القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عودة بدران المر الفصل السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر بقلم هدى زايد

 رواية عودة بدران المر الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر  والثاني عشر بقلم هدى زايد 





رواية عودة بدران المر الفصل السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر بقلم هدى زايد 



الفصل السابع 

¤¤¤¤¤¤¤¤


في صباح يوم الخميس المنتظر بالنسبة لها كانت في كامل زينتها استعدادًا لأولى ضر...باتها مع عائلتها احتست قهوتها في صمتٍ تام بينما كان والدها يطالعها دون أن يحدثها كسابق عهده يعلم جيدًا ما تنوي فعله لن ترأف بعائلة العفيفي كمان توعدت لهم .


نظرت لوالدها الجالس على مقعده المتحرك احتوت  ظهر يده بيدها الرقيقة،  ابتسمت له و هي تقول بنبرتها الرقيقة 

- متقلقش أنا هرجع لك تاني 


كتب لها جملة صغيرة قرأتها بعيناها ثم نظرت له وقالت 

- مش هاينفع اخدك معايا خليك هنا، هنا أأمن مكان ليك و كمان هبقى مطمنة عليك 


وقفت عن مقعدها متجهة حيث غرفتها مالت بجذعها قليلًا لتلتقط سلاحها الناري المرخص تنهدت و على ثغرها إبتسامة خفيفة 

- النهاردا هقفل صفحتك يا صفوت و للأبد 


دسته داخل حقيبتها الجلدية قبل أن تغادر الغرفة 

خرجت لتجد "بدران" واقفًا أمام الموقد يصنع قهوته نظرت له وقالت بنبرة جادة 

-دي ورقة فيها كل مواعيد علاج بابا و دي الاصناف البي بياكلها 


تناول منها الورقة و هو يعقد ما بين حاجبيه وقال :

- هو أنتِ مش راجعة تاني و لا إيه ؟! 


نظرت لأبيها ثم عادت ببصرها وقالت بجدية متجاهلة سؤاله 

- من دلوقتي و لحد الساعة عشرة بليل مظهرتش هتتصل بـ ميرڤت و هي هتاخد منك بابا 

- و أنتِ  ؟! 


تجاهلت سؤاله للمرة الثانية و قالت 

- مبروك عليك الشقة مقدمًا 


خرجت أخيرًا من المنزل تخت أنظار أبيها و بدران

على من يقينها من عدم عودتها إلا انها كانت تتمنى عكس ذلك،   كتب والدها عبارة لـه نظر له وقال بتساؤل

- ليه ؟! 


كتب له عبارة أخرى  فـ أومأ له بدران علامة الإيجاب و هو يقف عن مقعده وقال: 

- حاضر اديني خمس دقايق واكون جاهز 


في المساء 


داخل قاعة يُقام فيها حفل زفاف اسطوري، الباب مغلق  و العريس واقفًا في انتظار عروسه التي تملك كل شئ من مقاومات الجمال و المال و المنصاب على النقيض تمامًا لابنة عمه تلك المغرورة المتعالية دائمًا عليه،  اختفت الإبتسامة تدريجيًا و هو يرَ بأم عينه دخول "تولين" وفي المقدمة والدها جالسًا على مقعده المتحرك 

كانت في ابهى زينتها، ارتدت ثوبها الأبيض الذي أمرت بتصميمه كل ما يحدث الآن كان من اختيارها هي و ليس عروسه ابنة رجل الأعمال الشهير تجمعت الصحافة و الإعلام أمامهم، الإبتسامة كادت أن تصل لأذنيها، نظرت لأحد منظمي الحفل  فـ اعطها الميكروفون، تنهدت وهي تقول : 

- مسأء الخير عليكم جميعًا طبعًا كلك جيتوا تحضروا فرح صفوت العفيفي ابن رجل الاعمال الكبير معتز العفيفي 


تابعت وهي تضع يدها كتف أبيها وقالت:

- و اخو الراجل الطيب دا رضوان العفيفي اللي وثق في وحط كل ما يملك  بين ايده وقال ابن اخويا ومش هيأذني لكن للأسف ما بتجيش

الطـ ـنعة غير من أقرب الناس ليك، كل حاجة حوليكم حاليا من اختياري أنا قعدت ست شهور كاملين اختار دا و اعمل دا  حتى الفستان اللي لابسته كان من اختياري و يقوم ابن عمي المبجل يحب يقهر ني ويختار عروسة رقيقة جميلة قلبها نقي  و الحقيقة أنا مش عارفة اشكرها ازاي على وقوفها جنبي و انها قدرت تكمل طول الشهر اللي فات عشان تخليني ارد جزء من حقي   احب اوضح لكن يا سادة إن البيه من أكبر النصا بين في الشرق الاوسط  قدر وببراعة  يضحك على بنت عمه اللي من لحمه و د مه  قدر يضحك علي عمه نفسه  ويضارب بفلوسه و شقى السنين كلها في البورصة أو دا اللي قاله وقتها 


بدأ يحدث في  القاعة  حالة من الهرج والمرج سار تجاهها لينزع منها الميكروفون لكنها ابتعدت وقالت بتحذير واضح وصريح 

- اصبر عليا يا صفوت بيه احنا لسه في بداية السهرة اصبر لما أعرف الناس كلها إنك رمين عمك المريض و بنته في الشارع و رمتنا مع واحد غريب   منعرفوش ولا يعرفنا 


بلعت غصتها و قالت 

- اصبر لما الناس تعرف إن بنت عمك اتحايلت على واحد غريب يتجوزخا لمجرد إنها متطردش من البيت اصبر لما الناس تعرف كم الظلم و القـ ـهر اللي اتعرضت له طول الشهر اللي فات 


رفعت ذقنها بشموخ وقالت بنبرة آمرة للحراس 

الخاص بـ بن عمها 

- ارموا الكـ لب دا برا 


ذهب الحرس حيث عمها قبضوا عليه بيدٍ من حديد حاول التملص منهم لكنه فشل، تابعت وهي تشير بيدها تجاه بن عمها وقالت:

- أنت لسه حسابك معايا أنا يا صفوت بيه 


بدأ المدعوين يغادرون المكان لكنها استوقفتهم قائلة:

- لا لا رايحين فين احنا لسه مبدأناش الحفلة  اصبروا  اصبروا لما تشوفوا ابن عمي وهو بيتفق مع ناس بلطجية عشان يتكلموا عني و عن بدران المُر  طبعًا كلكم بتسألوا مين هو بدران المُر مش كدا ؟! دا شريكي في الشقة حكايتنا لسه مطولة شوية بس خلينا نرجع لموضوعنا حاليًا وهو صفوت العفيفي  اللي رمى بنت عمه 


سار تجاهها و قبض على يدها بقوةً ساحبًا إياها خلفه كالبهائم أشار بيده  تجاه عمه و قال 

- مايشوفش النور تاني 


ثم نظر لها وقال 

-اما أنتِ حسابك معايا بعدين يا حلوة 

- خلاص يا صفوت مبقاش يهمني و صدقني هتندم ندم عمرك على كل حركة عملتها مع بابا أنا خلاص مبقاش ليا حاجة اخاف عليها 

- ليه هو رضوان مش فارق لك و لا إيه ؟! 


ابتسمت له وقالت بتحدٍ

-هو عندك اهو ووريني هتعمله إيه ؟! 


ابتسم لها وقال وهو يقبض على أسفل  ذقنها برفق 

- لا يا حلوة عمايلي هتبقى غيرك خالص 


جرها خلفه  مجبرًا إياها على السير خلفه  وصل أخيرًا إلى إحدى الغرف  ولجها بنفس الخطوات الثابتة الواثقة،  القى بها على الفراش وهو يقول 

- اوعي تكوني فاهمة إن الهبل ولعب العيال الصغيرة دا هيعمل الضجة المنتظرها


ابتسم وهو يقول بنبرته الساخرة

- لا يا روحي فوقي واعرفي أنتِ بتتعاملي مع مين دا أنا صفوت العفيفي فاهمة يعني إيه صفوت العفيفي 


ختم حديثه قائلًا:

- حالًا هخليكي عروسة  زي ما ماخططتي 


وقفت عن حافة الفراش وقالت بقلق داخلي لكنها تظاهرت بالعكس تمامًا 


- أنت بتحلم يا صفوت و لو كنت فاهم إن بتهز ولا بخاف من كلامك والشويتين بتوعك دول تبقى أنت فعلًا اللي بتحلم  و عمومًا عشان نقصر المسافات على بعض أنا هخرج من هنا بالذوق بدل ما اصعد الموضوع لفوق فوق يا صفوت و أنت عارف أنا اقصد مين كويس اوي و وقتها أنت نفسك هتبقى ورا الشمس 


تابعت بإبتسامة جانبية وقالت:

- خطبتك قصدي اللي كانت خطيبتك عندها علم بكل حاجة وقلت لها لو اتأخرت دقيقة واحدة يبقى تعمل اللي المفروض يتعمل 


ختمت حديثها قائلة:

- يعني من مصلحتك إني اخرج من هنا و حالًا


دفعته في صدره وهي تتجه بثوبها الأبيض تجاه باب الغرفة، فتحت الباب وقبل أن تغادر نظرت له و قالت بنبرة آمرة

- اعمل حسابك إن من بكرا الصبح هكون موجودة مكتب رئيس مجلس الإدرة بدير شغلي 


صفعت الباب خلفها و هي تتنفس الصعداء لقد انقطعت أنفاسها داخل الحجرة حقا، ظنت أنه يسيطر على كل شئ لكن العجيب أنه ترك لها زمام الأمور،  هل لدهشته أم لتهديداتها التي أتت على بالها بمحض الصدفة و لا تعرف عن الرجل الذي تحدثت عنه شيئًا، اليوم الصدفة خدمتها أكثر من مرة، انقذها أبيها قبل أن

تقــ ـتله و الآن مجرد تهديد قالته عن رجلًا غامض لا تعرفه أنقذها أيضًا و ماذا عن الأيام القادمة ؟! حسنا سوف تتولى أمرها كالعادة.


******

عادت لشقتها برفقة أبيها بعد أن ظنت أنها لن تعود ثانيةً بدلت ثيابها و جلست تنظر لأبيها 

تجمعت الدموع في عيناها لاحت إبتسامة جانبية على ثغره المنفرج قليلًا،  القت برأسها على فخذيه و كانت هذه هي اللحظة المناسبة لإنهـ ـيارها و افراغ كل طاقتها السلبية في البكاء  اجهشت بالبكاء تبعها صرخات مكتومة وهي تضغط على فخذ أبيه دون قصد .


وصل صوت نحيبها وشهقاتها لمسامع "بدران"

تمتم بشفقةً وعطف 

- لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يهونها عليكم 


اتجه بعد ذلك لشرفته يلملم جميع متعلقاته منها ثم صعد إلى سطح البناية و بدأ يرتب 

الأشياء حسب حاجتها،  انشغل طيلة الليل 

في بناء الغرفة الجديدة للطيور التي زاد عددها عن المتوقع بالنسبة له .


********

أنت مين ؟! 


قالتها"سالي" عمة "تولين"  وهي تنزع عن عيناها نظارتها الشمسية، بينما طالعها "بدران"

بنظراته المتعجبة ليجدها امرأة تجاوزت الخمسة و الخمسون ولكن مظهرها يعكس ذلك  فهي في هذه الهيئة فتاة لم تكمل ثلاثينة 

انتشلته من نظراته و دهشته قائلة:

- مش دي شقة تولين العفيفي 


رد مصححًا بجدية

- تولين العفيفي وشريكها بدران المُر يا خالتي مين حضرتك ؟! 


قاطعته بإشمئزاز وقالت: 

- إيه دا خالتي إيه ! 

- أنتِ عاوزة مين  يا عمتي ؟ 

- بس بس إيه خالتك وعمتك دي 

- اقولك إيه ياحجة ولا إيه مش فاهم ؟! 

- قل يا سالي هانم، و يلا اجري نادي لي تولين  


دخل وهو يقول بنبرة مغتاظة 

- يارب ياما نفسي أشوف حد في العيلة دي لسانه عدل و محترم 


بعد مرور عدة دقائق 


كانت تجلس مع أخيها و ابنته تتحدثان معهما عن ما حدث منذ عدة أيام،  ابتسمت لها تولين وقالت بتساؤل

- بس يا عمتو أنا ملاحظة إنك نزلتي اهو رغم انشغالك بالمشاريع عشان تحلي المشكلة اللي بيني وبين صفوت مع إنك قلتي إنك مش فاضية نهائي  للكلام دا 


ردت عمتها بتلعثم و قالت:

- أنا استغليت إني عندي شغل في مصر وجيت لك يعني مش مخصوص بردو 


ابتسمت تولين و قالت بثقة و غرور 

- أنا كلامي انتهى خلاص يا عمتو و زي ما قلت قبل كدا أنا اللي هتولى إدارة المجموعة شاء من شاء و أبى من أبى 


وقفت  عمتها وقالت بحدة

- أنتِ بتتحدينا يا بنت ؟! عارفة يعني إيه تقفي قدام أهلك ؟! 

- اه عارفة و عارفة كمان إن رضوان العفيفي خلف بنت اه بس بمليون راجل 

- بقيتي بيئة اوي يا تولي 


نظرت لأخيها وقالت 

- عجبك اللي بتعمله بنتك دا يا رضوان ؟! 


ردت تولين بالنيابة عن أبيها وقالت

- ايوة عجبه و ياريت تبلغي عمي و ابنه بإني خلاص فُقت لهم وراجعة اخد حقي 


*********

بعد مرور يومين 


يعني إيه رئيس مجلس الإدارة يرفض صفقة زي دي هو بيهرج صفوت ؟!!


قالتها " سالي" و هي تقف من خلف مكتبها بهرجلة 

اندفعت بجسدها تجاه الباب سارت بخطواتها الواسعة و السريعة حيث مكتب رئيس مجلس الإدارة فتحت الباب دون أذن وقالت بعصبية 

- أنت ازاي يا صفوت ترفض الصفقة دي أنت مش عارف هي مهمة قد إيه بالنسبة للشركة ؟! 


كان يوالي لها ظهره حين أردفت عباراتها استدار لها وقال بهدوء

- أنا اللي رفضت الصفقة مش صفوت 

- أنت مين 

- هو أنتِ بتنسي كتير ليه ياخالتي 

- ماتقوليش خالتي دي بتعصبني و بعدين أنت قاعد هنا بصفتك إيه ؟! 


وقف من خلف مكتبه وهو يغلق أزرار حلته السوداء  ابتسم لها و قال بثقة 

- بدران أحمد المرعي وشهرته بدران المُر عاطل عن العمل سابقًا و رئيس مجلس الإدارة حاليا و املك 55% من أسهم الشركة  والقرار اخدته بعد اجتماع مع باقي الشركاه ووصلنا لقرار وهو رفض الصفقة  عندك مانع يا خالتي ؟! 


اندفعت بجسدها تجاه باب المكتب ولجت دون أن تطرقه ظنت أن الذي رفض الصفقة بن عمها بصفته رئيس مجلس الإدارة هدرت بصوتها وقالت:

- أنت ازاي ياصفوت ترفض صـ... 


توقفت من تلقاء نفسها و هي تتسائل بدهشة قائلة:

- إيه دا بدران بتعمل إيه هنا ؟! 


ردت عمتها بالنيابة عنه ساخرة 

- البيه بيقول إن رئيس مجلس إدارة و إنه يملك 55% من اسهم الشركة 

- أنت بتهزر صح مين دا اللي يملك 55% من أسهم الشركة. دا مش لا قي يأكل ثم إن أصلًا 

الاسهم دي حصة بابا في الشركة 


ابتسم لهما و قال 

- عمي رضوان تنازل عنهم في الشهر العقاري و تقدروا تتأكدوا من كلامي دا من الأستاذ رأفت منصور المحامي 


تركتهما عمتها لتتأكد من تلك المصائب التي وقعت على رأسهم العائلة، أما تولين فـ كانت لا تصدق ما قاله حتى الآن نظرت له وقالت

- إن كنت بتهزر فـ برافو عليك هزرت وأنا صدقتك و إن كنت بتكلم جد تبقى مصيبة دا أنا مش عارفة اخلص منك من حتة شقة تقوم جاي لي الشركة ؟! 


قاطعها بنبرة آمرة و قال

- شششش على المطبخ يلا 


يتبع 


الفصل الثامن 

¤¤¤¤¤¤¤¤


خرجت " تولين" من حجرة مكتبه متجهة حيث المحامِ الخاص بالشركة وكاتم أسرار أبيها، اندفعت 

دون أذن و قالت بنبرة حادة

- أنا عاوزة أعرف ازاي اللي اسمه بدران دا يبقى هو رئيس مجلس الإدارة ؟! 

-  ممكن حضرتك تهدي عشان تعرفي كل حاجة 

-  متقوليش اهدي أنا هادية خالص اهو اتفضل احكي  


وقف المحامِ من خلف مكتبه  وهو يجذب ملف صغير وضعه أمامها وقال 

- دا ملف  الوحيد اللي محاولش رضوان بيه يقرب منه 

- ملف إيه دا ؟! 

- حصته من الشركة بتاعت جدك محمد العفيفي الله يرحمه واللي كان صفوت  بيسعى بكل قوته إنه يخلي يتنازل عنها وإنه هيضارب بيها في البورصة بس كان والدك  رافض وقال إن دي  آخر حاجة فاضلة من ميراثه من جدك الله يرحمه  وإنه مأمنه مايفرطش فيها مهما حصل ، بعدها بشهرين صفوت ابن عمك جه وقال  لـ رضوان بيه إن الفلوس كلها راحت وخسروا كل مليم حطوا في البورصة 


ردت " تولين " باهتمام وقالت:

- ودا حقيقي ؟! 

- لا طبعًا مش حقيقي صفوت ابن عمك مش ساذج للدرجة دي 

- قصدك إن بابا اللي ساذج !! 

- أنا آسفة مش قصدي بس اللي اقصده إن والدك كان مدي له الأمان اوي  وطبعًا متحملش اللي حصل ودخل في غيوبة ولما فاق منها فقد القدرة على النطق 


ردت بحزنٍ وشفقة قائلة:

- وبعدين ؟! 

- صفوت ابن عمك حاول يضغط عليه عشان يتنازل عن ميراثه بحجة إنه يديره بس رضوان بيه رفض و فضل مفهم الكل إنه لا بيعرف يكتب ولا يضغط على القلم بسبب الشلل اللي اصابه في ايده  وهنا صفوت ابن عمك قرر يمنع عنكم الأرباح بحجة الأزمة اللي اتعرضت لها الشركة في الفترة الأخيرة بس في الحقيقة 


تابعت " تولين"  مكانه وقالت:

- إنه بيضغط على بابا عشان يتنازل عن آخر شئ يملكه مش كدا ؟! 

- بالظبط، بعدها  راح الشقة اللي حضرتك ساكنة فيها حاليًا  وأنا كنت هنا عين لي بتنقل كل تحركات صفوت لحد ما اكتشفت إن صفوت ناوي يرفع قضية حجر على رضوان بيه 


ردت " تولين " بنبرة ذاهلة وقالت:

- أنت بتقول أيه ؟! 

- زي ما حضرتك سمعتي كدا بالظبط للأسف يا أستاذة تولين صفوت بيه كان بيحاول بكل جهده  يحصل على كل ما يمتلكه والدك  وعشان كدا قرر يكتب الجزء دا بإسم بدران المُر 


ردت تولين بنبرة مغتاظة لتذكرها ماحدث وقالت:

- أنا بردو مش فاهمة ليه مكتبوش بإسمي أنا ؟! 

- حضرتك بنت وآسف في اللي هقوله خبرة في الدنيا قليلة و مش هتعرفي تسدي قصاد صفوت بيه 


ردت تولين بنبرة ساخرة وقالت:

- وبدران هو اللي هيعرف يسد؟! بدران اللي ساب حقه لعمه عادي كدا !! 


رد المحامِ وقال بهدوء 

- تعرفي ليه اسمه بدران المُر مع إن دا مش اسم عيلته ؟! 

- لا، وما يهمنيش اعرف بصراحة 

-  بدران المرعي  أو خلينا نقول بدران المرعي سابقًا و المُر حاليًا واحد من أهم المزاورين في البلد  إن مكنش رئيسهم 


ردت بنبرة ساخرة وقالت:

- و المفرو كدا اطمن وارتاح  ؟! دا كدا أنت بتخوفني على مالي أكتر

- متقلقيش دي كانت قضية خسرانة حاولوا الناس تلفقها له وطلع منها 


سألته بفضول لا تعرف من أين أتت به وقالت:

- ناس مين ؟! 


أجابها باسما وقال:

- عمه 

- وعمه يعمل كدا ليه ؟! 

- لا دا عمه دا حكايته حكاية ابقى احكي لها بعدين  المهم دلوقت  تطمني وتعرفي إن رضوان بيه مبيعملش حاجة غلط ووجود بدران هنا في الوقت دا تحديدًا هو أهم حاجة عملها والدك في الفترة الأخيرة  


تنهدت بعمق وقالت بتساؤل:

- طب وأنا إيه اللي يضمن لي إن بدران مايطمعش في نصيبنا وياخده لنفسه ؟! 


أشار بسبابته وقال:

- اقرا  اللي قصادك دا يسجن بدران بكرا الصبح لو لعب بديله 

- اقرار  إيه دا ؟! 

- دا  اقرار مضى عليه بدران من غير ما ياخد باله من ضمن الورق اللي مضى عليه والاقرار دا بيقول إن هو المسؤول الوحيد عن أي صفقة مشبوهة تمت خلال الفترة اللي هو مسكها 


ردت" تولين "  بدهشة وقالت:

- و هو ازاي يمضي على حاجة زي كدا ؟! 

- ماهو أنا قلت لك مكنش واخد باله ودي كانت ورقة من ضمن ورق كتير اوي مضى عليه 

- بابا عارف الكلام دا ؟! 

- الحقيقية لا لأنه لو عرف مكنش وافق وعشان كدا الورقة أنا محتفظ بيها في مكتبي ومبخرجها مهما حصل لأنها لو وقعت في ايد حد بدران ممكن يتسـ ـجن فيها .


*********

بعد مرور يومان 


كان صفوت يعمل في صمتٍ تام متظاهرًا بتقبل قرار عمه، أما " تولين" فقد هدأت لتوهم الجميع أن الأمر بالنسبة لها لا يعنيها وأن هذه رغبة أبيها فلا داعي للتعصب والتعنت الشديد، مازالت تمكوث في الشقة مع " بدران" لعدم توافر المال في الوقت الحالي لشراء شقة جديدة،  عادت للحارة بعد أن قضت معظم وقتها في جلسة العلاج الطبيعي 

مع والدها،  تشاجرت مع سائق سيارة الأجرة كعادتها ثم قام بطردها ونست حقيبتها الحلدية وكل متعلقاتها داخل السيارة،  كانت تمشي في الشوارع الجانبية ولأنها متشابه حد التطابق ضاعت بينهما،  تعب والدها وبكى من فرط الآلمه ربتت على ظهر يده وقالت برجاء

- وحياتي يا بابا بلاش تعيط أنا أنا مش عارفة اعمل إيه أنا تُهت ومش عارف ارجع ازاي معلش عشان خاطري اتحمل شوية 


نظرت بعيناها لتجد مقهى صغيرة على ما يبدو أنها أتت هنا من قبل الحارة مألوفة بالنسبة لها 

هرعت تجاه المقهى وقالت:

- من فضلك متعرفش اوصل ازاي لبدران 


طالعها النادل من رأسها حتى اخمص قدميها وقال:

- بدران مين يا ست ؟! 

- اسمه بدران المُر  أنا عاوزة اوصل للحارة بتاعته أو حتى اكلمه في التليفون 


نظر النادل لأحد الجالسين وقال:

- عباس معاك رقم بدران المُر ؟! 

- لا والله 


رد أحدهم  وقال:

- معايا أنا  خد الرقم اهو 


و ما هي إلا لحظاتٍ ووضع النادل هاتفه بين يدها لتلتقطه منه و هي تقول بنبرة متحشرجة 

الحقني يا بدران أنا تايهة ومش عارفة أنا فين 

لا السواق نزلني وقال  إن المسافة قريبة وانا دخلت من شوارع مش عارفة أنا فين ونسيت شنطتي في التاكسي 


قالتها تولين من بين دموعها المنهمرة وهي تسرد له ما حدث لها ولأبيها  تابعت بنبرة متحشرجة وقالت 

- هتيجي بجد ولا بتقول كدا ؟!! 


بدران اوعى تاخد الشقة لوحدك وتستغل تاواهني خلاص مصدقاك بس لو طلعت بتكدب يارب الشقة تو لع بيك 


ضحكت من بين دموعها وقالت 

- طب خلاص تعال لا أنا مش معايا فلوس اطلب حاجة  إيه اديك الجرسون بتاع القهوة حاضر ثواني 


فتح النادل سماعة الهاتف لانشغالهزقي تنظيف المائدة وقال 

- اسمع يا ابني 

- معاك يا ياباشا 

- انا بدران المُر عارفني 

- طبعًا يا كبير اللي ما يعرفك يجهلك اؤمرني 

- تسلم اللي قدامك دول عمي وبنته شوفهم يشربوا وهاتوا وأنا جاي احاسبك خلا واطلب أكل لعمك رضوان عشان بياخد علاج و أي حاجة يحتاجوها هاتها وحسابك عندي 

- عينا يا كبير تؤمر بحاجة تاني ؟! 

- لا شكرًا اديني الاستاذة بقى 


انتظر قليلًا ختى قامت بالرد عليه حدثها وهو يغلق أزرار قميصه وقال:

-  عشر دقايق واكون عندك متقلقيش اكلي ابوكي بس وظبطي هتلاقي راجع من الجلسة هلكان ماشي سلام 


أتاه صوتها وهي تحذره قائلة:

- بدران 

- نعم 

- اوعى تاخد الشقة مني والله ما هسيبك ويارب تووولع بيك لو خدتها 

- تصدقي بالله انا لو جيت لك لاخدها  و اخد ابوكي وارميكي في الشارع عشان لسانك دا روحي يلا اتكلي على الله 


بعد مرور عشر دقائق 


أنت جدع وجيت اهو شكرًا 

العفو 

يلا بقى عشان نمشي 

استني اما احاسب على الطلبات 

ماشي بس هات مفتاح الشقة الاول 

ليه ؟! 

ماهو النسخة بتاعتي ضاعت 

طب خلاص في البيت ابقى اطلع لك نسخة عليها 

لا طلعها دلوقت 

ياستي اصبري لما نروح 

قلت دلوقت روح في محل هناك اهو اعمل عنده 

أنتِ طالعة قوية ومفترية كدا لمين امووت واعرف 

ملكش دعوة بيا وروح اعمل نسخة جديدة يلا 

حاضر 

استنى عندك 

خير !! 

هات اي حاجة ضمان 

ضمان ازاي مش فاهم ؟! 

اضمن بيها انك هترجع مش هتمشي كدا ولا كدا 

ولما هي الثقة رايحة في داهية بنا كدا بتكلميني  ليه ؟! ها بتكلميني ليه !!!


هات تليفونك خلي معايا لحد ما ترجع 

خُدي 

فين يا ابني التليفون 

ماهو عدة بزراير اهي مالها يعني مش فاهم ؟! 

بقى دا تليفون ؟! 

بيقول الو دا ولا مبيقولش ها ؟؟ مش انقذك من الشارع دا ولا لا ولا هو لازم تاتش وما تاتتشش  عشان نعجب اهي أي حاجة بتقول الو والسلام يا بنت الذوات أنا ماشي اعمل النسخة وراجع 

اوعي تسرقي التليفون يارب لو سرقتي التليفون يووولع في ايدك 


يا ابني تليفونك محتاج يقعد في الحضانة شهرين عشان يكبر شوية 


يتبع 

9&10


الفصل التاسع 

¤¤¤¤¤¤¤


كانت تلتفت يمينًا و يسارًا في محاولة اكتشاف كل من حولها حتى لا تقع في نفس المأزق مرةً أخرى

وقعت عيناها على " يونس المحمدي" بجانب بن عمه "طلال" شاحت بوجهها للجهة الأخرى بينما سار تجاهها " طلال"  ربت على كتف والدها  ثم نظر لها وقال بتساؤل:

-  خير في حاجة ؟! محتاجة حاجة ؟! 


ردت بنبرة مقتضبة قال:

- شكرًا أنا منتظرة بدران 

- طب هو فين ؟! 


تأففت من تساؤلاته  نظرت وعلى ثغرها إبتسامة سمجة وقالت:

- بيجيب حاجة في اي اسئلة تانية ؟! 

- أنتِ بتتكلمي كدا ليه أنا غلطان إني وقفت اسألك كنت فاكرك واحدة تستحق المساعدة 

- إيه تستحق المساعدة يا استاذ ؟! 


خير في إيه مالك بتزعقي ليه ؟! 


أردف "بدران" جملته وهو ينضم لهم، سارت تجاه وقالت بضيق

- الاستاذ دا من اول ماشافني وهو مبطلش اسئلة  مالك في إيه بتعملي إيه هنا 


نظر له" بدران" وقال بجدية

- و أنت مال حضرتك ؟! 


رد " طلال" بعصبية وقال:

- إيه مال حضرتي دي تصدق كنت فاهم إنكم تستاهلوا  معاملتي الكويسة طلعتوا ناس قليل ذوق


ردت " تولين" بعصبية قائلة:

- تصدقك أنك حيوان وقليل الادب


رفع " طلال" كفه في الهواء وقبل أن يتهاوى به على وجهها تماسك في لحظته الأخيرة لكنها قررت أن لن تمرر الأمر مرور الكرام فقالت 

- عاوز تضربني اتفضل ما هو دا اللي ناقص  اصلًا 


احتدت المناقشة بينهما ليُنهي " بدران" الأمر بهدوء مريب وهو يشير بيده لأحد الشباب الذي يعرفهم وقال:

- مع عمك رضوان لحد بيتي ومتسبش عمك رضوان غير في سريره  


ما إن غادرت " تولين" مع والدها الحارة التف وقف  أمامه حدثه بكلماتٍ صغيرة لكنها كانت كافيلة بأنه يتعدى عديه بالضرب، ليبدله " بدران" 

نفس اللكمات مماثلة لها في القوة،   هرع " يونس"  تجاه بن عمه  ليقف جواره لكنه تفاجأ بلكمة قوية من ذاك البدران  الذي قام بجذب أحد المقاعد الخشبية ثم نزل بها على جسده، بدأت الصرخات تدوي المكان و حاول أن يتدخل أحدهم لكن الامر بات يصعب السيطرة عليه حقا،  وصل صوت هذه الصرخات لمسامع الجدة ولاء  ختمت تسابيحها  وهي تقول بنبرة قلقة

- سترك يارب  مين بيصوت كدا 


تحاملت على نفسها  وهي تقبض على عكازها  متجهة حيث غرفة " صفوان"  وجدته في سباتٍ عميق  دثرته جيدًا ثم طبعت قبلتها الحانية على رأسه و خرجت  هتفت بنبرة تكاد مسموعة  قائلة:

- سيدرا بت يا سيدرا 

- نعم يا تيتا 

- فين اخواتك ؟!

- فوق 

- طب يونس فين ؟! 

- مع طلال في حاجة ؟! 

-  لا بس بطمن عليهم أناسامعة صوت صويت برا وخايفة يكون حد منهم برا 

-  لا متقلقيش طلال ويونس قالوا هيطلعوا فوق ويـ...


قاطع حديثها دخول " يونس" وهو يهرع تجاه  المطبخ  وملابسه ممزقة. لطمت الجدة على صدرها ما إن رأته بحالته تلك،  حاولت إيقافه لكنها فشلت تمامًا استيقظ على صوتها  " صفوان"  الذي ركض متسائلًا بقلق  قائلًا:

- إيه في إيه ؟! 


ردت " سيدرا" بعصبية وقالت:

- البيه اللي اسمه بدران بيتخانق مع يونس وطلال 


لم تكمل جملتها لطمت بكفها على وجهها وقالت بلهفة 

- طلال لوحده تحت 


لم يقف أمام جملتها كثيرًا،  هرع تجاه أخيه حاولت الجدة إيقاف " يونس" الذي يحمل بيده عصا يصل طولها لمتر تقريبًا و ضخمة،  قبضت على تلابيه وقالت:

- أنت دكتور ولا بلطجي ؟! ارمي الشومة اللي في ايدك دي ياواد هتودي نفسك في داهية 


لم يسمع لها ولا توسلات ابنة عمه، قفز بين سلالم الدرج بسرعة فائقة، وجد " صفوان" يتبادل اللكمات  مع " بدران" الذي يتشاجر مع ثلاثة من عائلة المحمدي بمفرده، الوضع بات من سئً  لأسوء بكثير  انتهَ بحمله لجسد " صفوان" ثم الدخول به في  أحد الجدران الخشبية، جلس فوقه وبدأ يلكمه حتى أتى من خلفه " يونس"   قام بضربه على مؤخرة رأسه وقبل أن يتلقى الثانية  أتى "نوح" و قبض على العصا بيدٍ من حديد .


انتهت المعر كة بعد أن ضر ب كلامنهما الآخر ضربًا مبرحًا و لكن تفوق " بدران" عليهم جميعًا فـ كانت ضرباته بالنسبة لضرباتهم أقوَ بكثير .


*****


داخل شقة الجدة ولاء


كانت " سيدرا" تتطهر لأخيها جرحه برفق وهي تقول بنبرة مغتاظة قائلة:

- ضربة في ايده يارب ايده تتـ ـشل  


ردت الجدة ولاء بنبرة حادة قائلة:

-احنا اللي غلطانين مش هو،  احنا اللي بيقينا بلطجية  يبقى نستحق أكتر من كدا كمان 


ردت " سيدرا"  بعصبية وقالت:

- مش كان بيسأل الهانم محتاجة مساعدة ولالا دا جزائنا ؟! 


ردت الجدة بنبرتها التي لم تقل نهائيًا وقالت:

- بردو احنا الغلطانين احنا مالنا ومالها ؟! إيه مكفناش قلة أدبها ولسانها الطويل  و بجحتها وهي هنا  نقوم نتلزق فيها في الشارع !! 


رد " طلال" ولأول مرة ليُعلن عن وجوده وقال بعصبية :

- أنا متلزقتش في حد  أنا بسألها عشان شفتها بتتلفت حوليها ومعاها باباها قاعد على كرسي وشكله تعبان قلت أكيد محتاجة حاجة بس طلعت متستاهلش وجه البيه اللي اسمه بدران   و احنا بنتكلم قام شتمني قمت ضربته فـ

ضر بني  


رد" صفوان"  مغتاظة وهو يُبعد يد شقيقته وقال:

- ويضربك ليك ما فكش ايد تمسح بكرامة الأرض ؟!  ولا...


ولج " نوح"  بهدوئه المريب مقاطعًا حديث ولده  اعتدل الشباب في جلستهم،  بينما وقف هو وسط الردهة وقال بنبرة هادئة لكنها لا تبشر بالخير ابدًا:

- مين فيكم اللي بدأ الخناقة ؟! 

- أنا يا بابا 

- ليه ؟! 

- يا بابا والله العظيم ما مكنش هايحصل مشكلة ولا حاجة بس اللي اسمها تولين دي هي اللي كبرت الموضوع 


حرك " نوح" رأسه علامة الإيجاب وهو يكرر اسمها و قال:

- تولين  


تابع بصوته الجهوري وهو يقول بعصبية 

- وهو كل واحدة حلوة وفاردة شعرها هنجري وراها و نعمل فيها سبع الرجال عشان نملى عينها ؟!


رد " يونس" وقال بهدوء 

- عمي الموضوع مش كدا هو أصـ....


قاطعه " نوح" وقال بنفس النبرة

- أنت تخرس خالص أنت حسابك معايا لسه جاي يا بيه يا محترم يا اللي المفروض أنك دكتور ومتعلم مش بلطجي وتمسك لي شومة وتنزل تقـ تـل الراجل !! 


رد " يونس" و قال بعصبية 

- يعني كنت اسيب طلال يضرب واسكت ؟! 

- لا نبقى بلطجية و نضرب في الناس 


وقف " صفوان" وقال بوعيد

- ضرب إيه هو لسه شايف ضرب ؟! وحياة أمي  ما أنا سايبه  


ردت الجدة بحدة مصطنعة محاول احتواء الموقف قبل أن يفقد نوح اعصابه وقالت:

- بس يا واد أنت خلاص ضربناه و خدنا حقنا  خلص الموضوع على كدا خلاص 


زادت عصبية "نوح" و هو يقول بصوتٍ مرتفع

- إيه أنت فاكر نفسك مين ؟!  ضرب إيه و بهدلة إيه اللي تعملوها في تاني أنا مخلف رجالة ولا ومخلف بلطجية !!! 


تابع من بين أنفاسه وقال بنبرة آمرة لـ ثلاثتهما 

-النهاردا بليل تحضروا نفسكم تروحوا تعتذروا لبدران 


دا نجوم السما أقرب له بقى عيلة المحمدي تعتذر للجر بوع دا ؟! دا بيحلم،  دا اامفروض ندي له فوق دماغه مش نعتذر له !! 


أردفت " سيدرا" عبارتها وهي تعترض على حكم أبيها لكنه رمقها  بنظراتٍ لو كانت نارًا لحولتها لـ رمادًا للتو،  تراجعت خطوة للوراء وجلست على الأريكة جوار جدتها،  خرج بعد أن القى عليهم أوامرهُ .


******

في المساء 


داخل شقة " بدران المُر" 

كانت واقفة خلفه تنظر لصورته المنعكسة في المرآة  المثبتة على الجدار جوار باب الشقة وعلى ثغرها إبتسامة فشلت في إخفائها 

كانت الشماتة تتطل من عيناها، لكنها ترجمت ذلك بطريقة أخرى حين قالت بجدية مصطنعة

- أنت ازاي تسيبهم يعملوا فيك كدا ؟! 


لم يرد عليها يعرف جيدًا أن هذه الكلمات الداعمة لأججت  نير انه ويتوعد لهم بالمزيد من الضر ب المبرح،  كررت كلماتها حتى نظر لصورتها في المرآة وقال:

- ريحي نفسك ما بسخش  و بعدين أنا خدت حقي خلاص و أنا أصلًا مش بتاع مشاكل 

- اممم اومال بتاع إيه ؟! بتضرب وبس !!


قالتها قبل أن تغادر بنبرتها الساخرة والإبتسامة تكاد تصل لأذنيها، على ما يبدو أنها لن تفوت هذه الفرصة عليها لكنه استوقفها قائلًا بنبرته الساخرة أيضًا:

- بلاش أنتِ بس تتكلمي دا لسه لحد النهاردا شبشب شيرين معلم عليكي وأنتِ معرفتيش حتى تدافعي عن روحك وأنتِ ست لست زيها مش واحد بيتخانق مع تلات رجالة وهو مش معاه حتى معلقة يدافع بيها عن نفسه !! 


استدارت  بجسدها كله  ثم خطت ثلاث خطوات ووقفت مقابلته قائلة :

- أنا مش متوحشة زيها أنا واحدة محترمة  ملها في الضرب و قلة الأدب دي،  وعمري ما انزل بمستوايا لمستواها أنت فاهم الموضوع غلط خالص على فكرة، قلة الأدب مافيش أسهل منها بس أنا مبعملش كدا لأن أخلاقي متسمحش بدا أبدًا .


استطرد حديثه بتساؤل  وقال:

-  هو أنتِ ضاربة شعرك زهرة زرقا ؟!  

- نعم ؟! 

- إيه اللون اللي شبه  اللي شبه الزهرة الزرقا دا ؟! 


ردت بنبرة مغتاظة وهي تضع يدها على خصلات شعرها و قالت:

- دا لون جديد و الازرق طالع موضة جدًا 

-  هو الأزرق بقى موضة مش كفاية الايام الزرقا اللي عايشين فيها هايبقى أنتِ وشعرك علينا 

- دي موضة أنت متفهمش فيها ثم أنت مالك أصلًا 


رد بهدوءٍ و قال:

- أنا رأيي المرة الجاية تخلي اللون أبيض يمكن تبقى بشرة خير و نشوف أيام بيضة 


قرع ناقوس الشقة  ذهبت لتفتح  بينما وقف هو يتابع تطهير جروحه السطحية المليئة بوجهه  أما هي وقفت تتسأل في برودٍ تام قائلة:

-نعم خير جاين تتخانقوا هنا كمان ؟! 


رد "صفوان"  وقال وهو يشير بسبابته لأبيه

- وبترجع تغلطنا احنا لما نضربهم 


اتجه " بدران" حيث باب الشقة  أشار بيده قائلًا بترحاب ما أن رَ " نوح" رابعهما 

- اتفضل يا عمي نورت البيت 

- شكرًا يا بدران 


ولج ثم تبعه ابنائه و بن أخيه، جلسوا في الرادهة  تبادلوا أطراف الحديث ثم قدموا كامل اعتذارهم له، و قام بدوره بالأعتذار أيضًا  وانتهَ الأمر على خير،  سأل " نوح" " بدران" و قال:

-  و أنت بتشتغل إيه يا يدران ؟! 


رد" بدران" بكل هدوء وثقة قائلًا:

- أنا عندي مشروع صغير كدا مزرعة على قدي  يعني 

- بجد مزرعة إيه بقى ؟! 

- بط و فراخ و أرانب 


ضحك الجميع على حديثه ظنًا منهم أنه يمازحهم  لكنه تابع  بذات النبرة الواثقة و قال:

-  وعندي كمان مزرعة خضار وفاكهة 


نظر له " نوح " وقال بجدية

- أنت بتتكلم جد ولا بتهزر 


ابتسم له وقال بهدوء 

- لو تحب اوريهالك دلوقت أنا معنديش مانع 

- لا خليها مرة تانية معلش عشان اتأخرنا 

- المزرعة مش بعيدة دي فوق السطح 


تبادل الجميع نظرات التعجب والدهشة ليشير بيده وقال 

- تعالوا معايا بدل الاستغراب اللي وشكم دا 


في الطابق الأخير من المنزل وقف أربعتهما وسط العالم الذي صنعه " بدران" لنفسه استغل كل شبرًا في سطح المنزل،  أشار بيده 

هنا وهناك وبدأ يشرح لهما كيفية صنع مشروع صغير داخل منزلك ابتسم وقال:

- مافيش حاجة مفكرت اعملها إلا وعملتها بالفعل  مش هنكر إن جالي احباط في البداية وخسرت بردو شوية فلوس بس ربنا كان عوضه كبير ربنا. سبحانه وتعالى، عوضني بكل الخير اللي أنا في دلوقت 


ختم حديثه قائلًا:

- أنا تقريبا مبشتري خضار من برا، زرعت كل حاجة ممكن تتخيلها  فلفل، طماطم، كوسة، لمون و فراولة وغيرهم من الخضار و الفاكهة 


نظر " نوح" له وقال بإنبهار شديد 

- أنت كنز يا بدران ازاي قدرت تعمل كل دا في مكان صغير زي دا و لوحدك 


ابتسم له وقال:

- الموضوع محتاج صبر ووقت عشان تشوف نتايج حلوة زي دي كدا،  وأنا مكنش عندي حاجة تاني تشغلني غيره فـ اديته كل وقتي وجهدي 


ظل يتحدث وهو يجوب المكان ذهابًا إيابًا  يقتطف من هنا وهناك  ثم يضع في صناديق بلاستيكية  نظم ثلاثة صناديق كبيرة نوعًا ما بها جميع مزروعته تقريبًا،  قام غلقها بإحكام ثم قال بإبتاسمة واسعة

- دي هدية بسيطة مني 


رد " نوح" وقال:

- لالا يا بدران دا كتير 

- مافيش حاجة تكتر عليك يا عمي 

- معلش مش هقدر اخدها بجد كتير ودا رزقك لما تتديني كل دا هتبيع إيه يابني ؟! 


ابتسم له وقال:

-دي مش ليك دي للحجة الكبيرة بلغها سلامي 


ابتسم له وقال :

- يوصل إن شاء الله 


وقف " صفوان" أمام غرفة خشبية صغيرة وقال بفضول:

- أوضتك دي يا بدران ؟! 


ابتسم وهو يسير تجاهه خيث الغرفة وقال  بنبرة ذات مغزى فهمها " نوح" بخبرة رجل يعلم ببواطن الأمور 

- الاوضة دي تقريبًا مدا مابسبهاش نهائي، معظم وقتي فيها إن مكنش كله، حاليًا أنا شغال في شغل برا بقضي في نص وقتي والنص التاني هنا بين الزرع و الطيور ولما بحب افصل دماغي وارتاح بنام هنا  .


******


داخل منزل الجدة ولاء


كانت تتناول الفاكهة و هي تقول بإعجاب شديد 

- تسلم أيد اللي زرع أنا أول مرة أكل فاكهة بالحلاوة دي 

- ليه يعني يا ولاء ما هي كلها فاكهة 


ردت الجدة ولاء وقالت

- لا فاكهة الأيام دي ماسخة تبقى مستوية وشكلها يقوبك إنها هتبقي عسل تأكلها كأنك بتأكل لفت  


رد " صفوان" وقال بمشاكسة 

-ليه يا لولو ما هو أنا عندك اهو  طول عمرك تقولي لي يا مانجا يا صفوان عسل ومسكر زيها يا صفوان وكبرت واحلويت وبردو متغيرتش اهو 


ردت الجدة قائلة:

- لا أنت شبه المِش و الجنبة القديمة مش العسل 

- يعني إيه ؟! 

- كل ما تقدم تحلو انما إيه مانجا دي هو أنت ست ؟! 


ضحك الجميع بينما ردت " سيدرا" وهي تتناول الفاكهة وقالت: 

- بابي ينفع تشتري لي  من الفاكهة دي تاني أنا عجبتني الفراولة اوي 

- حاضر يا حبيبتي اشتري لك المزرعة كلها 


دخلت بين احضانه وقالت بسعادة 

- حبيبي يا بابي 


ردت الجدة ولاء بنبرة ساخرة

- هاتي يا ختي طبق الفراولة دا بقى وخلي المحروس ابوكي يشتري لك غيره 


غمزت " سيدرا " بجانب عيناها لأبيها  وقالت 

- لولو بتغيير عليك يا بابي 


ردت الجدة وقالت بنبرة ساخرة

- ياختي هاتي حد عدل اغير عليه  

- زي مين بقى يعني يا لولو هو في، في حلاوة بابي القمر دا 


- ايوة ياختي في  صفوان اسم الله  عليه ربنا يحرسه من عينكم 


رد " نوح" وقال بجدية مصطنع 

- أنا نفسي افهم اشعمنى يعني صفوان اللي غالي عندك كدا ها ؟! 


ردت الجدة ببراءة وقالت:

- يابني أنتوا كلكم عندي زي بعض أنا عمري أبدًا مافرقت في محبتكم أبدًا  وحياة صفوان   عندي إنتوا كلكم اغلى من بعض .


يتبع 

الفصل العاشر 

========


مستر بدران أستاذة تولين برا وعاوزة حضرتك في حاجة ضروري 


قالتها "ميرڤت " وهي تلج حجرة مكتبه بعد أن طرقته بخفة، كان يدون بعض الملاحظات الهامة داخل دفترهُ  فأجابها دون أن يرفع بصره عن الورق وقال: 

- دخليها 


دخلت قبل أن تأذن لها " ميرڤت"  غادرت المكان ما أن أمرها مديرها، هدرت تلك الماثلة أمامه  وقالت بنبرة مغتاظة:  

- والله عال بقى أنا اللي أخد الأذن عشان ادخل مكتبي ؟! 

- قصدك  مكتبنا دايمًا يا تولين تنسي تحطي النون  

- اسمع بقى يا بتاع أنت أنا معملتش اللي عملته دا كله عشان أنت تاخده في الآخر 

- مش مشكلة أنا وأنتِ. واحد يا تولي

- يا أخي اروح منك فين هو أنت خلاص مكتوب عليا في البيت و الشغل كمان كل ما احاول اخلص منك معرفش !!! 

- تصدقي كدا زعلت ؟ هو أنا مش قلت لك  قبل كدا على المطبخ ؟ إيه اللي جابك الشركة 

- أنا بشتغل مصممة ازياء يا بيه و أنا هنا بمارس عملي 

- روحي مارسي عملك في المطبخ و متوجعيش دماغي  و بالنسبة للفستاين اللي ناوين تنزلوها من غير كتاف دي أنا رفضتها الستر يا ماما مافيش احسن منه 

- اصوت ولا الطم ولا اروح منك فين ؟! 

- ويقولوا عليكي اتجننتي ؟!! 


عاد لمكتبه من جديد وهو يقول بجدية 

- لو عاوزة الكولكشن ينزل يبقى بتعديلاتي واظن مش كتيرة ومناسبة أكتر 

- بدران أنا مبهزرش دا شغل بملايين 

- ولا أنا بهزر انا ربنا هيحاسبني على كل خطوة مشيتها في المكان دا و إن اوافق على حاجة زي دي ابقى كدا ساعدت في ذنب كبير و أنا مش قده 


ردت " تولين" بنبرة مغتاظة وهي تركل الأرض بقدمها وقالت 

- دي مبقتش عيشة دي !! 


ترك القلم و نظر لها وجدها تستشيط غضبًا من تحكماته الزائدة، فرت دمعة من محبسها سرعان ما مسحتها وقف من خلف مكتبه و سار تجاهها و قال بنبرة هادئة تختلف كثيرًا عن ذي قبل 

- مالك بس في إيه ؟!  مأزمها ليه ؟!  


ردت بضيق وهي تنظر له وقالت بنبرة مختنقة 

- يا بدران مبقاش في وقت والتعديلات اللي طلبتها دي كتيرة أوي و احنا تقريبًا فاضل لنا أسبوع وصعب نرجع نهد الشغل دا كله عشان كام تعديل  


تنهد بعمق وهو يطالعها ظنت أنها نجحت في إقناعه بتلك النبرة،  لكنه تركها و ذهب لغرفة مجاورة لغرفته عاد في غضون ثلاثون ثانية وبيده ثوبٍ أسود كان من تصميمها  ولكن بعد لمساته تحول تمامًا قام بفرده وقال بتساؤل 

- أنا راضي ضميرك مش بقى شكله احلى كدا ؟! 


سألته بنبرة داهشة وقالت:

- هو الفستان دا مش اتباع و قلت إن حد اشتراه ؟! 


أجابها باسمًا وقال:

- ايوة أنا الحد دا، و على فكرة التعديلات مأخدتش أكتر من أربعة وعشرين ساعة بس 

- ايوة يا بدران عشان دا واحد بس لكن أنت بتتكلم في خمسين فستان  اللي بتطلبه دا شبه مستحيل احنا كدا نلحق أصلًا 


ابتسم لها و قال بنبرة واثقة 

-  بتحبي المشي ولا نركب العربية ؟! 


سألته بعدم فهم وقالت:

- يعني إيه ؟! 


أجابها و هو يخرج من باب مكتبه وقال 

- تعالي معايا و أنتِ تفهمي 


نظر لـ ميرڤت  وقال  قبل أن يغادر 

- ميرڤت الغي كل مواعيد النهاردا و كمان بكرا و أي حاجة تتأجل  

- بس يا مستر بدران مستر صفوت كان

- بعدين يا ميرڤت بقى بعدين 


استقلت السيارة معه في طريقها للعودة إلى المنزل كانت هذه أولى توقعاتها لكنه دخل حارة أخرى غير التي تقطن فيها، نظر لها وقال وهو يقود 

- دي اسمها حارة النوبي عشان لو تُهتي تعرفيها 


ابتسمت له وقالت 

- أنا خلاص حفظت الطريق وكمان الحواري كلها البركة فيك 


تابعت بفضول وقالت:

- صحيح هو احنا رايحين فين ؟! 

- قربنا خلاص 

- ايوة على إيه ؟! 


صف السيارة و قال باسمًا 

- على أول خطوة في مشوار الالف ميل، انزبي يلا وصلنا خلاص 


ترجلت من السيارة و سارت بجانبه وعيناها تتقفدان المكان بفضولٍ شديد، وطأة قدمها داخل مخزن صغير  ولجت خلفه لتجد مجموعة من الفساتين التي صممتها انتهت من التعديلات والنصف الآخر على وشك الإنتهاء منه،  دارت بين الفستاتين وعيناها تشعان منهما السعادة الحقيقة 

لمست أحدهما وقالت بدهشة وذهول شديدان 

- إيه دا كله يا بدران !! معقول دي تصميماتي أنا بعد التعديل ؟! أنا مش مصدقة نفسي دي دي حلوة اوي بجد


اقترب منها و قال بإبتسامته ااواسعة

- مش قلت لك قبل كدا ثقي فيا ؟! 


تطلعت في عيناه و الإبتسامة تكاد تصل لأذنيها وقالت 

- أنت محصلتش بجد زي ما نوح المحمدي أنت فعلا كنز 


تدخلت إحدى العاملات وهي تحمل بين يدها ثوبًا من اللون الأحمر القاتم و قالت:

- نفذنا آخر تعديل يا أستاذ بدران رأيك كدا ؟! 


رد وعيناه معلقتان على تلك التي لم تبرح خاصتيه وقال بإبتسامته البشوشة 

- الرأي رأي المصممة هي هتتولى الشغل معاكم أنا كدا مهمتي خلصت خلاص 


سحبها من كتفها برفق مبتعدًا عن العاملة و قال بخفوت: 

-  هاسيبك دلوقت و هرجع لك بليل تكوني خلصتي شغلك اخدنا ونروح اتفقنا ؟!  


ردت بلهفة وقالت:

- أنت رايح فين ؟! 


ابتسم وهو يرَ لهفتها داخل عيناها ولكنه كذب حاله و قال بجدية 

- مشوار مهم وهتأخر في متقلقيش الدتيا هنا أمان اوي والناس هنا عارفين مين بدران المُر و أي حد من طرفه كأن هو بدران بالظبط لو محتاجة أي حاجة هلي واحدة من البنات تجيبها لك هاسيبك بقى خلي بالك من نفسك 

- و أنت كمان .


********

ها يا عم رضوان نورني أنا رسيتك على كل حاجة و عرفتك الموضوع من طأطأ لسلام عليكم زي ما بيقولوا بالبلدي 


أردف " بدران" عبارته وهو يجلس مقابلة العم رضوان والد تولين، كان ذاك الأخير يطالعه في صمتٍ كعادته بينما نظر إليه بدران وقال:

- اكتب لي أي حاجة أنا خلاص مبقتش قادر اوصل لحل و وجودي طول النهار في الشركة مبقاش كافي 


لم يكتب له لأنه يعرف جيدًا أن ما يكتبه سيرفضه لذلك قرر الالتزام بالصمت،  اهتدى أخيرًا لـ حلًا بديل  ارتعشت يده وهو يكتب 

جملته  تناول "بدران" قرأها بعينه وقال بضيق

- يعني اسيبها تمشي ما تمشي أنت مش خايف على بنتك ؟! 


كتب العم رضوان جملة جديدة ونظر إليها بدران قرأها بصوتٍ مسموع 

( بنتي في ودائع الرحمن هو قادر يحفظها لي ) 


نظر له " بدران" و قال:

- و نعم بالله بس ربنا بردو قال ناخد بالنا 


تابع حديثه بإقتراح:

- إيه رأيك لو اعين حرس ليها ويكون معاها زي ضلها 


كتب له جملة نافية 

( ارجع أوعى تعمل كدا أنت كدا بتلفت نظرهم ) 


سكت مليًا قبل أن يكتب اقتراحه 

( هخليها تسافر اليونان تاني ) 


نظر له وقال بتساؤل: 

- و دا كدا مش خطر عليها ؟! 


كتب رده 

( اهي مجرد محاولة) 


نظر له " بدران" و قال:

-  تفتكر تولين هتصدقني لو قلت لها الحقيقية ؟! 


تابع بنبرة حائرة وقال :

- ولو صدقتني دي مجنون ومضمنش تعمل إيه بعد كدا أصلًا !! 


وقف عن مقعده  بهدوء، ظل يفكر في حلًا بديل وهو يجوب المكان إلى أن وصل له جلس على مقعده من جديد وقال :

- بص يا رضوان أنت مبقتش غريب دلوقت و مش هتكسف لما اقولك إني مملكش حق قوت يومي بس اللي هعمله دا الحل الوحيد اللي هقدر اعمله عشان اعدي الموضوع على  


تابع بجدية وقال: 

- أنا هتجوز تولين 


اتسعت إبتسامة والدها لكن سرعان ما اختفت حين قال: 

-  وهطلقها مجرد ما يتقبض على صفوت  أنا لازم اضيع على صفوت أي فرصة بإنه يستفرد بيها و يحاول يؤثر عليها عشان تتجوزه 


نظر له وقال 

- باقي حاجة واحدة بس وهي ازاي اجيبها لـ تولين ازاي اقولها توافق تتجوزني من غير ما تعرف باللي ناوي عليه صفوت ؟! 


نظر له  وقال بهدوء 

- خلال الأسبوع دا تولين هتبلغك إني ناوي اتجوزها 


تابع حديثه وقال بعتذار: 

- معلش يا عم رضوان متزعلش مني في اللي هعمله بس دي الطريقة الوحيدة اللي تخلي مركزي قوي قدام الحكومة  وأبقى أنا صاحب الحق مش صفوت .


ختم حديثه وقال بخفوت لكن استطاع العم رضوان سماع كلماته حين قال:

- لو كان ينفع اعملها من غير جواز كنت عملت ولا إني اكـ سـر قلبها بالطريقة دي .


******

بعد مرور يومان 


استطاع "بدران" التقرب منها حسب خطته بدأ يلجأ لأساليبه الماكرة التي كان يتعامل بها في الماضِ،  لن تنكر أن معاملته الجديدة لها واهتمامه الزائد بتفاصيل يومها، كانت تقربها منه أكثر  ظل على هذا المنوال أسبوعًا كامل كما قال لوالدها، بالطبع لم يكن التقرب الشديد و الإنجذاب الذي حدث منها تجاهه حدث في أسبوع كان شعور خفي تحاول عدم الإعتراف به حتى لنفسها لكن معاملته الآن أججت لك المشاعر كان جالسًا على سطح البناية،  يقلم الأشجار و يرتب الاشياء حسب حاجتها صعدت حاملة بين يدها قدحان من القهوة الساخنة  وضعتها ثم جلست أتى بصحن من الفاكهة قدمه لها وقال باسمًا: 

- دوقي وقولي لي رأيك 


تناول ثمرة من الفاكهة و قالت بمرح

- دا أنا اللي خلصت لك الفاكهة كلها ولسه بتطلب رأيي ؟! 


تابعت ممازحة إياه وقالت:

- أنا على فكرك بطلع كل يوم اسر ق شوية فراولة وأكلهم من وراك 


رد بجدية مصطنعة 

- و أنا اقول الفاكهة بتخلص ليه اتاريكي أنتِ السبب 


تابع بعفويته الشديدة وقال:

- و أنا اللي كنت فاكر إن سيدرا بنت نوح هي خلصتها لي وكـ...


تركت الفاكهة وقالت بنبرة تملؤها الغيرة 

- سيدرا قلت لي سيدرا 

- مالك سيبتي الفراولة ليه ؟! 

- مافيش بوفرها لست سيدرا هانم 


ابتسم لغيرتها الواضحة على ملامحها، مد يده ليتناول قدح القهوة،  أما هي مازالت على وضعها  حملت قدح قهوتها وهمت بالمغادرة لكنه استوقفها قائلًا:

- على فين ؟! 

- نازلة تحت 

- مش بتقولي عمي لسه معاه ساعتين على ما يصحى ؟! خليكي قعدة معايا شوية 


ردت بنبرة مغتاظة وقالت:

- و أنا اجاي في سيدرا إيه نادي لها تيجي تقعد معاك 


رد بإبتسامة واسعة لإغاظتها وقال:

- مش معايا رقمها المرة الجاية 

- ماشي يا رخم أنا نازلة 

- لا استني بجد عاوزك في حاجة مهمة 

- حاجة إيه ؟! 


نظر لها ثم قال بتوتر ملحوظ

- تولين أنا عاوز اتجوزك 

- إيه ؟! 


رد "بدران" باسمًا وهو يشدد على كلماته الأخيرة ببطءٍ شديد و قال: 

- زي ما سمعتي كدا أنا عاوز اتجوزك 


تضاربت مشاعرها واحاسيسها،  ظلت تطالعه لتتأكد من حقيقية ما قاله للتو ليؤمي برأسه علامة الإيجاب اتسعت إبتسامتها ولكن سرعان ما قررت المغادرة استوقفها متسائلًا بفضول 

- إيه ما سمعتش رأيك يعني ؟! 


رذت بتلعثم وقالت:

- كـ كـلم بابا و هو يقلك 

- طب أنتِ، رأيك أنتِ إيه ؟! 


نظرت له ثم نظرت لصحن الفاكهة وقالت 

- لو هتأكلني الفاكهة دي كلها لوحدي أنا وبس كل يوم هوافق أنا مبحبش حد يشاركني في حاجة بحبها 


ابتسم لها وقال بمشاكسة 

-  بتحبيني أنا أكتر ولا الفاكهة ؟! 


نظرت له ثم قبضت على صحن الفاكهة وقالت قبل أن تغادر 

- بحب اللي يسعدني بطريقته .


تبدل ملامحه  التي نجح وببراعة في تزيفها عذرًا لنعترف أنك وقعت و أنتهَ أمرك يا بدران فهي الآن ليست معك، ولكن ذلك الوضع ليس بصحيحٍ تمامًا  على ما يبدو أن الأمر سوف يأخذ شكلًا آخر .


********

بعد مرور يومين 


سارت الأمور حسب تخطيطات " بدران" ووالد تولين كل قاله نفذه وبدقة شديدة، الآن

فقد يجب عليه أن يسدل الستار على تلك الحكاية بعقد قرانه،  كان جالسًا في الشقة يردد خلف المأذون  كلماته بإبتسامة خفيفة 

أما هي كانت تنظر لأبيها ثم تعود ببصرها لصديقتها المقربة " ميرڤت" مساعدة "بدران"

داخل الشركة، والإبتسامة لاتفارق شفتاها لكنها باهتة متكلفة، أومأت برأسها علامة الإيجاب لصديقتها التي ابتسمت لها لتخبرها أنها بخير 

انتهَ عقد القران وتعالت الزغاريد، وقف عن مقعده وطلب منها أن يحدث على إنفراد 

وقفت أمامه تستمع له لكنه فشل في تجميع جملة واحدة، ابتسمت له وقالت:

- أنا هقصر عليك المشوار كله وهقولك يابدران إن كل اللي سمعته من عمتي وصفوت أنا سمعته لا وكمان أنا عرفت الأكبر منه مش دي مشكلتي دلوقتي أنا مشكلتي دلوقتي أنت ازاي قدرت تكون ممثل كبير اوي كدا ؟! 


طالعها في صمتٍ بينما ردت هي وقالت:

- اه معلش أصل أنا واحدة هبلة عشان اصدق حب جه في أسبوع !! 


ضاقت بحدقتيها وقالت بتساؤل والإبتسامة تزين ثغرها قائلة بكذب: 

- لتكون فاهم إني واقعة بجد ؟!  أنت نسيت أنت قلت لي إيه من عر أيام نسيت وقت  

حر ق الزرع بتاعك قلت إيه ؟! لو أنت نسيت أنا لا يا بدران حاجة أخيرة واكيد بتسأل نفسك أنا ليه وافقت اتجوزك طالما عارفة كل البلاوي دي مش كدا ؟! أنا هجاوبك يا بدران 

عارف الكوبري ؟! عارف لما تبقى عاوز توصل لحاجة ومش عارف فـ تبدأ تعمل كوبري عشان يوصلك أسرع وأأمن أنت دا يا بدران 


ابتسمت قبل أن تغادر وقالت:

- معلش مكنتش مخطط لكل حاجة كويس مع إن المفر ض إن التخطيط أول حاجة بتعملها قبل أي خطوة بتمشيها، عموما هي دي الحياة يوم تكسب ويوم تخسر  بس الشاطر اللي يكسب دايمًا .


ولاته ظهرها لتغادر الشرفة لكن وقعت عيناها على " شيرين"  التي كانت واقفة تستشيط غضبًا ابتسمت وهي تنظر لها ثم عادت ببصرها  له وقالت بنبرة تملؤها الغيظ الشديد والغيرة لكنها نجحت في إخفائهما 

-  مسكينة اوي شيرين دي بتحب فيك إيه مع إنك عادي يعني مش النوع الwow  ولا حاجة .


تنهدت بعمق وهي تقول بجدية 

- ودلوقتي بقى يا بيبي تتفضل تسيب الشقة أو إدارة الشركة 


رد " بدران" ولأول مرة ليُعلن عن وجوده أخيرًا وقال:

-كل مرة بقلك على المطبخ مبتسمعيش الكلام  أنا هعد من واحد لـ تلاتة لو وصلت لتلاته وأنتِ لسه قصادي وقتها متلوميش إلا نقسك وساعتها محدش هيقدر يقولي أنت بتعمل إيه ما أنتِ مراتي بقى 

- يعني إيه ؟! 

- يعني الطبيخ والغسيل والترويق عليكي طبعًا المكوة و ترتيب دولابي بكل اللي في عليكي طبعًا، الكوبيات اللي بشرب فيها تلميهم  من حنب السرير ومسمعش شكوى منك ومن ترسسهم جنبي تاني 


عقدت ساعديها أمام صدرها وقالت بعصبية

- ليه فاكر نفسك سي السيد ؟! 

- لا أنا سيدك بدران وكلمتي تتنفذ وشغل أنا مبشغلش  الاول مكن ليا كلمة عليكي عشان أنتِ مش على اسمي بس بما إنك بقيتي مراتي وفاهم إن الحياة سهلة اوي كدا احبك اقولك فوقي من الغيبوبة اللي أنتِ فيها  دي مرات بدران المُر متشغلش عجبك عجبك مش عجبك عودك بدل الحيطة أربعة اخبط راسك في أي واحدة فيهم وبردو مش هتشتغلي .


*****


في مساء اليوم التالي 


كانت واقفة في الشرفة ترتب الملابس المبللة على الاحبال نظرت لوالدها وقالت بضيق 

- بابا دي مبقتش عيشة دي أنا كنت فاكرة إني لما اتجوزه هعرف اضغط عليه وأبقى الآمرالناهي في املاكي طلعت في الآخر خدامة لي ولشقته دي !!


ابتسم والدها على حديثها لترد هي بنبرة مغتاظة 

- بتضحك يا بابا ؟!  وأنا في المصيبة دي،  طب قل لي اعمل إيه دلوقتي واخلص منه ازاي ؟! 


القت نظرة سريعة للحارة تجده واقفًا يتبادل أطراف الحديث مع ابنة عمه، التي كفكفت دموعها 

سريعًا ماهي إلا ثوانٍ معدودة وسارت خلفه متجهة حيث البناية،   وثبت عن مقعدها ما أن فتح باب الشقة طالعتها بنطراتٍ ذات مغزى بينما رد

" بدران " وقال:

-شيرين هتقعد معانا كام يوم  كدا 


ردت " شيرين " وقالت بحزن مصطنع 

- معلش ياحبيبتي أصل جوزي طلقني الطلقة التالتة ودي للأسف مافيهاش رجوع وابويا حالف ما يدخلني البيت 


نظرت" تولين" لها ثم عادت ببصرها له وقالت بنبرة تملؤها الغيرة 

- وماله بس ياترى هتقعدي  فين ما أنتِ شايفة  الشقة صغيرك ومكفينا بالعافية 

- مش مشكلة يا تولين خلي شيرينرتقعد في أوضتي 


ردت بعصبية وقالت:

- افندم ؟!


تابع موضحًا وقال:

- ماهو أنا هطلع انام فوق السطح 


ردت " شيرين "بنبرة غنجة وقالت 

- ليه بس يا بدران تسيب بيتك وعروستك  بسببي 


ردت " تولين" بنبرة مغتاظة وقالت بنبرة لا تقبل النقاش 

- أنتِ هتقعدي فوق السطح لوحدك يعني معلش وجودك في البيت مايصحش أنتِ مهما كان غريبة على جوزي  وبالنسبة لبدران يقعد في بيته و اللي عنده مشكلة يحلها مع نفسه وآسفة يعني دا مش تحكم دا بس عشان الناس متتكلمش علينا أنا واحدة بتخاف على سُمعتها و أنتِ متزعلي مني يعني مهـ...


قاطعها " بدران" وقال بجدية 

- أنا قلت أنا هطلع فوق يعني هطلع فوق وكتر كلام مبحبش و أنتِ يا شيرين اقعدي في اوضتي 


ردت " تولين" بعصبية وقالت:

- ولما هي تنام في اوضتك انام فين في الشارع ؟! 

- أنتِ يا حبيببتي مش بتنامي مع والدك في الاوضة ؟! 


ردت " تولين" وقالت بنبرة مغتاظة 

- لا مش هاينفع أصل عمتو جاية النهاردا واحتمال تبات هنا عشان كدا بقلك المكان مش هيكفي عمومًا تقدري تنامي في الصالة ولا البلكونة لو مش حابة تنامي فوق على السطح 

- وماله اهو أي مكان وخلاص 

- ازاي يعني تنامي في الصالة قلت لك نامي جوا في اوضتي وخلصونا من الحوار دا بقى 

ادخلي يلا بقى ياشيرين 

- ماشي يا بدران تشكر  تعبتك معايا 


كانت ترمقه بنظراتها النار ية  والغيظ والغضب يسيطران عليها،  أشارت بيدها تجاه الباب وقالت:

- اطلع بقى يا حنين نام فوق السطح 

- سطح إيه دا الأوضة مافيها حتة سليم 

- مش أنت اللي حكمت إنها تنام في اوضتك يبقى تتحمل 


وضع " بدران" يده على رأسه وقال بتعبٍ شديد

- تولين أنا تعبان ومش شايف قدامي ادخلي نامي وسيبيني أنام انا التاني 


سألته بنبرة مغتاظة وقالت:

- إيه بقى هتنام فين هتروح تنام جنب الهانم 


رد باسمًا وقال:

- لسه في العدة لما تخلصها حتى عشان ميبقاش حرام عليا 


أشارت برأسها وقالت بنبرة لا تقبل النقاش 

- قدامي 


سألها بعدم فهم وقال : 

- على فين ؟! 

- هتنام معانا 

- مع مين ؟! 

- معايا أنا وبابا ما أنا مضمنش اسيبك في الصالة بليل الاقيك في حضنها الصبح أنا مبحبش قلة الأدب 

- يا مثبت العقل والدين يارب، امشي يا تولين ربنا يهديكي امشي وسبيني اظبط نومتي عاوز اريح لي ساعتين 

- هتمشي قدامي و تنام معايا أنا وبابا في الأوضة بما يرضي الله ولا ادخل ارميها في الشارع واعرف الناس كلها إنها هنا وتقلب بنكد بما لا يرضي الله ؟! 

- تولين مش طالبة وجع دماغ على آخر الليل قلت مش داخل الاوضة يعني مش داخل 


بعد مرور عدة دقائق 


أنت قاعد ليه مش كنت هتـ مو ت وتنام إيه النوم راح من عينك ؟!!


قالتها " تولين وهي تجلس جوار أبيها،  بينما كان " بدران" جالسًا على حافة الأريكة داخل غرفة العم رضوان الذي كان يتابع الموقف بإبتسامة خفيفة هز " بدران" ساقه وقال بضيق 

- يا بنت الناس أنا ماخدتش على كدا خليني انام في الحتة اللي تريحيني 

-إيه اللي تعبك اوي كدا؟!مش قادر علي بُعدها ؟! 

- نامي يا تولين نامي الله يرضي عليكي 

- نام أنت الأول 

- مش هنام أنا هخرج شوية في البلكونة 

- استنى عندك رايح فين؟! 

- ما قلت لك رايح البلكونة مخنوق شوية 

- افتح باب الشباك دا وزيه زي البلكونة 

- أنا ماشفتش في برودك والله 

- اديك شفت اهو واعمل زي ما بقولك يلا يا كدا يا اروح اطردها قلت إيه ؟!


كاد أن يذهب من الغرفة لكنها استوقفته وقالت 

- استنى عندك رايح فين ؟! 


رد بعصبية مفرطة وقال 

- رايح اشرب همو ت من العطش عن حضرتك مانع ؟!! 


وقفت عن حافة الفراش ووقفت مقابلته ثم داعبت خديه وقالت من بين أسنانها 

- أنا احيب لك تشرب يا حبيبي هو أنا ليا بركة غيرك أنت تؤمر أمر 


غادرت الغرفة بينما وقف هو يطالع والدها وقال 

- أنا عندي الضغط وبنتك ناوية تجلطني دي مكنتش كدا إيه اللي حصلها ؟! 


ابتسم له بينما تابع بدران وقال

- خليها تخف عليا أنا دماغي مش متحملة والله يا عم رضوان 


عادت وبيدها كأسًا من المياه الباردة تناولها منها وقال 

- شكرًا 

- مافيش شكر بين الزوجين يا حبيبي اقعد بقي كدا وروق واحكي لي شيرين دي ناوية تقعد عندنا لحد إمتى ؟! 


رد بنبرة ساخرة وقال 

- لحد ما يجي لها محلل عشان تتجوزه وتعرف ترجع لجوزها 


تابع بجدية مصطنعة لإغاظتها وقال 

- وليه محلل ما أنا موجود واهي بنت عمي و أنا اولي من الغريب ولا أنتِ إيه رأيك ؟! 


ردت " تولين " بنفس النبرة وقالت 

- طبعًا معاك حق ماهو أنا قلت كدا لصفوت امبارح ووعدته بعد ما نطلق هتجوزه ويعوضني عن الايام شفتها معاك 


رد " بدران" بنبرة مغتاظة وقال:

- اتمسي وقولي يا مسا عشان منكدش عليكي 

- والله ما تقدر تعملها ولو نكدت عليا هنكد عليك عادي مش عجبك نكدي طلقني وسيب الشقة ياحبيبي عادي 


يتبع 


11&12


الفصل الحادي عشر 

===========

وقف عن الأريكة بهدوءٍ شديد كي لا يوقظها خرج على أطرافه وصد الباب خلفه، اتجه حيث الشرفة 

جلس فيها وهو يُشعل لفافة التبغ خاصته، تنهد بعمق سندت بكتفها على باب الشر فة وقالت بخفوت 

- ممكن أعرف سبت الأوضة وقمت ليه ؟! 


نظر لها وقال بهدوء

- تولين من فضلك بلاش حركات العيال دي 


ردت وهي تجلس جواره وقالت:

- طب قل لي إيه حكاية شيرين وجاية هنا ليه ؟! 

- ما أنا قلت لك جاية عشان عمي رافض يدخلها بيته 

- أنت مصدق الكلام الأهبل دا ؟! 

- طبعًا لا 

- اومال دخلتها ليه !!

- مكنش قدامي أي حل تاني ماسكة فيا وبتعيط و الوقت متأخر قلت لها تيجي والصباح رباح 

- يعني هي هتمشي بكرا ؟! 

- اكيد 

- طب احلف بأغلى حاجة عندك انها هتمشي بكرا 

- وحياة اغلى حاجة عندي هتمشي بكرا ارتاحتي كدا ؟! 

- لا لسه 

- في إيه تاني ؟! 

- عاوزة ارجع الشغل الافتتاح قرب 


شاح بوجهه للجهة الأخرى ثم عاد وهو يقول بهدرء

- احنا مش اتفقنا إن مافيش شغل ؟! 


رفعت كتفيها بالتزامن مع انقلاب شفتاها وقالت بغنج وهي تداعب السحاب المثبت في منامته القطنية وقالت:

- أنا ما اتفقتش معاك على حاجة أنت اللي حكمت بكدا 


نظر ليداها التي تداعب السحاب ثم نظر لها وقال بهدوء لا يعرف من أين أتى به وقال:

- معلش اسمعي كلامي بس الفترة دي وأنا اوعدك أول ما الدنيا تتحسن هرجعك تمسكي الشغل من تاني اتفقنا 


ردت بنبرة طفولية وقالت:

- طب احلف إنك هتعمل كدا ومش هترجع في كلامك 

- مش هرجع في كلامي 


ردت بغنج مبالغ فيه وقالت: 

- لا قول وحياة تولين عندي هرجعك الشغل 


حثته على القسم وهي تقول 

- يلا بقى قول يا بيدو 


استسلم لها وقال 

- وحياة تولين عندي هرجع الشغل في أقرب في فرصة 


اتسعت إبتسامتها و قالت بسعادة وهي تعانقه بقوة 

- حبيبي يا بيدو 


ما إن وثبت عن مقعدها رَ "شيرين" وعلم سبب كل هذا الدلال السبب الرئيسي لكل هذا هو إغاظتها ليس إلا، ما إن غادرت الردهة ونيران الغيظ والغضب تتطايران من عيناها، ربت على كتفها بخفة مخاولًا فك يدها المحاوطة لعنقه وقال 

- خلاص دخلت جوا و هي زي الفولة في النار 


نظرت له بإنتصار بينما رد هو وقال 

- بت أنتِ كيادة اوي 

- جدًا على فكرة 


تابعت بجديتها وقالت 

- مبحبش حد يضايقني 

- هي ضايقتك ؟! 


أومأت برأسها علامة الإيجاب بينما رد باسمًا وقال:

- معلش أنا بكرا هحاول ارجعها بيت ابوها واقفل الموضوع دا خالص بلاش تحتاكي بيها عشان هي بتاعت مشاكل أساسًا و لسانها طويل 


ردت بنبرة ساخرة لكن لم تخلو من الغيرة وقالت 

- غريبة عارف عنها كدا و كنت ناوي تتجوزها عادي يعني ؟! 


رد بجدية مصطنعة وقال:

- اعمل بقى ما كنت وحداني ومش لاقي حد ياخد بحسي و أنتِ عارفة الوحدة وحشة و قلت خدها وعلمها الأدب يا واد 


سألته بتردد قائلة:

- أنت كنت بتحبها بجد؟! 


نفث سحابة دخان كثيفة في الهواء ثم نظر لها وقال :

- بصي هو مايتقالش حب ممكن تسمي تعود عِشرة إعجاب كدا يعني وبيني وبينك كنت ناوي اتجوز فقلت بنت عمي اولي 

- إيه المنطق الغريب دا تاخد واحدة لمجرد تعود. عِشرة !! 


تابعت بمكر قائلة:

- يعني كدا لو اتعودت عليا هتتجوزني عادي ؟! 


زفر ضاحكًا وهو يقول بهدوئه السائد منذ بداية الجلسة 

- أنتِ اللي يتعود عليكي مش يتجوزك دا يروح مستشفى المجانين، أنتِ صوميل عقلك فكت على الآخر 


وثبت عن مقعدها بغضبٍ طفولي ضربته في كتفه بغيظٍ وهي تقول:

- شكرًا يا رخم 


لحق بها قبل أن تغادر الردهة حاول إيقافها لكنها كانت عنيدة كعادتها معه، نجح في تثبيتها على الجدار وقف مقابلتها وقال بعتذار للمرة المئة بعد الالف لكنها لم تقبل ذلك الأسف، رفعت كتفيها ببراءة وهي تحرك رأسها علامة الرفض و التعنت الشديد، لمحت بطرف عيناها ظل " شيرين" وهي تسترق السمع، حاوطت عنقه وقالت بغنجٍ بالغ 

- لو عاوز تصلح غلطك قولي بحبك يا تولين بصوت عالي 


فهم مغزى حديثها وعلم أنها محاولة جديدة لإغاظة ابنة عمه، قرر أن يلعب على نفس النهج ولكن لمنع " تولين" مما تفعله، اقترب منها حد الالتصاق ارخت جفنيها بعنف وهي تمتم من بين أسنانها قائلة بوعيد 

- اقسم بالله لو قربت لي لاصوت والم عليك الناس اتلم 


همس بنفس النبرة و عطرها الفرنسي يتخلل أنفاسه، حدثها أمام كرزتيها وهو مغمض العينين 

- بطلي تكيدي فيها عشان هتقلب عليكي في الآخـ....


فتحت عيناها وقبل أن تدفعه في كتفه خرجت "شيرين" وهي تتنحنح بصوتٍ عالِ، عاد خطوة للوراء وهو يخلل أنامله في خصلات شعره الطويلة و قال بتوتر 

- أنا أنا طالع السطح 


لولا خروجها لـ تماد معها و طبع أولى قبلاته، شرعًا هي زوجته لكن ماذا عن عهدهُ مع والدها، على ما يبدو أن ما تفعله " تولين" من افعال جنونية مع ابنة عمه ستؤدي به هو لحافة الهاوية ولن ترأف بهِ لذلك يجب عليه أن يبقى في غرفته بسطح البناية بدأ في ترتيب الغرفة والتي احترقت بالكامل نزع كنزته القطنية وقبل أن يُلقي بها اشتمها ليجد عطرها معلقًا فيها، ارخى جفنيه وهو يتذكر قربه الشديد منها، انتشل نفسه محركًا رأسه يمينًا ويسارًا، تنقل هنا وهناك ليُنهي جزء يصلح للنوم فيه .


********* 

في صباح اليوم التالي 


هبط على سلالم الدرج بهدوئه المعتاد، قرع الناقوس ثم ولج بعدها، كانت " تولين " تشاهد التلفاز وهي تتناول قهوتها الفرنسية وقف يحدثها بإبتسامة بشوشة وقال:

- صباح الخير 


ردت بنبرة مقتضبة وقالت:

- صباح النور 


تعجب من نبرتها المتقضبة لكنه تجاهل ذلك، جلس على الأريكة وقال:

- هي شيرين لسه نايمة ؟! 


نظرت له بأعين مليئة بالغضب والغيظ الشديد لكنها ردت بنبرة جادة وقالت:

- لا في الحمام 


وقف عن الأريكة وقال:

- طب كويس اروح اخد أنا بقى لبسي من الأوضة قبل ما تخرج 


كاد أن يلج غرفته لكن عاد وقال بتساؤل 

- هو حصل حاجة بينك وبينها ؟! 

- لا 

-اومال مالك قالبة كدا ليه على الصبح ؟! 

- صبح !! احنا العصر يا استاذ قصدي ياعريس 


ظن أنها تسخر من تلك الكلمة لكن ملامح وجهها تعبر عن الحزن و الضيق، تركها وهو لا يعرف مالذي حدث، خرجت " شيرين" من المرحاض وهي تدندن بكلمات أغنيتها المفضلة محاولة إغاظة " تولين" والتي تحاول أن تتظاهر باللامبالاة، كادت أن تلج الحجرة لكنها اصطدمت بـ بدران فقالت:

- يقطعني مكنتش أعرف إنك هنا 


تابعت بغنج بالغ وقالت:

- صباح الخير 


لم تتحمل " تولين" سماع كلمة واحدة، لملمت حامل الإفطار خاصتها واتجهت حيث المطبخ 

وقفت تُنهي الوجبة الخاصة بأبيها وبداخلها نيران لا تعرف سببها و ربما تعرف لكنها تنكر ذلك .


بعد مرور عشرة دقائق كاملة 

خرج " بدران" من المرحاض اتجه حيث المطبخ ليتناول أي وجبة سريعة قبل خروجه 

كانت على وشك أن تُنهي الطعام لكنه استوقفها متسائلًا بفضول 

- هو أنتِ تعبانة ؟! 

- لا 

- اومال مالك زي ما يكون حد زعلك ليه ؟!


رست الصحون على حامل الطعام ثم قالت بهدوئها المعتاد 

- مافيش أي حاجة تقدر تزعلني ولا أي حد كمان 


حملت الطعام وخرجت من المطبخ وقبل أن تطأ قدماها الثانية استوقفها قائلًا:

- ابقي عرفي عمي إني جاي له كمان شوية 

- تمام 


نبرتها المقتضبة، نظراتها الساخطة، وكلماتها المبطنة بمعانٍ لا يعرفها سوى رجل حكيم مثله جعلته يتوقف قليلًا أمامها.


بعد مرور عدة دقائق 

جلس على الأريكة مقابلة العم رضوان و قال بهدوء 

- يعني اتوكل على الله واوافق على العرض المتقدم لي دا يا عم رضوان ؟! 


أومأ " رضوان" برأسه علامة الإيجاب، حرك الآخر رأسه وقال بهدوء 

- على خيرة الله


وقف عن حافة الأريكة وقال:

- هستأذن أنا بقى عشان اتأخرت اوي على الشغل النهاردا 


ردت " تولين" بنبرة ساخرة وهي تسير خلفه 

- معلش ما هو أنت سهران طول الليل يا حرام 

- اه والله كنت شغال طول الليل لما اتهد حيلي فـ....


ظنت أنه يحاول إغاظتها فقامت بضربه على كتفه ثم دفعه بعيدًا عن باب ححرة أبيها وقالت بنبرة حادة

- بص بقى يا اسمك إيه أنت قلة أدب مبحبش و لو أنت مش بتخاف على اسمك وسُمعتك أنا يا حبيبي بخاف ومعلش بقى لم نفسك أنت والجر بوعة اللي معاك دي 

- هو إيه اللي حصل ؟! هو ترتيب السطح بقى مسخرة وقلة أدب ؟! 

-معرفش بقى دا ترتيب السطح ولا ترتيب حاجات تانية أنا واحدة محترمة مليش إني اتكلم فيها وعمومًا معاك النهاردا وبكرا البتاعة دي لو مامشيتش من هنا هلم الناس واقولهم إني مش بقبل بالمسخرة في بيتي مفهوم ولا مش مفهوم ؟! 


رد " بدران" وهو ينظر لها وقال 

- لا بصي أنتِ ما شفتيش الوش التاني بتاع بدران لسانا الطويل دا يقصر بدل ما اقصره أنا وتهديد مبتهددش تمام ؟! 

- تمام تمام مافيش أي مشكلة أنت اللي اخترت ومتزعلش من اختيارك 


فرغ فاه ليتحدث لكن صوت ناقوس باب الشقة قاطعه اتجه نحو الباب، ما أن فتحه تأفف بداخله ليجد عمتها ماثلة أمامه، تجاوزته 

وولجت الشقة تبادلت مع ابنة أخيها العناق والقبلات ثم قالت :

- مالك يا روحي زعلانة ليه ؟! اوعي يكون الحيوان دا زعلك !! اطلقك منه فورًا 


ابتسمت لها ثم سارت تجاهه ما إن خرجت

" شيرين" حاوطت ذراعه بقوة وقالت بإبتسامة واسعة 

- دا، دا حبيب مراته اللي مدلعها ومخليها اسعد واحدة في الدنيا 


لفت له وجهه وقالت بتساؤل 

- مش كدا يا حبيبي ؟! 

- طبعًا طبعًا 


جلست عمتها ثم بعد ذلك تعرفت على "شيرين" مر الوقت و جاء وقت نومها طلبت من ابنة أخيها بنبرة هادئة

- تولي يا روحي معلش ممكن تحضري لي سريري عشان ارتاح شوية احسن حاسة إني تعبانة 

- حضرتك هتباتي هنا ؟! 

- اه يا تولي مالك في إيه ؟! 

- مافيش بس أصل أنا معنديش سرير زيادة هي كنبة بس اللي بنام عليها عند بابا 


نظرت لها وقالت بنبرة متعجبة 

- إيه دا بتسيبي بدران وتنامي مع رضوان في الاوضة ؟! 


رد" بدران" بنبرة ساخرة وقال 

- اصلها لسه مش متعودة على القرب يا خالتي 

- متقوليش يا خالتي بتعصبني 

- هو أنتِ دايمًا كدا متعصبة هي العصبية دي وراثة عندكم ؟! 


وقفت عن المقعد وقالت بضيق 

- تولي تعالي وريني هنام فين أنا مش قادرة اقعد مع الحيوان دا لحظة واحدة بيعصبني 


رد " بدران" وقال بنبرة ساخرة

- والله ما حد معصبني غير بدل العدس اللي لبساها دي طول عمرنا نعرف العدس بيتأكل انما يتلبس اهي دي اللي جديدة !! 


بعد مرور نصف ساعة 


مش عارف والله يا شيرين الحكاية هترسي على بس دا اللي عرفته 


أردف " بدران" عبارته بينما جلست جواره 'تولين" بعد أن وضعت قدح القهوة خاصته أمامه وقالت بنبرة تملؤها الدلال 

- القهوة يا بيدو 


اقتربت منه حد الالتصاق محاوطة ذراعه بينما هو حاول فك يدها برفق لكنها رمقته بالتزامن مع رفع حاجبها الأيسر بتحذيرٍ واضح فهمه جيدًا عادت ببصرها لـ شيرين وقالت 

- معلش بقى يا شيرين أصل أنتِ كدا دايما بتيجي في وقت غير وقتك يلا احكوا لي كنتوا بتتكلموا في إيه ؟! 

- ابدًا يا ختي دا كان بدران بيحكي لي إن لازم محلل عشان ارجع لجوزي فـ كنت بقوله لو ينفع هو يتجوزني ويبقى محلل بدل الغريب 


ردت " تولين " وهي تنظر له وقالت بنبرة تملؤها الغنج وقالت:

- أنت إيه رأيك يابيدو في كلامها مش موافق صح ؟! 


فك يدها المحاوطة لذراعه وتناول القهوة وهو يقول بتوتر من طريقتها 

- طبعًا طبعًا مش موافق ماهو أنا لسه متجوز مكملتش أسبوع حتى اقوم اتجوز تاني مجنون مثلا؟! 


أو يمكن أنا مش ملية عينك العسلية دي 


قالتها " تولين" وهي تسير باناملها على كتفه بغنجٍ بالغ تابع بذات النبرة وقالت 

- هي عسلية ولا بندقية ها؟! 


عادت ببصرها لـ شيرين وقالت:

- قلتي لي بقي يا شيرين عاوزة تتجوزي جوزي وأنا اروح فين ؟! 


ردت " شيرين" بنبرة مغتاظة وقالت:

-أنتِ إيه ياحبيبتي ما أنا عارفة وأنتِ عارفة والدنيا كلها عارفة إنك متجوزة بدران كدا جواز سوري 


ردت " تولين" وقالت بدهشة 

- إيه دا هو بيدو ما قلكيش اللي حصل ؟! 

- حصل إيه ؟! 


عناقت ذراعه ثم سندت برأسها على كتفه وقالت 

- بيدو بقى حبيبي و أنا حبيبته وقريب هايبقى عندنا نونو 


رد " بدران" وقال بعدم فهم لما يخدث حوله 

- نونو مين ؟! 

-نونو يا حبيبي ابننا إن شاء الله أنا عارفة إنك مبتحبش تتكلم في أسرار بيتنا بس شيرين م غريبة دي زي أختك 


ردت " شيرين " قائلة مغتاظة 

- اخته ازاي يعني يا حبيبتي دا احنا كنا في حكم المخطوبين بل ما حضرتك تطلي بطلتك البهية !! 


ابتسمت ملء شدقيها وقالت

- اديكي قلتيها قبل ما اطل عليه واول ما شافني بطلتي البهية قالي أنتِ حبيبتي وقلبي ونور عنيا و يلا نتجوز يا تولي قلت له يلا يا حبيبي مش كدا يا بيدو ؟! 


رد "بدران " وقال 

- انتوا الأتنين اخواتي ارتاحتوا 


ردت "تولين" بنظرة يعملها جيدًا وقالت 

- إيه 

- قصدي إنك أنتِ اختي وأمي وحبيبتي وكل ما ليا في الدنيا دي 


ردت بنبرة غنجة وقالت 

- و أم عيالك 

-طبعًا أنتِ أم عيالي هو أنا اطول 


ردت "تولين" وهي تنظر لـ شيرين وقالت 

- شفتي بقى يا شيري أنا كل حاجة عند بيدو ازاي دوري لك على حد تاني غير حبيبي يلا يابيدو عشان تنام 

- بس أنا مش عاوزة انام دلوقت دا لسه المغرب مأذنة من شوية 

- أنا قلت هتنام دلوقت يا بدران 

- ايوة فعلا أنا نعسان اوي لدرجة مش قادر اشوف قدامي تصبحوا على خير 

- بيدو

- نعم 

- شيلني عشان الارض بتوجع لي رجلي 

- افندم ؟! 

- النونو يا بيدو نسيته ؟! 

- ودا يتنسي بردو دا اللي بسببه بضرب نفسي ميت جزمة 

- إيه !! 

- عشان معرفتيكش من زمان يا روحي وعشت أيام سودا في بُعدك عني طبعًا 


يتبع 


الفصل الثاني عشر 

==========

قبل الأحداث الحالية بشهر تقريبًا 

وتحديدًا اليوم الذي طلبت فيه " تولين" من "بدران" شراء نصيبه بالشقة، طلبت منه آنذاك مُهلة لتدبير المبلغ المطلوب، قررت أن تذهب لـ بن عمها وتطلب منه نصيب والدها من الأرباح السنوية 

لكنه رفض متعللًا بأن الوضع المالي للشركة لا يسمح بذلك الآن،  و أثناء  عودتها للمنزل غير السائق طريقه انتبهت وهي تحاول أن تتاكد من أنه قد اخطأ، أشارت بيدها قائلة:

- أنت دخلت طريق غير الطريق يا اسطـ....


بُتر جملتها وهو ينثر رازاز المخدر في وجهها، لتفقد وعيها للتو،  تابع سيره  وهو يمد كفه أمام وقال:

- تمت المهمة بنجاح وتولين معانا ياباشا أي اوامر تانية ؟! تم ياباشا .


بعد مرور ساعة تقريبًا


كانت ترفع رأسها وهي تضع كفها على رأسها إثر الصداع الذي صفع بكامل رأسها وعيناها،  الصورة قد تبدو مشوشة بالنسبة لها،  وقف أمامها بكامل بهيبته حاولت أن تمعن النظر فيه لتتعرف عليه 

مر عشر دقائق أخرى عليها حتى عادت لكامل وعيها جلس مقابلتها وقال بإبتسامته العريضة 

- تولين رضوان العفيفي بنفسها عندي حقيقي ليا كامل الشرف 

- أنت مين ؟! 

- أنا مصباح علاء الدين اطلبي واتمني 

- وأنت مين بقى يا علا الدين ؟! 


رد بنبرة ماكرة

- معقول متعرفيش مين هو الكينج ؟! كدا الكينج يزعل بجد 


ضاق صدرها من كلماته تأففت وهي تشيح بوجهها للجهة الأخرى لتجد ثلاث رجال اجسادهم تفوق جسد ذاك الماثل أمامها،  وقف عن حافة الاريكة  ثم أشار لرجاله بالإنصراف، عاد وبيده ( الريموت  ) 

فتح لها شاشة مثبتة على الجدار، جلس جوارها وقال بإبتسامة واسعة وهو يتناول حبات الذرة المقرمشة 

- بعشق الفشار وأنا بتفرج على الفيلم دا اتفرجي معايا كدا 


تطلعت على الشاشة لتجد والدها جالسًا يتناول كيسًا من القطن ذو اللون الأسود،  القاه أمام "صفوت" بن اخيه وقال:

- الصفقة دي متلزمنيش ولو فكرت تاخدها يا صفوت هزعل وأنا زعلي وحش اوي 


سحب "الكينج" جسده للأسفل قليلًا ليجلس بأريحية مسندًا بظهره للخلف، وضع ساق فوق الأخرى ثم نظر لها وقال:

- بتملي من التفاصيل ؟! تحبي نجري شوية وندخل في احداث الفيلم ؟!


لم تكن تعلم ما يحدث حقيقية أم خيال والدها تاجر الماس هل ما تراه واقعًا ملموس وليس خيال ؟! تناول " الكينج " حبات الذرة المقرمشة 

وهو يقول بجدية مصطنعة

- أنتِ شبهي اوي يا تولي بتحبي تختصري المواضيع بس   it's okay هختصر حتة صغننة عشانك 


قام بتسريع الفيلم قليلًا ليأتي مشهد آخر لأبيها وهو يعذب أحدهم لسرقته في إحدى الصفقات كان يتلذذ بتعذيبه بشتى انواع التعذيب، يا إلهي لقد رأت الوجه الآخر لأبيها، إنه سادي من الدرجة الأولى من هذا هل هذا والدها حقا أم شيــ.ـطان على هيئة بشر، وثبت عن حافة الأريكة وهي تصرخ بوجهه ذاك الجالس أمامها،  نظر لها وقال بعتابٍ 

- كدا يا Babyتقومي من جنبي قبل ما نكمل الفيلم سوا ؟!  أنا زعلت منك 


قبضت على أحد الأكواب ثم القت بها تجاه شاشة التلفاز ليتهشم نظر لها وقال بحزن مصطنع

- كدا تكسري الشاشة ؟! أنتِ بنوتة شقية وكدا زهران زعل منك 


تابع " زهران" بإبتسامة واسعة وهو يضغط على خدها بأنامله وقال:

- بس فداكي يا تولي 


نزعت يده عن خدها بعنفٍ شديد وقالت بنبرة حادة مختلطة بحشرجة 

- اسمع يا حيوان أنت أنا مش عارفة أنت بتتكلم عن إيه ولا يهمني اعرف والفيديو  المقرف اللي شفته دا أكيد مش لـ بابي، بابي مستحيل يكون يعمل القرف دا كله .


تنهد " زهران" بعمقٍ  وقال:

- هو أنا مضطر اتحمل دلع يا Baby أصل أنا عصبي بردو بس قصاد عيونك الحلوة ممكن ابقى هادي ولطيف بس أنتِ كمان خليكي relax اتفقنا عشان تعرفي كل حاجة okay؟!


هزت رأسها علامة الإيجاب دون أن تتفوه بكلمة واحدة  ابتسم لها ثم قام بسحبها خلفه،  اتجه حيث حجرة غير التي كانت جالسة فيها بدأ يُلقي أمامها كل ما يعرفه عن والدها، صفوت، وعمها معتز الجميع متعاونين معه، بالأحرى هو من يحركهم كيفما شاء، امتزجت الدموع ببنيتها، كيف هذا  أبيها الرجل الذي يتحدث معها ليلًا نهارًا عن الحلال والحرام هو نفسه الذي يفعل كل ما هو حرام  يكفي هذا القدر على الاقل في الوقت الحالي  اغلقت الملف ثم القت بها أرضًا، رفعت ذقنها بشموخ وقالت:

- ممكن أعرف أنت مين وإيه المطلوب مني إيه ؟!  

- هنتعرف على يعني ؟! 


تابع وهو يهمس بالقرب من أذنها وقال: 

- مافيش مشكلة أنا الكينج وعاوز حاجتي 


نظرت له و قالت بعدم فهم:

- حاجة إيه ؟! 


سار "زهران" تجاه الطاولة لملم الأشياءالمتناثرة فوقها مستطردًا :

- شكلك فوضوية يا تولي أنا مش كدا، مش مشكلة هرتبهم المرة دي عشان خاطرك 


استدار بجسده كبه وقال :

- انما المرة الجاية هنرتبهم سوا اتفقنا ؟! 


تنهدت بعمق وهي تتجه حيث الطاولة  بعثرت الأوراق الذي قام بترتيبهم، تركها تفرغ طاقة الغضب التي تملء قلبها، نظر لها وقال:

- تولي كدا زهران يزعل 


تابع بهدوئه الذي تحلى به منذ رؤيته وقال:

- انزلي لميهم بقى 

- بطل اسلوبك المستفز دا بقى. قل لي جايبني هنا ليه ؟! 


اقترب منها وهو يقول بهدوء

- زهران مش مستفز زهران لذيذ مش كدا يا تولي ؟! 


زفرت بحنق ثم شاحت بواجهها بينما هو قبض على ذقنها برفق وقال:

- زهران إيه ؟! 


دفعته في يده وقالت :

- زفت لذيذ ارتاحت كدا ؟! 

- شوية، بس مش مشكلة دا أول لقاء بينا 

- وآخر لقاء 


أصدر تأتأة من بين شفتاه وهو يقول بثقة وغرور 

- زهران وبس اللي يقول إمتى يكون آخر يا تولي زهران وبس اتفقنا يا Baby ؟! 


سحبت نفسًا عميقًا وهي تسايره ابتسمت بسمجة لكن تلك الإبتسامة راقت له كثيرًا،  حين قامت بتقليده وقالت بعصبية  

- اتفقنا يا Baby 

- تولي شطورة بتسمع الكلام شطورة 


تابع بجدية وهو يسحبها خلفه متجهًا بها حيث طاولة مستديرة، اجلسها على أحد المقاعد وجلس جوارها  فتح لها الملف وبدأ يسرد لها بعض الأسرار 

كانت عيناها معلقتان على كل صورة يشيرعليها بسبابته حدثها ما يُقارب الساعة ونصف،  علمت بكل كبيرة وصغيرة فعلها أبيها، لم تعد تستوعب ما يقوله المعلومات التي عرفتها الآن تكفي، حتى هو قرر أن يرأف بحالها ويكتفي بهذا القدر على الأقل في الوقت الحالي .


وقفت عن المقعد وبداخلها شحنة من الغضب تكفي عالم بأسره، نظرت له بشموخ ثم عادت ببصرها للأوراق الموضوعة على سطح المائدة 

- أنا موافقة ارجع لك حاجتك 

- امتى ؟! 

- إمتى دي بتاعتي أنا مش أنت يا زهران 


تابعت بسخرية وقالت:

- قصدي يا كينج ! 


رد "زهران"بذات النبرة وقال:

- مافيش مشكلة تولي وزهران واحد المهم حاجتي ترجع بدل ما زهراو يزعل


وقف مقابلتها وقبل أن يصل لخديها نزعت يدها بنفور عنها بينما تابع هو وقال: 

-  اتفقنا يا بنوتي الحلوة؟! 


قررت أن تغادر لتعرف كيف تفكر وتجمع شتات عقلها،  استقلت سيارة الأجرة وبداخلها قرارت متضاربة لا تعرف أيًا منهما الصواب والخطأ ؟! أبيها الذي كان قدوتها ومثلها الأعلى في الأخلاق وطيبة القلب يكن هو ذاته الرجل السادي تاجر الماس ؟! لا يمكن لهذا أن يكون هكذا  على ما يبدو أنها مستغرقة بنومها، اللعنة على السائق الذي انتشلها من بئر افكارها  المريرة ليخبرها بوصولها، ترجلت من السيارة 

وقفزت بين السلالم حتى وصلت للطابق الثالث فتحت باب الشقة واندفعت إلى غرفتها المشتركة مع أبيها، افترشت الفراش بجسدها 

وبكت حتى خارت قواها في البكاء .


بعد مرور عشرة أيام كاملة من هذا اللقاء صعدت  سطح البناية وهي تلتقط أنفاسها بصعوبةً بالغة،  هرعت نحو الزرع تتفقده نبشت أسفل الطين لتجد مجموعة من 

المخدر ات سارت تجاه حوض آخر من الزرع لتجد نفس المجموعة بنفس الحجم.  نبشت في أمثر من خمسة عشر حوضًا  لتجده لم يكن أمامها سوى الحر ق لسرعة التخلص منه قبل مجئ الشرطة، هرعت تجاه الغرفة باحثة عن أي شئ يزيد من الاشتعال  ماهي إلا دقائق معدودة و التهمت النيران كل شئ أمامها .


تنفست الصعداء ما إن وجدت كل شئ ينتهي أمامها  تعلم جيدًا مدى حزن " بدران" لكن إن علما في المستقبل سبب الحر ق سيشكرها على مافعلته معه حقا.


هبطت قبل أن يكتشف أحدهم وجودها وولجت المرحاض لتتخلص من رائحة السولار العالقة بجسدها،  ثم اتجهت على الفور إلى الشركة كأنها لم تفعل شيئًا. 


داخل الشركة 


تعال اخد مقاساتك يا بدران عشان البدلة بتاعت الافتتاح 

ياستي وهو القميص والبنطلون اشتكوا يعني مبحبش البدل أنا 

معلش بس دا مهم عشان أول لقاء ليك مع  الاعلام  ومش معقول هتلبس قميص وبنطلون يعني في يوم مهم زي دا 


قامت بسحب المقعد ثم وقفت عليه، وبدأت في فرط المازورة على كتفيه، فجأ وبدون أن ينذرها ابتعد عنها ليجذب هاتفه الصغير، سقطت على الأرض وصرخاتها تدوي المكان، اعتدلت في جلستها بمساعدته وقالت بضيق

- إيه الطول دا، دا أنا حاسة كأني كنت في العاشر 

- معلش قومي حصلك حاجة ؟! 

- تقريبًا فقدت الذاكرة 

- بتتريقي عليا ؟! 


نظرت لهاتفه وقالت بنبرة مغتاظة

- إيه اعمالك هتقف لو مردتش في اللحظة دي يعني ؟! 


نظر لشاشة هاتفه وبدأت علامات التعجب تعتري وجهه حتى تحولت لغضبٍ جم، وقفت من على الأرض وقالت بجدية 

- في إيه مالك ؟! 


هرع نحو مكتبه بدأ يبحث عن شيئًا مجهولًا بالنسبة لها سألته بفضول 

- في إيه مالك ؟! 


تركها وخرج من غرفة المكتب متجهًا حيث المصعد الكهربائي كل هذا أسفل ناظريها،  لم تتركه وذهبت مع في مكانًا حتى الآن لم تعرفه 


بعد مرور وقت 

شقى خمس سنين راح، عملت إيه عشان تعبي وشقايا يروح هدر كدا !!!  ساعدتك ؟! عشان وقفت جنبك ؟!   ليه الناس مصممة تشوف بدران المُر اللي مات من خمس سنين ؟! ليه الناس متعمدة تتدوس اوي كدا ؟! 

معلش يا بدران اللي حصل دا قضاء وقدر 

حر قوا الزرع و قتـ ـلوا الطيور اللي ملهاش ذنب وتقولي قضاء وقدر ؟!  عارفة أنا خسرت كام ؟!! 

أنا خسرت 100 الف جنيه يا تولين عارفة يعني 100 الف جنيه مع واحد زي حالاتي يعني مصدر رزقه كله راح 


هون على نفسك يا بدران الفلوس بتروح ونيجي إنما أنت لو رحت مـ....


صح عندك حق  ماهي 100 الف بالنسبة لك رقم تافه أنا أصلًا بالنسبة لكم كلكم إنسان تافه 

بدران بدل ما تقعد تندب حظك كدا دور على اللي عمل كدا و خد تعويض منه 

اخد من مين من صفوت ابن عمك ولا من شيرين بنت عمي و لا اخده منك ولا من ولاد المحمدي ولا من مين فيكم بالظبط ؟! 


وأنا علاقتي إيه باللي بتقوله دا ؟! 

عاوزة تقولي لي إن رجلك مأخدتش المكان وبقيتي تطلعي كل شوية كدا لله وللوطن ؟!  يعني مش بتشوفيني موجود إمتى عشان تقدري تنفذي تهديدك ؟! 

أنا لما قلت لك كدا كان وقت غضب لكن أنا مستحيل اعمل كدا مش أخلاقي أصلًا 

بلا أخلاق بلا وجع دماغ وهو في واحدة عندها اخلاق اصلًا تعيش مع واحدة في شقة واحدة 

وهي متعرفش الشخص دا لا وتتعامل معاه كأنها   تعرفه بقالها قرن 


مش يمكن عملت كدا عشان كنت فاكرك راجل 

و ابن بلد و مش هتغدر بيا ولا ببابا ؟! 


تصدقي معاكي حق اقتنعت فعلا بجد أنتِ مُبهرة في الاقناع، فوقي لنفسك يا تولين هانم 

أنتِ الحارة كلها بتتكلم عنك وعن أخلاقك اللي بتقولي عليها و بيقولوا عنك واحدة رخيصة 


بلعت لعابها و قالت بمرارة 

- لو كنت أنا رخيصة فـ الأرخص هو اللي سمع و ما قطعش لسان كل واحد اتكلم في حقي ورد غيبتي 

- هو أنتِ مجنونة مابتفهميش ؟!  مش فاهمة الدنيا مثلا ؟! واحد وواحدة  عايشين في بيت واحد وابوها مبيقدرش يناول لنفسه كوبية الميه  منتظرة إيه تقول عنك إيه اشعار ؟!! 


هدر بصوته كله وقال 

- دا يا شيخة بقت بقضي وقت كله في الشغل وعلى السطح عشان محدش يفهمني غلط بقت بخاف على سمعتي منك  و أنت إيه ضاربة الدنيا و عايشة و لا كأنك في امريكا إيـــه اخترمي نفسك شوية و لمي اللي باقي من كرامتك قصادي  و خُدي موقف بقى بدل الرخص اللي أنتِ في دا !!! 


يتبع 


 تكملة الرواية بعد قليل 

تعليقات

التنقل السريع