القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

نوفيلا هالة والادهم الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم هدى زايد كامله

 


نوفيلا هالة والادهم الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم هدى زايد كامله 





نوفيلا هالة والادهم الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم هدى زايد كامله 




الفصل السادس

¤¤¤¤¤¤¤¤

بعد مرور  يومين 

لم يترك محمود هالة خلالهم  مازال يركض خلفها

كلما ذهبت لمكانٍ ذهب ورائها، حتى الطبيب لذي تتابع معه حالتها الصحية التي تدهورت بسبب ارتفاع ضغط الد م،  اما هي كانت تتعامل معه بجفاءٍ تام رافضة الرد على كلماته حتى، بكى و هو يتوسلها  و كأنه طفل يخشى عقاب أمه، تعثرت خطواته في بعضهما البعض كاد أن يسقط لكنه حافظ علي توازن جسده لم ترأف بحالته و لن تفعلها، د عس على قلبها ببرودة اعصاب و الآن يطلب منها العفو !


استقلت سيارة الأجرة مع أخيها لا تعرف إن كان ما يحدث حقيقية أم خيال ؟! ليته خيال و عندما تعود لواقعها تكتشف أن محمود ذاك الشباب الذي كاد أن يُكمل ما تبقى من عمرهُ متحفظًا بحبه لها 


صدمة هالة لا تقل عن صدمة إبراهيم بل كان أكثر منها تأثرًا و لكنه ترجم ذلك بشكلٍ آخر،  استقل محمود سيارة أجرة أخرى و ذهب خلفهما حتي منزل والدها وصلا أخيرًا و ترجل من سيارته  ركض خلفها و هدر بصوته الجهوري علها تسمعه وافق إبراهيم و صعدا ثلاثتهما،  جلس في غرفة الضيوف و قال بنبرة صادقة و هو يضع يدهُ اليُمنى على كتاب الله قائلًا:

- و الله العظيم و الله العظيم ما كان في نية اتجوز غيرك أنا مكنتش احلم أصلًا إني اتجوزك  أنا اتغـ صب عليا في الجوازة دي 


سأله إبراهيم بنبرة ساخرة قائلًا:

-و يا ترى بقى بابا غصـ ـب عليك و أنت وافقت عشان هايحرمك من المصروف و لا ها يحبـ سك لوحدك ؟! 


رد محمود و قال بضيقٍ من سخرية صديقه 

- لا دا و لا دا أنا ابويا حلف بالطلاق  لو متجوزتش بنت عمي و رضيته زي ما رضيت نفسي و اتجوزت اللي بحبها ليرمي أمي و يطلقها و يبهدلنا 


نظر إبراهيم لأخته و قال بنبرة ساخرة 

- لا طالما فيها بهدلة يبقى محمود لازم يضحي 


تابع بذات النبرة و قال:

- كمل يا مُضحي كمل سامعينك 


نظر محمود لهالة و قال:

-حطي نفسك مكاني شايفة أمك هاتتبهدل و البيت ها يخرب و ايدك الحل هاتعملي إيه ؟ 


مازالت هالة ملتزمة الصمت و نظراتها لا تبرح خاصته المتلائلات بالدموع، ردت إبراهيم و قال بنبرة غاضبة :

- هو إيه الحكاية هو كل واحد عامل نفسه راجل و قدام أهله عامل زي العيل ملوش كلمة و يجي يقولها حطي نفسك مكاني ؟!  طب ما تحط نفسك أنت يا باشا مكانها واحدة اتجوزت واحد بعد ما قا طع نفسه عن الجواز بسببها و فضل يقلها أنتِ قلبي و عينيا و بعد عشر سنين صبر اتجوزها و بعد عشر ايام بس اتجوز عليها تسمي دا إيه ؟ و لا دا مش جواز و خدمة لله و للوطن !! 


رد محمود بعصبية مفرطة قائلة:

- اطلع منها يا إبراهيم سبني معاها أنا عاوز اسمع منها هي عاوزها  تتكلم بدل ما هي ساكتة كدا 


بعد تردد لم يدوم طويلًا تحدثت بنبرة هادئة قائلة:

- طلقني يا محمود 


وقف مقابلتها و قال بجنونٍ:

- لا يا هالة طلاق لا اطلبي أي حاجة في الدنيا إلا إن اسيبك أنا لو سبتك هاموت 


نفضت هالة يدها من بين راحتيه و قالت بغضبٍ جم 

- و أنا مُت لما عرفت إنك اتجوزت عليا و هاموت لو فضلت معاك 


ضيقت حدقتها و قالت من بين أسنانها و دموعها تنساب على خديها:

- أنت ازاي قدرت تعمل فيا كدا ؟ ازاي قدرت تنام جنبي و أنت متجوز غيري ازاي ازاي قدرت تعيش معايا بوشين شهرين بحالهم محستش بيهم قد إيه أنت كداب و لا مُخادع  يبقى ازاي عاوزني اصدقك و أنت بتقولي بحبك  ازاي !! 


اطلقت تنهيدة عميقة تُعبر عن الآلم التي تعتمل صدرها و راحت تقول بكل ما اوتيت من ثبات انفعالي:

- طلقني يا محمود و زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف و أنا متنازلة عن كل حقوقي و مش عاوزة حـ....


قاطعها بجنونٍ قائلًا: 

-لا لا مش ها طلقك أنتِ ليا و بس أنتِ مستحيل حد ياخدك مني و مش هاسمح لحد غيري ياخدك مني ولو بنت عمي هاطلقها و مشـ....


قاطعته هالة بنبرة ساخرة قائلة:

-و حلفان ابوك ؟ بالسهولة دي هتخلي ابوك يغضب عليك ؟! 

- ملكيش دعوة أنا هاحل كل الأمور دي أنتِ بس ارجعي لي و متشغليش بالك بحاجة ابدًا !! 


ردت بنبرة مغتاظة من إصرارهُ بها و قالت بحدة

- قلت لك مش عاوزة اكمل معاك  افهم بقى مش عاوزك 


وقف إبراهيم عن مقعده و قال بهدوءٍ:

- روح يا حوده عشان عندك محكمة بكرا بدري ما القانون نصف المرأة و عملها قانون الخُلع عقبال ما ينصفك زيها كدا إن شاء الله .


ظل إبراهيم يدفع بجسد محمود حتى باب الشقة 

خرج من المنزل و الغضب يملى قلبه، ضرب بيده على النافذة الحديدية و قال:

- مش هاطلقك يا هالة و لو عملتي إيه بردو مش هاطلقك و ابقي وريني مين ها يقف لك 


******


أنا مش لاقيك في الشارع يا إبراهيم يا ابني دول باين عليهم ناس مش كويسة ووقعنا فيهم  سيبك من موضوع المحاكم دا، و بعدين هو قالنا اللي حصل و على رأيه ما هي قدامه من زمانه مفكرش ليه يتجوزها ما هو معذور بردو يا هالة دي أمه !!


أردفت والدة هالة حديثها و هي تربت على كتف ولدها ليهدأ قليلًا من ثورته تلك،  تابعت حديثها لابنتها التي لن تهدأ حتى تنفصل عن 

زوجها للمرة الثانية على التوالي،  نظرت هالة لوالدتها التي ظلت تردد بحسرة قائلة:

- متزعليش مني يا بنتي بس دي الجوازة التانية و مكملتيش فيها شهرين بالعافية، طب الاولانية قلنا للناس اتجوز عليكي و محصلش نصيب انما دي هنقول إيه للناس يا دي

الفضا يح !! 


ردت هالة مستنكرة كلمة والدتها قائلة بدهشة و ذهول شديدان :

- فضا يح !! هي فين الفضا يح  دي يا ماما 

هو أنا مطلوب مني اروح اخبط على كل بيت واحكي لهم كل واحد اتجوزته عمل فيا إيه و أنا مظلومة و لالا ؟ هو ليه كل اللي أمنت له يخون 


ردت والدتها قائلة:

- يا بنتي دا شرع ربنا لو جينا للحق بقى 

- حق !!! و أنا حقي فين ؟ 

- حقك محفوظ يا بنتي و بعدين لو جينا للحق  محمود مأثرش في مُعاملته معاكي طول الفترة اللي فاتت و شايلك من على الأرض شيل 


ردت هالة بنبرة ساخرة قائلة: 

- و حمزة كمان كان شايلني في عينه  و اتجوز عليا المشكلة مش فيهم المشكلة فيا أنا، أنا اللي اتسرعت و قلت إن اللي حبيته بهدلني فـ اللي بيحبك يمكن يسعدك فبهدلني أكتر كلهم صنف واحد كلهم بيفكروا في نفسهم وبس أما هالة فـ تو لع 


رد إبراهيم و قال بنبرة حانية:

- بعد الشر سيبك من كل دا و قولي لي عاوزة إيه و أنا هاعمله و لو عاوزة ترجعي لمحمود نرجع و بشروطنا 


وقفت عن مقعدها و قالت بمرارة و هي تنظر لوالدتها بنظراتٍ لم تخلو من خذلان و الحزن

- اسأل ماما يمكن طلاقي يبقى فضيـ ـحة  جديدة و تتكسف منه 


ولجت غرفته مسرعة متجاهلة نداء أخيها،  ما إن اختفت عن أنظاره، اقترب من والدته و قال بعتابٍ و لوم:

- ليه كدا ؟ هي ناقصة ؟! مش كفاية عمايل البيه جوزها !! 

- يا ابني أنا خايفة عليكم أنا لو عشت النهاردا مش هعيش لبكرا و نفسي اشوفها في بيتها و اطمن عليها قبل ما اموت أختك مبتخلفش و مش أي حد هايرضى بيها 


رد إبراهيم بضيق و قال:

- دا رزق زيه زي أي الصحة والفلوس محدش بياخد الاربعة وعشرين قيرط بتوعه ناقصين  في ناس ربنا بيختبرها و بيشوفها قدها ولالا  ولو هالة مش قد الاختبار مكن ربنا حطها في 


تابع حديثه قائلًا:

- و بعدين مين قالك إنها مبتخلفش ؟ مش يمكن كاتب لها الخلفة مع حد يصونها و يحبها بجد مش جايز لو كانت خلفت من واحد منهم كانت فضلت عايشة في المُر اللي شافته دا عشان خاطر عيالها ؟! 


ختم حديثه قائلًا:

- ساعات الأب بيكون نقمة على ولاده مش نعمة و بيتمنوا زوالها تجربتين اسوء من بعض و الاسم بيحبوها ادعي لها ربنا يعينها على التعب اللي هي في بدل ما أنتِ بتحطي عليها بالكلام كل شوية 


ردت والدة إبراهيم قائلة بقلق

- أنا خايفة عليك يا ابني  احنا مش قد الناس دي و لا قد شرهم 


وقف إبراهيم و قال بوعيد:

- طول ما أنا عاي و ربنا مديني عمر هابهدلهم و اخليهم يقولوا حقي برقبتي و إن كان على محمود هو اللي بدأ و البادي اظلم 


بعدم مرور أسبوعًا كاملًا من زيارة محمود لهالة  ساء الأوضاع و لم تجري الرياح كيفما أراد إبراهيم و هالة، حاول الجميع التدخل لفض النزاع بينهما لكن إصرار هالة و أخيها على الانفصال كان حلًا جذريًا بالنسبة لهما 

رفض  زوجها الانفصال و باءت جميع محاولات الجلسات العرفية بالفشل الذريع، و تبقى القضاء الحل الامثل في مثل هذه الظروف، هذا ملعب  إبراهيم فهو محامٍ معروف و لديه الكثير و الكثير من القضا.يا التي أخذت الصيت الواسع، يتردد اسمه في المحاكم و الجميع يتعاملون معه بحذرٍ شديد 

البعض اطلق عليه( المُرعب ) و البعض الآخر اطلق عليه محامِ الضعفاء،  لم يتقاضى جنيهًا واحدًا في قضية صاحبها لم يستطع دفع اتعابها  لذلك ذاع صيته في كل مكان .

