القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السادس والسابع بقلم رحمه نبيل

التنقل السريع

     رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السادس والسابع  بقلم رحمه نبيل 




    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السادس والسابع  بقلم رحمه نبيل 



    6❤️‍🔥7

    لم تستطع رفع عينها من عليه ...كم يبدو وسيما عن قرب...تنهدت بهدوء شديد وكأنها تخرج لوعة قلبها في هذه التنهيدة ...نظرت لشعره الجميل الذي لطالما اغواها للمسة وبدون أدنى تفكير مدت يدها ببطء جهة شعره تود لمسه وتخليل أصابعها فيه لكن فجأة وجدت يده تمسك يدها بعنف وكأنه خطاف ..لتشعر بوجع في رسغها ...وصل صوته لها هادئ وناعس لكن رغم ذلك جعلها ترتعش خوفا :


    _بتعملي ايه ؟؟؟


    ابتلعت بثينة ريقها برعب وهي ترى نظرته التي تكاد تحرقها حية لتخرج حروفها متلعثمة بشكل يثير الشفقة :


    _ انا ...انا كنت ...كنت جاية اصحيك..مرات عمي هي اللي قالتلي اعمل كده .


    انهت حديثها سريعا وهي تتنفس بعنف ليرمقها هو بنظرات مليئة بالشك لكنها لم تمنحه فرصة الحديث حيث سحبت يدها سريعا وبصعوبة وتحركت جهة الباب سريعا مرددة بتوتر :


    _ فوق يلا وانا هحضرلك الفطار عشان مرات عمي نزلت تجيب حاجة


    انهت حديثها وهي تفتح الباب وكادت تخطو خارجه حتى سمعته ينادي اسمها بنبرة ما تزال يظهر فيها النعاس لكنها جادة مرعبة :


    _ بثينة ...


    استدارت له ببطء ترسم ملامح متعجبة على وجهها في انتظار حديثه ....ليبادر هو بالقول بكل جدية ناظرا لعينها :


    _ مينفعش تدخلي اوضة حد بدون استئذان وخصوصا لو شاب ...وكمان تقفلي الباب ...كده غلط وكبير اوي ..اتمنى متدخليش اوضتي تاني .


    أنهى حديثه وهو يسحب ثيابه من الأرض ليخفي جذعه العاري عن انظارها بينما هي ظلت واقفة تنظر له نظرات غامضة ..


    انتهى هادي من ارتداء الثياب العلوية الخاصة به ثم نهض متجها للباب تاركا إياها تقف جواره متصنمة ...خرج متجها للحمام الوحيد بالمنزل وهو يزفر بضيق لما كاد يحصل، دخل الحمام سريعا وأخذ يغسل وجهه بعنف ويمسحه بقوة وكأنه يرغب في نزع الجلد عنه نظر لنفسه في المرآة وهو يسب نفسه :


    _ غبي ...غبي 


    تنفس بعنف وهو يستند بمقدمة رأسه على الجدار يتذكر ما حدث منذ قليل فهو كان نائما يحلم بها كعادته وفجأة شعر بأنفاس ساخنة تضرب وجهه للحظة ظن أنها هي وأن خياله رأف بحالته وقرر استحضارها خارج أحلامه علّه يروي ظمأة لكن ...فشلت كل آماله ولم يكن الامر مخططا من خياله بل كان واقعا ملموسا وهو يفتح عينه ويجد بثينة ترمق شعره بنظرات غريبة ويدها تتجه له و دون شعور أو تفكير وكردة فعل طبيعية امسك يدها بسرعة قبل لمسة ....ماذا كان سيحدث إن كان انجرف وراء خياله اللعين وجاراه في الأمر ...كان يمكن أن....

    عند هذه اللحظة فتح عينه بصدمة وهو يمسح وجهه بغيظ شديد يستغفر وجهه...كان يمكن أن يؤذي بثينة أو يقول شيء هو نفسه يخجل منه ...فما بالك بفتاة .


    كانت هي ما تزال تقف في غرفته بملامح جامدة سرعان ما تحولت لبسمة مخيفة وهي تردد ترمق يدها بحالمية :


    _ اول مرة تلمسني يا هادي ...ومش اخر مرة يا قلبي 


    _____________


    كان الجميع يجلس على طاولة الطعام بهدوء ليرمق رشدي أخته التي لا تأكل سوى بعض الجبن المعد في المنزل وبعض الخضار حريصة على عدم لمس أي شيء آخر...ضرب بيده الطاولة بغضب شديد ليلتفت له الجميع بعدما كان كل شخص منتبه في شيء ..


    تجاهل رشدي نظرات والديه المتساءلة ليحدق في اخته بغضب شديد :


    _ شيماء كلي عدل ...


    نظرت له شيماء وهي تبتلع ريقها مرددة بخفوت :


    _  انا اسفة حاضر .


    و آه لو تعلم مقدار الالم الذي ينخر الآن في قلبه بلا رحمة بسبب تلك النظرة وقلة الحيلة التي تظهر في عينها ...هي تقتله بالبطئ تحرك من مقعده بهدوء ثم اتجه لها تحت نظرات الجميع المتعجبة ...انحنى قليلا جوار مقعدها وهو يمسك يدها بحنان فما لديه في هذه الحياة اغلى وأقرب لقلبه من صغيرته التي رباها على يده ورغم الفارق الصغير بينهم إلا أنه من طفولته كان هو فقط المسموح له بحملها صارخا في الجميع أن يتركوا دبدوبته وشأنها ....انحنى قليلا وقبل يدها بحنان :


    _ هو انا عمري ارضالك الوحش يا دبدوبتي ؟؟؟


    هزت شيماء رأسها برفض ليبتسم لها بحنان :


    _ يبقى ليه بتعاندي ؟؟؟ 


    صمت قليلا ولم يكن ينتظر منها إجابة حتى، ليقول بعد صمت طويل :


    _ انا حجزلتك عن دكتورة كويسة اوي الكل بيشكر فيها ..


    كادت تتحدث ليقاطعها برجاء :


    _ عشان خاطري، المرة دي انا هاجي معاكِ على طول بس تأكدي يا شيماء اني بعمل ده كله عشان النظرة التي في عينك دي ...بس انا لو عليا اقسملك بالله ما يهمني حاجة ابدا لاني بحب دبدوبتي كده بخدودها بكل حاجة فيها .


    ابتسمت له شيماء تحاول كبت دموعها وهي تهمس له بحب :


    _ ربنا يديمك ليا يارب يا رشدي .


    ابتسم لها رشدي بحنان وكاد يتحدث لولا كلمات والده التي اخرجتهم من شرودهم :


    _ لولا أنكم اخوات انا كنت شكيت فيكم ياض ...


    نهض رشدي وهو يضحك وتشاركه في ذلك شيماء ماسحة تلك الدمعة التي كانت على وشك الهبوط ....


    ضم رشدي رأسه شيماء والذي ولم يصل حتى لصدره وهو ينحني مقبلا إياه بحنان :


    _ لو ماكنتش اختي انا لا يمكن كنت احلها ابدا وهاجي الزقلك في البيت لغاية ما اتجوزها ...حد يلاقي الجمال الطعامة دي ويسيبها يا حاج ابراهيم ؟؟؟


    صمت ثم نظر لوالدته وقال بتذكر وهو يحمل اشياءه متوجها لعمله :


    _ اه صحيح يا ست الكل ابقى دلعي الراجل شوية لاحسن حالته بدأت تسوء ...


    أنهى حديثه ثم تحرك جهة الباب وهو يدندن الاغنية التي كان يغنيها والده البارحة ....


    نظرت والدته لابراهيم بشك :


    _ ابنك قصده ايه 


    ضحك ابراهيم بعنف يتذكر ما حدث البارحة :


    _ عيالك مش بيجوا غير في لحظاتي الخاصة اساسا سيبك منهم يلا همشي انا سلام عليكم 


    أنهى حديثه وهو ينهض مقبلا رأس زوجته وابنته ثم تحرك راحلا سريعا لعمله فهو يعمل محاميا في إحدى الشركات .......


    ابتسمت شيماء وهي تدعو الله أن يديم سعادة عائلتها ....


    _ صحيح يقطعني نسيت ابلغهم إن خالتك جاية بكرة ...


    انتبهت شيماء لحديث والدتها ذاك وهي تقول :


    _ خالتي ؟؟؟؟ غريبة يعني فجأة كدة؟؟؟.عموما تنور دي وحشتني اوي .


    هزت والدتها رأسها ثم قالت وهي تكمل طعامها :


    _ هتيجي هي وعيالها والمرة دي شكلهم هيطولوا هنا 


    رمقتها شيماء بتساؤل عن لمعرفة قصدها فأجابت والدتها ببسمة وهي تنهض حاملة الاطباق بيدها :


    _ اصل هما بيوضبوا البيت بتاعهم وانتِ عارفة هي ملهاش حد تروح ليه غيرنا وانا قولت بدل ما تأجر بيت تيجي هنا البيت واسع واوضتها فاضية ...


    انهت حديثها وهي تتحرك مبتعدة تاركة شيماء تفرك وجهها بتوتر شديد فقدوم خالتها وبناتها يعد بمثابة شرارة إشعال الحرب ........ والاسوء هو بقائهم مدة طويلة ...


    _ ربنا يعدي زيارتهم على خير ....


    ______________


    كانت تتمسك بباب شقتها وهي تتحدث بنبرة توشك على البكاء :


    _ يا ماما مش عايزة بالله عليكِ ..


    زفرت منيرة بضيق شديد وهي تجذبها اقوى لا تفهم سبب رفضها للذهاب عند الشيخ فهي منذ ساعة تقنعها أن تأتي معها وهي ترفض تماما حتى اضطرت لسحبها من المنزل دون حتى أن تبدل ثيابها فسحبتها وهي ما تزال ترتدي الاسدال الخاص بها والذي يسع لثلاثة أشخاص معها ......


    _ يابنتي تعبتي قلبي بقالي ساعة ...هو هياكلك ده حتى عسل وبشوش ....


    هزت فاطمة رأسها برفض وهي تكاد تبكي ..ماذا تخبرها أن هذا الشخص تحديدا من بين سكان هذه الحارة كادت تتسبب له في إعاقة دائمة أكثر من مرة ...بل اربع مرات إن صح القول :


    _ يا ماما والله هحفظ مع نفسي ...اقولك في شيوخ على النت حلوين اوي هحفظ معاهم..


    زفرت منيرة بغيظ من عناد ابنتها :


    _ وهما شيوخ النت هيسمعوا ليكِ ؟؟؟ طب ده الشيخ ده مفيش حد في الحارة كلها إلا أما شكر في أخلاقه ولطفه وطيبة قلبه ... وإن هو بيحفظ كل اولاد الحارة لوجه الله ....


    صمتت قليلا ثم أضافت ببسمة غبية كطفل صغير :


    _ طب ده حتى طلع مدبلج 


    ضحكت قليلا وهي تنظر لابنتها التي تعدل نظارتها بحنق وتلوي شفتيها بغيظ :


    _ ده كان بيكلمني زي المسلسل المكسيكي وبيقول "كيف اساعدك يا خالة ؟؟"


    انهت حديثها بفرحة شديد وكأن زكريا عاشق لها اعترف بعشقه بعد سنين فراق وليس فقط أنه تحدث أمامها ببضعة كلمات باللغة العربية الفصحى....


    لم تجب فاطمة بل استمرت بالعبوس ولكن منيرة لم تدع فرصة مستغلة تركها للباب ثم جذبتها سريعا من يدها على الدرج وهي تقول لها بإصرار شديد :


    _ هتروحي للشيخ المدبلج يعني هتروحي سامعة ..لازم تختمي القرآن وامشي رافعة راسي بيكِ كده واقول بنتي حاملة للقرآن....


    صمتت فاطمة ولم تجيب لرؤيتها نظرة والدتها الحزينة التي جعلتها تنسى كل شيء وتتجاهل اعتراضها :


    _ انتِ عارفة اني مدخلتش مدرسة ولا بعرف اقرأ ولا اكتب فعايزاكي تحفظي وتيجي البيت تحفظيني معاكِ عايزة احفظ القرآن يا فاطمة هو انا طلبي صعب ؟؟؟عايزة اقرأ سور جديدة في الصلاة يابنتي ..


    دمعت عين فاطمة لحديث والدتها وذهبت لها وضمتها مقبلة رأسها بحنان..هي لا ترفض أمر حفظ القرآن نفسه لكنها ترفض أن يكون هو المسئول عن ذلك ....لذا دعت أن يكون الرفض من عنده هو فكما تعلم عنه لا يقبل بالاقتراب من فتاة ...وهي وقتها ستجتهد وتبحث عن أي وسيلة أخرى تتعلم بها مع والدتها ....


    كان يجلس وهو يتلو بعض الآيات لحين وصول الفتيات ...لكن قطع خلوته تلك صوت والدته الهادي ينبئة بحضور السيدة وابنتها .....


    خرج بهدوء شديد يتبع والدته التي نادته من الداخل مخبرة اياه بحضور سيدة للقاءه..... تقدم زكريا خلف والدته مبتسما بهدوء شديد متحفظ ليقابل تلك السيدة المرحة التي قابلها منذ ساعة...


    ابتسم زكريا يتحدث بهدوء واحترام شديد لتلك المرأة بعمر والدته :


    _ايوة اتفضلي يا أمي.... جبتي الكتكوتة الصغننة عشان التحفيظ؟؟؟


    رمقته تلك منيرة ببسمة متحمسة بشدة فهي قبل أيام قليلة أتت له لتطلب منه تحفيظ ابنتها للقرآن الكريم ورغم أنه لا يمتلك طالبات كثيرات إلا أنه لم يرفض لتلك السيدة المرحة البسيطة طلبا فهي ذكرته ببساطة والدته فقد اخذت تلح عليه في تحفيظ ( كتكوتة ماما) كما تقول على ابنتها...


    _ ايوة يا شيخ اهي هي بس مك......


    توقفت عن الحديث وهي تستدير ولم تجد ابنتها بجانبها تلك الشقية التي تأبى وبشدة المجئ... زفرت بضيق وهي تلمح ابنتها تقف على الدرج المواجه لهم لتندفع لها بعنف شديد لا يناسب جسدها الممتلئ وهي تجذبها بحدة تصرخ بها :


    _يا بنتي بقى حرام عليكِ تعبتيني معاكِ هو هياكلك ولا إيه؟؟؟ 


    ابتسم زكريا يتفهم الأمر فدائما ما يحدث ذلك في أول مرة يأتي إليه طفل ثواني ووجد السيدة تقترب وهي تجذب تلك الكتكوتة التي......... توقف عقله عن العمل وهو يرى تلك الكتكوتة التي تُسحب بعنف خلف والدتها.... ودون أن يشعر وعلى غير عادته صاح باستنكار مشيرا لتلك الفتاة بعدما ابعد عينه سريعا عنها وقد لمح من نظرة واحدة أنها شابة  يتخطى عمرها العشرين عاما كما يبدو :


    _دي كتكوتة ماما؟؟؟؟؟


    تحدثت وداد من الخلف وهي تلوى فمها بمزاح :


    _كتكوتة ايه دي فرخة يا حاجة.........


    ضحكت منيرة بشدة وهي تنظر لابنتها التي كانت ترمق زكريا وكأنه على وشك الانقضاض عليها .....


    تحدثت وداد بحرج تخفي ضيق ملامح ابنها :


    _ طب اتفضلوا ادخلوا نتكلم جوا احسن .


    _ ماما يلا نروح البيت 


    كانت تلك الهمسة كافية لزكريا الذي كان ينظر لوالدته بأن يتعرف على صاحبة ذلك الصوت ... إنها تلك المصيبة التي لا تنفك تسبب له كوارث  .....


    ابتسمت لها منيرة وهي تتقدم مع ابنتها لداخل الشقة لكن فاطمة لم تتحرك بل استمرت بالنظر نحو زكريا بخوف حتى ناداتها والدتها بالدخول ....تقدمت فاطمة ببطء شديد لداخل الشقة وكادت تخطو نحو الداخل مارة بزكريا حتى ركض زكريا واحتمى في باب الشقة متمسكا به وكأنه سيحميه من المصائب .


    نظرت السيدتان له بتعجب لما يفعل لكن فاطمة هي فقط من تفهمت لما يفعل ذلك ....هو يظن أنها تتعمد احداث مشاكل له ....صمتت بضيق وهي تسير نحو الداخل وتتقدمها والدتها ووالدته وهو مازال يلتصق في الباب بخوف منتظرا أن تمر وتبتعد عنه ....


    لم تهتم فاطمة كثيرا وتحركت خلفهم وما كاد زكريا يتحرك غاضضا بصره واضعا عينه ارضا حتى وجد جسد الفتاة يفترش الارض وهي تتأوه بسبب  الاسدال الخاص بها والذي تعرقلت به....


    ورغم الموقف الذي هم فيه إلا أن زكريا ابتسم وقبل يده من الجانبين وهو يهمس بفرحة لنفسه :


    _ الحمدلله ..... الحمدلله ...قمر ولطف ...كان قلبي حاسس والله 


    نظرت له والدته بعدم فهم لحديثه ...هل هو سعيد لسقوط الفتاة ؟؟؟ام.....صمتت قليلا وهي تنحني وتساعد فاطمة للنهوض التي كانت تعبس بشكل مغتاظ...انتبهت وداد على فاطمة لتتذكر أنها نفس الفتاة التي سقطت على ابنها في المحل البارحة ...لتبتسم وهي تدرك جيدا سبب خوف ابنها منها فيبدو أنه خشي أن تكرر الامر ثانيا ولم تدرك وداد أنه لم يكن ليكون ثانيا بل ....خامسا .


    _______________


    _ يعني زوجة حضرتك طالبة الخلع يا استاذ ايه اللي مش مفهوم ؟؟؟


    كان ذلك صوت هادي الذي يجلس خلف مكتبه يستند بظهره على مقعده محركا قلمه بين أصابعه بهدوء شديد يراقب ذلك الذي يجلس أمامه وكأنه يجلس على جمر ....رفع الرجل عينه لهادي الذي كان مبتسما في انتظار رده :


    _ وإن رفضت ؟؟؟


    اعتدل هادي جيدا وهو ينظر الرجل بدقة :


    _ الموضوع مفيهوش تقبل وترفض ..لان حتى الاختيار ده مش متاح ...المدام طلبت طلاق بالحسنى وحضرتك رفضت يبقى ألقاك بإذن الله في محكمة الأسرة يا استاذ ....شرفت .


    أنهى هادي كلامه مشيرا لباب مكتبه بغضب مكبوت فهذا الرجل الذي حُسب للاسف على الرجال أتى ليغريه بالمال حتى يترك قضية زوجته كما فعل مع جميع من ذهبت لهم سابقا...فهو ليس بالهين بل هو  صاحب اكبر سلسلة محلات الذهب في المنطقة والمناطق المجاورة بينما زوجته مجرد فتاة صغيرة لا تليق سوى أن تكون ابنته لا اكثر ...بيعت له بأبخس الأثمان....و لأنها كانت من وجهة نظره بيعت له بثمن قليل إذا لا ضير من العبث بها وحتى تكسيرها إن أراد ...لكن ما لم يحسب له حساب أن تلك اللعبة الصغيرة التي أكملت الثامنة عشر منذ اسبوع لا اكثر....كانت تنتظر أن تكمل هذا السن ليسجل زواجهم رسميا وتبدأ محاولاتها في الفرار من أسر ذلك المريض الذي يقبل بالزواج بفتاة يكبرها بضعف عمرها .......


    _ يعني ده اخر كلام عندك ؟؟؟


    هز هادي رأسه وهو مازال يشير له على الباب :


    _ بالضبط آخر كلام فخليه يكون بالحسنى بدل ما تكون الذكرى الأخيرة مني مش لطيفة ...


    نظر له الرجل بشر فكل من ذهبت له زوجته سابقا استطاع اسكاتهم بأمواله لكن تلك الغبية لا تكل ولا تمل :


    _ قصدك ايه ؟؟؟


    ضرب هادي يده على المكتب بغضب لينتفض الرجل واقفا برع ويتبعه هو وينهض ثم صرخ به :


    _ يعني اطلع برة مكتبي حالا ......


    ارتعب الرجل من نظراته تلك ثم ابتلع ريقه و عدل من وضع عباءته البنية على كتفه ثم قال قبل أن يخرج لعله يحفظ ماء وجهه :


    _ تمام افتكر إنك اللي بدأت .


    تحرك هادي من خلفه مكتبه بعنف ولم يكد يصل له حتى تحرك الرجل للخارج سريعا وهو يهرول مرتعبا من ذلك الرجل الذي لا يخفى عنه قوته ....


    زفر هادي يحدق في أثره بضيق ثم اتجه صوب النافذة في مكتبه الصغير المتواضع والذي أختار أن يكون في منطقته .....فتح النافذة وهو يتنفس بضيق يمسح وجهه لكن لم يكد ينزع يده من على وجهه لتقع عيناه على مسكن جعل جسده يهدأ سريعا عكس ضربات قلبه التي ازدادت ....فتح النافذة أكثر وهو يقترب لينظر لها جيدا تلك الصغيرة التي تتفنن في اغضابه......


    اغمض عينه يتنهد بتعب وتلك الذكرى تلوح أمام عينيه لا تنفك تتركه أببدت في صحوته ولا حتى نومه ........


    _ تمام تمام ....كل شيء قسمة ونصيب ولا يهمك ...سلام عليكم 


    كان ذلك رشدي الذي استقبل للتو اتصالا أثناء جلوسه مع هادي في منزله ...تساءل هادي وهو يكذب ما سمعه :


    _ هو فيه ايه ؟؟؟


    رفع رشدي نظره له بعدما كان شاردا في طريقة يخبر بها أخته بالأمر  :


    _ العريس اللي كان جاي لشيماء اتصل.. وقالي كل شيء قسمة ونصيب .


    تشنجت ملامح هادي بعنف وهو يستمع لحديثه ...متى أتى هذا العريس ؟؟كيف لم يعلم هو بأمره ؟؟ خرج من شروده على رؤيته لشيماء تقف أمام الغرفة التي يجلس بها مع أخيها وقد أحضرت ضيافته كما طلب منها رشدي ...ومن ملامحها يكاد يجزم أنها استمعت لما حدث ...


    وضعت الصينية أعلى طاولة تتوسط الغرفة ثم كادت تغادر لولا رشدي الذي ركض وجذبها لاحضانه سريعا فهو يعلم جيدا مقدار هشاشة صغيرته :


    _ حبيبتي متزعليش ياقلبي كل شيء قسمة ونصيب وده لا قستمك ولا نصيب ...والصراحة كده معجبنيش الواد ده ....بكرة يجي اللي يقدرك ويطلبك مني ياقلبي 


    ابتسمت شيماء بحزن وهي تدفن نفسها في صدر اخيها تخبر نفسها أن غدا سيأتي غيره لها ما عليها سوى الصبر ...هي لم تكن يوما من المهووسات بالزواج لكنها تفعل كل ذلك فقط لتثبت لنفسها قبل الجميع أنها كالفتيات ..مرغوبة .


    _ اتجوزها أنا......


    وياليته ما نطق تلك الكلمة ...فبسببها تحولت تلك الدبدوبة اللطيفة إلى تلك اللعبة المرعبة التي تُستخدم في افلام الرعب وهي تبتعد عن أحضان اخيها ترمقه بصدمة ..هل وصل بها الحال لتتجوز شفقة ؟؟؟


    تقدمت منه تاركة اخيها وهي تقف أمامه ترفع رأسها له فهذا العملاق أمامها تصل لما بعد خصره ببعض أنشات فقط :


    _ اتجوز مين ؟؟؟ أبيه هادي ؟؟؟


    فتح هادي فمه بصدمة كبيرة وتشنج فمه ...هل نادته أبيه للتو ؟؟؟ هي بعمرها لم تناديه أبيه ؟؟؟ام أنها ترغب في استفزازه ؟؟؟


    _ أبيه ؟؟؟؟ وده من امتى يا عنيا ؟؟؟


    هكذا تحدث هادي في تهكم واضح مانعا نفسه من إمساك رأسها أمام اخيها الذي يراقب ما يحدث بصدمة وضربها في الحائط حتى تعلم ما ابيه بقادر على فعله .....


    خرج هادي من شروده ذلك على صوت اصوات عالية في الاسفل لينظر بتعجب يرى بعض الاناس مجتمعة ولم يتبين له شيء لكنه رجح أنه ربما أحد الباعة المتجولين الذين يلتف حوله الناس يوميا لرخص ثمن بضاعته مقارنة بالمحلات وكاد يتحرك من أمام نافذته موبخا نفسه لشروده و ضياع فرصة مراقبتها حتى تختفي من أمامه لكن توقف على صوت رجل عالي وهو يقول :


    _ يا جماعة حد معاه رقم رشدي باشا يتصل بيه بسرعة ....


    لم يفهم هادي الأمر وعاد للنافذة مجددا ليسمع حديث امرأة تقف أسفلها تردد بحزن :


    _ ياختي الحيوان خبطها بالتوكتوك من هنا وجري من هنا... جاتهم نيلة بقوا اكتر من البني ادمين .....


    _ حتى محدش عارف يعملها ايه البت عمالة تعيط وتقولهم عايزة اخويا و محدش معاه رقمه يكلمه وهي مش مبطلة عياط ....


    وكان هذا أكثر من كافي ليبدأ عقله في ترتيب الأمر ودون حتى أن ينتظر ثانية كان يركض خارج مكتبه بجنون كمن فقد عقله وهو يكاد يسقط على الدرج أكثر من مرة ....ركض حتى مكان التجمع مزيحا جميع من أمامه بسرعة كبيرة ولهفة حتى وصل لها ...تبكي ارضا وهي تنادي أخاها كفتاة ذهبت الروضة وتبكي لأجل والدتها ..تحرك جهتها بهدوء وببطء مبتلعا ريقه بخوف شديد وضربات قلبه ماتزال تعلو بشدة ودموعها تقتله ....انحنى ارضا جوارها وهو يناديها بحنان شديد :


    _ شيماء ....شيماء حبيبتي أنتِ كويسة ...


    كان صوته خافتا هامسا مرتعبا ....بينما هي كانت تبكي لا تهتم لأحد ولا تنتبه لأحد ...ليقترب هو أكثر منها ويهمس لها بحنان شديد :


    _ شيماء بالله عليكِ بطلي عياط  و ردي ... أنتِ كويسة ؟؟؟


    رفعت شيماء عيونها وهي تبكي مشيرة لقدمها بوجع كبير :


    _ رجلي بتوجعني اوي ....


    "ليتها كانت قدمي انا وما رأيت دموعك " حبيبتي ...كان هذا همس هادي لنفسه دون الإفصاح عنه ...انحنى أكثر وهو يضع يده خلفها ثم حملها سريعا لتصرخ برعب وخجل شديد :


    _ بتعمل ايه سيبني نزلني يا هادي نزلني ...


    لم يجبها هادي بكلمة وابعد الجميع من طريقه وهو يتجه بها ناحية العيادة التي تقع في بناية مكتبه بينما هي غرقت في خجلها وخزيها...فلا بد أنه يجاهد الان لحملها بوزنها هذا ....هي ثقيلة كيف سيصعد بها الدرج الان ...


    _ أنتِ خسيتي كده ليه ؟؟؟


    نظرت له بتعجب تتعجب كلمته تلك لا تلاحظ أي علامات إرهاق أو تعب على وجهه ....


    _ اصلك خفيفة اوي ....ده التلفزيون عندنا اتقل منك 


    حسنا بالطبع هذه مبالغة منه لكنها حقا خفيفة ....لا يشعر بها أم أن فرحته لقربها من قلبه جعلتها تقريبا لا تزن شيء ...تنهد بخفوت يحاول تهدئة ذلك الغبي الذي يضرب بالقرب منها فهي ستشعر باضطرابه...


    نظرت شيماء لهادي وكأنها لأول مرة تراه ملامحه لم تدقق بها يوما أو تهتم حتى لفعل ذلك كيف يكون بهذه الجاذبية وهي لم تنتبه لذلك يوما ؟؟؟؟؟


    _________________


    كان زكريا يستمع لحديث السيدة منيرة حول

    " كتكوتة ماما" وكيف أنها جيدة في كل شيء..وتجيد الحفظ سريعا ..لم يقاطعها ابدا وهي تسترسل في الحديث  لينتهي الجميع من الحديث وتسأل منيرة عن موافقته ....تنهد زكريا ببطء لا يعلم ماذا يقول لكنه تحدث بهدوء شديد يحاول ألا يحزن تلك السيدة اللطيفة :


    _ أنا مقدر جدا تعب حضرتك ....بس للاسف انا مش بحفظ بنات كبيرة كده ....


    ابتسمت فاطمة فجأة وهي تتنفس الصعداء لا تصدق أنه رفض الأمر من تلقاء نفسه لكن اختفت بسمتها وهي تستمع لأصرار والدتها :


    _ بس يابني انت قولتلي عادي مفيش مشكلة ....


    هز زكريا رأسه بإيجاب وهو يشرح لها الأمر :


    _ بس مكنتش اعرف أنها آنسة انا فكرتها بنت صغيرة حتى البنات الصغيرة مش بتعامل معاهم كتير 


    _ ليه يابني هو حرام ؟؟؟


    ابتسم لها زكريا وهو يشرح لها مقصده من الرفض :


    _ لا يا خالة مش حرام بس الاولى تروح لسيدة افضل من رجل ولو راحت لرجل بيكون بشروط ...


    _ شروط ايه ؟؟؟


    بدأ زكريا يوضح حديثه نحو ذلك الأمر :


    _ يعني بيكون في وجود محرم للبنت سواء والدها او غيره أو في وجود نساء أخريات إذا أمنت الفتنة .


    أنهى حديثه على أمل أن ترفض الأمر لتقول بحزن :


    _ بس يابني مفيش هنا ستات تعلمها انا سألت وملقتش غيرك في الحارة كلها .......


    هز زكريا رأسه هو يعلم ذلك جيدا فهذا السبب هو ما جعله يقرر أن يبدأ تحفيظ قرآن في منطقته .....


    تحدثت وداد سريعا تخفي حرج ابنها :


    _ خلاص يا زكريا يا حبيبي ده كفاية مجية الست منيرة لهنا بنفسها ....خليها تيجي يا ام فاطمة بعد المغرب اكون خلصت شغل البيت واقعد انا معاهم ولو حصل ظروف ومقدرتش يبقى تيجي أنتِ...


    هزت منيرة رأسها سريعا موافقة الأمر تترقب حديث زكريا الذي قال بقلة حيلة :


    _ حسنا لا بأس ليقدم الله الخير  .....


    أنهى حديثه وهو يهز رأسه بموافقته منعا لحرج تلك السيدة وهو يدعي ألا ينتهي به الأمر بإعاقة دائمة له....


    اقتربت منيرة من ابنتها وهي تقول ببسمة واسعة :


    _ شوفتي وهو بيتكلم مدبلج ...فظيع في الدبلجة


    بينما فاطمة كانت تنظر اهم بصدمة تفكر في الأيام القادمة مع الشيخ زكريا .......


    ______________


    _ لازم عسل  ؟؟ قال يعني لو القرص اتاكلت من غير عسل هيحصل حاجة ...


    كانت تلك كلمات بثينة التي كانت تحمل جرة عسل بضيق من إجبار والدتها على النزول وإحضارها ....


    سارت في الشارع تتمتم بغيظ وضيق شديد لا تهتم بنظرات المارة لها ابدا لكن فجأة سمعت صوت بوق صاخب ...لتتجاهله تماما فإن أراد العبور ليتحرك في مكان آخر..لكن يبدو أن السائق كان مصرا على أن يمر من مكان سيرها هي لذا ألتفت له بثينة بغضب شديد وهي تصرخ ملوحة بيدها :


    _ جرا ايه يا جدع إنت مالطريق قدامك اهو اتنيل عدي من اي حتة .....


    انهت حديثها وهي ترمق تلك السيارة الصغيرة قديمة الطراز بتهكم شديد لا تطيق التحدث مع أحد الآن...لكن كان لسائق السيارة رأي آخر وهو لا ينزع يده من على البوق بشكل مزعج ...تحركت بثينة جهة مقدمة السيارة وهي تضربها بكفها مغتاظة بشدة :


    _ جرا ايه يا خويا جايب زمارة جديدة وبتجربها ؟؟ ولا يكونش مولد ابوك هو ؟؟؟


    هبط سائق السيارة من مكانه وهو يتحرك مقتربا قليلا من بثينة قائلا ببسمة واسعة باردة مستفزة :


    _ لا بعيد عنك فيه شوية بهايم ماشية في نص الطريق ...


    اغتاظت بثينة بشدة من حديث السائق وهي تتوعده بداخلها لتهدر به في حده  :


    _ انا قولت برضو السواقة الكلابي دي مش غريبة عليا ....


    ضحك الشخص المقابل لها وهو يردف :


    _ الحمدلله على الاقل سواقتي هي اللي كلابي ....مش زي بعض الناس تفكيرهم هو اللي كلابي ...


    زفرت بثينة بغضب كبير وهي تنفخ بضيق :


    _ يعني هي الحارة كانت ناقصة قرف يعني ؟؟؟


    _ انا عارفة ياختي ده كفاية وجودك يا بسبوسة ....


    ابتسمت بثينة بسخرية فهذه الفتاة التي أمامها تستنفز كل ذرة صبر بداخلها .....تسطيع فعل ما لم يتمكن أحد من فعله ابدا وهو استفزازها .....


    _ الظاهر إن لسه الحاجة مربتكيش من اخر مرة يا ...يافضة 


    ضحكت ماسة بشدة على سخريتها من اسمها  وهي تنظر لها :


    _ يا ختي كده قمر وكده قمرين ....الدور والباقي على اللي ماشية ببوسي وهي في الأصل بثينة طب والله الاسم خسارة فيكِ بس نعمل ايه للاسف محسوبة علينا إنسانة فلازم نديكي اسم نناديكي بيه ....


    اخرجت سيدة ما رأسها من السيارة وهي تحدق في بثينة بغضب وغيظ :


    _ فيه حاجة يا ماسة يابنتي ؟؟؟


    تحدثت ماسة وهي تتحرك جهة السيارة وتصعد لها :


    _ لا يا ست الكل ما أنتِ عارفة القطط الضالة كترت اليومين دول ...


    انهت حديثها وهي تصعد لتطلق البوق مجددا :


    _ ابعدي يابت لاشيلك واخلص الناس من قرفك ....


    ضحك بثينة ببرود شديد وهي تتحرك لجانب الطريق مرددة :


    _  ماشاء الله هي سحر جابتلك زمارة جديدة ولا ايه ؟؟؟؟


    انهت حديثها وهي تضرب كف باخر ساخرة :


    _وسعوا يا جماعة لعلبة الصفيح دي خليها تعدي ....


    تحركت ماسة بغيظ بالسيارة وهي تهتف ببسمة باردة مستفزة :


    _ اهو أخرتك تحت عجل علبة الصفيح دي يا بوسي ....


    انهت حديثها وهي تتحرك تاركة بثينة تلعن ماسة ووالدتها واليوم الذي جائت به الحارة فما أحد يغيظها و يغضبها بمقدار تلك الفتاة سليطة اللسان ولا احد يضاهيها في الحديث سواها  :


    _ طب يا ماسة هتروحي مني فين يعني ؟؟؟ اديكي رجعتِ الحارة تاني وانا بقى هوريكي اخري يا بنت سحر .....


    ___________


    ركضت اسماء جهة الباب بسرعة بسبب الطرقات العنيفة عليه وهي تعدل حجابها وتتمتم برعب :


    _ استر يارب ....استر يارب ....طيب جاية ياللي على الباب ..


    فتحت سريعا بفزع لتتغير ملامحها فورا وهي ترى تلك التي غمزت لها بمشاكسة هاتفة :


    _ سمكتي القمر اللي وحشاني ......


    انفرجت اسارير اسماء بشدة وهي تهتف بفرح شديد لابنه اختها الغالية :


    _ ماسة ؟؟؟؟؟


    ________________


    * ماسة *


    فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها تعمل طبيبة بيطرية ......ابنة اخت اسماء ...اي أنها ابنة خالة رشدي وشيماء ......جريئة نارية في طباعها ليست تلك الفتاة الهادئة ابدا التي تصمت عن شيء وهذا لا يعني وقاحتها فهي تسير بمبدأ ( عامل الكل بما يستحق ).....  جسد يشبه الساعة الرملية مع خصر نحيف للغاية طويلة نسبيا ....ذات قمحية البشرة ذات عيون واسعة وتلك ما يميزها مع شفاه صغيرة كالطفل 


    سحر : والدة ماسة 

    ماجد : شقيق ماسة الأصغر يبلغ من العمر 18 عاما .


    دمتم سالمين ❤️🫂

    السابع


    ملحوظة :

    البارت اللي فات غلطت وقولت إن ماسة 28 سنة بس هي من عمر رشدي يعني 27 سنة وكانت غلطة مني فبعتذر ....


    ______________________________________


    دخل بخطوات بطيئة مترددة للعيادة يخشى أن يصل إليها ويضطر لابعادها عن أحضانه ...يضطر لفقدان ذلك الدفء الذي يحيط قلبه ..


    تحرك هادي خلف الممرضة التي أتت له سريعا ترشده لغرفة جوار مكتب الطبيب بها فراش صغير يشبه ذلك الذي في المستشفى مع كلمة بسيطة وبسمة بشوشة مطمئنة :


    _ ثواني والدكتور يكون موجود ..


    انهت حديثها لتخرج بهدوء تاركة خلفها هذا الثنائي الغريب بنظرات اغرب فـ..شيماء كانت ترمق هادي بنظرات تبدو وكأنها تصادف وجهه للمرة الأولى بينما هادي كان لا ينظر إليها يخشى أن تفضحه نظراته كما فعلت خفقات قلبه قبل قليل ...لذا كان يدعي شروده بعيدا عنها و في الحقيقة هذا سهل الأمر على شيماء لتتفحصة أكثر محاولة تبين أي علامة تدل على إدمانه ...هالات سوداء اي نحافة زائدة أو أي شيء يثبت إدمانه كما علمت ....لكن لا شيء هو كما يبدو عادة بجسد قوي شامخ وجه غير ذابل وعيون طبيعية .


    قاطع هذا الهدوء المريب والمرهق للاعصاب دخول الطبيب تتبعة الممرضة وهو ينظر لشادي ببسمة فهو جارة في نفس العمارة :


    _ استاذ هادي اهلا بيك .


    نظر له هادي ببسمة بسيطة وهو يرحب بيه ...استدار الطبيب جهة شيماء واقترب منها وأخذ يفحص قدمها تحت تأوهاتها التي تحاول كتمها لكن يبدو أن دموعها كانت متمردة لذا لم تستطع منعها ابدا ...


    كم آلمه قلبه لرؤية تلك الدموع لذا سريعا خرج من الغرفة وهو يتحجج أنه سيجري مكالمة لرشدي ..خرج من الغرفة تاركا الطبيب مع الممرضة وشيماء ثم أخرج هاتفه وهو يحاول تهدأة نفسه ثم أجرى اتصال برشدي الذي صرخ برعب وهو يخبره أنه سيأتي سريعا ......


    لتمر دقائق تقريبا ويجد رشدي يقتحم المكان بعنف وكأنه في إحدى غاراته على وكر عصابات صارخا :


    _ شيماء حصلها ايه يا هادي ؟؟؟


    أشار له هادي أن يهدأ وهو يحاول التحدث والابتعاد عن تلك الحالة التي تلبسته بمجرد قربها منه :


    _ أهدى هي كويسة الدكتور قال مجرد التواء مش اكتر وهو بيرده جوا .. وكمان شوية خدوش في رجليها هتتعالج مع الوقت .


    لو كان يظن أن كلماته تلك هدأت من روع رشدي فهو مخطأ حيث أخذ رشدي يتحدث بجنون وهو يسب ذلك الذي أذى صغيرته اللطيفة ...يبدو الأمر كأب تأذت ابنته .


    خرج الطبيب من الغرفة بعد صرخات عالية من شيماء كاد رشدي يدخل على إثرها للغرفة ليجعلها حطاما لكن هادي منعه وأخبره أن هذا طبيعي لأن الطبيب يقوم برد قدمها مجددا في وضعها الطبيعي لعلاج الالتواء......


    _ الحمدلله الآنسة كويسة وزي ما بلغت الأستاذ هادي مفيش اي خطر انا هكتبلها على مسكنات ومراهم للجروح ...هتحاول بس تتفادى أنها تمشي أو تضغط على رجليها لفترة دي ..الف سلامة عليها .


    أنهى الطبيب الحديث ببسمة عملية هادئة ثم تحرك جهة مكتبه ليستكمل عمله الذي تركه لأجل تلك الحالة الطارئة بينما ركض رشدي للغرفة سريعا وهو يرى صغيرته تتسطح بوجه متألم ويلتف حول قدمها رباط ابيض كبير ....تقدم منها سريعا وهو يقبل جبينها بحنان شديد هامسا باسمها بلطف :


    _ شيماء .....


    فتحت شيماء عينها ونظرت لرشدي ببسمة متوجعة وهي تقول بهدوء :


    _ أنا كويسة يا رشدي والله هو بس رجلي اتلوت متخفش ...


    نهض رشدي بهدوء وحملها ببطء شديد يخشى أن يؤلم قدمها لتلف هي يدها حول رقبته لا تخشى شيء ولا تخجل كما حدث مع هادي منذ قليل فهذا رشدي الذي حملها في حياتها أكثر مما كان يتنفس لذا لا ضير من اغماض عينها والسكون قليلا لكتفه الذي لطالما استقبل دموعها .......


    خرج رشدي وهو يحمل شيماء بحنان ثم نظر لصديقه بامتنان شديد وكاد يتحدث لولا هادي الذي قاطعه وهو يلقي نظرة سريعة على ملاكه الصغير فقط ليطمئن قلبه لا اكثر :


    _ خد شيماء انت...وانا هجيب العلاج واحصلكم ...


    ابتسم له رشدي وهو رأسه ثم تحرك بهدوء جهة الخارج بينما تحرك هادي صوب الشخص الذي يسجل الأسماء وقام بدفع الأموال له ثم انتظر في الخارج حتى أحضرت له الممرضة الورقة المدون بها اسماء الأدوية وذهب ليحضرها سريعا بعد أن مر على مكتبه وتأكد أن لا أحد في انتظاره ثم ابلغ مساعده أن يهتم بالشئون هنا حتى يعود وهو لن يتأخر ...وسريعا اتجه لإحضار الأدوية لصغيرته .....


    _______________


    _ ماسة ؟؟؟؟؟


    ابتسمت لها ماسة وهي تدخل للشقة وخلفها والدتها وماجد اخيها الذي يحمل هاتفه طوال الوقت لا ينزع عينه من عليه .....


    _ مفاجأة مش كده ؟؟؟


    ابتسمت اسماء بشدة وهي تهز رأسها بتأكيد ثم اتجهت لهم تعانقهما بحب شديد وكيف لا وهي لا تملك في هذه الحياة سواهم بعد عائلتها ولا تملك اغلى منهم بعد عائلتها .....وهذه الشقية ماسة التي لا تنفك تخرجها عن هدوئها تعدها بمثابة ابنة لم تنجبها ....لذا قالت بحب شديد :


    _ مفاجأة قمر يا روحي ...بس مش قولتوا هتكونوا هنا بكرة !؟؟


    ابتسمت سحر مشيرة لابنتها بغيظ شديد :


    _ المفروض فعلا على أساس العربية بتاعة المرحوم هتخلص تصليح بكرة بس اقول ايه على بنتي ...راحت وقفت فوق دماغ الميكانيكي لغاية ما خلصها وجات و رأسها ألف سيف تيجي انهاردة وتعمل مفاجأة 


    ابتسمت لها اسماء بحب :


    _ جدعة يابت يا ماسة كويس إنك عملتي كده ....ألا فين الواد ماجد ؟؟؟


    أشارت ماسة بضيق لأخيها الذي سارع باحتلال الأريكة وهو مايزال ينظر في هاتفه الذي يصدر أصوات طلقات نارية وأسلحة وكأنه في حرب :


    _ اهو متنيل بيلعب ....


    ضحكت اسماء وهي تتجه له ساحبة اياه لتضمه بعنف مربتة على ظهره بحب ليخرج هو يده من خلف ظهرها ويكمل لعب وهو يقول :


    _ ايه يا خالتي هخسر كدة اصبري ...


    زجرته سحر بعنف على وقاحته لتضحك اسماء فهي لا تغضب ابدا من ذلك المشاكس الصغير فهو تربى برفقتهم حينما توفي والده فجأة وتعرضت اختها لمصاعب كثيرة هي وابنتها لذا اخذت هي الصغير وربته رفقة اولادها حتى كتب الله لأختها الاستقرار وجائت لتأخذه مجددا :


    _ ايه يا سحر براحة على الواد ....العب راحتك يا قلبي 


    انهت اسماء حديثها وهي تمسك يده اختها بحماس شديد مشيرة لماسة ببسمة :


    _ انا هاخد امك يا ماسة نجهز أكلة حلوة كده لينا كلنا وكمان اتكلم معاها لاحسن وحشتني وأنتِ خدي راحتك البيت بيتك مفيش حد هنا وشيماء خرجت تجيب طلبات وزمانها جاية مش عارفة اتأخرت ليه ؟؟


    انهت حديثها وهي تسحب اختها للمطبخ مقررة الاتصال بابنتها لتطمئن ولكن بمجرد اتصالها صدر صوت هاتف من غرفة شيماء لتتحدث ماسة بصوت عالي وهي تتجه لإحدى الغرف :


    _ التليفون بتاع شيماء هنا يا خالتي .....


    انهت حديثها وهي تفتح الخزانة في تلك الغرفة ثم نظرت لها بنظرات مفكرة وسريعا مدت يدها وسحبت بعض الثياب المريحة وتحركت خارج الغرفة لغرفتها هي ووالدتها لتبدل ثيابها بتلك التي اخذتها منذ قليل فللحق هي متعبة لدرجة عدم قدرتها على إفراغ الحقائب والبحث فيها عما يناسب المنزل ...لذا لا ضير في استعارة بعض الثياب .


    أثناء ابدال ثيابها سمعت صوت الباب الخارجي يفتح ثم يغلق مجددا لتسرع في ارتداء الثياب ببسمة وهي تنطلق من غرفتها لرؤية ابنة خالتها الصغيرة ببسمة واسعة .....


    بينما في الخارج تحرك رشدي بأخته التي غفت على يده من كثرة البكاء ...كعادتها عندما تبكي كثيرا ...لذا تحرك نحو غرفتها بهدوء ووضعها في فراشها وقبل جبينها بحنان شديد ثم استدار ليخرج وهو ما يزال ينظر إليها ...أغلق الباب ببطء وحرص ثم استدار وما كاد يعتدل في وقفته حتى وجد شخص يصرخ في وجهه وهو يهجم عليه بالاحضان ليفزع ويعود للخلف كردة فعل طبيعية صارخا برعب ......


    بينما ماسة كانت تنتظر أمام الباب وحينما وجدته يُفتح لم تمنح نفسها حتى الفرصة لرؤية من خرج وسرعان ما هجمت عليه تحتضنه بعنف ليعود ذلك الشخص للخلف والذي تقسم أنه ليس شيماء ...فمنذ متى وكانت شيماء تمتلك معدة مسطحة تستشعر تقاسيمها من ذلك الحضن ومنذ متى كان جسد شيماء صلب بهذه الدرجة ؟؟؟وبعد تفكير لم يستمر ثواني كانت تعلم هوية ذلك الشخص ولم تكد تبتعد عنه حتى شعرت بيد حديدية تقيدها إليه أكثر جاذبة إياها لغرفة مجاورة وسرعان ما أغلق الباب ليشدد ذلك الشخص العناق وهو يهتف ببسمة وعشق :


    _ والله ما هو راجع ....


    فزعت ماسة لما حدث خلال ثوانٍ ولم تستوعبه سوى الآن لتهدأ قليلا وهي تسكن في ذلك الحضن الدافئ هامسة بنبرة جعلته يشدد عناقها حتى كاد يدخلها لصدره :


    _ وحشتني اوي يا أباظة ......


    وهذه ميزة تتفرد بها تلك القطة، كما تفردت بعرش قلبه ..فهي الوحيدة المسموح لها بذكر ذلك الاسم أمامه بل أنه وللغرابة يشعر بلذة غريبة حينما يخرج من فمها هي وفي أكثر لحظاتهم حميمية ....ابتسم بعشق :


    _ واباظة ميت من غير قطته....


    ضحكت بخوفت وهي تحاول الابتعاد :


    _ بس يا رشدي بغير والله 


    ضحك رشدي وهو يهمس لها بعشق :


    _ وحشتيني يا ماستي ...


    ابتسمت ماسة وهي تهمس له بغيظ :


    _ ولما انا اتنيلت على عين أهلي ووحشتك مكلفتش نفسك تيجي وتزرني ليه ؟؟؟


    عض رشدي على شفتيه بغيظ من تلك التي تتفنن في إخراجه من أكثر لحظاته انسجاما ...ليجيب عليها بحنق وهو يبتعد قليلا دون تركها :


    _ عشان اتنيل على عين أهلى واستريح من لسانك اللي عايز يتخلع من جذوره .


    ضحكت ماسة بشدة على حدثه ثم ضمته لها مجددا وهي تهمس بدلال تتقنه جيدا وتعلم أنه يلعب على اوتار ثباته كما لم يفعل شيء قبلا :


    _ بس إنت عارف يا أباظة إن إنت بالذات اللي مقدرش أكلمه كلمة من لساني اللي عايز خلعه من جذوره ده ....


    ابتسم رشدي وهو يرتب شعرها بحنان :


    _ وحتى لو قلتي يا ماستي فأنا عارف ازاي اسكتك...


    ابتسمت له ماسة وهي تغمز له بوقاحة :


    _ ايوة ايوة قلة أدب عارفة .... طول عمرك سافل ياض يا رشدي وما شوفتش تربية من ايام ما كنت بتقولي هاتي بوسة واحنا في حضانة 


    فتح رشدي عينه بصدمة هذه الفتاة لن تتوقف يوما عن مفاجئته ...ليبعدها عنه وهو يرفعها من ثيابها :


    _ أنتِ لسه بتذلي اهلي بيها ؟؟ وياريتني خدت البوسة ده أنتِ فضحتي امي وقتها ...بعدين قلة أدب مين يا ختي ليه شاقطك من على الدائري ولا جايبك من كازينو ؟؟؟ده انتِ مراتي يا معفنة ...


    أبعدت ماسة يد رشدي عنها وهي تتخصر ساخرة :


    _ وهل لاني مراتك ده يديك حق إنك تقل ادبك ؟؟؟


    نظر رشدي لوضعيتها بحاجب مرفوع ثم هز رأسه برفض :


    _ لا طبعا ميدنيش الحق بس يديني الحق إني اديكي بالجذمة...


    رمقته ماسة بشر ليصرخ بها :


    _ بت اتعدلي وأنتِ بتكلميني ...


    اعتدلت ماسة سريعا وهي تنظر له بحنق شديد وهي تنفخ ثم قالت وهي تتجه للخارج :


    _ انت بجد بقيت لا تطاق و.....


    توقفت عن الحديث وهي تشعر به يجذبها من ثيابها من الخلف وهو يتحدث بصدمة يرمقها من أعلى لاسفل وكأنه لاحظها للتو :


    _ يا مصيبتك السودة ؟؟؟؟ ده التيشيرت الجديد بتاعي ؟؟؟؟


    نظرت له ببسمة غبية وهي تنظر لما ترتديه بصدمة :


    _ هو ده جديد ؟؟؟ يا راجل وانا اقول الورقة التي في الضهر دي ايه ؟؟ فكرتك سايبها عشان ميفقدش قيمته .


    صرخ بها رشدي وقد ملّ من ارتدائها الدائم لثيابه :


    _ ده انا اللي هخلي قيمتك في الأرض دلوقتي يا صعلوقة يا شحاتة .... يابت ده انا بقيت اجيب لبسي وانا خايف مكنش اول واحد اجربه...اعمل فيكِ ايه ؟؟؟


    ربنا ماسة على صدره بحنان :


    _ أهدى بس إنت متعصبش نفسك عشان واحدة زيي أهدى بس الضغط هيعلي عليك ....


    _ ما يتنيل يا ختي ما يتنيل وأنتِ مالك ؟؟؟ بعدين إيه ده ؟؟؟


    كان يتحدث وهو يسحب حزام تضعه هي في منتصف التيشيرت لتضيقه من عند الخصر كفستان ...


    _ حتى حزامي يا مؤمنة حتى حزامي ؟؟؟


    ابتسمت ماسة وهي تبعد يده وتدور حول نفسها بفرحة :


    _ بزمتك مش استايل حلو كمان الحزام لايق عليه ...


    ابتسم رشدي وهو يهز رأسه برفض متحدثا بهدوء مصطنع :


    _ على فكرة أنا عندي حزام تاني احلى ويليق عليه اكتر ...


    ضيقت ماسة عينيها بتفكير :


    _ ازاي ده ؟؟؟ انت قلبت دولابك كله ملقتش حاجة 


    كان رشدي يهز رأسه لها وهو يخلع حزامه الذي يرتديه لتلاحظه هي وتبتسم بتوتر وهي تتبلع ريقها متراجعة للخلف :


    _ اه صح تصدقي إن ده احلى ؟؟ بس مش مشكلة خليك لابسة لما تقلعه يبقى أخده مش مهم ....


    هز رشدي رأسه برفض :


    _ والله ما يحصل هتاخديه دلوقتي يعني هتاخديه دلوقتي ....


    _ ياراجل هامشي يعني مسقط البنطلون عشاني ...خلاص خليه 


    تحركت ماسة جهة الباب تزامنا مع انتهاء رشدي من فك الحزام ثم سريعا كانت تركض وهو خلفها وصياحهم يعلو في المنزل فكانت تركض حول الأريكة وهو يركض خلفها بينما ماجد يجلس على الأريكة ومازال يلعب في هاتف ده غير مهتم لما يحدث حوله ....و سحر واسماء لم تتدخل أي واحدة منهما فيبدو أنهما اعتادا كل هذا حينما يجتمع الاثنان سويا ....


    _ اصبر بس هفهمك اصل انا كسلت افضي الشنطة وادور على لبس فملقتش غير لبسك ....يعني هتستخسر فيا تيشرت يا أباظة ؟؟؟؟


    هدر رشدي فيها بغيظ وقد امسك بها :


    _ اقولك على حاجة انا هقفل دولابي ده بقفل واياك سامعة اياك المحك في محيط دولابي باتنين متر ....


    ابتسمت له ماسة وهي تهز رأسها بإيجاب ثم اندفعت وقبلت خده سريعا وهي تبتسم له بحب :


    _ خلاص قلبك طيب ....


    نظر رشدي سريعا لماجد بطرف عينه ليجده ما يزال ينظر في الهاتف الخاص به ...لذا اقترب منها سريعا وضمها بحب شديد وهمس لها ببسمة خبيثة :


    _ طب ت......


    قاطع حديثه صوت رنين الباب ليبعدها رشدي سريعا مشيرا لغرفتها بحزم :


    _ ملمحش طيفك برة يا ماسة ...


    هزت ماسة رأسها ببسمة هادئة ثم تحركت بهدوء ودون عناد كعادتها نحو غرفتها فهي تعلم جيدا أنها لا يجب أن تعارضه في هكذا أمور...نعم تمزح وتعاند وتشاكس لكنها تمتلك من النضج ما يجعلها تفرق بين المزاح والجد وهي تثق برشدي كثيرا لذا تطيعه دائما حتى لو تركت روحها بين كفيه ستكون واثقة أنه سيحافظ عليها بروحه ... وأن أوامره كلها تكون لأجلها ولمصلحتها هي ....


    تحرك رشدي صوب الباب وهو يعلم الطارق جيدا...نظر خلفه يتأكد من دخول ماسة للغرفة ....حتى فتح الباب وهو يبتسم لهادي داعيا إياه للدخول بهدوء شديد وبسمة ...ليدخل هادي وهو يبادله الابتسام وعينه تدور في المكان على أمل أن يلمحها ...يعلم أن هذا مستحيل لكن هذا القلب الاحمق ما زال يبحث عن أي أمل ليروي ظمأه بمحياها..........


    ___________________________


    _ ابوكِ اتصل ....


    وكانت تلك الكلمة كفيلة لتنقلب ملامح فاطمة من التوتر الشديد للمقابلة بعد العشاء للغضب المكتوم..لتهمهم بعدم اهتمام :


    _ اممممم 


    استمرت منيرة في التحدث رغم معرفتها لكره ابنتها ذلك لكن في النهاية هذا والدها بحق الله :


    _ سأل عنك وقال هيبعتلك فلوس عشان تجيبي لبس للشتا وااا.....


    توقفت وترددت عن اكمال حديثها لرؤية دموع ابنتها الحبيسة تتناول الطعام وكأنها تبتلع اشواك :


    _ خلاص كملي اكل مش هفتح الموضوع ده تاني 


    هزت فاطمة رأسها بإيجاب وهي تمسح دموعها بثيابها تحاول اخفاء وجعها من ذلك الذي يسمى ظلما والدها ....لكم هي الحياة قاسية لا تعطيك كل شيء وإن فعلت لا تأمن غدرها فستجدها متربصة لك في أحد الأركان بانتظار أن تطمأن لها حتى تسحب اغلى شيء على قلبك بعيدا عنك مستمتعة برؤية تلك النظرة الموجوعة على وجههك ......


    نهضت بهدوء من مقعدها تتجه لغرفتها وهي تردد بنبرة منخفضة :


    _ هجهز عشان اروح للشيخ ......


    واتبعت كلمتها وهي تختفي من أمام والدتها التي ندمت التحدث في ذلك الأمر فيبدو أن جرح ابنتها لم يبرأ بعد من جهة والدها .....


    _____________


    كان الجميع يتناول العشاء بهدوء شديد ليقطع هذا الهدوء صوت بثينة الحانق وهي تصب بعض الطعام للجميع : 


    _ مش الدكتورة شرفت ؟؟


    انتبهت لها والدتها و زوجة عمها بعدم فهم لتجلس وهي ترمق هادي الذي يتناول طعام بهدوء شديد دون أدنى اهتمام ...


    _ قصدي ماسة بنت سحر .


    زفرت والدتها بضيق كبير وهي تتناول طعامها محذرة إياها :


    _ واحنا مالنا بيهم يابنتي ....اسمعي يا بثينة بلاش مشاكل زي كل مرة مع ماسة أنتِ عارفاها مش بتسكت لا هي ولا امها واحنا مش نقصين وجع قلب الله يسترك ....


    _ ايه ياما وانا قولت حاجة يعني ؟؟؟انا بقول انها جات انهاردة .


    نظرت لها والدتها نظرة ساخرة :


    _ لا ياحبيبتي مقولتيش حاجة بس انا عارفاكي كويس اوي يا بنت بطني وعشان كده بقولك بلاش مشاكل .


    زفرت بثينة وهي تهز رأسها بعدم اقتناع ثم نظرت لهادي الذي لم يبدي أدنى اهتمام بما يقولون :


    _ كل يا هادي بطاطس إنت بتحبها ...


    ابتسم لها هادي بهدوء وهو يهز رأسه :


    _ بأكل يا بثينة تسلم ايدك ...


    ابتسمت بثينة باتساع من حديثه بينما هو كان شاردا في ذلك الملاك الصغير الذي يقع على بعد منزلين من منزله .....


    رمقت والدة هادي بثينة بضيق وهي تمضغ طعامها لا يعجبها ابدا تصرفاتها اللزجة تلك تجاه ابنها ... لكن ماذا تفعل لا يمكنها قول شيء فهي حتى الآن لم تخطأ على الاقل أمامها .........


    ________________________


    كانت تقف وهي تشعر أنه إن تأخر فتح الباب فستركض عودة لمنزلها ولن تهتم بأي شيء ...هي في الأساس أتت لهنا دون إرادة ...

    زفرت بضيق وهي تستدير للذهاب لولا سماعها لصوت وداد خلفها وهي تقول :


    _ تعالي يابنتي معلش كنت بصلي المغرب عشان اتأخرت ....تعالى ادخلي زكريا مستنيكِ جوا ...


    انهت حديثها وهي تتنحى جانبا مفسحة لها الطريق لتدخل وبمجرد دخولها وصل لها صوت جدال عالي نسبيا لتنظر بخجل صوب وداد التي تقدمتها بحنق شديد مردفة :


    _ تعالي يا حبيبتي دول شوية عيال بتتخانق متقلقيش ...


    تقدمت فاطمة خلفها بتعجب تتساءل أي اطفال تقصد ؟؟؟فهي تسمع صوت رجال ...وحينما وصلت لمصدر الصوت ادركت جيدا ما تقصده وداد بحديثها 


    _ هل تغش ؟؟؟ يالله هل تغش بهذا العمر ؟؟؟


    كان هذا صوت زكريا الذي خرج متعجبا مما فعل والده فهما يلعبان لعبة معلومات دينية ....فاستغل لؤي استدارة زكريا وذهابه لإحضار ماء ودخل على الانترنت للتأكد من إجابته فحتى الآن زكريا متفوق عليه بنقطتين وبهذا الشكل سيخسر لا محالة لكن ما لم يتوقعه هو أن زكريا أمسك به وهو يحاول الغش ليبدأ الصراخ ....اجابه لؤي بحنق وهو يرفع رأسه له :


    _ مش فاهم ايه يعني اغش في العمر ده ؟؟هو انا بركب عجل ؟؟؟


    رمقه زكريا بغيظ :


    _ وتمزح؟؟؟ مابك يا أبي المفترض أنك قدوتي هنا ...لما لجئت للغش ؟؟؟


    نظر له لؤي بتفكير ثم قال مستهزئا :


    _ يمكن عشان إنت سابقني بنقط كتير ؟؟


    _ ليس مبرر ارجوك ... سوف نلغي هذا السؤال ونعيده منذ البداية وذكرني أن نتحدث فيما بعد عن عواقب الغش سيد لؤي .... ألا تخجل من نفسك يا ابي ؟؟؟


    هز لؤي رأسه ببسمة قائلا ببرود :


    _ لا ......


    كانت فاطمة تقف بالقرب منهما ولم ينتبه لها أحد تفكر هل هذا الشخص طبيعي ؟؟؟ هل يتحدث الفصحى دائما ام ماذا ؟؟؟ خرجت من شرودها على صوت وداد التي سحبت يدها برفق متجهة صوب طاولة الطعام التي تقابل مقاعدهم وقالت بصوت حانق :


    _ زكريا.... فاطمة جات 


    تنحنح زكريا بحرج فهو لم ينتبه لها منذ دخلت لينهض بهدوء متجها لطاولة الطعام ويجلس على بعد مناسب منها بينما جلست والدته مقابلهم وهي تقوم بخياطة بعض الملابس و لؤي في الخلف يتصفح هاتف زكريا بعدما تركه له ......


    اجلى زكريا حلقه وهو يحمل أحد المصاحف من على الطاولة متحدثا بهدوء :


    _ هل حفظتي ما طلبته منكِ ؟؟؟؟


    رمقته فاطمة بتوتر ثم اخرجت مصحفها الخاص وهي تضعه أمامها مجيبة :


    _ هو انا كنت ....اصل .....


    رفع زكريا عينه يرمقها بترقب ثم انزلها مجددا وقال ببسمة :


    _ محفظتيش ؟؟؟؟


    تعجبت فاطمة بسمته لتهز رأسها بإيجاب ...أغلق زكريا المصحف وهو يتنهد بتعب ثم قال ببسمة لم تنمحي من وجهه :


    _ حسنا اليوم سندرس الاحكام سويا قبل البدء في أي شيء ...حسنا ؟؟؟؟


    هزت فاطمة رأسها بخجل .. و لم تخبره أنها بالفعل حفظت لكنها متوترة وبشدة لذا سعدت وارتاحت كثيرا حينما أجل الأمر .....


    بدأ زكريا حديثه بهدوء شديد وقد أحضر سبورة صغيرة يحتفظ بها وشرع يشرح لها كافة الأحكام 

    وهي تراقبه باهتمام شديد تحاول أن تستوعب كل شيء يقوله لكن فجأة صدح صوت عالي في المكان يكسر هذا الجو الهادئ والذي كان صادرا من هاتف زكريا الذي يحتل يد والده ليرمق زكريا والده بحنق وهو يتحدث بهدوء واحترام :


    _ حاج لؤي ...اعتذر على ازعاجك وتخريب جلستك لكن أنا أتحدث هنا لذا رجاءا.....


    ابتسم لؤي له وهو يغلق الهاتف بخجل فقد فتح فيديو لمباراة قدم دون أن ينتبه وانسجم فيها ...:


    _ اه بعتذر ما اخدتش بالي ...كملوا خلاص .


    زفر زكريا واعاد نظره لفاطمة التي كانت تضيق بين حاجبيها بتعجب شديد من الاسم الذي سمعته للتو ....هل قال لؤي ؟؟؟ حسنا الأمر ليس غريبا ابدا لكن الغريب هو أنه سمى ابنه زكريا وهو اسمه لؤي ...


    _ ايوة اسمي زكريا لؤي ....


    انتبهت فاطمة على صوت زكريا الذي تحدث ببساطة لها يعلم جيدا بما تفكر لتتنحنح بخجل وهي تعتدل في جلستها وتكمل معه درس اليوم بينما نهضت وداد متجهة للمطبخ وقد اشتمت رائحة نضج الكعكة التي صنعتها لتقدم منها لفاطمة إلى جانب العصير ...


    مرت دقائق أخرى ليتحدث زكريا وهو يلاحظ حيرة فاطمة وترددها :


    _ فيه حاجة صعبة أو محتاجة تتعاد تاني ؟؟؟


    نظرت فاطمة ارضا بخجل تهز رأسها بلا فهي ارهقته حقا كل دقيقة يعيد لها نفس الشيء ...علم زكريا أنها تكدب عليه ولم يكد يتحدث لها حتى سمع صوت صراخ يصدح في المنزل .........


    ____________________


    _ كويسة دلوقتي ؟؟؟؟


    نظرت شيماء جوارها تبتسم لماسة التي لم تتركها منذ علمت بحادثتها وهي تلازمها ....


    _ والله يا ماسة انا كويسة ...روحي ارتاحي يابنتي أنتِ جاية من سفر ومرتاحتيش لغاية دلوقتي ..


    هزت ماسة رأسها برفض للأمر وهي تنهض وتعدل من وضع الوسادة اسفل قدمها :


    _ ملحوق على النوم يا بنتي المهم نقعد سوا زي زمان ....


    ابتسمت لها شيماء بحب شديد لكم تحترم ماسة وتقدرها دائما ...لكن ما ينغص عليها الأمر هو شجارها الدائم مع بثينة التي كلما أتت تسبب لها المشاكل ....


    وقفت ماسة أمام شيماء وهي تبتسم لها مفكرة في شيء :


    _ إيه رأيك نعمل سهرة حلوة ونتفرج على فيلم رومانسي ؟؟؟


    كادت شيماء تجيبها لولا رؤيتها لأخيها يقف خلف ماسة وهو يبتسم لتتحدث وهي تشير لماسة :


    _ وليه ما تعيشي الفيلم حصري ؟؟؟


    لم تفهم ماسة حديثها حتى شعرت بهمس في أذنها :


    _ البنت شيماء دي بتفهم والله 


    كان ذلك رشدي الذي استند بذقنه على كتف ماسة ثم همس لها مجددا :


    _ تعالي عايزك ...


    أنهى حديثه وهو يعتدل جاذبا إياها ثم ابتسم لشيماء ووضع لها حقيبة كبيرة :


    _ جهزي السهرة وانا معاكم بس هاخد ماسة دقايق ....


    أنهى حديثه مقبلا رأس شيماء ثم خرج رفقة ماسة وهو يجذبها لغرفته ملقيا التحية على والدته و والده وخالته ...ثم دخل الغرفة واغلق الباب ليتحدث والده بحنق :


    _ شوف الواد واخد البنت عيني عينك كده قدامنا مفيش احترام ابدا .


    ضحكت اسماء وهي تعطيه بعض التسالي :


    _ مراته يا ابراهيم مراته يا حبيبي وكله عارف كده وعملوا اشهار وكتبوا الكتاب يعني شرعا وقانونا وكل حاجة مراته كل انت بس واتفرج ...


    رمقها ابراهيم بغيظ وهو يأكل .....

    ليسمع الجميع جرس الباب ....نهض ابراهيم لفتح الباب بتعجب فالجميع هنا إذا من الطارق ...بمجرد فتح الباب ابتسم بلطف مرحبا بالزائر :


    _ اهلا يا بوسي ادخلي شيماء جوا....


    دخلت بثينة ببسمة وهي تحمل حقائب بها فاكهه :


    _ هادي بلغني إن شيماء تعبانة فجيت اشوفها ....


    ابتسم لها ابراهيم وهو يحمل الحقائب معاتبا :


    _ ليه بس كده يابنتي تعبتي نفسك ....


    _ تعبك راحة يا عمي ....هي فين شيماء ؟؟؟


    أشار لها ابراهيم :


    _ في اوضتها يابنتي ادخلي ليها ...


    ابتسمت له ثم دخلت للغرفة بعد أن القت التحية على الجالسين لترد عليها أسماء بود وبسمة عكس سحر .....


    دخلت بثينة لغرفة شيماء وهي تبتسم لها :


    _ القمر اللي تعبان .....


    ابتسمت شيماء بلطف لبثينة وهي تشير لها بالتقدم :


    _ بوسي تعالي ....مين اللي قالك ؟؟؟


    جلست بثينة ثم أجابت وهي تحاول أن تداري حنقها :


    _ هادي بلغني إن فيه سواق ابن حرام خبطك وجري ...


    _ الحمدلله انا بخير متقلقيش ....


    ثم صمتت قليلا وقالت بتردد وخجل بعض الشيء :


    _ هادي ربنا يسعده لولاه كنت فضلت كتير لغاية ما يوصل رشدي 


    همهمت لها بثينة بغيظ مخفي ثم قالت وهي تحاول تصنع البسمة والمشاكسة :


    _ شالك ولا ايه ؟؟؟


    نظرت لها شيماء بتفاجئ وخجل شديد لتكمل بثينة بضحكة ومزاح مصطنع تخفي خلفه غل وحقد :


    _ اصل يعني أنتِ مكنتيش قادرة تمشي فاكيد يعني شالك .....


    انهت حديثها لتنظر شيماء ليدها وهي تحركها بخجل ثم هزت رأسها بإيجاب لتشتعل بثينة من ردها وتقول دون تفكير :


    _ طب كويس إنه مكانش لسه واخد جرعة لاحسن كان اتسطل ووقع بيكِ ...


    رمقتها شيماء بصدمة لا تصدق أنها تقول هذا على ابن عمها حتى لو كان مدمنا بحق ....لذا قالت وهي تفكر في حديثها ذاك :


    _ تعرفي مش باين خالص عليه أي حاجة ....


    _ قصدك مدمن يعني ؟؟؟


    هزت شيماء رأسها بإيجاب لتبتسم بثينة وهي على وشك بث المزيد من السموم لولا ذلك الصوت الذي تبغضه وبشدة .....


    كانت ماسة على وشك الدخول لغرفة شيماء حتى سمعت حديث بثينة على هادي لتغضب وبشدة ...تعلم جيدا أنها تضع عينها على هادي ....وهادي عاشق لتلك الحمقاء التي تستمع لها كالمغيبة لذا لابد أنها تحاول أن تجعل شيماء تكرهه لكن هل وصلت لهذه الدرجة من الانحطاط ؟؟؟؟ 

    دخلت سريعا وهي تشهق بتفاجئ :


    _ يا مصيبتي ....هادي مدمن ؟؟؟ 


    التفتت بثينة لماسة بصدمة وهي تنظر لها بتوتر فهي لم تكن ترغب في نشر الأمر فقط شيماء لتكرهه ....كادت تفتح فمها لولا صوت بثينة العالي :


    _ لا لازم رشدي يعرف ده صاحبه برضو وكمان لازم ينصحه .....رشدي......يا رشدي ....رشدي تعالى بسرعة لو سمحت .


    انهت حديثها وهي تنظر ببسمة خبيثة لبثينة جعلت بثينة تبتلع ريقها برعب .....


    __________________


    انتفض زكريا سريعا بسبب ذلك الصراخ والذي لم يكن سوى صراخ والدته ...ركض سريعا جهة المطبخ وقبل أن يصل له وجد والدته تخرج وهي تصرخ برعب :


    _ فار ...فار في المطبخ يا زكريا فار .


    وعلى ذكر الفأر انتفضت فاطمة بفزع وهي تركض بعيدا عن الطاولة ليشير لهم زكريا بالهدوء ويتجه مع والده للمطبخ تتبعه والدته، لكن استطاع الفأر الفرار منه و خرج من المطبخ للصالون حيث فاطمة التي أخذت تتحرك بخوف في المكان دون إصدار أي صوت لكن لم تتحمل الأمر فأخذت تصرخ باشمئزاز وهي تركض صوب المطبخ حيث الجميع ....

    كان زكريا يبحث في المطبخ عن العصا التي يحتفظون بها تحسبا لأي ظرف كهذا .....واخيرا امسك بها وما كاد يسحبها من خلف الثلاجة حتى سمع صراخ فاطمة يقترب منهم .....


    دخلت فاطمة المطبخ برعب وهي تتمسك في وداد متراجعة حتى اصطدم ظهرها في رف الأواني خلفها ......مما أدى لاختلالهم 


    كان زكريا يسحب العصا يتجهز للامساك بذلك الفأر لكن فجأة سمع صوت اصطدام بالرف الذي يمتد بعرض الحائط و قبل أن يتمكن من رفع رأسه كانت الأواني كلها تسقط على رأسه ليعلو صراخه في المنزل كله ....


    ضربت وداد على صدرها بفزع وهي تصرخ :


    _ ابني .......❤️

    تكملة الرواية من هناااااااا 


    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله  من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




    تعليقات