القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية مرارة العشق الفصل الرابع والخامس بقلم زمردة يوسف حصريه

التنقل السريع

     


    رواية مرارة العشق الفصل الرابع والخامس بقلم زمردة يوسف حصريه 




    رواية مرارة العشق الفصل الرابع والخامس بقلم زمردة يوسف حصريه 




    4❣️5

    أَغمَضت عُيونهَا بِشدَّة بَعْد أن رنَّ الصَّوْتِ فِي أُذنِها ، كُلُّ خَليَّة فِي جسدهَا أَصبَحت تَرتَجِف مِن التَّوَتُّر والْغَضب خَوْف وَقلَق ، فَتحَت عُيونَهَا وحدَّقتْ بِه ، أَنَّه هُو ، رَاسِخ ، اَلأَب اَلذِي تَركهَا مُنْذ أَكثَر مِن أَثنَى عشر سنة يُحدِّق بِهَا وَهِي أَمامِه ، وسؤالهَا اَلوحِيد الذي يدور فِي عقْلهَا ” لِماذَا لَم تُحبْنِي يَا أَبِي ؟ ! ” اِرْتجَفتْ شَفَتاهَا وقالتْ بِهَمس خَافِت غَيْر مَسمُوع ” رَاسِخ ! ! ”

    ارتجفتُ قدماها وبالكادِ استطاعتْ أنْ تضلَ واقفةً ، حدقتْ بهِ بينما نضرٍ راسخٍ إلى فارسِ وقالَ بضيقِ ” أحنا في مقبرةِ مشٍ في الشارعِ ” ثمَ استرسلَ بعدَ أنْ نضرَ إلى زمردِ ” المهمِ أنكَ جيدٌ يا ابني خدَ بالكَ منْ نفسكَ ”

    ألقى بكلماتهِ وهتفَ إلى ابنهِ مغادرا ” أنا هسبقكْ على ما تجيْ ، منْ غيرِ مشاكلَ ”

    كانَ وجهُ فارسِ مختنقٌ منْ كلماتِ والدهِ وحدقَ بزمردٍ بضيقٍ يودُ الفتكُ بها ، بينما هيَ لاتزالُ عالقةً في لحضهِ مرورِ والدها منْ جانبها ، صوتهُ الرنانُ لا يزالُ يتخللُ داخلَ ثنايا قلبها ، عادةُ عيونها تتلألأُ بالدموعِ مرةً أخرى ، وشعرتْ بالحزنِ والحسرةِ والضعفِ مرةً واحدةً ، الاستسلامُ عرفَ الطريقُ لفؤادها وجعلها ترتجفُ ، زفرَ فارسُ بحنقِ بينما يتفحصُ سيارتهُ ، ركلَ عجلةَ السيارةِ بقدمهِ بقوةٍ ، بعدُ أنْ لأحضَ أنها انفجرتْ صرخَ بانفعالِ ” منكَ للهِ شوفْ حصلَ إيهْ بسببِ ”

    انتفضتْ زمرد على صوتهِ الذي انتشلها منْ أحزانها واستدركتْ نفسها تحدقُ بهِ بغيضٌ بعدَ أنْ أشهرتْ سبابتها في وجههِ ” أنتَ السببُ مش أنا ، الناسُ تسوق بالعقلِ وأنتَ شكلكَ ناسيةً ”

    عضَ على شفتيهِ بغيض منها وقالَ بانفعالٍ ” أنتَ الليُ طلعتْ في وشيْ ، وقفتْ العربيةَ بسرعةِ بسببكَ واهي النتيجةِ الكوتشْ نامَ ”

    هزتْ كتفيها بعدمِ اهتمامٍ وقالتْ بضيقٍ ” أعملكَ إيهْ ؟ ! غيرَ أنها مسألةٌ بسيطةٌ بسرعةِ تقدر تغيرهُ ”

    حدقَ بها بلؤمٍ وقالَ بضيقٍ ” أصلحهُ أينَ دلوقتي ، أحنا في مقبرةٍ ” رفعتْ حاجبها بتعالي وقالتْ بتساؤلٍ ” وحضرتكَ فارد عضلاتكَ منْ الصبحِ ليهُ عليا ، افردها على العربيةِ وغيره عجلتها ”

    نضرٍ لها بضيقِ فهوَ لا يعرفُ كيفَ يغيرهُ وليسَ لهُ أيُ درايةِ بهِ فأجابها بغيضٌ ” مشُ بعرفِ ”

    نضرتْ لهُ بتهكمِ هلْ هذا هوَ مدللٌ والدهُ الذي كانَ يفضلهُ عليها ، لايستطيعْ حتى تغيرِ عجلةِ سيارتهِ ، تنهدتْ بيأسٍ منْ تلكَ المقارنةُ التي تضعُ نفسها فيها ككلِ مرةٍ ، وحدقتْ بهِ بجديةِ ” معَ أنكَ متكبرٌ بسْ هساعدكْ ”


    نضر لها فارسُ بعدمِ رضى وقالَ باستفهامٍ ” أنتَ بتفهمٍ في العربياتِ ” أومأتْ لهُ وهيَ تتجهُ نحوهُ ، وقفتْ بجانبِ السيارةِ وانحدرتْ تتفحصُ العجلةُ ، كانَ يتابعها باهتمامِ فقالتْ بجديةِ بعدَ أنْ رفعتْ عيونها لهُ ” شايلْ معاكْ عجلةَ احتياطٍ ” أومأَ لها وقالَ ” آهٍ في عجلةِ والمفاتيحِ كمان ”

    ابتسمتْ ساخرةً وقالتْ باستهزاءِ ” شايلهمْ ليهُ وأنتَ مشِ بتعرفٍ تستعملهمْ ”

    شعرُ بنبرتها الساخرة وقالَ بضيقِ ” هتصلحها ولا هتقعدْ تهزأَ فيا ”

    امتغصتْ ملامحَ وجهها بعدمِ رضى وتمتمتْ بكلماتٍ مقتضبةٍ قبلَ أنْ تستقيمَ وتتوجهُ نحوَ البابِ الخلفيِ للسيارةِ لتخرجَ العجلةُ ما أنْ رأى يامنْ ويوسفْ راسخا ، حتى غادرَ يوسفْ دونَ أنْ يلقيَ السلامُ بينما يامنْ مرَ منْ جانبِ أخيهِ دونَ كلمةٍ ، أوقفتهُ كلماتُ راسخٍ ” أنتَ نسيتُ حتى إني أخوكَ ؟ ! ”

    غدق الحزنِ قلبَ يامنْ قبلَ أنْ يقولَ ” منْ يومِ ما طردتني منْ بيتكَ ”

    ندم راسخٍ بشدةِ وقالَ بألمٍ ” كنتَ طائشا ”

    ضحكَ يامنْ مستهزا وقالَ بتهكمِ ” خليكْ طائش ” رمى كلماتهِ وغادرَ

    كانَ فارسُ يتابعُ حركاتها باهتمامٍ وإعجابٍ ، جدبتْ المفاتيحُ تفتحُ عجلةَ السيارةِ بعدَ أنْ رفعتها قليلاً بالرافعةِ واستبدلتْ العجلةُ بالأخرى ، انتهتْ منْ عملها وأعادتْ كلَ الأدواتِ مكانها تحتَ نضراتِ فارسَ الذي كانَ خائفا أنْ يكونَ مجردَ سارقٍ ، أقفلتْ بابَ السيارةِ الخلفيِ بعدَ أنْ انتهتْ ونضرةً لهُ وقالتْ ” خلصتْ يا باشا ، عربتكَ فلْ مية مية ”

    ابتسمَ فارسُ على كلامِ الشابِ وقالَ بشكرٍ بعدَ أنْ أخرجَ بعضُ المالِ منْ جيوبهِ ” أنا متشكرٌ جدا ” ثمَ وضعِ النقودِ بيدها ، نضرةً لهُ وقالتْ باعتراضِ ” مشٍ محتاجٍ يا باشا ، أنا غلطتُ في حقكَ واعتبرَ تصليحُ العربيةِ ، اعتذارا عنْ الليِ عملتهُ ” كادَ أنْ يتكلمَ إلا أنها أعادتْ لهُ نقودهِ بعزةِ نفسٍ وغادرتْ بسرعةِ وتركتهُ مندهشا ، اصطدمتْ بجدارٍ قويٍ جعلها تتأوهُ بقوةٍ ، رفعتْ عيونها نحو يوسفْ فقالتْ دونُ وعيٌ ” هوَ يومُ منيلْ منْ بدايتهِ ” حدقَ بها بجديةِ وقالَ ” أسفُ يا زيدانْ ” أماتَ برأسها وقالتْ ” حصلَ خيرٌ ” غادرتْ تركضُ وقلبها يخفقُ بقوةٍ كادتْ أنْ تؤديَ بحياتها ، كما هائلاً منْ الصدماتِ في يومٍ واحدٍ ، يوسفْ وعائلتها في خمسِ دقائقَ ، زفرتْ بحنقِ بعدَ أنْ خرجتْ منْ المقبرةِ ، نضر يوسفْ إلى فارسِ الذي احتضنهُ بودِ ومحبهِ ، ثمَ سلمَ على عمهِ ، ابتسمَ فارسُ قائلَ ” الحمدِ للهِ على سلامتكَ غيبةً طويلةً ” ابتسمَ قائلاً ” ربنا يسلمكَ ” ثمَ استرسلَ بتساؤلِ ” الولدِ دا كانَ بيعملْ إيهْ هنا ” حركَ فارسُ أصابعهُ على دقنهُ وقالَ بمللٍ ” كنتَ هضربهْ بالعربيةِ ، – والحمدُ للهِ – حصلَ خيرٌ ” ابتسمَ يامنْ قائلاً ” المهمَ أنكَ كويسْ ” ثمَ نضرٌ لابنهِ ” يلا نمشي ” أومأَ لهُ فتحدثَ فارسُ باعتراضِ ” تعالٍ يا عمي للبيتِ ”


    نفى برأسهِ قائلاً ” البيتَ هوَ بيتي أنا وابني ، أما بيتٌ أخويٌ طالما زمرد مشٍ موجودةٍ ، عمري ما أدخلهُ ” تنهدُ فارسِ بيأسٍ وقالَ بتفهمِ ” عارفْ يا عمي ، بسْ عشانِ خاطرُ خلودٍ تعالى اليوم عيدَ ميلادها ” ربتْ على كتفهِ قائلاً ” شكرا يا فارسُ مرةَ ثانيةٍ ” ثمَ ابتعدَ يخطوا إلى سيارةِ يوسفْ وركبَ بها ، حدقَ بهِ يوسفْ قائلاً ” أبوكْ ندمَ مشٌ عشانِ صابرةَ ولا بنتها ، عشانِ خلودٌ لازمها زمردٌ عشانِ تعيشُ ، أبوكْ أنانيٍ وأنتَ زيهُ ” تنهدَ فارسُ وقالَ بألمٍ ” أنا مشُ عارفْ إيهْ الليِ حصلَ زمانُ بالضبطِ ، ولا عارفْ زمردِ شافتْ إيهْ في السنواتِ دي ، بسْ كلَ الليِ أعرفهُ ، أنهُ خلودُ بتموتْ ، وزمردَ هيَ الحلُ ، أكيد توافقٍ تتبرعُ لها ” ابتسمَ يوسفْ بتهكمِ وقالَ ” يا ابني احذرْ تتعشمْ في زمردٍ ، عشانِ أبوكْ باعها زمانٌ هيَ ممكنٌ تبقى أسوأُ منهُ ” زفرَ فارسُ بحنقِ وقالَ ” إنْ شاءَ اللهُ نلاقيها الأولَ ” أومأَ باستسلامٍ ثمَ غادرَ بينما جلسَ فارسُ بالسيارةِ ينتضرْ والدهُ

    جلسَ راسخٌ أمامَ قبرِ صابرةَ واضعا يديهِ على تربتها وقالَ بألمِ وندمِ قطعِ قلبهِ لأشلاءِ أنا عمري ما عدلتْ بينكَ وبينَ مياسينْ ، جريت وراءَ حبي ونسيتْ أراعي فيكَ ربنا ، ربنا انتقملكْ منيَ في بنتي ، بنتي بتموتْ يا صابرةُ ، مشُ عارفْ إزايْ أسيبكْ تسامحينني وأنتَ تحتِ الأرضِ ، أنا أحقرَ إنسانٌ وكنتَ قاسي ومتخلفِ معاكي ، ذنبكَ الوحيدُ أنكَ حبيتيني منْ قلبكَ وأنا مقدرتشْ الحبِ دا ، بالعكسِ أنا دستْ عليهِ وعليكي ، كنتَ معمى ، ربنا خدَ حقكَ منيَ وبنفسِ الطريقةِ الليُ بنتكَ دعتْ عليا بها زمانا ، بنتي بتموتْ وأنا لا أستطيعُ اعملها حاجةً ، زوجتي بتقولي أنهُ ذنبكَ ، الكلَ بقولِ أنهُ ذنبكَ ، سامحيني ، وانا وعدَ منيُ هلاقي زمرد ، هيَ غاليةٌ عليكي أنا هلاقيها واعوضها على الليِ عملتهُ فيها زمانٌ ، تساقطتْ دموعُ خضرتيهْ في وقتِ لنْ ينفعهُ بهِ الندمُ ، كيفَ ولا ، وقتُ الصفحِ قدْ دهبْ هيَ تحتَ تربتها وروحها عندَ خالقها ، فكيفَ لها أنْ تجيبهُ أوْ تصفحُ لهُ


    **************************************************

    بعدٌ حفلةِ خلودِ عادةِ صابرةَ إلى بيتِ أبيها ، وانهمكتْ في تصاميمِ أزيائها ، كانَ والدها يقرأُ قرآنهُ ويوسفْ يجلسُ بجانبهِ منشغلاً بحاسوبهِ ، قفلٌ يأمنُ المصحفُ بعدَ أنْ أكملَ آياتهِ ثمَ حدقَ بابنتهِ المنشغلةِ وقالَ بهدوءِ ” صابرهُ ” رفعتْ عيونها لهُ وتوقفتْ عنْ الرسمِ ابتسمَ والدها قائلاً ” فارسَ طالب أيدكَ ” نضرةً لهُ عدةُ توانٍ قبلَ أنْ تضحكَ بملأِ فاهها وقالتْ ” أنتَ تمزحُ يا بابا ؟ ! ”

    نفى برأسهِ مردفا – بجديةٍ – ” لا يا صابرةُ ، فارسُ فعلاً طالب أيدكَ ، وأنا قولتلهْ أني هفكرْ وارد عليهِ ”

    علتْ ملامحَ وجهها بالضيقِ وقالتْ – بجديةٍ – ” أنا عارفةٌ حياةُ فارسِ المشرفةِ ، قولهُ طلبهُ مرفوضٌ ”

    اقفلْ يوسفْ حاسوبهُ وقالَ برزانةِ بعدَ أنْ حولَ نظراتهِ لأختهِ ” أديهِ فرصةً ”

    نفتْ برأسها قائلةً ” فارسِ أنانيٌ ، غيرَ أنهُ بتاعْ بناتٍ ومصالح ، ولوْ فاكرينهْ طالبَ أيدي لوجهِ اللهِ تبقوا غلطانينْ ”

    حدقَ بها والدها بعدمِ رضى قبلَ أنْ يقولَ يوسفْ بتفهمِ ” أنتي معاكي حقٍ ”

    نضرٍ لهُ والدهِ بغيضٍ قبلَ أنْ يقولَ ” أنتَ عاجبكْ كلامها ”

    أومأَ لهُ بإيجابِ فقالتْ صابرةُ وهيَ تجمعُ أوراقها بعدَ أنْ استقامتْ ” بلغهُ رفضي ” غادرتْ بعدها للأعلى بينما والدها تنهدَ بسخطٍ وقالَ بأسى ” البنتِ دي عنادية ” ثمَ حدقَ بيوسفْ الذي كانَ قدْ عادَ للانشغالِ بحاسوبهِ وأردفَ باستفهامٍ ” أنتَ موافقها ” أبعدَ يوسفْ بصرهُ عنْ الحاسوبِ وقالَ بعدَ أنْ نضرَ لهُ ” كلِ حاجةٍ بالرضى يا بابا ، غيرَ أننا كلنا عارفينَ أنهُ فارسُ نسخةً عنْ يامنْ ، محتاج مصلحتهِ لا غيرُ ”


    حدق به مطولا قبل أن يقول بجديه ” ما أنا أخدت رأيها ،وهي رفضت ” ثم اضاف بتسائل ” أختك بتكرهه”

    اومأ له قائلا ” لأنها فاهمة انه هو عايز يشتغل معاها عشان هي معرفة في السوق وتصاميمها دايما بتجيب ارباح ، غير بلاش تنسى انه فعلا بتاع بنات ”

    زفر يامن بشدة وقال ” مش عارف ليه طالع لابوه ، هبلغه رفضها ”

    أوما له وأعاد تركيزه على حاسوبه ، رن جرس المنزل ، نضر يوسف لأبيه وقال بإحترام ” خليك انت ”

    ابتسم له قبل أن يستقيم يوسف ويفتح الباب ، رفع حاجبه بتعالى بعد أن نضر إلى جاويد اللذي يحمل حقيبة ملابسه ، إغتاض جاويد من نظرات التشفي تلك قبل أن يزيحه بغيض وقال ” يا اخي حتى قول السلام وعليكم ”

    اقفل يوسف الباب وهتف بملل ” والله كنت عارف انك هترجع ”

    زفر بغيض قبل أن يدلف للصالون ثم ابتسم ليامن الذي رحب به ” اهلا وسهلا يا ابني ”

    ابتسم جاويد وجلس مردفا برحابة صدر ” شكرا يا عمي يامن ” ثم التف الى يوسف الدي جلس مقابله وقال بغيض ” أحسن من ابنك الى حتى السلام مش قالها ليا ”

    نضر يامن لابنه وقال بعتاب ” عيب عليك ،دا ضيفك ”

    اومأ لوالده وقال بإحترام ” معلش يا بابا ” ثم نضر إلى جاويد مردفا ” مشرفنا كتير ،على اساس مش هترجع ”

    استقام يامن مردفا ببشاشة اسبكم مع بعض ثم غادر ، نضر جاويد الى يوسف وقال بعد أن تمدد على السرير ” هطلق من شرين ، جيت عشان اغير جو ”


    اومأ له مردفا بإستفهام ” ايه السبب المره دي؟!”

    حدق به بملل قائلا ” النسوية الى هي من حزبها ، حقوق ، وسهرات كإني مش موجود ”

    اعاد يوسف راسه للخلف وقال بشرود ” انت عارف ان لاهي من دينك ولا من تقاليدك ،علاقتك بيها فاشلة من الاول بس انت اتحمست ، وعجبك الصنف الاجنبي ،اهي أخرتها ” ثم أعاد رأسه للأمام وقال بتسائل ” هتعمل ايه في بنتك ؟!”

    اعتدلَ جاويدْ وقالَ بضيقِ ” هاخدْ البنتِ منها ، واجبها هنا ، وبعدها أشوفْ مربيةً ” أوما لهُ وقالَ بعدَ أنْ غلبهُ النومُ ” أتمنى المرةُ دي تختارُ صحَ ، شوفْ ليكُ بنتِ بلدكَ ، تصونكَ ، مشٌ واحدةٍ لا عارفْ بتجي منْ فينْ ولا بتروحْ فينْ ” زفرَ جاويدْ قائلاً ” تفتكرُ دا تخليصِ حقٍ ؟ ! ”

    ابتسمَ يوسفْ ساخرا ” ، الليُ عملتهُ في بناتِ الناسِ بيتردْ يا جلالٌ ” لمْ يجبهُ بلْ كانَ ينظرُ للقصفِ إلى أنَ غلبهُ النومَ نضرٌ لهُ يوسفْ وقالَ بضيقِ ” مشِ عارفْ آخركَ أنتَ كمانُ ”

    **************************************************

    توالتْ الأيامُ بعدَ آخرٍ لقاءٍ لزمردِ بعائلتها ، مسحتْ زمردَ عرقِ جبينها منْ تلكَ الشمسِ الحارقةِ التي أهلكتها بينما تصلحُ السيارةُ ، زفرتْ بضيقٍ كبيرٍ بعدَ أنْ تذكرتْ لقاءها بوالدها ، سريعا ما شقتْ ابتسامةَ عريضةٍ وجهها بعدَ أنْ تذكرتْ يوسفْ ، ضحكتْ بخفةٍ وهمستْ ” بقيَ قمرُ أكثرَ منْ الأولِ ” جالتْ ببالها ذكرياتها معهُ وقالتْ بعدَ أنْ شدقتْ شفتاها ” أكيدَ إتجوزْ وخلفَ ”

    نضرٌ لها رئيسُ عملها وقالَ ” خلصتْ يا زيدانْ ” انتشلها منْ أفكارها ، أومأتْ لهُ قائلةً باهتمامٍ ” خلصتها يا معلمٌ ، كانَ بسْ في مشكلةٍ صغيرةٍ في محركِ العربيةِ ، معَ داخلكَ لازمٌ يغيرها دي منْ زمنِ كليوباترا ”


    ابتسمَ على كلماتها مردفا ” معلشْ أنتَ عارفْ الناسِ على قدها ”

    أومأتْ لهُ بإيجابٍ وقالتْ ” اللهَ يكونُ في عونِ أيِ واحدٍ ” ثمَ استرسلتْ بتساؤلِ ” هتدفعليْ كم في دي ”

    نضر لها بتمعنِ وقالَ ” خمسينَ ”

    نضرةً لهُ باستنكارِ وقالتْ ” اللهَ اللهَ ، أنتَ بتهزرْ ، أنا طلعٌ روحيٌ فيها ”

    حدقَ بها بغيضٌ ” أنا مشٌ كاسبْ فيها أصلاً عشانِ اديكْ أكترِ ، ما أنتَ بنفسكَ قلتها مشكلةً صغيرةً ”

    تمتمتْ بغيضٍ منْ بخلهِ وقالتْ بضيقِ ” ماشي ، كلهُ منْ ربنا ” ثمَ استرسلتْ ” اللهَ وكيلكَ لوْ أكلتني في قرشِ إنْ شاءَ اللهُ محلكَ يولعُ ”

    حدقَ بها بأعينِ متسعةٍ قبلَ أنْ يعطيها نقودها ويقولُ بتكبرِ ” روحُ يا زيدانْ ، أنتَ منْ غيري ولا حاجةً ”

    زفرتْ تنظرُ لهُ بإشمأزازْ كادتْ أنْ تجيبهُ إلا أنها رحلتْ تسبهُ بأسوأ ما تعرفُ ، لعلَ اللهَ يخفي لها عملٌ آخرُ ، بهِ ألفُ خيرٍ عنْ ذاكَ

    بدأتْ المشيَ نحوَ الحديقةِ التي تنامُ بها وجدتْ العمَ مرسي يجلسُ على الأرضِ ، حدقتْ بهِ بهلعِ وأسرعة نحوهُ ، جلستْ على الأرضِ ، أمسكتْ رأسهُ تضعهُ على ركبتها ، هتفتْ بخوفِ ” عمي أنتَ كويسْ ؟ ! ”

    نفى برأسهِ وقالَ بصوتٍ متقطعٍ بعدَ أنْ أمسكَ قلبهُ ” خدي بالكَ منْ نفسكَ يا زمردٌ ، أوعي تفرطي فيها ”

    نفتْ برأسها وعرفتْ الدموعُ طريقا لعيونها وقالتْ منْ شدةِ رعبها ، أنتَ هتبقىْ كويسْ خليكْ معايا

    نفى برأسهِ وقالَ بصعوبةِ ” خليكي جدعهُ زيُ ما عرفتكَ قويةٌ مشَ بتتهزْ بحاجةٍ ”


    أومأتْ برأسها ودموعها تتساقطُ وقالتْ بضعفِ ” متسبنيشْ ، مليشْ حدُ غيركَ بعدَ ربنا أنتَ أبويا وسندي ”

    تألمَ على كلماتها وقالَ بأسى ” سامحيني مشَ هقدرْ أبقى معاكي أكترِ منْ كدهِ ” وقعتْ يدهُ منْ عليها مما جعلها تفقدُ النطقِ من صدمتها ، احتضنتهُ كما احتضنتْ والدتها وبكتْ ألما وحزنا ، تجمعَ الناسُ أثرَ صراخها يلتفونَ حولها ، اتصلَ أحدُ منهمْ على الإسعافِ بينما هيَ قلبها كانَ ينزفُ دماءً على فراقِ والدها الروحيِ

    *****************************************************

    دهبْ فارسِ للملجأ وقابلَ مديرتهُ ، جلسَ أمامها بتكبرِ بعدَ أنْ وضعَ قدمَ فوقَ الأخرى وقالَ ” يا أستاذةٌ أنا لوْ منكَ اقبلْ بالشيكِ دا وأخلصَ ، كذا كذا أنتَ مشُ هتخسري حاجةً نفتْ برأسها قائلةً ”

    أنا فاهمةٌ الليِ زيكَ يا فارسُ بيهْ ، يكنْ في علمكَ أنا ضدُ أني أسيبْ الميتمِ ”

    زفرَ فارسُ بضيقٍ وقالَ ” ممكنٌ ادفعْ لكَ أكترِ منْ كذا ”

    استقامة المديريةِ فجأةَ وضربتْ على المكتبِ بيدها بقوةٍ وقالتْ بصراخٍ منزعجٍ ” اطلعَ برةً ، أنا لا يمكنُ اقبلْ بعرضكَ أوْ أسيبْ الولادْ ”

    رفعِ كتفيهِ دونَ اهتمامِ لها وقالَ دونَ مبالاةٍ بعدَ أنْ استقامَ ” سواءُ بإرادتكَ أوْ منْ غيرها ، أنا أصلاً اشتريتْ الميتمُ ، عندكَ لحدِ بكرةٍ يا تفضينهُ ، يا ههدمهْ فوقَ دماغكمْ ” صرختْ بهِ مردفهُ ” الميتمَ لينا لا أنتَ ولا فلوسكَ تقدرُ تعملُ حاجةً ”

    ضحكَ بتهكمِ قائلاً بعدَ أنْ عدلَ سترتهُ ” هنشوفْ ” رمى كلامهُ وغادرَ تاركا إياها تشتعل ، كانتْ سناءْ تجلس رفقةَ الأولادِ خائفةٌ منْ أصواتِ الصراخِ الصادرةِ عنْ الخارجِ ، فتحتْ المديرةُ البابَ ونضرتْ لها وللأطفالِ وقالتْ بلطفِ ” مافيشْ حاجةَ كلِ شيءٍ جيدٍ ”


    أومأَ لها الأطفالُ ، فقالتْ لهمْ أنْ يعودَ كلٌ واحدٌ لما كانَ يفعلهُ ، أومأَ الأطفالُ مغادرينَ ، بينما نضرةٍ لها سناءْ وقالتْ بخوفٍ ” حصلَ إيهْ ؟ ! ”

    نضرةً لها المديرةُ بحزنٍ وقالتْ الليَ اشترى الميتمُ عايزْ ياخدهْ ، ويرمينا برةً ” نضرةً لها بخوفٍ وقالتْ ” والعملُ ؟ ! ”

    زفرتْ باستسلامِ قائلةٍ ” مش عارفةٍ ” فكرتْ قليلاً وقالتْ ” اتصلَ على زمردِ أشوفْ لوْ ممكنٍ تلاقي حلٍ ”

    أومأتْ لها وغادرتْ بينما اتصلتْ سناءْ على زمردٍ تخبرها بما حدتْ ، لمْ تكنْ بحالِ أفضلَ فهيَ منهارةٌ بعد أن اخدت العم مرسي الى الدفن مع دالك حاولتْ إخفاءَ حزنها ، ما أنْ علمتْ ما حدثَ حتى أخذتْ عنوانَ مقرِ شركةِ فارسِ وغادرت لهُ

    وقفتْ تتمعنُ في تلكَ الشركةِ تحدقُ بعلوها ودخلتْ ، نضر لها الحارسُ وقالَ بجديةِ ” رايحْ فينْ ؟ ! ” حدقتْ بهِ بضيقٍ وقالتْ ” محتاجةً أشوفَ فارسُ بهِ ” نضرٌ لها بسخريةِ وحدقَ بملابسها يطالعها بإشمأزازْ قبلُ أنْ يقولَ ” مشُ بشوفْ الأشكالُ دي ” حلٌ عليها الغضبُ وأمسكتهُ منْ ياقةِ ملابسهِ الأماميةِ ودفعتهُ بقوةٍ للداخلِ ، دخلتْ الشركةُ وصرختْ بأعلى ما لديها ” فارسَ ، فارسُ ” جدبها الحراسَ منْ يدها يبعدونها للخارجِ بينما هيَ تحاولُ الفرارَ منْ يدهمْ ، خرجَ فارسُ إثرَ تلكَ الفوضى وقالَ بانزعاجِ ” مين بصرخْ؟!”

    حدقتْ بهِ زمردٌ وقالتْ بلهفةِ ” عايزة أكلمكُ يا بيهْ ”

    تذكرُ فارسِ أنهُ نفسُ الولدِ بالمقبرةِ ، أشارَ الحراسُ بأنْ يتركوهُ ، ثمَ نزلَ متوجها نحوهُ ” حدقَ بهِ منْ الأسفلِ للأعلى وقالَ بضيقِ ” خيرٍ ، إيهْ المهزلةِ إلى عاملها !؟”

    نضرةً لهُ زمردٌ وقالتْ بضعفٍ ” الميتمِ يا بيهْ بلاشِ تهدهُ ، دا كافلٍ أطفالِ كثيرٍ منْ غيرِ بيتٍ أو عائلة ”


    زفرَ بمللٍ وقالَ بسخريةِ ” أنتَ شكلكَ خريجَ بيتِ الأيتامِ ” شعرتْ بسخريتهِ ولذاعة كلماتهُ وقالتْ بضعفِ ” فعلاً يا بيهْ أنا كبرتْ فيهِ ، وأخواتي فيهِ ، أبوسُ أيدكَ بلاشِ ترمينا برةً ”

    هزَ كتفيهِ بمللٍ وقالَ ” أنا اشتريتهُ ، وأنتمْ فضوهُ عشانِ لازمني ، بكرهِ عايزهْ خالٍ ” حدقتْ بهِ لبرهةِ وقالتْ ” حطَ نفسكَ مكانهمْ هيروحوا فينْ دولِ أطفالٍ ” لمْ يلقَ لها بالاً وقالَ ” مشُ مشكلتي ، وانا ادتكمْ أربعَ وعشرينَ ساعةً عشانِ تفضونهُ ، دا منْ خيريٍ ، غيري كانَ رماكمْ في ساعتها بسْ أنا إنسانُ كويسْ ” ثمَ استرسلَ بتفكيرِ ” الوقتِ إلى بتضيعهْ معي روحُ دورِ فيهِ على مكانٍ يأوي المتشردونَ زيكَ ” كانتْ تنضرْ لهُ وللحضة بدأتْ ترى والدها ، نعمَ نفسَ قسوتهِ وتجبرهِ ، لاحة ابتسامةً ساخرةً حزينةً على ثغرها ونضرتْ لهُ بعيونٍ كلها حقدٌ وخيبةٌ وقالتْ بضعفٍ ” استقويتُ بفلوسكَ ، ولا فلوسَ أبوكْ ، بسْ افتكرَ هيجي يومَ لاينفعْ فيهِ مالٌ ولا بنونٍ ، وساعتها هتفتكرْ ضعفيْ قدامكَ وتعرفَ دنبْ مين ضربكَ ” كلماتها القليلةَ جعلتْ جسدهُ يهتزُ غضبا منْ دعائها داكْ رفعَ يدهِ ليضربها ، بينما عيونها منحدرةً للأسفلِ ، امسكْ يوسفْ يدهُ وظهرَ منْ العدمِ ، مردفا بحدةِ ” نزلَ أيدكَ يا فارسُ ” جدبَ فارسُ يدهُ وعيونهُ تشعّ احمرارا وشرا وقالَ بغضبِ ” الولدِ دا مشٌ متربي”

    حدقتْ فيهِ زمردُ بتمردٍ وغضبٍ وقالتْ بصوتٍ عالٍ ” أنتَ الليُ مشَ شايفْ تربيةٍ ، وبتستقويْ بفلوسكَ ومكانكَ ، عايزْ ترمي عيالَ أكبرَ واحدٍ فيهمْ عشرُ سنينَ عشانِ معاليكَ تاخدْ بيتهمْ وتحطُ فيهِ مشاريعكَ ” ثمَ استرسلتْ بإشمأزازْ ” واحد حقيرٍ مشِ عارفْ معنى إنسانيةٍ ، يا أخي اعتبرَ أختكَ محتاجةً ملجئا وأنتَ تجيْ تدمرهُ ”


    لمْ يرفْ لهُ جفنٌ وقالَ ببرودِ عرفَ بهِ رجالُ الأعمالِ القساةِ ” أعلى ما في خيلكَ اركبهُ ” ثمَ استرسلَ بتشفي ” أختي ليها بيت وعيلةً ، شوفْ أنتَ الليُ يمكنُ مشَ عارفْ أصلكَ لا أنتَ ولا الليُ معاركَ ”

    احمرتْ عيونها وأمسكتْ بهِ منْ مقدمةِ ملابسهِ وقالتْ بصراخِ ” واللهِ أنتَ الليُ لا ليكُ أصل ولا غيرهُ يا ابن الحرامِ ، لوْ كانَ أبوكْ مربيكَ عمركَ ما تكونُ بالدناءةِ دي ، العيبُ مش عليكَ ما ولادْ الرقصاتُ دائما بيطلعوا كدهُ ” جدبها فارسَ منْ تلابيبِ ملابسها بقوةٍ وكانَ يرغبُ بالفتكِ بها فمنْ هوَ الذي يستطيعُ ادلالهْ واستحقارهُ وأهانتهُ ، كانَ يوسفْ ينضرْ إلى تلكَ المشاحنةِ وجدبها منْ يدِ فارسِ صارخا ” كفايةً لحدِ هنا أنتمْ الاثنينِ ”

    حدقتْ بهِ زمردٌ بقوةٍ وقالتْ ” اعملها لوْ راجلٍ ، يا ابن الراقصةِ ” وقبل أنْ يردَ جدبها يوسفْ ودفعها للخارجِ بعنفِ حتى سقطتْ ، تأوهتْ بقوةِ بعدَ أنْ جرحتْ يدها ، ثمَ عادَ إلى فارسِ الذي كانَ قدْ وصلَ إلى حدِ الانفجارِ ، حدقَ بهِ بجديةِ وقالَ ” أهدى ، على ما أرجعَ ”

    صرخَ بهِ بقوةِ ” وقسما باللهِ وبالليِ خلقني لأسيبهْ يتعفن في السجنِ ” علمَ يوسفْ أنهُ غاضبٌ فتركهُ وخرجَ ، بينما صعدَ فارسُ إلى غرفةِ مكتبهِ ، التي قلبَ أسفلها أعلاها منْ شدةِ غضبهِ ، لقدْ أهانهُ وأهانَ والدتهُ ، فكُ عقدةِ رباطِ عنقهِ ، وجلسَ على الكرسيِ بقوةِ زافرا الهواءُ وتوعدَ لزيدانْ بأبشع مصيرٍ

    عادَ يوسفْ إلى الخارجِ ، وجدها تحاولُ الوقوفَ ، تنهدَ وتقدمَ نحوها نزلَ على قدميهِ وقالَ بعدَ أنْ نضرَ إلى يدها ” بتوجعكَ ؟ ! ” نفتْ برأسها وحدقتْ بهِ غاضبةٌ ، ابتسمَ على تصراتة وقالَ ” معلشْ فارسُ مشَ هيسيبكْ ، مشُ بشوفْ قدامهُ لما يعصبُ ، كانَ لازمٌ اعملْ كدهُ ” لمْ تجبهُ واستقامتْ منزعجةً منْ تعاملهِ ، استقامَ هوَ الآخرُ وقالَ بعدَ أنْ ابتسمَ على حنقِ الآخرِ وقالَ ” إيهْ الليِ وقعكَ في طريقِ فارسِ ”


    نضرةً لهُ وقوستْ حاجبيها وقالتْ ” عايرز يهدمُ الميتمُ الليُ اتربيتْ فيهِ ، واحدَ واطي ”

    رفعِ يوسفْ حاجبهُ بعدمِ رضى وقالَ بغلبٍ بعدَ أنْ لأحضَ يدهُ التي تنزفُ ” أنتَ ليكُ جميلِ معايا ، تعالى هاخدكْ للمستشفى نشوفْ أيدكَ ”

    نفتْ برأسها وقالتْ بعدَ أنْ نضرتْ إلى يدها ” مش مهمٍ ، لازم أروحَ ، الولادْ هيكونوا خايفينْ ”

    أومأَ لها وقالَ ” ممكنٌ أوصلكَ ، فينْ المكانِ ؟ ! ”

    زفرتْ بحنقِ وقالتْ ” ممكنٌ تبعدُ عني ؟ ! ” نفى برأسهِ وقالَ باهتمامِ ” تعال معايا ” جحضتْ عيونها بعدَ أنْ جدبها منْ يدها يسيرُ بها للأمامِ ، أركبها سيارتهُ عنوةٍ ، ثمَ ركبَ وأقفلَ البابُ صرختْ بهِ بضيقٍ أنتَ مجنونٌ يا أخٌ ؟ ! لمْ يجبها بلْ ساقَ صامتا ، رنَ هاتفهِ ، فأمسكَ بهِ بينما يقودُ وأجابَ ، تغيرتْ ملامحَ وجههِ قبلَ أنْ يقفلَ ، أوقفَ السيارةَ وأغمضَ عيونهُ بضيقٍ

    حدقتْ بهِ ترمشُ أهدابها عدةَ مراتٍ وقالتْ باستفهامِ ” مالكِ ياسطا ؟ ؟ ”

    فتحُ عيونهِ وقالَ ” ضاعتْ مني ”

    رفعتْ حاجبها فاسترسلَ ” بنتُ بدورٍ عليها ، الخيطُ الوحيدُ هوَ الرجلُ الليُ لقاها كنتَ محتاج أكلمهُ ، بسماتِ اليومِ ” جحضتْ عيونها وبلعتْ ريقها وقالتْ بتساؤلٍ ” يعني ، مشٌ هتلاقيها ؟ ! ” تأففٌ قبلَ أنْ يصلهُ إشعارٌ على هاتفهِ ، أمسكهُ وقراهُ ، ثمَ قالَ لها ” الحمدُ للهِ المهمِ عرفتْ المكانَ إلى أخذها ليهُ ” ثمَ استرسلَ بتساؤلِ ” عندكَ أيَ مشاغلِ اليومِ ؟ ! ”

    كانتْ مثلٌ منْ تلقى صفعةً على وجهها ونفتْ دونَ وعيٍ ، أومأَ لها وقالَ ” هاخدكْ معي لازمٌ أروحُ بسرعةِ المديرةَ أكيدٌ تكونُ عارفةً مكانها ” بلعتْ ريقها ولمْ تجبهُ فحركَ سيارتهُ ، بينما هيَ ابتلتْ في ملابسها ، كيفَ والآنُ لمْ يعدْ بينها وبينَ كشفِ هويتها سوى دقائقَ ، أما يوسفْ فقدْ كانَ فرحا ، أخيرا وجدَ شخصا يعلمُ أخبارها بلْ إنها حيةٌ ترزقُ


    وصلَ أخيرا أوقفَ سيارتهُ بعيدا ، فقالتْ زمردٌ بعدَ أنْ نزلتْ منها بسرعةِ ” شكرا يا باشا أنا عندي شغلَ هنا ” لمْ تتركْ لهُ مجالاً للإجابةِ وركضتْ منْ أمامهِ ، استغربَ يوسفْ إلا أنهُ نزلَ منْ السيارةِ عازما على العثورِ على غزالتهِ الضائعةِ ، ركضتْ زمردَ بسرعةِ عبرِ طريقٍ مختصرٍ حتى تصلَ قبلَ يوسفْ ، وتقولَ للمديرةِ أنْ تنكرَ وجودها حتى لا يعلمُ يوسفْ هويتها ، توجهتْ إلى الميتمِ ، لكنها توقفتْ فجأةً ، علقتْ عيونها على الناسِ الملتفينَ حولَ الميتمِ ، هلعُ قلبها منْ تلكَ النارِ التي تأكلُ المكانَ الذي تعيشُ فيهِ ، ركضتْ بأقصى ما لديها مثلٌ البلهاءِ تتخطى الناسَ ، تحاولَ الوصولَ إلى بابِ الميتمِ ، جدبها رجالُ الإطفاءِ بقوةٍ ، يبعدونها عنْ المكانِ حتى لا تتأذى ، صرختْ بأقصى ما لديها تنفي مايحدتْ ” لا ” ضلتْ تصرخُ بها ، الآنُ عادةً وحيدةً الآنِ – بالفعلِ – أصبحتْ دونَ مأوى أوْ ملجأٍ ، صرختْ وصرختْ ، قاطعها صوتُ سناءْ الباكي التي ظهرتْ منْ وسطِ الناسِ تحملَ ابنها وهيَ تركضُ نحوها بمنامهِ النوم خاضتها وجسدها مملوءٌ بالحممِ السوداءِ ، استقامتْ زمردَ بسرعةِ وركضتْ لها تحتضنها بقوةٍ هيَ وابنها تنهدتْ بارتياحِ قليلاً بعدَ أنْ وجدتْ أنها على تزال على قيدِ الحياةِ ، احتضنتها سناءْ وقالتْ بانهيارِ ” كلِ أخواتنا ماتوا ، بتنا راحَ ”

    صدمتْ مما صدرَ عنْ لسانِ سناءْ ، ارتخى جسدها وسقطتْ على الأرضِ تنظرُ إلى البيتِ الذي أكلتهُ النيرانُ ولمْ ترحمْ أحدا بهِ ، تحطمُ حلمها واختفى عنْ الوجودِ ، خوفها منْ الوحدةِ ، عالها دمرَ مرةً أخرى ، نزلتْ الدموعُ منْ عيونها بشكلٍ مرهفٍ ، شعرتْ كلَ شيءٍ سعتْ لأجلهِ دهسٍ بحجرةٍ كبيرةٍ ولمْ يعدْ بالوجودِ ، ضحكاتُ إخوتها الصغارِ ترنُ بأذنيها ، عتابُ مديرتها ، شعرتْ زمردَ نفسِ شعورِ فقدانِ والدتها بلْ أكثرُ ، لكنْ كلُ ما كانَ منها هدهُ المرةَ هوَ الصمتُ ، هذهِ المرةِ لمْ تصرخْ أوْ تعلقُ على ما حصلَ لها بلْ كانتْ مثلٌ الصنمِ لا تتحركُ فقطْ تنظرُ إلى النارِ تأكلُ الميتمَ هيَ وسناءٌ ، يرونَ أحلامهمْ وأمانيهمْ تختفي وتمحى منْ الوجودِ ، العائلةُ الوحيدةُ التي احتوتهمْ مسحتْ عنْ العالمِ ما أنْ سمعَ أنَ الميتمَ قدْ اشتعلَ بالنيرانِ منْ المارةِ حتى ركضَ دونَ عقلِ خوفا على فقدانها مرةً أخرى ، لكنهُ وجدَ زيدانْ يجلسُ على الأرضِ حالتهُ مثلٌ الصنمِ ، حدقَ بهِ ، نزلَ يجلسُ بجانبهِ ، كانتْ تحدقُ بالفراغِ واللا شيءٍ خسرتْ معركتها ضدَ الخوفِ منْ الفقدانِ مرةً أخرى ، فقدتْ الأبَ الروحيَ لها مرسي والأمِ الثانيةِ مديرتها والأطفالُ اللذينِ بمتابة عائلةً لها ، جدبها يوسفْ لأحضانهِ بقوةِ بعدَ أنْ رأى حالتهُ المدمرةَ وتلكَ النضرةِ الخاليةِ منْ الروحِ ، شعرَ أنهُ يحتاجُ إلى منْ يقولُ لهُ أنهُ بجانبهِ وأنا كلِ شيءٍ سيكونُ بخيرٍ ، ما أنْ استشعرتُ داخلكَ الحضنُ الدافئُ ، دالكَ السندَ ، حتى انهارتْ حصونها وظهرَ ضعفها ، صرختْ بأقصى ما لديها مرةُ واثنانِ وتلاتهُ حتى كادتْ أنْ تتقطعَ حبالها الصوتيةَ ، انسابتْ دموعها بينما كانتْ سناءْ تبكي بالمثلِ البيتِ الذي كانَ مأوى لهمْ ، الأطفالُ اللذينِ كانوا عائلةً لهمْ كلِ شيءٍ ذهبَ مذهبُ الرياحِ ، أغمضَ عيونهُ متألما على ما حلَ عليهِ ، وقالَ بألمٍ مماثلٍ فهوَ الآخرَ فقدْ أخرَ خيطا يلاقيهُ بحبيبةِ قلبهِ ” كفايةً يا زيدانْ ، مشٌ أنتَ بسْ إلى خسرتْ ، أنا كمانٌ خسرتْ “


    يتبع…

    مرَّ أسبوعين عن تلك لحاذته ، رفض يوسف ترك زيدان أو سناء في الشَّارع ، نقلهم إلى منزله يحتويهم من شرِّ الشَّارع ، كانت سناء تجلس بغرفتها تحدق نحو الفراغ وابنها يلعب حولها ، بينما كانت زمرُّد نائمة على السَّرير ، تنظر إلى الفراغ ، الفقدان أسوأ شعور عاشته ولا تزال تعيشه لهدَّا اليوم ، نضرةً لها سناء وقالت بحزن ” زمرُّد كفاية اللَّيِّ عملاه في نفسك ”

    حدَّقت بها وحاولت الاعتدال جالسةً وأردفت بضعف وحيرة ” خسرنا كلُّ حاجة ، مشُّ باقي عندنا حدًّا ”


    حدَّقت بها سناء بحزن ثمَّ أمسكت بيدها وقالت بحنان ، لسه أنا وأنت موجودين

    ابتسمت بتقل ” الحمد للَّه أنَّك موجودة جنِّبي ، مشّ عارفة كان سيحدث في إيه ؟ ! ”

    نضرةً لها سناء وقالت بألم ” ربِّك موجود ، وزيَّ ما كان بيِّنًا وأحنَّا لسه في سنِّ القاصر ، هيرحمنا لحدِّ دلوقتي ” أومأت لها وقالت ” اللَّيَّ زيَّ وزيَّك مهمَّشين مافيش حد يسندهم أهل ولا أقارب ، لازمنا نوقف وحَّدنا لو ضعفت وحدةً تقوِّي الثَّانية أومأت لها وقالت بإيجاب يلا قوميّ تستحمِّين يازمرد وغير وحاولي تأكلي شويَّه عشَّان نفكِّر نعمل إيه ، وإزاي نقف على رجلينا مرَّةً ثانيةً

    نفت برأسها وقالت بحزن ” مشِّ جاي على بالي ” حدَّقت بها لمدَّة من الزَّمن قبل أن تقول بمرح وهي تدفعها ” أنت بقيَّتي معفنة قوميَّ استحمي ” زفرت بحنق قبل أن تقوم على مضد ، ثمَّ أردفه سناء بغيض ” هروِّح اشوف ليكي ملابس من عند يوسف يا زيزو ” أومأت لها وقالت ” ما تنسيش اقفلي الباب معاكي ” هزَّت رأسها وأمسكت بابنها وقالت تشاغبها ” خايفة حدّ يعرف مين زيدان ؟ ! ” حدَّقت بها بغيض قبل أن تقفل باب المرحاض في وجهها وقالت بلؤم بعد أن حدَّقت بالمرأة ” ريحتي زيِّ القطِّ الميِّت ” زفرت بحنق من ثمَّ خلعت ملابسها الباليه عنها ، نزعت قبَّعتها ليسقط شعرها الَّذي يصل إلى بداية كتفها ، نزعت تلك العدسات العسليَّة لتضهر عيونها دات اللَّون الفريد ، ضحكت بسخرية وقالت ” فينك يا صابرة تشوُّفي البنت اللَّيَّ كان بقول عليها راسخ بشعة ” توجَّهت نحو رشَّاش المياه لتتساقط قطراتها عليه تنعم بحمَّام دافئ ، دخلت سناء ووضعت الملابس الَّتي اخدتها من يوسف على السَّرير ، ثمَّ لحقت بابنها بعد أن هرب منها ، وتركت الباب دون إقفال ، كانت صابرة تمرُّ من جانب الغرفة ، نضرت للباب المفتوح باستغراب ودخلت إلى الغرفة ، خرجت زمرُّد من الحمَّام تلف مئزرها حولها وخصلات شعرها تتَّبعها بقطرات المياه ، اتَّسعت عيون صابرة متل . البلهاء مندهشةً من جمال تلك الفتاة الَّتي ضهرت من العدم بينما زمرُّد رفعت عيونها تحدق بها بخوف من أن تفضحها أو تصرخ


    رمشت صابرة أهدابها مرَّتين قبل أن تقول بصوت عالي ” أنت مين ؟ ! وكيف دخلتي البيت ؟ ! ” تحدَّثت زمرُّد بصوت هامس وقالت بترجِّي ” ارجوكي اقفلي الباب الأوَّل وأنا هشرحلك ” كادت أن تصرخ صابرة إلَّا أنَّ دخول سناء جعلها تحدق بالاثنتين بحدَّة ” أنتم مين ؟ ! ” حدَّقت بها سناء برعب وقالت بعد أن أشارت بسبَّابتها بسرعة نحو زمرُّد ” دي بنت عمُّك زمرُّد مشِّ حدّ غريب ” حدَّقت بها زمرُّد بشر بعد أن فضحت أمرها وقالت ” اخرسي يا سناء ” نضرةً لها سناء بخوف وقالت ” أحسن ما تبلغ عندنا أنَّنا محتالون ونتسجن ” كانت صابرة مندهشةً هل فعلاً تلك هي زمرُّد الَّتي كان يقول والدها إنَّها بشعة وتشبه والدتها لا جمال فيها ، اقتربت منها وقالت بعد أن علت ابتسامةً سعيدةً محيَّاها ” أنت ليَّه عايشه ” كانت زمرُّد متفاجئة من ردَّة فعلها قبل أن تتجمَّد مثل الصَّنم بعد أن احتضنتها صابرة بقوَّة ، وتابعة بسعادة ” أنت تعرفي أحنى بندور عليك من أمَّتي ، دا بابًا من كثر ما بحبِّ أمِّك سمَّاني على اسمها ” أغمضت زمرُّد عيونها متألِّمةً من ذكرى فراق والدتها ابتعدت عنها صابرة وقالت ” أنت حلوة آوي يا زمرُّد ، يوسف هيفرح آوي بوجودك أنا هقوله ” نضرت لها زمرُّد بحيرة قبل أن تستوعب كلماتها وقالت بسرعة ” لا ، لا ” حدَّقت بها صابرة باستغراب فقالت زمرُّد ” بلاش يوسف ، مشُّ عايزاه يعرف ” قوَّست صابرة حاجبيها باستفهام قبل أن يأتي صوت يوسف من الخارج الَّذي يحمل صغير سناء ، اتَّسعت حدقتي زمرُّد قبل أن تسرع وتختبى في الحمَّام مرَّةً أخرى ، بينما صابرة كانت متصنِّمه من هروبها ، ابتسم يوسف بعد أن نضرَّ إلى سناء وقال ” هاخد يوسف معايا ، وأنت ارتاحي اليوم ” أومأت له فقال بعد أن لأحضَّ الدَّهشة على وجوههم الخالي من قطرات الدِّماء ” مالكم ؟ !


    نضرةً له صابرة مثل الصَّنم وأشارت بسبَّابتها نحو الحمَّام ، حدَّق بها يوسف باستفهام قبل أن تقول سناء بسرعة خوفًا من أن تفضح صابرة أمرهم من شدَّة صدمتها ” هي متفاجئة أنَّه زيدان هنا ، لأنَّها مشّ عارفة أنَّه أخويًّا ” حدَّقت بها صابرة باندهاش فترجَّتها بعيونها الخضراء لتنطق صابرة بخفت ” بس هكذا يا يوسف ” أومأ لها وقال ” ماشي ” ثمَّ استرسل بتساؤل ” فين زيدان ؟ ” ” طلع ” قالتها سناء بسرعة فأومأ يوسف وقال ” ماشي لما ارجع محتاج أكلِّمه ، قولي له ” أومأت برأسها ، وغادر يوسف فأقفلت سناء الباب بالمفتاح وزفرت براحة . خرجت زمرُّد ونضرة إلى سناء بغيض وكادت أن تنقضَّ عليها فهربت ، صرخت بها زمرُّد ” ماش يا قصيرةً ، كلُّ دي عمايلك ” حدَّقت بها بهلع وقالت بخوف ” خوَّفت تسجنا ” إجابتها بغيض ” اللَّه يخربيتك ، أهو اتفضحت الآن عاجبك ” جلست على السَّرير قائلةً بملل ” وبعدين كذا كذا هي بنت عمُّك يازيزوا ” ثمَّ أكملت بينما تضحك ” الحمد للَّه أنَّك بنت كان زمانك لازمك تستُّري عليها ” حدَّقت بها بضيق بينما نضرت لهم صابرة حائرةً ومستغربةً قبل أن تقول باستفهام ” طبِّ ليِّه يا زمرُّد عاملة نفسك ولد ؟ ! ”


    صمتت زمرُّد قليلاً قبل أن تنظر لها وقالت بعد أن هزَّت كتفاها بملل ” عشَّان أحمي نفسي من أولاد الحرام في الشَّارع ” اقتربت منها صابرة وقالت بحزن ” واللَّه يعلم أنَّ بابا ويوسف كانوا بدوروا عليك ليل نهار كلِّ السِّنين دي ، لا أحد عرف مكانك ” ابتسمت قائلةً ” مشَّ هستغرب كلامك ، طول عمره يامن بحبني هو ويوسف ، بس للأسف الزَّمن مرحمنيش ” حارت وتسائله صابرة ما الَّذي عاشته زمرُّد وكانت تريد أن تسألها لكن لا يبدوا أنَّه الوقت المناسب ، ما تراه أمامها فتاة قويَّة لا تريد الحديث والخوض في الماضي ، حدَّقت بها زمرُّد تحاول قراءة ما يدور بعقلها فقالت ” أنت مشُّ هتقولي ليوسف ” نضرة لها لمدَّة قبل أن تقول ” لازم يعرف هو بدور عليك من زمان ” نفت برأسها ” عندي أسبابي مش لازم يعرف ” قلبت صابرة عيونها بملل قبل أن تقول بتسلية ” وإيه اللَّيُّ هيخليني أسكت وأنا عارفة أخويًّا حبيب قلبيِّ دايب فيك وأنت قدَّامه ، أنا بردوا قلبي هيحن ” شعرت صابرة بطريقة صابرة المستفزَّة والتَّهديديَّة فقالت بحنق ” يعني المفروض أعمل إيه عشَّان سعادتك تلمي نفسك من غير ما تفضحينني مع اخوكي ” ابتسمت صابرة بطريقة غير مبشِّرة وهي تحدق بها من أسفلها لأعلاها فهتفت زمرُّد بضيق ” استغفر اللَّه ، أنَّتي من إيَّاهم ولا إيه ! ! ”

    ابتسمت صابرة وقالت بابتسامة عريضة ” تشتغلين معي عارضة أزياء ” ” نعم ! ! ” قالتها زمرُّد باندهاش واسترسلت بعصبيَّة ” أنا أستخبى من اخوكي ، تفضحينني مع الدُّنيا كلِّها ” نضرة لها بملل وقالت بهدوء واستفزاز ” واللَّه يوسف بدور عليك يا غزال على قولته ، ولو لمحك حتَّى أنَّ اطربقت السَّماء على الأرض ما يسيبك ، وأنت أدرى ” حدَّقت بها بغيض ” بتِّهدديني ” استقامت صابرة وقالت بعد أن ربَّتت على كتفيها ” اسمها مصلحةً يا زيزو أنا هسكت مقابل تشتغلين معايا ” أبعدت زمرُّد يد صابرة عن كتفها وقالت باستفهام ” افهم إيه عاجبك فيا ؟ ! ” نضرةً صابرة إلى سناء وقالت ” هو في زيزو قمر كدِّه ” ابتسم سناء قبل أن تقوم بدعم صابرة ” واللَّه دائمًا بقول لها إنَّها حلوة ، بس هي عندها فكره في دماغها أنَّها بشعة ” ثمَّ استرسلت ” مع أنَّها – ما شاء اللَّه – شبَّه ملكات الجمال ” زفرت زمرُّد بغيض من الاثنتين وقالت ” وبعدين منك ليُّها أنا لا حلوةً ولا غيره ” رفعت الفتاتان حاجبيهما باستنكار يطالعانها من الأسفل إلى الأعلى ، استغفرت ربَّها قبل أن تبدأ كلّ واحدة بالإلتفاء عليها وقالت صابرة بتفكير ” عيون وشعر وخدود ما شاء اللَّه ” ثمَّ استرسل سناء بمكر ” طول وما شاء اللَّه مفاتن ” اتَّسعت أعين زمرُّد وخجلت قائلةً ” أعود باللَّه منكم ” توقَّفت الفتاتان على الالتفاف وقالت سناء بعد أن نضرت إلى صابرة ” أخوكي ابن المحضوضة ” ابتسم صابرة وردت عليها بلهجة ماكرة ” ماهو استنى اثنَّاشر سنة حقِّه بردوا ” ضربت كل واحد يدها بيد الأخرى ، بينما زمرُّد كانت تنضر لهما والشَّرار يطلق من عيونها قبل أنَّ تاخد ملابسها وتغادر إلى الحمَّام وأقفلت الباب – بصوت مرتفع – نضرت صابرة إلى سناء وقالت ” وأنت كمان جميلة يا قمر ، تحبِّين تبقَّى عارضةً ” نفت برأسها وقالت ” لا ياختي كفاية علي إشيل هم ابني ”


    أومأتْ لها صابرةُ وقالتْ قبلَ أنْ تغادرَ ” دلوقتي عندي شغلٌ ، بسْ لما ارجعْ لازمنا قعدةً أحنا التلاتة ” أومأتْ لها وغادرتْ صابرةُ


    **************************************************

    دهبْ يوسفْ إلى مقرِ عملهِ ، دخلَ إلى مكتبهِ ، وضعُ الصغيرِ فوقَ مكتبهِ وجلسَ يباشرُ أعمالهُ ، دخلَ جاويدْ فجأةِ دونَ استأدانْ يحملَ ابنتهُ ويظهرُ عليهِ التعبُ ، ضحكَ يوسفْ قبلَ أنْ يقولَ بتشفٍ ” البنتِ عاملةً معاكْ شغل قويٍ يا جلالٌ ” زفرَ بحنقِ قبلَ أنْ يجلسَ على الكنبةِ مقابلَ مكتبِ يوسفْ ويضعُ الصغيرةَ على أقدامهِ ، انتبهَ إلى الطفلِ الذي يجلسُ على مكتبِ يوسفْ وقالَ بتساؤلِ ” ابنِ مين دا ؟ ! ” ابتسمَ يوسفْ قبلَ أنْ يحملَ الصغيرُ ويضعهُ على قدمهِ وقالَ بعدَ أنْ نضرَ إلى جاويدْ ” يا سيدي دا يوسفْ الصغيرَ ، ابنُ أختِ زيدانْ ” نضر جاويدْ إلى الصغيرِ وقالَ مبتسما ” الولدَ دا عيونهُ زيَ ” أوما لهُ وقالَ – بجديةٍ – ” أنتَ لازمكَ دادهْ تمسكِ البنتِ ، مشٌ تقدرُ عليها وحدكَ ” مطَ جاويدْ شفتيهِ بضجرٍ قبلَ أنْ يقولَ ” ولأقيها فينْ ؟ ! ” فكرُ يوسفْ مليا وقالَ ” لقيتْ الحلَ ” حدقَ بهِ جاويدْ بلهفةِ وقالَ ” الحقني بيهْ ” أومأَ لهُ مسترسلاً ” أختَ زيدانْ ، أكيد محتاجةٍ شغلَ ، وهيَ أمٌ أكيدِ هتعرفْ تهتمَ ببنتكَ ” ردَ عليهِ باهتمامِ ” البنتِ دي تقة ” أومأَ لهُ ” أنا أضمنها ” ثمَ استرسلَ بعدَ أنْ جدبَ هاتفهُ يتصلُ بأختهِ ” هقولْ لصابرةِ تعلمها وتجبها هنا تتفقُ معاها ” أومأَ لهُ بإيجابٍ سرعانَ ما كادَ أنْ يبكيَ بعدَ أنْ صرختْ الصغيرةَ واستقامَ يحاولُ إسكاتها ، كانَ الصغيرُ يحدقُ بيوسفْ بعدَ أنْ إجابتهِ أختهُ ” نعمَ ياشريكْ ”

    ابتسمَ يوسفْ مردفا ” البنتَ سناءْ عايزكْ تتوصي بيها ” وصلهُ صوتها المتهكمُ ” ليهُ لقيتْ لها عريسْ ؟ ! ” زفرَ بغيضٌ قبلَ أنْ يقولَ ” لقيتْ لها شغلٌ ، أخلصي على الساعةِ خمسةَ عايزها هنا ” اقفلْ الهاتفَ بوجهها زفرتْ بغيضٍ متمتمةَ ” طبعهُ زبالةً ” ابتسمَ يوسفْ على الصغيرِ الذي كانَ ينادي ” بابا ” ثمَ نضرٌ إلى جاويدْ قائلاً ” حلو شعورِ الأبوةِ ” ابتسمَ جاويدْ ساخرا وقالَ ” ربنا يبتليكَ بالليِ أنا فيهِ ، ساعتها تعرفَ حلوٌ ولا لا ” امتغصتْ ملامحَ وجهِ يوسفْ منْ ردهِ إلا أنهُ لمْ يهتمْ ، ثمَ وصلَ يلاعبُ الصغيرُ دخلتْ صابرةُ إلى مكتبها ، وجدتْ فارسَ يجلسُ في انتظارها زفرتْ بمللٍ قبلَ أنْ ترميَ حقيبتها بإهمالٍ على الأريكةِ وجلستْ على كرسيها الرئيسِ ترفعُ قدما على أخرى ، نضرةً لهُ بتعالٍ وقالتْ ” جايْ ليهُ ؟ ” حدقَ بها بضيقٍ لتعاملها الجافِ معهُ وأردفَ ” ممكنٌ تعاملينني كويسْ ” إجابتهُ بسخريةِ ” أقوم ارقصلكْ ؟ ! ” ابتسمَ بعدمِ رضى وقالَ ” ليهُ رفضتْ تتجوزيني ؟ ! ” ضحكتْ بغيرِ مرحٍ قائلةٍ ” لأنكَ واحدٌ أنانيٌ ، ويومَ ما أفكرُ أتجوزْ ، هتجوزْ واحد طيبٍ ” حدقَ بها بغضبٍ وأردفَ ” مستحيلٌ تبقى لحدِ غيري ، دخليها دماغكَ ”


    أنزلتْ قدميها واستقامتْ منْ كرسيها وأردفهُ بحدةِ ” اطلعَ برةً ” نضرٍ لها ببرودِ يحاكي برودةَ جبالِ الأطلسِ وقالَ بغيرِ مرحٍ ” بلاشِ تعلي صوتكَ يا صابرةُ ، أنا كذا حاطكْ في دماغيٍ ولا واحد ممكنٍ يهبُ ناحيتكَ ” ثمَ استرسلَ بحدةِ ” أنتَ بنتُ عمي وحقي ” نفتْ برأسها منْ غرورهِ وسذاجتهِ وقالتْ ” أنا أبي اسمهُ يامنْ ، مشٌ راسخٌ الليِ مستعدٍ يرمي بنتهُ في جهنمَ عشانِ أنانيتهُ ” حدجها بغضب واستقامَ مقتربا منها واقفٌ بصددِ وجهها ، كانتْ لاتزالُ تقفُ بثباتِ شامخةً أمامَ وجههِ وقالَ بصوتِ فحيحِ ” بلاشِ سيرةٍ أبويا ، والليُ أنتَ معارضاهْ هاخدة يا بإرادتكَ يا غصبُ عنكَ ، افتكري الكلامُ دا كويسْ ، وإنْ طالما اسما فارسِ اللاذاعْ عمركَ ما تبقى لغيري يا بنت العمِ ” ” احلمْ ” قالتها بسخريةِ ضحكَ ضحكةً سوداء وقالَ بعدَ أنْ ابتعدَ عنها ” ليكي يومُ يا صابرةُ ” خرجَ منْ المكتبِ بينما هيَ زفرتْ بحنقِ قبلَ أنْ تسبهُ

    في منزلٍ راسخٍ كانَ يجلسُ بغرفتهِ رفقةَ زوجتهِ التي كانتْ تبدو غاضبةً ، نضر لها بعدَ أنْ زفرَ مطولاً وقالَ ” الليُ بأيدي بعملِ بيهْ ، أعملُ إيهْ أكترِ ! ! ” صرختْ بعدَ أنْ نضرةٍ لهُ ” بنتي بتموتْ بسببكَ ، ذنبُ مرآتكَ بنتي شالتهْ ” استوعبَ كلماتها وقالَ بعتابٍ بعدَ أنْ هدأَ صوتهُ ” كلهُ عشانِ حببتكَ أنتي ، وبعدينِ دا قدرُ اعملْ إيهْ ؟ ” أجابتهُ بتهكمِ ” دور على بنتكَ تنقذُ لي بنتي ” سخرَ منْ كلامها قائلاً ” مش شافيةٍ إني بدورٍ عليها ، ومشَ لأقيها ، لا عارفةً عايشهُ أوْ ميتةٍ ” نضرةٍ لهُ بضيقٍ وقالتْ ” أنتَ إلى رمتها برةً البيتِ مش أنا ” رفعُ حاجبها منْ كلامها وقالَ بصراخِ ” مايسينْ أنا ساكتٌ عشانِ بحبكَ لا غيرٌ ، اكترى منْ كذا أقسمَ باللهِ أنسى أنتي مين ” شعرتْ بغضبهِ نحوها وأنها ستخسرهُ حقا فقالتْ بعدَ أنْ دمعتْ عيونها ” واللهُ بسْ عشانِ خايفة بنتي تضيعُ مني ، عارفةً أني بزودها عليكَ بسْ غصبَ عني ” أومأَ لها بعدمِ رضى وغادرَ بينما هيَ زفرتْ بحنقٍ ، تأففتْ بغيضٍ قائلةٍ لازمٍ اعرفْ راحتْ فينْ منْ بعدما طلعتْ منْ الملجأِ ، حياةُ بنتي في خطرٍ ، لازم ألاقيها


    **************************************************

    عادتْ صابرةُ إلى المنزلِ بعدَ أنْ اشترتْ ملابسَ منْ أجلِ سناءْ التي أرادتها على مضدْ منْ ثمَ قامتْ بتصفيفِ شعرها ووضعتْ لها القليلَ منْ مساحيقِ التجميلِ ، فردتْ لها شعرها البنيِ وألبستها فستان ناريٍ أحمرَ يتناسبُ معَ حذائها الرياضيِ الأبيضِ ، كانتْ تطالعها برضى بينما سناءْ كانتْ منبهرةً منْ ملابسها وشكلها الجديدُ ، ابتسمتْ زمرد على شكلِ سناءْ وقالتْ بسعادةِ ” ما شاءَ اللهُ زيَ القمرِ يا سناءْ ، ربنا يسعدكَ أكثرَ وأكثرَ ” ابتسمَ سناءْ وقالتْ بفرحةٍ ، بجدِ طالعةً حلوةً ، أنا نفسيٌ مشٌ عارفةٍ نفسيٍ ” أشارتْ لها صابرةُ بتعالٍ ، كلٌ منْ أيدي الليِ ما شاءَ اللهُ عليهمْ زفرتْ زمردَ مردفهُ بضيقِ ” ما معنى أنكَ لابسهُ طرحةَ وإحناءَ قاعدةٍ تقصرينَ في هدومنا ، يا شيخة اتقي اللهَ ” رفعتْ صابرةُ حاجبها وقالتْ بتوعدٍ ” لسهْ جايْ دوركَ يا جميلٌ ، وأنا إنْ شاءَ اللهُ هضبطكْ تبقي مزة آخرً حاجةٍ ” ” نضرتْ لها زمردُ بمللٍ قبلَ أنْ تقولَ سناءْ باستفهامٍ ” المفروضِ أني اشتغلَ صحَ ، بسْ أنا مشٌ متعلمةٍ ، هشتغلْ إيهْ بالضبطِ ” هزتْ صابرةُ كتفيها وقالتْ ” مش عارفةٍ يوسفْ قالَ في شغلِ ليكي ، دا الليِ اخدتهْ منهُ وقفلٍ في وشيْ

    ضحكتْ سناءْ بخفةِ مردفهِ ” ما أنتَ – ما شاءَ اللهُ – مستفزةً ” ثمَ استرسلتْ بعدَ أنْ حولتْ نضرها إلى زمردِ ” بتفكري في إيهْ ؟ ” كانتْ زمردُ شاردةٍ حتى شعرتْ بملمسِ يدٍ على كتفها فاستفاقتْ ، استفهمتْ صابرةُ شرودها وقالتْ بتساؤلِ ” روحتني فينْ يا عسلٌ ؟ ! ” تنهدتْ وقالتْ بهدوءِ ” ولا مكانَ بفكرِ مين حرقَ دارِ الأيتامِ الليُ عشتُ فيها ” جلستْ صابرةُ بجانبها وقالتْ ” لسهْ التحقيقِ مستمرٍ يمكنُ يكونُ حادثٌ ” نفتْ برأسها وقالتْ – بجديةٍ – بعدُ أنْ نضرةٍ في عيونها ” في حدِ حرقِ الدارِ أنا متأكدةٌ ، ولوْ طلعَ الليُ في بالي ، قسما باللهِ أشربهُ المرُ ” شعرتْ صابرةُ بوجودِ شخصٍ عالقٍ بدهنها ، لكنْ سريعا ما علقتْ سناءْ بتفكيرٍ ” تقصدينَ فارسُ بيهْ ؟ ! ” أومأتْ برأسها بينما حدقتْ بهمْ صابرةُ مستعجبةً وقالتْ بعدَ أنْ نضرةٍ إلى زمردٍ ” تقصدينَ أخوكَ ” ” مشَ أخويا ” قالتها بحدةِ ثمَ استرسلتْ بجديةِ ” عايزة مساعدتكَ ، لازمَ أخدْ حقي ، واعرفْ إذا هوَ أوْ لا ” ردتْ عليها صابرةُ محاولةَ الاستيعابِ ” بتقصدي إيهْ يا زمردٌ ؟ ! ” ابتسمتْ زمرد بغيرِ مرحٍ وقالتْ ” اخدْ كلَ حاجةٍ منْ فارسِ وأبوهُ ، ولا قرشَ هسيبهْ ليهمّ ، زيُ ما دمروا حياتي ، ههدْ كلَ حاجةٍ فوقَ دماغهمْ ”


    نضرةً لها سناءْ باستنكارِ وقالتْ ” وإزايْ يا شاطرةً تعملينَ كلُ دا ، أنتَ حتى لا بتعرفي تقرينَ أوْ تكتبينَ ” أشارتْ إلى صابرةَ وقالتْ ببساطةِ ” دي تعلمنا ” ثمَ استرسلتْ بتفكيرٍ خبيثٍ ” تصدقي أنهُ الآنَ لازمٌ يوسفْ يعرفُ أني عايشة ” رفعتْ صابرةُ سبابتها في وجهها وقالتْ بتهديدِ ” زمردٍ ، أخويا بلاشِ تستغليهُ في حكايتكَ دي ، هوَ بحبكَ بلاشِ تأديةً ” ابتسمتْ زمرد قائلةٍ ” مين قالكَ هادي أخوكَ ، دا أنا حتى ناويةٍ أطلبهُ منْ يأمنُ عشانِ يجوزني ليهُ ” رمشتْ صابرةُ أهدابها عدةَ مراتٍ هيَ وسناءٌ مندهشينَ منْ تحولها فقالتْ صابرةُ بعدَ أنْ كادتْ تجنِ منْ تفكيرِ الأخرى ” واللهِ مش عارفةٍ الليِ في دماغكَ ، بسْ طالما أنتَ بنتُ صابرةَ دا كافٍ أني أساعدكُ ” أومأتْ لها فاستقامتْ صابرةُ مغادرةً وأشارتْ إلى سناءْ أنَ تتبعها ، حدقتْ سناءْ بزمردِ وقالتْ ” واللهُ أنا خايفة منكَ ، ومنْ قلبتكُ ” ابتسمتُ زمردٌ بغيرِ مرحٍ قبلَ أنْ تعتدلَ في جلستها قائلةً ” أنا لمٌ استحقَ حاجةً منْ الليِ اتعملتْ فيا ، بسْ هما يستاهلوا أيَ حاجةٍ أعملها فيهمْ ” ” يعني ” قالها سناءْ بتساؤلِ إجابتها بقوةِ ” هاخدْ حقي قالتْ وتالثْ ومتلتْ ” زفرَ سناءْ بحنقِ قبلَ أنْ تتركها بينما زمردٌ كانتْ تفكرُ كيفَ سوفَ تخبرُ يوسفْ أنها حيةٌ


    *****************************************************

    توقفتْ سيارةَ صابرةَ أمامَ شركةِ أخيها ، خرجتْ سناءْ وهيَ كدلكٍ ، انبهرتْ سناءْ منْ ضخامةِ البنايةِ وقالتْ باهتمامِ ” كلِ دا ملكُ يوسفْ ” أومأتْ لها وقالتْ ” دي شركةُ يوسفْ للمحاماةِ ، هتحبيها ولا يهمكَ ” أومأتْ لها وركبتْ المصعدَ ، صعدُ الاثنتينِ ، ووقفَ المصعدُ خرجتْ كل واحدٍ منهما وتوجها إلى غرفةِ مكتبِ يوسفْ ، دخلتْ صابرةُ بعدَ أنْ استأذنتْ وتبعتها سناءْ ، ابتسمَ لهمْ يوسفْ وقالَ بترحابِ ” أهلاً نورتي الشركةِ يا سناءْ ” ابتسمتْ على حفاوةِ استقبالهِ وقالتْ بلطفِ ” شكرا يا يوسفْ بيهْ ” أشارَ لها أنْ تجلسَ بينما حدقتْ بهِ صابرةُ بغيضٌ ” العبدةَ للهِ أختكَ ما فيشْ ترحيبُ بيها ” نضر لها بتهكمِ فقاطعتهمْ سناءْ ” هوَ يوسفْ فينْ ؟ ! ” ابتسمَ مردفا معَ صاحبي بيلعبْ معَ بنتهُ ، اقعدي عشانِ اشرحْ لكَ شغلكَ الجديدِ ، أومأتْ لهُ ، ابتسمَ قائلاً ” صديقي عندهُ بنتَ ومحتاجَ مربيةٍ وأنتَ أمٍ وخبيرةٍ ” ابتسمتْ بلطفِ قائلةً ” شكرا ليكُ يا يوسفْ بيهْ أنا بجدَ مش عارفةٍ اردلكْ الجميلَ الليِ بتعملهْ معانا ازايْ ” ابتسمَ لها بودِ قائلاً هتصلْ على جاويدْ يجيْ عشانِ تقابليهِ وتتفقوا ” أومأتْ لهُ فطلبَ يوسفْ جاويدْ عنْ طريقِ الهاتفِ ، دخلَ يحملُ فتاتهُ بينما يمسكُ يوسفْ بيدهِ ، كانتْ سناءْ توليهِ ضهرها ، حدقَ بهِ يوسفْ وقالَ ” جاويدْ دي سناءْ المربيةِ الليُ قولتلكْ عليها ” نضرٌ لها والتفتتِ نحوهُ ، توقفُ الزمنِ بها وبهِ ، أجلُ أنها هيَ نفسُ الفتاةِ منْ تلكَ الليلةَ ، وهوَ نفسِ الشابِ منْ تلكَ الليلةَ ، هوَ منْ انتهكَ براءتها ورماها لعائلتها تقتلها ، تحجرتْ الدموعُ وفي عيونها ، بينما همسَ هوَ بخفتْ لنفسهِ ” مستحيل تكونُ هيَ ، سناءْ ” سقطتْ دمعةً منْ عينها اليسرى تحكي ألمَ ما بها ، ثمَ حدقتْ بهِ واستقامتْ متجهةً نحوهُ ، وقفتْ بصددهِ وقالتْ بكسرةِ ” جلالِ ”


    كمْ تمنى لوْ لمْ تكنْ موجودةً وأنها بالفعلِ ماتتْ ولا أنْ يشعرَ بالضيقِ والندمِ ودالكَ الإحساسَ الذي سيقتلهُ ويفتك بهِ حدقتْ بصغيرها وحملتهُ بخفةٍ ، وغادرتْ بعدَ أنْ مرةٍ بجانبهِ دونَ كلمةٍ أخرى ، كانَ يوسفْ مستغربا وكدالكْ صابرةُ التي لحقتْ بها بينما حدقَ يوسفْ بالواقفِ أمامهُ وقالَ بتساؤلٍ ” في إيهْ يا جاويدْ ؟ ! ” أنزلَ الصغيرةَ وجلسَ مستسلما مخدولا على الأريكةِ وقالَ بندمِ ” سناءْ ، هيَ البنتُ الليَ اعتديتْ عليها زمانٌ ” حدقَ بهِ متسعُ الأعينِ لا يصدقُ أنَ الحياةَ صغيرةٌ إلى هذا الحدِ ماضيَ جاويدْ لا زالَ على قيدِ الحياةِ والآنِ سيبدأُ بمطاردتهِ ، لكنَ يوسفْ تذكر أنَ آلانْ منْ يحتاجُ إلى المساعدةِ هيَ تلكَ الفتاةِ التي لايعلمْ وضعها إلا اللهُ ، لحقَ بها وتركٍ صديقةٍ الذي بالكادِ كانَ يستطيعُ التنفسُ أمسكتْ صابرةُ بيدِ سناءْ التي كانَ تمشي دونَ وجهةٍ أوقفتها وقالتْ بتساؤلِ ” فيكي إيهْ ؟ ! ” أغمضتْ عيونها بقهرٍ وقالتْ بهدوءِ ” عايزة أمشي ” حدقتْ بها باستغرابِ إلى أنَ يوسفْ قاطعها وقالَ بعدَ أنْ نضرةٍ إلى سناءْ ” تعالى معي هوصلكْ ” حدقتْ بهِ تائهةٌ فجدبها منْ يدها بلطفِ واخدها معهُ إلى سيارتهِ ، كانتْ صابرةُ مندهشةً وقالتْ بغلبٍ ” في إيهْ يا يوسفْ فهمني ” أقفلَ بابُ السيارةِ بعدَ أنْ ركبتْ سناءْ وقالَ بهدوءِ ” ارجعْ للبيتِ وأحكيلكْ ” أومأتْ لهُ وركبَ يقودُ سيارتهُ تاركا صوتَ عجلاتها خلفهُ بينما صابرةُ وقفتْ متلْ البلهاءَ لاتصدقْ ما يحدتْ كانَ يقودُ سيارتهُ ويلقي نضراتهْ عليها كلِ فترةٍ ، شعرَ بتصلبِ جسدها ، تنهدَ قبلَ أنْ يرنَ على زيدانْ ، رفعتْ زمردَ الهاتفِ تستقبلُ مكالمتهُ وهتفتْ بصوتٍ خشنٍ ” نعمْ يا يوسفْ بيهْ ” زفرَ يوسفْ طويلاً وقالَ ” تعالٍ عايزْ أتكلمُ معاكْ بخصوصَ أختكَ ”


    انتفضَ قلبُ زمردِ خوفا منْ أنْ تفقدَ صديقتها الوحيدةَ وقالتْ منْ شدةِ ذعرها ” سناءْ كويسهْ ؟ ! ” نضر بخفةٍ إلى سناءْ ثمَ حول نضراتهْ إلى زمردٍ وقالَ بهدوءِ ” آهٍ ، هيَ كويسهْ ، بسْ محتاجٍ أكلمكُ تعالٍ للمكانِ إلى هقولكْ عليهِ ” وافقتْ على كلامهِ وزفرتْ بغيضٌ هلْ يمكنُ أنْ يكونَ قدْ علمَ بأمرها انتفضَ قلبها ونفتْ برأسها ، نعمَ سناءْ سليطةً اللسانِ ولا تخفي شيئا لكنَ آخر شيءٍ تفعلهُ هوَ فضحُ أمرها ، زفرتْ بحنقِ واستقامةِ مردفهُ باستسلامِ ” ربنا معايا ” أوقفَ يوسفْ سيارتهُ بأحدِ المتنزهاتِ وطلبَ برفقِ منْ سناءْ أنْ تنزلَ ، أومأتْ لهُ وأخدْ منها طفلها ، لتنزل هيَ بالمقابلِ ، خرجَ منْ سيارتهِ وأقفلها وأشارَ لها أنْ يجلسوا على أحدِ المقاعدِ المخصصةِ للناسِ ، جلستْ ، بينما وضعَ هوَ ابنها بالرمالِ كيْ يلعبَ على راحتهِ ، ثمَ توجهَ وجلسَ بجانبها ، عمُ الصمتِ عدةَ لحظاتٍ ، ودقائقُ ، حتى هتفَ سناءْ بصوتٍ مرتجفٍ ، كنتَ صغيرةً ستاشرْ سنهُ ، مشٌ فاهمةٍ حاجةٍ ، رسمٌ على الحبِ ، اغتصبني وسأبني لأهلي وفضحني ، كنتَ هموتْ ، بسْ إمامَ الجامعِ الليِ هربني ، واترميتْ للشارعِ في الليلِ مش عارفةٍ أروحُ فينْ أوْ أجي منْ فينْ ، ثمَ استرسلتْ بسخريةٍ ، وفوقها حامل ، وأنا مشٌ فاهمةٍ إيهْ معنى حاملٍ ، كنتَ بأكل منْ بقايا الناسِ ، عشتُ أسوأُ أيامٍ حياتيٍ ، وكانَ هيحصلْ فيا كذا مرة ثانيةٍ ، لولا زيدانْ الليِ شالني منْ الليِ أنا فيهِ ، ووداني للميتمِ ، وهناكَ ولدتْ ، شوفتْ الموتُ بعيني قبلَ ما أشوفْ ابني ، والحمدُ للهِ عشتُ ، ابتسمتْ بعدَ أنْ نضرتْ إلى طفلها وقالتْ ” طبعا يوسفْ دا أحلى حاجةً عندي في الحياةِ هوَ الليُ نور حياتيٍ ونساني إلى عشتهُ ”

    استمعَ لها يوسفْ بكلِ حنانٍ وكمْ ألمهُ قلبهُ على ما تعرضتْ لهُ تلكَ الصغيرةِ ، وحدها لولا زيدانْ الآنِ باتَ يعلمُ أيَ قذارةٍ كانَ صديقهُ يتكلمُ عنها ، نضر لها بتأثرٍ وقالَ ” منْ حقكَ تسجنينهُ وتاخدي حقكَ ، الليُ عشيتهِ مش سهلٍ ” نفتْ برأسها قائلةً ” عايزة بسْ أعيشُ معَ ابني منْ غيرِ مشاكلَ ، أنا مشٌ قويةٍ لدرجةً أواجه جلالٌ ” نضرٌ لها بقوةٍ وقالَ ” هوَ ظلمكَ ولازمُ ياخدْ حسابهُ أنا مستعدٌ اسجنهُ أنتَ بسْ اديني موافقتكَ ، وأنا هجبلكْ حقكَ ” نضرةً لهُ مندهشةً قليلاً وقالتْ ” حتى لوْ هوَ صاحبكَ ” اومأءْ بجديةِ وقالَ ” حتى لوْ أبويا ، دا حقكَ ، وأنا مستحيلٌ أبقى معَ الظالمِ يا سناءْ ” ابتسمتْ قليلاً قبلَ أنْ تلاحظَ اقترابَ زيدانْ منهمْ ، كانتْ زمردٌ تقتربُ وهيَ تزفرُ بحنقِ وتمتمتْ بغيضٌ ” ما فيشْ غيرَ سناءْ الكلبِ تكون


    زفرَ يوسفْ مطولاً قبلَ أنْ يقولَ ” صاحبي جاويدْ هوَ الليُ اعتدى عليها زمانٌ ” قبلَ أنْ يكملَ اهتاجتْ زمرد وقالتْ بصوتِ عالي ” والحقيرَ دا فينْ ؟ ! ” تأففُ يوسفْ وقالَ بضجرٍ ” سبني أكملَ كلامي ” ثمَ استرسلَ نتكلمُ بالعقلِ والليِ يرضيكَ أنتَ وأختكَ أعملهُ ” امتغصتْ ملامحَ وجهها فزفرَ يوسفْ قبلَ أنْ يتكلمَ ” أنا عارفْ أنهُ صعبٌ عليكَ بسْ أنا ممكنٌ أساعدكمْ تسجنوهُ ، في تلكَ الأثناءِ كانَ أحدهمْ يتقدمُ منْ يوسفْ منْ الخلفِ قصدِ طعنةٍ بالسكينِ ، اتسعتْ حدقتاها بينما هوَ يتحدثُ ، وما أنْ كادَ يطعنهُ حتى دفعتْ يوسفْ بقوةٍ وتلقتْ الطعنةُ مكانهُ ، شهقتْ بقوةِ بعدَ أنْ اخترقَ داخلكَ السكينُ صدرها ، ما أنْ رأى دالكَ المجرمَ إصابتها حتى ركضٍ مبتعدٍ تاركا السكينَ ملتصقٌ بها ، حدقَ بها يوسفْ مصدوما ، ومندهشا ، امسكْ بجسدها قبلَ أنْ يسقطَ على الأرضِ ليسقطَ معهُ ويضعُ رأسها على صدرهِ فاتحا فاههْ منْ شدةِ الصدمةِ ، أغمضتْ عيونها تضعُ يدها على السكينِ تحاولُ نزعةَ وشهقاتِ ضيقِ تنفسها هيَ الشيءُ الوحيدُ المسموعُ ، تكلمَ يوسفْ بصعوبةِ بعدَ أنْ أبعدَ السكينُ عنْ صدرها ” أهدى يا زيدانْ ، هتبقىْ كويسْ ”

    لمْ تجدْ الطاقةُ لتجيبهُ لكنها كانتْ سعيدةً أنها بأحضانهِ ، شعرتْ بحنانهِ ودفئهِ لا يهمها أنْ تموتَ الآنَ ، كانَ يضغطُ على الجرحِ محاولاً إيقافَ النزيفِ ، تجمعُ الناسِ حولهمْ ، يتصلونَ بالشرطةِ والإسعافِ ، استدركَ نفسهُ وأفاقَ منْ صدمتهِ ، سطحها على الأرضِ وقالَ بثقةٍ ” أنا معاقكْ يا زيدانْ متخافشْ ” كانتْ زمردٌ قدْ بدأتْ تغيب معَ تلكَ الغيومِ السوداءِ التي راودتها ، فتحُ ملابسها بسرعةِ يبحثُ عنْ مكانِ الإصابةِ ، ضهرْ لهُ جسدها الفاتنِ ، مهلاً هدا ليسَ جسمُ ولدٍ بلْ فتاةً ، صعقٌ مما اكتشفهُ ودارتْ بهِ الأرضُ ، إلا أنَ صوتَ سناءْ التي خرجتْ منْ وسطِ مجموعةٍ منْ الناسِ الملتفينَ حولَ الحادثةِ كانَ بمثابةِ الصفعةِ التي تلقاها عندما صرختْ بصوتٍ عالٍ ” زمردٍ ” ، لمْ تقفْ على الكلمةِ بلْ جلستْ على الأرضِ تصرخُ بعدَ أنْ وجدتْ أختها وأنيستها بلا حياةٍ مستلقيةٍ على الأرضِ الباردةِ ، نضرةً إلى يوسفْ بترجي وقالتْ ” دي زمردٍ ، بنتُ عمكَ يا يوسفْ ، أرجوكُ ساعدها ” حدقَ بها غيرَ مستوعبٍ ومصدومٍ هلْ زيدانْ نفسهُ غزالة الضائعِ منْ تستلقي على الأرضِ نفسها زمردَ التي يبحتْ عنها ، دونُ شعورٌ وجدَ نفسهُ يهتفُ بخفتْ ” بلاشِ تسيبيني المرةُ دي يا غزالْ “


    يتبع......

    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



    تعليقات