القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية خسوف القمر الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نداء علي حصريه

 #بسم الله الرحمن الرحيم


رواية خسوف القمر الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نداء علي حصريه 







رواية خسوف القمر الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نداء علي حصريه 



الفصل الاول


وقفت أمام المرآة تناظر وجهها الذي لم يعد ينتمي اليها بل صار كقناع دميم منفر.. لم تر شيئاً من جمالها الماضي سوى عيناها الفيروزية التي صارت جامدة من هول الصدمات


تذكرت كلمات صديقتها الوحيدة التي كشفت السنَوات عن معدنها الأصيل؛ لم تتخل عنها مثلما فعل الاقربون بل ظلت جوارها.


لقد أخبرتها بحل مناسب لمأساتها قائلة:


عليك بارتداء النقاب يا قمر.


قمر بتعجب : نقاب؟!


علياء : أجل. انتِ لست مشوهة حبيبتي بل عليك ان تخفي وجهك لكي تحميه من تشوه المجتمع ونفوس البشر المريضة


ترددت قمر قبل أن تقول بخوف: لكن..


علياء : لكن ماذا.. تحدثي دون تردد


قمر : الا ترين انني متبرجة يا علياء، هل ارتدي النقاب ارضاء للبشر وانا من قبل لم افكر في ارضاء الله.


علياء بحب : خالقنا رحيم يا صديقتي أما البشر فلا رحمة لديهم وانت تبحثين عن عمل ولا اجد حلا سوى ذلك.


ابتسمت قمر واقتنعت بما قالت فالحقيقة واضحة، عليها أن تخفي تشوهها عن الأعين علها تحيا دون ألم جديد.


................................


كانت خطواتها متوترة وغير محسوبة لكنها تمتلك بداخلها يقيناً أن نهاية الطريق قد أوشكت علي الانتهاء لذا حاولت اعطاء نفسها مزيداً من الثقة لاستكمال الطريق الذي بدأته منذ ثلاث سنوات...


وقفت أمام الطبيب الذي نظر إليها بتقييم قبل أن يتحدث اليها باقتضاب قائلاً:


أعتذر منكِ، لقد تم تعيين أخرى قبل لحظات


رغماً عنها أدمعت عيناها واختنق صوتها وقد أيقنت أن الحياة تغلق أبوابها بوجهها مجدداً


تمتمت بصوت كسير أبى أن يصمد أمام تلك العواصف المتكررة.


لا بأس سيدي فأنا أعلم أن الأولوية لحسن المظهر وجمال الشكل ولا دخل للمؤهل ولا الكفاءة.


لم يجد رداً مناسباً لكنه لن يغامر بتعيين فتاة مشوهة الى تلك الدرجة بعيادته ويتسبب في ايذاء مرضاه؛ لذا تنحنح بحرج منهياً اللقاء قائلاً:


تشرفت بقدومك آنستي.


ابتعدت عن مجلسه وعن المكان ووقفت أسفل البناية بجانب عمود للإنارة تحتمي به من ظلام تفشى بمجتمعنا فصار سواده قاسياً وغابت عنه شمسه وقمره؛ صار مجتمعاً زائفاً يطفو فوق سماءه سحب النفاق والمظاهر الخادعة وتنبت بين أحضان تربته تنمر لكل من يحمل بهيئته اختلافاً..


تعرضت قمر منذ سبع سنوات لحادث سيارة فقدت على أثره جمالها الخلاب الذي رزقها الله به منذ الصغر وحرمها منه طيش ورعونة من شاب وهبه والده سيارة باهظة الثمن ضخمة الهيكل دهس تحت عجلاتها تلك الفتاة فشوه وجهها وأضاع مستقبلاً كان يلوح في الأفق ينتظرها بلهفة.


لتكتشف قمر منذ تلك اللحظة أن المحيطين بها نفوسهم أكثر تشوهاً من وجهها بل أن الكثيرين قد سقطت عن وجوههم أقنعةً أجادوا تصنعها سنوات مضت وبعد دخولها في قلب العاصفة تركوها وحيدة ولم يشأ أحدهم أن يمد إليها يده


انتحبت بشدة فكتمت شهقاتها بكف يدها فهو الأقرب اليها الأن وحاولت التقدم قليلاً علها تصل إلى مسكنها فتستكين بداخله


اقتربت من مشيتها إحدى سيارات الشرطة فأسرعت قمر قليلاً خوفاً من هيئة السيارة فما اصعبه من شعور أن تتعرض لظلم دائم دون ذنب تعلمه؛ تصبح مفتقداً للثقة.. خائفاً من كافة الأشياء.. تتمنى أن تبتعد فقط وتحتمي بداخلك من العالم وما فيه.. وهي الآن تخشى اقتراب سيارة الشرطة رغم يقينها أنها نقية ولم تقترف إثماً من قبل إلا أن الواقع من حولها يحملها إثماً كبيراً....


توقفت سيارة الشرطة فتوقفت قمر بدورها وعجزت عن المضي قدماً..


اقترب منها ضابط الشرطة قائلاَ بقسوة:


أنتِ ؛ لمَ تسرعين هكذا ؛ هل هناك ما تخشينه وتحاولين الهروب منه!؟


نظرت اليه بألم لن يدركه هو؛ فمن لم يتعرض للظلم لا يستشفه بقلوب حامليه لذا أجابته بخفوت..


لا سيدي أنا لم أفعل ما أخشاه لكن والدتي مريضة وهي وحيدة بالبيت لذا أسرع بمشيتي كي أصل اليها..


الضابط متهكماً : اعطني بطاقتك


مدت قمر يدها إايه برهبة جعلت يدها ترتعش لتقع البطاقة من يدها فيبتسم الضابط ساخراً وينحني أحد العساكر المصاحبين له قائلاَ:


تفضل سيادتك..


أومأ الضابط برأسه.. وازداد القهر بداخلها ولكن عليها الصمود ليس إلا...


تحدث الضابط رافضاً لهيئتها بالبطاقة والتي تخالف تماماً هيئتها الحالية قائلاً:


ما هذا؟ بالتأكيد هذه ليست أنتِ يبدو أن وراءك شئ مريب.


تحدث إلى مرافقه قائلاً:


أحضرها يا عيسى فمنذ البداية استشعرت الإجرام بملامحها.


مر جوارهم رجل وسيم حسن الطلة وبيده طفلة صغيرة لم تتجاوز الخامسة يبتسم اليها بود.


نظر بطرف عينه إلى سيارة الشرطة وتلك الفتاة التي بدت له مألوفة فساقته قدماه رغماً عنه وربما قلبه من فعل لينظر عن كثب إليها ليجد انها قمر.


(قمره الذي انطفأ، خطيبته في الماضي وحبيبته التي تخلى عنها بعد تلك الحادثة رغماً عنه كما يدعي إرضاءاً لوالدته والمحيطين به الذين تكدسوا في الوقوف بوجهه كي لا يتمم زواجه منها وهو بدوره استجاب لمطلبهم الذي وافق هوى نفسه البشرية التي تميل بطبعها الى التخلي.)


لم تلحظ قمر اقترابه فهي الآن تائهة لا تصدق ما يحدث.


لقد كانت في السنة النهائية بكلية الصيدلة وحيدة والديها.تمت خطبتها لمن اختاره القلب واستمرت خطبتهما عامان كانا نعيماً لا تشوبه شائبة وانتهى ذاك النعيم بعدما غاب جمالها وصار قمرها المتلألئ غارقاً وسط خسوف قاسي.


انتشلها من بين أنياب الماضي الضارية صوته الذي كانت تعشقه فيما مضي وأصبح يؤلمها همسه الآن قائلاً:


قمر! كيف حالك؟


قاطعه الشرطي بتعجب : وما شأنك أنت الآخر، هل تعرفها ؟


تحدث جاسر بثبات : أجل سيدي أعرفها فهي...


توقف جاسر وهربت من بين شفتيه الكلمات ونظر إلى قمر معتذراً فباغتته هي بقولها


أنا لا أعرفه، أرجو من سيادتك التوجه إلى المغفر كي تنتهي التحقيقات معي وأعود إلى والدتي.


بدأ الشرطي في الهدوء قليلاً فقد تعاطف معها ولا يعلم السبب، فأمعن النظر إليها ثانية ودقق بالصورة التي بين يديه ليلحظ عيناها التي يصعب أن تتشابه مع أخرى فهي كسماء زرقاء بها غيوم من حزن دفين.


تحدث بترقب إلى جاسر متجاهلاً رفض ونفي قمر لمعرفته بها قائلاً:


إذاً ما اسمها؟


أجابها جاسر بحنين : قمر عبد الرحمن القادري.


نظر إليه الضابط بتعجب ثم أعطاها بطاقتها قائلاً باعتذار :


استميحكِ عذراً آنستي، فما نراه يومياً يجعلنا فاقدي الثقة بالجميع.


أذن لها الشرطي بالانصراف، هرولت مسرعة تجاهد ألا تنهار تستجدي من قلبها التوقف عن النحيب فقد انتهى وقت الاشتياق.


لحق بها جاسر مسرعاً يناديها باسمها الذي طالما تغزل به وبها سنوات وتصم هي أذنيها كي لا تستمع إليه.


لحق بها واستوقفها ممسكاً بيدها لكنها نفضت يده عنها بقسوة وكره صارخة بوجهه بقوة تضاهي قوة غدره بها وتخليه عنها قائلة:


تباً لك إياك أن تلمسني مجدداً أيها البائس.


جاسر بحزن : اشتقت إليكِ كثيراً ياقمري.


قهقت قمر بقهر وتحدثت بدموع صارت صديقاً وفياً يأبي الهجر قائلة:


قمرك المشوه، أليست تلك آخر كلمات بيننا.


ألم تقف تستمع إلى كلمات والدتك وهي تنتعني بأبشع الألفاظ واختفيت في عقبها.


لقد تركتني بالمشفى وذهبت، تركتني وحيدة خائفة يحيطني اليأس ويطاردني شبح الموت.


جاسر : كنت مجبراً.


قمر : بل كنت كاذباً، لو أنك تعلم للرجولة والوفاء معني لما خدعتني لقد وثقت بك من بين الجميع لم استمع إلى أحد بل اكتفيت بما تقول وفي النهاية خذلتني.


لم يمضِ على فراقنا أكثر من شهر واحد وتقدمت إلى أخرى وتزوجت بها.


أنا أكرهك، أبغض رؤيتك يا جاسر.


جاسر : لقد تطلقت أنا وهي، ولم يعد بيننا سوى طفلتي، ماسة.


ابتسم محاولاً استمالتها : ألم نكن نحلم أن تكن أولى فتياتنا ماسة.


قمر بنفور : كنت بلهاء، لم أعد أحلم، أرجو منك أن تبتعد عن دربي فأنا أتألم عندما أراك.


جاسر : أنا مازالت أحبِك، أعطني فرصة


ثانية، سوف نتزوج.


اقترب منها بشدة فتراجعت للخلف لكنه لم ييأس واستمر بقربه قائلا بثقة:


لقد ورثت عن أبي الكثير سوف نبحث عن طبيب تجميل ماهر يعيد إليكِ جمالك السابق، فقط أعطني فرصة أخيرة.


أدارت وجهها عنه وتحدثت بصوت كسير :


ربما يتمكن الطبيب من تجميل وجهي المشوه لكن محال أن يجمل ما بداخلي من انهيار لقد دمرتني.


تركته وعادت إلى بيتها، تسللت بحذر إلى غرفتها بعدما اطمأنت على والدتها ونامت نوماً أشبه بالغيبوبة تهرب من نفسها ومن العالم بأسره.


................................


في الصباح الباكر جلس يامن يستمع إلى والدته بحب واهتمام يبتسم تارةً ويدعى الغضب تارةً اخرى إلى أن هتفت به مستنكرة


أرى انك تعاملني كما تعامل الاطفال.


يامن : أولستِ طفلتي ؟


ابتسمت والدته قائلة : لا حرمني الله منك حبيبي، لكن قلبي لن يطمأن إلا بزواجك.


يامن بهدوء : عندما يأذن الله سوف أفعل، عليَ الانصراف الآن وإن احتجت شيئاً مهما كان هاتفيني أتيك على الفور.


قبل جبين والدته وغادر إلى عمله فأمثاله لا وقت لديهم للراحة فعراكهم مع الحياة لا ينتهي وإن انتهي فمعناه موت محقق.



#لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين استغفرك اللهم واتوب إليك

رواية خسوف القمر بقلم نداء علي

الفصل الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم 


الفصل الثاني 


.................................. 


بداية...... 


استيقظت متعبة لا تدري ما الحل لما حل بها.. هل ستقضي باقي أيامها تبكي دون أمل يداعب شفتيها فيجبرها على الابتسام.. لقد ازداد الألم ولم تعد قادرة على الاستمرار..


هل تنهي حياتها وتحظى بنهاية لتلك المعاناة.. ولكن والدتها؛ كيف تتركها بلا سند ولا داعم.. !!


تنهدت بيأس إلى أن استمعت إلى دقات خفيفة مرحة تعلمها يقيناً 


لقد أتت ملاذها الوحيد الذي تبقى من بين كثيرين كانت ترى بوجوههم ود وصداقة كاذبة تبخرت مع أول الغيمات التي سقطت فوق أرضها فهرولوا جميعا باحثين عن مكان وارض جديدة بينما وقفت علياء بثبات تؤازرها وتزود عنها دون خوف أو ملل....


احتضنتها صديقتها بمرح قائلة:


أيتها القاسية لقد تجمدت أطرافي وأنا واقفة بالخارج.. كيف طاوعك قلبك على تركي خارجاً؟؟


نظرت اليها قمر بتعجب قائلة:


حبيبتي لم يمضِ على وصولك إلا بضع دقائق هل تعتقدين أنني واقفة خلف الباب وعندما تأتين أهرول إليكِ؟؟


علياء متصنعة الحزن : ولمَ لا.. أولست شخصاً ذو شأن ومكانة في المجتمع!!؟


قهقهت قمر على هيأتها وجدالها اليومي الذي لا ينتهي.. جذبت يدها وأدخلتها إلى السكن لتغلق الباب من خلفهما...


تساءلت علياء بترقب : هل تناولت فطورك؟


قمر : ليس بعد


علياء : حسناً فعلتِ.. لقد أحضرت لفائف الفول الساخنة لي ولكما عليكِ فقط إعداد بعض الشاي ريثما أذهب إلى سميحة الكسول


دفعتها قمر برقة وحب قائلة :


تأدبي يا فتاة.. أمي ليست كسول


تحركت علياء  تجاه الغرفة قائلة:


لا شأن لكِ فيما بيننا نحن صديقتان أسرعي أنتِ وحضري لنا الشاي..


***********************


وضع جاسر رأسه بين كفيه لم ينم منذ الأمس يدور برأسه حديثها معه دموعها التي تعاتبه وتخبره عن كم الألم الذي تسبب لها به.. كلمات الرفض والنفور التي لم يشأ سماعها فغادر مسرعاً


لقد تخلى لكن قلبه لم يخلُ من عشقها نادماً هو أشد الندم لكن يبدو أن وقت الندم قد فات..


نهر نفسه سريعا فهو لن ييأس بتلك السهولة سوف يسعى الي استمالتها مرة ثانية وفرصته مازالت سانحة فهي لم ولن ترتبط بسواه 


ابتسم بارتياح فقد بدأ الأمل يراوده مجدداً سوف يساعدها على استعادة جمالها القديم ويحيا بقربها وتساعده على تربية طفلته فهو لن يجد قلباً أنقى من قلب قمر....


توجه الي حمامه الخاص وألقى بهمومه مع قطرات الماء المنهمرة فوق جسده محاولاً التفكير في خطوته القادمة...


التقى بوالدته فأشاح بوجهه وألقى التحية على والده وطفلته ماسة


تحدثت والدته بغضب قائلة:


إلى متى ستظل هكذا.. هل تعاقبني على خوفي عليك؟؟


جاسر بهدوء : لا أعاقبك فأنت لم تجبرينني على الغدر بمن سلمت ليَ القلب والروح بل أنا المُلام وها أنا أدفع الثمن غالياً..


زوجة أذاقتني من الهم والحقد والنفور مالم أتوقع وبالأخير تطلقت مني وتخلت عن طفلتها..


والدته : وهل انتهى العالم من النسوة ؟ ازوجك غيرها إن شئت


جاسر : لم ولن أفعل.. عليك أن تعلمي أن زوجتي لن تكن سوى قمر وإن لم أستطع الزواج بها فلن أتزوج ما حييت..


لم يستمع جاسر إلى حديث والدته واعتراضها القوي بل استأذن من والده وغادر إلى شركته تاركاً والديه يتبادلان الاتهامات...


…………………………………


انتهى يامن من مراجعة الحسابات قبل تسليمها إلى صاحب العمل


نظر اليه الرجل بامتنان قائلاً:


بارك الله فيك يابني.. هل استطعت اختيار من يساعدك هنا؟


يامن : ليس بعد.. أنا في حاجة إلى شخص لديه خبرة مناسبة كي لا يأتي أحدهم ويسئ إلى مكانة الصيدلية بين الناس


ابتسم الرجل قائلاً : أعلم أنك دقيق للغاية طبيبنا الغالي.. رحم الله خالك راجح لقد كان مثالاً للدقة والالتزام


أومأ اليه يامن بحب قائلاً :


اطال الله لنا في عمرك سيدي...


الرجل برفض : أخبرتك مراراً ألا تقل سيدي.. انت لي أبناً يا يامن وخالك كان لي بمكانة الأخ...


نظر اليه يامن بامتنان ولم يعقب وماذا يقول وكلمات الشكر تعجز عن إيفاءه حقه فهذا الرجل كان سنداً ليامن بعد هروبه ولجوئه اليه


ساعده على استكمال دراسته بكلية الصيدلة وأولاه شؤون العمل لديه..


ربما يكمن الخير بشر كنا نراه هلاكاً محققاً.... 


............................


ابتسمت قمر بخجل وتوتر إلى صاحب العقار الذي اتاها للمرة الثانية طالباً حقه فيما تراكم عليها من أموال استحقت الدفع... 


تحدث الرجل بطيبة تشوبها حزن على نفسه وعلى حال قمر قائلاً:


يعلم الله أنني لا أود الضغط عليك بنيتي لكن الحياة صارت جحيم يصعب على أمثالنا احتماله فخالتك سعاد تحتاج شهرياً إلى علاجات باهظة وراتبي لا يكاد يكفينا..


تحدثت قمر باختناق : أعلم وأعتذر بالمساء سوف أجلب لك الايجار كاملاً إذا شاء المولى....


ابتسم اليها وغادر بخطوات مسرعة فهو علي يقين أن ما تعانيه تلك الفتاة لا يقل سوءاً عن حاله ولكن ما بيده حيلة أخرى


ارتدت قمر ملابسها وخلعت ذاك السوار الذي لم يبق لها سواه.. الذكرى الأخيرة من والدها.. هدية أحضرها لها قبيل وفاته بقليل.. ولكن عليها التخلي عنها كي تضمن سكن يأويها هي ووالدتها بضعة أشهر ربما يأتي يوم وتجد فرصة عمل مناسبة... 


انقضى يومان آخران بحثت خلالهما قمر باستماته ليل نهار عن فرصه تحيا من خلالها لكن فرصتها تشوهت بتشوهها... 


وقفت أمام المرآة تناظر وجهها الذي لم يعد ينتمي إليها بل صار كقناع دميم منفر.. لم تر شيئاً من جمالها الماضي سوى عيناها الفيروزية التي صارت جامدة من هول الصدمات


تذكرت كلمات صديقتها الوحيدة لقد أخبرتها بحل مناسب لمأساتها قائلة:


عليكِ بارتداء النقاب يا قمر


قمر بتعجب : نقاب!!!!


علياء : أجل.. أنتِ لستِ مشوهة حبيبتي بل عليك أن تخفي وجهك لكي تحميه من تشوه المجتمع ونفوس البشر المريضة


قمر : لكن..!!


علياء : لكن ماذا!!


قمر : ألا ترين أنني متبرجة يا علياء.. هل ارتدي النقاب ارضاء للبشر وأنا من قبل لم افكر في إرضاء الله


علياء بحب : لا تقلقي فخالقنا رحيم يا صديقتي أما البشر فلا رحمة لديهم وأنتِ تبحثين عن عمل ، ولا أجد حلاً سوى ذلك


ابتسمت قمر واقتنعت بما قالت ، فالحقيقة واضحة، عليها أن تخفي تشوهها عن الأعين علها تحيا دون ألم جديد 


بالصباح نظرت إلى حالها الجديد بسعادة لم تتخيلها لقد اختفت من أمام عينيها صورتها التي تؤرقها.. لم يبق واضحاً من ملامحها سوى عينيها.. 


توجهت بخطى واثقة تناقض خطواتها في السنوات الماضية.. تستشعر نسيم الهواء عليلاً منعشاً وكأنها لم تلتق به منذ دهور... 


توقفت أمام إحدى الصيدليات وسط بنايات شعبية.... 


توجهت إلى الداخل تتحدث بصوت أشبه بالهمس قائلة:


السلام عليكم سيدي.. هل مازلتم ترغبون في توظيف مساعدة هنا... ؟؟


نظر إليها يامن بتقييم وانتابه القلق من هيأتها فهو مطلقاً لم يتعامل مع منتقبة ويرى أنهن غامضات إلى حد ينبغي معه الحذر.. 


بينما نظرت هي بتوجس إلى يامن فملامحه جادة إلى حد يثير الرهبة بالنفس.. مدت يدها تلقائياً راغبة في التعارف فنظر إليها شزراً قائلاً:


أليس من المفترض أنكِ منتقبة أم أنه ستار ليس إلا ؟؟!!


أغمضت قمر عينيها واستشعرت حرجاً لم تعهده من قبل واستدارت بجسدها تود الهرب قبل أن تخونها عبراتها المتراكمة فاستوقفها بجدية مخيفة قائلاً:


انتظري..


توقفت قمر ومازالت توليه ظهرها 


تحدث بعملية متسائلاً : 


هل عملتِ في صيدليات أو شركات طبية من قبل ؟؟


أجابته بخفوت : لا 


استشعر هو حاجتها للعمل فهدأت ثورته قليلاً وطلب منها الملف الذي تحتضنه بين يديها 


نظر إلى صورتها بالبطاقة وحدث نفسه قائلاً:


لقد فهمت الآن سبب ارتداؤها للنقاب يا إلهي انها فاتنة..


لعن نفسه ناهراً إياها فهو ومنذ سنوات ابتعد تماما عن النسوة ودربهن بل ابتعد عن الحياة الا من عمله واهتمامه بوالدته 


أعاد النظر إلى صورتها مرة ثانية وكأنه يتبين من ملامحها ما يمكنه من فهم شخصيتها.... 


شعر بالارتياح قليلاً ولفت انتباهه انسدال شعرها واستنتج أنها تحجبت مؤخراً... 


لم يعط يامن اهتماماً لملابسها التي ترتديها الآن ولا لملابسها السابقة فهو شخص عملي لا يلق بالاً لتلك المظاهر الخادعة التي يعلمها يقيناً وقضى بين أحضانها سنوات عدة.. 


بينما كانت قمر تضم قبضة يدها بتوتر تخشى الا يوافق على توظيفها أو يطلب منها رفع النقاب عن وجهها... 


انتابها خوف شرس فهي لن توافق على رؤيته لوجهها مهما حدث 


تعجب يامن من مؤهلها الدراسي فهي لم تكمل عامها الاخير بكلية الصيدلة رغم تفوقها الجلي في السنوات السابقة دفعه الفضول ليسألها بترقب 


هل تركتِ كلية الصيدلة بعامك الأخير.. ولمَ؟ 


اومأت بحزن قائلة : لقد توفى والدي ولم أعد قادرة على متابعة دراستي وهناك أسباب أخرى أود الاحتفاظ بها لنفسي إن أمكن


اعاد يامن النظر الى الأوراق ليستفسر 


هل أنتِ متزوجة؟ 


قمر : لا.. لست متزوجة 


يامن : حسناً.. نحن بحاجة إلى مساعد ورغم انكِ تفتقرين إلى الخبرة إلى أنني سأمنحك فرصة لإثبات جديتك وإتقانك للعمل.. سوف نبدأ غداً ولمدة شهر تدريباً مكثفاً وعقب انتهاء فترة التدريب يتم تعيينك.. 


هل اتفقنا؟ 


تحدثت بصوت يداعبه الأمل الوليد 


اتفقنا.. 


يامن : أنا يامن.. 


قمر : حسناً دكتور يامن.. 


تنحنح يامن بجدية قائلاً : غداً سأكون بانتظارك في تمام الثامنة عليكِ ألا تتأخري فالالتزام بموعد الحضور والانصراف من قواعد التعامل هنا 


اجابته بتأكيد : سأفعل سيدي.. غداً قبل الموعد ستجدني أمامك 


غادرت بسعادة من وجد ضالته المفقودة وتضاعفت سعادتها لأن يامن سيتعامل معها بوجه قمر القديم سوف يستحضر صورتها التي رآها بإثبات الشخصية  لن ير وجهها المشوه ولن تلمح بعينيه نفوراً أو شفقة..... 


وتمتم هو بحذر.. أتمنى ألا أكون قد تسرعت بشأنها.. 


###########


أمام البناية القاطنة بها انتظر جاسر عدة ساعات علي أمل ان يراها لكنه سأم من طول انتظاره فغادر غاضباً غافلاً عنها وعن ثوبها الجديد الذي لم يتوقعه مطلقاً.... 


انطلقت هي تعدو بلهفة كي تصل إلى والدتها وتقص عليها ما حدث فمنذ زمن لم تنقل إليها من الأخبار ما يسر القلب... 


................ 


همَ يامن بالمغادرة ولكن صوت والده جعله يتسمر محله... 


توقف قليلاً يحاول السيطرة على غضبه بينما اقترب والده بثقة ترتقى حد الغرور والخيلاء المفرطة


تحدث بلهجة آمرة:


انتظر يا ولد.. هل جننت؟!


يامن : بالله عليك دعني وشأني..


جمال : لن أتركك إلا عندما تعد إلا رشدك.. أتترك نعيماً غيرك يهرول باحثاَ عنه وتقضي سنوات عمرك هنا! 


بين جنبات البيوت الرطبة المتهالكة


يامن : تحدثنا مراراً واخبرتك أنني محال أن أرجع كما كنت


نظر إليه جمال بقسوة قائلاً:


تعلم أن بإمكاني هدم الحارة بأكملها فوق رؤوس ساكنيها ان استمريت على عنادك فلا تدفعني إلى ايذاء المحيطين بك وارجع إلى بيئتك التي تربيت بها وحذاري يا يامن أن يصل غضبي منك إلى ذروته وقتها سوف أتجاهل أنك من صلبي...


اشار جمال إلى حارسه الشخصي فاقترب منه مسرعا مساعداً إياه علي ركوب سيارته الفارهة بينما تنهد يامن بيأس من والده وتجبره الذي يزداد ويقوى مع مرور السنوات...


وعاد بذاكرته إلى أطياف بعيدة يتمنى أن يهرب بعيداً عنها لكنه لم يستطع.... 


....... 


كانت قمر تقص على مسامع علياء عبر الهاتف ما حدث معها وعلياء تبتسم بارتياح من أجل صديقتها.. 


انتهت محادثتهما وتوجهت علياء لغرفة شقيقتها الصغرى لكن زوجة والدها استوقفتها قائلة :


هل انتهيت من محادثة صديقتك القبيحة.. 


علياء : لا تنعتيها بذاك الاسم فهي ليست قبيحة بل بعض القلوب هي التي ترى القبح في جميع الوجوه 


زوجة والدها : آه منك ومن لسانك السليط.. لا داعِ للكلام على أية حال لقد تقدم رجل ميسور الحال للزواج من نسمة وأنا موافقة 


علياء : وما شأنك أنتِ.. كيف توافقين دون الرجوع إليَ وإليها !!


زوجة والدها : حسبي الله عليكِ يا عديمة الحياء.. أولست في مقام والدتك ؟؟


وقفت علياء بتحدي أمام زوجة والدها صارخة بوجهها أنها لن تدعها تدمر حياة شقيقتها كما فعلت معها من قبل لكنها تحدثت اليها بقسوة وتأكيد :


حسناً يا علياء إما أن توافقي أو تأخذي شقيقتك وتغادري بيتي بلا رجعة 


علياء برفض : هذا بيت والدي 


زوجة والدها : كان يا حبيبتي لقد تنازل لي عنه قبيل وفاته 


علياء بغضب : أنتِ كاذبة والدي لا يفعل شيئاً كهذا


زوجة والدها : عليكِ إذاً أن تثبتي عكس ما أقول، أمامك يومان راجعي نفسك واحسمي أمرك إما أن تتزوج تلك البائسة من كفيل شقيقي وتسافر معه إلى الخليج وإلا فلا مكان لكما هنا.


انتهى البارت توقعات بقي وحركات وفوقوا معايا.... تمام

#خسوف القمر


الفصل الثالث


بسم الله الرحمن الرحيم


لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين


البارت الثالث من خسوف القمر


نداء علي.


والثقة ميثاق متين وعهد أمان توقعه القلوب والارواح فإن نقضه أحد الطرفين تمزق قلب الآخر وغامت روحه بسحب الشك فيضحي تائه يفتقد الأمان ولا يعطيه لأحد.


تناول يامن لقيمات قليلة دون استمتاع بمذاقها فكل شئ صار من حوله بلا روح.


تذكر حديث والده المحاط دائما بتهديد ووعيد يطابق شخصه القاسي فتنهد بضيق هو لم يعد يعبأ بشئ لكنه يخشى أن ينفذ تهديده فينال أحد المحيطين به سوء.


لن يعد ولن يستطع أن يفعل فكيف يحيا من جديد وسط تلك النيران المغلفة بمظاهر التحضر والرقي وماهي إلا بحور للرذيلة.


خداع وكذب وخيانة وكله يختبئ خلف ستار ابتسامات زائفة ومصالح متبادلة.


وكعادته منذ تلك الليلة التي فر فيها هارباً إلى احضان والدته التي أيقنت منذ بدأ زواجها من والده ان دربها ودربه محال أن يلتقيا ففطنت بقلبها العامر بإيمان راسخ أن استمرارها مع جمال نهاية لقيم ومبادئ نشأت في كنفها فأختارت الابتعاد.


تطلقت منه ولم يبق هو عليها بل توعدها وأخذ منها طفليها يامن وأكرم لكنها لم تضعف واختارت الثبات فأعاد الله اليها يامن بعدما ظنت أنها لن تراه مطلقاً.


سالت عبرات يامن فأزالها بضعف وأسرع مهرولاً إلى المسجد بعدما استمع إلى نداء الحق يتمنى أن ينسى حياة ماضية ومضاتها تخيفه للغاية.


أنين القلب الذي لم يذق إلا الظلم يصم الأذان فألالامه تختلف.


أمسكت علياء بكف شقيقتها التي لم يتجاوز عمرها السادسة عشر وصارتا معاً إلى الفضاء الذي يخيم على سماءه وارضه صمت مطبق بعدما نامت الأعين وهدأت الاصوات.


لا يعلما أين تذهبا لقد تم ما ارادت زوجة والدهما والقت بهما إلى أحضان الطريق وتركتهما.


كانت برودة الطقس قاتلة والهدوء من حولهما مخيف وقبل أن تدرك علياء أنها تسير منذ ساعات وجدت حالها واقفة أمام شقة قمر تدق الباب بضعف مؤلم وترقب يحيطه الرجاء


اقتربت قمر بحذر من الباب قائلة :


من الطارق؟


علياء : أنا علياء، قالتها بصوت تائه :


انقبض قلب قمر وأسرعت بفتح بابها لصديقتها التي ما أن دلفت الي الداخل ازداد نحيبها وأعلنت عن انهيارها.


أخذتها قمر بين احضانها تضمها كطفل صغير تبثها بعض الأمان علها تهدأ قليلا بينما


شقيقة عليا ساكنة بمكانها لا تدرك الي الان ما حدث وكيف تم طردهما من منزلهما.


أعدت قمر بعض الطعام بعدما استطاعت تهدأت علياء وتناولوا ثلاثتهم القليل.


تحدثت قمر بصوت حنون متسائلة


أخبريني حبيبتي ماذا حدث؟


علياء : لقد ألقت بنا زوجة أبي إلى الخارج بعدما استطاعت أخذ والدي من قبل وتسببت في ابتعاده عنا سنوات إلى أن توفاه الله أخذت منا بيتنا.


البيت الذي لم يترك لنا أبي سواه.


قمر : كيف؟ ألا يوجد قانون !


علياء : القانون لم يوضع لأمثالنا بل هو قانون الحياة حيث البقاء والانتصار للأقوى.. ألا تعلمين ذلك ياقمر.. ألم يقض على مستقبلك بأكمله شاب أررعن ولأن قانونه لا يهزم فر هارباً بفعلته..


زوجة أبي هي الأخرى قانونها هو الغالب فشقيقها يعمل بالمحاماة. قادر على اظهار المتهم بريئاً والبريء مداناً.. كيف لنا أن نقف بوجهها ووجه شقيقها.. هيا أخبريني ياقمر كيف لفتاتين مثلي أنا وشقيقتي بالوقوف أمام هؤلاء


تحدثت قمر بصوت متألم لنفسها ولأجل صديقتها :


ألم أقل لك منذ سنوات واخبرتني وقتها أن أمثالنا لهم الله ويكفينا هو عمن سواه


رفعت علياء بصرها إلى قمر فزادتها قمر قائلة:


هل نسيت يا علياء بعدما مات والدي وضاق بيَ الحال واتيتك باكية اخبرك أنني أود الموت وترك الحياة بأكملها وأني استشعر أن إلهي يكرهني وإلا ما ابتلاني بذاك الشكل


أغمضت علياء عينيها تبكي دون صوت فتن*دت قمر قائلة:


لقد عنفتني وقتها قائلة إن الابتلاء ليس كرهاً او غضباً من الله بل هو اختبار ليس الا.. وإلا ما ابتلى الله أنبياءه ورسله...


أومأت علياء بخجل من يأسها وقنوطها وابتسمت قمر فهي ليست متدينة مثل علياء لكنها تعلمت منها الكثير...


استمر الحديث بينهن إلى أن حل الدفء من جديد وغادرت برودة الغدر التي صاحبت علياء وشقيقتها في طريقهما إلى أن وصلا إلى بيت قمر....


استيقظت قمر تناظر المكان من حولها ب**ل راغبة بالنوم لكنها هبت فزعة عندما تذكرت موعدها مع يامن لم تكن تتحرك بالمكان مسرعة بل كانت تتخبط من فرط سرعتها وتوترها ارتدت ملابسها في لحظات وتوجهت للخارج لكنها عادت بعدما شهقت بهلع عندما تذكرت نقابها الذي لم تعتد ارتداءها بعد....


وعلة غير عادته استيقظ يامن متأخراً فأفكاره المتضاربة بالأمس جعلت نومه يجافيه...


توضأ وصلى فرضه متناسياً أمر قمر وتوجه لفتح الصيدلية...


أوشكت قمر على البكاء من فرط خوفها فقد تأخرت عن موعدها بمقدار يتعدى الساعة وزيادة محال أن يتغاضى يامن عن تخاذلها وسوف تفقد عملها قبل أن تبدأه..


شهقت بأمل وتفاؤل يصاحبه خوف لم يتزحزح بعد عندما وجدت المكان مغلق ويامن لم يصل بعد


مضى تقريبا ربع الساعة وهلَ بطلته الهادئة يطالعها وكأنه قد تذكر للتو موعدهما سوياً


تحدث باعتذار قائلاً:


آسف آنسة قمر لقد طرأ أمر ما وتسبب في تأخري، أعتذر كثيراً على وقوفك هكذا.


أرادت الكذب وإخباره انها قد أتت بالموعد المحدد لكنها لم تستطع فلسانها قد اعتاد الصدق لذا اجابته بخفوت قائلة:


لا داع للاعتذار سيدي فقد وصلت منذ قليل وربما عليَ أنا الاعتذار.


ساد الصمت بينهما وكلاهما ينتظر بترقب ما سيحدث لاحقاً لينهي ذلك الصمت بقوله :


حسناً سوف أتغاضي عن التأخير ويكفيني اليوم أنكِ قد صدقتني القول ولم تدعِ القدوم باكراً.


ابتسمت قمر بشدة وتهللت ملامح وجهه وأحس يامن بارتياح واستبقها ممسكاً بمفتاحه ذاكراً اسم الله قبل أن يبدأ أول أيامه بالعمل معها.


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


بالبيت لدي قمر استيقظت والدتها وتناولت افطارها بشهية كبيرة مع علياء وشقيقتها نسمة


ابتسمت علياء بانكسار قائلة:


لقد ازعجناك يا خالة سميحة. 


سميحة : لن ألومك على ما تقولين أيتها الساذجة. 


أولست انا كأمك وأنتما كقمر.


تنهدت بخفوت وابتسمت نحوها بامتنان:


 لن أذكرك بجميل صنعك طوال سنوات مضت يا علياء فقد فعلت معنا مالم يفعل أحد من الاهل ويكفي أن دماءك تجري بعروق ابنتي بعدما انقذتها من الموت وتبرعت لها بدمائك أكثر من مرة عقب الحادث. 


التفتت علياء إلى شقيقتها فوجدتها تئن في صمت جذبتها إلى احضانها وقبلت جبينها قائلة:


لا بأس صغيرتي إياكِ أن تبكِ أنا هنا جوارك لا تخشي شيئاً. 


شددت نسمة من احتضانها لها قائلة:


أنا سبب كل تلك المصائب، دعيني أتزوج فلن تفرق كثيراً فربما يكون ذاك الرجل أرحم بنا من زوجة والدي. 


نهرتها علياء قائلة :


اصمتي، لن أتركها تدمر مستقبلك كما فعلت معي.. اهدئي حبيبتي سوف يجعل الله لنا مخرجاً عما قريب .


تساءلت سميحة بترقب قائلة؛


هل علم عمك بما حدث ؟


علياء : عمي ومنذ وفاة والدي لم نره. 


سميحة : ولكن حسبما قلت هو رجل صالح ومحب لكما لكنه لم يكن على وفاق مع والدك عقب زواجه من تلك الحية الرقطاء. 


قهقهت نسمة قائلة:


تلك سابقة لم تحدث من قبل للمرة الأولى ارى الخالة سميحة تسب أحدهم. 


سميحة بغيظ : ليتني بعافيتي. أقسم لكما وقتها كنت أمسكها بيدي هاتين واذيقها من العذاب ما تستحق لكن للأسف إن ذهبت إليها الآن وعطست بوجهي سوف تقضي عليَ دون شك. 


استطاعت سميحة بروحها النقية إخراج الفتاتين من حزنهما واقنعت علياء بضرورة الوصول إلى عمها وإخباره بما حدث.


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


تأففت قمر بخفوت فمنذ دلوفهما سوياً إلى الصيدلية والعمل لم يتوقف ولو لحظات وإن توقف توافد المرضى ومندوبي شركات الأدوية يبدأ يامن في توضيح كيفية العمل وسيره.


أحست قمر بالتعب فهي غير معتادة بعد على ذلك ونظر يامن إليها مضيقاً عينيه قائلاً:


هل مللتِ ؟


قمر : بل تعبت.


يامن : تعبتِ من ماذا نحن لم نفعل شيئاً بعد مازال اليوم في بدايته .


استقامت قمر واقفه تخشى أن يغضب يامن أو يفسر جلوسها بالتكاسل عن أداء مهامها. 


بينما أيقن هو مخاوفها فاستدرك قائلاً :


حسنا أنا الآخر أشعر بالقليل من التعب هل تتناولين بعض الشاي أو القهوة؟


قمر بخجل : لا داع لذلك، شكراً لك. 


يامن متجهاً إلى الغرفة الداخلية الخاصة باستراحته


لا تقلقي كل شيء موجود هنا سوف أشرب بعض الشاي هل ترغبين بالقليل؟


قمر : حسناً، دعني أنا اقوم بإعداده. 


يامن : تفضلي، أمامك ما يلزم سوف انتظرك بالخارج.


وقفت قمر تعد الشاي لكليهما وجلس يامن بانتظارها وبالخارج أعين تراقب المكان وتنقل الأخبار إلى والده.


................................ 


انتهى جمال من توقيع الاوراق الموضوعة أمامه، ابتسمت اليه السكرتيرة بدبلوماسية وغادرت، ادار جمال وجهه إلى الجالس جواره قائلاً بحسم:


متى تأتيني بجديد يا راشد ؟


أجابه الآخر باحترام : سيدي تعلم أنني احاول جاهداً لكن يامن بيك عنيد للغاية.


جمال :


أمامك شهر بأكمله وان لم تجد لي حلاً يعد اليَ يامن بإرادته عليك وقتها أن تبحث عن عمل جديد.


ابتلع راشد ريقه بتوتر قائلاً:


لا تقلق سيدي هناك تطورات أعتقد أنها سوف تنفعنا كثيراً وفرصة لن أضيعها عليك فقط أن تثق بي


جمال : جمال رشدان لا يثق بأحد سوى نفسه فقط لذا عليك التركيز وحسن التصرف.


غادر جمال دون إضافة المزيد ونفخ راشد بضيق فرغم أنه لواء شرطة سابق إلا أنه عندما يقف أمام جمال يستشعر نفسه لا شيء.


ابتسم راشد بشئ من الارتياح عندما استرجع برأسه خطته التي ستجبر يامن على العودة وغادر راغباً في بدء التنفيذ.


بعد مرور أسبوعان.


استطاعت قمر استيعاب طريقة العمل وساعدها يامن كثيراً، هدأت الأمور بينهما قليلاً ولكن الحذر مازال قائماً بينهما


تعرف صاحب العمل علة قمر واستشعر تميزها وأحب وجودها مع يامن.


حاولت علياء الوصول إلى عمها ولم تفلح بعد.


في المساء أوشك دوامها علي الانتهاء.


جهزت اغراضها وحملت حقيبتها وبحثت بعينيها عن يامن لكنها لم تجده.


اقترب من مجلسها رجل يرتدي نضارة سوداء ويبدو من هيأته الثراء والغموض.


مد يده إليها بوصفة طبية اخذتها منه قمر ونظرت الى محتواها، لحظات واحضرت له ما يريد.


تعمد الرجل ملامسة يدها بطريقة حسية إصابتها بالفزع، صرخت قمر بوجهه قائلة:


ما هذه الوقاحة؟! 


اجابها الرجل بتصنع : أي وقاحة، أنا لم أفعل شيئاً !


اقترب منهما يامن يناظرهما بتعجب بعدما استمع الى صوتهما الذي بدأ في التصاعد قائلا:


ماذا حدث، هل هناك من خطب سيدي؟


اجابه الرجل بمكر : لا أعلم ولكن منذ سنوات وأنا لا أتعامل إلا معكم.


يامن بعملية : هذا شرف لنا ولكن لم أفهم ما الذي حدث؟! 


الرجل : الآنسة تعمدت ملامسة يدي بصورة غير لائقة وعندما نهرتها أخذت في الصراخ بوجهي هكذا.


توقفت الكلمات على لسان قمر وعجزت عن الرد ونظر يامن بتقييم إلى قمر وإلى الرجل ليهتف بجدية قائلاً :

اعتذر منك سيدى


#الفصل الرابع


#الفصل_الرابع #خسوف_القمر #نداء_علي


#حصري


أعتذر منك سيدي قالها يامن بنظرات ثاقبة.


ولكن مثلما تقول أنت زبون دائم لدينا ومنذ سنوات، إذاً فأنت تعلم أننا لا نوظف لدينا سوى الأكفأ والأبعد عن الشبهات ودكتور قمر أخلاقها لا غبار عليها.


أعتقد أن ما حدث هو سوء فهم ليس إلا.


الرجل ببرود : حسناً دكتور يامن ربما كان خطأ غير مقصود.


وجه بصره تجاه قمر التي كانت ترتجف فقد اكتفت من الصعاب ومواجهتها.


ابتسم إليها باصطناع قائلاً : أعتذر إليكِ لقد كان يومي شاقاً وربما بالغت في ردة فعلي قليلاً، لم ينتظر منها رداً بل غادر الصيدلية بهدوء.


ارادت قمر التبرير وتوضيح موقفها لكن عبراتها المتسارعة وقفت حائلاً بينها وبين كلماتها. 


تنهد يامن بضيق وتحدث باختصار قائلاً:


لقد انتهى دوامك اليومي وعليكِ الذهاب.


 نظرت إليه فأشاح بوجهه.


حملت قمر حقيبتها وغادرت مسرعة.


اراح يامن ظهره فوق مقعده محاولاً استعادة تركيزه، لحظات وقام بتشغيل الكاميرات الخاصة بالمكان ليتضح له ما دار بين قمر وذاك السمج.


انتابت يامن العديد من المشاعر المتضاربة خوف من قادم لا يبشر بخير وخوف على بريئة ليس لها دخل في مشاكله مع والده.


يعلم أن ما حدث ماهو إلا تحذير من جمال وأتباعه ولكن لمَ وما خطوتهم التالية. عليه الحذر وعليه ألا يدع قمر فريسة بين يديهم.


ربما عليه اقصاءها بعيداً عن دربه، ولكن يبدو أنها بحاجة ماسة إلى تلك الفرصة.


آاااه.. قالها يامن بقهر ويأس وعجز عن التفكير وأخذ قرار مناسب، أغمض عينيه وهرول إلى بيته بعدما أغلق الصيدلية ليلقي بأحزانه ومخاوفه تحت اقدام والدته ربما تجد له حلاً لتلك المعضلة التي وقع بها.


كانت علياء تدور بلا توقف حول شقيقتها التي تطالعها بتعجب لتهتف بها بالله عليك توقفي لقد اصابني دوار حاد وأنتِ تدورين حولي هكذا.


علياء : اصمتي أيتها الحمقاء !


نسمة : حبيبتي لا تخافي .


علياء : ومن أخبرك أنني خائفة ؟! اقتربت منها نسمة وأمسكت بيدها ساحبه اياها تجاه الفراش لتجلسا معاً.


تحدثت نسمة بحنو قائلة: ألا تودين رؤية عثمان ؟


 ارتبكت علياء وفاضت عيناها بدموع الاشتياق فاستكملت نسمة قائلة :


 لقد أخبرني عمي أن عثمان لم يتزوج إلى الآن.


علياء : وهل يعيد الزمان أدراجه يا نسمة؟!


لقد تبدلت الحال ومؤكد أن القلوب تبدلت هي الأخرى.


نسمة بحزن : لا سامحها الله زوجة أبي هي من تسببت في إفساد خطبتك أنتِ وعثمان واحداث تلك القطيعة بين والدي وعمي لسنوات.


علياء : وليتها اكتفت بل أرغمتني على الارتباط عقب انفصالي أنا وعثمان.


لقد حطمت ما تبقي بيننا من مشاعر فهو محال ان ينسي أنني قد عقد قراني على رجل سواه .


نسمة : عثمان يعلم جيدا انك كنت مجبرة، كما أن الزيجة لم تكتمل.


علياء بيأس : لقد كان يغار أن ابتسمت الي رجل سواه فهل يغفر لي ذنب كهذا.


ربما مازال بقلبه بعض المشاعر تجاهي لكن كبرياؤه لن يسمح له بالعودة.


احتضنتها نسمة بقوة قائلاً : لا شأن لنا به ولا بغيره سوف نبقى معاً إلى الأبد ألا يكفيكِ وجودي أيتها الخائنة.


علياء : أنتِ طفلتي وشقيقتي وما تبقي لي من أيام حلوها لم يدم طويلاً يا نسمة لذا محال أن اسمح لأحد أن يسلبك أحلامك وسنواتك القادمة ما حييت.


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


تجولت قمر جوار النيل تأبى العودة إلى البيت بحالتها تلك فتزيدهم حزناً تبكي بلا انقطاع تخشى أن يصدق يامن ما قيل فيتخلى عنها.


لا تريد العودة إلى نقطة البداية فبالبداية كانت مؤلمة.


وضعت يدها فوق وجهها المختبئ خلف ستار النقاب تتأكد من حمايته من العيون الناظرة إليها.


عادت بذاكرتها إلى ما مضى كم كانت الحياة سهلة ميسرة كانت احلامها مجابة.


ابتسامة أبيها كانت تضئ الكون بأكمله سند تتكئ إليه وتختبئ بين احضانه من همس الخوف وانين الايام لقد بالغ في تدليلها لتأتى الايام بما تخبأه.


ابتسمت بحزن فبيت والدها كان بابه لا يغلق أصدقاؤها كانوا يتناوبون ذهاباً واياباً. صوت الضحكات لم يكن لينقطع إلا وقت النوم إلى لان تبدلت الاحوال وبدأت الحقائق في الظهور.


غاب الجميع بعدما أنفق والد قمر ما يمتلك في سبيل انقاذها لقد قضت بالمشفى ما يقرب من العام.


تركها جاسم وتصدقاؤها وجدوا البديل ولم يبق سوى وجه مشوه وصديقة وفية وقلب أم تدعي السعادة أمام طفلتها وبالخفاء لا يفارقها الحزن.


تعلم ان يامن لديه ألف عذر إن صدق افتراءات ذاك الرجل، لكن بداخلها تتمنى إلا يفعل.


ترى بشخصه طوق نجاة قد يجنبها السقوط بين براثن الرفض والنفور التي بدأت تبتعد عن حياتها ولو مؤقتاً.


استمعت والدة يامن إليه بإنصات إلى أن انتهى من سرد ما حدث ابتسمت إلى بعذوبة قائلة: وهل صدقت ما قاله؟ يامن : يقيناً لا أعلم ولكن كما تقولين دائماً 'المؤمن كَيسٌ فطن، استشعرت داخلي أن ما يقوله كذب وإن قمر ما كانت لتأتِ بفعلة كهذه لكن عقلي صار جامداً يأبى أن يسلم ثقته الي أحد.


نهال : هل هي جميلة؟


يامن بتعجب : هي منتقبة يا أماه. 


قهقهت نهال قائلة : حسناً لم أقصد سوءاً يا ولد. مجرد فضول.


باغتته قائلة: هل لوالدك دخل بما حدث ؟


حرك يامن رأسه قائلاً: أخشى ذلك، وأرجو أن أكون مخطئاً.


نهال بحب : هون عليك يابني، مهما حدث فهو والدك ولم يعد لديه سواك ولا تنس أن بره لا علاقة له بسلوكه.


يامن بغضب : أمي تعلمين انني لن اعود ومحال أن استمع إلى تهديده.


نهال : هل ارتفع صوتك قليلاً أم أنني أتوهم.


ابتسم يامن واعتذر قائلاً: أعتذر سيدتي.


نهال : اعتذار مقبول.. عليك أن تعد لنا العشاء عقاباً لك فأنا لن أفعل.


اومأ اليها بطاعة وغادر الغرفة وحاولت هي الهدوء لكنها لم تستطع، أمسكت هاتفها وبحثت عن رقم جمال، زوجها السابق وحبها الأوحد.


زفرت بضيق فهي لم تحادثه منذ وفاة رأفت لكنها مجبرة الآن.


أجابها علي الفور قائلاً: مرحباً زوجتي الغالية، هل اشتقت اليَ؟


نهال : محال كما تعلم يا جمال بيك أن يشتاق العاقل إلى جنون كالذي تحياه.


جمال : لكنك بالماضي كنت عاشقة لذاك الجنون أم أنك نسيت؟!


نهال : لم أنس ولن أفعل وخاصة خيانتك المتكررة لي.


ابتلع ريقه بحرج وتحدث بجدية قائلاً: 


حسناً، ماذا تريدين؟


نهال : ابتعد عن يامن، يكفي ما حدث لرأفت.


جمال : ألن تكفِ عن اللقاء اللوم عليَ.


هل أنا من تسببت بوفاته؟!


نهال : لا ألومك ولكنك قد حرمتني من طفلي ولم يعد إليَ إلا يوم وفاته فلا تكرر فعلتك وتدمر حياة يامن هو لن يعد الي تلك الحياة البائسة.


جمال : تعلمين أنني لن افعل فإما تقنعيه بالعدول عن عناده والرجوع إلى مملكته وإن شئت بإمكانك الرجوع معه وإما أعيده أنا بطريقتي وفي كلتا الحالتين أنا لن أقبل بالهزيمة .


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


لم تجرؤ علياء على النظر إليه بينما كان هو يحتضنها بنظراته يشتاقها بجنون لكنه لن ينس انها ضعفت امام والدها وزوجته ووافقت ان تصبح زوجة لسواه.


نعم لم يتم الزواج وتطلقت قبل زفافها بأيام بعدما تشاجر العريس مع والدها. ولكن يكفي أن أحدهم امسك بيدها والبسها خاتمه.


عقد قرانها واحتضنها بين يديه وربما حدث بينهما ما يحدث بين أي رجل وامرأة تلون وجهه غضبا وغيرة عمياء تملكته ليهتف بضيق قائلاً: لن أقض الليل بأكمله في اقناعكما.


والدي حالته الصحية لا تسمح له بالمجيء لذا أرسلني لاصطحابكما للمكوث لدينا إلى أن اذهب إلى تلك المرأة واسترجع لكما بيتكما.


علياء بحزن من أسلوب حواره ونبرة صوته الغاضبة : لن نأتِ معك، واطمأن يابن العم فنحن لسنا ببيت غريب.


قمر ووالدتها الأقرب لنا من بين الجميع.


عثمان محذراً : قومي بإعداد حقائبك وهي بنا يا علياء وإلا قسماً بربي أحملك بين يدي كالأطفال واخذك عنوة.


نسمة : اهدأ قليلاَ يا عثمان لا يجوز ما تفعله.


عثمان : أما ترين شقيقتك البائسة.


تناطحني قولاً بقول وكأنها لا تتحدث إلى رجل.


علياء ساخرة : بل سيد الرجال يا عثمان بك، عندما تحدثت إلى عمي أنا لم أطلب إليه شفقة او مساعدة كل ما طلبته اليه ان يجد من يساعدنا بالوقوف أمام زوجة أبي.


محامي أو أحد رجال القانون ممن له صلة بهم.


عثمان محاولاً استمالتها كي يقنعها بالذهاب معه:


حسناً.. ألن تأتيا لرؤية والدي، لقد أخبرتك أنه مريض للغاية أما ينبغي عليكما أن تعودا؟


علياء بحرج : بلى، علينا رؤيته ولكن.


قمر وقد استمعت إلى حديثهما بأكمله وتركت لهما حرية الاختيار :


عليكما الذهاب لعيادة عمكما يا علياء والعودة إلى هنا مرة ثانية. 


نظر إليها عثمان بغيظ فاستكملت علياء:


من غير اللائق بقاء علياء لديكم سيد عثمان فقد كنتما على وشك الزواج وربما يثار كلام نحن في غني عنه.


عثمان برفض : لا يجرؤ أحد على مس علياء بسوء ما حييت.


نظرت إليه بطوفان ملؤه لوم وعتاب قائلة: 


بل دهست علياء تحت الأقدام واكتفيت أنت بالابتعاد يا عثمان.


قالتها علياء بقهر تلك السنوات التي حرمت فيها منه مرغمة وبادلها هو نظراتها بعناد فهو يلومها على ذاك الجفاء.


وقف راشد حائراً أمام جمال الذي صب جام غضبه على العاملين لديه عقب محادثته مع زوجته السابقة الأنثى الوحيدة التي تملكت من قلبه لكن عقله لم يكتف بها فأضاعها.


كانت ومازالت نداً له لا تخافه وتخشى نفوذه، استطاع راشد استجماع قوته ليهتف في ثقة قائلاً :


استمحيك عذراً سيدي لقد تركت سيد يامن ما يزيد عن السبع سنوات أرجو منك فقط أن تمهلني سته أشهر جمال بغضب : هل جننت يا هذا


راشد : لا سيدي لم أجن ولكن الأمر يحتاج إلى بعض الصبر سوف يرجع وتلك الفتاة هي مفتاح العودة.


جمال : ومن تلك الفتاة عليكم اللعنة جميعاّ لقد مللت.


قص راشد على مسامع جمال ما يخطط له نظر إليه جمال مشككاً ليسأله بترقب: وما أدراك أنه سيرجع من أجلها؟!


راشد بثقة : لقد تعلمت الكثير سيدي وأنا على يقين مما أقول.


اومأ جمال اليه ليحذره قائلاً: سأنتظر يا راشد ولكن احذر من طول انتظاري فوقتها لن يكن عقابي هيناً إن فشلت.


سافرت علياء ومعها شقيقتها بصحبة عثمان وفي الصباح توجهت قمر إلى عملها وخوفها يسابقها لا تدري هل سيتقبلها يامن أم ينقلب عليها.. استعد يامن كالمعتاد وانتظر قدومها دلفت إلى الداخل بخطوات وئيده قائلة: السلام عليكم.


أجابها بهدوء : وعليكم السلام، كيف حالك؟


اطمأنت قليلاً وتوجهت إلى مقعدها واضعة حقيبتها بادئة بالعمل تحت أنظار يامن الصامتة.


أتى موعد استراحتها نظر إليها يامن بتردد قائلاً: ألا تشعرين بالجوع ؟ ابتسمت عيناها بخجل قائلة:


لقد أعددت بعض الشطائر.


اومأ اليها قائلاً : حسنا سأذهب أنا لإحضار ما أكله.


قمر : انتظر لقد أعددت ما يكفي لنا سوياً نظر إليها يامن بثبات وارتبكت هي فاستكملت : أنا معتادة منذ أيام الجامعة إن أعد الطعام لي ولأصدقائي جلس يامن ومد يده إليها بعدما لاحظ توترها حسناً سوف أقبل عزيمتك اليوم وغدا تقبلين عزيمتي


قمر : ولكن... !!


يامن : ها، هل توافقين أم لا ؟


قمر : حسناً.. موافقة.


بعض القلوب عندما تطعن بقسوة تفارق الحياة علي الفور لا تتألم ولا تنتحب بل يأتيها الموت فيريحها من تبعات الخذلان.


يومياً يرابط بأسفل البناية التي تسكنها يأمل أن يراها دون فائدة.


مرت قمر أمامه فناداها بعدما لاحظ مشيتها التي لم تتغير وعينيها التي أسرته من قبل توقفت قمر بعدما استمعت إلى صوت جاسر هي تبغضه بحق ولكنها تشتاق إلى صوته الذي يعيدها إلى سنوات تتحرق شوقاً إليها.


تود النسيان والمضي معه ولكنها لا تمتلك تلك الرفاهية فنسيان الغدر محال.


توجهت بخطوات جادة تجاهه فابتسم بحب إليها تحدثت بتحذير قائلة:


ماذا تريد، هيا أخبرني ما الذي تريده مني الآن؟


جاسر : أن تعودي إليَ، مازلت أحبك أقسم بربي ونادماً إلى الحد الذي يجعلني راغباً بالموت.


قمر : وانا نادمة كذلك يا جاسر، نادمة أنني أحببتك، لقد عانيت الكثير ولكن جرحك لي لا يشبهه جرح آخر.


لقد أطاح تخليك عني بثباتي جعلني عاجزة عن الثقة بأحد.


جاسر : ولكني معترف بخطأي، حاولي أن تسامحيني. وقبل أن توافقي أو ترفضي أنا مستعد للانتظار.


قمر : وما المقابل يا جاسر، هل هناك مقابل ترجوه بعد تضحيتك وعودتك إليّ.. أما ترى أن زواجك بقبيحة مثلي تضحية كبرى!


جاسر : توقفي عن نعت نفسك بتلك الألفاظ صرخت قمر بوجهه قائلة : تلك الحقيقة ايها الغبي النقاب أخفي وجهي لكنه لم يخف ما حدث.


هل تغيرت إلى الحد الذي يجعلك تقف بوجه الجميع قائلا أنا احبها ولن أتركها ما حييت.


جاسر : أخبرتك أنني لن اتركك، لقد اتفقت مع طبيب تجميل لا يستهان به ووعدني ان ترجعي كما كنت.


قمر برفض : لن أفعل، لن ألجأ إلى طبيب يعيدني إليك.


جاسر : أنا لا أفعل ذلك من أجلي حبيبتي بل أفعله كي تعودين كما كنتي.


قمر : إذاً لنتزوج وأبقى كما أنا، ألا تقول أنك تحبني.


جاسر بتردد : أجل أحبك ولكن ما المانع لإجراء بعض التحسينات.


ضحكت قمر بمليء فيها قائلة: لم ولن تتغير يا جاسر واطمأن أنا صرت جماداً لا روح فيه لم أعد راغبة بشئ سوى بحياة هادئة أما انت فابتعد واستكمل طريقك الآن.


جاسر بإصرار : لن أفقد الأمل يا أملاً أضعته من بين يدي لحظة ضعف.


نظر راشد الي الأوراق الموضوعة أمامه بدهشة قائلاً: مشوهة، تلك الفتاة يبدو أنها ليست هينة، سوف تصبح الأمور أكثر إثارة.


تحدث بجدية إلى مساعده قائلاً: هل وقعت تلك الأوراق بخط يدها؟!


الرجل بتأكيد : بالطبع سيدي.


راشد : حسنا عليك الذهاب الآن ولا تغفل عنها مطلقاً أريدك أن تراقبها جيداً.


الفصل خلص ومليان أحداث منتظرة تفاااعل كبير.


الحمد لله إحنا رجعنا مصر وان شاء الله فترة بس ارتب اموري ونكمل وعود بعد انتهاء خسوف القمر ❤️


رواية خسوف القمر بقلم نداء علي


الفصل الخامس


بسم الله الرحمن الرحيم


لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


 


كانت نسمة تستشعر دفئاً حرمت منه ووجدته بين افراد عائلتها المتمثلة في عمها وزوجته وابنائهم فرغم سنوات انقطاع الود بينهم الا أن القلوب المحبة تحفظ الود مهما تباعدت المسافات وغابت الوجوه. 


لقد كانت دوماً علاقتهم وطيدة فعمها رجل حنون وزوجته كذلك وازدادت الروابط بعدما نضج ما بقلب عثمان وعلياء من عشق وكلل بخطبة وزواج لم ير النور.


بينما علياء كانت شاردة تود الهرب من هذا المكان الذي كان مهداً لحب طفولة وشباب وعشق لم ولن ينضب الا بموتها.


لطالما شيدت صروح شاهقة العلو بين يدي عثمان كم تحدثت واستمع اليها بقلبه. 


هنا كانت أحلامها التي أضحت سراباً وهنا تهدمت صروحها وتركتها جسد بلا روح.


بينما كان عثمان ثابتاً أمام الجميع وداخله غضب ورفض لوجودها فقربها مازال يزلزل الكون من حوله يتمنى لو لم يعد من سفره فلا يراها ويتمنى لو أنه لم يبتعد مطلقاً ولم تختف هي لحظة واحدة عن ناظريه يشتاقها ويتألم كونه بهذا الضعف أمامها.


تزينت شفتي نسمة بابتسامة عذبة عندما مازحها عمها قائلاً:


نسمة حبيبتي تشبهني كثيراً كما أنها سريعة البديهة كحالي بينما علياء تشبه والدها رحمه الله. 


قهقت نسمة ونكزته زوجته قائلة:


علياء لا أحد يشبهها فهي كالبدر في تمامه وكماله


العم : لقد مضى ما يقرب من الساعة احادثها وهي شاردة، كذلك والدها كان يفعل. 


علياء معتذرة : أسفة عمي فقد كنت افكر بأمر ما.


زوجة عمها : دع الامر لله يا بنيتي واخبريني كيف حالك الأن. 


علياء : بخير يا خالة ولكن ينبغي علينا العودة. 


نظر عثمان بطرف عينه اليها ولم يتحدث بينما اعترض عمها رفضاً وتحدثت ابنة عمها قائلة:


أتودين السفر قبل موعد زفافي يا علياء


علياء بحزن : سوف نأت وقت الزفاف بأمر.


زوجة عمها : لا لن تذهبا الا بعد اتمام تلك الزيجة اما ترين اننا بمفردنا انا وهي، هل طاوعك قلبك. 


عليك البقاء ومساعدة حورية في شراء ما تبقي لها من ملابس ومستلزمات للعرس.


هل تتخلين عنها يا فتاة؟


عثمان بتهكم : علياء اعتادت التخلي يا أماه فلا عجب في أمرها.


نظر اليه الجميع بغضب واستنكار بينما غادرت علياء في صمت.


توجهت الي الغرفة التي اعدت لها ولشقيقتها واغمضت عينيها تسترجع ما حدث


فلاش باك


............................... 


كانت علياء تدور بسعادة كفراشة رائعة الجمال خرجت للتو من شرنقتها الي الحياة


تساءلت في براءة قائلة:


هل أبدو جميلة يا قمر ؟


أجابتها قمر بتأكيد : بل انت فاتنة يا علياء لم اعتقد ان الفستان سيبدو بتلك الروعة. 


علياء : أجل، لقد اعجبني للغاية، ارجو ان ينال اعجاب عثمان. 


قمر : حسنا يا حمقاء اعتقد انك ان ارتديت زي مهرج سينظر اليك عثمان بوله وافتتان فهو عاشق حد الجنون. 


أمسكت علياء احدي الوسادات والقتها بوجه قمر قائلة:


الا يحبك جاسر يا هذه ؟


قمر بهيام : يحبني وانا اعشقه. 


علياء : كم انا سعيدة، اتعلمين لم أشعر بسعادة كهذه من وفاة والدتي. 


احتضنتها قمر بحب قائلة : بالله عليك يا بائسة لا تفسدي جمال اللحظات التي نحياها وتذكرين والدتك وتبكين وابكي انا جوارك


أومأت اليها علياء متسائلة:


أين نسمة؟


قمر : أرسلتها لكي تحضر لنا بعض المسليات


قهقة علياء وبادلتها قمر الضحكات التي كانت تعلو من قلوب يغمرها العشق وبخارج الغرفة كانت زوجة والدها تتميز غيظاً فكيف لعلياء ان تحظى بتلك السعادة وتتزوج بعثمان بينما هي قد تزوجت برجل يكبرها بسنوات عدة والأسوأ أنه ارمل ولديه طفلتان.


 عليها انتزاع تلك السعادة من جذورها.


توجهت بحزن مصطنع تجاه غرفة زوجها الذي طالعها بقلق قائلاً:


ماذا حدث يا تحية!


اجابته بخفوت : ابنتك لا تعيرني اهتماماً وتكتفي بصديقتها المدعاة بقمر، حاولت مراراَ التقرب اليها دون فائدة. 


صادق بهدوء : قمر وعلياء صديقتان منذ الطفولة وتعلمين انهما لا تفترقان. 


تحية : حسناً كما تشاء يا صادق انا المخطئة. 


صادق : لم اقصد ذلك!


تحية : انا أحاول جاهدة انا أعوض ابنتيك غياب والدتهما ولكنهما لا تعطياني الفرصة.


تحدثت بخبث قائلة:


ربما كان السبب هو خوفي علي علياء من علاقتها بعثمان ونصيحتي المتكررة لهما بالتريث والا ينجرفا وراء مشاعرهما. 


صادق بغضب : ماذا تقصدين!؟


تحية : لا شئ.


أمسك بمعصمها يعنفها بقسوة وتحذير قائلاً


اخبريني يا امرأة ماذا حدث؟


تحية بمكر : لا شئ يا أبا علياء لكن عثمان يستغل ثقتك به ولا يطيق الانتظار الى أن يتمم زواجه من علياء وهي بالأخير مازالت صغيرة بالعمر وتنساق خلف مشاعرها..


لقد شاهدتهما مراراً يتبادلان القبلات وحذرتهما دونما فائدة ولم أشأ ان اعكر صفو علاقتكم فهو ابن اخيك. 


وبالفعل استطاعت تحية تعكير الصفو واستطاعت اقناع والد علياء بما تريده هي


اندفع والد علياء تجاه غرفتها دون استئذان يسبها ويكيل اليها اتهامات لم تتخيل علياء يوما ما أن تسمعها بينما قمر تحاول دون فائدة ان تحيل بينه وبين صديقتها.


 لم يبتعد صادق عن ابنته الا بعدما تلون فستان زفافها بدمائها وكادت أن تفقد وعيها بين يديه. 


هرول عثمان الذي أتاه صوت علياء وصراخها القوي ليقف مبهوتاً بعدما نظر اليه عمه قائلاً:


هل وصلت بك الوقاحة أن تأت الي هنا


عثمان : وما الذي فعلته يا عماه؟


صادق ممسكاً عثمان بقسوة : هل تراني ديوثاً يا هذا !


عثمان برفض : حاشا لله يا عمي ماذا تقول، أنا لم افعل شيئاً يسئ اليك أو الى علياء. 


صادق : بل أنت كاذب لقد اتخذت من ثقتي المفرطة بك ستاراً تخفي خلفه تقربك من تلك الساقطة وربما سلمتك نفسها لذا تتلهف الي الزواج بها قبل أن ادري بما حدث


شهقت قمر باستنكار وتحدثت بقوة وجرأة كانت تتميز بهما قائلة:


وهل انت ياعمي لا تعلم يقينا حسن اخلاق ابنتك وابن اخيك أم أن الحية التي بثت سمها بأذنيك جعلتك تنسى. 


صادق بغضب : لا شأن لك يا قمر. 


قمر : كيف، علياء شقيقتي واكثر. 


صادق بحدة : قلت لا شأن لك يا فتاة وهيا انصرفي الى بيتك. 


امسكت علياء بكف قمر وكأنها تستنجد بها الا تتركها بمفردها لكن اصرار صادق وكلماته الحادة اجبرت قمر علي الذهاب وتلك كانت الذكرى الاخيرة لقمر وعلياء قبل أن تتشوه حياتهما سوياً فعقب أيام تعرضت قمر لذاك الحادث وانفصلت علياء عن عثمان مرغمة.


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


والاعتياد هو الخطوة الأولى في درب الهوى فحب الاشياء يعني اعتيادك لوجودها وتعودك علي بقاءها واعتيادك لرؤية شخص ما يشبه الي حد كبير ادمانك لقهوتك اليومية التي اعتدت تناولها.


اعتادت قمر القرب من يامن والعمل بصحبته صارت تنتظر مضي الليل سريعاً ليحل الصباح وتشرق شمس جديدة تنير عالمها الذي غمره الظلام سنوات.


اعتادت حديثه وصمته نظراته الصامتة وربما غموضه.


ورغم تعامله الجاد معها الا أنها ترى بتعامله وداً افتقدته كثيراً فيامن هو الرجل الأول الذي يتعامل معها دون أن يراها او ربما يتعامل معها بتلك الصورة كونه لا يعلم أنها مشوهة.


مدت قمر يدها اليه ببعض الأوراق فدقق النظر اليها قليلاً ليتحدث بجدية قائلاً


حسنا يا قمر، هناك بعض الاصناف التي نحتاجها سجلت لك البعض منها.


إذا أتى مندوب شركة الأدوية اثناء غيابي عليك بالتعامل معه.


قمر : حسناً.. سأفعل بأمر الله. 


يامن : لمَ تبدين اليوم هادئة، هل انت بخير؟


قمر بخفوت : أجل انا بخير.


يامن : سوف أتوجه الى المسجد لأصلي العصر.


غادر يامن ولم تجبه قمر بل كانت تشعر بالاختناق مشاعرها تلك ليست من حقها.


عليها ان تفيق من احلامها الواهية فهي قد فقدت حق الاختيار منذ تلك الليلة التي أطاحت بحاضرها ومستقبلها. 


انشغلت قمر قليلاً بالعمل والمرضى والزبائن الذين يتناوبون علي الصيدلية الي أن ظهرت أمامها تلك الفتاة..


فتاة جميلة؛ أنيقة، تعمل مندوب بأحد الشركات الطبية، ثقتها بنفسها تشعر قمر بالخوف فهي على نقيضها.


ابتسمت الفتاة بعملية قائلة:


مرحباً دكتور قمر، كيف حالك؟


قمر : بخير. 


الفتاة : أين دكتور يامن ؟


أجابها يامن بدلاً من قمر قائلاً بمزاح أتعب قلب قمر


ها أنا ذا، من يريدني ؟


أجابته الفتاة ببعض الدلال الخفي


بالتأكيد انا اريدك دكتور يامن، ومن تلك التي لا تريدك. 


ابتسم يامن بمجاملة وادمعت عينا قمر وكأنها طفلة صغيرة فقدت للتو شيئا غالياً كانت تود الاستئثار به فانتزعه أحدهم من بين يديه.


طال الحديث بين يامن وتلك الفتاة بأمور العمل وغيرها فهي لبقة للغاية وثقافتها لا يستهان بها.


طلب يامن الى قمر اعداد بعض الشاي لثلاثتهم فازداد انهياار قمر معتقدة أنه تعمد اهانتها بينما هو لم يقصد ما تفكر به.


غادرت الفتاة وانتهى اليوم ببطئ وكأنه يأبى الانتهاء.


حملت قمر حقيبتها وهمت بالانصراف لكن 


صوت يامن استوقفها قائلاً:


انتظري يا قمر بإمكاني ان أقلك في طريقي


نظرت اليه قمر بعيون جريحة تتألم من الكون بأكمله فاستنكر يامن دموعها تلك قائلاً:


ماذا هناك.. هل أصابك مكروه أم ماذا؟ 


قمر بغضب : وما شأنك انت؟


يامن بتعجب: هل جننت يا فتاة!


قمر بحدة : لست طفلة صغيرة لتدعني بفتاة، اسمي قمر. 


يامن بهدوء لم يعطه لسواها


حسنا دكتور قمر، ماذا حدث وبما اخطأت أنا لأغضبك بذاك القدر؟


انتابت قمر نوبة بكاء حادة عجزت عن الهرب منها. 


ووقف يامن عاجزاً لا يعلم ما عليه فعله.


تركها يامن تهدأ قليلاً ليتحدث بعد قليل 


بصوت دافئ قائلاً:


انا لا اعلم لمَ تبكين ولكن ان كنت انا السبب فحقاً انا اعتذر اليك. 


قمر : لقد طلبت اليَ اعداد الشاي لكما وكأنني خادمة هنا وانا لست كذلك. 


يامن بصدمة ورفض : بالطبع لا أنا لم اقصد ذلك مطلقاً لقد تعاملت معك كما افعل دوماً فأنت كشقيقتي الصغرى.


شقيقتي!


اعادها عقل قمر مرات متتالية وكأنها تحاول استصاغتها.


هدأت نوبة بكاءها قليلا وتحدثت بترو قائلة:


لا داع للاعتذار دكتور يامن يبدو أنني متعبة قليلاً وأعاني بعض التوتر.


 عليَ الانصراف. 


يامن : لا، سوف اصطحبك معي فأنا متجه الى نفس وجهتك. 


قمر بحزن : لا اعتقد، فوجهتانا مختلفتان تماما.


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


اختبأ خلف باب غرفته وكأنه يحتمي به من ضعفه الذي يدعوه الى الذهاب إليها واحتضانها بين يديه معتذراً.


يعلم أنه أحزنها ولكن ينبغي عليه ذلك فقد قتلته ، مزقت قلبه وتركته ينزف في صمت وافقت وان كانت مرغمةـ فقد وافقت واستسلمت وصارت ملكاً لرجل سواه


أمسك بين يديه كفيها اللتان كان يستشعر بداخلهما قلبه يخفق بضعف ينبض ويحيا لها وبها.


مؤكد أنه قد نظر الى عينيها وغرق داخل أمواجهما القوية وربما بادلته هي تلك النظرات وابتسمت اليه فأنارت حياته كما كانت تفعل معه هو.


هل سمحت له أن يقبلها ويمس شفتيها، هل نال منها ما لم ينل منها هو!


هل أخذ حقه الذي احتفظ به سنوات.


بكى عثمان بقوة رجل تقتله نيران الغيرة والاشتياق واقنع قلبه وعقله ان ما يفعله مع علياء ليس الا رد فعل لدموع صاحبته سنوات في غربته وعزلته التي اختارها كي يبتعد عن دربها.


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


استيقظت علياء في الصباح يداهمها ألم قوي برأسها لكنها لم تهتم.. توجهت بخطوات هادئة كي لا تزعج شقيقتها النائمة جوارها وتناولت بعض المسكنات.. استمعت الي دقات خفيفة فوق الباب فاتجهت لرؤية الطارق.


علياء بهدوء : صباح الخير خالتي


والدة عثمان : صباح الهناء يا حبيبتي.


هيا نتناول الفطور سويا فقد اعددت لك ما تشتهين. 


علياء : سلمت يداك يا خالة لكنني متعبة ولا ارغب في الطعام، بالهناء والعافية لكم.


استمع عثمان الي قولها متعبة فأصابته نغزه قوية بأضلعه وخفق قلبه فتساءل بقلق


ما الذي يؤلمك يا علياء ؟


علياء : لا شئ.


عثمان : ارتدي ملابسك وسأنتظرك بالسيارة لنتوجه للطبيب


ابتسمت والدته بحبور فهي قد تيقنت من عشق ولدها لعلياء رغم سنوات البعاد واصرت علياء على الرفض قائلة:


اشكرك كثيراً استاذ عثمان لا تقلق بشأني ولا تهتم كثيراً، سوف اذهب للطبيب عند عودتنا الي القاهرة.


ابتسمت علياء الي زوجة عمها قائلة:


عقب عرس حورية ان شاء الله.


اقترب عثمان منهما قائلاً بحدة :


اياك ان تتحدني يا علياء وعندما اطلب اليك أمراً عليك فقط أن تطيعيه هل فهمت !


علياء بغضب : في احلامك فقط يا عثمان، أفهمت ما أقول أطيعك فقط في احلامك.


ابتسمت والدة عثمان خفية وقد استبشرت خيراً بعودة علياء لسابق عهدها فكانت هي الوحيدة القادرة علي تحدي عثمان ومواجهة عصبيته وعناده ونظر عثمان الى علياء متوعداً فأشاحت بوجهها عنه واتجهت بصحبة زوجة عمها لتناول الفطور.


أتى يامن الي الصيدلية فوجد قمر جالسة، ابتسم قائلاً:


صباح الخير يا قمر، اليوم انت نشيطة للغاية فتلك سابقة أن تسبقينني الى العمل.


ارتبكت قمر من حضوره القوي لكنها تذكرت ما حدث بينهما بالأمس فأجابته باقتضاب


صباح الخير دكتور يامن، سوف أسعى الى المجيء مبكراً قدر استطاعتي.


يامن : هل أتت سمية أم لا ؟


قمر : ليس بعد.


يامن : حسناً..


انقضى بعض الوقت وأتت سمية، نظرت الي قمر كالمعتاد والقت التحية وبادلتها اياها قمر، واقتربت من يامن قائلة :


كيف حالك دكتور يامن؟


يامن بود : بخير حال، هل تتناولين معنا الشاي كما الأمس.


اومأت سمية بترحاب وانزعجت قمر للغاية.


لكن يامن اقترب منها قائلاً:


سوف أعد انا الشاي اليوم فبالأمس تفضلت علينا واعددته لنا، اعتقد أنه قد حان دوري لرد الجميل يا قمر.


نطق اسمها بنبرة مختلفة محيرة فلم تدر قمر هل يناديها أم يصفها وابتعد يامن بتوتر بعدما تعلق بصره بعينيها الفائقة البراءة والسحر.


لم تعلم قمر حينها هل تجبه أم تكتفي بدقات قلبها المتسارعة التي تعبر له عن مدى سعادتها وامتنانها له بينما نظرت اليهما سمية بضيق فهي لم تعتقد ان قمر خصم له وزن ويجب أن تضعه في الحسبان.

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة  الرواية الجديدة زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا









تعليقات

التنقل السريع