سكريبت قرية آل نُعمان كاملة
_يعني مراتي مالها يا دكتور؟
بصلي بحيرة وقال:
=مش عارف.
بصيتلهُ بعصبية وقولت بإنفعال:
_أومال أنا اللي هعرف يا دكتور ولا إنت مش دكتور ولا إي في ليلتكم السودا دي؟
إتكلم الدكتور بسرعة وتصحيح:
=لأ لأ مش قصدي، أقصد مش عارف إي وضعها بالظبط، يعني هي حاليًا في غيبوبة، بس مش غيبوبة عادية، يعني أول مرة أشوف حد في غيبوبة وبيتكلم وبيمشي كمان أثناء الغيبوبة؟
بصيتلهُ شوية بهدوء وبعدين قولت بقِلة حيلة:
_يعني إي العمل، يعني هتفوق ولا لأ؟
إتكلم الدكتور بتردد وقال:
=بصراجة هي مش أول واحدة يظهر عليها الأعراض دي...
بصيتلهُ بأمل وقولت بتساؤل:
_قصدك إي، يعني جالك قبل كدا؟
بص حواليه وبعدين قال بتردد وصوت واطي وهو بيقرب مِني:
=بُص هو ممنوع أقولك، بس اللي بيحصل دا مش جديد، بقالنا شهرين بيجيلنا حالات زي دي بس بنعزلها لحد ما نشوف إي الموضوع دا معاها، مراتك في الإسبوع الأول ودا بيكون عادي أعراضهُ بتكون المشي والكلام أثناء الغيبوبة، لكن الإسبوع التاني ممكن تفتح عينيها وتتكلم معاك عادي بس مبتكونش في حالتها الطبيعية، يعني بتكون لسة جوا الغيبوبة أو شخصيتها إتغيرت مش عارف بالظبط، في حاجة غريبة بتحصل، المهم لما بنفتكرهم فاقوا خلاص وبنخرجهم في الإسبوع التالت بنشوف منهم ردات فعل عنيفة تجاه الأشخاص العاديين وفي الإسبوع الرابع واحدة قتـ لت زوجها لسبب غير معروف، والإسبوع الخامس بيبدأ جسمهم يتحول للون الأزرق والموضوع مُريب بجد ومحدش فاهم ولا عارف دا إي، بقينا حاسين وكإنهم زومبي أو عدوة.
بصيتلهُ بعدم إستيعاب وإتكلمت بنبرة وكإني أو مش كإني إتكلمت وأنا باخدهُ على قد عقلهُ وقولت بنبرة إستهزاء:
_والتنين بقى بسطلع نار من بُقهُ ولا بيتكلم؟
بصلي الدكتور بخيبة أمل وقعد على الكرسي وقال بحِمل واضح:
=والله يا أستاذ مش بكدب عليك، الموضوع مسببلنا كـ دكاترة حِمل زايد ومحدش عارف يتصرف ولا عارفين السببالوضع بيزداد سوء والحالات بتكتر، لو حضرتك مش مصدقني إصبر على مراتك ومش هنعزلها وشوف بعينيك.
للحظات حسيت إني مصدقهُ، بس بأي منطق هصدق الكلام والتخاريف دي، ثُم إن الزومبي والكلام دا حاجات خيالية ومالهاش وجود، قعد جنب الدكتور وأنا بفكر ومش عارف أعمل إي لحد ما لقيت واحد داخل يجري ودراعهُ مقطـ وع والد م مالي جسمهُ وهدومهُ، إتكلم بخضة وقال وهو بيستنجد بالدكتور وبيا:
_إلحقوني، أرجوكم إنجدوني منها، عايزة تقـ تلني، جاية ورايا...
ملحقناش نسألهُ ولا نتكلم لإننا لقينا واحدة نُص جسمها ووشها باللون الأزرق ماشية بغضب ورايحة تجاههُ، كنت هقوم ألحق الشخص اللي في الأرض بس الدكتور مسك إيدي ومنعني بخوف واضح عليه وهو على وشك البكاء وقال بصوت واطي:
_إياك، إياك تتحرك وتمنعها عشان هتبقى مكانهُ وأسوء.
بصراحة خوفت من تحذيرات الدكتور وفضلت مكاني، قربت الشيء دا منهُ وخلعت دراعهُ التاني بإيديها ومعرفش إزاي، وهو بيصرخ وبيستنجد بينا، مكنتش مستحمل المنظر اللي بيحصل قدامي ومش عارف أتصرف إزاي، مسكت راسهُ بإيديها الإتنين ورفعتهُ في الهوا بقوة رهيبة مش عارف إزاي وبحركة مرة واحدة خلـ عت راسهُ في إيديها، صرخنا إحنا الإتنين بخوف من المنظر ومنظ الد م والأوردة اللي عبارة عن نافورة د م طفحت في وشها، بصتلنا إحنا الإتنين نظة باردة وإحنا بقينا في حضن بعض حرفيًا من الخوف، ولكن تخطتنا ومشيت في هدوء وكإن مشكلتها مش معانا إحنا، فضلنا شوية على وضعنا وأنا مش عارف دا حقيقي ولا إي اللي حصل دا، بصيت للدكتور برعب وقولت بتساؤل وإنفعال:
_هو إي اللي حصل دا، إنت متتفق معاهم عشان أصدقك صح؟
الدكتور كان بيعيط حرفيًا وقال:
=متتفق معاهم إزاي ومتتفق معاهم في إي، في قـ تل بني آدم بالطريقة دي، ما عنك ما صدقتني.
إتكلمت بسرعة وقولت بخوف:
_يعني إي، يعني مراتي هتبقى كدا وهتعمل فيا كدا؟
إتكلم الدكتور وهو بيُلطم حرفيًا:
=مش عارف مش عارف.
مبقتش عارف مين اللي يهدي مين، فضلت أطبطب على الدكتور بحاول أهديه لحد كا زهقت منهُ وهو لسة بيندِب، إديتهُ بالقلم عشان يفوق وقولت:
_مش وقتهُ يا دكتور مش وقتهُ، قوم معايا نشوف حل في المصيبة دي.
مسكت إيديه وكإنهُ إبن أختي وخرجت من المستشفى، قدام المستشفى حرفيًا كان خراب، الد م في كل مكان في الشارع وأجزاء بني آدمين، كإننا في فيلم رعب بجد، فضلنا نمشي بخوف ولسة الدكتور بيعيط، ظهرت قدامما فجأة واحدة ست غريبة ولابسة لبس غريب وقال بإبتسامة شر:
_خايفين؟
بصيتلها بغرابة وقولت:
=إنتِ مين ياست إنتِ؟
ضحكت ضحكة عالية شريرة مُبالغ فيها وقالت بهدوء على عكس الضحكة اللي كانت من ثواني:
_أنا؟
أنا الكابوس بتاعكم من دلوقتي يا قرية آل نُعمان، دوقوا الخوف والرعب، دوقوا تمن الظلم اللي كبرتوا بيه، من الليلة دي أيامكم كلها رعب وضلمة وبس، من الليلة دي بالذات لإن بدأ فيها مفعول لعنتي هاخد حقي منكم كلكم.
كنت باصصلها بغرابة وحاسس إني في فيلم هندي ومش فاهم حاجة حسيت بالدكتور اللي جنبي صرخ ولقيتهُ أغمى عليه، وطيت عليه وأنا بفوق فيه وقولت بملل:
_يادي النيلة السودا، إنت يا دكتور الغم فوق.
رجعت بصيت على الست ملقتش ليها آي أثر...
#هاجر_نورالدين
#قرية_آل_نُعمان
#يتبع
الجزء ٢_ "قرية آل نُعمان".
_يادي النيلة السودا، إنت يا دكتور الغم فوق.
رجعت بصيت على الست ملقتش ليها آي أثر، فضلت أتلفت حواليا وأنا مش لاقي ليها أثر فعلًا وكإنها إتبخرت، فضلت أفوق في الدكتور اللي ربنا إبتلاني بيه في وسط الظروف دي لحد ما فاق، خدتهُ ودخلنا المستشفى من تاني ودخلت لمراتي واللي كانت واقفة قدام شباك المستشفى وبتتكلم بكلام غريب كـ عادتها من إسبوع فات، إتكلمت وقولت للدكتور بصوت واطي وأنا خايف:
_هي كدا إتحولت ولا لسة؟
إتكلم الدكتور وهو باصص عليها بخوف وبيترعش وماسك في دراعي وقال:
=مش عارف، بس لأ لسة دي في البداية.
قربت منها بهدوء والدكتور لسة ماسك في دراعي، زقيتهُ من على دراعي وقولت بزعيق بس بصوت واطي:
_ياعم إوعى إوعى بقى.
بِعِد عني وهو بيترعش وحاطط إيدهُ على بُقهُ من الخوف، رجعت بصيت لمراتي من تاني وحطيت إيدي على كتفها بهدوء وأنا بلفها ناحيتي، بس الحمدلله لقيتها لسة عينيها مغمضة، سابتني وراحت للسرير ونامت من تاني، خدت نفس عميق وكذلك الدكتور مشينا بهدوء وقفلنا الباب وخرجنا برا، إتكلمت بتساؤل وقولت للدكتور وأنا حاطط دراعاتي في جنبي بتفكير:
_وبعدين بقى، إي معنى كلام الست اللي ظهرتلنا دي؟
صرخ الدكتور وكإنهُ لسة فاكر الموقف اللي حصل وقال بخوف وهو بيجري حوالين نفسهُ:
=يانهار أبيض يانهار أبيض هو مكنش حلم، يا سنينك المهببة يا فتحي، يا سوادك يا فتحي.
مسكت راسي بإيدي من الصداع والمرار اللي أنا فيه وقولت بهدوء وأنا بحاول أتماسك أعصابي:
_مش وقتهُ يا دكتور مش وقتهُ يا صدفة الندامة..
ملقتهوش إستجاب ليا زعقت بصوت عالي وأنا بقلع الجزمة:
_ما خلاص بقى يا دكتور البهايم إنت، ما خلاص يا إبن الـ.. صدعتني وتعبتني أكتر من اللي بيحصل حوالينا!
جري من قدامي وأنا جريت وراه بعد ما صبري نفد، بس وإحنا بنجري لقيتهُ وقف فجأة بصدمة وهو بيبُص ناحية الباب بتاع المستشفى، وقفت بإستغراب وبصيت ناحية اللي بيبُص عليه وكانت واحدة من اللي نُص جسمهم أزرق، صرخ وجري الناحية التانية وهو بيقول بصوت عالي وخوف:
_إهرب يا أستاذ إهرب دي مراتي.
بقيت بجري معاه وأنا مش فاهم حاجة والست دي اللي هي مراتهُ بتجري ورانا إحنا الإتنين، لحد ما دخلنا أوضة عمليات وقفلنا بابها كويس، فضل يندب كالعادة وهو بيلطم وبيقول:
_أنا عارف، أنا حظي ويومي أزرق شبه لونها، عارف يا استاذ طول عمري بكره اللون الأزرق لله في لله ومكنتش عارف السبب، دلوقتي عرفتهُ، دلوقتي عرفتهُ.
خلص كلامهُ وهو بيرمي نفسهُ على الأرض وقعد ورَبع وفضل يولول وهو بيخبط بإيديه الإتنين على راسهُ، وطيت لمستواه وقولت بحِدة وتساؤل وأنا باخد نفسي:
=بس إخرس هتسمعنا، هنخرج من هنا إزاي لإن أكيد مش باب الي هيمنعها من الدخول، مشوفتش الست التانية خلعت راس الراجل إزاي؟
عياطهُ زاد وقال بخوف:
_المصيبة إني شوفت، دي المصيبة، تيجي ننط من الشباك؟
بصيت ناحية الشباك وإبتسمت بسخرية وقولت:
=أفكارك بتبهرني، ننط من الدور الخامس بدل ما هي تقـ تلنا صح؟
بصلي بصدمة وقام بص من الشباك وقال:
_القادرة طلعتنا 5 أدوار، صحيح الأدرينالين مش بيحسسك بالمجهود، أصل هفهمك لما الأدرينالين بيتم إفرازهُ بقوة بـ...
قاطعتهُ وقولت بإنفعال وغضب وأنا بديلهُ بالرجل في معدتهُ:
=ياعم بقى إرحم أمي العيانة، مش وقت مواضيعك الله يخرب بيتك وبيتي عشان إتكلمت معاك من الأول أصلًا.
مسك معدتهُ وهو بيكُح وبيتألم وقال:
_ليه بس كدا يا أستاذ هتبقى إنت ومراتي عليا؟
=على الأقل هي مراتك، مش إنت ومراتك عليا.
قاطع كلامنا الباب اللي إترمى جنبنا وكانت واقفة على بابهُ مراتهُ وهي مُبتسمة إبتسامة شر، سمعت صوت بيزوم جنبي ولما بصيت كان الدكتور وهو موطي وماسك بطنهُ لسة وبيزوم، بصيتلهُ بإستغراب وقولت:
_إنت بتزوم كمان؟
كانت مراتهُ بتقرب مننا بشكل مُخيف، لقيتهُ هيعيط مسكتهُ من دراعهُ وجريت بسرعة مش عارف جاتلي منين وبقول وأنا بشدهُ:
_إنت لسة هتعيط، قوم هتقطعك حِتت وتعمل منك سلطة.
فضلنا نجري لحد ما طلعنا برا المستشفى، كملنا جري في القرية وإحنا مش عارفين رايحين فين، لحد ما لقينا إجتماع كبير لناس، وقفت وأنا باخد نفسي بصعوبة وبصيت للدكتور وقولت:
_تعالى نروح يمكن بيتكلموا عن المشكلة.
روحنا بالفعل وقدمنا قدام لقينا راجل عجوز قاعد على كرسي وبيتوسط الإجتماع دا وواضح إنهُ هيبدأ يتكلم في حاجة مُهمة، قعدنا بين الناس وإحنا خايفين مراتهُ أو الوحش دي تظهر في آي لحظة، بدأ الراجل العجوز كلام وقال:
_اللي إحنا فيه دا كلهُ بسبب الظلم اللي إتعرضت ليه ميرال زمان.
إتكلمت بتساؤل وقولت:
=ميرال دي الست العجوزة المخيفة؟
بصلي الراجل العجوز وقال بهدوء:
_ميرال كانت بنت جميلة جدًا أيام التسعينات، كانت راجعة من فرنسا هي وأهلها بعد ما الظروف وقفت قصادهم هناك في الفلوس، رجع أبوها وأمها بيها لأصلهم ولقريتهم، كانت جميلة بشكل ميتوصش وكانت كل ستات القرية بيغيروا منها وبيحقدوا عليها وطبعًا مفيش راجل مكنش مجذوب ليها وفي ليلة كحل إتتفثوا ستات القرية كلهم ضدها عشان خايفين على جوازتهم وحبايبهم وخلافهُ، كانت ميرال بتقعد دايمًا عند البحيرة اللي ورايا دي تقرأ وتنفرد بنفسها وترجع بالليل، في الليلة دي وقبل ما تمشي كل ستات القرية إتجمعوا وحاوطوها كل واحدة فيهم بدأت تطلع الغل اللي جواها تجاهها بطريقتها وسط بكاء وصراخ ميرال اللي تخدشها في وشها واللي توشملها على وشها أشكال مرعبة واللي خلعت عينيها واللي بتقطع في شعرها وباقي الأفعال اللي الشيطان نفسهُ ميقدرش عليها، وطبعًا الرجالة رغم إعتراضهم عن اللي بيحصل ولكنهم مقدروش يمنعوهم لإن ربنا يكفيكم شر الستات في الوقت دا وهما متجمعين ومتتفقين كمان، كان أبوها وأمها هيموتوا على بنتهم ومحاصرهم شوية ستات تاني بيمنوعهم يقربوا، بعد ما خلصوا عملتهم السودا كانت ميرال أجمل نساء العالم إتحولت لمسخ مُرعب، محدش كان قادر يبُص في وشها البشع المُخيف، ومرت بعدها أيام بس ومحدش كان قادر يتعامل معاها كل ما بتنزل لحد ما إنتـ حرت في البحيرة اللي كانت دايمًا بتقعد عليها، ولكن قبل ما تنـ تحر قالت بوعيد وصوت عالي ومحدش وقتها إهتم ولا سمع لكلامها، "من الآن كل خُدامي وأعواني سيظهرون طاعتهم لِي، سأنتهي مؤقتًا ولكن سأعود، سأعود وأخرب عليكم كل معيشتكم، سأحول النساء لمسوخ وسأدع للرجال موتةٌ شنيعة على صمتهم، سأنهي على كل من أحفادكم وأبنائكم، سوف تُهلك القرية بِمن فيها بأبشع الطُرق، لقد ألقيت عليكم لعنتي وسحري يا قرية آل نُعمان.".
خلص الراجل الكبير كلامهُ وبصيت للدكتور وكإني فعلًا بشوف فيلم هندي وضحكت بسخرية وقهرة وقولت:
_يعني هي حبكت لعنتها من التسعينات تطمع في الخمسين سنة اللي هيعيشهم قرمط يعني؟
#هاجر_نورالدين
#قرية_آل_نُعمان
#يتبع
الجزء ٣ والأخير _ "قرية آل نُعمان".
ضحكت بسخرية وقهرة وقولت:
_يعني هي حبكت لعنتها من التسعينات تطمع في الخمسين سنة اللي هيعيشهم قرمط يعني؟
بصيت ناحية الراجل العجوز وقولت بتساؤل من تاني:
=يعني مش فاهم، إحنا هنتحاسب على اللي عملوه أجدادنا يعني ولا إي وإي الفكرة إنها تبدأ لعنتها علينا، وإحنا مالنا، وهنستسلم للأمر دا ونمـ وت كلنا بالطريقة البشعة دي وننتهي؟
إتكلم الراجل العجوز وقال بتنهيدة طويلة:
_للأسف ميرال كانت عايزة تأذيهم أكتر من إنها تمو تهم بس، يعني لو مو تتهم فـَ خلاص الموضوع خلص بس متعذبوش، لكن إستنت لما خلفوا وكبروا وبقى عندهم عيالهم وأحفادهم هما أغلى حاجة، يتنقموا منهم فيهم، بالنسبة للمشكلة فـَ في ليها حل بس مش عارف هينفع ولا لأ.
إتكلمت بسرعة وقولت بتساؤل وأمل:
=إي هو الحل؟
إتكلم الراجل العجوز بتردد وقال:
_كان في راجل وست عواجيز وقتها معندهومش حد غير حفيدهم اللي أبوه وأمهُ إتوفوا في حادثة وسابوه ليهم، الراجل والست دول طبعًا مالهومش يد في اللي حصل خالص، بالعكس كانوا هما الوحيدين اللي بيسألوا عليها وعلى أهلها بعد اللي حصل ومكنش عاجبهم اللي حصل، وفي نفس اليوم اللي ميرال ألقت لعنتها فيه وإنتـ حرت، الراجل والست العواجيز شافوها بالليل طالعة من أوضة في البيت بتاعهم بشكلها الجميل، في الأول إستغربوا وإتخضوا لإنها كانت إنتـ حرت قدام القرية كلها، بس قعدت قدامهم وإبتسمت إبتسامتها الملائكية وقالتلهم بهدوء:
_متخافوش، لعنتي هتبقى على القرية بالكامل ما عادا إنتوا ونسلكم، هتبقى على نسل كل اللي شاركوا في أذيتي ودماري، عيلتكم مُسالمة ومُعافة من لعنتي لحد ما تقوم، نسلكم الوحيد اللي هينجوا والوحيد اللي دمهُ النقي من أجدادهُ فيه الشفاء.
بيكمل الراجل كلام وبيقول:
_يمكن وقتها كان معنى كلامها بإن دمهُ فيه الشفاء يعني فيه الخلاص من لعنتها، هتقولولي عرفت منين هقولكم والدي كان وقتها عايش وكان جار الراجل العجوز دا، وقتها كنت انا في ثانوي، وللأسف والدي ووالدتي من اللي شاركوا في اللي حصل لميرال، والراجل العجوز كان بيحكي لوالدي من باب الفضفضة والتحذير على إن لعنة ميرال حقيقية، ولكن وقتها محدش سمعلهُ كالعادة.
بصيت للعجوز بتركيز وقولت بتساؤل:
=طيب ومين الحفيد اللي دمهُ ليه الشفاء دا؟
سكت الراجل العجوز شوية وهو نظراتهُ ناحية شخص مُعين، لحد ما بصيت على اللي بيبص عليه ولقيتهُ الدكتور، بصيت بصدمة للدكتور وهو كمان بصلي بصدمة وإحنا الإتنين مش مستوعبين ونظرات الكل بقت على الدكتور، لحد ما الدكتور إتكلم برعب وقال:
_إي في إي، بتبصولي كدا ليه، ما هو مش معقول أنا، مراتي كانت هتقـ تلني يبقى إزاي أنا؟
دارت في دماغي ولقيت فعلًا معاه حق، رجعت بصيت للعجوز وقولت بإستنكار:
=أيوا صح، مراتهُ من اللي عليهم اللعنة وكانت هتقـ تلهُ، يبقى إزاي هو؟
إتكلم العجوز وقال بنبرة سخرية:
_ومقتـ لتقهوش ليه، مقدرتش مثلًا ولا خافت منهُ؟
حتى لو قربت منهُ فـَ عشان هي تحت تأثير اللعنة لكن مش هتقدر تعملهُ حاجة، أيوا إنت حفيد العجوزين، إنت الوحيد اللي اللعنة مش هتمسك وإنت اللي قالت عنك إن دمك فيه الشفاء.
قام الدكتور وقف وهو محاوط نفسهُ بإيديه وكإنهُ حاضن نفسهُ من حد هيتهجم عليه مثلًا وقال بخوف وهو بيترعش:
=يعني إي يعني، يعني عايزين تصفوني؟
وبعدين ما يمكن قصدها الشفاء جاية من الشفا وأنا دكتور وربنا يجعل في إيدي الشفا وكدا ويرزقكم وكدا يعني.
بصيت للراجل العجوز وقولت:
_هو مطلع عين اللي مخلفني من ساعة ما قابلتهُ بس إي نصفيه دي، ما هي أكيد مش مخلياهم متحصنين من لعنتها عشان إنتوا تقـ تلوه وتحموا نفسكم بدمهُ؟
إتكلم الراجل العجوز وقال بقلة صبر:
=يابني إنت وهو مين جاب سيرة إننا هنصفيه، وأكيد يعني زي ما قولت هي مش هتسمحلنا، بس هي قالت إنهُ دمهُ نقي وفيه الشفاء، أنا كنت عامل حساب يوم زي دا من زمان، وعشان كدا فكرت في حاجات كتير ولقيت إن أنسب حل وتفسير للكلام اللي هي قالتهُ هو إنهُ يتواصل معاها ويخليها توقف اللعنة عن طريق دمهُ.
قعد الدكتور جنبي من تاني ومسك في دراعي بخوف، بصيتلهُ وقولت بتساؤل وتركيز:
_ودا إزاي بقى؟
إتكلم العجوز من تاني وقال بعد ما قام وقف:
=قوم تعالى معايا يادكتور.
إتكلم الدكتور بخوف وهو ماسك دراعي زي العيال الصغيرة:
_آجي معاك فين، أنا مش متحرك من مكاني غير لما تقولي هتعمل فيا إي، متسبنيش ليهم بالله عليك يا أستاذ، وبعدين جدي الله يرحمه قالي اللي يقولك تعالى معايا متروحش معاه عشان هيبقى يعمل فيك حاجة وحشة.
مسكت راسي بإيدي وأنا سامع ردودهُ اللي مش فاهم هو طلع دكتور إزاي ومسكت دراعهُ اللي مكلبش في دراعي وقومت وقفت وأنا بوقفهُ وقولت بهدوء وكإني بكلم طفل صغير:
=أنا هاجي معاكم متخافش، يلا بينا.
مشينا ورا الراجل العجوز بهدوء لحد ما وقف قدام البحيرة اللي قال إنها إنتـ حرت فيها، لأول مرة أشوف البحيرة عن قرب، دايمًا كانوا أهلنا يحذرونا منها وإنها مكان مسكون فـَ مكنش حد بيقرب منها وكانت مهجورة دايمًا، طلع الراجل العجوز خنجر من جيبهُ، لقيت الدكتور بيصرخ وهو بيستخبى ورايا وبيقول:
_يا ليلة مفيهاش شمس، يا ليلة مش هيعدي عليها شمس، إلحق أنا جيت على ضمانتك أنا في حماك يا أستاذ، عايز يصفيني.
كان بيتكلم بصوت عالي وهو بيصرخ وبيهز فيا جامد من الخوف وهو مستخبي ورايا، إتكلمت بصوت عالي وإنفعال وأنا بلفلهُ عشان أثبتهُ وقولت:
=ما الطبيعي الليلة مش هيطلع فيها شمس، طبيعي إي؟
الليلة مبيطلعش فيها شمس، إتهد اللي يهدك هدتني لما نشوف هيقول إي، ما قالك إنك متنيل متحصن منها هي شخصيًا، عايز إي تاني، إخرس بقى شوية.
رجعت بصيت للراجل العجوز من تاني وأنا باخد نفسي عشان أهدى من الإنفعال وقولت بتساؤل:
=هتعمل إي يا حج إنت كمان، وإتكلم بسرعة الله لا يسيئك عشان زي ما إنت شايف كدا.
بدأ الراجل العجوز يتكلم ويقول:
_هتاخد الخنجر يا دكتور وهتجرح إيدك جرح بسيط وتخلي دمك ينزل في البحيرة يمكن وقتها تظهرلك ميرال وإتكلم معاها إنها تخلص لعنتها وإن إحنا زينا زيها مالناش ذنب في اللي عملهُ أهلنا زمان، حاول تقنعها، إتفضل الخنجر.
مدّ الراجل العجوز إيدهُ بالخنجر لـ الدكتور والدكتور بصلي وهو شِبه بيعيط وقال:
=أنا خايف تظهرلي، أنا خايف منها.
فضلت أطبطب عليه وأنا مُبتسم إبتسامة مُتكلفة وجاي على نفسي وكإني بهاود طفل صغير لحد ما شجعتهُ يروح، عمل اللي العجوز قال عليه ونزل منهُ بالظبط 3 قطرات دم ولقينا وقتها البحيرة كلها إتملت دم، وكإنهم مكانوش 3 نقط، وكإنهُ فعلًا إتصفى، كلنا خوفنا من المنظر والناس اللي واقفة كلها رجعت خطوات لورا ولقينا حاجة بتعوم جوا بحيرة الدم دي لحد ما طلعت مرة واحدة ميرال وهي طايرة في الهوا بجد، طايرة على سطح البحيرة اللي كلها دم، كل اللي واقفين فضلوا يصرخوا وفي اللي هرب من المكان لإنها حرفيًا كانت بشعة، كانت بنفس الشكل اللي شوفتها بيه قبل كدا، بس الغريب إن الدكتور مكنش خايف على عكس عادتهُ وبالعكس كان بيبصلهم بإستغراب ورجع بصيلها مرة تانية وهو بيبتسم وبيقول:
_إنتِ ميرال؟
قربت منهُ بهدوء، كنت متابعهم ووقتها فهمت إنهُ شايفها بشكلها الطبيعي، شكلها الحلو على عكسنا إحنا، قربت منهُ وكنت شايفها بتتكلم وبتحرك شفايفها بس مش سامع لها آي صوت وكإن هو بس اللي سامع أو مش كإن، فعلًا كان هو بس اللي سامع، وللعجب مكنتش سامع صوت للدكتور برضوا بس شايفهُ بيتكلم، فهمت وقتها إن اللي بينهم سر بينهم تقريبًا أو من ضمن اللعنة إن منفهمهاش أو ندخل معاها في جدال زي ما الدكتور أو نسل الأجداد دول مسموحلهم، رجعت تاني البحيرة بمنتهى الهدوء وكل حاجة رجعت زي ما كانت، بس البحيرة بدل ما كانت كلها بالدم بقى فيها حاجة زي خيط دم وكإنهُ بيؤدي لـ حاجة وبعدها لقيت الدكتورنازل البحيرة وماشي ورا الخط دا، روحت وحاولت أمنعهُ ليغرق وخصوصًا إنهُ مش سامعني أو مش بيستجيب ليا وكإنهُ مُغيب بس الراجل العجوز منعني وقالي إنها بتدلهُ للخلاص تقريبًا، فضلت واقف الحقيقة قلقان على الدكتور، بالرغم من كل تصرفاتهُ والتعب اللي تعبهولي بس شايفهُ غلبان وميستاهلش آي شر، الدكتور كان لسة مُستمر لحد ما غاص جوا البحيرة وإختفى عن الأنظار، لحد ما عدا 9 دقايق وأنا كل ما أحاول أنزل اشوفهُ يمنعوني، لحد ما زعقت وقولت:
_دا عدا 9 دقايق يعني حتى لو بيعرف يعوم وسباح ماهر مش هيستحمل 9 دقايق تحت الميا بدون أكسجين، إوعوا كدا ليكون مات وهتبقوا إنتوا السبب للمرة التانية وبتعيدوا نفس اللي عملوه أهلكم.
وقتها محدش منهم منعني تاني وكانوا بيبصوا لبعض بتردد كنت لسة هنط جوا البحيرة بس لقيتهُ خارج وفي إيدهُ جثة، بالظبط كدا جثة لبنت جميلة جدًا لسة متحللتش، وغالبًا هي ميرال إزاي معرفش، حطها على شط البحيرة وقال وهو بيبكي:
_ليه عملوا كدا، ليه عملتلهم إي، متستاهلش كل اللي حصلها.
قعد يبكي قدام الجثة شوية ومحدش فينا فاهم حاجة ولا هي دي جثة ميرال فعلًا ولا لأ، لحد ما الراجل العجوز إتكلم بتساؤل:
=إي اللي حصل يابني، وإزاي جثتها لسة متحللتش وإزاي رجعت زي ما كانت قبل ما...
وقف الدكتور عياط وقالهُ بإنفعال:
_جثتها متحللتش لإن ميرال كانت ساحرة ولكن سحرها كان من النوع الطيب مبتأذيش حد وقبل إنتـ حارها سحرت جسمانها بالسلام لحد ما تنتهي اللعنة وتاخد حقها كـ إنسانة ولو مرة واحدة منساعة ما جات القرية، بالنسبة للي حصل فـَ الجزء اللي يهمكم دلوقتي هو إن اللعنة إنتهت من علينا إحنا كـ أبناء وأحفاد، لكن بالنسبة لكل اللي شاركوا في اللي حصل من التسعينات من أهلكم مسيرهُ الهلاك ودلوقتي.
كل اللي كان واقف جري على بيوتهم عشان يشوفوا أهلهم، روحت قعدت جنب الدكتور وأنا باصث للجثة ومستغرب ومتعجب من اللي شايفهُ قدامي الحقيقة وحضنت الدكتور بس المرة دي بإرتياح بعد خوف حقيقي عليه، إتكلم بعياط وقال:
_أنا شوفت كل حاجة حصلتلها، هي ورتني اللي عملوه فيها، شوفت كل حاجة وهي فضلت تعيط وهي واقفة جنبي وشايفة نفسها واللي بيحصل فيها، لحد ما وافقت تسامح النسل لإنهُ زيهُ زيها، ضحية أهلهم، مقررتش تبقى وحشة زيهم وتأذي ناس أكتر من كدا معملولهاش حاجة، وقالتلي على مكان جثتها في البحر وإنها عايزة دفنة كويسة ويفتكرها الناس بالخير، وكان طول الطريق لجثتها البحر كإنهُ مقسوم نصين وبيوسعلي عشان أمشي وإعرف أتنفس، معتقدش إنها كانت شخص وحش خالص عشان يعملوا فيها كدا.
فضلت حاضنهُ وأنا مُتأثر بكل اللي بيقولهُ واللي شافهُ.
بالفعل اللعنة كانت إنتهت بموت كل الناس اللي باقية من اللي شاركوا في العملة دي وكل حاجة رجعت زي طبيعتها، وبقينا بعدها أنا والدكتور أصحاب، ودفنناها وعملنالها أكبر مدفن في القرية وبقى زي مزار سياحي وعلى شاهد القبر مكتوب "هنا ترقد الجميلة ميرال فادي، صاحبة أجمل وأعدل لعنة، لعنة قرية آل نُعمان في سنة 2023، ستُصبح ذكراها دائمًا يتداولها الأجيال حتى يعلم الجميع الظلم الذي تعرضت لهُ الجميلة ميرال وتنتهي الإشاعات والأحاديث الكاذبة عن كونها مسخ، هنا ميرال، هنا حيثُ ترقد أجمل نساء العالم."
#هاجر_نورالدين
#قرية_آل_نُعمان
#تمت
تعليقات
إرسال تعليق