القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية دلال والشيخ الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم شيماء سعيد

 رواية دلال والشيخ الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم شيماء سعيد 





رواية دلال والشيخ الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم شيماء سعيد 

الحلقة الأولى 

.....................

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️ 

فى منزل عريق من أحياء حى الجمالية، الذى أصبح أيقونة فى الجمال، لإنه جمع بين حضارة الماضى وتراثه من الخارج.

 أما من الداخل فتمتع بلمسات سحرية من العصر الحديث وقد تميزت نوافذه بالزجاج الملون .

 هذا بجانب حديقة واسعة ضمت بعضا من أشجار الفاكهة واصطف بجانبها بإتقان زهرات يانعة من زهرة الريحان التى تنثر عطرها فى الأجواء.


وأحيط المنزل بأسوار عالية تخللها أسياج حديدية .

ومن الداخل يتكون من عدة طوابق، كل طابق مخصص لأبناء الحاج حمدى الجمال .


يعيش فى هذا المنزل العتيق الأب حمدى الجمال وهو صعيدى الأصل ولكنه إستقر فى القاهرة من أجل لقمة العيش هو وأخيه الأكبر " سليمان الجمال" ،وبدء العمل كعامل فى محل عطارة شهير حتى أتقن العمل ،وأصبح مقربا من مالك المحل حتى زوجه ابنته الوحيدة "زينب". 


ثم ذاع صيته فى عالم العطارة ونجح فى عمل وصفات طبية، اكتسب منها الكثير، ليستطيع بعد ذلك أن يمتلك سلسلة من أكبر المحلات العطارة المشهورة .

واتخذ من بيت الجمالية مسكنا له، ولأولاده الأربعة بالترتيب 

( شفيق ، شاهين ، شهيرة ثم أخيرا "أحمد" )


أما أخيه"سليمان" فقد نجح هو الآخر فى تجارة الخردة ومع الوقت أصبح لديه مصنعا للحديد واتخذ منزل بجانب حمدى  له ولأولاده أيضا .

( سفيان، أشجان، أنهار ، أسماء) .


لتلحق بهم بعد فترة من الزمن أختهم الصغيرة "عفاف" بعد زواجها من رجل صعيدى قرر هو أيضا العمل فى القاهرة من أجل سعة الرزق وانجبت منه ولد واحد "تميم" لوفاة زوجها فى حادث بعد ولادته .

........

نتعرف على الشخصيات .

أولاد العطار حمدى الجمال.

الكبير "شفيق" مدلل والدته منذ الصغر لذا لم ينهى تعليمه واكتفى بالشهادة الإعدادية ليباشر العمل فى إحدى محلات والده .

وتزوج من ابنة عمه أشجان وأنجب منها (  أسر وأيسل ).


وهو يبلغ من العمر الآن سبعة وثلاثون عاما وتصغره أشجان بعشر سنوات .


أما عن صفاته فهو رجل لعوب يعشق النساء ويواعد الكثير منهم .


حتى أهمل زوجته وأصبح بينهم حاجزا كبيرا .


ويليه "شاهين الأخ الأوسط يبلغ من العمر خمسة وثلاثون عاما متزوج أيضا من ابنة عمه الثانية "أنهار" ولديه ابنة واحدة "سمر"


وهو على عكس شاهين يحب زوجته ولكنه لديه صفة ذميمة وهى اللامبالة التى يتخذها على طوال الخط .


وتليه شهيرة تبلغ من العمر ثلاثة وعشرون عاما متزوجة أيضا من ابن عمها "سفيان" الذى يعشقها ولكنها لا تبادله نفس الشعور لأن والدتها هى التى أرغمتها على الزواج منه فى سن مبكر .


مما أدى إلى ضياع حلمها فى الإلتحاق بالجامعة ولديها ولد  طفل صغير يدعى "سيف" 


أما الابن الأصغر فهو بطل الرواية وهو "أحمد" ريحانة أبيه ونبض فؤاده والمميز لديه على عكس والدته .


 الأم "زينب" فهى إمرأة قاسية القلب ومتسلطة لا تفضل من  ابنائها سوى شفيق الإبن الأكبر .


وأحمد يبلغ من العمر إثنى وعشرون عاما ،طالبا فى الفرقة الرابعة  من كلية الطب، يتمتع بجسد رياضى وعينين رمادية ذات أهداب طويلة مع بشرة بيضاء ويتمتع بلحية خفيفة زادت من وسامته .

......

صدح  آذان الفجر فى الأجواء فاستيقظ أحمد  ليصلى فرضه فى المسجد  ويصاحبه سفيان زوج أخته شهيرة .


أما أخويه فـ شفيق فهو لم يصلى لله ركعة وحاول معه أحمد كثيرا ولكن كل محاولاته بائت بالفشل أما أخيه الأوسط فيصلى ولكن فى المنزل .


وبعد إنتهاء الصلاة  اجتمع الناس حول أحمد  من أجل الدرس الدينى الذى يُلقيه عليهم، كعادته بعد صلاة الفجر .

إبتسم أحمد فى وجوه الملتفين حوله ثم قال ببشاشة :

ايه رئيكم درس النهاردة يكون خفيف كده وسريع وهو عبارة عن اسئلة وأشوف مين يعرف يجاوب .

فوافق الحضور وبدء يلقى عليهم الأسئلة وكانت كالتالى:

أول من سمي أحمد؟

-الإجابة: هو رسول صلى الله عليه وسلم.

أول ما خلقه الله تعالى هو؟

-الإجابة: القلم.

ما اسم خازن النار؟

-الإجابة: مالك.

ما هي أول عملة في تاريخ الدولة الإسلامية؟

-الإجابة: الدينار.

ما هي السورة التي كانت السبب في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟

-الإجابة: سورة طه

من هي أخت سيدنا مُحمد ـ صلَّى الله عليه وسلم؟

-الإجابة: هي الشيماء، وهي أخته في الرضاعة.

في أي سنة هجرية تم الفتح المُبين ورجع المسلمون إلى مكة؟

-الإجابة: في عام 8 هجريًا.

عندما خرج رسول الله ـ صلَّ الله عليه وسلم ـ من مكة كان بصحبة أبو بكر الصديق،

ولكن في الهجرة الأولى إلى الطائف من كان برفقته؟

-الإجابة: هو الصحابي زيد بن ثابت.

اسم الصحابي المكنّي أبي هريرة؟

-الإجابة: عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه.

بماذا قـ.تل قابيل أخيه هابيل؟

-الإجابة: بفك حمار.


وعندما انتهى دعوا له بالبركة والسعادة واستأذن سفيان للمغادرة، أما أحمد فجلس فى أحد الأركان لقراءة ورده اليومى 

 ثم مذاكرة بعض المحاضرات حتى تطلع الشمس، ليعود  إلى المنزل لتناول وجبة الإفطار مع إخوته قبل أن يغادر الى الجامعة .

.........

صدح صوت زينب القاسى فى منتصف الردهة مشيرة إلى زوجات ابنيها "شفيق وشاهين": 


_ أنتِ يا هانم منك ليها ، كل ده هتحضروا الفطار..!!


 انجزوا خلينا نخلص عشان كل واحد من الرچالة يطلع يشوف شغله .


عقدت أشجان حاجبيها ووفرت بضيق فى المطبخ وقالت بتأفف: هى الست دى مبتهمدش أبدا..!!


_طول النهار تنعر زى الحمير وتدى أوامرها واحنا علينا التنفيذ .


فضمت أنهار شفتيها بضيق ثم استرسلت بنصح: بس وطى صوتك يا أشجان ألا تسمعك وتخلى عيشتك طين، أنتِ مش ناقصة يا حبيبتي.


أطلقت أشجان تنهيدة مؤلمة مردفة: امتى ربنا يعجل بأجلها الست المفترية دى.؟


_ دى بتعاملنا كأننا خدامين، ومستخسرة تجيب شغالين مع إننا الحمد لله مبسوطين ونقدر نجيب بدل الخدامة عشرة .


_بس تقولى إيه عايزة تذلنا وخلاص .


حملت أنهار بعضا من أطباق الفطار وقالت: ربك كبير، وقادر عليها .


_ وسيبك منها ويلا هاتى بقية الأطباق وتعالى ورايا .

بس هو جوزك صحى ولا لسه؟


ابتسمت أشجان إبتسامة لم تتعدى زاوية فمها قائلة بتهكم: هو نام عشان يصحى!


_ده لسه مشرف البيه وشايفاه اهو من بعيد لازق جمب أمه، أصلوا النوغة بتعتها.


فضحكت أنهار وتسائلت: هو أنتِ بتغيرى عليه من أمه يا بت أشجان.


فلمعت فى عين أشجان الدموع وهاجمتها غصة مريرة أشعلت حلقها مرددة:


_ هو أنا هغير من مين ولا من مين..!


خلاص أنا قلبى اتقفل من ناحيته، وعايشة عشان أربى العيال وبس .


أشفقت عليها أنهار وقالت برفق: معلش ربنا يعقله ويهديه .


فضيقت أشجان نظراتها وتابعت: لا ربنا ياخده هو وأمه فى ساعة واحدة .


ثم خرجت من وراء أنهار تضع الأطباق على السفرة.


 فرأت أحمد يدخل إلى داخل المنزل، فاستنشقت عبير رائحة عطره النفاذة التى تنعش القلب فخرجت تنهيدة مؤلمة من صدرها وهمست: 


_شوفى ريحته الحلوة ترد الروح مش زى اللطع اللى أنا متجوزاه، ريحته دخان ومعسل وحاجة طين الله يقرفه .


وعندما مر أمامهم ألقى التحية عليهم قائلا ببشاشة وجه: 

_ازيك يا أم آسر ثم إلتفتت إلى أنهار: وأنتِ يا ام سمر ؟


فأسرعت أنهار بالرد: بخير يا أحمد، إن شالله تعيش يا اخويا .


ثم طالعت أشجان التى وقفت تحدق النظر إلى أحمد حتى إنها لم ترد عليه التحية، فلكزتها لتخرج من شرودها: 


_بت يا أشجان ..بطلى بحلقة فى الراجل عيب كده، ده غير جوزك لو أخد باله هتبقى مصيبة وممكن يقتـ.لك فيها .


فلاحت ابتسامة ساخرة على شفتيها قائلة بتهكم: 

_مش لما ياخد باله منى  الأول، هو أصلا مش شايفنى.


ومش عارفه إزاى شفيق بكل عيوبه  دى ليه أخ  زى أحمد مفهوش عيب واحد وبالأخلاق دى، يا بخت والله أسماء بيه .


أكدت لها أنهار: هو فعلا أحمد إنسان كويس، لكن كل واحد بياخد نصيبه يا حبيبتي.


_وعلى فكرة على قد صفاته الحلوة دى كلها والبت أسماء معجبة بيه فعلا بس خايفة منه عشان متشدد حبتين .


وبتقول هيعقدنى ومش بعيد يلبسنى نقاب وميخلنيش أخرج بره البيت خالص .


فخرجت من أشجان تنهيدة مؤلمة قائلة: 

_وهى اللى تعيش فى حضن واحد بالاخلاق والإبتسامة الحلوة دى، هتعوز تخرج ليه !!


دى معاه هتكون فى الجنة، بس مأظنش أصلا إنه يعمل كده عشان ...


ولكن توقفت الكلمات فى حلقها عندما باغتتها "زينب" بنظرة حادة من على بعد وصاحت بصوت عالى خرق أذنها.


ـ انتوا وقفين تكلموا أنتِ وهى وسايبن الرجالة على لحم بطنهم ، ومستنيكم لما تتعطفوا وتخلصوا ودودة 


_قبر يلمكم أنتِ وهى، حريم عايزة كـ.سر رقبتها .


فتوترت أشجان ولكزتها أنهار وهمست بخوف: 

_شوفتى يلا بقا نخلص من اليوم اللى باين من أوله ده .


فحدثتها أشجان بغل: معلش عقربة ومسيرها هيجلها يوم وافعـــصها تحت رجلى .


ثم جلس شفيق  أولا على السفرة، يلتهم الطعام بنهب دون انتظار أحد ولكنه بين الحين والآخر يتثاءب لرغبته فى النوم .


أما أحمد فجلس ولكنه لم يضع اى لقيمة فى فمه ينتظر والده وعندما تأخر ووجد الجميع قد جلس يأكل فتعجب وتسائل:

_ هو  الحاج لسه نايم ولا ايه يا ماما؟


مش متعود يعنى وهو أول واحد بيكون صاحى وقاعد معانا على السفرة .


طالعته "زينب" بجمود وقالت من بين أسنانها: 

_الحاج تعبان شوية ولما نخلص فطار هدخل أوديله فطاره على جوه .


فتجمد أحمد للحظات وانكمش وجه وقال بذعر تملك قلبه: 

_بابا تعبان!!


ثم لمعت عينيه بالدموع وهب واقفا قائلا : طيب أنا هدخل أطمن عليه .


فرفعت زينب انفها وقالت بأمر: كمل فطارك الأول، عشان لو إتشال مش هيتحط تانى .


رمقها أحمد بنظرة حزينة لقسوتها الدائمة معه بلا سبب مع أنه يحاول بكافة الطرق أن يرضيها .


 _تمام ..أنا أصلا مليش نفس، فهدخل أطمن على الحاج وأروح كليتى على طول .


قالها أحمد بغصة مريرة ثم أسرع إلى غرفة والده .


انتبه شفيق لذكره الجامعة فترك طعامه ممتعضا قائلا بغل: 


_كل شوية يقول كلية وزفت على دماغه، كأن محدش دخل كلية غيره فى العالم .


فربتت زينب على كتفه بحنو قائلة: 


_متزعلش نفسك يا حبيبى، وهو بالعلام بردك ، ده أنت سيد الرجالة .


فنظرت أشجان إلى أنهار وابتسمت ساخرة .


فرآها شفيق فوقف غاضبا وصاح بصوت عالى: ايه مش عجبك الكلام يا ست أشجان هانم .


دى بقت عيشة تقصر العمر، أنا طالع أتخمد فوق واياكِ حد يدخل يصحينى، أنا هصحى لوحدى .


فهمست أشجان: إلهى ما تقوم يا قادر يا كريم .


فنهرتها زينب وصاحت بها غاضبة: بتبرطمى تقولى إيه يا هبلة أنتِ .


_أنجرى قومى أنتِ والمعدولة أختك شيلو الأكل ده واطلعوا لعيالكم صحوهم عشان المدارس وفطروهم وبعدين انزلوا نضفوا البيت وحضروا الغدا .

....


طرق أحمد الباب على والده واستأذن للدخول فأتاه صوت والده: أدخل يا احمد .


فولج أحمد فوجد والده على التخت وقد ظهر على وجهه الإرهاق والتعب، فتقدم منه سريعا وأمسك بيده فقبلها بحب قائلا:


_ سلامتك ألف سلامة عليك يا حاج، مالك بس مش متعود عليك راقد كده يا حبيبي.


ابتسم حمدى له وقال مطمئنا له: متقلقش كده يا ابنى . شوية تعب وهيروحوا لحالهم .


المهم أنت عامل ايه فى دراستك ؟


ياه نفسى ربنا يطول فى عمرى عشان أشوفك أعظم دكتور قد الدنيا .


أحمد: باذن الله يا حاج ، ربنا يطول فى عمرك .


حمدى: طيب مش محتاچ فلوس يا ابنى لزوم  الكلية.


أحمد بحرج : يعنى كنت محتاج حوالى خمس الآف جنيه عشان الكتب وبعض المستلزمات .


ابتسم حمدى : بس كده عيونى يا أحمد ليك، ده أنت الغالى إبن الغالية .


ثم أشار إليه :

_بص أفتح درفة الدولاب اللى قدامك دى، وهتلاقى عشر بواكِ خدهم .


ابتسم أحمد بإمتنان وقال: لا أنا محتاج خمسة بس .


فترجاه حمدى: يا ابنى خدهم واصرف اللى تصرفه وشيل الباقى لما تحتاجهم .


فوقف أحمد ثم انحنى بجذعه وقبل رأس أبيه وشكره: ربنا يخليك ليه يا حاج .


ثم توجه إلى خزينة الملابس ليأخذ المال، وفى تلك اللحظة ولجت زينب تحمل صينية الفطار،وشاهدت معه المال، فرمقته بعينيها التى تخرج جمرات من النار قائلة: 


_مش عارفة آخرة البعزقة دى إيه!!


وكان لزمتها ايه الكلية، ما كنت تشتغل مع اخواتك فى المحل أحسن .


بدل ما أنت شايف نفسك عليهم على الفاضى .


وقف أحمد مذهولا للحظات وشعر بنيران تأكل صدره، فكيف لأمه أن تفعل به هذا ولما تحاربه من أجل إخوته وهو أصغرهم وأضعفهم .


فنكس رأسه بخزى ولكن وجد من يدافع عنه .


ـ ارفع راسك يا أحمد، معش ولا كان اللى يخليك توطى رأسك وانا عايش .


قالها حمدى بحدة ثم إستطرد :

_واصرف من مال أبوك زى ما تحب، عشان ده شقى وتعب السنين .


 واتعلم وخد شهادتك وشوف نفسك زى ما تحب ولى مش عجبه يخبط راسه فى الحيط .


لتندلع نيران الحقد فى جسد زينب وأوشكت أن ترمى إليه بقنـ.ابلها الحـ.ارقة ولكن انتظرت حتى اومأ أحمد براسه لأبيه واستأذن للخروج ثم غادر .


وما أن خرج حتى سارعت زينب إلى حمدى وامسكته من تلابيب ملابسه بقسوة ولم تراعى ضعفه ولا مرضه بعد أن اشتعلت النيـ.ران فى جوفها من تفضيل أحمد على سائر إخوته .


فهدرت فى وجهه: ايه الحنية دى كلها مع المحروس إبنك أحمد .!!


طالعها حمدى بغضب جحـ.يمى ودفعها يديها التى تتمسك به رغم ألمه وضعفه وقال بغضب: أنتِ إتجننتى يا زينب.!


بترفعى صوتك عليه وتمسكينى من هدومى ..!!


 اه ما عشان أنا  قصادك  كبرت وعييت ومبقتش زى الأول بصحتى .


لمعت عين زينب بالشر وقامت بتهديده: ايوه يا حمدى ومعدتش هسكت بعد النهاردة، أنا استحملت زمان كتير وسكت كتير، لكن لحد هنا وكفاية .


أنا كل ما ببص لإبن شمس اللى فضلتها عليه واتجوزتها فى السر، بتقطع من جوايا .


وبكون عايزة أقوم أخلص عليه بإيديه دى، خصوصا أنه شبهها وكإنى شيفاها قدامى .


أخرج حمدى تنهيدة حارة مؤلمة لذكرها إسمها أمامه "شمس" تلك المرأة التى ذهبت بلب عقله وعشقها حتى النخاع، ولم يرى امرأة قط فى جمالها وصفاء قلبها .


وود أن لو رآها هى منذ البداية ولم يتزوج من زينب التى تزوجها خجلا من والدها الذى أكرمه وكان هو السبب بعد الله عز وجل فيما يملك الآن من خير .


واقنع ذاته أنه مع العشرة والأيام سيحبها ولكنه لم يستطع ذلك وكانت هى السبب لبذائة لسانها وتكبرها بجانب قسوتها فلم يجد طيلة حياتها معها الحب والحنان الذى افتقدهم .


ولكن ظهرت شمس فى حياته فجأة فأضائت  جانبه المظلم، وأعادت لحياته رونقها بعد أن ظن أنها ذبلت وانتهت على يد إمرأة لم تعرف الرحمة قلبها قط ولكنه صبر عليها من أجل أولاده .


فجاءت شمس لتكون دواء لألامه وبلسما لجراحه، ولا شك أنه أول شىء جذبه إليها هو جمالها الظاهر ولكن مع الأيام أيقن أن جمال داخلها اكبر بكثير من جمالها الظاهرى .

........


غادر أحمد يحمل فى قلبه كثيرا من الخذلان من جهة تلك المرأة التى يقال عنها والدته على الرغم أنه لم يشعر ولو لمرة واحدة إنها أمه بالفعل، وكثيرا ما نظر لعينيها لعله يجد فيها بعضا من الحنو الذى يحتاجه ولكنه لم يجد فيهما الا كل قسوة وأخذ يسئل ما فعلت لها حتى تفعل بى ذلك، فهو لم يذكر حتى ولو مرة واحدة ضمتها إلى صدرها كما تفعل مع إخوته .


يااااه كم طالعها وهى تضم إخوته وتمنى لو تفعل ذلك معه ليشعر بالأمان الذى يفتقده.


فخرجت منه منه تنهيدة مؤلمة ولكن سرعان ما تذكر والده وما يفعله من أجله فابتسم لانه حارسه وأمانه منذ الصغر واليد الحنونة التى ترفق به ويواجه بها العالم ، ثم دعا له بالشفاء وان يطيل الله فى عمره من أجله .


ليقابل صديقه شاكر الملقب "بشيكو" الذى يمتلك محل بقالة صغير أمام منزل أحمد ويكبره بثلاث سنوات .


وعندما رآه ابتسم وقال بخفة ظل: ايه يا دكترة صاحى بدرى ليه، هتبيع لبن ؟


فضحك أحمد: ياريت كان يكون أسهل من الكلية وأرفها.


شيكو: معلش أصبر لغاية ما تنول المراد .


أحمد: الله المستعان .


يلا أتوكل على الله عشان ألحق المحاضرة .


شيكو: فى أمان الله، بس متتأخرش وتنسى الدرس بتاعك بعد صلاة العشا وخليه على الصبر .


فضحك أحمد وقال بخشونة: شكلها كده مدوخاك وعايز كلام يصبرك .


فوضع شيكو يده على قلبه وهمس: دى مش مدوخانى بس، دى هتموتنى ناقص عمر .


الله يهديكِ يلى فى بالى .

.....


وعندما وقف أحمد أمام سيارته الصغيرة التى لا تقارن بسيارات إخوته الحديثة بسبب رفض زينب أن يكون له مثلهم .


وهم ان يفتحتها ويترجل بها نحو جامعته .

كان هناك عينان تفترسه من على بعده .


حيث كانت تقف بجانب أسماء فى الشرفة صديقة لها "بسمة" وعندما رأت أحمد اتسعت عيناها وجاء على لسانها: واو ايه المز ده يا بت يا سمسم .

تعرفيه !


قالت أسماء بإستفهام : قصدك مين يا بت أنتِ؟


بسمة وهى تشير إلى أحمد: الحلو اللى بيفتح العربية الحمرة اللى تحت دى، يخربيت حلاوته ولا دقنه اللى هتاكل منه حتة .


فنظرت أسماء إلى ما تشير إليه بسمة فوجدته أحمد ابن عمها، فأكلتها الغيرة رغم أنها لا تميل إليه خوفا مش شدته .


ولكنها قالت بجرأة: بت اوعى عينك من على خطيبى ألا اخزقهالك بعدين .


فقالت بسمة بصدمة: خطيبك !


ده امتى وإزاى يا اختى ؟


يعنى مقولتليش حاجة زى كده قبل كده، ولا أنتِ ولا هو اهو شايفاه مش لابسين دبلة .


فصكت أسماء على أسنانها بغيظ وقالت بحنق:


_ هو يعنى مش خطيبى رسمى، لكن فيه كلام كده وهو اصلا ابن عمى يعنى فى الأخر ليه، زى ما اخواته متجوزين اخواتى البنات .


فصاحت بسمة: اه هو ده الدكتور، بس ده طلع حلو اوى، بس صح ده أنتِ قولتى عليه انك مش بتحبيه ومغصوبة عليه، فسبهولى الله يخليكِ، عشان أنا حبيته من أول نظرة .


فضمت أسماء شفتيها بغيظ ولكزتها فى كتفها قائلة بنزق: ايه سبهولى ده هو شراب، بقولك خطيبى ومش مهم أحبه ولا محبوش ده قدرى وخلاص .


واياكِ تبصيله تانى يا بت أنتِ، أنتِ فاهمة .


ضيقت بسمة حاجبيها بضيق مردفة: طيب خلاص متزوءيش، وأنا ماشية وسيبهالك مخضرة .


لتغادر بسمة بين أنظار أسماء الحارقة، فكيف لها أن تعتدى على شيئا ملكا لها، فهو لى حتى لو لم يكن قلبى يريده ولكن يكفى ابن العم وصديق الطفولة ولن أدعه لغيرى.

........

فى مكان أخر 

كانت كل الأعين تحدقها بإعجاب ولكن هى كانت تنظر إليهم كوحوش مفترسة تريد أن تنال منها ومن جسدها.


 و ترى أعينهم  التى تحدقها بشهوة، كأسد جائع تود أن تلتهمها وهى تؤدى وصلة الرقص الخاصة بها فى ذلك النادى الليلى .


وعندما إنتهت من رقصتها ثم استدارت متجهة إلى غرفتها،  وجدت من أمسكها من رسغها بقوة ألمتها.


 فطالعته بقسوة وصوت هادر إخترق جوفها: فيه ايه تانى يا جوز أمى .


_أظن خلصت نمرتي وعايزة أتنيل أدخل أستريح .


فظهرت بسمة ساخرة على شفتى هذا الكهل العجوز قائلا وعينيه لا تفارق مفاتنها: تستريحى يا دلال، ده احنا لسه فى أول الليلة يا قمر .


ثم غمزها قائلا: وشايفة البيه اللى قاعد هناك ده، شكله أوبهه اوى ومتريش، وطلبك بالإسم عشان تقعدى معاه شوية وتفتحيله ازازة شمابنيا.


إمتلىء قلب دلال بالحزن واخرجت من بين ضلوعها زفيرا حارا قائلة بقهر: 


_بس أنت عارف انى مبقعدش مع زباين يا متولى ولا بشرب المدعوك ده، واتفقنا كان إنى أرقص وبس، اى حاجة تانية مليش فيها .


فانفجر متولى ضاحكا ثم نظر لها بحدة وعينيه تنذر بالشر قائلا : بصى يا حلوة الرقص شىء لزوم الشىء، يعنى اللى بيجيب الفلوس مش الرقص بس ده البداية واللى بعده هو اللى هيفتحلك طاقة القدر .


طالعته دلال بتحدى واضح فى عينيها: 


_وإن قولت لأ يا متولى، عشان قلبى مش مستريح وحاسه عينيك فيها حاجة عايز تقولها .


ولا اقولهالك أنا بالمفتشر كده، أنا مش هبيع نفسى يا متولى ولو فيها دمى .


فضحك متولى مستهزئا وذكرها بذكرى سيئة تود أن تحميها من ذاكرتها للأبد .


_ لا شريفة يا بت اوى، امال مكنتش شايفك بعينيه اللى هياكلهم الدود دول وقفة مع الواد اللى اسمه محسن تحت بير السلم وزنقك فى الحيطة .


كنتوا بتعملوا ايه؟.


اكيد هتقولى كان بيحطلك قطرة فى عينك صح ..!


بس مهنش عليه أمك اللى راقدة فى سريرها تعرف، وساعتها كانت ماتت فيها .


فلمعت عين دلال بالدموع وقالت بصوت حزين: مهما حلفتلك انى الواد ده كان مستقصدنى فى الريحة والجاية بيعاكسنى ويومها كان مستخبيلى تحت بير السلم وشدنى عشان يبوسنى ولولا أنت جيت فى الوقت المناسب .


متولى بخبث: بس طيب متعيطيش يا قطة وتبوظى الليلة واحنا لسه بنقول يا هادى .


يلا زى الحلوة اسمعى الكلام وروحى غيرى بدلة الرقص دى وإلبسى حاجة كده من الفساتين اللى جبتهملك جوه  وتعالى.


فصاحت دلال بقوة صدمته: قولت لأ يا متولى .


فضيق متولى عينيه بمكر قائلا:


_ طيب براحتك مش هغصب عليكِ بس هطلع من هنا على النيابة عدل لديهم وصلات الأمانة  اللى كتبتهم على الست أمك وهخليها تتحبس وهى فى السن ده .

بس مأظنش هتتحمل ومتخافيش مش هتقعد كتير وتتكل على الله .


فدب فى قلبها الذعر وتفتت إلى أشلاء من الحزن والقهر بسبب ذلك الرجل الذى استغل براءة وطيبة قلب والدتها وامضاها على تلك الإيصالات دون أن تعلم 

وكان المقابل حتى لا يقدمها للنيابة أن أجبرها على العمل فى ذلك النادى الليلى الذى يمتلكه .


فصاحت دلال بحدة فى وجهه: بس ده مكنش اتفقنا.


 اتفقنا انى أرقص بس ومليش دعوة بحاجة تانية .


متولى: ما قولتلك الشىء لزوم الشىء يا قطة .


ها هتروحى تغيرى وتيجى ولا أطلع على النيابة .


فتوترت دلال وشردت فى والدتها المريضة وان أمر كهذا لن تتحمله وهى لن تستطيع العيش بدونها، فهى ليس لها احدا غيرها .


فلم تجد سوى الموافقة ولكنها أيقنت أن هذا سيفتح لها أبواب جهنم ولكن ما عليها أن تفعل وقد سدت فى وجهها كل الطرق وأصبح عنقها فى يد ذلك البغيض وليس لها من مخرج .

يتبع ....


#دلال_والشيخ

الحلقة الثانية

..............

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️ 

كل الأشياء التى تمنيتها لم أحصل عليها، وعشت حياة لم أكن أريدها، فهذا ليس شريك حياتى الذى تمنيته ولا هذا طريقى ولكنى مرغمة فى الإستمرار لإستحالة العودة لما كنت عليه ولا أمل لى فى حياة أفضل .

خواطر شهيرة حمدى الجمال 

..........

كانت شهيرة تغط فى النوم وبجانبها زوجها وابن عمها "سفيان" يطالعها بعينيه التى تمتلىء بالحب.


 فعشقه لها أصبح كالهواء الذى يتنفس به ولا يستطيع العيش بدونها ولكن هناك غصة فى قلبه لا تريد أن تفارقه، لأنه يعلم أنها لا تبادله الشعور وقد تزوجها رغما عنها وحرص كل الحرص أن يعاملها بلطف وحنو وحب حتى أنه وضع قلبه بين يديها تقلبه كيف تشاء لعله يجد يوما وميضا فى عينيها من أجله وتشعره إنها تعشقه مثله، ولكن طال إنتظاره إلى هذا اليوم بل ويزداد كل يوم تمردها على قلبه فتكون كلماتها اللاذعة كخنجر يمزق قلبه ولكنه يعترف إنها رغم من ذلك تؤدى واجباتها كزوجة وأم على أكمل وجه وتطيعه إن طلبها ولكنها تكون معه بلا روح جسدا باردا كالثلج.


 فتُميت قلبه بذلك فى اليوم مئة مرة وتجعله يتسائل ما أفعل أكثر من ذلك ليذوب ذلك القلب القاسي ويحن من أجله قليلا .


أخذ سفيان يداعب خصلاتها المتمردة على وجهها ويزيحها للخلف، ليلمس بشرتها الناعمة كالأطفال بحنو .


 فاستيقظت هى على إثر لمسته وفتحت عينيها بتكاسل لتجده يطالعها بنفس النظرة ونفس الشغف من قبل أن يتزوجها والى الآن  نفس النظرة لم تتغير .

فابتسمت كأى إمراة تعشق الإهتمام وإن كانت لا تحمل فى قلبها مشاعر له،ولكن سرعان ما عادت للعبوس حين نظرت إلى الساعة ووجدتها قد تخطت الثامنة صباحا .


 فاعتدلت قائلة بغضب: سيادتك صاحى فايق وسايبنى نايمة وراح على الولد  باص المدرسة .


احتفظ سفيان بهدوئه رغم النار التى تشتعل بداخله من أسلوبها الحاد فى التعامل قائلا بتروى: إهدى يا شاهى.


الولد نزل فى معاده  وزمانه وصل المدرسة كمان  .


فضيقت شهيرة حاجبيها قائلة بإستفهام : إزاى ومين لبسه وحضر ليه حجته ؟


ابتسم سفيان وقال: آنى بصوت أحمد بدير فى مسرحية ريا وسكينة .


فلم تستطع شهيرة كبت ضحكاتها ، فضحكت على صوته .


فأمسك بيديها يلثمها قائلا بحنو: ايوه كده إضحكى خلى الشمس تنور .


خجلت شهيرة وعاتبت نفسها، لأنه طالما عاملها بحب وحنو ولم يجد منها سوى كل صد .


فهى لا تنسى أبدا إن زواجهم قضى على حلم الجامعة التى كانت تحلم بها بعد أن نجحت فى الثانوية العامة بمجموع يؤهلها لأحد كليات القمة ولكن الزواج كان عقبة ومازال صوت والدتها القاسى فى أذنيها: كفاية علام لغاية كده والبنت فى الأخر ملهاش إلا بيت جوزها .


 داعب سفيان طرف أنفها بخاصته قائلا : يلا نقوم يا جميل ونفرفش عشان ننزل نفطر مع الحاج والحجة تحت .


فاومئت شهيرة برأسها وابتسمت،فهى لم تعترض أبدا على النزول إلى زوجة عمها أو خدمتها لأنها طالما كانت الصدر الحنون لها وأمها الثانية، فهى تعاملها بطيب نفس وحب ولا تفعل معها كما تفعل والدتها ببناتها.

........

شرد الحاج حمدى الجمال وهو على فراش المرض فى شمس بعد أن عنفته زينب وخرجت غاضبة.


وتذكر أول لقائه بها عندما جاءت إلى محل العطارة تطلب وصفة من أجل والدتها المريضة، فانبهر حمدى بجمالها الآخاذ وبشرتها البيضاء وخصلات شعرها البنية التى تظهر من حجابها ،فظل يحدق بها للحظات فاكتسى وجهها بحمرة الخجل واخفضت رأسها .


 فقال بتودد: بس كده عيونى، ليعطيها ما أرادت فشكرته وذهبت مسرعة.


 فخفق قلب حمدى وتتبعتها عيناه إلى أن أختفت  وحدث نفسه: ايه ما تثبت يا حمدى مالك مش على بعضك كده .!


هى أول مرة تشوف وحدة حلوة، ما الستات داخلة طالعة المحل على كل لون .


ثم استرسل قائلا: بس لا دى مختلفة وعينيها كده فيها حاجة غريبة شدتنى ليها، يا ترى هشوفها تانى ولا .


لتمر بضعة أيام كان يتلهف بها لرؤيتها مجددا، حتى رآها تدلف إليه وعلى وجهها ابتسامة أذابت قلبه قائلة:


_ أنا جيت أشكرك وأوصلك دعوات أمى اللى بتدعيلك عشان الوصفة جابت نتيجة .


طالعها حمدى بإعجاب قائلا: لا شكرا على واجب يا انسه .


- شمس، إسمى شمس .

قالتها شمس بخجل .


حمدى: عاشت الأسامى يا ست البنات.


شمس بخجل: طيب استأذن أنا عشان أمى مستنيانى.


وبينما كانت تهم بالمغادرة، وجدت طفل صغير يسرع إليها بوجه مكفهر وشفاه مرتعشة قائلا: إلحقى يا شمس،البيت بتعكم ،وقع على اللى فيه .


فصرخت شمس: أمى، أمى وأسرعت نحو منزلها .


فتجهمت ملامح حمدى وشقت صراختها صدره، فسارع من ورائها ليكون بجانبها .


وقفت شمس تبكى وهى ترى منزلها أمامها قد تساوى بالأرض فى غمضة عين وصرخت قائلة: 


_يارتنى ما كنت سبتك ومشيت، وكنت أموت معاكِ يا يمّا، هروح فين دلوقتى وأنا مليش غيرك .


تمزق قلب حمدى وهو يراها على هذا النحو وود لو أقترب منها وضمها لصدره ويقول: أنا هنا معاكِ وجمبك ومش هسيبك أبدا .


وكل ما إستطاع قوله: وحدى الله يا شمس دى أعمار وهدى نفسك كده، وشوفى عايزة ايه وأنا معاكِ فى كل حاجة تطلبيها.


فنظرت له نظرة إمتنان حزينة، وأخذت  تفكر ما ستفعل الأن بعد أن خسرت أمانها الوحيد وأين ستذهب فهى ليس لديها أحد تتلجىء إليه وليس معها أموال لتستأجر اى مكان فهل سيكون الشارع هو مصيرها ..؟؟

.........

كانت دلال تسير بخطى سلحفية إلى هذا الرجل البغيض الذى ينتظرها وعينيه تحدقها برغبة وتفتـ.رس كل إنش فى جسدها.


 وودت لو وضعت أناملها فى عينيه لتصيبه بالعمى لتتخلص من قبح نظراته إليها.


ومتولى من ورائها يدفعها للسير إليه عنوة حتى أجلسها معه على نفس الطاولة.


ثم غمزه متولى قائلا بصوت يشبه فحيح الأفعى: تؤمر بحاجة تانية يا سليم بيه .


فابتسم سليم وأخرج من محفظتة مبلغ ألفين جنيه وأعطاهم له، ودلال تنظر إليهم بتيه وسرت فى جسدها قشعريرة والخوف تملك منها بعد أن أدركت أن هذا الشيطان قد باعها وأستلم الثمن وما أزهده.


لذا وقفت سريعا  استعدادا منها للهرب من ذلك المصير الأسود الذى ينتظرها، ولكن وجدت يد متولى تقبض على رسغها بقوة ألمتها قائلا وجمرات النار تخرج من عينيه: 


_اقعدى يا دلال، واسمعى كلام البيه وريحيه وإلا هتباتى أنتِ وأمك فى السجن الليلة ..


مزقت كلماته قلب دلال وأنّ من الألم وغامت عينيها بسحابة من الدموع وأركت أنها على حافة الهاوية ولا طريق للرجوع، فجلست لتجد هذا الرجل البغيض يقول: 


_ بقول إيه رئيك يا حلوة لو نكمل السهرة بتاعتنا فى البيت بدل الدوشة دى .


ثم أخذ يتفرسها بعينان تود لو أن تلتهما فى الحال وتابع:


_عشان نفسى كمان ترقصيلى لوحدى .


فهمست دلال: إلهى يقر.صك تعبان وينهـ.ش لحمك .


ـ وبعدين أعمل ايه فى المصيبة دى، ثم فجأة تبدلت ملامحها للإرتياح وابتسمت بمكر عندما تذكرت أن معها تلك الحبوب التى كتبها الطبيب لوالدتها لكى تساعدها على النوم .


فقالت: ايوه هى دى، يلا ابن حلال ويستاهل .


ليتفاجىء بها تقف مبتسمة رغم النيران التى تأكلها من الداخل وارتجاف جسدها من الخوف:


_ يلا يا باشا، أنا كمان فعلا مصدعة اوى .


ثم تابعت بمكر: بس يا باشا الرقص الخصوصى ده ليه مصاريف تانية عشان يكون فى علمك يعنى.


فوقف سليم مبتهجا وأشار إلى عينيه: عيونى ليكى يا قمر أنتِ .

يلا بينا ..


لتتقدم معه بقلب مرتجف تخشى أن لا تؤثر به تلك الحبوب المنومة أو يراها وهى تضعها فتكون نهايته على يده .


ولكنها رغم ما تفعله لم تجد سوى الله فرفعت عينيها للسماء تناجيه وتطلب منه العون والنجاة ، لأنها مرغمة ولم تود يوما أن تسلك هذا الطريق .

...........

لم تتحمل زينب هدوء حمدى عندما واجهته بغريمتها التى استطاعت أن تصل إلى قلبه دونها وتركته غاضبة عندما لاحظت شروده وأيقنت أنه مازال يذكرها ويفكر بها حتى بعد مضى كل تلك السنوات لم ينساها أبدا .


ولم تجد غير ابنها شفيق الذى أشربته من كأس الكره والحقد نحو أبيه وأخيه طوال تلك السنوات الماضية ، فنشأ على كرههم وكل يوم يتمنى أن تدرك أبيه الوفاة ليرثه .


فوجدها تقتحم عليه الغرفة وهو نائم وأغلقت الباب خلفها بقوة أفزعته ليستيقظ مذعورا قائلا: فيه إيه حصل يا حجة .


ده انا مصدقت عينى غفلت وقولت محدش يصحينى .


تجافلت زينب عما يقوله ولم تنتبه له ثم اقتربت منه وجلست بجانبه على التخت قائلة بصوت نارى كالتى تحمله فى قلبها ولم تطفئه السنين بعد:


_ بقولك ايه يا شفيق، اسمعنى كويس اوى وافهم أنا عايزة أقولك ايه وبعدين شور عليه أعمل ايه عشان أنا مش عارفة أفكر كويس وكل اللى بفكر فيه انى أنتقـ.م وبس .


ومفيش غيرك يساعدنى عشان أنا عارفة أخوك لا ايه فى الطور ولا الطحين وماشى ورا مراته .

لكن أنت اللى راجل وشبه أمك .


طالعها شفيق بتعجب وقال بفضول وترقب: هو إيه الحكاية يا حجة ؟


- ومالك شكلك زعلان كده، قولى مين مزعلك وانا أحط راسه تحت رجلى .


ابتسمت زينب وقالت بإمتنان: ربنا يخليك ليه يا حبيبى .


ثم بدئت تقص له ما حدث من والده وزواجه عليها من شمس وانجابه منها أحمد اخوه وشفيق يستمع إليها بإهتمام وتعابير وجهه تزداد قتامة شيئا فشيئا .


حتى صرخ بقوله: يعنى ايه أحمد ده مش إبنك، وابن الحية اللى خدت أبويا منك.


ـ وإزاى سكتى عن الموضوع ده يا ماما، وإزاى قبلتى تربيه وسطنا وهو ابن عدوتك، وبدال هو ابن عدوتك فهو من النهاردة مش اخويا، هو عدوى .


فضيقت زينب عينيها وقالت بشر: وهو ده اللى عايزاه يا ابن بطنى وعايزة أشوفك هتعمل معاه إيه ..؟


عايزة أشوفه بيتوجع زى أمه ما وجعتنى زمان، عايزاك تحـ.رق قلبه زى ما قلبى أتحـ.رق .


ـ والأهم من كده الورث مش عايزاه يطول ولا مليم من فلوس أبوك اللى أصلها فلوس أبويا أنا، وأنت واخوك أولى بيها لكن هو ملهوش حق .


فاومأ شفيق برأسه مؤكدا بسواد قلبه: ايوه ملوش ياخد مليم أحمر .

.......

مازال حمدى فى شروده فى شمس .


فهو لازمها طيلة اليوم حتى استطاعوا إخراج جثـ.ة والدتها من تحت الهدم ثم دفنها، وكان بجانبها يؤازرها ويتمسك بها كلما أنهار جسدها ولم تستطع الصمود والوقوف على قدميها من شدة الحزن، فما أصعب الفراق .


وهنا أدرك حمدى إنها منذ اليوم أصبحت تعنى له الكثير ومسئولة عنه ولن يتركها أبدا .


حتى انتصف الليل عليهما، فطالعته شمس بعينين يملؤها الحزن ولكنها أرغمت لسانها على شكره قائلة:


_ أنا مش عارفة أشكرك إزاى على اللى عملته معايا.


 وأظن الوقت أتأخر وحضرتك لازم تروح لبيتك وأولادك .


أما أنا فمش عارفة صراحة أعمل إيه وأروح فين .! 


بس هدور على أى مسجد يكون مفتوح أبات فيه لغاية ما أفكر أعمل إيه .


 صُدم حمدى من قولها  فاعترض غاضبا: ازاى ده يحصل  وتأمنى منين محدش يشوفك ويطلع يضايقك .


ثم أستطرد بإقناع:


_بصى أنا عندى شقة فى الموسكى، كنت واخدها عشان أريح دماغى فيها حبتين من الهم اللى عندى فى البيت .


فإيه رئيك تيجى تنوريها وتعتبريها شقتك .


فتبدلت ملامح شمس لأخرى غاضبة وقالت بوجه منكمش وصوت غليظ:


_ لا انت فكرنى عشان بنت يتيمة ومليش حد، هتقدر تضحك عليه وتاخدنى شقتك .


لا اصحى أنا عندى أموت ومفرطش فى نفسى أبدا .

ويلا طريق السلامة وحلو اوى لحد كده .


ثم استدارت لتغادر ولكن وجدت من يمسك رسغها بقوة قائلا: 


_استهدى بالله يا بنت الناس، أنتِ افتكرتى ايه بس .


أنا مش وحش على فكرة وكمان صعيدى يعنى دمى حر ومقبلش أبدا بلى جه فى دماغك ده .


ده غير انى عندى بنت، فلازم أفكر مية مرة قبل ما أعمل حاجة ممكن تترد فى بنتى .


أنا بس هوصلك الشقة وأديكِ المفتاح وتدخلى وعشان تتطمنى اكتر تقفلى وراكِ بالمفتاح .


وعلى فكرة البيت ده مفهوش حد غير الست صاحبة البيت" حاجة فوزية" وشقتين بتوع عيالها مقفولين عشان مسافرين .


وهى ست كويسة اوى هتحبيها وتتونسى بيها .


فرأت شمس فى عينيه الصدق، فحركت رأسها بخجل قائلة: إذ كان كده ماشى .


فابتسم حمدى قائلا: يلا بينا .

...........


ولجت دلال مع سليم إلى شقته بخطى سُلحفية ترتجف من الخوف كلما اقترب منها هذا البائس.


وظهر هذا على ملامحها فلاحظ سليم فقال له مطمئنا: مالك يا قمر ؟


شكلك خايفة منى..!!


 بس متخافيش مش هتلاقى واحد حنين عليكِ قدى ولو عجبتينى ودخلتى مزاجى اوعدك إنى هخليكِ أسعد واحدة فى الدنيا وهجبلك كل اللى بتتمنيه .


ثم اختطف قبلة من وجنتيها قائلا: 


_معلش تصبيرة كده عقبال ما أدخل أخد دش وأروق نفسى عشان خاطرك يا جميل .


وأنتِ خد راحتك فى الشقة خالص، اعتبريها بيتك .


اومئت دلال برأسها وخطر على بالها فكرة أن تهرب سريعا عندما يلج هو إلى المرحاض ولكنه كان أذكى منها وأغلق الباب بالمفتاح ووضعه فى جيب بنطاله وغمز له قائلا:


_ عشان متهربيش منى يا قطة، ده أنا دافع كتير ولسه هدفع .


ثم تركها وأخذت هى تدور حولها كثيرا لتستكشف المكان وتعلم أين مكان المطبخ لتعد له بعضا من العصير تضع بداخله تلك الحبوب المنومة .


ثم خرجت به وقامت بتشغيل التلفاز على أحد القنوات الأغانى الصاخبة فى غرفة النوم  وبدئت تتمايل وترقص حتى تلهيه عما ينوى فعله قليلا..


ودق قلبها بشدها عندما وجدته أمامها يطالعها بنظراته المفترسة، فدفعته برفق قائلة بدلال: 


_اقعد يلا واتفرج عليه .


فجلس سليم بحواس منتبهة لكل حركة تفعلها تأخذ بلب عقله وكلما حاول الوقوف ليقترب منها، جعلته يشرب شرفة من العصير وهى تطلق ضحكاتها الرنانة: شكلك عطشان أشرب .


فشرب منه قائلا: أنا عطشان أشرب من نهر حبك يا دلال .


فأجابته: لما اخلص الرقصة عشان الأغنية دى داخلة دماغى .


فجلس ينتظر بفارغ الصبر، حتى شعر بثقل رأسه وهاجمه سواد أمام عينيه وبدء يترنح حتى سقط نائما على التخت .


فتوقفت وتنهدت بإرتياح وأسرعت إلى المرحاض تفتش عن المفتاح حتى وجدته، ثم خرجت وحاولت أن تخلع عن سليم قميصه وبنطاله لتجعله يظن أنه فعل ما كان يريد منها .


ثم كتبت له ورقة لتؤكد ( ما قبلتش راجل زيك بالقوة والحب ده كله، هتوحشنى يا سلومتى ، معلش اضطريت إمشى وسبتك نايم عشان مزعجكش ) .


ثم فرت هاربة سريعا قبل أن يستفيق وأسرعت إلى الشارع .


وبينما هى تركض رأت مجموعة من الرجال يحاوطون رجل أعزل .


 وكل واحد منهما يضربه فى  أحد أجزاء جسده المختلفة وكلما حاول الدفاع عن نفسه وجد أحد منهم يركله بقسوة صرخ على إثرها ثم سقط على ركبتيه، فقام أحدهم وانهال على رأسه ضربا حتى تفجـ.رت الد.ماء من رأسه واغشى عليه .


وعندما أراد واحدا منهم الإجهاز عليه ليلقى مصـ.رعه، وجد يدا منهم تمسك برسغه قائلا:


_ المعلم قال نعلم عليه ونعلمه الأدب، لكن ميموتش، فكفاية كده يا رجالة ويلا نهرب قبل ما حد يحس بينا .


ليسرعوا بعد ذلك إلى وجهتهم، تاركين أحمد غارقا فى دماؤه .


شاهدت دلال ما يحدث  بعين متسعة خائفة وارتجف جسدها و خفق قلبها متألما  من  منظر الدماء وسقوط هذا الرجل من أيديهم كخرقة بالية داسوا عليها بأقدامهم دون رحمة .


 أرادت دلال أن تصرخ بعد أن تمزق قلبها لأجله ولكنها كتمت شهقاتها حتى لا يلاحظها أحدهم فيصيبها منهم ما أصابه بل وأكثر .


وأخذت تسبهم وتعلنهم: 

_اه يا كلاب متشطرين على واحد كلكوا ، اه ياما نفسى كنت أكون راجل كنت يمكن قدرت أدافع عن الغلبان ده ويمكن مكنش ده حالى والكل طمعان فيه. 


ثم وجدتهم يركضون كلا واحد منهم خلف الآخر فتنهدت بإرتياح قليلا ولكن هاجمها الخوف عندما خشيت أن يكونوا تركوه بعد أن فارق الحياة.


فتقدمت منه بخطى سلحفية خائفة رويدا رويدا، ثم وضعت يدها على قلبها وهى  ترى الد.ماء تنهمر من رأسه فتلطخ بشرته البيضاء .


فشعرت بنار تأكل احشاؤها قائلة: مش حرام جدع حليوة كده ولسه صغير يروح بلوشى، منكم لله يا بعدة .


ثم انحنت بجذعها إليه، لتختبر قلبه هل مازال يتنفس ام مات .


وعندما شعرت بانفاسه، ابتسمت قائلة: يا دين النبى، الراجل لسه فيه الروح، بس اعمل ايه معاه، هنقذه ازاى ده، ده عايز يتشال وأنا شايلة نفسى بالعافية .


طيب أعمل ايه اسيبه كده بدل ما أدخل فى سين وجيم وامشى .


لا مقدرش، طيب اعمل ايه مفيش قدامى غير انى استنجد بحد، عشان عارفة لو اتصلت بالأسعاف عقبال ما يجوا هيكون الراجل مات وشبع موت.


لذا أخذت تركض يمينا ويسارا لعلها تلمح أحد ينقذ هذا الرجل .


حتى وجدت سيارة تقطع الطريق، فاستوقفتها وأخذت تضرب على نافذتها الزجاجية بلهفة وعندما فتح الرجل النافذة طالعها بفضول مستفهما: فيه إيه عايزة ايه؟


فلمعت عينيها بالدموع ووجدت نفسها تقول دون شعور، إلحقنى يا بيه هجموا على جوزى شوية بلطجية وهيموت منى، ولازم يروح المستشفى حالا ومش قادرة اشيله.


أرجوك يا بيه تنقذه، ينوبك ثواب .


فصمت الرجل للحظات، لأن الموقف صعب وقد يحاسب عليه، فظهر على وجهه التردد وكاد أن يرفض، فرأت دلال ذلك على وجهه فقالت: 


_أنا عارفة اللى بتفكر بيه يا بيه وعندك حق، بس أنا مش عايزة غير توصلنى على عتبة المستشفى وتمشى أنت بالف سلامة، مش عايزة اكتر من كده .


أرجوك يا بيه ربنا ما يوقعك فى ضيقة أبدا .


وهنا أشفق عليها الرجل فقال : شكلك بتحبيه اوى، ربنا يشفيه .


لامس قلبها تلك الكلمة وحدثت نفسها: حب .!


يعنى ايه حب..!!


 أنا معرفهوش ومعشتهوش ومش عايزة أجربه .


الحب ده اللى خلى أمى تقع تحت ايدين الظالم متولى وتسمع كلامه لغاية ما دمرها  واخد تحويشة عمرها عشان يعمل الكباريه ده لغاية ما جبلها المرض وآخرها بيشغلنى معاه غصب .


لا أنا مش عايزة أحب ، الحب ضعف وأما محبش أكون ضعيفة أبدا ، عايزة أكون قوية عشان أقدر أقف قدام اى حد يوقف قصادى .


هو فين جوزك ده.؟

سؤال سئله الرجل ليخرجها من شرودها، فسارعت بالقول:


قدام هنا يا باشا فى الشارع ده .


تعال ورايا، فتبعها بالسيارة حيث مكانه وعندما رأه على هذا النحو قال بحزن: 


لا حول ولا قوه الا بالله.


ثم انحنى ظهره ليحمله إلى سيارته وساعدته دلال، ثم توجه إلى سيارته وانطلق به نحو المستشفى.


وعندما وصل به حمله إلى داخل المستشفى ، فصرخت دلال قائلة:


 حد يلحقنى جوزى بيموت منى يا ناس .


فسمعها أحد الأطباء وقال: دخلوه حالا أوضة الكشف اشوفه.


فحمله هذا الرجل إلى غرفة الكشف ثم همس إلى دلال: 

أظن عملت اللى عليه أنا، استأذنك إمشى وربنا يشفيه ويخليكوا لبعض .


طالعته دلال بإمتنان قائلة: طريق السلامة، شكرا لحضرتك.


فغادر سريعا الى وجهته وانتظرت هى بجانب أحمد تطالعه بحزن، والطبيب يتابع حالته محاولا السيطرة على نزيف رأسه .


حتى انتهى واستدار إليها قائلا: الحمد لله إنه جه فى الوقت المناسب لو غاب اكتر من كده كان ممكن يروح فيها بسبب الدم اللى نزفه ده كله.


تمتمت دلال: الحمد لله.


بس هو هيفوق امتى يا دكتور ؟


الطبيب : هيفوق بعد ما يتغذى بالمحلول ان شاء الله ، لكن لو مجبش نتيجة هنضطر ندخله عناية مركزة وننقل ليه دم .


دلال بإستنكار: لا عناية ايه ان شاء الله يفوق .


الطبيب: باذن الله، طيب أنا هروح أشوف شغلى وشوية اعدى عليه اتابع حالته عشان أقرر الخطوة الجاية .


وانتِ إقعدى جمبه ولو فيه أى شىء غريب او تدهورت حالته، خليهم يبلغونى .


اومئت دلال برأسها، ثم غادر الطبيب وجلست بجانب أحمد تحدق به كثيرا وكأنها تحفظ ملامحه .


وتسائلت: يا ترى انت مين وايه حكايتك وليه الناس دى عملوا فيك كده .؟


ثم مر الوقت وشعرت دلال بالنعاس وثقلت عليها جفونها، فأغلقتها حتى نامت وهى جالسة .


أما احمد فبدء استعادة وعيه تدريجيا محاولا أن يفتح عينيها، ثم نظر إلى سقف الغرفة وتسائل: هو أنا فين..؟


 ثم شعر بألم يفتك رأسه وعندما حاول أن يلمسها بيديه، وكان فى ذلك الوقت الممرضة قد حضرت لمتابعة المحلول فقالت بصوت أيقظ دلال: لا متلمسش الجرح عشان متتعبش يا استاذ، غلط كده .


فهميه يا مدام، مش حضرتك مراته برده ..!!


فتلون وجه دلال بحمرة الحرج فما عساها أن تقول فأكدت: ايوه مراته يا حبيبتى .


فاتسعت عين أحمد وهو ينظر إليها بإستنكار قائلا: مراتى ..!!

يتبع .....

يارب تكون الحلقة عجبتكم وبتمنى تفاعل اكتر عليها عشان استمر .


نختم بدعاء جميل ❤️ 

اللهم اسئلك قبل الموت توبة وعند الموت شهاده وبعد الموت جنة ونعيما 


 روايات شيماء سعيد ❤️ ام فاطمة


#دلال_والشيخ

الحلقة الثالثة 

.........

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️ 

ربما صدفة تغير مجرى حياتك إلى الأبد، فادعوا الله دائما أن يغير حالك إلى أحسن حال .

.............

مازال حمدى فى شروده حين اصطحب شمس إلى شقته فى ذلك البيت القديم فى أحد الأحياء القديمة.


وقف حمدى معها أمام الشقة وفتح لها الباب، أما هى فتسارعات نبضات قلبها خوفا مما قد يحدث وتسائلت حتى ولو كان لا يريد بها شرا ولكن لكل شىء ثمن، فلاشىء فى حياتنا تلك يقدم مجانى إلا رحمة الله عز وجل بنا .


لاحظ حمدى توتر شمس  وارتجاف جسدها وتبدل تعبيرات وجهها للخوف، فتفهم شعورها وأراد أن يطمئنها قائلا:


_ يلا يا ست البنات إمسكى مفتاحك اهو وادخلى وإقفلى عليكِ كويس .


بالكاد استطاعت دلال رفع ذراعها إليه لتلتقط المفتاح ولكنها شعرت بثقل قدميها وكأنها لا تستطيع حملها لما يغزو قلبها من خوف مسيطر عليها ليس من حمدى فحسب ولكن من وجودها فى تلك الشقة بمفردها .


 فهى لم تنم بمفردها مطلقا بل كانت دوما بصحبة والدتها .


لذا حاولت اخراج كلماتها المتحجرة فى جوفها بصعوبة قائلة: 

_ بس يعنى أنا صراحة خايفة أبات لوحدى من غير أمى الله يرحمها.


قالت كلمتها تلك وكأنها أذنت لدموعها أن تنجرف كالسيل على وجهها حتى بللت ملابسها .


فتألم حمدى ومزقت قلبه تلك الدموع وود لو أن يحتضنها ويقول لها ليطمئنها "أنا جمبك متخفيش"


ولكنه لا يستطيع فعل ذلك حتى لا تفهم تصرفه خطأ وأنه يفعل ذلك لشيئا ما فى نفسه .


لذا حاول أن يبث فى قلبها الطمأنينة قائلا:

_ متخافيش يا شمس، وأول ما تدخلى شغلى القرآن على قناة القران الكريم هتلاقى قلبك إرتاح، وكمان المنطقة هنا فيها روح وناس كتير ودبة النملة بتسّمع ولولا أن الوقت متأخر والحاجة فوزية زمانها نامت كنت خبطت عليها وخلتها تبات معاكِ .


فحركت شمس رأسها بإيماءة ولكن مازال الخوف يغلب عليها، ولكنها تقدمت للداخل ثم استدارت لتراه مازال واقفا عند الباب، فطالعته بنظرة استفهامية .


فأجابها دون أن تسئل: صراحة مش قادر أسيبك قبل ما أطمن أن خلاص هديتى والخوف راح منك .


فابتسمت شمس لحنو هذا الرجل الغريب عنها، رغم أن أقرب الأقربين قد تخلى عنها وهى صغيرة .


فقد طلق والدها والدتها منذ أن كانت فى المهد لإنه تزوجها رغما عنه وتزوج حبيبته وتركها ولم يسئل عنها ولا يعرف عنها شيئا وقامت والدتها بتربيتها مفردها .


ثم تذكر حمدى شيئا فصاح قائلا: صح أنا هسيبك حالا هنزل أجبلك حجات للتلاجة، ده أنتِ مكلتيش من صبحية ربنا .


وبالفعل تركها ليبتاع لها ما يلزمها وعاد إليها فوجد الباب مازال مفتوح وهى تجلس أمامه على أحد الأرائك فابتسم لتلك الطفلة فى هيئة فتاة كاملة الأنوثة .


فولج للداخل قليلا ووضع ما يحمله على المنضدة ثم إستدار وطالعها بشغف فهى جميلة جدا رغم الحزن الذى يملىء عينيها. 


وقال: انا همشى دلوقتى، وزى مقولتلك متخافيش وإقفلى على نفسك كويس وشغلى القرآن ومن النجمة هكون عندك هاجى ومعايا الحاجة فوزية .


ثم تركها وغادر ولكن اندلع فى قلبه الخوف عليها من أن يتركها بمفردها ولكن ما عليه أن يفعل لذا تركها لله قائلا: 

_يارب استودعتك إياها وانت خير الحافظين .


ثم نظر إلى ساعته فوجدها الواحدة بعد منتصف الليل، فضرب جبهته بيده قائلا بملل:


_ يادى اليوم اللى مش هيعدى بسهولة.


وزينب هانم هتفتحهالى محضر، كنت فين واتأخرت ليه ومش هخلص منها .


بس فعلا هقولها ايه، دى لو عرفت هتفتح عليا نار جهنم، وممكن تإذى شمس، وعشان كده لازم متعرفش اى حاجة، واتحجج لها بأى طريقة .

........

من أنتِ ايتها الفاتنة

كيف تجرئتى ودخلتى لمحرابى

ابتعدى عنى فأنا راهب 

وهبت نفسى لله وأغلقت قلبى 

ولا سبيل للعشق فى قامو

......

رفع أحمد رأسه قليلا لينظر إلى تلك المرأة التى تدعى إنها زوجته بعين مشوشة قليلا بسبب ألم جرح رأسه.


 ولكن سرعان ما حدق بها ليتأكد من ملامحها فوجدها فتاة جميلة ولكن زينت وجهها بكثير من أدوات التجميل فأصبحت كما يسمى عروسة المولد، واتسعت عيناها بصدمة عندما رأى ملابسها الملتصقة بجسدها وقد برزت منه مفاتنها ،  وما زاد غضبه شعرها المسترسل على ظهرها الذى يتمايل مع الهواء .


فأطلق زفيرا غاضبا محتنقا جعل عينيه تتلون بالحمرة وتطلق شرارا مما أذهل دلال وتسلل الخوف إلى قلبها من نظرته الغاضبة تلك، فهى أول مرة ينظر أحد إليها هكذا بإحتقار وغضب، بل كانت دوما نظرة الإعجاب حليفها فى كل موقف .


ثم وجدته يلتفت برأسه إلى الجهة الأخرى قائلا بهسيس غاضب: 


_ممكن اعرف أنتِ مين؟ وليه بتقولى انك مراتى وأنا معرفكيش أصلا .


ويستحيل أعرف وحدة زيك متبرجة، تفتن كل من ينظر إليها ، ألا تستحى من الله.


فأعادت دلال على مسماعها كلماته ورددتها بفتور: متبرجة وبفتن واستحى ..!!


هو ليه حاسه إنى بسمع خطبة الجمعة،هو إحنا فى مسجد يا أستاذ ولا ايه وبتدينى درس .


ده بدل ما تشكرنى إنى أنقذت حياتك، تروح تبصلى كده وبعدين تبعد وشك عنى، دى أخرتها ..!!


ثم وقفت غاضبة  تلوح بيديها فى الهواء وصاحت بإنفعال:  أنا غلطانة.


_يارتنى كنت سبتك فى الشارع تموت ، إنسان معندكش ذوق بصحيح .


_ على العموم  أنا ماشية وأريحك من خلقتى خالص 


قال متبرجة قال وأبصر ايه .


ولكنها عندما تقدمت خطوة وجدت ممرضة أخرى قد ولجت إليه من أجل قياس الضغط ولكنها كانت تحدق به بإعجاب وتكاد تلتصق به، وسئلته بإعجاب هو أنت إسمك ايه؟


أثار ذلك حفيظة دلال ولم تعلم لم شعرت بنـ.ار هوجاء فى جوفها تشـ.تعل بداخلها  لإقترابه منه لهذا لحد.


رغم أنها لاحظت إحراجه وقطرات العرق التى تناثرت على وجهه مع ضم حاجبيه، ثم محاولته الإبتعاد عنها بقدر الإمكان .


لتجد نفسها تنفجر غاضبة بها: هو أنتِ يا حبيبتي بتقيسى  الضغط ولا بتجبيه للى قدامك.


ما تبعدى عن الراجل شوية خليه يتنفس وتحترمى خيال المآتة الواقفة قدامك دى .


 ارتبكت الممرضة وشعرت  بالحرج واهتزت شفتيها قائلة: 


_هو حضرتك تقربيله..؟


داعبت دلال خصلات شعرها وحدقتها بغضب وقالت باستهزاء :


_اه قرابة من بعيد كده، ثم حركت شفتيها باستهجان وتابعت: أنا مراته يا حبيبتى.


برق أحمد عينيه عند سماعه لكلماتها الجريئة، فاكفهر وجه وأصبح كقنـ.بلة أوشكت على الإنفـ.جار ولكنه تماسك من أجل شىء واحد ، إنها لها فضل عليه بعد أن قامت بإنقاذه.


لذا تماسك حتى تنصرف الممرضة الذى أصبح وجهها من الحرج  أحمرا بلون الدم الذى انفـ.جر بداخلها .

لتغادر غاضبة.


بينما ألتفت أحمد إلى دلال، وأخذت عينيه الرمادية تحدقها بغضب وهى تطالعه برهبة بعد أن توقعت انفجـ.اره .


وبالفعل هدر دون شعور بكلمات هوجاء غاضبة: أنتِ شكلك مجنونة يا بت أنتِ، قال مراتى قالت..!!

هو أنا اتجوز وحدة زيك برده ..


أصابت كلمته تلك قلب دلال فى مقـظتل فتألمت ولمعت عينيها بالدموع ولكنها حاولت الثبات وقدمت كبريائها وقالت بثقة:


_ هو أنت اللى تطول تجوز واحدة زييى، ده أنا اللى مقبلش اتجوز واحد معقد زيك، أعوذ بالله منك ومن حلاوتك يا شيخ .


كاد احمد أن يبتسم لكلمتها العفوية ولكن منع ابتسامته بأعجوبة ورسم على وجهه الجمود قائلا:


_ على العموم أنا بشكرك يا أنسة على اللى عملتيه معايا، وتقدرى تتفضلى دلوقتى عشان  متتأخريش عن اهلك ويقلقوا عليكِ .


_أنت بتطردنى..!

هكذا نطقتها دلال بحزن، فهى لا تعلم سبب تلك الراحة التى شعرت بها بوجودها بجانبه، وذلك الشعور الغريب الذى ينمو بداخلها ويحدثها أن لا تفارقه .


شعر بمدى حزنها فى كلمتها تلك  التى أحرقت قلبه، فهو لم يتعود قط أن يأذى احدا ولو بكلمة.


 ولكن لا يعلم لما لا يستطيع السيطرة على غضبه أمامها، فهو أول مرة يتعامل مع فتاة غير محجبة وفاتنة مثلها .


فهو دائما يبعد عن أى شىء يكون خطرا على قلبه ويتجنب الفتن بقدر المستطاع حتى لا يؤذى لو يتأذى.


فحمحم أحمد بحرج وقال ببرائته المعهودة: صدقينى مش قصدى، بس شايف إنه ملهوش لزوم قعدتك كده، وأكيد ليكِ أهل مش عايزهم يقلقوا عليكِ.


أهل ..!


هكذا نطقتها دلال ساخرة ثم تابعت: لو كان ليه أهل مكنش ده بقه حالى .


ثم أخرجت تنهيدة حارة من جوفها قائلة: بس أنت عندك حق، أنا لازم أرجع لأمى عشان أديها علاجها فى معاده .


بس ادعيلى أنت ربنا يخسف الأرض بأى حد يحاول يأذينى .


لمس أحمد فى كلماتها جروح وشقوق فى صدرها فتألم من أجلها وقال بنصح: 


_مهو للأسف طول ما أنتِ بهيئتك ولبسك ده وشعرك ، وألوان الطيف اللى رسماها على وشك لازم تتأذى من عيون الناس اللى مبترحمش ..


فاسترى نفسك عشان ربنا يسترك، اعتبريها نصيحة من أخوكِ.


_لا أنت جوزى مش اخويا، قالتها دلال لتثير تحفظه.


فتلون وجه احمد وصك على أسنانه بغيظ ثم صاح:


 _أنتِ صدقتى نفسك ولا ايه..!


أقولك خليكِ أنتِ قاعدة هنا يمكن يعلجلولك دماغك الخربانة دى، وأنا اللى همشى .


ثم حاول الإعتدال من نومته والجلوس استعدادا للمغادرة .


ولكنه شعر بثقل رأسه وتألم وسقط برأسه مرة أخرى متأوها: اااه.


فأوجعها تألمه فوجدت نفسها تسرع إليه قائلة:

_شوفت حصلك ايه عشان متعرضش على  كلمتى بعد كده وتبطل لسانك الحلو ده قصدى الوحش عشان أنت مش عارف ظروفى.


وهات إيدك أعدلك زى بعضه، وعندما حاولت لمس يده، سرت قشعريرة فى جسد أحمد كأنه أصابه مس كهربائى وتلون وجهه بالحمرة حرجا وأخذ يردد: استغفر الله، استغفر الله.


متلمسنيش الله يكرمك، كفايا عليه الوجع اللى أنا فيه، أنا مش ناقص .

...........

جلست سلمى صديقة أسماء فى غرفتها شاردة فى هذا الفارس الذى أعجبت به من أول وهلة، فقد اختطف قلبها من مجرد نظرة فكيف إن قابلته وجها لوجه وسمعت صوته العذب عندما يحدثها ولكن سرعان ما تذكرت أسماء فتبدلت تعابير ملامحها للغضب والحقد أيضا قائلة:

_ يعنى بت الجمال دى عايزة تاخد كل حاجة مال وجمال وكمان راجل مفهوش غلطة وهيبقى دكتور، لا مش هيحصل وهيكون من نصيبى أنا .


ياااه نفسى تيجى اللحظة دى وأشوف وشها هيكون عامل إزاى .


ايوه لازم أخطفه منها، أنا أولى بيه وهى بجمالها وفلوس أبوها هيجلها كتير غيره، لكن ده يلزمنى .


بس يا ترى هقدر أوصله ازاى ؟


ايوه هعمل زى ابطال الروايات هشيل كتبى وهأقف استناه وأول ما اشوفه همشى قصاده وأعمل مش واخدة بالى، فنخبط فى بعض وهو بقى يقول آسف ويلم الكتب ويرفعه عينه فى عينيا ويحبنى .

يا سلام امتى يحصل ده؟

.......


عودة عن سبب ما حدث لأحمد ..

كانت عين شفيق تطلق شرارا غاضبا وزينب تحدثه عن عن ما فعله والده وزواجه من شمس الذى أثمر عن تلك النبتة الصالحة " احمد " .


فوقف شفيق وقد اشتعلت الدماء فى أوردته قائلا: أحمد ده لازم يموت بس بالبطىء ، يعنى يتعذب زى ما اتعذبتى يا ماما .


ثم التقط هاتفه وحدث أحد العاملين عنده وختم حديثه بقوله : 


_فهمت يا بغل هتعمل ايه، يعنى مش عايزه يموت، عايز يتعلم عليه وينكسـ.ر ويخش الشارع موطى راسه .


العامل: تمام يا شفيق بيه، هنفذ كل اللى حضرتك أمرت بيه .


ثم اغلق الهاتف، فطالعته والدته برضا قائلة: يخليك ليه يا ابنى.


أخيرا هيبقى ليه سند فى الدنيا بدل أبوك اللى طلع حيطة مايلة وكسر بخاطرى .


 قبض شفيق على يده بغضب واستطرد: 


_معش اللى يكسر خاطرك تانى يا غالية، وبكرة تشوفى هذله إزاى لغاية ما يموت أبويا حسرة على دلوعته ابن حبيبة القلب .


بس قوليلى يا حاجة، أنتِ عرفتى ازاى بالجوازة الغبرة دى ولما عرفتى عملتى ايه ؟.


- و الست دى لسه عايشة ولا ماتت وليه ربيتى ابنها، مربتهوش ليه هى وخلصنا من خلقته .


فأخرجت زينب زفيرا حارا من شأنه يحرق الأخضر واليابس وهى تعود بذكرياتها إلى ذلك اليوم المشئوم الذى استطاعت به تلك الحية على حد وصفها أن تسرق منها زوجها .


حين عاد إليها متأخرا على غير عادته وكانت تنتظره بشوق ولهفة ولكن لم تتعدى تلك اللهفة والشوق قلبها.


 لأنها دوما كانت متكبرة لا تفصح عن حبها له أو تعيره اهتمام وتشعره دائما بالنقص وانها هى ووالدها أصحاب الفضل عليه وكل ذلك من أجل أن لا ترفع له قامة ويظل أسيرا لديها وتفرض سيطرتها عليه وهكذا ظنت إنها ضمنت بقاؤه وانتمائه لها ولا تعلم أن ليس على القلب سلطان وان أصبح الجسد أسيرا لكن القلب يأبى إلا أن يكون حرا .


انتظرته زينب كثيرا فى الشرفة وعندما لمحت طيفه هدء قلبها قليلا وأسرعت للداخل وولجت إلى غرفة نومها وكأن شىء لم يحدث ورسمت الجمود على ملامحها .


ثم وجدته يفتح باب الغرفة وأطل برأسه ليرى تعابير وجهها ليعلم مدى غضبها من تأخره ولكنه وجده باردا كالثلج مما أثار قلقه.


فولج للداخل وألقى السلام، فردت زينب السلام بإقتضاب ونظرت إلى عينيه فوجدته يهرب منها، لذا تسلل الشك إلى قلبها،فسئلته بإمتعاض: 


_سبت دكانك وحالك ومالك وروحت فين يا ابن الجمال لحد إنصاص الليالى ؟


زاغت عين حمدى وتجمدت الحروف فى حلقه حتى إستطاع بصعوبة قول:  فيه إيه يا زينب، هو أنتِ عمالى محضر ولا ايه؟


وايه يعنى لما أسيب الدكان شوية للصنايعية وأطلع أشم نفسى شوية على القهوة، كفرت ولا حرام .


فضيقت زينب عينيها ورددت بشك: قهوة يا حمدى..!.


فقال مؤكدا بجمود: اه فيها حاجة دى ..!!


زينب بغيظ: لا إزاى، اللى تشوفه يا حمدى، براحتك خالص .


وأنا أهو هتخمد ساعتين عشان عيالك والمدارس .


فحاول حمدى أن يهدىء من غضبها الذى لم تستطيع اخفاؤه، فجذبها من خصرها حتى اصطدمت بصدره وهمس برغبة:


_ بس أنتِ وحشانى يا زينب.


فرات زينب فى عينيه الرغبة ولكن أعماها الغضب.


 فدفعته بعيدا قائلة بصلابة: أنا مش فايقة وعايزة أنام، وكفاية عليك أنت القهوة .


ثم تركته ونامت غير عابئة بإحتياجه إليها وما سيكلفها هذا بعد ذلك لإنها لم تقدم له الحب والإحتواء الذى ينشده، فذهب للبحث عنه مع أخرى ..

....

عودة للواقع 

كانت هناك أذن تستمع لحديث زينب مع شفيق ومع كل كلمة تخرج منهما، كانت تكفهر ملامح أشجان وتزداد قتامة وغضب من تلك الأفعى وابنها وما يخططان له تجاه أحمد .


فتمتمت بغيظ: ايوه ما هى قلوبكم مليانة حقد على الغلبان اللى مفيش زيه، وأنتِ تستاهلى كل اللى حصلك بسبب أفعالك ربنا ينتقم منك يا شيخة .


ويا ترى يا أحمد عامل ايه دلوقتى، قلبى عليك.


ثم حركت يدها دون انتباه فى الهواء فاصطدمت بالمزهرية فسقطت واحدثت صوتا فانتبه له شفيق وزينب فخرجوا على أثره مفزوعين ليروا تلك الواقفة بقرب الباب تنتفض خوفا .


فصاحت بها زينب بهدر جعلها ترتجف: واقفة عندك بتعملى ايه يا بت.؟


- بتصنتى علينا.!


- دى التربية اللى ربتهالك إبتهال برده .


_بس لو كانت ابتهال معرفتش تربيكِ فأنا هربيكِ يا عديمة الرباية.


لتهاجمها كالو.حش الثائر، وقد عقدت شعرها حول يديها تجذبها منه حتى كاد أن يتمـ.زق فى يديها وانهالت عليها بالسباب والشتائم والدعوات الحـ.ارقة واشجان تصـ.رخ وتستغيث بشفيق: 


_حوشها عنى يا شفيق هتموتنى، حرام عليك .

ده  أنا مراتك وأم عيالك .


ولكن شفيق لم يهتم لكلماتها بل زاد حنقا وغضبا عندما خرجت كلمات أمه المسمومة قائلة:


_ إخرصى يا بت، يعنى أمك معرفتش تربيكِ ولا جوزك قدر عليكِ وليكِ عين تكلمنى .


فغضب شفيق من كلمة والدته الأخيرة فقال: ايه الكلام ده بس يا حجة، أنا برده مقدرش على حتة بت متساوش تعريفة .


فسددت له النظر زينب قائلة بحدة: طيب ورينى يا سبع البرمبة هتعمل ايه فيها عشان تتربى عايزة أشوف الرجولة .


فأومأ شفيق برأسه واحتدت نظراته التى التى خرجت على هيئة حمم بركانية ليقول بغضب جحيمى:


_ عنك أنتِ يا حجة، أنا هعرف أربيها كويس .


كانت كلماته كصاعقة ضربت قلب أشجان وزاد كرهها لها، فأخذ يكيل لها الضـ.ربات والركلات دون رحمة لصـ.رخاتها .


وزينب تنبهه على الحرص ألا تفشى أشجان ما سمعته لأحد، فطمئنها شفيق: 


_متخافيش يا حجة، لو طلعت كلمة واحدة بره، هى عارفة هيحصلها ايه وهتقرء على نفسها الفاتحة.


فأخذت تُتمتم أشجان متألمة بغصة مريرة: حسبى الله ونعم الوكيل.


استمتعت زينب بصراخ أشجان تحت وطأة شفيق ثم قالت: 

أنا نازلة بقا يا شفيق عشان خلاص مراتك صدعتنى، 

ومش هوصيك، أنت عارف .


شفيق: عارف ومتقلقيش يا حجة .

........

عندما ولجت زينب إلى شقتها استمعت لرنين الهاتف وكان الإتصال من ابنتها شهيرة للتطمئن عليها .


رغم قسوة زينب عليها لأنها لا تحب خلفة البنات وودت أن لو كانت ولدا ثالثا ليكون لديها عزوة وسند وعندما جاءت بنت تمعض وجهها وقالت بإحتقان: 


بنت يعنى غم وأرف، ياريتها كانت ماتت فى بطنى .


ولكن زجرها حمدى قائلا: استغفر الله العظيم، حد يقول كده برده، دى البنات نعمة.


أحمدى ربنا على النعمة عشان متزولش من وشك يا زينب .


فحركت شفتيها زينب بإستياء مرددة: غريبة يعنى ده انت حتى أصلك صعيدى ومتحبوش البنات.


فابتسم حمدى ابتسامة لم تغادر شفتيه بتهكم قائلا:


_ ده اللى فكره على قده زيك كده وميعرفش ربنا، لكن بنت ولد كله رزق من عند ربنا وملناش دخل فيه المهم يكونوا صالحين .


أجابت زينب على إتصال شهيرة بجمود: ايوه يا شهيرة، عايزة حاجة؟


أصاب شهيرة غصة مريرة من رد زينب الخالى من اى عاطفة، وتعجبت كيف لزوجة عمها تعاملها بلطف عن والدتها.


فقالت بخفوت: عايزة سلامتك يا ماما، أنا بتصل أطمن عليكِ وعلى بابا هو كويس..؟


فزفرت زينب بضيق وأجابت: أنا كويسة لكن أبوكِ من امبارح هيشتكى تعبان  ونايم فى سريره .


فتجمدت شهيرة وقالت بقلق وخوف على والدها الذى طالما أغدق عليها بحنوه وكأنه يعوضها بسبب قسوة زينب عليها.


_ ماله بابا الف سلامة عليه..؟


زينب بإستياء  عادى متتخلعيش كده، تلاقيهم شوية برد .


شهيرة بتخوف: يا حبيبى يا بابا، أنا مش هطمن غير لما أشوفه بنفسى .


لتغلق الخط وتسرع فى ارتداء ملابسها وكان سفيان فى الأسفل مع والديه يطمئن عليهم قبل أن يغادر لمتابعة عمله فى المصنع .


وعندما نزلت ورآى سفيان على وجهها الحزن، دق قلبه بعنف وأسرع إليها قائلا: مالك يا حبيبتي، شكلك زعلان ليه ولابسه ورايحة على فين ؟.


شهيرة بقلق: بابا تعبان شوية وهروح أطمن عليه، ثم طالعت زوجت عمها برجاء قائلة: 


_معلش يا ماما، لما باص المدرسة يجى بالولد خليه  عندك عقبال ما أرجع .


فاومئت لها ابتهال قائلة ببشاشة وجه: فى عينيه يا بنتى، متقلقيش عليهم. 


أما سليمان فوقف والخوف على أخيه يملىء عينيه قائلا :

_ ألف سلامة على الغالى، خدينى معاكِ يا بتى أطمن على اخويا وحبيبى.


وعندما حاولت شهيرة الرد قاطعها سفيان بقوله: وأنا كمان لازم اروح أطمن على عمى، ربنا يشفيه ويعافيه.


فابتسمت شهيرة له برضا فطالعها هو بحب استوطن قلبه حتى تملك منه وطمئنها بعينيه وهمس:


_ طول عمرى هكون جمبك ومش هسيبك ولو للحظة .


بس امتى قلبك يلين وأحس انك بتحبينى حب حقيقى مش حب عشرة، لانه حب ملوش ملامح مش بيمس القلب .

.........


شىء ما أصاب قلب حمدى جعله يشعر بالقلق على أحمد فشعر بنغزة قوية تجتاح قلبه اوجعته.


 فما كان منه إلا أن إلتقط هاتفه وسارع بالاتصال به.


 فسمع أحمد رنين هاتفه فى جيب بنطاله ولكن لم يستطيع أن يخرجه ليقوم بالرد .


فنظر إلى دلال نظرة فهمت معناها فقالت بإستياء:

_ بتبصلى ليه كده، عايزنى أطلع تليفونك صح..!!


مش كنت من شوية بتقول ملتمسنيش كأنى عندى جرب وخايف أعديك .


خجل أحمد واحتار كيف يفهمها مقصده من عدم اللمس، بعد أن أدرك إنها لا تفهم شىء فى الدين ولا تدرك مقصده وتعتقد إنه يعاملها بإحتقار .


لاحظت دلال عينيه التى تدور فى الحجرة بتيه وقلبها حدثها أنه يشعر بالخجل ، فاشفقت عليه واقتربت منه لتخرج هاتفه ولكنها لم تستطيع كبت ضحكاتها وهى تنظر إلى وجهه الذى تلون بالحمرة من الخجل .


فهمست: والله الراجل ده هيجننى، هو فيه راجل بيكسف كده !!


ثم وجدت اتصال أخر بعد إنتهاء الأول ففتحت قائلة: الووووو.


اندهش حمدى من صوتها فقال:

_ مش ده تليفون احمد .


دلال: ايوه مين حضرتك ؟


حمدى: أنا أبوه، وأنتِ مين ؟

وليه بتردى بداله ؟

وهو فين ؟


فابتسمت وقالت بدعابة جعلت هذا المُمدد على فراشه يكاد يموت من الغيظ .


- حمايا العزيز أهلا وسهلا .


وأنا هقولك على كل حاجة .


أنااااا مراته ..


يتبع يارب تكون الحلقة عجبتكم وبتمنى تفاعل مرضى على قدر التعب وانا والله مردتش احملها على موقع او مدونة عشان خاطركم فاجبروا خاطرى انتم كمان بالتفاعل وكومنتات تفتح النفس 

...

نختم بدعاء جميل ❤️ 

اللهم انصر اخواننا المستضعفين فى فلسـ.طين وفى كل مكان..

اللهم اطعمهم من جوع وهون عليهم البرد وطمئنهم يا كريم .

...

شيماء سعيد ❤️ ام فاطمة


#دلال_والشيخ

 الحلقة الرابعة

...........

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️ 

ربما أحلاما نسجتها فى عالم الخيال وبنيت بها دروباً فى الأفق وصعدت بها إلى السماء، تراها يوما على أرض الواقع حقيقة.

فاحلم كما تشاء فلك رب كريم صانع المعجزات .

........

كاد أحمد أن ينفجر من الغيظ عندما حدثت دلال والده قائلة: حمايا العزيز.

فتلون وجهه بغضب جحـ.يمى وتطاير من عينيه ألسنة اللهب اللهب التى ترجمها على هيئة كلمات حـ.رقت قلبها .

حيث صااااح بإنفعال: أنتِ شكلك اتجنيتى بجد ولا صدقتِ الكدبة اللى كدبتيها .


منك لله يا شيخة أبويا هيقول عليه ايه دلوقتى..!!


 والمصيبة كمان لو حد جه وشافك، هيقول أنا الشيخ  احمد اتجوز واحدة اللى باين منها اكتر من المتغطى .


 يعنى طلعت شيخ صينى مش أصلى .

ولى بقوله مش بنفذه وبتاجر بالدين .


وقعت كلمات أحمد على دلال  كالصاعقة التى أطاحت بها، فكم كانت مؤلمة مهينة وكأنها ليست مثله من البشر، وكأن ذلك كان بإرادتها ولكنها مجبرة عليه لكى تعيش وتقتات هى ووالدتها المريضة التى لا حول لها ولا قوة .


كما أنها لا تدرك  أن ما ترتديه مخزى لتلك الدرجة التى يصفها به، لأنها ترى بالفعل كثير من الفتيات يمشون فى الطرقات على هيئتها  تلك بل وأكثر .


فلما إذا هو غاضب لتلك الدرجة، غريب أمرك يا هذا ..!


أخرجها من شرودها صوت حمدى والد أحمد قائلا: يا بنتى ردى عليه، أحمد فين ومين أنتِ.؟


حاولت دلال إخراج صوتها المكلوم بغصة مريرة قائلة:

 أنا فاعلة خير، ابنكم كان تعبان وجبته للمستشفى، تقدروا تيجوا تشوفوه عشان مضطرة إمشى .


أخرجت كلماتها تلك فنظر إليها أحمد بإندهاش، ورأى الحزن يأكل عينيها التى بلون البندق ولكنها  تحولت لحمراء قاتمة بفعل كلماته القاسية فعاتب نفسه: هو إيه اللى أنا بقوله ده.!.


مش عارف إزاى أنا بقيت قليل الذوق كده، بس هى برده السبب، وأمرها عجيب صراحة..


ثم ناولته الهاتف وهى تطالعه بجمود رغم ما تعانيه من داخلها من نيران تأجج حتى إنها تمنت الموت لتستريح مما ينتظرها عند عودتها مرة أخرى للنادى الليلى .


أمسك أحمد بهاتفه وحدث والده بلهفة: إزيك يا حاج .

فأجابه والده بقلبٍ فزع: أنت اللى ازيك يا ابنى، أنت كويس ..؟


حصلك ايه، طمنى عليك عشان قلبى كان حاسس ان فيك حاجة ..


استمعت دلال لصوت والده الملهوف عليه، فتمنت أن يكون والدها على قيد الحياة، لينقذها من براثن متولى .


أجاب أحمد والده بتريث ليهدء من روعه: أنا بخير متقلقش يا حبيبى .


حمدى بعدم تصديق: بخير إزاى ..!!


امال البنت بتقولى إنك تعبان فى المستشفى .

قولى الحقيقة متخبيش عليه .

وكمان بتقولى حمايا هو ايه الموضوع يا ابنى هو أنت اتجوزت من ورايا معقول ده !! 

مصدقش تعمل كده يا أحمد .

زفر أحمد بضيق وتابع: لا يا حاج طبعا، هى بس بتهزر عشان تخفف عليك موضوع التعب ومتتخضش .

حمدى: طيب بجد طمنى أنت كويس ولا فيك حاجة ومستشفى ايه ؟


وفى ذلك الوقت دلفت شهيرة مع زوجها ووالده واستمعوا لما قاله حمدى ، فدب الفزع فى قلب شهيرة لأنها مقربة من أحمد وتحبه كثيرا، فهو يشبه أباها فى الحنو والعطف عليها .


لذا صاحت بخوف وقلق: ماله أحمد يا بابا ؟


فهمس حمدى متألما: مش عارف وهو مش راضى يقول الحقيقة.


فسارع سفيان بقوله وهو يقترب منه بعجالة: طيب اديهولى يا عمى وأنا أعرف منه ايه الحكاية.


فحدثه سفيان بمرح: ايه يا أبو نسب بتخض مراتى عليك ليه، اعترف واقول أنت فين ومالك ؟


ابتسم أحمد فكم يحب ابن عمه سفيان الذى وجد منه الحب والاهتمام أكثر من شقيقيه، فقال: 


_هقولك بس متقولش لحد وبابا بالذات عشان ميتعبش اكتر ما هو تعبان .


ظهر الحزن على تقسيمات وجه سفيان عندما استمع لما حدث وكانت تراقبه شهيرة بقلق، فسألته بترقب: ايه ماله يا سفيان ؟.


حمحم سفيان بحرج وتابع مع أحمد: 


_طيب يا سيدى حاجة بسيطة، وبلاش تجرى زى العيال الصغيرة تانى، ارتحت لما رجلك انكسرت دلوقتى.


وأنا جيلك عشان أطمن عليك ونروح سوا .


ثم أغلق الخط، ليطلع إلى الأعين التى تراقبه بصمت، ثم خرج صوت عمه حزينا قائلا: قول الحقيقة يا سفيان يا ابنى، ماله أحمد ؟


سفيان: مفيش متقلقش يا عمى ، رجله شكلها اتجزعت، وربطوهاله فى المستشفى، فهروح أجيبه .


فسارعت له شهيرة قائلة: هاجى معاك يا سفيان .


فحرك سفيان رأسه رافضا : ملوش لزوم، أنا هروح أجيبه، خليكِ أنتِ مع عمى .


وضع سليمان يده على فخذ حمدى قائلا باطمئنان: خير يا اخويا ان شاء الله تكون حاجة بسيطة، وأنت إيه حكايتك كمان  شكلك مش عجبنى ..!!


مش متعود عليك أشوفك فى السرير كده ، أنت أكيد شكلك بتدلع على أم العيال .


ابتسم حمدى ابتسامة واهنة قائلا: 

_أنا مشوفتش فى حياتى الدلع غير  على ايديها يا سليمان.


تألم سليمان من أجل أخيه لانه يعلم مدى قسوة قلب زينب وتحمله لها من أجل أولاده وعندما ظن أن الدنيا ابتسمت له عندما تزوج شمس ولكن كل أحلامه التى بناها فى الهواء سقطت فوق رأسه عندما علمت الحية زينب بأمر شمس.


وبينما هو كذلك إذ ولجت إليهم أشجان تبكى بكاء مرير وتستنجد بوالدها سليمان حيث أمسكت بيده وقبلتها قائلة: 


_أبوس ايدك يا بابا طلقنى من شفيق أنا معدتش قادرة أعيش معاه تانى .


تمزق قلب سليمان على حال ابنته دائمة الشكوى من شفيق .


 ذلك الرجل الذى لا يعلم قدرها ولكن ما عساه أن يفعل معه أكثر من ذلك ليتوقف عن إهانتها وضربها .


 فهو كل مرة يزجره ويعاتبه  ويطلب منه أن يعاملها بالمعروف، فيعتذر منه ويقسم ألا يعود لما يفعله معها ولكنه يحنث بقسمه دائما .


وود بالفعل أن يخلصها منه بالطلاق، ولكن الطلاق فى تقاليدهم الموروثة عيباً كبير ويجب على المرأة أن تتحمل مهما فعل زوجها من أجل الحفاظ على بيتها واولادها .


فوقف سليمان متألما على حالها واحتضنها بقوة.


 فأخذت تفرغ شحنة غضبها على هيئة شهقات بكاء متتالية .


أما شهيرة فأخذت تقارن بين قسوة شفيق وحنو سفيان فأخذت تُتمتم: 


_الحمد لله، أنا كده طلعت فى نعمة كبيرة وللأسف مكنتش مقدراها.


كانت هتعملى إيه الشهادة لو اتجوزت واحد زى شفيق يحول حياتى لجحيم ويضربنى ويهنى .


أنا نفسى أرجع أيامى تانى عشان أعوض سفيان عن كل سنين الجفا اللى حسها منى وهو صابر وراضى وبيحاول يسعدنى بقدر الإمكان .


ثم وجدت عينيها تمتلىء بالعبارات أحدها سعيدة لأنها شعرت كم هى محظوظة بزوج صالح مثل سفيان.


 وأخرى حزينة من أجل ابنة عمها وما تعانيه مع زوج ظالم .


فربتت على ظهرها بحنو قائلة: إهدى يا حبيبتي وان شاء الله عمى المرة مش هيسيبه غير لما يعرف قيمتك ويعاملك كويس .


ثم طالعت أبيها بعتاب قائلة: وأنت يا بابا مفروض تكلمه، لان شفيق زودها عن اللزوم .


وفى تلك اللحظة ولجت إليهم زينب كالإعصار وعينيها مليئة بحمرة الغضب وقالت بصوت جهورى غاضب:

_ هو مين ده يا بت اللى زودها عن اللزوم ولا عشان أنتِ جوزك دلدول عايزة الكل يبقى شبهه.


- لا يا حبيبتي انا ابنى راجل وراجل اوى كمان ولما مراته تغلط لازم يعرفها غلطها عشان متعملهوش تانى .


ثم سددت النظر إلى سليمان قائلة: وبنتك يا سليمان الغلط ركبها من ساسها لراسها.

 فقبل ما تكلم ابنى عقل بنتك وإلا ودينى لهخليه يجبلها ضرة لو فضلت كده مبتسمعش كلامه  .


فأخذت تردد أشجان بقهر: حسبى الله ونعم الوكيل .

اللهم انى مغلوب فانتصر .


نظر سليمان الى زينب بحدة جعلتها تخرج سريعا فهى لا تحب النظر إلى عينيه، ليتمتم هو بهمس: ليه كده يا زينب ؟


ليه عايزة تاخد بناتى كبش فدا عشان اللى عملته فيكِ زمان .


وكمان مش ذنبى أنا كمان لأن الحب مش بإيدينا وانا حبيت إبتهال مراتى وحبيبتى وعشرة عمرى واخترتها هى دونا عن كل الستات وأظن ده كرم من ربنا عليه .

ثم شرد قليلا فيما حدث فى الماضى .


عندما كان يزور أخيه فى محل العطارة قبل زواجه من زينب، فرأته زينب بالصدفة فاعجبت به من أول نظرة، وكانت تتلهف لرؤيته فى كل مرة يزور بها أخيه .


حتى جاء اليوم تفتت قلبها إلى أشـ.لاء عندما  علمت من أبيها أن حمدى أجازة من المحل لأن اليوم خطوبة أخيه سليمان .


فحينها ودت لو صرخت وبلغ صراخها عنان السماء بعد أن ضاعت أحلامها وأصبحت سرابا، فمرضت لعدة أيام بعد أن هزمها العشق ، حتى وجدت أبيها يستأذن للدخول عليها فاذنت له.


فولج إليها وقبل جبينها بحنو وسئلها: 

_عاملة ايه دلوقتى يا زوزو يا حبيبتي..؟


اومئت زينب برأسها قائلة: نحمد ربنا .


ابتسم والدها وقال: والله كبرتى وبقيتى عروسة يا زوزو وعشان أنتِ يا بنتى غالية عليه أوى ومليش فى الدنيا دى غيرك، فأنا مش هقدر أسلمك لأى حد، لازم أسلمك لراجل يعرف قيمتك كويس وميجيش فى يوم يقسى عليكِ أو يظلمك. 


وصراحة أنا ملقتش حد أحسن من حمدى، راجل صعيدى حر وكرامته فوق كل اعتبار، غير إنه ذكى اوى ومخلص ومستعد يضحى بنفسه عشانى .


اتسعت عين زينب بذهول ورمشت بأهدابها  عدت مرات قائلة بصدمة: 

_حمدى..!!


أكد والدها بحبور: ايوه حمدى .

_ ايه رئيك يا زوزو ؟


فصمتت زينب واغمضت عينيها بألم وهمست:


 ده معناه إنى هشوف ديما  قدام عيني سليمان  اللى كسر قلبى وخطب غيرى وانا اللى كنت بتمناه، أقوم فى الأخر  أخد أخوه .

اه يا حرقة القلب .

.......

عودة للواقع مع أحمد ودلال فى المستشفى.


لمعت فى عين دلال الدموع  لكلمات أحمد اللاذعة وقالت بغصة مريرة بعد انتهاء مكالمتها مع والده:


_بص يا مولانا  عشان بس أكون عملت الواجب معاك لأخر دقيقة مع إنك متستهلش عشان لسانك متبرى منك لا مؤاخذة .


_أنا هستنى المحروس اللى هيجى ياخدك بالسلامة وساعتها همشى ويا دار مدخلك شر، بس ياريت تفتكرنى بدعوة يا سيدنا الشيخ .


_أنا إسمى دلال بنت حفيظة، اوعى تنسى إسمى .


_ها إسمى ايه، قول كده عشان أتأكد إنك سمعته.


 عشان حساك فى دنيا تانية غير بتاعتنا دى .


استشعر أحمد فى نبرة صوتها الحزن، فعاتب نفسه ولكن سرعان ما استرجع وهمس: أعمل إيه ..!!


ما أنا غصبا عنى وأول مرة برده اتعامل مع وحدة بالشكل ده .


فين شيكو صديقى اللذيذ كان علمنى أقول اى حاجة أراضيها بيها، بدل ما أنا مدب كده .


أخرجه من شروده صوتها قائلا: ها يا مولانا إسمى ايه..؟.

 ما تقول وخلصنا وأوعدك بعدها مش هفتح بوقى خالص .


فحاول أحمد إخراج صوته بالكاد وقال: خلاص يا ستى عرفته.


_ إسمك دلال، أقوله تانى دلال 

.

وربنا يهديكِ يا دلال .


شعرت دلال بنبرة صوته التى ظهر عليها التهكم، ولكن رغم ذلك سحرها نطق إسمها على لسانه، فخرج كسيمفونية عذبة، نزلت على أرضها القاحلة فأعادت لها الحياة .


فطالعتها بابتسامة زينت ثغرها فكانت كالشمس الذى أضاءت الكون.


 فتدلى فك أحمد بصدمة، فكم كانت جميلة حقا ولكن سرعان ما أخفض عينيه وعاتب ذاته مستغفرا: 


استغفر الله العظيم، يارب رحمتك وصبرنى.

أنا مش عارف أتحدفت عليه منين المصيبة دى .


فوقفت دلال وذمت شفتيها كالأطفال وضربت الأرض بقدميها قائلة بسخط:


_ والله أنا اللى ربنا يصبرنى على تكشيرتك اللى تسد النفس دى .

بس مش خسارة التشكيرة دى  فى الوجه الحسن ده .

يخربيت حلوتك يا شيخ .


إنتفخ وجه أحمد من الغيظ فلجأ للإستغفار مرة أخرى:

_ استغفر الله العظيم يارب، مش كفايا اللى حصلى، كمان ابتلى ببنى آدمة  بلوة زى دى، بس صراحة بلوة حلوة وده اللى تعبنى اكتر .


للتسع عينيها بصدمة قائلة برفض: أنا بلوة..!!

لا كتر خيرك اوى يا مولانا، يارتنى سبتك لكلاب السكك كانوا نهـ.شـوك وابتدوا بلسانك اللى عايز يتقص ده .


ثم تابعت بسخط: أنا ماشية يا مولانا خلاص عشان تهدى نفسك شوية، ألا يتقطعلك عرق وأنت مش ناقص .


وعندما وقفت غاضبة استعدادا للمغادرة ولج إليهم فى تلك اللحظة  سفيان وشيكو صديق أحمد على وجوههم القلق والتوتر حتى اقتربوا منه.


فقال سفيان والحزن يملىء عينيه: أحمد الف سلامة عليك يا ابن عمى، حصل ازاى ده بس ..؟


أما شيكو فابتسم قائلا: سلامتك يا حمادة، ايه ده يا ابنى، ده أنت شكلك زى ما يكون عدى عليك قطر ، مش تفتح يا دكترة ولا ايه ..؟


فأجاب أحمد بحرج: الحمد لله إنها جت على قد كده .

وكويس إنكم جيتم، عشان زهقت وعايز أروح .


ثم حمحمت دلال بحرج ، فرفع شيكو بصره إليها، فاتسعت عيناه بأعجاب قائلا: 


_اللهم صلى على النبى، ايه الخلقة اللى تفتح النفس دى.

 يبختك يا حمادة يارتنى كنت أنا اللى اتشلفطت كده ، عشان أفتح عينى على القمر ده.


بس دى مين .؟ 

شكلها من لبسها مش ممرضة .


فكتم أحمد غضبه ولكن إحمرار عينيه أنذر إنه على وشك الانفجار فقال بغضب:


_ ما تلم نفسك وتنزل عينيك يا شيكو، حرام كده، استغفر الله العظيم..


 حاول شيكو كتم ضحكاته  فقال: حاضر هنزل عينى ولو إنى مش قادر، بس مش تعرفنا على القمر .


ولو إنى حاسس إن القطر عدى عليك وانت سرحان فيها .


فقبض أحمد على يده بغضب وبرزت عروقه وقال بهدر: 


_ايه يا سفيان اللى جابوا معاك الواد ده، هو أنا ناقص تعب .


فابتسمت دلال   وأرادت أن تثير غيظ أحمد من أجل الإنتقام منه فقالت:


_ لا والله سيبه يا دكتور أحمد، ده شكله دمه خفيف مش زى جماعة عليهم تكشيرة تقطع الخميرة من البيت .


عقد أحمد  حاجبيه وقال بغضب جحيمى: 

_أنتِ جنسك ايه بالظبط عجبك يعنى وهو بياعكس فيكِ وبتقولى عليه دمه خفيف ، ده دمه يلطش .


ويلا يا ستى مش قولتى هتمشى لما يجى حد من أهلى، يلا ورينى عرض كتافك .


فلمعت طبقة كريستالية فى عين دلال ، فأمسكت بحقيبتها ووقفت قائلة بغصة مريرة: 


_أنا فعلا ماشية يا مولانا والحمد لله إنك قومت بالسلامة.


بس عندى ليك نصيحة، فطالعها أحمد بتعجب .


فقالت: اه نصيحة، امال أنت بس اللى ربنا قدرك على النصيحة .


لا أنا كمان هنصحك واقول: ياريت لما تقابل حد زى حالاتى تانى تعمله بشوية رحمة لأن قلوب الناس من إزاز يا مولانا واى كلمة بتجرحنا قلوبنا بتنكسر على طول .


ونفسنا حد مرة يداوى جروحنا مش معقول على طول الواحد الدنيا جاية عليه وبتكسره كده .


ثم انفجرت عيناها كالسيل وغادرت حزينة منكسرة .


فنظر سفيان إلى أحمد بنظرة عتاب قائلا: ايه يا أحمد أنا أول مرة أشوفك متعصب كده وكلامك نازل زى السيف .


متنساش إنك كنت بتكلم مع وحدة ست، يعنى الستات متحبش أبدا اللى لسانه زى المدفع كده وتحب الإنسان الحنين .


فقاطعه شيكو: وده أصلا يعرف الصنف ده منين يا عم  سفيان ، ده تقريبا مبيشفهوش ولا يعرف عنهم حاجة .

إقفل بعيد عنك يا خويا .


سفيان : بس صراحة صعبت عليه البنت دى ومشيتها مكسورة كده ، بقا ده جزاء المعروف إلى عملته معاك ..؟


فصمت أحمد ولم يعرف بما يجيبه فهو محق ولكن لا يعلم سبب غضبه عندما ينظر إليها ومما زاد غضبه  وكأنه بركان كاد أن ينفجـ.ر هى عيون شيكو التى حدقت بها بإعجاب.


شيكو: يا عم سفيان ميصعبش عليك غالى، وخلاص راحت لحالها نشوف اللى بعديها .


مفيش حتة ممرضة عسل كده زيها تقيسلى الضغط عشان حاسس قلبى بيدق .


فضحك سفيان قائلا:أنت اللى هتجيب لأحمد الضغط يا شيكو .


يلا ناخد عم الدكتور من هنا قبل ما يتشل منك .


........

أشتاق تميم ابن أخت حمدى الجمال إلى أسماء ابنة خاله سليمان فذهب لزيارتها من أجل أن يكحل عينيه برؤيتها .


تميم شاب طيب القلب اكتفى بشهادته الثانوية الفنية وعمل فى ورشة لتصليح السيارات حتى لا يكون حملا على والدته فردوس بعد وفاة أبيه فى سن صغيرة فقامت هى تربيته والعمل فى تفصيل الملابس .


سمعت ابتهال رنين الباب فأسرعت لفتحه وعندما رأت تميم ابتسمت ورحبت به قائلة: أهلا يا ابنى اتفضل، إزيك وإزاى الحجة .


اخفض تميم رأسه حرجا وأجاب: الحمد لله يا خالة ابتهال. 


ابتسمت ابتهال وقالت: أدخل يا تميم يا ابنى واقف ليه على الباب كده، هو أنت غريب .


أدخل اقعد وأنا هروح اعملك احسن كوباية شاى من ايد خالتك ابتهال تعدل مزاجك .


 وضع تميم يده على صدره بإمتنان قائلا: مش عايز أتعبك يا خالة .


ابتهال: تعبك راحة يا ابنى .

 

تميم: امال مش سامع حس خالى يعنى،هو نايم ولا ايه ؟


ابتهال: لا خالك سليمان عند خالك  حمدى عشان بعافية شوية .


انكمشت ملامح تميم قائلا: ألف سلامة عليه، ثم وقف وتابع خلاص هروح أشوفه هناك .


فحركت ابتهال رأسها رافضة بقولها: لا يمكن قبل ما تشرب حاجة وهندهلك البت أسماء تقعد معاك توجع دماغك بكلامها الكتير عقبال ما أخلص .


دق قلب تميم بشدة عند سماع إسمها وجلس منتظرا رؤيتها بلهفة ليطفىء ظمأ قلبه العطش لرؤيتها أمامه ..


ابتهال: يا سمسمة، أنتِ يا بت .


استمعت أسماء لوالدتها فخرجت من غرفتها، بمنامتها الوردية وشعرها الذى تعقده على هيئة ذيل حصان، فهلكت به قلب تميم الذى رائها على هذا النحو وتجمد مكانه يحدقها بحب وقلب أنهكه العشق .


ولجت أسماء إلى والدتها فى المطبخ قائلة بمرح: نعمين يا ست الكل، تؤمر بإيه يا جميل .


ابتهال: يا بكاشة أنتِ.


بقولك اطلعى سلمى على ابن عمتك، واحكيله حكاويكِ الهبلة اللى  بتصدعينى بيها .


أخرجت اسماء لسانها قائلة بتذمر: كده يا ماما، أنا حكاوية هبل .


ثم سارت نحو تميم ومع كل خطوة كان يتنفس تميم ببطىء فقد شعر أن الأكسجين قد نفذ من حوله .


وهى تطالعه هيئته تلك وتحاول تكتم ضحكاتها بصعوبة، فهى تعلم جيدا إنها يحبها وتلذذ كثيرا بنظراته إليها وتفرح بها كمراهقة صغيرة تحب من يهتم بها وينظر لها بإعجاب .


أما هى فهى لا تعرف أن كان قلبها يميل إليه اولا ولكنها تحب قربه واهتمامه، ولكن فى آن الوقت تنفر من صنعته كميكانيكى سيارات وتخشى أن تشاهدها أحد من اصدقائها معه وهى يرتدى تلك البدلة المتسخة الخاصة بالعمل .


لذا هى تفضل أن تتزوج بأحمد فهو سيكون طبيبا تفتخر به حتى وإن كانت لا تحبه وتنجذب أكثر إلى تميم .


وايضا حتى لا تأخذه منها صديقتها المقربة أسماء بعد أن رأت فى عينيها الاعجاب به، فأقسمت أن يكون لها هى .


أسماء بحركة طفولية: أنا حكايتى هبلة يا تميم ؟


سيطرت مشاعر فياضة لدى تميم وهى يرى حركاتها الطفولية التى جعلتها أكثر جاذبية وزادت من جمالها فقال بتيه: لا أبدا دى أحلى حكايات ومرات خالى  بتشاغلك بس .


إقعدى يا أسماء واحكيلى كل اللى عندك وانا كلى آذان صاغية .

متعرفيش أنا بحب أسمع صوتك قد ايه .


تجمعت بساتين التفاح فى وجنتيها وقالت بمكر: صوتى بس اللى بتحبه يا تميم ..!!


فتح تميم فمه بتيه وكاد أن يقول لها: أنا بحبك.


ولكن قاطعه دخول زوجة خاله  بكوبا من الشاى قائلة:


_ وادى الشاى اللى يعمر الدماغ بعد الصداع اللى عملته لك أسماء .


فوقفت أسماء وضمت شفتيها بتذمر قائلة: طيب، أنا هريحكوا منى وهدخل أذاكر .


ثم اتجهت إلى غرفتها وعين تميم لم تفارقها حتى ولجت إلى غرفتها .

........

عادت دلال إلى شقتها تجر أذيال الخيبة بعد أن علمت أن لا مفر من الوضع الذى فرضها عليه متولى، فهى وقعت تحت براثنه وانتهى الأمر وعليها الاستجابة لكل مطالبه من أجل والدتها .


 أسرعت دلال إلى والدتها تضمها وتقبلها  بحب قائلة: وحشتينى اوى ياماما .


عاملة ايه دلوقتى، اخدتى علاجك ؟


نعيمة بضعف: ايوه يا بتى، بس ليه اتأخرتى عليه كده..!!


كنتى فين كل ده ..؟


ثم استطردت بخوف:

اوعى يا بنتى تسمعى كلام الشيطان متولى وتفرطى فى نفسك ، وتبقى واحدة رخيصة متسواش تلاتة تعريفة، مش كفاية الشغلانة المهببة اللى خلاكِ تشتغلى فيها .


منك لله يا متولى، ربنا يحـ.رق قلبك .


وهنا ظهر متولى برأسه على من باب الغرفة قائلا بابتسامة سمجة: 


_مين بينده عليه وبيدعيلى .


لم تغيره دلال اهتمام وطبعت قبلة على جبين والدتها قائلة: أنا داخلة أنام عشان خلاص مش قادرة أصلب طولى .


نعيمة بحب: إدخلى يا بنتى ارتاحى ربنا يعينك على الهم اللى أنتِ فيه .


همت دلال بالمغادرة ولكن متولى أمسك برسغها بقوة قائلا وهو يحدق بها: 


_على فين يا حلوة، مش تحكيلى اللى حصل بينك وبين الباشا وتدينى حلاوة معرفتك بيه. 


فطالعته دلال بإستحقار قائلة: ابقا اسئله ووملكش مليم عندى يا متولى، كفايا اللى خدته منه .


ثم جذبت يده منه وأسرعت إلى غرفتها وعندما همت بإغلاق الباب وجدت يده تحول بينها وبينه .


ثم دفعها بيده بقوة حتى كادت أن تسقط ولكنها تماسكت وحولت الإتزان.


وهدرت به قائلة: أنت عايز منى ايه يا متولى،مش خلاص عملت كل اللى انت عايزه .


فغمزها متولى وهو يخطو إليه حتى صار فى مقابلتها لا يفرق بينهم انش واحد، وأخذ يحدق بها برغبة قائلا: لسه يا دلال .


أنا بس كنت منتظر الباشا يبتدى وأنا أكمل .


فاتسعت عين دلال وارتجف جسدها وحاولت دفعه صارخة: 


_أنت إتجننت، اطلع بره يا متولى الا والله  أصرخ وألم عليك الناس .


متولى: يعنى حلو ليه وانا لأ يا دلال، ده حتى بيقولوا جحا أولى بلحم طوره .


ثم انقض عليها كالوحش المفترس الجائع على فريسته.


....يتبع 


يارب تكون عجبتكم الحلقة وأشوف منكم تفاعل حلو زى قلوبكم وكومنتات مبهجة .


نختم بدعاء جميل ❤️ سيد الاستغفار 

اللهم انت ربي لا اله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب الا انت استغفر الله العظيم الذي لا اله إلا هو الحي القيوم و اتوب اليه 

....

 روايات شيماء سعيد ❤️ ام فاطمة


#دلال_والشيخ

الحلقة الخامسة

.....

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ❤️

اختيار خاطىء لشريك حياتك، كفيل بضياع عمرك بأكمله وستظل تحصد دموع الندم إلى النهاية وسيدفع أطفالك الثمن .

.........

تقدم متولى من دلال وعينيه تنذر بالشر التى تغلفها الرغبة، فأدركت دلال إنها هالكة لا محالة ولن يستطيع أحد أن ينقذها منه، فتوسلت إليه ألا يفعل ذلك ولكن نُزعت من قلبه الرحمة، وانقـ.ض عليها كما ينقـ.ض الأسد الجائع على فريسته.


 فشقت صـ.رخاتها جدارن المنزل  لعل أحد يستمع إليها ولكن لا أحد تنبه لصرخاتها المكلومة،حتى والدتها لا تشعر بها بعد أن ذهبت فى نوم عميق بعد أخذ تلك الحبوب المهدئة .


طالعها متولى برغبة قائلا بِهسيس وهو يضع يده على فمها:

_ صوتك يا بت هتفضحينى، واللى يشوف كده يقول البت عفيفة وأول مرة، ده إحنا دفينيه سوا .


فخليكِ حلوة كده واهدى وعيشى.


فأخذت تحرك راسها يمينا ويسارا لعلها تجد اى شىء تستطيع أن تقاومه به حتى لمحت مقصا كان قد سقط منها منذ عدة أيام ويظهر طرفه من أسفل التخت.


 فحاولت بأقصى جهدها أن تصل إليها حتى استطاعت أن تمسك به، فسلطته على عنق متولى وقالت بتهديد:

_ لو مبعدتش عنى يا متولى، هغزك فى رقبتك .


خرج من عين متولى وميض الخوف وشعرت دلال بذلك من إهتزاز جسده، فاستطاعت فى تلك اللحظة أن تبعده عنها.


فوقف سريعا وظهر على وجهه الخوف ولكن سرعان ما  اعتلت بسمة خافتة على شفتيه قائلا: 

_ايه يا دلال، أنتِ صدقتى ده أنا كنت بهزر معاكِ يا بت، ده أنا مربيكِ وأنتِ زى بنتى .


إرمى إرمى اللى فى إيدك ده، بلاش لعب عيال .


وناميلك ساعتين عشان تصحى فايقة للشغل يا حبيبتي.


قال متولى كلماته تلك التى خرجت من بين أسنانه بغيظ ثم غادر الغرفة وأغلق الباب من ورائه بعنف، مما جعل قلبها ينتفض، فأسرعت إلى الباب تغلقه بالمفتاح جيدا حتى لا يقتحم عليها الغرفة مرة أخرى وهى لا تشعر .

ثم بصقت بنفور قائلة بغصة مريرة: راجل مؤرف، امتى ربنا يخلصنى منه.


أما هو  فوقف يتنفس بعمق ثم ضيق عينيه بمكر وقال بوعيد: كده يا دلال، ماشى .


مسيرك يا ملوخية تيجى تحت المخرطة..

......

وقفت أنهار أمام شاهين متجهمة الملامح وتطالعه بجمود، فزفر بضيق قائلا: فيه إيه يا بت الناس ما كنا كويسين ولا أنتِ كل ساعة بحال .


فهدرت به أنهار قائلة: فيه أن أخوك مش هيسيب أختى غير لما يخلص عليها، وساعتها أنا مش هسكت مش كفايا اللى بيعمله فيها من أول اتجوزها، ده ولا كأنه وخدها غصب..!


ده حفى عشان يخدها وقال إيه بت عمى وانا أولى بيها، يقوم يعاملها معاملة البهايم دى ..!


يرضيك يا شاهين أخوك يعمل كده، اه ما هو تربية أمك المفترية .


لم يعبىء شاهين بكل حديثها إلا كلمة " أمك مفترية" فأسرع إليها ووضع يده على فمها قائلا بأمر:


_ أكتمى صوتك ده، ألا تسمعك وتبقى ليلتنا مش فايقة وتخلينى أعمل زى شفيق اللى مش عجبك ده .


لكن أنا للأسف بحبك يا أنهار، وعشان كده يا بنت الناس خلينا فى حالنا أحسن، ملناش دعوة بحد.


اللى يزعق ولى يضرب ولا يموت حتى، إحنا لينا حياتنا لوحدنا وأنا صراحة مقتصر الشر وخصوصا أمى، أنت مش ناقص وجع دماغ .


فهمانى يا أنهار ، ولا عايزة حياتك تبقى شبه أختك.


أدركت أنهار ما يرمى إليه، ولكن يزعجها تلك اللامبالة منه، وهذا الضعف فى شخصيته .


ولكنه محق فى الحديث عن أمه، فقد تجعله يسىء إليها مثل شفيق مع أختها.


لذا لم تجد إلا الصمت ثم اومئت برأسها بالموافقة .


فابتسم شاهين وانحنى ليقبل رأسها قائلا: هو ده الكلام يا أنهار يا  حبيبتي.

ربنا يكملك بعقلك 

..........

لا تتسول الحب وابتعد، فخير لك أن تخسر حبا ليس لك، خيرا لك من أن تخسر نفسك، فالحب يعوض بشخص آخر ولكن نفسك لن تعوض.

ولجت زينب إلى غرفتها والنار تأكل احشائها بعد رؤية سليمان، فهى فى كل مرة ترى بها وجهه تتأجج الذكريات أمامها وكأنها تعيشها مرة أخرى بنفس شعور الخذلان الذى كاد أن ينهى حياتها حينها .


فهى تعلم جيدا أن سبب موافقتها على الزواج من حمدى، هو أن تكون بجانب سليمان فى اعتقاد منها أنه عندما تكون تحت عينيه باستمرار قد يتعلق بها قلبه كما تلعقت هى به ويطرد من قلبه تلك الحية التى استطاعت أن تأخذه منها .


شردت زينب فى يوم خطبتها على حمدى، وكانت هى فى عالم أخر لم تخفض به نظراتها عن سليمان، الذى إرتبك عندما كانت عينيه تصادف عينيها رغما عنه .


وعندما تقدم منهم ليهنىء أخيه على الخطبة، احتضنه بحب ثم إلتفت إليها ومد يده ليصافحها، فصافحته بعيون تمطر عشقا حتى إنها لم تنتبه إنها مازلت متمسكة بيده وهو يحاول والحرج يملىء وجهه أن يسحب يده منها .


ولم يشعر بذاته الا وقد غادر المكان سريعا بعد أن شعر أن هناك شىء ما فى قلب تلك الحية تجاهه، لذا قرر أن يبتعد عنها بقدر الإمكان حتى لا يتأذى حمدى من تصرفاتها الغير طبيعية.


وهكذا مرت الأيام ثقيلة على قلب زينب لأنها لم تعد ترى سليمان، وألمها الشوق الضارى لرؤيته، حتى جاء اليوم الذى تمـ.زق به قلبها إلى أشـ.لاء عندما علمت بموعد زفافه وحينها تغيب عقلها وفرض القلب سيطرته وأسرعت لارتداء ملابسها وتوجهت نحو محل عمل سليمان .


الذى تفاجىء بوجودها أمامه بتلك الهيئة المذرية وقد حفرت دموعها خندقا على وجنتيها .


ففزع قائلا: زينب ..!!


ـ حصل حاجة، اخويا حمدى كويس ؟


- أنا اللى مش كويسة يا سليمان وحاسه إنه هيجرالى حاجة وهيكون ذنبى فى رقبتك .


هكذا نطقتها زينب، ليتعجب سليمان قائلا باستفهام:

_ايه الكلام العجيب اللى بتقوليه ده وأنا ذنبى إيه ؟


فبكت زينب حتى سمع شهقاتها فقالت: ذنبك إنك مش حاسس بيه يا سليمان .


ثم اعترفت بما جعل الدماء تفور عنقه.

- أنا بحبك يا سليمان، ومقدرش أشوفك بتجوز غيرى .


صفعة قوية منه نزلت على وجه زينب جعلتها تصرخ.


 ثم هدر بغضب جحيـ.مى: أنتِ إتجننتى يا زينب ، ده أنتِ قريب هتكونى مرات اخويا.


زينب بإنهيار:  مش عايزاه، أنا عايزاك أنت يا سليمان .


ومستعدة أفسخ خطوبتى بيه على شرط تسيب أنت كمان ست إبتهال بتاعتك ونجوز .


فأخرج سليمان زفيرا حارا غاضبا من شأنه أن يحرقها أمامه، ولكن حاول أن يسيطر على انفعالته قائلا:

_ وأنا مبحبكيش يا زينب وبحب ابتهال ويستحيل عينى تشوف غيرها .


فاعقلى يا بنت الناس وروحى وأنا هتعبر نفسى مسمعتش حاجة، وصونى النعمة اللى بين ايديكِ بدل ما تروح منك..

حمدى طيب اوى والف وحدة تتمناه .


زينب بغصة مريرة: وأنا وحبى ليك ؟


 ضرب سليمان يدا بيد قائلا: لا حول ولا قوه الا بالله.


بقولك ايه عشان أنا ماسك أعصابى على الآخر.


وكمان مستعد أدفنك حية بسبب بجحاتك دى، أنتِ إيه مبتكسفيش!!


يلا غورى فى داهية مش ناقص مصايب .


كان حديث سليمان كخنـ.جر أصاب قلبها فى مقـ.تل ،بعد أن مزق كبريائها بلا رحمة بعد أن عرت مشاعرها أمامه وقام برفضها بهذه الصورة المهينة .


ليجدها تطالعه بغضب جحيمى قائلة: ماشى يا سليمان .


والله لهيجى اليوم اللى أخليك تندم على رفضك ليه، وهتجيلى راكع .


فأجاب سليمان بحدة: أنا عمرى ما ركعت غير لله .

إتفضلى روح فى ستين داهية .


فغادرت زينب تجر أذيال الخيبة، ولكن ما حدث جعل بينها وبين سليمان تار ولن تهدىء حتى تأخذه منه .


سمعت زينب صوت هرجلة بالاسفل وأصوات عالية اخرجتها من شرودها .

ثم أسرعت للخارج لترى ما يحدث ...؟

.......


استمعت شهيرة لصوت سفيان عندما ولج إلى داخل المنزل يحمل على يديه أحمد قائلا: 


يا شهيرة تعالى إفتحى أوضة أحمد عشان يستريح .


أسرعت شهيرة إليه بلهفة ولكن تجمدت مكانها عندما رأت أحمد على هذا النحو بوجه ملىء بالكدمات وجسد واهى ضعيف و إحدى قدميه وذراعه محاط بجبيرة .


فبكت وقالت بغصة مريرة: ألف سلامة عليك يا اخويا، ازاى ده حصلك بس ..؟


طالعها أحمد بنظرة حنونة وابتسم رغم ألمه قائلا:

_الله يسلمك يا حبيبتي، ومتقلقيش أنا كويس وقدر الله وماشاء فعل.


 صك سفيان على أسنانه بغيظ وأخذ يبدل قدم بأخرى من شدة الألم فى تحمل جسد أحمد، فصاح بإنفعال :


_ مش وقته سلامات يا حبيبتي أبوس إيدك.


عشان أخوكِ تقيل اوى، إفتحى الباب بسرعة أقلبه على السرير قبل ما هقع بيه وربنا .


فضحك شيكو وقال متهكما: مقولتلك أشيله أنا، عملت فيها سبع البرمبة وأسد، طلعت قطة والراجل هيقع منك ويكسر اكتر ما هو مكسر، بس المرادى مش هيلاقى الوجه الحسن زى الصاروخ اللى كانت فى المستشفى.

هيلاقى الحاجة زينب اللى بصتها تقطع الخلف .


تلونت عين أحمد بغضب جحيمى حين تذكر نظرات شيكو لها ولكن تعجب من غضبه فلما يغضب وهى لا تمت له بصلة وكانت مجرد صدفة ألقاها القدر فى طريقه ثم تفرقا .


والوقت كفيل على أن ينساها،فهل سيستطيع..؟


انكمشت ملامح سفيان وقال بحنق: كده، طيب خد شيل يا عم ورينى هتتحمل ازاى .


فمد شيكو ذراعيه ليحمل أحمد قائلا: حبيبى يا أبو حميد يا صاحبى، عشان تعرف بس إنك ملكش غيرى.


ولكن عندما حمله وشعر بثقله كاد أن يسقط منه، فقال سريعا لسفيان بص هو أنا بحبه اه لكن أنت ابن عمه وأولى بيه، خد شيل شلتك يا عم .


فصاح أحمد بينهم: انتم هتحدفونى لبعض ولا ايه، اخلصوا نزلونى على السرير تعبان .


لتتألم شهيرة لألمه قائلة بحنو: يا عينى عليك يا حبيبى .


شيكو: أنتِ هتعددى عليه ولا ايه مهو زى الفل أهو .


 ليلقى به على الفراش ليتأوه احمد متألما: 


_اااه، منك لله يا شيخ .


عقد شيكو حاجبيه وقال بمرح: انا غلطان كنت عايز أريحك مرة واحدة .


فضحك سفيان ساخرا: لا جامد وراجل يا شيكو اوى .


لتستمع شهيرة إلى صوت والدها ينادى: يا شهيرة، يا سفيان .

طمنونى على أحمد يا ولاد ؟


وعندما همت شهيرة للإسراع إلى والدها، استوقفها شيكو قائلا: 


_استنى أنتِ يا ام سيف، أنا هروح أطمن عمى واكيد هيصمم يشوفه فهسنده يجى .


ثم وجه حديثه إلى أحمد وأنت اتعدل كده وبطل مسكنه قدام الحج عشان ميقلقش عليك .


ألقى كلمته ضاحكا ثم غادر الغرفة، لتقترب شهيرة من احمد تسئله بغصة مريرة: ايه اللى عمل فيك يا أحمد كده..؟

مهو مش معقول جسمك كله متكسر من وقعة ..


فأخفض أحمد رأسه خجلا ولاحظ ذلك سفيان فأسرع بقوله، وبعدين يا شاهى متكتريش كلام مع أحمد عشان زى ما أنتِ شايفة تعبان ويلا روحى للحجة وشوفوا هتعملوا ايه يرم عضمه عشان يتحمل العلاج ويخف بسرعة .


فابتسمت شهيرة وقالت: بس كده عيونى لحمادة، حالا هجهز ليه شوربة فرخة بلدى .


لتخرج شهيرة وطالعها سفيان حتى خرجت بحب، ثم جلس بجانب أحمد وربت على كتفه بحنو قائلا:


_ حبيبى يا ابو حميد ألف سلامة عليك يا غالى بس انت لازم تحكيلى أنا على الأقل حصل ده إزاى، عشان أقدر أبلغ وناخد حقك .


فاخفض أحمد رأسه مرة أخرى بحرج وقال بخفوت:


_ لو قولتلك مش هتصدقنى، أنا كنت ماشى فى امان الله، ولقيت قصادى بتاع خمس ست رجالة ملثمين  وهـ.جموا عليه، كل واحد قعد يضرب فيه .


معرفش ليه وعشان ايه؟


تبدلت ملامح سفيان للغضب وحوقل : لا حول ولا قوه الا بالله، اكيد عشان يسرقوك، أو عايزين يخطفوك ويطلبوا فدية بس ملحقوش.


 حرك أحمد رأسه نافيا: لا مظنش سرقة لأنهم مخدوش حاجة منى، ولا كمان قصدهم خطف لأنهم سابونى غرقان فى دمى ومكنش أصلا حد موجود فى الشارع، غير البنت اللى ظهرت فجأة دى بعد ما مشيوا وانقذتنى بعد ما وقفت عربية عشان تروح بيه المستشفى.


ابتسم سفيان: 

_والله بت جدعة ربنا يجازيها خير.


فتأفف احمد قائلا: منين الخير ده وهى عاملة فى نفسها كده، والكل عمال يتفرج عليها .


فعارضه سفيان بقوله: يا شيخ أحمد متقولش كده.


 وربك رب قلوب وده مش معناه إنها مش غلطانة فى تبرجها، بس ممكن ميكونش حد فهمها إنه واجب عليها تستر نفسها ومتعودتش عليه.


لكن ده مينفعش أن قلبها من جوه أبيض ونقى وعشان كده أنقذتك والقلب النقى ده بيكون عنده استعداد للنصيحة بس لو جت بطريقة صح ولينة مش بأمر ونهى خليها تنفر .


أدار احمد حديث سفيان فى رأسه وعلم أنه يقول الحق ولكن الغضب عماه عن الحقيقة فقال: 


_خلاص بقا أبيض ولا أسود انتهى الموضوع وهى راحت لحالها ربنا يهديها .

....


ولجت زينب إلى المطبخ فوجدت شهيرة تعد الحساء من أجل أحمد، فنهرتها قائلة:

_ بتعملى ايه يا شملولة..؟


لم تلفت شهيرة إليها بعد أن شعرت بنبرة التهكم فى صوتها، ولم تعيرها إهتمام واكتفت بقولها:

_ زى ما حضرتك شايفة، بسلق فرخة عشان أخويا يتقوت بيها.


صكت أسنانها زينب بغيظ وودت أن لو سكبت السم فى ذلك الحساء لكى تتخلص منه للأبد .


لتتابع بنفس الوتيرة: لا قلبك حنين يا بت.


شهيرة: الحمد لله طالعة لابويا ربنا يحفظه .


فاشتـ.علت النار فى جسد زينب وهمست:  قصدك هبلة زى أبوكِ  كان نفسى تطلعى لأمك قلب من حديد بس للأسف.


نظرت لها شهيرة بعتاب ثم حملت الحساء وتقدمت به نحو غرفة أحمد، فوجدت الغرفة مليئة بالأحباب .


والدها وسفيان ووالده وشيكو وانضم إليهم أيضا تميم ابن عمتها فردوس .


فألقت التحية عليه: إزيك يا تميم ..؟


 ابتسم لها تميم واجاب بحبور: الحمد لله يا أم سيف، أنا جيت أبص على عمى، لقيت دكتور أحمد بالمنظر الله.


شيكو بمرح: منظره زى الفل ، معكش قلم نكتب على الجبس ده ذكرى، ولا أقولك بقت موضة قديمة، تعال نتصور معاه سليفى أحسن ..


ابتسم الجميع ولكن لم تتعدى ابتسامهم ثغرهم حتى وجدوا زينب أمامهم قد ولجت كوحش ثائر قائلة بصياح : 


_والله على أخر الزمن بيتى بقا يلم اللى يسوى واللى ميسواش وعشان مين عشان حتة عيل مفعوص فاكر نفسه راجل، بس للاسف طلع عيل معرفش يدافع عن نفسه وأكل علقة سخنة .


قالت كلماتها اللاذعة تلك وهى تنظر إلى سليمان ثم شيكو وأخيرا أحمد الذى كان مذهولا لا يصدق ما تفوهت به والدته الذى كان يظن أنها ستكون أول  الناس فى استقباله وستذرف العبرات حزنا عليه ولكنه تفاجىء بنظراتها الشامتة وكأنها عدو لدود، فتجمعت العبرات فى عينيه قهرا وشعر أن رأسه ستنفجر من غليان الدماء بها .


وشعر الجميع بالحرج والإهانة وكان أول من تحدث هو سليمان فقال بحرج:


_طيب يلا بينا يا سفيان عشان ابن عمك يستريح.


تابعه شيكو بأسف: وأنا خدونى معاكم 


_محدش هيمشى من هنا .


قالها حمدى بغصة مريرة قد اجتاحت جسده الوهن فشعر بمرارة جوفه بعد أن استمع لكلمات زينب المشينة فى حقه وهو صاحب البيت وهو من تكون له الكلمة .


قال كلمته ونظر الى زينب وصاح بإنفعال:


_ اوعى تفتكرى يا زينب إنى هسكتلك بعد اللى حصل ده.


ايه خلاص افتكرتينى موت بالحيا ولا عشان مبقتش قادر أقف على رجلى فحسيتى إنى عاجز .


لا يا زينب أنا حمدى الجمال هفضل لآخر لحظة من عمرى راجل  ومش هسمحلك أبدا تفرقى شملنا .


اتسعت عين زينب بصدمة وكادت أن تفتك به لتمرده عليها واهانتها بهذا الشكل أمامهم ولكن قاطعها دلوف شفيق عندما سمع حديث أبيه فغضب لأمه وهاج وثار وصاح بعلو صوته: 


_أنت شكلك اللى كبرت وخرفت يا حاج لا مؤاخذة .


عشان تكلم الست اللى شالتك العمر كله بالطريقة دى وعشان مين جرابيع ميسووش حاجة وأولهم الغندور ابنك اللى طالع بيه السما عشان دكتور، بس بعون الله هنزله لسابع ارض .


لم يتحمل سفيان كل هذا الهراء والأحتقار على لسان شفيق فوقف أمامه يريد الفتك به وضربه قائلا: 


_ أنت ايه يا اخى شيطان، إزاى تكلم أبوك بالطريقة دى ..!!


ليقاطعهم حمدى بصراخه: أنا عجزت وخرف...ت يا شفييق .


خرجت كلماته مقطعة من الصدمة التى لم يتحملها وقد شل لسانه وتيبس جسده ليسقط من بين يديهم .


فصرخت شهيرة: باااااابا.


وتبعها صراخ أحمد: بااابا 


_حد يلحقنا بدكتور بسرعة .


سفيان بفزع: عمى .


ايدك معايا يا شيكو ندخله اوضته وانتِ يا شهيرة اتصلى بدكتور مراد يجى حالا .


 وعندما حضر الطبيب وقام بالكشف عليه قال: 


_للأسف الحج إتعرض لصدمة ونتيجتها حصل ليه الشلل المفاجىء ده .


 اكفهرت ملامح سفيان ونطق بآسى: يعنى ايه يا دكتور، هيفضل كده على طول !


الطبيب: العلم عند الله بس للأسف عشان عمر الحاج وضعف جسمه ممكن يطول معاه شوية، لكن الله أعلم ممكن مع العلاج الطبيعى والابتعاد عن التوتر تحصل معجزة ويرجع لحالته الطبيعية .

.......

عندما تجتمع شياطين الإنس، فقل يارب سلم وأعلم إن كله بقدر الله.

أغلقت زينب الباب عليها حتى لا يسمع أحد الحديث بينها وبين شفيق وقالت بإمتنان: يخليك ليه يا ابن بطنى، عملت الواجب وزيادة مع الجرابيع اللى تحت ورديت كرامتى اللى أبوك بعزقها عشان شوية بهايم .


أمسك شفيق يد والدته ولثمها بفمه قائلا: أنا أفديكِ بروحى، أنتِ غالية عندى يا حجة .


 لمعت عين زينب بفرحة وقالت : تعيش ويطول فى عمرك يا ضنايا .


وعشان كده أقعد عشان عايزة أكلمك فى موضوع مهم .


فجلس شفيق وعينيه تنطق بالشغف والفضول لما ستقوله والدته .


ليجدها تقول بخبث وهيسيس: قلبى حاسس ان أبوك كده مش هيطول .


ففرصة قبل ما يتكل على الله ويريحنا وهو مش قادر يكلم دلوقتى، إنك تخليه يبصم على تنازل لجميع ممتلكاته ليك ولأخوك شاهين .


تعجب شفيق وتسائل : أنا وشاهين بس ..؟

طيب وشهيرة ؟


فعبست زينب وقالت بغيظ: كفاية عليها ابن سليمان واللى هيورثه من أبوه، أما فلوسنا احنا يستحيل تروح لحد غريب .


أومأ شفيق: عندك حق يا حجة .


المهم عايزة امتى ده يحصل..؟


زينب بصوت يشبه فحيح الافعى: حضر بس أنت ورقك، وأنا هراقب أبوك وأول ما أشوفه يروح فى النوم، هناديلك تجيب الورق وتدخله ونخلص .


يااه نفسى اشوف وش أحمد حبيب أبوه لما يعرف إنه ملهوش عندنا جنيه واحد، وساعتها طبعا مش هيقدر يكمل كليته اللى شايف نفسه بيها دى، ويروح يمسح عربيات عشان يجيب لقمته ويتلقح فى اى خرابة ينام فيها، عشان أول ما حمدى يموت هطرده على طول .


فتعالت ضحكات شفيق بغل وأكد: هيحصل قريب اوى .

......

غادر الجميع بحزن  بعد أن أستغرق حمدى فى النوم بفعل المهدئات، لتزوره فى أحلامه شمس .


عندما تركها تلك الليلة فى شقته وعاد هو إلى منزله ينتظر بفارغ الصبر شروق الشمس للذهاب والإطمئنان عليها .


وفى الصباح ذهب إليها مسرعا ولكنه لم يشىء أن يكون بمفرده حتى لا يعرضها للحرج، لذا مر على تلك السيدة المسنة التى تمتلك المنزل، فرحبت به كثيرا وعندما علمت بأمر شمس تخللت السعادة إلى قلبها قائلة:


_ الله أكبر، يعنى ربنا عوصنى على كبر أن يكون ليه بنت تونسنى، يا خير ما فعلت يا ابنى .


ومتقلقش عليها طول ما هى موجودة معايا .


وتعال عشان نطلعلها عشان مشتاقة أشوفها .


طرق حمدى الباب، ففزعت شمس ووقفت ترتجف من الخوف قائلة :


 _مين على الباب ؟


شعر حمدى بمقدار الخوف فى صوتها فطمئتها قائلا:

_ أنا حمدى يا شمس إفتحى ومعايا الحجة فوزية .


فسرعان ما ابتسمت شمس وأسرعت لفتح الباب، لتتلاقى أعينهم بشوق، خجلت هى على أثره فاخفضت بصرها .


حمدى مشيرا إلى الحجة فوزية: أهى يا ستى شمس اللى قولتلك عليها .


الحاجة: أهلا يا بنتى نورتى الحتة كلها وتعالى كده فى حضنى، ده أنا مصدقت شوفتك وقولت أنتِ اللى هتنوسى وحدتى .


فعناقتها شمس بحب وشعرت بإرتياح فى عناقها كأنها تعانق والدتها فهمرت الدموع من عينيها .


وكانت دموعها كخدوش فى قلب حمدى تأثر لها وقال بحنو: 


_كفاية دموع يا ست البنات وعايزين نشوف الإبتسامة الحلوة من أول النهاردة .

وقوليلى فطرتى ولا لسه ..؟


شكلك بيقول لسه ، أنا هنزل أجيب أحلى فطار يفتح النفس .

.........


مرت ياسمين أمام شيكو ، فتعلق نظره بها ودق قلبه نبضات عالية، فتعمدت هى تجاهله حتى تثير حنقه .


فأخذ يدندن: يا حلو صبح يا حلو طل .

نهارنا ابيض، نهارنا فل .


فطالعته بطرف عينيها قائلة بتهكم: صوتك وحش على فكرة .


 ابتسم شيكو وأمسك بأعلى قميصه قائلا بفخر : عجبنى .


 زى الغزال اللى بيكلمنى دلوقتى .


ونفسى يحن عشان خلاص القلب داب واتهلهل ومبقاش ينفع يتخيط .


إشتعلت نـ.ار الحب فى قلب ياسمين ولكنها رسمت على وجهها الجمود حتى لا تفضحها عينيها وقالت: 


_ده بعينك، روح قول الكلام ده لوحدة من الجرابيع اللى تعرفهم لكن أنا لا .


اتسعت عين شيكو وقال بغضب مصطنع:


_مين الخاينة اللى فتنت عليه، والله لأربيهم كلهم .

واعملهم بلوك لأجل عيونك يا جميل .


يتبع ....


نختم بدعاء جميل ❤️ 


الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمنْ خَافَكَ وَاتَّقَاك واتَّبَعَ رِضَاك .


تكملة الرواية من هناااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا








تعليقات

التنقل السريع