قرر و لأول مرة يُلقي عباءة الشرف و يتعامل مع محمود و عائلته بكل ما هو خبيث و ماكر 


مرت ثلاث أشهر كاملة وهو يجوب المحاكم ذهابًا إيابًا،  حتى حصل على وثيقة الطلاق بالتراضي بعد أن ضغط والد محمود على ابنه

كما تنازل عن جميع حقوقه مقابل التنازل عن جميع القضايا التي قام برفع إبراهيم، تحولت الصداقة لعداوة و كر هًا، ولج منزله و بيده الوثيقة بعد أن ذهب مع من كان صديقه إلى (المأذون) قبل أسبوعين من اليوم، لم يخبر والدته حينها حتى لا يرتفع ضغطها و يحدث مضاعفاتٍ لها، أتت هالة و بيدها منشفة مخصصة للمطبخ تجفف فيها يدها و قالت:

- إيه يا هيما مالك في إيه ؟! 


وضع الوثيقة نصب عينها و قال باسمًا:

- مبروك عليكي الطلاق لا و كل حقوقك محفوظة كمان 


ترددت الإبتسامة على شفتاها و الحزن يعتري قلبها للمرة الثانية تقع في الموقف ذاته، خيبات أمل و أحلام حطمتها لها صخرة الواقع 

ترقرقت الدموع في عينها و هي تنظر لأخيه الذي سرعان ما اختفت إبتسامته حين قال بندم 

- هو أنتِ زعلتي ليه مش دي كانت امنيتك ؟! 


حركت رأسها علامة النفي و هي تكفكف دموعها و قالت كاذبة :

- لا لا بالعكس مبسوطة اوي اوي، أنا حاسة إن حِمل و كان على قلبي 


احتضنته و قالت بامتنان 

-ربنا يخليك ليا يا هيما من غير مكنتش هعرف اعمل أي حاجة أنت و نعمة الاخ و السند ربنا يخليك ليا يا حبيبي و يسعد قلبك يارب 


رد إبراهيم بحزنٍ دفين و قال:

- و يخليكي ليا يا لولو 


خرجت والدتها من حجرتها متسائلة بنبرة متعجبة قائلة:

- خير إيه الحنية دي كلها ؟ 


ردت هالة بإبتسامة واسعة و هي تفرد وثيقة الطلاق أمام والدتها وقالت بنبرة متحشرجة:

- محمود طلقني خلاص و هيما رجع لي حقي أنا بقيت حرة خلاص يا ما مـ ....


لم تكمل حديثها ما إن سقطت والدتها أرضًا بعد سماعها خبر الانفصال بشكلٍ رسمي،  مازالت على أمل العودة رغم كل هذه المشكلات  الوضع تأزم و الحال لم يبقى هو الحال و هي على أمل العودة 


تم نقل والدتها إلى المشفى بعد أن أمر الطبيب الذي قام بالكشف المنزلي،  ما إن وصلت إلى المشفى تم عمل اللازم لها، و بعد الكشف المبدئي تبين أن يجب عليها الخضوع لعمل عملية قسطرة استكشافية للقلب، لم تتحمل هالة هذا الخبر سقطت أرضًا فاقدة للوعي 

انتقلت إلى غرفة الطوارئ و تم نقل بعض المحاليل الطبية لها،  جلس إبراهيم على السرير المقابل في انتظار استعادتها للوعي 

ولجت الطبيبة و قالت:

- أنت جوزها ؟ 


وقف إبراهيم عن الفراش و قال:

- لا اخوها 


ردت الطبيبة بتفهم قائلة:

- اه أنت اللي مع الحالة اللي في الدور الرابع صح ؟! 

- ايوة أنا هي أمي عاملة إيه دلوقت ؟ 

- متقلقش بيعملوا لها اللازم 

- طب و هالة اخبارها إيه ؟ مش راضية تفوق يعني ؟! 


لم ترد الطبيبة عليه حتى ظن أنها تتجاهله، انتهت من كتابة بعض الملاحظات و قالت بإبتسامة واسعة:

-متقلقش هتفوق دلوقت و تبقى بخير 


كادت أن تغادر لكنه استوقفها قائلًا: 

- دكتورة ا...


استدارت و هي تعرفه عن حالها قائلة:

- أنا الدكتورة  ليالي الشرقاوي 

-  معلش بس هو مين متابع حالة ماما ؟ و هل ينفع اسيب اختي عادي هنا على ما اروح اطمن على امي ولالا ؟! 


ردت ليالي باسمة و قالت:

- طبعًا تقدر تسيبها عادي لحد ما تحس نفسها كويسة و في الحقيقة  مش عارفة مين متابع حالة والدتك بس تقدر تسأل في الدور الرابع 

أي حد من فريق التمريض هيجاوبك 


ابتسم لها و قال بامتنان 

-شكرًا تعبتك معايا 

- العفو دا واجبي 


غادرت ليالي الغرفة تاركة إبراهيم جالسًا على حافة الفراش المقابل لأخته،  صدح رنين هاتفه فـ خرج من الحجرة ليرد ثم يذهب إلى الطابق الرابع ليعرف حالة والدته إلى أين وصل .


بعد مرور خمس دقائق 

ولج شاب تجاوز الخامسة و الثلاثون بأشهر قليلة يرتدي معطف أبيض و على يسار صدره لوحة معدنية دون عليها اسمه " ادهم الشروقاي"  ولج غرفة الطوارئ باحثًا عن أخته 

التي لن تهدأ حتى تفقده ما تبقى من عقل 

بحث عنها في كل نكان و هذا آخر مكان علم بوجودها فيه، اختفت كالزئبق على حد وصفه 

جلس و هو يدس يده في جيب معطفه ليخرج هاتفه تراقصت أنامله ثم رفعه على أذنه وجده خارج التغطية،  وصل إلى مسامعه 

صوت أنثوي يئن بخفوتٍ،  كلماتٍ غير مفهومة على ما يبدو أن هناك مريضة تحت تأثير المخدر  فجأة و بدون سابق إنذار سقط من كان يئن و تحول أنينه لصراخ، هرول لمساعدته وجدها فتاة عشرينية  تحاول الوقوف على ساقيها لكنها فشلت،  سألها و هو يساعدها قائلًا:

- مكن ينفع تقفي مرة واحدة كدا فين أهلك ؟ أنتِ هنا لوحدك و لا معاكِ حد ؟ 


ماما ماما عاملة إيه ؟ فين إبراهيم اخويا 


أردفت عبارتها بانهيار و هي تحاول نزع المحاليل المثبتة في يدها، مما جعلها تنز ف 

حاول تهدأتها لكنها دفعته في صدره بضعف و حاول الوقوف من جديد على ساقيها، و لكن الارض تميد من حولها، اللعنة على المشفى  والعاملين عليها لماذا حدث بها كانت في حالة صحية جيدة ما الذي  حدث لها ؟! 


اقترب ادهم و قال بهدوء محاولًا مساعدتها

- اهدي أنا دكتور هنا و ممكن اساعدك قولي لي بس عاوزة و أنا هخلي الممرضة تعمله لك ايدك بتنز ف ما ينفعش كدا !! 


ردت بعصبية قائلة:

- يا سيدي مش عاوزة منك حاجة شكرًا  عاوزة اخويا إبراهيم 


يتبع 


7&8


الفصل السابع 

¤¤¤¤¤¤¤¤


ولجت ليالي و هي تسأل عن سبب تلك الفوضى التي تعم المكان و قالت:

- إيه دا في إيه ؟! 


رد أدهم و قال:

-ليالي شوفيها مالها بتقول عاوزة اخوها و مامتها 


حاولت ليالي أن تساعدها في الجلوس من جديد على طرف الفرش ثم نادت للممرضة و قالت لأخيها:

- معلش يا أدهم اخرج أنت دلوقت و أنا هاخلص و اجاي لك مكتبك 

- تمام 


بعد مرور نصف ساعة 


طرقت ليالي الباب قبل أن يأذن لها أدهم بالدخول جلست على المقعد و هي تضع ساق فوق الأخرى و قالت:

- خير يا دومي كنت عاوزني في إيه ؟! 


ردت أدهم بجدية و حاجب مرفوع عن الآخر

- احنا في الشغل على فكرة 


ردت بمشاكسة مقلدة إياه قائلة: 

- بس لوحدينا على فكرة 


تابعت بجدية قائلة:

- جيت ليه الطوارئ ؟ 


ردت أدهم قائلًا:

- كنت عاوز منك إيه موضوع العزومة اللي عملتيها دي و قلتي بقلب قوي كدا لعمك يجي عندنا ؟! 


حكت مؤخرة رأسها وهي تقول بجدية مصطنعة:

- بص بقى بصراحة و من غير لف و لا دوارن مش أنا صاحبة فكرة العزومة دي صاحب الفكرة هو عمك نفسه 


رد أدهم قائلًا بنبرة ساخرة:

- و هي مراته الست نازلي هانم حرم الدكتور ادهم الشرقاوي دكتور النسا و التوليد هتقبل تيجي عندنا الحارة ؟ 

- متقلقش ما أنا سألت عمك قالي أنا اللي عازم نفسي هتقبلوا و لالا يا ولاد اخويا قلت له تنور في أي وقت و نعملك أحلى غدا كمان 


رد أدهم باسمًا و هو يصحح لها قائلًا:

- تعملي له أنتِ أحلى أكل أنا طول الأسبوع دا يا حبيبتي إجازة من المطبخ و المواعين 

- دووومي دا عمنا و احنا عزمنا 


سألها بنبرة مغتاظة قائلًا:

- أنا ليه مبسمعش بتتكلمي بصغية الجمع في العزومات و اللبس و الفلوس ليه مبسمع فيها في تنضيف مكانا اطباقنا مكواتنا ليه في دول بيتقالي نضف مكانك اطباقك و اكوي هدومك 


وجهت ليالي سبابتها نصب عيناه و قالت بجدية مصطنعة

- لأن المرأة نصف المجمتع و يجب عليها مشاركة الرجل في كل شئ ماعدا الطبخ و الغسيل و المكواة و بالذات المكواة 


ابتسم لها و لم يعقب على تلك المحاضرة التي لن تنتهي إلا بفرض سيطرتها الكاملة على ما وضعته من قرارت، ردت بتذكر قائلًا:

- صحيح البنت اللي بتدور على أهلها دي لاقيتهم ؟ 

- قصدك مين ؟ قصدك هالة؟ 

- هي اسمها هالة ؟ إيه حكايتها البنت دي ؟ 

- مش عارفة بس هي جت هي واخوها عان مامتها تعبانة و المفروض تعمل قسطرة استكشافية على القلب فـ هالة متحملتش الخبر و اغمى عليها بس احساسي بيقولي إن البنت دي حكايتها حكاية 


عقد ما بين حاجيبه و قال بفضول 

- ليه بتقولي كدا ؟ 


رفعت كتفيها و قالت:

- مش عارفة بس و أنا بحاول اهديها قعدت تقول أنا السبب يارتني ما كنت قلت لها و كلام من النوع 


******

بعد مرور يومين 


كانت والدة هالة في حالة صحية أفضل من ذي قبل بينما شحب وجه ابنتها و تغيرت حالتها النفسية و الصحية، انتظر إبراهيم و هالة الطبيب المعالج لوالدتهما ليطمئنهما و لكن ما قاله الطبيب زاد من قلقهم حين قال 

- للاسف لازم نعمل العملية محتاجين نركب دعامة للقلب و إلا الحالة هتسوء 


سألته هالة قائلة:

- طب لما تعملها يا دكتور هتعيش و تبقى كويسة ؟ 


رد الطبيب بعقلانية وعملية :

- الأعمار بيد الله احنا بنعمل اللي علينا مش أكتر مافيش حاجة مضمونة و لا أكيد غير بإذن الله معاكم يومين ترتبوا فيهم نفسكم للعملية 


ختم حديثه قائلًا:

- ياريت تبقى تعدي على الحسابات 


حرك إبراهيم رأسه و قال بتفهم 

- مفهوم يا دكتور شكرًا 


نظرت هالة لأخيها و قالت بنبرة متحشرجة إثر البكاء

-ها نعمل إيه يا إبراهيم دا الموضوع دا شكله عاوز مصاريف جامدة ؟ 


رد إبراهيم بإبتسامة باهتة و قال:

- متخافيش ربنا مش هايسبنا إن شاء الله 


ربت على يدها و قال:

- أنا هاسيبك دلوقت و هروح اشوف الحسابات و بعدها هعمل كام مشوار متقلقيش لو مجتش تاني أو جيت متأخر 

- ماشي بس خليك معايا على التليفون و عرفني هاتعمل إيه ؟ 

- حاضر 


تركها و سار تجاه المصعد الكهربائي، ضغط على زر المصعد وقف لثوانٍ قبل أن يلوح بيده لأخته مغادرًا المشفى، كان أدهم واقفًا في المصعد حين قام إبراهيم بتسجيل رسالة صوتية قائلًا:

- مصطفى أنا هابيع المكتب بتاعي شوف لي أي حد يشتري بأي سعر محتاج لفلوس ضروري حاول تشوف أي مشتري من اللي كانوا عاوزينه 


لحظاتٍ ثم أتته رسالة منه استمع لها ثم ضغط على زر التسجيل و قال:

- مش هاينفع و بعدين أنا سايب هالة أختي في المستشفى لوحدها مع ماما و أنت عارفاها بتخاف من المستشفيات و بتتعب منهم هي بتحاول تبين دلوقت إنها كويس عشان أنا سايبها بص هات المشتري و نخلص دلوقت و بكرا نروح الشهر العقاري نخلص كل حاجة المهم تجيب لي فلوس النهاردا اتفقنا يا مصطفى ؟! 


خرج إبراهيم من المصعد الكهربائي متجهًا نحو باب المشفى لا يعرف أن ما سيفعله من المحتمل أن يُنهي حياته المهنية، لم يكن أمامه أي خيار آخر سواه فقرر أن يذهب إليه عله يجد عنده ما ينقذ والدته، وقف على اعتاب مكتبه و قال بخفوت 

- يارب أنا مضطر اعمل كدا عشان أمي لكن أنا مش في نيتي أبدًا امشي في طريق الحرام إن كنت مش راضي اقفل الباب دا في وشي و افتح لي طريق تاني يرضيك يارب 


ولج المكتب و انتظر زميل أيام دراسته الوضع بالنسبة له غاية في الحرج و الحزن لأنه قرر أن يسير في نفس درب بعض المحامين غير الشرفاء لكسب الأموال، طرقات خفيفة على سطح المكتب الزجاجي التوتر يجتاح قلبه كيف سيخبره بأن وافق على قبول تلك القضايا، بينما كان زميله في مكتبه الخاص جالسًا يراقبه عبر شاشة الحاسوب النقال و إبتسامة الشماتة تزين ثغره، مازالت عيناه معلقتان على تلك الشاشة حين قال:

- سيبي ربع ساعة و بعدها دخلي و لما يدخل ابقي قولي إن في معاد مع واحد مهم و كنتي ناسية 


ردت المساعدة قائلة :

- مفهوم يا فندم 


خرجت المساعدة و إبتسامتها تختفي تدريجيًا من على ثغرها، وصلت إلى مكتب الذي يجلس في إبراهيم ابتسمت له و حاولت أن لا تُظهر عكس كلماتها المُحذرة 

- حاول ما تبينش إنك فهمت حاجة ممدوح المفروض يرميك هنا ربع ساعة و بعدها تتدخل و يبدأ يترسم عليك امشي و أنا هابلغ بعدين اللي حصل 


سارت تجاه مكتبها جلست خلفه و قالت بإبتسامة واسعة حين وقف هو 

- انا هعمل نفسي بكتب لك معاد و هاديك رقمي عشان نعرف نتواصل أنت ربنا بيحبك اخرج من هنا و اياك تتواصل معاه مهما حصل 


أومأت له برأسها علامة الإيجاب و قالت:

- العفو يا فندم دا واجبي، نورت يا فندم 


*******

دول عشر الف جنيه تقدري تعديهم قبل ما تمشي و بالنسبة لباقي فلوسك كمان ساعتين تقدري تاخديهم لأن السيولة اللي في المحل مش هتكفي 


أردف الصائغ عبارته و هو يلملم المصوغات الذهبية من على سطح الطاولة الزجاجية، و أزاح الجزء المتبقي جنبًا، جمعته هالة داخل صندوقها الخشبي و غادرت المكان قائلة بامتنان 

- متشكرة هاجي لك بليل إن شاء الله 

- تشرفي يا فندم المحل محلك في أي وقت 


خرجت هالة من المحل و هي تجر خيبات الأمل خلفها ظنت أن مصوغاتها الذهبية ستجمع لها مبلغًا كبيرًا لكن ماجمعته لا يتجاوز نصف المصروفات داخل المشفى، تقابلت مع حمزة بن عمها في الطريق استوقفها قائلًا:

- هالة عاملة إيه ؟ 


ردت بإبتسامة متكلفة قائلة:

- الحمد لله بخير 

- أنا عرفت إن مرات عمي في المستشفى بس مش عارف انهي مستشفى ياريت تعرفيني عشان عاوز ازورها 

- هي في مستشفى الأدهم الاستثماري 

- طب هو أنتِ رايحة إمتى عشان نروح سوا و ...


ردت هالة بنبرة مقتضبة قائلة:

- أنا مش فاضية لو عاوز تروح روح أنت يا حمزة انا لسه عندي كام مشوار 


نبرتها تلك و حدتها في الحديث جعلته يعلم تمامًا أن ما يحاول فتحه من جديد لن يتم بتلك السهولة 

تركته قبل يسألها سؤالًا آخر، جفائها لم يأتي من فراغ بل أتى بعد سنواتٍ من المحاولات في التنازل عن بعض الحقوق، التراكم الذي حدث جعله يخسر الكثير من مكانته لديها .


******

في منزل محمود بمنزل أبيه، كان جالسًا في غرفته مضطرب عن الطعام، طالت لحيته و بكت عيناه حتى كاد أن يفقد بصره حزنًا على فراق حبيبته، ولج والده محاولًا إخراج ولده من حالته تلك، نظر حوله وجد حالة من الفوضى في كل مكان عاد ببصره له و قال:

- و آخرة اللي أنت في دا إيه ؟ 


بلع محمود لعابه و قال بمرارة

- عاوزين مني إيه تاني ؟! 


رد والده و قال:

- عاوزينك تخرج من اللي أنت في دا و كفاية حزن بقى على ناس متستهلش هي لو كانت باقية عليك كانت عملت اللي عملته دا معاك فيها إيه يعني لما جوزها يتجوز عليها هي آخر أول ست و لا آخرهم !! ما هي أمك اهي عايشة مع ضُرتها في نفس البيت و محصلش أي حاجة !! 


رد محمود بنبرة مختنقة قائلًا بعصبية:

- عشان هالة مش أمي و لا أمي زيها عشان أنا عشت عشر سنين صابر و ساكت و قافل على قلبي و مش عاوز حاجة من ربنا غير إن هالة تبقى من نصيبي و لما تبقى نصيبي تيجيوا بكل جبروت تقولوا أمك في كفة و مراتك في الكفة التانية ساكتين بقالكم عشر سنين و محدش فيكم قدر يحلف عليا و بتقولوا سيبوا براحته ولما اتجوزت اللي بحبها قلتوا ازاي يعيش مبسوط يلا ننكد عليه و نجبره يتجوز 


رد والده بنبرة ساخرة قائلًا:

- لا والله بقالك حس يا محمود و بقيت تعرف تتكلم 


تابع بنبرة آمرة قائلًا:

- يلا قوم الحق دقنك دي و تعال معايا نرجع بنت عمك عشان تربي ابنك في وسطكم 


رد محمود بعنادٍ قائلًا:

- لا مش هرجعها و دا كان شرطي عليكم لو خسرت هالة هتخسروني أنا كمان 


ختم حديثه قائلًا بعدم اكتراث

- و إن على ابني اللي جاي في السكة هيتربى عادي و لو محتاج حاجة مني هاجيبها له 


سأله والده بنبرة مغتاظة قائلًا:

- بقى يا محمود هاتمشي كلمتك عليا !! 


رد محمود بعصبية قائلًا:

- و على أي حد خلقه ربنا أنا خلاص خسرت و مش باقي على حد 

- طب عليا الطلاق لو مـ....


قاطعه محمود قائلًا:

- مبقتش بأكل من الكلام دا خلاص 


ختم حديثه قائلًا:

- خد بعضك بقى يابا و امشي عشان يادوب الحق ادور على طريقة ارجع بيها مراتي 


*****


بعد مرور يومان 


كانت هالة واقفة أمام المشفى في انتظار أخيها الذي تأخر كثيرًا عن الموعد الذي حدده 

كانت تنظر في ساعة معصمها بين الفنية و الأخرى و هاتفها لا يهدأ من مكالمات صادرة من نفس الرقم الذي يحاول إزعاجها منذ فترة 

وصل أخيرًا إلى المشفى، كانت يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة و هو يعتذر منها قائلًا:

- معلش يا لولو اتأخرت عليكي

- و لا يهمك يا حبيبي قل لي مين شيري دي اللي بترن عليا و مصممة توصلك و مش عارفة 


رد بتأفف قائلًا :

- دي واحدة دماغها تعبانة سيبك منها عملت لي خدمة و من يومها و هي لازقة لي فاهمة إني بحاول اخلع منها 


غمزت هالة بجانب عيناها قائلة:

- ايوة يا عم شيري و ليالي و ما خفي كان اعظم 


رد إبراهيم بنبرة ساخرة و هو يلج المشفى محاولًا تقليد نبرتها:

- هي شيري و ليالي و بس دي ليلة طويل اخاف احكي لك عليها اتحسد و اتحقد منك 


ضحكت و لأول مرة منذ فترة طويلة ولجت أسفل ناظريها توقفت فجاة متعمدة محادثتها مع اخيها و هي تقول:

- دكتورة ليالي اذيك عاملة إيه ؟ 


ابتسمت لها و قالت:

- بخير و الحمد لله أنتِ إيه اخبارك ؟ 

- الحمد لله فينك سألت عليكي و لقيتك إجازة 

- كانت إجازة صغننة و رجعنا للشغل ووجع القلب من تاني 


كلمات بسيطة حاولت من خلالها إطالة الوقت 

حتى قررت أن تغادر و لكنها عادت تسألها بتذكر قائلة:

- هالة هو المكتب اللي كنتي بتقولي عليه إيه اخباره اتباع و لا لسه موجود؟ 


نظرت هالة بإبتسامة واسعة و هي تنظر لأخيه 

ثم عادت ببصرها لها و قالت بمكر:

- و الله يا دكتورة كنت سمعت إن إبراهيم اخويا بيدور على مشتري جديد لو حابة 


ردت ليالي قائلة بجدية:

- طب أنا كنت عاوزة أأجر المكتب فـ لو حضرتك هتـ....


رد إبراهيم مقاطعًا إياها بعتذار قائلًا:

- للأسف كنت محتاج ابيعه مش أأجره لو هتشتري يبقى شوفي معاد يناسبك و نتفق على كل حاجة 


لوت ليالي فاها و قالت بإحباط:

- الظاهر إن مافيش نصيب ربنا يوفقك و تبيعه عن أذنكم 


غادرت ليالي المكان تاركة هالة تسأل أخيه بنبرة مغتاظة قائلة:

- ليه كدا مش أنت كنت مش عاوز تبيعه ؟ اديني جبت لك اللي يأجره دلوقتي عاوز تأجره ؟!!


رد إبراهيم قائلًا بنبرة حانية:

- المكتب دا غالي عندي لما كنتزبفكر ابيعه فأنا بابيعه عشان محتاج للفلوس لكن لو عليا مش هابيعه أصلًا و الله .

- طب و هتعمل إيه دلوقت ؟! 

- هعمل إيه يعني يا هالة بدور على حد يشتري بس السعر مش مناسب خالص المكتب في مكان حلو و الناس استغلا لية بتحاول تحر ق سعره عشان محتاج 


ردت متسائلة بفضول:

- أنت عاوز كام في المكتب ؟! 

- عاوز 100 الف جنيه 

- طب و اللي يجيب لك نص المبلغ دلوقتي ؟ 

و النص التاني بعدين توافق ؟! 


رد إبراهيم قائلًا:

- يا ستي أنا مش محتاج غير الخمسين الف عشان مصاريف المستشفى و الباقي كنت هخلي معايا عشان محتاجهم


ردت هالة بجدية مصطنعة و هي تربت على كتف أخيها و قالت:

- متقلقش وراك رجالة اعتبر الخمسين الف في جيبك و سيب المكتب 


رد إبراهيم بذات النبرة و قال:

-لا يا حبيبتي أنا عاوزهم فعلا في جيبي شغل اطمن دا و اخد على قفايا زي كل مرة دا أنا ما بحبوش أنا خلاص قفايا قرب ينور في الضلمة بسببك 


يتبع 

الفصل الثامن 

¤¤¤¤¤¤¤

الساعة الآن الثانية فجرًا 

داخل المشفى 

كانت هالة تسير بهدوء في الرواق المؤدي لمكتب الطبيبة ليالي أصبحت صديقتها الوحيدة في هذا المشفى  تقضي معها معظم الوقت إن لم يكن كل الوقت  طرقات خفيفة ثم ولجت بعدها كسابق عهدها معها بحثت عنها و لم تجدها و قبل أن تغادر المكتب تفاجأت بـ أدهم  يلج مندفعًا مصطدمًا بها 

عاد خطوة للوراء و قال:

-  أنا آسف  كنت فاكرك ليالي  


ابتسم بتوتر و قالت:

- و لا يهمك 


تابعت بتساؤل قائلة:

- هي مش موجودة ؟ شكلها في الطوارئ؟! 


عقد أدهم ما بين حاجبيه و قال بنبرة متعجبة قائلًا:

- أنا لسه جاي من هناك و كنت فاكرها هنا أصلا!! 


فرغ فاها لترد لكن صوت محمود قاطعها قائلًا بنبرة حادة :

- بتعملي إيه يا هالة ؟ 


عقد أدهم ما بين حاجبيه و هو يستدار بكامل جسده ليعرف صاحب الصوت، و قبل أن يتحدث سأله محمود بنبرة حادة قائلًا:

- أنت مين و بتعمل إيه معاها في الوقت دا ؟ 


ابتسم أدهم و قال بنبرة جادة

- أنت اللي مين ؟ و ازاي تدخل كدا من غير ما الأمن ياخد باله ؟! 


رد محمود بجدية قائلًا:

- أنا جوزها  أنتـ....


ردت هالة بنبرة قاطعة قائلًا:

- لا مش جوزي و كفاية فضايح لحد كدا و اتفصل برا بقى 


اقترب محمود منها قابضًا على رسغها برفق و قال:

- تعالي معايا عاوز اتكلم معاكي في كلمتين 


نفضت هالة يدها بقوة و قالت بحدة و صرامة

- لا مش جاية و اتفضل برا بدل ما اطلب لك البوليس و يعرف شغله معاك 

- هتيجي معايا بالذوق احسن لك و لا تيجـ... 


قاطعه أدهم و قال:

- هي مش قالت لك إنها مش عاوزة تروح معاك هو أنت مبتفهمش ؟! 


دفعه محمود في كتفه و قال بعصبية 

- ملكش دعوة أنت واحد و مراته 


لم تتحمل هالة كلمته تلك هدرت بصوتها قائلة بنبرة محذرة 

- قلت لك مش هاجي معاك و الله لو ما بعدت عني لاخلي إبراهيم يمسح بكرامتك المحاكم و يعرفك يعني إيه تقرب لي امشي من هنا و كفاية فصايح لحد كدا 


اقترب محمود منها حد الالتصاق في محاولة منه لتأثير عليها حين قال:

- هالة أنا بحبك و لسه شاريكي أنا عاوز ارجعك تاني و نبـ....


دفعته هالة بقوة عنها حتى ارضطدم جسده بالجدار اتسعت عيناه و هو يستمع إليها حين قالت 

- و الله لو ما خرجت من هنا و بعدت عني لأعرفك مين  هي هالة  بجد،  أنا لحد دلوقت عاملة حساب العيش  و الملح لحظة كمان و هنسى كل دا و احطك تحت رجلي .! 


هدر أدهم بصوت المرتفع  لأفراد الأمن قائلًا: 

- طلعوا الشئ دا برا و إياك اشوف خياله هنا تاني و إلا حسابكم معايا أنا 


دفعه أفراد الأمن للخارج عنوة، بينما كان محمود يهدر بكلماتٍ محذرًا إياها وعيده و تهديداته كانت ترعب أي شخصًا يسمعه عدا هي،  اختفى عن أنظار هالة و أدهم،  نظر لها و قال:

- أنتِ كويسة ؟ 


اكتفت هالة بإيماءة من رأسها علامة الموافقة عكس  ما كانت تشعر حينها، أتى أخيها بخطواته الواسعة و السريعة و بجانبه ليالي،  سأدها بلهفة قائلًا:

- عملك إيه محمود ؟! أنتِ كويسة ؟! ردي عليا ؟!

- متقلقش يا حبيبي أنا كويسة و هو ما يقدرش يعمل معايا حاجة 

- طب الحمد لله 


نظر إبراهيم لـ أدهم و قال بعتذار:

- أنا بعتذر عن اللي حصل بس دا غير مقصود و إن شاء الله مش هايتكرر تاني 


رد أدهم باسمًا قائلًا: 

- و لا يهمك بس  ياريت تخلوا بالكم دا باين عليه بتاع مشاكل 


ابتسم إبراهيم و قال:

- محمود دا اطيب خلق الله هو بس اللي بيتصرف بهبل 


رد أدهم و قال:

- متخافش غير من اللي بيتقال عليه طيب دا 

- ربنا يسترها 


ختم حديثه قائلًا: 

- عن أذنك هروح اطمن على ماما يلا يا هالة 


تناول يد أخته الذي شعر برعشتها نظر لها و قال و هو يسير جنبا إلى جنب 

- مال ايدك بتترعش كدا ليه ؟ 


اومأت له بالإنكار و قالت بنبرة مرتجفة:

- لا أبدًا مفيش أنا كويسة 


على الجانب الآخر من نفس المكان و تحديدًا داخل مكتب ليالي بالمشفى جلس أدهم خلف مكتبها بدلًا منها مسندًا بمرفقيه مستمعًا بجميع حواسه  ما تقوله عن تلك الهالة حتى استوقفها متسائلًا بنبرة متعجبة قائلًا:

-يعني اتجوزت اتنين في أقل من سنة ؟! و الأتنين حبوها و اتجوزوا عليها بسبب الخلفة !!


ردت ليالي بنبرة محللة كعادتها قائلة:

- بص مقدرش أقول على الجوازة التانية إنها كانت حب زي الأولانية بالنسبة لهالة هالة اتجوزت محمود بدافع غريزة الأمومة اللي جواها كان نفسها تبقى أم  زي حمزة ما بقى أب فقالت طالما محمود بيحبني و عاوز يتجوزني يبقى ليه لأ ؟!  


ختمت حديثها قائلة بنبرة جادة:

- تقدر تقول اخترت المرة التانية بقلبها عشان كدا كانت صارمة معاه في انفصالها عكس حمزة اللي كانت موجوعة منه وقت انفصالهم 


رد أدهم وقال بنبرة هادئة:

- مظنش إن وجعها كان بسبب الإنفصال قد ما كان بسبب إنه داس على حبهم الأسطوري اللي بتقولي عليه و اتجوز غيرها أكتر حاجة توجع أي ست هو إن الشخص اللي بتحبه و المفروض بيحبها يتجوز حد تاني 


ردت ليالي بمشاكسة قائلة:

- مين قال كدا ؟ عندك أنا مثلًا بردو لك على عروسة 


سألها أدهم باسمًا و قال:

- و هو أنتِ حاسبة نفسك ست !!


وثبت ليالي من مكانها و قالت بغضبٍ مصطنع

- قصدك إيه يا دكتور !! 


رد باسمًا و قال بخوف مصطنعة

- مش قصدي أنا بس كنت بقول إنك ست البنات 


تابع بجدية متسائلًا بتذكر 

- صحيح  كنتي فين الوقت دا كله ؟ كنت بدور عليكي و هالة كمان ؟ 


ردت ليالي  بتلعثم قائلة:

-ها ! اه أصل كنت بشوف موضوع المكتب اللي عاوز يبيعه إبراهيم و بعدها 


قاطعت نفسها بتذكر مغيرة مجرى الحديث 

- اه صحيح هو عمي كان عاوز إيه منك ما فهمتش حاجة من كلامك الصبح 


رفع أدهم كتفيه  و قال  بهدوء:

-مش فاهم أنا كمان  بس تقريبًا كدا الكلام  على العيادة بتاعته عاوز يسيبها لي لأن محدش من ولاده ها يهتم بيها بعد عمرًا طويل يعني 


ردت ليالي قائلة:

- ايوة و أنت ها تعمل إيه ؟ هتاخدها ! 

- لا 

- ليه يا أدهم ؟! 

- عشان أنا مبحبش اطلع على اكتاف حد و عمك عاوز يطلعني على اكتافه و دا هايسبب لي مشاكل كتيرة  مع مراته وولاده في غنى  عنها الحقيقة 


ختم حديثه قائلًا:

- دا غير إني خلاص مسافر بعد كم شهر 


ردت ليالي بنبرة تملؤها الحزن قائلة:

- طب و أنا يا أدهم مفكرتش فيا ؟!!


ابتسم بحنو و حب و هو يقول:

- هو أنا بفكر في حاجة و لا في حد غيرك يا عبيطة !! 


تابع بنبرة مطمئنة قائلًا:

- متخافيش يا لولو أنا مقدم لك معايا و إن شاء الله يقبلوا عروضنا و نسافر سوا 


ردت ليالي و قالت:

- سافر أنت بالسلامة أنا مش هاسيب بلدي و لا أهلي و ناسي و اعيش في بلد معرفش حد فيها 


سألها بنبرة حزينة قائلًا:

- و هما فين أهلنا و ناسنا دول يا لولو احنا ملناش غير ربنا في البلد دي و كـ....


ردت ليالي قائلة بنبرة جادة:

- مش هسافر يا أدهم و هفضل هنا عاوز تفضل اتفضل نش عاوز و مصمم على السفر يبقى لوحدك من غيري و إن كان عليا متخافش أنا الحمد لله أقدر احافظ على نفسي 


رد أدهم بنبرة مغتاظة و قال:

- ليه قالوا لك عليا أناني و مبفكرش غير في نفسي و بس !! على العموم لسه محدش عارف النصيب فين سيبها لوقتها .


******


بعد مرور أسبوع كامل


خرجت والدة إبراهيم من المشفى و وضعها الصحي في تحسن مستمر،  كانت هالة تلملم متعلقات والدتها بهدو حتى لا تنسى شيئًا،  بينما كان أخيها واقفًا أمام النافذة يناجي ربه بأن تأتي قبل مغادرتهم،  وقفت هالة خلفه و قالت بنبرة خافتة:

- مش هتيجي النهاردا ريح نفسك 


استدار إبراهيم و قال بلفهة:

- عرفتي منين ؟! 


عادت تلملم أشيائها دون أن ترد على سؤاله ذهب خلفها و قال:

- ما تردي عليا عرفتي منين إنها مش جاية النهاردا ؟! 


ابتسمت و قالت بتلاعب 

- و الله يا هيما دي أسرار بس عشان خاطر اللهفة دي ممكن اقولك عادي و كله بحسابه 

و ربنا بقى يقدرني على فعل الخير 


اجلسها على المقعد و قال بنبرة مغتاظة:

- قولي و متبقيش بايخة مجتش النهاردا ليه ؟! 


ردت هالة بجدية مصطنعة و قالت :

- بقيت دلوقتي أنا بايخة  الله يسامحك 

- هــالة خلصي بقى !

- طب يا سيدي هي مجتش عشان تعبانة واخدة دور برد شديد بقالها كام يوم و النهاردا الموضوع زاد و اغمى عليها 


سألها إبراهيم بلهفة و قال:

- و أنتِ عرفتي كل دا منين ؟! 


رفعت كتفيها و قالت بجدية:

- ابدًا مافيش دا أنا كنت بكلمها النهاردا و اخوها أدهم رد عليا و طلبت منه اطمن عليها قالي مش هتقدر ترد و إنها واخدة الدوا و نايمة دلوقت 

- و بعدين ؟! 


ردت ببلاهة قائلة:

- و بعدين إيه ؟ 

- هالة هو أنتِ بتيجي لحد عندي و تديني كلامك بالقطارة خلصي بعدين إيه اللي حصل ؟! 


رد بهدوء قائلة:

- مافيش حاجة قلت له يقولها إني اتصلت عليها و إني هكلمها تاني تكون حالتها اتحسنت بس كدا ! 

- هتكلميها إمتى ؟! 

- مش عارفة بس ممكن بكرا مثلا بليل 


رد إبراهيم برجاء و قال:

- طب ما تخليها النهاردا بليل عشان خاطري 


نظرت هالة لاناملها و قالت بجدية مصطنعة:

- كان على عيني يا هيما و الله بس مش معايا رصيد 

- هاشحن لك 


ردت بذات النبرة و قالت:

- السماعة بايظة !


تنهد بقوة و قال من بين أسنانه 

- هاجيب لك غيرها 


داعبت ياقة قمصيه و قالت بإبتسامة ماكرة

- حلو قمصيك دا 


ابتسم لها و قال بكل ما اوتي من هدوء أعصاب

- بقى قميصنا 


كادت أن تتحدث لكنه رفع سبابتها و قالت بنبرة محذرة

- قسمًا بالله العلي العظيم لو فتحتي بوقك دا تاني لاسحب كلامي و اتصرف بطريقتي 


ختم حديثه مداعبًا خديها  قائلًا:

- و شوفي طريقتي و لا طريقتك يا هالة والخسارة اللي هتتعرض لها يا لولو .


ردت هالة بنبرة مغتاظة قائلًا:

- خلاص يا خويا هو الواحد ميعرفش يطلب منك طلبين .


****

في المساء 


كانت تجوب الغرفة ذهابًا إيابًا تسرد ما حدث لأخيها في الفترة الماضية، لم تكن تعلم أن ما تفعله سوف يؤثر بالسلب عليه،  ظلت تتحدث عن تلك الفتاة التي نصحته بأن يغادر مكتب زميله كي لا يقع في الفخ المنصوب له، و أن تسوء سُمعته المهنية، تأججة نير ان الغيرة داخل ليالي دون أن تشعر،  ظنته بأنه له ماضٍ مع الفتيات  أشارت هالة بيدها تجاه اخيها و قالت بإبتسامة واسعة و قالت:

- تعال يا هيما بسرعة 


وضعت الهاتف في يدهزو قالت بنبرة هامسة

- خد و اتكلم يكش تسمي بنتك على اسمي في الآخر اديني مهدت لك الموضوع 


ختمت حديثها قائلة:

- أنا هروح اعمل لك قهوة و متنساش تدعي لي 


ما إن ذهبت هالة رفع إبراهيم الهاتف على اذنه و قال بإبتسامة واسعة 

- آلو ازيـ.... طب اهدي طب اصبري هافهمك  ربنا أنا مش بتاع بنات أنا بس ليالي 


نظر للهاتف و قال بنبرة مغتاظة:

- دي قفلت السكة !! منك لله يا هالة 


على الجانب الآخر من نفس المكان 

كانت هالة تبتسم بين الفنية و الأخرى على أخيها الذي وقع أخيرًا في العشق، ولج و هو لا يرَ أمامه أي شئ،  جلس جوارها،  نظرت له و قالت بإبتسامة واسعة

- نقول مبروك ؟! 


رد عليها و قال بوعيد 

- و الله ما هسيبك و رجعي بقى كل اللي خدتيه مني بدل و الله العظيم شغل المحاميين عليكي لتكوني فاكرني أهبل 


سألته ببلاهة قائلة:

- يعني مش هتسمي بنتك على اسمي !! 


وثبت من مقعدها قبل أن يحصل على رأسها 


احتمت بوالدتها و جلست خلفها،  رفعت والدته يدها و قالت بضيق

- إنتوا رجعتوا عيال من تاني و لا إيه ؟ 

- اسالي بنتك 


نظرت والدتها لها و قالت بفضول:

- هو في إيه يا هالة ؟! 


قلبت هالة شفتها و قالت ببراءة

- معرفش و الله يا ماما مع إني كنت ماشبة في الخير ! صحيح خيرًا تعمل شرًا تلاقي إبراهيم في وشك 


أجبرته والدته على الجلوس و قالت بجدية

- مالك و مالها في إيه ؟ 

- مافيش يا ماما خير ؟ حضرتك عاوزاني ليه ؟! 


ردت هالة و قالت:

جايبة لك صور عشان تختار لك منهم عروسة يا هيما 


رد أبراهيم و قال بنبرة مغتاظة:

- خليها تخرس مش طايق صوتها 

- بس يا هالة 


ردت ببراءة و قال بحزن مصطنع 

- حاضر يا ماما خرست اهو 


تابعت والدته و هي تضع صورة فتاة عشرينة لأحدى الجيران و قالت بإبتسامة واسعة 

- دي  دنيا بنت عمك مسعد بنت زي الورد و خريجة حقوق زيك و شاطرة في البيت و شغلها يعني مش ها تتعبك 


رد إبراهيم و قال بإبتسامة واسعة:

- دنيا مين يا ماما اللي اتجوزها دنيا دي لحد السنة اللي فاتت كانت بتقولي يا عمو هيما اجاي السنة دي و اتجوزها ؟! 


ردت هالة بجدية مصطعنة ساخرة منه قائلة:

- اتجوزها و خليها تقلك يا هيما من غير عمو 

- قلت لك اخرسي 

- حاضر 


ردت والدته لتفض النزاع و قالت بنبرة مغتاظة :

- بلاش دنيا  إيه في أمنية بنت عمك حسن اهي بقى مافيهاش عيب و قريبة منك في السن و دكتورة قلب و شاطرة 


ردت هالة مشاكسة قائلة بخبثٍ 

- لا يا ماما بلاش دكاترة أصل إبراهيم مابيحبش الدكاترة و بيقول عليهم دمهم تقيل 


رد إبراهيم بنبرة محذرة و هو ينظر لوالدته و قال:

- هاضربها لك خليها تسكت عشان مش طايقها الوقتي و قفلي على سيرة الجواز دي دلوقت و بصراحة مافي واحدة فيهم عجباني  


رد ت والدته و قالت بنبرة مغتاظة قائلة: 


وبعدين يعني يا هيما دي عاشر عروسة اجيبها لك و تقولي لأ تعبتني يا ابني كل ما اجيب لك  عروسة  تقولي مش حلوة !!


يعني اكدب يا ماما يعني ماهي فعلا مش حلوة أنا عاوز واحدة حلوة كدا تنسيني كل الحالات اللي بتورد عليا في المكتب 

اقولك يا ماما أنا هو عاوز مين ؟ 

قولي يا هالة 

لا متقوليش يا هالة عشان كلامك وحش 


اقتربت هالة من إبراهيم و قالت بنبرة هامسة

- هاتديني الچاكت الجديد بتاعك و لا ؟! 

- اه بس استري عليا الله يستر عليكي 


ردت والدته قائلة:

- ماتقولي يا هالة هيما عاوز مين ؟ 


ردت هالة بكذب 

- مش عارفة بس واحدة كدا شوفنها في المستشفى بس مش فاكرها 


سألته والدته بفضول 

- طب و أنت مش عاوزني اعرف ليه يا حبيبي هو أنا هاكرها لك الخير ؟ 


ردت هالة قائلة بسر عة

- لا يا ماما أصلا ليالي بهدلته في التليفون  و قالته لو شفت وشك تاني ها بلغ عنك يا بتاع شيري  


نظرت هالة لأخيها و قالت:

- متقلقش يا هيما سرك في بير أنا حافظة لكل اسرارك  


نظرت والدتها و قالت بتساؤل :

- ليالي مين ؟ قصدك الدكتورة اللي كانت بتابع  حالتي في المستشفى ؟! 


أومأت هالة رأسها علامة الإيجاب، بينما ردت والدته وقالت بإبتسامة واسعة:

- طب و هي دي بردو حاجة تستخبى اخس عليك يا هيما دي بنت زي السكر مبروك يا حبيبي 

- مبروك على يا ماما هي بنتك لما بتحط عينها في حاجة بتعمر اهي خربت و اللي كان كان 


ردت والدته و قالت بإبتسامة واسعة

- متقلقش يا حبيبي طالما في تفاهم و الدنيا بينكم كويسة يبقى إن شاء الله  خير  و إن كان على لولو فهي بتحبك و بتسعى للخير دايما مش معقول يعني هتيجي على اخوها و تمنع الخير دا 


ردت هالة ببراءة و قالت بنبرة طفولية:

- اه و الله العظيم 


*****


بعد مرور اسبوع كامل 

في محاولات  عديدة من هالة للصلح بين ليالي و إبراهيم نجحت أخيرًا،  و عادت المياه لمجرها الطبيعي، كانت تلك التي جمعتهما هي أفضل صدفة عرفها إبراهيم،  قرر أن يذهب إلى أخيها و يطلب منه الزواج بشكلٍ رسمي كخطوة جديدة تضاف لحياته الشخصية،  جلس و التوتر يسود قلبه،  بينما جلس الدكتور أدهم الشرقاوي العم الأكبر لـ ليالي و أدهم أخيها يتناقش معه في بعض الأمور،  انتهَ  كل شئ على خير، حتى أتت هالة من المطبخ و قالت بهدوء

- كدا نحدد معاد كتب الكتاب و الفرح 


رد أدهم و قال:

- مستعجلين ليه ؟! سيبوا الأمور تاخد مجراها الطبيعي أنا مبحبش الاستعجال 


رد العم و قال مؤيدًا:

- أنا كمان رأيي من رأي أدهم و بعدين احنا لسه بنتعرف على بعض ليه الاستعجال ؟! 


ابتسم إبراهيم و قال بهدوء:

- مش استعجال و لا حاجة بس هالة أختي و كان نفسها تفرح بيا مش أكتر و بعدين أنا جاهز و الحمد لله يعني أنا بس كان عندي طلب يا ريت ليالي و حضراتكم طبعا توافقوا عليه 


سأله أخيها و قال:

- طلب إيه ؟! 


رد إبراهيم و قال:

- في الحقيقة أنا أمي و أختي ملهمش غيري فكان طلب مني إنهم يعيشوا معايا بعد الجواز و لـ...


رد العم و قال بنبرة معارضة:

- مستحيل طبعًا بنت اخويا تعيش في نفس الشقة أنتزبتتكلم في إيه ؟!


تابع حديثه بغطراس قائلًا:

- متزعلش مني يا إبراهيم بس اختك اطلقت مرتين بسبب مشاكل بيت العيلة و اللي عرفته إن اختك كانت هي اللي بتخلق المشاكل دي و إن أي مكان بتتواجد في هي بتعمل المشاكل دي فـ احنا اللي لينا شرط و هي لو يعني وافقنا عليك أختك متدخلش بيت بنتنا احنا مش حابين نخرب عليها زي ما بنسمع إن اختك بتدخل البيت بيبقى هادي و بعده يقو م

حر يقة أنا آسف دا شرطي عشان الجوازة تمشي 


وقف إبراهيم عن مقعده و قال بنبرة لازتقبل النقاش 

- لا تتشرط عليا و لا اتشرط عليك بنتك عندك متلزمنيش اللي يمنع أهلي من دخول بيتي ميلزمنيش لا هو و لا بنته


نظر إبراهيم لأدهم أخيه الذي التزم الصمت طوال هذه الجلسة و قال:

-  فرصة سعيدة يا دكتور أدهم و ربنا يوفق الدكتورة مع حد تاني 


يتبع


9&10


الفصل التاسع 

¤¤¤¤¤¤¤

خرج إبراهيم بعد أن امر أخته بالذهاب دون أن تعقب على حديث عم ليالي، بينما نظر أدهم له و قال بهدوءٍ:

- أنا التزمت الصمت احترامًا لحضرتك لكن اللي حضرتك عملته دا انا مش راضي عنه يا عمي 


رد العم و قال بنبرة متغطرسة:

-أنت بتغلطني يا أدهم ؟! 


خرجت ليالي من حجرتها و قالت بضيق:

- أدهم مش قصده يا عمي بس بردو حضرتك مكنش ينفع تقول كدا لإبراهيم و أخته وبعديـ...


قاطعها بنبرة حادة و صوتٍ مرتفع

- أنتِ بتقولي إيه ؟ يا بنت ؟! و بعدين مين دا اللي أنتِ بتدافعي عنه دا حتة محامي لا راح و لا جه بص لنفسك و لمركزك شوفي أنتِ مين و عمك يبقى مين ؟!


وقف أدهم عن مقعده ليُنهي الجدال و قال بنبرة 

هادئة على النقيض لما يحدث داخله:

- هي ليالي أحمد الشرقاوي بنت أحمد الشرقاوي الموظف البسيط اللي كان شغال في مصلحة الضرايب و أمها الست نوارة الخياطة اللي ضهرها اتقــ ـطم لحد ما علمتنا و بقينا دكاترة 


نظر له و قال بإبتسامة واسعة

- عمنا بقى الدكتور أدهم الشرقاوي الدكتور العظيم الرجل العصامي اللي بدأها من الصفر و دلوقت بقى عنده أكبر مستشفى في مصر و اسمه من أكبر و أهم دكاترة مصر 


ختم حديثه قائلًا:

-أختي لو هي اللي موافقة على العريس فأنا هعمل دا و أنا راضي و لو قابلة تعيش معاه في أوضة تحت السلم و هي راضية أنا كمان راضي 

-أنت بتتحداني يا ولد ؟! 

- أنا بعمل اللي يريح أختي أنا لو عشت لها النهاردا مش هاعيش لها بكرا 


رفع سبابته و قال بنبرة حادة:

- طب اسمع بقى لما اقل لك لو اختك اتجوزت الولد دا لا أنت ابن اخويا و لا أعرفك 


رفع أدهم رأسه بشموخ و هو يضع يده داخل جيبه و قال:

- شرفت يا عمي و ياريت تبقى تشرفنا دايما و طبعًا تبلغنا قبلها 


غادر العم منزل ابناء أخيه و الشر يتطاير من عيناه 

ماذا يفعل ليكـ ـسر أنف أدهم فهو من المتمردين عليه من وجهة نظره يحاول بشتى الطرق كسبه في صقه و لكن الأخير لا يريد ذلك و يعي جيذًا ما يريده العم .


نظرت ليالي لأخيها و قالت بضيقٍ:

- مكنش ينفع تطرد عمك يا أدهم هو مكنش قصده حاجة 


رد أدهم و قال بغضبٍ مكتوم 

- أنتِ مستوعبة كويس أنتِ بتقولي إيه ؟! و لا بتحاولي تجملي اللي حصل عمك لا هو عاوز يحافظ على جوازتك دي زي ما بيقول و لا هو فعلًا العم الحنون اللي بيخاف على مصلحة ولاد أخوه دا واحد أناني مش عاوزنا نخرج من تحت طوعه و نفضل طول عمره تحت جناحه عشان كدا بيطفش في عريسك بحجة أخته و جوازاتها اللي مبتكملش 


ردت ليالي و قالت بنبرة حزينة قائلة:

- طب و هتعمل إيه دلوقت ؟ 

- في إيه ؟! 

- في عمك ؟!

- و لا أي حاجة و اعملي حسابك محدش فينا رايح المستشفى تاني و لا هنشتغل تاني هناك 

- عشان كدا كنت مصمم تعمل شغل خاص بيك 

- طبعًا 


جلست على المقعد و قالت بنبرة مختنقة:

- طب و إبراهيم ؟ 


نظر لها أدهم و قال بتساؤل:

- بتقولي حاجة يا لولو ؟! 


ردت ليالي نافية:

- لا 


تابعت بإحباط و هي تقف عن مقعدها و قالت:

- أنا هقوم ارتاح شوية أنا تعبانة 


غادرت الردهة قبل أن يسألها سؤالًا آخر، لكن تملك منها اليائس و الإحباط، نظرات الشفقة و العطف كانتا تشعان من أعين أدهم، ود لو يستطع مساعدتها لكنه يريد أن تنعم أخته بالراحة بدلًا من الشقاء بعيدًا عن تلك الهالة.


******


أسبوعًا كامل مر على الجميع لم يحدث فيه شيئًا جديدًا سوى نجاح إبراهيم المستمر و إلحاقه بالنيابة العامة، كان يسعى لهذا المنصب منذ أشهر و لم يخبر أحد ظنًا منه بأنه لن يناله الوحيد التي كانت تعرف هي هالة، قررت أن تقف بجانبه كما فعل معها بالسابق، رفضه المستمر جعلها تخطط في أكثر من طريق حتى يحصل على ليالي .

توقفت أمام العيادة الخاصة بشقيق الأخيرة ترددت في بادئ الأمر خوفًا من هذه الخطوة لكنها قررت أن تُكمل ما بدأته، طرقات خفيفة ثم ولجت بعدها 

جلست على المقعد المقابل لمكتبه، كاد أن يتحدث لكنها ردت بهدوءٍ مصطنع

- أنا دفعت حق الكشف و جيت لك النهاردا مخصوص بعد ما فشلت اوصلك عن طريق تليفوناتك و أي حاجة ممكن تخليني أعرف اوصل لحضرتك 


التزم الصمت حين تابعت حديثها قائلة بتوتر 

- أنا عارفة إن اللي هاحكي مايخصش حد غيري بس أنا بحاول أسعد إبراهيم زي ما هو دايمًا بيعمل معايا فـ ارجوك اسمعني 


اتفضلي سمعك 


كانت جملته بمثابة الثلج الذي هبط على تلك

النير ان المتأججة داخلها، ناهيك عن إبتسامته الخفيفة التي زادت من توترها و هي تقول:

- طبعًا الكل عارف إني اتجوزت مرتين و لكن اللي محدش يعرفه إني في النرتين مظلومة، سيبك من الكلام اللي اتقال لأن الكدب مافيش أسهل منه ربنا قادر يجيب لي حقي و هو سامع و مطلع على كل أذى اتأذيته من اللي اتجوزتهم 


نظرت له و قالت بنبرة مختقة 

- ربنا مكتبش إني اخلف منهم و عرفت في المستقبل حكمة ربنا سبحانه و تعالى، و راضية و الحمد لله بس لأن صوابعك مش زي بعضها ربنا وقعني في واحد حبه ليا اتحول لكره معرفش ازاي 

بعد ما انفصلت عنه اتكلم عليا بالسوء و بحاجات مليش علاقة بيها من الأساس 


تنهدت بعمق و هي تختم حديثها بإبتسامة مريرة

- عم حضرتك كان الدكتور اللي أخدني عنده طليقي محمود و محمود دا حاليًا بيتابع معاه حمل مراته الجديدة و طبعًا مش محتاجة احكي لك إيه هو شغل الضراير 


نظرت له و قالت برجاء

- و الله العظيم لا أنا و لا أمي موافين إننا نعيش مع إبراهيم أصلًا و اتفاجئنا زينا زيكم بالظبط وافق عليه و إن كان عليا احلف لك على مصحف ما هدخل بيت اخويا لحد ما اموت كفاية عليا أشوفه مبسوط مع الإنسانة اللي اختارها قلبه 


لحظات من الصمت التام كانت تسود المكان، تنفس بعمق و قال بهدوء:

- أنا طبعًا مش حابب دي تكون علاقتكم بـ اخوكي الوحيد و لا أنا ارضها على أختي و لكن أنا آسف بس أخوكي تخلى عن أختي و مفكرش حتى في حل وسط يرضي جميع الأطراف تفتكري دا أنا هأمن على أختي معاه؟! 

- اخويا عمل كدا عشان بيحبنا و من كتر حبه فينا مفكرش غير بالشكل دا صحيح تصرفه غلط بس هو بردو معذور هو مش ذنبه إن بيحبه أهله أكتر من نفسه 


رد أدهم و قال بهدوء شديد

- و لا ذنب أختي تاخد واحد مبيحاولش يعمل عشانها الممكن !! 


ختم حديثه قائلًا بعتذار و هو يقف من خلف مكتبه و قال :

- شرفتيني يا مدام هالة كان نفسي اساعدك بس للأسف طلبك مش عندي ! 


وقفت عن مقعدها و هي تتابعه بعيناها و هو يتجه نحو باب الحجرة و قالت:

- لو بتحب أختك سيب لها هي القرار دي حياتها هي 


هتف أدهم لمساعدته الجالسة بالردهة، أتت على الفور و قالت بأدبٍ

- نعم يا دكتور ؟ 

- رجعي للمدام تمن الكشف

- حاضر، ثواني 

- أرجوك فكر


رد أدهم و قال بعتذار 

- أنا آسف بس حقيقي أخوكي مسبليش أي شئ افكر في دا حتى مفكر يجي لي نتفق بعيد عن عمي !! 


أتت المساعدة ووضعت النقود بين أدهم ثم غادرت المكان نظر أدهم لها و قال:

- نورتي العيادة و ياريت متعمليش الحركة دي تاني طالما مش في ايدي اساعدك 


نظرت هالة له و قالت بيأس

- كنت فاهمة إنك هتسعد أختك اللي بتحبها زي ما بتقول لكن للأسف طلعت أناني و حابب تخليها جنبك 


كادت أن تغادر المكان لكنها عادت و قالت:

- اه أختك بتحب إبراهيم و مش هتتجوز غيره و طول ما أنت مش موافق عليه هي هتفضل جنبك

و بالنسبة لتمن الكشف أنا خدت من وقتك و دا تمنه متشكرة مرة تانية .


********

في منزل إبراهيم 

كانت هالة ترص الصحون الفارغة على المائدة بينما كانت والدتها تعد وجبة الغداء، ولجت هالة المطبخ و قالت بنبرة مغتاظة:

- و ابنك بقى بايخ اوي كل ما اقوله تعال نتمشى يقولي تعبان يا هالة مخنوق سبيني لوحدي دلوقتي 


ردت والدتها بنبرة متعاطفة مع ولدها و قالت

- لي حق يا حبيبي ملحقش يفرح 


رفعت رأسها لأعلى و قالت:

- ادعي عليك بإيه يا محمود و أنت فيك كل العبر 

- لا تدعي عليه و لا على غيره ربنا يبعدهم عننا و خلاص 

- هو لسه بيضايقك بردو ؟! 

- وطي صوتك هيما يسمعنا، دا مش راضي يسبني في حالي خصوصًا بعد فركشة خطوبة هيما

- طب روحي نادي اخوكي و قولي يلا الغدا جاهز 

- حاضر 


داخل غرفة إبراهيم 

كانت تراسله و لم يرد على رسائلها، لم تتركه منذ ذاك اليوم، كان يجلس القرفصاء مسند بذقنه على ركبته، ولجت و جلست بجانبه، لم يشعر بها حتى قالت له 

- ياااه دا أنت في آخر الدنيا يا هيما ؟! 

- في إيه يا هالة ؟ 

- أبدًا مافيش كنت بقول لو ينفع يعني نتمشى شوية أنا و أنت بعد الغدا أكون شاكرة ليك بجد 

- معلش يا هالة تعبانة و مش قادر و كمان عندي شغل بكرا بدري 

- كدا يا هيما ماشي شكرًا، من يوم ما بقيت وكيل نيابة و أنت لا بتخرجني و لا بتفسحني و كأنا بتتكسف تمشي جنبي !!


نظر لها و قال بضيق

- إيه الهبل اللي بتقول دا أكيد طبعًا مش كدا بس أنتِ عارفة إني بقى عندي مسؤليات أكبر و شغل أكبر 


ردت هالة بإصرار قائلة:

- طب لو زي صحيح ما بتقول تعال نتمشى النهاردا بعد الغدا 

- خليها بكرا 

- مش هاينفع 

- ليه ؟! 

- عشان عندي شغل كتير و هبقى مشغولة جامد اوي 


كرر جملتها محاولًا تقليدها قائلًا:

- جامد اوي 


تابع بجدية و قال:

- حاضر يا ستي بعد الغدا ابقى اخدك و نتمشى 

شوية 


******


في المساء 


كانت تشير بيدها تجاه إحدى اللوحات و قالت برجاء 

- أنا نفسي أشوف الفيلم دا تعال نتفرج عليه 

- يااه يا هالة فيلم يعني تلت ساعات و أنا هلكان و عاوز أنام بجد 

- لو معجبنيش همشي مش مهم نكمل عشان خاطري دا رومانسي و صدقني هايعجبك تعال بس 


ما فعلته و ما سوف تفعله من المؤكد لن يمر على عقله كـ محامٍ سابق يعرف ببواطن الأمور و تلك التمهيدات جيدًا، لن ينكر بداخله أنه كان يتوق شوقًا لرؤيتها لا يعرف أن يبقى أم لا و لكن قلبه أمره بالبقاء، جلس و تظاهر بالجمود و هو يشاهد احداث الفيلم، نظرت ليالي له و قالت:

- فعلا الحب موجود بس في الافلام إنما الحقيقة كله كلام في كلام 


تجاهل حديثها بينما هي اغتاظت منه فقررت أن تسأله بنبرة مغتاظة

- جيت ليه لما أنت تتقمس دور الكومبارس !! 

- و الله أنا لو أعرف الحركات العيالي دي ما كنت جيت 


تابع بنبرة ناعمة 

- بس اقل لك على حاجة ؟ دي احلى حاجة عملتها هالة كان نفسي اشوفك بجد 


ردت ليالي و قالت بنبرة معاتبة

- ما هو واضح بأمارة اللي حصل 

- اللي حصل غصب عني أهلك عاوزني ارمي أهلي وهما ملهمش غيري تفتكري رد أي حد عاقل كان هيبقى إيه ؟! 


ردت ليالي قائلة:

- كان هايبقى حل وسط يرضي جميع الأطراف و يأكد إنك عاوزني مش من أول ما حطوا شروطهم تقولهم بنتكم مش عاوزها !! 


ابتسم و قال بإعتذار 

- في دي عندك حقك، حقك عليا 

- بعد إيه يا بيه ما خلاص شكلك بقى زي الزفت قصادهم و فاهمين إنك مش شاريني 

- دا أنا ابيع الدنيا كلها و اشتريكي 

- دا كلام متأسفة مش هصدقه أنا عاوزة فعل 


إيه الفيلم بدء من بدري فاتني كتير ؟ 


أردفت هالة عبارتها المتسائلة، و بين يدها الذرة المقرمشة جلست بينهما ثم نظرت لهما و قالت بفضول:

- إيه مالكم؟ ساكتين ليه ؟! هو أنا جيت في وقت مش مناسب ؟! 


رد إبراهيم و قال بنبرة مغتاظة 

- تقريبًا ! 


*******

بعد مرور يومين 


كانت ليالي جالسة المقعد تتناول وجبة الغداء مع أخيها و بداخبها تردد شديد في أن تتحدث معه و تُمهد لحبيبها من جديد، لاحظ هذا التردد أدهم لكنه تجاهله تمامًا، تنهدت بعمق قبل أن تتحدث بهدوء:

- إبراهيم عاوز يجي يتقدم يا أدهم 


رد أدهم و قال بهدوء

- و بعدين ؟! 

- هو إيه اللي و بعدين ؟ و لا قبلين إبراهيم حاسس إنه اتسرع في رده و عاوز يجي يتقدم من تاني 

- و يا ترى لسه مصمم على نفس طلبه و لا غيره ؟! 

- ادهم اعتقد إنك أنت و إبراهيم نفس الشئ و إن لو حطيت نفسك مكانه هتلاقي تصرفك نفس تصرفه تنكر دا ؟ 

- طبعًا لأ بس أنا على الأقل مش جبان عشان اسيب الإنسانة اللي بحبها و اقول لأهلها مش عاوزها !!


ردت ليالي و قالت:

- إبراهيم خانه التعبير يا أدهم و أظن هو مش قصده المعنى الحرفي للكلمة فبلاش نعلق الشماعة بتاعت الغد ر و الجُبن و الكلام اللي ملوش لازمة دا 


عاد أدهم بجسده للخلف و قال بهدوء 

-ليالي أنتِ عاوزة إيه بالظبط؟ 


ردت ليالي بنبرة مختنقة:

- عاوزك تدي له فرصه تانية و تكون راضي عن جوازي 


التزم الصمت بينما هي كانت تناجي ربها بأن يمر الأمر على خير، تنهد بعمق و قال:

- خلي يجي يوم الخميس الساعة خمسة 


تابع بجدية مصطنعة قائلًا:

- ولو اتأخر دقيقة واحدة مش هحدد مواعيد تانية أنا حذرتك اهو 


وثبت ليالي عن مقعدها و قالت بسعادة غامرة

- ربنا يخليك ليا يا أحلى دومي في الدنيا كلها


كانت تغمره بقبلاتها السريعة و المتتالية، بينما كان هو يحاول التملص من عناقها الشديد له 

هرعت نحو حجرتها لتخبر إبراهيم، ظل ينظر لمكانها و الإبتسامة لا تفارق شفتاه، فاق على صوت رنين هاتفه وجده صديقه يخبره بموعد السفر الذي حدده ليتسلم وظيفته الجديدة بالمانيا انهى حديثه معه و على أن يمد له المُهلة أسبوعًا فقط لا غير حتى يستطيع انهاء كل شئ.


********


في مساء يوم الخميس 

كانت ليالي تقرأ الفاتحة و هي جالسة بجوار إبراهيم الفرحة التي تجتاح قلبها لا تقدر بثمن 

و أخيرًا مر اليوم بسلام و انتهت المراسم على خير وافق أدهم على مضض بأن الخطبة ستة أشهر كحد أدنى، بينما كان إبراهيم يشعر بطول المدة، و بسن هذا و ذاك ربحت كفة أدهم و تمت الموافقة النهائية، أتى موعد السفر و ليالي لا تكف عن البكاء، رغم فرحتها لأخيها بهذا العمل الجديد إلا أن هذه المرة تعتبر الأولى في ابتعادهم عن بعضهما البعض 

وعدها بأن عودته قريبة ليتمم زواجها من إبراهيم.


خلال الستة الأشهر لم تشعر بأنها بمفردها كانت هالة شبه مُقيمة معها في المنزل، على الرغم من ترقيتها في عملها الجديد و الذي يتوجب عليها أن تثبت جدارتها إلا إنها لم تتخلى عن أخيه في أدق تفاصيل حياته و مساعدته في كل شئ يخص المفروشات و الأثاث، لم يتركها محمود ان تنعم بحياتها قرر أن تعود له أو لا تبقى على قيد الحياة هددها كثيرًا مرارًا و تكرارًا، لكنها لم تلتفت لمثل هذه التهدايدت، حتى سئمت ليالي من اللامبالاة التي تتعامل بها مع ذاك البغيض، نظرت لها و قالت بنبرة حادة

- هالة أنتِ ليه ساكتة على اللي محمود بيعملوا بلغي عنه كفاية بهدلة فيكي لحد كدا أنتِ خايفة منه ؟ 

- أنا خايفة على اخويا منه خايفة إبراهيم يخسر كل حاجة بيسعى ليها بقاله شهور بسبب واحد زيه و بعدين هو هيعمل إيه يعني دا بيحبني و مستحيل يأذيني هو بس عشان مش عارف يرجع لي بيقول كلام و خلاص 


كلمات طمئنت بها قلبها قبل ليالي، لا تعرف إن كان سيفعل هذا بالفعل أم لا، غادرت عيادة تلك الأخيرة و في طريقها للعودة إلى المنزل 

استوقفها محمود محاولًا تخوفيها لكنها كانت صارمة معه حاول جذبها من ذراعها فقامت بصفعه و بدأت تتشاجر معه، حتى أخرج من جيب سترته زجاجة من مادة كميائية تشوه الجلد في ثوانٍ معدودة كاد أن يوجه فوهة الزجاجة في وجهها و بحركة عفوية منها انقلب تجاهُ هو ابتعاد و صرخاتها تدوي المكان بالتزامن مع صرخاته هرع أحد الواقفين تجاه منزلها ليخبر أخيها، طرقات على الباب الخشبي قام بفتحه هتف الشاب بسرعة 

- الحق اختك هالة يا هيما محمود رمى عليها مية نا ر و شوه لها وشها عند البيت المهجور 


دقائق أم ثوانٍ لا يعرف إبراهيم بالتحديد كم الوقت الذي اتخذه حتى يصل إلى هناك حافي القدمين وقف مقابلتها محاولًا فهم ماحدث نظرت له بأعين دامعة و الخوف يدب في اوصالها بينما قال هو بذعر:

- مالك في إيه؟! ردي عليا ؟! 


بعد مرور عدة ساعات 


تم نقل محمود إلى المشفى و القبض على هالة بعد اتهامه لها بشكلٍ مباشر، بدأت التحقيقات تأخذ مجراها، انقلب السحر علي الساحر و فقد هو جزءً من وجهه بسبب تلك المادة التي أذبته، بينما هي حتى الآن لم تستوعب أنها كانت ستفقد وجهها أو بصرها 

بسبب ذاك المحمود .


علم أدهم ما حدث ثورة من الغضب انتابته و هو يخبر أخته بعصبية شديدة قائلًا:

- مش قلت لك الناس دي بتاعت مشاكل !! اخته ماشية بماية نا ر هتعمل معاكي إيه 

افهمك إيه بس يا ليالي يا ليالي أنا قلبي مش مطمن من ناحية الناس دي ارجوكي افسخي الخطوبة يعني إيه مش هاتفسخي ؟! لأول و لآخر مرة بقولك الناس دي ملكيش علاقة بيهم أنا نازل مصر و أنا بنفسي اللي هاقول لأبراهيم مش عاوزينك و مش بس كدا كمان هتيجي معايا المانيا سلام .


بعد مرور أسبوع 


كان أدهم جالسًا في غرفة الضيوف الخاصة بمنزل إبراهيم، وضع علبة المصوغات و الهدايا ثم قال بعتذار:

- ربنا يوفقك يا إبراهيم مع حد تاني 

- هي ليالي اللي قالت لك كدا ؟ 

- أنا اخوها الكبير و أنا أدرى بمصلحتها 

- معلش يا أدهم بس أيه سبب فسخ الخطوبة؟! 

- أنا آسف بس كلامي مش هايعجبك و أنت عارف كدا كويس أختك هالة شكلها بتاعت مشاكل و أنا خايفة على اختي من المشاكل 


لقد تعلم إبراهيم الدرس جيدًا فقرر أن يتحلى بالصبر حين قال:

- بس أختي النيابة برئتها و سجنت محمود

- أنا آسف لتاني مرة بس أنهي نيابه دي النيابه اللي أنت واحد منهم فطبيعي يجاملولك

- يجاملوني !! أنت فاهم أنت بتقول أيه؟! 

- أستاذ إبراهيم من فضلك كفاية لحد و اسمحي لي امشي 


رد إبراهيم قائلًا بعصبية 

- لا مش هاسيبك تمشي و هاسيبك تفهم كلام عني و عن أهلي غلط و محصلش خليني إن النيابه جاملتني زي ما بتقول كمان الشهود و الكاميرات اللي في الشارع بتجامل مشكلتك إيه مش فاهم ليه كل حاجة تحصل تقول اختي !! مع إنها اطيب خلق الله و دايما في حالها ليه حكمك المتسرع دا 


وقف أدهم و قال بعتذار:

-أنا آسف يا إبراهيم تفهم خوفي و قلقي على أختي 


رد إبراهيم و قال بعصبية

- لا مش متفهم عشان اختي كانت شبه مقيمة مع اختك مفكرتش ليه تأذيها ؟! إيه العجرفة اللي في كلامك دي و إيه الاسلوب دا يا اخي دا احنا كلنا عباد الله .


غادر أدهم منزل إبراهيم أسفل ناظريها، لا تعرف مالذي تفعل حتى تحسن صورتها في نظره لأجل أخيها، بينما كان إبراهيم يهشم كل ما طالته يده


بعد مرور أسبوعًا كامل 


كانت هالة في حفل زفاف صديقتها المقربة تقف وسط الجمع تصفق كما يفعل المدعوين

تدندن و هي تقترب من صديقتها، راقت للمصور فبدأ يسلط الضوء عليها، حتى لاحظ شقيق العريس فسأله بجانب أذنه 

- تقرب لكم دي ؟ 

-دي صاحبة العروسة و لم نفسك بقى عشان اخوها وكيل نيابة و هي دكتورة في إدارة الأعمال يعني حاجة على مستوى عالي 


نظر له المصور و قال و هو يقطم التفاح

- و إيه يعني ما احنا كمان عالين و عندنا رُتب و ناس عالية عالية يعني 


تابع بغمزة من عينه قائلًا:

- ما تشوفلنا أخبارها إيه كدا يمكن تفرح بيا قريب 


أشار بسبابته و قال:

- مش هتناسبك، دي كانت متجوزة مرتين و اطلقت و تقريبًا مبتخلفش 


رد المصور وقال 

- يا خسارة الحلو مبيكملش 


******


عارف لو خسرت صاحبتي بسبب صاحبك اللي كل يوم و التاني يكسفنا مع العرايس دا هعمل فيك إيه أنت و هو يا خالد ؟ 


قالت عبارتها شهد و هي تقف أمام الموقد تعد قدحان من القهوة بينما داعب خالد خديها و قال بنبرة خافتة:

- و لا تقلق يا جميل أنا قلت له إن العروسة دي آخر عروسة هاجيبها لك عشان دي تبع مراتي و مراتي هتر ميني قبلك بسبب صاحبتها 

- ايوة طبعًا 


كاد أن يذهب ليفتح باب الشقة لكنها استوقفته قائلة بهمس 

- خلي أدهم هو اللي يفتح لها يا بيبي خليك ناصح 

- ايوة صح معلش أصل نسيت وقعتيني في حبك ازاي 

- خااالد !! 

- أنا آسف كملي المفروض يحصل إيه دلوقت ؟ 


ردت بحماس قائلة:

- هالة هتدخل هتتفاجئ بأدهم هتسأله إن كانت غلطت في الشقة و لا إيه هو بقى هايقول لأ دي شقة صاحبتك فتدخل يتكلموا 


رد خالد و قال بنبرة ساخرة

- حيلك حيلك يا حبيتي دا أدهم صاحبي و أنا عارفه دا لولا كنت صاحبه من أيام الكدية كنت قلت عليه اخرس يعني اللي حصل معانا مستحيل يحصل بـ....


عقدما بين حاجيبه و قال 

- هو صوت الخناقة اللي شغالة برا دا في شقتنا و لا الجيران صوتهم عالي لدرجة وصلت لهنا !!! 


ردت شهد بعصبية قائلة

- تلاقي قليل الذوق صاحبك هو أنا تايهة عنه !! 


خرجا الأثنان لمعرفة ماحدث وجدت شهد هالة واقفة مقابلة أدهم تتشاجر معه و تتحدث بعصبية 

- أنا اخويا الف واحدة تتمناه و ابقى روح اتعالج يا معقد يا ضيق الأفق 


تابعت بهدوء قائلة 

- بس لو وافقت إنهم يرجعوا لبعض أكون شاكرة ليك جدًا و الله

يتبع

الفصل العاشر 

¤¤¤¤¤¤¤


عقد خالد ما بين حاجيبه و قال:

- هو صوت الخناقة اللي شغالة برا دا في شقتنا و لا الجيران صوتهم عالي لدرجة  وصلت لهنا !!! 


ردت شهد بعصبية قائلة

- تلاقي قليل الذوق صاحبك  هو أنا تايهة عنه !! 


خرجا الأثنان  لمعرفة ماحدث وجدت شهد هالة واقفة مقابلة أدهم تتشاجر معه و تتحدث بعصبية 

- أنا اخويا الف واحدة تتمناه و ابقى روح اتعالج يا معقد يا ضيق الأفق 


تابعت بهدوء قائلة 

- بس لو وافقت إنهم يرجعوا لبعض أكون شاكرة ليك جدًا و الله


وقف خالد وسط الردهة محاولًا فهم ما حدث ابتسم بتوتر ملحوظ و هو يجلس صديقه قائلًا:

- اهدأ يا أدهم إيه اللي حصل لكل الزعيق دا ؟ 


رد أدهم بنبرة حادة تملؤها الغيظ من تلك الماثلة أمامه بشموخ و كأنها لم تفعل شيئًا،  بعد مرور عدة  دقائق استطاع العروسان تهدأت الأجواء نوعًا ما 

مازال ادهم يهز ساق  كنوعًا من العصبية المفرطة 

بينما كانت هي تحدجه بنظراتٍ حادة يتطاير منها الغضب و الشر،  تنحنح خالد و هو يقول بهدوءٍ

- ما تصلوا على النبي يا جماعة كدا في إيه ؟! 


ردد الجميع في آنٍ واحد بخفوت 

- عليه أفضل الصلاة و السلام .


سألتها صديقتها قائلة بتوجس 

- مالك يا لولو مضايق ليه هو دكتور أدهم زعلك دا حتى دكتور أدهم راجل ذوق 


لكزها زوجها في كتفها لتحسن تعبيراتها،  تأواهت بحفوت وهي تنظر لصديقتها التي تبرر سبب عصبيتها قائلة:

- مافيش يا ستي كل دا عشان بقل له إنه متحكم في اخته و كل يوم و التاني يفرق بينها و بين اخويا الغلبان 


وجه أدهم سبابته  تجاهها و قال بنبرة حادة:

- الشئ دا ما يتكلمش خالص أنا لما بسمع صوتها بتعصب 


وقفت هالة عن مقعدها بهرجلة و هي تقف أمامه آمرة إياه بالإعتذار و سحب إهانتها قائلة:

- لو سمحت اسحب إهانتك دي أنا مقبلهاش نهائيًا و لازم تعتذر  ثم أنا ليا  يا أستاذ 


ابتسم أدهم إبتسامة سمجة و هو يقول بهدوء حد الإستفزاز مصححًا:

- دكتور أنا دكتور مش استاذ يا هالة 


ردت بنظرات تحدٍ و كبرياء قائلة بنرة لا تقل عن نبرته :

- الدكتورة هالة  دكتواره في إدارة الأعمال و الحاصلة على المركز العاشر في أكتر ميت مؤثر على مستوى مصر 


رد خالد بعقلانية و قال:

- يا جماعة مش كدا في إيه ؟!  المفروض إنكم كبار و عاقلين مالكم بس !! 


تابع حديثه و هو يدفعه برفق على المقعد، هوى أدهم بجسده على المقعد،  و نظراته لا تبرح تلك الماثلة بشموخ و عناد لا يعرف حتى الآن من أين أتت به، بدأت الاوضاع تهدأ شيئًا فيشئا ما إن سردت هالة ما يحدث لأخيها و كم الحروب الذي خاضها ليفوز بقلب شقيقة أدهم، و من الجهة الأخرى من نفس المكان كان أدهم يعارضها بين الفنية و الأخرى، وصلا العروسان خالد و شهد أخيرًا إلى حلًا يرضى جميع الأطراف ووافق عليه أدهم قائلًا بنبرة صارمة:

- أنا موافق بس بشرط الدكتورة دي متتدخلش في أي تخص أختي و لا تدخل لها بيت و من هنا لحد ما جوازة اخوها تتم يفضل تبعد تمامًا عن أي تفاصيل تخصهم أنا اخاف على اختي و.. ..


وثبت هالة عن مقعدها و قالت بنبرة مختنقة إثر البكاء الذي منعته بأعجوبة حين قالت:

- متقلقش يا دكتور أنا مستحيل ادمر بيت اتنين بيحبوا بعض واحد منهم اخويا و التانية صاحبتي 


التقطت حقيبتها بعنف ثم غادرت المكان،  نظر خالد لصديقه و قال بعتاب:

- ليه كدا يا أدهم اما ملكش حق بجد ملقتش إلا هالة طب دي أطيب خلق الله و الله 


رد أدهم بعصبية و قال بتوتر:

- أنا عارف بقى يا خالد أنا قلقان من كتر الكلام اللي بيتقال عنها 


ردت شهد و قالت بجدية قائلة:

- كان  اقول معاك حق في كلام و اعذرك لو أنا معرفش هالة بس هالة دي صديقة الطفولة و اتربينا مع بعض، متصدقش يا أدهم أي حاجة تتقال شوف بعينك و احكم بنفسك 


رد أدهم و قال بضيق:

- ايوة بس ازاي كل اللي اتجوزتهم مش حلوين فيها و هي اللي ملاك معلش مع احترامي ليكي بس الموضوع في حاجة غلط 


ردت شهد قائلة بهدوء:

- لا غلط و لا صح الموضوع و مافي إن هالة اتجوزت اتنين ابن عمها كانت بيحبها و بيحب نفسه اختار نفسه و خسر هالة بس لما طلبت منه يبعد عنه عشان مستحيل ترجع له تقبل كدا جدًا التاني لا التاني قالها ياتكوني ليا يا متكونيش لحد أبدًا و بدأ بقى شغل قلة الادب و رمي البلا و مرضتش تقول لأخوها عشان ما يضرش مركزه 


رد خالد و قال بهدوء:

- من الآخر كدا يا أدهم صوابعك مش زي بعضها زي ما جه اللي احترمها جه بردو اللي بهدلها من الآخر هي اللي ظلمت نفسها بنفسها


ختم حديثه قائلًا:

-و متزعلش مني يا أدهم مافيش راجل في الدنيا هايقبل إن راجل غريب يقوله تدخل مين بيتك ومين لا، لا و مين الناس دي أهله اللي هي أمه و أخته طب بالذمة تأمن على أختك معاه ازاي بعد كدا ؟! دا أنت المفروض تقلق يا دكتور يا مُتعلم يا فاهم بس أقول إيه دبش في كل تصرفاتك و كلامك و الله .


وقف أدهم عن مقعده متأففًا من عتاب صديقه  و الذي على ما يبدو أنه لن يتركه الليلة حتى يهدر بصوته متأسفًا لتلك الهالة 

غادر المكامن بخطواته الواسعة و السريعة قبل أن يفصل رأسه عن جسده، توقف أمام المصعد الكهربائي في انتظاره،  حاول خالد أن يعتذر له عن ما بدر منه لكنه رد بهدوء و قال:

- مش زعلان والله يا خالد أنا مضايق بس على العموم ليك زيارة تانية غير دي، دي مش محسوبة سلام 


غادر قبل أن يسمع رد صديقه،  خرج من المصعد متجهًا نحو سيارته وجدها تستند على عليها و هي  تكفكف دموعها بظهر يدها 

تردد في بادئ الأمر أن يقترب منها لكنه حسم تردده بخطواته الهادئة تجاهها وقف و قال بجدية و هو يضع يده في جيب سرواله 

- اتفضلي اوصلك 


عقدت ساعديها أمام صدرها و لم ترد عليه كرر عرضه لكن رأسها تحولت لحجرٍ صوان لا يلين 

جلس على حافة السيارة و قال بتساؤل

- طب أنتِ واقفة ليه هنا ؟ 


ردت هالة بنبرة مغتاظة قائلة:

- و أنت مالك يا بارد إيه التطفل دا !!  أنا مش سيبتلك المكان كله و مشيت جاي ليه ورايا بقى يا بارد ؟ !! 


رد أدهم و قال بغضبٍ مكتوم و هو يوصد عيناه بقوةً:

- يا صبر أيوب  أنتِ ليه لسانك طويل كدا ؟! 


تابع بنفس النبرة وقال:

- ثم اللي ركنة عليها دي أصلًا عربيتي 


نظرت هالة للسيارة ثم عادت ببصرها له و قالت:

- بقى العربية دي بتاعتك أنت ؟! مع إن شكلك يقول شحاتها 


وقف أدهم  و هو يشير بسبابته و قال بنبرة مغتاظة:

-  تصدقي أنا غلطان إن واقف معاكي بتكلم  

مع واحدة زيك 


اتجه نحو باب سيارته و استقل و هو يتمتم بكلماتٍ غير مفهومة يسبها،  كاد  أن يغادر  لكنه اطل براسه عبر النافذة و قال :

- ها تيجي اوصلك و لا هتفضلي مستنية التاكسي اللي طلبيتي و مش راضي يعبرك ؟! 


رفعت ذقنها بشموخ و قالت بعناد:

- لا 


رد أدهم بنبرة مغتاظة:

- احسن وفرتي و الله 


سارت بخطواتها الواثقة بعيدًا عنه،  نظرت للجرو الذي يقترب منها  قام بتحذيره و الرعب يدب في اوصالها قائلة:

- امشي امشي 


سارت بخطوات اشبه بالركض محاولة الفرار منه و قبل أن تطأ خطوة أخرى وجدت مجموعة كبيرة تفوق  جسد ذاك الجرو الذي تركته عادت للوراء بخطوات متعثرة، نظر لها و جدها تقترب منه طرقت على زجاج السيارة و قالت:

-  أستاذ ادهم أنا قبلت عرضك خلاص 


رد أدهم و قال بإبتسامة سمجة مصححًا اللقب :

-  الدكتور ادهم 

- طب يا دكتور أدهم  وصلني من فضلك 


أشار أدهم بيده تجاه الباب المجاور لبابه و قال:

- اتفضلي 


يتبع 


تكملة الرواية بعد قليل 

تعليقات

التنقل السريع