القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شيخ في محراب قلبى الفصل الحادي وعشرون والثانى وعشرون بقلم رحمه نبيل

التنقل السريع

     



    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل الحادي وعشرون والثانى وعشرون بقلم رحمه نبيل 







    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل الحادي وعشرون والثانى وعشرون بقلم رحمه نبيل 


    21-22

    _ هفضل كتير مستنى ؟؟؟؟انطقوا فين ماسة ؟؟


    ارتعدت شيماء من حديث رشدي رغم نبرته التي كانت هادئة عكس عينه المشتعلة بغضب مخيف ...ركضت شيماء واختبأت في هادي الذي وقف امام رشدي يحاول تهدئته :


    _ أهدى بس يا رشدي زعيقك ده مش هيحل حاجة 


    جذب رشدي شعره بعين وغضب شديد وقد بدأت بنرته تعلو بغضب شديد :


    _ برضو هيقولي اهدى ....مش لما اتنيل اعرف هي فين يبقى وقتها اشوف أهدى ولا اتنيل على عين أهلي اتعصب


    نظر هادي لشيماء التي كانت ترتعد خوفا تفكر في كيفية الهروب من حصار أخيها فهو لو علم ما فعلته ماسة تقسم أنه سينزل المنزل على رؤوس الجميع ولن يتمكن أحد من تهدئته .


    ازدادت قتامة نظرات رشدي وهو يرمق شيماء بشر في انتظار أن تتحدث وتنهي هذا الصمت المقيت لكن ما أنهى الصمت لم يكن صوت شيماء بل كان صوت رنين هاتف رشدي ...والذي تجاهله مرارا وتكرارا حتى مل وأخرجه من جيب بنطاله ليرى رقم غريب 


    ضيق رشدي نظراته بتفكير وصوت داخله يخبره أن المتصل هذا ليس سوى بلاء رأسه الذي أوقع نفسه به بتسرع وبالفعل بمجرد أن فتح المكالمة حتى سمع صوت بكاء عنيف و صوت ماسة يعلو :


    _ رشدي الحقني انا اتقبض عليا .........


    _____________________


    _ هو ايه ده ؟؟؟


    ابتسم زكريا على ملامح فاطمة المصدومة لحديثه السابق ...ورغم أنها سمعته جيدا وهو متأكد من هذا إلا أنه اعاده مجددا على مسامعها، لكن هذه المرة بلين قليلا يحاول سبر اغوارها وتبين رأيها :


    _ بقولك عايز نعمل الفرح قريب ...انا شقتي جاهزة من فترة اساسا محتاجة بس شوية حاجات بسيطة وتكون ناقصة وجودك بس .


    شعرت فاطمة بجسدها ينكمش برعب وهي تتخيل نفسها تعيش معه في شقة بعيدا عن والدتها واحضانها ...حسنا هي بالفعل تقبلت وجود زكريا في حياتها، لكن ليس لهذه الدرجة هي لم تتعافى بعد لم تتقبل أمر أن تملك رجلا في حياتها ويتدخل في كل شيء وهو يرغب أن يتزوجوا ؟؟؟


    كان زكريا يتابع كل تعابير وجهها وكأنه سيُختبر بها وقد لمح اعتراضها بل رعبها من الفكرة لذا ابتلع ريقه يحاول الابتسام وهو يهز رأسه لها :


    _ ولا اقولك انا شايف نأجلها شوية ...


    نظرت له فاطمة بلهفة شديدة وهي تمنع زفرة راحة أن تخرج منها فهي للتو كانت تفكر في طريقة لرفض الأمر ...


    ابتسم زكريا بحنان وهو يهز رأسه لها متحدثا بصوت خافت قليلا :


    _ خلينا نتفق اتفاق ...


    نظرت له فاطمة بفضول شديد تنتظر إكمال حديثه لتفهم الأمر حتى تحدث زكريا بعدها بتفكير :


    _ بما إننا بدأنا من الاول خالص فهنبدأ صح يعني مثلا نبدأ نتعرف على بعض واحدة واحدة ومش هستعجلك لحاجة ابدا ممكن نخرج سوا ونتكلم سوا في التليفون زي الناس المخطوبة ايه رأيك ؟؟


    نظرت له فاطمة وهي لا تعلم ماذا تقول له وقد أزاح صخرة كبيرة كانت تجثم أعلى صدرها خانقة إياها...تحدثت ببسمة :


    _ هو إنت مثالي فعلا ولا انا متهيألي ؟؟؟


    صدم زكريا لثوانِ من حديثها لينفجر بعدها في الضحك وهو يردد من بينها بصعوبة :


    _ لا أنتِ اللي طيبة يا فاطمة ..


    هدأ زكريا من الضحك ثم تنفس ليهدأ ضربات قلبه مكملا حديثه :


    _ مفيش حد مثالي يا فاطمة اعرفي كده كويس ..الموضوع كله بيكون اجتهاد .


    لم تفهم فاطمة قصده بكلمته الأخيرة ليلتقط هو نظراتها تلك ثم اقترب منها وهو يمسك يدها بحنان متحدثا :


    _ يعني يا فاطمة كل الناس بتجتهد أنها تبين الحلو اللي جواها وتخفي الوحش عن الناس ....


    _ بس ده اسمه نفاق .


    ابتسم زكريا يشرح لها الأمر كما لو كان يفعل لأحد تلاميذه :


    _ النفاق هو إني اظهر مشاعر أو انصح بشيء عكس اللي جوايا ...يعني مثلا اقولك يا فاطمة الكدب حرام وانا اساسا بكدب ...أو اني افضل امدح في فعل معين وانا اساسا بخالف الفعل ده ....إنما الجهاد ده بيكون جهاد مع النفس يعني بجاهد نفسي أنها تحافظ على الحلو اللي جواها والوحش بخفيه واحاول امنعه .


    توقف عن الحديث ثم قال بعد صمت قصير :


    _ تخيلي إن كل انسان عنده جواه نص حلو ونص وحش ....وخبى الحلو وأظهر الوحش ....هنكون وقتها عايشين في غابة ..عشان كده المجاهد هو اللي يقدر يكبح النص الوحش جواه ويظهر الحلو للناس .


    كانت فاطمة تستمع لزكريا وهي تحاول موازنة كلماته ليكمل هو بحنان :


    سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ايه ؟؟؟


    نظرت له فاطمة بانتباه ليكمل هو :


    _  "أيها النَّاس، إنَّ بعض الطَّمع فَقْر، وإنَّ بعض اليأس غِنى، وإنَّكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجَّلون في دار غرور، كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْخَذون بالوحي، فمن أَسَرَّ شيئًا، أُخِذ بسريرته، ومن أعلن شيئًا، أُخِذ بعلانيته، فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر، فإنَّه مَنْ أَظْهَر شيئًا، وزعم أنَّ سريرته حسنة، لم نصدِّقه، ومن أَظْهَر لنا علانية حسنة، ظننَّا به حسنًا "


    رددت فاطمة تلك الجملة التي علقت بذهنها وهي تبتسم له :


    _فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر


    _ بالضبط كده ...ده بقى الجهاد واللي انا بحاول اعمله يعني انا مش مثالي ولا كامل أنا جوايا عيوب زي أي بني ادم تاني لكن يجاهد نفسي  .... إنما النفاق ده شيء تاني وموضوعه كبير يبقى اكلمك عنه في مرة تانية لأن شكل اللي بره خلصوا كلامهم .


    هزت فاطمة رأسها له وهي تنهض معه تتبعه للخارج وداخلها مائة سؤال وكلهم يدوروا حول ذلك الذي يتقدمها والذي بدأ يمهد مكانه الخاص بقلبها .


    __________________________


    كان رشدي يركض في ممرات مركز الشرطة وخلفه هادي يحاول أن يهدأه وهو يكاد يحرق المكان بالجميع :


    _ يارشدي اصبر بس نشوف ايه حصل !؟؟؟


    استدار رشدي لهادي يرمقه بشر متحدثا :


    _ اصبر ايه انت اهبل ؟؟؟ مراتي تتصل بيا بتعيط وتقولي أنها مقبوض عليها وعايزني أهدى ؟؟ امال اتعصب امتى لما الاتوبيس يفوتني ؟؟؟


    أنهى حديثه وهو يتوقف أمام أحد مكاتب المركز ثم تنفس قليلا ليهدأ نفسه وبعدها أخرج بطاقته العسكري يطلب منه إذن الدخول :


    _ لو سمحت بلغ الباشا اني حابب أقابله .


    نظر العسكري في البطاقة التي تقبع بيده ثم أدى التحية لرشدي وبعدها دخل للغرفة وغاب بها لدقيقة تقريبا كان رشدي يحرق فيها هادي الذي ما زال يحاول تهدئته حتى عاد العسكري وهو يخبره أن يدخل ....


    تحرك رشدي ودخل للمكتب سريعا يتبعه هادي وبمجرد دخوله نهض ذلك الذي يتوسط المكتب وهو يبتسم لرشدي مادا يده له :


    _ رشدي باشا نورت القسم كله ...


    صافحه رشدي وهو يبتسم له بسمة صغيرة رسمها بصعوبة....


    أشار له الضابط بالجلوس هو وهادي ثم تحدث ببسمة عملية :


    _ تحب تشرب ايه !؟؟


    كاد هادي يتحدث مخبرا إياه أنه يريد كوب عصير مثلج عله يرطب حلقه الذي جف من كثره حديثه مع ذلك الرشدي الغبي لكن توفقت الكلمات على باب فمه بسبب  رشدي الذي أشار بيده رافضا أي شيء مما جعل هادي ينظر له بغضب شديد وهو يكاد ينهض وينقض  عليه   ...


    _ انا مش جاي اتضايف يا جمال باشا انا بس كنت جاي عشان فيه حد تبعي موجود هنا ..


    _ حد تبعك !؟؟ بيشتغل هنا يعني ولا ....


    _ مقبوض عليه .


    فهم جمال ما يجري هنا ليعود بظهره للخلف وهو يحاول التذكر كل المعلومات التي وصلته اليوم ومن تم القبض عليهم، لكن كان رأسه فارغا :


    _ مين ده اللي تبعك وانقبض عليه ؟؟؟


    ابتسم رشدي بسمة مغتاظة غاضبة :


    _ مراتي .....


    ___________________


    _ بثينة أنتِ معايا ؟؟؟؟


    زفرت بثينة بضيق وهي تبعد المجلة من يدها أثناء تسطحها على فراشها وهي تستمع لندب شيماء المتواصل منذ ساعات ترثي حالة ابنة خالتها وحالتها أيضا بعدما يعود أخيها ...


    _ معاكِ يا شيماء ....اعمل ايه يعني ؟؟؟ ماسة غلطت وخليها تتربى .


    رمتها شيماء بنظرة حانقة وهي تقترب منها متحدثة بعدم فهم :


    _ هو أنتِ ليه مش بتطيقي ماسة ؟؟؟


    رفعت بثينة عينها في وجه شيماء ببرود ثم تحدثت وكأن لا شيء بها وهناك لمحة برود تمر في عينها :


    _ ولا حاجة بس بنت خالتك هزارها تقيل شوية وانا مش بحب الناس اللي من النوع ده .


    لم تكد شيماء تفتح فمها بكلمة حتى قاطعها صوت رنين هاتف بثينة التي رمقته بنظرات مغتاظة ولم تجب بل ألقته بعيدا عنها وكأنه يحمل وباءا قاتلا متجاهلة رنينه المتواصل مما أزعج شيماء بشدة :


    _ ما تردي يا بثينة بدل الدوشة دي ....


    نظرت بثينة للهاتف مجددا ثم قلبت عينها وهي تهز رأسها بعدم اهتمام :


    _ فكك منه وخلينا معاكِ هتعملي ايه ؟؟؟


    نظرت لها شيماء قليلا بشك وهي تدرك جيدا أن بثينة تحاول تشتيت انتباهها عن المكالمة :


    _ هعمل ايه يعني؟؟ اول ما يرجعوا هستخبى في هادي وهو يتصرف مع رشدي مش هو جوزي برضو وواجب عليه يحميني ؟؟؟


    ابتسمت بثينة بسمة بلاستيكية جاهدت من خلالها في التحكم بنفسها وهي تتحدث بغيظ شديد :


    _ اها فعلا واجب برضو و....


    قاطعها رنين هاتفها مجددا وهي تزفر بضيق لتندفع له شيماء تحمله بسرعة ملقية إياه جوار بثينة وهي تغادر الغرفة حتى تترك له مساحة للخصوصية :


    _ ردي أنتِ وانا هرجع البيت قبل ما رشدي يرجع لاحسن يطين عيشتي .


    انهت شيماء حديثها وهي تخرج سريعا تاركة بثينة تكاد تحترق من ذلك البلاء الذي القي على رأسها ...فتحت المكالمة وهي تصرخ في المتصل :


    _ فيه ايه رن رن رن قرفتني ...عايز ايه ؟؟؟


    _ انزليلي تحت عشان عايزك ولو منزلتيش خلال خمس دقايق هروح استنى هادي يرجع ووقتها هتيجي بس صدقيني هتندمي اوي ......


    _____________________


    صعد الثلاثة للتاكسي بصمت كبير خوفا من انفلات غضب رشدي فيهما ...جلس هادي جوار السائق بينما جلس رشدي وماسة في الخلف ...


    كان رشدي ينظر للامام بشر وكأنه يحدق في عدو خفي بينما كان هادي يتحسر على شباب ماسة في الامام ...


    لكن ماسة ليست بتلك التي تصمت بسهولة لذا مسحت دموعها بهدوء شديد وهي تهتف بصوت خافت :


    _ رشدي ....


    لكن لم يصلها اي رد من رشدي بل كل ما صدر منه هو تلك البسمة المخيفة التي تخرج فقط في اقصى مراحل غضبه ....لتعيد ماسة همستها لكن بصوت اعلى قليلا :


    _ رشدي ...


    انتفضت فزعة وهي ترى استداره رشدي لها بشكل مفاجئ مخيف صارخا في وجهها محاولا التحكم في غضبه :


    _ نعم عايزة ايه من زفت ؟؟؟ 


    ابتلعت ماسة ريقها بخوف وهي تردد :


    _ مالك متعصب كده ليه ؟؟؟


    نظر رشدي لهادي وهو يردد بحنق شديد :


    _ ما شاء الله طلعتم نفس الغباء ...


    استدار مجددا لماسة وهو يكمل حديثه بغضب شديد :


    _ يعني أنتِ شايفة اللي عملتيه عادي؟؟؟ وميعصبش ؟؟؟ها انطقي .


    _ انا عملت ايه بس !؟؟؟


    فتح رشدي فمه باتساع كبير وهو يشير لها بعدم تصديق مرددا بصدمة :


    _ عملتي ايه !!؟؟؟ هي البعيدة هبلة وأنا معرفش !؟؟ بعد كل اللي حصل ده بتقولي عملتي ايه ؟؟؟


    لوى هادي فمه يمنه ويسار بتهكم شديد وهو ينظر لهم في المرآة :


    _ عيني على شبابك يا بنتي ....


    ابتسم رشدي بعدم تصديق :


    _ مش هرد عليكِ لما نرجع البيت وقتها يبقى اقولك عملتي ايه لاني متعودتش اني اتكلم في خصوصياتي برة البيت ....


    صمت بغيظ شديد ثم نظر من النافذة بغضب شديد يردد بحنق :


    _ قال و الاستاذة منهارة وعمالة تعيط وتقولي الحقني اتقبض عليا وانا زي الأهبل جريت مفزوع وقولت بس البت اتمسكت أمن دولة وبتتعذب ومش بعيد يكونوا بيكهربوها وتطلع في الاخر..... خناقة والاستاذ ماسكة اربع بنات وكلاهم علقة موت القادرة .


    أنهى حديثه بسخرية شديدة يرمق ماسة التي لوت فمها بحنق وكأن حديثه لا يعجبها ليكمل رشدي بسخرية :


    _ وانا بقى جاي وعمال اجمع ارقام ناس مهمة عشان يتوسطوا ويخرجوكِ وكنت هتصل بمحامي يجي يخرجك بكفالة .


    رفع هادي حاجبه باستهزاء وهو ينظر له في المرآة الأمامية يتمتم بحنق :


    _ ده على اساس إنك كنت واخد كوافير حريمي معاك ؟؟؟


    _ والله يعني انت كنت هتعمل ايه بقى يا استاذ لو طلعت جناية كبيرة  ؟؟؟


    ابتسم هادي وهو يتحدث بجدية مضحكة :


    _ كنت هكلم صاحبي هو محامي وبيفهم في شغل المحاميين ده وكان هيخرجها زي الشعرة من العجينة.


    هز رشدي بيأس وهو يهبط من السيارة بعدما توقفت ثم اغلق الباب خلفه بغضب شديد مشيرا لماسة بالخروج وهو يرى الشياطين تتراقص أمام عينيه ...


    في ذلك الوقت كانت شيماء تهبط من بناية بثينة وهي تدعو ربها أن ينتهي هذا الأمر على الخير لكن أثناء ذلك انتبهت لرشدي الذي يقف أمام سيارة أجرة وجواره هادي الذي يهمس له ببعض الكلمات من بعيد كانت ماسة التي تقريبا اقتربت من البناية هربا من رشدي الذي انتبه فجأة لاختفائها ولولا ما بداخله لكان لحق بها الآن......


    تحركت شيماء بحركات سريعا صوب منزلها وهي تحاول ألا تنظر جهة رشدي الذي ابتسم بسخرية متمتما :


    _ ماشي هتروحوا مني فين ...


    أثناء ذلك كان زكريا يهبط من البناية الخاصة لهادي رفقة والده ووالدته ...


    _ خلاص يا لؤي بلاش تزعل هروح اجبلك و....


    توقف زكريا عن الحديث وهو يرى رشدي الذي يكاد يحترق وسط الطريق جواره هادي لذا استأذن سريعا من والديه واتجه لهما بتعجب شديد .....


    _ رشدي فيه ايه ؟؟؟؟


    ___________________


    دخلت ماسة سريعا للمنزل ثم اتجهت بسرعة صوب غرفتها وكأن هناك شبحا يلاحقها وخلفها شيماء التي لحقت بها وأغلقت الباب سريعا صارخة في وجهها :


    _ استريحتي كده يعني ؟؟؟ مش قولتلك بلاش ام المؤتمر الشوم ده اللي عمرك ما روحتيه ورجعتي سليمة ...اول مرة رجعتي مكسورة وتاني مرة عملتِ مشكلة كبيرة ...واهو تالت مرة ماشاء الله قضيتِ كام ساعة لطاف في السجن ...


    ألقت ماسة حقيبتها على الفراش وهي ترتمي خلفها بتعب شديد هامسة بحنق شديد :


    _ شيماء ابوس ايدك انا مش ناقصة كفاية التحقيق اللي هيجي رشدي يعمله عشان يعرف انا ايه اللي وصلني للقسم ؟؟؟


    نظرت لها شيماء قليلا لا تفهم حديثها حتى فجأة فتحت عينها وفمها بصدمة :


    _ لا استني كده عشان مش مترجمة ....يعني كل العصبية اللي في رشدي دي كلها وهو لسه ميعرفش إنك مروحتيش المؤتمر ؟؟؟


    هزت ماسة رأسها وهي تضحك بشكل غبي :


    _ هو يا دوبك جه لقاني ضاربة كام بنت بلاستيك كده فخرجني بالعافية بعد ما أثبت أنهم اللي تعدوا عليا الاول ومن وقتها وهو عمال ياكل في نفسه ولسه ميعرفش اللي حصل بالضبط والصراحة يا ريت ميعرفش .


    اخذت شيماء تحرك شفتيها بحسرة وهي ترمي نفسها جوار ماسة على الفراش هامسة :


    _ ده انا وانتِ مش هنشوف الشارع ده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها......


    ___________________


    كان الثلاثة يجلسون على سطح بناية هادي و الصمت هو سيد الموقف والجو يخلو من أي اصوات سوى صوت الرياح التي أرادت تخفيف حدة الأجواء بهزيرها اللطيف ....


    استمر الصمت حتى قطعه صوت هادي الذي تلون بغضب مخيف :


    _ اه يا ابن الـــــ......


    تجاهل رشدي السبة النابية التي خرجت للتو من فم هادي ليوجه حديثه صوب زكريا الذي كان ينظر ارضا بشرود بينما عينه تحكي قصة أخرى :


    _ رد عليا يا زكريا هو ده سبب عصبيتك من مصطفى ؟؟؟ هو عمل كدة في فاطمة ولا ايه ؟؟؟


    كان رشدي يقصد بحديثه أنه كان يهددها بصور أو غيرها فهو يعلم مصطفى جيدا يستطيع الحصول على كل ما يرغب به من أي هاتف بسبب قدرته الكبيرة على التهكير يكفي فقط أن يحصل على الرقم ليمتلك بعدها كل ما يخص صاحب الرقم من معلومات .


    رفع زكريا عينه والتي كانت خالية من أي تعابير بشكل غريب يرمق رفيقيه ثم هز رأسه بحركة غير مفهومة :


    _ تقدر تقول حاجة زي كده ....


    بالطبع هو لن يفضي هذا السر ولو على رقبته فليس هو من يظهر سر يخص شرفه وزوجته حتى لو كان لأقرب شخصين له ...


    _ انا هقوم دلوقتي اروح اجيبه من قفاه وانزل فيه ضرب لأن مفيش حاجة هتهديني غير كده ...


    كاد هادي ينهض بغضب شديد عقب كلماته تلك ليمسكه رشدي وهو ينظر له بحدة :


    _ انت نسيت هو مين ولا ايه يا هادي ؟؟؟ الاستاذ ظابط يا حبيبي يعني تهجمك عليه بقضية وابقى وريني صاحبك اللي بينهم في حاجات المحاميين ده هيخرجك ازاي منها  ....


    _ يعني اسيبه ماشي يلطش في أي حاجة مؤنثة قدامه ؟؟؟


    _ لا طبعا بس كله بالعقل يا هادي يا حبيبي مش بالعضلات ...


    كان هذا صوت زكريا الذي خرج بعد صمت طويل منبئا إياهم أن القادم لن يكون هينا ابدا .....


    ___________________


    _ مش فاهمة يعني هو كده رشدي مش هيطولكم ؟؟؟؟


    زفرت ماسة وهي تزيح فاطمة قليلا من على فراشها :


    _ ايوة لغاية ما يهدى بس وبعدين يبقى نرجع ولا أنتِ مش هتستحملينا خمس ست سنين على ما يهدى ؟؟؟


    فتحت فاطمة فمها ببلاهة :


    _ خمس ست سنين ؟؟؟


    _ ده يا دوبك ...ندعي بس ميكونش اكتر من كده عشان عصبية رشدي بتطول شوية 


    تحدثت شيماء وهي تتوسط الأريكة في غرفة فاطمة بعدما طردن منار شر طردة من الغرفة واحتلوها هي وماسة هروبا من غضب رشدي والذي يقبع على بُعد طابق واحد منهما :


    _ انا مش فاهمة انتِ ليكِ عين تهزري كمان ؟؟؟ أنتِ يابت بجحة ؟؟؟ مش عارفة عملتي ايه يعني ؟؟؟


    تحدثت ماسة بعدم اهتمام وهي تغمض عينها براحة غريبة :


    _ مش فاهمة أنتِ ليه مكبرة الموضوع كده ؟؟؟ فرضا يعني رشدي لقانا هيعمل ايه ؟؟؟هيقتلنا ؟؟؟ لا طبعا آخرها كام تهزيقة على كام فازة هيتكسروا وخلاص خلصنا .


    همسات فاطمة وهي تتخيل الأمر :


    _ يا ربي شكل رشدي عصبي اوي ...


    _ اوي اوي اوي اوي اوي بصي اوي لغاية بكرة كده ..


    كانت هذه ماسة التي تتحدث ببساطة شديدة ليس وكأن من تتحدث عنه زوجها ...


    خافت فاطمة بشدة وهي تتحدث لماسة بشفقة :


    _ وانتِ مستحملة ده ازاي يابنتي ؟؟؟ الراجل العصبي مش حلو ابدا ده ممكن في مرة يتعصب ويضربك .


    انتفضت شيماء تجلس على الأريكة تدافع عن أخيها :


    _ هو عصبي مش قليل رجولة ...فيه فرق .....رشدي عصبيته بتطلع على كل اللي حواليه ماعدا الانسان يعني يكسر فازة ..يكسر ترابيزة يكسر كرسي يزعق ويلعن ويشتم لكن عمره ما مد ايده على بنت اللهم وإلا لو غلطتها كانت كبيرة وقتها يكفي قلم واحد عشان تفقد الاحساس بجميع حواسها.


    فتحت فاطمة فمها ببلاهة شديدة تتخيل الأمر لتكمل شيماء وهي تبتسم لها :


    _ هما التلاتة كده اساسا يطلعوا على مفيش بس قلبهم كلهم زي البفتة والله .


    لم تهتم فاطمة بأى شيء في جملة شيماء سوى بجزء " هما التلاتة كده اساسا " ابتلعت ريقها وهي تفكر في زكريا ...هل يغضب بهذا الشكل فهي لا تتذكر رؤية غضبه سابقا ...كانت فاطمة تفكر دون أن تدرك أنها تتحدث بصوت عالي :


    _ وزكريا ؟؟؟


    انتبهت لها ماسة وهي تبتسم بسخرية مرددة دون أن تعي ما تقوله :


    _ إذا كان هادي بيتعصب قيراط ورشدي قيراطين فجوزك يا روحي بيتعصب ٢٤ قيراط وربنا ما يوريكِ عصبية زكريا .


    اعتلدت شيماء في جلستها وهي تتذكر أحد المواقف النادرة لغضب زكريا :


    _ يا ستير ياربي ده مرعب ...صحيح اتقي شر الحليم اذا غضب ....ده اخر مرة اتعصب كان صوته بيهز البيوت في الحارة وكانت عيونه حمر ولا كأنه هيرتكب جريمة .


    ابتلعت فاطمة ريقها وهي تتساءل بخوف :


    _ وايه اللي عصبه بالشكل ده ؟؟؟


    نظرت كلا من ماسة وشيماء لبعضهما البعض جنى تحدثت ماسة :


    _ كان فيه شيخ في الحارة قبل كده وكان معروف بتشدده ودايما يعمل مشاكل مع اللي رايح واللي جاي وقتها كان الشباب لسه طلاب في الجامعة عادي والشيخ ده أمام في المسجد المهم يعني الشيخ ده عنده بنت كانت من سن الشباب ومعاهم في الجامعة وحصل إنه عرف بطريقة أنها مصاحبة واحد وبتمشي معاه وقتها راح الجامعة جرجرها قدام كل صحابها بشكل بشع وكان وقتها الشباب هناك ...


    صمتت ماسة تتذكر ذلك اليوم والذي شهدت فيه الحارة عن ابشع ما يمكن أن يراه شخص ....أكملت بعد صمت قليل :


    _ وقتها رجع الحارة وهو بيجرها من شعرها قدام الكل ويصرخ فيها إنه هيغسل عاره بايده وأنها اكيد غلطت مع الشاب ده ورماها في الأرض قدام الكل ونزل فيها ضرب ومحدش قدر يتحرك من المنظر لولا زكريا ......


    صمتت ماسة تراقب ملامح فاطمة المفزوعة تتخيل نفسها محل تلك الفتاة اوليس هذا ما حدث معها بالتحديد حينما جرتها عمتها لمنتصف المنزل في قريتهم الصغيرة صارخة في الجميع أنها جلبت العار لهم وعليهم التخلص منها ...


    أغمضت عينها تحاول طرد تلك الذكريات خارج رأسها لكن أبى عقلها إلا أن يذكرها بكل أحزانها 


    " بنتك حطت راسك في الطين وريني بقى عارفه وشك في الناس ازاي يا مرسي ؟؟"


    " قولتلك ادفنها واخلص منها محدش هيفكر أنها انجبرت على كده وهيفضلوا يحللوا اشمعنا هي وليه هي بذات اكيد هي عطتهم وش عشان يتمادوا "


    " هتفضلي طول عمرك نقطة سودة في عيلتنا والنقطة دي عمرها ما هتتمحي غير بموتك " 


    خرجت فاطمة من شرودها وهي تستمع لباقي كلمات ماسة التي لم تنتبه لحالة فاطمة :


    _ وقتها رجالة كتير حاولت تسحب البنت من تحت ايده وهو حالف ليقتلها قدام الكل لحد ما زكريا والشباب رجعوا جري من الجامعة وحاولوا يساعدوا البنت لكن الراجل رفض يعتقها وهو بيقول أنه هيغسل عاره بايده....وقتها عفاريت زكريا كلها خرجت على الراجل وصوته هز المنطقة كلها وهو بيزقه ويبعده عن البنت ويقوله شرع ايه ده يا خرفان اللي يخليك تعمل كل ده ؟؟؟ هو الشرع امرك بكده ؟؟؟ الشرع قالك تمرمط بنتك كده ؟؟؟ وتمرمط شرفك كده قدام الكل ؟؟؟؟


    أكملت شيماء تتذكر ما حدث وقتها :


    _ وقتها زكريا محدش قدر يمسكه ولأول مرة كان هيمد ايده على حد اكبر منه وهو بيصرخ زي المجنون في الراجل بعد ما الراجل قعد يرد عليه بكلام ويحشر الدين فيه .....


    _ كان مرعب والله وعمري ما شوفت ولا هشوف منظر بالشكل ده اليوم ده عدا علينا كأنه جحيم والحمدلله وقتها هادي اتصرف واتصل بالبوليس وإلا كان الموضوع انتهى بأن واحد فيهم ميت ..


    انهت ماسة حديثها ولم تنتبه لحالة فاطمة التي انفصلت عن الواقع تماما وهي تتذكر كل ما حدث معها وما تعرضت له على يد عمتها ونساء العائلة وتخاذل والدها وقهر والدتها التي لم تتمكن من فعل شيء...


     وقتها لم تملك زكريا ولم يكن هناك من يدافع عنها ...هي حتى في ذلك الوقت أيقنت أنها المجرمة من كثرة تكرير ذلك اللقب على مسامعها والجميع يرميها بتلك التهمة بدعوى أنها هي من اغرتهم أو أنها هي من مهدت لهم الطريق فإن لم يكن كذلك لما هي بالتحديد من بين جميع بنات القرية من يتم معها هذا الأمر ؟؟؟؟


    فزعت كلا من ماسة وشيماء لحالة فاطمة التي أخذ جسدها يرتعش ودموعها تهبط بشدة تتمتم بكلمات خافتة لا تصل لمسامع أيا من ماسة أو شيماء ......


    ___________________


    _ انت اتجننت؟؟؟جاي تهددني عند بيتي ؟؟؟


    _ طب اهددك بعيد عن بيتك عادي  ؟؟؟


    صدمت بثينة من رد ذلك الوقح الذي أصر أن تهبط له عند سيارته ليظل يلقي على مسامعها تهديدات حمقاء .


    انتبهت بثينة لصوت فرانسو يعلو مجددا بشر :


    _ اسمعي يا بثينة عشان اخر مرة هحذرك ...الواد اللي أنتِ متفقة معاه ده عشان موضوع ماسة لو مبعدتيش عنه هتصرف وقتها تصرف مش هيعجبك سامعة .


    توترت بثينة بشدة لمعرفتها أنه ما يزال يراقبها وعلم مقابلتها الأخيرة مع ذلك المصطفى الأحمق :


    _ هو الاستاذ لسه مرفعش المراقبة عني ولا ايه ؟؟؟ 


    _ اللي زيك يا بثينة ميتأمنش ليه ....


    ضحكت بثينة ضحكة قصيرة تخفي خلفها رعبها من تهديد فرانسو، لكن رغم ذلك وقفت تدعي القوة والوقاية أمامه وهي تجيبه :


    _ من الاخر قول عايز ايه ؟؟؟


    ابتسم لها فرانسو وهو يقترب منها بشر هامسا :


    _ مصطفى ده تنسيه خالص سامعة ؟؟؟


    لم تبدي بثينة أي ردة فعل على حديثه ليكمل هو بنبرة هادئة وكأنه يلقي على مسامعها أحوال الطقس :


    _ هادي هيجي يقولك على معاد كتب الكتاب اتمنى وقتها ميصدرش منك اي اعتراض عشان مزعلش ماشي ؟؟؟


    رمقته بثينة بنبرة مميتة وهي تتوعد له بالويل .......


    ________________


    كانت ماسة تحاول تهدئة فاموة التي أخذت تبكي وتصرخ بكلمات غير مفهومة وهي حتى لا تعلم السبب فهم كانوا بخير حال منذ قليل ...


    تحدثت شيماء وهي تكاد تبكي رعبا على فاطمة :


    _ يمكن خافت من كلامك وفكرت إن ممكن زكريا يضربها ؟؟؟


    _ لو كلامك صح مش هتنهار بالشكل البشع ده ....اجري كلمي اي حد يجي يلحقها كلمي زكريا ونادي لامها ...


    تحدثت شيماء بخوف شديد وهي تحمل هاتفها :


    _ حاضر حاضر ...


    _______________


    _ زكريا إنت برضو مش حابب تقولنا سبب كل اللي بتعمله ؟؟؟ اصل غضبك الكبير ده مقلقني اوي .


    كان هذا صوت رشدي بعدما استمع لما ينوي عليه زكريا متعجبا من ذلك الشر الذي يسكن صديقه الهادىء المبتسم والحنون.


    زفر زكريا وهو ينهض متجها صوب رشدي ينظر في عينه متحدثا بثقة كبيرة :


    _ رشدي انتم لو معملتوش اللي قولت عليه ...هعمل انا، بس لوحدي سامع ويحصل اللي يحصل .


    نظر هادي لرشدي يشير له بعينه أن يوافق الآن لحالة زكريا مخيفة ...قاطع تلك الأجواء رنين هاتف رشدي والذي وجد المتصل أخته ...


    زفر رشدي بغيظ شديد ثم تجاهل الأمر فهو مازال غاضبا منها وبشدة وربما هي تتصل به للإعتذار وهو حقا لا قبل له الآن بالتحدث في هذا الأمر يكفيه جنون رفيقه ...


    توقف هاتف رشدي عن الرنين ليتحدث هادي بمرح محاولا كسر تلك الأجواء :


    _ طبعا لما يقع في ايدينا مش هتنسوا هادي حبيبكم .


    لم يفهم أيا من زكريا أو رشدي حديث هادي ليوضح لهم :


    _ قصدي يعني إن الواد ده ليا فيه زي ما ليكم فيه متنسوش إنه كان بيفكر في شيماء و....


    توقف هادي عن الحديث ليلمح اللقب الذي يطلقه على شيماء على هاتفه...ارتسمت بسمة واسعة على فم هادي وهو يحمل هاتفه مجيبا بحنان :


    _ حبيبي ....


    رفع رشدي حاجبه بحنق شديد وهو يكاد ينهض ضاربا إياه بوجهه فهو لم يغفل عن ذلك الاسم الغبي الذي يطلقه على أخته لكن توقف رشدي عن حركته وانتبهت حواس زكريا جيدا لذلك الاسم الذي خرج من فم رفيقه :


    _ فاطمة ؟؟؟ مالها فاطمة ؟؟؟ اه اه زكريا معايا..... طب فهميني فيه ايه بطلي عياط واتكلمي براحة ..


    هنا ويكفي لم ينتظر زكريا ثانية أخرى وهو يركض للاسفل سريعا حتى كاد يسقط على الدرج أكثر من مرة وهناك مئات السيناريوهات تدور في رأسه وكلها توصله للجنون ....


    وصل زكريا واخيرا لمنزل فاطمة ليدق الباب بعنف شديد وهو يقرع الجرس في نفس الوقت ...


    فزعت منيرة في الداخل وهي كانت ما تزال تجلس على سجادة الصلاة الخاصة بها بعدما فرغت من الصلاة لتسمع لذلك الطرق المرعب على الباب لذا نهضت سريعا تخرج من غرفتها التي تقع في اخر المنزل وأثناء سيرها للباب التقطت مسامعها صوت بكاء ونشيج من جهة غرفة ابنتها لتضرب صدرها برعب وقد نست أمر ذلك الذي يكاد يكسر الباب على رؤوسهن وتتجه صوب غرفة ابنتها ...بينما نحمده خرجت من غرفتها مفزوعة تراقب الأمور من بعيد دون التدخل حتى 


    كان زكريا يطرق الباب بخوف شديد وخلفه كلا من هادي ورشدي يحاولون تهدئته ليتحدث هادي وهو يمسك زكريا يمنعه من تكسير الباب :


    _ يابني أهدى شيماء بتقولي إن هي مرة واحدة عيطت يمكن مخنوقة ولا حاجة يخربيت جنونك أهدى ...


    لم ينجح هادي في تهدئة زكريا وكيف ذلك وهو أكثر العالمين بما تمر به ومتأكد تماما أن سبب بكائها ذلك ليس كما يقول هادي بل ربما تعرضت لتلك الحالة مجددا أو تذكرت شيء أو الاسوء ربما تواصل مصطفى معها بشكل من الأشكال ...عند هذه الخاطرة جن جنونه وهو يزيد من عنف طرقاته صارخا :


    _ حد يفتح الباب اخلصوا .....يا فاطمة ....فاطمة انا هنا متخافيش ...


    ركضت ماسة سريعا صوب الباب الخارجي للمنزل وهي تحاول التمساك وعدم الانهيار لما تتعرض له فاطمة التي تبكي وتصرخ في أحضانه والدتها متمتمة بكلمات وحديث غير مفهوم ...


    فتحت ماسة الباب سريعا ليندفع زكريا كما القذيفة دون شعور منه صارخا باسم فاطمة...


    دخل رشدي سريعا وهو يسأل ماسة عما حدث لفاطمة لتجيب وهي تبكي :


    _ معرفش والله ما عرف احنا كنا بنتكلم سوا ومرة واحدة لقيتها بتترعش وتعيط وبعدين بدأت تصرخ وتقول معملتش حاجة وانا مش فاهمة .


    ضمها رشدي يحاول تهدئتها وقد بدى أنها انتظرت مجيئة لتنهار بينما هادي كان يقف بقلة حيلة فلا هو يمكنه مساعدة رفيقه والدخول خلفه وقد تكون زوجته في وضع لا ينبغي عليه رؤيته ولا هو يمكنه التصرف وحده فهو حتى لا يعلم مصابها....


    دخل زكريا للغرفة بلهفة شديدة ليصعق من مظهر فاطمة وهي تبكي وتصرخ في أحضان والدتها تلك الحالة التي يراها بها اول مرة ....فهي حتى عندما كانت تدخل في حالة الانهيار المعروفة بها كانت لا تستطيع وقتها التحدث أو الصراخ بل يتصنم جسدها دون أي حركة والان هي في هذه الحالة وهو حتى لا يعلم سببها ......


    اتجه زكريا لفاطمة بأرجل واهية يحاول إخراج كلماته دون جدوى ...ثواني حتى تمكن من الحديث وهو يتحدث ببسمة مهتزة مرتجفة :


    _ فاطمة ....حصل ايه ؟؟؟


    نظرت له منيرة بترجي :


    _ معرفش يابني والله انا كنت بصلي ومرة واحدة سمعت صوتها معرفش حصل ايه ؟؟؟؟؟؟


    اقترب زكريا من فاطمة أكثر وجذبها من أحضان منيرة لاحضانه وهو يتلو عليها بعض الأيات مرجحا غضبها وصراخها ذلك لسوء نفسيتها في الفترة الأخيرة خاصة بعد رؤيتها لمصطفى مجددا .


    تحركت منيرة ببطء من جانب الاثنين وخرجت بهدوء شديد ثم أغلقت الباب عليهما داعية الله أن يكون زكريا سببا في هدوئها وتوقفها عن الصراخ بهذا الشكل المرعب...


    ركضت ماسة لمنيرة سريعا وهي تسألها عن سبب ما حدث لفاطمة :


    _ هي فاطمة حصل ليها كده ليه يا خالتي ؟؟؟ هي بتشتكي من حاجة أو الفترة الأخيرة كانت مريضة ولا حاجة !؟؟؟


    تحركت منيرة وجلست على أحدي الارائك وهي تبكي دون كلمة واحدة وماذا تقول في حالتها تلك هل تستطيع الكلمات أن تعبر عما يسكن داخلها ؟؟؟؟؟ 


    ___________________


    في الداخل كان يضمها وهو يشعر وكأن قلبه يكاد يخرج كمدا على حبيبته يتسائل عن سبب وصولها لتلك المرحلة وهو من تركها سعيدة مبتسمة ..


    نظر لها ليجدها صمتت من بكاءها سوى من بعض الشهقات التي تخرج كل فنية وأخرى وهي تزداد في ضمه كثيرا متحدثه بهمس خوفا أن يسمعها أحد :


    _ انا مكانش عندي حد يا زكريا مكنش عندي حد ....


    لم يفهم زكريا حديثها ورغم ذلك شعر بقلب ينقبض بوجع لنبرتها هامسا لها :


    _ مش فاهم قصدك ايه يا فاطمة وضحي ....


    رفعت فاطمة وجهها من على صدرة وهمست له بأعين محتقنة بالدماء من كثرة بكاءها :


    _ عمر ما كان ليا حد يدافع عني ولا كان فيه حد يقف جنبي ويقولهم اني مليش ذنب ...دائما كنت لوحدي حتى ماما كانوا بيمنعوها عني بالعافية ...


    _ شايف إنك نسيتِ ربنا في الحسبة دي يا فاطمة .....ربك اللي دايما معاكِ وجنبك ربك اللي اقرب ليكِ من كل الناس .


    نظرت له فاطمة قليلا قبل أن تنفجر في البكاء وهي تهتف بوجع شديد :


    _ انا وحشة اوي اوي يا زكريا عمري في حياتي ما اديت واجابات ربنا عليا انا ...انا ...


    أوقفها زكريا وهو يرى الصراع الذي يدور داخلها والذي كان واضحا تماما على وجهها :


    _ انتِ تائبة يا فاطمة يكفي إنك تعرفي تقصيرك فين وتصلحيه وربك غفور ولو تحبي نبدأ سوا من الاول أنا معنديش مانع .


    نظرت له فاطمة بعدم فهم ليبتسم هو ويبعد شعرها عن وجهها هامسا بحب :


    _ ما رأي غاليتي بأن نعيد دروس التحفيظ مجددا ؟؟؟ وايضا نجلس سويا نتحدث باستفاضة فيما تريده ؟؟؟


    نظرت له فاطمة لثواني لم تفهم قصده حتى لمع مقصده فجأة في رأسها لتبتسم بسمة متسعة وهي تهز رأسها بلهفة شديد وبسرعة توافقه فهي لن ترفض تلك الفرصة الذهبية للتقرب من الله وايضا للبقاء جواره ....حصنها الآمن وحضنها الدافء ...


    ابتسم لها زكريا وهو يقبل رأسها بحنان شديد هامسا :


    _ ‏أنتِ الجزء اللطيف الذي ألتجئ إليه كلما أتعبنى العالم، لذا اعتني بنفسك لأجلي غاليتي .............


    __________________________


    "الّصمتُ أيضًا لَهُ صوت، لكنّه بحاجه إلى روحٍ تفهمه".


    دمتم سالمين

    شيخ_في_محراب_قلبي

    الثاني_والعشرين


    ‏"عسى أن تجد ما تحبه تمامًا كما تمنيته، أن تأتيك المسرَّات من حيث لا تحتسب، عسى أن تُجاب دعواتك إلى درجة تعجبك، أن تتفتح لك أبواب الخيرات جميعها في سيرك، عسى أن تطمئن كثيرًا حتى لا تخشى أي شيء، وأن يفاجئك القدر بما تهوى كما يرضاه الله إليك، وأن يمتلئ فؤادك بالفرحة التي لا يعكِّر صفوها أي شيء"


    صلوا على النبي ❤️


    _______________


    كان المكان هادئ بشكل كبير يتخلل ذلك الصمت صوت مضغ الطعام وتصادم الملاعق ....


    نهضت الام لتحضر طبقا ما من المطبخ كانت قد نسبته بالخطأ ليتحدث الشاب الكبير الذي يترأس طاولة الطعام وهو ينظر لأخيه الأصغر بنظرات تبدو كما لو أنها تخترقه :


    _ مش صاحبك كان منورنا انهاردة ؟؟؟


    انتبه مصطفى من طعامه على حديث أخيه الأكبر ليكرمش ملامحه بتعجب متسائلا :


    _ صاحبي ؟؟؟ صاحبي مين ؟؟؟


    ابتسم جمال بسمة باردة وهو يتناول طعامه ببطء مثير للأعصاب خاصة على مصطفى :


    _ رشدي ....مش هو صاحبك برضو ؟؟؟


    ابتسم مصطفى بسخرية وهو يكمل طعامه :


    _ اه صاحبي فعلا....بس كان عندك يعني بيعمل ايه ؟؟؟


    _ كان جاي يشوف مراته لأنها كان مقبوض عليها في خناقة في مؤتمر كده ...


    _ ماسة ؟؟؟؟


    كانت ردة فعل سريعة من مصطفى على حديث أخيه الأكبر ليندم بعدها على ما نطق وهو يرى نظرات أخيه ترتفع من طبقه ثم توجه إليه وهناك بسمة مخيفة ترتسم على جانب فمه وهو يهتف بنبرة قد تبدو عادية للبعض لكن بالطبع ليس له هو :


    _ وانت عرفت اسمها منين ؟؟؟


    ابتلع مصطفى ريقه وهو يحاول أن يدعي انشغاله في الطعام :


    _ ما انت عارف إن رشدي صاحبي واكيد يعني اعرف عيلته وووو


    _ بس مش مراته يا مصطفى ...


    نظر مصطفى لأخيه يحاول ادعاء الثبات :


    _ قصدك ايه يا جمال ؟؟؟ بتلمح لايه؟؟؟؟؟


    عاد جمال بظهره للخلف هو ينظر لأخيه نظرات مرعبة ثم قال بتقرير :


    _ بقالك اسبوعين تقريبا بتسهر بشكل مريب ومعظم اتصالاتك بيتذكر فيها الاسم ده ....ماسة ....يا ترى دي صدفة ولا .......


    ترك جمال كلامه معلق ليشعر مصطفى بأن الهواء نفذ من حوله فاخيه ليس سهل البتة وإن اكتشف ما يفعل بقسم أنه سيقتله بابشع الطرق :


    _ دي دي هي واحدة اعرفها كانت قصداني في خدمة وده تشابه اسماء يعني مش.....


    صمت مصطفى لا يعلم ما يقول ليبرر موقفه لكن فجأة اخترق مسامعه صوت أخيه الذي يبدو كما لو أنه فحيح :


    _ اتمنى يكون فعلا تشابه اسماء  لأن لو طلع شكي صح صدقني مش هيكون عندك حتى فرصة تندم.


    أنهى جمال حديثه ليضرب الطاولة بعنف ثم نهض تاركا خلفه اخيه يكاد قلبه يتوقف من الرعب مفكرا أن جمال قد يعلم عن أفعاله انتفض فجأة على صوت رنين هاتفه ليمسكه وهو مازال يرتجف رعبا مجيبا بخفوت :


    _ الو ....


    _ الو يا برنس اخبار الدنيا عندك ايه ؟؟؟


    زفر مصطفى يحاول تهدئة نفسه :


    _ اسكت بالله عليك عشان قلبي كان لسه هيقف من شوية ..


    _ ايه ده ؟؟؟ ليه كده ؟؟؟حصل ايه ؟؟؟


    كان الرعب ظاهرا في صوت رفيقه ليجيبه مصطفى وهو ينظر لغرفة أخيه :


    _ جمال بقى ينخرب ورايا وشاكك بالموضوع إياه بتاع رشدي ..


    انطلق ضحكة من الجانب الآخر تبعه صوته :


    _ يا اخي اخوك ده كان مشروع جن بس فشل حقيقي مرعب ده انا لما بقف قدامه بحس اني عايز اعترف بكل البلاوي بتاعتي من هيبته ..


    ارتسمت بسمة سحرية على جانب فم مصطفى :


    _ شوف يا اخي انتم الاتنين نفس الاسم بس شتان ما بينك وبينه ..


    ضحك الاخر وهو يجيب :


    _ سيبنا من اخوك وقولي هتيجي امتى عندي ؟؟؟


    اغمض مصطفى عينه مجيبا بحيرة :


    _ كنت الاول مقرر اخلص من حوار ماسة ده واسافرلك بس شكلي كده هسرع الموضوع المهم انت ظبطلي الدنيا عندك ...


    علت بسمة خبيثة وجه الاخر وهو يجيب :


    _ عيب عليك يا برنس انت بتكلم جيمي مش واثق في جيمي ولا ايه ؟؟؟


    ضحك مصطفى وهو يردد بخبث :


    _ لا عيب ازاي وهو انا ليا غير جيمي ؟؟؟ ربنا يخليلي جيمي رفيق السوء وكل المصايب ....


    _____________________________


    تحركت بخفة في الحارة وهي تحمل بيدها مصحفها الخاص متجهه صوب منزله بسعادة نادرا ما اعتلت ملامحها ونادرا ما زارت قلبها وكيف لا وقد أصبح هو يسكن جسدها كله ....


    تحركت فاطمة بحركات سريعة وخفة جهة المنزل الخاص بزكريا وهناك بسمة جميلة ترتسم على ملامحها فاليوم ستعود مجددا لشيخها لكن تلك المرة بقلب مطمئن مرتاح وليس قلق مرتاب...


    دقت فاطمة جرس الباب وانتظرت قليلا بشوق كبير حتى اطل وجه وداد البشوش وهي ترحل بها مضيفة :


    _ فاطمة بنت حلال والله لسه عاملة كيكة عسل ادخلي نأكل سوا لغاية ما زكريا يرجع من المدرسة .....


    __________________


    _ كده كل شيء واضح ؟؟؟؟؟


    أنهى زكريا كلامته وهو يضع قلمه في حقيبته بعدما انتهى للتو من حصته منتظرا أي سؤال من أحد ...لكن لم يصدر من أي فتاة شيء ليهز رأسه برضا وهو يبتسم لهن بسمة صغيرة :


    _ تمام اشوفكم الاسبوع الجاي وجمعة مباركة مقدما ...


    أنهى زكريا حديثه وحمل حقيبته وخرج من الفصل سريعا يعدل في وضع ثيابه ينفض بعض الغبار الذي لا يعلم مصدره عن قميصه لكن أثناء ذلك اصطدمت به مجموعة فتيات بعنف شديد مما أسقطه ارضا وفوقه فتاة ما ليصرخ بفزع شديد رافعا يده للأعلى :


    _ ربـــــــــــاه .....


    نهضت الفتاة سريعا من فوق زكريا وهي تكاد تبكي خوفا وحرجا تعتذر بشدة :


    _ والله آسفة يا مستر آسفة ماخدتش بالي والله العظيم ما قصدي ..


    كان زكريا ما يزال ساقطا ارضا يغمض عينه بغضب يحاول الهدوء فيبدو من صوت الفتاة أنها لم تقصد فعلا ...استغفر ربه ثم تحدث دون أن يرفع نظره للفتاة :


    _ مفيش مشاكل اتفضلي على فصلك يا آنسة ...


    أنهى حديثه وهو ينهض وينفض ثيابه مستغفرا ربه ثم انحنى وحمل حقيبة ظهره الشبابية وهو يكاد يرحل ليسمع فجأة همسة مرتجفة :


    _ مستر ...


    توقف زكريا واستدار بتعجب ليجد الفتاة تنظر ارضا بخجل وخزي متحدثة :


    _ انا آسفة والله .....


    حاول زكريا الابتسام فتلك الفتاة هو يعرفها بالفعل ويعلم جيدا تفوقها وهدوئها وليست من الفتيات المشاغبات واللاتي قد يفعلن شيئا كهذا عن قصد :


    _ ولا يهمك يا آنسة اميمة اتفضلي على فصلك .


    أنهى كلمته ثم استدار سريعا وهو يرحل صوب غرفة المعلمين ينفض ثيابه وهو يشعر بذراعه يؤلمه وقد أدرك أن هناك جرحا قد حدث به جراء احتكاكه بالارضية ....


    ______________________________________


    ضحكت وداد بشدة وهي تمد يدها بقطعة كعك اخرى لفاطمة مضيفة :


    _ كان شيطان وهو صغير والله كنت دايما اقوله الله يعين اهلك عليك يا ابني ...يقولي ايه يا خالتي وداد هو انا عملت ايه ؟؟؟


    ابتسمت فاطمة باتساع وهي تهز رأسها بيأس فيبدو أن هادي من صغره كان مشاغبا سمعت وداد تكمل حديثها :


    _ رشدي بقى كنتِ تحسيه عجوز صغير عيل اروب كدة كان يحشر مناخيره في كل حاجات الكبار ويقول أنا كبير ومش صغير عشان كده عارف كل حاجة وهو يا عين امه كان اهبل .


    ضحكت فاطمة من قلبها تتخيل رشدي الصغير وهو " اهبل " كما تصفه وداد وتقارنه برشدي الحالي ذو الهيبة والحنكة و ذو الهالة المخيفة ...صمتت تحاول الهدوء بسبب الضحكات :


    _ طب وزكريا ؟؟؟؟


    خرج اسمه منها بحنين وحب شديد لتبتسم وداد وهي تقص عليها طفولة صغيرها :


    _ زكريا هو كان فيه زي زكريا يا قلبي كان عيل مع نفسه وهادي ولا تسمعيله حس ....عمره ما غلبني في صغره كنت احطه في أي مكان وأحط معاه اي لعبة يقوم يسكت ولا يعيط ولا غيره لدرجة اني كشفت عليه قولت الواد لاقدر الله فيه حاجة ولا دماغه فيها حاجة .


    ابتسمت فاطمة باتساع تتخيل زوجها وهو صغير لتكمل لها وداد :


    _ كبر ولسه على حاله هادي ومسالم بقيت اوديه لشيوخ يحفظ معاهم وبقى يقرأ كتب كتير اوي من صغره و أي كلمة ميعرفهاش يجي يسألنا كان شبه مثالي الا من عناده وعصبيته ...رغم هدوءه ده كله إلا أنه كان لما يعاند على حاجة ويتعصب عينك ما تشوف إلا النور ...والله لو قطعتيه حتت كده برضو هينفذ اللي في دماغه .


    صمتت قليلا لتبتسم بعدها وهي تتذكر أحدى ذكرياتها :


    _ في مرة لقى قطة في الشارع وكان شكلها كأنها جربانة جبها البيت معاه وكان بيعيط عليها ويقولي القطة تعبانة يا ماما وقتها كان عنده ٦ سنين باين ...يومها عملت مشكلة كبيرة عشان يطلع يرميها في الشارع ويجي يغسل ايده بس هو ابدا قعد حاضنها ويعيط ويقولي هتموت لو طلعت خليها معانا .


    سقطت دمعة من عين وداد وهي تتذكر تلك الأيام :


    _ وقتها لؤي قالي خليها معاه عشان مش هيسيبها .....وهو كأنه ما صدق أننا وافقنا قام دخل جري على التلاجة لم كل الاكل اللي فيها وحطه قدامها وقالها شوفي عايزة تأكلي ايه وكليه .


    ضحكت وداد وهي تمسح دموعها :


    _ ساعتها خلا لؤي يوصي نجار يعملها بيت صغير وبقى يجبلها علاج واكل على طول وياخد باله منها وبقى يحبها اكتر مننا ويلعب معاها هو ورشدي وهادي لحد ما جه في يوم صحي لقاها ميتة بعد ما قعدت معاه شهور اليوم ده قعد يعيط عليها ويقول إنه اهملها وماتت بسببه وهيدخل النار عشان موتها .


    صمتت وداد وهي تنظر لفاطمة التي كانت تبتسم بحب شديد رغم تلك الدموع الصغيرة التي تتوسط رموشها ثم قالت بحماس شديد :


    _ تحبي تشوفي شكله وهو صغير .


    ودون أن تشعر فاطمة كانت تهز رأسها بحماس شديد ترغب في رؤية كتلة اللطافة تلك وهي تحاول تخيله صغيرا ...نهضت وداد سريعا واتجهت لغرفتها تاركة فاطمة خلفها تتذكر كل تصرفات زكريا لتقول  :


    _ هو انا ممكن يجي يوم ويبقى عندي ابن زيه كده ؟؟؟ وليه لا لو هو أبوه ؟؟؟؟


    ابتسمت فاطمة بخجل تتخيل زكريا كــ اب يا الله سيكون الطف واجمل اب في العالم على الاقل من وجهة نظرها هي، خرجت من شرودها على عودة وداد وهي تحمل البوم صور كبير وتجلس جوارها بحماس وهي تفتحه ....


    نظرت فاطمة بلهفة لاول صورة لزكريا وقد كان يبدو بعمر سنتين تقريبا ...يالله كم يبدو صغيرا وجميلا ...قلبت وداد الصور لتجد فاطمة صور له وهو أكبر قليلا لتبتسم وهي تلاحظ أنه حقا لم يختلف كثيرا فها هي بسمته الجميلة تبدو كما هي اليوم ونظرته الحنونة هي نفسها فقط الجسد كبر قليلا وعدا ذلك هو كما هو، لكن شعور بداخلها أنها تود لو ترى زكريا الطفل أمامها فتقبله من خدوده الشهية الصغيرة تلك ...تمنت بداخلها لو تحصل على طفل يشبهه ....ابتسمت وهي ترى صورته وهو يحمل القطة الصغيرة وجواره كلا من رشدي وهادي واللذان تعرفت عليها سريعا بالطبع فرشدي هو صاحب العيون الملونة وهذا الطويل هو بالطبع هادي .....


    ابتسمت فاطمة وهي تهمس :


    _ ياربي لو شوفته قدامي وهو بالشكل ده هقطعه بوس ....


    ولم تدرك فاطمة أن صوتها كان عاليا إلا بعدما سمعت صوتا خلفها يظهر فيه غضب ووعيد :


    _ هو مين ده اللي هتقطعيه بوس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟


    ________________________________


    _ والله يعني انت استأذنت من رشدي ؟؟؟؟


    نظر هادي ببراءة لشيماء وهو يهز رأسه :


    _ هكدب عليكِ يعني ؟؟؟ انا استأذنته طبعا وهو وافق على طول.... أنتِ عارفة رشدي ميرفضليش طلب ...بعدين يعني معلش انا استأذنت من عمي ابراهيم الأول وهو قال ماشي فبطلي رغي كتير ويلا ...


    نظرت شيماء له بتفكير لا تعلم هل تطيعه وتذهب معه فهي حتى الآن تخجل من الذهاب معه في أي مكان وحدهما ...


    ابتلعت شيماء ريقها وهي تتجه صوب غرفتها :


    _ طيب استناني اغير هدومي واجيلك .


    ابتسم هادي لها وهو يراقبها تدخل غرفتها ليتذكر مكالمته مع رشدي ...


    _ هخرج مع اختك ..


    _ نعم يا خويا تخرج معاها فين إن شاء الله ؟؟؟


    قلب هادي عيونه بملل مجيبا : 


    _ اي حتة يا اخي انت مالك مراتي وعايز افسحها شوية .


    زفر رشدي بضيق شديد :


    _ هادي تعرف اني منمتش طول الليل ؟؟؟


    _ الف لا بأس يا غالي 


    _ تعرف تسيبني في حالي بقى ؟؟ 


    ابتسم هادي  :


    _ هاخد اختك افسحها طيب .


    _ لا 


    _ تسلملي يا ابو النسب .


    اغلق هادي المكالمة سريعا قبل أن يسمع كلمة واحدة من رشدي وهو يبتسم بخبث شديد ...


    خرج هادي من أفكاره على صوت عالي بجانبه ......


    _ يا اطرش مش بكلمك ؟؟؟


    اغمض هادي عينه بغضب ثم همس بغيظ :


    _ ولما اقوم اديكِ على وشك دلوقتي مين ينجدني من تحت ايد جوزك ؟؟؟


    لوت ماسة شفتيها بحنق ثم تحدثت بحسرة :


    _ وهو فين جوزي ده يا خويا ؟؟؟


    فزع هادي وهو يردد اول ما خطر في رأسه :


    _ طلقك ؟؟؟


    رفعت ماسة يدها وكأنها على وشك ضربه :


    _ جاك طلقة تدخل من دماغك تطلع من قفاك .....هو بس حطني في البلاك ليست عشان كده بقالي ساعة بقولك اديني تليفونك أكلمه منه .


    ابتسم هادي بشماتة عليها :


    _ اه لما الإنسان يتحوج بيتأدب .


    _ معلش إن كان لك عند الكلب حاجة بقى ........


    رفع هادي حاجبه بحنق ثم قال بغيظ شديد منها وهو يراقب خروج شيماء :


    _ كلب ؟؟؟ طب ابقى شوفي مين اللي هيعبرك .


    أنهى حديثه وهو يتجه لشيماء يسحبها من يدها بغضب ثم خرج تاركا ماسة خلفه وهي تكاد تحترق مفكرة في طريقة للوصول بها إلى رشدي ...


    تحدثت شيماء بحزن :


    _ كده يا هادي كسرت بخاطر البنت ؟؟؟ طب كنت ساعدها يا اخي دي هتتجنن من الصبح وهي مش عارفة توصل لرشدي حتى كلمته من عندي ومن كل تليفونات البيت بس مش بيرد عشان عارف انها هي اللي بتتصل .


    ابتسم هادي بسخرية وهو يشير لإحدى سيارات الأجرة :


    _ كان على عيني يا ختي بس اخوكِ حطني انا كمان في البلاك ليست من الصبح من بعد ما قعدت ازن على دماغه عشان نخرج سوا واخر مرة قفلت في وشه قام حطني فيها ....


    نظرت له شيماء بتفاجئ لتجده يبتسم لها ثم غمز لها :


    _ خلينا نخلص مشاورنا بقى قبل ما انشغل بليل مع بثينة .....


    سارت شيماء خلفه وهي ترمقه بصدمة لحديثه وبعدها تذكرت أن اليوم عقد قران بثينة وايضا سفرها زفرت وهي تشعر أن الأمور مع بثينة تسير بسرعة البرق وبشكل مثير للشك ....


    _____________________


    _ يعني ايه يا بنت بطني ؟؟؟ عايزة تفضحينا مش كفاية عمايلك؟؟؟


    نظرت بثينة لوالدتها بقهر شديد وهي تشعر ببداية عقابها على كل ما سبق وهي للحق كانت تتوقع هذا العقاب بل اسوء منه لكن توقعت أن تعاقب وهي مع هادي توقعت أن تأتي فترة معاقبتها بعدما تظفر بما حلمت به طويلا ...


    أثناء شرود بثينة لمحت بعينها من نافذة غرفتها التي تقف أمامها معطية ظهرها لوالدتها ...شيماء تسير رفقة هادي وهو يمسك بيدها وكأنها طفلته الغالية ثم صعدا سويا لإحدى سيارات الأجرة :


    _ وهو ايه اللي هيفضحك يا اما ؟؟؟؟اني البس فستان غير اللي الدكتور جايبه ؟؟؟ 


    _ لا يابثينة مش لانك هتلبسي فستان غير اللي فرانسو جايبه لكن عشان عايزة تلبسي فستان اسود ....فستان اسود يوم كتب كتابك يا بنتي ؟؟؟ حرام عليكِ هتموتيني من عمايلك دي ...انا تعبت والله .


    استدارت بثينة لوالدتها بملامح جامدة ثم قالت وهي تكظم غيظها :


    _ وعلى ايه يا ما سيبي الفستان وانا هلبسه خلينا نعدي الليلة على خير ......


    __________________


    _ لا لقد جهزت للسفر اليوم...ارجوك تدبر أمر جلسة الحكم باسرع وقت فأنا لا أود أن أرهق زوجتي بتلك الأمور كثيرا كما أنني ارغب في الحصول على طفلي والعودة سريعا لمصر ......حسنا حسنا لا بأس بأسبوع لكن ليس أكثر من ذلك مستر البيرت .....اشكرك جزيلا واعتذر عن ازعاجك كل دقيقة باموري ....حسنا اراك غدا سيدي .


    اغلق فرانسو المكالمة ثم استند برأسه على المقعد خلفه وهو يتنهد بضيق شديد هامسا :


    _ واخيرا اقترب الوقت وستكونين ملكي بثينة .


    ______________________


    استدارت فاطمة بعنف شديد ورعب لذلك الصوت الذي صدر من الخلف لتجد زكريا يحمل حقيبة شبابية على ظهره مكتفا يديه عند صدره وهو يرمقها بغيظ يردد سؤاله مجددا :


    _ عيدي بقى كنتِ بتقولي ايه معلش ؟؟؟ لاحسن شكله كده يوم مش هيعدي .


    ابتلعت فاطمة ريقها بخجل شديد ولم تعرف ماذا تقول لذا نظرت سريعا لوداد تتوسل مساعدتها في ذلك المأذق ...


    ابتسمت وداد وهي تتحدث لابنها حاملة البوم صوره تتجه للداخل مجددا :


    _ ايه يابني مالك داخل زي القطر كده دي كانت بتتكلم عليك وانت عيل صغير .


    نظرت فاطمة بفزع لوداد وهي تغمض عينها بخجل شديد تتمنى بداخلها لو تنشق الأرض وتبتلعها...ابتسم زكريا لرؤيته لها بهذا الشكل وهي تكاد تحترق خجلا .


    اقترب منها وهو يبعد حقيبته عن ظهره مبتسما بحنان ثم اتجه الأريكة جوارها وجلس عليها بهدوء وهو يقول بمشاكسة قليلا :


    _ عايزة تبوسيني وانا صغير ؟؟؟


    شعرت فاطمة بوجهها يحترق خجلا وهي تبعد نظرها عن زكريا تكاد تترجاه أن يتوقف لكنه لم يأبه لذلك الصراع الذي تعيشه واقترب منها قليلا ثم همس لها بحب :


    _ ألاّ تمُني عليّ بقبلة تطفئ لهيب ذلك المسكين الذي يخفق لأجلك ؟؟


    ابتلعت فاطمة ريقها وهي تهز رأسها برفض متحدثة بصوت جاهدت لاخراجه طبيعي :


    _ هو إنت و إنت صغير يعني كنت كيوت وكده عشان كده يعني هو انا قولت يعني ....


    كانت تتحدث بتوتر شديد وهي تفرك يدها تحاول تبرير ذلك الحديث الغبي الذي سمعه منها ليبتسم زكريا ويقرر أن يكف عن ازعاجها لذا ابتعد عنها وهو يضحك بخفة :


    _ شوفتيني وانا صغير ؟؟؟


    هزت فاطمة رأسها لزكريا ليبتسم وهو يميل برأسه لتراه هي من الجانب الآخر حيث كانت تجلس معطية ظهرها له لكنه مال برأسه لتراه ويتحدث بنبرة جعلتها تتخيل زكريا الصغير وكأنه هو من يحدثها :


    _ وايه رأيك كنت عسول مش كده ؟؟؟


    ابتسمت فاطمة بسمة واسعة وهي تهز رأسها بنعم ليبتسم هو الآخر لها هامسا بحب :


    _ إذا هل لي أن اراكِ وأنتِ صغيرة ؟؟؟؟


    فكرت فاطمة لثوانٍ ثم هزت رأسها بنعم وهي تخبره :


    _ المرة الجاية لما تيجي عندنا فكرني اوريك صوري وانا صغيرة ....


    ابتسم لها زكريا وهو يقول بيقين :


    _ متأكد أنكِ كنتِ نجمة صغيرة لامعة لتضحي في شبابك قمرًا منيرًا تدورين في فلك قلبي .


    ابتسمت له فاطمة وهي تقول بتفكير :


    _ هو إنت بتكتب شعر !؟؟؟


    لم يفهم زكريا سؤالها ليعتدل في جلسته وهو يقول بتعجب :


    _ لا ...لما السؤال ؟؟؟


    _ اصل ساعات بحس كأن كلامك شعر يعني لما تقول كلام اللي هو ....


    صمتت ولم تعلم ماذا تقول ليكمل هو ببسمة :


    _ قصدك الغزل؟؟؟


    هزت رأسها بإيجاب ليضحك هو بخفة ثم أضاف :


    _ امممم اصل انا من صغري وانا بشوف إن مفيش لغة في العالم ولا لهجة تصلح للتعبير عن المشاعر قد اللغة العربية عامة والفصحى خاصة عشان كده دايما بغازل بالفصحى لاني بحس انها بتضيف للغزل طعم غير كده بحس الكلام ملوش طعم ...أنتِ مش عجبك كده ؟؟؟


    أنهى كلماته بتساؤل التسارع هي تنفي برأسها شكه :


    _ لا لا ابدا بالعكس ده جميل اوي وانا بحبه اوي ...


    ابتسم زكريا بخبث وهو يقترب منها :


    _ هو ايه ده اللي بتحبيه اوي ؟؟؟


    _ العزل بالفصحى ..


    ابتسم زكريا اكثر :


    _ طب وصاحب الغزل ؟؟؟؟


    خجلت فاطمة من اقترابه منها لتحاول دفعه وهي تغير الموضوع :


    _ مش هنبدأ ولا ايه عشان متأخرش و.....


    توقفت فاطمة عن التحدث وهي تنتبه لانكماش ملامح زكريا بألم وهو يبعد يدها برفق عن ذراعه ...فزعت بشدة وهي تنظر له بعدم فهم :


    _ مالك انت متعور؟؟؟؟


    هز زكريا رأسه بنفي وهو يحاول ابعاد ذراعه عن يدها :


    _ لا لا انا بخير هو بس وقعت في المدرسة على دراعي و اتعورت .


    نهضت فاطمة بفزع وهي تقترب منه تحاول رؤية جرحه لكن لم تستطع، لذا مدت يدها دون وعي تفك أزرار قميصه لينتفض زكريا من المفاجأة مما جعلها تعود للخلف برعب :


    _ ايه فيه ايه ؟؟؟؟


    _ أنتِ اللي فيه ايه ؟؟؟


    نظرت له فاطمة بتعجب لتصرفه :


    _ هشوف الجرح عشان اعقمه ....


    ضيق زكريا عينه بريبه وهو يعود للاريكة مجددا ليسمح لها بالتقدم منه وهي تسأله بخجل شديد قبل أن تشرع في نزع قميصه :


    _ هو يعني انت لابس حاجة تحت القميص ؟؟؟


    ابتسم زكريا بخبث ثم غمز لها قائلا :


    _ ولا مش لابس ما أنتِ سبق وشوفتي كل حاجة .


    خجلت فاطمة بشدة وهي تتذكر ذلك اليوم الذي استيقظت به لتراه لا يرتدي سوى ثيابه السفلية لتبدأ في فك الأزرار دون كلمة إضافية وهي تنادي وداد لتحضر علبة الإسعافات لكن أثناء أبعادها للقميص عن زكريا وجدت شيء يسقط منه لتنحني قليلا وهي تحمل الورقة التي سقطت ظنا أنها تخص زكريا لكن أثناء التقطاها رأت ما جعل عينها تتسع بصدمة وهي تقول :


    _ ايه ده يا زكريا ؟؟؟؟


    ____________________


    _ تمام شكرا اتفضل إنت واقفل الباب وراك ومش حابب حد يزعجني .


    أدى العسكري التحية وهو يستأذن رشدي ويخرج تاركا إياه يعود بظهره للمقعد مطلقا زفره طويلة من صدره تعبر عن مقدار التعب والارهاق الذي يكمن داخله ....ثم نظر لهاتفه بتعجب فمنذ رفض اتصالات العائلة كلها منذ ساعات لم تحاول ماسة الاتصال به من عند أحد مجددا هل يأست بهذه السهولة ؟؟؟ لا يعقل هذا فليست ماسة من تتركه غاضبا منها طوال هذه الفترة .


    في الخارج كانت تتحرك في القسم وهي تنظر حولها ببرود شديد حتى وصلت لأحد المكاتب لتتحدث للعسكري الذي يقف أمامه ببسمة مغفلة قليلا :


    _ لو سمحت هو الظابط أباظة جوا ؟؟؟


    فتح العسكري عينه بتعجب لذلك الاسم الذي تنادي به رشدي ورغم ذلك هز رأسه لها :


    _ ايوة بس هو مانع أي حد يدخله ولو عندك اي شكوى أو قضية تقدري تروحي لعصمت باشا هو حول كل القضايا عليه .


    نظرت له ماسة بعدم رضى وهي تضع ما تحمله بيدها ارضا :


    _ هو متعصب اوي ؟؟؟


    زفر العسكري بضيق وهو يجيبها :


    _ اوي وياريت تمشي دلوقتي بدل ما يسمع الصوت ويطلع يتعصب أكتر ...


    ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر حولها ثم وفي غفلة عن أنظار العسكري مستغلة عنصر المفاجأة حملت ما وضعته في الأرض واقتحمت مكتب رشدي وهي تصرخ بصوت عالي :


    _ ابـــــــاظة ..........


    ______________________ 


    _ ايه ده ؟؟؟؟


    ابتسم هادي باتساع وهو يشير بيده وكأنه يقوم بخدعة سحرية :


    _ دي الملاهي ....


    نظرت له شيماء بصدمة مصطنعة وكأنها لم تكن تدرك ذلك ثم قالت بنبرة مختنقة قليلا :


    _ انا مش بحب الملاهي ليه جايبني هنا ؟؟؟؟


    ابتسم هادي يتذكر حديث رشدي القديم عن كره شيماء للملاهي بسبب تعرضها للعديد من المواقف الغير مرغوبة بها وهو لم يرغب أن تظل خائفة من مواجهة أحزانها .....


    _ ايوة بس انا بحبها واكيد أنتِ كمان هتحبيها ...


    كاذب ...يعرف فهو لا يكره في حياته قدر تلك الألعاب السخيفة التي تصعد الفتيات لها خصيصا للصراخ بشكل بشع قد يسبب الصمم له أو بقدر الالعاب التي تسبب شعور بالغثيان، لكن لأجل شيماء قد يحبها فقط لأجلها ...


    _ تعالي يلا نبدأ باللعبة اللي هناك دي .


    أنهى حديثه وهو يجذبها خلفه قبل حتى أن يعطيها فرصة للرفض بينما هي تنظر لظهره بتعجب وهي تفكر فيما يفعل هو ...


    ركض هادي ووقف في طابور شباك التذاكر وقد جعل شيماء تقف بعيدا قليلا عن الازدحام حتى يحصل لهما على تذاكر و كل ثانية ينظر لها مانحا إياها بسمة جميلة منه ...واحيانا يشير لها بإبهامه أن كل شيء على ما يرام ...


    كانت شيماء تقف أسفل إحدى الأشجار تراقب هادي وما يقوم به لأجلها وهي تفكر إن لم تتزوج بهادي وعاندت وتزوجت بغيره هل كان ليفعل كما يفعل هادي ؟؟؟ والإجابة كانت واضحة وهي لا ...لم يكن أحد ليفعل ما يفعله هادي لانه ليس هادي ببساطة ....هي لا تملك ثقة بنفسها ولو بمقدار ذرة واحدة، لكن مع هادي تعلمت أن تستمد ثقتها منه هو ...من نظراته وبسماته الموجه لها خصيصا .


    استطاع هادي واخيرا الحصول على تذكرة له ولشيماء ليبتسم بفخر وهو يرفع التذكرتين عاليا راكضا للجهة الأخرى حيث تقبع شيماء في انتظاره بمرح لدرجة لم ينتبه لذلك الطفل الذي كان يحمل مسدسا ملئ بالذخيرة التي تتمثل في كرات صغيرة قد تصيبك بالشلل من كثرة الالم الذي تسببه  عندما توجه لك ...وأثناء ركض هادي لم ينتبه لتلك القذيفة التي تتوجه صوب ذراعه العاري بسبب ارتدائه لقميص ورفعه للكم الخاص به مظهرا جزء من ذراعه وفي ثواني كانت صرخات هادي هي من تصم اذان الجميع .......


    ______________________________________


    _ ايه دي ؟؟؟؟


    لم يفهم زكريا ما تقصد فاطمة حتى رفع نظره عن ذراعه متسائلا بعدم فهم لسؤالها الذي انطلق للتو :


    _ ايه ؟؟؟


    رفعت فاطمة الورقة في وجه زكريا وهي تلوح بها متحدثة بنبرة حادة قليلا تحاول أن تتماسك حتى تفهم :


    _ ايه دي يا عزيزي زكريا ؟؟؟؟


    _ عزيزي زكريا ؟؟؟ ده دلع ولا تهديد ؟؟؟


    ابتسمت فاطمة بسخرية ثم أشهرت الظرف في وجهه وهي تقول مشيرة للاسم المكتوب على ظاهره بسخرية شديدة تحاول منع دموعها من الهبوط  :


    _ إلى العزيز زكريا .....


    انكمشت ملامح زكريا بعدم فهم وهو يدقق النظر في المظروف الوردي الذي يتوسط يد فاطمة يحاول التذكر متى حصل عليه أو من أعطاه له، لكن لا شيء لا يتذكر حتى أنه حصل على هكذا ظرف وردي طوال حياته .


    _ ايه ده ؟؟؟ 


    _ انت بتسألني انا ؟؟؟


    انتبه زكريا للنبرة الشرسة التي تتخلل حديث فاطمة ليدرك أنها لا تمزح ابدا لذا تحدث بجدية كبيرة وهو يشير لها برأسه :


    _ خلاص افتحيه وشوفي ايه ده لاني مش هقدر أفيدك واقولك هو ايه؟؟؟ ببساطة لاني معرفهوش .


    نفخت فاطمة بضيق وغضب شديد وهي تفتح الظرف بغضب شديد حتى كادت تقطع الرسالة معها ثم فردت الورقة وهي تقرأ بحنق وغضب شديد :


    _ إلى العزيز زكريا من حبيبتك المجهولة ...


    فتح زكريا عينه بصدمة شديدة وهو يستمع لتلك الكلمات ونهض سريعا يقترب من فاطمة ينتظرها أن تكمل قراءة :


    _ اعلم جيدا أنك تحب الفصحى لذا أحببت أن أكتب لك بها واعبر لك بها عن مشاعري ....


    ابتلع زكريا ريقه وهو يشعر وكأن المكان أصبح ضيقا عليه يسمع صوت فاطمة الساخر :


    _ وكمان عارفة انك بتحب الفصحى ؟؟؟


    _ ياحبيبتي أنا مدرس لغة عربية يعني يوم ما هحب لغة هحب ايه يعني هيروغليفي ؟؟؟


    نظرت له فاطمة بشر :


    _ انت بتهزر ؟؟؟ واحدة كاتبة ليك جواب غرامي يا استاذ وانت بتهزر ؟؟؟؟


    أبعدت فاطمة عينها عن زكريا وهي تكمل القراءة وعيونها تمر على الكلمات بشر كبير :


    _ قد تتعجب سبب كتابتي لتلك الكلمات وقد لا تتعرف عليّ لاني لم اكتب اسما لكن يمكنك أن تسأل قلبك فسيعرفني أو أن تسأل عينيك التي لا ترى سوايّ طوال الوقت .


    أشار زكريا لنفسه بعدم تصديق لتلك الكلمات وهو يفتح فمه بصدمة كبيرة هو يوما لم يرفع نظره في امرأة أو يفكر بها بشكل كما تصفه تلك الفتاة ....


    عن ذلك الجزء رفعت فاطمة عينها بشر شديد وهي تهمس بنبرة مخيفة :


    _ لا ترى سواها طوال الوقت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


    _ اقسم بالله الذي لم اقسم به كذبا طوال حياتي اني حتى لا ارفع عيني بأمرأة قصدا ...


    هبطت دموع فاطمة بغيظ وهي تلقي الرسالة ارضا دون حتى أن تكمل قرائتها تشعر بنار تشتعل داخلها ودموع لا تعرف مصدرها تخرج بغزارة من عيونها وهي ترفع صوتها تصرخ به دون التحكم في نفسها :


    _ مين دي ؟؟؟ وازاي تكتب كده ليك ؟؟؟ هي متعرفش انك متجوز ؟؟؟ وهي اساسا ليه تــــ.............


    لم تكمل فاطمة حديثها بسبب زكريا الذي جذبها بعنف لاحضانه وهو يدفن وجهها بصدارة يحاول تهدئتها وتهدئه بكاء :


    _ ولما البكاء اميرتي فإن لم تكن فاطمة هي من كتبت تلك الرسالة فلا حاجة لي بها ....


    بكت فاطمة بشده وهي تدفن نفسها أكثر بزكريا هامسة :


    _ هي بتكتب ليك ليه اساسا ؟؟؟ هي متعرفش إنك جوزي انا ؟؟؟ 


    ابتسم زكريا وهو يقبل أعلى رأسها :


    _ ايوة يا قلبي انا جوزك أنتِ خلاص اهدي بعدين أنتِ غيرانة ولا ايه؟؟؟


    أنهى زكريا جملته الأخير بمزاح شديد لتفاجئة فاطمة وهي تجيبه بجدية :


    _ ايوة بغير 


    أبعدها زكريا عنه بتعجب وهو ينظر لها بعدم فهم :


    _ بتغيري ؟؟؟


    _ بغير ....


    ابتسم لها زكريا بسمة غير مصدقة وهو يتحدث بأمل شديد وقد بدأ قلبه ينبض بعنف :


    _ معنى كده انك ....


    _ بحبك ؟؟؟  يا زكريا انا مبقتش طالبة إلا وجودك .....


    تنفس زكريا بعنف وهو يود لو يختطفها الآن ويخفيها داخل صدره تلك الجميلة البريئة التي كسرت بسبب بعض البشر عديمي الضمير .....


    ضمته فاطمة وهي تستند برأسها على صدره ثم قالت وهي تتذكر حديثه عن حبه للغزل بالفصحى :


    كنت أتجنب كثافة العالم، لأحظى بإزدحامك .....


    صمتت ثم قالت بعدها وهي تنظر لعينه :


    _ ممكن اقولها بكل لغات العالم عشانك بس خليني اقولها بلغة غزلك انت .....اعشقك زكريا .

    ______________________________

    دمتم سالمين❤️


    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله  من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




    تعليقات