رواية عودة بدران المر الفصل الثالث عشر والرابع عشر بقلم هدى زايد
رواية عودة بدران المر الفصل الثالث عشر والرابع عشر بقلم هدى زايد
13&14
الفصل الثالث عشر
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد مرور أسبوع
من حر ق غرفة "بدران" كانت "تولين" تتجاهلهُ تمامًا، كانت كلماته قاسية لم تتحلى بأي نوعًا من الرحمة، التمست له العذر ولكنه كان قاسيًا أكثر من أي وقتٍ آخر، كانت جالسة بغرفته بسبب وجود عمتها بالمنزل هذه الفترة أما هو كان جالسًا في الردهة، يقضي معظم وقته ويغلبه النعاس فـ يُكمل ما تبقى من وقته على الأريكة، قرر أن يصعد لـ سطح البناية و بدأ من جديد، جثا على ركبتيه يقلب الثرى وينظفه من الرماد فـ تعلقت يده في شيئًا، عقد ما بين حاجبيه وهو يخرجه، قربه من أنفه عدة مرات ثم قال بخفوت
- حشيش !!
وقف عن الأرض متجهًا حيث الغرفة قف على بابها وهو يتفقدها جيدًا، وقعت عيناها على قيرطًا خاص بها مال بجذعه والتقطه، قفز بين السلالم
حتى وصل لشقته، ولج وبحث عنها في كل مكان
إلى إن وجدها ترتب ملابس والدها، نفض الملابس من بين يدها وقبض على رسغها برفق، حاولت إيقافه لكنه لم يكترث، سألته عمتها قائلة:
- أنت واخدها كدا ورايح فين ؟!
- مراتي وعاوزها في كلمتين يا خالتي
ولج الغرفة ثم اوصد بابها، رفع نصب عيناها الأشياء التي عثر عليها، بلعت لعابها وهي تشيح بوجهها للجهة الأخرى، لف له وجهها وقال بعصبية :
- تولين مش مش وقت سكوتك، ردي عليا وقولي لي إيه دا ؟!
- معرفش
احنا هنستعبط يا تولين ؟! يعني إيه معرفش !!
قالت عبارته بعد أن فقد السيطرة التامة على اعصابه دوى صوته الغرفة وبرزة عروق رقبته وهو يُلقي ما بين يده في الأرض، لم تهتز بل واجهته بشموخها وجمودها وهي تعقد ساعديها وقالت:
- يعني معرفش يا بدران
ارخى جفنيه بقوةً شديدة وهو يقول من بين أسنانه
- لآخر مرة يا تولين بسألك إيه اللي جاب الحـ....
بتر سؤاله عمتها بطرقاتها السريعة والمتتالية خوفًا على ابنة أخيها، لم يتحمل تطفلها أكثر من ذلك، اتجه حيث باب الغرفة وقال بعصبية :
- نعم في إيه مالك نازلة دق على الباب ليه ؟!
- إيه اللي في إيه مالك وكالها بتزعق لها ليه ؟!
خرجت " تولين" من خلفه وقالت بنبرة لا تقل عن نبرته حدة وصرامة قائلة:
- بدران مبيزعقش يا عمتو وحتى لو عمل كدا دا جوزي يعمل اللي هو عاوزه و أنا متقبلة دا عادي
ردت عمتها بغضبٍ جم وقالت :
- أنتِ خلاص مبقاش حد عارف يكلمك من ساعة ما جيتي هنا، حالك اتقلب ولسانك طول وبقيتي قليلة الأدب و أنا اللي غلطانة إني جيت هنا اساسًا
قامت بطرد عمتها بشكلٍ غير مباشر، بعد أن علمت من " زهران" تورطها و أنها ضمن التشكيل العصابي غادرت الشقة تاركة "تولين" تستدار بجسدها كله تجاه " بدران" رفعت سبابتها. نصب عيناه و حذرته بنبرة محشرجة و أعين مليئة بالدموع قائلة:
- و أنت حسك عينك ترفع عليا صوتك تاني أنت فاهم ولا لا
تابعت بنبرة مختنقة وهي تشير تجاه المخدر ات وقالت:
- ايوة انا اللي حر قت لك المشتل بتاعك والأوضة و لو رجع بيا الزمن كنت عملت نفس اللي عملته تاني
سحبت نفسًا عميًا وقالت :
- عشان الحيوان اللي اسمه صفوت كان عاوز
يد مرك و لولا ستر ربنا وانه بيتصل بيا عشان يشتم فينا مكنتش عرفت اصلًا، بقت زي المجنونة مش عارفة ادور هنا ولا هناك ولا فين بالظبط لاقيت جاز في الاوضة قمت اخدته وعملت اللي عملته
ختمت حديثها قائلة بضيق لتذكر إهانته لها وقالت
- شفت اللي ماعندهاش اخلاق عرفت تنقذك ازاي معلش أصل كل واحد بيعمل بأصله
تركته يجمع شتات أفكاره، هوى بجسده على حافة الفراش دفن وجهه بين كفيه وهو مغمض العينين لقد فاض به الكيل، لم يعد يعرف من أين عليه أن يبدأ كلما خطى خطوة دمرها له "صفوت"
وماذا عن تلك المسكينة التي ساعدته دون أن يطلب المساعدة، يجب عليه الإعتذار لا مفر من ذلك فهو مخطئ .
*******
عودة للوقت الحالي
مازالت تتجاهله، غاضبة منه، و تريد قـ ـتله إن لازم الأمر بعد أن سمح لـ ابنة عمه تأتي لهنا لكنها قررت أن لا تُظهر غيرتها تلك، أما هو فـ يعمل بكل ما اوتي من قوة على أن يُنهي كل شئ قبل الأفتتاح بعد أن تم تأجيله للمرة الثالثة على التوالي لعدم الانتهاء من تعديلاتها التي لا تنتهي ليُجبرها بالنهاية على المكوث بالبيت والاهتمام بأبيها لكنها لن تستسلم أبدًا.
بعد مرور يومين من محاولة الصلح الذي يسعى إليها لكي ترضى عنه قرر أن يخفف من حالتها النفسية و يطلب من صديقتها المقربة "ميرڤت"
أن تأتي لتقضي معها بعض الوقت، ما إن أتت هطلت الشكاوى عليها كالمطر قائلة:
- أنا خلاص يا ميرڤت مش قادرة بجد مش قادرة اعيش أنا و المتـ ــحرش دا في نفس الشقة دا دا مبيعملش حاجة غير إنه يتـ ـحرش بيا
-وأنتِ ازاي تسمحي له يمد ايده عليكي
- مش ايده دا لسانه يا ميرڤت
رفعت " ميرڤت " شفتاها العلوى وقالت بعدم فهم
- مش فاهمة
- بيتحـ ـرش بيا لفظيًا
- ماتقولي بيعاكسني لازم تلاعب بالالفاظ يعني !!
عموما لو ضايقك اتحملي عشان أنتِ ملكيش مكان غير هنا لو عاكسك عكسيه أنتِ كمان و تبقى واحدة بواحدة
- بالله عليكي دا وقت تريقة ؟!!
- اعملك إيه يعني يا تولين ماهو دا محدش يقدر عليه غير ربنا الصراحة بقى، و بعدين شرعًا و قانونًا أنتِ مراته فـ طبيعي يعاكسك
ردت بوعيد وهي تقف عن مقعدها
- اقسم بالله لو فكر يعملها تاني يبقى هو حر يتحمل اللي يجرا له
ولج بدران وهو يحمل الصناديق نظر لها وقال
- بيقلك القمر تعذر النهاردا اتاري القمر قاعد في شقتي ومنور صالتي
ضحكت " ميرڤت" وهي تقول بنبرة خافتة:
- طب والله العظيم دمه خفيف و زي العسل و أنتِ اللي نكدية الواد بيحاول يخليكي تفكي كدا و متزعليش و أنتِ إيه يا حبيبتي حجر ؟!
ختمت حديثها قائلة:
- يلا هاسيبك بقى عشان اتأخرت لو عرفت اجاي لك تاني هاجي
- تعالي يا ميمي بتوحشيني و البارد دا مش مخليني اشوف الشارع دا طلبات بابا والأدوية بتاعته بقى بيجبها هو
- يا ختي حد يلاقي دلع و ميدلعش ؟!
بعد مرور ساعة تقريبًا
كانت جالسة تتابع مسلسلها المفضل، بهدوءٍ تام بعد أن غفى أبيها و بدران، الذي استيقظ بعد ساعتين كاملتين من الراحة، كان يتئثاب وهو يجلس بجوارها، متكًأ بمرفقه على الأريكة، جلسته كانت متعبة لكنه تحامل على نفسه و هو يتناول قدح القهوة خاصتها، سحبتها منه و قالت:
- روح اعمل لنفسك
- كسلان اعملي لي أنتِ
رفعت كتفيها وهي تقول بجدية وعيناها معلقتان على شاشة التلفاز:
- مبعملش حاجة لحد
- أنا جوزك مش حد
لم ترد على جملته وتابعت مشاهدتها للتلفاز بينما رد هو وهو يقف عن الأريكة وقال :
- خلاص مش عاوز حاجة أنا نازل اشربها على القهوة
- اخسن بردو
تابع بجدية مصطنعة قائلًا:
- ولا ليه ما هي شيرين قالت لي تعال اشـ....
وثبت عن مكانها في أقل من ثانية اتجهت نحوه وقالت بنبرة مغتاظة
-بقى شيرين قالت لك تعال اشرب قهوة و أنت رايح لها ها ؟!
رد بجدية مصطنعة قائلًا:
- و الله مكنش ليا مزاج بس يلا اروح بقى وخلاص ماهـ....
دفعته في كتفه وقالت بنبرة مغتاظة :
- روح لها يارب تمو ت عندها حتى يارب يارب
ذهبت حيث المنضدة لملمت الطعام الذي كانت تتناوله بغضبٍ كبير ثم اتجهت حيث المطبخ
ظنت أنه سيأتي خلفها و يطلب منها العفو والسماح لكنها اكتشفت جلوسه على الأريكة أمام التلفاز
ما هي إلا ثوانٍ معدودة و صدح قرع الناقوس
في الشقة وقف ليفتح وجدها عمتها، أشار لها بالدخول و قال بإبتسامة مزيفة:
- اتفضلي يا خالتي
- متقوليش يا خالتي دي بتعصبني
- حقك عليا يا عمتي
- اخرس خالص و قل لي فين تولين
- أنا اهو يا عمتو حمدلله على سلامتك
ردت عمتها بنبرة خبيثة وقالت:
- أنا زعلانة منك والمفروض مجيش بس بردو أنتِ زي بنتي و هتعبر اللي حصل دا محصلش
ابتسمت لها " تولين" إبتسامة شديدة التكلف وهي تقول
- طبعًا طبعًا يا عمتو اتفضلي حضرتك واقفة ليه ؟!
أشارت بيدها تجاه الردهة وقالت بترحاب
- اتفضلي يا عمتو اقعدي هنا اصل بابي نايم دلوقت أنتِ عارفة أخد علاجه وبينام بعدها
- هو عامل إيه دلرقت مافيش تحسن بردو ؟!
ردت " تولين " بكذب وقالت بحزن مصطنع
- لا خالص يا عمتو دا كأنه مبيعملش لا جلسات ولا أي حاجة بتأثر في خالص
رد " بدران" و قال بعدم فهم
-ازاي دا إذا كان امبارح كان بيـ...
ردت " تولين " مقاطعة إياه قائلة بإبتسامة مزيفة وهي تلتصق به لتهمس بإذنه
- لم نفسك ومتتكلمش معاها عن بابا نهائي
- ليه هو أنتِ بتخافي من الحسد ؟!
ابتسمت له وقالت من بين أسنانها
- د مك خفيف يا بيدو اتلم بقى
نظرت لعمتها وقالت بغنج بالغ
- مش تقولي لبدران مبروك يا عمتو
- مبروك على إيه يا بدران ؟!
- وربنا ما اعرف
- معلش ما عمتو هو بيدو بيخاف من الحسد بس أنتِ مش غريبة ومش هتحسدينا أنا حامل في تلات شهور
تلات شهور ازاي إذا أنتِ متجوزة من شهر بس ؟!
ثانية واحدة متجوزة ازاي أصلًا ومين
هو إيه اللي مين هو أنت وهي مش كنتوا متجوزين عرفي !!
امتى دا حصل يا خالتي
متقوليش ياخالتي بتعصبني
معلش يا عمتو هو بدران كدا يحب يهزر وبعدين أنا بصراحة كنت حامل ومرضتش اعرف بيدو وكنت عاملها له مفاجأة يادوب عرف الشهر اللي فات
طب صاحب العقل يفهمها أنتِ عاملتي لي خبر الحمل مفاجأة من شهر في شهرين واقعين منك قبل الجواز اللي متمش اصلًا
لا يا حبيبي البيبي كان عاملنا مفاجأة ومرضاش يقول إنه جاي أصله زيك بيعشق المفاجآت
تابعت بغنج بالغ وهي تضع يدها خلف ظهرها وقالت:
- آآه دا الواد بيرفس شكلي هولد ولا إيه ؟!
ردت عمتها بجدية متسائلة :
-تولدي في التالت يا تولين دا كلام معقول ؟!
يعني هو كان معقول لما البيبي يعملها مفاجأة قبل ما يجي
- بيدو أنا بتوحم
- نفسك في إيه حاجة مسكرة ولا حادقة ؟!
- وهو ينفع بردو نفسي تروح لحاجة حلوة و أنت معايا بيدو انزل هات لي فراخ مشوية
الفراخ غالية اجيب لك شبسيي بالفراخ وهو يبقى فيهم شبه من بعض ؟!
لم تتحمل عمتها حديثهم الذي كاد أن يجلب لها ذبحة صدرية، وقفت عن الأريكة وقالت بضيق
- أنا هقوم ارتاح شوية بدل ما ضغطي يرتفع
- نامي في أوضتي يا خالتي
- اخرس ومتقوليش خالتي واوضتك اللي هنام فيها يابتاع أنت
نظر " بدران " لـ " تولين" وقال:
- شايفة عمتك وطولة لسانها وبترجع تزعل مني لما ارد عليها
ربتت " تولين" على كتفه صم ملست علىي لحيته النامية وقالت بغنج بالغ
- معلش يا روحي بتهزر معاك بلاش عصبية اصلها وحشة عليك وعلى ابننا
قبض على مفاتيح الشقة و قرر الرحيل قبل أن يفقد عقله من تحت رأسها، ما إن ولجت عمتها الغرفة استوقفته قائلة بنبرة جادة
- على فين كدا ؟!
- نازل شوية
- نازل رايح فين بالظبط
- اما عجايب والله العظيم أنا أول مرة اشوف ست بتسأل راجل رايح فين وجاي منين ؟!=
- بس أنت مش راجل
- افنددم ؟!
- أنت بيدو حبيب مراته اللي هايسمع كلامها وهيفضل النهاردا في البيت بدل ما تقلب عليها وعلى دماغه الدنيا مش كدا يا بيدو ؟!
تنفس بمعق وهو يشيح بوجهه للنافذة عاد ببصره وقال بضيق
- يا ست الله يبارك لك تسبيني اروح اشوف نفسي شوية النهاردا إجازتي وأنا ما بصدق
اخد اجازة
ردت " تولين" بنبرة جادة وقالت:
- تمام مافيش مشكلة انزل و أنا كمان هنزل الشغل من بكرا و اشوف حالي ومالي زي ما اتفقنا
- وأنا قلت مافيش شغل
- و أنا كمان قلت يوم إجازتك مافيش نزول واظن دا اتفاق واللي يخلي بالاتفاق الطرف التاني ينفذ اللي في دماغه
رد " بدران" بعصبية وقال :
- لا بقلك إيه انا واحد دماغه أصلًا تعبانة ومش واحدة زيك تقولي انزل ومتنزلش ويكون في علمك بقى هنزل يوم إجازتي يعني هنزل
بعد مرور عشر دقائق
كان ممددًا على حافة الفراش بينما كانت هي تطوي ملابسه وتنظمها في الخزانة حسب اهميتها بالنسبة له، تنهد بعمق وقال:
-أنا زهقت
ردت بنبرة غنجة وقالت:
- من إيه يا حبيبي ؟!
- من برودك دا
- كدا يا بيدو كدا تولي زعلت منك
- ما ترحميني بقى من برودك دا شوية و تسبيني انزل اشوف الشارع والناس شوية زهقت زهقت
- تزهق و أنا موجودة دا حتى يبقى عيب في حقي
القت بآخر قطعة من الملابس داخل الخزانة ثم اتجهت نحوه، جلست على الطرف الأخر من الفراش وهي تقول بجدية
- اسمع بقى لما اقولك ولا تقول لعمتي بابا بدأ يتكلم ولا غيره
- ليه ؟!
-من غير ليه اللي بقوله يتنفذ وبس
- هو شغال عندك ما تتكبمي معايا عدل
ردت بكذب وهي تقول
- أصل عمتي عينها وحشة اوي وكذا مرة بقولها بابا خف وكدا ولما تعرف حالته تدهور تاني
رد " بدران" وهو يلعب على هاتفه لعبته المفضلة بل والوحيدة قائلًا:
- مش داخل دماغي الكلام بس هعديها لك ماشي
نظرت له بفضول وقالت :
- أنت بتعلم إيه ؟!
- لعبة التعبان
ردت بحماس وقالت:
- طب ما تخليني العبها دي مش عندي على التليفون وبحسها سريعة اوي
- لا مش سزيعة هي ليها مستوايات ولو اتعودتي عليها هتعرفي تلعبيها دا أنا بعدي ال 5000 نقطة فيها
اقتربت منه وقالت بحماس
- طب علمني
نظر لها وقال :
- وتخليني انزل ؟!
- مصمم تنزل ليه ؟! في إيه تحت هتجنن وتنزل عشانه ؟! عموما مش عاوزة اتعلم أنا بعرف العبها لوحدي عادي
ناولها الهاتف وقال :
- أنا جبت 6000 نقطة لو جبتي نصهم هنزل ولو جبتيهم كلهم هفضل قاعد في البيت اتفقنا ؟!
- اتفقنا
بعد مرور نصف ساعة
كانت جميع محاولاتها باءت بالفشل الذريع تصرخ تارة من فرط غيظها وتلقي بهاتفه تارة أخرى تناول منها الهاتف وقال لها
- اتعلمي بقى بتتلعب ازاي
اقتربت منه وهي تمعن النظر لشاشة الهاتف
جاهدت في أن لا تغفو، لكنها فشلت في ذلك أيضًا ظلت تتئثاب وهو تضع يدها على فاها
كان يلعب بهدوء إلى شعر بثقل على كتفه الايمن نظر لها وجدها في سباتٍ عميق، حاول ابعادها بخفة لكنها تشبثت به، ظل يسأل حاله لماذا تمنعه من الخروج اليوم تحديدًا، مالذي حدث لها ومالذي تخفيه عنه، نزل بجسده قليلًا ثم وضع هاتفه علي سطح الكومود التفت لها وفك قبضتها من قميصه الأسود برفق وقبل أن يغادر الفراش تمسكت بيده وطلبت منه البقاء، اقترب منها وقال بتساؤل
- مش عاوزاني انزل ليه يا تولين في إيه بالظبط؟!
لترد عليه قبل أن تعانق رقبته بيدها وقالت:
- خليك جنبي ارجوك
قرر البقاء حتى عشر دقائق أخرى، حتى لا يوقظها مرةً أخرى كاد أن يجن من كثرة التساؤلات التي هطلت على عقله كالمطر
جاهد في أن لا يرخي جفنيه لكنه فشل وساعده الهدوء على النوم وجعله في سباتٍ عميق .
*******
بعد مرور ثلاث ساعات
استيقظت " تولين" وجدت حالها داخل فراشه
وهو غادر الغرفة، بحثت عنه في كل مكان ولم تجده بدأ يتسرب الخوف والقلق داخلها، هل تم تنفيذ تهديد ذاك الملعون أم لا، تراقصت أناملها على لوحة المفاتيح، ثم رفعت الهاتف على أنها ليأتيها في الحال رسالة صوتية تخبرها بأن هاتف " بدران" خارج التغطية
اتجهت حيث المطبخ لتُعد الطعام لأبيها صدح رنين هاتفها في المكان، وجدت رسالة أتتها من رقم مجهول لكنها عرفت من هو عندما قرأت بعينها
( مش تقولي لي مبروك أنا وبدران اتجوزنا النهاردا هو بايت عندي معلش بقى يا تولين جت بسرعة كدا، اصل مقدرش يصبر لحد ما العدة تخلص معذور ما أنا حب عمره بردو )
أتتها رسالة أخرى بها صورة " بدران" ممد على فراشها عارِ الصدر و هو مغمض العينين على ما بيدو أنهرفي سباتٍ عميق كتبت لها فوق الصورة
( معلش الظاهر إن الصورة دي وصلت لك بالغلط، هاسيبك بقى احسن بيدو قرب يصحى و أنا معملتش العشاء صحيح نسيت اقولك لو اتأخر النهاردا يبقى هايبات عندي )
يتبع
الفصل الرابع عشر
===========
تنفست "تولين بعمقٍ وهي تنظر لصورته، اغلقت شاشة الهاتف ثم وضعته على سطح الطاولة الرخامية وتابعت ما تفعله في هدوءٍ مريب، كان عقلها في عالمًا آخر لا تعرف هل ما حدث هو حقيقةً أم خيالًا لكن بنهاية الأمر هي تغار، قررت أن تواجهه بهذه الصور، وضعت لأبيها الطعام وجلست تتبادل الحديث مع عمتها حول الأعمال العالقة بسبب "بدران" والتي سوف تؤدي بالخسائر الوخيمة حتميًا كل هذا و عقلها معه وليس هنا بداخلها نيران لا تعرف كيف تطفئها، و أخيرًا أتى و على وجهه إبتسامة عريضة تكاد تصل لأذنيه
القى التحية ولم ترد عليه، ولج غرفته و بدل ثيابه
ثم خرج ليجلس معها، لم تسأله عن سبب كـ ـسر ذراعه و لم يجد لهفتها التي يجدها بشكلٍ دائم أماهي كانت تشاهد التلفاز كعادتها الأخيرة نظر لها وعلى ثغره إبتسامة خفيفة ثم قال ساخرًا
- مش تقولي لي مبروك ولا حتى سلامتك
ردت دون أن تعرف على أي شئ تحديدًا يجب عليها أن تباركه وقالت:
- اتجوزت شيرين وارتاحت يا بدران مبروك
عقد ما بين حاجبيه وقال بتساؤل
- هي لحقت تقلك عموما الله يبارك فيكي
لم تتحمل " تولين" النبرة الساخرة من بين طيات حديثه القت بالصحن الذي بين يدها وقالت بعصبية
- طلقني بقى
التقطه هو وبدأ في تناول الحلوى وهو يقول بلامبالاة
- انسي مافيش طلاق على الأقل في الوقت الحالي
- لا بقلك إيه أنا واحدة مبتحبش تعيد الكلمة مرتين ولو فاكر إن جوازك هايهز مني شعرة تبقى بتحلم بس مكنتش اعرف إنك معندكش كرامة اوي كدا
-واديكي عرفتي ممكن بقى تروحي تحضري لي العشا
-ليه هو أنت اتشليت ؟! ولا الهانم ناقصها ايد ولا رجل أنا مش خدامة عندك يا أستاذ اتفضل اعمل حاجتك مع نفسك
-طب اعملي لي فنجان قهوة
-ها بتحلم طبعًا
-بقلك صحيح
-خير ؟!
-عمتك شكلها مطولة عندنا هتنامي فين ؟!
- هنام معاها في نفس الأوضة طبعًا
-لا وأنا ميرضنيش تعالي نامي معايا أنا وشيرين هو صحيح السرير صغير بس مشكلة أنتِ على اليمين وهي على الشمال وأنا بينكم معلش دايمًا أنا مضحي كدا
- امشي من قدامي يا بدران بدل ما اقتـ ـلك
- كدا ويهون عليكي أبو النونو دا حتى النونو يزعل
- بدراااااان متعصبنيش
- ليه بس ياروحي دا أنتِ حتى وأنتِ متعصبة بيبقى شكلك قمراية اقلك على حاجة الليلة بتاعت شيرين بس طالما هي النهاردا عند أمها خلاص بقى مضطر اقضيها معاكي تحبي نقضيها فين هنا ولا برا ونتمشى شوية ؟!
- أنا هقوم انام وخليك أنت كدا قاعد مع نفسك
- تولين
- نعم
- شيليني عشان رجلي بتوجعني من الأرض و دراعي مكـ ـسور
كزت على أسنانها من فرط غيظها اتجهت نحوه وقبل أن تضربه جذبها واجلسها عنوة جواره، نظر لها وقال بتساؤل:
- طب أنا راضي ضميرك واحدة رمتني ومفكرتش فيا ولا حتى قالت دا شاريني و عاوزني هروح لها أنا بعد ما راحت لغيري ؟!
لفت بجسدها للجهة الأخرى وقالت بدالال
- معرفش بقى اهو دا اللي وصلني
لفها له وقال بنبرة هامسة
- وصدقتي ؟!
- اه
- عشان غبية
- و ليه متقولش إنك حنيت لها ؟!
- مش بدران المُر اللي يحن لواحدة باعته ومعرفتش قيمته
ابتسمت بخفة و قالت بنبرة خافتة:
- يعني مش هترجع لها تاني ؟!
رد بنفس النبرة وقال :
- مين مجنون يبقى معاه دهب ويروح يبدله برملة ؟!
نظرت وقالت بفضول ونبرة تملؤها الدلال
- ويا ترى مين دي اللي معاك ومتقالها بالدهب كدا ؟!
ابتسم لها وقال بمشاكسة
- واحدة غالية عليا ومن يوم ما عيني جت عليها.وأنا مش شايفة حد حلاوتها ورقتها
- هي مين دي شوقتني اعرفها
- هي في مقام أمي الله يرحمها، الواحدة دي أنتِ يا تولي
اختفت الإبتسامة فجأة من على ثغرها وهي تقول بنبرة مغتاظة:
- بقى أنا في مقام مامتك متشكرة يا بدران عن أذنك عشان هنام
وثبت عن الأريكة والغضب والغيظ يملئ قلبها دخلت حجرته ووصدت الباب خلفها، ما هي إلا ثوانٍ معدودة وولج هو الآخر، جلس على حافة الفراش مقابلتها مد يده ليُمسك اناملها لكنها نزعتها بعنف تأواه بكذب حتى يلفت نظرها لكنها حاولت أن تقسو عليه و لكن اللعنة على ذلك القلب الذي التفت إليه كالبرق في سرعته، سألته بلهفة قائلة
- مالك إيه اللي حصل ؟! ودراعك اتكسر ازاي ؟!
رد بتساؤل ونبرة تملؤها العتاب قائلًا:
- مهتمة اوي دا أنا بقالي معاكي ساعة ولسه واخدة بالك ؟!
- قل لي بس حصلك إيه ؟!
رد وهو يحاول نزع الحامل عن ذراه لكنها اتجهت نحوه محاولة منعه وإعادة ربط الحامل من جديد
قائلة:
- خليك مثبت دراعك عشان يبقى مرتاح
ربطت له الحامل من جديد، ثم جلست مقابلته وقالت بتساؤل:
- إيه اللي حصل ؟!
حصل إني بحـ....
قالها "بدران" وهو يقترب منها بشدة لمست شفتاه خاصتها رفعت بصرها لساؤله لكنه بتر حديثهما بتلك القبلة الناعمة التي بالكاد أن يضعها لولا طرقات سريعة ومتتالية على باب حجرتهما
جعلتها تنتفض من مكانها بينما هو قبض على خصلات شعره من الخلف بقوةً وقف عن حافة الفراش وفتح باب الغرفة وهو يتسائل بغضبٍ مكتوم
- نعم خير في إيه ؟!
- إيه في إيه دي هو أنا بشحت منك ولا إيه أنا جيت اشوف تولين نايمة ولا صاحية بحسبك مش هنا
ابتسم لها بسماجة وقال:
- تولين نامت من بدري حاجة تاني ؟!
- لا شكرًا
اوصد الباب في وجهها و قال وهو يستدار بجسده كله لها:
- عمتك دي فيها غلاسة مش في حد
ابتسمت له ثم قالت بتذكر
- صحيح إيه اللي حصل لدراعك ؟!
جلس مقابلتها و قال بذات الإبتسامة وقال:
- محاولة فاشلة كدا من عمي وبنته
- لإيه بالظبط ؟!
اقترب منها وقال:
- عاوزين يخطـ ـفوني ليهم
مالت برأسها وقالت بإبتسامة خفيفة
- طب و أنت إيه رأيك ؟!
نظر لها ثم لف لها وجهها وقال :
- أنتِ إيه رأيك ؟!
- في إيه ؟!
- اروح لعمي وبنته و لا أفضل هنا ؟!
- أنت اللي المفروض تقرر مش أنا
- يعني القرار قراري ؟!
- اها
لم يُمهلها لحظة واحدة تسأله فيها عن قربه الشديد منها و محاولته في تقبيلها، ابتعدت عنه لكنه منعها من الإبتعاد أكثر من ذلك وقال بنبرة رجل أرهقه العشق
- كفاية بُعد يا تولي
تنحنحت وهي تبعتد عنه برفق ثم قالت بتلعثم
- قل لي إيه اللي حصل لدراعك ؟!
تنحنح هو الآخر وقال بخجلًا من حاله
- عمي جابني بحجة احل بين بنته وجوزها وحصلت خناقة بينهم وأنا بحاول احل الموضوع نزلت على ايدي عصاية واتكسرت ايدي
ردت بشماتة وقالت:
- تستاهل ماهو محدش قالك روحلهم
ضاق بحدقتيه وقال:
- هو أنا ليه حاسس إن دي شماتة ؟!
- لا دا مش احساس دي حقيقة وايوة شمتانة فيك عندك مانع ؟!
رد بنبرة مرحة وقال:
- وهو أنتِ حد يقدر عليكي ولايعارضك في حاجة
استطردت بجدية مصطنهة وقالت:
- صحيح عمتو مضايقة هي وصفوت من الشغل اللي معطله ومش موافق عليه دا ممكن أعرف السبب ؟!
رد بجدية وقال:
- دا شغل أنا مش مرتاح له ومش معطله ولا انا رفضته أصلًا
سألته باهتمام قائلة:
- ليه في إيه مش مريحك ؟!
أجابها وهو يقف أمام خزانته ليخرج بعض الأوراق الهامة وقال :
- في واحد كدا مش مرتاح له
- واحد مين ؟!
- واحد اسمه زهران النمر
ردت بنبرة متعلثمة مرددة اسمه قائلة:
- زهران هو الشريك الجديد !!
استدار بجسده له وقال بنبرة فضولية لم تخلو من الغيرة
- و أنتِ تعرفي منين ؟!
ردت بتلعثم وهي تعتدل في جلستها وقالت:
- أنا بردد الإسم مش أكتر يمكن يكون جه قصادي في مرة كدا ولا كدا
اتجه نحوها وبيده ملف صغير وضعه بين يدها وقال:
- الملف دا مهم اوي وخطير جدًا خليه معاكي
- و ليه اديته لي ماتخلي معاك ؟!
- عشان بثق فيكي وعارف إنك بتخافي على شغلك زي ويمكن أكتر كمان، وعشان الفترة دي وجود عمتك هنا بيثبت لي إنها جاية للملف دا وبتحاول توصله فـ أنا عاوز اخلي معاكي لحد ما حاجة كدا في دماغي ما تتم
سألته بفضول قائلة:
- حاجة إيه اللي مهمة اوي دي كدا ؟!
أجابها باسمًا وقال:
- لقد عاد بدران المُر
تابع بجدية وهو ينظر لها ثم قال بتحذير
- تولين مش حابب ازعلك مني فـ خلي بالك من الملف دا عشان ماتشوفيش وش بدران المُر اللي بجد
ردت بنبرة فضولية قائلة:
- ما تحكي لي حكاية بدران المُر وازاي اسمك بدران أحمد اامرعي وشهرتك بدران المُر ؟!
احتل الحزن محل الإبتسامة الواسعة وهو يقول:
- دي حكاية دا عمر بحاله يا تولين
- ازاي ؟!
نظر لها وقال بنبرة تملؤها الخذلان
- مافيش اوحش من احساس إنك منبودة من كل اللي حواليكي ابوكي وأمك حتى الناس الغربية بيخافوا منك لمجرد ما شافوكي
ابتسمت بخفة وهي تقول:
- طب ما تحكي لي عن بدران اللي عمري ما شفته واتغير وبقى حد تاني
ابتسم بمرارة وهو يطالعها ثم قال بحزنٍ دفين:
- مظنش إن الإبتسامة اللي على وشك هتفضل موجودة لما تعرفي حكاية بدران المُر
اقتربت منه وقالت بإبتسامة واسعة:
- أنا اللي اقرر دا مش أنت احكي لي يلا
سحب نفسًا عميقًا وهو ينظر لها ثم قال:
- اللي قدامك دا كان واحد مافيش حاجة غلط إلا وعملها عشت عمري كله ما بين أب و أم منفصلين اروح لأبويا يشتمني ويقولي روح لأمك هي أولي بيك اروح لأمي تقولي وأنا اشيل همك ليه روح لأبوك هو اولي بيك هو يتجوز وأنا اشيل همك امشي جوزي مش عاوزك عشان بنته
نظر لها وقال بمرارة:
- كانت بتربي بنت الراجل الغريب ومتعرفش حاجة عني انا واخويا
استوقفته متسائلة بنبرة متعجبة قائلة:
- اخوك أنت ليك أخ يا بدران ؟ اومال هو فين ؟!
حرك رأسه علامة الإيجاب وقال:
- احنا ولدين هو اكبر مني بسنة واحدة بس ولما ابويا طلق أمي اخدته و أنا رحت لأبويا ولما اتجوزت وجوزها طلب منها تسيبه جه وقعد معانا سنة واحدة بس
- راح فين كدا بعد كدا ؟!
- مش عارف
- يعني إيه مش عارف ضاع يعني ؟!
فرغ " بدران" فاه وقال:
يتبع
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق