القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عودة بدران المر الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بقلم هدى زايد

 رواية عودة بدران المر الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بقلم هدى زايد 





رواية عودة بدران المر الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بقلم هدى زايد 



الفصل الأول

=======


حمل على منكبيه فرع من الإضاءة صعد على سلالم الدرج الخشبي وعيناه لا تبرح نافذتها ود لو تخرج الآن ليحدثها قليلًا قبل ترك هذه الجهة، أما هي كانت تقف أمام التلفاز تحاول ضبط الصورة ولكن على ما يبدو أن يتوجب عليها أن تذهب للشرفة سارت بخطوات الهادئة فتحت بابها وجدته يغني لها بخفوت ما أن رأها  تطل عليه 

التفتت خلفه خوفًا من والدها الذي لن يمرر الأمر هكذا كعادته ردت بداهشة وذهول شديدان وهي تقول بخفوت 

- يخرب عقلك بتعمل إيه هنا ؟!  دا بابا ممكن يبهدلك انزل بسرعة 


غمزة لها بطرف عينه وقال وهو يعقد الرابطة

- بعلق لكم زينة رمضان ببلاش أي خدمة 


رفع بصره لها وقال باسمًا:

- يارب رمضان الجاي تبقي في بيتي ونعلقها سوا في شقتنا 


ردت بإبتسامة واسعة وهي تتجه نحوه وقالت

- ومين قالك بقى إني هوافق عليكي ؟! 


رد بذات النبرة وقال:

- لا ماهو أنا من يوم ما اتولدتي معروفة البت لابن عمها   وأنتِ بقيتي على اسمي خلاص موافقتك دي تحصيل حاصل يابنت عمي 


ردت بنبرة ساخرة وقالت:

- طب انزل بقى احسن عمك يجي يمو تك 

- خايفة عليا؟! 

- لا خايفة على بابا 

- عشانك ا مو ت نفسي ولا أنـ...


ردت بلهفة وهي تقول بعتاب

- بعد الشر عنك اخس عليك كدا يا بدران تقول كلام زي دا في ليلة مفترجة زي دي ؟! 


انزل يا بدران دول بيقولوا القمر تعذر ورمضان لسه مش بكرا كمل الفرع دا ووقف على كدا بقى .


قالها أحد سُكان الحي وهو يلملم الزينة داخل الصندوق الخشبي،  نظر لها "بدران" وقال بإبتسامة 

- أما ملهمش حق تعذر ازاي وهو واقف قصادي اهو في ابهى صوره ؟! 


ضربته بخفة في كتفه العريض وقالت

- لم نفسك احنا في أيام مفترجة لم روحك بدل ما بابا يلمها جنب أبوك الله يرحمه .


شيرين أنتِ يابت يا شيرىن بتعملي إيه عندك ؟! 


قالها والد شيرين وهو يقف داخل الشرفة، تلعثمت  وهي تشير بيدها تجاه جهاز الإرسال وقالت:

- دا أنا كنت بظبط الدش يا بابا وووو 


رد والدها وهو ينظر لابن أخيه وقال بنبرة ساخرة :

- وهو أنت طبق الدش ؟! 


رد " بدران" بذات النبرة وقال:

- لا أنا محصل الكهربا 


تابع بجدية :

- بعلق لكم زينة رمضان هات بقى حقها


رد عمه وقال بغضبٍ مكتوم 

- أنا مطلبتش منكم زينة  وشيلها من هنا اتفضل يلا 

- احسن بردو أنت هتذلني ولا إيه 


كاد أن يهبط سلالم الدرج لكن استوقفه عمه قائلًا: 

- استنى عندك هنا 

- نعم ! 

- أنت بتعمل إيه ؟! 


رد " بدران" على سؤاله بسؤالًا آخر وقال:

- أنت دفعت حق الزينة ؟! 

- لا 

- طب احنا بنعلق زينة للي بيدفعوا وبس معطلكش بقى 

- اومال كنت طالع ليه ؟! 


رد" بدران"  بإبتسامة مزيفة وقال:

- صعبت عليا بلكونتك ضالمة قلت انورها لك معجبش خدت حاجتي وماشي 


رد عمه بجدية مصطنعة وقال:

- طب خلاص ركبها 

- لا ادفع الأول 

- يا ستير مبتعملش حاجة لله أبدًا 

- ما انا عملت معجبش هتدفع ولا انزل ؟! 

- عاوز كام ؟! 

- خمسة وسبعين جنيه 

- كـ كـ كام !! لا شكرًا مش عاوز 

- ما كان من الأول لازم بس الفشخرة الكدابة دي !! 


تابع حديثه وهو يهبط سلالم الدرج بحذر وقال:

- ويرجعوا يقولوا بدران لسانه طويل ومبيحترمش عمه ما هو من اللي بشوفه منه هو يعني كان ملاك !! 


ما أن لمست قدماه الأرض ووضع فرع الانوار داخل الصندوق، وجد ساق عارية حتى منتصف الفخذين رفع بصره وجد فتاة لم تتجاوز الخامسة والعشرون من عمرها،  ترتدي كنزة سوداء ذات حمالات رفيعة ناهيك عن خصلات شعرها التي تتطاير بفعل نسمات الهواء وقف ببطء متفحصًا إياها وهو يتسائل بفضول:

-  افندم ؟!  


أنت بدران المُر ؟! 


قالتها بنبرة مقتضبة ونظراتها تتفصح المكان جيدًا

عادت ببصرها له حين قال :

- اؤمريني ؟! 

- أنا ميرڤت كريم 

- وماله مايضرش بردو 


ردت بعدم فهم لكلماته هزت رأسها علامة الإيجاب وقالت بضيق:

- أنت شكلك مش واخد بالك، مافيش مشكلة هوضح لك أنا، أنا  ميرڤت كريم  اللي  اشترت شقتك و حاليًا جاية استلم الشقة  


مال برأسه على الجهة اليسرى ثم حك مؤخرة رأسه وقال بنبرة ساخرة

- معلش مش واخد بالي أصلي من كتر أملاكي مش فاكر انهي شقة بالظبط 


تنهدت بعمق وهي تشير بيدها تجاه شقته وقالت:

- هي دي الشقة اللي أنا اشترتها والمفروض استلمها منك من يومين بس مكنتش فاضية فحبيت استلمها دلوقت لو امكن 


رد " بدران" بنبرة غاضبة جعلتها ترتعد مكانها وقالت:

- تستلمي إيه يا ست هو أنتِ جرا لعقلك حاجة دي شقتي اللي محلتيش غيرها 


تابع بهدوءٍ ظاهري وهو يدفع بعيدًا برفق وقال:

- امشي ياست اتكلي على الله روحي شوفي أنتِ رايحة فين مش ناقصة وجع دماغ على المسا 


تأخر الوقت ولم تأتي قررت أن تترجل من سيارتها حيث مساعدة عمها  التي تتطوعت بهذه المهمة نظرت لأبيها وقالت باسمة:

- هنزل أنا يا بابا مش هتأخر متقلقش 


رسم بسمة خفيفة على ثغره المنفرج قليلًا جهة اليسار إثر الأزمة التي تعرض لها في الأوان الأخيرة 

سارت بخطواتها البسيطة حتى وصلت لهما،  نظرت لها مساعدة  عمها وقالت بصدمة:

- دا بيقول مبعش الشقة مع إن وصله الفلوس صدقيني 


نظرت لها وقالت بتوتر 

- ازاي الكلام دا أكيد في حاجة غلط يا مرڤيت 


كادت أن ترد عليها لكن صوت رنين هاتفها قاطعها قامت بالضغط على زر الإجابة ما أن وجدته رئيسها في العمل 

- مستر معتز دا حصل مشكلة والاستاذ بدران بيقول انه ماخدتش حاجة وا،  إيه !! امشي حالًا ؟!! 


ابتعدت قليلًا وقالت بخفوت

- بس كدا لو المشكلة متحلتش هتبقى تولين في الشارع هي وباباها !! معتـ.... حاضر يافندم اللي تشوفه حالًا هنسحب 


عادت واعتذرت منها  وهي تقول 

- أنا آسف يا تولين مستر معتز أمرني امشي من هنا حالًا 

- طب والمشكلة اللي وقعنا فيها ؟! 

- أنا آسفة مش هقدر اعملك حاجة في الوقت الحالي عن أذنك 


تسمرت "تولين" مكانها ما إن وصل لمسامعها إنسحاب عمها الملعن للجميع، لحظات حتى استوعبت ما يحدث حولها،  تنحنحت وهي تقول بهدوء

- أنا تولين  رضوان العفيفي 


القى" بدران" ما بيدهُ وقال بضجر 

- مش هنخلص النهاردا، خير يا ست في إيه أنتِ كمان ؟! 


ردت بعصبية مماثلة قائلة:

- إيه ست دي وبعدين مالك بتتكلم كدا ليه هو أنا بشحت منك !! أنا بطالب بحقي 


لم يتحمل نبرتها المتعجرفة تلك رد بغضبٍ جم وهو يُلقي ما بيده خلفها، لم تهتز قيد أنملة طالعته بتحدٍ وقوة وهو يقول:

- حق مين لامؤخذة ؟! هو أنتِ شاربة حاجة على المسا الشقة اللي السنيورة بتتكلم عنها دي شقتي بإسمي ومعايا عقد بكدا 


رفعت ذقنها بشموخ وهي تتطالعه ببرودٍ تام،  عادت ببصرها لحقيبتها الجلدية دست يدها داخلها لتخرج عقدًا ابتدائي وضعته نصب عيناه وقالت 

- أنا كمان معايا عقد بإني اشتريت الشقة دي من شهرين  بس ودا العقد بالنسبة للعقد اللي معاك دا تبله وتشرب ميته أنا عاوزة الشقة .


تركها وهو يلوح بيده غيرمباليًا بثرثرتها لكنها قبضت على ساعده وقالت 

- أنت رايح فين ؟! أنا عاوزة الشقة بتاعتي ! 


مال بجذعه ليقابلها لفارق الطول الشاسع بينهما وقال بعصبية مفرطة:

- اهدي وقولي هديت عشان أنا مش ناقصك وبالنسبة للشقة اللي بتقولي عليها شقتك دوري عليها وابعدي عني احسن لك أنتِ فاهمة ولالا 


ردت بعناد وحاجب مرفوع عن الآخر وقالت:

- لا  


بعد مرور عدة ساعات من اللحاق به هنا وهناك أجبرته على الجلوس داخل جلسة عرفية، وافق بعد محاولات عديدة، وضع عقده الابتدائي مقابل عقدها أمام محامِ الحارة قرأهُ جيدًا ثم نظر للعقد الآخر  انتهَ منهما  وهو يقول بجدية وعملية:

- العقود الاتنين قانونًا لاغبار عليهم ودا يخلينا نقول إنكم قانونًا مش هتوصلوا لحل يرضي الطرفين 


رد " بدران" وقال بعصبية 

- إيه الكلام الماسخ اللي  أنت بتقوله دا ؟! 


اعتدل المحام في جلسته ثم قال بقلق 

-ما تهدأ يا بدران أنا مقلتش غير اللي اعرفه ولو مش مصدقني روح بكرا النيابة وهي تأكد كلامي 


ردت " تولين" وهي تتناول عقدها منه وقالت:

- أنا عاوزة استلم شقتي لو سمحت 


هدر " بدران" بعصبية وقال:

- يا ست اركني لنا على جنب شوية أما نشوف المصيبة اللي وقعت على دماغي دي 


رد المحامِ وقال:

-والله يا بدران لازهعرف اساعدك ولا اساعدها  عمك باع الشقة مرتين مرة ليك ومرة ليها والاتنين بعقد ابتدائي وأنت عقدك من يومين بس وبردو سليم 


  

وثب عن مقعده وقال بوعيد وهو يتجه حيث منزل عمه الذي غادر المنزل كالبرق في سرعته، تاركًا ابنته وزوجته في وجه المدفع بشكلًا مؤقت ولأنه يعلم أن "بدران" لن يتعرض لإحداهن، قرر تركهما في المنزل حتى المساء،  رغم محاولات كبار الحارة إلا أنه فقد السيطرة على أعصابه، قرر أن يدخل شقته بمفرده تاركًا " تولين" ووالدها في الحارة .


*******

بعد مرور يومين 

قضتهما داخل مسجد الحارة حتى يمن عليها "بدران المٌر" ويسمح لها بالمكوث داخل شقتها 

و بعد محاولات عديدة في الوصول لعمها أو ابنه لكن جميعها  باءت الفشل الذريع، أبيها بدأ في التألم فقراته القطنية والجلوس لعدة ساعات ممنوعًا عنه 

تحسست ظهر يد أبيه وقالت بنبرة حانية

- معلش اتحمل يا بابا أنا مش عارفة اعمل إيه حتى عمو مش بيرد 


بكى والدها من فرط ألمه  نظرت حولها لم تجد أي شخص سواه واقفًا في شرفته، قررت أن تطلب منه برفق عله يرضى، و إن رفض ستدخل رئيس اللجنة العرفية و معاونيه،   ولجت البناية قفزت بين سلالم الدرج صاعدة حيث الطابق الثالث،  طرقت الباب  انتظرت حتى يفتح لها، مرت أكثر من دقيقة وهي على هذا الحال،  عقدت ذراعيها أمام صدرها وصدرها يعلو ويهبط إثر صعودها، فتح لها أخيرًا وهو يقول 

- نعم ؟! 


ردت عليه بهدوء وهي تقول بنبرة مرتعشة إثر توترها 

- بابا عنده جلطة في رجله وهو مش بيتحرك ولا بيتكلم زي ما أنت شفته كدا والقعدة الطويلة دي بتتعبه وممنوعة عنه من فضلك دخله هو يرتاح ومش مهم أنا 


شاح " بدران " بوجهه للجهة الأخرى وهو يتمتم بخفوت 

- لا حول ولا قوة إلا بالله . 


تابع بجدية 

- يا ستي متشيلنيش ذنب الحج ابوس ايدك دخولك هنا معناه إن الشقة شقتك و إن أنا موافق 


ردت بهدوء وهي تحاول تأكيد ما يقوله 

- طب ما هي فعلًا شقتي ! 

- شقتك من انهي داهية !! دي ورث أبويا الله يرحمه من أبوه وعمي كتب لي العقد بتاعها من يومين 

- دي مش مشكلتي حل مشاكلك مع عمك لكن دي شقتي 

- طب اتكلي على الله بقى بدل ما قلي أدبي عليكي 


كاد أن يغلق الباب لكنها وضعت يدها مانعة إياه من فعل ذلك اقتحمت الشقة مندفعة تجاه الشرفة أشارت بيدها لمجموعة من الشباب  التفوا حول أبيها بعد أن تعال صوت صراخه من فرط تعبه وقالت:

- معلش يا شباب اطلعوا بي  لهنا هتعبكم معايا معلش 


تكفل أهل الخير بمساعدتها بينما كانت هي في مشاجرة جديدة مع بدران،  حاولت أن تنظف أي مكان ليجلس عليه علام التقزز والإشمئزاز يعتريان وجهها كاد أن يتحدث لكن منعه رئيس اللجنة العرفية للحارة وهو يقول:

- خلاص يا بدران كفاية لحد كدا زعيق من الصبح ومحدش عارف يكلمك 

- يا عم شوقي دي شقتي فاهم يعني إيه شقتي عمي بعها ازاي وهو بايعها أصلا ليا


تابع بغيظٍ من بين أسنانه وقال:

-بس لو اطوله واعرف اختفى في انهي داهية 


رد العم شوقي وقال:

- طالما معها عقد بيثبت ملكيتها للشقة واتنين شهود عليه يبقى هي كمان صاحبة الشقة 


تتدخل المحامِ وقال:

- يا جماعة الخير إنتوا في نظر القانون إنتوا الاتنين معاكم حق والنيابة هتقفل المحضر بصيغة ويبقى الوضع كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء يعني محدش منكم هيستفاد بحاجة زي ما قلت لكم يعني مكنش له لازمة تروحوا النيابة واقسام ملهاش داعي المصاريف دي كلها 


جلس العم شوقي وقال بجدية:

- الشقة من حقكم إنتوا الاتنين ومش من حق حد لوحده دا أولًا،  ثانيًا كل واحد منكم يتعهد قدامي بإنه مش هيتعرض للتاني بشئ وتمضوا على كدا واللي هيتعرض للتاني هيدفع شرط جزائي قدره ميت الف جنيه  ثالثًا ودا الأهم كل واحد فيكم  هايقسم الشقة وميدخلش في الجزء بتاع التاني 


نظر العم شوقي لـ بدران وقال بنبرة ذات معنى 

-فاهم قصدي طبعًا يا بدران ! 


رد " بدران" بعصبية وقال:

- إيه اللي أنت بتقوله دا أنا مش عاوز حد معايا في الشقة ومش موافق 


رد العم شوقي وقال بعقلانية

- يبقى دا تنازل منك بشكل رسمي عن الشقة ولو مش حابب حد يدخل معاك في الشقة ادفع المية وخمسين الف اللي الأستاذة دفعتهم مكان عمك 

- بقى أنا راضي ضميرك يا عم شوقي دي خلقة معاها مية وخمسين الف  ؟! 

- يبقى تقبل بالوضع زي ما أنا قابلة وراضية 


رد بنبرة مغتاظة وقال:

-هو كان حد وجه لك كلام بتتكلمي ليه من أصله ؟! 

-أنا اتكلم زي ما أنا عاوزة محدش يقدر يمنعني 

-ليه بنت مين أنتِ إن شاء الله !! 

- بنت رضوان العفيفي 


وقف العم شوقي وقال بعصبية 

- دا أنا لو بحكم بين عيال في حضانة مش هيعملوا اللي بتعملوا دا !! 


تابع بحدة قائلًا:

- اللي هايفتح بؤقه بكلمة تاني لحد ماخلص كلامي هيدفع عشرتلاف جنيه أدبًا لي  


ظل يتحدث حتى انتهَ من حديثه وضع النقاط على الحروف كما يقولون،  علم كلاهما حقوقه، تركهما يقفون أمام بعضهما البعض يتبادلان نظرات التحد والغيظ الشديد،  أشارت بيدها وهي تدور  داخل الشقة بتفقد

-  الاوضة دي والجزء دا ودا ودا تبعي أنا،  البلكونة هتبقى بالنص الحمام والمطبخ كذلك الصالة الجزء دا  بس اللي يخصك  .


رد ساخرًا وهو يعقد ساعديه امام صدره وقال:

- طب بالنسبة للنفس اللي بدخله واخرجه واحد ليا وواحد ليكي ولا هيبقى ليا وبس فهميني هتتنفسي معايا ولا اسحبه لوحدي  ؟! 


طالعته في صمتٍ تام، تركته يتمتم بوعيد وهو يكور قبضة يده،  كز على أسنانه بغيظٍ متمتًا بسبابٍ لاذع اتحه حيث الأريكة المقابلة للتلفاز 

وقبل أن يهوي بجسده عليها هرع نحو غرفة

" تولين"  التي صرخت بصوتٍ عالِ طرق الباب ثم ولج وجدها مفترشة الأرض بجسدها وفوقها أبيها 

يتألم جثا على ركبته وقال بغضبٍ

- مش قادرة تشيلي قولي بس متبهدليش الراجل كدا معاكي 


حمله برفق كالطفل الصغير بين ذراعيه، قام بوضعه على الفراش بهدوءٍ وحذر، دثره جيدًا ثم نظر له وقال بتساؤل:

- أنت كويس ؟! 


ربت والد تولين على ظهر يده و شبح إبتسامة يزين ثغره، تنهد وهو يقف عن حافة الفراش نظر لها "بدران" وجدها تهندم ملابسها وهي تكتم الآلمها وقال:

- ابقي خلي بالك بعد كدا 


*****


عاوزك تفوق لي كدا و تركز معايا الفترة الجاية عمك و خلاص خلصنا منه وبنته كذلك الأمر  نصحصح بقى كدا عشان الشغل اللي جاي هيبقى على تقيل تقيل اوي .


أردف "معتز" الأخ الأكبر لوالدها كان يحدث ابنه الوحيد الذي كان يسير على خطئ أبيه، جلس على مقعد المدير التنفيذي للشركة، كانت عيناه تشعان ببريق السعادة والإنتصار،  نظر لوالده وقال بذهول

- أنا مش مصدق إننا قدرنا ناخد كلها ست شهور بس 


رد والده بإبتسامة واسعة

- ولسه، خلال الست شهور الجايين هنبقى حيتان السوق هنغزو العالم كله بكل حاجة هنعملها 


نظر له بجدية مصطنعة وقال: 

- هتعزم تولين على فرحك يا صفوت ؟!


رد "صفوت" وقال بنبرة ساخرة

- أنت كدا عاوز تجيب لها جلطة زي أبوها يابابا 


تابع بجدية وقال:

- مش هعزمها طبعًا دي فاهمة إن كل حاجة اختارتها كانت ليها !! 

- بالعكس لازم تبان قصادها إن مغلوب على أمرك وإنك مجبر على الجوازة لازم كل شئ يمشي زي ما مخططين له تولين لو عرفت إننا خدناها سلمة عشان نوصل للي عاوزينه هتحاول تبوظ كل شئ 

ركز يا صفوت مش عاوزين نبوظ الدنيا بعد ما وصلنلها بصعوبة.


استدار "صفوت" بجسده للنافذة وقال بخفوت 

- ياما نفسي وهي مذلولة


تابع بنبرة مغتاظة وقال:

- كانت بتتباهى بأبوها وذكائه اللي ملوش حدود املاك أبوها وحياتها اللي عايشها ولا بنت الملك وكل كوم وتريقتها عليا وإني بالنسبة لأبوها صفر على الشمال دا كوم تاني 


هتف بصوتٍ عالِ نسبيًا وقال بإنتصار

-تعالي يا تولين شوفي أنا بقيت فين، ورضوان العفيفي بقى فين ؟! 


ختم بوعيد قائلًا: 

لا و لسه، لسه لما اشوف قهرتك الكبيرة وأنتِ شايفاني بتجوز من غيرك 

لسه لسه حسابك معايا مجاش، أنتِ حسابك غير، غير أي حد واوعدك هيعجبك اوي .


يتبع 

الفصل الثاني 

¤¤¤¤¤¤¤


هو فين عم بدران يا خالتي ؟! 


قالها  " سليمان" وهو يقف في مقدمة أصدقائه كانت تُلقي عليهم نظرة تفقدية لتعرف من خلالها من هم  ابتسمت له وقالت بفضول:

- جوا أنت مين يا حبيبي ؟! 


رد بإبتسامة واسعة وقال:

- أنا سليمان مش فاكراني اللي جبت لك الطلبات من يومين لما كنتي قاعدة في الشارع أنتِ وعم رضوان 

- اه ايوة ازيك يا سليمان تعال 

- شكرًا أنا بس كنت عاوز عم بدران في حاجة 


خرج " بدران"  بعد أن ناداته،  كان يجفف خصلات شعره بالمنشفة وقف خلفها وقال باسمًا

- أهلًا يا سليمان تعال 


ولج  هو وباقية الأطفال بينما جلس " بدران"  على الأريكة نظر لهم ثم عاد ببصره لكبيرهم من وجهة نظر الصغير وقال:

- خير يا أبوالرجال في حاجة ؟! 

-  بص احنا جمعنا  حق الزينة كلها للشارع بتاعنا  وباقي الفانوس 


تابع بحزنٍ شديد وقال :

- ابويا بيقولي حلو وعلقها رمضان بدأ بقاله يومين واحنا مش عاوزين نعلق الزينة ومحدش راضي يدفع فلوس زيادة 


استطرد بجدية وقال:

- بس والله أول يوم العيد هنجمع العيدية  وهنيي نديهالك وعد والله 


رد "بدران" بجدية وقال :

- ما أنت عارف يا سليمان إن آخر حاجة بعملها يوم السحور مش بشتغل بعدها تاني 


اقتربت ابنة عم سليمان منه وهي تتوسله بصوتها الرقيق التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها  وقالت:

- عشان خاطري يا عمو معلش وحياة أغلى حاجة عندك تعمله 


تابعت بدعوة قلبية قائلة:

- يارب يحقق لك اللي بتحملي بي ياعمو بدران يارب توافق 


ابتسم لها وقال  وهو يرقص حاجيبه بمرح

- و بعدين بقى في  العسل دا، دا عشان خاطرك ابني عمارة مش اعملك فانوس يا جميل 


تدخل "سليمان" وقال بعصبية 

- رمضان كريم يا عمو بدران هتوافق ولالا ؟! 


رد " بدران" بخوفٍ مصطنع وهو يقول:

- وهو أنا قلت حاجة  غير موافق طبعًا .


ردت الصغيرة وهي تعانقه بسعادة 

- ربنا يخليك لينا يا عمو بدران 


نظرت لـ تولين وقالت 

- عارفة يا خالتو عمو بدران دا عسل اوي وطيبة اوي زي الأمير اللي كان مع  سندريلا 


ابتسمت لها وقالت بنبرة ساخرة

- طبعًا يا حبيتي ما أنا جربت عسله يومين في جامع الحارة هو أنتِ لسه شوفتي حاجة من عسله


تعالت الأصوات مهللين بسعادة بالغة عن مدى سعادتهم بموافق "بدران" بعد محاولاتٍ عدة 

تكلمت  " تولين" طالبة منهم بهدوء 

- معلش يا ولاد نوطي صوتنا شوية عشان بابا واخد علاجه ونايم


رد " سليمان" وقال بعتذار

- معلش يا خالتي مش هنعمل صوت تاني وهننزل دلوقتي خلاص 


ابتسمت له وقالت بنبرة حانية:

- اقعد براحتك يا حبيبي بس بلاش صوت عالي معلش عشان جدو تعبان ماشي 

- ماشي 


******

كانت تبحث عن غسالة الملابس ولم تجدها،  دخلت كل مكان في الشقة بحثت أكثر من مرة ولم تجدها خرجت حيث الردهة وجدته جالسًا ينظم  الأدوات المستخدمة لصنع الفانوس، سألته بنبرة هادئة 

- هو أنت ماعندكش غسالة يا بدران ؟!!

-لا عندين بس بروحين 


نظرت بدهشة وهي تجلس على المقعد المجاور لمقعده وقالت: 


-إيه دا الغسالة ملبوسة ؟!! 

- لا ملبوسة ايه هي اسمها كدا نص بيغسل ونص بيجفف الهدوم 

-الله بجد دا اختراع هايلة 

- ليه هو أنتِ ماعندكيش منها ؟! 

- لالا الاختراع دا أول مرة اسمع عنه دا غير إن أنا مكنتش بغسل هدومي كنت بخلي الدادة تغسلهم وتجيبهم لحد عندي 

-ما هي كانت بتيجي لها لحد عندها بردو 

-هي مين ؟! 

-أمي الله يرحمها كانت تبقى قعدة مكانك كدا وأنا قاعد زي ما أنا والغسل تيجي من الحمام لحد الصالة وتقول أنا خصلت ياحجة

- الله  وهي فين دلوقت 

- ماتت زي ما أنا همـ ـوت مجلوط كدا منك 

يا ابني ركز معايا أنا اقصد الغسالة مش مامتك 

- اها الغسالة  لا ماهي لما طلع الاختراع الجديد بتاع الغستلة أم روحين دي قلنا شكرًا كفاية عليكي لخد 

- ياخسارة كان نفسي اشوفها مش مشكلة طب التلاجة بتاعتك فين ؟! أنا عاوزة اشرب مياة ساقعة أنا مش لاقيها بردو 

-  لا دا انا عندي اختراع أحلى منها بمراحل 

- اللي هو إيه ؟! 

- القُلة تعرفيها ؟! 

- لا 

- دي بقى زي ازازة كدا صغننة وتفضل محافظة على المياه ساقعة طول اليوم ومن غير كهربا

- بجد  الله


وقف عن المثعد وهو يلملم  متعلقاته بينما سألته بداهشة :

- أنت رايح فين ؟! 

اخد حباية الضغط قبل الذبحة الصدرية ما تيجي ومتلاقنيش 


عصر اليوم التالي  


كان  مُستلقيًا على ظهره ويده أسفل مؤخرة رأسه يتابع ثاني حلقات المسلسل بهدوءٍ تام، وهو عارِ الصدر نظرًا لحرارة الجو التي تجاوزت الأربعون تقريبًا بينما خرجت هي لتبدأ أولى حلقات التنظيف 

هدرت بصوتها وهي مغمضة العينين وقالت بعصبية

- أنت ازاي تقعد بالشكل دا كدا وأنت عارف إن في ناس معاك مش مكسوف من نفسك طب غلى الأقل احترم الشهر الفضيل يا أخي !! 


بصي عشان أنا جبت أخري منك خلاص الصالة دي بتاعتي من ضمن القسمة يعني اقعد فيها بهدومي من غير هدومي أنا حر هو حد شريكي يا ست ؟! 


أردف " بدران" عبارته وهو يغلق آخر أزرار قميصه الابيض الذي القته للتو في وجهه تنهدت بعمق وهي مغمضة العينين وقالت :

- خلصت لبس ولا لسه ؟! 


رد " بدران" بنبرة مغتاظة وقال:

- ايوة خلصت 


فتحت عيناها وقالت بنبرة تحذيرية:

- لو شفتك كدا تاني اعتبر نفسك مطرود من الشقة 

- مطرود منين يا عنيا ؟! 

- من شقتي 


ضحك بصخب ثم عاد ببصره لها وقال مصححًا:

- شقتنا  حطي النون في أي حاجة بعد كدا مطبخنا حمامنا  واي حاجة في الشقة دي مقسومة على اتنين يا استاذة بنزين قصدي تولين 


كاد أن يغادر الردهة وهو يتمتم بنبرة  متعجبة

- معرفش أنا إيه الاسامي اللي لازم لها كتالوج دي 


جذبته من ذراعه وقالت بتساؤل

- رايح فين ؟! 

- رايح اطبخ الفطار المغرب قرب يأذن  عندك مانع ؟! 


ردت بجدية وهي تشير بيدها تجاه الردهة وصولًا لغرفته

- الزريبة اللي أنت عايش فيها تنضفها والمطبخ اللي أنت بتقول عليه مطبخ دا محتاج سنة عشان يتنضف 


رد برضا تام عن الجلبة التي تحدث حوله وقال:

- أنا والزريبة دي متعايشين مع بعض عادي مش عجبك سيبي الشقة عادي جدًا 


ردت بعناد وقالت:

- هتنضف معايا البيت عشان يبقى بيت نضيف والمطبخ دا هنعمله إزالة لكل القر ف اللي في 

- نضفي أنتِ أنا مبنضفش 


هزت رأسها علامة الإيجاب وقالت:

- تمام مافيش مشكلة لو حصل ونضفته لوحدي هيبقى بتاعي أنا لوحدي 

- وأنا اطبخ فين إن شاء الله في الشارع ؟! 

- شئ مايخصنيش طالما مشاركتش في وتعب زي ما هتعب يبقى ملكش في شبر واحد مش عجبك سيب الشقة عادي جدًا يعني 


ابتسم لها بخفة وقال:

- هاتي لي المقاشة والجروف واسبقيني على المطبخ 


كادت أن تذهب لكنها عادت وقالت بأدبٍ كأنها أنثى غير التي كانت تملي عليه أوامرها للتو

- أستاذ بدران ممكن اطلب منك طلب 


نظر لها ولم يعقب بل التفت حول نفسه ثم عاد ببصره لها وقال 

- هو أنتِ بتتكلمي معايا أنا ؟!

- ايوة طبعًا حضرتك 

-سترك يارب من طقم الحنية والنبرة الهادية دي  خير ؟! 

-معلش أصل بابا حابب يغير جو إيه رأيك بعد ما نخلص المطبخ تاخدوا تخرجه شوية 

- موافق 

- شكرًا 

- بس ليا شرط 

- خير ؟! 

- تنضفي الزريبة اللي أنا عايش فيها دي يعني أوضتي صالتي مطبخي وتخليهم مرايا وبعدها اخده واخرجه 


ردت بنبرتها التي اعتاد عليها وقالت:

- أنت بتحلم لو مشاركتش في التنضيف يبقى مش هتشارك في أي مكان نضفته 

- أنا قلت كدا بردو مافيش ست تعرفني لوجه الله ابدًا لازم يكون لها مصلحة عندي تاخدها مني وترميني 

- أنت بتقول إيه ياقليل الأدب ؟! 

- قلت خلي الحج زهقان زي ماهو وأنا هنضف حاجتي بنفسي 


تنهدت بعمق وهي تطالعه وافقت بمضضًا وهي تقول :

- موافقة، هنضف الشقة كلها ماعدا أوضتك 

- دا أوضتي هي الأساس وأول حاجة هتتنضف قلت إيه ؟! 

- موافقة 

- ايوة كدا خليكي شاطرة واسمعي الكلام نادي لي بقى عم رضوان عشان اخده وانزل بي على ماتخلصي 


ردت بنبرتها الهادئة وقالت:

- هو أنا ممكن اطلب منك طلب 


ابتسم لها وقال بجدية:

- متتعبيش نفسك وتغيري نبرة صوتك ادخلي بالطلب على طول 

- بابا لما عمل العلاج الطبيعي امبارح تعب شوية ينفع بس تشيله معايا على الكرسي 

- دخليني طب الأوضة وأنا هتصرف والحقي خلصي الشقة احنا هنفطر برا أنا وعم رضوان 


ردت "تولين" بإعتراض وقالت:

-لا بابا ممكن يتعب من أكل الشارع أنت متعود انما هو لا 


تنهد بغيظٍ وهو يشيح بوجهه تجاه الشرفة ثم عاد ببصره لها وقال:

- وليه طولة اللسان دي على الصبح ؟!  

- مش قصدي بس بابا معدته هتتعبني صدقني 


اكملت حديثها وهي تقول بحزنٍ دفين

- وبعدين هو مبيعرفش يأكل لوحده لازم حد يأكله براحة فـ عشان كدا بقلك بلاش يأكل برا أنت تعال بعد ساعتين تلاتة كدا أكون خلصت الشقة وعملت الأكل كمان 


نظر لها ثم نظر للشقة وقال :

- دي مش عاوز تلات ساعات دي عاوزة تلات سنين أنتِ مش واخدة بالك من شكل الشقة ؟! 

- دي مهمتي أنا خد بابا وانزل وسبني اخلصها براحتي  كدا كدا لسه فاضل أربع ساعات على المغرب .


*****

كان يقوده حيث المقهى المقابلة لمنزل عمه يتابع شرفة ابنة عمه التي لم تظهر حتى هذه اللحظة 

أما العم رضوان كان ينظر لهذا وذاك وكأنه يستعيد 

ذكريات الطفولة شهر رمضان في المناطق الشعبية لم يفشل نهائيًا في حصول على المركز الاولى وبجدارة فهو له سحرًا خاص، نظر له بدران وقال بتساؤل:

- اجيب لك حاجة تشربها يا عم رضوان ؟! 


أشار العم رضوان بيده لكن إصرار "بدران" وهو ينتقل بمقعده بجواره كان أكبر، أتى النادل بعد دقائق معدودة وضع كوبًا من الأعشاب الدافئة وقال باسمًا:

- وعندك أحلى كوبية ينسون لعم رضوان وصلحه 


ابتسم له العم رضوان لمجاملته، تناولها "بدران" تحسسها ثم نظر له وقال باسمًا:

- دي دافية متقلقش هتعرف تشربها بأمر الله 


اقترب منه محاولًا مساعدته في تناولها،  فشل تارة ونجح تارة لكن بالنهاية استطاع احتسائها، ابتسم له وقال :

- الف هنا 


تابع بتساؤل 

- اجيب لك عصير ؟! 


رفع العم رضوان كفه المرتعش إثر الشلل الذي اصابه علامة النفي،  مسح له فاه برفق ثم عدل له ياقة قميصه وهو يقول بتذكر 

- اوعى تقول لبنتك احسن دي منبهة عليا مأكلكش  ولا اشربك برا  حكم دي لسانها متبري منها و مبتسكتش لحد 


أومأ له برأسه علامة الإيجاب، كانت أعين "بدران" 

تتابع ابنة عمه وهي تسير بخطواتها الواسعة والسريعة  وثب عن مقعده ما أن وقعت عينه عليها 

ولج خلفها البناية وقبل أن تغلق باب الشقة نجح في الدخول تراجعت وهي تتسأل من بين أنفاسها 

المسموعة 

- مالك يا بدران في إيه ؟! 

- فين ابوكي يا شيرين 


وضعت الحقائب على سطح المائدة وقالت بكذب

- معرفش بقالي يومين معرفش عنه حاجة 

- يعني إيه متعرفيش حاجة إيه الأرض اتشقت وبلعته 


قلت لك معرفش عنه ولـ...


قالتها "شيرين" وهي تلوح بيدها قاطعها وهو يقبض على رسغها بغضبٍ وقال بدهشة وذهول شديدان ما أن رَ خاتم الخطبة يزين يدها اليسرى 

- إيه دا  يا شيرين ؟! دبلة مين دي ؟! 


ردت "شيرين" بجدية وهي تنزع يدها من قبضته قائلة:

- أنا اتكتب كتابي من يومين يا بدران وفرحي أول يوم العيد يعني وجودك هنا ملوش لازمة 


رد "بدران" بغضبٍ جم وقال:

- طب وأنا ؟! كنت فين لما تتخطبي ويتكتب كتابك على غيري !! 


هدر بصوتٍ مرتفع قائلًا:

- واللي كان بنا يا شيرين راح فين ؟!!!

- اديك قلت كان يعني فعل ماضي وأنا مابصش للماضي 


تابعت بنبرة تملؤها الغيرة  والغيظ 

- وبعدين مزعل نفسك ليه ما هو في بيتك واحدة تنسيك الهم ولا هي مش ملية عينك ؟! 


اقترب منها وقال بوعيد 

- اقسم بالله ما هعدي اللي حصل دا على خير يا شيرين  واستلمي من هنا ورايح فضا يح في كل حتة  


تابع بضيق رغم الجمود الذي ظهر على ملامحه وقال:

- مبروك للمأطف اللي خد فضلتي 


دفعته بعيدًا عنها وقالت بغرورٍ 

-أنا مش فضلت حد يا بدران فوق واعرف أنت بتقول إيه ؟! 


وقف مقابلتها وقال بإبتسامة جانبية

- لا فضلتي وسريري يشهد بكدا 


نظرت له بدهشة غير متوقعة كلماته الواقحة التي قالها دفعته بعيدًا عنها وقالت بضيق

- أنت كداب  والدنيا كلها تشهد إني مدخلتش شقتك ولو لمرة واحدة يا بدران 

- اثبتي إني كداب  


تابع وهو يستدار بجسده تجاه باب المنزل وقال:

- متنسيش إن ابوكي كان بيسافر على طول وأنا كنت بطلع واقعد عندكم بالساعتين تلاتة  


ختم حديثه قبل أن يوصد باب الشقة وقال

- ابقي كملي جوزاتك وأنتِ تشوفي الوش التاني لبدران المُر  يا شيرين 


يتبع


  

3&4

الفصل الثالث 

========


إيه دا أوضتي منضفتش يعني ؟! 


قالها "بدران" وهو يقف وسط الردهة بينما كانت جالسة تُطعم والدها الفاكهة ببطءٍ نظرًا لحالته الصحية نظرت له وقالت:

- هو أنت فاكرني هدخل الزريبة دي بجد وبعدين احمد ربنا إني قبلت انضف الشقة كلها  وشيلت عنك حِمل كبير .


هز رأسه علامة الإيجاب نظر لوالدها وقال بغيظٍ مكتوم 

- خليك شاهد يا عم رضوان عشان لما بتكلم كلامي بيزعلها عمومًا أنا كنت واثق إنك مش هتنضفيها 


لم تعيره أي اهتمام وقفت عن الأريكة متجهة بوالدها حيث غرفتهما وجدته يقبض على مسند المقعد المتحرك بدلًا منها سحبه بهدوءٍ وحذر  وهو يقول 

- روحي بقى يا أستاذة تولين نامي في اوضتك الجديدة وأنا وعم رضوان هنتعايش مع بعض في  أوضتي الجديدة 


اوصد الباب ثم استدار بجسده له وقال بنبرة مغتاظة: 

- من قلة الاسامي بتسميها اسم محتاج عشر مفسرين يفسروا معناه 


تبسم العم رضوان على سخريته من اسم ابنته  رفع بصره تجاه الباب  اقتحمت الغرفة وجدته يحمل والدها برفق ليضعه على الفراش، دثره جيدًا  نظر لها وقال :

- إيه السرعة دي معقول خلصتي الأوضة ؟! 

- اوضة إيه اللي خلصت اوضتك محتاجة شهر بحاله عشان ترجع تبقى اوضة 

- طب ومستنية إيه ما تبدأي العيد هيدخل علينا وأنتِ واقفة مكانك ! 


جلست على حافة الفراش بجانب والدها وقالت بعناد

- أنت بتحلم يا أستاذ بدران أنا مستحيل ادخل الأوضة دي 


مدد على الأريكة وقال بنبرة ساخرة موجهًا كلامه لأبيها الذي يتابع في صمت كسابق عهده 

- دي فاكراني بتكسف ؟! عموما عشان خاطرك أنت أنا هفضل لابس القميص مع إني مبعرفش انام بي بس مش مشكلة عادي 


وقفت عن حافة الفراش وقالت بعصبية 

- أنت اتجننت اكيد اتجننت هتنام فين ؟! لما دا مكاني أصلًا ؟!!

- عندك جنب ابوكي ونامي وسع لها شوية يا حج عشان تريح جنبك معلش هتقلق منامك أنا عارف بس بنتك بقى ومضطر تتحملها انما أنا مش مضطر نهائي مش عاجبها تسيب الشقة عادي جدًا 


ختم حديثه قبل أن يغمض عينه

- منور يا حج حقيقي منور واللهِ


ردت " تولين" وهي تشير بيدها تجاه المجذوب الذي احتل أريكتها ومدد جسده عليها قائلة:

- شايف يا بابا قلة الأدب، دا مش محترم الشهر الفضيل اللي احنا في،  لا وكمان عاوز ينام معانا في الأوضة ! .


ربت والدها على كفها برفق علامة مسايرة أمورها حتى تسير المركب فهو لا حول له ولا قوة  لن يستطيع الدفاع عنها،  تنهدت بعمق وهي تقف عن حافة الفراش  وقالت بإستسلام 

- عشان خاطرك أنت بس والله يا بابا حاضر 


خرجت من الغرفة وهي تمتم بكلماتٍ غير مفهومة تسبه فيها ما إن صفعت الباب خلفها اتكأ بمرفقه وقال بتساؤل:

- اموت وأعرف متحملها ازاي دي، دي جبروت وماشي على الأرض 


ظلت عيناه معلقتان على باب الغرفة يتابع ابنته وهي تسعُل بشدة إثر الغبار الذي خرج من الغرفة 

القت بجميع ملابسه ومتعلقاته للخارج، هدرت بصوتها وهي تتعثر بين الفنية والأخرى،  قاربة الثلاث ساعات متواصلة وهي تنظف الغرفة دبت فيها الحياة من جديد،  نادته بنبرتها التي تملؤها الغيظ الشديد أشارت له بيدها تجاه الحجرة وقالت :

- اتفضل اوضتك اهي، الشقة بقت شبه الشقق الناس العادية أنا مش عارفة أنت كنت عايش فيها ازاي .


ولج الحجرة يتفقدها بأعين متفحصة وعلامات الإعجاب تنعكس على وجهه، حرك رأسه علامة الإيجاب وقال:

- اهو كدا الكلام  ولا بلاش  ايوة كدا 


طالعته بغيظٍ شديد عاقدة ساعديها أمام صدرها تستمع لكلماته التي تشيد بها وبسرعتها، قاطعت انبهاره وقالت بنبرة آمرة

- الكركيب دي تطلع برا و القهوة اللي قالبها جنب السرير دي تغسلهم وترجع الكوبيات دي كلها مكانها تاني 


تابعت حديثها بوعيد قائلة:

- وحسك عينك تكوم أي كوبية جنبك تاني اتناشر كوبية جنبك بيعملوا إيه هااا ؟! 


روحي نامي عشان أنتِ تعبتي معانا النهاردا 


أردف " بدران" عبارته وهو يشير بيده تجاه الباب 

بينما كانت هي تتدب قدمها في الأرض وقالت:

- إنسان مهمل  وفوضوي .


ولجت غرفتها  بهدوء عكس الغضب والغيظ الشديد الذي يجتاحها،  نظرت لأبيها وقالت بإبتسامة واسعة:

- عامل إيه يا حبيبي ؟!  تحب أجيب لك تأكل ؟! 


نظر لها والدها وحرك رأسه علامة النفي،  ردت بشكٍ وقالت:

- أنت أكلت مع بدران برا صح ؟! 


لف وجهه بعيدًا عنها ناداته بشكٍ قائلة:

- بابا  أكلت برا مش كدا ؟!  يعني أنا قلت له بلاش يأكلك من برا وبردو مسمعش كلامي و أنت طبعًا تلاقيك ماصدقتك اكلت أي حاجة في زيوت  


ابتسمت ملء شدقيها وقالت :

- عرف يدخلك من ثغراتك مش كدا ؟!! وطبعًا حبيبته عشان جاب لك اللي بقالي قرن مانعاه عنك 


داعبت خده بمرح وقالت :

- عمومًا دي آخر مرة هاسمح لك تنزل معاه يا رضوان يا شقي أنت مفهوم 


صمتت قليلًا ثم قال بجدية 

- ما تكتب لي يا بابا  ازاي خسرنا فلوسنا كلها كدا حصل لك إيه و أنا في روما ؟! 


طأطأ والدها رأسه ولم يصدر منه أي ردة فعل تجاهها لكنها تابعت وقالت :

- صفوت اللي زعلك مش كدا ؟! 


ابتسمت لعدم  تظاهر والدها بأي علامات تؤكد أو تنفي حقيقة ماحدث، ابتسمت له وقالت بوعيد

-  مش مهم تحكي لي كفاية اللي عشيته أنا بس وحياتك يابابا لأعرفهم مين هي تولين بنت رضوان العفيفي 


حرك والدها رأسه بعنف وهو يصدر اصوات من فاه محاولًا من خلالها التعبير عن رأيه بالرفض القاطع 

لأي حركة تجاه عائلته،  ابتسمت له وقالت وهي تربت على كفه 

- متقلقش عليا أنا بنتك يعني قبل ما باخد أي خطوة بكون دراسها كويس اوي نام أنت دلوقت عشان تعرف تقوم تتسحر وتصلي الفجر 


في الساعة الثانية ليلًا 


استيقظت من نومها  وهي تتثئاب القت نظرة وهي تتمطع بكسلٍ شديد كان أبيها في سباتٍ عميق 

اتجهت حيثُ المرحاض ثم اتجهت للمطبخ تُعد وجبة السحور،   كانت تركض هنا وهناك قبل أن يستيقظ والدها،  عاد لتُحضر الدواء لأبيها اكتشفت أن هناك بعد العقاقير والحقن فرغت من البراد بدلت ملابسها على عجل واستغلت نوم أبيها لتبتاع ما ينقصها من دواء .


خرج " بدران" من المرحاض وهو يتنحنح بصوتٍ مرتفع وصل لمسامعه صوت آنين العم رضوان استرق السمع ليتأكد من صوته سار بخطوات  واسعة وسريعة توقف على الباب وطرق بهدوء قائلًا:

- عم رضوان  ! عم رضوان أنت كويس ؟! 


لم يأتي سوى صوت العم رضوان وهو يئن بصوتٍ مكتوم كرر ندائه وقال بتحذير 

- عم رضوان أنا هدخل بنتك جوا ؟! استاذة تولين  أنتِ كويسة ؟!! 


حاول العم رضوان رفع صوته لكن دون جدوى فهو مُصاب بالشلل في فمه،  اقتحم "بدران" الغرفة وجده مُلقى أرضًا لفشل محاولاته في الجلوس على المقعد بمفرده،  هرع نحوه بسرعة وقال بعطفٍ وشفقةً

-لا حول ولا قوة إلا بالله  فين بنتك سايبك لوحدك كدا ليه ؟! معلش معلش قوم معايا براحة 


كاد أن يحمله لكنه وجد ملابسه مبلل حزن على حاله وكاد أن يبكي ربت على كتفه " بدران" وقال:

- هون على قلبك كله هايعدي بأمر الله 


تابع بإبتسامة بشوشة وهو يضعه على المقعد المتحرك وقال:

- هخليك تاخد أحلى دُش دلوقت تحلف بي عمرك كله 


تحرك بهٍ تجاه المرحاض ثم بدأ في نزع ملابسه عنه برفق شديد، كل هذا مر به من قبل كان والده في حالته تلك يعرف كيف يتعامل معه .


انتهَ أخيرًا من اغتساله نظر له وهو يصفف له خصلات شعره الأبيض وقال باسمًا

- إيه الجمال يا عم 


تابع بجدية مصطنعة وهو ينظر للمقص وقال:

- أنا بقول نظبط الشنب والدقن هترجع تصغر عشرين سنة ومش هنلاحق عليك بعد كدا البنات وهي بتجري وراك 


ترك له مهمة تشثيب اللحية والشارب والذي فعلها على أكمل وجه  خرج به من المرحاض بعد قاء ما يُقارب النصف ساعة تقريبًا،  كاد أن يلج به لحجرته لكنه عدل قراره وهو يتجه به حيث الشرفة وهو قال:

- كفاية رقدة في السرير تعال وشم هوا ربنا وتشوف الناس  وحلاوة رمضان عندنا عاملة ازاي 


جلس مقابلته وقال بفضول:

- الساعة داخلة على اتنين ونص بليل اومال فين بنتك ؟! 


نظر له العم رضوان وتعابير وجهه تنم عن القلق والخوف الشديد، ربت " بدران" وقال بإبتسامة واسعة

- تلاقيها بتشتري حاجة من تحت مش كدا ؟!  


تابع بجدية وهو يشير بيده تجاهه سيارة الأجرة التي تترجل منها وقال:

- بنتك كانت برا الحارة !! وراجعة متأخر هي كانت فين ؟! 


بعد مرور عدة دقائق 


وقف مقابلتها وقال بغضبٍ جم 

- أنتِ هتستعبطي  هو إيه اللي مالي !! هو أنتِ فاكرة نفسك في المهندسين احنا في حارة في حي شعبي لو مش واخدة بالك 


ردت بنبرة لا تقل عن نبرته وقالت:

-  أنا مش فاهمة أنت إيه اللي مزعلك ادخل اخرج أنا حرة و أنت ملكش عندي شئ ولا ليك إنك تسألني 


تابعت ببساطة شديدة:

- مش عجبك سيب الشقة عادي جدًا 


ضرب بيده الجدار الذي تقف عليه وقال بتحذير واضح 

- قسمًا برب العزة إن خرجتي في وقت متأخر زي دا تاني لأقفل باب الشقة ووريني بقى هتتدخلي ازاي اتفقنا ؟! الدخول والخروج من بعد الساعة عشرة ممنوع مهما كانت الأسباب .


رفعت الحقائب البلأ ستيكية وقالت بنبرة مغتاظة 

- كنت بجيب لبابا العلاج اللي ناقص عشان هيأخده الساعة أربعة الفجر  يعني مكنتش بدلع حضرتك 


تابعت وهي توجه سبابتها نصب عيناه 

-  ثم أنت ملكش الحق تسألني ولا أنا مجبرة ابرر لك تحركاتي أنت شريك في الشقة مش في حياتي وتاني مرة حسك عينك ترفع صوتك عليا ولا تحاسبني مفهموم !! 


نظر  " بدران " لأبيها وقال بضيقٍ 

-  امو ت وأعرف متحملها ازاي دي ؟!   


بعد مرور نصف ساعة أخرى 


كان في حجرته يُنهي الفانوس الذي طلبه منه الأطفال وبجانبه الكوب رقم عشرة انتهَ من القهوة  احتسائها عادة لن يتركها بالهين ولكنها ستفقد عقلها إن لم يتخلى عن عادته تلك،  طرقات خفيفة أمر بالدخول وقفت على باب الحجر وقالت بخجلًا  ما أن علمت ما فعله مع أبيها 

-  احم أنا كنت جاية اشكرك  على اللي عملته مع بابا حقيقي مش عارفة اقلك إيه و آسفة لو بابا سبب لك إزعاجك في أي حاجة 


رد وعيناه لم تبرح ما تصنعه يده 

- عم رضوان راجل سكرة انما أنتِ اعوذ بالله منك محدش يعاشرك ليوم واحد ولو عملت معاه حاجة عملتها زي ما كنت بعمل مع ابويا الله وأي حد مكاني كان عمل كدا وأكتر .


طالعته بنظراتٍ تملؤها الغيظ الشديد وهي تستدار بجسدها حيث الرداهة وقالت :

- عمومًا أنا عملت بأصلي وجيت اشكرك على اللي عملته  بس طلعت ماتستهلش واتفضل قوم عشان بابا عازمك على السحور . 


القى ما بيده على الفراش وسار خلفها وهو يقول من بين أسنانه 

- قسمًا بالله أنتِ لو مراتي لكنت عرفتك إن الله حق  وخليتك تمشي على العجين ولا يتلغبط  بس احمدي ربك بقى إنك مش مراتي 


ردت بسخرية وهي تتابع سيرها :

- احمد أنت ربك إني متحملة واحد فوضوي زيك وعايش معايا في شقة واحدة 


استدارت نصف استدارة وقالت:

- بس متقلقش قريب اوي هتبقى مرمي في الشارع .


*****


خلال يومين عاوز الحارة كلها ملهاش سيرة غير الست  اللي عايشة مع بدران المُر وكأنها مراته وهما مافيش أي حاجة تربطتهم ببعض 


أردف " صفوت" عبارته وهو يُلقي أمام شبان من أهل الحارة ولكن من الخارجين على القانون مجموعة من النقود،  التقفها الشباب وهم يهزان رأسيهما علامة الموافقة قائلين في آنٍ واحد .

- اعتبره حصل يا باشا 


سأله أحدهم وقال:

- طب عدم لامؤاخذة لو حد سألنا عاوزين إيه ولا بنعمل كل دا ليه هنقول إيه ؟! 


أجابه بشرٍ وقال:

- ترموا تولين وأبوها بدل ما هتجيب للحارة العا ر 


بلع  الشاب لعابه وقال:

- طب وبالنسبة لبدران المُر لامؤاخذة هنعمل معاه إيه ؟! 


فاق " صفوت " من شروده وقال:

- ملوش عندي لازمة المهم عندي تولين وابوها يترموا برا الحارة  لو بدران اعترض يبقى هو كمان زيهم ويمشي  عليه اللي هيمشي عليهم 


تنحنح  الشاب وقال بخوفٍ شديد

- عدم لامؤخذة يا باشا بدران محدش يقرب له دا الحارة بتتكلم في سرها من خوفها منه دا دا قلبته و القبر ياباشا في أي حد يخصه احنا نقدر نضايق الهانم وابوها ماشي انما بدران لا منقدرش ياباشا 


نظر لهم " صفوت " وقال بضيق 

- دي مناظر تترعب من واحد زي دا ؟!  خلاص اعملوا اللي قلت عليه وبعدها نشوف إيه اللي هايتم .


*****

بعد مرور أسبوع 


يد على ناقوس الشقة والأخرى على باب الشقة هرعت لتفتح باب الشقة ونبضات قلبها تتسارع سألت من بين أنفاسها المسموعة:

- مين أنتِ ومالك بترني بالشكل دا ليه ؟! 


مالت" شيرين" بجسدها على نعلها قبضت عليه بيد من حديد وهي تعرفها عن حالها قائلة:

- أنا يا حبيبتي  اللي حفي وراها سنين عشان ينول الرضا 


كانت صرخاتها تدوي المكان وهي تحاول تفادي ضرباتها  بشتى الطرق، وصلت لمسامعه صوتها وهي تستنجد به، هبط على سلالم الدرج بعد أن القى ما بين ذراعيه،  ولج الشقة وجد ابنة عمه تحاول ضربها تتدخل بينهما وقف امامها وسحب " تولين" خلفه متسائلًا عن وجودها:

- أنتِ بتهببي إيه هنا ومالك ومالها ؟! 


ردت بعصبية مفرطة قائلة:

- هي دي اللي ماشي لي معاها اليومين دول والله طلعت لفوق يا بدران 


ردت " تولين "  بعصبية وهي تخرج من خلف ظهره قائلة:

- مين الحيوانة دي  وازاي تتجرأ وتمد ايدها عليا 


كادت أن تصل إليها لولا وقفه بينهما وهي تتوعد لها بالضرب قائلة بإبتسامة واسعة لإغاظتها:

- أنا يا حبيبتي اللي قعدة في قلبه وأنتِ مجرد واحدة بيقضي معاها يومين ويرجع لي 


يتبع


الفصل الرابع 

========


جذبها من ذراعها وقال :

- بطلي جنانك دا بقى وبعدين ما أنتِ رحتي اتخطبتي واتكتب كتابك وأنا متكلمتش عاوزة إيه بقى اعرفها ولا اعرف غيرها أنتِ مالك ؟! 

- اومال مال مين يا حبيبي إيه دلوقتي شيرين مبقتش تعجب إيه دلوقت شيرين بقت مش ذوقك بصيت بنت الذوات وبقينا مش قد المقام ياسي بدران ؟! 


دفعها تجاه باب الشقة وهو يحذرها قبل أن ينفذ صبره قائلًا:

- امشي بدل ما انادي على خطيبك يلمك 


ضربته في كتفه بغيظٍ شديد 

- بقى خايف على السنيورة اشبع بيها يا بدران بس وحياة أمي ما هخليك تتهنى بيها طول ما أنا عايشة وبكرا تقول شيرين قالت 


جذبها من خصلات شعرها بقوةٍ شديدة وهو يتوعد لها رافعًا إصبع الشهادة نصب عيناها وقال: 

- قسمًا برب العزة إن قربتي منها ولا دوستي لها على طرف ماحد معرفك مقامك غيري 


ختم حديثه بنبرة مغتاظة وهو يلكزها في خدها بأنامله وقال:

- لمي اللي باقي من كرامتك وابعدي عني وسيبني في اللي أنا في اتقفنا .


دفعها على سلالم الدرج بعنف هبطت الدرج 

وهي تتوعد لهما بالإنتقام ورد الصاع صاعين 

كاد أن يلج الشقة لولا وجود " تولين" وبين يدها دلو من الماء المستخة القتها في وجهه وهي تقول :

- متقلقش دي مياه مواعين هتنضفك بردو 


جفف وجهه وهو يتنفس بعمقٍ محاولًا كظم غيظه اوصدت باب الشقة طرق وهو يحدثها من بين أسنانه :

- افتحي الباب بدل ما افتح دماغك 


سندت بكتفها على باب الشقة وقالت بنبرة ساخرة:

- معلش بقى أصل أنا نضفت الشقة خليك هنا لحد الصبح عم مصطفى الزبال هيلم الزبالة كلها مرة واحدة ومتنساش تجيب بنت عمك معاك عشان ياخدكم كلكم طالعة واحدة .


دخل من الباب الخلفي للشقة بينما كانت تتحدث لكنه لم يرد عليها حتى تفاجئت به يقف أمامها وهو يقول :

- بقى أنا افضل على باب الشقة لحد ما عم مصطفى يجي وبترمي عليا مياه مواعين ها ؟!


انتفضت إثر كلماته نظرت له وقالت بقلق 

- لا دي دي مش مياه مواعين صدقني 


تابعت حديثها قبل أن تغادر الردهة

- دي مياه مكان المياه بتاعت البط اللي بتربيه لي في البلكونة مشروعك الجديد 


عادت وقالت بنبرة مغتاظة 

- طول عمري اسمع إن البلكونات دي اتعملت عشان الناس تحط فيها ورد وزرع إلا أنت حاطط لي فيها بط ووز ومحرمني ادخلها بسببهم 


ابتسم لها بسماجة وقال:

- أنا بتاجر في البط بس لسه لما المزرعة بتاعتي تقف على رجليها هبقى اجيب فراخ بلدي ووز 


رفعت سبابتها نصب عيناها وقالت:

- لم مزرعة البط بتاعك دي بدل ما ارميهم لك في الشارع يا بدران أنا بحذرك اهو 


نظر لها وقال بهدوءٍ حد الاستفزاز

- جدعة اعمليها وأنا املا البيت كله بط ووز ورومي وابقي وريني هتعملي إيه مش عجبك سيبي الشقة عادي جدًا 


********


في المساء 


كان جالسًا يستمع لحديث العم شوقي رئيس اللجنة العرفية وهو يتحدث عنه وعن تلك الفتاة التي لم تُكمل عشرة أيام على مجيئها 

بدأت آلسنة الناس تأخذهم حكاياتهم الجديدة

كانت عيناه لاتبرحان وجه العم ومن معه محاولًا فهم ما يريد الوصول إليه، بينما كانت هي تتابع ردة فعله حين قال بعصبية مفرطة وهو يقف عن مقعده:

- أما عجايب والله العظيم يعني من عشر ايام كانت نفس القعدة وكلكم بتقنعوني بإني أنا وهي نقعد في نفس الشقة ودلوقتي جاين بكل برود تقولوا قعادك في نفس الشقة غلط وحرام والحلال إيه إني اسيبها لها البيت وابات في الشارع !!!! 


رد العم شوقي وقال بتفهم لهذه العصبية 

- يا ابني محد قال تبات في الشارع احنا بنقول تبات فوق السطوح في اوضتك اللي فوق وتسيب لهم الشقة ونمشي زي شرع ربنا ما بيقول 


وفي شرع مين اسيب بيتي ودنيتي واعيش فوق السطوح سيبت حقي مرة وقولتوا عيب تقف قصاد عمك ولو ليك حق هتاخده ومن عشر ايام قولتوا عيب ترمي راجل مريض وبنته في الشارع والمفروض كل اللي لي حق ياخده والنهاردا جاين بربطة المعلم وبتقولوا اطلع فوق السطوح وعيش عشان أنت راجل وهي ست والشيطان تالتكم في شرع مين دا ؟! 


أردف "بدران" عبارته الطويلة والغضب يتملكه لقد فاض به حقا، منذ عشرة أيام تقريبًا وهو يرَ بشكلٍ يومي نظراتٍ و همسات هنا وهناك تنم عن الغضب لتواجده مع "تولين" في نفس المكان رد أحد الشباب الذي تقاضى من بن عمها أجرًا لزرع هذه الفتنة وقال بغضبٍ مكتوم متضامًا مع "بدران"

- حق ربنا بيقول يا عم شوقي إن هي اللي تمشي بدران دا اخونا الكبير ومتربي معانا وعرفينه وعرفين أخلاقه لكن عدم لامؤاخذة دي واحدة لسه داخلة علينا جديد منعرفهاش ولا تعرفنا يبقى هي اللي تمشي 


رد صديقه وقال مؤيدًا:

- ايوة صح هي اللي تمشي 


ليرد بعض الحكام متأثرين بكلامهم وقالوا:

- يبقى الأستاذة تطلع فوق بقى 


ردت " تولين" لتعلن عن وجودها أخيرًا وقالت بعصبية لا تختلف عنه:

- اطلع فين وانزل منين ومين ادى لكم الأذن تتكلموا في اللي ملكوش في أصلًا 


رفعت سبابتها نصب أعينهم وقالت بتحذير 

- خروج من الشقة دي أنا مش هخرج واللي مش عجبه الباب يفوت جمل 


عقدت ساعديها أمام صدرها متابعة حديثها قائلة:

- لا بدران والف راجل زيه يقدر يتعرض لي أنا أعرف كويس اوي اوقف كل واحد عند حده اتمنى تلتزموا حدودكم معايا وتعرفوا إنتوا بتتكلموا مع مين 


نظرت له وقالت بنبرة يعلمها جيدًا حين تغضب 

- إن كنت موافق على الكلام دا يبقى اتفضل اطلع من هنا وفورًا عشان أنا مش هطلع لو مين ما كان يكون فكر يخرجني فهمت يا بدران ؟! 


رد " بدران "وقال بعصبية وهو يزيح حامل الشاي لتترشق بعضًا من قطع الزجاج داخل يده 

- أنا مش خارج من هنا فاهمة ولا لا ! عجبك على كدا مش عجبك عندك بدل الحيطة أربعة اخبطي دماغك فيهم 


يبقى تكتب عليها و تفضلوا إنتوا الاتنين في الشقة طالما محدش منكم راضي يسيبها للتاني وبكدا يبقى الناس ملهاش عندكم حاجة وتقطعوا السنة اللي بيتكلم 


قالها العم شوقي وهو يسبح على مسبحته نظر كلايهما له وعلامات الدهشة والذهول يعتريان وجهيهما، سألته " تولين" بتهكم قائلة:

- إيه العته اللي بتقولوا دا ؟! 


نظر لها العم شوقي بعتابٍ ولوم ثم قال:

- كتر خيرك يا بنتي 


تابع بجدية وقال:

- الحل دا آخر حل وصلتونا لي طالما محدش منكم راضي يتنازل 


وقف عن مقعده وتبعه الرجال، نظر لكلايهما وقال بهدوءٍ:

- النهاردا الخميس، الخميس اللي بعده في نفس المعاد يانقول مبروك ليكم على الجواز يا نقول للي رافض الجواز لم هدومك وبالسلامة من غير مطرود 


رد "بدران" بعصبية وهو يقول:

- مطرود مين يا عمنا دا بيتي ومش هخرج منه غير على قبري واللي مش عجبه بالسلامة


تابع حديثه بنبرة تحذيرية وقال :

- وأشوف واحد بيتكلم في حقي ولا حق عم رضوان وبنته


ختم حديثه بوعيد وهو يكور قبضته بقوةً شديدة وقال:

- وربي ما هرحمه ولا هرحم اللي يتشدد له 


نظر له العم شوقي بغضبٍ جم وقال:

- كدا ؟! طب بقى يا بدران 


نظرلها وقال بنفس النبرة:

- وأنتِ كمان اسمعي يا أستاذة تولين، احنا لو وقفنا معاكي ومع ولدك فـ احنا وقفنا عشان احنا ولاد بلد وجدعان، وولاد البلد اللي المفروض بدران منهم مايرضوش بكدا أبدًا والصح إنه كان هو اتحرك من نفسه ومكنش انتظر لما الناس اتكلمت عليكي وعليه 


تابع بإنهاك وقال:

- بس هو راجل والكلام مش هيأثر عليه لكن أنتِ اللي هتتأثري بالكلام 


ختم حديثه وقال:

-معاكم أسبوع من دلوقت ونقعد نفس القعدة دي تاني ونعرف رد كل واحد فيكم كان إيه ولو إنتوا زي ما إنتوا كدا يبقى إنتوا الاتنين هتبقوا برا الشقة دي وبرا الحارة كلها، الحارة طول عمرها نضيفة مش على آخر الزمن يجي شوية عيال زيكم ويوسـ....


كاد "بدران" أن يقبض على تلابيه لكنه ضم أنامله وهو يحذره قبل أن ينفذ صبره 

- لآخر مرة بحذرك متحاولش تستفزني عشان صبري تجاهك قرب ينفد .


خرج العم شوقي وتركهما يفكران في الحل الذي توصل إليه، كلاهما يرفضان هذا لكن التفكير بهدوء بعيدًا عن الضغط لن يضر في شئ ، وقف داخل المطبخ يصنع لنفسه قدحًا من القهوة يحاول ربط الأحداث التي تحدث 

من حوله، كادت أن تلج لكنها تراجعت وهي تقول بجدية

- لما تخلص ابقى ناديني عشان اعمل لبابا الأكل 


كاد أن يسكب القهوة لكنه لم يغلق الموقد في الوقت المناسب تركها وهو يتأفف بضجر، خرج 

وجلس على الأريكة يشاهد التلفاز بشرودٍ تام 


بعد مرور خمس دقائق


تنحنحت وهي تحمل راحتيها قدحًا بدلًا من الذي فشل في صنعه، انتبه لها اعتدل في جلسته تبسمت له وقالت بمرح:

- بدران دي بدل اللي فارت منك بس يارب تعجبك 


نظر لها وعلامة الدهشة تعتري وجهه نظر حوله ثم عاد ببصره لها وقال بتساؤل:

- هو أنتِ كويسة ؟! 


ابتسمت ملء شدقيها وقالت :

- ايوة كويسة 


تابعت بتساؤل :

- إيه هتكسفني ومش هتاخد القهوة ؟! 


تناوله بقلق وهو يقول:

- طب ياستي شكرًا 


جلست مقابلته وهي تقول بجدية:

- بس أنا ليا عندك طلب ممكن 


كاد أن يرتشف من القهوة لكنه ت كه وهو يقول بنبرة ساخرة

- هي الدخلة دي أنا حافظاها كويس، مبتجريش ناعم كدا غير وتجيبي لي مصيبة وراكي انما ترمي لي المصيبة عادي زي باقي الخلق لا ازاي ؟!!

- أنا بتكلم جد على فكرة 

- سترك يا رب خير ؟! 

- إيه رأيك لما يجي يوم الخميس تقولهم إنك رافض الجواز وبكدا تاخد الأوضة اللي فوق وا....


رد مقاطعًا بتساؤل:

-ومترفضيش أنتِ ليه ؟! 


تنهدت بعمق محاولة تحمل ذاك الأحمق 

- أنت ناسي إن بابا طريح فراش وبيحتاج يروح للعلاج الطبيعي يومين في الأسبوع هطلع بقى ازاي وانزل دا تعب عليه دا غير تعب العلاج نفسه واظن أنت بتشوفه اليوم اللي بيروح ويجي بيبقى عامل فيهم ازاي 


احتسى رشفة من القهوة ثم نظر لها وقال :

- لا هو بيتعب بصراحة 

-شفت بقى 


أشار بيده وقال :

-خلاص ارفضي الجوازة وأنا وعمي نقعد ناخد بحس بعض وأنتِ اترمي فوق السطوح 


ردت بنبرة مغتاظة قائلة:

- اترمي !! 


سحبت نفسًا عميق قبل أن ينفذ صبرها وقالت:

-ماهو بابا طول النهار بيحتاجني جنبه وكمان مواعيد الدوا ضروري ياخدها الدقيقة والثانية 

-ابقى اديها له أنا، أنا وهو بقينا صحاب متحاوليش مش هسيب الشقة مش عجبك ارفضيني وسيبي الشقة عادي جدًا 


ردت بنبرة معاتبة وقالت:

- اخس عليك هي دي الشهامة والرجولة 


رد مؤيدًا وقال:

- دا هي دي عين الشهامة والرجولة، دا أنا مأخدتش على قفايا بسبب الشهامة والرجولة اجرب ابقى ند ل مرة يمكن يجيب نتيجة 


وقفت عن مقعدها وهي تتنهد بعمق، طالعته بنظراتٍ تملؤها الغيظ الشديد وهي تقول بتحذير 

- أنت هتندم على رفضك لقرارك دا 

- مش مشكلة مش أول مرة اندم على قرارتي 


كادت أن تذهب لكنه استوقفها وهو يقف عن الأريكة نظر لها وقال باسمًا:

- وعشان أنتِ جدعة وعملتي لي فنجان قهوة أنا مش هرجع مكسورة الخاطر كان في نيتك تاخدي رأي وأنا مش هرجعك زعلانة أبدًا 


ابتسمت ملء شدقيها وهي تتسائل بحماس قائلة: 

- يعني موافق إنك ترفضني وتطلع فوق السطوح ؟! 


رد بنفس الإبتسامة وقال:

- لا

- اومال إيه مش هرجعك زعلانة أبدًا 

- مش أنتِ و أنتِ داخلة عليا بفنحان القهوة ابتسمتي وكنتي عاوزة تعرفي رأي في قهوتك ؟! 

- اه بس دا عـ....


رد "بدران" بإبتسامة واسعة وقال:

- قهوتك زي وشك الاتنين مايتشافوش يا أستاذة تولين والله 


ختم حديثه وهو يغادر الردهة 

- مافيش حاحة هتوديني في داهية غير إني ماشي اجبر بخاطر اللي يسوى ومايساوش 

هيه يلا ربنا يجعلنا من جابرين الخواطر لا 

كسـ ـريها .


يتبع


5&6


الفصل الخامس 

=========


كانت جالسة داخل حجرتها تحاول الوصول لأي حلًا بديل، وقفت عن الأريكة عاقدة ذراعيها خلف ظهرها ثم تعود بهما للأمام مكورة إحدى كفيها ضاربة به الآخر،  نظرت لأبيها وجدته يطالعها في صمتٍ تام اتجهت نحوه متسائلة بنبرة حائرة:

- أنت إيه رأيك يا بابا ؟! 


تابعت وهي تقف عن حافة الفراش قائلة: 

- قول أي حاجة إلا إني اتجوز البتاع اللي برا دا !! 


هزت رأسها علامة الضيق وقالت:

- مجرد التخيل بس ببقى انتـ ـحر، ثم مش الناس اللي هتخليني اتجوز لمجرد تافهات بيقولوا عليها عادات وتقاليد ! 


سحبت نفسًا عميقًا وهي تنظر لوالدها ثم قالت :

- أنا جت لي فكرة كويسة واعتقد إنها هتناسب بدران بردو 


خرجت من غرفتها متجهة حيث غرفة "بدران" ناداته  أكثر من مرة بنبرة خافتة خرج على إثر صوتها حين ارتفع، كان في سباتٍ عميق تئثاب وهو يتسأل بفضول:

- خير في حاجة ؟! 

- لا لا متقلقش تعال بس كلم بابا 

- خير ! 


طرق قبل أن يلج أشارت له بالجلوس ثم أعطت له كأسًا من العصير وهي تقول بإبتسامة واسعة 

- اتفضل لسه فاضل نص ساعة على الفجر 


رد بإبتسامة واسعة وقال:

- استاذة تولين ارمي مصيبتك على طول بلاش طقم الحنية دا ! 

- دي أصول الضيافة يا أستاذ بدران 


تنهدت وهي تتجه نحو والدها وقالت:

- بص أنا فكرت أنا وبابا كويس اوي وقررنا إننا نشتري نصيبك من الشقة  


نظر لوالدها الذي مازال لم يغير تلك النظرة التي تنم عن عدم الرضا، جارها في الحديث وقال:

-وناوية تشتري بكام ؟! 


ردت بإبتسامة واسعة وقالت:

-يعني نقدر نقول اتفقنا بشكل مبدئي ؟! 

-لا دا مجرد سؤال فضول يعني 

-اها، طب مجرد إجابة شوف نصيبك بكام وأنا هدفع لك 

- مليون يناسبك ؟! 


نظرت لوالدها ثم نظرت له وهي تقول بدهشة 

-إذا كان الشقة كلها مجبتش نص الرقم دا أنت نصيبك لوحده ازاي يبقى مليون 


رد ببساطة شديدة وقال:

- والله الموضوع عرض وطلب أنتِ عرضتي وأنا طلبت رقم قادرة عليه ولالا ؟! 


سكت مليًا وهي تتنفس بعمق ثم قالت:

- طب سبني احسبها مع نفسي ويومين وهرد عليك و لو اتفقنا هتسيب الشقة قبل يوم الخميس اتفقنا ؟! 

- مافيش مشكلة اسيبكم أنا 


غادر "بدران" الحجرة تاركًا إياها تفكر مع  والدها بصوتٍ عالِ  وقالت:

- أنا بفكر أروح لصفوت 


اتسعت أعين والدها ما أن وصل لمسامعه اسم بن أخيه  نظرت له في حيرة وقالت :

- مالك يا بابا اتغيرت فجأة ليه كدا لما قلت صفوت ؟!  ماهو ابن عمي وأكيد مش هايسبني مش كدا ؟! عارف لو عمتو كانت في مصر كنت طلبت منها تساعدني 


سألته بنبرة حانية 

- خايف عليا ؟!  متقلقش أنا هبقى كويسة  وابن عمي عمره ما هيأذيني 


تابعت حديثها بمرح 

- هو صحيح كنت بديله على دماغه كل ما بشوفه ومن احنا صغيريين وحتى لما كبرنا بس خلاص بقى كبرنا يا رضوان  


استطردت حديثها بقلق قائلة: 

- أنا بس خايفة يكون لسه في قلبه حاجة ناحيتي  من وقت ما رفضته ! 


قرر والدها أن يغمض عيناه تهربًا من ضغطها في أن يحاول أن يكتب لها ردًا على تساؤلاتها، ليته لم يخبرها بأنها يستطيع الكتابة بيده اليسرى، تعلم أنه يتهرب ولن تضغط عليه كما حذرها الطبيب كي لا تسوء حالته بعد التحسن الذي بدا يزحف نحوه .


*****


في عصر  اليوم التالي 


كانت تقف أمام  والدها داخل الشرفة تربت على كتفه بحنو وحب قائلة: 

- مش هتأخر متقلقش ادعي لي بس أعرف احلها أنا طلبت من بدران يقعد معاك  


تابعت بتحذير واضح بنبرة مرحة

- اوعى تخرج معاه ولا تأكل برا أنت حر يا رضوان أنا بقلك اهو .


كادت أن تذهب لكنها عادت سارت تجاه المطبخ تنحنحت قبل أن تلج وقالت :

- عارفة إن هتقل عليك معلش هو أنا عملت له كل حاجة ساعة مش هتأخر 

- مافيش مشكلة عم رضوان حِمل تقيل ولا حاجة يلا بالسلامة من هنا بقى .


***** 

خرج من المطبخ حاملًا بين يده كوبًا من الحساء الدافئ، جلس على المقعد ثم وضع أمامه الصحن نظر له وقال باسمًا:

- عملت لك شوربة لسان عصفور إنما إيه حكاية تهدأ بس شوية عشان تعرف تأكلها 


تابع بغمزة وهو يقول:

- متقلقش هخرجك الحسين نتسحر هناك 


استطرد بنبرة مغتاظة 

- بس إياك بنتك متقلبهاش ضلمة علينا وتقف لنا فيها زي اللقمة في الزور 


لاحت إبتسامة عريضة ما إن ذكر كلماته المغتاظة عن ابنته،  أشار ببصره تجاه الدفتر 

سأله "بدران" بفضول وقال: 

- عاوز تكتب حاجة ؟! 


أومأ له علامة الإيجاب، التقط الدفتر ثم ناوله وبدأ العم رضوان كتابة جملة غير واضحة بسبب رعشة يده لكنه استطاع فهم ما كتبه بصعوبة بالغة نظر له وقال بتساؤل:

- مالها بنتك تولين ؟! 


كتب كلمة واحدة مختصرة لما يحدث حوله 

( اتجوزها )


نظر  "بدران" للدفتر ثم عاد ببصره. قال بتساؤل:

- اتجوزها ؟! 


أومأ له علامة الموافقة بينما رد عليه بجدية قائلًا: 

- إيه اللي شفته مني يخليك تثق فيا اوي كدا لدرجة إنك تجوزني بنتك إيه هو يا عم رضوان اللي مخليك واثق كدا دا عمي اللي أنا من لحمه ود مه مأمنش إنه يديني بنته مع إني عمري مافكرت أأذيها حتى لما داست عليا سبتها وقلت ربنا يعوضني خير بعيد عنها، أنت بقى مش خايف اتجوزها وارميها بعد كدا ؟! 


ابتسم له وكتب 

( كنت عملتها من زمان) 


رد "بدران" بضيق وقال:

- أنت مش فاهم أنا مش هتكسف لما اقولك كدا بس أنا مش لاقي أأكل نفسي يبقى ازاي هأكلها  


تابع بنبرة حزينة: 

- متزعلش مني بس بنتك من وادي وأنا من وادي تاني خالص أنت نفسك متحملش ووقعت لما مقدرتش توفي طلباتها اللي متعودة عليها مابالك أنا اللي المفروض جوزها أنا لو قلبت مصباح علاء الدين بردو مش هعرف اعيشها في المستوى اللي كانت عايشة في 


استكمل بتذكر وقال:

- أنت ليه متقولش لابن اخوك يتجوزها أنا عرفت إن عندك أخ واللي فهمته انهم نفس المستوى بتاعكم يعني إنتوا الاتنين كبار انما أنا بأكل نفسي بالعافية لامؤاخذة يعني 


كتب العم رضوان 

( مش هتصرف على بنتي أنت  مجرد صورة قدام الناس) 


قرأ "بدران" عبارته وهو يتنفس بضيق ثم قال بضجر 

-  حتى لو زي مابتقول ماهي بردو شرعًا مسؤولة مني 


تابع برجاء وقال

- ياعم رضوان الله يبارك لك شوف لك حد غيري  أنا لما حطيت المليون جنيه حطيته عشان شفت في عينك توسل اني ارفض 


ختم حديثه قائلًا بإقتراح

- اقلك خلي ابن عمها يتجوزها هو اولي بيها مني 


كتب العم رضوان جملته بعصبية تناول "بدران"  قرأ بأعين ذاهلة نظر له وقال بداهشة:

-  اخوك و ابنه  السبب في شللك ؟!  مستحيل !  


تابع بتساؤل وقال:

- ازاي هما السبب ؟! 


نظر له ثم كتب في دفتره برجاء

( بنتي هتضيع مني وأنا مش هعرف اعمل لها حاجة )


ضاق صدره ولأول مرة نظر له وقال:

- و هو أنا كنت عرفت اعمل لنفسي ؟! الله يبارك لك متحملنيش فوق طاقتي أنا هقف معاها كـ أخ لكن زوج وتحط في رقبتي مسؤولية أكبر مني  اعذرني مش هعرف .


بعد مرور أكثر من ساعة  


عادت و على وجهها الحزن الشديد، اتجهت  مباشرةً  حيث غرفتها صفعة الباب خلفها ارتمت بجسدها فوق الفراش  واجهشت بالبكاء

طرقات خفيفة  جعلتها تتوقف فجأة كفكفت دموعها  قامت بفتحه وقالت بعصبية مفرطة 

- نعم في إيه ؟! 


رد "بدران" بتساؤل 

- أنتِ كويسة ؟! 


ردت بعصبية قائلة:

- و أنت مالك ليك إيه عشان تسأل انا كويسة ولالا 


نظر لأبيها وقال بضيق مكتوم

- طب يا رضوان هاسيبك دلوقت وهرجع لك تانـ...


سحبت والدها وقالت بحدة وصرامة 

- امشي اطلع برا وملكش دعوة بي تاني وحسك عينك تقرب له و إلا هطلب لك البوليس  أنت فاهم ولالا 


رد "بدران" وقال بضيق 

- المفروض ارد عليكي بس احترامًا للراجل المريض اللي محتاج يرتاح أنا مش هرد عليكي مع إن والله ماحد مريض غيرك .


جذبته من طرف قميصه لـ يوليها ظهره و دفعته للخارج ثم صفعة باب حجرتها قائلة بعصبية مفرطة 

- امشي برا مش عاوزة أشوف وشك .


**** 

في العاشرة مساءً 


كان نائمًا على الأريكة غلبه النعاس ولم يشعر بحاله لم يتناول أحدًا منهم وجبة الإفطار استقيظ على صوتٍ هادئ يوقظه برفق فتح عيناه ثم ارخها ثانيةً وهو يزفر بضيق ثم استدار بجسده واضعًا يده على أذنيه، لم تتوقف عن مناداته فقرر الرحيل قائلًا بنبرة حادة 

- سا يب لك الدنيا وماشي اياك ترتاحي بعدها 


دخل غرفته ليبدل ملابسه بينما وقفت هي تحدثه من الخارج، فتح الباب وقال بعصبية 

- بقلك إيه أنا متحملك ومتحمل الشوية اللي بتعمليهم كل يوم والتاني دول وبقول معذورة انما قلة أدب  أنا مبحبش زي ما بحترمك تحترميني ودا مش بمزاجك دا غصب عنك 

- أنا آسفة 

- وأنا مش قابل اسفك دا 

- إيه اللي يرضيك طيب ؟! 

- سبيني في حالي ينفع ؟! 

- حاضر هاسيبك بس أنا كنت عاوزة اقلك على حاجة 


تنهد "بدران" وينظر لسقف الردهة وقال:

- استغفر الله العظيم يارب، يارب الصبر من عندك 

-حاجة واحدة وبعدها مش هزعجك تاني والله العظيم 

- خير ؟! عاوزة تزعقي لي تاني ؟! ولا يمكن عاوزة تضربيني المرة دي ؟! 

- أنا بعتذر لك على اللي حصل الصبح والله ما كنت اقصد 


نفذ صبره وهو ينظر لها وقال بضيق 

- أنتِ بترغي كتير ليه ؟! ما تقولي عاوزة إيه خليتي امشي !!


نظرت له ثم سكتت مليًا قبل أن تستجمع شجاعتها وهي تقول بنبرة مختنقة :

- أنا عايزة اتجوزك  


يتبع


الفصل السادس 

¤¤¤¤¤¤¤¤¤


نظر لها وعلامات الدهشة والذهول يعتريان وجهه 

ارتسمت على شفتاه إبتسامة ساخرة من حديثها شاح بوجهه بعيدًا عنها صم عاد ببصره وقال:

- هو أنتِ مجنونة ؟! فيكي حاجةمش طبيعية  بتتعالجي مثلًا ؟!  من شوية طردتيني وقلتي كلام ملوش أي معنى ودلوقتي عاوزاني اتجوزك !!!


نظرت له وقالت بهدوء  وهي تشير بيدها تجاه الشرفة 

- تعال نقعد في الهوا ونتكلم شوية لو سمحت 


هوى بجسده على المقعد المقابل لمقعدها وقال بضيق

- خير في إيه ؟! 

- بص بدون دخول في تفاصيل كتيرة مملة أنت وأنا في غنى عنها حاليًا أنا مش محتاجة منك غير تقبل بعرض عم شوقي واللي هو تتجوزني و..


قاطعها بعصبية وقال 

- تاني هتقول تتجوزني تاني 

- يا سيدي اهدأ واسمعني احنا هنعمل كتب كتاب عشان نسكتهم بس غير كدا هنفضل زي ما احنا عادي 

- غر يبة يعني  دا مكنش كلامك وقتها وبعدين أنتِ مش قلتي إنك هتشتري نصيبي فين بقى ؟! 


بلعت لعابها بغصة وهي تقول 

- حاليًا مش هقدر اعمل كدا بس أنا محتاجة منك تقبل بالعرض و 


وقف عن مقعده وقال بعصبية وهو يلج للردهة

- أنا مش فايق لك سيبني في اللي أنا في الله يبارك لك 


تركها تتابعه بأعين تملؤها الرجاء والتوسل، لم يكترث لهذه النظرات تركها و لم يلتفت خلفه حتى 

أما هي قررت في حلًا بديل وهو الرفض  عل رئيس اللجنة العرفية يضغط عليه بشكلٍ أو بآخر 


بعد مرور شهرًا كامل 


تفاجئت بدعوة من " نوح المحمدي" لم تعرفه  ذهبت لتسأل " بدران" عنه وقال:

- نوح المحمدي دا من ضمن الناس الكبيرة اللي بتحل المشاكل  زي عم شوقي كدا بس في منطقته   بس ملوش دعوة بحد برا المنطقة 

- طب وبعت لنا ليه لما هو ملوش في حل المشاكل بتاعت غيره 

- لا طالما بعت لنا كدا يبقى أكيد عم شوقي وسطه يتدخل في الموضوع 


شردت قليلًا  تفكر في ذاك النوح الذي لم تتقابل معه من قبل انتشلها من بئر شرودها وقال 

- هتعملي إيه هتروحي ؟! 


اه هروح 


قالتها " تولين" بنبرة مقتضبة وهي تغادر الردهة بينما وقف هو متعجبًا من حالها الذي تغير بشكلٍ كبير معه  غادر هو الآخر ليبدل ملابسه حتى يذهب لمقابلة " نوح المحمدي" .


بعد مرور أكثر من ساعة داخل بيت نوح المحمدي 

كانت تستمع فيها بجميع حواسها لهذا وذاك بنظراتٍ متعجبة و الإبتسامة الساخرة تزين ثغرها 


شعرك دا ياختي ولا صناعي ؟!! 


قالتها الجدة ولاء وهي تُمسك بخصلات شعر "تولين"  تأواهت الأخيرة بصوتٍ مسموع وقالت 

- آآآه براحة يا طنط ايوة دا شعري واللهِ


ردت الجدة ولاء وقالت 

- طب ما هي حلوة اهي ماتاخدها يا واد يا يونس و لو مش عجبك يونس خُدي طلال اهو اخوات وولاد عم 


تابعت الجدة قائلة:

- عارفة لو الواد صفوان خالي كنت جوزته لك بس معلش ياختي جيتي متأخر


لطم "يونس" على وجهه وهو يجلس بين العائلة 

بينما ردت "تولين" قائلة بعصبية

- يونس مين وطلا ل إيه أنا عاوزة امشي من هنا من فضلك يا أستاذ نوح 


ردت الجدة ولاء بعفويتها و قالت 

- ياختي قولي له يا عمي إيه أستاذ دي !! 


وقفت "تولين" عن الاريكة وهي تحاول فك يد  الجدة وقالت بغيظٍ مكتوم 

- سيبي شعري دا كدا بعد أذنك يا طنط 

- ياخاي إيه طنط اللي مسكهالي دي قولي لي يا ستي زي العيال 

- تمام ممكن امشي بقى !! 


رد " نوح" وقال بعتذار 

- معلش يابنتي هي زي جدتك هي دايما كدا تحب تهزر تعالي خلينا نكمل كلامنا 

- مافيش مشكلة هي cute اوي بجد بس أنا مضطرة امشي اتأخرت على بابا 


جذبت الجدة ولاء طلال وقالت بخفوت 

- هي إية الكلمة اللي قالتها دي واد ؟! 


رد هامسًا بإبتسامة خفيفة

- يعني لطيفة يعني أنتِ عسلية يعني يا لولو 

- إن شاء الله يجبر بخاطرك يا بنتي 


تابعت بجدية قائلة

- بس بردو لازم تسمعي كلام عمك نوح هو شايف الصح 


ردت تولين بعصبية وقالت

- انهي صح دا لو سمحت ؟! إني اتجوز لمجرد إني امنع كلام الناس عني !! ما يهمنيش الناس ولا بلتفت ليها من الأساس


تابعت وهي تشير بسبابتها تجاه بدران وقالت 

- وبعدين اتجوز مين دا  اللي سابني في الشارع يومين وهو نايم عادي ولا على باله ؟! 


رد "بدران" وقال بتساؤل 

- هو أنتِ ليه محسساني إنك م اتي ومسؤولةمني عشان كدا زعلانة انك مرمية في الشارع طب ما هو عمك رماكي ومحدش عبرك من يومها ومعملتيش نص اللي بتعملي دا يبقى تركني على جنب بشعرك دا لحد ما نشوف حل للمصيبة دي 


ردت بنبرة حادة قائلة

- الزم حدك معايا و إياك تتكلم معايا بالنبرة دي و اعرف كويس بتكلم مين ثم انا بتكلم في نقطة معينة متلفش وتدور على حاجة تانية غيرها مفهوم ولالا 


ردت الجدة بعصبية وقالت

- لما درفة الباب اللي واقف قصادك دا مش عارف ياخد معاكي حق و لا باطل اومال لو جوزتك يونس الغلبان هتعملي في إيه لا خُدي طلال غجـ ـري ويعرف يسد معاكي 


تنهدت تولين بعصبية وقالت دون قصد

- ممكن تسكتي شوية عشان أنا صدعت منك 


وقف طلال عن الأريكة وقالت بنبر غاضبة 

- لا بقلك إيه احنا مش هنحايل وندادي في واحدة قليلة الأدب زيك طايحة في الكبير قبل الصغير مش عجبك كلامنا ولا حكمنا روحي اضربي راسك في أقرب حيطة وكلمة تانية مع ستي هعرفك مقامك أنتِ فاهمة ولالا 


انتفضت إثر نبرته المرتفعة تتدخل على الفور "بدران" وهو يقول بنبرة لا تقل عن نبرته 

- ما تيجي تديها قلمين بالمرة يا مستر ؟! 


نظر له وقال بحدة 

- اديها وادي اللي يتشددلها كمان طالما هي عاوزة تتربى 


خرجت من خلف ظهر "بدران"و قالت 

- أنت قليل الادب وعاوز تتربى مش أنا 


كاد أن يقترب منها لكنها عادت تحتمي بظهر "بدران " الذي قال بهدوء مريب 

- عشان بس مايقولوش ضرب الناس في بيوتها ويغلطوني ياريت نلم الدور وكلا مكم معايا مش معاها 


طب ما تلمها أنت يا زميلي بدل ما هي طايحة في الكل كدا 


قالها "صفوان" وهو يقف مقابلته باعدًا أخيه من أمام " بدران" نظر له وقال 

- بيقلك الست طالما نزلت الشارع واتخانقت مع راجل تبقى راجل زيه يعني يجوز ليها الضرب لما تقل أدبها 


خرجت "تولين" من خلف بدران وقالت بتحدٍ 

- أنا محدش يقدر يمد ايده عليا يا أستاذ 


نظر لها لكنها عادت للوراء تحتمي به  ابتسم وقال بسخرية 

- لا ما هو واضح 


ردت تولين وقالت 

- بص بقى يا اسمك ايه أنت أنا مش عاوزة اكلمك عشان انا بحترم الناس اللي قاعدة دي بس إنتوا مصممين تطلعوا الست الشرسة اللي جوايا 


رد نوح أخيرًا و قال 

- ماشاء الله عليكم كلكم حاجة تشرح القلب فعلا إنتوا شباب المستقبل اللي بيتميز بالعقل والحكمة  ممكن تقعدوا عشان نحل المو ضوع ونعرف هترسوا على إيه ؟! 

- احنا خلاص يا أستاذ نوح رسينا 

- طب كويس ع ايه بقى ؟! 

- انا مش هتجوز اللي اسمه بدران دا و هو الراجل يعني هو المفروض يمشي من الشقة 

- و أنت يا بدران رأيك إيه في كلامها 


رد وقال وهو يخرجها من خلف ظهره و قال 

- انا مش ماشي و دي شقتي و اللي مضايق يمشي هو أنا عن نفسي مش مضايق و ومزاجي عال العال 


ردت الجدة ولاء قائلة

- و تتضايق ليه و عندك في الشقة واحدة زي البدر ليلة تمامه لابسة على الموضة ايشي المقطع و المقور وفردة شعرها على ضهرها 

شيـ ـطان  إيه دا اللي يزور مكان في كل الحرام هايعمل إيه تاني لا هو يدخل مكان لسه متفسدش زي بيتي كدهون  


ختمت حديثها قائلة بعتذار 

- معلش لامؤاخذة في كلامي لو هايزعل حد بس دخلتكم هنا عندي مش حلوة انا عندي بنت اخاف عليها 


لم تتحمل تولين عبارة  الجدة نظرت وقالت بحدة وهي تشير تجاه سيدرا 

- هي دي البنت اللي بتخافي عليها ؟! مش دي اللي كانت قعدة مع ابن عمها في اوضة واحدة من اول ما دخلنا ولسه خارجة تعرفي حصل ايه بنهم جوا ؟! 


رد يونس بعصبية وقال 

- أنتِ هبلة ولا إيه؟! إيه الكلام اللي بتقولي دا ؟! دي بنت عمي 

- و ايهريعني بنت عمك بنت عمك دي ماينفعش تتجوزها مثلا ؟! 


نظرت للجميع وقالت 

- قبل ما تحاسبوا الناس وتنصبوا نفسكم محكمة روحوا صلحوا عيوبكم الأول 


ختمت حديثها قائلة

أنا بقالي شهر عايش مع بدران وفي الشهر دا بدران مفكرش حتى يضايقني بكلمة بالعكس كان راجل معايا جدًا أنا لو هفضل اسمع لكلام الناس اللي إنتوا عينة منها يبقى عمريدما هتقدم في حياتي ما ضاع حق وراه مطالب 

حقي في الشقة مش هسيبه و جوازي من بدران مش هايحصل والناس اتكلمت يوم شهر سنة مسيرها تسكت وتفهم إن البنت المحترمة ولو اتعرضت لإيه مش هتتأثر 


نظرت لـ بدران وقالت 

- هاتيجي معايا ولا هتفضل هنا ؟! 

- لا جاي معاكي 


في الحارة 


مش لو كنا حلينا المشكلة بينا مكناش سمعنا كلمتين ملهمش لازمة زي دول ؟! 


قالتها تولين هي تقف أمامه  و نير ان الغيظ و الغضب تتملكان منها بينما رد هو وقال 

- اعملك إيه الناس غلبت فيكي ومحدش قادر عليكي قوية ومفترية 

- يا سلام ما أنا عرضت عليك نتجوز وأنت رفضت 

اتجوز مين هو أنا لا قي أكل عشان اتجوز  وعشان


تابع بجدية وقال باسمًا 

- بس عاوزة الحق عجبتيني ظبطتيهم كلهم   كدا ليكي عندي مفاجأة

- إيه هي  ؟!  

- هوريكي آخر الاختراعات اللي لاقتها في الشقة 


ردت بحماس وقالت 

- لقيت إيه ؟! 

- مش كنتي بتدوري على حاجة تخلي الطماطم ناعمة 

- اه 

- لاقيت لك مبشرة انما إيه حكاية 

- يعني إيه مبشرة !!

- دا جهاز كدا بتمشي عليه الطماطم  وفي ثواني هتلاقي ناعمة وبقت حكاية 


سارت بجانبه وهي تستمع لحديثه سألته بحماس وقالت:

- طب ينفع اعمل في البصل عشان بيخليني اعيط كتير ؟! 


ابتسم وقال

- طبعًا دا البصل بالذات هيخلي تعيطي بشكل مش ممكن 

- هو كمان مش بيمنع الدموع ؟! 

- لا دا  مش دموع البصل دي دموع الفرحة ىلا ياستي بشاركك اختراعاتي على الله بس ندوق حاجة من الأكل بتاعك غير شوربة الخضار اللي ماعندكيش غيرها دي 


ردت بنبرة متعجبة

- دي مش شوربة خضار دي لوبيا بيضة 

- بس دي لونها أخضر 

- تبقى لوبيا خضرا 


يتبع 


مشهد عيلة المحمدي مجرد ضيوف شرفة ومش عارفة هيظهروا تاني ولالا. ع حسب  الاحداث  عشان كدا محدش يتظرهم باستمرار في باقي الفصول .

تكملة الرواية من هناااااااا 


تعليقات

التنقل السريع