت الى مكان

 مريم وهي تنظر لها بشماته من تحت نظارتها ثم اردفت

 قائله بمراوغه:_يا ترى العيون الجميله دي بتعيط ليه ايه اللي راعبك قوي كده ومخليكي مش على بعضك يا رومي ؟

واسترسلت وهي تخلع نظارتها وتمسكها بيدها مردده بسخريه:_يا ترى مصروفك خلص إللي إنتي بتاخديه من الدار هو ده اللي مخليكي قاعده مقهوره كده وبتعيطي يا بيضه ؟

استوعبت مريم سؤالها واردفت بنبره جاده متجنبه

 سخريتها منها :_ليه بتعملي معايا كده انا اذيتك في ايه علشان تعملي فيا كده؟

واسترسلت بعيون لامعه من اثر الدموع المتجمعه في مقلتيها :_ليه مصممه تدمريني وتدمري مستقبلي وعايزه تمشيني في طريق انا مش حابه ان انا أمشيه .

لوت فمها واجابتها بنبره ساخطه وهي تنظر داخل عيناها بجبروت:_انت يا بت هتدخلي لي قافيه ولا ايه ومفكراني يخيل عليا الحركات دي والعياط وبيأثر فيا ،

واسترسلت وهي تشير لها بكفاي يديها بامتعاض :

_لا يا ماما غيرك عملوا كده معايا كتير ومجوش سكه

 معايا،فاخلصي يا بت إنتي علشان انا جبت اخري منك واديكي شفتيني وانا خارجه مع المديره قلبك وقع في رجليكي فما بالك بقى لما اسيطك يا مزه .

فكرت مريم وهي تدور بمقلتيها الى جدران الدار التي تحتويها ان تجاريها في حديثها الى ان تنتهي من سنتها الدراسيه وهي محاطه بتلك الجدران بعنايه ،مردفه 

بتردد:_طيب ممكن تديني فرصه لحد ما اخلص السنه 

دي علشان خاطر اكون فاضيه معاكي وعلشان ما اقصرش في مذاكرتي .

ضحكت مي بصوت عالي وهي تنظر لها مجيبه لها بسخريه:

_انتي يا هبله انتي مفكراني دقه عصافير ولا لسه نونو بيضحك عليها من حته عيله زيك لا يا ماما انا فاهماكي كويس جدا ،

واسترسلت وهي تكشف لها طريقه تفكيرها المكشوفه امامها:

_انتي عايزه بقى تخلصي السنه بسلام وامان وبعد كده مش هيهمك حاجه ما انتي اتخرجتي بقى وساعتها هتقولي لي امك في العشه ولا طارت ؟

واستطردت وهي تضع يدها على كتفها بتهديد:

_ مش مي اللي تتختم على قفاها وبعدين يا ستي لو على الدراسه مش هطلب منك غير فيديو واحد بس كل اسبوع واظن ده مش هيعطلك عن المذاكره مجرد فيديو هياخد ساعه منك ولا هيعطلك ولا هيبطلك ،

ها إيه رايك بقى؟

واكملت بسخريه:_انا كده طيوبه خالص وعملت معاكي

 الصح وزياده .

نزعت مريم يدها من على كتفها بشده واردفت بقوه:

_ ده بعدك يا حقيره نجوم السماء اقرب لك من ان

 مريم عماد تبقى منحطه ووضيعة زيك ،

واسترسلت حديثها وهي تشير اليها بسبابتها:_انا عندي 

انام في الشوارع وعلى الارصفه وعندي اموت من 

الجوع او اتسجن من التشرد بس بشرفي ولا اني ابقى

 سافله زيك .

اتسعت عيناها بذهول من تجرؤ تلك المريم عليها واهانتها بتلك الالفاظ ورددت بنظره محرقه لو طالت الاخضر 

لجعلته يابسا:_واللي خلق الخلق يا مريم لادفعك كل

 اهانه اهنتيها لاسيادك يا لقيطه .

قالتها بملامح وجه مكفهره من الغضب الشديد،

وما كادت ان تختفي من امامها الا ان مريم باغتتها

 وهوت على وجهها بضربه من أثرها اطاحت بها الى

 الخلف مردفه بعنف:_اللقيطه دي تبقى إنتي اما انا 

ليا اصل وفصل وانتي عارفه كده كويس قوي ان انا

 يتيمه مش لقيطه في فرق كبير ما بينهم هم الاتنين

، كبير ،واكملت مريم بتوضيح:

_في لقطاء كتير اشرف منك لان ما لهمش ذنب في

 غدر الزمان بيهم واللي حملهم اللقب ده .

ثم تركتها مستشاطه ودخلت الى الدار بسرعه

 ودموعها منهمره على وجهها .

اما الأخرى كانت مصدومه وهي واقفة وواضعة كف

 يدها مكان الصفعه التي تلقتها على حين غره وهي 

تتوعد بداخلها لتلك المريم بأشد انواع الهلاك ،

وغادرت الى سيارتها بخطوات سريعه وعيون تشبه

 عيون الشياطين في نظرتها ،

أما مريم كانت مرتبكة خائفة وأمسكت هاتفها تتصفحه

 وأول شئ وقعت عيناها عليه منشورا من أحد

 الصفحات العامة محتويا:

      (   كن بخلقك ينصلح أمرك  ))

فاطمئن قلبها أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .


رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل السابع

 بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

في مكتب مالك الجوهري

يجلس على مكتبه و هو يشاهد ملف عارضات الازياء المحجبات اللاتي تقدمن الى المسابقه التي اجريت

 من اجل اختيار افضل خمسه منهم ،

والذي قام علي بدوره باختيار هؤلاء الخمسه وارسلهم

 الى مالك لكي يدلي برايه النهائي ،

واثناء انشغاله دلف اليه علي وجلس مقابله متسائلا 

بمهنيه:_ها يا بص ايه رايك في الخمسه اللي انا اخترتهم تمام ولا فيه واحده مش عاجباك ؟

رفع مالك انظاره من على اللاب توب واجابه وهو يومئ براسه:

_لا برافو عليك يا علي اختيارهم مناسب جدا وجميل دلوقتي عايز تجمعهم لي علشان خاطر افهمهم النظام

 ماشي ازاي،واسترسل حديثه وهو ينظر الى ساعته:

_ انا قدامي نص ساعه كده اخلص فحص التصاميم 

اللي قدامي وتكون جمعتهم لي في غرفه الاجتماعات .

واستر سل متسائلا بتذكر:_اه صحيح هي ريما ستور ما بعتتش ليه تصميم اللي كان من يومين مش عادتها

 التأخير يا ترى بتفكر في ايه واللي خلاها تتاخر علينا ؟

اجابه علي وهو يرفع كلتا يديه كعلامه لعدم معرفته

 السبب :_والله ما اعرف يا مالك انا حاولت ابعت لها

 اليومين اللي فاتوا لكن هي قافله الواتس بتاعها خالص ومش بترد مش عارف في ايه بالظبط !

ممكن يكون عندها ظروف او تعبانه مثلا علشان كده 

مش عارفين نوصل لها لعل المانع خير ما تقلقش ،

ثم ضرب على جبهته كعلامة للتذكير:_ بقول لك صحيح جوليا أخدت الشحنة كلها وعجبتها جداً ، أنا مش فاهم

 يا أخي الست دي مهتمة بمصنعك إنت بالذات دونا 

عن باقي المصانع ؟

مط شفتيه باستنكار:_ إنت هتقر علينا ياعم ، امسك

 الخشبة ينوبك ثواب ، الست بتحب شغلنا وبتقدره .

تحدث علي مبتسماً بخفة:_ بتحب شغلنا! أه ، ماشي

 ياعم مالك ،

ثم انتصب واقفا أمامه واردف قائلا:_ هروح امر على

 المصنع في النص ساعه دول وهبلغ السكرتاريه تجمعهم

 لك وهاجي لك على غرفه الاجتماعات كمان نص ساعه .

واثناء فحصه لتلك الفتيات فتح اعينه على وسعهم ممن

 رآها والذي لم يتوقع في يوم من الايام انه لن يقابلها 

مره اخرى ،

وبعد الانتهاء من فحصه انتصب واقفا وهو يغلق ازرار

 حلته وانتوي المغادره الى غرفه الاجتماعات،

وبعد قليل وصل اليها وولج الى الداخل وجد علي

 والفتيات في انتظاره القى عليهم السلام ببشاشه

 وجه مرددا بتواضع:

_السلام عليكم ورحمه الله يا اهلا بيكم في تيم مالك الجوهري اتفضلوا اقعدوا .

رددوا السلام جميعهم ومن بينهم تلك التي تبتسم

 ابتسامتها الحالمه ظنا منها انه سيجن فرحا من رؤيتها،

تحدث مالك بمهنيه:_دلوقتي هعرفكم على النظام اللي هنمشي عليه في مجموعه مالك الجوهري ،

هيجي لكم فريق مدربين سيدات هيدربوكم على طريقه العرض اللي احنا هنعملها باذن الله في السيزون ده،

واكمل حديثه بابانه:_انتم عارفين ان مجموعه الجوهري بتهتم بالدقه جدا في العرض والعرض ده بالذات نازلين بتصاميم جديده ومختلفه تماما عن اي سنه وانا واثق انكم هتجتهدوا معايا علشان خاطر العرض ينجح وشغلنا ينتشر بشكل اكتر .

امائت له جميعهمن بتأكيد على حديثه وانهن سيفعلن

 قصارى جهدهن لكي يقدموا الأفضل وانهن سعيدات

 جدا للانضمام الى مجموعه الجوهري ،

وبعد وقت استغرقوه في المناقشات وهم يضعون جميع النقط على الحروف اذن لهم مالك بانتهاء الاجتماع،

خرجوا جميعا ما عدا التي تتمهل في جمع الاوراق من

 امامها كحجه للانفراد مع مالك لكي تتحدث معه،

ولكن خاب املها وهي تراه يخرج امامهم ،

لملمت اشياؤها باستعجال وجرت مسرعه ووجدته

 يهرول ناحيه المصعد الكهربائي،

وقبل ان يغلق مالك باب المصعد اقتحمت هي المصعد

 قبل ان يغلق الباب،

نظر اليها مالك بإستغراب شديد وتحدث ،....

