القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عرف صعيدي الفصل الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر بقلم تسنيم المرشدي

رواية عرف صعيدي الفصل الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر بقلم تسنيم المرشدي




رواية عرف صعيدي الفصل الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر بقلم تسنيم المرشدي




🌺🌺روايه عرف صعيدي🌺🌺        


     بقلم الكاتبه   ♥ تسنيم المرشدي♥


 

الفصل الرابع عشر

( استغاثة )

______________________________________


_ خفق قلبه بشدة من بعد استغاثة أحدهم به، فآخر استغاثة قد قلبت السرايا رأساً علي عقب بل وحولت حياتهم إلى نقطة مظلمة بشعة لم ينسوها إلى الآن وهي وفاة ''هلال''


_ على الرغم من الرجفة التي لم تتوقف داخله خشية أن يلقى مصرع آخر إلا أنه تلبس ثوب الثبات وبمشوخٍ سأل عسران:-

على إيه الهوجة ديه كلاتها؟


_ أجابه عسران بلهجة لا تسمح بالإنتظار:-

البهايم جالها عدوة كلها طافحة على جلدها وشيعنا جبنا الداكتور جال الجاموس اللي لجط العدوي مهينفعش يدبح لحمه بيجي فاسد


_ انسدلت كلمات عسران كالصاعقة المحملة بخليط من عدم الإستيعاب والصدمة، أسرع خليل خطاه نحوه وهو ينوح بعجالة:-

هم بينا على الغيط نلحجوا اللي محتاچ يتلحج


_ دلف خليل للخارج أولهم ومن ثم تبعه عسران ومصطفى الذين ركضوا في عجالة من أمرهم لعلهم يلحقوا تلك الكارثة.


_ ظهرت ورد من خلف باب غرفة الضيافة بعدما تأكدت من خلو المكان من الرجال، لوت السيدة نادرة شفتيها وألقت حديثها بامتعاض:-

جولت جدم شوم محدش صدجني


_ أولاتها ظهرها وعادت إلى غرفتها بتريث فلم تسمح لتوترها الذي تمكن منها بالكامل في الظهور أمام تلك البغيضة لكي لا تستضعفها، بدأت تفقد صوابها ما أن أوصدت باب غرفتها وانهارت تماماً.


_ هرولت راكضة إلى الشرفة وهي تتمتم داعية:-

سترك يارب استرها معاهم ومتخيبش آمالنا واصل..


_ لم تتحلى بالشجاعة في الدخول وترك الأمر للوقت تعلم عواقبه من أحدهم، فضلت المكوث مكانها إلى أن يظهر ما يطمئنها بسيطرتهم على تلك المصيبة المفجعة.


_ في الاسفل، لم تحرك ورد قدميها التي باتت ثقيلة ولم تنجح في رفعها عن الأرض بعد سماع كلمات السيدة نادرة التي وقعت علي أذنها ألجمت لسانها وشتت عقلها، كلما نجحت في تعديل صفوها وعدم التأثر بما يدور من حولها تأتي هي وبكل سهولة تبخر عدم مبالاتها وتعكر صفوها المزاجي.


_ جائتها صفية تواسيها علي ما بدر من تصرف السيدة نادرة، ربتت على ذراعيها مرددة:-

متشليش في جلبك يابتي


_ إلتوى ثغر ورد ببسمة متهكمة ثم حولت مسار الحوار بسؤالها مستفسرة:-

متشغليش عجلك أنتِ المهم معناته إيه أن البهايم جالها عدوة؟


_ نكست صفية رأسها في حزن وأجابتها متحسرة:-

ربنا يستر يابتي دي مصيبة واعرة جوي الغيط فيه ميجلش عن الخمس تلاف بهيمة وشوفي بجا لما تاجي لبهيمة واحدة عدوة ومتتلحجش ده إذا كان ينفع تتلحج تبجي الخساير كاتيرة وياما عشان أكده بجولك ربنا يستر


_ رمقتها ورد متأثرة بحديثها ورددت بتمني:-

ربنا هيسترها إن شاء الله


_ عادت ورد إلى غرفتها تجر أذيال خيبتها خلفها، كلما شعرت بتحسن الأوضاع تأتي رياح عاتية مصحوبة بعواصف قوية تضرب وتخرب كل شيئ ويصبح الوضع رماداً ليس إلا.


_ كعادتها في غياب مصطفى لا تنجح في النوم قبل أن تطمئن عليه وخصيصاً أنه في حالة لا يرثى لها، دعت الله بأن يلقى مصطفى عاقبة الأمر هينة وليست مفجعة.

______________________________________


_ اجتمعت العائلتين في منزل الحاج حنفي وقد افترقت النساء عن الرجال في مجلسهم ليكن أكثر راحة.


_ رحب الحاج حنفي بحمدي وولده طاهر بحفاوة شديدة عكس ضيف الذي كان جسد بلا روح لا يقدر على النطق فذهنه شارد تماماً ولا يفكر في شيئ سوى كيفية إصلاح خطأه الفادح الذي اقترفه في حق صفاء!


_ في مجلس النساء رحبت والدة ضيف بهم ثم أمرت خادمتها بضيافتهم على أكمل وجه، شكلت ثريا بسمة ممتنة وأردفت:-

دايما داركم عامرة يا أميمة


_ بادلتها الأخرى إبتسامة سعيدة وهتفت مرحبة:-

الحلو كله يتعمل لكم يا ثريا


_ وجهت بصرها على صباح التي لم ترفع نظريها عن مجلس الرجال تتابع ما يحدث باهتمام بالغ، حمحمت أميمة لتجذب انتبهاها وأردفت:-

ربنا يفرحك بصباح عن جريب يا ثريا اسم الله عليها كبرت وبجت جمر


_ تصنعت صباح الحياء وأخفضت رأسها مع رسم بسمة خجولة بينما ردت عليها ثريا ممتنة لـ لطفها:-

ربنا يخليكي يا حبيبتي ويباركلك في ولادك


_ مالت أميمة على أذن ثريا وهمست لها بفرحة ظاهرة في نبرتها:-

البت بسمة حِبلة بجالها شهرين وأنتِ والله من أوائل الناس اللي تعرف


_ رمقتها ثريا بسعادة مهللة:-

ربنا يتمم لها علي خير يارب


_ وضعت أميمة يديها على يد ثريا وأردفت مطالبة بشيئ:-

خلي الموضوع بيناتنا دلوك على لما تعدي الشهور الأولى دي أنتِ خابرة زين إنها بتبجي شهور كلها تعب وخوف


_ أسرعت ثريا بالرد عليها وهي تشير إلى فمها قائلة:-

ولا كاني سمعت حاجة واصل متجلجيش


_ انشغلن السيدات في الحديث كذلك صباح التي لم تكف عن الثرثرة مع مروة وشقيقتها الكبرى، في الخارج تبادلا الرجال أطراف الحديث من بينهم زوج بسمة "إبراهيم'' عدا طاهر وضيف اللذان حلقت عقولهم في سماء دنيا خيالهم.


_ أنتبه طاهر لقول والده الذي كان يردد مازحاً:-

اللي واكل عجلك يتهني به يا ولدي


_ أضاف ابراهيم للحديث لمسته المرحة:-

هي كلته من دلوك بعد الجواز بجا هتطيره خالص


_ قهقه حمدان والحاج حنفي على داعبة ابراهيم بينما اكتفى طاهر برسم بسمة لم تتعدي شفاه، استمع جميعهم لتوعدها له من على مقربة منهم:-

بجا اكده يا إبراهيم ماشي لينا دار نشوفوا فيه الحكاية ديي


_ رد عليها مستاءً:-

طب كبريني جدام الخلج مش لازم تفضحيني


_ تدخل حمدان داعياً لهم بمحبة متصنعة:-

ربنا يخليكم لبعض يا ولدي


_ لكز طاهر في ذراعه ما أن أنهى جملته لكي يخرجه من شروده الواقع بينه من وقت حضوره ثم وجه حديثه إلى الحاج حنفي بتريث:-

بجا يا حاج حمدي إحنا إهنه النهاردة عشان نطلب يد مروة زينة البنتة لولدي طاهر، ها إيه جولك؟


_ تشكلت بسمة سعيدة على محيا الحاج حنفي وأجابه بصدر رحب:-

وإحنا في ديك الساعة لما ننسابوا ولد حمدان المنشاوي، اني مهلاجيش لبتي راجل زين كيف طاهر وأخلاجه


_ ربت حمدان على فخذ الحاج حنفي حاسماً أمره بألا يطيل الأمر ربما بفعلته يكسب محبة ولده ثانيةً:-

يبجي نعلي الجواب ونجروا الفاتحة والخميس الجاي كتب الكتاب والدخلة


_ تفاجئ الجميع بسرعة قرار حمدان الذي اتخذه دون رجوع لاياً منهم كما صدم طاهر لتهور والده في إتخاذ قرار لم يحسم له وللأن لا يعرف للهروب سبيل، تدخل حنفي معترضاً:-

بس يا حمدان الخميس الجاي بدري جوي مهنلحجش نجهزوها في سبوع وعلى حد علمي أن طاهر ملوش دار


_ رمقه حمدان بطرف عينيه وأجابه معاتباً:-

إحنا مرايدنيش منك أيتها حاجة يا حاج حنفي كفاية هي يراجل، وبعدين إحنا سرو عيلتنا الواد ميخرجش برا دار بوه إحنا هنحجز الاوضة من أول وجاديد حاچة أكده تليج بالعرسان ولا اجدعها أوضة في سرايا العمدة، وافج انت لاول واحنا نتفج على حل يرضينا


_ تحدث الحاج حنفي بعزة نفس وتعالي:-

لاه يا ابو طاهر أني هجهز البت كيف ما جهزت أختها وموضوع الدار ديه يرجع ليها توافج أو لاه وديي مفيهاش عيب ولا إيه؟


_ أجابه بلهجة سريعة:-

لا عيب إيه لا سمح الله اسألها طبعاً


_ ارتفعت نبرة الحاج حنفي وهو ينادي بصوته الأجش:-

مروة، تعالي يابتي رايدك


_ جائته تمشي على استحياء منكسة الرأس لا تجرأ على رفع بصرها في وجوه الجالسين، وعلى رغم من أنها لم تنظر إلى أحدهم إلا أن وجنتيها قد تلونت بالحمُرة الصريحة خجلاً من الموقف الواقعة فيه.


_ ألقى والدها بسؤاله حين وقفت أمامه ملبية ندائه:-

عمك حمدان عيجول أنه هيجهزلك اوضة طاهر على كيفك موافجة ولا تحبي يكون ليكي دار لحالك؟


_ صمتت مروة فلم تتحلى بالشجاعة لتجيبه أمام الجميع بينما خفق قلب صباح خوفاً من أن تعترض مروة على بقائها معهم في المنزل نفسه وخطتها التي رتبت لها طويلاً تكون هباءً منثورا.


''اللي تشوفه حضرتك يا أبوي''

_ أردفت بهم مروة بنبرة خافتة بالكاد سمعها الجميع ثم هرولت عائدة حيث جائت فقال حنفي مرحباً:-

على بركة الله نجروا الفاتحة


_ قام حنفي بتنبيه زوجته قائلاً:-

هنجرو الفاتحة يا أم ضيف


_ ارتفعت أيادي الجميع يقرأون الفاتحة لكي تُبارك العلاقة، كان يتابع طاهر ما يحدث في صمت مريب، يكاد يصغي إلى صدي نبضاته التي تحثه على الفرار من تلك الزيجة اللعينة، عاد إلى واقعه حين ارتفعت الزغاريد في المكان كما هم الجميع في مصافحة بعضهما البعض فرحين بتلك المناسبة السعيدة.


_ جائت خادمة المنزل حاملة لأكواب الشربات ''المشروب المتعارف عنه في مثل تلك المناسبات" وقامت بتقدميه مع إطلاق الزغاريد من آن لآخر ثم انسحبت إلى المطبخ حين انتهت من مهمتها.


_ تذكرت ثريا بأن ولدها لم يحضر من الحُلي شيئاً فالمتعارف في المناسبة كتلك أن يقدم العريس حُلي فاخر لعروسه، نهضت من مكانها ودون تردد فكت عقدها الفاخر ومن ثم سوارها وخاتمه ليكتمل الطقم، اقتربت من مروة وأردفت بحنو:-

الطجم ديه هادتني بيه أم زوچي لما جم يتجدموا لي وأني نويت إني اجدمه لمرت ولدي


_ قامت ثريا بمساعدة مروة على ارتداء الحُلي ثم قالت متممة بعدما ألقت نظرة متفحصة على طاقهما العزيز:-

تتهني بيه يا حبيبتي


_ نهضت أميمة وبدأت تزغرد عالياً معللة سبب إبدائها للزغاريد:-

ست ثريا لبست مروة الشبكة يا حاج حنفي


''ين يا أم ضيف مبروك عليها'

_ هتف بهم الحاج حنفي بنبرة متريثة بينما تفاجئ طاهر بحديثهم الذي تناولوه لتوهم، فهو لم يحضر أي حُلي إذاً عن ماذا يتحدثون هم؟


_ ظهرت مروة برفقة صباح التي لا تسعها السعادة بسبب سير خطتها على النهج الصحيح كما تبعتهم ثريا وأميمة وأخيراً بسمة


_ چحظت عيني حمدان حين رأى طقم الحُلي الفاخر العائد لزوجته على مروة بصدمة جلية قد حلت على تقاسيمه كذلك لم يكن طاهر أقل منه صدمة فهو على دراية بحب والدته لذلك الحُلي وعدم رضاها بأي أطقم أخري غيره.


_ لعن تناسيه للأمر الذي أجبر والدته في إهداء ما تحبه لغيرها، كز على أسنانه بعصبية ولعن نفسه مراراً داخله، شعر بالإختناق الشديد يجتاحه وتمنى أن تنتهي تلك الزيارة سريعاً ربما يشعر بالتحسن ما أن فر من بينهم


_ أنتبه الجميع لرنين الجرس مع طرقات أحدهم على الباب بصورة غير لائقة، نهض الحاج حنفي من مقعده وقد احتدت تعابيره ومالت إلى الغضب لتلك الطريقة المريبة وردد مستاءً:-

واه مين اللي عيخبط بالطريجة ديي


_ علم بهوية الطارق بعدما فتحت له الخادمة فأسرع حنفي في نهره بغضب:-

أنت كيف يواد أنت تخبط على الباب أكده؟


_ أجابه الآخر بلهجة غير قابلة للنقاش:-

معلاش يا حاجة حنفي بس فيه مصيبة وحلت علينا


_ دني منه حنفي وهدر به شزراً:-

مصيبة إيه يا جلوص الطين انت انطج


_ وضح الآخر قصده مردداً بتلعثم:-

فيه عدوة مسكت في البهايم وعتتنجل وسطيهم بسرعة البرء ومعارفينش نتصرفوا كيف


_ اتسعت حدقتي الحاج حنفي بصدمة قد حلت عليه ثم التفتت إلى حيث يقف ضيوفه وقال بإرتباك حرِج:-

معلاش يا حمدان هروح أشوف المصيبة اللي حلت على روسنا ديي الدار دارك


_ أعاد النظر إلى عامله وأمره بغضب:-

هِم بينا يواد


_ استغل طاهر الفرصة ووجه حديثه إلى ضيف:-

روح ويا بوك يا ضيف إحنا هنمشي ربنا يجيب العواجب سليمة


_ اصطحب طاهر عائلته وغادروا بعدما استأذنوا من الآخرين بينما لحق ضيف بوالده برفقة إبراهيم


_ في الخارج، لم يكف حمدان عن التذمر موبخاً زوجته:-

أنتِ كيف تتصرفي من دماغك وتدي البت طقم غالي بالساهل أكده؟


_ رمقته ثريا بنظرات مشتعلة وأجابته بحدة:-

وأنت إيه اللي مضايجك؟ ديه من مال أبوي أعطيه للي على كيفي والبت هتبجي مرت ولدي يعني هتاخد حتة من جلبي استخسر فيها حبة دهابات


_ ربت طاهر على كتف والدته ممتناً لها بينما نهرها حمدان بإنفعال شديد:-

ولدك اللي يجيب لعروسته مش..


_ صمت حمدان من تلقاء نفسه حين أنتبه لأصوات وحركة مريبة في الارض الذي يدس أسفل ترابها سلاحه، أسرع خطاه لكي يعلم حقيقة الأمر، اتسعت مقلتيه بصدمة كبيرة حين رأى ألة البلدوزر وهي تدفع التربة بعيداً عن موضعها.


_ شعر بإنتهاء عصر فرض ظلمه وقوته وهو يرى بأم عينيه ضياع سلاحه الذي حتماً سيقع بين أيدي أحدهم وسيسلموه لرجال الشرطة.


_ استدار نحو طاهر وجذبه من يده أبعده عن المكان وأردف بنبرة مرتجفة:-

إلحجني يا ولدي بوك هيروح في شربة موي


_ قطب طاهر جبينه لعدم استعيابه وسأله بفتور:-

تجصد إيه بحديتك ديه؟


_ ألقى حمدان نظرة على الآلة التي تحفر الأرض دون توقف ثم أعاد النظر إلى طاهر وأجابه بتوجس شديد:-

أني داسس السلاح اللي اتجتل بيه هلال في الأرض ديي!!


_ رمق طاهر المكان من خلفه بجمود وردد بلامبالاة:-

وأني مالي عاد؟


_ خرج حمدان عن هدوئه وانفجر فيه منفعلاً:-

بجولك الدليل اللي يديني ممكن يجع في يد حد وأنت تجولي أني مالي عاد، أنت ولدي ومجبور تدور معايا عليه جبل ما حد يعتر عليه وأورح في طيس


_ تراجع طاهر للخلف ثم أولاه ظهره وتحدث بجمودٍ مميت:-

غلطتك وأنت اللي تتحمل عواقبها مش أني..


_ تركه وعاد إلى والدته وشقيقته واصطحبهم إلى المنزل، بينما وقف حمدان يتابع ما يحدث وقلبه ينخلع رعباً كلما حملت الآلة من التربة قدراً آخر، انتظر بفروغ صبر إنتهاء عملهم لكي يذهب إلى الرمال الملقاه على الجهة الأخرى ويستعيد سلاحه في حال أنه لم يقع في أيدي أحدهم.


_ بعد ساعات قضاها حمدان في البحث عن سلاحه المختفي لم يصل إليه بالأخير، علم بأن نهايته على حافة الاقتراب، عاد إلى منزله يجر خيبته خلفه، ولج للمنزل بذهن شارد لا يري أمامه


_ أوقفته ثريا وهي تضع إحدي ذراعيها في منتصف خِصرها رافعة حاجبها مستاءة من تأخيره:-

راجع وش الفجر ليه يا حمدان كنت بتجتلك واحد كمان ما أنت بجيت جاحد ولا يهمك عقاب ربنا


_ لقد جنت على نفسها تلك اللعينة بكلماتها التي أردفتهم في وقت غضبه الذي يتقد بداخله، رفع بصره عليها وهو يكز على أسنانه بغل، اقترب منها وحاوط عنقها بيده وشد من قبضته عليها، بدأت ثريا في الإختناق وحاولت التملص من بين قبضته لكنه كان أقوى منها ولم يرأف بحالتها المذرية التي باتت عليها


_ حدثها من بين أسنانه المتلاحمة بغضب:-

معنديش مشكلة تبجي أنتِ التانية حتى نرتاحوا منك


_ التف حمدان حول نفسه إثر دفعة أحدهم القوية له، عاد لاتزان جسده بصعوبة وبحث بسودتاه على من قادته شجاعته وفعل ذلك، حتماً هو ليس غيره


''طاهر"

_ نطقها حمدان ببغض واضح واقترب منه يريد صفعه، منعه طاهر من الوصول إليه بتقيده لحركة ذراعيه هاتفاً بحنق:-

يدك المعلونة ديي متتمدش على أمي تاني واصل، أني اللي هجف جصادك بعد إكده والعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم يا أبوي.


_ استشف حمدان بأن من يقف قبالته ويحادثه ليس طاهر الوديع الذي كان يأمره فيلبي أمره بطاعة دون اعتراض، لقد خلق منه وحشاً خالٍ من الرحمة اكتسب جحوداً في صفاته الجديدة.


_ لم يعقب عليه فرونقه لا يسمح له بالمشادة معه أو ربما لتأكده من خروجه منهزم إن تعارك معه، جر قدميه بثقل إلى غرفته بينما اصطحب طاهر والدته إلى غرفته لكي يسترد لها أمانها لطالما سرقه منها حمدان بتصرفه المتهور.


______________________________________


_ يحاول الأطباء البيطريين السيطرة على الأوضاع الصحية للمواشي التي انتقلت إليها الحمي، ظل مصطفى طيلة الليل يؤمر العمال ببعض الأوامر التي تساعد على إنقاذ اكبر قدر من الحيوانات بفصلهم عن بعض بعد إجراء فحص شامل يدل على تمام صحة الماشية.


_ بعد عدة ساعات لم يغفل له جفن حتى ساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، توجه إلى خزان المياه الذي يتوسط المزرعة، فتح صنبوره فانسدلت المياه بغزاره، مد يده وغسلها جيداً ثم حاول جمع قطرات المياه في يديه وانحنى عليها يرتشف منها الكثير ليروي زمئه.


_ استدار بجسده ولم يتقدم خطوة للأمام، وضع كلتى يديه في منتصف خِصره ووقف يتابع هرولة الفلاحين والأطباء الذين يحاولون إنقاذ المواشي، أوصد عينيه لبرهة ثم أعاد فتحهما على الجهة المعاكسة متحسراً على هذا الكم الهائل الذي لم يلحقوا بمعالجته وقد مات في الحال فلقد تملكت منهم العدوى قبل أن يلاحظوها.


_ أزفر أنفاسه بضجر بائن فالخسارة ليست هينة وسوف تأتي بعواقب عدة، قطع حبال شروده صوت والده المتعب:-

أني معاود السرايا يا مصطفى مجدرش أجف أكتر من أكده هتاجي معايا؟


_ حرك مصطفى رأسه رافضاً وردد بنبرة مستاءة معانقة للإرهاق:-

لاه أني هجعد إهنه عشان لو حد احتاجني في حاجة


_ أماء له خليل بتفهم ثم أولاه ظهره وغادر وهو يتوكأ على عصاه التي تتحمل ثقل بدنه بصعوبة، بينما عاد مصطفى إلى الأطباء يتابع ما يفعلوه باهتمام.


______________________________________


_ حاولت ورد التغلب على نعاسها باستمرار إلى أن تغلب هو منها مع بزوغ الفجر وسماعها لزقزقة العصافير وبعدها مباشرةً بدأت تشرق الشمس في أجواء هادئة أضافت لمسة ساحرة أزادت من عدم تماسكها أمام النوم.


_ غفت وهي جالسة على طرف الفراش مستندة برأسها على جداره، لم تمر خمس دقائق حتى انتفضت بذعر على صوت يتردد صداه في أرجاء الغرفة، كانت تلك السيدة نادرة من اقتحمت الغرفة دون سابق إنذار برفقة صفية التي نكست رأسها بحزن شديد بعدما تقابلت أعينها مع زرقوتي ورد المذعورة.


_ نهضت ورد عن مقعدها ولازالت تحت تأثير الذعر، لم تهدأ نبضاتها المتزايدة بعد، حاولت فهم ماذا يجري لكن لم تعطيها السيدة نادرة فرصة السؤال وأردفت هي بنبرة أمرة:-

همي ننضف الأوضة اللي بجالها ياما متنضفتش ولا شافت ريحة النضافة ديي


_ اقتربت السيدة نادرة من ورد وتعمدت دفعها بقوة مرددة بنظرات ساخطة:-

بعدي أكده خلينا ننضف الأوضة جبل ما ولدي يعاود


_ أمسكت ورد بجدار الفراش لكي تضبط خلل توازنها التي تسبب به نادرة وعادت لوقفتها بقامة منتصبة، لم تتحمل ما يحدث ودلفت للخارج تاركة لهم حرية التصرف في غرفتها التي من المفترض لها أحقية خاصة في استخدامها.


_ بعد مرور ساعتين انتظرت ورد بفروغ صبر انتهائهم مما تقومن به لكن لا شئ ينتهي كأن نادرة متعمدة ذلك، صغت إلى حكة أصدرتها إطارات إحدى السيارات، اقتربت من النافذة فتفاجئت بعودة مصطفى، توجهت نحو الباب لتكون في استقباله ولكن عزول علاقتهم قد حضرت أولاً ووصلت قبلها.


''حمدالله علي السلامة يا ولدي الامور كيفها معرفتش اتحدت ويا بوك كان تعبان ونام أول ما فرد جسمه علي السرير''

_ أردفتهم نادرة متسائلة بإهتمام، أجابها مصطفى بحزن يكسو وجهه:-

الخساير كابيرة جوي ياما ربنا يستر ونجدر نسطير على باجي المواشي جبل ما العدوى توصل لجلبها كيف ما حوصل للمواشي اللي ماتت


_ رفعت نادرة كلتي يديها داعية الله بقلب سليم:-

يارب أرفع غضبك ومقتك عنا يارب، استرها معانا يارب


_ فرك مصطفى عينيه بتعب وردد:-

هصعد أبدل هدمتي وأعاود تاني


_ تبعته ورد إلى الأعلى لكنه قد اختفى خلف باب غرفته، كادت أن تولج خلفه لكن خروج صفية من غرفتها أوقفها حين أردفت بندم شديد:-

أني أسفة يابتي حكم الجوي مجدرتش أجولها لاه


_ اقتربت منها ورد مشكلة إبتسامة عذبة على ثغرها الوردي، ربتت على ذراعها وحدثتها بلين تثبت لها عدم انزعاجها منها:-

عارفة إن ملكيش ذنب بس هنعملوا إيه عاد؟


_ أخرجت ورد تنيهدة مرهقة مليئة بالهموم وواصلت حديثها:-

فينها صفاء مش ظاهرة؟


_ رفعت صفية عينيها على ورد وكأنها ذكرتها بشيئ قد غفلت عنه وهتفت:-

واه لتكون لساتها نايمة ومراحتش جامعتها، لما أروح أكلمها في المحمول عن أذنك


_ غادرت صفية مهرولة بينما توجهت ورد إلى الطريق الذي يفصل بينهما، تفاجئت بخروجه قبل أن تهم هي بالدخول، بادلته إبتسامة خجولة وقالت بحياء :-

صباح الخير


_ رد عليها مصطفى بمزاج غير سوي:-

صباح النور


_ حمحمت قبل أن تتابع ما تريد قوله مردفة:-

سمعتك وأنت بتجول الخساير كابيرة جلبي عندك


_ أجابها مختصراً:-

ربنا يستر


_ ابتلعت ريقها وبتردد أخبرته:-

كنت رايدة أروح دار أبوي كيف ما جولتلك ليلة امبارح


_ أماء لها بقبول وردد بلامبالاة فذهنه شارد في الفاجعة التي تركها خلفه وعاد إلى السرايا:-

ربنا يسهل يا ورد


_ ألحقت به قبل أن يغادر وقالت مُصرة:-

إيوة ميتي يعني؟


_ تأفف مصطفى بضجر بائن وأجابها بإنفعال شديد:-

مخابرش ميتي، أنتِ شايفة إن وجته الحديت في الموضوع ديه؟ ولا أنتِ مشيفاش حجم المصيبة اللي وجعت على روسنا، معتحسيش إياك!


_ لم تتفاجئ ورد بحديثه بل صعقت بسبب إهانته لها، رمقته بنظرات محملة بالخذلان التي شعرت به حينها، تمالكت عبراتها التي تهدد بالنزول ثم انسحبت من أمامه بهدوء تحول تدريجياً إلى هرولة إلى أن اختفت خلف باب الغرفة اللعينة التي لا تعلم أن كانت ملكها أم لا


_ أوصد مصطفى عينيه لثوانٍ يلعن زلته التي تسببت في إحزانها، فتح سودتاه ورمق الباب خاصتها ثم حرك رأسه مستنكراً وتابع سيره إلى الأسفل ومن ثم ركب سيارته وغادر بها عائداً إلة المزرعة.


_ وقفت ورد خلف الباب تكتم شهقاتها التي خرجت رغماً عنها وتحولت إلى بكاء غزير، نظرت إلى معالم الغرفة بنفور شديد مختلط بشعور عدم الإنتماء لهذا المكان، لم تشعر يوماً بأنه وطنها لطالما عليه حمايتها وإن لم تشعر بالأمان والطمأنينة في وطنها فبتأكيد ليس موطنها الحقيقي!


_ تقدمت إلى الأمام باحثة عن هاتفها المحمول ولم تتردد ثانية في مهاتفة من تبقي لها من العائلة، انتظرت قليلاً فأتاها صوته المتحشرج الذي يدل على عدم استيقاظه بعد:-

مين؟


_ ردت عليه بنبرتها المبحوحة التي تزداد وقت البكاء:-

اني ورد يا طاهر


_ لم يتسلل صوتها إلى شحمة أذنه بل صُوب داخل صميم قلبه مباشرةً، انتفض من نومته وأجابها بنبرة ولهانة:-

ورد! كيفك يابت عمي؟


_ مسحت عبراتها براحة يدها كما أخذت شهيقاً عميق لكي تواصل مكالمتها وبعد لحظات أردفت بتردد:-

أني زينة بس رايدة منيك طلب..


_ لم يطيل الصمت وأجابها بلهفة:-

أنتِ تؤمري


_ نظرت ورد بتفحص للمكان التي تود الفرار من سجنه وأردفت بحسم:-

...................


______________________________________


_ اجتمع كبار القرية في مبنى خاص قد قام العمدة بتشيده ليقام فيه الجلسات العُرفية بين أهالي البلدة يتناقشون فيه لحل مشكلاتهم.


_ جلس خليل يتشاور مع أهل قريته في تلك الحمى التي سيطرت على أغلب ماشية البلد، تبادلوا أطراف الحديث كما يبحثون عن حلول قاطعة لتلك العدوى المتسببة في خسائر كبري


_ الجميع منتبه ويصغي باهتمام ربما يصلوا إلى طريقة ما يعوضون بها الخسائر الباهظة التي وقعت على عاتقهم دون سابق إنذار عدا مصطفى فلم يسمع أي من الأحاديث التي تناولها الجميع من حوله فعقله لا يتوقف عن إيلام نفسه علي تصرفه الأخير مع ورد.


_ يلعن زلة لسانه تارة وتارة أخرى يحاول إيجاد تبريرات لتصرفه، لكن في النهاية يصل إلى نقطة مشتركة بين تضاد أفكاره وهي اللوم، يشعر بالإختناق والتعصب كلما تذكر نظراتها التي أرسلت إليه فيهما إشارات معاتبة وكأنه خذلها!!


''مصطفى يا مصطفى''

_ أنتبه لنداء والده المتكرر الذي أخرجه من شروده وردد بذهن شارد:-

بتجول حاجة يا بوي؟


_ قطب خليل جبينه بغرابة من أمر ولده المريب وردد مستاءً:-

أبااه أديلي ساعة بنادم عليك وأنت ولا إهنه


_ نهض مصطفى عن مقعده وأردف بنبرة متعبة:-

معلاش يا بوي من جلة النوم هستأذن أني


_ سمح له والده بينما مرر مصطفى أنظار على الجميع وأخذ منهم إذن المغادرة ثم هرول للخارج مسرعاً بخطى متريثة، عاد إلى السرايا وهو يعد الثوانِ لكي يلتقي بورد حتى يصلح ما اقترفه


_ كانت والدته واقفة بقرب من الباب في استقباله عاقدة ذراعيها ووجها لا يبشر بالخير، ألقى عليها مصطفى التحية ثم سألها متلهفاً وهو يبحث بسودتاه على ورد:-

ورد لساتها في أوضتها ياما؟


_ رفعت نادرة حاجبيها للأعلى ورددت بتجهم:-

وااه أنت متعريفيش إن مرتك مشت مع واد عمها!


_ لوهلة توقف عقل مصطفى عن الفهم وأعاد ما أخبرته به بعدم استيعاب:-

مرت مين مشت مع مين بتجولي إيه ياما مفاهمش حاچة


_ دنت منه والدته وأعادت تكرار حديثها ليكون أكثر وضوحاً:-

مرتك ورد مشت مع واد عمها طاهر من جيمة ساعة أكده، ولا عملت حساب لكابير الدار ولا لچوزها راجلها اللي عيجف جصاد أمه عشانها.


_ كانت تلدغ سُمها كالثعبان ولا تبالي، فالمقصود تخريب علاقتهم المبجلة، لم تدري ماذا أصابت فيه من وراء كلماتها اللعينة، برزت عروق يد مصطفى من شدة قبضته على أنامله دون شعور منه.


_ أولاها ظهره سريعاً وتحرك مبتعداً عنها بخطى غير مستقيمة إلى أن استقل خلف مقود سيارته وهو يتوعد لها أشد الوعود، لم يعلم كيف وصل إلى منزلها بتلك السرعة لكن لا يهم الأن


_ ترجل من السيارة وتوجه مباشرة إلى منزلها، طرق بابها بعنف ووقف خلفه ينتظر ظهورها على أحر من الجمر فعقله يرفض بتاتاً سيرها مع رجل غيره.


_ كست وجهه الحُمرة القاتمة من فرط غضبه الذي انفجر عليها ما إن ظهر طيفها أمامه، دفع الباب بعنف وولج بخطاه كالثور الهائج الذي يود الفتك بضحيته


_ حالة من الذعر سيطرت على ورد لاقتحامه المنزل بأسلوبه الهمجي ذاك، حاولت تلبس ثوب الشجاعة أمامه فعلى ما يبدوا لا يعجبه مغادرتها للمنزل دون إذنه وخاصة مع إبن عمها.


_ صاح بها مصطفى بكل ما أوتي من قوة بغضب لا يسعه الكون:-

أنتِ كيف تهملي الدار من دون إذني وكمان مع راجل غريب، جبتي الجرأة منين تعملي أكده من غير ما ترجعي لي ولا تحترمي رجالة الدار اللي عتجعدي بين جدرانه؟


_ رمقته بنظرات احتقارية مشتعلة ولم تصمت بل أنفجرت به وأخرجت كل ما يكمن في جوفها بعدم خوف:-

جصدك سجن مش دار، سجن محبوسة بين جدرانه ومخابراش الافراج هيبجي ميتي؟ كل ما يتخلج أمل جاديد جواتي تاجوا كلاتكم تموتوا كل ذرة أمل عيندي بعمايلكم


_ لوى مصطفي شفتيه للجانب بتهكم فهرائتها لم تقنعه ولم تهدئ من شعوره بالغضب بل ضاعفته بنبرتها المنفعلة التي تحادثه بها وهدر بها مستاءً:-

أسباب تافهة بتحوصل في كل دار بين اي راجل ومرته، مش أسباب لعملتك اللي عملتيها، ديي عاملة متتغفرش


_ قهقهت ورد عالياً بسخرية وقالت:-

اديك جولتها بين راجل ومرته، أني لا مرتك ولا أنت جوزي وكل اللي بينا حتة ورجة ملهاش عازة، لا في عشرة ولا رصيد يخليني اتغاضي عن اللي بيحوصلي منكم بالعكس أني من وجت ما عتبت السرايا وأني اتجل مني وكرامتي ادهست بأقذرها بُلغة ولحد إهنه وكفاية جوي أني مهتحملش اكتر من أكده حتى لو كنت بحبك.


_ صرحت ورد بحبها له دون ترتيب سابق، خرجت كلماتها عفوية صادقة بدون زيف أو تجميل، لم تشعر بالندم لانها اعترفت بحبه الذي يختبئ داخل قلبها، ربما ذلك الأفضل أن تبوح بكل مشاعرها سواء كانت سيئة أو كانت نبيلة فلقد شعرت ببعض الراحة ولو عاد الزمن بها لن تتراجع عما تفوهت به.


_ بحث مصطفى بين خلايا جسده عن غضبه فلم يجد له أثراً، تبخر تماماً ما أن صرحت بحبها له، يا حبذا عيش شعور الإعتراف بالحب للمرة الأولى، لن ينكر أنه سمع من قبل عن جمال تلك اللحظة لكنه لم يعلم أنها بتلك الروعة!!


_ لم يتردد لحظة في الإقتراب منها بقلبٍ خالٍ تماماً من أي مشاعر غير سوية، لقد نجحت ورد في إشراق قلبه وإعادة حيويته وعنفوانه من جديد.


_ تراجعت ورد للخلف حين رأته يتقدم نحوها غير قابلة أي تصرف منه في تلك الأثناء وحاولت إيقافه بنبرةِ صارمة:-

متحاولش تجول أو تعمل أي تصرف عشان هيكون مجاملة مش أكتر


_ توقف مصطفى عن السير وعقد ما بين حاجبيه بحيرة وقع فيها وردد متسائلاً:-

هو فيه بين المتزوجين مجاملة؟


_ أماءت له مؤكدة وأردفت بعناد:-

أيوة فيه.


_ أخذ مصطفى يزفر أنفاسه المتهدجة في صعوبة فلقد أغلقت في وجهه جميع السُبل لإرضائها فردد بقلة حيلة:-

مخابرش أعمل إيه عشان أرضيكي أنتِ مجفلة عليا كل الطُرج جوليلي أعمل إيه وأني هعمله


_ نفخت ورد بتذمر وأجابته بفتور قاسٍ:-

مخابراش كل اللي أعرفه اني مريداش اتراضى دلوك عشان كل اللي هتعمله عحسه مجاملة وإنك بتعمل أكده بعد ما نبهتك لزعلي وسبب مضايجتي


_ حاول مصطفى تلين عقلها بقوله:-

طيب همي نعاود السرايا نتحدتوا إهنكة


_ أبدت ورد رفضها التام للعودة إلى هناك مرة أخرى:-

لاه مهعاودش إهنكه تاني واصل الدار مش داري أني أهنه مرتاحة


_ چحظت عيني مصطفى بذهول قد سيطر على تقاسيمه وهتف مستاءً:-

كيف يعني؟


_ أبعدت ورد نظرها في الفراغ الماثل جوارها مجيبة إياه بجمود:-

أسأل سيدة الجصر وهي تجولك


_ لم يمنع مصطفى ضحكاته التي خرجت رغماً عنه حين استشف أن سيدة القصر نفسها والدته، توقف عن الضحك بصعوبة بالغة لكي لا يزيد الطين بلة فيكفي تذمرها وعنادها المتمسكة بهما، فعلي ما يبدو أن هناك ثمة أمور لا يعلمها وعليه أن يهدئ من التوتر الناشئ بينهما.


_ أوصد الآخر عينيه كما أخرج تنيهدة بنفاذ صبر، أعاد فتحهما وهو حاسم أمره علر قول شيئا ما لعلها ترضاه في النهاية:-

خلاص يا ورد أنتِ طلبتي تجضي يوم في دار بوكي وأنتِ اهاه موجودة فيه، هسيبك لحالك تريحي عجلك وععاود أخدك وجت ما الشمس تغرب ومهجبلش أي إعتراض منك


_ عقدت ذراعيها هاتفة بحنق:-

ربنا يسهل


_ غادر المنزل على مضضٍ فلم يريد تركها بمفردها لربما يحدث أي نقاش بينها وبين إبن عمها، تسائل مصطفى كثيراً عن سبب ضيقه المستمر من طاهر على الرغم أنه يعلم بحُسن خلقه، لكن المسألة بعيدة كل البعد عن أخلاقه الحسنة فهو لا يتخيل قُرب رجلاً آخر بجوار حبيبته، فسرها مصطفى على إنها غيرة الحب وماذا ستكون إن لم تكون غيرة؟


_ تقوس ثغره بإبتسامة عذبة بعدما تأكد من مشاعره اتجاهها وعزم على ألا يطيل الأمر ويوطد العلاقة بينهما في أقرب فرصة لديه.


_ نعود إلى ورد التي توجهت إلى النافذة بعدما تأكدت من مغادرة مصطفى لإختفاء صوت السيارة فتفاجئت بما يسُرها وابتهج قلبها إثره ولم تتردد في الإسراع إلى الخارج لكي تنضم إلى......


نكملها مع بعض باذن لله

قولولي رأيكم من موقف ورد يا تري معاها في أنها تسبب البيت بالطريقة دي ولا هي غلطانة ؟


♥ 

🌺🌺روايه عرف صعيدي🌺🌺        


     بقلم الكاتبه ♥ تسنيم المرشدي♥ 

الفصل الخامس عشر

بنت بنوت

______________________________________


''متجولش أنك بتصليحها"

_ أردفت بهم ورد متلهفة لتأكيده حدسها، رفع رأسه للأعلى مشكلاً إبتسامة مليئة بالحيوية وأجابها بحماس:-

عارف إنك بتحبيها جولت أحاول أصليحها مدام أنتِ إهنه


_ ابتهجت ورد للغاية وازدادت تلهفاً لإسراعه في إعادة صنعها من جديد مرددة:-

متعريفش أني بكيت كد إيه يوم ما حبالها دابت واتجطعت لدرجة أن أبوي جالي هيعملي واحدة چديدة بس..


_ أخفضت رأسها في حزن جلي وتابعت مضيفة بآسى:-

اتوفي جبل ما يعملهالي...


_ فرت دمعة موجوعة على مقلتيها حزناً على فراق والدها، استشف الآخر بكائها وعزم بأن ينهي تصليح تلك الأرجوحة مهما كلف الأمر، عادت ورد تنظر إلى حماسه ولهفته الذي يعمل بهما محاولاً إصلاح التالف بها.


_ مر ما يقرب الستون دقيقة قد نجح في إبدال الحبال التالفة بأخرى متينة يصعب إتلافها، خرجت ورد حاملة لأكواب الشاي وقامت بإعطائه كوب مردفة:-

اتفضل الشاي يا طاهر


_ أخذه منها وشكرها بإمتنان بالغ:-

تسلم يدك


_ إلتوى ثغرها ببسمة خجولة لم تصل إليه بسبب وشاحها الذي يشكل حاجزاً يمنعه من التمعن بها، أشار الي الأرجوحة وقال متلهفاً لرؤية ردة فعلها:-

جربيها يلا


_ أسرعت ورد متوجهة إليها وسألته بتوجس قبل أن تجلس:-

أجعد ولا هجع؟


_ أضاق بعينه عليها موحياً إليها بإشارات معاتبة في لهجته:-

عيب عليكي وأني مش هتوكد منيها جبل ما أجولك تجعدي بردك


_ سحبت نفساً وجلست أعلاها، دقت أسارير السعادة قلب الطفلة التي استيقظت بداخلها ما أن توسطت الأرجوحة، العودة لأرض الوطن التي تنتمي إليها شعور لا يمكن وصفه بأي كلمات، لن تكفي حقه مهما حاولت، شهيقاً وزفيراً فعلت ثم استندت برأسها على حبالها، صوبت زرقاوتاها على منزلهم بشغفٍ مرددة:-

ياريتنا ما كبرنا وفضلنا عيال صِغيرة.


_ شعر طاهر بأن هناك خطبً لا يعلمه، بحث بعينه سريعاً على شيئ يجلس عليه ثم سحب صندوقاً خشبياً هزيل وجلس أعلاه بحذر، أخرج تنيدة وطالعها لوقت فتلك اللحظة محببة إليه للغاية، كم تمنى أن يتوقف الزمن ويُكمل بقية عمره جالس أمامها لا يفعل شئ سوى التطلع بها.


_ حمحم وسألها باهتمام:-

مريداش تجولي بردك عن سبب مجيتك لهننه وخصوصاً معايا، متفهميش غلط بس يعني مصطفى وافج إنك تمشي معايا؟


_ اعتدلت ورد في جلستها وارتشفت القليل من الشاي وأجابته بهدوء:-

ومهيوافجش ليه عاد؟ أنت كيف أخوي وأني أمانتك


_ لم تنجح ورد في إقناع طاهر بكلماتها، ضاق بنظره عليها بعدم اقتناع فاستشفت ما وراء نظراته وواصلت حديثها المسترسل:-

مش لازم أزور دار بوي بسبب يا طاهر اتوحشت الجاعدة فيها ومصطفى كان مشغول في المصيبة اللي حلت على أهل البلد ديي ملجتش غيرك أجي وياه


_ حرك طاهر رأسه متفهماً وأبدى سبب سؤاله:-

أني بطمن عليكي مش اكتر عشان متفهميش حديتي غلط


_ صمتت ورد لثوانِ ثم تابعت مرددة:-

يابختها بيك اللي هتتجوزك


_ تعجب طاهر من كلماتها المريبة فأوضحت هي قصدها برقة:-

هتاخد راجل حنين وجلبه طيب ومهاتهونش عليك تزعيلها، لو رايد نصيحة مني عاملها زين وإياك تجلل من جميتها حتى بينها وبين نفسها، خلي زعلها إمهم وميهونش عليك وصدجني وجتها هتجيدلك صوابعها العشرة شمع


_ إلتوى ثغر طاهر بتهكم فهي جاهلة عن حبها الذي يسكن فؤاده وكان ليفعل أكثر مما قالته لو كانت هي من حملت إسمه لكن هيهات للدنيا وأقدارها التي جائت على غير هواه.


_ هرب طاهر بأنظاره بعيداً عنها وأردف مستاءً:-

خابرة إن الحياة ديي أوجات أحسها ظالمة، نتمنى حاچة واحد مفيهش غيرها وتاجي هي تدعس عليها وتطلع لنا لسانها وتعند معانا، نفضل نعافر معاها وأخرة المعافرة نلجى سراب!


_ تأثرت بحديثه فيبدوا أن هناك ثمة أمور يحتفظ بها تسبب له الضيق، حاولت التخفيف من على عاتقه بقولها:-

في مجولة جريتها بتجول ':أحياناً يمنع عنك الله ما تريد ليعطيك ما تحتاج''

خليك مؤمن دايماً إن عوض ربنا جميل وهياجي في أكتر وجت محتاجه بس أنت أصبر


_ تقوس ثغرها بتهكم مستاءة من نفسها التي تنصح غيرها بحكمة لم تتخذها في حياتها، خرجت من شرودها على مجيئ صباح التي ألقت عليهم التحية وبعد مدة ليست بطويلة تعمدت إخبار ورد بزيجة طاهر حتماً لم يخبرها بعد:-

مش تباركي لطاهر يا ورد كتب كتابه ودخلته الخميس الجاي


_ تفاجئت ورد بهذا الخبر السار ورددت بفرحة بالغة:-

بچد يا طاهر ألف مبروك


_ عاتبته بمشاكسة أخوية:-

بجا جاعد معايا كل الوجت ديه ومتجوليش ماشي يا سيدي هعديهالك عشان الخبر يستاهل وأخيراً هنفرحوا من تاني


_ لا تدري بأنه لم يخبرها لأن الأمر منتهياً لديه ولم يكن عالق في ذهنه من الأساس، سحب شهيقاً وأخرجه على مراحل ورد عليها بفتور وهو ينهض من مقعده:-

الله يبارك فيكي يابت عمي، عن إذنك ورايا مشوار ضروري لازمن أعمله لو احتجتي لحاجة كلميني على المحمول


_ أماءت له بقبول ثم اختفى من أمامها سريعاً فهو ليس مستعداً لمواصلة الحديث عن زيجته معها خصيصاً يكفي سخافة إلى هذا الحد، كذلك عادت صباح الي المنزل بعد أن قطعت عليهم خلوتهم الهادئة وباتت ورد وحيدة لكن بشعور مختلف عن ذي قبل، لقد شعرت بالراحة بعدما قضت وقتاً ممتعاً في منزل عائلتها بعيداً عن نادرة وتصرفاتها البغيضة.


______________________________________


_ استأذنت صفية من السيدة نادرة لمغادرتها السرايا وقتاً قصير لكي تطمئن على وحيدتها التي لا تجيب على مكالمتها.


_ عادت إلى المنزل بقلبٍ يعتصر خوفاً عليها، توجهت إلى غرفتها مباشرةً وتفاجئت بوقوفها في النافذة مستندة بمرفقيها على سور المنزل، اغتاظت من عدم مبالاتها وتوجهت نحوها بملامح غاضبة لا تبشر بالخير.


_ أمسكتها من ذراعها وأجبرتها على الإلتفاف إليها واندفعت بها هادرة:-

معترديش على تلافونك ليه وجعتي جلبي حرام عليكي هطب ساكتة في مرة بسبب عمايلك ديي


_ لم تكترث صفاء بغضب والدتها وبجمودٍ قالت:-

همليني لحالي ياما أني مجدراش أتحدت


_ قطبت صفية جبينها متعجبة من أمرها وهتفت بعصبية:-

مالك يابه حالك متبدل أكده ليه، في إيه جوليلي وريحي جلبي


_ حررت صفاء ذراعها من قبضتي والدتها وهتفت بحنق:-

جولتلك همليني لحالي مريداش أتحدت


_ أولاتها صفاء ظهرها وعادت للوقوف أمام النافذة كما كانت عليه بينما انتظرت صفية على أملاٍ أن تحادثها بعدما يهدئ روعها لكنها لم تفعل فعادت بأدراجها إلى السرايا حاملة الهم فوق اكتافها لا تدري كيفية التعامل مع تلك الفتاة المشاغبة التي تسبب لها المتاعب ليست إلا.


______________________________________


_ حل المساء سريعاً ولم تبتعد ورد عن الأرجوحة، بل فضلت المكوث أعلاها وتركت العنان لافكارها في الذهاب والإياب ربما تصل إلى حل قاطع مع نسمات الهواء العليل من ذلك الوقت.


_ انتبهت على صوت حكة إطارات السيارة التي وقفت أمام المنزل، ظهر مصطفى من خلف باب سيارته وولج بخطاه للحديقة: قطب جبينه بغرابة لرؤيتها في الخارج في هذا الوقت المتأخر من الليل


_ دنى منها متسائلاً باهتمام:-

جاعدة برا الدار لدلوك ليه عاد؟


_ نظرت إلى الفراغ أمامها وأجابته بفتورٍ قاسِ:-

عشان أني رايدة أكده


_ فهم مصطفى أنها لم تصفى بعد منه بسبب نبرتها الجامدة التي تحادثه بها، شهيقاً وزفيراً فعل لكي يتسع صدره مع الحوار الذي سيخلق بعد بينهم وأردف بهدوء:-

همي بينا نعاود السرايا وجبل ما تعترضي افتكري إني جولت لك معايزش اعتراض


_ طالعته ورد فأسرع هو يغلق في وجهها أي رفض سيقابله منها بقوله:-

ولو جولتي لاه معنديش مشكلة أشيلك بين يدي التنين وأعاود بيكي لحد السرايا وسبج وعمِلت حاجة شبيه ليها


_ تأففت ورد بضجر بائن وصل إلى أذان مصطفي ثم هبطت من على الأرجوحة وأدلفت للمنزل، وقف مصطفى يتابع تحركاتها ولا يعلم أي وجهة ستذهب فهي لم تخبره، عادت إليه بعدما جلبت حقيبتها وتوجهت مباشرة إلى السيارة دون ترديد الكلمات.


_ رفع مصطفى حاجبيه عفوياً منه، فتصرفها الهادئ أخر شيئ كان يتوقع فعله منها، عاد هو الآخر إلى سيارته وتحرك بها عائداً إلى السرايا.


_ صف سيارته جانباً وترجل منها لكن خطوات ورد كانت أسرع منه ففي أقل من الثانية كانت اختفت من أمامه وصعدت إلى غرفتها، تبعها إلى الأعلى دون تردد، طرق بابها ثم ولج خلفها قبل أن تسمح له، تعجبت ورد من وجوده لكنها لم تعقب فهي ليست في مزاج سوي يسمح لها في خلق حوارً معه الأن.


_ لاحظت أنه يخلع جلبابه ويضعه على حامل الثياب الواقف خلف الباب ثم بدأ في خلع بقية ثيابه فلحقت به متسائلة بغرابة:-

بتعمل إيه؟


_ رد عليها مصطفى متابعاً خلع ثيابه وكأن الأمر عادياً:-

بخلع خلجاتي عشان أعرف أنام زين


_ عقدت ورد ما بين حاجبيها ورددت بعدم فهم لما يدور حول حديثه:-

تنام!!


_ حرك رأسه بإيماءة من رأسه مردفاً بنبرته الرخيمة:-

أيوة هنام إهنه من إهنه وجاي


_ تفاجئت ورد بقراره كما ازدردت ريقها بصعوبة، فلم تنم بجانب رجلاً من قبل وتحديداً هو فالعلاقة بينما متوترة كيف ستشاركه الفراش إذاً؟


_ حاولت التخفيف من عليها بترديد بعض الكلمات داخلها، استدارت بيدها مولياه ظهرها وتوجهت إلى المرحاض بدلت ثيابها إلى ثياب النوم خاصتها والتي تشعر فيهم بالراحة.


_ اعتلت الفراش ما أن دلفت خارج المرحاض مباشرةً دون أن تنظر إليه وكأنه نكرة لا تراه، سحب مصطفي نفساً عميقاً وسار بخطى ثابتة إلى فراشه العزيز الذي افتقده كثيراً، عودة حميدة له وأي عودة فإنه سوف يتشارك معها الفراش نفسه، يالا سعادة قلبه المفرطة!


_ أولاته ورد ظهرها ما أن أعتلى الفراش هاربة من نظراته التي يخترقها بحدتيه، سمح مصطفى ليده في التسلل من أسفل ذراعها محاوطها بذراعه، كتمت ورد أنفاسها حين تفاجئت بتصرفه، چحظت عينيها بذهول حين إلتصق بها وباتت حبيسة بين ذراعيه.


_ دفن مصطفى رأسه في عنقها وأوصد عينيه يستمتع بتلك اللحظة الثمينة، شعر برجفتها بين يديه مما زاده رغبةً بها لكنه حكم عقله وتريث، فهو يريد خوض تجربته الأولى معها وهي راضية تمام الرضا عنه.


_ رفع يده وبسلاسة فك قيد خصلاتها التي تحررت ووقعت على ذراعه، تغلغل بأنامله خصلاتها المموجة ثم هبط للأسفل قليلاً وحرك أصابعه على ذراعها بحركات عمودية سببت لها القشعريرة، كانت تضعف قوة تماسكها كلما مرر أنامله على موضع مختلف.


_ لم تهدأ نبضات قلبها المتزايدة قط منذ وقوعها في ذلك الموقف المخجل، حسناً لن تتحمل لأكثر فهي تفقد صوابها تدريجياً مع تصرفاته التي يتقن فعلها كأنه متعمداً ذلك.


_ حاولت النهوض لكنه أبى وشد على خِصرها لكي يقيد حركتها هامساً بقرب أذنها:-

متبعديش عني..


_ جف حلقها من شدة الإرتباك والتوتر فابتلعت لعابها لكي تعود إلى طبيعتها، أجبرها مصطفى على الإلتفاف إليه لكنها لم تقدر علي النظر في عينيه، رفع وجهها بسبابته ليتمعن في جمال زرقاوتيها، تبادلا النظرات لبرهة فعصفت بهم مشاعر عدة لم يذقوا لذتها من قبل.


_ لم يكن أمامها مفر سوى الاختباء في صدره الذي رحب بوجودها فيه، شد مصطفى من محاوطته على خصرها وأوصد عينيه فيكفيه ذلك العناق الليلة حتى بات كليهما في ثُبات عميق.


______________________________________


صباحاً،

قلقت على رنين الهاتف المزعج الذي قطع عليها أحلامها الوردية، فتحت عينيها وتفاجئت بالظلام الذي داهمها يقطعه صوت نبضاتٍ ما، أعادت رأسها للخلف فبدأت صورته في الوضوح.


_ اتسعت مقلتيها بذهول لقد قضت الليلة كاملة على ذلك الوضع، انتبهت على رنين الهاتف الذي أخرجها من شرودها فيه، حاولت أن تصل إليه بيدها لكنه كان أبعد من طول ذراعها، تملصت من بين ذراعيه بهدوء لكي لا تسبب في إيقاظه، إلتقطت هاتفها المحمول وابتعدت عنه حتى تجيب والدتها.


''صباح الخير ياما''

_ قالتها ورد بنعاس مسيطر على نبرتها، تلقت الرد من والدتها بلهفة:-

صباح النور يا جلب أمك كيف أحوالك؟


_ أخرجت ورد تنيهدة مهمومة وأردفت بحاجة إليها:-

أني بخير، اتوحشتك جوي ياما اتوحشت أيامنا الجديمة


_ أسندت ورد رأسها على باب الشرفة وواصلت حديثها مفتقدة إياها:-

فاكرة لما كنت اجعد تحت رجليكي وتضفريلي شعري؟!


_ شعرت السيدة سنية بالقلق حيال كلمات ورد المبهمة ورددت متسائلة في اهتمام:-

وااه، إيه اللي خلاكي تفتكري الحاجات ديي دلوك أنتِ فيكي حاجة؟


_ كذبت عليها في ردها لكي تطمئن قلبها:-

زينة زينة، بس اتوحشتك مش أكتر


_ تبادلن أطراف الحديث لوقت لم يطول، فلم تلاحظ ورد تلك الأعين التي تتابع ما يحدث منذ نهوضها من جانبه ناهيك عن إصغاء أذنيه باهتمام لذكرياتها مع والدتها التي تفتقد إليهم.


_ أنهت ورد المكالمة واستدارت بجسدها لتتفاجئ به يقف خلفها، شهقت بذعر فأسرع هو بالإعتذار:-

أني آسف معريفش أنك محستيش بوجودي


_ وضعت راحة يدها على يسار صدرها بذعر لم تخرج منه بعد، اقترب منها مصطفى وبكل هدوء ضمها إلى صدره الذي امتص ذعرها في ثوانٍ قليلة.


_ أبعدها عنه واردف بنبرته الهادئة وهو يعود نحو الفراش:-

تعالي معايا


_ جلس على طرفه ورفع سودتاه عليه مردداً بحماس:-

إجعدي


_ أشار إليها على الأرضية، قطبت جبينها بغرابة استشفها هو من خلف نظراتها وهتف مُصراً:-

إجعدي لاول وأنتِ هتعريفي رايد إيه


_ جذبها من ذراعها وساعدها على الجلوس، رمق خصلاتها ولا يعي من أين يبدأ، سحب شيهقاً عميقاً ودس يده في خصلاتها حاسم أمره بأن يفعلها من أجلها.


_ وقعت ورد في حيرة من أمره فهي لم تدرك ما يفعله بخصلاتها لكنها لم تكن مزعوجة، لماسته عليها تسبب لها القشعريرة في ثائر بدنها، أغمضت عينيها تستمتع بذلك الشعور الجميل الذي وصل لأوتارها من فرط لذته.


_ انتبهت على صوته وهو يقول:-

خلصت جومي شوفي أكده


_ نهضت ورد بمساعدته وتوجهت نحو المرآة، وقفت أمامها بزواية معينة لكي تري شعرها بوضوح، عقدت ما بين حاجبيها بغرابة حين لم تصل لمُسمى لما فعله، فهي فقط تري بعض الخصلات المعقدة، حمحمت ونظرت لصورته المنعكسة في المرآة وسألته بفضول:-

ديه يطلع إيه؟


_ دني منها وأجابها بنبرة مليئة بالحيوية والحماس:-

مش كنتي رايدة تضفري شعرك!


_ أعادت ورد النظر على خصلاتها ربما تجد ضفيرته التي عقدها لأنها لم تجد سوى الخصلات المتشابكة البعيدة كل البعد عن الضفيرة، وميض عينيه اللامع أجبرها على شكره فهي حتماً ستشعره بالإحباط إن أدلت بكلماتها التي تتردد داخلها، ابتسمت بعذوبة وأردفت ممتنة بنبرة لطيفة:-

حلوة جوي تسلم يدك


_ اتسعت ابتسامته بسعادة بائنة فشكرت الأخرى ربها بأنها لم تسخر منه وتدلي بما كان يدور داخلها، حاولت الفرار من أمامه إلى المرحاض فهي إلى الأن لم تصفوا من أخر تصرف قام به معها.


_ منع مصطفى هروبها بمحاوطته لذراعها وقام بسحبها إليه ومن ثم توجه إلى الفراش جلس أعلاه وأجلسها على قدميه، لم يري منها ردة فعل بل كانت ساكنة تماماً وهذا ما يضايقه فهو لا يعلم إن كانت متخذة منه موقفاً أم لا.


_ أعاد بأنامله خصلة شاردة خلف أذنها وبدأ حديثه قائلاً بصوته الأجش:-

خابر أني وعدتك متبكيش دمعة واحدة وموفتيش بوعدي، بس كان غصب عني يا ورد خارج إرادتي، المصيبة اللي حلت علينا واعرة جوي وخسرتنا كاتير ولسه لدلوك بنخسر في أرواح وفلوس، وأنتِ كان لازم تجدري الظروف اللي أني فيها ومتتحدتيش في حاجة زي ديي وعشان تعريفي حُسن نيتي أني كنت ناوي اوديكي كيف ما اتفجنا بس أنتِ اللي سبجتي بحديتك في وجت كنت مخنوق ومضايج فيه، الست لازم تجف جار چوزها في المواجف الصعبة وتهون عليه بأي طريجة بحديتها بجا بدلعها أيتها حاجة المهم تحسسه أنها معاه وجاره مهما حوصل


_ أزفر أنفاسه محاولاً التحلي بالهدوء لكي يواصل حديثه معها دون أن يظهر غضبه في نبرته وتابع حديثه مضيفاً:-

مش هجولك أني مضايجتش من طلبك في الوجت ديه بس أنتِ جولتيلي حاجة هدتني شوية لما فهمتها، مفيش بينا عشرة ولا رصيد يخليكي تتغاضي عن تصرفاتي، حديتك في محله يا ورد وأني رايد أخلچ بينا عشرة ومواجف تخليني مهونش عليكي والعكس صوح


_ رفع رأسه للأعلى قليلاً ليكون في نفس مستواها، سمح ليده بالتسلل إلى خلف أذنها وملس على بشرتها بنعومه مفرطة رجف جسدها إثر لمساته عليها، ابتلع مصطفى ريقه وهمس أمام شفتيها ط:-

بحبك يا ورد


_ تفاجئت ورد بتصريحه لحبها، خفق قلبها بشدة وهي تطالع حدتيه الذي لانت تماماً ولم تكن تراه مصطفى جامد المشاعر كما قبل ذلك، قطع حبال شرودها فيه بمتابعتة للحديث:-

صوت الجلب العادي بيعمل دق دق إلا جلبي هينطُج ورد!


_ لمعت عينيها بوميض الحب، تفاجئت بكلماته التي يصرح بها لمرته الأولي من أجلها هي، اقترب منها شيئاً فشيئ إلى أن وصل إلى مراده المطلوب الوصول إليه، تمكن من شفتيها بجرأة لم يتحلي بها معها من قبل.


_ مال بها على الفراش فتفاجئت الأخرى بفعلته، ازدردت ريقها في خوف وحاولت إيقافه قبل أن يتمكن منها أكثر مرددة بتلعثم:-

مصطفى، رايدة أجولك حاچة


_ أبى أي مناقشة الأن فلن يتراجع عما نوى فعله، ألا ترأف بجوارحه التي تطالب بها امرأته؟، أعادت هي تكرار قولها بتوسل:-

حاچة مهمة يا مصطفى..


_ لم يكترث لها فلا يوجد أهم من لحظته الثمينه معها، فحاول جذب عقلها له هامساً:-

مرايدش أعرف حاچة واصل ركزي معايا وسيبك من أيتها حاجة دلوك


_ عاد يلثم عنقها بقبلاته الرقيقة التي سلبت عقلها من أي افكار سوداوية داخله، ارتخي بدنها تماماً بفضله مطالبة به فلبى طلبها على الرحب والسعة.


______________________________________


_ تراجع للخلف في ذعر وهو يطالع الملائة، خفق قلبه بشدة ظناً منه أنه قد قام بإيذائها وردد متسائلاً:-

إيه ديه؟


_ كانت ورد في حالة لا يرثى، واقعة ما بين حيائها المصحوب بالتوجس الشديد خشية من ردة فعله إن علم حقيقة الأمر.


_ لم يجرأ مصطفى على تقدم خطوة واحدة فالخوف قد تملك منه وسألها في قلق:-

انتِ زينة عتتوجعي من حاچة؟


_ لاحظت ورد خوفه البادي على تقاسيمه وظاهر بوضوح في نبرته المرتجفة فقررت توضيح سوء الفهم له فلن تتحمل رؤية حالته المذرية بهذا الشكل طويلاً.


_ شيهقاً وزفيراً فعلت ثم نهضت من مكانها والتقطت قميصها ارتدته سريعاً واقتربت منه موضحة له حقيقة الأمر:-

اهدي وأني هجولك على الحجيجة بس سايج عليك النبي ما تتهور بعد اللي هتسمعه مني


_ قطب مصطفى جبينه بعدم فهم ما ترمي إليه، أضافت ورد هاتفة بتوجس شديد:-

محدش لمسني جبلك!!


_ كلماتها كانت بمثابة تراهات بالنسبة له فكيف سيصدقها وهناك أدلة قاطعة تعكس ما قالته، رمش بأهدابه عدة مرات متتالية وردد بذهن مشتت:-

وهلال! والزيطة اللي حوصلت في السريا يوم الصباحية بلاش ديي، أني وصلتكم المستوصف بنفسي يبجي كيف؟


_ ثقلت أنفاسها فالأمر بات صعباً عليها مواصلته، حاولت تهدئة روعها والإمساك بزمام الأمور، حل السكون لدقائق معدودة ثم تراجعت بخُطاها للخلف وجلست على الفراش ثم رفعت ثوبها للأعلى وأشارت إلى تلك الندبة اعلى ركبتها وهتفت موضحة:-

أني روحت المستوصف عشان ديي..


_ عاد مصطفى بذاكرته إلى يوم زفاف أخيه حين رآه من النافذة يقف في الخلا ناهيك عن ضيق نبرته التي حادثه بها حينها، كذلك أيضاً في اليوم التالي حين اصطحبهم إلى المشفي وكان في حالة تعجب بالغة من طلب أخيه لطبيبة جراحية وليست تخصص طب النساء، عاد لواقعه ومازال عقله مشوش ولم يصل إلى ضوء ينير ظلمة أفكاره فأردف متسائلاً:-

وليه كل اللي حوصل ديه؟


_ أخفضت ورد رأسها في حياء وقصت عليه بقية الأمر الذي يجهله:-

اني منعت هلال يجرب مني، كنت متعمشة فيه أنه يرجع لي حجي من عمي


_ رفعت بصرها عليه وتابعت مضيفة بنبرة منكسرة:-

كنت مفكرة إني لو سمحت له يجرب مني مش هيهتم للموضوع لكن لما أمنعه من حجه هيعمل المستحيل عشان...


_ صمتت من تلقاء نفسها حين لم تجد ما يصف بقية حديثها حتماً قد استشفه هو، أخذت نفساً عميق ونكست رأسها مرة أخرى وواصلت وهي في حالة لا تحسد عليها:-

ديه اللي كنت رايدة أخبرك بيه


_ أعادت النظر في سودتاه التي تخترقها مضيفة:-

كنت رايدة أجولك إني بنت بنوت!!


_ الكثير من التفاصيل والأحداث الجديدة التي لم يستوعبها عقله بعد، تقدم نحوها وجلس بجوارها يحاول هضم ما أخبرته به، وضع راحتي يده على جانبي رأسه مستنداً بمرفقيه على فخذيه، أوصد عينيه لثوانٍ يجمع شتات عقله المشوش.


_ توجست ورد خيفة في نفسها من سكونه المريب، لم ترفع بصرها عنه في انتظار عاصفة ما بعد ذلك الهدوء، نهض مصطفى من مكانه فانتفضت هي في ذعر إثر نهوضه المفاجئ.


_ إلتقط مصطفى جلبابه ثم توجه للأمام فأسرعت ورد باللحاق به وقلبها ينخلع رعباً متسائلة:-

على فين؟


_ أجابها مختصراً وهو يبعدها عنه:-

خليكي أهنه


_ تابع تقدمه تحت أنظارها المهددة بالبكاء، ولج داخل الشرفة ونادي بنبرته الجهورية:-

عسران...


_ خفق قلب ورد رعباً مع منادته المتكررة على شيخ الغفر وعلمت بأنها نهايتها لا محال بينما جائه عسران راكضاً فأشار إليه مصطفى بإبهامه وسبابته معاً في حركة ما فاستشف عسران ما يقصده.


_ تفاجئت ورد بصوت إطلاق النيران التي بدأ صداها في الإقلاع دون توقف، شعرت بوخزة قوية في صدرها لتلك الحالة المريبة التي عليها مصطفى، وضعت راحة يدها على صدرها تعد الدقائق الأخيرة لها هنا.


_ قبل أن يعاود مصطفى للداخل أمر رجال الغفر قائلاً:-

متوجفوش واصل


_ ولج للداخل ومن ثم توجه لباب الغرفة وسار خارجها منادياً بنبرته الرخيمة عالياً:-

صفية..


_ ركضت صفية مهرولة إليه، رفعت نظرها للطابق العلوي فحدثها مصطفى من الأعلى:-

زغرطي يا صفية


_ قطبت صفية جبينها بغرابة ورددت بعدم استعياب:-

أزغرط؟


_ أماء لها مؤكدا طلبه:-

إيوا، ومتوفجيش زغاريط


_ حملقت صفية فيه بذهول فإنها المرة الأولى لطلبه منها أمراً كهذا، نهرها مصطفى بحدة:-

ما تزغرطي يا ولية


_ انتبهت صفية على أمره الحاسم فاصدرت الزغاريد المتتالية دون توقف، بادلها مصطفى ابتسامة راضية وعاد بأدراجه إلى غرفته مرة أخرى


_ كانت ورد تتابع ما يحدث في حيرة من أمره، انتظرت عودته وسألته بتردد لتأكيد حدسها:-

يعني أنت مش مضايج؟


_ رفع مصطفى حاجبيه تلقائياً على سؤالها الساذج، اقترب منها وحاوط خِصرها بذراعيه ثم حملها في الهواء ودار بها حول نفسه والسعادة لا تسعه مردفاً بنبرة حماسية:-

أني اسعد راجل النهاردة، النهاردة فرحي صوح!


_ أنزلها مصطفى وأعاد لها خصلاتها الشاردة وسمح لنفسه في التمعن بزرقاوتيها وعقله يعيد مشهد اعترافها بكونها لازالت عذراء ولم يمسسها رجلاً غيره بينما استنشقت ورد الصعداء وهدأت من روعها تدريجياً إلى أن اختفي تماماً.


_ ازداد تدفق الأدرينالين في الدم فتسبب في إفراز هرمون السعادة التي اخترقت قلبها، جذب مصطفى انتباهها إليه بقوله:-

يلا روحي ادوشي وتعالي


_ أماءت له بطاعة وهي تعض على شفتيها بحياء مختلط بالإرتباك، أولاته ظهره وتقدمت خطوتين للأمام ثم عادت إليه وطبعت قُبلة سريعة على وجنته ثم هرولت داخل المرحاض هاربة منه.


_ تفاجئ مصطفى بتصرفها الجرئ وهلل عالياً بسعادة:-

يا سعدك يا هناك يا مصطفي يا جبلاوي


_ تسللت كلماته إلى آذانها فإلتوى ثغرها تلقائياً مُشكلة إبتسامة مليئة بالإثارة، توجهت نحو المرآة وطالعت صورتها المنعكسة لبرهة، لاحظت إشراقة وجهها الذي عاد إلى رونقه كما تبدل لون بشرتها وسارت بها الدماء وانتعشت فيها الحيوية.


_ أخرجت تنهيدة بطيئة متعمدة إخراج كل شعور سيئ قد تبدد داخلها فالحياة قد ابتسمت لها من جديد وربما تلقي عوض الله فيما عاشته في الأيام القادمة.


_ استدارت بجسدها نحو المغطس الرخامي ووقفت أسفل المياة المتدفقة بشدة من الصنبور الذي يعلوها تاركة العنان لعقلها محلقاً بعيداً في سماء خيالها الخاص.


______________________________________


_ هرولت للخارج على أصوات الزغاريد والطلقات النارية التي لم تتوقف عاقدة حاجبيها بغرابة، أستندت بمرفقيها على سور السُلم وسألت صفية في فضول:-

ايه سبب الزغاريط اللي على الصبح ديه؟


_ توقفت صفية عن الزغاريط وأخبرتها بأمر مصطفى:-

ديي أوامر سي مصطفى


_ قطبت نادرة جبينها ورددت بعدم استعياب:-

أوامر مصطفى!!


_ عادت إلى واقعها حين لم تصل إلى ما يرضي فضولها ونظرت إلى صفية أمرة إياها بصرامة:-

طب بطلي اللي بتعمليه ديه وهمي حضري الفطور سيدك عيبدل خلجاته ونازل


_ هتفت صفية بطاعة:-

أمرك ياستي


_ استدارت السيدة نادرة بجسدها ورمقت باب غرفة الضيافة بحيرة من أمر مصطفى، توجهت إلى الغرفة بخطى متريثة لكي يكن لديها علم بحقيقة الأمور، طرقت بابه لكنها لم تجد إجابة


_ أعادت الطرقات بقوة أكبر والإجابة نفسها لا يوجد رد، أمسكت بمقبض الباب وأدارته ثم ولجت للداخل فتفاجئت بخلو الغرفة، وقفت في منتصفها هاتفة بحنق:-

فينه مصطفى ديه؟


_ نفخت بضجر بائن ودلفت للخارج أثناء خروج خليل من غرفتهم فهبط معاً للطابق الأول وسألها باهتمام:-

إيه الزيطة اللي حوصلت في السرايا فجاءة ديي؟


_ أجابته نادرة بتهكم:-

صفية بتجول أن مصطفى اللي أمر بكده روحت أشوف إيه الحكاية ملجتلوش أثر


_ أعتلى خليل مقعده علي الطاولة ومن ثم جلست نادرة إلى جواره في إنتظار إنهاء صفية من تحضير الفطور.


______________________________________


_ حاوطت جسدها بالمنشفة ثم مالت برأسها يمينا ويساراً ناثرة بقية المياه المعلقة في خصلاتها فأخذ شعرها وضعه للجانب وباتت جميلة المظهر، توجهت للخارج باحثة بزرقاوتاها عليه، لم تبحث كثيراً فلقد جاء إليها متلهفاً حين استمع لحكة التي أصدرها الباب.


_ إلتوى ثغره ببسمة إعجاب لمظهرها التي لم يفشل في سلب عقله من فرط حلاوته، صاح عالياً مبدي إعجابه بها وهو يقترب منها:-

أها، أها هنا سأسكت قليلاً، هنا سأسكت قليلاً احتراماً وتقديراً لهذا الجميل


_ لم تسطيع تمالك ضحكاتها التي خرجت بميوعة مبالغة، شاركها مصطفى في الضحك وبعد برهة نجحت ورد في السيطرة على قهقهتها وأردفت بدلع محبب:-

أني ممتعوداش على الدلع ديه كلاته أصل اتعود عليه..


_ دنى منها مصطفى ولف ذراعه حول خصرها جاذباً إياها الي صدره وهتف بثقة:-

من إهنه وجاي مفيش إلا دلع وبس، هتوني أدلع ليكي لما الكل يكرهك بسبب دلعك وأني بس اللي أحبك، أنتِ تشاوري ومصطفى ينفذ طوالي، أنتِ حبيبة الجلب يا وردتي!


_ تزايدت دقاتها بإعلانه لملكيتها حتى في إسمها، عضت على شفاها السفلى بخجل ورددت بفرحة:-

وردتك!!


_ حرك رأسه بإيماءات مؤكداً ما ترمي إليه وقال بنبرته الرخيمة:-

وردة مصطفى الجبلاوي مرته حجه وحلاله


_ لم تتردد لحظة في التعلق بعنقه معانقة صدره بكل ما أوتيت من قوة لكن قوتها الصغيرة لم تحتويته فشد على ظهرها فارضاً قوته عليها وهمس بنبرة متحشرجة وهو يدفن رأسه في عنقها:-

الحضن بيكون إكده يكسر الضلوع مش حضن الخواجات حجك


_ على الرغم من شعورها بالألم التي بالكاد تتحمله إلا أنها لم ترفضه فهي مرحبة به بقسوته وعنفوانه كما هو عليه، تشعر بالراحة وهي بقرب قلبه، خفف مصطفى من قبضته قبل أن تنكسر ضلوعها بين ذراعيه وهتف:-

هدوش علة السريع وننزلوا نفطر تحت


_ رمقته بنظرات متوسلة حيث هتفت برجاء:-

بلاها النزول وناكلوا إهنه


_ أوضح لها وجه نظره من نزولهم:-

النهاردة بالذات لازمن ننزلوا وهتفهمي بعدين


_ انحنى عليها وطبع قُبلة على طرف شفتيها ثم أدلف للمرحاض بينما توجهت هي إلى الخزانة لكي تستنقي واحدة من عبائتها الجدد وقامت بارتداء أحدهم وجلست على الأريكة في انتظار خروج مصطفي.


_ ظهر طيفه بعد دقائق قليلة واصطحبها إلى الأسفل معاً متشابكين الأيدي، اتسع ثغر خليل مشكلاً إبتسامة سعيدة عند رؤيته لمصطفى برفقة ورد، لاحظت نادرة عيني خليل التي صُوبت على نقطة ما خلفها ثم ظهرت إبتسامة عريضة على محياه، رسمت إبتسامة هي الأخرى عفوياً مع ابتسامته والتفتت برأسها للخلف لكي تري ما ينظر إليه وسبب له السعادة.


_ سرعان ما اختفت ابتسامتها وتحولت إلى غضب اشتعلت نيرانه دخلها لهطول والدها مع الفتاة ذات الحظ التعيس، ألقى عليهم مصطفى تحية الصباح بنبرة مشرقة على غير عادته:-

صباح الخير يا أبوي، صباح الخير ياما


_ أجابه والده بحب بينما لم تنطق نادرة بشيئ:-

صباح النور يا ولدي، صباح الورد يا ورد


_ بادلته ورد ابتسامة خجولة ورددت متجنبة النظر في عينيه:-

صباح النور يا بوي.


_ سحب مصطفي المقعد الخشبي ليسهل على ورد الجلوس أعلاه ثم جلس جوارها تحت نظرات نادرة المذهولة على تصرفاته البلهاء، من هذا حباً في الله حتماً ليس نفسه مصطفى ذو العقل الحجري والطباع الحادة، جزمت داخلها بأن من يجلس أمامها ليس بولدها وانما هو رجلاً عاشقاً لورد.


_ سكون ليس إلا حل لوقت تناولهم للطعام وبعدما انتهوا منه صدر صوت خليل موجهاً سؤاله إلى مصطفى:-

موصلتش لحل يهون المصيبة اللي حلت علينا فجاءة ديي؟


_ مسح مصطفى فمه بالمنشفة الورقية وبتريث وثبات أجابه:-

أني بجول يا بوي إننا منبيعيش الكميات الكابيرة لتاجر واحد، يعني اللي كان بيشتري منينا عشر رووس نديله خمسة عشان نبيع لنفس عدد التجار بس بكميات جليلة ومنخسرهمش وبالحسبة ديي هيتبجي عندينا بهايم بزيادة تكفينا لتجار الألبان


_ ربت خليل على يد مصطفى الموضوعة أعلى الطاولة مردفاً بفخر:-

تسلم أفكارك يا ولدي، هستأذن أني عشان أبلغ بجيت أهل البلد بالحل ديه أكيد كلاتهم هيعملوا أكده، هتاجي معايا ولا أسبجك أني؟


_ نهض خليل من مقعده فور إنتهاء حديثه وكذلك تبعه مصطفى هاتفاً:-

لا أني يا بوي كنت رايد إجازة سبوع إكده ولا حاچة


_ عقد خليل حاجبيه بغرابة وسأله مستفسراً:-

إجازة ليه يا ولدي عمرك ما طلبتها


_ شكل مصطفى بسمة عذبة على محياه وأجابه بشموخِ مصحوب بالخجل:-

مش العريس بردك من حجه إجازة يا بوي؟


_ تفاجئ الجميع بما أدلى به مصطفي، فحديثه ذاك كان بمثابة تصريح بائن لتوطيد علاقته مع ورد الذي قبل بها زوجة!


_ فهمت نادرة الأن سبب الزغاريد والطلقات النارية التي استيقظت إثرها، مشاعر عدة قد اختلطت على الجميع فمنهم من تملكه الخجل وآخر من استشاط غيظاً، كما ابتهج خليل لصلاح تلك العلاقة التي فقد الأمل فيها ناهيك عن شعور الإنتصار المصحوب بالشموخ اللذان تملكا من مصطفى.


_ قطع حبال شرودهم خليل بترحيبه لطلب مصطفى:-

خدلك سبوع تنين إن شالله شهر اعمل اللي على كيفك يا ولدي


_ بادله مصطفى ابتسامة راضية بينما غادر خليل ثم مد الآخر يده لوردته متلهفاً في العودة لغرفتهم:-

بينا نعاودوا الأوضة يا ورد


_ تلونت وجنتي ورد بالحُمرة لتصرفاته التي لم تعهدها من قبل، مدت له يدها بحياء فلا يوجد أمامها سوى إمتثال كل ما يؤمره أو يفعله وعادت معه إلى عُشهم الزوجي الجديد.


_ نهضت نادرة بصعوبة قابلتها فساقيها لم تعد تتحملها ورددت مغتاظة:-

بجا أكده يا مصطفى تعصي كلمة أمك عشانها! ماشي.


______________________________________


يا تري ايه اللي نادرة ممكن تعمله؟


🌺🌺روايه عرف صعيدي🌺🌺        


     بقلم الكاتبه ♥ تسنيم المرشدي♥ الفصل السادس عشر

( مُباركة الزواج )

______________________________________


_ تراجع مصطفى عن الدخول للغرفة واستأذنها بلُطف:-

ثواني هعاود طوالي..


_ أولاها ظهره ونظر إلى والدته الواقفة مكانها بجوار الطاولة وصاح عالياً:-

بجولك ياما


_ رفعت السيدة نادرة رأسها للأعلى في انتظار سماع ما يريد فتابع هو قائلاً:-

جولي لكل جرايينا ياجوا يباركولنا كيف ما بيعملوا في المناسبات أني محدش جالي كاني مش مالي عينهم وياريت يبجي النهاردة


_ أنهى اخر جملته ثم عاد إلى ورد التي حملقت فيه مذهولة فـ تلك اللحظة لم يستوعب عقلها التغيرات المفاجئة التي حدثت فجاءة في حياتها.


_ لاحظ مصطفى نظراتها التي تطالعه بها وسألها في فضول:-

مالك عتبحلجي فيا ليه، معجبة؟


_ إلتوى ثغرها بإبتسامة أسرته ورددت بدون تصديق:-

حاسة إني بحلم وخايفة أفوج منيه جوي


_ عبس مصطفى بوجهه وأكد لها مدي صدق نواياه:-

مفيش أحلام تاني واصل، فيه حجيجة نعيشها وبس!


_ برقت عينيها بوميض العشق وأخرجت زفيراً بتمهل لتعطي فرصة لعقلها في استيعاب كامل الأمور، ولج كليهما للغرفة فأمسك مصطفى بذراعها يريد سؤالها عن شيئ ما لطالما شغل تفكيره، حركت ورد رأسها للخلف لتعلم مراده فسألها هو دون تردد:-

جولتي إن ليكي حق عند عمك، إيه هو؟


_ أزفرت ورد أنفاسها بتهكم وأجابته بفتور:-

حجي عند ربنا متشغلش حالك بالموضوع ديه


_ طالعها مصطفى مستاءً من ردها الذي لم يرضيه وأصر على معرفة حقوقها الذي يجهلها:-

كيف يعني مشغلش حالي بحق مرتي اللي عمها واكله حسب ما فهمت!!


_ اقتربت منه ورد محاولة تغير مسار الحوار بنبرتها الناعمة:-

أني مريداش منيه حاجة خلاص و..


_ قاطعها مصطفى بإصرار بالغ:-

ورد.. جولت إيه هو حجك اللي عند عمك جاوبي على سؤالي وبطلي رطرطة في الحديت ملهاش عازة


_ لم تتوقع أن الأمر يهمه لتلك الدرجة، اعتقدت بأنها يمكن أن تُنسيه ما يريد معرفته بسهولة لكنها أدركت أن الأمر بات أكثر تعقيداً وصعوبة فالإصرار الذي تراه في نظراته دليلاً على عدم تراجعه قبل أن يصل إلى مراده.


_ لكنها لا تريد تكرار فعلتها فهي إلى الأن تعيش في تأنيب الضمير اتجاه هلال وكأنها هي من تسببت في قتـله، لا تعلم لما تربط بين وفاته وفيما طلبته منه لكنها تحمل نفسها كل اللوم فيما حدث ولن ترضي تحمل عبئ آخر على عاتقها.


_ طال صمتها فاضطر مصطفى لتكرار سؤاله بنبرة أكثر صرامة:-

إيه هو الحق ديه يا ورد انطجي


_ أخرجها من شرودها على نبرته الحدة، سحبت نفساً عميق وأخرجته بتمهل ثم أردفت بلا مبالاة زائفة:-

حتة أرض مهياش كابيرة يعني


_ دنى منها مصطفى مردداً بتجهم:-

حتى لو متر واحد المفروض يتقي ربنا ويديكي حجك مش ياكله بس ملحوجة سيبي الموضوع ديه عليا


_ أسرعت ورد رافضة لتدخله وهتفت متوسلة:-

لاه لاه أحب على يدك ملكش صالح عاد بالموضوع ديه أني مريداش أرض ولا حق أني راضية وجولتلك جبل سابج حجي عند ربنا


_ تجمدت تعابير مصطفى وصاح متذمراً:-

وأني مرتي ميباتش حجها برا واصل، وبعدين مالك خايفة أكده ليه هو مهددك بحاچة؟


_ نفت ورد سؤاله بتحريك رأسها يميناً ويساراً بسرعة قسوة وأوضحت سبب مخاوفها:-

أني لحد دلوك بعيش عذاب الضمير أني طلبت من هلال ياخدلي حجي منيه، معرفاش ليه بس موته خلى ضميري يأنبني كاني السبب ومن وجتها وأني حسمت أمري أوكل ربنا يجيب لي حجي منيه هو أقوى من الكل، بلاها تدخل أنت يا مصطفى لو ليا عنديك خاطر


_ لم يقتنع مصطفى بحديثها الساذج ورد عليها بتريث معانق للعجرفة:-

معذورة لساتك متعريفيش أنتِ متجوزة مين ولا يقدر يعمل ايه وحجك د...


_ أنهارت ورد تماماً وضعفت قوة تماسكها وهتفت عالياً برجاء وهي توليه ظهرها:-

مرايدهوش، حجي وأني اللي بجولك مرايدهوش


_ شعر مصطفى بمدي خوفها ولم يريد إطالة الأمر، توجه نحوها ووضع كلتى يديه على ذراعيها وأردف بنبرة تميل إلى اللين محاولاً التخفيف من ذعرها:-

خلاص عاد انسي الموضوع المهم متبجيش حزينه


_ وضعت ورد كلتى يديها أمام وجهها وأطلقت العنان لعبراتها في النزول ما أن اطمئنت بعدم تدخل مصطفى في الأمر.


_ شعر مصطفى بحرارة عبراتها التي سقطت على يده فأجبرها على الإلتفاف إليه وقال محذراً:-

إوعاكي أشوف الدموع ديي تاني واصل


_ مسح لها عبراتها بأنامله ثم انحنى عليها ووضع قُبلة رقيقة على جفنيها ومن ثم هبط قليلاً وطبع قُبلة أخري على طرف شفتيها، شعر برجفة جسدها بين قبضتيه فسألها هامساً:-

لساتك عتخافي مني؟


_ ازدردت ورد ريقها بإرتباك حرِج، عضت على شفاها بتوتر بائن وأجابته بهمس:-

لاه، بس بتوتر من قُربك


_ أضاق مصطفى بسودتاه عليها موحياً إليها بإشارات معاتبة وردد:-

بلاها التوتر ديه أني معحبوش واصل أني رايدك تاخدي عليا بسرعة


_ رفعت ورد كتفيها عالياً بقلة حيلة قبل أن تردف:-

مخبراش كيف!


_ غمز إليها مصطفى بعينه عازماً على تعليمها ثقافة التعامل معه كيفما يريد، خلع جلبابه سريعاً ومن ثم خلع صدريته أسفل نظراتها المحملة بعشرات من الأسئلة عليه.


_ تجرد مصطفى من ثيابه عدا بنطاله، رفع ذراعها ووضعه على صدره، تعمد عدم تركها إلا بعد أن يشعر بتبخر توترها ناهيك عن فعلها لما يعلمها به بمفردها، مرر راحة يدها الناعمة على صدره ثم رفع يدها بقُرب فمه وطبع قُبلة أذابت قلبها من فرط نعومتها.


_ عاد مصطفى لوضع ذراعه إلى جواره في إنتظار تطبيقها لدرس اليوم، لم تتحرك خُصلة بعد من ورد فهي لا تدري ما الذي عليها فعله، عقد مصطفى مابين حاجبيه بتزمجر وقال:-

هتجفي تبحلجي فيا كاتير طبجي الدرس كيف ما علمتك


_ رددت الأخري كلمته بتعجب:-

درس!!


_ أومأ رأسه بتأكيد وعاد لسكونه ثانيةً حتى يترك لها المساحة في تطبيق الدرس كما لقنه لها.


_ شهيقاً وزفيراً فعلت ورد وبصعوبة بالغة قابلتها رفعت يدها على صدره، لوهلة شعرت بثقل حركة يدها كأنها شُلت، ساعدها مصطفى على فعلها بوضعه لراحة يده على يدها ومررها مرة أخرى على صدره ثم أزاح يده فطالعته بزرقاوتيها مترددة فشجعها هو بنظراته التي تحثها على فعلها.


_ وأخيراً بدأت في تحريك يدها عليه بصعوبة قابلتها في بداية الأمر بدأت تختفي رويداً رويداً إلى أن أتقنت ورد ببراعة دون خجل.


_ ارتفعت بيدها قليلاً حتى لمست خشونة ذقنه، ملست على ثائر وجهه بنعومة شديدة أسرت قلب مصطفى ونجحت في سلب عقله تماماً والأدهى تلك القُبلة المفاجئة التي شعر بحلاوتها دون سابق إنذار.


_ لم ليكن يفوت الفرصة دون وضع لمسته الخاصة التي لن يفعلها سواه.


______________________________________


_ بدأت الشمس في الغروب، الأجواء هادئة الى حد ما، صلاة المغرب على وشك الأذان، في منزل حمدان وبالتحديد غرفة طاهر.


_ وقفن النساء يشاهدن أثاث الغرفة الجديد وأيضاً أوراق الجدران المنقوشة بالنقوش الزاهية الكلاسيكية التي تليق بالعروسين كما عُلقت الستائر المطرزة بالجوبير الفاخر ذات اللون الابيض التي أضافت لمسة ساحرة للغرفة.


_ قطعت ثريا مشاهدتهم بسؤالها:-

إيه رأيك يا مروة في الأوضة والله دي جاية من دمياط مخصوص، معلوم الغالي ميجيش إلا للغالي اللي زيه


_ أخفضت مروة رأسها في حياء وردت عليها ممتنة بنبرة خافتة:-

تسلمي


_ أضافت أميمة والدة مروة بفرحة عارمة:-

تسلموا يارب الأوضة زينة والحيطان والستاير جميلة جوي، أكده معتش إلا السجاد وديه علينا بجا كيف ما الحاج حنفي اتفج مع جوزك وإحنا بإذن لله هننزلوا بكرة من بدري نشتريه هو وبجيت جهازها


_ ربتت ثريا على ذراع أميمة بسعادة :-

على بركة الله يا حبيبتي، يتهنوا فيها أن شالله


_ آمنت أميمة على دعائها:-

أمين يارب


_ انتبهن جميعهن على حمحمة طاهر الذي أصدرها قبل ولوجه للغرفة، خفق قلب مروة ما أن شعرت بوجوده قبل حتى أن يدور حديث متبادل بينهم، رحبت به أميمة قائلة:-

أهلاً بالعريس كيفك يا ولدي؟


_ أجابها طاهر على مضضٍ:-

بخير يا خالة، كيفكم أنتوا والحاج حنفي وطاهر كيف أحوالهم؟


_ أعدلت أميمة من وضعية حقيبتها أعلى كتفها وأجابته بود:-

كلاتهم بخير يا ولدي


_ تدخلت ثريا فور انتهاء أميمة من الحديث:-

بجولك إيه يا أميمة فات البت صباح حضرت لنا الشاي تعالي لما ننزلوا نشربوه جبل ما يبرد


_ أشارت ثريا بعينها على طاهر ومروة فاستشفت أميمة أنها تريد ترك بعض المساحة لهم فأردفت بقبول:-

وماله يلا يا حبيبتي


_ ترجلن إلى الأسفل بينما تفاجئ طاهر بخلو الغرفة إلا من كليهما، رمق الغرفة بجمودٍ وألقى بسؤاله حتى يمضي الوقت سريعاً:-

الأوضة عاجبتك؟


_ تجرأت مروة على رفع عينيها عليه وأماءت له مؤكدة مدي إعجابها:-

أيوة جميلة


_ حرك طاهر رأسه بإيماءات عِدة ثم قال:-

هتنزلي ولا واجفة عِندك؟


_ أجابته بحياء مختصرة:-

لاه هنزل


_ أولاها ظهره وأسبق بالنزول بينما تبعته هي وقلبها لا يكف عن التراقص فرحاً لذاك الحديث القصير، جلست بجوار والدتها التي تفاجئت بنزولهم سريعاً ولم تكن ثريا أقل منها مفاجئة، مالت عليه وسألتها بنبرة خافتة:-

واه إيه اللي نزلك طوالي أكده أني جولت هتجفوا ويا بعضيكم تتحدتوا هبابة


_ خرجت نبرته بجمودٍ مختلط بالتهكم:-

هنتحدتوا في ايه؟


_ تراجعت ثريا للخلف ورمقته بنظرات مغتاظة من أسلوبه البارد الذي يتعامل به مع الجميع، عاودت الانتباه إلى ضيوفها وتناولت معهم أطراف الحديث عن تحضيرات الزفاف في حين أن طاهر كان معهم جسدا خالياً من الروح.


______________________________________


_ بعد تفكيرٍ طال حسم بأن يفعل ما يخبره به قلبه ويترك العقل جانباً فما الذي أتخذه من العقل طيلة أعوامه الثمانية والعشرون


_ ذهب قاصداً السرايا ليري صغيرته التي لم تغيب عن عقله منذ آخر لقاء بينهما، وقف برفقة عسران وصوب عينيه على المرر الجانبي الذي يتوسطه باب المطبخ على أمل خروجها.


_ ظهرت صفية من خلف الباب وتوجهت إليهم، لم يشعر ضيف بالإطمئنان لتعابيرها الجامدة، دعى داخله بألا تكون صفاء قد فضحت أمره، وقفت صفية على مقربة منهم ونادت بصوت متعب:-

عسران..


_ توجه لها بعدما استأذن من ضيف وقال بنبرة خشنة:-

رايدة حاجة يا مرت أخوي؟


_ ارتخت تقاسيمها وأجابته بنبرة مرهقة:-

صفاء مجلعة عنيا التنين وبسببها معارفاش أشوف شغلي زين، رافضة تروح جامعتها ومريداش تعتب برا الدار واصل أني طهجت ومعتش عارفة اتصرفوا معاها كيف، أني جولتلها إن عمك رايد يتحدت وياكي وهي زمانتها على وصول، حاول تعرف منيها حالها متشجلب أكده ليه؟


_ أماء لها عسران بقبول وأردف بصوت متحشرج:-

روحي شوفي اللي وراكي وأني هشوف الموضوع ديه متحمليش هم


_ عادت صفية إلى المطبخ بينما تفاجئ عسران بعدم وجود ضيف كما تركه، بحث بسودتاه عنه في الأرجاء لكنه لم يراه فسأل أحد رجاله :-

مشوفتش ضيف يا عيد؟


_ أجابه عيد قائلاً:-

لساته خارج من إهنه


_ جلس عسران على أقرب مقعد وصلت إليه قدميه في إنتظار مجئ ابنة أخيه التي في مثابة ابنته.


_ في الطريق العمومي، سار ضيف متوجهاً إلى منزل حبيبته الصغيرة فهو لن يتراجع قبل أن يحادثها، تفاجئ بقدومها وعليطى ما يبدو أنها شاردة الذهن فلم تلاحظ مروره بجوارها، تعجب ضيف من أمرها وعاد إليها منادياً إياها بنبرة خافتة:-

صفاء..


_ توقفت صفاء إثر نطقه لإسمها الذي أخرجها من حالة تشويش عقلها، التفتت إليه وتفاجئت بوجوده فعلياً أمامها فلقد شعرت لوهلة أنها تحلم من فرط اشتياقها له.


_ كادت أن تلين معاملتها لكن لذاكرتها رأي آخر، فلقد تنشطت تلقائياً مذكرة إياها بفعلته الوقحة معها، كزت أسنانها بغضب شديد ثم أولاته ظهره وتابعت سيرها، لحق بها ضيف بمسكه لذراعها فسحبتها منه بكل ما أوتيت من قوة ونهرته معنفة:-

إوعاك تفكر تلمسني تاني إما واللي خلق الخلق أفرج عليك البلد كلاتها يا غشاش


_ صعق ضيف من تلقيبها له بغشاش، فمتى غشها تلك البلهاء؟ عبس بوجهه مستاءً وهتف متسائلاً:-

غشاش! أني غشاش؟


_ أضافت على حديثه مؤكدة بصرامة:-

إيوة وكبير الغشاشين كماني، جلة أدبك معايا واللي عملته إسمه غش، أنت غشيتني عملت لي البحر طحينة لحد ما اطمنت لك واتمكنت مني وأخدت اللي رايد توصله يا غشاش


_ كلماتها كانت تثبت له مدي سذاجتها، حرك رأسه مستنكراً ما تفوهت به، لم يتمالك نفسه وانفجر بها منفعلاً:-

أني لما جربت منك كنت رايد أثبت لك إني بحبك وجولتلك إن اللي حوصل ديه وعد عشان أوفي بيه، الطريجة كانت غلط بس ديه اللي فكرت فيه وجتها، كنت مغلول من الدنيا كلاتها، أولهم أبوي اللي رافض الجوازة وآخرهم أنتِ لما جولتي حديت ماسخ معناته أنك هتبعدي عني، أني متحملتش كل ديه وطلعت كل الغل اللي حابسه جوا مني فيكي ولو كنتي لساتك شيفاني غشاش فإني هثبت لك إني راجل صوح وميهمنيش موافجة أبوي ولا غيره المهم تبجي مرتي في الآخر


_ اقترب منها ضيف فتراجعت هي للخلف خشية أن يعيد تكرار تصرفه الجرئ لكنه مر بجوارها دون أن ينظر إليها، تابعته بعينيها لتعلم وجهته فتفاجئت به يولج للسرايا.


_ چحظت عينيها مذهولة من أفكارها السوداوية التي عصفت بها دفعة واحدة وتخبطت بينهم دون الوصول لنقطة ترضي أسئلة رأسها، أسرعت خُطاها إلى الأمام حتى وصلت إلى السرايا ووقفت في زاوية لم يلاحظها أحد وبحثت بعينيها على ضيف المجنون لتري ماذا سيفعل؟


_ قطب عسران جبينه بحيرة:-

واه اختفيت فين فجاءة أكده؟


_ لم يعقب ضيف عليى سؤاله بل ألقى ما عاد لأجله بثباتٍ دون تردد أو خوف:-

أنى رايد اطلب يد صفاء بت أخوك


_ تفاجئ عسران من طلب ضيف فأخر ما يمكن توقعه كان طلبه للزواج من إبنه أخيه فالفارق الإجتماعي بينهما لا يمكن وصفه ببعض الكلمات، ربما يمكن أن نشبه بالمسافة التي بين السماء العُليا وبين الأرض وإن لم يكن باطنها أشد تعبيراً.


_ تريث عسران في حديثه وأردف بحكمة:-

الحاج حنفي مجاش وياك ليه يطلب بت أخوي؟ مش ديي أصول بردك يا ولدي البت ياجوا كلاتهم يطلبوا يدها في دارها!!


_ علم ضيف بأن الأمور باتت أشد تعقيداً كما أدرك أن تبريراته التي سيعلل بها موقفه لن تنطلي على عسران فهو أدهيى ذكاءاً من أن يصدق هرائاته، أخذ شهيقاً عميق وأخرجه بتمهل وهو يرتب كلماته بعناية:-

عارف إن اللي هجوله مش أي حد يتجبله بس اعتبرني ولدك كيف ما عتناديني، أبوي مموافجش بس أني ميهمنيش موافجته في حاجة أني راجل راشد بصرف من حُر مالي محدش بيصرف عليا، أجدر أامن لـ بتكم دار ويمكن قصر كمان بس أنتوا توافجوا


_ أشار له عسران بالجلوس وجاوبه بحكمة الخمس وخمسون عاماً الذي عاصرهم واكتسب منهم خبرات كُثر:-

بص يا ولدي أنت كيف ولدي صوح بس هي كمان بتي وربنا يعلم إني عمري ما اعتبرتها بت أخوي واصل، يمكن ربنا مأردش ليا الخلفة عشان أجدر أعطيها حبي وحناني كيف ما أكون ابوها تمام، الأصول بتجول لازم الواد ياخد موافجة أهله لاول ولو رفضوا يجولهم سمعاً وطاعة، ولنفترض أن في حالات مستثنية بس بيكون بيناتهم توافق وإحنا مش شبهكم يا ولدي انتوا عيلة كبيرة حسب ونسب وإحنا ناس غلابة على باب الله، انتوا من طينة وإحنا من طينة تانية خالص، يعني لو رايد رأيي أسمع حديت أبوك!


_ رفض عقل ضيف الرضوخ لما يريده عسران منه تقبله مبدي استحالة قبوله:-

أنتوا وحديكم اللي شايفين الفرق ديه أني مشايفهوش، صدجني أني كل اللي رايده أنها تكون مرتي حلالي وهسعدها وعمري في يوم ما هزعيلها ولا هسمح بكده


_ استنشق عسران أكبر من قدر من الهواء حتى يواصل حواره مع ضيف بنفس الهدوء الذي يتحلى به:-

غصب عنك هتزعيلها مش بمزاجك، لو مش منك فالزعل هيكون من أهلك لأنهم مش متجبلينها ووجتها الزعل هيحوصل هيوحصل، وأني يا ولدي مرايدش لجلبها الحزن، خد واحدة من توبك حتى تجصر على نفسك الزعل اللي هيحوصل بينك وبين بوك، وخدها نصيحة مني بلاش تعصاه رضا الأب من الجنة


_ انتفض ضيف من جلسته ناهياً الحديث بقوله:-

لاه مهرضخش لحكمكم الظالم واصل أني أهاه والزمن بينا طويل


_ هرول للخارج بخطى غير مستقيمة وعقله رافض لحكمهم بالإعدام لعلاقتهم التي لم تبدأ بعد، لمح طيف صفاء الواقفة في زاوية صغيرة تبكي بأنين صامت يقطعه شهقات قوية تحاول هي إخفائها بيدها.


_ لم يتحمل ضيف رؤيتها على تلك الحالة المذرية، توجه نحوها وحاول إيقاف عبراتها بكلماتها:-

متبكيش عاد يا صفاء، خليهم يرفضوا براحتهم أني بردك مهتجوزش غيرك حتى لو قاطعت طوب الأرض كلاتهم عشان خاطرك هعملها بس أنتِ متبكيش تاني واصل مفهوم!!


_ اكتسبت صفاء بعض الطمأنينة من ثقة كلماته، مسحت عبراتها بأناملها وأردفت حديثها التي ترفض الإدلاء به:-

مش يمكن يكونوا هما اللي صوح وإحنا اللي لازمن نبع...


_ قاطعها ضيف بحدة:-

ششش متنطجيهاش


_ دني منها محافظاً علي سنتيمرات قليلة بينهم وتابع مضيفاً:-

طول ما فيا النفس هعافر لغاية ما اكتبك على إسمي حتى لو علي حساب الكل، أني رايدك من إهنه لغاية ما اللحظة اللي بنتمنوها تاجي متحمليش هم لأيتها حاجة ولا تبكيش اضحكي بس.


_ أماءت له بقبول دون أن تردف شيئاً بينما هتف هو قائلاً:-

يلا عاودي السرايا ومتجفيش وحديكي في وجت متأخر أكده تاني


_ مرت بجواره وعادت إلى السرايا بينما غادر هو بعدما تأكد من سلامة وصولها قاصداً طوالة الخيل العائدة لمصطفى حتى يختلي بذاته بضعة من الوقت يرتب فيه أفكاره بعناية.


______________________________________


_ خرج من المرحاض بعد أن تنعم باستحماماً بارداً أعاده إلى رونقه من جديد، لاحظ شرودها الغارقة بين طياته، اقترب بخطاه منها محاولاً جذب انتباهها بغنائه:-

إيه يا ستو أنا..


_ رفعت بصرها عليه ولازالت معتلية الفراش فأسرع هو بسؤاله في فضول:-

مالك يا جمر غايب عننا فين؟


_ نهضت ورد من جلستها ووقفت مقابله وبتوجس جلي على تقاسيمها قالت:-

خايفة من المجابلة ديي ما بلاها يا مصطفى


_ رمقها مصطفى بطرف عينيه وهتف بتجهم:-

وااه هيعضوكي ولا ايه؟


_ أخفضت بصرها مستاءة من سخريته دون أن تجيبه، رفع مصطف وجهها بوضعه سبابته على ذقنها وطالع زرقاوتيها وأعاد تكرار سؤاله فهو لم يفهم نقطة خوفها بعد:-

لا بجد ايه اللي مخوفك؟


_ ابتلعت الأخريى ريقها وبتلعثم أردفت:-

خايفة من.. حديتهم عليا .. أكيد مش هسلم من لسانهم ورميهم للحديت العفش، أنت متعريفش الحريم تفكيرهم كيف أني اللي جاعدت وياهم وعارفة زين!!


_ لم يحب مصطفى ضعف لهجتها ولا رجفة نبرتها، بشموخٍ وتعالي قال:-

مرت مصطفى الجبلاوي متخافش من حاچة واصل، مرتي تجوي جلبها وتحط صوابعها العشرة في عين أي حد يرطرط بالحديت الماسخ، وأني أصلا جبتهم واصريت على المباركة ديي عشان أوريهم أنك حبيبتي ومحدش يجدر يتحدت في حجك واصل


_ إلتوت شفتيها للجانب بتهكم مرددة:-

حبيبتك مرة واحدة! طب جول مرتك لاول


_ رد عليها موضحاً:-

كلاتهم عارفين جبل سابج أنك مرتي يوم كتب كتابنا، أما لساتهم ميعرفوش إنك حبيبة جلبي، جلب مصطفى ودي وحديها كبيرة جوي


_ لاحظت ورد عجرفته التي يحادثها بها كما أنها ليست المرة الأولى، رفعت حاجبيها متعجبة من أمره مرددة:-

يسلام..


_ غمز إليها بعينه واثقاً من حاله وقال:-

لساتك متعريفش مين مصطفى الكل هيعمله حساب الكبير جبل الصغير


_ أصدرت ورد شهقة خافتة وأردفت مستاءة منه:-

وااه يعني أنت رايد الخلج تتجبل إني حبيبتك عافية!!


_ قطب جبينه بغرابة وبعبوس أجابها:-

عافية! لاه طبعاً


_ عقدت ذراعيها متسائلة في فضول:-

كيف أومال لو مش عافية؟


_ ابتعد عنها مصطفى وجاب الغرفة يمينا ويساراً وهو يفكر في طريقةٍ ما ثم ردد ما يدور في عقله:-

مخابرش بس أكيد مش عافية يعني، ويلا بجا بكفيانا حديت الخلج كلاتهم تحت بيستنونا..


_ أماءت له بقبول وأسبقت بالسير فلحق بها مصطفى بقوله:-

راحة فين علي حالتك ديي؟


_ عقدت ورد ما بين حاجبيها متعجبة من حالتها التي تجهل أمرها ورددت في حيرة:-

مالها حالتي عاد؟


_ وضح لها سبب تعليقه على حالتها:-

شعرك اللي رمياه علينا ديه لميه مرايدش حد يشوفوا، تاخدي عين يابه


_ لم تمنع ورد ضحكاتها في الخروج بنبرة مرتفعة ثم جمعته في يديها وحاوطته بخصلات منه لينسدل على ظهرها في وضع ذيل الحصان، رمقها مصطفى بتفحص واهتمام ثم أردف بعدما اقتنع بتسريحتها:-

تمام أكده همي يلا..


_ أخذت ورد شهيقاً عميقاً قبل أن تخرج من الغرفة برفقة حبيب دربها الذي لم يترك يدها التي تحتضن يده ثانية وهبط معاً إلى ضيوفهم لينالوا المباركات منهم.


______________________________________


_ شدت على يده التي تحتضن يدها قبل أن تخطوا للداخل، أصدرت إحدى النساء بعض الزغاريد ما أن ظهروا أمامهن.


_ تلقوا المباركات المختلفة فمنهم من هنئهم بالكلمات الطيبة ومنهم بالمصافحة والقُبلات الحارة وآخرين قد دعوا لهم بالتوفيق في حياتهم القادمة.


_ بحث مصطفى عن والدته التي تجلس في زاوية غير مرئية للبعض، توجه نحوها متعمداً إظهار حبه لها والإرتقاء بها أمام الجميع لربما ترضي عن علاقتهم، وقف أمامها وطبع قُبلة على كفها ثم وضع قبلة أخرى على جبينها بإحترام وحب ظاهر مردفاً:-

ربنا يخليكي ليا ياست الكل


_ نجح مصطفى في أسر قلبها بتصرفه أمام النسوة، تقوس ثغرها ببسمة سعيدة ونهضت من مكانها، احتضنته بقوة وقالت ممتنة لكونه ولدها:-

ربنا يبارك في عمرك يا ولدي


_ ضغط مصطفى على يد ورد الواقفة خلفه مشيراً إلى والدته فأطاعته ورد بود واقتربت من السيدة نادرة مُشكلة بسمة خجولة على محياها، انحنت على يدها التي أسرعت نادرة بإبعادها عنها مستنكرة قربها.


_ تفاجئت ورد من تصرفها، كست الحُمرة وجنتيها خجلاً من فعلتها الوقحة، كز مصطفيى أسنانه بضجر بائن وعينيه يحملنها الإيلام والخزي من تصرفها، لاحظت نادرة فداحة ما اقترفته فحاولت إصلاح الأمر حيث شكلت بسمة متهكمة على محياها وربتت على يد ورد التي ردتها عنها وأردفت بحبٍ زائف:-

أنتِ بتي مفيش بيناتنا الشكليات ديي


_ أجبرت ورد شفتيها على الإبتسام رغم الشعور المؤذي الذي سببته لها، جلست بجوار مصطفى على الأريكة التي تتوسط الغرفة في محاولة منها على استعادة رونقها.


_ خلع مصطفى عبائته واكتفى بجلوسه بالجلباب، قطعت لمزات النسوة عمة مصطفى بقولها:-

لايجين على بعض جوي ربنا يحرسكم من العين


_ آمن عليها مصطفى مردداً:-

آمين يارب يا عمامة تسلمي


_ تابعت عمته حديثها بمرح :-

حتى فيكم شبه كبير من بعض


_ تبادلا مصطفى وورد النظرات لبرهة ثم انفجرا ضاحكين، رد عليها مصطفى من بين ضحكاته:-

لا ديي بعيدة جوي يا عمامة أني فين جنب الجمر ديه كلاته!


_ شعرت ورد بالخجل من وراء كلماته التي يغازلها بها أمام الجميع، نكست رأسها في إرتباك حرِج بينا قالت عمته:-

ربنا يخليكم لبعض يا ولدي هي فعلاً جمر بس ابننا بردك حيلوة ويتحب


_ شكرها مصطفى على لطفها فتابعت مضيفة:-

صالح برا يا ولدي كان رايد يبارك لك بنفسيه


_ رحب مصطفى بوجوده مهللاً:-

يا مرحب بيه يا عمامة هخرج له حالاً


_ نهض مصطفى من مقعده وقبل أن يغادر انحنى على ورد بقرب أذنها وهمس بنبرة خافتة:-

راجع لك يا وردتي مهتأخريش


_ قابلته بإبتسامة عذبة دق قلبه أسرها بينما تدخلت إحداهن بقولها:-

يابختك بيه يا ورد مصطفى زينة الشباب


_ أسرع مصطفى بالرد عليها وهو يطالع زرقاوتي وردته بهُيام:-

أني اللي يا بختي بيها يا خالة، ورد كيف إسمها تمام هي بهجة حياتي!!


_ خجلت المرأة من رد مصطفى فنواياها كانت إحراج ورد لكنها هي من خجلت بالأخير فقررت إلتزام صمت طيلة فترة مكوثها.


_ أعدل مصطفى من وضعية وقوفه ثم توجه نحو الباب وقبل أن يغادر تذكر عبائته فاستدار بجسده وأشار لورد عليها، لبت طلبه مسرعة وساعدته على ارتدائها، ملست على طرف العباءة من عند صدره لكي تكون حالته مهندمة.


_ شعرت ورد بحرارة القبلة التي اخترقت جبينها بنعومة شديدة، رفعت بصرها عليه في خجل من تصرفه المفاجئ فوجدته مُشكلاً بسمة جذابة على محياه، بادلته إبتسامة خجولة وعادت إلى حيث مكانها بينما توجه هو للخارج لكي يرحب بإبن عمته.


_ جلست ورد تتابع باهتمام بعض الأقاويل التي تناولنها النسوة معها:-

''يابختك بيه يا ورد''

''واضح أنه بيحبك جوي''

''متصورتش أن مصطفى بجلالته يكون حنين أكده على مرته''

''ورد شكلها سحراله''

_ لاحظت ورد تبديل أسلوبهم وتحول أحاديثهم فلم ترى منهن مثلما فعلوا يوم زفافها، كان مصطفى محقاً في استضافتهم والأن فهمت ماذا يقصد بقوله سيريهم أنها باتت حبيبة وليست فقط زوجته.


______________________________________


_ انتهت الزيارة ووقفت ورد تودع الجميع حتى بات المنزل خالياً إلا منها ومن السيدة نادرة التي استغلت فرصة خلو الوسط من البشر وأردفت بتجهم:-

اوعاكي تفكري إمي اعتبرتك بتي صوح كيف ماجولتلك، لاه ده حديت ملوش عازة جدام الخلج وبس!


_ أماءت لها ورد برأسها دوت أن تعقب على كلماتها الفظة فلقد اعتادتها ولن تساعدها في تعكير صفوها، استشاطت نادرة غيظاً من عدم ردها عليها وحاولت استفزازها بإلقاء الكلمات المهينة:-

متفكريش إن اللي في ولدي ديه حب فيكي لاه ده بس بيتمرد عليا إكمني جولتله يطليجك هو أكده طول عمره معيحبش الأوامر ويتمرد عليها بس في الآخر بيعمل اللي بيتجاله لأنه بيلاجيه هو الصوح، كلها يومين ويعرف إنك لا من جيمته ولا من جيمة عيلته متفرحيش كتير!!


_ صمتت نادرة حين رأت طيف ولدها يطل عليهم بقامته المنتصبة وشكلت إبتسامة زائفة على ثغرها، توجه مصطفى مباشرةً نحو ورد مردفاً:-

أني جعان جوي مأكلتش زين


_ أسرعت نادرة بالرد عليه بتلهف:-

ثواني يا حبة عيني وأحلى وكل يكون جاهز لاجل عيونك


_ انصرفت نادرة سريعاً لتمنع جميع السُبل أمام ورد في تلبية طلب زوجها وتكون هي الأم حنونة القلب التي تسرع في تغذية ولدها رغم أنه من مسؤليات زوجته وليست هي.


_ تابعتها ورد بعينيها وأعادت النظر إلى مصطفى بخزي:-

أني اسفة محلجتش ااا...


_ قاطعها مصطفى بقوله:-

الوكل جدامي أهاه هي مفهمتش الحديت صوح


_ قطبت جبينها بغرابة فلم تستوعب كلماته فأوضح لها ما يقصد:-

تعالي وأني جولك فوق جصدي إيه بالتفصيل الممل


_ سارت ورد بجواره على استحياء دون تعقيب، لمحت طيف خروج السيدة نادرة من المطبخ فأحبت أن ترد لها الصاع صاعين، توقفت عن السير وبميوعة مبالغة همست أمام شفاه مصطفى:-

شيلني يا مصطفى..


_ لم يتحمل مصطفى سماعه لنطقها إسمه بتلك اللهجة المائعة التي حركت فيه مشاعره وأسرع بالإنحناء عليها وحملها بين ذراعيه برحب وهو يردد:-

بس أكده من عنيا التنين أشيلك وأبوسك كماني


_ قبلها في عنقها فكان أقرب مكان وصلت إليه شفتاه لحظتها، أطلقت ورد ضحكة تردد صداها في المكان فهتف مصطفى عالياً:-

اااه يا جلبي مهتحملش اكده


_ تابع صعوده للأعلى مالت ورد على كتفه ورمقت نادرة بطرف عينيها ورأت نيرانها المتقدة التي تنعكس على تقاسيمها الغاضبة.


_ إلتوى ثغرها بإبتسامة عريضة فلقد ردت عليها بسهولة دون أن تتعب في فعل شيئ يمكن أن يدينها فيما بعد، ولج بها مصطفي للغرفة ووضعها برفق على الفراش ثم قال وهو يخلع عنه ثيابه:-

حاسس إني محتاچ أتأوت أكتر من أكده أكلتي بجت ضعيفة جوي


_ مال عليها مجبراً إياها على خوض تجربته الخاصة والفريدة من نوعها معه..


______________________________________


_ أستاذنت أميمة في الذهاب لتأخر الوقت، وقف الجميع أمام الباب يودعون بعضهم البعض حيث أردفت ثريا بحزن:-

والله الوجت عدي بسرعة والجاعدة كانت جميلة


_ تنهدت أميمة لمرور الوقت سريعاً وأردفت:-

الأيام الجاية كتيرة تيجي بس ونجعدوا كتير ويا بعض، عن إذنكم عشان الوجت اتاخر


_ حركت ثريا رأسها للجانب موجهة حديثها إلى طاهر:-

روح وصليهم يا طاهر الليل ليل يا ولدي متسيبهموش يمشوا وحديهم


_ أماء لها طاهر بقبول فانشرح صدر مروة وشعرت بالسعادة تدق طبول قلبها لأنه لم يحين الوقت بعد لأن يفترقا، سار معهم طاهر والتزم الصمت طيلة مدة سيره معهم فقط يجيب على حديث أميمة من حين لآخر ويعود إلى صمته من جديد..


_ عاد حمدان إلى منزله بعدما تأكد من مغادرة ضيوفهم في حالة لا يرثى لها، فهو بات شارد الذهن منذ واقعة حفر التربة التي كانت تأؤي سلاحه بين رمالها وإلى الأن لم يجده .


_ جلس على طرف فراشه مهموماً ظل عقله في الذهاب والإياب محدثاً نفسه في بعض الأوقات لدرجة أن ذات مرةٍ اعتقدت ثريا أنه قد ذهب عقله وجن لتصرفاته المريبة في الأوانِ الأخيرة.


_ أنتبه على صوت أصدره الهاتف معلناً عن وصول رسالة ما، جذب هاتفه بنفسٍ غير متزنة وتفاجئ بما رآه فور فتح الرسالة...


تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة  الرواية الجديدة زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملة من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا






تعليقات

التنقل السريع