رواية محسنين الغرام الفصل الرابع عشر 14بقلم نعمه حسن حصريه وجديده في موسوعة القصص والروايات
رواية محسنين الغرام الفصل الرابع عشر 14بقلم نعمه حسن حصريه وجديده في موسوعة القصص والروايات
ـ ١٤ ـ منصة إعدام !!
ــــــــــــــــــــــــــــ
" التحول والتغيير ليس برقًا يضيء الظلام دفعة واحدة ، بل طريقًا طويلًا وعرًا، ستجد نفسك في مواجهة ذاتك مرة أخرى، محاطًا بأطياف ماضيك، وجسدك يحمل آثار الجراح، وروحك تئن تحت وطأة الإرهاق، البداية الجديدة ليست هبة تُمنح، بل معركة تُخاض، ثمنها وقتًا يُستنزف، وقلبًا قويًا يعبر أدق الثغور "
كالعادة كانت تلك الكلمات طريق فريد للتعبير عما يشعر به الآن، فما يشعر به لا يجد له وصفا لأن أيا كان ما سيصفه به فهو سيكون غير منصف بالمرة.
دون تلك الكلمات على مدونته الإلكترونية ثم أغلق الحاسوب وأسنده فوق الفراش، ثم نهض ليجمع أغراضه المهمة والضرورية استعدادا للانتقال للعيش ـ لفترة مؤقتة ـ في الڤيلا لحين الوصول لغايته ومن بعدها سيعود لمنزله على الفور.
ذلك القرار يشعره بالضيق، وكأنه يحمل الكرة الأرضية كلها فوق صدره، ولكنه سيلجأ إليه مضطرا، فنهض وجمع أغراضه وقام بوضعها في الحقيبة بترتيب ودقة، وغادر المنزل من بعدها.
استقل سيارته وانطلق في طريقه نحو الڤيلا وهو يقوم بالاتصال بزينب التي أجابت على الفور وقالت:
ـ صباح الخير يا فريد بيه.
ـ صباح الخير يا زينب، جهزتي الاوضه؟
ـ كل حاجة جاهزة وزي حضرتك ما أمرت يا فريد بيه، جهزتها بنفسي ولوحدي وبعد ما نضفتها عقمتها .
ـ تمام، شكرا يا زينب.
ـ العفو حضرتك تحت أمرك.
أنهي الاتصال وأكمل طريقه ليصل الڤيلا بعد حوالي نصف ساعة.
صف سيارته ونزل منها فحانت منه التفاتة نحو منصور الذي يقف كالجبل في مكانه ، وشعر بالدماء تغلي في عروقه وهو يتخيل كيف سيكون مضطرا لرؤية ذلك الكائن البغيض أكثر من مرة كل يوم. أغلق الباب واستدار ليفتح حقيبة السيارة الخلفية وأنزل منها حقيبتيه الكبيرتين فأسرع أحد أفراد الأمن نحوه يعرض المساعدة ولكن فريد أوقفه بإشارة من يده قائلا:
ـ لأ متلمسهاش !
تراجع الشاب حيث كان، فحمل فريد حقائبه ثم دخل الڤيلا وهو يتجاهل تلك المشاعر السلبية التي تخالجه، فاستقبلته زينب ورحبت به قائلة:
ـ حمدالله على السلامة يا فريد بيه ، نورت بيتك.
أومأ ببساطة قائلا :
ـ متشكر يا زينب، حد صحي ؟!
هو لم يقصد السؤال عن الجميع، وإنما قصدَها هي بالتحديد ، ونظرت عيناه لاإراديا نحو غرفتها، فأجابته زينب:
ـ الباشا في مكتبه من ساعة، والباقي كلهم نايمين لسة.
أومأ موافقا وحمل حقائبه وصعد للأعلى، بالطبع زينب لم تعرض عليه المساعدة لأنه شرح لها الوضع كاملا وأخبرها أنه يعاني من حساسية مفرطة تجاه لمس أحدهم أغراضه، وأنه ليس مسموحا لشخصٍ غيرها بلمس أي شيء يخصه وذلك بعد أن تعقم يديها جيدا وترتدي قفازات طبية وتضع قناعا طبيا خلال تواجدها في غرفته.
صعد فريد نحو غرفته، وكلما اقترب منها خطوة شعر بأن قلبه قد بلغ حنجرته من فرط اضطرابه وانزعاجه، وفور أن توقف أمام الباب تنهد تنهيدة حارة وهو يحاول إسكات نداء عقله الداخلي بالفرار والابتعاد عن هذا المكان بسرعة.
أخرج زجاجة الكحول من جيبه ورش منها على المقبض ثم أداره ودخل، فاستقبلته رائحة محملة بالذكريات، محملة بجراح الماضي وآلامه، خيم عليه الصمت، فبرزت من حوله تلك الأصوات التي حفّته بالحنين لماضٍ غادر.
صوت ضحكات طفل في العاشرة، صوت تهويدة أم كل ليلة، صوت بكاء ونهنهات غاضبة، صوت شجار، عتاب، مواساة، تعنيف.
أصوات جسدت له الماضي وكأنه واقعٌ الآن.
تنهد مجددا بتثاقل، ثم دلف الغرفة ومد يده يضغط زر الضوء، فظهرت أمامه غرفة هجرها قبل عشر سنوات ولم يُخيل له أن يعود إليها مجددا أبدا .
هنا غرفته التي اختارتها أمه بنفسها، وبالرغم من أن أثاث المنزل بالكامل يتغير كل عام أو عامين على الأكثر إلا أنه كان يرفض دائما أن يقترب أحدهم من غرفته، حتى بعد أن غادر الڤيلا ولكنه ظل وفيًا لذكريات والدته ورفض أن يقترب أي مخلوق من الغرفة أو يعبث بأي ٍ من محتوياتها.
في صدر الغرفة سرير بسيط، شهد عشر سنوات من طفولته وخمسة عشر عاما من شبابه، بجواره خزانة مستطيلة بيضاء، يوازيها طاولة زينة تحتل نصف مساحة الجدار، وبجوارها مكتبة فارغة تنتظر أن تعانق المئات من كتبه
دخل وأغلق الباب بكوعه، ثم أخرج زجاجة الكحول مجددا ورش على المقبض الداخلي، وفي أرجاء مختلفة متفرقة من الغرفة، ثم جلس على السرير بإحباط وألقى الزجاجة بجواره على الفراش..
مهلا.. إنها في وضع مريب.. وضع مثير للضيق والحنق، لذا قام بتعديلها بحيث أصبحت في وضع أفقي ، ومن ثم أحاط رأسه بكفيه وأخذ يضغط على جانبي رأسه وهو يشعر وكأنه على حافة الجنون. وعقله عالق في تخيلات ومشاهد افتراضية وهواجس وهمية أضرمت النيران برأسه.
ولم يُخمد تلك النيران سوى صوت طرقات على الباب فنهض وفتحه ليجد زينب أمامه تقول:
ـ فريد بيه، الباشا أمرني أبلغ الجميع إن الفطار النهارده جماعي .
شرد لثوان، ثم هز رأسه موافقا وأغلق الباب، ثم عاد ووقف أمام مرآته، يطالع نفسه وهو يدس يديه في جيبي بنطاله .