في منزل باهر الجمال

يجلسون جميعا في صمت تام ووجوههم تبكي

 دموعا بلا صوت وقلوبهم تنزف وجعا بلا جرح

وما زالت الصدمه تعتلي وجوههم على ذلك الفقيد،

ولكن لم تكن والدته من ضمن الجالسين لانهيارها التام ،

فقد احضروا له الطبيب عند اغمائها ولكن ما ان عادت

 الى رشدها عاودت العويل مره اخرى بشكل مريع فاضطر الطبيب أن يعطيها مصلا مهدئا لكي لا تفقد اعصابها او يحدث لها انتكاسة مفاجاه فهي كانت اجرت عمليه قلب مفتوح منذ عشرة اعوام فخافوا عليها ان يحدث لها شيء ،

انهى والد ريما جميع الاشياء الخاصه بالدفن وذلك لان

 اخيه منهار تماما ففعل كل شيء هو ورحيم ولده،

وبعد عده ساعات من الاجراءات دفن باهر في مشهد

 تقشعر له الأبدان من قسوه رؤيته،

فالجميع في حاله حزن شديد وانهيار من البعض وتماسك

 من البعض الاخر ومن ضمن المنهارين تماما زوجته ريم حيث كانت جالسه على تختها تحدث حالها بكلمات تنقطع

 لها القلوب :_غادرت وتركتني ولم تعود وعلى العهد لم

 تبقي ،وذهبت الى لحدك وتركتني وحدي أعاني مر البعاد بدون ان ارضى،ساعيش واتنفس ولكن روحي دفنت معك

 و قلبي مات ولم يعد يحيى ،سلام الله على العزيز زوجي من الوحدة فيارب اجعل مسكنه خير المأوي .

واكملت حديثها مع نفسها وهي تنظر الى اطفالها بقلب ينشطر على يتمهم وهم في المهد صبيا :_كيف لك ان

 تتركني وحدي يا نبض القلب وكيف لي ان اتحمل ان

 اعيش تلك الحياه وامضي مع تلك الايام بدونك يا عشقي الابدي، ماذا سيكون طعم الحياه بدون انفاسك العطره

 التي كنت استنشقها ،فيا رب خفف علي قلبي وعلى

 روحي ألم الذكري ، كانت تحادث حالها بدموع منهمره 

على وجهها والتي تاكدت انها لن تجف بعد اليوم بعد

 فقيدها الغالي وهي جالسه القرفصاء على تختها،

أما اخيه في حاله لا يختلف عنها كثيرا فقد كانوا اخوه متحابين مترابطين متعاونين وأخذ يحدث نفسه بلوعة الفراق:_غادرتني يا أخي ولم أنتهِ من أحاديثي معك،

 فكل أشجاني ذابت إلا اشتياقي إليك، ما زلتُ يا أخي

 أرى الود في عينيك رغم المسافات وحنيني إليك. أخي

 وإن جار الزمان وافترقنا، فلا القلب يهدأ ولا الروح تنساك

 ،ما أجمل تلك الأيام يا أخي، كنا والحب رفيقنا نلهو معًا 

بلا تعب،يارب إن لي أخًا قابعًا داخل القبر الذي بلا جدران، فاحفظه بحفظك يا الله، وإرحمه برحمتك ،

أرجو. في صباحي ومسائي نهاري وليلي، سباتي وصحوتي

 لا أرجو من الله إلا أن يدخل جنان الخلد،

ربي إني أستودعك أخي و روحي فحاسبه برحمتك لا بعدلك ،رب إني رجوتك أن تجعل أخي من الساكنين

 جنتك وأن ترحم قلبي وتجبر كسره.وظل على وضعه يبكي دموعا على اخيه الذي توفى دون ان يودعه او ان ياخذه 

بين احضانه مات على فجأه ويا ويلنا من موت الفجأه ،

اما عن والدته بعد أن أفاقت الاخرى والتي زارتها الكوابيس في غفوتها تجلس على الفراش تنتحب بشده فولداها هم

 كل حياتها، ولم تأبي أن تتزوج بعد أبيهم وفضلت أن 

تعيش مع أبنائها وأحفادها ،

نائمه على فراشها تبكي وعيونها منتفخه من كثر البكاء مردده :_مع السلامه يا حبيبي يا اللي فارقتني بدري

 بدري ويومك كان قبل يومي ما كنتش اتوقع ابدا اني

 انا اللي اودعك مش انت اللي تودعني،

طب كنت استنى لما اخدك في حضني واشم ريحتك

 لآخر مره اه يا باهر اه يا حبيبي،

يا رب صبر قلبي يا رب اه يا قلب المكوي على فراقك 

يا ابني، وظلت تردد كلمات العويل وزوجه ابنها بجانبها 

تهدئها ولكن لا فائده وظلت علي وضعيتها كما هي .


______________________________


_بقول لك ايه انا هبعت لك فيديو وهقول لك على اللي هتعمله لي فيه بالظبط عايزه حاجه متكلفه متروقه علشان خاطر دي واحده حبيبتي وعايزه اوجب معاها قوي،

استنشق الآخر زفيره بصوت مقزز من اثر المخدرات

 التي يتجرعها مرددا بفظاظه: _ده انت تؤمريني يا ست الهوانم ده انا هخلي اللي يتفرج يدعي لك على الحلويات اللي انا هعملها لك،واسترسل حديثه وهو يلهث المخدر 

الذي امامه قائلاً بطمع: _بس وحياه الغاليه اللي هنوجب معاها تزودي لي الاوبيج شويه،

زي ما انتي عارفه الدنيا غليت والكيف بقى مزاجه عالي

 قوي قوي وسعره غالي على الاخر يا ست الناس .

اشمئزت هي من صوته والحركات التي يفتعلها من اثر المخدر هادرة به باشمئزاز:

_ايه القرف اللي انت بتعمله ده وانا بكلمك مش قادر 

تبطل شرب لحد ما اخلص معاك المكالمه ! تاتك القرف،

وأكملت بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر

_انت عارف الفلوس ما تفرقش معايا وان انا بخدم اللي بيظبطوا لي الشغل من غير ما يطلبه اعمل لي انت بس المفيد وانا هروق عليك على الاخر،

ما تتأخرش عليا زي المره اللي فاتت وتنسى نفسك ،

قالتها تلك الشمطاء واغلقت الهاتف في وجهه وهي تنوي

 في داخلها من الشر ما لا يرضي رب ويؤذي العبد ويرفع

 من الذنب .

احيانا تبتلينا الحياه بصدمات يتوقف عندها عقلنا ونبات نجزم أن تلك الصدمات ستكون نهايتنا ولكن ما هي الا بدايتنا .

____________________________


في نفس اليوم عادت راندا الى منزلها في وقت متأخر 

من ساعات الليل بعدما تأكدت من نيام اختها هي وابنائها وتركت معها والدتها ووالدها فهم اصروا البيات معها والا يتركوها وحدها في تلك الازمه الصعبه،

دخلت الى المرحاض واخذت حماماً يزيل عنها اثر فاجعه اليوم فهي حزينه على اختها الصغيره حزنا شديدا ،

ولكن ماذا عساها أن تفعل بحزنها في تلك الفاجعه ؟

واوت الى تختها واتأكت بظهرها على شباكه وامسكت

 هاتفها واتصلت بزوجها تخبره برجوعها، اما هو عندما

 وجد نقش اسمها على هاتفه اجابها على الفور مرددا 

بقلق:_حمد لله على السلامه يا حبايبي لسه راجعين دلوقتي ؟

اجابته بصوت مختنق من اثر الدموع الظاهره على 

وجهها والتي لم تهدا الى الان:_اه يا حبيبي لسه راجعين

 يا دوب الاولاد خدوا شاور ودخلوا يناموا هم كمان ياحبه عيني انفطروا من العياط النهارده على جوز خالتهم انت عارف هما كانوا بيحبوه قد ايه .

كان يستمع الى حديثها بقلب حزين لابتعاده عنهم في

 تلك الازمه مرددا بأسى: _ما تتصوريش كم الحزن اللي

 انا حاسس بيه دلوقتي وأنا بعيد عنكم في الظروف 

دي بجد انا مخنوق خنقه ما يعلم بيها إلا ربنا ،

واسترسل حديثه بأمل مفقود:

_للأسف اول ما سمعت الخبر حاولت احجز طيران بس

 ما كانش فيه طيران النهارده في الوقت ده ،

بس انا حجزت بكره ان شاء الله طياره ستة الصبح وعلى عشرة كده هكون معاكم .

فرحت بشده لمجيئه لأنها في اشد الاحتياج اليه في تلك الايام الصعبه وأردفت متسائله: _طب يا حبيبي مش

 كده خطر عليك في الشغل ان انت تاخد اجازه مفاجاه مش لازم تستاذن في الاجازه قبلها بتلت ايام على الاقل ؟

اجابها مطمئناً إياها بتوضيح: _ما تقلقيش يا حبيبتي

 انا حكيت لهم الظرف اللي خلاني اسافر على فجاه وهو عذروني طبعا وفورا فضولي على اجازه اسبوع هقضيه معاكم واعزي ريما واخد بخاطرها وارجع على طول،

واسترسل بدعاء و ملامح وجه حزينه :_ربنا يصبر قلبها ويعينها على البلاء الشديد اللي هي فيه ويعينها على

 تربيه اولادها من غير ابوهم ،

واستطرد متسائلا:_الا قولي لي حالتها عامله ايه يا راندا ؟

تنهدت بثقل والم انتاباها إثر سؤاله على اختها ورددت

 بحزن شديد: والله يا ايهاب ريما حالتها ما تطمنش

 خالص ما بتنطقش وما بتتكلمش،

حتى عياطها بتعيطوا بسكوت وانا خايفه عليها لا تنهار 

ولا يجي لها صدمه عصبيه،

ثم انفجرت في البكاء عندما تذكرت حاله اختها .

انخلع قلبه من بكائها وهو ليس بجانبها ولعن الغربة 

وايامها بسبب عدم وجوده بجانب زوجته وحبيبته

 لكي يخفف عنها ويواسيها ،

وظل يهدئها ويطمئنها بكلماته لكي يخفف عنها ألم الحزن ،

وأغلق معها الهاتف لكي تخلد إلي النوم لكي ترتاح من

 ذلك اليوم الشنيع عليهم جميعاً ،

وقام يعد حقيبته لأنه لم يتبقي إلا سويعات قليلة علي

 ميعاد سفره بقلب متعجل لرؤية الأحباب حتي لو كان الظرف قاسي .



رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل الثامن

 بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

_من انتي تلك الحسناء التي تراود خيالي كل وقت 

وحين ؛كالفراشة العابرة حين يمر طيفك في بالي

 وأحس بالحنين ؛ولمحه الحزن في عينيكي تشغل

 عقلي وحينها أشعر بالجنون ،وعندما أعود إلى رشدي

 أعاتبه لما تسأل عن المكنون ؛فيجبب قلبي أن طيفك

 يستحق الانشغال ويجمع عقلي الظنون؛وأعود أفكر

 في المكنون بكل إحساسي وتشتاق الجفون .

خاطرة رحيم المالكي

....................

في منزل راندا المالكي عصراً

يجلس ايهاب متأكا على تخته ومحتضنا زوجته 

وحبيبة ايامه راندا مرددا لها بحزن :على قد ما أنا كنت 

جاي الأجازة دي حزين علشان باهر الله يرحمه،

علي قد مانا حسيت ان طاقتي اتجددت ،انا روحي

 هنا معاكم وفي وسطيكم هناك حاسس اني شريد

 وغريب وحياتي مفتقدة طعم الحياه ودفا البيوت ،

ثم أمسك يديها وقبلهما مرددا وهو ينظر داخل عينيها 

بحب :_واكتر حاجه هفتقدها حرماني منك يا حبيبه 

شققالقلب والروح يا ساكنه الوجدان ،

ما تتصوريش لما بسافر واسيبكم اول اسبوع بيعدي

 عليا ازاي الأكل ما لهوش طعم والنوم بالعافية والدنيا

 وحشه جدا لحد ما أحس ان انا خلاص اتأقلمت واخدت

 على كده وامشي في دوامه الحياه .

تجمعت غشاوه الدموع في مقلتيها واحست بمدى العذاب الذي يعيش فيه زوجها في غربته فهي مهما كان تعيش مع ابنائها وفي وسط عائلته يخففون عنها القليل من الآلام ، اما هو ولا جليس ولا أنيس يمرر ثقل الأيام والوحدة وتحدثت بحزن عميق :_يا حبيبي بجد كلامك بيقطع في قلبي وبيحسسني ان احنا جانيين عليك،

وان انت جاي على نفسك زياده عن اللزوم علشان خاطر تسعدنا كلنا وتوفر لنا حياه كريمة نعيش فيها ،

بجد انا نفسي ان انا نفضل معاك هناك على طول وما نسيبكش خالص بس هعمل ايه تعليم الأولاد صعب 

هناك جدا وكمان بابا وماما ما يقدروش ما يشوفونيش

 كل سنتين مره ،بجد عناء الغربة صعب علينا جدا بس

 هنعمل ايه ادي الله وادي حكمته ،

و استرسلت حديثها وهي تنظر داخل عينيه بحب:_بس 

انت عارف لما بكون جايه لك بحس ان انا عروسة رايحه لعريسها يوم فرحها وان الفرحة مش سايعاني اني خلاص هترمي في حضنك واشم أنفاسك واتمرمغ جوه حضنك واطفي الاشتياق اللي بيسببه بعدك عني .

ابتسم بحب على كلامها وشدد من احتضانها وتحدث بوحشة :_ياه يا راندا ما تتصوريش لما بتكوني في حضني زي دلوقتي كده ببقى مش عايز الوقت يمشي غير لما اشبع من حضنك ولو اني واثق ومتأكد انه ما يتشبعش منه ابدا ،

حضنك بالنسبه لي الكتف اللي بيسندني من الشقي ،

واللي بيديني طعم للحياه من صراعتها اللي ما بتنتهيش ،

انا بعد الأيام والسنين علشان خاطر اقول قربت ونتجمع انا وانتي والأولاد ومع مرور الأيام احس ان العمر بيعدي وسنين الشباب بتضيع وكتير بقول ان الغربه هتاخد عمري وشبابي من غير ما أحس بوجودكم جنبي،

الغربه حرمان كبير قوي يا راندا مش هيحس بطعمه

 والمه الا اللي مجربه مهما أوصف .

كلامه اشعر بدنها واحست بمدى تعبه وآلام نفسه من

 وحدة أيامه واحتضنت كفاي يداه بين يديها وتحدثت

 بحنان وهي تنظر داخل عينيه :_ياه يا حبيبي قد كده 

انت متعذب وضايع والحرمان مهدد سلامك وامانك ؟

قد كده حياتك جحيم واللحظات بتعدي عليك كأنها سنين ؟

كلامك بيحسسني ويخليني اقول يا ريت ما كنا خدنا الخطوة دي وبقينا في النص لا عارفين ننسحب ولا عارفين نرجع لنقطة البدايه ولا عارفين ناخد خطوه جريئة ومجنونة بأنك تقعد في وسطنا وما تسافرش تاني ونسيبها تمشي بالبركه ،


بجد انا من جوايا حزين عليك وعلينا وعلى حالنا ،

من جوايا بيتقطع من بعدك عننا والاشتياق اللي بيدمرنا .


حرك راسه بنفي عندما رأى الحزن في عينيها بسبب حديثه واحساسها بالذنب فأجابها بحنان :


_لا يا حبيبتي اوعاكي ترمي الملامه على نفسك ولا تحسسيها بالذنب ناحيتي او ناحيتنا عموما احنا الاتنين بنتعذب زي بعض بالظبط انتي هنا مع الأولاد شايله مسؤوليتهم الكامله لوحدك وفي مواقف كتير بتكون محتاجه ان الاب هو اللي بيحلها وما بتلاقيهوش موجود فبتكوني انتي الأب والأم،


الذنب لا عليا ولا عليكي ولا على الأولاد هو ده حكم الحياه وده حكم الزمن ولازم نسعى علشان خاطر ولادنا يعيشوا في مستوى افضل والحمد لله احنا احسن من غيرنا في ناس بيتغربوا بالسنين وما بيشوفوش اهاليهم غير كل تلت سنين مره اما احنا الحمد لله بنشوف بعض كل اجازه صيف وبتقضوها معايا ،

يعني الحمد لله متهونه شويه علينا ومش مقفله لدرجة تدخلنا مرحلة الاكتئاب بس على قد الحب على قد الاشتياق هو اللي بيأثر فينا كده انا وانتي وفي اولادنا بس ربنا يجعله في ميزان حسناتنا ،

واسترسل حديثه مغيرا مجرى الموضوع كي لا يحزنها :

_جهزتي لي شنطتي ولا اقوم اجهزها علشان انتي عارفه طيارتي بكره ان شاء الله الساعه 11:00 الصبح ومش 

هيبقى عندي وقت اني اجهزها .

تنهدت بثقل عندما ذكرها بسفره وازدرفت الدموع من

 عينيها كالشلالات وشددت من احتضانه قائلة بلوع:

_ليه بتفكرني دلوقتي ان انت مسافر بكره وهتسيبنا وهتمشي ؟واجهشت في البكاء بصوت عالي،

حزن هو لأجلها وحدثها بصبر كي ينسييها ألم الفراق :

_يا حبيبتي انتوا خلاص هتقعدي شهر هنا وهتيجوا لعندي هناك تكون اختك هديت شويه واعصابها هديت واوعدك

 اني مش هشتغل كثير في وجودكم هناك ،

بجد دموعك بتقطع في قلبي لما بشوفها ما تعيطيش

 تاني يا راندا علشان خاطر بجد ببقى حزين ومتضايق 

لما بشوف دموعك ،

واسترسل حديثه بمداعبة وهو يغمز لها بشقاوه :وبعدين 

انا مسافر بكره عايزه ادلع واعيش ليلة ولا الف ليلة وليلة

 ولا هتقعدي بقى كئيبة وحزينة طول الليل وما تودعينيش وداع يليق بالبشمهندس ايهاب ؟

جففت دموعها بالمنشفه الورقيه على السريع واجابته على الفور بلهفه واشتياق :_لا يا عمري ويا قلبي ويا كل حياتي

 ما اقدرش انكد على روح قلبي بس انا اللي خدتني 

الجلاله شويه واتأثرت بيك ،

ده انا هعيشك ليله اخليك تحلم بيها طول الشهر عقبال 

ما اجي لك،واستطردت وهي ترفع حاجبها بمشاغبه :

بس انت تسد قصاد رندا المالكي يا حضره البشمهندس .

قهقه بصوت عال على حديثها ومشاغبتها واجابها بغرور :

_عيب عليك يا روني ده يبقى عيب في حق الهندسة ذات نفسها ،والهندسة ما ترضاش بكده ابدا لأنهم بيحبوا طلابهم وخريجينهم يتفوقوا بامتياز في اي معركه يدخلوها فما بالك بقى بمعركه حبنا انا وانتي تصوري كده اني افشل فيها يستحيل ،واسترسل بغمزه من عيناه:_ بس ساعه الجد ماتقلبيش قطة ياقطة .

ضحكت راندا بشدة على حديثه وارتمت بين أحضانه كل منهما يسقي الآخر من شهده ويشبع رغباته تاركين ورائهم هموم الحياه التي لم تنتهي .

____________________________

في مصنع مالك الجوهري

لملمت اشيائها باستعجال وجرت مسرعة ووجدته يهرول ناحيه المصعد الكهربائي،

وقبل ان يغلق مالك باب المصعد اقتحمت هي المصعد

 قبل ان يغلق الباب،

نظر اليها مالك بإستغراب شديد وتحدث ببرود وعدم

 اهتمام :_ انت ازاي تقتحمي الأسانسير وتدخلي من غير استئذان اللي حصل ده ما يتكررش تاني والا هعتبر عقدك منهي معانا من قبل ما يبتدي .

انصدمت هنا من بروده وجديته معها ولم تكن تتوقع تلك المعامله البارده ورددت بحزن بان علي معالم وجهها :

_هو انت مش فاكرني يا مالك ولا انت اللي عامل نفسك 

مش فاكرني لحقت نسيت هنا بسرعه كده ولا كان كلامك معايا وحبك ليا كله في الباي باي ؟

استمع مالك الى حديثها بعدم اهتمام ونظر الى ساعته

 كي يصل اليها عدم اكتراسه باقواالها واجاب على

 سؤالها باختصار :_مالك الجوهري ما بينساش اللي ما عندهمش اصل وخاصه لما كان ليهم مواقف تبين حقارتهم معاه في حياته،

وانصحك علشان انا ما ليش في قطع الأرزاق طالما هتشتغلي هنا زيك زي زميلاتك اللي كانوا معاكي فوق ويا ريت ما تتعديش حدودك واسمي هنا الأستاذ مالك يا ريت ما تنسيش نفسك علشان هي غلطه واحده بس ليكي معايا وبعد كده اقول لك مع السلامه مش عايزين .

وما إن انهى حديثه انفتح باب المصعد وخرج منه مالك بشموخ من امامها دون ان ينتظر منها الرد وتركها تتعجب

 من رده عليها واحراجها بهذا الشكل الذي لم تتوقعه

 وحدثت حالها باستنكار واستغراب :_هو ازاي اتغير كده وبقى عنيف في ردوده وفي كلامه ده كان زي النسمه ومعاملته معايا كانت كلها رجوله وجنتله ؟

يكونش عرف انا ليه سبته وما دخلش عليه الكلام اللي

 انا قلته له ساعتها ؟

اكيد عرف علشان كده بيتعامل معايا بالبرود ده ده كان

 اول ما بيشوف شكلي ولا بيسمع صوتي عيونه كانت 

بتطلع قلوب وحتى لما افترقنا كان متاثر جدا وحزين

 على بعادنا يا ترى ايه اللي غيرك يا مالك ؟

واه لو طلعت تعرف اللي في بالي .

انتهت من حديثها وخرجت من المجموعه وهي رافعه

 راسها بكبرياء وما ان خرجت رفعت انظارها الى اسم المجموعه بانبهار ورددت بتمني مع حالها :

_عن قريب قوي هرجعك تاني إنت ما تقدرش تستغنى 

عن هنا يا مالك وهملك قلبك من جديد وهنسيك 

اسمك زي ما كنت منسيه لك زمان بس الصبر ،

واكملت بتصميم وهي تبني احلاما بانها ستكون الآمر والناهي بتلك المجموعه ولن تتراجع عن ذلك وستستخدم جميع اسلحتها في الدفاع عن ما تظنه ملكها :

_مش انا اللي تسيب حاجه هي عايزاها وهرجعك تعشق خيال هنا اللي كنت بتحس بيه قبلها وهخليك زي الخاتم

 في صباعي زي زمان .

كانت تحادث نفسها بانتشاء وهي تروي في خيالها آلاف الأفكار التي نظمتها مع حالها قبل ان تاتي الى تلك المجموعه،

احقا كانت تظن ان مالك لن يعاملها بهذا الجفاء ولكن فلتستكين وتراجع خطواتها كي تعرف من اين البدايه الى مالك الجوهري حتى تصل الى مبتغاها التي لن تتنازل عنه .

اما في سياره مالك كان متكئا على كرسيها الخلفي وعقله يدور في سنوات مضت ويتذكر كيف كانت تلك الهنا احب النساء الى قلبه فقد كانت حبه الأول وأول من دق لها القلب ولكن الزمن فرقهم كما كان يظن وعاد برشده وتذكر الصدفه التي عرفته حقيقتها ولولا تلك الصدفه لكان باقيا على حماقته في تذكره انها ضحت لأجله ،

احيانا يكون العقل والقلب متشبس باشخاص كانوا له بمثابه الحياه ،

كانوا له بمثابه الونس والروح التي لا تفترق عن الروح ولكن ذلك في ظاهر الامر وحينما نتعمق في العلاقات نكتشف مدى حماقتنا بتعلقنا بوهم مع تلك الاشخاص الهشه .


رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل التاسع

 بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

انقضى اسبوع كاملا على وفاه باهر والكل مجتمعين

 في شقته، والدته التي لم تترك منزله بسبب اعيائها الشديد وعدم قدرته على النطق السليم فما زالت في صدمتها على فقيدها الغالي لم تبرا منها وغشاوه الدموع لم تفارق عينيها ،


وكذلك والده ريم التي لم تفارقها منذ وفاه زوجها فقط تذهب الى بيتها سويعات قليله وتعود الى ابنتها الغاليه تاخذها بين أحضانها ولن تفارقها فقلبها ينفطر الما على 

حال ابنتها ومصيبتها التي اصبحت فيها ،


اما عن والدها واخيها فكانوا ياتوها كل يوم يطمئنون عليها ويؤازروها في محنتها ويخففوا عنها قليلا ،


وفي نفس المكان كانت تجلس صهرتها هند بلا مبالاة لما حدث هي تمتلك جمود في المشاعر يجعلها لا تلقي بالا لحزن غيرها ،فتحدثت هند حديثها المسموم لريم قائله :


_يا عيني عليكي يا ريم حياتك انقلبت 180 درجه في لمح البصر وجوزك راح الله يكون في عونك يا حبيبتي ويصبرك على السواد اللي انت هتعيشيه بعد موته ،


ثم قلبت عينيها مدعيه للحزن مكمله حديثها بحزن مصطنع :


_الله يرحمه كان راجل بالف راجل عمره راح بدري بدري كان مهنيكي ومخليكي ست الستات .


لم يعجب كلامها فريده والدة ريم ووجهت انظارها اليها قائله بدفاع عن ابنتها امام سليطه اللسان تلك :


_امر الله يا حبيبتي ونفد وما نقدرش نعترض على حكمه ولا على اقداره البني ادم مننا في لحظه ممكن يفارق وما حدش عرف عمره ،


وبعدين الشر بره وبعيد سواد ايه اللي بنتي هتعيش فيه ربنا يخلي ولادها الاتنين ويخلي ابوها واخوها مش هيخلوها تحتاج حاجه ابدا ولا هيسمحوا لحد يبهدلها او يمس طرفها دي ريم اغلى الغاليين يا ام البنات .


اغتاظت هند من حديث تلك القويه ونعتها لها بأم البنات ظنا منها بأنها تعايرها بذلك وكادت ان تنطق الا ان زوجها باهر اشار اليها بعينيه ان تسكت مرددا بحزم :


_لو سمحتي يا هند خدي البنات وانزلي علشان خاطر الجماعه تعبانين شويه وعايزين يستريحوا وكمان تشوفي البنات ما أكلوش لحد دلوقتي وانا نازل رايح المطعم شويه .


وما ان استمعت والدته لمغادرته نظرت اليه قائله وهي تشير له بالجلوس مره اخرى :


_انا عايزاك يا باهر في موضوع مهم استنى خدني معاك نزلني شقتي هنتكلم فيها تحت .


استمعت فريده الى حديثها ثم قامت من مكانها وكذلك والد ريم واخيها مرددين وهم ينتوا المغادره ناظرين الى ابنتهم قائلين لها :


_انا همشي يا حبيبتي مع باباكي وهاجي لك الصبح ان شاء الله مش محتاجه حاجه اجيبها لك معايا وانا جايه؟


رفعت ريم انظرها الى والدتها مردده باستبيان:


_ما تتعبيش نفسك يا ماما وتيجي انت واخده اجازه من الشغل بقى لك اسبوع انا بقيت كويسه الحمد لله هقدر اشوف اموري بنفسي ما تقلقيش علي ،


ثم اكملت وغشاوه الدموع تراود مقلتيها :


_انا خلاص لازم اعتمد على نفسي في كل امور حياتي اللي انا فيه مش حاجه مؤقته وهتنتهي ده امر واقع مضطره اني اتعايش معاه ،


ولو احتاجت حاجه يا حبيبتي اطلبها منك كفايه عليكي الاسبوع ده انت اتبهدلتي معايا جامد وما تقلقيش عليا ،


ربنا المعين وباذن الله هيهونها على قلبي وعلى اولادي .


استمع والدها الى حديثها بقلب منفطر وردد بحب وهو يقبل راس غاليته :


_معلش يا حبيبتي ربنا له حكمه في كده ربنا يصبرك ويعينك على الحمل اللي إنتي شايلاه،


وما تقلقيش طول ما انا جنبك عمري ما اتخلى عنك ولا هسيبك ولو حصل اي حاجه في لمح البصر هتلاقيني قدامك برنة تليفون منك بس،


ربنا يعوضك ويجبر قلبك خير في ولادك يا حبيبتي .


نظرت الى والدها بامتنان وارتمت في احضانه واجهشت بالبكاء الشديد قائله بمرار :


_خلاص يا بابا بعد باهر الدنيا كلها ما بقتش تسوى حاجه بالنسبه لي وكل حاجه حلوه راحت بموته واحساسي بالحياه بقى معدوم ،


انا خلاص باهر فارقني وسابني جسد بلا روح أخد الفرحه وساب القهر لقلبي ،


أخذ الضحكة والإبتسامة الصافية وساب الحزن لعمري،


أنا في دوامة يابابا ومش عارفه أفوق منها ولا أعيش ،


ساعات بيتهيأ لي إنه يطلع كابوس وهفوق منه وأصحي من تخيلاتي وتهيآتي علي حقيقه بشعة ،


وساعات بقول يارتني كنت مكانه وإن أنا إللي مت وهو إللي فضل عايش علشان الوجع والمرار اللي عايشاه .


وكادت أن تكمل نحيبها إلا أن والديها رددوا في صوت واحد برعب :


_ بعد الشر عنك ياحبيبتي ،


وأكملت والدتها وهي تأخذها بين أحضانها بحنان ممزوج بالخوف من تخيلها المرير لدعاء ابنتها علي نفسها:


_ لا يانور عيني ألف بعد الشر عنك ربنا مايضرناش فيكي أبدا وتعيشي وتشوفي ولادك أحسن الناس في حياتك ياحبيبتي ،


اوعي أسمعك بتقولي كده تاني أبدا ربنا مايورنيش فيكم حاجه وحشه أبدا ياحبيبتي.


وظلوا يهدهدوها بكلامهم ويغدقوها من حنانهم ثم استأذنوا للمغادرة ،


أما زاهر فنظر إلي ريم مرددا باحترام:


_ أنا هاخد ماما وننزل ياأم عمر بعد إذنك مش محتاجة حاجه إنتي والأولاد أجيبها لك ؟


تنهدت بقلب موجوع وأجابته بهدوء معتادة عليه :


_ تسلم يازاهر بابا وماما مش مخليني محتاجه حاجة خالص ولا أنا ولا الأولاد وأكيد لو حسيت نفسي عايزة حاجة هطلب منك .


أحس بالضيق من حديثها وردد بامتناع:


_ معلش يا ريم متخليش والدتك تجيب حاجه تاني وتتعب نفسها إنتي وولاد أخويا من ساعه وفاته مسؤلين مني وده مش تفضل ولا كرم مني لأ ده من خيره الله يرحمه ومن حقه .


استمعت والدته إلي حديثه وأجهشت في البكاء وهي تردد ببكاء:


_ آه ياحبيبي ياللي بقيت ماضي نترحم عليه ،


رحت وسبت امك لوحدها يا باهر وقلبي انكوى واتحسر بفراقك ربنا يرزقك الجنه ونعيمها يا حبيبي وينور لك قبرك ،


اخذتها ريم بين احضانها وظلتا الاثنتان تبكيان على فقيدهم الغالي بألم ،


تألم زاهر كثيرا من دموعهم فهو لم ولن ينسى اخيه الذي انكوي قلبه ايضا بفراقه واخذ بيد والدته واستاذن من ريم النزول ،


واحتضنها تحت إبطيه وهبطا الى شقتها لكي يرى الموضوع الذي تريده منه ،


كانت هند تدور في شقتها كالثور الهائج وهي تضرب بقبضتي يديها على بعضهما وتردد مع حالها بغل :


_بقي انا الوليه الحيزبونه دي تكسفني قدامهم وتقول لي يا ام البنات ،


وكانت بتتكي عليها قوي اصلا هي قصدها علشان تحرجني والله ما هعديها لها ،


وهمرر عيشه بنتها في البيت ده اللي الكل دلوقتي محاوطها وكأن ما فيش الا غيرها انا اصلا مش عارفه ايه اللي مقعدها هنا لحد دلوقتي ما ياخدوها معاهم اللي كانت قاعده علشان خاطره مات ،


واثناء دورانها حول حالها استمعت الى خطوات الى الاسفل فطلت من النافذه وجدت زوجها ووالدته نازلين الى الأسفل فتذكرت انها كانت تريده في امر هام،


انتظرت حتى اكملوا هبوطهم ثم خرجت من شقتها دون ان يشعر بها احد ثم انسحبت على خطوات السلم بهدوء حتى وصلت الى باب شقة حماتها ووضعت اذنيها لكي تسمع ما الذي يحاكي بينهم بفضول معتاده هي عليها .


اما بالداخل أمسكت اعتماد والده باهر المنشفه الورقيه وجففت دموعها ونظرت الى ابنها وتحدثت بجديه :


_ شوف يا زاهر اخوك الله يرحمه مات وساب مراته صغيره وفي عز شبابها ومعاها ولدين وعندها خير من ورا اخوك الله يرحمه انا مش عايزاها يا ابني تاخد العيال وتمشي من البيت ،


علشان ولاد باهر لو بعدوا عني انا هيجرى لي حاجه كفايه ابوهم الله يرحمه مات وسابني ،


وما ان قالت كلماتها الاخيره حتى انذرفت الدموع من عينيها كالشلالات على فقيدها الغالي ،


احتضنها ابنها وربت على ظهرها بحنان وردد قائلا بحزن على حالتهم :


_كفايه بقى يا امي دموع وعياط لو كانت الدموع بترجع اللي افتقدناهم واللي الموت اخذهم كنا بكينا بدل الدموع دم ليل ونهار بس ده امر الله ولازم نصبر ونحتسبه عند ربنا سبحانه وتعالى ،


وربنا يبارك في ولاده ما تقلقيش مش هتمشي ولا هتفكر تبعد ولادها عنك يا حبيبتي ،


ريم بنت اصول ومتربيه وما تقلقيش مش هتسيبك ريحي بالك وكفايه دموع علشان خاطر صحتك يا حبيبتي .


اما عن الواقفه في الخارج وضعت يدها على صدرها من من اثر الصدمه لما استمعت اليه،


وجحظت عينيها وانطلقت نظرات الغل والشر من بينهم وتوعدت بداخلها مردده مع حالها بوعيد الشر :


_بترسمي على ايه يا وليه يا شايبه إنتي كمان ما ابقاش انا هند اما خليتها تمشي من البيت النهارده قبل بكره ده انتم ناويين تقلبوها نار وحريقة وانا مش هعديها والله هيقف قدامي هدوسه ومش هيهمني انا عارفه اصلا دماغك بتفكر لفين ومش هوصلك للي انت عايزاه يا شايبه انت اذا كنت إنتي ولا السهتانه اللي فوق ،


____________________________


في الملجا عصراً


تقف شريفه مديره الملجا وامامها جميع الفتيات تقفن منتظمات في صفوف امامها وهي تلقي عليهم ارشادات الحفل الذي يقام في الدار وسيحضره الوزير وبعض من قامات الدوله مردده بحزم :


_دلوقتي يا بنات الحفله اللي بتعملها الدار كل سنتين ميعادها قرب طبعا كل واحده فيكم عارفه دورها من النشاطات هتعمل ايه انا مش عايزه غلطه لان اللي حاضر الحفله زي كل مره قامات من الدوله عايزاهم يخرجوا ويقولوا اداره الملجا عظمه مش عايزه غلطه من الاخر ،


انا جايبه لكم مدربات لكل نشاط هتقوموا بيه في الحفله كل مدربه متخصصه في كل نشاط هتاخد المجموعه اللي تبعها عايزاكم تفتحوا دماغكم معاها وترفعوا راسي ،


علشان لو رفعتم راسي هكافئكم مكافاه ما كنتوش تحلموا بيها .


استمعن الفتيات اللي حديثها المعتاد قبل اي حفله تعد لها الدار ورددن بكل قبول اعتادوا عليه :


_علم وينفذ يا ابله شريفه ما تقلقيش هنشرفك وهنرفع راسك زي كل مره واحسن كمان .


ابتسمت لهن ابتسامتها البارده المعتاده ورددت وهي تصفق على يديها :


_برافو حلوين كده احبكم اتفضلوا يلا تروحوا على اماكنكم وان شاء الله المدربات جايه من بكره عايزاكم تكونوا مستعدين على قدم وساق ،


ثم نظرت الى مريم وهي تشاور لها قائله لها بأمر:


_تعالي لي يا مريم على المكتب علشان انا عايزاكي .


ثم اولتهم ظهرها وغادرت الى المكتب ومريم تتبعها وجلس سويا على الاريكه الموجوده في المكتب ونظرت المديره الى مريم قائله لها بنظرات ثاقبة :


_شوفي يا مريم انتي اكتر واحده لازم تاخدي بالك من النشاط اللي إنتي هتأديه لأن فقره المغنى بتاعتك هي اهم فقره لازم تتقدم بكل حرفيه ،


الاغنيه اللي هتقول لك عليها المدربه تتقنيها كويس جدا وتسمعي كلامها في كل حاجه لان اللي هيحضر الحفله زي ما قلت ناس كبيره ،


انا عايزاكي تغني بقلبك وبروحك وبكل كيانك علشان خاطر الدار تاخد شهاده الجوده ،


فاهماني يا مريم ولا ايه ؟


استمعت مريم الى حديثها بكل اذان صاغية واجابت بطاعه عمياء معتاده عليها :


_ما تقلقيش يا ابله شريفه انتي عارفه اني بغني من قلبي اصلا وإن دي هوايتي المفضله فما تشغليش بالك خالص كل حاجه هتبقى تمام باذن الله والدار هتاخد الجوده زي ما انتي عايزه .


قامت المديره وذهبت الى مكتبها وتحدثت الى مريم قائله وهي تشير ناحيه الباب بيدها :


_ تمام يا مريم انا واثقه انك هتعملي شغل حلو زي كل مره واحسن كمان ويمكن ربنا يسهل لك وحد يكتشفك من الموجودين وابقى عملت فيكي خير تدعي لي عليه العمر كله ،


اتفضلي يلا شوفي هتعملي ايه وعايزاكي تبقي جاهزه بكره بكل حماس .


اطاعتها مريم وخرجت من المكتب وذهبت الى غرفتها جمعت كتبها ونزلت الى حديقه الدار لكي تذاكر دروسها فلديها مادتين وتنتهي من اختبار نصف العام الدراسي ،


وما ان وصلت حتى امسكت هاتفها وتفحصت موقع الفيسبوك ودخلت على جروب الجامعه وظلت تقرا المنشورات الموجوده فيه،


حتى رات امامها منشور لصاحب القلب الرحيم الذي اولاها بعطفه وادخلها الامتحان رغم تاخيرها ورددت وهي تنظر الى صورته الشخصية بتمعن :


_فعلا اسم على مسمى رحيم وانت رحيم .


ثم اخذتها يديها الى ان تفتح صفحته الشخصيه وترى ما بها من باب الفضول ،


واذا بها استمرت في التقليب وقراءه منشوراته التي تمتاز بخفه الدم احيانا ،


فجاء امامها منشور في صوره مضحكه للغايه وجدت نفسها تضع تفاعل ضحكه عليه ،


ثم خرجت من صفحته ووضعت هاتفها بجانبها وامسكت كتابها لكي تذاكر دروسها فهي لن تتنازل عن ان تصبح معيده في الجامعه وتقديراتها طوال السنين الماضيه الاولى على دفعتها ،


وستجاهد حالها على ان تنهي سنتها الأخيره بنفس التقدير مهما حاوطتها الظروف المحيطة بها .


اما عن رحيم فكان ممسكا بهاتفه واذا باشعار جاء على منشور له فنظر الى صاحبه التفاعل ،


وجدها وعرفها جيداً فهي واضعه صوره صفحتها بصورتها الشخصيه فوجد نفسه يفتح صفحتها واول ما رات عينيه هي سيرتها الذاتيه والتي كانت عباره عن :


_ "مش هسمح يتمكن مني يخوف مش هستسلم للظروف وهكافح وهوصل رغم الأنوف "


قرا سيرتها وتمعن فيها وحدث حاله بحيره :


_يا ترى ايه اللي وراكي وايه الظروف اللي مخلياكي دايما حزينه والدموع ما بتفارقش وشك ؟


ايه المخاوف اللي مهدده براءتك مش مخلياكي تعيشي ايامك وسنينك زي اللي في سنك ؟


حاسس ان وراكي سر كبير مخليكي مليانه حزن ،


واللي شاغل بالي اكتر ان انا ليه بفكر فيكي وبتيجي على بالي كتير ،


يمكن علشان صعبانة عليا مثلا ،


ثم وجد نفسه مرسلا اليها طلب صداقه دون ان يفكر ،


وأكمل حديثه وهو سارح في ملكوت تلك المريم مرددا بانتشاء :


_من انتي تلك الحسناء التي تراود خيالي كل وقت وحين ؛

كالفراشه العابره حين يمر طيفك في بالي

وأحس بالحنين ؛


ولمحه الحزن في عينيكي تشغل عقلي وحينها

أشعر بالجنون ،


وعندما أعود إلى رشدي أعاتبه لما تسأل عن المكنون ؛


فيجبب قلبي أن طيفك يستحق الانشغال ويتوه عقلي في غياهب الظنون؛


وأعود أفكر في المكنون بكل إحساسي وتشتاق الجفون .


___________________________


اما بداخل شقة اعتماد حديثها الى ولدها مردده بإبانه :


_انا ما انكرش انها محترمه وبنت ناس زي ما انت ما بتقول بس برده هي لسه صغيره وفي عز شبابها وحلوه وفيها الطمع وانا يا ابني ما اقدرش اسيب ولاد اخوك يخرجوا من البيت ويتربوا بعيد عني ويا عالم امهم هتتجوز ولا لا ساعتها الموت ارحم لي من اني اشوفها مع راجل تاني بعد اخوك الله يرحمه ،


واسترسلت حديثها وهي تضع كل الامور امام نصب عينيه حتى يقتنع بحديثها مردده بتوضيح :


_انا عايزاك تتجوزها بعد العده بتاعتها ما تخلص وتلم ولاد اخوك تحت جناحك وكمان دي صغيره وحلوه ونضيفه بدل المقشفه اللي انت عايش معاها اللي مطلعه عينيك ،


وغير كده بطنها ما بتشيلش الا صبيان يمكن ربنا يكرمك معاها يا ابني وتجيب لك الولد اللي نفسك فيه واللي انا كمان نفسي فيه يشيل اسمك ويعززه في الدنيا ،


واستطردت بتأكيد :


_وبعدين انت اولى من الغريب هي مسيرها في يوم من الايام هتتجوز مش هتفضل ارمله على ولادها طول عمرها وده حقها وانا ما نكرهوش بس برده انت اولى بلحم اخوك من غيره ،


وابني هيرتاح في تربته لما يلاقي ولاده لسه في بيته وما راحوش لحد غريب ،


يا ريت يا ابني تفكر في الموضوع وتاخد وقتك احنا لسه قدامنا فتره العده بتاعتها طويله واكيد هي هتفضل قاعده لحد العده ما تخلص وابوها مش هيسيبها وهيجي ياخدها ،


ساعتها يا ابني لو حصل وخرجت روحي هتروح وراهم .


اما الاخر كان يستمع الى حديثها بتشتت وحيره فهو لم يكن يتوقع يوما ان تكون ريم زوجته ،


دائما كان يعتبرها مثل اخته الصغيره فهو الان بين قاب قوسين او ادنى اما ان يتزوجها ويفتح النار من قبل زوجته عليه،


واما ان يرفض عرض والدته وتاخذ ابنائها وتغادر المنزل وما ان جالت في باله فكره مغادرتها هي وابناء اخيه حتى انتفض مرددا الى والدته بحزم :


_مش محتاجه تفكير يا امي انا راجل ليا الحق اتجوز مره واتنين وتلاته ومرات اخويا واولاده مش هيخرجوا من بيته ولا هسيبهم ان شاء الله بعد العده ما تخلص افاتح والدها في الموضوع وربنا ييسر الامور .


اما عن هند صعدت الى شقتها بسرعه رهيبه واغلقت وراءها الباب وهي تضع يدها على صدرها مردده بحسره :


_يا مرك يا هند جوزك عايز يتجوز عليكي مرات اخوه وكمان علشان تجيب له الواد ،


وعمالين يشتموا ويهينوا فيكي ويعايروكي انك أم البنات بعد خدمتي ليها العمر ده كله الوليه الشايبه تقول عليا مقشفه ما بقاش انا هند وشعري ده على راسي اما ندمتك يا وليه على كلامك اللي انت قلتيه ده ،


وانا وانتم والزمن طويل وعلى جثتي ان الجوازه دي تمت ويا نفضها سيره ويرتاح الكل يا نولعها ويتحرق بنارها الكل .


#اقتباس_من_القادم


ابتسم بحالمية حتى ظهرت تلك الغمازات وتحدث هامسا:


_ قال لي طبعا ، قال لي دي مش بس بتحبك دي بتعشقك وبتموت فيك ومستنية تاخدها لأحضانك وتسقيها من حنانك بس مكسوفة .


اتسع بؤبؤ عينيها وقامت من مكانها مرددة بتحذير :


_ تمام طالما دي هتفضل طريقة كلامك هستئذن أنا بقى واعتبر المقابلة انتهت .


بحركة عفوية منه أمسكها من يداها قائلا بعيون مترجية مليئة بالعشق:


_ أرجوكى كفاية بعاد ومتمشيش أنا تعبت من الجرى وراكى ياعمرى .


رعشة لاااا بل كهرباء اجتاحت جسدها بالكامل من لمسته ليداها ، مجرد لمسة يد دغدغت مشاعرها وجعلت أوصالها جميعاً ترتبك ،


وكأن رعشة جسدها وفيض احساسها وصله من دفئ يداها في يده وتحدثت عيناه بغرام:


_ لا لن أتركك تلك المرة تذهبين وفي محراب العشق لن أستكين ،

فذاك القلب وتلك الأحضان وهذه العين وهذا الجسد جميع هؤلاء لكي عاشقين ،


لا تهربى فقناع الجمود التى تتصنعيه خانك وتبدل بقناع الاشتياق لي فأنتى أيضا باقية على ميثاق المحبين .


ابتلعت أنفاسها بصعوبة وجلست مكانها دون إدراك ووعى ويداه مازالت تتمسك بيدها وأجابته عيناها :


_ كيف خنتنى ياقلبي من لمسة من يداه ، لمسة واحدة فقط أفقدتنى صوابي وتهت في دنياه ،

أتذكر أني كنت بين يداه عاشقة مغرمة ولهواه متيمة وفي سمائه هائمة وأصبحت الأن لا أمتلك إلا نظرة من عيناه ،


ولكن الأنا تعاتبني على العفو إياه وتلومني على الضعف وأنا فقط أتلمس يداه ،

ولكن جسدى خانني وإحساسى فضحني وما عدت أتحمل بعده وأشتاق للقاه .


شدد من احتضان يديها قائلا بعشق:


_ تتجوزينى ونبدأ حياة جديدة مع بعض ماحنا يعتبر معشناش القديمة أصلاً


أجابته بخوف:


_ بس أنا خايفة يحصل لنا زي ماحصل قبل كدة والأمان بقى ضايع عندي والمرة الجاية لو حصل اللي حصل هتبقي القاضية عليا .


طمئنها بحفاوة:


_ لاااااا مرة تانية ايه خلاص مفيش غيرك أولى وأخيرة وصدقينى عمري ماهشوف غيرك وأصلا في وجودك جمبى مش محتاج حاجة تفرحنى وتسعدنى أكتر من كدة .


بلسان يرجف خوفاً:

_ متأكد من وعودك ؟


بكل تصميم أجابها:

_ وعد الحر دين عليه ومش هيتنقض غير بموتى .


بغمزة مباغتة من عينيه أشار لحماه أن يدخل هو والمأذون كى تستقر الأمور فى نصابها الصحيح وسكنت السندريلا قلب الأمير من جديد



رواية بين الحقيقة والسراب

 الفصل العاشر

 بقلم فاطيما يوسف

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

شهقت بصوت عال وهي تخرج من سيارتها ووجدت تلك الماثل امامها وهو يردد بطريقة مقززة :_حمد لله على السلامة يا ست البنات لا ست الستات بحالهم .

وضعت يدها على صدرها كعلامة على فزعها وأجابته

 وهي تنظر له نظرات غضب :_جرى ايه يا زفت انت !

انت بتطلع من أنهي داهية ؟خضتني ينقطع أجلك يا بعيد .

غمز لها كلينتون بعينيه وأجابها بابتسامة مستفزة :

_بعد الشر تفي من بقك يا كائدة ولما كلينتون ينقطع

 اجله مين اللي هيعمل لك الحلويات اللي هو بيعملها 

ويقدمها لك على طبق من دهب ؟

نظرت له باشمئزاز من طريقته المقززة وأجابته بحدة 

بالغة وبطريقة آمرة :_شوف يا زفت انت بعد كده ما تجيليش على فجأة ،وايه الألفاظ اللي انت بتقولها دي اتمدن واعرف انت بتتكلم مع مين ،بعد كده نقي الفاظك قبل ما تقولها 

فرك هو علي رقبته من الخلف وهو ينظر يميناً ويساراً 

وأجابها باعتراض علي طريقتها :_ شوفي ياست هانم سيد كلينتون ما بيحبش اللي بيتعامل معاه أنه دون المستوى انتي عارفة انا مطلوب لدي جميع المواكع " (المواقع") والسوشال (ميديم ) السوشيال ميديا"

فخلينا نتعامل مع بعضينا يا كائدة كل منا يوكر "( يوقر) " الآخر إنتي ليكي مصلحة فتعاملي كلينتون كما ينبغي ان يكون ،

تماموز ياكائدة ولا أشد وأخلع ومات الكلام علي كدة .

وكاد ان يغادر الا أنها اشارت اليه بيديها ان يقف مكانه ورددت بهدوء لما استشفت غضبه من طريقتها المقززة 

عندما تنظر لها:_لا عيب عليك انك تتكلم مع القائدة كده 

هو انت هتلاقي حد يحلي لك بقك زيي ولا يراعيك زي

 ما انا ما مراعياك،

بس انا كل الحوار ان انا جتتي اتلبشت من طريقه

 دخولك عليا وبعدين ما تزعلش يا كلينتون ،

واسترسلت حديثها وهي متصنعة الزعل ورددت بعتاب مصطنع :_ وبعدين مش عيب لما تقارن القائدة بالشمامين إللي بتتعامل معاهم ،

انا كده زعلت وهجيب ناس تزعل معايا وانت عارف انا 

زعلي وحش .

استمع إلي حديثها وأجابها وهو يرفع يداه الإثنين امامها مرددا باعتراف:_ في دي عندك حق ياكائدة إنتي متتقارنيش بالواغش دول ،وانا حقاني والاعتراف بالحك فديلة " 

(بالحق فضيلة )" بس العتاب علي قد المحبة وإني أحب معاتبة الناس العزيزة علي كلبي ("قلبي") وإنتي أولهم ياكائدة .

تأففت من ثرثرته الكثيرة وتحدثت باختصار :_ طيب 

ياسيد فضي مافي جبعتك وأنا سامعاك بس في السريع العاجل علشان عندي معاد مهم .

ابتسم لها ببلهاء وأجابها وهو يعرض عليها الفيديو :

_ إيه رأيك بقي في الشغل العالي إللي علي مياه بيضة إللي طالع من تحت إيد سيد كلينتون حاجة فاخر من الآخر،

تمعني النظر وأدلي عليا برأيك المحبب إلي كلبي .

سحبت منه الهاتف عندما رأت ماكانت تنتظره بفارغ

 الصبر وظلت تشاهد محتواه مراراً وتكرارا،

وعيناها تلمع بالشغف وعقلها يخطط كما الشيطان ،

ونظرت لها بابتسامة شيطانية وتحدثت وهي تصغي

 علي أذنيه كلمات التطبيل التي يعشقها:_ لا برافو عليك ياكلينتون ،إنت النوبة دي كيفتني ومزجتني وخلتني

 عندي إصرار إني ماغيركش أبدا ،ثم نظرت إليه 

واستطردت بفكاهة :_ إلا قول لي ياكلينتون إنت المرة 

دي كنت غاسل دماغك وملمعها بأنهي نوع صابون

 علشان أجيب لك منه كراتين ،

علشان كل مرة تبدع في الأعمال الشيقة إللي بطلبها منك .

نظر إليها كلينتون وأجابها :_ الأوبيج ياكائدة هو إللي

 بيغسلها وبيلمعها وبيظبط لها الآداء علي الآخر ،

علشان كده راعيني واظبطي لي الجي وروقي لي الدي علشان أبهرك إبهارا في المرات القادمة مانبهرتيهوش

 قبل ذلك .

ضحكت بصوت عالي علي طريقته وأخرجت من حقيبتها مبلغاً من المال مايقرب من العشرة آلاف واعطته له وهي

 تردد بابتسامة:_ خد ياسيد مش خسارة فيك ضعف

 المبلغ علشان الشغل إللي بمزاج عالي ده .

ثم غادرت وتركته ينظر إلى الأموال بعيون زائغة عاشقة وكأنها الأكسير المحبب إلي قلبه وظل يردد مع حاله وهو

 يعد المبلغ بابتسامة عريضة:


_دننانير و بلانكو

و فلوس بالكوم في البانكو

و مليش في كلامكو

و مقامي خمسين في تمامكو

فا بلاش علشانكو

عشان انتو سحبتوا ركنتوا

يوروهات دولارات و فرانكو

دنانير وبلانكو

وفلوس بالكوم في البانكو 

_____________________________

في مجموعة مالك الجوهري

يجلس مالك على مكتبه وامامه صديقه علي،

يتحدثون في الأمور العامة للتصميمات فرفع مالك

 انظاره الى علي وردد بتساؤل :_الا قول لي يا علي

 لسه ريما ستور ما بعتتش التصميمات اللي كانت 

متفقه عليها معانا ؟

استمع علي الى سؤاله بتركيز وتبدلت ملامح وجهه

 وأجابه بعدم معرفه وهو يشير بيده بالنفي قائلا :

_والله يا باشا بقى لي أكتر من 10 ايام بحاول اوصل 

لها وهي تليفونها مقفول والواتس كمان ببعت الرسايل 

وهي مش بتستلمها مش عارف بقى هي غيرت الرقم

 ولا ايه اللي حصل ؟

اندهش مالك لما سمعه وأعاد الكلام في ذهنه ثم ردد 

بتساؤل واستغراب:

_ازاي يعني ما بتردش عليك دي عمرها ما عملتها ؟!

غيرت رقمها مثلاً ؟

بس لو غيرت رقمها المفروض كانت تبعت لنا من على

 الرقم الجديد،

واسترسل حديثه وهو يحك ذقنه مستنتجا بتساؤل:

_ولا يكونش اشتغلت مع حد تاني عرض عليها اكتر وانسحبت من وسط مجموعة مالك الجوهري ؟

حرك علي رأسه بنفي واجابه بإبانة وتأكيد :

_لا ياه مالك ريما عمرها ما تعمل كده هي اكيد عندها 

ظروف منعتها انها تبعت لنا دي بقى لها سنين شغاله معانا وكانت قالت لي كذا مره إن جالها كذا عرض وهي رفضت ،

مش معقول يعني اللي ماشية بالمبدأ ده هتغير رايها عشان خاطر الفلوس،دي عمرها ما اتكلمت معانا في فلوس ولا غيره ولا حسينا من ناحيتها انها مش مقتنعه بالمبلغ اللي احنا متفقين عليه معاها ،واسترسل حديثه بتأكيد على كلامه :

_وبعدين يعني هي لو راحت لحد تاني وقبلت اي عرض ما هتبلغنا انها خلاص مش عايزه تشتغل معانا عشان تنهي

 العقد او ان ده اخر عقد هيبقى بينا مثلا،

يعني خيالها مش هيوصلها انها تقفل التليفون عشان ما نعرفش نوصل لها ولا ترد علينا ما اعتقدش ان واحده زي ريما تعمل كده ؟

قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعحبا :_الله

 امال ايه الحكايه بقى؟

انت لازم تقب وتغطس يا علي وتشوف لي الحوار ده ايه،

لا يكون جرى لها حاجه واحنا قاعدين هنا نضرب اخماس

 في اسداس .

انتصب علي واقفا وانتوى المغادره وتحدث قائلاً:

_ تمام هحاول اوصل للأكونت بتاعها علي الفيس وربنا 

يسهل متقلقش نفسك إنت.

ثم اتكأ علي كرسيه للخلف وهو يدلك جبينه بإرهاق

 وهو مغمض العينين في حالة استرخاء لكي يستعيد

 توازنه من إرهاق العمل ،

وإذا به استمع إلي صوت لن ينساه طيلة حياته يردد 

بهمس :_ الله عليك وإنت راسي وفي حالة استرخاء 

بتفكرني بأحلي أيام قضيناها مع بعض ،

كنت لما بتبقي تعبان من ضغط الدراسة مع الشغل

 تسند علي الكرسي براسك وتبقي بنفس الشكل وانا كنت أتأمل فيك وفي هدوئك وفي ملامحك إللي كانت بتظهر الرجولة منها .

لم يتحرك من مكانه وظل يستمع إلي حديثها ولم يفتح عينيه وتحدث ببرود قاتل :_ إيه إللي دخلك المكتب من

 غير استئذان ؟

إزاي الست هانم إللي قاعده برة تدخل اي موظف عندي

 هنا من غير استئذان ؟

ادعت التأثر والزعل من حديثه الجامد وأجابته بعتاب :

_ بقي كده يامالك دي مقابله تقابلها لهنا وهي جايالك 

مكتبك والشوق ضناها والخصام دوبها ،

انت ما كنتش كده كنت حنين جدا عليا وعمرك ما عاملتني بجفا ولا اديت ضهرك ليا ابدا .

اعتدل في جلسته ونظر اليها واجابها بكل هدوء وثبات :

_كنت مغشوش فيكي ما كنتش شايفك على حقيقتك ،

كنت بالنسبه لي حبيبتي وصاحبتي وبنتي واختي ومستقبلي وكياني اللي بشتغل وبنحت في الصخر وانا بدرس علشان خاطر نتجوز وتبقي ليا،

واسترسل حديثه بندم :

_بس كنت غلطان لما افتكرت ان مهما اديتك الحب

 ووعدتك بالمستقبل والأمان كنت برده هتسيبي العز

 والمال والجاه اللي بعتيني بالرخيص علشانهم !

كنت غبي وغلطان بس الحمد لله ربنا مش بيعمل حاجه وحشه وكشف لي حقيقتك قبل ما ادبس فيكي .

كانت تستمع الى حديثه بآذان صاغية ولا تعلم لما اثر 

كلامه فيها وجعلها تشعر بالندم تجاهه وردت بتيهة :

_ كنت لسه صغيرة يا مالك وفاكرة ان الدنيا لبس وفسح وخروج واني اعيش سني ما كانش لسه عقلي نضج ،

وكريم أغواني ساعتها وفضل ورايا يطاردني في كل 

مكان ما قدرتش اقاوم اغراءاته ليا ما كانش لسه عقلي يستوعب يعني ايه حب وفراق ووجع ،

ما كانش لسه عقلي يستوعب ان كنوز الدنيا ما تكفيش

 قلب يحبك وروح تستوعب روحك وكيانك .

ابتسم بسخريه على حديثها ولكن هو يفهم جيدا في الاشخاص رايها تتحدث بكل تأثير حقيقي ولم تدعيه،

فأجابها بعملية رجل عاش اكثر وقته بين العمال واصحاب الطبقه المتوسطه واصحاب الطبقه المخمليه :

_كنتي صغيره !

انت جايه تضحكي عليا ومفكره اني لسه مالك اللي بيدوب في هواكي زي زمان وكان بيتمنى لك الرضا ترضي لا يا هانم فوقي اللي قدامك دلوقتي قضى حياته بين كل انواع الناس وفاهم دماغهم وتفكيرهم كويس جدا،

حتى ولو زي ما إنتي بتقولي كنتي صغيرة والدنيا واخداكي بس خلاص على رأي المثل زي ما بيقولوا اللي اتلسع من الشوربه ينفخ في الزبادي ،

ومش مالك اللي حاجه تدي له ضهرها ويرجع لها تاني ،

لا رجولتي ولا كرامتي ولا المكانة اللي وصلت لها تسمح لي اني ابص ورايا وأرجع حاجه انتهت من زمان بالنسبة لي واندفنت والمدفون عندي بيتحول لتراب ،

واستطرد متهكما :

_مبررك غير مقنع بالمرة يا مدام يا اللي سبتي اللي حبك واشتراكي زمان ورحتي لأكتر واحد بيكرهه وقدمتي له نفسك على طبق من دهب وفي الآخر اتجوزك شهور

 ورماكي واتجوز غيرك وغيرك،

للأسف بعتي نفسك بالرخيص قوي قوي وانا ما بحبش 

الناس الرخيصة ما تشرفش بيهم يكونوا في حياتي .

انسدلت الدموع من عيونها تأثرا بحديثه واجابته بعتاب:

_بقى كده يا مالك بقى انا بالنسبة لك رخيصه وبالنسبة

 لك زي التراب!

بتعمل فيا كده وبتذلني علشان خاطر انا اللي رجعت لك وبطلب منك السماح .

تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لوجه مكفهر :_عارفه يا هنا ساعات بتكون الحاجة باينة قدامنا 

انها بتلمع وان مفيش أجمل منها ولما نقرب منها وندقق 

فيها قوي نشوف حقيقتها وبرده نفضل نقنع نفسنا انها

 حلوة وان ما فيش أحلى منها ونقول لما نجربها كده ،

وناخدها ونجربها ونشوف عيوبها باينه قدامنا وأي حد يكتشفها لكن نفضل نعاند لحد ما الحاجة دي ذات نفسها تكرفنا وتقول لنا انتوا بتفهموش،

إنتي بقى الحاجه دي كانت كل حركة بتعمليها معايا من

 كبر وتطلعك للأعلى وعدم مراعاتك لظروفي في ساعات،

كانت بتنبهني انك ما تنفعنيش لكن أنا كنت بعاند ،

حقيقي اللي قالوا مراية الحب عميا صدق المثل ده جدا ،

خلاصه الكلام عايزه تفضلي هنا تنسي خالص مالك اللي إنتي كنتي تعرفيه زمان ده خلاص ما بقاش موجود دلوقتي مالك بقي مالك الجوهري اللي شخصيته اتغيرت 180 درجه عن زمان ،

فيا ريت بعد كده انا وضحت لك وجهه نظري تلزمي حدودك معايا وما تتعديهاش يا اما كده يا اما هضطر أفصلك وده تاني انذار ليكي فيا ريت تخلي بالك منه كويس علشان

 انا ما عنديش الانذار التالت ،

ثم فتح الملف الذي امامه واشار بيده دون ان ينظر اليها

 قائلا بأمر:_ودلوقتي اتفضلي على شغلك ويا ريت تخلي

 بالك كويس جدا لأن الغلطه عندي ما لهاش شفاعه ويا ريت برده ما حدش يعرف حاجه خالص عن اللي كان بينا زمان علشان خاطر ما تبقيش الجانية على نفسك .

وكادت ان تفتح فمها لتتحدث باعتراض الا انه نظر اليها 

نظرة أرعبتها جعلتها تركض من امامه كمن لدغها عقرب ،

وعاد الي ملفاته يتفحصها وكأن شيئا لم يكن،

اما هي خرجت فاقدة الامل في ارجاع مالك اليها للأبد

 لانه عنيد بطبعه ولا يقبل اي شخص ينزل من شأنه

 ايا كان هذا الشخص .


______________________________

في كليه التجارة ظهرا

تجلس مريم وهي تقلب في هاتفها بشرود فهي قلما تشحن باقة هاتفها عندما يتوفر معها مبلغ ،

فتحت اشعار طلبات الصداقة وجدت رحيم باعثا لها 

طلبا دق قلبها بوتيرة سريعه وبأيد مرتعشه قبلت الطلب ،

ثم حدثت متسائلة نفسها بتيهة :

_يا ترى هو بيبعت لكل الطالبات طلب صداقه ولا ليا 

انا بس عشان عملت له اعجاب على منشور ؟

طيب اروح له يساعدني يعمل لي اللي انا عايزاه ولا لا ؟

وبعد مدة في الأخذ والرد مع نفسها قررت ان تذهب الى مكتبه وتطلب منه ما تريد،

فسألت الأمن عن مكتبه وادلو لها مكانه وذهبت اليه على الفور ودقت على بابه باحترام وانتظرت الرد الى ان اذن لها بالدخول،

فدخلت والقت السلام بهدوء فرد عليها رحيم قائلا بوجه بشوش عندما رآها فهي كانت تحتل عقله وتفكيره منذ قليل :

_يا هلا وغلا فيكي نورتي مكتبنا المتواضع آنسة مريم .

نظرت اليه بابتسامه هادئه وتحدثت بنبره صوت خافتة :

_اهلا وسهلا بحضرتك يا دكتور،

ممكن اتكلم مع حضرتك شويه لو وقتك يسمح ؟

اغلق المذكرة التي كانت امامه واجابها بملامح مبتسمه قائلا :

_سبق وانا اللي عرضت عليكي انك لو احتاجتي اي حاجه تيجي لي مكتبي وانا مش هتأخر عنك اتفضلي يا ستي اؤمريني وانا عليا التنفيذ .

لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لحديث ذالك الحنون الذي وصل لأعماقها وتوغل في روحها مرددة بلجلجة:

_احب اشكر حضرتك جدا على عطفك معايا يا دكتور ولأنك فاتح مكتبك لأي طالب محتاج مساعده ،

واسترسلت حديثها بتوتر وهي تفرك يداها :

_انا كنت عايزه اقدم على طلب اني اسكن في المدينه الجامعيه بس هم هنا ليهم شروط علشان القبول ،

ما اعتقدش ان ظروفي تسمح بشروطهم لأن مسكنى قريب من الجامعة ،فكنت عايزه حضرتك تتوسط لي عندهم اني اجي هنا المدينه الجامعيه لاني في مشكله كبيره مش هيحلها غير اني ابقى في المدينة الجامعية .

ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي ملامح وجهه:

_ وانتي ليه عايزه تقعدي في المدينه الجامعية يا انسه مريم وانتي زي ما بتقولي ان مسكنك قريب هنا من الجامعه ،

ممكن توضحي لي اكتر وما تقلقيش اي حاجه هتقوليها هتبقى بيني وبينك ما حدش هيعرف عنها حاجه بس عشان اقدر اقف جنبك واعمل لك اللي انتي عايزاه .

أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :

_مش عارفه اقول لحضرتك ايه يا دكتور بس انا اللي انا شايلاه واللي على قلبي وعلى كتافي تقيل جدا هم جبال ،

مش عايزة ازعج حضرتك بمشاكلي وهمي علشان خاطر

 اللي انا فيه ما لهوش حل .

ضيق عيناه ووجه لها سؤال باستفسار :

_طيب ممكن تعتبريني صديقك مش دكتورك في الجامعة وتحكي لي او اعتبريني زي اخوكي الكبير اللي لو حاجه مضايقاكي هتروحي تشتكي له .

ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة قبل أن تدلى عليه أيا من مشاكلها ولكن مابيدها شئ فتحدثت بإيضاح :

_انا للأسف ما ليش اخوات ولا اب ولا ام ولا عيلة انا يتيمة ووحيدة وعايشة في الملجأ .

انصدم هو مما سمعه منها ونظر لها بتمعن منتظرا تكمله حديثها ،

اما هي اكملت حديثها بوجع تنشق له القلوب :

_عيلتي كلها ماتت وانا طفلة صغيرة فالجيران اضطروا يودوني للملجأ لان ساعتها ما كانش عندهم مقدرة يتحملوا مسؤولية طفلة فاجتمعوا على انهم يودوني الملجأ ،

كان تقريبا ساعتها عندي سبع سنين تعبت نفسيا من وانا طفلة صغيرة لكن استسلمت للأمر الواقع ،

واسترسلت حديثها والدموع تملأ مقلتيها :

_لكن الظاهر الدنيا ما كفهاش اللي انا فيه لا وكمان زودت عليا هم فوق همومي ،

واحده كانت معانا في الملجأ ولما اتخرجت وخلصت تعليمها شافت طريقها وفي لمح البصر اغتنت وبقت عربية وفيلا وحاجة كده زي بتوع الأفلام ،

وكانت كل شويه تجي لنا زيارات في الملجأ وتجيب هدايا كتير معاها واتصاحبت على البنات كلهم وأخدت أرقامهم ،

وانا من ضمن البنات اللي كانت واخده رقمها ،

ففي يوم كنت قاعدة وبعتت لي رسالة على الواتس فيها لينك اني لو شاركته وبعته لكذا حد هكسب رحلة حج او عمره،

الموضوع عجبني جدا وقلت يمكن الحظ يلعب معايا وينصفني النوبادي واروح اعمل عمره او حج ،

وفتحت اللينك لقيته فاضي ما استغربتش قلت عادي 

يمكن هي غلطت فيه ،

وعدت الأيام والشهور وفي الأخر لقيتها جايه لي بتوريني فيديوهات ليا وأنا في أوضاع خاصة،

انصدمت ازاي قدرت تجمع الفيديوهات دي كلها وفي اماكن مختلفه،

وبالصدفه سمعت فيديو على التليفون ما نفتحش لينكات خالص لأنها بتهكر التليفونات،

واكتشفت هي عرفت تاخد الفيديوهات دي ازاي ودلوقتي بتهددني بيهم اني لو ما اشتغلتش معاها هترفع الفيديو للدار وهما اول ما يشوفوا الفيديو هيحرموني من التعليم واحتمال كبير يودوني الإحداثيه ،

ثم انفطرت في البكاء وهي تلعن حظها الذي اوقعها مع تلك الشيطانه .

توجع بداخله علي ما تعيش فيه تلك المسكينة لن

 يكفي انها عاشت يتيمة الأب والأم بل زادتها الهموم هما تنفطر له القلوب اذ وقعت تحت رحمه ذئاب البشر ،

ثم تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلماتها وتحدث إليها بحنو :

_ياه ده اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته 

بجد إنتي ازاي استحملتي ده كله !

بس ساعات ربنا بيحطنا في اختبارات وابتلاءات علشان يشوف مقدار ايمان عبده وقوته وصبره علي الابتلاء ،

فانا عايزك تهدي كده علشان نشوف حل في المصيبة اللي انتي وقعتي فيها دي ،

واستطرد متسائلا باستفسار :

_طيب ممكن تهدي و تقولي لي ايه نوع الشغل اللي هي عايزاكي تشتغليه معاها ؟

جففت دموع عينيها وأجابته بإبانة :

_عايزاني اعمل فيديوهات بمشاهد خليعة وابعتها لها

 وهي هتتصرف فيها وقالت لي انها هتديني فلوس

 كتير على الفيديوهات دي ،

وانا مش حابه اني اعمل كده خالص ،

وشايفه ان انا متربية في ملجأ ومحدش هيحاسبني على اللي انا هعمله وشايفه كمان ان كده معذبه نفسي في الفقر اللي انا فيه ومستحمله بلاوي الدنيا واني لازم استغل شكلي الحلو وأقب على وش الدنيا ،

كان يستمع الى حديثها بذهول لم يكن يتوقع يوما ان تلك البريئة التي امامه تحمل أعباءا من الهموم لا يتحملها اعتى الرجال وردد بتوضيح وهو يومئ براسه للأمام :

_اه انا كده تقريبا فهمت الهانم شغاله في شبكه دعاره الانترنت بتصطاد بنات علشان خاطر يعملوا فيديوهات ويا ريت بتقتصر على كده بس،

لا ده كمان بتدخلهم شاتات يتواصلوا فيها مع شباب اوروبيين وخلايجه وبتقبض من وراهم بالدولارات ،

ثم ضرب كفا بكف واسترسل حديثه بألم:

_وده كله بسبب لينك الواحد ممكن يفتحه غلط يلاقي نفسه موبايله كله في ايد عديمي الرحمه والانسانيه اللي سولوا لنفسهم يعملوا حركه زي دي ،

انا مش عارف الدنيا رايحه بينا على فين الخطوه اللي بنتقدمها لازم نكون حاسبين لها كويس علشان ممكن نقع وقعة ما نعرفش نقوم منها ،

ثم اكمل حديثه بتساؤل :

_طيب لما قالت لك كده إنتي عملتي معاها ايه ؟

استمعت الى حديثه وأجابت بتوضيح وعيون زائغه كلما تذكرت ما فعلته معها والخوف يضرب بجسدها صبا صبا :

_كل مره بتجيلي فيها برفض رفض شديد وهي محاولاتها ما بتقلش وبعد ما كانت بتعاملني بالسياسه علشان خاطر اوافق بقت تتعامل معايا بالتهديد والعنف لما لقيتني مصممة على رايي في الرفض ،

واخر مره شدينا مع بعض في الكلام وضربتها بالقلم ومن ساعتها وانا عايشه حياتي في جحيم علشان خاطر هددتني ان انا هدفع تمن القلم ده غالي ،

وللأسف الفلوس والسلطه مقويين قلبها وانا بالنسبه لها زي الصرصار اللي تدهس عليه برجليها يموت في التو والحال ،

وانا وحيدة وضعيفة ،وخايفه في الاخر اضطر اني اعمل

 اللي هي عايزاه،

ولما بقعد مع نفسي بفكر اني ما قداميش غير حاجتين والحاجتين ،هيغضبوا ربنا سبحانه وتعالى يا اما هضطر اني اوافق واخسر نفسي واخسر مستقبلي اللي تعبت عشان ابني يا اما انتحر واخلص من الدنيا باللي فيها وبقرفها وبلاويها وفي كلتا الحالتين هخسر دنيتي واخرتي ،

واسترسلت بدموع :

_تعبت من كتر المعافره وما بقتش عارفه اعمل ايه ولما انت قلت لي دلوقتي احكي واعتبريني زي اخوكي كأن ربنا بعتلي طوق نجاه اتنفس من خلاله وافك عن وجعي وألمي .

لم يكن يتوقع رحيم ان يصادف مثل تلك المعضله في شخص ضعيف يوما،

لقد احس بالألم تجاهاها وكأنها منه وارتاب قلبه خوفا من تهديد تلك الشمطاء فاجابها على الفور قائلا :

_طيب ممكن تهدي وان شاء الله ربنا هيقف جنبك وهييسر لك الصعب وهيبعد عنك الاذى طالما اخترتي رضاه وان إنتي تتقيه وما استسلمتيش للأمر الواقع وقلتي ما باليد حيله زي ما غيرك عمل ،

فعلشان كده تأكدي ان ربنا هيخلق لك بعد الصبر جبر وباذن الله انا هقف جنبك ومش هسيبك ،

بس ممكن تهدي علشان خاطر دموعك دي بتقطع قلبي،

وانا هكلم لك مديرة المدينة الجامعية وحاول معاها ولو ما رضيتش نشوف حل تاني،

وكمان عايزين نعمل محضر في البنت اللي بتهددك والبوليس هو اللي هيقدر يتعامل معاه وما تقلقيش هم هيعرفوا يجيبوها كويس جدا بس محتاجين رساله منها او مكالمه مسجله وهي بتكلمك وبتهددك .

احست بخيال من الأمل طاف أمامها وجعل قلبها يهدا من روعه قليلا ولكن ما تذكرته في الحال قضى على الأمل الذي بداخلها وشرعت في بكاء مرير


تكملة الرواية من هنااااااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا


تعليقات

التنقل السريع