رواية خسوف القمر الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم نداء علي حصريه
رواية خسوف القمر الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم نداء علي حصريه
رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
الفصل السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وقد يبدو الندم كلمة حروفها بسيطة لكنها من أشد الكلمات فتكاً وتدميراً لصاحبها تجعله هائماً بين عالمين، احدهما يحيا به ويرفضه والاخر قد تولى ويتمني أن يسترجعه. نبقى نتأرجح بين ااااه ولو، ويمضي العمر إلى أن ينتهي فلا نحظى بحاضرنا ولا نمتلك رفاهية العودة الى الماضي واصلاح ما أفسدناه ولا يبقى لنا سوى الندم.
نظر جاسر بتعجب ونفور الى طليقته وهي تساومه بجرأة أجفلته ، ففي بادئ الأمر إعتقد انها قد اشتاقت الى طفلتهما الصغيرة لكنها تحدثت اليه بقوة قائلة:
استمع اليَ جيداً يا جاسر أنا لن أتخلى عن أحلامي ومستقبلي من أجلك انت وطفلتك.
جاسر : وما شأني أنا وشأنك، هل جننت؟!
تيماء : لم أجن بعد، لقد أتت اليَ والدتك تخيرني بين العودة إليك أو أخذ ماسة فأنت ترغب بالزواج.
لم يصدق جاسر ما يحدث فتحدث مستنكراً
وهل أصابني العته لكي اسلمك طفلتي.
هل امرأة مثلك تؤتمن على تربية طفلة كماسة؟!
تيماء : هل تدعي إذن أم أن والدتك أتت اليَ دون علمك؟
جاسر : بكل تأكيد فأنا لم ولن أثق بك مرة ثانية واطمئني يا تيماء ابنتي ستظل معي ما حييت.
تيماء بتوتر : أنا لم اقصد ولكن ماسة تحتاج الى رعاية وأنا أقضي يومي بأكمله بالعمل..
قاطعها جاسر قائلاً:
لا داع للتبرير فأنا أحفظك عن ظهر قلب يا تيماء أنت للأسف لا تستحقين لقب أم ولكن شاءت الأقدار أن تبتلي ابنتي بأم مثلك.
تيماء بغضب : لم يكن هذا رأيك فيما مضى لقد توسلت اليَ طالباً الزواج بي بعدما فسخت خطبتك بتلك الفتاة أم انك نسيت؟
جاسر بندم : ليتني أنسى وليتك ما دخلت الى حياتي.
تيماء مغادرة المكان دون الالتفات لطفلتها :
حقاً انت انسان لا تحتمل..
أغمض جاسر عيناه محاولاً كبت انفعالاته لكن صوت والدته المتهكم جعله يصرخ بوجهها قائلاً:
ألم أطلب إليكِ ألا تتدخلين بما يخصني، لمَ قد ذهبت الى تيماء؟
والدة جاسر : ألم تخبرنا أنك تود الزواج بأخرى، لقد حاولت إثارة غيرتها ربما ترجع إليك والى طفلتها.
جاسر بحدة : وانا لا أريدها، أنا أكرهها وأكره ضعفي الذي جعلني انساق وراءك واتزوج بامرأة متحجرة القلب كتلك.
والدة جاسر : أليست أفضل من تلك الدميمة التي تنوي أن ترجع اليها وتقضي جوارها حياتك القادمة.
نظر اليها جاسر بانهيار هامساً
قمر ليست دميمة بل انا الملام فيما حدث.
لقد تأثرت بكِ، كنت مشتتاً واستغليتِ ضعفي وجعلتِ تلك الجاحدة تتقرب إليَ فلم أدر ما حدث وكيف انتهي بي المطاف زوجاً لها.
لا أعلم كيف تخليت عن قمر.
حملت والدته ماسة بعدما غلبها النوم ونظرت اليه وكأنها لم تستمع إلى أي من كلماته قائلة:
افعل ما تشاء فمهما حدث أنا على يقين انك لن تتحمل البقاء مع قمر مطولاً.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
هبطت نسمة الى الأسفل تبحث بعينيها عن زوجة عمها التي اقتربت منها متسائلة بحب
أين علياء؟
نسمة : لقد أخبرتني أنها لن تأت معنا،
هي مازالت متعبة وتعاني من ألم حاد برأسها.
زوجة العم بحزن : لو أنها وافقت على الذهاب معنا الى الطبيب أما كان أفضل لها.
نسمة : لا تقلقي يا خالة سوف نطمأن عليها بعدما نرجع الي القاهرة.
زوجة عمها برفض : لقد أخبرني عمك أنكما لن تذهبا يا نسمة، هو فقط يجاري علياء في حديثها كي تهدأ قليلاً لكنه قد عزم أمره على بقاءكما معنا يا بنيتي فعقب زواج حورية سوف يسعى عمك الى استكمال دراستك هنا.
نسمة بسعادة : حقا يا خالة ؟
احتضنتها زوجة عمها قائلة:
بل قولي أمي كما كنت تقولين في صغرك.
نسمة : حسناً يا أمي، أنا سعيدة للغاية وأتمنى أن توافق علياء.
زوجة عمها : دعك من علياء وعنادها فأنا أعلم ما يؤرقها وهيا بنا نشتري ما يلزمنا قبل أن يرجع عمك وعثمان من الخارج.
ظلت علياء بغرفتها تود النوم ولو قليلاً لكنها لم تستطع، تحركت متوجهه الى أسفل لكن صورته الموضوعة بالرواق استوقفتها.
كم اشتاقت اليه والى قربه لكنها قد حرمت منه مرغمة، كم تود الاقتراب منه والنظر اليه ملياً لكن نظراته تبعدها.
أخذت تتأمله وكأنها تائهة بين ملامحه.
تنهدت بضيق فتحدث هو بحزن بعدما أتى الى البيت ولاحظ شرودها أمام صورته قائلاً:
هل أعجبتك صورتي الى ذاك الحد ؟
علياء دون الالتفات اليه:
ربما أبحث بها عن شئ لا أجده عندما انظر اليك!
عثمان : لم يتغير شئ، بل انت من تغيرتِ
علياء : مؤكد انني تغيرت كثيراً فعندما يخذلك أمانك ومصدر قوتك تغدو روحاً حائرة لا تحب ولا تثق بأحد تنتظر دوماً الغدر والخذلان.
عثمان بغضب : وهل أنا من خذلتك أم انت من خان العهد ؟
علياء : لا يهم من منا قد فعل، الأهم أننا تغيرنا يا عثمان.
صمتت مطولاً لتسأله بترقب:
لمَ لم تتزوج الى الآن ؟؟
عثمان باندفاع : لقد تقدمت الى خطبة فتاة بالخارج لكنها لم تشأ الرجوع معي الى مصر.
اغمضت علياء عينيها بضعف وتحدثت بصدق قائلة:
ارجو لك السعادة يا عثمان، لطالما تمنيتها لك.
سعادتي كانت معك وبك وبعدما افترقنا لم أذق للسعادة طعماً، ليتنا ما كبرنا يا علياء ليتك بقيت طفلتي التي اعشقها في صمت.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تطلع يامن الي وجه الطبيب الواقف أمامه بتعجب فلاحظ نظراته المتأملة لقمر.
تساءل يامن دون تردد قائلاَ:
هل انت على سابق معرفة بقمر؟!
تنحنح الطبيب بحرج قائلاً:
لا، ولكن تلك العيون تجذبك الى النظر اليها مراراً
يامن بتحذير : دكتور أشرف أنا اعتبرك صديق عزيز فلا داع لما تقول وليتك تتعامل مع قمر كما تتعامل معي.
أشرف ممازحاً : هل تغار أم ماذا؟
يامن بجدية : لا انا لا أغار فهي ليست امرأتي ولكنها مسؤولة مني وينبغي عليَ حمايتها كما أنها فتاة مهذبة ولا يجوز النظر اليها بتلك الطريقة.
أشرف : وان قلت أنني معجب بها؟
يامن : اذاً تحدث اليها وان كنت ترغب في الارتباط بها فلتفعل.
أشرف : حسناً، سوف أفكر في الأمر،
واعتذر ان كان تصرفي قد اغضبك.
غادر أشرف وتوجه يامن الى قمر قائلاً بحدة غير مبررة:
هل تضعين عدسات لاصقة؟
نظرت اليه قمر بدهشة قائلة:
بالطبع لا، لمَ تسأل؟!
يامن بتوتر : لا شئ ولكن الأفضل أن تنتقبي كلياً بدلاً من اظهار عينيك هكذا، فهي فتنة.
تعلقت نظراتها به وتوقف عقله عن استيعاب ما تفوه به.
أرادات قمر نهره لكنها ارادت الاستمتاع بتلك اللحظة وان كانت لحظة وقتيه ستنتهي لا محالة الا أن احتياجها الى كلمات تشعرها بكونها انثى جعلها تؤثر الصمت.
تكرار رنين هاتفه جعل كليهما ينتبه الى الواقع، فيامن لن يسمح لقلبه بالتعلق بأحد وقمر عليها ان ترجع الي شرنقتها كي لا تقابلها صدمة اخرى فتكن القاضية.
اجاب الاتصال فابتسم تلقائياً عندما استمع الي صوت والدته تحادثه قائلة:
كيف حالك يا صغيري؟
قهقه يامن قائلاً:
بخير يا حبيبتي
نهال : أنا بالقرب منك هل أتى إليك وأتناول قهوتي معك
يامن بترحاب : وهل لي أن أرفض شرفاً كهذا، أنا بانتظارك.
ادار يامن وجهه الي قمر قائلاً:
والدتي في طريقها الى هنا.
قمر بهدوء : حسناً.
يامن : لقد نفذت القهوة لدينا سأذهب مسرعاً واحضر البعض منها، هل ترغبين بشئ؟!
قمر : شكراً لك.
بعد قليل عاد يامن وفي اعقابه والدته.
كانت تبدو سيدة في منتصف عقدها الخامس، أنيقة دون اسفاف وجمالها ذو رونق مميز.
تبادلت التحية مع قمر وتحدثتا الى بعضهما بينما يامن قد اعد القهوة كما تهواها والدته.
ارتشفت نهال قهوتها بهدوء وعيناها تتابعان قمر التي كانت تدعي الانشغال بعملها بينما قلبها ينبض بعنف فهي لم تعتد بعد التعامل المباشر مع أناس جدد.
تحدثت نهال بود قائلة:
لقد حدثني يامن عنك كثيراً
قمر بترقب : حقاَ، وهل ما قاله مدحاً أم ذم؟
ابتسمت نهال قائلة:
يامن عندما يغضب من شخص لا يذكره مطلقاً
قمر : حسناً، هذا يعني انني محظوظة للغاية فهو ليس غاضباً مني.
نهال : وكيف له أن يغضب من فراشة رقيقة مثلك ما شاء الله تبدين جميلة يا قمر هل لي برؤية وجهك؟
الهلع البادي بعيني قمر جعل نهال تتراجع قائلة :
لا تفزعي هكذا، لقد كنت أمازحك.
امتلئت عيني قمر بدموع نجحت في إخفاءها لكن يامن الواقف جوار والدته قد لاحظها وبدأت شكوكه في الازدياد حيال قمر.
كم أن الحياة متقلبة، تارة هادئة وتارة أخرى يعلو صخبها فيصم الأذان.
تعجبت قمر في نفسها مما يحدث فرؤيتها الآن لوالدة يامن كان أشبه بالصفعة القاسية التي ايقظتها من حلمها الواهي في حب محال ووصال لن تنله مطلقاً.
وكيف تناله وهي ترتعب من رؤية نهال لوجهها المشوه.
بينما كان عقل يامن حائراً يتخيل أسباب عدة لتوتر قمر وهداه تفكيره الى أن بحياتها سر ما وربما شخص ما جعلها تخشى التعامل والاقتراب ممن حولها.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
اقترب موعد العرس المنتظر ببيت عثمان واستغلت علياء التجهيزات في شغل وقتها بأكمله وفعل عثمان المثل كي يبتعد عن دربها قليلاً ربما تهدأ ويهدأ معها نيرانه التي تندلع كلما تذكر اقترانها بسواه
محال أن يتركها ثانية لكنه لا يعرف السبيل الى استعادتها واستعادة روحه التي ضلَ السبيل اليها.
...............................
استعادت قمر بعضاً من ثباتها ونجحت في كبح جماح نفسها التواقة في فرصة ثانية للعيش.
هب يامن واقفاً بقلق عندما اقتحم الصيدلية بعضاً من رجال المباحث تقدم احدهم قائلاً:
هل أنت المالك لتلك الصيدلية؟
اجابه يامن : أنا المسؤول هنا.
الضابط : معي أمر من النيابة العامة بالقبض على المالك، وصاحبة ذاك التوقيع، قمر القادري.
منتظرة تعليقااكوا بفاااارغ الصبر وتفاعل كبييير هيخليني انزل الفصل القادم ..شكرا مقدما.
#نداء_علي
رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
الفصل السابع
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وقد يمل القمر من إدعائه لبث الضوء بالسماء المظلمة وهو يعلم يقيناً انه معتم لا ضوء بداخله بل يتغلل بداخله ظلام دامس
يستمع الى همس البشر فيما بينهم متغزلين بجماله، يستغله العاشق في وصف معشوقته واصفاً إياها بالقمر فيصيبه ألم يجعله يختبأ خلف خسوفه الذي يحميه من تلك العيون الناظرة اليه ويبكي حظه العسر.
كانت تنتحب في وقفتها وينتحب الكون من حولها فقد طغى الظلم من جديد وها هي بمحكمة يبدو أنها قد اتخذت قرارها قبل التحقيق.
تحدث الضابط بجمود وغلظة قائلاً:
توقفي عن البكاء والعويل أيتها البائسة واخلعي عن وجهك ذاك الغطاء.
نظرت اليه في تألم وكأنها ترجوه أن يتركها هكذا فهي لن تحتمل تلك المواجهة
نهرها الضابط بحدة اعتادها في تعامله مع من يتعامل مع إجرامهم يومياً فامتنعت قمر عن خلع نقابها وتشبثت به بقوة
هب واقفاَ متجهاً اليها لحظات وقد نزعه عن وجهها بقوة.
نظر اليها باشمئزاز فازداد انهيارها ووجه نظراته اليها متسائلاً بتهكم:
وهل ترتدين النقاب لإخفاء ذاك الجمال الطاغي !
خبأت قمر وجهها بكلتا يديها وحاولت البقاء ساكنه مكانها تتمني ان تفيق الان من ذاك الكابوس المرعب.
وجه بصره الى الرجل الواقف أمامه قائلاً:
اعدها الى الزنزانة الي ان يأتنا جديد بشأنها، لا اعلم أي حظ عسر أوقعها بين يدي هؤلاء القوم.
...............................
بخارج غرفة التحقيق كاد يامن أن يفقد عقله من صدمته.. مر يومان ولا يرغب أحد في توضيح ما حدث وما سبب القبض على قمر والسيد داوود مالك الصيدلية .
تحدث الى محاميه بشئ من الحدة قائلاً:
ما الذي تقصده بأنه لم يظهر أمر جديد.
هل سيبقي السيد داوود وقمر هكذا ؟
اجابه المحامي بجدية :
سيد يامن لقد أخبرتك بعدما إطلعت على اوراق الدعوى ان السيد داوود تم القبض عليه باعتباره مالكاً للصيدلية وقمر هي من وقعت باستلام تلك الأدوية المحظور تداولها.
يامن : لكن ذلك لم يحدث قمر مطلقاً لم توقع أوراقاً كتلك سوى مرة واحدة كنت أنا خارج المحافظة وأوكلت إليها التوقيع بدلاَ مني، تلك جريمة ملفقة.
المحامي : للأسف هناك أمر ما غير مفهوم وربما كانت الشكوى المقدمة كيدية من منافس ما..
يامن : اذا عليك بإثبات ذلك واخراجهما.
المحامي : الأمر ليس هيناً سيدي فالأوراق المقدمة لا ثغرات بها وكأن من أعدها مخضرم فيما يخص القانون.
شرد يامن وتأكد ان والده خلف تلك التهمة الملفقة، انتبه الي صوت المحامي فاستكمل يامن كلماته قائلاً:
أود رؤية قمر والسيد داوود الأن، عليك بالتصرف مهما تطلب الأمر.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
كانت والدة قمر تتخبط في خطواتها لا تعلم أين تذهب ولمن تلتجأ، كانت دعواتها لا تتوقف.
يومان مرا لم تترك باباً إلا وطرقته ربما تجد ابنتها ولكن دون فائدة.
هاتفها مغلق ولا تدر بأي مكان مقر عملها.
هرولت وقدماها لا تقويان على الحركة خوفاً من مجهول لا تعلمه، هل أصاب صغيرتها سوء، اما يكفها ما أصابها من قبل.
هل اختطفت ام قتلت، لم تستطع ان تحتمل تلك الهواجس القاتلة فجلست ارضاً بمدخل البناية.
من بعيد رآها جاسر الذي اتى راغباً في رؤية قمر.
اقترب منها بحذر فهو لم يلتق بها منذ ابتعاده عن قمر.
تحدث اليها بإشفاق قائلاً :
ما بك يا خالة سميحة؟
في بادئ الأمر لم تتعرف اليه وسرعان ما تذكرته بعدما كرر سؤاله مرة أخرى، نظرت اليه بدموع فاضت من قسوة ما تعانيه قائلة:
ابنتي قد ضاعت يا جاسر، مر يومان ولم تعد، مؤكد انه قد أصابها مكروه.
ااااه يا بنيتي، لقد اكتفينا من تلك الدنيا ومصائبها التي لا تنتهي، اللهم رحمتك أرجو.
مد جاسر يده اليها هامساً بحزن :
لن يصيبها سوء إن شاء الله، هيا معي سوف نبحث عنها.
لم تستطع سميحة الرفض رغم رفضها لوجود جاسر إلا أنها لا تجد بديلاً امامها.
تساءلت سميحة بصوت ضعيف من فرط وجعها :
أين سنذهب الآن، أين ينبغي بنا البحث عنها؟
جاسر : علينا الذهاب الى مقر عملها اولاً.
سميحة : لكني لا أعلم أين هو.
جاسر بحزن : أنا اعلمه، فقد كنت اتبعها منذ فترة.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وعيون العاشقين نوافذ تطل منها أسهم لا يصاب بها إلا من ذاق طعم الهوى وأتقن فهم لغته واشاراته.. لغة تجسد مشاعر يصعب البوح بها، غيرة واشتياق ووجع وندم وصراخ يدعوك للعودة.
كانت علياء تتنقل هنا وهناك تحاول الاندماج بين فتيات كثر اتين لمباركة زواج ابنة عمها.
يتراقصن ويتضاحكن فيما بينهن، توجهت علياء الي غرفتها لترتدي ذاك الثوب الذي انتقته لها زوجة عمها فكان ثوباً مميزاً جماله هادئ وبعدما ارتدته علياء صار صارخ الجمال.
تحركت خارجاً بسعادة فهي تبدو الأن كأميرة فاتنة.
تلقاها عثمان بعينيه وليته ما فعل فبداخلهما صراعات مؤلمة.
يناظرها بإعجاب وتعجب من جمالها الذي ضاعفته السنوات ولم تضعفه.
غيرته كانت واضحة لحد مخيف وكأنه يحذرها أن يراها أحد سواه
عتابه كان مستكيناً بين مقلتيه لكنها استطاعت قراءته فبادلته اياه بعتاب أشد وأقوى.
مرت بجانبه فسلب عقله عطرها الهادئ الرقيق كحالها واستوقفها قائلاً:
تبدين نجمة في سماء لا نجوم بها سواك يا علياء
ابتسمت بخجل قائلة:
هل أنت واثق انه لا نجوم سواي فأنا أرى منهن الكثير الليلة.
ابتسم قائلاً:
بل لم أر بحياتي نجمة سواك وربما كنت أرى بك نجمة وسماء وأرض وكون بأكمله لذا كان غيابك انسحاب لروحي.
بادلته هي نظراته وكلماته بهمس أعاده الي سنوات ماضية عندما قالت:
وانت كنت ولازالت ساكن الفؤاد ومليكه يا عثمان.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
اقتربت نهال من يامن ونادته باسمه التفت الي والدته وهرول اليها قائلا بيأس :
أرأيت يا أماه، لقد نفذ تهديده وتسبب في أذية دكتور داوود وقمر.
لاحظت نهال التعب البادي بوجه ولدها فرق قلبها لضعفه، امسكت بكف يده وخرجا معاً الي ان وصلا الي سيارتها الواقفة بالخارج.
جلست نهال وجلس يامن جوارها وظل صامتاً الي أن تحدثت هي قائلة:
هل تأكدت ان جمال وراء تلك الحادثة؟
يامن بغضب : ومن سواه، من بإمكانه شراء الذمم والتلاعب بحياة البشر سواه، من لديه القوة ليفعل فعلته.
أقسم بربي لو لم يكن والدي لكنت قاتلاً له بلا ندم.
نهال برفض : يامن لا تدع غضبك يعميك عن كونه والدك.
يامن : امي! لقد تسبب في إيذاء فتاة لا حول لها ولا قوة ورجل كل ذنبه أنه اتخذني ولداً له وغمرني برعايته.
نهال : حسناً عليك الهدوء قليلاً والتفكير بترو كي نصل الى حل، هل رأيت قمر وداوود ؟
يامن : لا، لديهم تعليمات بمنعي عن رؤيتهم.
نهال بجدية : سأذهب اليه.
يامن بتأكيد : بل أنا ذاهب إليه الآن.
نهال : انتظر قليلاَ يا بني ربما يتمكن المحامي من الوصول الى مخرج، على الأقل نرى تلك الفتاة المسكينة أولاَ ونطمئن علي حال داوود.
أغمض عينيه ولا يعلم ما ينبغي عليه فعله.. استجاب لما قالته والدته فقلبه لن يطمئن الا بعد رؤية قمر وداوود.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تسمرت قدمي جاسر أمام الصيدلية بعدما وجدها مغلقة بأمر قضائي وتم تشميعها.
نظرت اليه سميحة ولا تدر ما حدث ولم يجد هو ما يقوله.
استوقف جاسر احد المارة الذي قص عليه ما حدث دون تجميل.
نفت سمحيه ما قاله ذاك الشاب بقوة ورفض
محال، ابنتي لم تكمل بالعمل هنا ستة أشهر، بالله عليكم دعونا وشأننا، هي أضعف من أن تؤذى أحداً فلمَ يصيبها كل ذاك الأذى.
جاسر بجدية : هيا بنا يا خالة، علينا التوجه الى قسم الشرطة لمعرفة ابعاد القضية.
نظرت اليه سميحة بريبة وداهمتها ذكريات ذاك اليوم الذي تخلي فيه جاسر عن ابنتها فابتعدت عنه قائلة:
وانت لمَ عدت الآن وماذا تريد، ابنتي لن تحتمل غدراً منك ولا تخلى عنها.
جاسر بندم : اخطأت فيما مضي ولن اكرر الخطأ، ثقي بي وهيا بنا الآن فالوقت يداهمنا.
تحدث جاسر الى احد اصدقائه الذين يعملون بالمحاماة وسبقه الى قسم الشرطة للوقوف على ملابسات ما حدث.
ضمت قدميها الى صدرها واحكمت احتضانها لجسدها علها تختبئ بداخل ذاتها، اقتربت منها احدى السجينات فتراجعت قمر بفزع الي الخلف.
تحدثت اليها المرأة قائلة:
ما بك يا فتاة.. لمَ تبكين هكذا، لا داع للخوف سوف تعتادين الأمر فكلنا في البداية كنا خائفات.
تعالت الضحكات الساخرة من حولها فاستطردت المرأة قائلة :
لقد أتيت الى السجن مرات لم أعد أعلم عددها، صرت اعتبره بيتي الثاني، وانت كذلك سوف تألفين العيش بين جدرانه فلا تبكين هكذا وعليك بالصمود.
نظرت اليها قمر بعدما رفعت وجهها اليها فتألمت المرأة لحالها، مسدت فوق رأسها قائلة:
انا بجانبك ان أردتي النوم فافعلي، لا تخافي فأنا لدي ابنتان يقربناك بالعمر.
أغمضت قمر عينيها على الفور وانهكها الخوف فتاهت في بحور النوم الغارقة.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
نظر جمال الي راشد وقد استحسن صنيعه كثيراً تحدث اليه بتساؤل:
كيف استطعت الحصول على امضاء تلك الفتاة يا راشد ولمَ هي؟
اجابه راشد بثقة : عندما ذهبت في المرة الأولي الى هناك وادعيت انها سيئة الخلق صدق حدسي وساندها يامن بيك بقوة فأدركت حينها أنه لن يدعها تسجن في قضية خاصة عندما يعلم أنها قضية ملفقة.
جمال : وان لم يهتم وتركها؟
راشد : ان لم يهتم لأمرها سيهتم لأمر داوود العدلي فمكانته كبيرة لدي يامن بيك ومحال أن يتخلى عنه ويتركه يتعفن وراء القضبان.
قهقه جمال قائلاً:
ليته يفعل ويتركه فداوود هذا هو من قوى قلب يامن وسانده عندما تركني وذهب للعيش مع والدته.
راشد : لا تقلق سيادتك، لقد اتفقت مع الجميع وسوف تسير الأمور كما تريد.
جمال : لا أريد ليامن ان يتأذي بأي شكل، هل تفهمني؟
راشد بطاعة : مؤكد سيادتك، يامن بيك لا شأن له مطلقاً بما حدث، فالذنب كله يقع على عاتق تلك الحمقاء التي أدخلت نفسها في دائرة مغلقة لا خروج منها الا بعودة يامن بيك الى هنا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
بالرواق المؤدي لغرفة التحقيق عاد يامن الي الوقوف عله يجد حلاً وبالجانب المقابل كان جاسر واقفاً والقلق يعتريه بعدما أخبره المحامي ان القضية ملفقة بحرفية واتقان وان يداً عليا وراء الامر بأكمله.
تساءل جاسر في غضب
وقمر ما شأنها واي يد عليا تلك التي قد تنالها بأذى وهي علاقتها بالعالم الخارجي تقتصر علي والدتها وصديقتها.
انتبه يامن كلياً الى حديث جاسر بعدما اخترق سمعه اسم قمر...ة
تعجب يامن بشدة من ذاك الجاسر واقترب منه متسائلا بترقب:
هل تتحدث عن قمر القادري
جاسر بجدية : أجل، هل تعرفها ؟
يامن : أنا يامن، الطبيب الذي اعمل معها بالصيدلية .
أمسكه جاسر من تلابيبه جاذباً إياه بكره وغضب قائلاً :
أين قمر.. وما شأنها وشأن عملك الملوث؟!
دفعه يامن بحدة قائلاً:
ان مددت يدك ثانية، كسرتها لك .
باغته جاسر بلكمة قوية فردها يامن مضاعفة له.
يامن : أيها الحقير كيف تجرؤ على ضربي؟
جاسر : واقتلك يا أحمق ان لم تقل لي أين قمر.
يامن بغضب : ومن أنت ؟
جاسر : أنا خطيبها.
رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
البارت الثامن من خسوف القمر
نداء علي
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
اهتزت ثقة يامن قليلاً بعدما أعلن جاسر عن كونه خطيباً لقمر لكنه سرعان ما استعاد ثباته وتحدث بجدية قائلاَ:
وان يكن! هل يمنحك ذلك الحق أن تتطاول معي وتتحدث اليَ بتلك الصورة الفظة ؟
اقترب جاسر مرة أخرى قائلاً بغرور :
واكسر لك رأسك، الا تعلم من أنا؟!
ابتسم يامن ساخراً فاستشاط منه جاسر وهم بضربه لكن يد يامن كانت الأسرع وأطاح به بقسوة.
اقترب راشد الذي قد أتي مهرولاً بعدما أخبره رجاله بالشجار الدائر بين يامن وجاسر.
أزاح راشد يامن برفق قائلاً بهدوء:
دع لنا الأمر يامن بيك وسنتولى نحن تأديبه
نظر إليه يامن محذراً متحدثاً بلهجة آمرة
حذارى أن يقترب منه أحد، هل سمعت يا راشد.
إياكم وايذائه فأنا كفيل به .
أحس جاسر ببعض الرهبة فتراجع عن هجومه.
وبادله يامن نظراته بأخرى تعني الكثير.
طالت غفوتها وكأنها تتخذ منها ملاذاً، كانت بلا حراك وكأنها فاقدة للحياة، جلست تلك المرأة جوارها تتحس جبينها برفق فشهقت في فزع قائلة:
يا الهي! تلك الفتاة أصابتها الحمى.
تهافتت عليها النزيلات بترقب وفضول فدفعتهن بحدة تلك السيدة العجوز قائلة:
ابتعدن قليلاً ايتها البائسات وتوقفن عن ذاك الفضول القاتل الفتاة تصارع الموت..٪
هيا يا عائشة استدعي أحد الحراس علهم يغيثونا ويحضروا طبيباً لتلك المسكينة
أسرعت تلك المسماة بعائشة تنادي بصوتها الجهوري قائلة:
النجدة، هناك فتاة متعبة للغاية وعلى وشك الموت.
اقتربت حارسة الزنزانة بتكاسل قائلة بفتور
وهل أمثالكن يؤثر بهن المرض.
عائشة : بالله عليك تلك الفتاة تبدو بريئة ولم يمض علي وجودها بالسجن سوى يومان، والآن هي فاقدة للوعي ويبدو أنها مصابة بالحمى.
الحارسة : حسناً، توقفي عن الثرثرة واحمليها لنأخذها الى الطبيب.
حملتها عائشة بخفة وصارت بصحبة الحرس باتجاه العيادة التابعة للسجن.
وتمتمت المرأة بداخل الزنزانة قائلة:
عجباً لتلك الفتاة، لم يمض على وجودها عدة ايام وأوشكت على الموت بينما انا قد قضيت نصف عمري هنا وعندما أخرج اشعر بالحنين الى هنا، ربما لم تدرك تلك الساذجة أن ما نحن فيه لا يقارن بما ينتظرها بالخارج فالدنيا لا ترحم الضعفاء.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
ولا ندري اتلك القسوة قد غرست بباطن الأرض منذ نشأتها أم أن الانسان هو من غرسها بيديه وروى بذورها إلا أن كبرت وتفرعت أغصانها وتشابكت فصارت تحيطنا من كل صوب.
تحدث جمال بغضب ورفض قائلاً بلهجة آمرة:
ذاك الفتى لابد أن يؤدب، فمن تسول له نفسه ان يتطاول على ولدي يجب ان يدرك أنه حشرة أسحقها تحت قدمي بعدما تجرأ على أسياده.
راشد : لقد حاولت يا سيدي التدخل إلا أن يامن بيك رفض بشدة بل وأخبرني أنه لن يسمح لأحد ان يمس ذاك الرجل بسوء.
جمال : يامن الأحمق يتحداني ولن يهدأ له بال إلا بموتي.
راشد : أطال الله عمرك سيدي، أعتقد أن يامن بيك غاضب بعض الشئ ولذا يرفض المساعدة منا.
جمال بجدية : سأذهب اليه الأن، هو لن يأت وعليَ مواجهته، إما أن يعود وإما أن يتحمل داوود وقمر تبعات فعلته أنا لن أصبر بعد الآن ..ة
راشد : سيدي أعتقد أنه عليك التريث قليلاً
أشار جمال بيده منهياً الحوار فأومأ راشد في طاعة وتوجها الى مقابلة يامن.
ترددت الكلمة بأذني يامن كثيراً، خطيبها، هل قمر مرتبطة بأخر، نهر نفسه قائلاً :
وما شأني أنا، لكنها لم تقل ولم تتحدث من قبل عن ذاك الخطيب.
بينما كان جاسر يطالع يامن بغضب فهو لم يشعر بالارتياح لوجوده.
اقترب المحامي الخاص بيامن من مجلسه وهمس اليه بخفوت لم يصل الي أحد سواه فتبدلت ملامحه علي الفور وغادر بصحبة المحامي.
تنهد جاسر بارتياح عقب رحيل يامن والتفت الي سميحة التي كانت تئن في صمت قائلاً:
لا تقلقي لا يا خالة بأمر الله سنخرج قمر من هنا.
سميحة بترقب : حقاً يا جاسر، هل أخبرك المحامي بذلك؟
جاسر بهدوء : ليس بعد لكنه لن يدخر جهداً في سبيل اخراجها فهو محامي ذات شأن ولديه من الخبرة ما يكفي.
سميحة بأمل : ليته يفعل.
جاسر بسعادة : سيفعل، إن شاء الله سيفعل وتعد قمر إلينا.
نظرت اليه سميحة بتعجب قائلة:
إلينا، ماذا تقصد يابني، ألم تتركها وتتزوج بأخرى، انا لم أشأ تكذيبك أمام ذاك الرجل واكتفيت بالصمت عندما أخبرته أنت ان قمر خطيبتك.
جاسر بحزن : انا اعلم انك غاضبة مني.. لكني طلقت زوجتي وحاولت مراراً إصلاح الأمر بيني وبين قمر لكنها تأبى العودة أو الاستماع اليَ
لن أتركها وسوف اخرجها من هنا واطلب اليها الزواج، ولكن ارجو منك مساعدتي والوقوف الى جواري.
نظرت اليه سميحة بتردد، عقلها يرفض الوثوق به وقلبها كأم يخبرها أن قمر ليس لديها بالحياة فرص للاختيار، أما أن تبقى بلا زواج إلى الأبد، أو ترتبط بمن يتغاضى عن تشوهها، اختياران كلاهما مر.
لمَ لا تعط جاسر فرصة ثانية؟!
لقد عاد بإراداته راغباً بوصالها ويبدو أن مشاعره تجاهها كما هي، ربما قد أخطأ فيما مضى وها هو الآن يسعى الى الوقوف جوارها وتبرئتها.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
كانت نظرات يامن مشحونة بنيران الغضب والرفض والكره لبطش والده بينما جمال كعادته ينظر الى يامن بهدوء
تحدث يامن بغضب قائلاً:
ألم تأخذ من موت رأفت عظة، ألم يساورك الخوف لوهلة واحدة، ماذا تريد مني؟!
أنا لا أريد الرجوع معك لا أطيق العيش كما كنت.
دعني وشأني يا رجل لقد اكتفيت من تصرفاتك تلك.
جمال : هل من الأدب أن تتحدث الى والدك هكذا؟!
يامن : لا حول ولا قوة الا بالله.
وهل يفعل الأب ما تفعل انت، هل يقوم الأب بظلم أناس أبرياء لتحقيق رغباته!.
جمال : وأحرق الكون من حولك يا يامن إلى أن تعد إلى رشدك وتدرك خطورة تصرفك.
أنا لن أحيا بمفردي وينتهي بي الحال جثة هامدة وسط الخدم والحرس.
سترجع إلىَ شئت أم أبيت، سترجع الى شركاتك وتواصل العمل مثل أخيك.
هل فهمت؟!
يامن : وإن لم أفعل، هيا أخبرني، هل ستزج بي الى السجن أنا الآخر؟!
جمال بجدية : محال أن افعل، بل ان كنت أنت الفاعل ما تركتك تدفع ثمن جريمتك.
ان لم ترجع يا يامن سيقضى داوود باقي أيامه بالسجن حتي وفاته، سأقضي عليه بإشارة من يدي وتلك الفتاة، سأجعلها عبرة لغيرها، لن اتراجع حتى ترجع.
استعاد يامن بعضاً من شراسته التي تخلى عنها مع أشياء كثيرة تركها وراء ظهره فيما مضى وطالع والده بثقة قائلاً
حسنا.. سأرجع ولكن لن افعل قبل خروج داوود، ورؤية قمر فقد أخبرني المحامي منذ قليل بأمر مرضها، واعلم أنه ان أصابها مكروه فلن ارجع إليك وإن انقلبت الدنيا رأساً على عقب.
ابتسم جمال بسخرية معلقاً:
لك ما تقول يا سيد يامن.. بعد قليل سترى تلك الفتاة، وسيخرج داوود قبيل عودتك.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
لاحظ العم شرود علياء فاستغل صمتها وصمت عثمان قائلاً:
لقد استخرت الله ورأيت ان رجوعكما الى العيش بالقاهرة بمفردكما درب من الجنون.
عندما يسترد الله أمانته وألحق بأخي ربما عليكما أن تذهبا.
علياء : عماه بالله عليك لا تقل ذلك، أنا ونسمة لم يعد لنا سنداً بعد الله سواك.
العم : اذاً عليكما أن تصغيا إلىَ.
علياء : عمي انا لم أقل أننا سنبقي بالقاهرة الي الابد بل هي مرحلة هامة لكي نسترد بيت أبي وتنهي نسمة عامها الدراسي ثم نرجع الى هنا.
عثمان : وهل ترين يا علياء أن رجال العائلة قد عدموا جميعا وسنترك الامر لسيادتك كي تَواجهين زوجة والدك بمفردك.
علياء : لم اقصد ذلك ولكن الأمر يعنيني وينبغي ان أواجهه بلا خوف.
العم بجدية : ربما يجب علينا ان نحقق قولك وقول عثمان على حد سواء.
عثمان : وكيف ذلك؟!
العم : تتزوجا ووقتها ستواجه تحية دون تردد فالبيت الذي سلب من علياء ونسمة بيت جدك وعمك وبعد إتمام الزواج سيضحي بيت زوجتك.
كانت علياء ترفرف بين سحب الخيال لا تصدق ما يقوله عمها لكن التردد الذي قرأته بعيني عثمان أطاح بها الى ثرى الواقع.
حاولت زوجة العم المزاح عل عثمان يفق من صمته الذي قد طال فتحدثت قائلة بمرح
ان لم يتزوجها عثمان زوجناها لرائد شقيق باسل زوج حورية.
ألتفت عثمان الى والدته بحدة وأعمته غيرته فأجابها بجدية:
وهل يعلم رائد أنها مطلقة؟
شهقت والدته بفزع ووقفت نسمة امامه صارخة بوجهه وكأنها ليست تلك الصغيرة التي تربت علي يديه قائلة:
متى تتوقف عن تعنتك واهاناتك المتكررة في حق علياء، أتلومها علي ارتباطها بسواك؟
واين كنت وقتما ارتبطت هي بآخر، ما الذي فعلته انت سوى الهروب.
لقد أتيت الى هنا قبل عقد قرانها، هرولت اليكم دون علم والدي ودون علم شقيقتي.
أردت ان أبلغك بما يحدث وان ابي يزوجها رغماً عنها.
نظرت علياء الى شقيقتها قائلة:
ماذا تقولين!
ادمعت عينا نسمة فاستطردت قائلة:
لقد ساعدتني قمر رغم ما أصابها آنذاك وأتت معي الى هنا فوجدناه قد سافر إلى الخارج.
هرب ولم ينظر وراءه.
عثمان : اصمتي يا فتاة.
نسمة : لن أفعل، انت رجل ولم تستطع الوقوف بوجه أبي، كيف تنتظر منها هي الوقوف بوجهه؟
تساءل العم بحزن قائلاً:
لمَ لم تأت اليَ يا بنيتي! أنا لم أعلم بمجيئك الى هنا سوى الآن.
نسمة بحزن : لم يكن أبي ليستمع الى أحد فقد احكمت تحية نسج شباكها من حوله وخشيت إن علم بخروجي دون اذنه ان يبطش بي مثلما كان يفعل بعلياء كي توافق على زواجها من ذاك الوغد.
تنهدت نسمة قائلة:
لقد كنت طفلة في ذاك الوقت وظننت ان عثمان الفارس المغوار سيأتي مهرولاً ويختطف علياء ويتزوجها، لم اتخيل ان يفر هارباً ويأت بعد سنوات ويلومها.
العم : حفظك الله يا نسمة، لقد أساء والدك كثيراً في حقكما إلا أنه قد أحسن تربيتكما.
وجه العم بصره الى عثمان قائلاً بتحدي
ان لم تشأ الزواج بابنة عمك فهنيئاً لها، وسوف أزوجها بمن يستحقها.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
استأذن يامن في الدخول اليها بخطى خجلة فما اصابها من أذى كان هو سبباً به.
مهلاً! هل أخطأ بالدخول الى غرفة قمر.
من تلك الفتاة النائمة أمامه؟ هل تشوه وجهها بالسجن أم أن ما يراه ليس الا تخيلاً.
فتحت عيناها ببطئ تطالع المكان من حولها لتستقر نظراتها امام نظراته المتفحصة
سالت دموعها في صمت أكد ليامن أن تلك الفتاة هي قمر.
عيناها محال أن يخطئ بهما، ولكن كيف ولمَ؟!
وهل كانت تقصد إخفاء حقيقتها عنه أم أن دخولها الى حياته ليس محض صدفة.
هل والده له يد بوجودها جواره ام أن وجودها جواره كان سبباً لكي يرجع الى والده.
هل براءة نظراتها حقيقة أم أنه ادعاء وخيال ككل شئ من حوله .
أغمضت عيناها مرة ثانية بعدما ايقنت أن الحقيقة قد كشرت عن انيابها القاسية وظهرت من جديد ليعاود القمر خسوفه من جديد عله يبتعد ولا يراه أحد.
#نداء_علي
رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
الفصل التاسع
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
نداء علي.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
ولم يستمع الى القلب عندما طلبت إليه نسيانك، رجوته أن يحاول لكنه انتحب رافضاً واخبرني بأن نسيانك نهاية لمعنى الحياة.
همس إلىَ انه لازال ينبض لأجلك وانك عائد لا محالة وانتظرتك حبيبي، وليتك لم تعد.
غادر عثمان بعدما واجهته نسمة بحقيقة يعلمها يقيناً ولكن قلبه العاشق لا يود الاعتراف بها وكيف يقر بأنه قد تخلى وابتعد!
لو كان الأمر بيده ولو عادت به السنوات لما تركها، لقد جاهد نفسه مراراً كي يبقى في هجرته، لكن اشتياقه غلبه.
أتى اليها ولكن تلك السدود التي شيدتها أيادي الهجر تقف حائلاً بينهما.
اقترب بحذر من باب غرفتها ودقه بتعب.
أجابته هي بخفوت :
ما الذي تريده يا عثمان؟
ابتسم ساخراً من لفظها لاسمه بتلك الصورة التي تهلكه قائلاً:
دعينا نتحدث قليلاً
علياء : ألديك إهانات جديدة لم تذكرها قبل قليل .
اجابها بصدق : اعتذر إليك، هيا اخرجي اليَ، أود رؤيتك.
وقفت أمامه تناظره بحزن فتحدث بتردد :
أعلم ان اعتذاري لن يشفع لي، لكن عذري قد يشفع.
علياء : حقاً، وما هو عذرك؟
٠
عثمان بحب : أغار يا علياء، أغار بجنوون منذ الابد والى الأبد، أغار من نفسي عليك فكيف لا أغار من سواي احترق بغيرتي ولا أحد يستشعر نيران قلبي سواي أنا.
اخفضت ناظريها، أزاحت خصلات شعرها الى الوراء فناظرها عثمان بتعجب فتحدثت بتوضيح قائلة:
هل ترى تلك الندبة يا عثمان؟
ادمعت عيناه فهو لم ير ذاك الجرح الغائر بوجهها من قبل
تساءل في ترقب:
ما هذا؟!
أجابته بهدوء وكأنها تسترجع ما حدث قائلة:
تلك كانت هدية زواجي، صفعة تلقيتها ممن عقد قراني وصار زوجاً لي.
تسارعت دقات قلبه وتبدلت ملامحه ولم يقدر علي استكمال حديثه فابتسمت بحزن
لقد أخبرته زوجة والدي عقب عقد القران مباشرة أن القرط الذي ارتديه يعود إليك.
أخبرته أننا تعاهدنا ألا اتخلى عن ذاك التذكار وانني باقية علي العهد، دلف اليَ واعتقدت أنذاك انه قد أتى لمباركة عقد قراننا فارتعدت خوفاً منه وحزناً عليه فقد كنت أرى بنفسي خائنة.
عثمان بتعجب : خائنة له؟!
علياء : بالطبع، فقد تزوجته وروحي بين يديك انت، ارتبطت به وأنا لا أرى سواك ، وتلك خيانة.
اغمض عثمان عيناه محاولاً الصمود أمام اتهامها الصامت فتحدثت بصوت جريح قائلة:
وقفت امامه أحاول الابتسام بوجهه كي لا يستشعر نفوري منه فباغتني بصفعة لم ولن انساها ما حييت.
استكملت بجدية قاتلة:
لقد أطاح بي ولم ادر ما حدث، أصابني ارتجاج وبقيت في المشفى أيام، أيام احاول استيعاب ما حدث ولمَ حدث، لمَ صفعني.
ألم يكفه صفعات الحياة المتتالية، واجهته بعدما استعدت بعضاً من الوعي فأخبرني انه رجل لا يقبل شريكاً له في زوجته، طلقني في المشفى يا عثمان.
أتدري الى الآن، أنا ألتمس له العذر فيما فعل، أما انت فلا، لم ألتمس لك عذراً ولن أفعل بعد الآن.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
انتظرت دقائق تتمنى أن يلومها يعاتبها يصرخ بوجهها، يطمأنها يبثها الأمان ويخبرها أنه لن يبتعد لكنه لم يتزحزح عن صمته.
ناظرته بخيبة أمل فابتسم ساخراً وتخلي عن صمته قائلاً:
كيف حالك يا قمر، هل تشعرين ببعض التحسن؟؟
أدارت وجهها بعيداً عن نظراته المترقبة واجابته بثبات زائف :
انا بخير، لا تهتم
يامن : انا لا اهتم ولكن وجودك هنا يرجع إلى والدي لذا فأنا أري نفسي مسؤولاً عما أصابك.
قمر بتعجب : والدك! وما شأنه !؟
يامن : فيما بعد اقص عليك ما حدث الآن اود منك إخباري عما حدث، هل تسبب احد السجناء في ايذاءك؟!
قمر بغضب : هل تتصرف على هذا النحو دائماً؟
يامن بتركيز : وكيف أتصرف ؟
قمر : تتصرف ببرود، انت لا
تحتمل.
قهقه يامن قائلاً:
هل اكتسبت بعض الوقاحة من السجن ام يخيل اليَ؟
قمر بدموع : عليك الخروج الآن، أنا لا اطيق رؤيتك.
اقترب يامن بثبات ومال بجسده متحدثاً اليها بصوت يشوبه عتاب ولوم وبعض الاتهام قائلاً:
لمَ لا تطيقين رؤيتي، هل أنا من كذبت عليك وخدعتك.
قمر بانهيار : انا لم اخدع ولم أكذب ولم أختر مصيري، لم ارتكب جرماً انا مشوهه ولست قاتلة او آثمة، أنا ضحية، ضحية دهست بلا رحمة ولم أجد من يمد اليَ يده ويحتويني.
كان منتهى أملي أن أختبئ، واختبأت خلف نقابي، وجدت به أمان، ليس لك الحق في لوم أو عتاب، انا لم اقصد خداعاً بل اردت فرصة للعيش، أردت العيش ما الجرم في ذلك ؟
يامن بغموض : ربما خطؤك الأكبر انك ترين نفسك مشوهة
قمر بانهيار : أولست كذلك؟!
يامن : ربما يا قمر، ولكن الأمر الأكيد أننا كلنا مشوه، كلنا أصابنا تشوه، بعضنا أجاد اخفاءه وبعضنا لم يستطع.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تحدث جاسر بصوت خفيض قائلاً بحدة
لقد أخبرتك من قبل أن ماسة لن تأت إليكِ لقد تنازلت عن حضانتها وان رغبت في رؤيتها فبيتي مفتوح متى تشائين.
تحدثت هي قائلة:
لكنني على وشك السفر الى الخارج، لدي مؤتمر طبي وربما اغيب عاماً كاملاً، اود بقاءها معي الى أن يحين موعد السفر.
جاسر بحدة : اللعنة عليك يا امرأة الا تفهمين، ماسة لن تأت اليك وأنا لا أود سماع تفاهاتك تلك فلتسافري ولتذهبِ الى الجحيم .
تمتمت هي بغضب : حسناً يا جاسر، حسناً سوف ترى ما انا قادرة على فعله.
اغلق هاتفه بكره ونفور وتوجه خارج القسم يهاتف والدته.
انتظر قليلاً فأجابته والدته قائلة:
اين انت يا جاسر ؟
جاسر : لدي عمل هام، استمعي اليَ جيداً تلك الوقحة طلبت منى أخذ ماسة
للبقاء لديها قبيل سفرها الى الخارج.
والدة جاسر : وما المانع، فهي بالأخير والدتها.
جاسر بغضب : المانع أن ابنتي ستتعلق بها ولن تهنأ بقربها إلا أياما قليلة لتخذلها تلك البائسة وتتركها وحيدة وتسافر، انا لن اسمح لها بأن تفطر فؤاد طفلتي.
والدته ببرود : حسناً، أخبرني متى ترجع الى البيت.
جاسر : لا أعلم، ربما بضع ساعات وآتي اليكم.
انتهى حديثه مع والدته ورفع بصره إلىَ
السماء قائلاً:
ربما لا يدرك الألم إلا صاحبه وربما لم ادرك من قبل فداحة فعلتي إلا بعدما ادركت معني الخذلان والتخلي.
يا ليت ماضينا يمحى ونبدأ من جديد.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
هرولت سميحة بترقب وترجي قبالة يامن بعدما ناداها.
تحدثت اليه باستجداء قائلة:
هل ابنتي بخير؟!.
يامن : بخير وبعد قليل ستخرج بصحبتك، اعتذر يا سيدتي عما حدث فقد كان بلاغاً كيدياً من بعض المنافسين.
سميحة بحزن : أرجو ان ينتقم الله منهم أشد انتقام.
ناظرها جمال الواقف بعيداَ بعض الشئ بغيظ وابتسم يامن بسخرية قائلاً:
هداهم الله يا سيدتي فبعض البشر نفوسهم مريضة.
عاد جاسر للوقوف جوار سميحة فتحرك يامن بخطوات هادئة مبتعداً عن محيطهما.
عاد يامن الى قمر بعدما احضر اليها ملابس لائقة ونقاب جديد.
طالعته قمر بتوتر فباغتها بسؤاله :
هل انتِ مرتبطة، هل لديك حبيب أو خاطب؟
قمر مستهزئة : بالطبع لا
يامن بتعجب : إذا من ذاك الأحمق الذي ادعى انه خطيبك ؟
قمر بانتباه : ما اسمه ؟
يامن : سمعت والدتك تدعوه جاسر
قمر بقلق : هل أمي بالخارج، هل علمت بما حدث، هل اصابها مكروه.
يامن : هي بخير وقد اطمأن قلبها بعدما أخبرتها بأمر خروجك.
ولكنك لم تخبرينني، من هو جاسر ؟
قمر : كان فيما مضى دنياي ومستقبلي،
وصارت الحادثة فانتهت دنياي ومستقبلي وابتعد هو بدوره.
يامن بتلقائية : لقد أحسن صنعاً.
طالعته بغضب فابتسم موضحاً قوله
اقصد انه لو كان خيراً لبقى.
قمر مغيرة مجرى الحديث :
متى أخرج من هنا ؟
يامن : بعد قليل، بدلي ملابسك وسأذهب لإنهاء الاجراءات الخاصة بخروجك انت واستاذ داوود وارجع اليك، سوف اصطحبك الى البيت.
قمر برفض : لا داع.
يامن بلهجة قاطعة:
استعدي يا قمر، فأنا لن اسمح لذاك السمج باصطحابك.
ابتعد عن مرمى بصرها ولم يبتعد عن نياط القلب الذي خان العهد ودق من جديد بعدما ابرمت هي وهو اتفاقاً ألا يقع بالحب ولا يستسلم لأحد فغافلها وهرول الى ذاك الغامض الذي أتى بعدما توقف العالم عن دورانه وصار رتيباً، مملاً، قاتماً.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
انتهت نسمة وعلياء من اعداد ما يلزم لما يسمى بسبوع العروس، ابتسمت زوجة العم بارتياح قائلة:
حمداً لله، لقد اكتمل كل شئ، ادعو الله ان تسعدا وأعد لكما عرساَ وسبوعاً كما حورية وافضل.
نسمة : متى نذهب يا امي لقد اشتقت الى حورية كثيراً.
زوجة العم : لحظات ونمضي الى وجهتنا.
هيا يا علياء اسبقيني الى سيارة عثمان.
علياء برفض : لن اذهب معه، سأنتظر عودة عمي وآتي معه.
اقتربت زوجة العم منها واحتضنتها بحب قائلة:
الم تنل قلوبكما ما يكف من الهجر واللوم.
هيا يا حبيبتي، أدبيه كما تشائين ولكن دون قسوة أو بعاد.
قهقت نسمة قائلة:
يبدو إنك خصم لا يستهان به يا أماه.
زوجة العم بثقة : وهل استطعت البقاء مع عمك وجدتك رحمها الله دون عناء ودهاء وحرب باردة يا فتاة.
لقد كان عمك في صباه فرس جامح غير قابل للترويض، فروضته أنا.
احنت علياء رأسها وخانتها دموع التردد والحيرة فاحتوتها زوجة العم بنظراتها الدافئة وصوتها الحنون قائلة:
لا تحن رأسك يا حبيبتي، لقد كانت أمكما رحمها الله سنداً لي في كثير من الأوقات القاسية، كنت اعدها أختاً لم تلدها امي.
كم اشتاق الى حديثها ووجودها ولكنها تركتكما لي، قطعة منها ولن أفرط فيكما ما حييت.
اذهبي يا علياء، انتزعي من الحياة حقك المسلوب رغماً عن الجميع.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وضع ساقاً فوق اخري وشمخ برأسه عالياً فناظره والده بارتياح قائلاً:
هل اتفقنا يا يامن بيك؟
يامن بجدية وتحذير : اتفقنا، فلتعطيَ أوامرك الآن بإخلاء سبيل استاذ داوود وقمر.
جمال بترقب : هل علمت ان تلك الفتاة مشوهة ؟
يامن : وهل تشوهها موضوع نقاشنا الآن؟
جمال بمكر : لا، ولكن فضولي يدفعني لمعرفة ما يدور برأسك، هل ما تفعله تعاطفاً معها، شفقة ربما ؟
يامن ببرود : سأخبرك عندما أجد إجابة مقنعة أما الآن فأنا انتظر أوامر سيادتك.
نظر جمال الى راشد بما يريد فتحدث راشد بجدية قائلة :
لقد تم الامر يا سيدي وانتهت القضية من أساسها فما حدث كان بلاغاً واتهاماً باطلاً
تمتم يامن بسخط قائلاً:
لقد تفاجئت الأن، لم اكن ادر ان التهمة ملفقة.
تحدث جمال قائلاً:
راشد لا شأن له فيما حدث فتلك كانت أوامري .
هب يامن واقفاً متحدثاً بلهجة لا تقبل
المزاح قائلاً:
سأرجع بعد شهر من الآن فلا يجوز ان اترك العمل لدي أستاذي دون أن يجد بديلاً.
جمال : هل تماطل معي يا يامن؟
يامن : لا، فانا اعلم انك لن تيأس ولن تترك داوود ولا قمر في حال سبيلهما.
وإياكم ، احذرك أن يقترب أحد من رجالك منهما وإلا قلبت المعبد بأكمله فوق رؤوسكم.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
استوفى يامن الاوراق اللازمة وتأكد من اخفاء تلك القضية الملفقة، احتضن داوود بحب وتقدير واعتذار وطمأنه داوود انه بخير وغادر الى بيته.
التفت يامن الى قمر فوجدها تخطو بإرهاق بادي اقترب منها متردداً هل يمسك بيدها ويساعدها على المضي قدماً أم ينتظر.
تفاجئ باقتراب جاسر بلهفة بادية بمحياه.
اقترب بشدة من قمر فتراجعت للخلف قائلة:
شكراً لك يا جاسر، لقد اتعبت حالك.
جاسر بوله : لا تعب إلا في بعادك يا قمري
انتابها خجل وتوتر مما قاله فتحدثت بخفوت قائلة:
أين امي؟
جاسر : تنتظرنا بالسيارة، هيا بنا كي نغادر.
قمر برفض : اخبرتك مراراً أن دروبنا محال أن تلتقي، لن أتحدث فيما مضي ولكن بالله عليك توقف عن تصرفاتك تلك.
أنت تتعامل معي وكأن شيئاً لم يكن، لقد تركتني سبع سنوات، أتدرى كم انتظرتك يا جاسر، لقد شاب قلبي وأصابه الهرم جراء فعلتك، توقف عن ادعاءك بأن ما كسر يمكن إصلاحه فهو محال.
صرت لي غريباً عني لا أعرفه ولا أود معرفته.
جاسر بحزن : وانا لن أيأس، ولن أتركك لغيري.
قالها وبصره موجه الى يامن :
ارادت اجابته لكنها تراجعت بعدما
رفع يامن بصره إليها وكأنه يحثها على الاسراع في مشيتها، استجابت هي وحاولت أن تسرع الخطى ليداهمها دوار حاد كادت على اثره أن تسقط لكنه تلقفها بين يديه ولم يتركها لتقع مجدداً.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
بمرآة السيارة يختلس النظر اليها ولا يرتوي، يود اختطافها بعيداً عن الأعين الناظرة إليها.
تتحدث الى شقيقتها ووالدته ويتضاحكن وتتراقص على وقع ضحكاتها دقات قلبه المتناغمة مع صوتها العذب.
لاحظت والدته نظراته الهائمة فتحدثت بمكر قائلة:
اعتقد يا علياء أن أحمر الشفاه الذي تضعينه ثقيل بعض الشئ.
ضغط عثمان مكابح السيارة دون سابق انذار فشهقت نسمة قائلة:
ولدك أصابه الجنون، اللهم احفظنا.
ابتلعت علياء ريقها بخوف بعدما أمعن عثمان النظر اليها قائلاً بغضب:
يومك لن يمر بسلام يا ابنة العم ان لم يختف أحمر الشفاه من فوق شفتيك.
#رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
الفصل العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وما أقسى الندم مع عشق يتزايد ولم نعطه في الماضي ما يستحقه.. هل قمره الآن بين يدي غريم لاح في الأفق بعدما ظن أن السماء خالية من أي ضوء سواه.
يحثه قلبه المشتعل بنيران الرفض لذاك القرب أن يهرول الى يامن وينتزع قمر من بين يديه عنوة ويستوقفه عقله فقد قرأ بعينيها مشاعر وليدة تؤكد له أن الرجوع إليها بات مستحيلاً.
تنهد في تعب ونفى لعقله ما يدور بداخله واستحضر ثقة واهية ترجع الى مخيلته المريضة هامساً لنفسه.
مؤكد هو لم يدر بعد بأمر تشوهها، وبالأخير سيبتعد فشاب كهذا محال أن يرتبط بفتاة مشوهة، لم ولن تجد رجلاً يتمناها ويرتضيها زوجة سواي، هي لي تلك فرصتي ولن اضيعها فقلبي لم ينبض لإمرأة غيرها.
تقدم بخطوات وئيدة متحدثاً بغيظ قائلاً :
ابتعد قليلاً فهي متعبة، سأحملها أنا.
نظر إليه يامن وللمرة الأولى ترى قمر وجهاً جديداً بيامن، فهي اعتادته غامضاً، هادئاً.
يخطو بتمهل ولا يتسرع مطلقاً فلمَ الآن ترى بعينيه شراسة مخيفة وتحذير لا يستهان به جعلها تبتعد عنه وتتكأ على الحائط المجاور لها هامسة اليه بخجل قائلة:
أنا بخير ولا داع للقلق بشأني، بإمكانكما الذهاب وانا وأمي سنستقل حافلة.
نظر اليها بغضب قائلاً:
إما أن تذهبي معي أو معه، لن اتركك بمفردك..ة
وكم تمنت هي أن يقصد كلماته ماذا لو تمسك بها ولم يتركها مطلقاً ماذا أن بقى إلى الأبد.
تنحنح جاسر قائلاً:
هو محق، لا يجوز ان تغادري بمفردك، هيا تعالي معي يا قمر.
لم يتحدث يامن وترك لها حرية الاختيار فأجابت بثقة.
سأذهب مع دكتور يامن.. أخبر أمي أني بانتظارها استمحيك عذراً.
تحرك جاسر بخطى مسرعة وابتسم يامن بانتصار وتنهدت هي في ضيق.
ترجلت سميحة من السيارة بعدما أخبرها جاسر برفض قمر للذهاب معه، حدثته باعتذار قائلة:
لا تهتم لما تقوله قمر الآن فهي مازالت غاضبة وناقمة عليك وسوف اتحدث إليها لاحقاً بعدما تهدأ وتستريح فما حدث معها ليس بهين.
جاسر في طاعة : حسناً يا خالة سأنتظر.
سوف أتبعكما بسيارتي كي اطمئن علي وصولكما.
سميحة : كما تشاء يابني.. سأذهب اليها كي يطمئن قلبي.
قاد سيارته بثبات وروية وكأنه يستمتع بوجودها جواره بينما غفت والدتها بالمقعد الخلفي من فرط إرهاقها وتوترها بالأيام السابقة.
تحدث يامن بخفوت بعض الشئ قائلاً:
ألا تشعرين بالجوع ؟
ابتسمت قمر من خلف نقابها فالتقط بقلبه همسها الباسم لتتحدث هي بمرح
لا ادري فقد مضى ثلاث ليال لم أذق فيهم نوماً ولا طعاماً وعندما كنت اغفو كانت تطاردني أشباح مفزعة.
نظرت إليه تتحدث بجدية مصطنعة قائلة:
لقد استشعرت نفسي مجرمة عتيدة الإجرام وانتابتني روح شريرة تحاول اقناعي أن وجودي داخل السجن مستحق، مؤكد أنني ارتكبت جرم ما وتناسيته.
قهقه يامن قائلاً:
هل تسخرين مني الآن ياقمر، أم أنك بالفعل قد ارتكبت جناية ما وتحاولين الهرب.
نظراته أصابتها بتوتر فتلعثمت وتساءلت :
لمَ اخبرتني ان ما حدث لي يرجع إليك ؟
يامن : هل أنت هكذا دائما تجيدين الهرب من الأحاديث الهامة؟
قمر : ربما الهرب فن يجيده من يعلم ان المواجهة نهايتها خسارة وانهيار.
يامن : وكيف نتأكد من النهاية إن لم نسع الى الوصول اليها، لمَ الخوف ؟
أجابته بصدق :
فيما مضي لم اكن اعلم أن للخوف وجود.
لم يكن أنذاك صاحبي بل كان يخشاني. كنت أرى الكون مرتعاً، ربيعاً دائماً ضحكات ومرح، حب تحول الى عشق وحياة رائعة لا تشوبها شائبة .
أما الأن فقد صرت امرأة كهول، استشعر الهِرم بين حنايا قلبي، انا اشتاق إلىَ، إلى قمر، تلك ليست أنا، لم أعد أجدني، هل اشتقت الى نفسك من قبل؟
يامن بجدية : وهل يشتاق أحدنا الى ألم وأخطاء لا نهاية ولا حصر لها، لا مطلقاً لا أشتاق الى نفسي في الماضي.
لم تفهم قمر ما يقول فتحدثت بشرود :
اذاً لن تستشعر ما أقول
اجابها بمرح مغزاه جدية وصدق:
بل لن تجد رجلاً سواي يستشعر ما تقولين ولكن بعض الأشياء يصعب البوح بها.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تبادلت علياء النظرات مع عثمان الثائر بشده لتهتف بهدوء مستفز.
لا استطيع إزالته يا عثمان فقد وضعت مثبت يصعب التخلص منه.
عثمان : إذا ينبغي عليَ التأكد.
شهقت والدته بفزع قائلة:
ماذا تقصد أيها المنحرف؟
قهقه عثمان : لم اقصد ما ورد الى خاطرك ولكن ما المانع ان اقبلها الآن وأرى إن كان أحمر شفاها ثابتاً أم يمكن إزالته.
اجابته والدته بجدية
تأدب يا ولد وهيا بنا لقد تأخرنا علي شقيقتك
عثمان : تعلمين يقيناً اننا لن نتزحزح من وقفتنا تلك إلا بعدما تستمع تلك العنيدة الى ما أقول.
علياء : لن أفعل يا عثمان ولا شأن لك بي.
عثمان محركاً سيارته بالاتجاه المعاكس
إذا علينا العودة الى المنزل فأنتِ لن تأتِ معنا.
تحدثت والدته باستجداء قائلة:
بالله عليك يابنيتي نفذي ما يقول فهو مثل أبيه يتحول الى ثور هائج عند غضبه.
عثمان : إذا سأخبر والدي ونرى ما يقول.
والدته : إفعلها وأقص لك لسانك يا عثمان.
عثمان بتحدي : أمامكم خيار واحد لا ثان له وإلا رجعنا الى البيت في التو، ما رأيك يا علياء؟
علياء بدموع : اللعنة عليك ألا تفهم أنا بالفعل لا أستطيع التخلص من أحمر الشفاه ذلك فقد حرصت على تثبيته وليس معي مزيل.
عثمان بغضب وجنون : تباً لك ولغبائك، وماذا انت فاعلة الآن.
علياء بخفوت : لا شئ فجميع الفتيات يضعن مساحيق تجميل ولا أرى عيباً في ذلك كما أن حورية عروس جديد ومؤكد أن أهل زوجها يتطلعن إلى رؤيتنا فينبغي عليَ أن أبدو حسنة المظهر.
عثمان : اصمتي فأنت كلما تحدثت زادت حماقاتك وتفوهت بما يدفعني الى الرغبة في قتلك.
نظرت اليه شزراً فاستكمل قوله:
لن أمرر فعلتك هذه مرور الكرام بل سأعاقبك عليها لاحقاً.
علياء : وما شأنك يا عثمان، هيا أخبرني الآن أين كنت طوال سبع سنوات وللعلم كنت أضع من مساحيق التجميل ما أشاء وارتدي ما أشاء فهل عادت غيرتك ونخوتك بعد غياب أم كانت مغيبة؟
عثمان بتحذير : احترسي مما تقولين
علياء بملل : هيا تحرك ولا داع للتأخير هداك الله، ولا تكثر معيَ الحديث فأنت تصيبني بالاستياء.
تمتم عثمان اليها بتحذير : سنذهب الآن ولكن إن رأيتك خارج غرفة حورية أو نظر أحدهم اليك فلا تلومن إلا نفسك.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
توقف يامن جانباً لتنظر اليه قمر بتساؤل صامت فأجابها باختصار.
سأحضر شيئاً ما واعود بعد قليل
اومأت اليه فغادر مسرعاً واغمضت هي عينيها بعدما نظرت الى والدتها فوجدتها تغط في نوم عميق.
تغيب يامن ما يقرب من ربع الساعة، كان جاسر واقفاً بسيارته على مقربة منهم يتمتم بسخط فكم تمنى تواجدها جواره والحديث إليها لكن يامن أطاح بفرصته.
امعن النظر تجاه يامن فوجده يحمل بين يديه بعض أكياس الطعام التي أتى بها من المطعم الذي دلف إليه.
تنهد في ضيق فقد سبقه في تلك الخطوة ايضاً، شد على شعره قائلاً:
ما خطبك يا جاسر هل أصابك الوهن ام ستعلن انسحابك دون السعي الى استعادة ثقتها، هل نسيت ما تحب قمر وما تكره عليك بالتقرب منها كما لو كنت لا تعرفها من قبل عليك بإثبات حبك وجعلها تقع في هواك مجدداً.
استقام يامن في جلسته داخل السيارة وتساءل في حنو قائلاً:
هيا ارشديني الى الطريق فلا أود أن أضيعكما.
اجابته بصوت ناعس، بقيت دقائق قليلة ونصل الى وجهتنا، أود النوم الآن.
يامن : حسناً، فقط عليك التركيز قليلا وإخباري عن المكان ومن بعدها بإمكانك النوم مثلما تشائين.
دقائق أخرى مضت ليتوقف يامن وتستعد قمر الى الصعود الى شقتها، تحدثت الى والدتها بحب قائلة:
أفيقي يا أماه لقد وصلنا الى البيت.
اعتدلت سميحة بفزع قائلة:
هل انت بخير يا قمر ؟
اجابتها قمر : أنا بخير، هيا بنا لقد تأخر الوقت للغاية.
نظرت سميحة الى يامن قائلة:
جزاك الله خيراً يابني وحفظك من كل مكروه، لقد أتعبناك.
يامن : حاشاك ياخالة بل هذا واجبي. تفضلي بالدخول كي أطمأن على
صعودكما.
ترجلت سميحة وفي عقبها قمر لكنه استوقفها قائلة :
انتظري ياقمر، عليكما بتناول الطعام قبل النوم.
قمر بخجل : لا داع لمَ أحضرت الطعام.
يامن : لأنك مجهدة ولن ترغب في تحضير ما يؤكل لذا أحضرت وجبة سريعة عليك تناولها كامله بالهناء مسبقاً، تصبحين على خير.
قمر : تصبح على خير، وأشكرك ثانيةً.
أومأ إليه مبتسماً وغادر باتجاه سيارته وصعدت هي الى شقتها.
بينما جاسر واجماً لم يبعد ناظريه عن قمر ويامن
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
عاد يامن الى بيته متعباً عاتباً على تلك الظروف التي لا تتح له مجالاً للاختيار بل تجبره دائماً على الانصياع الى أوامرها الصارمة.
يريد الأن أن يبقى ولكن محال فقربه سيؤذيها مرغم هو على البعد رغم يقينه أن البعد كاسر لها قبل أن يكسره هو.
هل ما يعانيه الآن هو حب أم يخيل إليه وان كان ما يستشعره الآن حباً فلمَ يتألم هكذا هل حلاوته ينبغي أن تنتهي بمرارة كالتي سيحياها.
دلفت اليه والدته تتفقده بقلق قائلة:
أخبرني ما الذي حدث يا يامن وأين كنت ؟
يامن باعتذار : عذراً يا أمي لم أتمكن من ترك قمر والسيد داوود.
نهال بحنق : السيد داوود تحدث اليَ
وأخبرني بعودته الي بيته سالماً وعلمت وقتها انك بصحبة تلك الفتاة.
يامن : لقد كانت متعبة ولم استطع تركها. لقد خارت قواها ووضعت بالمشفى.
نهال بقلق : يا إلهي وكيف هي الآن، تباً لك يا جمال ولعنادك الملعون.
يامن : لقد صارت أفضل حالاً واوصلتها الى البيت هي ووالدتها.
نهال : ووالدك، هل تحدثت إليه ؟
يامن بتردد : أجل، لقد اتفقنا.
نهال بخوف : اتفقتما على ماذا !
يامن سأرجع الى القصر وسأعمل معه.
نهال بقهر : محال، لن تعد إليه وتتركني بالله عليك لا تفعل.
يامن بتعاطف : تعلمين انني لا أريد ولا أستطيع العيش دونك، لذا أطلب إليك العودة معي .
نهال : كيف تطلب اليَ أمر كهذا، لقد لفظت والدك خارج حياتي الى الأبد.
يامن بانهيار : ولكني أحتاجك بشدة. تعلمين أن رجوعي الى هناك بمفردي حكم بالإعدام .
احتضنته والدته قائلة:
لا أطيق رؤيتك حزينا هكذا يا وحيدي.
سنجد حلا لا تخف فانت أقوى مما تعتقد.
ألق بما يؤرقك بين يدي الله وتأكد انني معك اينما ذهبت لكنني مشتتة حالياً أحتاج فقط الى التفكير بروية لاتخاذ القرار الصائب.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
كانت الاجواء صاخبة من حولهما الهمهمات متزايدة بين الجالسين حورية جوار والدتها تتكأ براسها الي صدر والدتها التي اشتاقت إليها كثيراً وعلياء ونسمة بالجهة المقابلة لها.
تبتسم نسمة الى حورية وتدعي علياء الابتسام بينما روحها تحلق باحثة عن ذاك الحبيب الغائب عن العين سنوات ولم يغب عن الفؤاد، تعلم أنه يختلس إليها النظر لكنها لا تقو على النظر إليه.
التقطت علياء صوت جديد لشخص قد أتى الي مجلس الرجال قائلاً:
السلام عليكم، كيف الحال ؟
سلم نادر على الجلوس فرحب به الجميع لكن عثمان وصوته الملبد بغيوم الغيظ والغيرة جعل علياء ترفع بصرها إليه.
تحدثت اليها والدة عثمان بخفوت قائلة:
لا تنظري تجاههم، ادعو الله أن يمر اليوم بسلام.
تساءلت حوريه في فضول وترقب :
ما الأمر يا أمي، هل هناك خلاف بين نادر وعثمان !
تحدثت نسمة بتلقائية : هل هذا نادر الذي أراد خطبة علياء ؟
ضربت حورية بيدها فوق جبهتها قائلة:
لقد تناسيت ذاك الأمر، ياإلهي سنشهد صراعاً ممتعاً للغاية.
وكزتها والدتها بغيظ قائلة:
اصمتي يا حمقاء، هل تودين حدوث مشاجرة بينهما؟
علياء : لا قدر الله يا خالة، علينا الانصراف قبل أن يندفع عثمان كعادته.
اومأت اليها زوجة العم في ترقب قائلة:
اجل يابنيتي، هيا بنا وسنأتي إليك لاحقاً يا حورية.
حورية بحزن : ابقي قليلاَ فقد اشتقت اليكم.
قبلتها والدتها قائلة بجدية:
ونحن اشتقنا إليك ولكنك مازالت عروس وينبغي عليك البقاء جوار زوجك واسعاده، اسعد الله ايامك يا حبيبتي.
احتضنت حورية ابنتي عمها وودعت والدتها وتوجهوا الى عثمان ووالده قائلين:
هيا بنا يا ابا عثمان لقد تأخر الوقت
هب والد عثمان واقفاً وفعل عثمان المثل لكن نظراته كانت موجهه بتحذير الى نادر الذي بادله بتحدي قائلاً:
سوف أتي اليكم قريباً يا عماه.
والد عثمان : وهل تستأذن يا ولدي انه بيتك تأت متى شئت.
ابتسم نادر إليهم في ود وغادروا ولسان حالهم ترقب وحذر من ردة فعل عثمان الغاضب.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
يومان انتظرها ولم تأت ولم يقو علي مزيد من الانتظار، اجري اتصاله وبدأت دقات قلبه في التزايد مع رنين الهاتف.
لحظات واجابته هي بلهفة وكأنها كانت عطشة الى صوته قائلة:
مرحباً دكتور يامن.
يامن باشتياق : كيف تشعرين الآن ومتى تعودين؟
قمر بتأكيد : كنت انتظر اتصالك فلم ارغب في العودة دون أن تطلب اليَ.
صمت هائل حل بينهما لم يدم طويلا فقد قطعه يامن قائلاً:
وها أنا أطلب إليك الرجوع اليَ، أقصد الى عملك.
ابتسمت وتركت لابتسامتها المجال لتزداد وتشرق وتنهد هو بارتياح وأغلق هاتفه ينتظرها كي يراها.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
اقتحم عثمان غرفة والده بقوة قائلاً:
ما الذي يريده ابن الزيات منك يا أبي؟
والده بجدية : وهل هناك ما يمنع مجيئه إلينا أم انك تناسيت أننا صرنا عائلة واحدة.
عثمان بجنون : أنت تفهم ما أقصده.
والده بتحذير : تأدب ولا ترفع صوتك هكذا وإلا لطمتك على وجهك يا ولد.
عثمان : أبي بالله عليك لا تدع البراءة فأنت على يقين أن نادر أن أتي الى هنا طالباً علياء للزواج سأقتله لا محالة.
والده بلامبالاة : وانا قد أخبرتك من قبل انك أن لم تكن راغباً بها فهناك الكثيرون سواك ولم تستمع اليَ.
عثمان بتحدي : لم ولن أرغب بسواها وتأكد انها لي مهما حدث ومهما فعلت.
نظر إليه والده بنظرات يعلمها عثمان جيدا وكيف لا وهو شبيه بوالده حد التطابق فتراجع عثمان عن حدته قليلاً قائلاً :
بالله عليك زوجني ابنة اخيك فقد فاض بيَ الكيل ولم اعد أطيق بعداً.
والده : وإن أحزنتها مجدداً
عثمان : لن أفعل
والده : وإن فعلت؟!
عثمان : افعل ما يحلو لك واي عقاب سأرتضيه.
والده : حسناً، ولكن تذكر أنك حينها لن تحظى بفرصه ثالثة.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
تحدث جمال الى نهال بجدية بعدما أجابت اتصاله قائلاً :
هل علمت بأمر يامن ورجوعه إلى جناحي ؟
نهال : وهل تعتقد انك انتصرت برجوعه اليك قهرا ودون إرادته، ألا تستحي من تجبرك.
جمال ساخراً : استحي مما يا معلمتي الغالية، هل محاربتي لاستعادة ولدي جرم احاسب عليه ؟
نهال : الجرم هو ان تستغل نفوذك كي تسبب الأذى لأناس ابرياء، داوود وقمر ألم تقحمهما في انتقامك واجبرت يامن على الرجوع إليك لكي يدرأ عنهما الأذى.
جمال : وهل نسيت أنت أن ذاك الداوود كان هائماً بك في الماضي قبل زواجنا.
نهال : أنت حقاً مريض، لقد تزوج الرجل وانجب وكون أسرة وتناسى ما تقول بل ويتعامل معي كأخ ليس إلا، ويكفه مساندته ليامن .
جمال : لا يهم فقد سعدت للغاية بسجنه ولو عدة أيام استشعرت ارتياحاً هائلاً.
نهال بحدة : وماذا عن تلك الفتاة المسكينة.
جمال : امم، تلك المشوهة لا ناقة لها ولا جمل لكن القدر أوقعها بالمنتصف.
نهال بتخوف : لمَ تدعها بالمشوهة؟
قهقه جمال قائلاً :
ألم يخبرك ابنك المصون أنها دميمة مشوهة!
عليك الحذر يا نهال هانم فقد قرأت إعجاباً بين السطور وأنت تعلمين انني لن اسمح بمهزلة كتلك وأنت أيضاً لا أعتقد أنك ترغبين بزوجة مشوهة كهذه لولدك.
الفصل انتهى وطوييل ، ياترى ايه توقعاتكم ام يامن هترفض ولا هتعمل اي
وعالياء هتوافق ولالا؟
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة الرواية الجديدة زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق