رواية وكر الافاعى الفصل الثالث والاربعون والرابع والاربعون بقلم امانى جلال حصريه
رواية وكر الافاعى الفصل الثالث والاربعون والرابع والاربعون بقلم امانى جلال حصريه
43/44
- هنروح نطلق،! ما إن نطق كلامه هذا حتى أنهى المكالمة على الفور من دون ان ينتظر منها أي رد
وقعت هاتان الكلمتان كالصاعقة على رأس الأخرى مما جعلها تنهض من رقدتها التي كانت فيها، أخذت تنظر حولها بتشويش لتجد نفسها بثياب ليلة امس لم تغيرهم فقد نامت بهم ودون غطاء وبأحضانها قميص ذلك الأناني.
رفعته بيدها و أخذت تنظر له قليلا ثم وضعته الى جانبها بأهمال، ثم نهضت بشرود هل هو الآن اتصل بها وأخبرها بأنه يريد الانفصال عنها رسميا
نعم هي من طلبت ذلك، نعم هي كانت تريد ذلك ولكن الوجع الآن كبير عندما جاء هذا القرار منه هو طيضا و وافق عليه.
ذهبت الى المرآة لترى نفسها وحالتها التي يرثى لها. كانت ببقايا مكياج ليلة امس هذا غير الكحل السائل والملطخ حول عينيها لتتحول به إلى شبيهة الباندة مع شعر وثياب غير مهندمين...
اقتربت أكثر وأسندت كفيها على درج الزينة وأخذت تنظر إلى داخل بؤبؤها الأسود تريد أن ترى انعكاس جروحها وتكلمهم بنفسها، لتهمس بصوت مسموع.
- عايزة ايه ياميرال، صارحيني أو بمعنى أصح كنتي مستنية ايه غير ده، هي دي النهاية اللي لازم تتكتب وتكون، مش هينفع تكون غيرها
ده موت احساسي وحبي ليه هاستنى إيه منه تاني بعد ما خلاني أعيش بماضي أسود وكل ده ليه حصل، عارفة ليه، لأنك حبيتيه، شفتي آخرة حبك ليه وحشه أزاي، دي فرصتك عشان تخلصي روحك منه.
لأن ده ماينفعش يتسامح، سااامعة، ماينفعش، الإنسان ده ماينفعكيش افهميها بقى، ليه عايزاني أفضل معه وأضحي بكرامتي، عايزة ذكرى حلوة مرينا بيها سوا معه تكون صادقة بجد تخليني أشفعله مش لاقية، مافيش حاجة عملها معايا تخليني أسامحه فيها
ده أنا فتحتله قلبي للآخر والنتيجة كانت إني ترميت مذبوحة بالحياة مهانة، واللي أنا فيه دلوقتي والانكسار اللي معشعش جوايا ماجاش من فراغ
عايزة إيه مني ياميرال، فهميني عايزة ايه.
عايزاني أضحي ليه! فاضلي ايه عشان أخسره. ده أنا خسرت كل حاجة، برافو عليه ابن اللداغ ماسبش فيا حاجة سليمة أعيش عليها
صمتت وهي تضغط على شفتيها وهي ماتزال تنظر لنفسها وما إن أخذت تبكي رغما عنها حتى قالت من بين اسنانها وشفاهها ترتجف بحرقة قلب
ماتعيطيشششش، ليه تعيطي ليه. هو بينا ايه عشان تعيط عليه...
نظرت الى صدرها بالتحديد إلى ذلك الذي يصرخ وجعا لتقول له بحون، هو احنا مش قولنا نسينا خلاص، وإنك لازم تسمع كلامي لأني أنا ماعنديش استعداد إني أعيش يوم كمان، ماعنديش!
سحبت منديل ورقي واخذت تمسح وجهها بقوة لتزيل عنها آثار بكاء ليلة امس ولكن عينيها خانتها فهي ما إن بدأت تمسح حتى نزلت دموعها مرة أخرى لترتفع شهقاتها بالتدريج.
رمت المنديل بتعب ثم أخذت تفتح سحاب الفستان وهي تتوجه للحمام الخارجي وما إن دخلته و أغلقت الباب على نفسها حتى فتحت الدوش وما إن تساقطت عليها قطرات الماء بغزارة حتى جلست على الأرضية وهي تتكور على نفسها بعدما دفنت وجهها بين ركبتيها وهي تشهق بعنف ولكن بصوت خافت...
ومع كل شهقة تخرج منها تشعر بانشقاق بداخل صدرها وكأن غصاتها تخرج من أعماق روحها قبل جسدها...
بعد مدة قليلة أخذت تسند نفسها بكفيها تريد النهوض، الآن ليس وقت الانكسار، وما إن نجحت بذلك واستقامت حتى أكملت فتح السحاب لترمي عنها الفستان
ورفعت وجهها للأعلى وهي مغمضة العينين وهنا تذكرت أول قبلة لهما معا كيف أخذها منها رغما عنها، كيف سرقها منها كما سرق كل شئ جميل فيها.
عضت شفتيها وهي ترجف قهرا، ثم التفتت وسحبت الشامبو و أخذت تغسل شعرها بقوة وهي تتذكر كم كان يخبرها بأنه يعشق شعرها هذا بنعومته لتقسو يديها على خصلاتها بشكل تلقائي وكأنها تريد أن تقطعه بأناملها...
تشعر بالعجز فهي لا تعرف كيف توقف ذلك النابض المجنون عن حبه بررررغم كل العيوب الموجودة فيه
لم تنساه للحظة، نعم تكرهه بشدة وبنفس المقدار أو أكثر تحبه، ما هذه اللعنة ياالله!
غبية أليس كذلك، نعم غبية، هي بالفعل تريد اعتزال ما يؤذيها ولكنها تحبه لالا بل تعشقه. ياااالله. مالحل و أين الخلاص، ما هذا المرض الذي أصابها من سنين ويرفض أن يتركها...
ضحكته الماكرة أصابتها بأسهمه ونظراته الوقحة أسرتها مدى الحياة، لقد أهانها! أهان حبها وجسدها وكرامتها وأهلها، هان كل ما فيها وبرغم هذا هناك بصيص أمل داخل قلبها الأحمق تتمنى فيه أن تنجمع معه مرة أخرى...
ولكن مستحيل ستصغى لذلك الصوت الذي بداخلها، ياسين انتهى ولن يعود، نعم انتهى
ختمت كلامها مع نفسها بجملتها الأخيرة وهي تفتح عينيها بقوة غريبة وكأن التي كانت منهارة من قليل ليست هي...
أغلقت الماء وسحبت منشفة كبيرة وما إن وضعتها عليها حتى خرجت وذهب الى غرفتها حافية القدمين
تاركة خلفها آثار خطواتها.
لتبدأ بتمشيط خصلاتها الناعمة ثم أخذت تجففه وما إن انتهىت حتى رفعته للأعلى على هيئة كعكة ثم فتحت دولابها وأخرجت لها طقم رسمي كلاسيك بنطال مع سترة مخصره بيضاء مع بدي صغير أسفله أسود
لتتوجه الى المرآة وأخذت تضع بعض اللمسات من المكياج لتخفي تعبها الواضح وانتفاخ أجفانها ما إن رسمتهم من الأعلى بالكحل ثم أخذت تضع المسكارة على رموشها الطويلة بثقة ثم وضعت أحمر شفاهها الفاتح جدا.
ثم سحبت الدبوس من شعرها لينزل كالريش الأسود من الحرير نعم فيه تموجات خفيفة ولكنه جميل عليها للغاية أعطاها حيوية، أخذت تمشطه هذه المرة بأناملها وتصففه
كانت تجهز نفسها وتقوم بروتينها وهي جامدة الروح تتصنع الثقة والقوة حتى بدأت بالفعل تشعر بأنها الآن أفضل بكثير، أما عينيها ارتدت بهما نظرات باردة مزينة باللامبالاة أتقنت تمثيلها لدرجة بأنها صدقت نفسها...
أبتسمت بسخرية على مظهرها الأنيق هذا، من يراها الآن يظن بأنها بقمة تألقها، تنهدت بصبر ثم التفت وأخذت حقيبتها اليدوية مع هاتفها وما إن خرجت من غرفتها حتى وجدت داليا تضع الفطور على الطاولة لترفع نظرها لها بابتسامة واسعة وهي تقول بحب
- صباح الخير يا حبيبتي، تعالي افطري معايا.
كادت أن ترفض إلا أن رنين هاتفها ارتفع لتجده سبب وجعها يتصل بها لتضغط على زر الإجابة، وما إن وضعته على أذنها حتى أتتها نبرته المتغطرسة وهو يقول بصيغة أمر وكأنها عبدة عنده
- أنتي فين انزلي، أنا تحت بقالي ساعة...
رفعت حاجبها بضيق من أسلوبه لتقول بهدوء متعمد
- هفطر و أنزل
- افطري بعد ما أحررك مني وقتها هتتفتح نفسك أكتر.
- لا وقتها مش هفطر هعمل بارتي، و دلوقتي خليك تحت مستني لغاية ما أخلص واجي. ما إن ختمت كلامها حتى أغلقت الخط بوجهه من شدة غيظها منه
لتسألها داليا باستغراب: مين ده، عمر!
ذهبت وجلست على الطاولة وأخذت تسكب الشاي لها وهي تقول: لأ ياسين
قطبت داليا جبينها وقال باستفسار
- عايز إيه من الصبح كدة.
- هنطلق، قالتها وهي تضع قطع السكر في كوبها لتشهق والدتها بطعامها و أخذت تسعل بشدة لترفع ميرال كأس الماء وقدمته لها ثم أعادت گالعادة نظرها لطبقها وبدأت تتناول فطورها بسكوت تام
لتشرب داليا الماء ومسحت فمها وأخذت تنظر لها ولبرودها هذا لتقول بستغراب: انتي بتتكلمي جد
- أيوة، ما إن قالتها حتى ردت عليها بحيرة
- طب ازاي اقتنع
- معرفش أنا طلبت الطلاق وهو وافق.
- ياسين وافق كدة عادي، ما إن قالتها حتى أخذت تمضغ طعامها بهدوء ثم قالت وهي ترفع منكبيها
- مايوافقش ليه،!
- لأنه بيحبك
جرت نظرها عنها وهي تقول بعدم قبول لما سمعته
منها الآن: بالله عليكي يا ماما هو اللي زيه يعرف الحب
داليا بجدية: أنا عارفة وأنتي عارفة أنه بيحبك
- حتى لو بيحبني ده مش هيغير حاجة من ناحيتي ولا هيأثر على قراري بانفصالي عنه وهو شكله فهم ده واستسلم للأمر الواقع.
- أنتي مرتاحة بقرارك ده والا بتضغطي على نفسك
نظرت لها وهي تسند ساعديها على سطح الطاولة
- أنتي شايفة ايه
- شايفة إنك تتمني تسامحي
- أديكي قولتيها تتمني يعني مجرد تمني ومش كل حاجة عايزينها بتحصل، قالتها وهي تمسح فمها بخفه ثم نهضت لتسئلها والدتها
- على فين،؟
أخذت تحمل متعلقاتها: نازله ليه مستنيني تحت
- مش هتقولي لباباكي
- بابا مشغول مع سيلين
- هيزعل.
- هبقى أصالحه، سلام، ما إن قالتها حتى ذهبت للباب الرئيسي ومسكت الأوكرة لتفتحه حتى توقفت عندما سمعت والدتها تقف خلفها وهي تقول
- ميرال يابنتي فكري كويس، أنتي بتحبيه سامحي
ياسين تغير، سامحي و عيشي حياتك، العمر بيجري ومش هيقف عند حد
- أديكي قولتيها مش هيقف عند حد، سلام...
قالتها وهي تعطيها ظهرها ثم تركتها وخرجت وما.
إن أغلقت خلفها الباب حتى ضغطت على زر المصعد عدة مرات متتالية وما إن مرت ثواني فقط حتى تركته وأخذت تنزل الدرج بهرولة
وما إن انتهت منه حتى رفعت شعرها الذي كان قد نزل على وجهها لترتدي نظاراتها الشمسية السوداء وخرجت لخارج العمارة بثقة مدروسة بالمللي لتزداد خطواتها بطء عندما وجدته يسند نفسه على سيارته وهو يكتف يديه أمام صدره.
أما ياسين ما إن رفع رأسه لها ليجدها بكامل أناقتها الفتاكة ليبتسم بسخرية من قهره لتلمع عينيه من تحت النظارات بحزن وهي تقول مع نفسه
- طبعا هتضحك ماهو الوجع اللي بيا مش فيك
اعتدل ياسين بجسده ثم فتح الباب لها وأشار لها بالدخول لتتجاهله هي وتذهب للباب الخلفي وما إن فتحته حتى وجدت الآخر يغلقه بغضب وهو يقول
- أوعي تكوني مفكرة إني السواق بتاعك بجد.
التفتت له ونزعت نظاراتها لتنظر له بغرور يليق بها ثم قالت: هو أنت تطول تبقى السواق بتاعي
حرك رأسه بنعم ثم أشار لها للمقعد المجاور له لتصعد هي هذه المرة بصمت. ليغلق لها الباب ثم ذهب لمكانه لينظر إلى السماء الغائمة وكأنه يترجى ربه أن يعطيه الصبر لتحمل ها الوجع
صعد هو الآخر وما إن استقر خلف المقود حتى انطلق لأقرب مأذون...
كان الوضع بينهما مفعل ع الصامت ولكن لم يخلوا من النظرات المبهمة بينهما وخاصة من ياسين الذي كان مبهور من صمودها هذا...
لم كل هذا الجمود، مستحيل هذه حبيبته. مستحيل كيف استطاع تشويهها بهذا الشكل
انعصر قلبه بشكل كبير ما إن توقف أمام المكتب الخاص للزواج والطلاق...
نزل كالرجل الآلي ما إن وجدها نزلت هي بسرعة وكأنها اختنقت من وجودها معه بمكان مغلق لترتدي نظاراتها بسرعة ما إن اقترب منها وكأنها تريد حرمانه من النظر لخلاصه، عينيها الخلاص بالنسبة له، لتتخطاه للداخل وكأن الذي معها لا وجود له
لم كل هذا الاستعجال للانفصال عنه، عند هنا ولم يتحمل أكثر ليضرب سقف سيارته بقبضته عدة مرات، يالله كم هي أنانية!
أخذ ينظر لمدخل المكتب الذي اختفت بداخله، ليضع يده على موضع قلبه وأخذ يكلمه بانكسار رجل: دلوقتي تعلمت الوجع بيكون ازاي، دلوقتي عرفت غلاوتها عندك بعد ما خسرتها اشرب ياسين اشرب
تستااااهل اللي بيجرالك
دعس بقدمه على وجع قلبه ودخل خلفها وما إن وجدها تجلس بانتظاره حتى نظر للمأذون والشهود الذين كانوا بانتظارهم فهو جهز كل شئ قبل مجيئه.
ذهب وجلس أمامها تماما ولم يفصل بينهم سوا طاولة صغيرة، نظر للمأذون الذي أخذ يلقي عليهم خطبته بكلماته المعتادة بأن أبغض الحلال عند الله الطلاق
أعاد نظراته الحمراء المتجمرة بالدموع النارية لها ولكنه لم يرى منها سوا الرفض واللهفة التي اتقنتها للخلاص منه...
وعند هذه النقطة شعر بأنه أصبح أصم عن ما يجري حوله لا يعرف ماذا حصل، جرى كل شئ بسرعة لينطق لسانه بتلك الكلمة التي ذبحته للوريد...
كيف نطقها! لايعرف هوووو حقا لا يعرف كيف نطقها، لتنزل دمعة منه ما إن حرر حروفها من لسانه...
تجمدت ميرال بمكانها ما إن رأت دمعته كيف نزلت ليتم وضع الأوراق أمامها لتنظر للأوراق وأخذت تخط اسمها بأنامل ترتجف تريد التماسك أمامه وأن لا تنهار فدمعته هذه هدت كيانها وثباتها المزيف...
وما إن انتهت حتى دفعت الورق نحوه بعدما أدارتها له و وضعت القلم أمامه ليرفع ياسين طرف فمه بتهكم فقد رأها كيف تمضي دون تردد...
ليمسح وجهه بقوة ثم أمسك القلم بأعصاب أخذ يخط اسمه بضغط قوي بأسفل الأوراق هو الآخر
وما إن انتهى حتى رماه بغضب
أما ميرال ما إن تأكدت أن كل شئ تم حتى نهضت وخرجت بعدما استأذنت منهم لينهض هو الآخر وصافحهم بسرعة وخرج خلفها مسرعا وما إن وجدها أوقفت تاكسي حتى ركض خلفها وقبل أن تصعد سحبها من عضدها وجعلها تلتفت له وأخذ ينظر لها بتمعن ليرفع يده وينزع عنها نظاراتها ليجد عيونها غارقة بالدموع الحارقة.
ميرال تبكي!، أخذ يحرك رأسه بنفي بهدوء وهو يمسح دموعها ثم أمسك وجهها بحتواء، وقال بعشق صادق حتى النخاع
- عملت اللي أنتي عايزة وحررتك مني مالوش لازمة الدموع دي دلوقتي، أنا مستهلهاش ولا هطلب منك إنك تسامحيني لأني بردو ماستاهلش ده، هابعد عنك زي ماطلبتي وعيشي حياتك، بسسسسس اختاري واحد صح المرادي، وأوعي كمان تختاري واحد بيحبك أقل مني عشان ما تقتلنيش مرتين مع إني أشك إنك تلاقي حد يحبك نص حبي ليكي...
بحبك ميرال بحبك أكتر من نفسي عشان كدة فضلت سعادتك على سعادتي، وأنتي عارفة ده معناه ايه، أنتي عارفة معنى بعدك إيه بالنسبالي، فعشان كدة امسحي دموعك دي وعيشي صح المرادي على الأقل ماتخليش تضحيتي ليكي تروح كدة
نزلت دموعها أكثر ليهمس لها بجرح. هشششششش ثم قبل جبينها بقبلة طويلة ليبتعد عنها بسرعة وكأنه نسى نفسه أنه بمكان عام ما إن سمع سائق التاكسي قال بضجر
- ماتخلصونا بقى ياأستااااذ.
نظر ياسين ليميرال التي مسحت دموعها وصعدت بسرعة بالخلف ليدفع هو الأجرة و أوصاه عليها ثم ابتعد عن طريقهم لتنطلق السيارة بعيدة عنه بعدما أخذت روحه معها إلى نقطة لا رجوع بها
أما عند ميرال ما إن ابتعدت عن المكان حتى وضعت يدها على وجهها وانفجرت بالبكاء غير آبهة للسائق الذي أخذ ينظر لها من المرآة باشفاق على هذا الثنائي الحزين.
علي الجهة الأخرى. في القاهرة بالتحديد بالكافتيريا التي أمام المستشفى، كان ينتظر تلك المجنونة التي تأخرت ساعة من الزمن عن موعدهم، فقد كان متفق معها أن يتناولا فطورهما معا.
تأفأف للمرة الألف وهو يحرك قدمه بنزعاج وما إن نفذ صبره حتى نهض بنفاذ صبر وذهب الى المستشفى وما إن دخل إلى داخلها حتى وجدها تمشي مع أحد الأطباء وهي تضحك من كل قلبها بعفويتها اللذيذة لتجعل ذلك الأهبل الذي معها يهيم بها وبسحرها الجميل هذا عشقا، للحظة شعر حودة بأن نيران الغيرة تندلع بصدره بشكل مفرط لم يتحمل هذا المنظر أكثر.
تقدم منها بهدوء كاذب وما إن وصلها حتى دخل بينهما بجسده ونظر لها ليجد نظرات الاندهاش انعكست على معالمها ليمسك رأسها بين يده وأخذ يمسد على شعرها ليلتفت للآخر الذي سأله بانزعاج وهو يربت على كتفه من الخلف
- أنت مين؟
- خطيبها ياروح امك، قالها وهو يعالجه بلكمة ليفترش على الأرض جعلت هدى تشهق بفزع من ردة فعله الغير متوقعة هذه...
كاد أن يضربه إلا أنها منعته من ذلك وهي تمسك ذراعه وأخذت تنظر له بذهول وهي تقول.
- أنت تجننت ايه اللي عملته ده
عض سبابته بقوة ثم مسكها من رسغها وسحبها خلفه وتوجه بها الى غرفة الاستراحة الخاصة بها لتمنعه من سحبها له وهي تقول: أنت واخدني فين
نظر لها باجرام ثم سحبها بقوة لغرفتها وما إن دخلها حتى أغلق الباب بقوة ودفعها عليه وأخذ ينهج وهو يقول: اااايه اللي أنا شفته ده
هدى بصدمة ممزوجة بخوف
- شفت ايه، هو في ايه.
- في ااايه، في إنك يا حلوة واقفه معه وهاتك ياضحك، ميييييين ده، ما إن صرخ بها بغضب أسود حتى ردت بسرعة
- دكتور معانا والله
- ما أنا عارف أنه زفت، واقفة بتهببي ايه معه، قال الأخيرة وهو يضرب الباب براحته بقوة جعلها تنكمش على نفسها بخوف أن تأتي إحداها بها عن طريق الغلط
لتنظر له بخوف أكبر ما إن سمعته يقول: ردي عليا...
وبعدين تعالي هنا هو أنا مش متفق معاكي نفطر مع بعض بقى تسبيني ملطوع بالكافتيريا عشان اجي ألاقيكي مع ده
نظرت له هدى ببراءة وأخذت تقول بتوضيح
- مش كدة والله أنت فاهم الموضوع غلط بس مشكلتك دايما تتصرف باندفاع وعصبية
- امممم قولتيلي أتصرف باندفاع وعصبية، حاضر هتصرف بذوق أكتر من كدة طيب ممكن تفهميني الصح ايه. حلو كدة كلامي ولا عندك تعديل عليه.
- لا حلو كدة، ما إن قالتها حتى صرخ بها بانفعال جعلها تنتفض أمامه برعب
- اشجيني بقى كنتي بتعملي ايه معه
ابتلعت لعابه وقالت بتبرير
- والله كان عندنا عملية مع بعض
مال برأسه نحوها وقال: والعمليه بتطلب منك الضحك ده كله معه.
- لا، بس هي جت كدة والله، قالتها وهي تنظر إلى يدها وتلعب بأصابعها بتوتر ليقترب منها أكثر بعدما سحرته بحركتها هذه ليضع سبابته اسفل ذقنها ورفع وجهها له ليطبع قبله خفيفة اسفل شفتيها ثم ابتعد وأخذ ينظر لها بقربه هذا منها ليجدها لا تقوى على النظر له لينطق بخفوت حاد
- المرادي سماح عشان ماتقوليش بالطجي واني مش متحضر، آخر مرة تقفي مع ذكر ربنا خلقه...
ممنووووع أنتي بتاعتي أنا وبس، مفهوم...
مفهوووووم ولا أعيد، قال الأخيرة وهو يقرص خاصرتها بقوة لتتأوه بين يديه وهي تقول بألم
- مفهوم، بس وحدة بوحدة بقى
رفع حودة أحد حاجبيه بحدة وقال بصوته الخشن
- يعني ايه،!
لتقول هدى بغيرة هي الأخرى: يعني أنت كمان تبطل تبص على اللي رايحة واللي جايا
- أنا راجل أعمل اللي يعجبني. قالها وهو يسند يده حولها ليصبح وضعها ظهرها للباب وهو امامها وقريب منها بشدة ويديه أصبحت الآن تحتجزها من كلا الجهتين.
كانت حالتها بين الخوف والخجل والغيرة إلا أنها نست كل هذا ورفعت نظرها له بقوة عندما سمعت ما قال، لتدفعه من صدره ولكنه لم يبتعد بل التصق بها أكثر عندما وجدها تصرخ به بغيرة
- يبقى تنساني أنا مستحيل أرضى بالحال ده
- ده أنا المستحيل انساكي، وبعدين أنتي بتفكري بمين دول فين وأنتي فين ازاي تقارني نفسك فيهم
نطق كلامه هذا بصدق نابع من داخله فهو ينظر لهم فقط ليغيظها لا أكثر. يستمتع ان يرى غضبها وغيرتها عليه.
- اسمعني يا حودة. يا أنا يا هما، اختار؟
- أنت طبعا، قالها وهو يطبع قبلة على ارنبة أنفها بخفة ثم أنزل يده من منكبيها ببطء إلى الأسفل حتى وصل كفيها وأخذ يغلغل أنامله بخاصتها ثم رفعهم لفمه واخذ يقبلهم بشغف ثم أخذ يبتسم لها بسعادة عندما وجدها تنزل رأسها بخجل ليقبل فروة رأسها بقوة ثم سحبها له واحتضنها بحنان
وأخذ يهمس لها عند أذنها: جهزي نفسك الليلة جاي أخطبك من أهلك
نظرت له بلطف وقالت: بجد!
حرك رأسه بنعم وقال بتأكيد
- أيوة بجد، إيه مش موافقة
- هاا، قالتها بتلعثم لتجده ليقول
- مش مهم موافقتك هاخدك ليا يعني هاخدك
قالتها بعدم رضا مصطنع وهي تضربه على صدره بقبضتها: غصب يعني؟
- أيوة هاخدك ليا غصب. عندك اعتراض، ما إن قالها حتى حركت رأسها بنفي ثم دفنت رأسها بخجل بصدره، ليحاوطها الآخر بشكل أقوى وهو لايصدق بأن حلمه بامتلاك حبيبته أصبح قريبا جدا
في المزرعة الخاصة بشاهين اللداغ.
كانت تقف عند باب المطبخ وهي تسند نفسها عليه وتنظر لذلك الذي كان يستوطنها وما زال كيف يتعامل مع ابنته المدللة سيلا...
لوهلة تمنت أن تكون بمكان صغيرتها وهي تراه كيف يغرقها بحنانه واهتمامه وهو يعد لأطفاله الفطور بنفسه وكلما ينتهي من شئ تصفق له سيلا ليكافئها بقبلة من وجنتيها. وما أن انتهى من كل شئ حتى حملها وجعلها تجلس على الطاولة و وضع أمامها الفطار أمام ابنته، ثم التفت لتلك التي تراقبه منذ وقت طويل مما جعلها تجفل برموشها بخفة عندما وجدته يلتفت لها وأخذ ينظر لها بنظرات جعلت ذراعيها تنسدل الى جانبيها.
من عمق تركيزه بها ليقترب منها وما إن وصلها حتى لطخ وجنتها بالدقيق وهو يسئلها
- سعد فين
مسحت وجنتها ونظرت له بحدة من تصرفه هذا وهي تقول: قاعد مع بابا برا
- متعلق فيه أوي، قالها وهو ينزع المريول لترد عليه بتأكيد
- أكيد هيتعلق بيه. بابا بيعامله كصاحب ليه مش حفيد وبس
أومأ لها ثم قال وهو ينظر لها: كرم سعد الجندي وشهامته معايا كتر أوي، أول مرة كبرلي مراتي وخلاها تاخد العقل كدة والتاني راعى ابني.
سيلين بنبرة خافته نوعا ولكنها حادة لكي لا تسمعهم تلك الشقية: أنا كنت مراتك. ما تنساش النقطة دي
- مش ناسي، بس هرجعك، ما إن قالها هو الآخر بصوت خافت حتى نظرت له بغضب ممزوج بقهر وقالت
- كدة عادي عايزني أرجعلك ولا كأنك أذتني قي يوم، شاهين أنت استغنيت عني بمزاجك محدش ضربك على إيدك فمتجيش دلوقتي تعيشلي بدور الضحية
شاهين بتبرير: أنا عندي أسبابي.
لتقاطعه سيلين برفض لسماعه: احتفظ بيها لنفسك أسبابك دي لأن بعد كل السنين دي مش هتفرق معايا
- لازم تسمعيني، ما إن قالها بإصرار حتى قالت برفض
- مش عايزة، و أوعى تفكر وجودي هنا عشانك لاااا
أنا هنا عشان اولادي اللي مالهمش ذنب بده كله غير إن أبوهم أنت، غلطة لما اخترت ليهم أب زيك وفكرت إنك ممكن تكون إنسان سوي في يوم
- ماتعذبنيش فيكي أكتر من كدة
- هو مين اللي عذب التاني.
- سيلينا أنتي، ما إن تكلم حتى قاطعته وهي تقول
- انا كنت لعبة بإيدك مش أكتر، حاجة عجبتك واستعصت عليك ف أخدتها غصب وقولت بالمرة انتقم من سعد بيها ماهي نقطة ضعفه وبيموت عليها، ضربت عصفورين بحجرة وحدة...
جمعت مابين المتعة والأنتقام مش كدة
ختمت كلامها هذه وهي تنهج لينظر لها بصدمة...
مجنونة هل تظن نفسها كانت له مجرد متعة
ألا تعرف بأنها حياته وبما فيها. وبغيابه عنه أظلمت دنيته.
فتح فمه ليتكلم ويصحح لها تفكيرها العقيم هذا إلا أن صوت جرس الباب منعه من ذلك ليضطر أن يتخطاها ليذهب ليرى من الطارق وما إن وصل الى الصالة حتى وجد سعدالجندي يضع حفيده على الأرض و وقف هو الآخر لينظر الى سيلين التي أتت خلفه وعلامات الانزعاج تزين وجهها
أما عند شاهين ما ان فتح الباب حتى وجد أمامه ااااء.
44=رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الرابع والأربعون
- يحيى...
همس بها شاهين بابتسامة عريضة وهو يفتح الباب كله ليمد يده بسرعة لذلك الشقي الذي رمى نفسه عليه بلهفة طفل محب وهو يقول
- عمو شاهين وحشتني.
- حبيب عمو، قالها شاهين بابتسامة واسعة وهو يقبل وجنته بقوة غير واعي لسعد الصغير الذي ابتعد عنهم وهو ينظر لهم بغيرة شديدة فمن هذا الذي استقبله والده بكل هذه الحرارة وقبله ايضا ولكن ما إن وجد بلال يقبله هو الآخر من فكه حتى خرج للحديقة الخلفية بحزن والدموع محبوسة بعينيه الجميلة.
أما شاهين قطب جبينه بتركيز عندما نظر لأخيه الروحي الذي تجمدت أقدامه بشكل ملحوظ والتصقت بمكانها كالغراء وكأنها تعطلت عن الحراك لتمنعه من إكمال سيره ما إن وجد امامه، سعد الجندي وتوأمه اااااخر من يتمنى رؤيتهم الآن...
نعم يا سادة، هؤلاء آخر من يتمنى رؤيتهم فهو يشعر بأنه غير مستعد لهذا...
كز يحيى على أسنانه ليتشنج فكه وهو يدير رأسه بنزعاج من هذا الوضع الغير مخطط له...
ليبتلع لعابه بغصة ثم نظر إلى شاهين الذي كان يراقب الأجواء المشحونه وقبل أن يتكلم الآخر أو ينظر له حتى بعتاب لعدم اخباره لوجودهم، هنا سمع سعد الجندي يقول بجدية وهو يقترب منه ويضع يديه بجيب بنطاله
- مش هتسلم، يا أبن ماهر
أبعد نظره عنه وقال بتهرب: أهلا.
- بس اهلا، لا كتر خيرك، قالتها سيلين بانزعاج واضح ف الآخر بارد كالثلج معهم، فهي لم تتمالك أعصابها ما إن رأت والدها سيموت له شوقا و الآخر يرد ببرود تام عليه وكأنه يمن عليه بالكلام بغطرسته وغروره المزعج
التفت لها يحيى وقال بستفسار
- ليه أنتي عايزاني أقول ايه،!
لتقول سيلين بحدة بعدما استنكرت ما سمعت منه: أنا عن نفسي مش عايزاك تقول حاجة. عارف ليه، لأني حاسة إننا مش فارقين معاك ف أنت كمان أكيد مش هتفرق معانا
رفع حاجبه بوجع داخلي وقال: بقى كدة
ردت عليه سيلين بانفعال فهو نجح باستفزازها: أيوة كدة، و مافيش حد أحسن من حد، يعني لو أنت مش عايزنا طاق احنا مش عايزينك من الأساس
- سيليناااا، قالها شاهين وهو ينزل بلال من أحضانه.
بعدما فتح عينيه عليها بذهول من هجومها هذا الغير متوقع فهو ظن بأن لقائهم الأول سيكون دراميا
اما عند بلال اللداغ ما إن لامست أقدامه السيراميك حتى ذهب بسرعة نحو تلك التي كانت تخرج رأسها من باب المطبخ وهي تسرق بعض النظرات لهم كالفأرة
لتعود سيلا أدراجها الى داخل المطبخ بسرعة لا بل جرت للجهة الأخرى وخرجت من باب المطبخ إلى الحديقة الخلفية ما إن وجدت ذلك الغريب يأتي نحوها لتتوقف ما إن سمعته صوته المتسائل.
- أنتي مين؟!
التفتت وهي تنظر له بغضب بعدما عقدت حاجبيها بقوة فهي ايضا غارت على والدها منه لتقول بحدة طفولية
- أنا سيلا...
نظر لها بلال بأعجاب وقال وهو يذهب نحوها وأخذ يملس على شعرها الناعم الطويل
- اسمك حلو ياسيلا، وعنيكي حلوة وشعرك حلو كمان وطويل أوي
ابتسمت باتساع لا بل ضحكت بفرحة شقية مليئة بالبراءة من إطرائه عليها هذا مما جعلها تقول
- أنا حلوة!
- أيوة حلوة، بس أستني أما اذوقك عشان أتأكد إنك حلوة. قالها وهو يقترب منها و يقبلها من وجنتها شديدة النعومة ولكن قبل أن يعطيها رأيه بمذاقها وجد هناك من يدفعه عنها بقوة ليسقط على الأرض الصلبه يتأوه بألم وهذا الشخص لم يكن سوه سعد اللداغ الذي أخذ ينظر لذلك المتطفل الذي ما إن دخل حتى استولى على أحضان والده وجاء الآن ليستولي على توأمه.
شهقت سيلا من فعلة أخيها لتنظر له باستغراب وهي تقول: ليه كدة ياسعد حرام ده طيب أوي بيقول على سيلا حلوة...
- تعالي ماتلعبيش معه، ما إن قالها سعد بغيرة وهو يمسك يد أخته ليمنعها من الذهاب له إلا أنها كان لها رأي آخر عندما سحبت يدها منه لتذهب نحو ذلك الغريب لتقول وهي تملس على ذراعه بلطف
- متزعلش من سعد ده طيب والله ماكنش يقصد.
- مش زعلان، ما إن قالها وهو ينظر بغضب لذلك الذي دفعه حتى ابتسم بشكل لها عندما وجدها تسأله بفضول
- أنت اسمك إيه
- بلال
- اسم قديم مش حلو، ما إن قالتها بعدم إعجاب حتى كرمش بلال وجهه بانزعاج منها ونهض عن الأرض وتركهم ودخل إلى والده
فعلته هذه جعلت سيلا تنظر إلى أخيها باندهاش من تصرفه هذا وما إن وجدت الآخر يلتزم بالصمت حتى ذهبت خلفه لترى ما به
قبل هذه الأحداث...
في الصالة كانت الأجواء مشحونة بينهم وخاصة من طرف سيلين التي كانت تتمنى ان يكون لديها شقيق في يوم من الأيام وما إن تحقق حلمها بمعجزة الاهية بالنسبة لها حتى تفاجئت بعدم تقبل الآخر لهم
كانت تتوقع بأنه ما إن يعلم بوجودهم سيأتي لهم بلهفة ولكن عكس ذلك حصل تماما...
لينطق يحيى بعد صمت دام قليلا
- مين اللي قال إنكم مش فارقين معايا
رفعت طرف شفتيها بسخرية ممزوجة بقهر: تصرفاتك، أسلوبك...
يحيى بضيق: ليه كل الهجوم ده منك، ده أنتي مابقالكيش خمس دقايق معايا لحقتي تشوفي كل ده ازاي، ياريت تدي فرصة للي قصادك يعرف على نفسه صح
عقدت سيلين ساعديها أمام صدرها وقالت
- كنت هديك فرصة لو جيت شفتنا بإرادتك، بس أنا متأكدة بإنك لو كنت عارف اننا هنا ماكنتش جيت مش كدة
- فعلا، ماكنتش هاجي، ما إن قالها بصدق حتى صرخت به بحرقة لرفضه الواضح لهم
- ليه!
يحيى باعتراف- لأني لسه مش مستعد أشوفك كدة.
مسكت شعرها وجعلته على جهة واحدة وهي تتنفس بصوت مسموع ثم أعادت نظرها إليه وهي تقول بتعجب بعدما فردت أصابع يدها أمامه
- خمس سنين مش مستعد، خمس سنين عارف بوجودنا و بتتهرب مننا، ليه كل ده! هااا ليه هو أنت محتاج كم سنة كمان عشان تيجي تشوفنا
رفع يحيى حاجبية بذهول وقال بصدمة بعدما نظر لشاهين وعاد بعينيه عليها
- هو أنتي كنتي عارفة من وقتها إني!
أكملت عنه بقهر ما إن رأت تردده الواضح.
- أخوكي، قولها مستنكر منها كدة ليه ولا مش قد مقامك يااااا باشا، أوعى يكون أصلك اللي عرفته متأخر مش عاجبك والا حاجة
- سيلين الكلام مايبقاش كدة ده أخوكي، ما إن قالها سعد الجندي حتى نظرت له ابنته بحزن ثم قالت بوجع
- مش لما يعترف بالأخوة اللي بينا في الأول يا بابا
ضغطت على شفتيه وأخذت تحرك رأسها بنعم بقهر لا يوصف ثم أكملت بعناد واصرار بعدما نظر لها والدها بتحذير ألا تكمل كلامها القاسي هذا معه...
ماشي هسكت بس بعد ما أقول اللي عندي، واللي هو فرصة سعيدة يا ابن اللداغ، و أتمنى الصدفة اللي جمعتنا دي دلوقتي ماتتكررش تاني، والمكان اللي تشوفنا فيه ياريت تطلع منه، وااااء
- سسسسسيلين، ما إن نطق والدها اسمها بحدة حتى ضربت قدمها بالأرض بقهر شديد لأن هناك كلام كثير بداخلها تريد اخراجه ولكن والدها يرفض ذلك...
لتنظر تارة لأخيها وتارة أخرى لسعد الذي ترى التحذير يشع من حدقتيه وهذا ما جعلها تتأفأف بغضب ثم تركتهم وخرجت الى الحديقة الأمامية تاركة الساحة خلفها لهم.
لينظر يحيى الى أثر توأمه كيف اختفت من المكان وما إن لحق بها شاهين حتى استدار و نظر إلى خاله وقال باختناق حاول أن يداريه بلامبالاته
- وأنت مافيش كلمتين محشورين بزورك عايز تطلعهم.
- طبعا عندي، ما إن قالها سعد بتأكيد حتى سحب يحيى نفس عميق و سأله باستعداد كاذب
- اللي هما؟
ابتسم سعد له بحزن وقال: هي إنك فرحة جتلنا من غير ميعاد يا ابن سعاد، يا ابن بنت قلبي إللي ماتت بدري وسابتلي أمانة هدت حيلي وكسرت ظهري
يحيى بعدم تصديق: أنا فرحة، هو حضرتك متقبل وجودي أصلا. يعني معترف بيا، كدة عادي...
- عندك شك بكدة، ما إن قالها سعد حتى صمت قليا و أخذ يتمعن به ثم أكمل بابتسامة صغيرة.
علي فكرة سيلين شبهك بحاجات كتير وبما فيهم لو العينين
زفر يحيى أنفاسه بنزعاج وقال: أعمل بالشبه إيه وهي مش طايقاني
قطب سعد جبينه باستغراب: مين اللي قال إنها مش طيقاك...
- أنت ماشفتش عملت ايه من شوية، ده كان ناقص تضربني بالقلم
ابتسم سعد وقال بتاكيد: على فكرة كانت هتعملها فعلا لو أنا مش موجود بوسطكم.
ضحك بخفه ما إن رأى اندهاش الآخر. ليكمل بثقة أيوة كانت هتعملها ماتستغربش، أختك مجنونة زيك لما تزعل بتضرب وتتخانق عارف ليه لأنك بتهمها طول ماهي مولعة كدة اطمن بأن مكانتك عندها لسه زي ماهي و إنك لسه بالنسبالها حاجة ليها قيمة ومن قهرتها بتتصرف كدة
بسسسس خاف لما تلاقيها عكس كدة لأن ساعتها هتبقى بجد أنت مش فارق معاها...
شرد يحيى بكلامه ثم قال باستفسسار- ده طبع سيلين طب وميرال فين وياترى رد فعلها هيكون ازاي...
- ميرال! أهي دي بقى اللي يتخاف منها بجد لأنها دايما هادية وراسية و ردة فعلها غير متوقعة بس أكيد هتفرح أوي لما تشوف سندها
ما إن نطق سعد كلمته الأخيرة حتى شعر يحيى بخنجر مسموم يطعن قلبه حقا لينطق لسانه بتلقائية
- بس أنا مش عايز أشوفها ولا تشوفني.
ختم كلامه وهو يعتصر عينيه بوجع فعن أي سند يتكلم هذا، ألا يعلم بأنه كان شاهد على انكسار اخوته بنفسه لا بل ساعدهم بذلك أيضا، ياا الله ماهذا الوجع الذي هو به الآن...
خرج من دوامة جلد الذات على يد خاله الذي أمسكه بعنف من تلابيب ثيابه لينظر له بصدمة من فعلته هذه وخاصة عندما وجده يقول بحدة
- وبعدهالك يا يحيى هتتعدل امتى هتفضل لحد امتى تهرب من أهلك...
أبعد يده عنه باحترام وقال بتوتر: أنا مش بهرب أنا بس اااء
- أنت ايه، أنت ولا حاجة، أنت محتاج تربية من أول و جديد
- الهجين رباني، ما إن قالها حتى حرك سعد يده بعدم رضا وهو يقول
- رباك ده ايه، ده الهجين بتاعك بنفسه محتاج تربية...
إلا قولي أنت متجوز صح والطفل اللي كان معاك ابنك؟
- أيوة
- فين مراتك
- في البيت.
- كلمها خليها تيجي ونتغدى سوا، ما إن قالها سعد حتى نظر له يحيى باستغراب لطريقته معه ليرد عليه الآخر عندما لاحظ علامات التفاجؤ تسكن ملامحه
مالك بلمت كدة ليه، استغربت اني بعزمك ببيت مش بيتي...
- لاء مش القصد، بس حضرتك بتتعامل معايا وكأنك تعرفني من سنين...
- اذا كان كدة مش هلومك لاستغرابك ده لأني أنا كمان مستغرب من نفسي، و دلوقتي ياله قوم كلم مراتك خليها تيجي وهاتلي ابنك عايز أشوف حفيدي
- حفيدك!
- هو مش بيقولوا الخال والد، قالها وهو يربت على ذراعه ليرد عليه الآخر
- ايوة
- يعني أنا دلوقتي والدك، يبقى ابنك حفيدي ولا أنت رأيك ايه، ما إن قالها سعد حتى أومأ له يحيى باختناق ثم تركه وابتعد عنه قليلا وهو يخرج هاتفه ليتصل ب حودة ليخبره بأن يذهب ل غاليته ويحضرها هنا.
أما في الخارج بالحديقة الأمامية و بالتحديد عند أشجار الحمضيات كانت سيلين تمشي بسرعة بينهم دون هدف وهي تفكر وتفكر ولا تعرف ماذا يجب أن تفعل أو كيف عليها أنا تتصرف
لتتباطئ خطواتها بالتدريج عندما بدأت تلمع الدموع بعينيها لتسند كفها على إحدى الأشجار وهي تكتم فمها بكفها الآخر، لا تعرف لما عليها ان تعيش كل هذه التناقضات بمشاعرها قبل ان يكون بواقعها، يالله لما كل شئ تتمناه يعاكسها القدر به.
أخذت تجلس ببطء ع العشب باستسلام ويأس تحت الشجرة ما إن حررت مقلتيها دموعها دون أستئذان، هناك غصة كبيرة تخنقها فعليا من كل ما يحصل معها الآن، الآن انتهى صبرها، الآن وجعها تضاعف عليها و أصبحت تعجز عن التحمل أكثر
خمس سنوات مرت عليها بمرار لم تذق بها الراحة أبدا قضتها كلها باستهلاك روحي بحب ذلك المعقد نفسيا
ممزقة هي الآن لم يبقى منها لا غرور ولا كبرياء ولا حتى بقايا روح، فقط عذاب في عذاب...
عانت المر والويل ولم تستطع البوح عن حزنها وما يدور من تقلبات في داخلها...
أخذت تبتسم بمكابرة لكل من كان ينتظر انكسارها لتثبت لهم العكس ولكنها تعلم مع نفسها بأن ذلك لم يكسرها فقط بل حطمها الى أشلاء...
لتلتزم الصمت وقتها لأن كل ماحصل لها بسبب حماقاتها هي، كيف عشقت من كان السبب الرئيسي لضياع عائلتها. كيف استسلمت له بإرادتها. كيف خللت أناملها بخاصته ظنا منها بأنه المناسب لها كيف تسرعت وانعمت بصيرتها بهذا الشكل المخزي، أين ذهب غرورها بنفسها وكبريائها!
ياااالله لقد ماتت، هي حقا ماتت في ذلك اليوم الذي سحب يده من يدها بعدما أطلق سراحها بالمنفى...
أغمضت عينيها بتعب ليزداد أنينها فهي لا تعرف كيف تحول بكائها من إنكار أخيها لهم إلى استغناء زوجها عنها...
حاوطت ساقيها بعدما سحبتهم نحو صدرها وما إن دفنت وجهها بين ركبتيها وضمت نفسها بانكسار حتى أطلقت العنان لحنجرتها لتخرج كل آهاتها المكبوته بداخلها، ظنا منها بأنها بعيدة عن الجميع الآن ولكنها لا تعرف بأن ذلك الذي تبعها كان يتمزق حرفيا على وضعها هذا.
ألمها هذا يؤلمه هو أضعاف منها، ثواني مرت أم دقائق مرت أم ساعات. لايعرف كم من الزمن مضى عليه وهو يراقب انهيارها هذا لتتحرك قدميه نحوها بشكل تلقائي ليجلس أمامها على إحدى ركبتيه
لترفع رأسها بقوة له لتتراجع خصلاتها للخلف وهي تشهق بصدمة ما إن شعرت بلمسة يده على رأسها.
أخذت تنظر له بعينيها الدامعة بغضب ليرجف فكها بمزيج من المشاعر المروعة ما إن بادلها نظراتها بترجي وهو يمد يده لها يريد أن يلمسها فقط إلا أنه قبل أن يصلها وجدها تضربه بعنف لتبعده عنها.
مال شاهين برأسه الى اليمين قليلا وهو يعاتبها بصمت. ليكرر فعلته فهو يريد أن يلمسها مرة أخرى إلا أنها عنيدة. كلما حاول معها تعالجه بضربه بشكل أقوى وأعنف من سابقتها حتى فقد صبره معها ليمسكها من عضديها وسحبها نحوه ليضمها لصدره بقوة جبارة.
لاااا لاااا هذا لم يكن مجرد حضن عابر بل كان عبارة عن تحطيم أضلاع فهو جعلها تئن من بين شهقاتها من شدة عنفه معها.
أخذت سيلين تقاومه وهي تحاول أن تحرر نفسها من مخالبه إلا أنه لم يسمح لها بذلك بل كلما أرادت التحرر وجدت نفسها أسيرته أكثر. ومن حرقة قلبها ورفضها لقربه هذا لم تجد امامها سوى أن تغرز أسنانها بصدره بكل قوتها
اعتقدت بأنها بذلك ستجبره عن الابتعاد عنها ولكن الغريب كلما زادت بعضتها له زاد تشبث الآخر لها
لتقلل من حدة أسنانها عليه بالتدريج فهي تذوقت طعم دمائه بفمها ولم يتركها!
رفعت رأسها له وأخذت تنظر له باستغراب لإصراره عليها خاصة عندما سمعته يقول وهو يمسح صدره بوجع
- عجبك كدة؟ كلبة أنتي عشان تعملي كدة
صعقت من كلامه هذا لتضربه بقوة على موضع العضة وما إن كادت أن تبتعد عنه إلا أنه منعها وهو يعتصرها بين ذراعيه وهو ينظر لها بتمعن عاشق ثم أكمل كلامه وقال بعدما طبع قبلة مابين عينيها...
خلاص ما تزعليش فداكي أنا وعيلتي كلها...
لم تعطي أي رد فعلا سوى أنها أغمضت عينيها بانزعاج ليقبل جفونها بعمق واحدة تلو أخرى. أخذ يتناوب عليهم بشوق حتى تبللت شفتيه من دموعها الحارة
ابتعد عنها إنش واحد فقط وأخذ يمرر أنامله على وجنتها وهو يتنفس أنفاسها بلهفة واشتياق حقيقي ليهمس لها بصدق
- بحبك
ردت عليه من بين أسنانها برفض
- مش عايزة حبك
لمع الوجع بحدقتيه وهو يقول
- بلاش تقتليني بالطريقة دي
ركزت بالنظر إلى عينيه بكل قوتها وقالت
- مش بحبك.
زادت أنفاسه غضبا فكيف لروحه لا تحبه هي ملكه هي روحه، عض على شفتيه ثم قال بسخرية
- لا ماهو واضع إنك مش بتحبيني فعلا...
مش بتحبيني وخلفتي مني توأم أومال لو بتحبيني هتخلفي كام
- وقح، ما إن قالتها بعصبية حتى ألصق شفتيه على وجنتيها وأخذ يمررها ببطء على بشرته الساحرة وهو يقول بلهاث من قربها منه
- وحشتني وقاحتي معاكي يا نور العين أنتي
أرجعت وجهها للخلف لتبعده عن مرمى شفتيها وهي تقول: بتحبني.
حرك رأسه بنفي وقال بمشاعر حقيقية: ده مش حب دي لعنة وصابتني وسحرتني فيكي، أنا تعبت في بعدك سيلين مش هترجعيلي بقى
- أبدا، ما إن قالتها بجدية حتى فك ذراعيه عنها واستقام بطوله وهو يقول بنزعاج من ردها هذا
- والولاد
نهضت هي الأخرى وأخذت تنفض ثيابها وتقول: هفضل معاهم مستحيل أسيبهم حتى لو هاعيش هنا مربية ليهم
صرخ بها شاهين بانفعال: يعني عندك استعداد إنك تعيشي مربية لولادك على إنك ترجعي على ذمتي.
سيلين بانفعال هي الأخرى: ذمتك دي مش عايزاها
تحلم أوافق عليك من تاني، و عقابك على اللي عملته فيا زمان هو إنك تشوف ولادك قصاد عينك بسسسس على اسم غيرك
لوى فمه بتهكم وقال: أنتي متخيله إني ممكن أسيبهم كدة، أقدر أثبت نسبهم وبسهولة كمان
نظرت له بتحدي وقالت: مش هتقدر تعمل كدة...
ضحك بغل وقال: إيه الثقة دي؟!
ابتسمت له بثقة وغرور واضح وهي تقول.
- مش هتقدر لأنك بتحبني. وأنت عارف كويس أوي لو إنك رفعت قضية نسب هينقطع آخر خيط مابينا، ولو انقطع بجد المرادي، هتبقى دي نهايتنا فعلا و وقتها لا عيلين ولا عشرة هيرجعوني ليك
صعق شاهين من كلامها هذا لا بل شعر بأن هناك جبال من الهم وقت على عاتقه ليقول بمرارة
- أنا مش حمل الاختبار ده ياسيلينا، أنتي ازاي عايزاني أسيب عيالي بأسم غيري.
رفعت ذقنها للأعلى بكبرياء وقالت بجبروت أنثى لا يليق سوا بأنثى الهجين: ده اللي عندي، أنت اللي اخترت يكون كدة، دي نتيجة تهورك معايا، أنت السبب، أنت اللي رفضت تثبت جوازنا، اااااشرب بقى ياهجين اشرب
ختمت كلامها وتخطته بعنفوانها إلا أنها توقفت بصدمة ما إن سمعته يقول من خلفها بتملك مجنون ونبرة غاضبة
- غصب عنك هترجعيلي سيلينا، غصب عنك النهاردة أو بكرة و أولادي عندي وهيكونوا بأسمي على طريقتي.
ثواني مرت عليها وهي تتنفس بعمق وما إن التفتت له بحدة حتى عادت أدراجها نحوه بخطواتها الغاضبة لتعالجه بسرعة البرق بصفعة عنيفة رج صوتها المكان رجا من قوتها لدرجة بأن صداها أخذ يتردد على مسامعهم بوضوح من شدته و.......
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق