رواية رحيل العاصي الفصل الاول والثاني والثالث للكاتبة ميار خالد حصريه
رواية رحيل العاصي الفصل الاول والثاني والثالث للكاتبة ميار خالد حصريه
الفصل الأول
صدع صوت صرخات عالية من إحدى الغرف في المصحات النفسية جاء على أثره كل من في المستشفى من أطباء وممرضين..
كانت تصرخ بصوتها المبحوح وتمسك بيدها قطعه حاده من الزجاج وتهدد بها كل من يقترب منها في زعر وخوف، صرخت بهم:
- ابعدوا عني مش عايزه حد هنا!! اطلعوا برا
أقترب منها أحد الأطباء وقال:
- أهدي .. صدقيني محدش هيقرب منك بس أبعدي اللي أنتِ ماسكاه ده!
قالت بغضب عارم:
- مستحيل المره دي محدش هيقدر ينقذني .. خلاص كل حاجه انتهت
وفي تلك اللحظة جاء صوت من خلفهم يقول:
- هيهون عليكِ تسبيني وتمشي؟
تغيرت نظراتها فجأة ونظرت نحو مصدر الصوت لتجده أمامها، ابتسمت بفرحه وأمل وتركت قطعة الزجاج من يدها ثم ركضت نحوه بسرعه وارتمت في أحضانه وكأن شيئاً لم يكن! قالت:
- كويس أنك جيت .. خرجني من هنا خليني أمشي
- طبعًا
ثم نظر إلى أحد الأطباء فجاء بسرعه وحقنها بحقنة مهدأ فارتخت بين يديه ولكنها ظلت تنظر إليه بعيون غارقة بالدموع، حملها بين يديه ووضعها على سريرها وجلس بجوارها للحظات ولم تزاح عيونها عنه حتى همست له قبل ان تغمض عيونها:
- عاصي
***
في مكان آخر، تململت في سريرها بملل وفتحت عيونها بعد محاولات كثيرة لتغط في النوم ولكن بدون فائدة، زفرت بضيق ثم نهضت من مكانها وجلست على سريرها للحظات ثم اتجهت إلى مرآتها ونظرت إلى انعكاسها لوهله وتأملت ملامحها، عيونها الواسعة ذو اللون العسلي المائل للون الزيتون الأخضر والرموش الكثيفة وبشرتها البيضاء الصافية وانفها الحاد الصغير وشفتيها الرقيقة والمميزة جدًّا للونها الوردي الطبيعي، كان وجهها ليس بالممتلئ أو الرفيع كان رقيق كما يحوي به من ملامح ذات جمال هادئ، اطالت النظر إلى نفسها حتى قالت:
- لازم أنفذ كل حاجه النهاردة!
ومع تلك الجملة ظهر إصرار كبير في نظراتها، خرجت من غرفتها بهدوء واتجهت إلى غرفة أختها وفتحتها بهدوء ثم اقتربت منها وهي نائمة، ظلت تطالعها للحظات حتى أخرجت عود كبريت من جيبها واشعلته!! تململت أختها في سريرها وفتحت عيونها لتجد هذا المشهد أمامها فانتفضت مكانها بخوف وقالت:
- رحيل! أنتِ بتعملي إيه
- يا ترى النار دي لو وقعت على الأرض .. إيه اللي هيحصل؟
- أنتِ اتجننتي! اطفي الكبريت بسرعه قبل ما يقع على حاجه!
- ولو معملتش كده يا داليا؟
نظرت لها داليا بخوف وظلت تصرخ ببكاء وخوف حتى جاء على صوتها والدها ووالدتها وعندما دلفوا إلى الغرفة وضغطوا على رز الضوء انتشر النور في المكان وظهر هذا المشهد ولكن على غير المتوقع نظر الاثنان إليها بملل وتهكم، صرخت أختها:
- واقفين كده ليه حد يعمل حاجه
أبتسم الأب ابتسامة هادئة وقال:
- مش هتبطلي المقالب بتاعتك دي
نظرت له رحيل بجمود ثم شقت الإبتسامة وجهها ولمعت عيونها بشدة وضحكت بصوتٍ عالي وضحك معها والدها ووالدتها، قالت أمينه والدتها:
- حرام عليكِ كده يا رحيل تخوفي أختك بالشكل ده أنتِ عارفه أنها مش بتحب المقالب بتاعتك
تحركت رحيل في الغرفة بمرح وقالت:
- مهما تقولي هفضل أعمل مقالب فيها هي بالذات
صاحت بها داليا:
- وهو ده إسمه مقلب برضو!! كنتِ هتولعي فيا وتقولي مقلب
- لما يجرالك حاجه أبقي اتكلمي يلا أنا هروح أنام
قالت تلك الجملة بابتسامه ثم ذهبت إلى غرفتها والابتسامة لم تفارق وجهها، زفرت داليا بضيق وقالت:
- كده بقى كتير بجد نفسي أفهم أنتم ليه ساكتين لها على عمايلها دي
قال بدر والدها:
- أنتِ عارفه إن رحيل مش قصدها حاجه جد هي بتهزر
- بس الهزار ليه حدود مش بالشكل ده!
قالت أمينه:
- خلاص يا داليا أنتِ عارفه أن بابا مش بيحب يزعل رحيل بالذات معلش يا حبيبتي عدي المره دي عشاني
نظرت لهم داليا بضيق ثم عادت إلى فراشها ونامت وعندما وصلت رحيل إلى غرفتها دلف إليها بابتسامه ونامت في فراشها براحه بعد أن أنهت تلك المهمة وغطت في نومٍ عميق لدرجة..
وفي اليوم التالي..
وخصوصًا على طاولة الفطور الذي كان يجلس عليها بدر وأمينه وكانوا في إنتظار رحيل لأن داليا لا تستيقظ باكرًا، زفرت أمينه وقالت:
- عاجبك عمايل رحيل دي
- أمينه بعد أذنك مش عايز أتكلم في الموضوع ده تاني
- لا لازم تتكلم فيه مينفعش نظام حياتها ده
- شايفه إيه في أيدي ممكن اعمله طب لو الهزار والمقالب اللي بتعملها دي هتخليها مبسوطة خلاص مش مشكلة
- بس هي مبقتش صغيرة على كده سابت إيه للمراهقين
الكاتبة ميار خالد
- أنتِ أكتر واحده عارفه رحيل مرت بأيه بلاش تقسي عليها أنتِ كمان
تنهدت أمينة بحرارة وقالت:
- عارفه يا بدر بس أنت كده بتأذيها مش بتفيدها ده مش حل
- عارف أنه مش حل بس أنا كل اللي فارق معايا أنها تكون مبسوطة وبس
- أنا كمان كده أنت عارف أني بحب رحيل جدًّا مع أنها مش بنتي! بس لازم تغير طريقة حياتها لازم تتحمل المسؤولية شوية
- عارف .. وأنا فكرت في الموضوع ده من فتره
نظرت له أمينه بعيون متسعة ثم قالت بسرعه:
- بجد! ووصلت لحاجه طيب
- أيوه متقلقيش
- هتعمل إيه طيب؟
- هتعرفي كل حاجه في الوقت المناسب .. كل إللي عايزك تعرفيه أن كلها فتره ورحيل هتتغير تمامًا أنا واثق من كده!
***
- تفتكر هينجح وهياخد الصفقة؟؟
كانت تلك الكلمات التي يتهامس بها الصحفيين خارج إحدى الشركات الهامه للاستثمارات ، قال أحد الصحفيين:
- أفتكر؟ طبعًا
- ومتأكد ليه أوي كده .. ما يمكن يفشل المره دي
- مستحيل يفشل مفيش حد يقدر يرفض عرض شراكة مع أستاذ عاصي هو شاطر جدًّا في شغله
ولم تمر ثواني حتى تحولت تلك الهمسات إلى أصوات عالية عندما هلّ عليهم سيد حديثهم هذا.. عاصي القاضي، قالت إحدى الصحفيات:
- أستاذ عاصي هل شراكتك مع شركة الرحاب نجحت ولا لا؟
كان سيمضي في طريقه ولكنه توقف فجأة، ألتفت إليها ببطيء وقال:
- أعتقد دي فرصة كويسة جدًّا وصعب أوي تيجي لأي حد واللي عنده عقل وبيفكر صح أكيد مش هيضيعها
- تفتكر إيه سبب نجاحك .. ثقتك الزايده بنفسك ولا شركتك واسمها المعروف
نظر لها عاصي بملامح خاوية وعدم اهتمام ثم أرتدي نظارته الشمسية وتحرك من مكانه وظلت هي تطالعه بصدمه من رد فعله هذا ورحل هو من المكان، قال أحد زملائها:
- أنتِ محظوظه أنه رد عليكِ أصلًا
أستقل الآخر سيارته ثم تحركت بها إلى شركته وعندما وصل إليها رأي تجمع كبير من الموظفين وسمع العديد من المباركات لإتمام تلك الصفقة ولكنه لم يهتم ودلف إلى مكتبه ثم اتجه إلى الحمام المرفق به وغسل وجهه ثم نظر إلى انعكاسه في المرآة، كان حاد الملامح نوعًا ما ولكن يوجد شيء بعيونه يبعث الأمان، كان يمتلك بشرة قمحاوية مميزه مع لحيه خفيفه وشعر ناعم بني اللون يميل للسواد، كانت ملامحه هادئه وعاديه وكانت تخفي ما يجول في رأسه بمهارة كبيرة، وقد تلونت عيونه باللون العسلي لتُكمل جماله الهادئ..
خرج من الحمام وجلس على مكتبه وفي تلك اللحظة دلف إليه رامي مساعده الشخصي الذي قال:
- أنا آسف جدًّا أني بزعج حضرتك بس في حاجه مهمه
- في إيه
- أستاذ بدر وافق على مشروع المول
قال عاصي بعدم تركيز:
- أستاذ بدر مين؟
- صاحب سلسلة مطاعم البدر للحلويات .. طبعًا حضرتك عارف أن ليه إسم واسع في السوق فكون أنك تشتري أسمه التجاري وتحطه في المول اللي حضرتك هتفتتحه ده هيبقى خطوة مهمه في نجاحه
- آه افتكرت تمام حدد معاه مقابلة
- حددت يا فندم وهو بكره هيبعت بنت...
ولم يكمل جملته لأن هاتف عاصي صدع رنينًا، أمسك هاتفه ورد على المتصل وعيونه لم تزاح عن الاوراق أمامه ولكنه بعد لحظات وعندما سمع كلمات المتصل نظر أمامه بعيون متسعة وانتفض من مكانه بفزع!! حاول رامي أن يفهم منه أي شيء فركض خلفه وقال:
- في إيه حضرتك خير؟!!
قال عاصي:
- ليلى في المستشفى
شهق رامي وتوقف مكانه واستقل عاصي سيارته بسرعه وانطلق بها نحو المستشفى..
***
خرجت رحيل من غرفتها واتجهت إليهم بابتسامتها المعتادة التي لا تفارق وجهها، قالت:
- صباح الخير
قالت أمينه بابتسامه:
- صباح النور يلا اقعدي افطري عشان بابا عايزك في موضوع مهم
قالت رحيل بتساؤل:
- موضوع مهم؟ إيه هو
قال بدر:
- هتعرفي كل حاجه كمان شوية كلي دلوقتي
وعندما أنهي جملته تلك تناولت رحيل طعامها بسرعه وشربت بعض المياه ولم تمر بضع دقائق حتى انتهت ووقفت مكانها بسرعه ثم قالت:
- أكلت أهو موضوع إيه بقى؟
الكاتبة ميار خالد
أبتسم بدر بهدوء ثم قال:
- طيب روحي المكتب استنيني هناك
ذهبت رحيل إلى مكتبه وجلست به حتى جاء إليها بعد لحظات، جلس أمامها وظلت هي تطالعه بفضول وعندما طال الصمت قالت:
- سمعاك قول
- بصي يا رحيل طبعًا أنتِ عارفه أني بحبك جدًّا وإن محدش يقدر ياخد مكانك جوه قلبي صح
ابتسمت رحيل وقالت:
- أكيد عارفه
- مش عايزك تزعلي من كلامي بس أنا شايف أنك لازم تغيري نظام حياتك شوية
نظرت له رحيل بتساؤل وقالت:
- اغيره إزاي مش فاهمه؟ أنا حياتي كويسة
- مش قصدي يا بنتي بس أنتِ لازم تتحملي المسؤولية شوية أكتر من كده الحياه مش كلها هزار وضحك ولا أنتِ إيه رأيك
- أنتم ليه اخدين فكره عني إني مش بعرف أشيل المسؤولية .. بابا أنت أكتر واحد المفروض ميقولش الكلام ده لأنك عارف أنا مريت بأيه
- وعشان كده أنا مستغرب يا بنتي حد تاني مكانك كان هيبقى غير كده
- أنا قد المسؤولية في أي حاجه .. بس أنا مش عارفه ليه حظي كده كل حاجه بحاول أعملها صح بتبوظ .. كل ما بمشي خطوة بعمل مصيبه
ثم زفرت بضيق وقالت:
- حظي هو اللي وحش لكن أنا .. أنا كويسة
ضحك بدر وقال:
- أنا عارف أنك كويسة يا حبيبتي بس لازم تتغيري أنتِ عايزه تقنعيني يعني أن قرار التغيير ده مش في أيدك
- لا في أيدي .. بس أنا مش عايزه أفكر في بكره أنا عايزه أعيش النهاردة وبس
- عايزه تعيشي النهاردة وبس ولا بتحاولي تنسي اللي حصل في الماضي؟
نظرت له رحيل وقد تكونت بعض الدموع في عيونها وقالت:
- أنا مش هقدر أهرب من الماضي لأن خيوطه بتربط الواقع اللي أنا عايشه فيه .. أنا بس خايفه يجي يوم وتزهق مني وتمشي أنت كمان
تفاجئ بدر من كلماتها تلك فأمسك يدها وقال بحنان:
- إيه الكلام ده أنا وعدتك من زمان أني عمري ما همشي أنتِ بنتي يا رحيل
- لا .. أنا مش بنتك! وأنا مش قادرة أنسى الفكرة دي عايشه في رعب أني هرجع للعالم اللي كنت عايشه فيه قبل عشر سنين
الكاتبة ميار خالد
- أنتِ من دمي وربنا يعلم إني مش بفرق بينك وبين داليا .. هتفرق يعني ولاد عم من أخوات؟
- بنسبالي هتفرق
وصمتت للحظات ثم قالت بحرج:
- خصوصًا اللي بابا عمله قبل ما يتوفى..
قال بدر:
- مش وقت الكلام ده .. أنا عايزك تنسي كل ده أنتِ بنتي يا رحيل ودي عيلتك الوحيدة أوعي تفكري بس إنك ملكيش مكان بينا ومش عايزك تاخدي أي نصيحه مني ليكي أني كده بعاقبك أو قصدي أني اجرحك
ابتسمت رحيل وقالت:
- أنا أسفه
أبتسم بدر وقال:
- شوفتي خليتي الكلام ياخدنا ونسيت أقولك على الموضوع اللي عايزك فيه
اعتدلت رحيل في جلستها وقالت:
- موضوع إيه؟
- بصي يا ستي .. طبعًا أنتِ عارفه أن الحمدلله أحنا لينا أسم كويس جدًّا في السوق ولينا فروع في كل مكان في مصر
- طبعًا الحمدلله
- في خطوة مهمه جدًّا في شغلنا الفترة اللي جايه وأنا هعتمد عليكِ فيها
- خطوة إيه؟
- شركة القاضي قررت أنها تبني مول تجاري جديد وهيضم أسامي تجارية وماركات عالميه كتير وطبعًا بسبب مجالنا الواسع في الحلويات عمومًا واسمنا المعروف شركة القاضي عرضت علينا شراكه
- بجد! طب ده كويس جدًّا
- بالظبط .. أنا مش هقولك أد إيه المشروع ده مهم بنسبالي وعشان أنا بثق فيكي قررت أنك أنتِ اللي هتروحي بكره وتتمي الصفقة دي
- أنا!! اشمعنا أنا
- تقدري تعتبريه اختبار صغير عايز أعرف أنتِ أد المسؤولية فعلًا زي ما بتقولي ولا لا
نظرت له رحيل بقلق نوعاً ما ثم قالت بابتسامة:
- طبعًا مش عايزاك تشيل هم خالص سيب الموضوع ده عليا
- متأكدة؟ أقدر أعتمد عليكِ يعني
لوحت رحيل بيدها وقالت بثقة كاذبة:
- طبعًا أعتبر أن الصفقة دي تمت خلاص
تنهد بدر براحه وقال:
- إذا كان كده ماشي هسيبك ترتبي حياتك لبكره
ثم أبتسم لها وخرج من المكتب وظلت رحيل بمفردها، وضعت إصبعها تحت أسنانها وقالت بخوف:
- خلاص متخافيش من حاجه .. دي صفقة صغيره يعني أنتِ قدها .. يارب بكره بالذات حظي يكون حلو لأني مع كل خطوة بعمل مصيبة مش عايزه بكره يحصل أي حاجه!
#يتبع
يا ترا إيه اللي هيحصل مع رحيل وهل هتنجح في مهمة أبوها ولا لا؟؟
يا ترا مين هي ليلي؟
آراءكم لأول فصل
عاوزه تفاعل كبير بقى القصه حلوه اوى
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الثاني
استقل عاصي سيارته بسرعه وانطلق بها نحو المستشفى، وبعد فترة وصل إليها وتحرك بقلق بين ممراتها حتى رأى والدته أمام إحدى الغرف فوقف مكانه واتجه إليها بسرعه، كانت تعطيه ظهرها وعندما وضع يده على كتفها التفتت إليه ليرى عيونها الغارقة بالدموع، قال بقلق:
- في إيه!! ليلي مالها
كانت والدته تبكي بصمت فكرر سؤاله:
- ردي عليا ليلي فيها ايه؟!!
- أهدى يا عاصي مفيش حاجه تقلق بس أنا بعيط من خضتي عليها
- حصل إيه برضو فهميني
- هي كانت بتلعب في الجنينة وأنا كنت معاها بس انشغلت عنها لحظة بس لقيتها وقعت على دماغها وعماله تنزف
- إزاي تسبيها تغيب عن نظرك ما أنتِ عارفه أنها شقيه جدًّا
- غصب عني والله وارجوك أنا على اخري مش عايزه أي كلمه
زفر عاصي بضيق ثم دخل إلى الغرفة ليجدها نائمة في فراشها مثل الملائكة وبجانبها إحدى الممرضات التي وبمجرد أن دخل عاصي إلى الغرفة خرجت حتى تترك لهم بعض الخصوصية، أقترب هو من تلك الفتاة ذات الشعر الذهبي اللامع النائمة بتعب وجلس أمامها وبعد لحظات وعندما شعرت به الفتاة الصغيرة ذات الخمسة أعوام فتحت إحدى عينيها وتركت الأخرى مغلقة ونظرت له بخوف ثم قالت:
- هتزعق صح؟
نظر لها عاصي بغضب وظل صامتًا ويطالع رأسها المضمد، قالت ليلي بحروف غير واضحه:
- خلاص ليلي أسفه مش هتعمل كده تاني
- أنتِ مش عارفه أن الحركة دي بتخوفني عليكِ ليه بتعملي فيا كده يا ليلي! أنتِ بتخليني أندم إني وافقت إنك تخرجي شوية كل مره تعملي مصيبه كده
- صدقني المرة دي أنا مكنش قصدي .. أنا كنت بس عايزه أشوف العصفورة الصغيرة اللي فوق الشجرة وأما كنت هوصلها رجلي اتزحلقت ووقعت
قال عاصي بغضب خفيف:
- يا ليلي مينفعش كده لازم تاخدي بالك أكتر من كده
- حاضر ليلي بتوعدك إنها مش هتتعور تاني خالص
نظر لها عاصي بطرف عينيه ثم نهض من مكانه بغضب ولكنه قبل أن يتحرك مدت يدها الصغيرة وامسكت بيده وقالت:
- أنا أسفه خلاص بقى .. هتمشي وتسيبني أنت كمان؟!
نظر عاصي أمامه بصدمه من كلماتها تلك والتفت إليها بسرعه ونظر إليها ليجد الدموع قد ترقرقت في عيونها، جلس أمامها ثم مسح دموعها وقال بابتسامه:
- أنا وعدتك قبل كده أني عمري ما هسيبك .. ليه الكلام ده دلوقتي
- عشان أنت زعلان مني وكنت هتمشي دلوقتي
- أنا مش زعلان منك .. أنا خايف عليكِ يا حبيبتي أنتِ لو جرالك حاجه أنا مش هسامح نفسي
ابتسمت ليلي ثم أشارت بيدها له أن يقترب وعندما اقترب منها قبلته في وجنته وقالت:
- ليلي مش هتعمل كده تاني اطمن
الكاتبة ميار خالد
أبتسم لها عاصي وبعد لحظات خرج من الغرفة وتركها حتى ترتاح قليلاً، بحث عن والدته للحظات حتى وجدها جالسة على إحدى المقاعد بجانب الغرفة فذهب إليها وجلس بجوارها وصمت للحظات ثم قال:
- أنا آسف عشان كلمتك بطريقة وحشة من شوية
ابتسمت حنان والدته وقالت:
- حبيبي أنا مش بزعل منك
- الحمدلله ليلي كويسة .. ربنا ستر المرة دي
نظرت له حنان بدموع وقالت:
- عندك حق الحمدلله
أمسك عاصي يدها وقال:
- في إيه؟ بتعيطي ليه دلوقتي
قالت حنان بألم:
- افتكرت مامتها .. افتكرت أختك مريم يا عاصي
أحس عاصي بوخزه في قلبه من ذكر إسمها أمامه وصمت فأكملت حنان:
- نفس الموقف ده برضو حصل مع مريم وهي في سن ليلي .. قلبي واجعني عليها أوي يا عاصي مهما مرت سنين وأيام عمري ما هداوي قلبي من فراقها
- ده أحسن ليها .. هي دلوقتي مرتاحة
- مرتاحة وهي بعيده عننا كده؟ مرتاحة وهي حتى متعرفش أخبار بنتها إيه .. عمري ما تخيلت إني هخلف بنت بالقساوة دي
- مريم غلطت وكان لازم تتعاقب يا أمي
- مش مريم بس اللي غلطت لكن هي بس اللي اتعاقبت
صمت عاصي وظل يستمع إليها فأكملت:
- عمري ما كنت أتخيل أن الحفرة اللي أنا وقعت فيها بنتي كمان هتقع فيها .. مش عارفه ليه حصل كده كل حاجه ادمرت كل حاجه بنيتها وصلحتها رجعت انهارت .. بعد اللي أبوك عمله معايا وأنا خليت كل حياتي ليكم بس واضح أنه مكنش كفاية برضو .. أنا مش قادرة اسامح نفسي أنا السبب في اللي حصل لمريم هي طلعت ضعيفة زيي
- بلاش الكلام ده أنتِ مش غلطانه .. كل واحد كبير وعارف هو بيعمل إيه كويس .. مريم قبل ما تقع في الحفرة دي أنا حذرتها مليون مره ووصلت أني كنت هقطع علاقتي بيها وهي مدتش كل ده أي إهتمام وعملت اللي في دماغها .. يبقى لازم تتعاقب
مسحت حنان دموعها وقالت:
- هي مبسوطة عند خالتها طيب؟
- أيوة أنا بطمن عليها باستمرار .. هتفضل هناك في كندا فترة لحد ما تتحسن وتعرف قيمتنا أكتر .. ساعتها هسمح لها أنها ترجع وسطنا تاني!
نظرت له حنان للحظات وظلت تطالعه كثيرًا حتى قال:
- بتبصيلي كده ليه؟
- أنت جبت القساوة دي كلها منين؟
- من جوزك .. اللي هو ابويا!
- أنا عارفه أني غلطت في اختياري وأنكم أنتم اللي دفعتوا التمن .. بس أنت إزاي وصلت للقساوة دي فين عاصي أبني اللي قلبه أبيض وحنين مع كل الناس .. كل يوم بتصدم فيك أكتر وبتصدم بلي وصلتله .. حتى مريم بقت قاسية زيك واستكترت عليا بس إني أشوفها واطمن عليها حتى بنتها اللي ملهاش ذنب في حاجه رفضتها وخرجتها من حياتها .. ده ذنب مين اللي بيحصل فيا ده
بكت حنان بضيق وندم هو على كلماته تلك، أمسك يدها وقال:
- أنا آسف لو كلامي كان قاسي شوية واسف لو بجرحك بدون قصدي .. سامحيني
- الموضوع مش موضوع زعل يا عاصي .. أنا مامتك يا حبيبي يعني مستحيل أزعل منك بس أنا مش عاجبني حالك وأنت كده أنا لو جرالي حاجه مش هبقى مرتاحة وأنا عيالي كد..
قاطعها عاصي وقال:
- بلاش السيرة دي بعد الشر عليكِ
- ده قدر ومكتوب ومحدش بيهرب من قدره .. ريح قلبي عشان خاطري
زفر عاصي بضيق ثم قال:
- إيه اللي يريحك طب وأنا هعمله
- صلح كل حاجه .. أرجع أبني اللي أعرفه وجمّعنا كلنا تاني
صمت عاصي للحظات ثم نهض مكانه وقال:
- لأول مره مش هقدر أنفذ حاجه أنتِ عايزاها .. أبنك اللي أنتِ عايزاه أنتِ اللي قتلتيه بأيدك لما اختارتي أن أبوه يكون شخص أناني ومعندهوش ضمير .. أنا مرتاح كده وأتمنى منتكلمش في الموضوع ده تاني ..
قال عاصي تلك الجملة ثم تحرك من مكانه وتركها تبكي في صمت بقلب يحترق من الندم، تندم على اختيارها لهذا الزوج يومًا عن يوم، مع أنه قد ترك الحياة منذ أعوام إلا أن لعنته تلك لازالت تلاحقها حتى الآن، كيف تخبرهم أن أبيهم لم يكن بهذا السوء أو من الممكن هذا الذي كانت تواسي نفسها به، جلست مكانها بدموع ثم حدثت نفسها بصوت مسموع:
- اتحديت عيلتي وكل الناس عشانك .. مركزتش لأي فروقات كانت بينا شوفت الحب وبس .. حاولت ابعدك عن حياتي عشان متتجرحش وتحس إنك أقل مني في حاجه .. ناس كتير حذرتني بس أنا كنت واثقة فيك أكتر من نفسي .. كل حاجه كانت كويسة لكن فجأة كل حاجه ادمرت .. لحد دلوقتي مخي مش مستوعب اللي أنت عملته فيا قبل ما تموت .. كل اللي بنيته طول السنين دي اتهد .. عملت إيه في حياتك عشان حياة عيالك الاتنين تدمر كده
وبكت بقهرة بعدها، كان عاصي يقف على مسافه قريبة منها وعندما سمع كلماتها تلك ترقرقت بعض الدموع في عينيه وقد تذكر كل شيء عن حياتهم الماضية، قد يبدو لك شخصا عاديًا ولكن بداخله كم كبير من الذكريات والكدمات التي دمرت قلبه، لقد رأى الكثير في سن صغير وكان هذا كافياً لقتل كل معاني الحياة بقلبه لدرجه أنه قد نسى كيف هو شعور الفرحة والامان، حقًا أنه لا يتذكر حتى أخر مرة ضحك فيها ..
وبعدها أنهي عاصي اوراق المستشفى واصطحب ليلى ووالدته إلى البيت، ومر اليوم عليه بصعوبة بسبب كم الذكريات جاءت إلى رأسه دفعة واحدة..
الكاتبة ميار خالد
في اليوم التالي
استيقظ من نومه بشعور سيء وجهز نفسه حتى يذهب إلى شركته وعندما كان يمشط شعره جاءه إتصال من رامي، رد عليه:
- الو .. في حاجه حصلت؟
- لا يا فندم أنا بفكر حضرتك أن النهاردة عندنا اجتماع مهم جدًّا مع الشركة الكورية وبعدها عندك معاد مع صاحب سلسلة محلات البدر للحلويات
- تمام فاكر .. أهم حاجه ظبطت كل حاجه للفوج الكوري؟ ونسقت مع الفندق والمطار كل ده
- طبعا مش عايز حضرتك تقلق هما دلوقتي على وصول خلاص
- تمام النهاردة بالذات مش عايز ولا غلطه مفهوم أنت عارف الفوج ده مهم أد إيه للشركة
- طبعا يا فندم ومش عايز حضرتك تقلق خالص .. كل حاجه هتمشي زي ما حضرتك عايز
عند رحيل..
كانت تقف أمام مرآتها تضيف بعض اللمسات الأخيرة إلى مظهرها، كانت ترتدي فستان كشميري ذو تصميم خاص ومميز، كان فضفاض ومريح وفي نفس الوقت يعطيها مظهر أنثوي رقيق، ولملمت جزء من شعرها واطلقت الباقي للعنان ووضعت به ربطة بنفس لون الفستان، لم تكن بحاجه إلى مستحضرات التجميل لأنها تمتلك جمال هادئ مميز، زفرت بقلق وحدثت نفسها بصوت مسموع:
- أنتِ قدها .. صدقيني مش محتاجه كل الخوف والقلق ده كل حاجه النهاردة هتمشي كويسة
قالت تلك الجملة ثم نظرت إلى انعكاسها في المرأة وخرجت من غرفتها فوجدت بدر وأمينة وداليا على طاولة الفطور، قالت:
- أنا خارجه يا ماما
قالت أمينة:
- لا استني لما تفطري الاول
- لا مش عايزه
- قولت مفيش خروج كلي أي حاجه عشان تاخدي الأدوية بتاعتك
- طب ما أنا كويسة اهو
نظر لها بدر وقال:
- حبيبتي أنتِ عارفه أنك ضعيفة جدًّا ولازم الأدوية دي عشان تقدري تقفي على رجلك .. يعني حتى لو كويسة قدامي دلوقتي لازم تاكلي وتاخدي علاجك عشان تفضلي كويسة كده .. أنتِ نسيتي أخر مره نشفتي دماغك فيها وماخدتيش العلاج ايه اللي حصل
قالت داليا بجمود:
- يومها تعبت وفقدت الوعي وفضلتوا جنبها طول الليل
اكمل بدر الكلام بطريقة عادية ولم يلاحظ نبرة الحقد التي تكلمت بها داليا في تلك اللحظة، قال:
- الله ينور عليكِ .. أنا مش مستعد اليوم ده يتكرر تاني
ابتسمت رحيل بحب ثم جلست معهم وتناولت طعامها وأخذت علاجها قبل أن تخرج ومعه علبة طعام متوسطة، وبعد أن انتهت خرجت من البيت واستقلت سيارة أبيها وذهبت إلى وجهتها ولكنها وبعد أن تحركت بها لدقائق وقفت السيارة فجأة، ترجلت منها حتى تعرف ماذا حدث ولكن لسوء حظها أن السيارة توقفت في منتصف الشارع مباشرةً، ظلت تفحصها للحظات حتى شهقت بصدمة عندما تذكرت أنها كان من المفترض أن تضع لها بنزين من ليلة أمس قبل أن تتحرك بها، ضربت رأسها بنسيان وقالت:
- ودي حاجه تتنسي برضو حرام عليكِ .. هعمل إيه دلوقتي
وأثناء تفكيرها هذا وبسبب مكان سيارتها الخاطئ أفاقت من هذا الشرود على صوت ارتطام قوي!! نظرت خلفها بفزع لتجد سيارة أخرى قد ارتطمت بسيارتها بقوة!!
في شركة القاضي
كان عاصي يقف أمام شركته في انتظار الفوج الكوري الذي قد تأخر كثيرا في وصوله وبعد لحظات وصلت السيارات أمام الشركة ونزل منها رجال ذو ملامح آسيوية مميزة، رحب بهم عاصي وأخذهم أحد الموظفين إلى قاعة الاجتماعات
***
- إيه اللي أنت عملته في عربيتي ده!!
نزل رجل من السيارة المقابلة لرحيل وقال بسرعه:
- أنا آسف جدًّا حقيقي
- آسف إيه بس مش تفتح قدامك
- حقيقي أنا بعتذر جدًّا وأنا مستعد اتحمل كل تكاليف تصليحها
- أنا بسببك هتأخر عن ميعاد مهم
- طيب اسمحيلي أصلح اللي أنا بوظته ده واوصلك
نظرت له رحيل للحظات ثم نظرت حولها وأدركت أنها لا تملك أي إختيار آخر، أومأت برأسها ثم استقلت بجانبه السيارة وانطلق بها إلى شركة القاضي، وأثناء تواجد الفوج الكوري في قاعة الاجتماعات ذهب عاصي إلى مكتبه حتى يأتي ببعض الاوراق، وعندما دلف إليه جاءه إتصال مهم من المهندس المسؤول عند تنفيذ المول التجاري فاتجه إلى نافذته و رد عليه وفي تلك الأثناء وقفت سيارة أمام شركته فلفتت انتباهه قليلاً، ترجلت رحيل منها ومعها صاحب السيارة وقال لها:
- اتفضلي ده الكارت بتاعي .. عربيتك هتكون عندك بعد يومين بأذن الله أو قبل بمجرد ما تتصلح وأنا بعتذر جدًّا
ابتسمت رحيل وقالت:
- حصل خير
ثم أخذت منه الكارت ودخلت إلى الشركة وكان عاصي يتابع كل ما حدث ولكنه لم يولي الأمر أهمية، دخلت رحيل بسرعه إلى الشركة لأنها قد تأخرت كثيرًا عن الميعاد المحدد لها، نظرت حولها بسرعه وظلت تجول للحظات حتى وجدت قاعة الاجتماعات فركضت نحوها بسرعه وقبل أن تدخل لها تذكرت أنها قد نست أوراق الصفقة في سيارتها! أمسكت رأسها بقلة حيلة ثم أخذت نفساً عميقاً واقتحمت الغرفة ودلفت إليها وعندما التفتت وجدت أمامها أشخاص ذو ملامح آسيوية ينظرون لها بتساؤل، ساد الصمت للحظات حتى تنحنحت هي وقالت بصوتٍ خفيض:
- غريبة يعني .. بابا مقاليش أن صحاب الشركة مش مصريين غير كده هما كتير كده ليه .. كل دول مستنيني أنا !
تحركت أمامهم وقالت بتلعثم:
- اا أنا أسفه جدًّا على التأخير بس بس عربيتي باظت أقصد اتخبطت عارفين أنتم الظروف دي أكيد
ظهرت علامات التعجب والدهشة على وجوههم من كلماتها الغير مفهومه بالنسبة لهم، بلعت ريقها بتوتر ونظرت خلفها لتجد شاشة كبيرة وامامها لاب توب ويظهر بها عرض تقديمي، نظرت لهم لتجدهم يطالعوها بتساؤل وتكلم أحدهم بلغة غير مفهومه لها فقالت بسرعه:
- أهدى بس أنا مش فاهمه منك حاجه بس مش مستاهله كل العصبية دي
وقبل أن تتحرك تعثرت بإحدى الاسلاك الموصلة باللاب توب ووقعت على الأرض وكذلك هذا الحاسوب وقد خربت العرض التقديمي وفي تلك اللحظة دلف عاصي إلى المكتب ومعه رامي وتسمر مكانه بصدمة عندما وجد هذا المشهد أمامه..
رحيل على الأرض وحولها العديد من الإسلاك وحاسوبه الشخصي الذي قد تحطمت شاشته أثر تلك الوقعة العنيفة والفوج الذي ينظر له بصدمة كبيرة..
يتبع
توقعاتكم ؟؟ آراءكم ؟؟
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الثالث
وتسمر مكانه بصدمة عندما وجد هذا المشهد أمامه..
رحيل على الأرض وحولها العديد من الاسلاك وحاسوبه الشخصي الذي قد تحطمت شاشته أثر تلك الوقعة العنيفة والفوج الذي ينظر له بصدمة كبيرة، قال عاصي بغضب مكتوم:
- إيه اللي بيحصل هنا؟!!
نظرت له رحيل بخوف وجاءت لتنهض من مكانها ولكنها تعثرت فوقعت مرة أخرى، نهض أحد الرجال الاسيويين وحدث عاصي بعصبية كبيرة فاتجه إليه رامي وحاول أن يجعله يهدأ قليلاً وتركه عاصي يحدثه وظل ينظر إلى رحيل بتوعد، أقترب منها قليلًا وقال:
- برا
نظرت له بخوف ثم قالت بتلعثم:
- أنا أنا مكنش قصدي كل ده
صرخ بها عاصي صرخةٍ قوية:
- قولت براا
نظرت له رحيل بفزع وقبل أن تتحرك من مكانها قال عاصي لرامي:
- خدها من قدامي واحبسها في أي مكان لحد ما أعرف أتصرف معاها
نظرت له رحيل بصدمة وقالت:
- يحبسني ليه! أنا معملتش حاجه والله كان غصب عني
صاح عاصي:
- رامي أتحرك!! البنت دي متخرجش من الشركة
اتجه إليها رامي وسحبها خلفه وسط صرخاتها حتى خرجوا من القاعة، أتجه عاصي إلى ضيوفه وحدثهم قليلاً فعادوا إلى أماكنهم بهدوء، التفت عاصي ونظر إلى حاسوبه المهشم والفوضى التي حدثت في المكان وتوعد لتلك الغبية على ما فعلته، أنقذ الموقف بمهاراته العالية وبعد فتره كان أنهى جميع عمله ونجحت صفقته مع هذا الفوج، وبمجرد أن خرجوا من الشركة تلاشت الابتسامة الصغيرة التي كانت تعلو شفتيه واحتل الغضب نظراته..
عند رحيل..
ادخلها رامي إحدى الغرف المخفية في الشركة واغلق عليها الباب وسط صرخاتها:
- صدقني أنا مكنش قصدي .. أنا جايه أشوف مدير الشركة
وعندما وجدت أن صوتها لا يصل إلى أحد غيرها جلست مكانها على الأرض بتوتر وخوف، حدثت نفسها بصوت مسموع:
- أنا ليه بيحصل معايا كده هي المصايب ملقتش غيري يعني .. والله ما كان قصدي كل ده يحصل لو بابا عرف بكل ده هيزعل مني جدًّا
ترقرقت الدموع في عيونها وقبل أن تتساقط وقفت مكانها وقالت بابتسامة:
- لا أهدي مفيش حاجه ده سوء تفاهم بس .. بصي بمجرد ما يجي أي حد دلوقتي قوليله أنك عايزه تشوفي المدير وقوليله إن اللي حصل ده كان من غير قصد واعتذري بس كده الموضوع سهل
كانت تقنع نفسها بتلك الكلمات ولكن قلبها كان يرتجف من الخوف، وفجأة شعرت أن باب الغرفة ينفتح، التفتت بسرعه لتجد عاصي أمامها عاقد ذراعيه ويطالعها بغضب مكتوم، نظرت له بضيق وقالت:
- أنا عايزه أشوف مدير الشركة دلوقتي .. أنت متتكلمش معايا
- مين اللي باعتك
نظرت له بعدم فهم وقالت:
- مش فاهمه يعني إيه؟
أغلق عاصي الباب عليهم واقترب منها قليلًا فابتعدت هي بفزع، كرر عاصي كلماته بغضب مكتوم:
- قولت مين اللي باعتك؟!
قالت رحيل بغضب:
- وانا قولتلك إني مش عايزه أتكلم معاك! أنا عايزه المدير دلوقتي
وتحركت من أمامه بسرعه وقبل أن تتخطاه أمسك يدها بقسوة حتى يمنعها، صرخت به:
- أنت اتجننت!! سيب أيدي
ثم دفعته عنها ولكنه صرخ بها بقوة:
- جاوبي على سؤالي!!
انتفض جسد رحيل أثر صرخاته تلك وقالت:
- أنا محدش باعتني ومكنش قصدي أن كل ده يحصل
نظر لها عاصي وتذكر الرجل الذي كانت معه أمام شركته وتذكر عندما أعطاها هذا الرجل شيئاً ما فنظر لها بتهكم وظن أنها تكذب، أقترب منها بغضب ورجعت هي خطوة إلى الوراء، قال بغضب مكتوم:
- أنا مش مصدق ولا كلمة من اللي أنتِ قولتيها وعارف إنك بتكذبي بس لو فاكرة إنك تقدري تخرجي من الشركة دي بدون أذني تبقي غلطانه!!
نظرت له رحيل بتوتر ثم قالت:
- صدقني أنا بقول الحقيقة أنا والله ما كان قصدي كل ده يحصل أنا عايزه أخرج من هنا لازم اشوف المدير
قالت تلك الجملة وركضت بسرعة ناحية الباب حتى تفتحه ولكنه كان مغلق بإحكام، ضحك عاصي بسخرية ثم قال:
- مش محتاجه مجهود عشان تشوفي المدير .. هو واقف قدامك
نظرت له رحيل بتساؤل ثم نظرت حولهم وقالت تلقائية:
- قدامي إزاي يعني مفيش غيرك قد..
وهنا استوعبت ما يحدث حولها فشهقت بصدمة وفرهت فمها وهي تنظر إليه بخوف، تنحنحت ثم ابتسمت بتوتر وقالت بتلعثم:
- طيب مش تقول يا جدع أنك المدير الواحد كان هيغلط
نظر لها عاصي بدهشة وصدمة في نفس الوقت من رد فعلها هذا، رفع إحدى حاجبيه وقال بتهكم:
- نعم!!
- طيب بما أنك المدير
قالت تلك الجملة ثم تنحنحت ووقفت برسمية وقالت بصوتٍ رزين:
- أنا اسفة جدًّا على اللي حصل أنا مكنش قصدي أنا مكنتش عايزه كل ده يحصل
ظل عاصي يطالعها للحظات ثم قال:
- وأنتِ فاكره أن كلامك ده كافي أنه يصلح اللي حصل؟
قالت رحيل بتلقائية:
- بس أنا قولت آسفة .. وأنا فعلًا مكنش قصدي
طالعها عاصي بغضب ثم أقترب منها وأمسك يدها بعنف وقال:
- كل الهبل اللي أنتِ بتعمليه ده مش هيدخل دماغي
- هبل؟!
نظر لها عاصي بحده ثم تركها وخرج من الغرفة وسط صرخاتها، وبعد خروجه حاولت أن تفتح الباب ولكنها فشلت فجلست مكانها على الأرض تبكي على حظها، عاد عاصي إلى مكتبه فوجد رامي ينتظره ومعه بعض الاوراق، تنهد بضيق وجلس على كرسيه وبعد لحظات قال رامي:
- حضرتك بخصوص البنت؟؟
- تفضل محبوسة في الاوضة دي ومتخرجش منها لحد ما تتكلم وتقول مين اللي باعتها
- حضرتك متأكد إن البنت دي حد باعتها .. ما يمكن بتقول الحقيقة
نظر له عاصي بحده وقال:
- أعتقد أنت وظيفتك إنك تنفذ الأوامر بس مش تناقشها
- آسف يا فندم اللي تشوفه
- تقريبا كان عندي إجتماع تاني النهاردة؟
- أيوة مع أستاذ بدر بس هو لسه مجاش ولا حد من عنده حتى
- ألغي الصفقة
- تمام
قال رامي تلك الكلمة ثم خرج من المكتب..
في منزل بدر..
كان يجلس على الأريكة وعلامات التوتر تحتل وجهه، اتجهت إليه أمينة وقالت:
- مالك وشك قافل ليه كده؟
- قلقان على رحيل خايف يحصل معاها حاجه
الكاتبة ميار خالد
- متقلقش هتبقى كويسة بأذن الله
وفي تلك اللحظة جاءت داليا وقالت:
- ليه هي رحيل فين؟
قال بدر:
- أنا خليتها تمسك صفقة شركة القاضي
نظرت له داليا بصدمة وقالت:
- نعم!! أنت مش وعدتني أني أنا اللي أمسك الصفقة دي
- أيوة أنا وعدتك بس أنا محتاج أحط رحيل في الاختبار ده .. غير كده دي أخر سنه ليكي في الكلية محبتش أعطلك أو اشغلك عن مذاكرتك حبيت أن كل تركيزك يبقى مع دراستك
قالت داليا بضيق:
- أنا كنت هعرف أتصرف .. ليه كده أنت وعدتني يا بابا
- حبيبتي معلش قولتلك أن رحيل كانت لازم تاخد الخطوة دي
- هو كله رحيل دي فاشلة ومش هتقدر تحافظ على الصفقة أصلًا .. اراهنك أنها زمانها بوظت الدنيا دلوقتي
صاح بها بدر:
- عيب متتكلميش كده على أختك!!
- هي مش أختي! لو أنت نسيت كده أنا مش ناسية يا بابا
نظر لها بدر بصدمة من كلماتها تلك ثم ذهبت الآخرة إلى غرفتها لتبكي بصمت، وفي تلك الأثناء عاد إلى رأسها كل ذكرياتها منذ عشرة أعوام وخصوصًا اليوم الذي جاءت فيه رحيل إلى حياتها، وفجأة أصبح لها أخت كبرى، في بداية الموضوع أحبت الأمر لأنها قد وجدت من تلعب معه ويؤانسها في وحدتها، احبتها كثيرًا ونست حقيقة أنها ليست أختها ولكن بعد أن لاحظت أنها تحظى بكل الحب والاهتمام تغير هذا الحب وجاء مكانه الحقد الشديد، كانت دائمًا في المرتبة الثانية برغم أنها ابنتهم الحقيقية، أو هذا ما وصل إليها وليس كل ما نراه هي الحقيقة الكاملة..
في شركة القاضي..
نهض عاصي من مكانه واستلقى على الأريكة الموجودة بمكتبه بعد أن أغلق الباب عليه واغمض عينيه قليلاً فظهرت صورة رحيل أمام عينيه، فتح عيونه فجأة وظل يفكر في كلماتها وحركاتها وتعجب من هذه الفتاة وقاده الفضول أن يعرف ما تفعله في تلك اللحظة فنهض من مكانه واتجه إلى حاسوبه الآخر فهو دائما يكون لديه بديل آخر لكل شيء بحياته، فتح ملف كاميرات المراقبة وخصوصًا الغرفة التي توجد بها رحيل، كان يظن أنها قد تكون تبكي الآن ولكنه فره فمه عندما وجدها تجلس على الأرض وتأكل بعض الطعام وتحدث نفسها بصوتٍ عالي! رفع الصوت أكثر ليسمع كلماتها..
عند رحيل..
وبعد نوبة بكاء طويلة شعرت ببعض التعب فاتجهت إلى حقيبتها وأخرجت منها علبة طعامها وجلست مكانها تأكل على الأرض، قالت وهي تلوك طعامها:
- لو في مسابقة لسوء الحظ هكسبها بدون منافس .. أنا مش عارفه هو مكبرها ليه ما أنا قولتله إني آسفه .. بابا لو عرف أني بوظت كل حاجه هيزعل مني لازم أعمل أي حاجه
قالت تلك الجملة ونهضت من مكانها بحماس وبيدها علبة الطعام وفي اليد الأخرى تمسك قطعة طعام ولكنها بعد أن نهضت قالت بيأس:
- أنتِ تسكتي خالص بسببك كل ده حصل
ترقرقت الدموع في عيونها وسارت في الغرفة بلا هدف وظلت تكرر كلمات غير مفهومه، اندهش عاصي من تلك الفتاة وحركاتها ولكنه أقسم أن يعرف ما الذي دفعها لتخريب عمله هكذا، ولكنه قبل أن ينهض من على كرسيه توقف عندما سمع كلماتها وهي تقول:
- لا كله بسبب الراجل العصبي ده .. كويس أن بابا بعتني أنا أنا هعرف أتصرف معاه كويس أوي .. ما أنا قولتله مكنش قصدي ليه كل ده يعني غير كده هما مكانوش فاهمين حاجه مني أصلًا .. أنا لازم أنقذ الصفقة دي بأي طريقة وإلا..
نظرت أمامها بخوف وملئت فمها بالطعام ثم قالت بخدين منتفخين:
- وإلا بابا هيفقد ثقته فيا وهيتأكد أني مش قد المسؤولية .. لالا بأذن الله ده ميحصلش أكيد الراجل المتعصب ده ميعرفش أني رحيل بنت أستاذ بدر وإلا مكنتش الأمور وصلت لكده .. يارب أنا ليه بيحصل معايا كده في الاول العربية تتخبط بعدين يوصلني راجل غريب للشركة وبعدين كل ده يحصل
نظر عاصي أمامه بصدمه عندما أدرك هويتها وعلم حقيقة ما حدث، ولكن تلك الكلمات لم تكن كفاية حتى تقلل من غضبه الكبير، استدعى رامي فوراً وبعد لحظات كان أمامه، قال عاصي:
- هات البنت دي قدامي فورا!
أومأ رامي برأسه ثم ذهب من أمامه حتى يأتي برحيل أمامه..
***
الكاتبة ميار خالد
في إحدى المصحات النفسية..
كانت تجلس في شرفة غرفتها بصمت كما اعتادت أن تفعل طوال سنواتها الماضية في هذا المكان، كما أنها اعتادت على هذا الدوار الذي أصبح يرافقها دوما كلما تحركت لوقت طويل بسبب كم الأدوية التي يعطونها لها، زفرت بضيق والتفتت بسرعه فشعرت بدوار شديد اختل توازنها على أثره وقبل أن تسقط شعرت بيد تسندها بقوة، تمالكت نفسها ونظرت للواقف أمامها وكان هذا الشخص يدعي شادي، وهو الطبيب المسؤول عن حالتها، أمسك يدها وقال:
- أنا قولتلك ترتاحي ومتتحركيش من مكانك ليه وقفتي برضو ؟
ظلت تطالعه بصمت وقد أعتاد هو على هذا الرد منها، اتجه بها إلى سريرها وجعلها تجلس عليه ثم قال:
- حلوة لفة الطرحة دي عليكِ .. اكيد الممرضة الجديدة هي اللي لفتهالك صح
ظلت الأخرى صامته فتنهد شادي بحرارة ثم أعطاها ادويتها حتى تتناولها ولكنها رفضت أن تأخدهم منه، قال:
- تاني يا سلمي .. ارجوكِ خدي الأدوية بتاعتك وبلاش تتعبيني معاكِ
نظرت له سلمي بصمت ثم قالت بصوت مبحوح:
- أنا مش كويسة ..
- حاسة بأيه؟
- حاسة بألم فظيع
نظر لها شادي بقلق فأكملت هي كلماتها وهي تشير إلى قلبها:
- ده مش كويس .. قلبي حاسس وكأن حد بيقطعه ببطء عشان يستمتع بكل لحظة ألم ليه
- أنتِ زي الفل بلاش تحطي الكلمات دي في دماغك عشان تخفي بسرعه وخدي علاجك
- وانت فاكر إن شوية الأدوية دول هما اللي هيخلوني أخف .. أخف من إيه؟ وهو وجع القلب ليه دوا؟!
- ملهوش .. بس إحنا اللي نقدر ننهي الوجع ده
- الكلام سهل طول ما أنت مش مكاني ولا عارف أنا حاسه بإيه
صمت شادي فاكملت الأخرى:
- هعتبرك إزاي الدكتور بتاعي وأنت حتى مش عارف فيا إيه
- بس ده مش صح
- لو بتحس بيا فعلاً خرجني من هنا أنا عايزه أخرج وارجع لحياتي .. خرجني من السجن ده
- صدقيني مهما كانت حياتك برا عاملة إزاي .. بس هنا أحسن بكتير
صمتت سلمي بدموع ثم قالت:
- عايزه أشوف عاصي .. خليه يجي هو وعدني أخر مرة شوفته أنه يخرجني
- لو اخدتي الأدوية بتاعتك أوعدك إني هخليه يجي
نظرت له سلمي بابتسامة ثم أخذت منه الأدوية وتناولتها بهدوء، ظل هو يطالعها بتمعن حتى أبتسم هو أيضًا وخرج من الغرفة
في شركة القاضي..
ذهب رامي إلى الغرفة التي توجد بها رحيل ودلف إليها ليجدها تجلس على الأرض وتتناول بعض الطعام، نظر لها بدهشة فقالت هي:
- جاي تخرجني صح
- أستاذ عاصي طالب يشوفك
- هو اسمه عاصي؟! أتصدق لايق عليه جدًّا
قالت رحيل تلك الجملة وضحكت بمرح ولكن ملامح رامي ظلت ثابته فنظرت له رحيل بإحراج وتلاشت الابتسامة عن وجهها، أخذها بصمت إلى مكتب عاصي ثم تركها أمام الباب وتركها تدخل بمفردها..
دخلت رحيل إلى المكتب فوجدت عاصي يقف في منتصف الغرفة ولا يظهر منه شيء سوى ظهره، تنحنحت رحيل ثم قالت بسرعه:
- أنا عايزه أعرفك إني ابقي..
قالت عاصي:
- بنت أستاذ بدر مش كده
نظرت له رحيل بدهشة وقالت:
- يعني أنت عارف!! وعملت كل ده برضو
اقترب منها عاصي فابتعدت هي عنه بفزع، ظل يقترب منها وتتراجع هي بخطواتها للوراء حتى التصقت بالحائط، قال الآخر:
الكاتبة ميار خالد
- كويس إنك أنتِ اللي جيتي مش هو عشان تعرفي تتعاملي معايا كويس .. صح
نظرت له رحيل بصدمة! كيف وصلت إليه كلماتها تلك، نظرت له بتوتر ثم قالت بتلعثم:
- اا أنا مكنش قصدي حاجه بكلامي اا
- بس أنا عندي فضول أعرف هتعملي إيه؟
قال تلك الجملة ثم عقد ذراعيه وهو ينظر لها بتحدي، نظرت له رحيل بتوتر ثم قالت:
- مش لازم تعرف كل حاجه .. ولا أنت خوفت مني بجد ؟
قالت تلك الجملة وجاءت لتتحرك بسرعه من أمامه ولكنه أمسك معصمها بقوة وأحكم قبضته عليه ثم قال لها وهو ينظر لها بحده:
- واضح إنك متعرفيش أنتِ بتتعاملي مع مين وياريت تبطلي شغل الهبل بتاعك ده .. اوعي تفتكري إني ممكن اسامحك على المصيبة اللي أنتِ عملتيها قدام الفوج
- أنا قولتلك مك..
صاح بها عاصي:
- اخرسي!!
نظرت له رحيل بفزع وانتفضت من مكانها وحاولت أن تهرب من أمامه ولكن يده الممسكة بها قد منعتها، أخرج عاصي هاتفه من جيبه واستدعى رامي بسرعه وما هي إلا ثواني وكان أمامه، قال له عاصي وهو ينظر الى رحيل:
- صفقة أستاذ بدر زي ما هي متلغيش حاجه .. والمسؤول الكامل قدامي عنها هي البنت دي .. وفي خلال عشر أيام لو حصل حاجه خليتها تغيب عن الشركة يوم واحد .. الصفقة دي هتتلغي!
نظرت له رحيل بصدمة وقالت:
- نعم!! اجي ليه أنا مش شغالة عندك!
- لو عايزه تنقذي الصفقة دي معندكيش حل غير ده وياريت تفكري كويس قبل ما تجاوبي
نظرت له رحيل بتوتر وللأسف لم يكن أمامها إختيار آخر، قالت بضيق:
- موافقة
- متأكده؟
نظرت له رحيل بتحدي وقالت:
- أنت اللي متأكد؟ ما يمكن أنت اللي تمشيني مش أنا اللي أمشي
- معتقدش وياريت تفكري كويس .. متأكده؟
ابتلعت ريقها وصمتت فقال الآخر:
- تمام .. تقدري تمشي دلوقتي
- والصفقة؟؟
- هنمضي الأوراق بعد العشر أيام
نظرت له رحيل بتوتر ثم خرجت من المكتب بسرعه وذهبت إلى بيتها..
نظرت له رامي بعدم فهم وقال:
- أنا مش فاهم حاجه حضرتك
- هتعرف كل حاجه في الاخر ..
#يتبع
توقعاتكم؟؟ آراءكم ؟؟
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق