القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

روايةغفران هزمه العشق الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نورا عبد العزيز

 روايةغفران هزمه العشق الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نورا عبد العزيز 





روايةغفران هزمه العشق الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نورا عبد العزيز 




الفصل الأول (1) 

___ بعنــــوان " فتـــاة استثنـــــائيـــة " ___


ماذا إذا قبل كل شخص بما قُسم له وأدرك أن الأرزاق وزعت على الجميع بالتساوى؟، ماذا إذا ملكت كل شيء وسلبت شيء بالكل؟ إذا كان الخيار بين المال والصحة، إذا كان الخيار بين الحُرية والآسر؟ فقط خيار واحد سيغير مجرى الحياة....

داخل مطار القاهرة بطيارة خاصة تحمل عليها شعار النسر مزخرف أسفله حرف الـg تعبيرًا عن اسم "غفران" برسم جميل، ترجل من داخلها رجل فى أوائل الثلاثينات من عمره يرتدي بدلة رمادية بقميص أسود، طويل القامة وعريض المنكبين يملك جسد ممشوق رياضي، مفتون بالعضلات التى تظهر فى ذراعيه، شعره الأسود الناعم مُصفف للأعلى كلون لحيته الناعم رغم كثافتها ورائحة عطره الفرنسي فريدة من نوعها تفوح من جسده، نزع نظارته السوداء عن عينيه العسليتين المائلة للذهب بكبرياء وخلفه "عُمر" شاب بعمره تقريبًا مُرتدي بدلة كحلى اللون بشعر رأس قصير ونحيل جدًا طويلًا ذات العيون البينة الداكنة وبدون لحية، كان بجوار الطائرة سيارة سوداء مرسيدس طويلة جدًا يظهر من هيئة ثراء هذا الرجل، فتح "سمير" سائقه الشاب الباب الخلفي من أجله وهو يقول برحب شديد:-

_ حمد الله على السلامة يا مسيو غفران 

صعد "غفران" إلى السيارة ببسمة خافتة بينما صعد "عُمر" مساعده فى المقعد المجاور للسائق، أنطلق "سمير" بالسيارة حيث قصر "الحديدي"، كان "غفران" شاردًا طيلة الطريق وينظر من نافذة سيارته المُغلقة بعد أن خاب أمله فى هذه الرحلة ولم يجد علاج لعينيه المريضة، وصلت السيارة إلى بوابة حديدية طويلة وضخمة تلقائي أن تكن بوابة قصر حتى فُتحت البوابة إلكترونية وولجت السيارة بها كان خلفها مساحة خضراء كبيرة جدًا على الضفتين حتى مرت السيارة على قصر ذات اللون الأبيض فبدأ "عُمر" يتحدث بلهجة ثابتة:-

_ السيدة نورهان مخرجتش من قصرها من أمبارح بعد الشجار اللى دار بينها وبين مدام كندا، دخلت قصر اللؤلؤ وقفلت الأبواب

نظر "غفران" على قصر والدته من السيارة وتنهد بضجة من والدته سيدة الأعمال التى لم تقبل بزوجته رغم مرور الكثير من العمر على زواجه من "كندا" لكنها ما زالت تكن الضغينة إليها، كان مقابل قصر اللؤلؤ قصرًا أخر يطلق عليه قصر الحديقة وقد أطلق عليه هذا الأسم بسبب حُب "تيا" مالكته إلى الحديقة وهى الأخت الصغري إلى "غفران"، وصلت السيارة إلى قصر الحديدي فترجل "غفران" من سيارته وحدق بقصره مُطولًا، يهندم سترته فقدم "عُمر" إليه الجهاز اللوحي (التابلت) بصور إلى امرأة جميلة مُرتدية فستان أزرق اللون قصير يصل لركبتها ضيق بنصف كم وشعرها البنية القصير مُموجًا، لم يرى من ملامحها شيء حتى قال "عُمر" :-

_ مدام كندا ، دى صور ألتقطت كاميرات المراقبة وفى أنتظار حضرتك

أومأ إليها بنعم ثم دلف إلى القصر وكان "عُمر" مهمته الأكثر أهميه تعريف الناس إليه كعينيه الأصطناعية التى يرى بها، لم يتمكن من رؤية وجوه البشر لذا يتعمد "عُمر" أن يعرفه على الأشخاص من ملابسهم، تحدث بنبرة خافتة:-

_ غيرت قصة شعرها 

أومأ "عُمر" إليه بنعم، أستقبلته "فاتن" رئيسة الخدم فى قصره ببسمة مُبهجة تقول:-

_ حمدالله على السلامة يا مسيو غفران

نظر "غفران" على شارة اسمها الموجودة على قميصها الأسود ليعلم من هي؟، أجاب عليها بنبرة خافتة:-

_ الله يسلمك يا فاتن

ركضت إليه فتاته الصغيرة التى تملك من العمر 10 سنوات تنادية بحماس:-

_ بابى ...بابي

نزل على ركبته بلطف من أجل فتاته الصغيرة ليطوقها بذراعيه، فتاة تملك زوج من العيون البنية كوالدتها وشعرها البني الفاتح طويلًا ترفعه للأعلي على شكل كعكة دائرية، أستنشق رائحة عطرها بهذه الضمة التي تعيد النبض إلى حياته، طفلته "نالا" الشقية ببرائتها وعفتها التى تنير القصر بأكمله، أميرته ومدللته الأولى ذات صاحبة الجمال، أتاه صوت زوجته "كندا" تقول بنبرة جادة:-

_ حمد الله على سلامتك 

وقف "غفران" من مكانه يحدق بوجهها الضبابي بعينيه المريضة، نظر إلى فستانها الذي رآه فى الصورة؛ ليدرك أن هذه المرأة زوجته وهكذا صوتها الذي يميزه فقال بهدوء:-

_ الله يسلمك 

قبل جبينها بلطف ثم غادر مع "عُمر" إلى حيث مكتبه لتأفف "كندا" من بروده الثلجي معها لطالما كان يعاملها بلطف كواجب عليه كزوج لها، لم تشعر لمرة واحدة أن زوجها يكن لها المشاعر أو يحبها فألتفت بغيظ شديد تقول:-

_ فاتن، خدي نالا لأوضتها وخلى بالك منها لحد ما أرجع 

أشارت "فاتن" إلى خادمة كي تأخذ "نالا" إلى الغرفة تنفذ طلب "كندا" الملكة بهذا القصر... 

__________________________________

فى حليمة الزيتون، داخل مدرسة خاصة رن جرس أنتهاء الحصة ليُفتح باب الفصل بالصف الثاني الابتدائي وخرجت "قُسم" تحمل دفاترها وحقيبتها، وضعت الهاتف على أذنها مُتصلة بصديقتها "ملك" وتقول:-

_ معلش يا ملوكة كنت فى الحصة، عملتي اي؟ 

أتاها جواب صديقتها "ملك" فى الهاتف تقول:-

_ استلمت الفساتين أهو من الأتيليه وكلمت الراجل بتاع العربية عشان أكد على الحجز، فرح صاحبتنا معمول فى أغلى فنادق النيل يا حبيبتي بتحب المنظرة زى أهلها 

تبسمت "قُسم" بعفوية على حديث صديقتها وقالت:-

_ خلاص يا ملك خلى كل واحد فى حاله، تحب المنظر تكرهه مش فارقة كتير 

_ماشي يا أختى، بتاع العربية قالي هيكون عندنا الساعة 3 والمحروسة حاجز لنا أوضة فى الفندق نجهز فيها، بالله عليكِ بلاش الحصة الأخيرة والدرس اللى بعد المدرسة يا ست الميس 

أومأت "قُسم" إليها بنعم بعد أن وصلت غرفة المُدرسات وأغلقت الخط، جمعت أغراضها من فوق مكتبها ثم خرجت بعد أخذ الأذن بالمغادرة حتى تستعد لزفاف صديقتها التى تتفاخر بزواجها من مهندس يعمل فى الأمارات، وصلت إلى حيث "ملك" وبعد الترحيب العناق المعتادة لهما ذهبوا إلى الفندق..... 

____________________________________

بمقر شركة الحديدي للسيارات، كان "غفران" مندمجًا فى عمله والأوراق الكثيرة منثورة على المكتب أمامه بسبب سفره الذي أجل الكثير، ولج مساعده مع رئيس الحرس الخاص به، تنهد "عُمر" بلطف قبل أن يتحدث ويخبره أن زوجته "كندا" لم تعود للمنزل من الأمس، تحدث "غفران" بنبرة جادة:-

_ قول اللى عندك يا عُمر 

تنحنح بهدوء ثم قال:-

_ ميسو غفران، فى خبر كدة مش كويس

رفع "غفران" نظره إلى "عُمر" بصمت منتظر بفضول معرفة الخبر وعينيه لا تعرف من هذا الشخص الواقف جوار مساعده، تحدث "عُمر" بنبرة خافتة:-

_ مدام كندا خرجت أمبارح بعد وصول حضرتك من المطار ومرجعتش لحد من ساعة 

_ قُلت أي؟! عُمـــر أنت مُدرك أنت بتقول أي؟ 

قالها "غفران" بنبرة حادة مُرعبة كنظرته القاسية التى جعلت "عُمر" يبتلع لعابه من الخوف بسبب نظرة رئيسه الثاقبة له كالصقر الذي يحدق بفريسته قبل أن يلتهمها، تنحنح "عُمر" قبل أن يُعيد الحديث بهذا الموضوع من جديد وقال:-

_ بقول لحضرتـك أن مدام كندا مرجعتش القصر من أمبارح ولما رجعت من ساعة ...... 

ضرب "غفران" سطح المكتب بيده لينتفض "عُمر" ذعر مُبتلع بقية كلماته فى حلقه قبل أن يتفوه بها بحماقة ويكتب نهايته بيده الآن، وقف "غفران" من مكانه وألتف حول المكتب بهدوء واضعٍ يديه فى جيوب بنطلونه الرمادي وعيني "عُمر" ترمقه بهدوء خائف من هدوء ما قبل العاصفة حتى وصل أمام رئيس الحرس الخاص به بعد أن علم ماهيته من شارة الأسم والوظيفة المُعلقة بسترته؛ ليسحبه "غفران" من لياقة سترته السوداء وقال بحزم مُستاء من هذا الحديث:-

_ سلامة كندا من مسئوليّة رجالتك ولو مكنتش عارف تسيطر على رجالتك وتشغلهم صح، قولي وأنا أتصرف 

أبتلع الرجل لعابه بهدوء شديدة خائفًا من غضب هذا الرجل ليقول:-

_ غفران بيه، مدام كندا هى اللى أمرتنا منرافقهاش فى مشوارها وأصرت على أنها لازم تخرج لوحدها 

صرخ "غفران" به غاضبًا أكثر:-

_ ومين اللى ألزمه؟ ما دام أنا مأمرتش بـ دا، هااااا 

أقترب "عُمر" من رئيسه الغاضب وقدم له الجهاز اللوحي (التابلت) مفتوح على كاميرات المراقبة بالقصر بلحظة وصول زوجته فى الصبح وقال:-

_ مسيو غفران!! 

ترك "غفران" لياقة رجله ثم أخذ التابلت ليُصدم حين رأى زوجته تعود للقصر بصبحة رجل أخرى وفى حالة من الثمالة بسبب الخمر الذي أرتشفته ليُدرك أن السبب فى أختفاء زوجته هى حالة السُكر والسهر الذي كانت به، كان تسجيل الكاميرات كفيل بأن يرغمه على المغادرة إلى القصر حيث زوجته، وصل كالشرارة المُلتهبة التى على وشك تأكل الجميع بباطنها الناري حتى وصل إلى غرفة زوجته وكانت نائمة بعمق من التعب وسهر طيلة الليل، سحب الغطاء عنها لتتأفف بضيق وحين رأت وجه "غفران" أتسعت عينيها بذهول من وجوده بغرفتها لتقول:-

_ غفران!! ههههه معقول دا، غفران بيه بجلالة قدره في أوضتي المتواضعة 

صعد بركبته إلى السرير يمسك ذراعها بقوة حتى قال بعيني نارية جاحدة:-

_ كنتِ فين؟، مين اللى وصلك وكنتِ معاه طول الليل، وأوعاكِ تقولي التمثيل والتصوير لأن لو التصوير هيخليكِ تسكري همنعك منه يا كندا 

أبتلعت لعابها بخوف من جبروت هذا الرجل وحدته فدفعت يده بعيدًا عنها بينما وقفت من مكانها غاضبة لتقول:-

_ أنت بجد شايف نفسك بتقول اي؟، تمنعني من التمثيل ودا الشيء الوحيد اللى بعوضني عن غيابك وبينسيني قد أي أنت ظالم وقاسي وبعيد عني، ما تبص لنفسك يا غفران بيه وتفتكر كدة أمتى أخر مرة خدتني فى حضنك ولا نمت معايا على سرير واحد، دا أنت مُستقل بأوضة لوحدك وزعلان أوى أني بشرب وأسكر، ما أنا لازم أنسي القرف اللى عايشة فيه معاك 

ظل يحدق بوجهها الغاضب وربما مرض عينيه نعمة له بهذه اللحظة التى حرمته من رؤية تعابير وجهها العابس، لا يُصدق أن زوجته تكن له هذا الكم من الكره والحزن وتعاتبه على ما تفعله من منكر، غادر الغرفة حزينًا مما ألت إليه الأمور لينزل الدرج للأسفل وكان "عُمر" بأنتظاره أول الدرج فتمتم "غفران" بوجع يستحوذ عليه:-

_ أنا سيء وأتكره أوى كدة؟! 

هز "عُمر" رأسه بالنفي مدافعٍ عن رئيسه ليترك "غفران" القصر بأكمله وذهب إلى فندق يقيم به...... 

__________________________________ 

فى حفل زفاف بقاعة الفندق، كانت تجلس "قُسم" مع صديقاتها من الجامعة على طاولة واحدة مُتعجبة من هؤلاء الفتيات، جميعهن جاءوا إلى حفل الزفاف رغم حديثهن المتواصل عن العروسة بنفور من كبريائها وغرورها وغيره من الصفات البذيئة، همست "ملك" لها بنبرة خافتة:-

_ ما لكِ يا قُسم؟ 

_مستغربة كم الغل اللى جواهم ومع ذلك جيين برجليهم الفرح، كان من باب أفضل ميجوش أحسن، كم السيئات اللى عملين يلموها فظيع يا ملك، يلا أنا هقوم أطلع الأوضة أغير هدومي

قالتها "قُسم" بنبرة جادة وقد فاض بها الأمر من تحمل هذا الحديث الخبيث، صعدت إلى الأعلى ورنت الهاتف على "ملك" تسالها :-

_ ملك هى أوضتنا رقم كام ؟


_ مش فاكرة باين 525 أو 552 هسألك فى الريسبشن 

قالتها "ملك" بحيرة وتحركت من مكانها .....


_________________________________ 


خرج "عُمر" من غرفة "غفران" بالفندق وسحب الباب خلفه بتعجل للنزول إلى الأسفل لكنه لم يغلق الباب جيدًا، أقتربت "ملك" من غرفة رقم 552 ووضعت المفتاح بها لتجد الباب يُفتح معها فتبسمت على فتح الباب ولم تتنبه للحظة أن الباب كان مفتوح من البداية ....


خرج "غفران" من المرحاض الخاص بغرفته فى الفندق مُرتدي بنطلونه الأسود القطني بصدر عاري يجفف شعره الأسود بمنشفته حتى ألقي بها على حافة السرير وجلس عليه، وجد كوب من العصير على الكومود المجاور للفراش فأخذ منه رشفة وعينيه تحدق بالهاتف عن صور أرسالها "عُمر" له يخبره أنها صور المجلة الجديدة لزوجته ورغم وجهها الضبابي لكنه تأمل فستانها وشعرها بغضب من فعلتها التى جعلته يغادر القصر ويُقيم بفندق، شعر بالنعاس ليغلق الهاتف ومدد جسده على الفراش لكنه سمع صوت أغلاق باب غرفة، أعتقد أنه يتخلي فغاص فى نومه 

دلفت "قُسم" للغرفة بفستانها الأحمر مُنهكة من التعب ونزعت حذاءها ذو الكعب العالي لتلقي به بفوضوي وأتجهت إلى غرفة النوم وأول شيء فعلته رمت بجسدها على الفراش وتتسلل أسفل الغطاء بخمول شديد بعد أن شربت القليل من العصير حتى غاصت فى نومها وعندما أستيقظت صباحًا صُدمت من دفء فى الفراش فحركت يديها قليلًا حتى لمس صدره البارد من المياه ليفزع الأثنين معًا ويفتح "غفران"ضوء الغرفة ووقف من مكانه بعيني شبه مغلقتين ليُصدم بوجود فتاة فى غرفته ومع أن رأسه يدور لكن صدمته الأكبر بوجه هذه الفتاة كانت كفيلة بأن يفتحهما على مصراعيه، صُدمت "قُسم" من وجود رجل بغرفتها وكادت أن تصرخ لكن أستوقفها "غفران" تتطلع بها يحفظ ملامحها جيدًا أو بالأحري مُشتاق لرؤية أى عيونه ووجه، مُنذ سنوات وهو عالقًا فى الضباب وحده أبتلعت "قُسم" لعابها من هول الصدمة وقربه فقالت:-

_ أنت دخلت هنا أزاى؟ 

_ أنتِ مين؟ 

قالها بدون وعي شاردًا بملامحها ورموشها الطويلة التى تجمل عينيها، شعرت برجفة فى أرجاء جسدها بعد أن نظرت للغرفة وأيقنت أنها لم تكن لها فهرعت نحو الخارج لكنه أمسكها من يدها مذعورًا لا يعرف كيف تمكن من رؤية ملامحها وقال:-

_ أنتِ أسمك اي؟ 

_ أنا أسفة والله جت غلط أسفة 

قالتها وفرت هاربة من أمامه فكاد أن يركض خلفها لكن توقف عندما شعر بضعف جسده ودوران شديد به فأتكأ على الحائط عاجزًا عن الإمساك بحورية هبطت من السماء لا يعرف عنها شيء سوى ملامحها.....


___________________________________


أشرقت الشمس صباحًا وترجلت "كندا" من الأعلى فوجدت "نورهان" والدة "غفران" بقصرها مما جعلها تبتلع لعابها خوفًا من وجود هذه السيدة بقصرها، تملك "نورهان" شخصية جادة صارمة وصاحبة أكبر شركة منتجات تجميلية فى مصر كما أنها طبيبة تجميل من أشهر 10 أطباء فى العللم، شخصيتها مُرعبة ويمكن أكثر من "غفران" ابنها، تكاد تجذم "كندا" أنها طيلة الـ 10 سنوات زواجها لم ترى وجه "نورهان" تبتسم مرة واحدة، امرأة تملك الستين عامًا لكنها أصبي من "كندا" فالتجميل وظيفتها، ترتدي بدلة نسائية وردية وشعرها الذهبي مصفف على شكل دائري من الخلف وغرتها الطويلة مصففة على الجانب الأيمن وتضع حلق من الألماس فى أذنها وبعنقها طوقه الرقيق، عيني عسلية وبشرة بيضاء، جالسة على الأريكة وتضع قدم على الأخرى، تنهدت "كندا" بهدوء قبل أن تتحدث حتى وصلت أمامها وقالت:-

_ صباح الخير يا سيدة نورهان


_ خير!! ليكن فى علمك يا كندا أنا متحملة وجودك فى العيلة دى لأن غفران مُتمسك بيكِ مش أكتر لكن توصل لأن بسببك ابنى يبات برا قصره دا لا يمكن يمر على خير أبدًا 

قالتها "نورهان" بنبرة غاضبة رغم هدوءها وصوتها الخافت الذي لم يرتفع نهائيًا ومع ذلك تمكنت فى إخافة "كندا" التى أزدردت لعابها الجافة وتابعت الحديث بنبرة هادئة:-

_ أنا مطلبتش منه يبات برا قصره لأنه بالفعل مُستقل بجناحه مكنش محتاج أنه يسيب القصر عشان مجرد حوار دار بينا 


ضحكت "نورهان" ضحكة مُخيفة وقالت بصرامة:-

-ساذجة يا كندا، ساذجة وسذاجتك دى هتوصلك للنار اللى من يوم ما دخلتي القصر دا وأنتِ بتحومي عليها 


تأففت "كندا" بضيق من تهديد "نورهان" لها فقالت بغضب:-

_ ليكن فى علمك يا دكتورة النار دى لو هتحرق حد فهى هتحرق ابنك المصون، أنا مُمثلة والعيون عليا كتير وأكتر اللى مُنتظر كلمة منى، تخيلي أنى أطلع فى أى حوار من دول وأقول أن غفران بيه الحديدى مقربش مني من يوم جوازنا وأن نالا جت غلطة بسبب أنه شرب يومها ومكنش فى وعيه وأن معندوش ميول للنساء....


لم تكمل كلمتها التالية بعد ان تلقت صفعة قوية على وجهها من يد "نورهان" التى أحتدت عينيها من الكره الذي تحمله بداخلها لأجل هذه المرأة فقالت بنبرة تهديدية ويدها اليمني تمسك عنق "كندا" تخنقها بقوة:-

_ غفران ابني سيد الرجالة كلها وحذري تنطقي بكلمة من دول تاني، ومتنسيش أن كونك مُمثلة فشغلك كله معتمد على الوجه الملاكي دا، بلاش تخبرني أخذ الجمال دا منك وتبقي منتهية الصلاحية 


دفعتها بقوة فى الحائط ثم غادرت القصر مُنفعلة وكان بأنتظارها سيارة bmw فخمة ومساعدتها "رزان" التى قالت بهدوء:-

_ عندك ميعاد النهاردة ....


قاطعتها "نورهان" بحدة تقول:-

_ سيبى كل دا وأعرفي ليا غفران فين؟


أومأت إليها "رزان" بنعم وصعدوا للسيارة معًا .....


_________________________________  


وصل "عُمر" إلى غرفة "غفران" بعد أن قلب الفندق رأسًا على عقب على هذه الفتاة التى لا يعرف عنها شيء حتى شكلها لا يعرفه، يبحث عن المجهول ولذا فشل فى العثور عليها، عاد خائبًا الأمل إلى رئيسه وقال:-

_ قلبنا عليها الفندق ومعرفش نلاقيها 


لم يُجيب عليه "غفران" بينما نظر إلى الرجال بحيرة وألتزم الصمت، وقف "عمر" مُتشابكًا الأيد ببعضهم فى صمت وخلفه رجلين من الحُرس صامتين بخوف من غضب هذا الرجل فألتف "غفران" إليهم يحدق بهم؛ ليُتمتم بنبرة هادئة:-

_ قُلتوا ملاقتهوش، يعنى أنا كذاب ولا مجنون، تكنش هي جنية نزلت من السماء وطلعت تاني


_ غفران بيه!! 

قالها أحد الرجال ليُثر غضبه أكثر وأطلق العنان لـغضبه يفتتهم هذه المرة من الرعب فقال صارخًا بنبرة عالية أفزعت قلوبهم وهزت شواربهم:-

_ أقلب الأرض كلها وتجيب ليا البنت دى لو فى بطن الحوت، أنا كان فى أوضتي بنت ودا مش تخاريف ولا تهيوات، البنت دى لازم تجيبوها، عاوز كل المعلومات الكافية عنها والأهم من كل دا، أزاى البنت دى وصلت إلى أوضتي 


أشار "عمر" لهما بأن يذهبوا ويعثروا على هذه الفتاة فى أرجاء المدينة ومحيطها، تأفف "غفران" من غباء هؤلاء الرجال وأخذ هاتفه من فوق الكومود ثم أتجه إلى الباب مُغادر الغرفة لكن اوقفه حذاءها الذي تُرك خلفها، ركله بقدمه بغيظٍ مُنفعلٍ ويتحدث بنبرة خَشنة وأقتضاب:-

_ أنا اللى جبت الجزمة دى هنا ولا الجنيات بقوا يسيبوا وراهم جزم يا شوية أغبياء 


تحدث "عمر" مساعده بصوت عفوي مازحًا:-

_ لا، دي سندريلا اللى سابت الجزمة 


ألتف "غفران" يرمقه بنظرة ثاقبة جعلته يرفع يده إلى عنقه يهندم رابطة العنق وازدرد لعابه، خرج "غفران" من غرفة الفندق وأتجه إلى المصعد عقله شاردًا بهذه الفتاة المجهولة، فتاة مجهولة لكن الوجه الوحيد الذى تعرف عليه "غفران"، هذا الرجل الذي يملك كل شيء فى العالم، لديه مال ومكانة وعِزة، ضغط "عمر" على زر المصعد ووقف خلفه بخطوةٍ واحدةٍ ثم قال:-

_ ممكن اسأل سؤال واحد


أدار "غفران" رأسه لليمين قليلًا مما جعل "عمر" يبتلع كلماته بخوف من تجاوز الحد لكن أدهشه كلمات "غفران" حين قال:-

_ قول؟! 


_ هتعرف أزاى أن هي نفسها البنت وحضرتك..... 

فتح المصعد أبوابه فوجل الأثنين؛ ليُجيب "غفران" على سؤال ببرود قاتل يجحم من يسمعه ويبلد المشاعر:-

_ وحضرتي عندي عمى وجوه!! مش كدة يا عمر، أهو اللى عنده عمى وجوه دا جت له بنت والأعمى شاف وشها يا عمر، البنت دى وشها وملامحها كانوا واضحين فى عينيا، عينيها الخضراء الضيقة ورموشها الطويل وحواجبها الرفيعة وشفايفها الصغيرة ولون بشرتها البيضاء والنمش البنى اللى ملأ خدودها وشعرها الكستنائي الناعم، طولها اللى لغاية هنا 


أشار بيده إلى ساعده يعبر عن قُصر قامتها بينما "عمر" يستمع بصدمة لجمته مما يحكيه "غفران" رئيسه مُصاب بمرض عمى الوجوه ولا يمكنه التعرف على أحد حتى أبنته لم يعرف ملامحها حتى الآن وزوجته، الأقارب والأغراب جميعهم لا يستطع "غفران" رؤية وجوههم لكن الآن يقول أن هناك فتاة تمكن من رؤية وجهها، تابع "غفران" الحديث قائلًا:-

_ مش رفيعة ولا تخينة، ملامحها وصوتها الهادئ بيقولوا أن عندها من ١٨ لـ ٢٣ سنة، أنا عايز البنت دي من تحت الأرض يا عمر 


أومأ إليه بنعم، فتح باب المصعد فخرج الإثنين وكانت سيارة "غفران" المرسيدس السوداء مُنتظرة بالسائق أمام باب الغرفة، أنطلق السائق به فى الممر الدائري أمام الفندق، نظر "غفران" من النافذة بملل وعقله شارد الذهن بهذه الفتاة المجهولة

رن هاتف "عمر" فقال بهدوء بينما يجلس جوار السائق فى الأمام:-

_ مدام كندا بتتصل 


لم يبالى لزوجته التى تتصل كثيرًا من الأمس، أنتفض جسده من مكانه وأتسعت عينيها حادقٍ بالنافذة حين رآها، هذه الفتاة المجهولة تنزل إلى سلالم المترو فصرخ بسائقه:-

-أوقف على جنب 


ضغط السائق على المكابح بفزع من صرخته ليترجل "غفران" من سيارته وهكذا رجال الحراسة الذين ركضوا خلفه إلى المحطة، رآها فى عربة السيدات ليقفز من فوق ماكينات التذاكر بينما فزع مؤظفين الأمن داخل المحطة، ركض إلى المترو كالمجنون وجميع الوجوه أمام كالضباب، لا يرى سواها كالغريق الذى حصل طوق النجاة للتو، رغم ما يملكه لكن هذه الفتاة العابرة تملك نجاته التى لا يمكن شراؤها بالمال لكن للقدر رأى أخر حين أغلق المترو أبوابه، رأته الفتاة من خلف الزجاج وهي تقف خلف الباب مباشرة فكتبت بسبابتها على الزجاج 

_ قُسم 


ردد اسمها بصوت خافتٍ حادقٍ بوجهها الواضح كشروق الشمس أمام عينيه يقول:-

_ قُسم 


تبسمت على لفظ اسمها من حركة شفاهه ثم أنطلق المترو بها بعيدًا قبل أن يحصل عليها "غفران" تاركة له بسمتها واسمها الاستثنائي كوجهها، كأن هذه الفتاة جئته أستثنائية بكل شيء لتكن جميلة كملامح وجهها الجميل، لأول مرة من سنوات يرى وجه أحد فحتى لو كانت قبيحة ولا تملك شيء من الجمال لكن بنظره وعينيه المريضة كانت أجمل بنت على الكون ........ 


يُتبــــــــع ......


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز



رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡ 

الفصل الثاني (2) 

___ بعنــــوان " متاعب الحيــاة " ___ 


صعدت "قُسم" إلى عربة القطار ووقفت مقابل الباب لترى وجه "غفران" الذي أغلق الباب فى وجهه، حادقًا بها فأقتربت أكثر من الباب وتبسمت بعفوية تحاول أن تعتذر على دخولها إلى غرفته بالخطأ وتذكرت سؤاله أمس عن أسمها فرفعت سبابتها على زجاج الباب الشفافي وكتبت أسمها عليه فتمتم "غفران" بدهشة قائلًا:-

_ قُسم !!


أومأت إليه بنعم من حركة شفتيه باسمها، تحرك القطار بها يسرقها من قبضته على كل شيء وتمتمت إليه مرة أخرى هاتفة:-

_ آسفة 


دلفت إلى الداخل وجلست على أقرب مقعد ووضعت سماعة الأذن المُتصلة بهاتفها فى أذنيها وظلت بالقطار حتى وصلت إلى محطة حليمة الزيتون، وصلت إلى محل موبيلات أسفل بناية سكنها وكان بداخلها شاب لديه 29 سنة من العمر وزوج من العيون الرمادية بشعر رأس مموج أسود اللون بدون لحية ولديه شارب عريض فوق شفتيه، ليس بقصير أو طويل، عريض المنكبين، وقف "حازم" من مكانه فور دخولها وقال:-

_ رجعتي بدري يا حبيبتي 


حدقت "قُسم" بوجهه عابسة من نسيانه عن أمرها فقالت بحدة:-

_ عشان كدة متصلتش تتطمن عليا وانا برا البيت من أمبارح، مش كدة يا حازم 


نظر "حازم" إليها مُندهشًا من كلماتها ثم ضرب جبينه بأنامله بخفة مُتذكرًا وقال بدلال:-

_ اااوبس ،حقك عليا والله يا قُسم أنا مكنتش فاكر خالص أنكِ رايحة الفرح دا أمبارح ، متزعليش يا حبيبتي


تأففت بضيق من بروده رغم كلماته العاطفية الناعمة لكنها لم تشعر مرة أنه يخاف عليها أو يهتم فقالت بضيق أكثر وهى تضرب سطح الفترينة الزجاجية التى تفصل بينهما:-

_ أتفضل يا حازم أنا عدت دفعت قسط الشقة 


أدرك من تجاهلها لكلمات أن خطيبته الجميلة غاضبة منه ومن عدم أهتمامه بأموره، أستدارت "قُسم" مُغادرة المحل بخنق يحتلها ثم صعدت إلى شقتها، تحدث صديق "حازم" الذي يعمل معه فى المحل قائلًا:-

_ ما تتحرك وتروح تصالحها


_ شوية، سيبها تهدأ كدة وبعدين محصلش كارثة أنى نسيت يعنى، البنات دول دماغهم صغيرة وبيدوروا على النكد من اى حاجة... كبر دماغك

قالها "حازم" ببرود يجتاح نبرته وقلبه، على عكس "قُسم" التى صعدت مُستشاطة غيظًا من "حازم" الذي لا يبالي لها وقلبها يفتك به الوجع والحزن، وصلت إلى شقتها وعندما ولجت لداخلها كانت والدتها تجلس على السفرة تفطر مع أخاها الأصغر "قاسم" طالب الصف الثاني الثانوي، شاب فى بداية عمره يملك 17 عامًا ذو شعر أسود طويل مصفف على الجانبين بجسد نحيف وطويل القامة، يملك زوج من العيون الخضراء كأخته التى ورثهما الأثنين من  والدتهما "صفية"، السيدة ذات الخمسين عام بدينة الجسد وبشرتها البيضاء وتلف حجاب صغير حول رأسها للخلف فقالت بلطف:-

_ أنتِ جيتي يا قُسم 


تركت "قُسم" حقيبتها على المقعد وجلست تتناول الإفطار معهم بوجه عابس، همس "قاسم" إليها بمرح يشاكسها:-

_ هو حازم مزعلك ولا أيه، البوز بتاع الستات دى مبيظهرش غير وهو مزعلك


نكزته "صفية" فى ذراعه بضيق من مضايقته لأخته الكبري بينما زاد غضب "قُسم" اكثر من حديث أخاها فقالت بغيظ ونبرة غليظة:-

_ خليك فى حالك 


_ وبعدين يا ولاد هتناكفوا فى بعض قصادي، كُل يا قاسم ومالكش دعوة بأختك

قالتها "صفية" بعفوية وعينيها تمقن فتاتها الصغيرة التي تحمل ملامح الغضب المكبوح بداخلها، لا تعلم سبب الضيق الذي تحمله "قُسم" الآن لكنها كأبنها تمامًا تُدرك أن السبب "حازم" خطيبها، تابعت الحديث قائلة:-

_ خلصوا أكلكم وأنت تنزل تشوف دروسكم وإياك يا قاسم أعرف أنك روحت تلعب كورة مع صحابك فاهم


أومأ "قاسم" إليها بنعم ثم مال على أخته بخباثة وقال هامسًا إليها:-

_ هأخد منك حق الماتش دا بقي


ضربته "صفية" على كتفه بضيق من عصيانه لحديثها مُتمتمة بغلاظة:-

_ سمعتك يا كلب، قومي يا قُسم أرتاحي شوية لحد ما أرجع من برا، أنا هوصل الطلبات دى فى محطة المترو وجاية تكوني نمتِ شوية عشان نروح نزور أبوكِ 


هزت "قُسم" رأسها بنعم وأكملت تناول طعامها بينما وقفت "صفية" تجمع الأغراض فى الأكياس من أجل توزيع الطلبات التي جمعتها من الزبائن فى مشروعها الخاص على الأنترنت حتى تساعد فى مصاريف البيت وعلاج زوجها وتقلل من الأعباء قليلًا الموجودة على عاتق فتاتها الصغيرة "قُسم" ..........


______________________________ 


" بقصـــر الحديــدي "


فتح باب المكتب الموجود بالطابق الأول ودلف "عُمر" ليرى "غفران" فى حالة خمول تام مُتكأ برأسه وظهره على ظهر المقعد مُغمض العينين يبدو نائمًا لكن أصابعه تترك بالقلم على سطح المكتب؛ ليُدرك "عُمر" أنه شاردًا بشيء وغارق بتفكيره فتنحنح بخفوت قائلًا:-

_ مسيو غفران 


فتح "غفران" عينيه بتهكم ليبدأ "عُمر" بالحديث بعد أن ميز "غفران" من هو بواسطة صوته:-

_ السيدة نورهان طالبة تقابل حضرتك على العشاء النهار دا 


أعتدل "غفران" فى جلسته ببرود شديد لا يبالي بشيء ولا برغبة والدته فى لقائه، تجاهل هذا الطلب وسأل بنبرة قوية :-

_ لاقيتوها ؟


_ هي مين؟


أجابه "غفران" بأشمئزاز من عجز رجاله فى العثور عن هذه الفتاة التي تملك الوجه الوحيد الذي تمكنت عيني "غفران" من رؤيته:-

_ سندريلا يا أظرف الكائنات


تنحنح "عُمر" بقلق من رد فعل "غفران" وصعوبة معرفتها، فقال بهدوء:-

_ بندور وإن شاء الله نوصلها ؟


وقف "غفران" من مكانه مُستشاطٍ غيظٍ من بطء رجاله وقال بينما يغادر الغرفة:-

_ خليكم ببطيء السلاحف، دور فى السجلات اللى فى الحكومة على بنت أسمها قُسم دا أسم مش شائع ومش هتلاقي منه كتير يا عُمر


أومأ "عُمر" إليه بنعم وخرج من المكتب مُغادرًا القصر ليجد مُساعده "عدنان"، شخص ذو جسد ببنية قوية ضخمة بسبب ممارسة للملاكمة والرياضة، أصلع الرأس ولديه لحية سوداء وطويل القامة جدًا وعضلات الضخمة تظهر فى ملابسه يكفي جسده وقوته لأن يكون الحارس الشخصي لـ "غفران" ، أتي نحوه بالهاتف وقال:-

_ وصلنا لكاميرات المراقبة فى الفندق، وفعلًا فى بنت دخلت أوضة غفران بيه ليلتها


حدق "عُمر" بالهاتف ووجه "قُسم" لم يظهر بوضوح فتأفف بضيق ليمرر "عدنان" سبابته على الشاشة وكان يغير الفيديو لصورة أكثر وضوحًا إلى وجه "قُسم" فدُهش "عُمر" بصدمة ألجمته حين رأى وجهها تمامًا كما وصفها "غفران" ليُصدق ما لا يمكن إستيعابه وأن هذا المريض صاحب مرض عمى الوجوه تمكن من رؤية وجهها ليصفه بهذه الدقة إلى "عُمر"، مما أرعب "عُمر" وأدخل القلق إلى صدره مُتسائلًا هل يمكن للأعمي بأن يرى؟ وإذا رأي فلما "قُسم" وحدها من تمكن من رؤيتها؟، أسئلة كثيرة جدًا أطاحت بعقل "عُمر" ومنطقه حتى أوشك على الجنون....


صعد "غفران" إلى غرفته مُنهكٍ ثم ألقي بجسده على الفراش وأغمض عينيه شاردًا بما يحدث معه وعقله هو الأخر يكاد ينفجر من التفكير خصيصًا أنه رأى "قُسم" وعادت عينيه المريضة لوضعها لم يتمكن من لمح وجه "عُمر" بنفس الوقت أو مُساعدينه، شعر بيد دافئة تلمس قميصه وتحاول أن تفك أزراره، فتحت عينيه وكانت "كندا" جواره ميزة زينتها من ملابسها المُثيرة ورائحة عطرها لُيدرك أن زوجته تزينت لأجله لكن وجهها ضبابي فقالت :-

_ غفران أنت وحشتني أوى


أبعد يديها عنها ببرود قاتل وهمس بنبرة جافة تُثير غضب زوجته أكثر:-

_ روحي على أوضتك يا كندا


أعتدلت فى جلستها بغيظ شديد وتكاد تفقد عقلها من نفوره منها كأنها وباء فتحدثت مُنفعلة:-

_ شايف نفسك يا غفران!!، عشان متجيش أنت والست الوالدة تلومني ولا تتهمني بالخيانة وأنت السبب فيها 


لم يتمالك أعصابه ومسك عنقها بقوة ودفعها بقوة على الفراش وبات جسدها يغرق فى مطاطية السرير، أحترقته كلمتها من الداخل وكيف لإمرأة أن تجرو على خيانة "غفران الحديدي" فقال بوجه مُلتهب كصدره وبرزت عروقه:-

_ طب فكري مجرد تفكير إنكِ تخونيني يا كندا وأنا أمحيكي من على الأرض من قبل ما تنفيذي فكرتك


تلعثمت من قبضته وهى تحاول إفلات عنقها من أسر يده القوية وتربت على يده بضعف وأنفاسها باتت تتلاشيء شيئًا فشئ لتقول:-

_ كح كح أنت أتجننت يا غفران هتموتني .... أبعد عني كح 


أبتعد عنها مُنفعلًا مثلها وأكثر لتجلس على الفراش وتضع يديها الإثنين على عنقها تدلكه بألم وخوف إجتاحها من لحظتها حين أوشكت على الموت بين يديه، صرخت بغضب سافر به:-

_ أنا هخونك من أفعالك وبُعدك عني يا غفران، أنا ست زى كل الستات ومحتاجاك أنت محسوب عليا جوازة والسلام، عارف لو بتكرهني أو قرفان مني هقول ماشي لكن أنا مش فاهمة ما لكَ؟ بعيد عني وأنت بتحبني، بتتمني تضمني لكن أول ما أقرب تهرب؟ عشر سنين مستحملة وبقول بكرة شوقه يجيبه لكن الحاجة الوحيدة اللى بيجيبها شوقك ليا هى الفلوس المجوهرات والعربيات الجدية والهدوم الماركات العالمية، أنا مش عايزة فلوسك يا غفران، مش محتاجة أنك تكون atm  ليا، أنا عندي اللى يكفينى من الفلوس أنا محتاج حبيبي وجوزي 


جهشت فى البكاء بأنهيار تام أثناء حديثها وكلماتها المؤلمة التى تعبر له عن وجعها وقهرتها، صمت وهو يضع يديه الأثنين خلف ظهره مُستديرًا إليها حتى لا ترى وجهه الذي تجمعت الدموع به، هو أيضا عاشقًا إليها مُنذ أن رآها بأول يوم فى حفل الجامعة فوق المسرح مُمثلة مبتدئة وهو غرق بعشقها حتى مع وجهها الضبابي، وصفها "عُمر" إليه بانها أجمل فتاة تراها العين، فتاة تصغره بعامين ذات الشعر البني الغامق كحبيبات القهوة التى يدمن شرابها فى يومه، وهكذا عينيها الواسعتين بلون شعرها وبشرتها البيضاء الصافية كالحليب وجسدها الممشوق الذي يجذب إليها أى رجل، مفتونًا بجمالها الذي خُلقت به، يرسم عقله صورة لها من وصف "عُمر" الدقيق لها ورغم عشقها القائم بداخله لم يجرأ على لمسها مُنذ ليلة زفافهما، خرجت "كندا" مُستاءة من رفضه لها ومُنهارة فى البكاء، جلس "غفران" على أقرب مقعد إليه لتدمع عينيه رغم كبريائه وسلطته لكنه يتألم مثلها وكيف له أن يتحمل وجود محبوبته قُربه ولا يقوى على لمسها؟، تذكر كيف ضمها بليلتهما الأولى وأصابه رجفة قوية وأشمئزاز أحتله من عجزه على رؤيتها، لأول مرة وقتها يشعر بالشفقة على حاله حين عجز على رؤية وجه زوجته وحبيبته؟ وألت الأمر من وقتها لهذا الجفا بينهما لم يتمكن من لمسها لكنه يقدم لها كل شيء تتمني فى الحياة .....


_______________________________ 


خرجت "قُسم" مع والدتها من المستشفي ووجوههما عابسة بحزن واضح فى معالمهما، أستقلوا أول سيارة ميكروباص مرت أمام المستشفي فربتت "قُسم" على يدي والدتها ببسمة ناعمة تمدها بالأمل والتفائل وقالت بلطف:-

_ متقلقيش يا ماما، ربنا معانا ومش هيسيبنا وإن شاء الله نقدر نجمع تمن العلاج لبابا 


تنهدت "صفية" بيأس تملك منها وهم على هذا الحال من شهور ولم يحدث شيء جديد لتبتسم "قُسم" بلطف لأجل والدتها التى أنهكتها رحلة الحياة والمعافرة فى سنها، ضمت رأس  والدتها إلى كتفها طيلة الطريق حتى وصلت إلى العمارة وترجلت منها فرأت "حازم" يقف مع "ملك" و "قاسم" أخاها يقف مُتكأ على عكائز طبي بعد أن كُسرت قدمه من لعب الكرة فهرعت إليه مع "صفية" بصدمة ألجمتها و"صفية" تسأل بقلق:-

_ يا خراشي .... حصل أيه يا قاسم؟ لتكون أتخانقت مع حد؟


أجابها "حازم" بنبرة خافتة يهدأ من روعة عمته قائلًا:-

_ متتخضيش يا عمتي، مجرد جزع هيرتاح كام يوم ويقوم لك زى الحصان


مسكته "قُسم" من أذنيه بغضب من هذا الفتى الطائش وقالت بضيق:-

_أتخانقت مع مين يا ولا؟


أبعدت "ملك" يدها عن "قاسم" تنجده من تمرد صديقتها ثم قالت بعبوس:-

_ يا ست قُسم ما اتخانقش مع حد، وقع وهو بيلعب كورة


أتسعت أعين "صفية" على مصراعيها بغضب كامن بداخلها بسبب عصيان "قاسم" لحديثها وتحذيرها له فقالت بضيق شديد:-

_ قُلتي أي يا ملك؟! ، كورة يا قاسم!!! نهارك مش فايت؟


أقتربت منه "ملك" تخلصه من بين يدي والدته الغاضبة بسبب إصابته وهكذا "قُسم" ثم صعد "قاسم" بمساعدة "ملك" و"صفية" ، وقفت "قًسم" بعد أن أوقفها "حازم" لتقول بنبرة غليظة ووجهه عابس:-

_ نعم يا حازم


نكزها فى ذراعها بمرح كأنه لم يفعل شيء ولا يبالي بحزنها وأنقبض قلبها الدافئ رغم هذا العشق الذي تحمله بداخلها، تمتم بعفوية وعينه اليسري تغمز إليها:-

_ فكِ بقي يا قُسم، والله نسيت من ضغط الشغل يا حبيبتي ، يا بت دا أنتِ روحي وبنت قلبي


رفعت "قُسم" حاجبها إليه ببرود لا تبالي بحديثه المعسول وهذا هو الشيء الوحيد الذي تناله من علاقتهما، لسانه الناعم فقط لكن أفعاله مُنعدم فقالت ببرود مُتشبثة بغضبها:-

_ والله شوف أزاى، كلام أنا مبأخدش منك غير كلام وبس يا حازم


ضرب كتفها بكتفه بعفوية ثم قال بدلال مُحاولة مصالحتها:-

_ لا يا حبيبتي مش كلام، طب أقولك أطلبي منى أى حاجة فى الدنيا أعملهالك وهتشوفي أني هعملهالك 


عقدت ذراعيها أمام صدرها بثقة من شخصية "حازم" وهى خير الناس معرفة به وقالت بجدية:-

_ طب تعال معايا للترزي بتاع الستائر نشوفه خلاص ولا لا


تنحنح بحرج من طلبها ودائمًا تطلب منه الكثير من الأفعال، تحاشي النظر إليها مُتهربًا من طلبها لتقول بجدية وضيق:-

_ مش هتتغير يا حازم، هتفضل رامي كل حاجة عليها ومشيلاني مسئوليّة الرجل والست فى الجوازة دى، هتفضل كدة بوق وبس مبأخدش منك غير كلمتين حلوين لكن طول وقت الجد مُنعدم ومش موجود، أنا اللى ألف على النجار والترزي وأروح أقف مع الصنايعي فى الشقة وأجري أدفع أقساط الشقة، هتفضل داخل العلاقة دى ببدلة العريس بس ويا خوفي أنا كمان اللى أروح أجيبها لجنابك


أنهت حديثها بغضب مُنفعلة كالمجنونة وصعدت إلي الأعلى بضيق يحتلها من الداخل، لا تعلم سبب تشبثها به وهل الحُب الذي تحمله إلى "حازم" بداخلها يستحق أن تتحمل كل شيء وتكون هى المُعطي فى العلاقة كاملة وطيلة حياتها......


________________________________ 


جلس "غفران" على السفرة مع والدته "نورهان" فى قصرها الخاص، يتناولوا العشاء فى صمت حتى قاطعته "نورهان" قائلة:-

_ أتجوز يا غفران


رفع عينيه بدهشة بوالدته وتشنجت عضلاته بينما يديه توقفت عن تقطيع شريحة اللحم مصدومًا من كلماتها وطلبها ، تمتم بنبرة خافتة لا يستوعب هذا الأمر قائلًا:-

_ حضرتك قُلتِ أيه؟ 


رفعت "نورهان" نظرها به بجدية صارمة تقول بغيظ أكبر:-

_ قُلت تتجوز، أي مسمعتنيش؟! ، بقول تتجوز ما دام مش قادر تعيش طبيعي مع مراتك 


ترك من يده الشوكة والسكين وتنهد بهدوء قبل أن يختار كلماته التى سيتفوه بها، تحدث بنبرة غليظة قوية:-

_ أنا مُدرك جدًا أن حضرتك مبتحبيش كندا ولا بينكم أى ود ومحبة، حتى علاقتكم موصلتش لأنها تكون بين حماة وزوجة ابن بالعكس العداوة والكره بينكم قائمة كأنكم فى حرب، لكن دا ميديش حضرتك أبدًا الحق في أنكِ تقرري أنى أتجوز


أغلقت "نورهان" قبضتها فوق السفرة بغضب سافر وكره ملحوظ فى عينيها من حديثه عن زوجته ثم قالت بجدية:-

_ طلبي مالهوش علاقة نهائيًا بالكره اللى بينا، مراتك المصونة وحبيبة قلبك بتهدد أنها هتفضحك وهتطلع على الملأ وتقول أن غفران بيه الحديدي معندوش ميول للنساء، عارف دا معناه اي؟ بلاش عارف لو فتحت بوقها بدا الإعلان والشعب والعملاء وأعضاء مجلس الإدارة هيكون تأثيره أيه عليهم؟، لازم تتجوز واحدة تانية تضمن بيها سلامتك وسمعتك قصاد كل دول إذا فكرت كندا أنها تغدر بيك


_ كندا مُستحيل تعمل كدة

قالها بثقة عمياء فى محبوبته، مُغرمًا بسحر حُبها الكامن بداخله فأشارت "نورهان" إلى "رزان" مساعدتها بأن تقترب؛ لتقدم لها ظرف أخرجت منه "نورهان" بعض الصور لـ "كندا" مع مخرج شاب يرقصان معًا فقالت بنبرة غليظة:-

_ هى دى كندا اللى بتتكلم عنها، حبيبتك اللى متقدرش تعيش من غيرك بس بتترمي فى حضن راجل تاني وترقص معاه بمنتهى الحُب اللى واضح فى الصور دى


نظر "غفران" إلي الصور وهو لا يميز وجه زوجته أو هذا الرجل، لا يعلم إذا كانت هي أم لا، لكنه واثقًا أن هذه زوجته وأن "نورهان" لن تخدعه بصور مُزيفة خصيصًا أن "عُمر" الوحيد الذي يعرف بمرض "غفران" بعمى الوجوه، وقف ليغادر القصر بضيق مُستاءٍ من حديث والدته:-

_ عن أذن حضرتك ورجاءً متحاوليش تتجاوزى حدودك وتدخلي فى علاقتي بزوجتي


غادر القصر ليرى "عُمر" فى أنتظاره أمام القصر، سار معه فى الحديقة الكبيرة بطريق قصره، أخبر "عُمر" عن الصور وطلب منه أن يتأكد أن كانت هذه زوجته أم لا فقال:-

_ تحت أمرك، الصبح يكون عندك المعلومات المؤكدة عن الموضوع دا


_ أنا عارف أنه أكيد يا عُمر، محدش على وجه الأرض دى يعرف بمرضي غيرك، حتى السيدة نورهان ومراتي كندا ميعرفوش أن عندى عمي الوجوه، فبالتالي مُستحيل تكون السيدة نورهان بتعرض صور مُزيفة لكندا لكن اللى بطلبه منك أنك تتأكد من أن الصور مش متركبة ولو حقيقة تجمع لي كل المعلومات عن المخرج دا

قالها "غفران" بضيق يخنق صدره المُلتهب من الغيرة بسبب أفعال زوجته، حتى أنه شعر بحريق ينهش قلبه وحوله إلى رمادٍ منثورٍ على صدره المهجور من الجميع، تحدث "عُمر" بنبرة جادة هادئة ويديه تقدم الجهاز اللوحي ( التابلت) إلى "غفران":-

_ اسمها قُسم جميل الطاهر، عندها 25 سنة مُدرسة رياضيات فى مدرسة خاصة بحلمية الزيتون وروضة أطفال فى الشيخ زايد بعد المدرسة بالفترة المسائية عشان تعسر حالتها المادية بسبب مرض والدها المحجوز فى مستشفي الجلاء محتاج لجراحة زراعة قلب وطبعًا التكاليف عالية عليهم جدًا، ساكن مع والدتها اللى عاملة مشروع صغير على جروب على الفيس بوك بتبيع فيه أكل بيتي وملابس وغيره من الطلبات عشان تساعد فى مصاريف العلاج وعندها أخوها الصغير قاسم طالب فى ثانية ثانوي، كانت موجودة فى الفندق باليوم اللى قابلت حضرتك فيه بسبب فرح واحدة من صديقتها كانت مُقيم بغرفة 525 لكنها دخلت أوضة حضرتك بالغلط ربما بسبب تشابه الأرقام، بنت من بيئة بسيطة جدًا وميملكوش أى حاجة غير شقتهم الملك وحالتهم المادية مُتعسرة جدًا بسبب القرض اللى أخذه باباها من البنك بمبلغ 180 الف جنيه عشان جوازها وبعد دخوله المستشفي أضطرت أنها تتكلف بأقساط البنك غير العلاج 


كان "غفران" يستمع إلى تفاصيل حياتها البسيطة وكم الشقاء الذي تعيش به حتى أخبره "عُمر" بالكلمة القاضية التى أغضبته جدًا قائلًا:-

_ مخطوبة وعلى وش جواز


رفع عينيه عن البيانات من الجهاز اللوحي ليحدق بـ "عُمر" بصدمة ألجمته حين سمع أنها ملك لرجل، كان "عُمر" خبيثًا فى حديثه حين تحدث عن كل شيء وأختار بمكر نهاية الحديث بخبر خطبتها من رجل أخر، لكن "غفران" لم يبالي لأى شيء ولا لكونها ملك لرجل أخر فقال بجدية صارمة:-

_ بكرة الصبح تجبلي عنوان المستشفي اللى فيها باباها ......


___________________________________ 


خرجت "قُسم" من فصل الأطفال بعد أن طلبتها مديرة الروضة لتدخل إلى مكتبها لكنها صُدمت عندما رأت "غفران" بالداخل فأبتلعت لعابها بخوف لا تعرف كيف وصل إليها؟ وهل بحث عنها أم هذه صدفة صنيعة القدر؟، تحدثت المديرة بنبرة هادئة باسمة بسعادة:-

_ تعالي يا ميس قُسم، أستاذ غفران الحديدي أكبر بيزنس مان فى تجارة العربيات، أختر الروضة بتاعتنا مخصوص لبنته نالا


نظرت "قُسم" بحيرة" إلي طفلته ثم إليه لتراه مُصدومًا خصوصًا أنه يرى وجهها حقًا ولم يكن يتخيل الأمر سابقًا، يرى عينيها الحزينتين ويظهر بهما التعب وملامحها الشاحب رغم بسمتها المرسومة على شفتيها لأجل الأطفال، أتسعت عيني "عُمر" الذي يقف خلفه ويرى "قُسم" أمامه كما وصفها "غفران" بدقة لم تختلف عن حديثه بشيء، أومأت "قُسم" إليها برحب وقالت:-

_ إن شاء الله نكون عن حُسن ظن حضرته


أخذت العاملة "نالا" إلى غرفة الأطفال وغادرت "قُسم" ليقف "غفران" مُسرعًا ويقول:-

_ عُمر هيكمل الأجراءات مع حضرتك


خرج خلفها ليراها تسير فى الممر بهدوء ومُرتدية فستانها الأصفر الطويل بنصف كم وبه حزام حول الخصر، تصفف شعرها خلف ظهرها بضفائر كثيرة مُنتيهة بضفيرة واحدة، أسرع نحوها كالمجنون وهو عالقًا بسؤال واحد لما يراها بوضوح هكذا، كانت تسير بعفوية رغم تعبتها ومزاحيتها الضائقة من شجارها مع "حازم" أمس لتفزع حين مسكها "غفران" من يدها بقوة يُديرها إليه فشهقت بقوة وأتسعت عينيها على مصراعيها حادقة بوجهه بفزع بينما هو يتفحص ملامح وجهها بدقة كأنه يحفظها، لم تصدق نظرته التى كانت تحمل الفزع والآمان معًا، كان مرعبًا من رؤية لوجهها، لطالما كان كفيفًا فالرؤية له بمثابة الحلم المستحيل والآن يراه يتحقق مع فتاة واحدة.............

 

يُتبــــــــع ......


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الثـــــــــــالــــث (3)

___ بعنــــوان " عقــل رجــل " ___


ظلت "قُسم" جالسة بالحديقة المليئة بالألعاب فى الروضة مع الأطفال شاردة فيما حدث سابقًا وعقلها يطرح سؤالًا واحدًا هل جاء "غفران" للروضة صدفة؟ أم بحث عنها؟ خصيصًا بعد أن علمت بعمله وأن شخص يملك مكانة ومن طبقة عالية، فاقت من شرودها على صوت شجار مع الأطفال فهرعت إليهم بسرعة تفصل بين الطفلين حتى انتبهت إلى "نالا" التي تجلس وحدها بعيدًا على المقعد ولا تلعب بالألعاب مع الأطفال، تنحنحت بلطف ثم وقفت لكي تذهب إليها، طفلة جميلة لكنها هادئة على عكس الأطفال بسنها، أقتربت "قُسم" من الطفلة بوجهها العفوي وبسمتها المُشرقة التى جعلت الأطفال يحبونها بسرعة، جلست قُربها ثم قالت ببسمة مُشرقة:-

_ ما لكِ يا حبيبتي؟ مبتلعبيش مع أصحابك ليه؟


أجابتها "نالا" بنبرة خافتة طفولية وعينيها فى الأرض بحزن:-

_ أنا معنديش أصحاب هنا؟ أصحاب كلهم مش هنا كانوا فى السكول التانية 


فهمت "قُسم" أن "نالا" ذهبت إلى مدرسة أخرى، حاولت الأهتمام بالطفلة طيلة اليوم حتى أنهت من عملها فى الساعة السابعة مساءٍ ، خرجت "قُسم" من الروضة وتحمل حقيبتها على كتفها ويدها تبحث عن هاتفها الذي يدق بداخلها بتعب من أرهاق اليوم، رأت المُتصل "حازم" فأجابت عليه وهي تصعد بالأتوبيس:-

_ أيوا يا حازم 


_ خلصتي شغل ولا لسه؟

قالها "حازم" بصوت خافت عبر الهاتف لتُجيب عليه مُنهكة وهى تتكأ برأسها على النافذة قائلة :-

_ اه، خلصت أنت عامل أي؟ يومك كان عامل أزاى 


بدأ يحكي لها عن تفاصيل يومه المعتادة ولم يحدث بها شيء استثنائي، وهى تستمع وتقصي له أحداثها مع الأطفال لكنها تعمدت ألا تخبره عن الموقف الذي جمعها بـ "غفران" من أيام وتكرر اليوم، لم تنتبه إلى سيارته التى تسير بجوار الأتوبيس و"غفران" يحدق بها من خلف نافذته فتمتم "عُمر" بهدوء أثناء قيادته للسيارة:-

_ أنا اتفقت مع مديرة المكان أنها تستقبل نالا فى الفترة المسائية بحكم وجودها فى المدرسة الصبح


أومأ إليه بنعم وعينيه لم تفارق وجه "قُسم" حتى ألتف الأتوبيس فى مفترق الطرق يسرقها من عينيه فتنهد "غفران" بتعب وعقله لا يستوعب حتى الآن سبب رؤيته لوجهها ولا يملك سبب لهذا سوى أنه القدر، تمتم بنبرة خافتة خائفٍ من القادم وبحثه وراء فتاة غير زوجته:-

_ أنا مش خائن يا عُمر، صح؟ ، أنا مبخونش كندا .. أنا بس بدور على علاج لمرضي وسبب رؤيتي لها فى حين أن عيني مريضة بقالها فوق الـ 12 سنة بسبب الحادثة إياها 


أومأ "عُمر" إليه بنعم يوافقه على الحديث ثم قال:-

_ أكيد دا ميندرجش تحت مُسمي الخيانة بأى صفة، وخصوصًا أن حضرتك بتحب مدام كندا جدًا 


نظر "غفران" إلى الطريق بعد أن صعدت السيارة على كوبري ففتح النافذة حتى يضرب الهواء القوي وجهه فتحدث بضيق:-

_ أنا مش قادر ألمس مراتي يا عُمر، مش قادر أقرب منها ولا حتى أقعد أفضفض معاها بالكلام، كندا لو عرفت أني مريض هتسيبني وتمشي وتطلب الطلاق، وقتها هيكون حقها ومش هقدر أخليها معايا غصب عنها، لا رجولتي ولا كبريائي يسمحوا لي أنى أعيش مع ست مش عايزاني 


_ أكيد مدام كندا حاسة بالحُب دا ودا اللى مخليها لحد النهار دا مفكرتش تطلب الطلاق خصوصًا فى حالتكم دى 

قالها "عُمر" بهدوء، أخذ شهيق قوي بين ضلوعه وأكبر مخاوفه الآن أن تفارقه "كندا" أو تطلب منه الأنفصال بعد حديثها القاسي معه أمس، ورغبتها بالخيانة بسبب تجاهله مما  أصاب قلبه وعقله بالخوف مذعورٍ أن تجمع شجاعتها وتغادر قصره حقًا هذه المرة، نظر "عُمر" فى المرآة الأمامية ؛ليرى رئيسه مهمومًا وخائفًا لأول مرة فى حياته يرى "عُمر" الخوف فى عيني هذا الوحش لطالما كان "غفران" شاب عفوى مرح من قبل حتى أصابته تلك الحادثة التى سرق عينيه ومعها سُرقت عفويته وبسمته وبات باردًا كالجليد من حذره الدائم فى التعامل مع الأشخاص، أكمل "عُمر" طريقه بقيادة السيارة حتى وصلوا إلى القصر وعبر بوابته حتى رأى "تيا" أخته الصغري تسير فى الحديقة تهتم بورودها فتحدثت "عُمر" بهدوء :-

_ مدام تيا هناك


نظر "غفران" إلى أخته التى تجلس فى الحديقة تمارس هوايتها المفضلة فى الأهتمام بزهور حديقتها لذا سُمي قصرها بقصر الحديقة فحديقته أهم شيء به ومليئة بالزهور جميع الألوان والأنواع ، قال بهدوء:-

_ وقف العربية يا عُمر


أومأ إليه بنعم وأوقف سيارته أمام "تيا" امرأة تبلغ من العُمر 28 سنة تملك جسد نحيف ببشرة متوسطة البياض وعيني بنية وشعر رأسها الأسود مُصفف على الجانبين متوسط الطول، ترجل "غفران" من سيارته لتبتسم "تيا" بسعادة من رؤية وجه أخاها الوسيم فقالت بعفوية:-

_ أي دا؟ أنت بتزيد وسامة كل ما تسافر ولا أى؟ 


تبسم لأجلها بخفة على مداعبتها لوسامته وهو نفسه لا يعرف إذا كان وسيم بهذا القدر أم لا؟ لطالما نظر إلى المرآة ووجد إنعكاسه ضبابي، قال بلطف:-

_ أنتِ أكتر، أخبارك أي؟ جوزك جه ولا لسه؟


قهقهت ضاحكة على حديث ثم قالت بلطف:-

_ ههه طول عمرك كلامك حلو، لسه أنس مجاش أنت عارف شغل قبضان فى البحرية دا شيء مهلك جدًا ليا أنا كزوجة لكن بالنسبة له أهم حاجة فى حياته، نفسي يقتنع ويجي يتشغل معاك فى الشركة أو مع ماما، دى كل إجازة تعرض عليه وظائف مختلفة فى شركة الأدوية بتاعتها ومفيش فائدة يا غفران


أومأ إليها بنعم ثم قال بجدية ويديه تربت على كتفها:-

_ ولا يهمك، أنا ممكن أكلمه تاني لما يرجع إجازة 


هزت رأسها بلا فاقدة الأمل فى تغيير رأي زوجها وتركه للبحرية فهو عاشقًا لهذا العمل، وقالت بعفوية:-

_ تؤ متشغلش بالك، كمان أنا أتعودت وحياتنا ماشية 


وافقها الرأي بصمت ثم نظر إلى الزخور الجميل وقال:-

_ أنا عايز بوكيه ورد أحمر، محبتش أشتري من برا 


تبسمت "تيا" بحماس وبدأت تجمع له باقة من الورود الحمراء و"غفران" ينتظرها مُتحمسًا لأعطاء زوجته هذه الباقة تعويضًا عن بكاء الأمس وحزنها الكامن بداخلها بسبب تجاهله، أخذ الباقة من أخته وسار مُتجه إلى قصر، دلف إلى الداخل وأستقبلته "فاتن" رئيسة الخدم، أخذت عن أكتافه سترته فسأل بهدوء:-

_ مدام كندا فين؟


أجابته "فاتن" بهدوء وعينيها تحدق بوجهه تقول:-

_ خرجت من ساعة قالت عندها تصوير


تأفف "غفران" وتذكر تلك الصور ليُنادي على "عُمر" بغضب:-

_ عُمر


أتاه "عُمر" فزعًا من نبرته العالية التى تحمل بباطنها لهجة الغضب وتأكد من ذلك حين رأى وجهه ليقول:-

_ تحت أمرك


_ شوفي ليا كندا فين؟ وبتصور فين ومع مين؟

قالها "غفران" بنبرة قوية يُحذره من معرفة أين زوجته وماذا تفعل قبل أن يقتل رجاله، ألقي بباقة الورود الحمراء فى وجه "فاتن" حين أقتحم عقله الأفكار الخبيثة بعد رؤية الصور التى جلبتها والدته إليه عن الخيانة ثم ولج إلى غرفة المكتب ويتصل على زوجته مما أثر غضبه أكثر حينما وجد الهاتف مُغلق نهائيًا.....


__________________________ 


فى شقة "جميل" فتحت "صفية" باب غرفة "قُسم" تقول بعفوية:-

_ العشاء جاهز...


توقفت عن الحديث عندما رأت فتاتها الصغيرة جالسة على الفراش مُرتدية عباءة بيتي بنصف كم وشعرها مرفوع للأعلى، شاردة ودموعها تحتل وجنتيها الحزينتين فقالت بقلق:-

_ أنتِ بتعيطي يا قُسم؟!! حصل أي يا حبيبتي


قالتها وهى تجلس أمام "قُسم" على السرير، نظرت "قُسم" إلى والدتها بحزن ويديها تجفف دموعها بلطف:-

_ مفيش حاجة يا ماما، يلا نتعشي


كادت أن تترجل من فراشها لكن أستوقفها يد "صفية" تمسك بيدي ابنتها تمنعها من المغادرة ثم قالت بهدوء:-

_ حصل أي يا قُسم؟ هتخبي على أمك! طب لو خبيتي عليا هتحكي لمين؟... 


_ يا ماما 

قالتها الفتاة بنبرة خافتة حزينة فتابعت والدتها الحديث بجدية وعينيها ترمق عيني فتاتها مباشرة هاتفة:-

_ حازم مزعلك مش كدة؟!


شبكت "قُسم" أصابع يديها ببعضهما وأخذت تنهيدة قوية بين ضلوعها ثم قالت بضيق يحتل صدرها ويقبض قلبها:-

_ حازم صعب أوى يا ماما، أنا بحبه ومن يوم ما وعيت على الدُنيا دى وأنا معرفش راجل غيره وزى ما بتقولوا كلكم أنا أتربيت على أيده، من يوم ما عرفت كلمة حُب وأنا معرفهاش غير لحازم، لكن حازم يا ماما بقي صعب أوى طول فترة الخطوبة، يمكن أنا مأخدتش بالي من تحمل المسئوليّة قبل الخطوبة ودا اللى كان مخلينا متفقين ومفيش مشاكل بينا لأن حياتنا عبارة عن كلام حلو وهو شاطر أوى فى دا، لكن لما بدأنا تجهيزات الفرح أكتشفت حاجة جديدة فيه، حازم رامي كل المسئوليّة عليا، أنا تعبانة يا ماما


ذرفت دموعها بحزن شديد من الوجع الكامن بداخلها وعبء المسئولية، مُتابعة الحديث لوالدتها وسط شهقاتها:-

_ أنا بقيت عاملة زى الست اللى عندها ستين سنة، بصحي الصبح أروح المدرسة ومنها على الحضانة والساعتين الفاصل بينهم بيقعد أدى درس فيهم، أرجع الساعة 7 بليل ألف على العفش والنجف والمطبخ وغيره من تجهيزات الجواز، أوصل بيتي ميتة حرفيًا مش قادرة أحرك فيا أصبع واحد، هتجوز أزاى وأنا معنديش وقت أستشور شعري حتى، حازم رامي كل حاجة عليا ودا تاعبني ومخليني مش متحمسة لفرحي ولا جوازي زى باقي البنات، أنا مش حاسة أنى عروسة يا ماما


ضمتها "صفية" بحزن إلى صدرها تربت على كتفها بهدوء ثم قالت:-

_ خلاص يا حبيبتي، ما دام تاعبك أوى كدة بلاها دى جوازة ، أنا مش مستغنية عنك ولا هستني تجيلي مطلقة من عمايله 


_ أسيبه!!

قالتها بصدمة ألجمته وفزع عقلها من تخيل الفكرة فوقفت تسير داخل الغرفة وتحدثت بدهشة:-

_ أنا معرفش أكون مع راجل تاني غير حازم، أنا أتربيت على أيده ومعرفتش يعنى أى راجل غير حازم 


وقفت "صفية" من مكانها مُستديرة إلى ابنتها تقول بحدة صارمة:-

_ أسمعي يا قُسم، أنا هقولك كلمتين عشان أنا أمك وواجب عليا أنصح، حازم ابن أخويا اه ويعز عليا الخلاف اللى هيحصل بيني وبين أخويا وخصوصًا مع مراته الحرباية لو الجوازة دى أتفشكلت لكن مش هيكون أعز عندي منكِ، حازم بالأسلوب دا هيتعبك والحُب يا بنتي مش كل حاجة فى الجوازة، الحُب أكيد ضروري يكون موجود لكن الأهم المودة والرحمة اللى أنا شايفة من كلامك أن حازم مبيرحمكش أبدًا بالعكس دا ضاغط عليكِ أكتر، المثل بيقولك اللى ميشوفش من الغربال يبقي أعمي، دا بدل ما هو اللى يلف على الشقة والتجهيزات وهو شايفاك طالع عينيك عشان تجمعي مصاريف العلاج لأبوكِ أو دورس الثانوية العامة اللى تقصف العمر عشان أخوكِ، فكري يا قُسم عشان الجوازة مش لعبة وخسارة قريبة يا حبيبتي أحسن ألف مرة من مكسب بعيد 


نظرت "قُسم" إلى والدتها وتبسمت بلطف لعل يطمئن قلبها قليلًا، خرجوا معًا لتناول العشاء وكان "قاسم" يتناول الكثير بشراهة فقال:-

_ ساعة مستنيكم يعني


ضربت "قُسم" مؤخرة رأسه وهى تسير بعبوس وقالت:-

_ كل دا ومستنينا، ما تيجي تأكلني بالمرة 


_ والله يا بنتي لو طعمك حلو كنت أكلتك

قالها بعفوية لتقرص وجنته أخته فتبسمت "صفية" وجلسوا معًا يتناولوا العشاء ثم دلفت "قُسم" إلى الشرفة بكوب الشاي وجلست تنظر فى هاتفها ولا تعلم سبب تذكرها لـ "غفران" فبحثت عن أسمه على جوجل لتجد الكثير من المعلومات والصور أكثر التي نُشرت بواسطة زوجته "كندا" الممثلة المشهورة فى هذه البلد والوجه الإعلاني للكثير من شركات المجوهرات ومساحيق التجميل، ظلت تقرأ عنه وعن تجارة فى السيارات وأنه يملك أكبر شركة مستوردة للسيارات من الخارج، رن هاتفها باسم "حازم" فتنحنحت بلطف ثم استقبلت الأتصال .......


___________________________ 


فى موقع التصوير دا حديقة و"كندا" تلعب دور العشيقة التى تسرق الزوج من زوجته العقيمة، بينهما الكثير من العشق، أنهت التصوير ودلفت إلى عربتها المخصصة لتغيير الملابس، جلست وحدها على الأريكة وأشعلت سيجارة بقداحتها لتضعها بين شفتيها، نفثت دخانها مع فتح باب السيارة ودلف المخرج "عفيفي" رجل فى الأربعينات من العمر ليقول:-

_ برافو عليكِ يا كندا، كُنتِ هايلة النهار دا وخصوصًا فى المشهد الأخير


أجابته وسيجارتها بين أناملها بهدوء:-

_ كويسة يعنى مش هنحتاج نعيد المشهد، عايزة أروح بدري 


وقفت من مكانها ليقف "عفيفي" أمامها يقاطع طريقها للخارج وحدق بوجهها الملاكي ثم قال:-

_ لا ، تروحي أي؟ أنا عازم فريق العمل على عشاء فندقي فاخر هيعجبك، دا أنا أختارت الفندق اللى بيقدم أكل أسيوي عشان عارف أنك بتحبيه 


صمتت تفكر قليلًا فى عرضه مُترددة من التأخير فى العودة للمنزل وهذا سيغضب زوجها جدًا، رن هاتفها الذي فتحته بعد دخولها للسيارة مُعلن عن أستلام رسالة، ألتفت تحصل على هاتفها مما جعل "عفيفي" يفهم فعلها رفض لعرضه فأستدار لكي يغادر حتى أستوقفه صوتها ..

حدقت بالرسالة وكانت تهديد من "غفران" محتواها ( إياك تفكري تخونيني يا كندا مع المخرج الزبالة دا) مرفق برسالته الصورة التى حصل عليها من والدته، شعر بالظلم يقتلها وهى لم تجرأ على خيانته لمرة واحدة فقالت بعناد وضيق من تهديده:-

_ موافقة!! أستنوني هغير هدومي


أومأ "عفيفي" لها ببسمة وحماس يقتله ثم خرج من السيارة.....


___________________________ 


بـــ "قصــــــــــــر الحــديـــــــدي"

وصل "عُمر" إلى غرفة المكتب بعد أن علم بمكان وجودها ليقول:-

_ مدام كندا فى مطعم بفندق نايس هاوس، مع فريق العمل كله مش المخرج لوحده


أستشاط "غفران" غيظًا من تصرف زوجته رغم رسالته التهديدية له فوقف من مكانه تاركًا مقعد مكتبه وأنطلق للخارج بقميصه الأسود وبنطلون الرمادي يقول:-

_ تعال ودينى


أستقل سيارته مع "عُمر" وأنطلق به خارجًا، تحدث "غفران" فى طريقه قائلًا:-

_ بكرة تجيب رقم قُسم من الحضانة وتتصل بيها تطلب منها تيجي تدي نالا درس خصوصي وتعرض ثمن الحصة الواحدة 2000 جنيه 


أتسعت عيني "عُمر" على مصراعيها بصدمة ألجمته من المبلغ الذي يعرضه "غفران"، كأن "غفران" بدأ يشق طريقه إلى "قُسم" بأكثر شيء تحتاجه هذه الفتاة من أجل الحياة الشاقة ليخفف عليها أعباء الحياة ويفتح الباب حتى يتمكن من رؤيتها كما يريد فى آنٍ واحدٍ ، تحدث "عُمر" بهدوء خائف من غضب هذا الرجل:-

_ بس دا مش كتير، دا مرتبها فى المدرسة كله 1900 بس 


حدق "غفران" بـ "عُمر" بوجه غاضب من معارضة "عُمر" لحديثه فقال بضيق:-

_ أعمل اللى أقولك عليه يا عُمر بس


صمت "عُمر" مُلتزمًا بالقيادة مما جعل "غفران" يُدرك قسوته على مساعده ولولا "عُمر" لفضح أمره أمام العالم أجمع ولن يتحمله شخص أخر كـ "عُمر"، تحدث بهدوء شديد:-

_ قُلتلي أن مصاريف المستشفي وحجز الأوضة 15000 ألف جنيه و8 حصص فى الشهر بمبلغ 2000 يخلوها تدفع مصاريف المستشفي من ساعة واحدة فى اليوم بدل المرمطة دي 


أومأ "عُمر" إليه مُتفهم أن هذا مجرد عذر من أجل اللقاء الذي سيجمعه بـ "قُسم" 

وصل "غفران " إلى الفندق وبحث عن زوجته حتى رآها "عُمر" وأشار إليه عليها يقول:-

_ مدام كندا هناك أهي، لابسة فستان أحمر 


نظر "غفران" وتقدم فى سيره ناظرٍ على زوجته التى ترتدي الفستان الأحمر، تبتسم إلى هذا الرجل مع بقية الفتيات ليقول بضيق:-

_ كندا


فزعت عندما سمعت صوته وحدقت به كما حدق الجميع تجاه الصوت، همست صديقتها بأذنها:-

_ وووااااو جوزك طلع أحلى بكتير من الصور يا كوكي


أبتلعت لعابها بتوتر شديد ثم وقفت من مكانها تتقدم نحوه وهمست فى أذنه:-

_ أي اللى جابك هنا؟


وقف "عفيفي" من مكانه مبتسمٍ ومد يديه إلى "غفران" ليصافحه ثم قال:-

_ أهلا يا غفران بيه، أتفضل أتعشي معانا 


نظر "غفران" إلى يده المُمدودة بكبرياء وتجاهلها بغيظ مما جعل "كندا" تُحرج من تصرف زوجها وقالت بلطف:-

_ أنا هستأذن ، هنقعد على ترابيزة تانية


أخذته من ذراعه بضيق من وجوده ونظراته الباردة إلى الجميع فهمست بنبرة غليظة بينما تسير به بعيدًا:-

_ أنت بتراقبني يا غفران ها؟ مش كفاية القرف اللى بعته... أنا بخونك صح؟ وحياة نالا بنتي لأدفعك ثمن كلامك وقسوتك عليا غالي


تمتم بضيق شديد قائلًا:-

_ أفتكري أن أنتِ يا كندا اللى بتقفلي أى بابا أنا بفتحه


لم تفهم كلماته بينما تقدم "غفران" فى السير أمامها وعاد إلى المنزل بزوجته ولم يملك شيء على خيانتها بعد وجود زملائها فى العمل معها فى الفندق، وصل "غفران" بها إلى القصر فصعدت أولًا غاضبة ويحتلها نار الغيظ من "غفران" ليقول:-

_ أعملي حسابك المُدرسة بتاعت نالا أنا هغيريها 


وقفت بمنتصف الدرج بدهشة مُستديرة إليه وترجلت الدرج من جديد حتى وصلت أمامه ووضعت يدها على جبينه ليدق قلبه كالمجنون من لمستها إليه لطالما كان يذوب هذا الأحمق بحُبها، تحدثت بدهشة ونبرة قوية:-

_ أنت عيان يا غفران؟!، أول مرة تتدخل فى شئون نالا دا أنتِ حتى متعرفش بنتك فى سنة كام لدرجة أنك أخذتها توديها لحضانة وبنتك فى تانية أبتدائي ومُقيدة بمدرسة أنترنشونال


تنحنح بحرج ثم قال بلطف:-

_ وعشان كدة هتقعد من الحضانة وهجبلها مُدرسة رياضيات مخصوص فى البيت، مهم جدًا أن بنتي تتعلم صح


أنهى حديثه ثم أبعد يدها عن جبينه وقال بهدوء يعاقبها على أفعالها وعصيانها لأمره:-

_ أطلعي أرتاحي يا كندا فى أوضتك


غادرت "كندا" بغيظ شديد من إشاحته ليديها وصعدت تتأفف بضيق لكنها صُدمت عندما وجدت فراشها به باقة ورود حمراء وصندوق هدايا صغير، أقتربت لتفتحه وكان به قميص نوم أسود اللون وبطاقة ورقية محتواها جملة واحدة ( لطالما كانت جميلتي تليق بالأسود ، بحبك)

رق قلبها بسعادة تغمرها وهديته كمناداة منه إليها وشعرت أن هذا القلب يكاد ينفجر بداخلها من الفرحة ودمعت عينيها فرحًا ، دلفت للمرحاض مُسرعة وأخذت حمام دافيء وأرتدت قميصها بروبه وخرجت إلى غرفته لكنها لم تجد أثر له فنولت للأسفل وهى تغلق رابطة روبها تقول:-

_ غفران ... غفران


أتتها الخادمة مُبتسمة تقول:-

_ غفران بيه خرج بعربيته


أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة لجمت قلبها الذي كان يرفرف، قُتل فرحتها وتوقفت نبضة هذا القلب العاشق وتذكرت جملته فى الفندق حين أخبرها أنها من تغلق الأبواب التى يفتحها، شعرت بغصة فى قلبها وخذلان أصاب عقلها فعادت إلى غرفتها غاضبة وألقت بباقة الورود فى السلة وجهشت دموعها بأنكسار شديد حتى سقطت على الأرض تبكي بأنهيار وعقلها لا يحمل هذا الوجع وقدميها لا تملك القوة على حملها أكثر ......


_________________________ 


رن هاتف "قُسم" برقم مجهول فخرجت من غرفة المدرسين تُجيب وكان "عُمر" الذي أخبرها عن الدرس الخاص لـ "نالا" فقالت بهدوء:-

_ بس أنا معنديش مواعيد فاضية، بعتذر جدًا لحضرتك


_ إحنا هندفع لحضرتك زى باقي مدرسين نالا، 2000 جنيه فى الحصة وفى عربية هتجيب العربية وتروحك عشان المكان هنا صعب تلاقي فيه تاكسي 

قالها بهدوء لتتسع عيني "قُسم" من المبلغ وهى تحصل على شهر كامل 150جنيه ومرتبها فى المبلغ أقل من هذا المبلغ، شعرت بالغيرة من هذه الطبقة التي تعيش فى حياة غير حياتها، ترددت كثيرًا فى الرفض وهذا المبلغ سيكفى لأموال المستشفي ويوقف والدتها عن العمل والتوصيل للبيوت ومحطات القطار، أجابته بهدوء قائلة:-

_ هحاول أشوف ميعاد لو ينفع هكلم حضرتك


أغلقت الخط معه بحيرة وظلت تفكر طيلة اليوم فى هذا العرض، وصلت للمنزل ورأت "قاسم" جالس على الأريكة يلعب بالهاتف فقالت بضيق:-

_ دى المذاكرة يا قاسم... ها 


سحبت الهاتف منه ليقول بتذمر:-

_ هاتي يا قُسم ومتتدخليش فى حياتي


 دُهشت "قُسم" من صراخ أخيها مما جعلها تقلق لسبب الغضب فنظرت بالهاتف لتراه يبحث عن عمل فأتسعت عينيها على مصراعيها بغضب سافر وقالت:-

_ اي دا؟ شغل؟!! والمُذاكرة أروح أذاكر أنا؟


خرجت "صفية" على صوت صراخها بدهشة، سمعت "قاسم" يقول:-

_ اه بدور على شغل عشان أخفف عنك شوية، عشان سمعت كلامك مع ماما امبارح وأنا راجل، لو حد فينا المفروض يتعب يبقي أنا، لا أنتِ ولا ماما 


تأففت "قُسم" بغيظ ومسكته من ذراعه غاضبة تقول:-

_ مفيش الكلام دا، أنت هتذاكر وهتدخل هندسة اللى نفسك فيها حتى لو غصب عنك، والشغل دا مسئوليّتي أنا لحد ما تتخرج من جامعتك أو بابا يقوم لنا بالسلامة إيهما أقرب 


دلفت إلى غرفتها غاضبة مما وصل إليه الحال وأخاها الذي يفكر فى التخلى عن دراسته لتتذكر عرض "عُمر" فأتصلت به وقالت بهدوء:-

_ انا عندي ميعاد فاضي الأحد الساعة 5 والأربعاء الساعة 3 لو يناسب حضرتك


_ أكيد، يبقي هبعد لحضرتك العربية بعد بكرة الساعة 3 قصاد المدرسة

قالها "عُمر" بنبرة دافئة فأغلقت معه مُستسلمة لقدرها الشاق...


_________________________


ألتف "عُمر" بعد أن أغلق الهاتف ينظر إلى "غفران" الذي يجلس على مقعده فى الشركة وقال:-

_ كله تمام هتبدأ الدرس بعد بكرة


تمتم "غفران" بحيرة مُتلهفٍ لرؤية وجهها:-

_ لسه بعد بكرة بس معلش نستني


يُتبــــــــع ......


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الـــــــرابـــــــــــــــع (4)

___ بعنــــوان " اللقـــــــــــــــــــــــــــــــــاء " ___


وصلت "قُسم" إلى القصر داخل سيارة يقودها "سمير" سائقه الخاصة فنظرت إلى المكان من نافذة السيارة ودُهشت من جماله ثلاثة قصور بجانب بعضهم يُشكلون حرف الـ  U  أمامها قصر الحديدي وعلى الجانبين قصر الحديقة يمينًا وقصر اللؤلؤ يسارًا، رغم أن القصور لم تكن كبير بالحجم لكن يبدو أن أفراد هذه العائلة أحبوا الأستقلال فأستقل كلا منهم فى قصر وحده، القصور الثلاثة كانوا باللون الأبيض ، توقفت السيارة أمام قصر "الحديدي" فترجلت منها "قُسم" ونظرت إلى الدرجات الأمامية للقصر التى بلغت العشرين درجة تقريبًا من كثرتهما مما جعلها ترفع رأسها قليلًا حتى ترى وجه المرأة التي تقف بأنتظارها، صعدت بتوتر من دخولها لمكان كهذا لأول مرة فى حياتها حتى وصلت أمام "فاتن" التي علمت اسمها ووظيفتها رئيسة الخدم من الشارة الموجودة على زيها الرسمية بدلة نسائية سوداء وتلف شعرها الأسود على شكل كعكة دائرية لم يخرج من رأسها خصلة شعر واحدة، تبسمت بلطف قائلة:-

_ أهلا بحضرتك يا مس، أتفضلي 


قادت الطريقة للداخل فترجلت "قُسم" أولاً فور دخولها ثلاثة درجات وتقدمت للأمام أكثر حتى ظهر البهو الواسعة الذي يحمل به انترية وردي اللون بالمنتصف وركنة رمادية بركن أخر أم الركن الأيمن كان يصل إلى سفرة وبجانبها باب غرفة، لم ترى شيء كهذا ألا بالمسلسلات عن العائلات المرموقة، أرشدتها "فاتن" إلى الأنترية تجلس قائلة:-

_ خمس دقائق وتكون نالا عند حضرتك


أشارت إلى خادمة لتقترب منها بلطف مُبتسمة بعفوية، أمرتها "فاتن" بلهجة قوية:-

_ شوفي المس تشرب أي، وأنتِ يا سمرة أطلعي بلغي مدام كندا بوصول المس وأستعجلى نالا


بسرعة البرق تحركت الخادمتان لتنفذ الأمر، تنحنحت "قُسم" بلطف قائلة:-

_ شكرًا مش عايزة حاجة


غادر الجميع من امامها ليتركوها وحدها فى الأنتظار، فتحت حقيبتها الزرقاء لتخرج منها زجاجة مياه حافظة للبرودة وردية اللون وأرتشفت مياهها منها....

دقت "سمرة" الخادمة باب غرفة "كندا" التى كنت مُنشغلة بالحديث فى الهاتف وأمامها خادمة تجمل أظافرها وتقول:-

_ مفيش مانع يا مستر عفيفي أبعت لي السيناريو على البيت لو عجبنى الدور نمضي ونتؤكل على الله


نظرت إلى "سمرة" ثم قالت بجدية:-

_ تمام، هكلمك تاني.... فى حاجة يا سمرة ؟


_ المس الجديدة بتاعت نالا وصلت تحت 

قالتها "سمرة" بهدوء مما جعل "كندا" تغضب خصيصًا بعد تنفيذ "غفران" لأمره دون الأهتمام برأيها، سحبت يدها من الخادمة بوجه عابس ولا تفهم سبب تغير زوجها هكذا فقالت بحزم:-

_ نزلي ليها نالا وأنا جاية ؟


أستدارت الخادمة لكي تغادر لن استوقفتها "كندا" بنبرة خافتة كأنها خائفة أو تخشي شيء ما تقول:-

_ سمرة ... هى حلوة ؟!!


نظرت الخادمتان إلى وجه "كندا" بعد سؤالها وكان القلق واضحًا عليها لأن الفكرة الوحيدة التى طاحت بعقلها من تغيير "غفران المُفاجأة هو أنه توقف عن حُب زوجته، تنحنحت "سمرة" بهدوء ثم قالت:-

_ عادية جدًا بس عينيها خضرة لكن كجمال وشكل متتقارنش بحضرتك خالص وباين أنها من طبقة فقيرة من لبسها 


وقفت "كندا" أمام المرآة تحدق بصورتها المُنعكسة وهى مُرتدية بيجامتها الحرير وشعرها مسدولًا بحرية على الجانبين فتمتمت بتوتر مُحدثة إنعكاسها:-

_ الطبقة الفقيرة مش الخوف يا كندا 


جعلت الجميع يغادرون وأرتدت بنطلون جينز ضيق وتي شيرت أبيض اللون وصففت شعرها البني ووضعت أحمر شفايف ثم ترجلت للأسفل مُرتدي خف قدميها الفور، رأت "قُسم" جالسة بحرج مُنكمشة فى نفسها وعينيها فى الأرض مُرتدية بنطلون جينز أزرق وقميص نسائي وردي اللون بدرجة غامقة وتضع رابطة شعر حول رأسها وشعرها مسدول على ظهرها وترتدي حلق أذن أزرق كحقيبتها وحذاء رياضي، تحدثت "كندا" بغرور فطري بشخصيتها التى خُلقت فى عائلة ثرية تقول:-

_ خليهم يحضروا ليا الشاي بتاعي يا فاتن وهاتي للمس حاجة تشربها إحنا مش بُخلاء


رفعت "قُسم" رأسها مع صوت "كندا" لتُدهش من جمال هذه المرأة الشهيرة ولأول مرة تراها على الحقيقة، كانت "كندا" جميلة جدًا وتهتم بنقاء بشرتها الزجاجية، أقتربت "كندا" منها لتجلس على الأريكة المجاورة ووضعت قدم على الأخرى تقول:-

_ أنتِ مُدرسة أي؟


_ رياضيات، حضرتك جميلة جدًا، الشاشة طلعت بتظلم حضرتك

قالتها "قُسم" بلطف وبسمة مُبهجة لكن جملتها الأخيرة أثارت غرور "كندا" أكثر فقالت بكبرياء ويديها تضع خصلات شعرها خلف أذنيها:-

_ شكرًا واضح أنكِ متوترة ومكنتش تتخيلى تدخلى مكان زى دا 


أتسعت عيني "قُسم" قليلًا من جملتها وشعرت بأزدرداء هذه المرأة لها وكأنها وباء دخل منزلها فتنحنحت بحرج رغم عشقها لهذه المُمثلةووجهها الملاكي لكن لم تتوقع أن لسانها سليط وقبل أن تتحدث "قُسم" أتاهما صوته القوي يتحدث بنبرة أوقفت زوجته المُتمردة:-

_ كنـــــــــــــدا 


نظرت الأثنتين تجاه الصوت لترى "غفران" واقفًا قرب الباب الذي دلف منه للتو ومعه "عُمر"، مُندهشة من عودة زوجها مبكرًا من العمل لأول مرة بينما رمقته "قُسم" بهدوء وكلما رأته كان وسيمًا أكثر بألوان ملابسه فكان يرتدي بدلة باللون الذهبي وقميص أسود، أقترب "غفران" وعينيه لا تفارق هذا اللقاء الذي جمع أعينهما معًا فوقفت "كندا" من مكانها تتقدم إليه وقالت بدهشة:-

_ أي اللى جابك بدري يا غفران؟


لم يجيب على سؤالها وعينيه تحدق بوجه "قُسم" التى خجلت من نظراته وتحاشت النظر إليه بأرتباك فقال بهدوء:-

_ فاتن ، خُدي المس لـ نالا


أقتربت "فاتن" وهى تُشير على الطريق فوقفت "قُسم" معها وقالت بلطف:-

_ عن أذنكم 


غادرت مع "فاتن" ليمسك "غفران" ذراع زوجته بغيظ من تصرفها وأطلق العنان إلى غضبه يحرق زوجته من الغيظ وقال:-

_ جت عشان عارف غِلك يا كنــدا، المكان اللى هى متحلمش تتدخلوا أنتِ كمان فى يوم مكنتيش تحلم تتدخليه 


دُهشت من رده وانفعاله لأجل فتاة غريبة لا يعرف عنها شيء لكنه أتخذ صفها على زوجته، شعرت بغصة تنكز قلبها بخفة من فعلته وقالت بعيني حزينة تأسر الدموع بيهما:-

_ أنت بتقسي عليا عشانها، عشان واحدة متعرفهاش يا غفران


_ عُمر

قالها بعناد وكبرياء يلتهم عيني "كندا" التى تحدق به فأقترب "عُمر" منه وأخرج بعض الصور من سترته ليأخذها "غفران" دون أن يبعد نظره عن زوجته وثم قال:-

_ أنا بقسي عليكِ يا زوجتي المصونة من عمايلكِ


ألقي بالصور فى وجهها وترك ذراعها حتى يستدير يسيطر على غضبه قبل أن يلتهمها وتحرقها نيرانه البركانية للتو، نظرت "كندا" للصور بعد أن جمعتهما عن الأرض ودُهشت حين رأت الصور للقاءها أمس مع "عفيفي" فذرفت دموعها بأرتباك وقالت:-

_ غفران


ألتف إليها بألم يمزق قلبه الولهان بحُبها، يكز على أسنانه غيظًا فقال بضيق:-

_ قابلتيه أمبارح يا كنـدا مع أن مكنش عندك تصوير أمبارح


تمتمت بحزن شديد من تفكيره القذر بها قائلة:-

_ كان جايب ليا فيلم جديد ....


صرخ "غفران" بها بنبرة قوية خشنة أرعبتها وجعلتها تنتفض مع صرخته:-

_ كفاياكِ كذب يا كندا، هى لقاءات الشغل بتكون فى فنادق دايمًا، ولا بتتناقشوا فى أمور الفن وأنتوا بترقصوا 


أقترب مُجددًا منها يمسك ذراعها بقوة حتى سحبها إليه من الغضب ولأول مرة ترى زوجها غليظًا هكذا حتى أرتعبت منه فى هذه اللحظة وتراجعت عن الجدال معه، قال بنبرة قوية:-

_ أقُسم بالله يا كندا أنا لو تأكدت من شكوكي فيكِ لأندمك على اليوم اللى فكرتي تخوني فيه غفران الحديدي وأفتكري يا كندا هانم أن الخيانة مبتبقاش فى أوضة النوم بس، انا يكفيني أنكِ تخونيني بنظرة وأنا أدمركِ


دفعها على الأريكة بقوة ليغادر من أمامها ودلف إلى غرفة مكتبه، جهشت باكية بحزن شديد وبداخلها يزداد الحزن والألم من زوجها، كيف أنها تحملته كل هذه السنوات والآن يتهمها بالخيانة؟؟....


_________________________ 


داخل شركة الأدوية الخاصة بـ نورهان 

دلفت "رزان" إلى المكتب بهدوء وكانت "نورهان" تجلس على مكتبها الزجاجي ومقعدها الأبيض والغرفة باللون الأبيض، تحدثت "رزان" بنبرة جادة:-

_ مدام كندا كانت فى سهرة أمبارح مع عفيفي لوحدهما


تنهدت "نورهان" بغيظ من تصرفات هذه المرأة ونزعت نظارة النظر عن عينيها من الضيق وتراجعت بظهرها للخلف تقول بحدة:-

_ مش هتجيبها لبرا كندا، معرفش أزاى غفران مش واخد باله من تصرفاتها


_ يا دكتورة دى مُمثلة لعبتها التمثيل وأكيد دا اللى مخليها تنجح فى خداع مسيو غفران 

قالتها "رزان" بهدوء بينما تتقدم قليلًا لتترك الصور الجديدة على مكتب "نورهان" فنظرت بها وتأففت بضيق من الغيظ ثم قالت:-

_ معقول تمثيلها الطيبة يكون أقوى من نظرتها للراجل دا، دا أى حد عاقل يشوف بصتها للزفت دا هيعرف أنها عاشقاه


تنحنحت "رزان" بهدوء ثم قالت بمكر:-

_ أى حد عاقل!! مش حد بيحب، الحب أعمي يا دكتورة وعمومًا أنا بعت نسخة من الصورة دى لمكتب مسيو غفران الصبح والناس بتوعنا هناك كلموني وعرفت أنه ساب الشركة بمجرد ما الظرف وصل وعيوننا فى قصر الحديدي أكدوا أن دار شجار كبير بينهم بمجرد وصول غفران بيه


أومأت "نورهان" ببسمة هادئة من ذكاء مساعدتها ثم وضعت "رزان" ورقة أخرى على المكتب أمام رئيستها وقالت:-

_ وصل النهار دا مُدرسة جديدة لـ نالا، دى كل البيانات العامة عنها 


وضعت "نورهان" نظارة النظر حادقة بصورة "قُسم" وبياناتها بهدوء .......


____________________________ 


خرجت "ملك" من العمارة التى تسكن فيها مع "قُسم" مُرتدية فستانها الأبيض وتلف حجابها الملأ بالألوان الجذابة ليستوقفها صوت "حازم" الذي ناداها من المحل الخاص بيه ، تنهدت مُستديرة إليه بعد سماع أسمها فقال بهدوء:-

_ ملك، لحظة.. متعرفيش قُسم فين؟ برن عليها من بدري ومبتردش


تأففت "ملك" من تصرفه ثم قالت بنبرة حادة غاضبة:-

_ أولاً هجاوبك بما أني وقفت، أنا معرفش قُسم فين؟ ولو أعرف أكيد مش هقولك لأن بصفتك خطيبها ما دام متعرفش هى فين يبقي حاجة من الأثنين يا أما دا أهمال منك لخطيبتك يا أما سألت وقُسم رفضت تقولك وفى الحالتين ماليش أن أقولك، وثانيًا بقي ودا الأهم أنا صاحبة خطيبتك ومفيش أى صلة تانية تربطني بيك فدا ميديش حضرتك أنك تنادى عليّ وتوقفني كدة فى شارع كأنك من بقية عائلتي، أخر مرة يا حازم تعملها 


أستدارت لكي تغادر من أمامه غاضبة وتُتمتم بضيق شديد:-

_ حصل أي يا قًسم، أتخانقتوا تاني ولا أى ؟


_____________________________ 


كان "غفران" واقفًا بغرفة مكتبه أمام الحائط الزجاجي المُطل على الحديقة الخلفية للقصر يحدق وجه "قُسم" ويشاهدها بينما تنظر فى الكتاب مع طفلته والبسمة لا تفارق وجههما معًا، رفعت يديها تبعد خصلات شعرها التى تتطاير مع الهواء بعفوية وضحكت ويديها تحمل الألوان فرأى ابنته ترفع يدها إلى جبين "قُسم" تمسحه فأدرك أن الألوان نالت شرف لمس جبينها فتبسم بخفة....

ضحكت "قُسم" بعفوية على "نالا" التى تحاول مسح اللون عن جبينها فقالت بلطف:-

_ خلاص مش مهم يا حبيبتي


_ مس قُسم هو حضرتك هتيجي ليا على طول

قالتها "نالا" ببراءة فسألتها "قُسم" بفضول مُتعجبة من سؤالها:-

-ليه بتسألي كدة؟ أنتِ فهمتي مني؟


تركت "نالا" الأقلام من يديها ورفعت الكتاب عن قدمها لتضعه على الطاولة بوجه عابس، مسحت "قُسم" على رأسها بلطف ثم قالت بنبرة خافتة:-

_ ما لكِ يا حبيبتي؟


تمتمت "نالا" بهدوء حزينة وعينيها تحدق بوجه "قُسم" الباسمة:-

_ أصل كل مس تيجي ليا، مامي تتخانق معاها وتمشي متجيش تاني 


شردت "قُسم" بجملتها وتذكرت غرور "كندا" وحديثها عن فرق الطبقات بينهما فقالت ببسمة عفوية:-

_ لو فهمتي الدرس مني أكيد هجيلك تاني


قوست شفتيها للأسفل بحزن مُصطنع وقالت بلهجة طفولية كهذه الطفلة:-

_ لكن بقى لو مفهمتيش ومعرفتيش تحلي الواجب يبقي مش هجي تاني 


وقفت "نالا" بحماس شديد وتأخذ القلم من فوق الطاولة بحماس تقول:-

_ لا فهمت وهحل كل الهوم ورك ناو قدامك 


ضحكت "قُسم" بعفوية وبعثرت غرة رأس هذه الفتاة ولم تتدرك أن هناك من يترصد لهذه الضحكة المُبهجة ويتمني لو صوتها يخترق هذا الزجاج، قاطع ضحكتها صوت امرأة قوي يحمل بباطنه شموخ تقول:-

_ نالا


رفع الأثنين نظرهما وكانت "نورهان تقف وخلفها "رزان" تحمل حقيبة "نورهان فتحمست "نالا" التى ركضت من خلف الطاولة إلى جدتها تناديها:-

_ نانا 


تبسمت "نورهان" من أجل هذه الصغيرة مُدللة القصر الوحيدة وعينيها رمقت "قُسم" التى وقفت أحترامًا لهذه السيدة الأكبر سنًا، أشارت "نالا" إلى "قُسم" تقول:-

_ دى المس بتاعتي، جميلة أوى يا نانا وأديتنى قلم هدية عشان أنا شاطورة


أشارت بالقلم الوردي إلى جدتها الذي يحمل بأعلاه دمية، لم تفارق "نورهان" هذه الفتاة بعينيها لتقول:-

_ طبعًا أكيد نالا حبيبتى أشطر واحدة... يلا أنا مش هعطلكم 


تحدثت "قُسم" بلطف مُحرجة من نظرت "نورهان" لها هاتفة:-

_ لا مفيش عطلة حضرتك، إحنا خلصنا عن أذن حضرتك


أومأت إليها بنعم فغادرت "قُسم" القصر بعد أن ودعت "نالا"، صعدت بالسيارة لكنها صُدمت بوجود "غفران" بها لتقول بحرج:-

_ مُتأسفة جدًا، فكرتها نفس العربية اللى هتوصلني


كادت أن تنزل لكن أستوقفها "غفران" بحديثه القوي يقول:-

_ هى العربية اللى هتوصلك، أطلع يا عُمر


حدقت "قُسم" به مُندهشة من وجود الملك بسيارة يشاركها رحلتها إلى حلمية الزيتون، ولم يترك "عُمر" لها المجال كي تقبل الأمر أو ترفض لإانطلق بالقيادة فور تلقي الأمر من رئيسه، تنحنحت "قُسم" بهدوء وجلست على الحافة مُتبعدة عنه مُلتصقة بباب السيارة، كان ينظر فى الجهاز اللوحي الخاص به ليسمع صوت رنين هاتفها، أجابت بعد أن رأت اسم "ملك" تقول:-

_ أيوة يا ملك، أنا فى الطريق أهو


_ كويس عشان أنا عايزاكِ ، هطلع أستناكِ مع طنط

قالتها "ملك" بنبرة قوية فسألت "قُسم" بقلق:-

_ فى حاجة ولا أى؟ أول مرة تكوني مُصرة أنكِ تستني مع ماما 


أجابتها "ملك" بنبرة استفهامية والفضول يقتلها:-

_ أنتِ متخانقة مع حازم؟


_ ليه ؟ تكنش ماما قالتلك حاجة؟ 


كان "غفران" يستمع للحديث بهدوء مُصطنع التجاهل بغروره، أرتفعت نبرتها غيظًا حين قالت:-

_ هو وقفك فى الشارع، لما أجيله عشان حازم بستعبط، حقك عليا يا ملك وعمومًا أنا مش هتأخر قولتلك أنى فى الطريق


أنهت الاتصال بوجه عابس ثم نظرت من النافذة ليقول "غفران" ببرود سافر:-

_ فى حاجة؟ يمكن اقدر أساعدك


نظرت إليه بدهشة من كلمته ثم تأففت لتفرغ غضبها بوجهه تقول:-

_ وأنت ما لك؟ حد طلب منك حاجة؟ وبعدين أنت بتجسس عليا 


أتسعت عيني "غفران" على مصراعيها من ردها الحاد بينما صُدم "عُمر" من كلمتها ولأول مرة يجرأ أحد على التُحدث إلى "غفران" بهذا الأسلوب ليعبر عن صدمته حينما ضغط على المكابح فجأة مع كلمتها لترتطم رأسها بالمقعد الأمامي وهى تسمع "عُمر" يقول:-

_ أنتِ...


ربت "غفران" على كتف "عُمر" يُقاطعه عن الرد ويكمل القيادة بينما رفع رأس "قُسم" بلطف يطمئن عليها قائلًا بقلق:-

_ أنتِ كويسة؟


دفعت يده بقوة عنها غاضبة ثم قالت بضيق:-

_ مالكش دعوة ومتتخطاش حدودك تاني يافندي


أبتلع "عُمر" لعابه بغضب وهو يكبح الغيظ منها ويبتلع رده على كلماتها الجارحة إلى رئيسه، حدق "غفران" بها بغيظ شديد خصيصٍ أنه لم يفعل شيء يستعدي كل هذا الغضب منها وحديثها المُهين له وشعر بغصة تحرق عقله المُتكبر، أحمر حاجبها من أرتطامها سابقٍ فى الشاشة الموجودة بظهر المقعد يبدو أنها أرتطمت بحافتها الزجاجية لكنه لم يبالي لأصابتها وقال بضيق بعد أن نظر للأمام مُتجاهلها:-

_ نزل الأستاذة على جنب يا عُمر


ضحكت "قُسم" بسخرية على جملته وكأنه يعاقبها فقالت بتهكم ساخرة من غروره:-

_ نزل الأستاذة والنبي يا عُمر، أنت فاكرني كَتعة وهقولك والنبي متنزلنيش


أوقف "عُمر" السيارة جانبًا لتترجل "قُسم" منها بغيظ وأغلقت الباب بكامل قوتها تفرغ غضبها به لينطلق "عُمر" به مُتجاوزًا إياها، ضحكت بسخرية وجلست تنتظر أقرب أتوبيس هيئة يأخذها للبيت وهى تكتب رسالة إلى رقم "عُمر" تعتذر عن القدوم مرة أخرى إلى "نالا"، دق هاتفها برقم مصمم الستائر  فأخذت نفس عميق تتخطي حالة الغضب التى تحتلها ثم استقبلت الاتصال تقول:-

_ ألو، معلش يا أستاذ اتأخرت عليك 


_ ولا يهمك، أستاذ حازم جه استلم الستائر ودفع الباقي وطبعًا هستني رأيك فيهم

قالها الرجل بحماس لتُدهش من تصرف "حازم" وأومأت إليه بنعم بسعادة تغمرها لا تصدق ما حدث وتلاشت مخاوفها من المسئوليّة بعد الزواج وحديث والدتها مؤخرًا عن الأنفصال عنه.....

عادت للمنزل لتجد "حازم" فى شقتها جالسٍ مع "قاسم" يتحدثان بينما و"ملك" تقف قرب السفرة مع والدتها "صفية" التى تتفحص الستائر جدًا ، تبسم "حازم" فور دخولها وقال بحماس وعينيه تغمز إلى "قُسم":-

_ يا خسارة يا قاسم وقتك خلص للأسف وجه وقت حبيبي


وضع "قاسم" ذراعه حول عنق "حازم" بمرح وقال بحزم مُصطنع:-

_ وماله بس خلي بالك اللى بتعاكسها دى أختي وإحنا رجالة أوى 


ضحكت "قُسم" على مزاحهما وجلست قربهما تاركة حقيبتها خلفها وقالت:-

_ غريبة!!


أبعد "حازم" ذراع "قاسم" عله وألتف إلى "قُسم" فتاته الجميلة وحدق بها مُغرمًا بعينيها وعفويتها ثم قال بصوت خافت:-

_ عشان تعرفي بس أنا مكسل بمزاجي لكن ما دام اللى هيفرح حبيب قلبي هعمله، إحنا رجالة أوى ونعجب برضو


تبسمت "قُسم" بلطف حادقة بعينيه، رفع يده إلى حاجبها الأحمر مُندهشًا وقال بقلق:-

_ أى دا؟ 


تبسمت أكثر ورفرف قلبها كالبلهاء من قلقه عليها ثم قالت بعفوية:-

_ السواق فرمل فجأة وأتخبطت، حاجة بسيطة متقلقش 


_ خلى بالك يا روحي من نفسك

قالها بدلال لتؤمأ إليه بنعم، تحدث "ملك" بجدية وهى تقترب قائلة:-

_ طيب أنا همشي يا قُسم 


نظرت "قُسم" إليها وفهمت أنها لن تتحدث عن شيء بوجود "حازم" فأومأت إليها بنعم لتغادر وخرجت "قُسم" معها للخارج ووقفوا الأثنين معًا لتقول:-

_ ربنا يتم لكِ على خير يا قُسم، ويهديهولك


تبسمت "قُسم" بعفوية كطفلة صغيرة تناست كل شيء بمجرد أن حصلت على الحلوي، وصلتها رسالة على حسابها الشخصي فنظرت بها بينما تعود للداخل وصُدمت عندما وجدت أن تم إيداع مبلغ 20000 جنيه بحسابها من رقم "عُمر" ......


____________________________ 


كان "غفران" جالسًا فى مكتبه مع اعضاء مجلس الإدارة يتناقشون حول تجارتهما فقال "غفران" بهدوء:-

_ بلاش شغل الاستغلال دا، أنا ليه أخزن بضاعة بالملايين عندي عشان أستولى على السوق بعدين


قاطعه دخول "عُمر" الذي أقترب من طاولة الاجتماعات وهمس فى أذن "غفران" الذي نظر له مُندهشًا وقال:-

_ خليها تتدخل


خرج "عُمر" ودلف بعد دقائق مع "قُسم" وجلست تنتظر على المقعد المقابل لمكتبه وهو يتابع اجتماعه فقال بنرة غليظة حادة:-

_ البضاعة اللى وصلت من الجمارك تنزل السوق والعربيات الجديدة تتباع بسعرها من غير زيادات، وزى ما أتفقنا عربيات حوادث التأمينات اللى أخذناها فى المزاد تنزل بالسعر اللى أنا حددته مش هنبقي إحنا والزمن على الناس، عربيات الحوادث دى اللى هيشيلها ناس غلابة ...


_ تمام

قالها الجميع موافقين على خطته ليقول بجدية:-

_ أتفضلوا 


وقف من مكانه يحمل الملف فى يديه وأتجه إلى المكتب حادقٍ بوجهها بعبوس مُتكبرًا ولم ينسي للحظة ما حدث أمس منها فقال بهدوء أثناء جلوسه على مقعده:-

_ معتقدش أن نالا موجودة هنا يا أستاذة؟!! أي سبب تشريف حضرتك ليا؟


أخرجت هاتفها من الحقيبة لتفتح الرسالة بوجه عابس مثله ويمكن غضبها أكثر بسبب الإهانة التى شعرت بها من المبلغ كأنه يشفق عليها فقالت:-

_ ممكن تفهمني اي دا؟


نظر بهاتفها ليري المبلغ فقال بغرور بعد أن تراجع بظهره للخلف وعينيه ترمقها بضيق:-

_ 20000 جنيه 


هزت رأسها بنعم وقالت بسخرية اكثر:-

_ لا ما أنا بعرف اقرأ كويس، أكيد متعبتش نفسي وعصرت على نفسي شفشق ليمون عشان أشوف وشك بس عشان تقرألي المبلغ، أنا بس أي دا؟ انا ثمن حصتي المُتفق عليها 2000 جنيه


كز على أسنانه بأغتياظ من كلماتها المُهينة له وأشمئزازها من رؤية وجهه فرد الإهانة لها بقوله الحاد:-

_ وأنا قدرت مجهودك بالمبلغ دا أهو ممكن تحسني منه دخلك برضو 


وقفت "قُسم" بغضب يجتاحها مُشمئزة من غروره وعينيه الباردتين بعد أن أغلقت قبضتها بأحكام قبل أن تكسر هذا المكتب على رأسه فقالت بضيق تكز على أسنانها:-

_ أنا غلطانة أنى جيت لك وأفتكرك راجل مُحترم، أنا هحولك 18000 ألف ولا أقولك هحولك المبلغ كله وأعتبره صدقة طلعتها عشان ربنا يبارك ليا فى شغله 


سارت تجاه الباب كى تغادر هذا المكان الملأ بالطاقة السلبية والمكر وخُبث البشر، شهقت بقوة صارخة بعد أن مسك معصمها يُديرها إليه، أبتلعت لعابها بصدمة خائفة من عينيه وما سيفعله بها، شعر بنفضة جسدها فى قبضته وعينيها المتسعتين، أقترب منها أكثر والغضب يحتله ليُفتح الباب على سهو وفرأي وجه "نورهان" تقف أمام الباب وخلف "قُسم" التى دُهشت من وجود الفتاة بمكتبه والأكثر دهشةً وجودها على قرب منه وكأن "غفران" مُتلصقًا بها ........  


يُتبــــــــع ......


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الخــــامـــس  (5)

___ بعنــــوان " ظهــر للحمــاية  " ___


جلست "نورهان" تحدق بوجه ابنها فى صمت سائد بينهما بعد مُغادرة "قُسم"، تنحنح "غفران" مُحرجًا من نظراتها ثم قال:-

_ قولي اللى عندك يا دكتورة


تبسمت "نورهان" بخباثة على ابنها وربكته أمامها فقالت بلطف:-

_ معنديش، الكلام كله عندك أنت يا غفران بيه، لتكون فكرت فى كلامي وناويت تتجوز 


وقف "غفران" من مكانه مُتأففٍ بسبب حديث والدته عن الزواج مرات عديدة ومؤخرًا بات هذا حديثها المُفضل فى كل لقاء، جلس أمامها على المقعد المقابل للمكتب ثم قال:-


_ أرتاحي يا أمي أنا مش هتجوز على كندا، ورجاءً متفتحيش الموضوع دا تاني ، نتكلم فى المُفيد... أنا عايز منك توكيل عشان حصتك فى الشركة من بابا الله يرحمه، داخل على صفقة عربيات كورية كبيرة ومحتاج دعم أسهمك الفترة دى 


وقفت "نورهان" من مكانها ببرود مُتجاهلة النقاش فى هذا الأمر ثم قالت:-

_ لو كنت أعرف أن دا سبب رغبتك فى مقابلتي مكنتش جيت يا غفران ...سلام، واه فكرة مرة تانية فى موضوع الجواز ولا أنت شايف أن نالا هتكون ذكية كفاية لأنها تكون ولية عهد وورثتك المستقبلية 


غادرت المكتب بوجه جاد شاحبًا، ألتف "عُمر" الذي كان يقف مع السكرتيرة بأنتظار المغادرة فتنهدت الفتاة بأريحية وقالت " ليلي" السكرتيرة بعفوية:-

_ أخيرًا، دا أنا بحط أيدي على قلبي لما السيدة نورهان بتيجي هنا


نظر "عُمر" لها مُندهشًا فقال بفضول:-

_ غريبة يا ليلي مع أن الكل بيخاف من لقاء غفران بيه أكتر


ضحكت "ليلي" هذه الفتاة التى تحمل ملامح مصرية جميلة بشرة قمحاوية وعيون بنية داكنة واسعة وأنف مُستقيمة ووجنتين مُمتلئتين بوجهها المُستدير على عكس جسدها الممشوق متناسبًا مع طولها فكانت طويلة مُرتدية بنطلون أحمر فضفاض وقميص نسائي أسود اللون وتلف حجابها الصغيرة للخلف تظهر حلق أذنها الأحمر وخصلتين من الأمام بحجم عقلة الأصبع، أجابته "ليلى" بنبرة خافتة:-

_ بالعكس إحنا كلنا هنا بنحترم مسيو غفران جدًا هو حقيقي صارم شويتين لكن ما دام أى شخص فينا مُلتزم بالقواعد بتاعته ومخلفهاش عمره ما بيأذي أو يجي على حد ظُلم، ويمكن دا اللى محبب المؤظفين هنا فيه رغم أنه بترعبه منه لكن السيدة نورهان بقي أنك تقولها صباح الخير دا رعب فى حد ذاته، ست قوية بجد ووشها دائمًا غضبان وكبرياء ست عمري ما شوفته فى أى حد


تنحنح "عُمر" بلطف وهو ينظر حوله ثم أقترب منها بعفوية وقال:-

_ طب وعُمر مالهوش حاجة فى الكلام دا 


نظرت إلى "عُمر" حبيبها الوسيم الذي تسلل إلى قلبها مُنذ أول لقاء لهما وبسبب ثقة "عُمر" لها، حصلت "ليلي" على وظيفة السكرتيرة الشخصية لمكتب "غفران" بعد أن كانت قادمة لتُقدم على وظيفة العلاقات العامة، تمتمت بخجل وقلبها يُرفرفودقاته تتسارع كلما نظر إليها أو حدثها بنبرة الحُب الناعم التى تُذيب القلب قائلة:-

_ أنت يا عُمر، أنت ليك الحُب والقلب كله يا حبيبي


حَك عنقه بسبابته مُبتسمًا وعينيه لا تفارق نظرة عينيها ثم أخذ يدها فى راحة يده خلسًا لتضربه بيدها الأخري بلطف وهمست بخجل:-

_ عُمر، حد يشوفنا عيب


ترك يدها عابسًا وهو يُجيب على كلماتها الغليظة:-

_ ما الشركة كلها عارفة أنك حبيبتي


_ طب شد حيلك بقي وخدلك يوم إجازة عشان تيجي لبابا يا عم عُمر عشان تبقي خطيبتك

قالتها بلطف ليؤمأ إليها بنعم مُتذمرًا من إنشغاله مع "غفران" ثم قال:-

_ حاضر والله يا حبيبتي قريب بس أظبط الأمور مع غفران بيه وأجيلك على طول


هزت رأسها بنعم وقبل أن تتحدث رن جرس مكتب "غفران" فدفعته بتعجل لكي تدخل المكتب ....


_________________________


فى مطعم للدجاج المقرمش بوسط البلد، كانت "قُسم" جالسة مع "ملك" يتناولوا الغداء معًا فقالت "ملك" بعبوس بعد أن سمعت ما حدث من "قُسم":-

_ أنتِ دائمًا كدة مُنفعلة يا قُسم، فيها أي لما الراجل عرض عليكِ المُساعدة لما شافك متعصبة، يا شيخة دا أنا أتخضيت من نبرة صوتك فى التليفون معايا ما بالك بيه هو اللى كان قاعد معاكِ ، تحرجيه وتكسفيه كدة وزعلانة أنه نزلك فى نص الطريق


أبتلعت "قُسم" لقمتها بضيق ثم قالت مُجيبة عليها بإقتضاب:-

_ أنا عارفة أني كان دمي محروق والحرقة طلعت فيه، معاكِ فى دا أنا لكن أسلوب معايا كان مُستفز وأنا ردت بناءً على أسلوبه


أومأت "ملك" بنعم وهى تهز رأسها بدون أقتناع من السبب الذي تتحدث عنه "قُسم" فتاتها المتمردة صعبة المنال، تناولت "ملك" الطعام أكثر و "قُسم" تنظر إلى صديقتها بعيني ثاقبة فقالت بلا مبالاة:-

_ هاتي يا ملك اللى فى جوفك، قولي عايزة تقولي أيه وماسكة فى زورك لأحسن تشرقي وتموتي بيه


تركت "ملك" قطعة الدجاج على الصينية بغيظ ثم قالت بغضب وعيني حادة تلتهم صديقتها:-

_ بصراحة بقي، أنتِ هزأتي الراجل مع أنه كان ذوق معاكِ، دا غير أن الشغل دا كان مهم جدًا ليكِ وخصوصًا أنكِ داخلة على جواز والدرس دا كان هيبقي كفيلة أوى مع المدرسة عشان وقت بيتك ومش هتحتاجي تروحي الحضانة ولا تلفي على البيت للدورس، أنا شايفة أنكِ تروحي تعتذري له على قلة ذوقك


_ وأستسحمه كمان يرجعني أدي بنته الدرس وبالمرة أبوس أيده ولا رجله، أنتِ أتهطلي يا ملك ولا مش سامعة أنتِ بتقولي أي

قالتها "قُسم" بغضب سافر جعل جميع من بالمكان ينظروا إليها، وضعت "ملك" يدها على فم صديقتها تُسكتها عن الحديث بصوتها العالي، تأففت "قُسم" من الحديث وذهبت إلى المرحاض وعندما خرجت رأت فتاة تجلس مع "ملك"، أقتربت أكثر لتنتبه لملامح "رزان" نفسها الفتاة التى رأتها فى القصر مع "نورهان"، جلست بهدوء تقول:-

_ نعم!


_ السيدة نورهان فى أنتظارك فى قصر اللؤلؤ

قالتها "رزان" بهدوء شديد وهذه الفتاة لم تدخل قلب "قُسم"، بل أثارت قلقها أكثر من حدتها وغلاظتها كانت فتاة بنهاية العشرينات تقريبًا شعرها الأسود قصير يصل لعنقها ناعم جدًا لدرجة ان كل خصلة وحدها بعيني عسليتين ضيقتين، بشرة متوسطة البياض تضع مساحيق التجميل، ترتدي بدلة نسائية رمادية اللون تتعامل كأنها بلا مشاعر كإنسان ألي يُبلي أمور "نورهان" فقط، تنحنحت "قُسم" بحيرة من قبول هذا اللقاء أم لا، وبنهاية المطاف ومع ألحاح "ملك" ذهبت إلى القصر بصحبة "رزان" 


___________________________ 


لم تبالي "كندا" لمشاعر "غفران" ورفضه الدائم للقاءاتها مع "عفيفي" وذهبت إلى رؤيته، نظرت فى المرآة الأمامية على سيارة رجاله التى تتبعها مما أثر غضبها وتذكرت حديثها الأخير عن "عفيفي"، صفت سيارتها جانبًا بالمرأب الخاص بأحد المراكز التجارية ووضعت قناع أسود على فمها وأنفها تحمي وجهها المعروف عن المارة ثم ترجلت من السيارة، رأت الرجل يتتبعها إلى الداخل فولجت إلى محل ملابس نسائية وأشترت ثياب جديد تبدل ملابسها وقبعة نسائية ثم خرجت مُتسللة منهما وأوقفت سيارة أجرة تأخذها إلى الأستوديو الخاص بـ "عفيفي" 


_____________________________ 


ولجت "قُسم" إلى قصر اللؤلؤ وكان قصر أبيض اللون وأثاثه أبيض كالجدران، مودرن وأنيق جدًا، أرشدتها "رزان" إلى الصالون وكانت "نورهان" جالسة مع رجل فى الستينات من العمر وأمامها على الطاولة الكثير من المجوهرات المصنوعة من الماس وتحمل فى يدها عقدٍ رقيق جدًا، تحدثت "نورهان" بهدوء:-

_ أتفضلي أقعدي، خلاص يبقي أنا هأخذ المجموعة اللى أختارت يا بشير 


أومأ الرجل لها بنعم وبدأ يجمع المجوهرات فى حقيبته للمغادرة، نظرت "نورهان" إلى "قُسم" الجالسة أمامها بهدوء لم ترفع نظرها بالمجوهرات، تحدثت "نورهان" بجدية صارمة وهى تضع قدم على الأخري:-

_ نالا قالت ليا أنكِ مش هتيجي تاني


_ اه دا حقيقي حسب رغبة غفران بيه

قالتها "قُسم" بهدوء فأومأت "نورهان" إليها بنعم بينما جلبت "رزان" القهوة للأثنتين فقالت:-

_ اتفضلي القهوة ، بصراحة يا قُسم أنا عايزاكِ تيجي لـ نالا تاني وبالمبلغ اللى تحبيه أنا مش هفرض عليكِ سعر أو أقولكِ أنا هدفع لكِ ضعف السعر اللى عرضه غفران


أتسعت عيني "قُسم" من هؤلاء الناس وهم يشترون كل شيء بالمال الذي لا يعني لهم الكثير فى حين أنها تعافر لجمع القليل لأجل الحياة، سألت بوضوح قائلة:-

_ كمان!! ليه؟


_ لأن نالا بنت وحيدة جدًا ومعندهاش أصدقاء وفى الحقيقة هى حبتك جدًا وكل مُدرسة تيجي حصة مبتجيش تاني ودا شيء بيضيق نالا وبيخليها دائمًا محبوسة فى أوضتها لأنها بتعتقد أنها السبب وأن المُدرسين مش بيحبوها ودا شيء الدكتور النفسي نصحنا أننا نهتم بيه عشان ممكن يسبب لها الكثير من الأمراض النفسية أولهم التوحد 

حدثتها "نورهان" بهدوء واثقة أن هذه الفتاة تُحب الأطفال جدًا حسب ما قرأت فى الملف الخاص بها وأن "نالا" هى الطريقة الوحيدة حتى تعود "قُسم" للقصر ورغم قلة معرفتها بـ "قُسم" لكنها مُدركة أن "قُسم" فتاة استثنائية جعلت ابنها يطرف عينيه عن "كندا"، تنهدت "قُسم" بحيرة من أمرها فى قبول هذا العرض المُغري أكثر من عرض "غفران" ونظرت مطولًا بقلق إلى "نورهان" 


وصلت سيارة "غفران" إلى القصر ففتحت البوابة الخارجية وأستوقفه موظف الأمن حتى فتح "عُمر" النافذة إليه ليقول بهدوء:-

_ أنسة قُسم موجودة فى قصر اللؤلؤ بقالها نص ساعة 


أتسعت عيني "غفران" بعد أن سمع وترك الجهاز اللوحي من يديه، رفع رأسه إلى الموظف بدهشة وقليلًا من يأتي إلى قصر والدته، ويعتبر قصرها هو الأكثر رعبًا فى القصور الثلاثة، وتسأل بقلق مكبوح بداخله:-

_ ليه؟


أجاب الموظف بنبرة هادئة:-

_ فى الحقيقة معرفش لكنها وصلت من شوية مع رزان فى العربية


أتجه "غفران" إلى القصر بقلق من تفكير والدته وخصيصًا أن "قُسم" فتاة فقيرة ووالدتها المُتكبرة تكره الفقراء بل تشمئز منهم والآن تدعي "قُسم" إلى قصرها...


_ ها قُلتِ أي؟ 

سألتها "نورهان" بنبرة غليظة ليقاطع جوابها صوت "غفران" بنبرته الحادة يقول:-

_ فى أى يا دكتورة


رأته "قُسم" يتجه نحوهما غاضبًا بل وجهه عابسًا جدًا ويبدو عليه الغيظ، أرتشفت "نورهان" رشفة من فنجانها ببرود ورمقت ابنها بعينيها حتى وصل إليها لتقول:-

_ رزان أطردي موظف الأمن اللى سمح لحد يدخل قصري بدون أذني 


نظرت "قُسم" بها بصدمة من قساوة هذه المرأة التى تقطع رزق رجل لأن ابنها دخل المنزل فتحدث "غفران" بنبرة جادة صارمة:-

_ ودا هيمنعني مثلًا، أنا حذرتك متتدخليش فى أى حاجة تخصني؟


تركت "نورهان" الفنجان على الطاولة ببرود وعينيها ترمق "قُسم" من الرأس لأخمص القدم ثم قالت ببرود اثناء وقوفها:-

_ هى المس تخصك؟!!، صحيح يا رزان أفصلي ولاد الموظف دا من المدرسة اللى إحنا مدخلينهم فيها عشان يكون عِبرة لغيره 


_ دا ظُلم ، محصلش حاجة لكل دا، حرام تقطعي عيشه

قالتها "قُسم" وهى تقف بحزن من جبروت هذه المرأة، أندهش الجميع من جراءتها التى جعلتها تقف أمام "نورهان"، رمقتها "نورهان" بنظرة باردة جعلت "غفران" يتقدم للأمام يقف أمامها يحميها من عيني والدته التى رمقته بغيظ وقالت:-

_ أطلع برا القصر يا غفران وأخر مرة تتجرا وتيجي هنا بدون أذن مني أو طلب مُسبق مني لأن دى أخر مرة هتغاطي عن عصيانك 


لم تُصدق "قُسم" أن هذه السيدة الجاحدة هى والدته وتطرده من قصرها، بل الجحود الأكثر أن ليس له الحق فى رؤية والدته ألا بأمر منها، دفعته عن طريقها لتظهر إلى "نورهان" بعد أن كان يخفيها وقالت بضيق تبوح عن غضبها من غلاظة هذه المرأة:-

_ أنتِ أمه بتكلميه كدة ليه؟ أنا برفض طلبك يا مدام 


أتسعت عيني "رزان" من شجاعة "قُسم" التى لم تفهم بعد شخصية "نورهان" والحدود التى لا يجيب تخطي فحتى ابنها لم يتجرأ على تخطي هذه الحدود، نظر "غفران" إلى "قُسم" مُندهش وخائف بآنٍ واحدٍ، أنها الشخص الأول فى الحياة الذي تجرأ على الواقف أمام "نورهان" ومعارضتها وخائفًا من رد فعل "نورهان" التى أقتربت من "قُسم" وتبسمت بمكر مُعجبة بهذه الفتاة:-

_ أنتِ جريئة أوى يا قُسم، لكن تعرفي أنكِ مش قد الجراءة دي


تبسمت "قُسم" بغرور مُصطنع تخفي خوفها من نظرة "نورهان" إليها وعقدت ذراعيها أمام صدرها بتكبر هاتفة ببرود شديد:-

_ أنا قد كل حاجة بعملها وبقولها يا دكتورة وألا مكنتش عملتها


رفعت "نورهان" حاجبها بإعجاب شديد ليتحدث "غفران" بحزم يقول:-

_ أنا بحذرك يا دكتورة وأوعي تنسي أني ورثت الحجود والقسوة منك 


مسك يد "قُسم" وأخذ حقيبتها بيده الأخرى ثم سحبها معه للخارج بضيق وفور خروجهما من القصر، تركها غاضبًا والخوف يتملكه من رد فعل والدته فصرخ بوجهها يقول:-

_ أنتِ أتجننتِ، أزاى تيجي لحد هنا برجلك وكمان تردي عليها، أنتِ اي غبية مسمعتش كلامها عن الحارس راجل معملش حاجة عشان تقفي تنطحي فيها زى الثور


كزت "قُسم" على أسنانها غيظٍ من كلمته الأخيرة وقالت بغضب سافر:-

_ أنا همسك لساني عنك بالعافية مش هبقي أنا والست الوالدة عليك لكن كلمة تانية هوريك الثور بحق وحقيقي


تأفف بضيق وهو يضع يديه فى جيوب بنطلونه وينظر للعدم بحيرة وعقله يفكر فى أى رد ستقدمه والدته الغليظة، ظلت "قُسم" ترمقه بينما يقف صامتًا فتنحنحت بحرج وقالت بنبرة أقل عدوانية:-

_ آسفة


استدار ينظر إليها فقالت بضيق من تنازلها للأعتذار:-

_ خلاص قُلت لكَ آسفة بس حقيقي دمي أتحرق أوى، هو عشان ربنا مديها يتتحكم فى أرزاق الناس وعياله ذنبهم أي، دى ست مُفترية 


أحتدت عينيه بضيق أكبر من لسانها المغلوب على أمره فقالت بعبوس:-

_ يووووه آسفة كمان مرة عشان خاطر والدتك بس هبقي أشتم براحتي لما أمشي 


تبسم بخفة على عفويتها وهى تخبره أنها ستسب والدته لاحقًا حتى بعد أن قدمت الأعتذار له، تنحنحت "قُسم" بلطف وقالت بحرج:-

_ أتفضل وصلني عشان مش هلاقي تاكسي فى الهو اللى إحنا فيه دا، مش كُنتوا تسكنوا فى حتة فيها حياة 


ضحك "غفران" أكثر على تمردها ليقترب من سيارته وكان "عُمر" يقف أمامها بينما "سمير" فى مقعد السائق كما هو، فتح مقعد السائق وقال بجدية:-

_ أنزل يا سمير ، أركبي


ترجل السائق من السيارة فقال "عُمر" بهدوء:-

_ عنك يا مسيو غفران، أسوق أنا 


هز رأسه بلا وصعد بمقعد السائق بنفسه وجلست "قُسم" فى المقعد المجاور له، قاد سيارته بها إلى حيث تسكن، كانت "قُسم" ترمقه بنظراتها خلسٍ والفضول يقتلها لما تعامله والدته بهذه القسوة والجحود، هل يوجد سبب يجعل الأبن لا يرى والدته متى يشاء؟، سألها بنبرة خافتة:-

_ ما لكِ؟ عايزة تقولي حاجة؟


نظرت "قُسم" للأمام بحرج من معرفته بنظراتها، أحمرت وجنتها خجلًا فتبسم "غفران" بخفة وظل الصمت سائدًا بينهما حتى وصل أمام العمارة فتحدثت "قُسم" بهدوء:-

_ شكرًا على التوصيلة، تعبتك


نظر "غفران" إلى وجهها بإمتنان لهذا الوجه الذي أعطاه الأمل من جديد فى عودة عينيه، تورد وجنتيها وبريق عينيها الخضراء هذه العيون الوحيدة التى يرأها فى حياته ؛ لتزداد حمرتها من عينيه المُسلطة عليها ثم قالت بتوتر:-

_ سلام


_ قُسم

قالها بنبرة خافتة لتستدير له مُندهشة من لفظ أسمها وتذكرت حين لفظه فى محطة القطار، تابع حديثه بهدوء:-

_ متتأخريش على نالا عشان سألت عليكِ 


_ أكيد

قالتها "قُسم" بعفوية وبسمتها أنارت وجهها الجميل بعد أن طلب عودتها للعمل كما طردها بنفسه، شرد ببسمتها حتى قاطع شروده صوت "حازم" القوي الذي يقف قرب باب السيارة بوجه مُشتعل من الغضب والغيرة يقول:-

_ أسم النبي حرسك وصاينك، أنتِ راجعة ليا مع راجل غريب بروح أمك


ألتفت "قُسم" تنظر إلى النافذة جوارها على صوتها بصدمة ألجمتها من طريقة حديثه لها أمام "غفران" فقالت بحرج شديد:-

_ أنت بتكلمني كدة يا حازم 


_ لا أزاى أكلمك كدة يا برنسيسة، أنزل... أنزليلي عشان أربيكي

قالها بحدة ويده تفتح الباب بقوة فقال "غفران" بضيق من طريقته:-

_ ما تتكلم بأدب يالا


ضحك "حازم" بسخرية ويديه تضرب سقف السيارة بقوة ويقول:-

_ كمان بتقل أدبك، دا بجاحة بقي، أنزلى يا روميو زمانك وأنا اوريك الأدب


ترجلت "قُسم" من السيارة سريعًا وصوت "حازم" جمع الناس حولهم، تحدثت "قُسم" بحرج وهى تنظر حولها على تجمع الناس قائلة:-

_ أنت أتجننت يا حازم لمت الناس علينا، أفهم الأول بدل ما تفضحنا فى وسط الناس.... معلش يا أستاذ غفران أنا آسفة ليك


سحبها "حازم" من ذراعها والغيرة تنهش فى قلبه من رؤيتها تعتذر لهذا الرجل وقال بضيق:-

_ كمان بتعتذري له، دا أنتِ عايزة تتربي بجد، ما هو لو كان أبوكِ رباكي مكنتيش عملتي كدة لكن هقول أي ما هو مربكيش 


دفعته "قُسم" بقوة  بعيدًا عنه بغيظ شديد من كلماته المُهينة لها أمام الجميع وقالت بانفعال:-

_ أخرس أنا متربية غصب عنك، وكلامك دا أنا مش هرد عليه بالكلام يا حازم 


كانت "صفية" تجلس على السفرة تلف ورق العنب من أجل طلبات الزبائن حتى سمعت صوت ضجة كبيرة بالشارع فخرجت إلى النافذة كبقية الجيران وصُدمت عندما رأت ابنتها تقف مع "حازم" والشجار بينهم فصرخت بهلع وترجلت للأسفل...


ألتفت "قُسم" لكى تصعد لشقتها بعد أن تجمع الناس والجيران حولها من أفعال خطيبها ليمسكها "حازم" من ذراعها بغضب سافر وقال:-

_ تعالى هنا


دفعته "قُسم" بعيدًا عنها بغيظ وعينيها على وشك البكاء من غرغرة دموعها الأسيرة فى جفونها وصرخت به بأنفعال:-

_ أبعد عني، فضحتنا ولميت علينا الناس 


ألقت بدبلتها فى وجهه ليزداد غضبه من تصرفها وقال بانفعال:-

_فضحتكِ، عايزة ترجعلي مع واحد وأخدك بالأحضان 


_ لا، أنت مريض وميتردش عليك 

قالتها بغضب سافر مما أفقده صوابه ليرفع يده كي يلطم وجهها ، أتسعت عيني "قُسم" على مصراعيها حين رفع "حازم" يده كي يصفعها بمنتصف الطريق لكن ما ألجمها وجعلها تنتفض ذعرًا حين ظهر "غفران" يسحبها من أمام "حازم" ؛لتقف خلفه وبيده الأخري يمسك يد "حازم" قبل أن يفعل هذه الجريمة، نظر "حازم" إلى هذا الرجل الذي دخل بينه وبينها وتفوح منه رائحة عطره القوية وزيه فاحش الثراء ببدلته الزرقاء وقميصه الأبيض، عيني "غفران" تكاد تلتهمه من جراءته على ضرب فتاة وممارسة قوته البدنية عليها وليست باى فتاة بل هى "قُسم"، رمقها "حازم" بنبرة ثاقبة كالصقر الجائع وعلى وشك أفترسها ليقول بنبرة قوية مُستفزة:-

_ هو دا بقى اللى جاي يوصلك لحد بابا البيت بكل بجاحة، والله وعيارك فلت يا قُسم وعرقك مد لبرا يا بنت الأصول


ترك "غفران" يده ليسحبه من تيشيرته إليه وكز على أسنانه بينما يهدد "حازم" بوضوح قائلًا:-

_ كلمة تانية وهقل من رجولتك قدامها ودا مش لمصحلتك


رفع "حازم" حاجبه بدهشة من تهديد "غفران" إليه وتحولت الدهشة إلى صدمة عندما ألتف "غفران" وأخذ "قُسم" إلى باب العمارة فقابلت والدتها على الباب ومعها "ملك"، أعطاها إلى والدتها بلطف وأعتذار من والدتها ثم غادر فى هدوء.....


___________________________ 


وصلت "كندا" إلى القصر ليلًا وأخبرتها "سمرة" عما حدث وقدوم "قُسم" إلى قصر اللؤلؤ فأندهش بقوة وقالت بتمتمة:-

_ دخلت قصر اللؤلؤ، أنا بقالي 10 سنين جواز فى القصر دا متجرأتش أعدي من قصاد القصر، لا دا قُسم دى حكايتها حكاية ووراها سر كبير


تركت السيناريو على الطاولة وصعدت تبدل ثيابها، وصل "غفران" إلى القصر غاضبًا مما حدث ويتحدث فى الهاتف مع "عُمر" قائلًا:-

_ اسمه حازم معرفش اي، عنده محل موبيلات فى الحليمة، عايز كل المعلومات عنه الصغيرة والكبيرة، تكون عندي على المكتب الصبح 


وقعت عينيه على السيناريو فمسكه وأدرك أن زوجته عصت أمره من جديد وذهبت لهذا الرجل فقال بحدة:-

_ أقفل يا عُمر 


أغلق الخط وأخذ السيناريو معه للأعلى مُقتحمًا غرفة "كندا" بقوة فرآها تخرج من المرحاض بروب الأستحمام ليرفع يده بالورق وهو يقول:-

_ الورق دا وصل هنا أزاى


أبتلعت "كندا" لعابها بتوتر ثم قالت بتلعثم:-

_ دا شغلي يا غفران


بتر حديثها بفزع حين أسرع بخطواته نحوها يمسكها من ذراعها بقوة ويُتحدث بنبرة قوية وعينيه علي وجهها الضبابي:-

_ روحتي له يا كندا، برضو بتعصيني!!


أخذت تنهيدة خافتة تبتلع الخوف ورفعت ذراعها الأخر إلى صدره تداعبه بأناملها وتحدثت بنبرة دافئة:-

_ سيبك من الخناق يا غفران، أنت وحشتني، نفسي تضمني يا حبيبي


هدأ من روعته وسارت القشعريرة بجسده مُسيطرة هذه المرأة على مشاعره وأشعلت نيران قلبه بذكاءها ودلالها الناعم، أبتلع لعابه لطالما تمكن من مقاومة أنوثتها وإثارتها طيلة هذه الفترة، تبسمت بعفوية وعينيها ترى خمود نيرانه فرفعت يديها الأثنين إلى كتفه تسقط سترته عن أكتافه بدلال وتقول:-

_ خليك معايا الليلة يا غفران وأنا هطمنك 


أقتربت أكثر منه حتى ألتصقت بجسده وأرتجف قلبه برجفة الحُب  ليفقد عقله مسحورًا بجمالها وتناثرت الأوراق على الأرض حين تركها ليضم زوجته بيديه ويشعر ببرودة جسدها وشعرها المُبلل، وضعت قبلة على وجنته لينتفض فزعًا من القادم فأبعدها عنه بضيق وقال:-

_ مينفعش يا كندا


غادر الغرفة لتغلق قبضتها بأحكام حتى جرحت أظافرها باطن يدها من قوة الضغط وقلبها قد دهسه "غفران" من جديد فجلست على الأريكة وسكبت فى كأسها الكثير من زجاجة الخمر الموجودة أمامها وبدأت دموعها تتساقط على وجنتيها بكسرة تعتصر قلبها وتمزق ما تكنه بداخلها إلى "غفران" وعينيها تنظر إلى سترته الموجودة على الأرض ....


يُتبــــــــع ......


تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا




تعليقات

التنقل السريع