رواية فراشة المقبرة الفصل الثلاثون والواحد والثلاثون بقلم اسماعيل موسي
رواية فراشة المقبرة الفصل الثلاثون والواحد والثلاثون بقلم اسماعيل موسي
#فراشة_المقبرة
٣٠
❋❋❋
كانت الخطوات الثقيلة لزهرة تدق الأرض الصلبة، عينها مشتعلة بغضب لم يهدأ رغم تحذيرات زوجة سالم التي سارت خلفها، خائفة، مترددة، تحاول أن تثنيها عن هذه المواجهة الجنونية.
— "دكتورة زهرة، بالله عليكِ… دي نار! نار مش هتعرفي تطفيها!"
لكن زهرة لم تلتفت، لم يكن بوسعها أن تصمت، أن ترى هذه المرأة تُسحق تحت سلطة رجل لا يعرف الرحمة، رجل ظن أن كل شيء وأي شيء مباح له.
وقفت أمام بيت العمدة، كانت الأضواء لا تزال مضاءة، والصمت المخيف يحيط بالمكان.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم رفعت يدها ودفعت الباب بقوة حتى كاد ينخلع من مكانه.
اقتحمت الدار دون تردد، صوت صرختها الحادة اخترق الجدران:
— "علي النزاوي! اطلعلي حالًا!"
تحرك رجال العمدة بسرعة، بعضهم نهض من مقاعده في فناء الدار، وآخرون تقدموا نحوها بحذر، غير معتادين على رؤية امرأة تقتحم المكان بهذه الطريقة، انها حتى لو كانت طبيبه او عالمه فأنها امرأه فى نهاية الأمر
—العمدة فين؟ ارتفع صراخ زهره وسط نظرات رجال النزاوى الغاضبه
خرج العمدة من داخل المجلس، يربت على عباءته السوداء، عيناه كانتا هادئتين، لكنه ابتسم ابتسامة بطيئة وهو يراها واقفة هناك، غاضبة كالعاصفة.
— "يا سلام… الدكتورة زهرة بنفسها مشرفانا فى البيت؟
كان صوته ناعمًا، متلاعبًا، لكن زهرة لم تهتم بذلك، تقدمت نحوه بخطوات ثابتة، حتى كادت تصل إليه، وقالت بحدة:
— "إنتَ عارف أنا جاية ليه، فبلاش لف ودوران!"
رفع العمدة حاجبيه وكأنها أدهشته، ثم ضحك بخفوت وهو يقول:
— من شايفة إنكِ داخلة بعنف اكتر من الازم؟
ثم القى نظره بطرف عينه على زوجة سالم جعلتها ترتعش
صاحت زهره — "سبها فحالها بصلى انا الى بكلمك
لمعت عينا العمدة بلون داكن، وكأنه استمتع بالتحدي الذي أمامه، لكنه لم يُظهر غضبًا، فقط اقترب منها ببطء وقال بنبرة خافتة:
— "إنتِ فاكرة نفسكِ مين يا مره ؟ فاكرة إنكِ تقدري تدخلي بيتي، وتتكلمي بالطريقة دي من غير عقاب؟
لم تتراجع زهرة، بل رفعت رأسها وقالت بوضوح:
— "مش هسيبك تستغلها! مش هسيبك تظلمها أكتر من كده!"
وقف الرجال في المكان مشدوهين، لم يكن أحد قد رأى امرأة تتحدث مع العمدة بهذه الطريقة من قبل، وكأنهم لم يصدقوا أنها ما زالت واقفة على قدميها.
العمدة ابتسم ببطء، ثم استدار وأشار بيده إشارة خفيفة، فجأة، أحاط بها الحراس من كل الجهات.
___كتفوها
صرخت زهره متقدرش تعمل كده، البلد فيها قانون فيها شرطه، انت مش الحاكم بأمره
رفع العمده على النزاوى حاجبه، الحاكم بأمره ده مش هو الى اجبر الشعب المصرى ياكل الملوخيه؟
لم يتلقى على النزاوى رد من رجاله
شعرت زهره بالقبضات الخشنة تمسك بذراعيها، حركتها العنيفة لم تفدها، كانوا أقوى منها بكثير، صرخت:
— "إبعدوا عني! إبعدوا!"
لكن صوتها ضاع بين ضحكة العمدة، الذي استدار نحو زوجة سالم المرتجفة، أشار إليها بأصابعه وكأنه يستدعيها كحيوان أليف.
صرخت المرأة برعب، جثت على الأرض ممسكة بأطراف عباءته، تبكي بحرقة، تتوسل:
لكنه لم يكن يستمع، لم يكن يرى أمامه سوى ما يريد.
أما زهرة، فقد كانت تكافح بين أيدي الرجال الذين قيدوها بقوة، ضغطوا ذراعيها للخلف، شعرت بألم شديد في مفاصلها، صرخت بكل ما أوتيت من قوة:
— "يا جبان! إنت جبان! لو راجل بجد، سبني وواجهني بنفسك!"
لكن العمدة لم يلتفت إليها، فقط التفت إلى رجاله وقال ببرود:
— "خلوا الدكتورة تتفرج… يمكن تتعلم
ثم أمسك بيد المرأة بعنف، جذبها بقوة حتى كادت تقع، وبدأ يسحبها إلى الداخل، رغم صراخها، رغم استغاثاتها التي ملأت المكان.
أما زهرة، فقد ظلت تصرخ… لكن أحدًا لم يستمع إليها.
ورحمة امى يا على النزاوى لدفعك التمن، اغمضت زهره عينيها لم تقوى على تحمل ما يحدث، كانت المرآة التى جلست أمامها زهره تعرض كل شيء بالبطيء
تقيأت زهره أكثر من مره كادت روحها ان تزهق وهى تسمع صرخات المرأه واستغاثتها
خدوها على القبو وأدبوها أمرهم على النزاوى بعدما انتهى من المرأه
البت دى لازم تتعلم تحترم العمده
جر الرجال زهره نحو القبو وقيدت فى سقف الغرفه رفع احد الرجال سوطه امام عينى زهره المرتعبه
ومع اول جلده عاد الألم إلى جسد زهره، عادت الذكريات التى حاولت دفنها
يد الحارس التى جذبتها من تحت السرير
الأقدام التى تسير بين جثث عائلتها ثم وجه على النزاوى
وهو يعتدى عليها، يعتدى على طفله لم تكمل عامها الحادى عشر
توقفت زهره عن الصراخ، اعصابها لم تعد تنقل الألم إلى جسدها، كانت تشم رائحة جسدها المحترق
تلك الليله فى ذلك البيت كان على النزواى الذى قتل كل عائلتها
واصل الرجال جلدها حتى تقطع قميصها عندما توقفت عن الصراخ ظنو انها ماتت
توقفو عن الضرب وركضو على العمده الذى أمرهم ينقلوها بسرعه دون أن يراهم أحد إلى الوحده الصحيه
ثم بعد ذلك غير اوامره القوها فى حديقة الوحده الصحيه الخلفيه واحرصو ان لا يراكم احد
طيب وهند يا سعادة العمده زوجة حامد؟ دا هى إلى استنجدت بيها وشافت كل حاجه؟
خلوها تحصل جوزها يمكن توحشته بنت تفيده، أمرهم العمده بلا اهتمام
همس احد الحراس والدكتوره يا كبير؟ اديها طلقتين فى نفوخها؟ احنا مش محتاجين وش ووجع دماغ؟
اوماء العمده على النزاوى برأسه للحارس الذى ابتسم وانطلق خلف الرجال
#فراشة_المقبرة
٣١
٣١
❋❋❋
كانت زهرة ملقاة في الحديقة الخلفية للوحدة الصحية، جسدها مُغطى بالكدمات والدماء، والبرد ينهش عظامها كوحش جائع.
على الجانب الآخر، تحرك الحارس المكلف بقتلها عبر الحقول المظلمة، بندقيته تتأرجح على كتفه وفى فمه سيجاره كليوباترا استخسر ان يتخلص منها قبل آخر نفس
عندما اقترب من الحديقة الخلفية، أخرج بندقيته ومشى ببطيء كأنه يسير داخل لوحه، وضع ماسورة البندقيه على نفوخ زهره وتنهد استعنا على الشقى بالله
في لحظة، تحرك ظل من بين الأشجار، شيء داكن، سريع، كأن الليل نفسه انقضّ على الحارس.
قبل أن يدرك ما حدث، شعر بشيء حاد يُغرس في رقبته، لم يكن لديه وقت للصراخ، فقط شهق وهو يسقط أرضًا، الدماء تتدفق منه بصمت
زهرة، التي بالكاد كانت قادرة على رفع جفنها، رأت شبحًا يقترب، ظلاله تندمج مع العتمة.
لم تستطع أن ترى ملامحه، لكن صوته كان خافتًا، حادًا كحد السكين
— "لسه فيكي الروح؟"
حاولت أن ترد، لكن حلقها كان جافًا، بالكاد استطاعت تحريك شفتيها.
ثم شعرت بذراعه القوية ترفعها عن الأرض بسهولة، وكأنها لا تزن شيئًا.
كانت هناك أصوات في البعيد، رجال يتحركون، يبحثون، تأخر الحارس فى قتل زهره
عندما وصلو المكان الذى تركت فيه زهره وجدو الحارس مذبوح ملقى على الأرض
لكن الرجل المجهول لم يكن قلقًا، سار بها عبر الأشجار وكأنه يعرف كل زاوية في هذا المكان.
قبل أن تفقد وعيها تمامًا، لمحت وشمًا على يده، رمزًا قديمًا محفورًا في الجلد، كأنه ندبة أكثر من كونه رسمًا.
ثم عمّ الظلام.
❋❋❋
حين فتحت زهرة عينيها، كان الضوء خافتًا، يتراقص على الجدران الحجرية من وهج نار موقدة.
الهواء كان باردًا لكنه مشبع برائحة التراب والرطوبة، وكأنها في مكان دفين تحت الأرض.
حاولت تحريك يديها، لكنها شعرت بوهن رهيب، وكأن جسدها قد تحطم بالكامل.
— "أخيرًا فوقتِ."
كان الصوت قادمًا من مكان قريب، صوت رجولي منخفض، خشن بعض الشيء.
التفتت بصعوبة، فوجدت رجلاً يجلس عند النار، ظهره منحني قليلاً، يشحذ سكينًا طويلة بحركات بطيئة متكررة.
كان يرتدي ملابس داكنة، وشعره مبعثر كأنه لم يرَ مشطًا منذ زمن.
— "مين إنت؟" همست بصوت بالكاد سمعته هي نفسها.
لم يرفع عينيه عن السكين وهو يجيب:
— "واحد… مش مهم اسمه."
حاولت زهرة أن تدفع نفسها لتجلس، لكن الألم انفجر في جسدها، شهقت وارتجف جسدها بالكامل. نظر إليها الرجل أخيرًا، وكأن محاولتها أثارت اهتمامه.
ثم عاد إلى سكينه، كأنها لم تقل شيئًا، استأنف شحذها بهدوء
❋❋❋
حاولت زهره ان ترى وجهه لكنه الرجل كان يغطى وجهه بوشاح وعندما مد لها كوب ماء لاحظت زهره الندوب على يديه
بقايا جرح او حرق لم تكن متأكده لأنها كانت تفقد وعيها بأستمرار
انا عايزه دكتور نطقت زهره عندما استطاعت ان تفتح فمها
خدنى على الوحده الصحيه؟
لا همس الرجل بنبره حياديه، رجالة العمده فى كل مكان
انا دهنت جسمك بخليط أعشاب هيخليكى تشعرى بالراحه
أعشاب ايه يا جدع انت؟
احنا فى العصور الحجريه؟ خدنى على الوحده الصحيه
ولما لاحظت صمته همست زهره، انا عارفه انك ساعدتنى لكن انا محتاجه دكتور ضرورى
نهض الرجل أسقط جسده داخل معطفه وضع سكينه فى جيب بنطالة،ثم همس انتى مش هتتحركى من هنا غير على بيتك يا دكتوره خليكى هنا انا هجيبلك الدكتور لحد هنا
ثم اختفى بعيد عن نظرها
بعد مده حضر دكتور الوحده الصحيه يحمل حقيبته يلهث من التعب وعلى عينيه وشاح يمنعه من الرؤيه
عندما وصل ازال الشاب وشاح الدكتور الذى شهق من المفاجأه
زهره؟ همس الدكتور بقلق
انا اسف يا دكتور، كان لازم اعمل كده لأن العمده ورجالته ممكن يستدعوك او يعذبوك لحد ما تقر بمكان زهره
همس الشاب قبل أن ينزل قرب نبع ماء قريب وقد غطى كل وجهه وجسده، اول ما تخلص نادى عليه
عالج الدكتور جروح زهره وتحدث معها بهمس عن ضرورة ابلاغ الشرطه لأنه لا يثق فى ذلك الشاب الذى يحجب وجهه
لو كلن عايز يعمل حاجه وحشه يا دكتور مكنش كلف نفسه وجابك تعالجنى، اتفضل امشى انت مش لازم العمده ورجاله يلاحظو حاجه
انا خلصت صرخ الدكتور وهو يحمل حقيبته
اسف مره تانيه همس الشاب وهو يغطى وجه الدكتور بوشاح
ثم قاده فى طرق ملتويه قبل أن يجد الطبيب نفسه فى الطريق العام
تعليقات
إرسال تعليق