الجميع سيحضرون على مائدة الإفطار إذًا !! وبالتأكيد ستكون تلك المحتالة من ضمنهم، حسنًا.. لا بأس بقليل من التنازلات .
سار بخطوات متثاقلة نحو حقيبته ثم أخرج منها دواءً وصفه الطبيب له من قبل لتهدئة اضطرابات المعدة، وتناول منه حبتين، ثم أعاده إلى الحقيبة من جديد وشرد في تلك الصورة المؤطرة على الحائط..
صورته وهو يحمل نسيم على ظهره، وابتسم لتلك الذكرى.. ابتسم ابتسامة واسعة ممزوجة بالحنين الآسر، ابتسامة حصرية له فقط.
ثم خرج من الغرفة واتجه نحو غرفة نسيم
……..
صوتٌ كالطَرقات اخترق منامها الذي كان يشبه قتالا عنيفا وجعلها تصحو منه فجأة وقد أجفلت وجلست بمكانها بخوف، ثم أرهفت السمع وأخذت تنظر حولها لدقائق حتى استوعبت المكان من حولها..
إنها الآن تتواجد في عُقر دار الباشا صاحب الطلة المهيبة والصوت المفزع سالم مرسال.
طُرق الباب مجددا، فأجفلت مرة أخرى وهي تخمن هوية الطارق! ولكنها عادت لتطمئن نفسها أنه ليس هو من تخشاه بالتأكيد، فخرج صوتها من أعمق نقطة بداخلها وهي تقول:
ـ خُش.
رأت المقبض من الداخل يُدار، ثم ظهرت زينب التي تحمل بيدها كيسًا من القماش استطاعت نغم تخمين ما بداخله بسهوله، وخطت للداخل وهي تقول:
ـ صباح الخير.
ـ صباح النور.
ـ يلا قومي اجهزي والبسي الهدوم دي عشان هتفطري ونخرج بعدها نشتريلك شوية حاجات.
تحمست نغم واختلط حماسها بقلقها، فتساءلت بتردد غلب خوفها :
ـ فريد بيه وصل ؟!
ـ أيوة، وصل من ساعة وهو دلوقتي في أوضته بيرتب هدومه
ـ طيب هيكون موجود على الفطار ؟!
ظهر التعجب باديًا على وجه زينب التي أثارت نغم شكوكها باهتمامها بفريد خصيصًا وسؤالها المتكرر عنه منذ الأمس، فالتقطت نغم ما يدور برأسها سريعا لذا قالت تحاول درء الشبهة عنها:
ـ بصراحة بسأل لأني من ساعة ما شوفته وانا حاسه انه مش طايقني ومش راضي عن وجودي هنا، عشان كده مش عاوزة أظهر قدامه عشان ميبقاش مضايق.
هزت زينب رأسها بتفهم وهي تقول:
ـ على فكرة مستحيل تلاقي أطيب من فريد بيه في العيلة كلها ..
واستطردت وهي تشير بيدها بتخيل واسع:
ـ فريد بيه ده نسمة، استحالة يزعل حد بكلمة ولا بحرف حتى .
اطمأنت نغم قليلا، ولكن زينب أذهبت اطمئنانها ذلك مع الريح حين تابعت:
ـ لكن اللي ييجي عليه هو أو حد من عيلته ينسفه.
ـ يـ … إيه ؟؟
ـ ينسفه .
هزت نغم رأسها مدعيةً التفهم ولكن الكلمة هزت القليل المتبقي من هدوئها، ورددت بسخرية من حالها:
ـ ربنا يطمنك.
ـ يلا غيري هدومك بسرعة عشان سالم بيه أمر إن الكل يتجمع على الفطار النهارده ، حتى انتِ لازم تكوني موجودة على الفطار .. والكل برة دلوقتي مستنيين ينزل.
رمشت مرات عدة بتوتر وهي تسألها مجددا بريبة:
ـ طلب إني أفطر معاهم ؟!
لتجيب الأخرى وهي تهم بالمغادرة:
ـ أمَر مش طلب، الباشا بيؤمر مبيطلبش .
انزلق ريقها لا إراديًا بتوتر وشعرت بالرهبة تسري في أطرافها، وأخذت تحدق بها بضياع، بينما استدارت زينب قبل أن تغادر وقالت بابتسامة متكلفة :
ـ وحاجة أخيرة.. لما حد بيخبط على أوضتنا بنقول اتفضل أو أدخل ، بلاش خُش دي.
ارتجف فك نغم وهي توميء بطاعة، بينما هي كانت في الواقع غارقة في شيء أكبر من ذلك بكثير..
كيف ستتناول الطعام وهي تشاركه نفس الطاولة ؟! في الواقع هي على أتم الاستعداد أن تتنازل عن حصتها في الإفطار لمدة سنة كاملة في سبيل الهروب من مواجهته.
وبينما هي شاردة، كان صوت سالم هو من انتزعها من تفكيرها، حينما سمعته وأدركت أنه قد حضر إلى طاولة الإفطار ، فأسرعت تبدل ملابسها سريعا بالأخرى التي أحضرتها زينب، حيث كان الطقم عبارة عن سروال جينز وقميص قطني أزرق بنقوش حمراء .
نظرت نغم إلى نفسها بالمرآة سريعا ورتبت شعرها سريعا ثم وقفت تأخذ نفسًا عميقًا وزفرته على مهل وهي تردد :
ـ أنا فاقدة الذاكرة. ومش فاكرة أي حاجة، أي حد هيسألني على أي حاجة هقول مش فاكرة .
فتحت الباب وخرجت وهي تشعر بأن قدميها كلوحين من الثلج يذوبان أسفلها بسرعة ، وسحبت شهيقا طويلا ملأت به رئتيها ثم تقدمت نحو غرفة الطعام حيث ينبعث منها العديد من الأصوات المتداخلة.
توقفت أمام باب الغرفة ترمق الجميع بخوف، وبحركة لا إرادية امتدت يدها تعدل قميصها بقلق، وبينما هي تحدق بهم رأت سالم يلوح لها بيده، على الأرجح يشير إليها أن تقترب، فوقفت بمكانها تحدق في وجهه مذعورة كفأر غارق ، فكرر إشارته وهو يقول:
ـ تعالي واقفة عندك ليه ؟
حركت عينيها كمخمور يستعيد وعيه للتو، ودَنَت ببطء وهي تجر قدميها الذائبتين بقوة وكأنها تقترب من منصة إعدام وليس طاولة طعام ، وما إن وصلت إليهم حتى أجبرت صوتها الهارب على الخروج وقالت:
ـ صباح الخير.
لم تستمع سوى لصوتين أجابا تحيتها، أحدهما كان صوت سالم والآخر ناصع البياض الذي صدمها بسيارته المدعو عمر.
ـ اتفضلي.
أشار سالم إليها لكي تجلس، فوقفت بمكانها ترمق المقاعد الشاغرة ..
طاولة مكونة من اثني عشر مقعدًا ، يرأسها سالم وعلى يمينه عمر وبجواره شقيقتيه، وبلمحة خاطفة استطاعت أن تقيم الموقف..
بما أن الباشا يجلس على رأس الطاولة وعلى شماله ابنه عمر ومن بعده الشقراوتين فبالتأكيد على يمينه سيجلس ابنه الأكبر في مقابل أخيه، وزوجته ستجلس في المقعد الرئيسي المواجه لمقعد لسالم .
لذا فأنسب مكان لها يحجبها عن أنظار ذلك الرجل الفريد هو هناك، في أقصى الشمال .. على يمين المقعد الرئيسي، لا يهم إن كانت ستجاور تلك المرأة حادة الملامح، الأهم هو أن تكون بعيدة قدر الإمكان عن نظراته الصقرية التي تجعل الماء يتسرب إلى جمجمتها فتصاب بالعته .
جلست وهي تتلاشى النظر إليهم، ونجحت في ترويض عينيها اللتين كانتا ترغبان في تفحص وجوه المحيطين بها لتتبين ردات فعل كلا منهم، حيث أنها تكاد تجزم أن وجودها غير مرحب به على الاطلاق من قِبل الشقراوتين ووالدتهما . ولكنها التفتت إجباريا حينما نطق سالم متسائلا:
ـ فين نادية هانم ؟!
وقبل أن يجيب أحدا منهم كانت نادية من أجابت بنفسها حينما تقدمت منهم ووقفت أمام الباب وهي تقول:
ـ أنا مش هقدر أفطر ، مستنياك يا سالم في المكتب لما تخلص عشان نتكلم .
أشار إلى شماله وهو يقول بحزم ، وبنظرة أصابت هدفها تماما:
ـ نفطر الأول وبعدين نتكلم .
لم تعترض، لم تملك القوة أساسا لكي تجادله على أمر تافه كهذا، فمن المؤكد أنها ستحتاج لكل ذرة قوة وطاقة تملكها بعد قليل. لذا اقتربت واتخذت مكانها بجواره، على شماله تماما.
وفي خضم توترها وتفكيرها في صاحب المقعد الرئيسي المجاور لها استمعت إليه يتساءل بحدة أكبر:
ـ وفين نسيم ؟!
نظروا جميعا لبعضهم البعض بتعجب، لماذا يسأل عن نسيم وهو من أمر منذ زمن بأن يذهب إليها الطعام إلى غرفتها ؟! ما الذي جد الآن ؟!
كان يوجه سؤاله نحو زينب التي تقف عند الباب في انتظار انتهاء العاملات المسؤولات عن تقديم الطعام من عملهن، ولكن بسؤاله ارتبكت ولم تُجب فقال مستنكرًا:
ـ هو أنا مش أمرت الكل يكونوا موجودين على الفطار ؟!
أومأت زينب بطاعة وهي تتحرك بالفعل وتقول:
ـ تحت أمرك يا باشا، حالا هبلغها.
انصرفت زينب سريعا نحو الطابق العلوي ، بينما نغم كانت تختلس النظر نحو الموجودين وتراقب التعجب المتسيد على قسمات وجوههم بتعجب مشابه، وفي داخلها تتساءل ، ما الأمر ؟
ما هذا الغموض الذي يحيط بذلك الرجل وعائلته ؟!
وبينما هي تحاول فك شيفراتهم استمعت إلى صوت وقع أقدام أنيقة ، أسرى الصقيع في جسدها وجعلها ترتجف بردًا وتتصبب عرقًا في آنٍ واحد .
أرغمت عيناها على التركيز في طبقها ولكن نظراتها خانتها حينما شعرت بحضوره، حضوره الذي طغى على حضور الكل، ورائحة عطره التي عبثت بكيمياء مخها وجعلتها تشعر بالدوار، فرفعت عيناها مرغمةً إلى مستوى عينيه، وتقابلت نظراتهما لجزء من الثانية، قبل أن تخفض عينيها مجددا حينما رأته يرمقها بطرف عينه.
ـ صباح الخير.
ألقاها بصوته الرخيم وهو يسحب المقعد الرئيسي المجاور لها !
تبًا.. !!!!
ألا يفترض به أن يجلس على يمين والده وتجلس والدته مقابل والده ؟! إذًا لماذا يجلس الآن في مواجهة والده ؟!
ما هذا الحظ ؟! هل اختارت بنفسها المقعد المجاور له ؟! هل هربت منه وتركت كل المقاعد ثم جاءت لتجلس بالمقعد الملتصق به ؟!
أحسنتِ نغم ، اختيار موفق للغاية !!
فيما كانت هي غارقة في تفكيرها في القرب منه بهذا الشكل، وفيما كان الجميع يتعجبون جلوس فريد بمواجهة والده، كان سالم قد وصل لتفكير تخطى قدراتهم جميعا …
ابنه يتحداه !!
فريد الذي فر هاربًا من سجنه كما ادعى قبل عشر سنوات، عاد الآن فجأة دون مقدمات وبكامل إرادته ليتخذ مكانه الطبيعي في بيت والده، ليس ذلك فحسب، بل اتخذ المقعد المحظور كمقعدٍ خاصٍ به. بالرغم من أنه يعرف أن والده منع أيًا من أفراد المنزل حتى زوجته من الجلوس على ذلك المقعد لكي لا يتواجد سواه مالكًا ومسيطرًا وسيدًا .. ولكنه ضرب بأول قوانين والده عرض الحائط وجلس على المقعد المواجه له تماما وكأنه يعلنها صريحةً .. أنا مُقابلك !!
شيئا ما أثار حماس سالم ، ولكن بقدر ما أثار حماسه أخافه.. فهو يعرف فريد جيدًا، عنيد، شديد الشَكيمة وصعب المِراس .. وبما أنه أعلن تمرده وخرقه للقوانين منذ الساعة الأولى له في البيت فهذا يعني أن الآتي لا ينذر بالخير أبدا
كانت نغم ترتجف، قلبها بداخلها يرتجف، وجميع أوصالها ترتجف، وامتدت يدها تعبث بشعرها بتوتر وهي تجهل أنها تثير انتباهه أكثر .
في الواقع هو لم يكن في حال أحسن منها، فهو أيضا كان مرتبكا لأبعد حد، وانقباضات معدته تشي بأن هناك خطرا قادما في الطريق إليه. ولكن ظهور نسيم فجأة هو من خفف من وطأة ذلك الشعور .
ـ صباح الخير .
قالتها نسيم بخوف وهي تتلاشى النظر إلى والدها، فنظر إليها فريد مبتسمًا ابتسامة شحيحة وقال:
ـ صباح الخير حبيبتي.
ابتسمت له وحده، ثم جلست على شماله في مقابل نغم، فمد يده وضغط بها على يدها وكأنه يمنحها دعمًا خفيًا، ثم نظر إلى والده الذي برز صوته قائلا:
ـ طبعا كلكوا مستغربين أنا ليه طلبت إن الكل يكونوا موجودين النهارده على الفطار، وهتستغربوا أكتر لما تعرفوا إن ده أمر دائم، من هنا ورايح كلنا هنتجمع على الفطار والعشا..
ونظر نحو نسيم وكأنه يخبرها أنها أيضًا معنية بذلك الأمر، ثم تابع وهو يجول بعينيه عليهم واحدا تلو الآخر:
ـ إنما الغدا ده براحتكم تقدروا تتغدوا في المكان اللي تحبوه، طبعا لأن الأغلبية مش بيكونوا متواجدين في البيت وقت الغدا. دي حاجة. تاني حاجة بقا إني جمعتكم عشان نرحب بالضيفة اللذيذة اللي منورانا.
وأشار إلى نغم التي شعرت بنظراتهم المصوبة نحوها وكأنها سهامٌ اخترقت جسدها، ومالت عينيها بنظرة جانبية تلقائيا نحو فريد ولكنها لم تجرؤ على النظر إليه مباشرةً ثم قالت بارتباك واضح:
ـ شكرا.
ابتسم سالم وهو ينقل بصره بينها وبين فريد ثم قال:
ـ احنا اللي المفروض نشكرك، ولا إيه يا عمر ؟
ونظر تجاه عمر الذي كان يراقب الموقف بملل ثم قال:
ـ صح..
ونظر نحو نغم وابتسم قائلا:
ـ شكرا ليكي.
هزت رأسها بهدوء ثم نظرت إلى سالم مجددا فقال:
ـ وأهم حاجة عاوز أتكلم فيها النهاردة قدام الجميع هو إني حبيت أرحب بفريد قدامكم كلكم وأقول له إن مكانه مستنيه دايما .
اهتزت حدقتي فريد، ونال منه الارتباك للحظات ولكنه أفلح في إخفائه وهو يقول :
ـ شكرا .
أومأ سالم وهو يشير إليهم باسطًا ذراعيه وهو يقول:
ـ اتفضلوا افطروا ..
قلبت چيلان عينيها بملل، ثم همت بتناول طعامها وهي تحاول تجاهل فريد قدر المستطاع ، ثم همست إلى چوليا التي بدأت تعبث بطعامها وقالت:
ـ اتضح إنه مجمعنا النهاردة عشان نرحب بالبيه والمتسولة اللي منعرفش ليها أصل من فصل.
كانت چوليا شاردةً، تحرك شوكتها بالطبق بتيه وعشوائية ، فلم تتكبد چيلان عناء لفت انتباهها وبدأت بتناول فطورها بصمت.
بينما كانت نغم تجلس في موقف لا تحسد عليه، تختلس النظر بحرج نحو أيدي الجالسين لكي تلتقط منهم التعامل مع هذه المائدة الضخمة المملوءة بأصناف عديدة تراها لأول مرة، وفي خضم توترها صوبت عيناها نحو طبقه حيث أنه الأقرب إليها. رأته يلتقط شريحة خبز بشوكته ثم وضعها بطبقه ففعلت مثله وأخذت شريحة خبز ووضعتها بطبقها، قام بالتقاط شريحة جبن مدخن ففعلت ما فعله مجددا وبدأت بتقطيعها وعيناها مثبتة على يديه فرأته يميل للأمام ويلتقط شريحة من اللحم البارد وهو يقول بصوت خافت لم يسمعه أحد سواها :
ـ الشوكة في الايد الشمال .
اندفعت الدماء إلى وجنتيها بحرج، وبدلت موضع الشوكة والسكين ببطء ثم بدأت بتقطيع شريحة الخبز ومت ثم الجبن وهي لازالت ترمق يديه بقلة حيلة وتقلد حركاته لكي تنجو من هذا الموقف المحرج.
***
كان حسن بصدد الاستعداد للخروج مع أمه لكي يذهبا سويًا إلى المشفى لكي تتلقى جلسة العلاج الكيميائي ، وقف أمامها وهو يساعدها على ارتداء حجابها ، ثم مال على رأسها الذي بدأ يخلو من الشعر وقبّله بحزن وهو يقول:
ـ الله عليكي يا أم حسن لما بتتشيكي، بتبقي حاجة آخر ألاجة.. طب والله خايف يجيلك عريس وتتخطفي مني .
رمقته بضيق وانزعاج زائف، فمنذ ذلك اليوم الذي أساء فيه لنغم وهي تعامله معاملة جافة وتتجاهله وكأنه ذبابة ، بيد أنها تتوق كثيرا لضمه والتخفيف عنه ولكنها تتراجع في كل مرة لكي لا يكرر ما قاله .
ـ ما خلاص بقا ياما مكانوش دول كلمتين قولتهم، وبعدين ما انتِ عارفة إني بتنيل بموت فيها ومهما قلت هيبقى من ورا قلبي.
نظرت إليه بنظرة يملؤها اللوم الصارخ، فأسند يده على كتفها الهزيل وهو يقول:
ـ والله ياما بحبها، نفسي أعرف سكتها فين بدل ما أنا هتجن عليها كده، أنا خايف .. خايف يكون جرالها حاجة واحنا منعرفش ..
ومسح على وجهه بغضب وضجر وهو يردد:
ـ ملعونة قلة الحيلة والحوجة اللي مخلية إيديا متربطة ومش عارفة أروح يمين ولا شمال .
انقبض قلبها فجأة وتذكرت تلك الكوابيس التي تعاني منها منذ فترة، وتمتمت مستغفرة ثم قالت:
ـ متقولش كده، نغم كويسة وزي الفل. أنا قلبي متأكد إنها كويسة، هي بس تلاقيها خايفة منك عشان كده مرجعتش..
تنهد بضيق وسخط من نفسع ، بالفعل هو يشعر بذلك، خاصةً بعد أن قامت بالاتصال به من رقم مجهول لكي تستمع فقط إلى صوته ولم تتحدث، بالتأكيد هي، وبالتأكيد اشتاقت إليه، ولكنه الخوف اللعين .
حسنا هو يعلم أن ذلك الخوف لا ذنب لها فيه، وإنما هو حصاد أعماله، فما رأته منه ليس بهين أبدًا، ولكنها في نفس الوقت تعلم جيدا أنه يحبها وما يفعله معها مدفوعا بحبه لها، ألا يشفع له ذلك الحب؟!
تنهد بضيق قد وصل ذروته، ثم نظر إلى أمه قائلا:
ـ ادعيلي ياما، ادعيلي أعتر فيها… وصدقيني لو لقيتها أقسم بالله وعد مني ليكي مش هأذيها.
رفعت عائشة ناظريها إلى السماء وهي تتمتم بصوت غير مسموع:
ـ ربنا يجعلك في كل خطوة سلامة يا نغم ويوقف لك ولاد الحلال.
خرج حسن وهو يسندها، وتوجها نحو الخارج حيث ينتظر جارهم فتوح بسيارته، ركبت عائشة وهم هو بالركوب بالمقعد الأمامي ولكن فجأة وجد من يضع يده على كتفه وهو يقول بحدة مخيفة:
ـ إنت حسن جادالله ؟
نظر حسن حوله بتعجب، فرأى رجلين يبدو أنهما من رجال الشرطة ، نظر إليهما بتعجب وهو يقول بتوجس:
ـ أيوة !!
ـ قدامي يا حسن .
نظر حسن إلى سيارة الشرطة الموجودة والتي أشار إليها فتساءل حسن متوجسًا:
ـ على فين ؟
ـ عالقسم، هناك هتعرف كل حاجه.
نزلت عيشة مجددا من السيارة وهي تنظر إليه بفزع وتقول:
ـ انتوا واخدينه على فين، هو ابني عمل إيه ؟!
ـ والله ياما ما عملت حاجة، متخافيش أكيد في حاجه غلط ..
تمسكت بذراعه وهي تنظر إليهم بخوف وامتلأت عينيها بالدموع وهي تقول :
ـ أهو بيحلف إنه معملش حاجة، عاوزينه في إيه ؟
قبض كلا من الرجلين على ذراعيّ حسن وهما يسحبانه نحو السيارة، بينما عائشة تتشبث به بقوة واهية وهي تقول ودموعها قد عرفت طريقها إلى خدها:
ـ سيبوه بالله عليكم ده أنا مليش غيره، ده كان جاي معايا المستشفى والله..
تعلقت عيناها بعينيه وهو يتحرك مُرغمًا، ونادته نداءً مبتورا ولكنه يعلم مقصده :
ـ يا حسن…
ـ متخافيش ياما أكيد سوء فهم أو يمكن تشابه أسماء، هرجع بسرعة متقلقيش..
وتحدث بصوت عالي قائلا:
ـ خد أمي عالمستشفى يا فتوح وخليك معاها لما تخلص جلستها ، اوعى تسيبها لوحدها.
أومأ إليه فتوح موافقا بقلة حيلة واتجه نحو عائشة وهو يمسك يدها قائلا:
ـ يلا يا أم حسن..
هزت رأسها برفض وهي تقول:
ـ أنا مش رايحة في أي مكان غير لما يرجع حسن، هو حلف لي إنه معملش حاجة وأنا مصدقاه يبقا هيرجع طوالي .
ـ طيب يا خالتي بس لازم تاخدي الجرعة في ميعادها ، وبعدين حسن أكد عليا لازم أوديكي، يبقا إزي الحال دلوقتي لما يرجع ويلاقينا مروحناش، أنا مش قد حسن اعملي معروف.
نظرت إليه وهي تبكي بقهر وتقول:
ـ هما عايزين منه إيه يا فتوح ده أنا مليش غيره، مش كفاية اتحرمت منه تلت سنين بحالهم عاوزين ياخدوه مني تاني ليه؟
ربت فتوح على كتفها وهو يقول محاولا مواساتها:
ـ متقلقيش يا ام حسن هيرجع والله إن شاء الله ، يلا تعالي خلينا نلحق.
استجابت له أخيرا، ركبت بجواره وانطلق متحركا في طريقه إلى المشفى.
بينما هي كانت تنظر من النافذة بشرود وهي تبكي وتفكر، ماذا فعل؟ وماذا سيفعلون به الآن؟ هل ارتكب جريمة ما؟ ولكنها رأت الصدق في عينيه وهو يخبرها أنه لم يفعل شيئا، إذا ماذا حدث؟ وماذا سيكون مصيره ومصيرها إذا لم يخرج اليوم ؟!
هل من الممكن أن تفقده لسنوات عديدة مجددا ؟! لماذا كتب عليها الفقد والحرمان لآخر عمرها ؟!
ولماذا كتب عليه الشقاء والذل دائما ؟! هل لأنها هي من اختارت له ذلك السبيل من البداية ؟! اختارت أن تحتفظ به لنفسها، لكي تستند عليه ويكون هو رجلها الذي سيعوضها عن خذلان والده لها، وفي المقابل تخلت عن ابنتها وألقت بها في أحضان والدها لكي تنعم بالعيش الرغيد معه ، ولأنها كانت تعتقد أن لا منفعة في إنجاب الإناث سوى أنهم عالة ومسؤولية طاحنة فقط لا غير.
ألم تكن أنانية حين اختارت لبنتها الحياة الكريمة السوية وتمسكت بابنها لكي يعاني معها؟ ألم تكن أنانية حين أخفت عنه عائلته ذات الحسب والنسب والصيت الذائع ونسبته لأب مزيف لم يملك يومًا ما يكفي قوت يومه حتى !
ألم تكن أنانية حين تخلت عن ابنتها ؟! ابنتها التي توفت في صغرها بسبب إهمال والدها اللعين ، وعاشت هي تعاني ويلات الفقد والندم طوال السنوات الماضية.
ألم تكن أنانية حين حرمت حسن من أن يكون له والدا معروفا وأخا ذا مركز مرموق، ألم يكن من المفترض بهم الآن أن يكونوا هم أول من يركض لمساعدته، بدلا من كونه وحيدا يصارع كل شيء بمفرده كالمقطوع من شجرة، وفي الواقع هو فرع قوي ينحدر من شجرة عائلة عريقة ولكن كل ذنبه أنه ابنها هي !
أزالت دموعها ولم تتمكن من إزالة وصمة الخزي والندم التي وُشمت فوق جبينها من سنين، وعقدت النية بداخلها، فور أن يخرج حسن ستواجهه بكل شيء، لن تنتظر لحين يتوفاها الله ومن ثم يتلقى هو المكتوب الذي تركته مع جارتها ، ستحكي له كل شيء بنفسها، ستواجهه وتتحمل قسوة لومه وعتابه.
نعم تعرف.. سيلومها لومًا قاسيا، ومن الممكن ألا يسامحها لأنها حرمته من أن يعيش حياة سوية ومنحته تلك الحياة البائسة، وفي الواقع هو محق.. وهي تعرف أنه محق، لذا ستتحمل كل اللوم والعتاب وستتقبل أي ردو فعل بنفس راضية، حتى لو قرر أن يتركها ويذهب للعيش في كنف والده، لن تثنيه عن قراره ذلك أبدا.
***
في غرفة المكتب الخاصة بسالم ..
كان يجلس وعلى المقعد المقابل له تجلس نادية، يحدقان في بعضهما بصمت حتى انتهت زينب من تقديم الشاي لهما ثم انصرفت وأوصدت الباب خلفها.
ـ خير يا نادية ؟!
قالها سالم وهو ينقل مسبحته من اليد اليمنى إلى اليسرى، ثم التقط قدح الشاي الخاص به وبدأ بارتشافه وهو ينظر إليها بترقب.
فتنحنحت هي بوجل وأردفت:
ـ عاوزة أتطلق يا سالم .
زم شفتيه في خط مستقيم، ثم نظر إليها بهدوء مردفا:
ـ طب ما إحنا بالفعل متطلقين ، أنا في أوضة وانتِ في أوضة من زمان حسب رغبتك .. لسه عايزة إيه تاني ؟!
تنهدت بتوتر و أطلقت نفسا يملؤه الرهبة والارتباك وهي تغمغم وعينيها شاردةً تتخيل:
ـ لازم ننفصل انفصال رسمي، لأني هاخد ولادي وهرجع دبي.
أسند القدح على الطاولة المجاورة، وأراح ظهره على ظهر الأريكة الجلدية من خلفه وهو يقول مصححا :
ـ بناتك تقصدي .
فهمت ما يقصده فعادت تؤكد قولها:
ـ ولادي التلاتة يا سالم. چيلان وچوليا وعمر .
ـ تاخديه فين لا مؤاخذه ؟!
قالها وهو يضيق عينيه باستهجان واضح وصريح، وتحولت نبرة صوته لنبرة مغايرة أكثر قتامة، بينما هي تفاقم خوفها وتوترها ورددت بصوت جاهدت لكي يبدو ثابتا:
ـ هيسافر معايا.
ـ بأمارة إيه؟ شنطة هو ولا قميص هتشيليه من هنا تحطيه هنا على كيفك ؟! فوقي يا نادية هانم .. عمر ده يبقا عمر مرسال ، مش عمر الصواف !! هاا ؟؟ واخده بالك ؟؟
وأضاف يضغط أحرفه بقوة وهيمنة:
ـ وكل ما يخص سالم مرسال هيفضل تحت تصرف سالم مرسال فقطططط .
ومسح كفيه ببعضهما معلنا انقضاء الأمر وهو يقول:
ـ الموضوع منتهي.
كانت تنظر إليه بحيرة، تُبحر في جبهته علها تستطيع الوصول لما يفكر به، علها تنجح ولو لمرة واحدة في سبر أغواره ومعرفة ما يدور برأسه. ولما فشلت قررت أن تلجأ لطريقة بديلة، ستلعب على الوتر الحساس وتستجدي عطفه ، فهي تعرفه يحب دائما التعظيم والتفخيم ، عل وعسى تنجح تلك الطريقة.
نهضت من مقعدها وجلست بجواره، ثم التفتت لتنظر إليه بانتباه وقالت بصوت أخف حدة:
ـ سالم من فضلك، أنا وانت خلاص بقا بيننا حواجز كتير، انت مش قادر تتخلى عن كونك سالم مرسال المسيطر والمتحكم وأنا مش قادرة أتأقلم خلاص، كفاية الـ ٢٥ سنة اللي فاتوا وإحنا بنهد في بعض وبناخد من طاقة بعض، وبعدين أنا مش طالبة منك حاجة غير إنك تتنازل وتسيب عمر ييجي معايا، أنا واخواته البنات هنكون لوحدنا في بلد غريب منعرفش حد فيه ، تفتكر مش لازم يكون معانا راجل؟
نظر إليها بطرف عينه وهو يحتسي الشاي وقال:
ـ بلاش لف ودوران يا نادية، اللي ربا خير من اللي اشترى وأنا فاهمك كويس أوي، انتِ عايزة تخلعي عمر من حياة سالم مرسال وبس ، عاوزة تبعديه عني لأني في نظرك أب ظالم، انتِ وبناتك مش محتاجين راجل معاكوا لأنكوا ببساطة كل واحدة فيكوا تدير بلد ، انتِ عاوزة عمر يبقا ليكي لوحدك، عاوزة تسيطري عليه لأنك فشلتي في إنك تسيطري عليا، عاوزة عمر يبقا ليكي انتِ بس لأنك مش قادرة تتقبلي فكرة إنه بيحب اخواته ومتعلق بيهم فعاوزة تبعديه عنهم.
ضيقت عينها بتفاجؤ لأنه قرأ أفكارها، ما هذا.. إنه يعريها أمام نفسها بكل بساطة ويكشف ما يصول ويجول برأسها بسهولة .
نهض سالم منهيًا الحوار وقال أخيرا:
ـ عاوزة تطلقي معنديش مانع، بس تأكدي إنك هتخسري كتير، أول حاجة عمر لأنه مش هيسيب اخواته وخصوصا بعد ما فريد رجع الڤيلا ، وجيلان كمان لأني متأكد إنها مش هتوافق ترجع معاكي. ومش بعيد چوليا تفضل مع اخواتها وتلاقي نفسك لوحدك في الآخر .
لم يكترث لكي انتظار ردها وخطا نحو الخارج وتركها وسط حالة من الذهول، بأي حق يقرر ما ستختاره بناتها؟ من أين له بكل تلك الثقة وهو يخبرها أن چيلان ستبقى وچوليا ستختار إخوتها وأنها ستبقى وحيدة في النهاية ؟! ما كل تلك العنجهية والغرور والتسلط ؟!
أخذت نفسًا عميقا ثم زفرته على مهل، حينها استمعت لطرقات على الباب ومن ثم دخلت زينب التي قالت:
ـ چوليا هانم بتبلغك إنها ماشية يا نادية هانم .
أومأت نادية بموافقة وقالت:
ـ قوليلها جاية.
خرجت نادية وهي تحاول أن ترسم الثبات جليا على ملامحها، فوجدت بناتها تتحدثان وهما تقفان أمام سيارة چيلان بالممشى المؤدي للخارج فتقدمت منهما ونظرت إلى چوليا بقلق وتفحص وقالت:
ـ بردو مصممة تسافري وانتِ في الحالة دي ؟
تنهدت چوليا وهي تشعر وكأن كُرة نار ترتفع في حلقها، وأومأت بموافقة وهي تقول:
ـ أنا كويسة جدا يا مامي متقلقيش عليا .
هزت الأم رأسها باقتضاب وقالت:
ـ اوكي، خلي بالك من نفسك على ما نحصلك أنا وچيلان .
نظرت جيلان إليها بتعجب واستفهام وتبادلت النظرات المستغربة مع أختها فأخذت نادية تشرح لهما ما تقصده وقالت:
ـ أنا خلاص هنفصل عن سالم ، اتكلمنا مع بعض وخدت القرار، كلها كم يوم أسبوع بالكتير ونسافر دبي نستقر هناك.
لمحت شبه نظرة مستنكرة ساخرة في عيني جيلان مصحوبة ببقايا ابتسامة ساخرة وهي تقول:
ـ مين اللي هيسافر ؟! حضرتك وعمر ؟!
أجابتها نادية بقلق وترقب:
ـ أنا وانتِ !
ـ مستحيل .
ألقتها جيلان بقوة كانت كالرطمة في قلب نادية ، ثم تابعت مستطردةً قولها:
ـ أنا مش هسيب هنا .
أخذت نادية شهيقا طويلا وأخرجته بتمهل وهي تقر بالحقيقة الواقعة:
ـ أنا وسالم هنتطلق، انتِ هتفضلي هنا بصفتك إيه ؟!
ـ any way هنا أو في بيت تاني، بس مش هسيب مصر، موضوع إني أستقر في دبي ده مش في حساباتي أبدا. لو حضرتك مصممة ومقررة إنك هتنفصلي خلاص as you like تقدري ترجعي دبي مع چوليا وأنا هعيش في بيت تاني لوحدي، الموضوع بسيط.
وفيما هي غارقة في صدمتها بكلام الكبرى، جاءتها الضربة القاضية من صغيرتها التي قالت:
ـ وبما إن جيلان وعمر هيفضلوا هنا فأكيد مش هستقر في دبي لوحدي.
أخذت تنقل نظراتها من واحدة للأخرى بصدمة ، تتذكر كلام سالم الذي تحقق قبل أن يمضي عليه نصف ساعة حتى! وابتلعت ريقها باستياء وهي تقول بهدوء:
ـ زي ما تحبوا. حابين تفضلوا في مصر مع بعض وأنا أرجع دبي لوحدي، أو ترجعوا دبي معايا .. اللي يريحكم.
وتركتهما وانصرفت، عادت أدراجها نحو غرفتها والألم يفتك بها، ويعصر قلبها عصرًا ، بينما بناتها تتبعان أثرها بنظراتهما ثم نظرت كلا منهما للأخرى وقالت چيلان:
ـ يلا عشان تلحقي طيارتك، وأهم حاجة لما توصلي بالسلامة طمنيني، ومتنسيش.. انتِ وعدتيني هتحكيلي كل حاجة بصراحة.
أومأت چوليا وعينيها تلمعان بدموع خفية، وانتبهت إلى نظرات أختها المصوبة عبر كتفها، فاستدارت لتنظر خلفها فإذا بها ترى تلك الضيفة مجهولة الهوية وهي تدنو منهما برفقة زينب.
فنظرت جوليا لأختها مجددا وهي تقول:
ـ البيت ده بقا بيحصل فيه حاجات غريبة بجد .
كانت نغم قد اجتازتهما بالفعل، فنظرت چيلان لچوليا مرة أخرى وهي تهمس بتفكير:
ـ البنت دي وراها حاجة، ووجودها في الڤيلا هنا وراه سبب قوي إحنا مش عارفينه .
ضيقت چوليا عينيها باستفهام وقالت:
ـ حاجة زي إيه؟
رفعت چيلان حاجبيها وهي تزم شفتيها وتقول:
ـ مش عارفة، بس اللي متأكدة منه إن أنكل سالم مش بيعمل معروف مع حد لله، أكيد في هدف عاوز يوصله.
ابتسمت الأخرى باستغراب وهي تقول:
ـ شارلوك هولمز في نفسك أوي.
حدجتها جيلان بنظرات ضجرة ثم قالت؛
ـ يلا عشان متتأخريش، هستناكي تكلميني.
أومأت جوليا ثم قبلت أختها واستقلت السيارة مع السائق لكي يوصلها إلى المطار. ثم استقلت چيلان سيارتها وانطلقت في طريقها نحو الشركة لكي تنهي عملها هناك وتقطع صلتها بفريد مرسال تمامًا.
***
ـ يعني بردو مصمم تنكر ؟!
قالها الضابط الذي ينظر لحسن بتفحص، يتفقده من شعر رأسه إلى أخمص قدميه بازدراء واضح، بينما هتف حسن بقوة وحدة غاضبة:
ـ يا باشا أقسم بالله ما حصل، أنا لا اتهجمت على حد ولا ضربت حد، ده كله كدب وافترا..
ـ والست فيفي هتتبلى عليك ليه ؟؟ وبعدين هي معاها شهود إنك اتهجمت على السنتر بتاعها إمبارح وكلهم شافوك وشهدوا ضدك إنك ضربت الأمن اللي حاول يمنعك إنك تقتحم عليهم السنتر، وبعدها دخلت المكان واتسببت في ترويع الزباين لأنك كان معاك آلة حادة واتهجمت عليها بالضرب هي وواحدة من البنات اللي شغالين عندها.
اتسعت عينا حسن بغضب و ضحك ضحكةً ساخرة مباغتة فضرب الآخر على المكتب بيده بقوة وهو يقول بصوتٍ جهور:
ـ احترم نفسك يلا إنت مش عارف إنت واقف قدام مين ؟! إلزم حدودك بدل ما أقسم بالله أرميك في الحجز لما تعفن ولا ليك عندي دية.
كتم حسن غيظه بقوة وهو يردد بانفعال شديد:
ـ أنا آسف يا باشا ، بس أنا مظلوم أقسم بالله، أنا معملتش أي حاجه من دي، طيب أقوللك .. مش هي بتقول إني ضربتها واتهجمت على الأمن كمان، طيب ما الكاميرات موجودة راجعوها وانتوا تشوفوا اللي حصل .
ـ هي بنفسها قالت إن الكاميرات اليوم ده كان بيتعملها صيانة..
ضحك حسن ضحكة ساخرة وهو يهز رأسه ويضرب كفًا بالآخر ويقول:
ـ يا محاسن الصدف! واشمعنا يعني الكاميرات كان بيتعملها صيانة في اليوم ده ؟!
ـ اسمع يا حسن، حتى لو مفيش كاميرات بس في شهود ، والشهود كلهم شهدوا بنفس الكلام ، إنك تعديت بالضرب على الأمن اللي منعك تدخل وعليها هي وبنت من اللي شغالين في المكان، وأعتقد يعني هما مش هيتبلوا عليك وانت أساسا ليك سوابق زي الزفت ، اعقلها معايا كده
تنهد حسن بقلة حيلة وعجز، وهز رأسه موافقا باستسلام وقال:
ـ أنا عارف إن طالما الحكومة عاوزاني ألبسها هلبسها يا باشا، اللي تشوفه.
رمقه الضابط بتحفز وقال:
ـ الحكومة مبتشيّلش حد شيلة مش شيلته يا حسن يا عقرب، خصوصا لما يبقا حد تاريخه مشرف وسمعته سابقاه زيك كده.
وأمر العسكري بمرافقته للحجز أربعة أيام على ذمة التحقيق لحين ورود تقرير الطب الشرعي للمعتدى عليهم بالضرب .
***
كانت نغم قد ترجلت للتو من السيارة برفقة زينب أمام أحد الأسواق التجارية الفخمة، واسترعى قول زينب انتباهها عندما وجهت حديثها للسائق قائلة:
ـ تعالى عشان تاخدنا بعد أربع ساعات يا حسين .
ثم نظرت إلى نغم وقالت:
ـ ها ؟؟ جاهزة ؟!
تنفست نغم بقوة وهزت رأسها بحماس ، ثم شبكت ذراعها بذراع زينب بعفوية وهي تسير بجوارها وعيناها تتفقد المكان بانبهار يتزايد ويتزايد .
ـ إيه رأيك تشوفي إيه الأول ؟ الفساتين ولا البلوزات والبنطلونات؟! ولا نشوف ستور البرفانات ده الأول ؟!
وأشارت بسبابتها نحو متجر على ما يبدو أنه راقي وكل ما به راقٍ وثمين !
نظرت نغم حيث تشير بانبهار وتراقص قلبها من فرط الحماس وهي تقول:
ـ برفانات ؟! وفساتين وبلوزات وبنطلونات؟؟ كل ده عشاني ؟!
ـ أيوة، ولسه الشنط والشوزات في الآخر .
توسعت حدقتيها بغير تصديق، وهمست متسائلة:
ـ كل ده عشاني ؟!
أومأت زينب بتأكيد وقالت:
ـ أيوة، الباشا أكد عليا أجيبلك كل حاجه تطلبيها مهما كانت غالية.
ارتفع حاجبيها باستغراب وتساءلت وهي تسير برفقتها بشرود:
ـ هو الباشا ده طيب ولا مش طيب؟!
فأجابتها زينب بقلة حيلة بعدما أطلقت تنهيدة عاجزة:
ـ طبعًا طيب .
نظرت إليها نغم بغير اقتناع وقالت:
ـ حاسة إنك بتقوليها من ورا قلبك.
فنظرت إليها زينب بانزعاج وأردفت:
ـ وأنا حاسة إنك هتودي نفسك في داهية بفضولك ده.
ـ مش موضوع فضول يا خالتي، كل الحكاية إني عاوزة أفهم طبيعة الناس اللي أنا عايشه وسطهم، مش كفاية إني مش فاكرة حاجه، هبقا لا فاكرة ولا فاهمة كمان ؟!
تجاهلت زينب ثرثرتها المهلكة وقالت وهي تشير إلى أحد متاجر الفساتين:
ـ المكان ده حلو جدا.. دايما بشتري لنسيم هانم من هنا. إيه رأيك تبصي بصة ؟!
رمقته نغم بتفحص، ثم نظرت إلى زينب متسائلة:
ـ ونسيم هانم مش بتيجي بنفسها تشتري اللي هي عاوزاه ليه؟ هو إيه حكايتها بالظبط ؟!
زفرت زينب بنفاذ صبر وقالت وهي تتجاوزها متحركة للأمام:
ـ ورايا .
تبعتها نغم ودخلت المتجر، فكاد فمها أن يسقط أرضا من فرط الدهشة ، وأخذت تتلفت حولها والانبهار يصل لديها لأعلى مستوياته .
كل شيء فخم، كل شيء راقٍ ، كل شيء يدعو للتأمل ..
كل قطعة كأنها تحفة فنية، كل تصميم كأنه مصنوع لإحدى المشاهير، المكان بأكمله يبعث على الانبهار والدهشة، هل يوجد أماكن كهذه على وجه الأرض فعلا ؟!
استقبلتهم مديرة المتجر ورحبت بزينب أيما ترحيب وهي ترمق نغم بتفحص واستغراب ، ثم دعتهما للجلوس وقالت:
ـ تحبوا تشربوا إيه ؟!
نظرت زينب إلى نغم المشغولة بتفحص ما لا ترتديه المرأة أمامها، فلكزتها برفق لتستدعي انتباهها وهي تقول:
ـ تشربي إيه يا نغم ؟!
نظرت إليها نغم بابتسامة يشوبها التوتر ثم قالت:
ـ هشرب زيك بالظبط.
أومأت زينب بابتسامة وقالت:
ـ خلاص يبقا اتنين عصير برتقال.
أومأت مديرة المحل وأمرت بطلب كوبين من عصير البرتقال ثم نظرت إليهما بابتسامة ترحيبية وهي تقول:
ـ دي بقا نسيم اللي دايما تشتريلها من عندنا مش كده ؟!
توترت زينب قليلا ثم أجابت:
ـ مظبوط.
رمقتها نغم بتعجب ثم انتبهت للمرأة الواقفة أمامهما تطالعهما بتفحص وهي تقول:
ـ أهلا يا آنسة نسيم، نورتي المكان.
زمت نغم شفتيها بابتسامة مصطنعة وقالت:
ـ منور بيكي.
ـ طيب تحبي تختاري من الكوليكشن الموجود ولا تشوفي النيو كولكشن اللي هيوصل آخر الأسبوع.
نظرت نغم إلى زينب ومالت على أذنها وهي تقول:
ـ أعمل إيه ؟!
ـ اللي يريحك انتِ ، بس لو عاوزة رأيي الفساتين الموجودة هنا تحفة.
أومأت نغم بموافقة، ثم نهضت وأخذت تتفحص التصاميم المعروضة أمامها وهي تتلمس أنسجتهم الناعمة، الراقية التي لم ترَ مثلها من قبل.
ثم اختارت فستانًا ناعمًا بأكمام واسعة وألوان متداخلة، ونظرت إلى زينب وهي تقول:
ـ ده عاجبني أوي .
أومأت زينب بموافقة وقالت بابتسامة ودودة:
ـ حلو جدا، يلا اختاري غيره .
ابتسمت نغم وعادت تتفقد المجموعة الفاخرة أمامها، ثم انتقت ثوبًا ذا أكمام منفوخة باللون الأخضر الملكي وعرضته أمام زينب وهي تقول بابتسامة متحمسة:
ـ إيه رأيك ؟!
ـ جميل جدا.. يلا غيره..
نظرت إليها باستغراب، وهمت بقول شيئٍ ما ولكنها تراجعت ثم دنت من زينب وقالت:
ـ أنا بقول كفاية الفستانين دول.
ـ وفستانين بس يعملوا إيه ؟ لازم تختاري مش أقل من عشرة .
رمقتها نغم بصدمة وعيون بنية جاحظة وقالت:
ـ عشرة !!
أومأت زينب بموافقة، بينما اقتربت منها نغم وتساءلت بهمس:
ـ بقولك ايه يا خالتي زينب، الفستان من دول يخش له في سكة كام؟
نظرت إليها زينب بصمت، تحاول ترجمة مفرداتها واستيعاب تلك اللغة التي تتحدث بها، ثم أفسحت مجالا لتلك الابتسامة التي غلبتها وقالت:
ـ بتسألي ليه؟ ناوية تشتري هدية لحد من هنا ولا إيه ؟!
ابتسمت نغم ابتسامة خافتة وقالت:
ـ جايز ، وليه لأ.
ـ طيب سيبيك من كل حاجة دلوقتي واختاري بقية الفساتين عشان لسه قدامنا حاجات كتير هنعملها.
أومأت نغم بحماس وأكملت اختيار الفساتين ثم خرجت من ذلك المتجر لتتجه نحو متجرٍ آخر خاص بالسراويل والبلوزات،، ومن بعدها متجرًا خاصًا بالأحذية والحقائب ، وفي النهاية زارت متجرًا خاصًا بالعطور ومستحضرات التجميل .
بعد مرور خمس ساعات عادت نغم برفقة زينب إلى الڤيلا وهي تتقد كشعلة من الحماس، تتوق لتجربة الأشياء الفاخرة التي ابتاعتها وكأنه يوم عيد ، لذا دخلت غرفتها فورا وبدأت بتفريغ محتويات الحقائب كلها فوق الفراش ومن ثم بدأت بوضعهم عليها وهي تنظر في المرآة وتتفقد هيئتها كيف ستكون، وفجأة تجهمت وحل محل حماسها العبوس بعد أن تذكرت خالتها وأخذت تتمتم:
ـ يا ربتك كنتي معايا يا عيوش وشوفتي الهنا اللي أنا فيه .
لتستمع إلى طرقات على الباب ففتحته وابتسمت عندما رأت زينب التي قالت وهي تمد يدها لها بحقيبة كرتونية بها علبة، فنظرت بها نغم باستغراب وهي تقول:
ـ دي إيه ؟!
ـ ده موبايل جديد الباشا جابهولك.
التقطت نغم الحقيبة بفرحة وهي تقول:
ـ بجد ؟! ليا أنا ؟!
ـ أيوة..
نظرت نغم إلى العلبة الخاصة بالهاتف وهي تقول بعفوية:
ـ ايه ده، ده باللمس كمان ؟!
ضحكت زينب وهي تقول:
ـ باللمس أيوة.. وموجود فيه شريحة وجاهز للاستخدام، ولو احتاجتي تسألي عن أي حاجه فيه أنا موجودة.
باغتتها نغم بقبلة قوية طبعتها على خدها وهي تقول بامتنان صادق:
ـ بجد مش عارفة أشكرك إزاي يا خالتي، ربنا يباركلك
ـ يلا أسيبك دلوقتي تاخدي شاور وتغيري هدومك عشان تجهزي للعشا.
ـ هو لازم أتعشى معاكم ؟!
تساءلت نغم بتوتر فأومأت زينب مؤكدة وقالت:
ـ طبعا لازم .. أوامر الباشا لا تُناقش.
وتركتها وانصرفت، ثم صعدت حيث الطابق العلوي ، طرقت باب غرفة فريد ففتح لها سريعا فقالت:
ـ تمام يا فريد بيه عملت اللي قولتلي عليه.
ـ قولتيلها إنه الباشا اللي باعته؟
ـ أيوة .
أومأ مبتسما ابتسامة بسيطة برضا وقال:
ـ تمام، شكرا يا زينب.
ـ العفو يا بيه، عن إذنك.
غادرت زينب فدخل فريد غرفته وأغلق الباب وهو يفرك يديه بحماس وظهرت على شفتيه شبه ابتسامة وهو يقول:
ـ لما نشوف إيه وراكي !!
ــــــــــ
#يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق