القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية لهيب العشق الفصل الثاني عشر 12بقلم سيليا البحيرى حصريه

 

رواية لهيب العشق الفصل الثاني عشر 12بقلم سيليا البحيرى  حصريه 





رواية لهيب العشق الفصل الثاني عشر 12بقلم سيليا البحيرى  حصريه 



#لهيب_العشق 

#سيليا_البحيري 

فصل 12

بعد عدة أيام ، مطار القاهرة الدولي – بوابة الوصول – الساعة 10 صباحاً

زحام، صوت نداءات الطائرات، عربات الحقائب، أسر تلمّ شتاتها… وسط الزحام، يدخل زين ممدوح العطار، 28 سنة، أنيق ببذلة سوداء فاخرة ونظارة شمسية، يسير بخطوات واثقة كأنه مالك المطار كله.

زين (يرفع نظارته قليلاً وهو ينظر للموظف عند الجمارك):

أهم شي، ما حد يلمس لي الشنطة الجلد… دي ماركة محدش في البلد دي يحلم يشتريها.

الموظف (بملل):

تمام يا باشا، بس لازم نمرّها على الجهاز.

زين (بتنهيدة متعجرفة):

طبعًا، كأن في أمريكا بيوقفوني كده. بس معلش، لازم أرجع أتعوّد على أساليب العالم الثالث.

(يمر من البوابة، ويتوقف لحظة ويخرج هاتفه الآيفون الأحدث، يتحدث بالإنجليزية)

زين (بصوت مرتفع متعمّد):

Yeah, just landed in Cairo. Place is as chaotic as ever. Honestly, I already miss Manhattan...

(ثم يضحك بتصنع)

I’ll survive. Barely.

(يُنهي المكالمة، يلتفت ليجد شاباً ينظر إليه باستغراب، فينظر له زين من أعلى إلى أسفل)

زين (بابتسامة ساخرة):

عجبتك البدلة؟ ولا شكلي مش لايق على مطاركم؟

(ثم يمشي بثقة، يقف أمام مرآة في العمود ويمشط شعره بأصابعه)

زين (بهمس):

رجعت يا مصر…

وزين ما بيرجع عشان يزورها… بيرجع عشان يملكها.

(ثم يخرج هاتفه ويتصل)

زين:

إياد… حبيبي!

فينك؟ أنا وصلت، بس لو هتخليني أستنى كتير، هطلب ليموزين من المطار، مش ناقصني تعب من أولها.

(ينظر حوله بازدراء بسيط)

قول لمحمود الكبير… حفيد اخوه رجع، وهيقلب الدنيا فوق تحت

**********************

في  فيلا العطار – حي راقٍ في القاهرة – بعد العصر بقليل

السيارة السوداء تقف أمام البوابة الحديدية. السائق يفتح الباب وينزل زين ببطء، بنظارته الشمسية وستايله الأميركي، يرمق الفيلا القديمة بنظرة تقييم.

زين (يغمغم لنفسه):

أوه… الريحة دي! تراب… وذكريات ماعرفهاش.

(تُفتح البوابة ويخرج الجد محمود بنفسه، وراءه الجدة مها، ثم أبناؤه: أدهم، مهاب، مازن – الذي يقف بعيداً – وزوجتا أدهم ومهاب، علا وأحمد، ثم إياد.)

الجد محمود (بابتسامة دافئة):

أهلاً… أهلاً وسهلاً بحفيد أخويا. نورت البيت يا زين!

زين (يخلع نظارته بتأنٍ ويطالعهم بابتسامة خفيفة):

الشرف لي يا جدو… دايمًا كنت أسمع عن حضرتك من والدي، بس اللقاء غير الحكي.

الجدة مها (تقترب منه وتربت على كتفه بحنان):

كبرت يا زين! آخر مرة شفناك كان عندك عشر سنين. بسم الله ما شاء الله، طالع زياد نسخة تانية!

زين (ينظر حوله):

أكيد البيت كبير، بس مفيش GPS جوة، هضيع لوحدي.

(الكل يضحك بخفة. أدهم يقترب منه ويصافحه بحرارة.)

أدهم:

أنا ابن عم ابوك… أدهم. أبو علا وأحمد.

زين (ينظر له من أعلى إلى أسفل ثم يبتسم باحتراف):

أدهم… آه سمعت عنك. مدير مشاريع صح؟ Nice.

(ثم يلتفت)

وده أكيد مهاب؟ أنت والد إياد، صح؟

مهاب (بهدوء):

بالضبط، ودي سلوى مراتي… نورتنا يا زين.

زين (ينظر لسلوى):

نورتوني أنتوا… والبيت محتاج بس شوية لمسات أمريكية ويبقى five stars!

(يضحك إياد بخفة ويقترب منه.)

إياد:

وأنا إياد… ابن عمك مهاب، تقريبًا أنا اللي كنت على اتصال معك بخصوص مجيئك.

زين (يصافحه بقوة):

وأخيراً شفتك! كنت فاكر صورتك على الواتساب فوتوشوب، بس أنت طالع فعلاً مصري وسيم.

(يضحكون جميعًا. ثم تلتفت الأنظار إلى مازن، الذي يقف خلفهم بصمت، مكتف اليدين.)

الجد محمود:

مازن… تعال سلّم على زين

(يتردد مازن قليلاً، ثم يقترب بخطى هادئة، ينظر لزين بتمعن.)

مازن (ببرود خفيف):

أهلاً وسهلاً… رجعت لمصر؟

زين (بثقة وابتسامة مغرورة):

رجعت أزور… ولو ارتحت، يمكن أشتري البلد.

(صمت لحظة، ثم ينظر للفيلا)

زين:

بس حقيقي… البيت عنده طابع كلاسيكي. ممكن نعمل فيه جلسات تصوير لبراند أزياء.

(ثم يلتفت بابتسامة)

طبعاً بعد ما نشرب الشاي المصري التقليدي.

الجدة مها (بضحك):

عندنا شاي بالنعناع يرد الروح. تعالوا يا ولاد، ندخل جوه، خليه يحس إنه بين أهله.

(الجميع يدخل، بينما مازن يظل واقفاً قليلاً ثم يتبعهم بصمت، ونظرة طويلة يلقيها زين على مازن قبل أن يدخل.)

*********************


الجد محمود (يرتشف من كوب الشاي، ثم يبتسم):

طمني يا زين… عامل إيه جدك ممدوح؟ له وحشة كبيرة، من أيام ما هاجر لأمريكا وما رجعش.

زين (بهدوء وابتسامة فيها لمسة فخر):

جدي ممدوح بخير الحمد لله… لسه محافظ على نظامه الصارم، وبيحب كل حاجة تكون مرتبة وبدقة.

الجد محمود (يضحك بخفة):

كان عنيد وأنا كمان… بس كنا بنحب بعض رغم الخناق!

الجدة مها:

وسلامته ابوك ، زياد؟ عامل إيه؟

زين (يعدل جلسته):

بابا؟ الحمد لله، شغال في شركة أدوية كبيرة هناك، وعنده لسه حلمه القديم يفتح فرع في الشرق الأوسط. ماما كمان بتسلم عليكم كتير… قالتلي: "ما تنساش تبوس إيد تيتا مها".

الجدة مها (بتأثر):

الله يسعدها يا رب… دا حلا كانت بنت مؤدبة جدًا. فاكرة فرحها كأنه امبارح.

مهاب (بلطف):

إنت ناوي تقعد فترة طويلة في مصر، ولا زيارة سريعة وترجع تاني؟

زين (يبتسم بنصف ثقة):

الصراحة… ما قررتش. بس يمكن أقدّم على تدريب في مستشفى خاص هنا، أو أفتح مشروع صغير… بابا شايف السوق العربي فيه فرص.

(ينظر لمازن دون قصد واضح)

بس محتاج أعرف الناس هنا الأول… وطبيعة المكان.

مازن (يرد بهدوء وهو ينظر إليه باهتمام):

تعرفهم… بس من غير أحكام مسبقة.

زين (يرفع حاجبه باهتمام):

أنا ما بحكمش… أنا بس بلاحظ.

(صمت لحظة. ثم تقاطعه علا بابتسامة):

وإيه أكتر حاجة مفتقدها من مصر؟

زين (ينظر لها بابتسامة شبه مغرورة):

بصراحة؟... ولا حاجة لسه. بس يمكن أكتشف قريب.

أحمد (يضحك):

واضح إنك مش سهل يا زين.

زين (ينظر له بثقة):

ولا بسيط كمان.

الجد محمود (يتدخل مازحًا):

طب نِفطر بكرة سوا ونوريك مصر على أصولها… مش بس مولات وكافيهات.

زين (ينهض بنشاط):

تمام… بس بشرط، تكونوا قد كرم الضيافة. أنا متعوّد على ستاندرد عالي.

الجدة مها (بحنان):

هتلاقينا نرفع لك السقف كمان يا حبيبي.

(تعلو الضحكات، بينما مازن ينظر إلى زين مطولًا دون أن يعلّق، كأنه يشعر بشيء غامض لا يستطيع تحديده.)

*********************


(بعد أن ينتهي الجميع من الترحيب بزين وجلوسه، يستقبل إياد اتصالاً على هاتفه المحمول، يقطع حديث الضحك.)

إياد (يرد بهدوء):

ألو… آه، تارا…

(يصمت قليلاً وهو يستمع، ثم يهز رأسه بخفة)

حاضر، هحل الموضوع وأكلمك… باي.

(ينهي الاتصال، ويلتفت للجميع بابتسامة بسيطة)

كانت تارا، في مشكلة صغيرة في العرض الأخير.

زين (يرفع حاجبه باهتمام، وعيناه تلمعان بفضول):

تارا؟

الاسم مألوف… كنت بدرس لطالبة بنفس الاسم في أمريكا. جميلة، ذكية… ومتمردة جدًا.

ادهم (يبتسم بخبث):

متمردة؟ يبقى فعلاً بتتكلم عن تارا بتاعتنا.

أحمد (مازحًا):

عارضة الأزياء الأولى في شركة العائلة! بس عندها دماغ أكبر من منصة عرض.

زين (نظراته تتيقظ):

عارضة أزياء؟ هنا في شركتكم؟

إياد:

آه، من حوالي سنة. انضمت كجزء من حملة جديدة للشركة، وأثبتت وجودها بسرعة.

زين (يتكئ إلى الوراء، وابتسامة خفيفة على شفتيه):

غريب… كانت شبه مختفية أيام الدراسة، ما كانتش اجتماعية أبدًا. بس دايمًا عندها نظرة… فيها حقد غريب.

(يسود صمت للحظة، وكأن الجميع شعروا بشيء غير مريح في كلام زين، لكنهم لا يدركون ما هو بالضبط.)

مازن (ينظر إليه ببرود معتاد، لكنه يحدق في زين مطولًا):

أحيانًا الناس بتتغير… أو بتغير شكلها بس مش حقيقتها.

زين (ينظر إلى مازن ويميل رأسه باهتمام):

وأحيانًا الحقيقة بتكون أذكى من إنها تظهر من أول نظرة، مش كده يا دكتور مازن؟

(ينظر الجميع لمازن الذي يصمت، وملامحه تتجمد، وكأنه غاص في ذكرى ما، لكنه لا يرد، فينقل زين بصره إلى إياد.)

زين:

هتشرفونا بعرض قريب؟ ولا لازم أطلب دعوة خاصة من "الآنسة تارا" شخصيًا؟

إياد (يضحك):

الدعوة جاهزة، ولو عرفنا إنك عارفها من زمان، هنبعت لها تبلغك بنفسها.

زين (نصف ضحكة):

أنا بحب المفاجآت… خصوصًا لما بتيجي من الماضي

*********************

في تاني يوم، في أوضة شيرين اللي فوق في فيلا الشرقاوي، كانت قاعدة على كرسيها المتحرّك، عنيها الزجاج مش سايبة حركة ثريا اللي دخلت من غير ما تخبط، شايلة فنجان قهوتها الغالية، وعلى وشها ضحكة كلها سُخرية.

ثريا (وهي بتقرب من شيرين بخطوات بطيئة):

– صباح الخير... ولا يمكن المفروض أقول صباح السكوت؟ (تضحك بسخرية)

شيرين بصتلها، من غير حيلة ولا قوة، عنيها مليانة حزن ساكن جواها من سنين.

ثريا (بتبص حواليها في الأوضة):

– لسه بيعاملوكي كإنك ملكة مع إنك... (بتوطي صوتها وببُص باشمئزاز) مومياء!

– يا شيرين، هتفضلي لحد إمتى كده؟ ولا بلاش أقولها بصراحة... هتفضلي عبء علينا لحد إمتى؟

شيرين رمشت بعنيها بسرعة، كأنها بتحاول ترد، بس جسمها مش بيساعدها.

ثريا (قعدت على الكرسي اللي قدامها، ورفعت رجل على التانية):

– أنا عارفة كويس إنتي ناوية على إيه...

جبتي ابنك وبنتك عشان تتسللوا جوّه العيلة، بتعملي فيها ضعيفة، بس الحقيقة؟ إنتي دُيب في جلد ضحية.

– أدهم؟ الشاب المؤدب ده؟

تارا؟ الموديل اللي شكلها ملاك؟

فاكرة إني عبيطة؟ إنتوا جايين تلطشوا في فلوس الشرقاوي، مش كده؟

شيرين بتتنفس ببطء، ودمعة نزلت على خدها في صمت.

ثريا (ابتسمت بخبث وهي بتقوم):

– دموع التماسيح دي مش بتمشي عليا، ومتنسيش، أنا مرات عمهم... ومش هسيبك تضحكي عليهم زي ما ضحكتي على سليم زمان.

يمكن همّا صدقوا حكاية "المسكينة" اللي أهلها رموها، بس أنا؟ لأ.

شيرين حاولت تحرك إيدها الشمال، كأنها عايزة تقول حاجة، بس صوتها مش طالع... بس عنيها كانت بتصرخ.

ثريا (فتحت الباب ووقفت قبل ما تخرج):

– اتبسطي في سكوتك... طول ما إنتي مش قادرة تدافعي عن نفسك، هاقول اللي على مزاجي.

ولو قررتي تسيبي الفيلا؟ أنا أول واحدة هافتحلك الباب... برجلي

ثريا كانت هتكمل سُخريتها، لولا الباب اتفتح فجأة بعنف، والجدران كلها اتهزّت من قوة الدفع.

دخل إياد، ووشه مولّع غضب، عنيه بتلمع زي شرارة نار، وصوته طالع زي هدير الزلزال.

إياد (بصوت عالي زي الرعد):

– ثريا!!!

(نظره بيروح ما بينها وبين شيرين اللي قاعدة مشلولة، بتحاول تمنع دموعها تنزل)

ثريا (بتاخد خطوة لورا، ومتلخبطة):

– إياد... أنا بس...

إياد (بيقطع كلامها بحدة):

– بس إيه؟!

جايبة نفسك على ست مش قادرة تتحرك؟!

قاعدة تشتمي وتذلي فيها وهي مش قادرة تدافع عن نفسها؟!

ده اللي قدرتي عليه؟! على شيرين؟!

ثريا (بصوت واطي وهي بتحاول تبرر):

– إياد، دي بتلعب على عطف العيلة... وجابت ولادها عشان...

اياد (بيصرخ، مقاطعها):

– كفــــــايــــــــة!!!

شيرين دي مش "دي"! دي مرات أخويا سليم!

سليم اللي كان أكتر من أخ ليا!

شيرين اللي شالت فوق طاقتها بكتير...

دي لما كانت صغيرة، الدنيا كلها كانت ضدها، إلا سليم... وإحنا!

وإنتِ دلوقتي جاية تهينيها؟ جوا بيتها؟!

ثريا (بتحاول تتمالك نفسها):

– بس يا إياد، أنا شايفة...

إياد (بيتقدّم منها، ووشه كله غضب):

– لأ، إنتِ مش "شايفة"...

إنتِ "تسمعي"!

شيرين لو فتحت بقها وقالت اللي في قلبها، يولّع الدنيا نار...

بس ربنا شايف... وأنا كمان شايف،

وكل مرة هتفتحي بقك عليها، هتلاقيني قدامك!

(بيبص لشيرين، وصوته يهدى، وعنيه فيها لمعة حزن):

– حقك عليّا يا شيرين...

سامحيني إني اتأخرت،

بس من النهاردة، مافيش حد هيلمّس كرامتك...

ولا يقربلك.

إياد (يبص لثريا بنظرة كلها قسوة):

– وانتي...

اخرجي من هنا... 

قبل ما أنسى إنك مراتي.

ثريا بصّتله بدهشة، عايزة ترد، بس الغضب اللي في صوته خلّاها تتشل في مكانها،

وبعدين خرجت من الأوضة وهي مليانة غيظ ومهانة.

إياد مشي ناحيت شيرين، وركع على ركبة واحدة قدّام كرسيها المتحرّك،

مسك إيدها بلُطف، وعنيه ابتلّوا من غير ما ينطق.

إياد (بصوت واطي ومكسور):

– سامحيني يا شيرين... سامحيني

**********************

ليل متأخر، في شقة فخمة في نيويورك. النور خافت، وسارة ماسكة كاس نبيذ بإيدها، لابسة فستان أسود شيك وقاعدة على الكنبة، ووشها مكشر، باين عليه الغضب والغيرة.

ديفيد، راجل أنيق بعينين كلها مكر، قاعد قدامها بيبص عليها وهو بيضحك بسخرية.

سارة (وهي بتتكلم بصوت مخنوق وبترفع كاسها):

– تارا الشرقاوي… المتكبرة دي.

والله العظيم مجرد ما بشوفها بحس إني عايزة أرجع!

ماشية عاملة فيها ملكة وكأننا كلنا تراب تحت رجليها!

ديفيد (بهداوة، وهو بيقرّب بجسمه لقدام):

– بس إنتي بتتكلمي عنها كتير أوي يا سارة...

هو إنتي غيرانة منها؟ ولا من إن كل مرة هي اللي بتكسبك؟

سارة (بحدّة وهي بتبصله):

– أنا؟ أغير منها؟

بلاش تفاهة يا ديفيد!

هي بس... دايمًا محظوظة، دايمًا بتاخد اللي هي عايزاه،

الناس بتجري وراها كأنها أميرة في فيلم!

وأنا؟!

أنا الأذكى، والأحلى، والمفروض أكون أنا اللي فوق! بس محدش شايف!

ديفيد (يضحك بخبث وهو بياخد رشفة من كاسه):

– شكلك كده واخدة الموضوع على صدرك جامد...

بس اسمعيني، تارا مش هتفضل فوق على طول.

حتى الملوك ليهم وقت وبيقعوا...

خصوصًا لما اللي بيكرهم يعرف إمتى وفين يضرب.

سارة (بفضول وهي بتبصله):

– وبتقترح إيه يا ديفيد؟

أنا مستعدة أعمل أي حاجة... بس أشوفها مكسورة، بتعيط، بتتوسّل!

ديفيد (عنيه بتديق بدهاء):

– أول حاجة، لازم نعرف كل أسرارها...

أسرار عيلتها...

أكيد ورا الضحكة الباردة دي حاجة سودة.

وأراهن إن أبوها مش بالبراءة اللي الناس فاكرينها...

وأمها اللي مشلولة؟ ممكن نلعب على الحتة دي...

سارة (تضحك بخفة، وصوتها كله سم):

– على فكرة، بابا فاكر إن جوازه من شيرين هيفتح له باب الشهرة والفلوس،

بس أدهم، الأهبل  ده، خدها وسافر بيها مصر!

وتارا كمان... كأنهم بيهربوا بحاجة...

ديفيد (بيهز راسه):

– أو بيخبّوا حاجة...

اسمعيني كويس يا سارة،

لو عايزين نوقّع تارا، لازم نعرف الأول إيه اللي مخبياه.

سيبيها عليا، وأنا هفتحلك باب لماضيها…

ماضي ممكن تارا تدفع حياتها تمنه.

سارة (بتبتسم بخبث):

– اعملها يا ديفيد…

خلّيها تركع، وأنا هخليك تملك نص الجحيم اللي أنا محضراه ليها.

ديفيد (يقوم، ويبوس إيدها بخفة):

– أنا ما بحبش الجحيم...

بس لو تارا فيه، أبقى أنا الشيطان اللي هيولّع النار


سارة (تضحك بتهكم وهي تستند إلى الأريكة):

– بالمناسبة، أتدري من أكثر شخص أشفق عليه؟

جاكلين... تلك الغبية الرخيصة التي كلفها أبي بمهمة "إغواء" أدهم الشرقاوي!


ديفيد (يرفع حاجبه باهتمام):

– جاكلين؟ تلك الممثلة الفاشلة؟

أعتقد أني رأيتها مرة... كثيرة التبرج وقليلة الذكاء.


سارة (تضحك ضحكة ساخرة):

– بالضبط!

كان أبي مقتنعًا أنها ستسيطر على قلب أدهم، ذلك الطيب الساذج،

تخيل! كان يعتقد أن فتاة مثل جاكلين قادرة على سرقة قلب ابن سليم الشرقاوي!


ديفيد (يضحك بخبث):

– وهل نجحت؟


سارة (تلوّح بيدها بسخرية):

– لمدة أسبوعين ربما...

أدهم أعطاها وردة... اصطحبها إلى مطعم...

كاد أن يصدق أنها "تحبه"...

لكن ما إن سافر إلى مصر مع مومياء والدته وتلك المتعجرفة تارا، حتى اختفى!

لا رسالة... لا اتصال... لا حتى نظرة وداع!


ديفيد (يبتسم وهو يميل نحوها):

– يبدو أن الغبية جاكلين تلقت صفعة العمر.


سارة (بخبث):

– وتستحقها.

كل من يحاول التقرب من عائلة الشرقاوي يفشل...

تلك العائلة محصّنة، وكأن الحظ يركع عند أقدامهم.


ديفيد (بعينين تلمعان مكرًا):

– أو لعلهم يخفون شيئًا… شيئًا يجعل الجميع يهابهم.

لكن صدقيني يا سارة، الحصون تُهدم من الداخل…

وربما جاكلين ما زالت تملك شيئًا نحتاجه.


سارة (تتوقف لحظة بتفكير، ثم تهمس):

– جاكلين؟

فكرة… قد نعيدها للمسرح مجددًا…

لكن هذه المرة، لن تكون أداتهم… بل أداة لنا.


ديفيد (بصوت خافت):

– تمامًا ما كنت أفكر به

***********************

[ليل – على شط البحر – السما ملبدة بالسحاب، والأمواج بتخبط بعنف كأنها بتعكس اللي جوا كريم]


كريم قاعد على صخرة بتطل عالبحر، عيونه حمرا من كتر البكا، وزجاجة فاضية مرمية جنبه، وإيده بترتعش من البرد… أو يمكن من الخوف، من الندم، من الحيرة.


كريم (بيهمس لنفسه، وصوته مكسور):

– أنا عملت في نفسي إيه؟ وهما عملوا فيا إيه؟

(يبص للبحر)

ليه أنا؟ إيه ذنبي أكون حفيد ست قاتلة؟ ابن مجرم؟

إيه ذنبي أعيش طول عمري منبوذ؟

ليه يا رب خلّيتني أعيش في البيت ده؟

ماكنتش عايز غير كلمة "يا ابني"... حضن... نظرة حنية، بس كده.


[ياخد نفس عميق من الهوا المالح، ويغمض عينه، كأنه بيحاول يسمع صوت جواه]


كريم (بمرارة):

– كنت دايمًا لابس وش القسوة...

بس جوايا؟

أنا طفل عنده سبع سنين لسه مستني يسمع أمه تقول له: "بحبك"، وأبوه يقول له: "أنا فخور بيك".

بس ما سمعتهاش… ومش هسمعها.


[يضرب الأرض بإيده بغضب، وبعدين يبص للسما]


كريم (بصوت مخنوق):

– حتى لما قلتلهم إني هفضحهم...

كنت بتمنى بس حد فيهم يوقفني...

حد يمسكني من إيدي ويقول لي: "ما تعملش كده، إحنا آسفين..."

بس لأ... كأنهم مبسوطين يشوفوني بفرقع... كأنهم مستنيين نهايتي.


[يبص للبحر تاني، كأنه بيكلمه]


كريم:

– البحر... إنت الوحيد اللي بيسمعني...

كل الناس خايفة من الحقيقة...

بس أنا تعبت، عايز حد يفهمني، عايز حضن مش حكم.

أنا ماكنتش وحش...

أنا كنت لوحدي.


[يطلع من جيبه سلسلة قديمة، فيها صورة باهتة ليه وهو صغير مع جدته من ناحية أمه، يبصلها بحزن]


كريم (بهمس):

– كانت دايمًا تقول لي جدتي من ناحية أمي: "إنت شبه الملاك"...

إنتي فين دلوقتي يا ستي؟

يمكن لو كنت عندك، كنت بقيت بني آدم بجد...


[دموعه تنزل من غير صوت... بس البحر هو اللي بيشاركه حزنه]


كريم (بيبص في الفراغ):

– لازم أقرر...

أكمل كده، تايه... مكسور...

ولا أواجه، حتى لو لوحدي...

أنا تعبت... تعبت.


[يقوم بصعوبة، يمسح دموعه، يقف قدام البحر، صوته هادي بس مليان وجع]


كريم:

– بكرة... هاروح لمحمود...

ولو مُتّ في السكة، على الأقل هموت وأنا واقف... مش مكسور


(طريق ضيق قريب من البحر – بعد نص الليل – نور خفيف – صوت البحر لسه مسموع في الخلفية)


كريم ماشي بخطوات تقيلة، راسه لتحت، وصوته الداخلي بيصرخ، بس ملامحه ثابتة كأنها حجر.


صوت بنت بيطلع من زقاق جانبي:

– "بليز سيبوني أمشي! قلت لأ!"


أصوات ضحك شباب مستفزة:

– "فاكرة نفسك إيه؟ متلعبيلناش دور الشريفة!"

– "تعالي نلعب شوية، وبعدين روحي برحتك!"


كريم بيقف، رافع راسه فجأة، عنيه بتتفتح على الآخر… يتحرك بسرعة، يجري ناحية الصوت.


(المشهد: تلات شباب بيتحرشوا ببنت خايفة، محشورة بين حيطين، بتحاول تهرب بس واحد منهم ماسك شنطتها)


كريم (بصوت عالي، جامد):

– "سيبوا البنت حالًا، قبل ما تندموا!"


الشاب الأول (بيضحك):

– "وإنت مين يعني؟ سوبرمان؟ خليك في حالك يا نجم، مالكش دعوة..."


وقبل ما يكمل، كريم يضربه بوكس جامد في وشه، يقع في الأرض!


كريم (عنينه نار):

– "قلت سيبوها!"

(يهجم على التاني، يضربه في بطنه، التالت يهرب فورًا)


رونق واقفة مصدومة، جسمها بيرتجف، عينيها مليانة دموع، بتعدل طرحتها وبتحاول تاخد نفسها.


كريم (بيبص لها وبيمد إيده):

– "إنتي كويسة؟"


رونق (بصوت بيرتعش):

– "آه... شكرًا... كنت حاسة إنهم هيقتلوني..."


كريم (بيحاول يبين قوي، بس صوته حنين):

– "ولا كانوا هيقربوا منك حتى... إنتي دلوقتي في أمان."


(لحظة سكون، هي بتبص له بشكر حقيقي، وهو بيبصلها بنظرة مختلفة... كأنها أول مرة من سنين حد يبص له من غير كره)


رونق (بصوت واطي):

– "أنا اسمي رونق... شكرًا ليك... إنت أنقذتني."


كريم (بيبص بعيد وهمس):

– "أنا مش بطل... بس ما قدرتش أشوف الظلم وأسكت."


رونق (بتبتسم بخجل):

– "لو كل الناس زيك، كانت الدنيا لسه بخير."


(يمشوا سوا نحية الطريق العام، خطواتهم بطيئة، بس جوا كريم... نور صغير ابتدا يولع من جديد)

******************

(سطح مبنى عالي بيطل على البحر – الهوا شديد – الليل هادي بس فيه أسرار كتير)


راجل واقف على الحافة، لابس بالطو غامق، ملامحه مش باينة – قدامه منظار ليلي، بيراقب بيه كريم اللي قاعد مع رونق على الرصيف، بيتكلموا بهدوء


صوت الراجل – كلام داخلي بصوت واطي ورايق:


"كريم... حفيد اللي زَرَع الخراب... وابن اللي ما عرفش الحنية."


"أنا كنت بتابعك من وإنت عيل صغير، بتبلع دمعتك وتهرب في الضلمة... زيي بالظبط."


"أنا عارف قلبك... عارف وجعك... وعارف النظرة اللي بتقول: 'أنا ما استاهلش حد يحبني'."


(بيبص للسماء، كأنه بيكلم ربنا أو القدر)


"بس هو يستاهل... وأكتر كمان... لأنه ما بقىش شيطان، رغم إن كل حاجة كانت ممكن تحوّله."


"سعاد... يا اللي كنتي زَي العاصفة، دمّرتي كل حاجة، هتدفعى التمن. بس... مش من إيدي بس."


(يبص تاني من المنظار، ويبتسم ابتسامة خفيفة)


"كريم... إنت حتة النور اللي ما طفيتش خالص... إنت السلاح اللي هيقلب الموازين، حتى لو ما كنتش واخد بالك."


"كمل يا فتى... قاومهم، قاوم نفسك... وقوم."


"أنا وراك، همهّد لك الطريق من غير ما تشوفني... لحد ما ييجي وقتنا."


(ياخد نفس عميق، يقفل المنظار، ويمشي بعيد بخطوات ثابتة في عتمة الليل...)

***********************

في  فيلا عائلة الشرقاوي – قاعة الطعام – طاولة فخمة طويلة – الشموع مشتعلة، الطعام مرتب بعناية – الجو دافئ لكنه مشحون


الحاضرون: الجد عادل، الجدة صفاء، زين ومنار وابنهما ياسر، إياد وثريا وابنهما تميم، تارا، أدهم، وشيرين على كرسيها المتحرك تجلس بجوارها الممرضة الجديدة 


الجدة صفاء (بابتسامة دافئة):

– الحمد لله إنكم قررتوا ترجعوا مصر يا أدهم... البيت كان ناقصكم.


الجد عادل (ينظر إلى شيرين بحنان):

– وأنتِ يا بنتي... شيرين، مهما طال البعد، مكانك دايمًا وسطنا.


أدهم (بصوت هادئ ومؤدب):

– شكراً يا جدي... ماما كانت دايمًا تحكي عنكم، وتقول إن أحن قلوب شافتها كانت هنا.


ياسر (مازحًا وهو يمد يده لتميم):

– بس خلينا نعترف، تميم وأنا كنا مشغولين بالتحريات... لازم نعرف نية العودة دي إيه بظبط!


ضحك خفيف على الطاولة – الجو كان دافئًا حتى الآن


ثريا (ترفع حاجبها بنظرة لاذعة، تتظاهر بالبراءة):

– بصراحة بقى، أنا عندي نظرية تانية... شيرين رجعت مش عشان “استقرار” ولا عشان تشوف عيلتها.

(تبتسم بسخرية، وتكمل بنبرة باردة)

– دي راجعة عشان تفتن بين الإخوة... يمكن عينها على زين، يمكن على إياد!


(صمت ثقيل يسقط على الطاولة فجأة – الجميع يحدق بها بذهول)


صفاء (بصوت مخنوق):

– ثريا!!! إنتي اتجننتي؟!


إياد (بغضب مكتوم):

– في عشا وفي ضيوف وفي أم مشلولة قاعده قدامك، انعدمت تربيتك ولا إيه؟!


زين (ينظر لها ببرود، ثم إلى منار):

– معلش يا منار، أنا ما عادتش فاهم إزاي مرات أخويا بتتكلم كده ومحدش رباها من أول يوم


تارا (تنهض فجأة، عيناها مشتعلة بالغضب، صوتها حاد كالسيف):

– كفاية!!!

(تتقدم بخطى واثقة نحو ثريا، نظرتها قاتلة)

– لما كانت أمي بتتعذب بالشارع، انتي كنتي بتشتري شنطة ماركة...

– لما كانت أمي بتتهان، كانت ساكتة، مشلولة عن الرد، بس أنا... مش مشلولة.


ثريا (تتراجع قليلًا، تحاول أن ترد بسخرية):

– البنت اتجننت!


تارا (تقترب أكثر، بنبرة منخفضة ولكنها تهز المكان):

– لا... أنا فقت.

– ومش هاسمحلك تلمسي كرامة أمي ولو بكلمة.

– وأقسم بالله، لو فتحتِ بقك مرة تانية بكلمة عنها...

(تقترب أكثر، تنحني نحوها وتهمس)

– هخليكي تتمني الشلل بنفسك.


(ثريا تصمت، مذهولة من التهديد الذي لم تتوقعه من "البنت الصغيرة")


الجد عادل (ينهض غاضبًا):

– كفاية!

– أنا اللي مربيكم، وعمري ما شفت وقاحة زي دي!

– شيرين بنتي قبل ما تكون مرات ابني، والي يزعلها يزعلني أنا شخصيًا.


الجدة صفاء (بدموع بعينيها):

– يا ريت سليم كان هنا وشاف بنته، كيف واقفة تحمي أمها زي الأسد.


أدهم (يمسك بيد والدته، ينظر إلى الجميع):

– أمي عمرها ما طلبت منكم شي... بس كرامتها فوق كل اعتبار.


ياسر (ينظر إلى تارا بإعجاب):

– واضح إن اللي بيفكر يقرب لأهل سليم لازم يفكر مرتين.


تميم (نفسه بصوت خافت):

– أو يخاف من تارا الشرقاوي


[إياد ينهض من مقعده فجأة، ينظر إلى الجميع بنظرة صارمة، ثم يوجه عينيه مباشرة نحو ثريا، بصوت هادئ لكنه حاد كحد السكين]


إياد:

– كفاية سكوت.

– بقالي سنين ساكت، وبتغاضى، لكن كل شيء وله حدود...

(ينظر إلى شيرين بحنان ثم يتحدث بصوت قوي)

– شيرين مش بس مرات أخويا… دي أختي، بنتي، عرضي… واللي يهينها ينهيني أنا.


ثريا (بانفعال، تنهض من مكانها):

– يعني إيه يا إياد؟! بتدافع عنها بالشكل ده؟! ما خلتلهاش أهل غيرك؟!


إياد (بثبات ونبرة صادمة):

– آه… يمكن ما خلتلهاش، وعلشان كده أنا قررت أكون أهلها بجد.

(ينظر إلى الجميع ثم يعلن بصوت مدوٍّ)

– أنا هتجوز شيرين.


[الصدمة تعم المكان… الجدة صفاء تفتح عينيها بذهول، الجد عادل ينهض متشنجًا، تميم وياسر يحدقان في بعض مذهولين، تارا تحدق  في إياد كأنها لا تصدق]


صفاء (بصدمة):

– إياد! إنت بتقول إيه؟!


زين (واقف، صوته متردد):

– إنتَ واعي على اللي بتقوله؟!


إياد (بهدوء لكن بحسم):

– جدًا.

– أنا شايف إن شيرين تستحق راجل يحترمها، يوقف معاها، يحميها من أشكال ثريا.

– واللي زاد وغطى، إن ثريا نسيت نفسها تمامًا… وبقى لازم تتربى.


ثريا (بانفجار غاضب):

– تتجوزها؟! وهي مشلولة؟! وهي... وهي مرات أخوك؟! إنت اتجننت؟!


إياد (بهدوء قاتل):

– على الأقل هي مش وقحة... ومش حقودة... ومش بتاكل في لحم الناس اللي مالهاش غير ربها.

– وأيوه، هتجوزها...

– ومش بس كده...

(ينظر لها باحتقار)

– من اللحظة دي، لو عايزة تفضلي في البيت... هتبقي خدامة عند شيرين.

– تساعديها، تطبخي ليها، تلبسيها... وتتربّي شوية على إيد إنسانة أنضف منك مليون مرة.


[صمت مدوٍّ… ثريا مصدومة، الدموع تلمع في عينيها لكنها مليئة بالغضب، لا تقدر على الرد]


تارا (بهمس وهي تنظر لإياد بذهول وإعجاب):

– مستحيل…


ياسر (لنفسه، مبهور):

– ده عم إياد قلب الطاولة!


الجد عادل (بصوت قوي، حازم):

– لو ده قرارك يا إياد... أنا مش هعارضك.

(ينظر إلى ثريا باحتقار)

– إحنا اللي غلطنا لما قبلنا وقاحة زي دي تدخل بيت الشرقاوي.


الجدة صفاء (بدموع):

– يا ريت سليم شايفك دلوقتي... كان هيفتخر بيك.


أدهم (يمسك بيد والدته، يهمس):

– سامعاه يا ماما؟ في ناس لسه بتحبك بجد.


[شيرين تنظر إلى إياد والدموع تتساقط من عينيها بصمت، تعبير وجهها لا يوصف – مزيج من الصدمة والامتنان]


إياد (يتقدم نحوها، يجثو على ركبته، ينظر في عينيها):

– لو كنتي تقدري تقولي حاجة، عارف إنك هتوافقي... بس أنا هفضل جنبك مهما حصل...

– مش علشان شفقة، لأ…

– علشان انتي من أغلى الناس اللي دخلت حياتنا... وآن الأوان تاخدي مكانك اللي تستحقيه


تميم (بصوت هادئ لكنه واضح):

– بابا…

– قبل ما تقول أي حاجة تانية… اسمحلي أقول كلمة.


[الكل يلتفت إليه… تارا تنظر إليه باستغراب، وادهم يتابعه بنظرات فضولية]


تميم (ينظر لوالدته، ثم يشيح ببصره بحزن):

– ماما… طول عمري بحبك، وبحترمك، بس…

– اللي عملتيه النهاردة… عيب. كبير كمان.

– مدام شيرين مش بس مرات عمي الله يرحمه، هي أم لناس بحبهم زي إخواتي.


ثريا (بانفعال):

– تميم! إنت كمان ضدي؟! أنا أمك!


تميم (بنبرة جادة لأول مرة):

– أنا مش ضدك… أنا ضد تصرفاتك.

– وأنا ضابط مخابرات يا ماما… يعني عارف كويس قيمة الناس، والكرامة، والوفاء…

(ينظر إلى شيرين)

– الست دي شالت حاجات كتير، واتحملت فوق طاقتها…

– ولما رجعت، رجعت برقي… وبرأس مرفوعة، رغم إنها ما بتقدرش تتحرك أو تتكلم.


[ينتقل بنظره إلى والده إياد، بابتسامة فيها مزيج من الاحترام والحب]


تميم:

– وأنا فخور بيك يا بابا…

– لأنك وقفت مع الحق، ومع الطيبة… وواجهت الكره بالحُب.

– ولو فعلاً قررت تتجوزها… فأنا أول واحد هيكون شاهد على الجوازة دي، ومش بس كده…

(ينظر إلى شيرين بلطف)

– أنا هكون ابنها التاني… زي ما كنت دايمًا.


[الجد عادل يربت على كتف تميم بفخر، وصفاء تمسح دموعها، وياسر يصفق بخفة كأن الموقف أبهره]


ياسر (نص ساخر، نص جدي):

– والله يا ابن عمي طلعت أحن مننا كلنا… إنت مش بس ضابط، إنت فارس زمانك يا تميم!


[تارا تنظر إلى تميم بعيون دامعة، ثم تهمس]


تارا:

– شكراً يا تميم…

– فعلاً… أنتوا العيلة اللي كنا محتاجينها زمان.


[شيرين تحرك يدها بصعوبة نحو تميم، كأنها تحاول لمسه… تميم ينحني بسرعة، يقبل يدها بلطف، ويبتسم]


تميم (بهمس):

– أنا ابنك، وهنفضل نحميك… دايماً


ثريا (بصوت مرتفع مليء بالهستيريا والغضب):

– إنتو كلكم اتجننتوا؟!

– وحدة مشلولة داخلة علينا من آخر الدنيا، فجأة تبقوا كلكم عبيد عند رجليها؟!

– وِلا إيه؟ أنا اللي غلطانة لأني شايفة الحقيقة؟!


[تضرب الطاولة بكفها، والكؤوس ترتجف، وتارا تشد على يد شيرين بقلق، أما تميم فيطأطئ رأسه بخجل]


ثريا (توجه كلامها لإياد):

– تتجوزها؟! أنا مراتك! أم ابنك! وتيجي تقوللي هتخليني خادمتها؟!

– ده اسمه إذلال! ده اسمه جنون!


[إياد ينظر إليها بهدوء مرعب، يضع شوكته وسكينته على الطبق، يمسح فمه بمنديل، ويقف ببطء]


إياد (بنبرة حاسمة وباردة):

– أخيراً يا ثريا… بينتي وشّك الحقيقي.

– كرهك لشيرين مش جديد… لكن وقاحتك دي وصلت حدود ما ينفعش أعديها.


[يقترب منها خطوة بخطوة، وعيناه لا تتركانها]


إياد:

– شيرين جت هنا وهي في أضعف حالاتها…

– وانتِ ما لقيتيش غير إنك تطعنيها بكلامك وتقللي من قيمتها؟

– تعرفي يا ثريا… أنا فعلاً فكرت أتجوزها. بس مش علشان أغيظك.

– علشان أحميها… من أمثالك.


[ثريا تتراجع للخلف، ووجهها متشنج]


إياد (ينطقها كالقاضي):

– قدامك خيارين وبس:

– يا إما تلمي لسانك وتخدمي شيرين بنفسك…

– يا إما تلمّي شنطك وتطلعي من الفيلا دي… ومش هتشوفيها تاني طول حياتك.


[صمت تام… الجميع مشدوه. تميم ينهض سريعًا واقفًا بجانب والده، يحط يده على كتفه دعمًا، وياسر يصفر بدهشة وهو يهمس:]


ياسر:

– دي مش قنبلة… ده زلزال رسمي!


[الجد عادل يهمس لصفاء]:

– إياد رجع للهيبة اللي نعرفها…!


[ثريا تفتح فمها لترد، لكن لا تجد كلمات… تتراجع خطوات إلى الخلف، تنظر للجميع وكأنهم أعداؤها الآن، ثم تلتفت فجأة وتخرج من القاعة غاضبة، ودموع القهر في عينيها]


[شيرين تراقب بصمت، وجهها جامد لكنه يحمل لمحة خفية من النصر، بينما تارا تحني رأسها نحو والدها الثاني – إياد – وتهمس:]


تارا:

– شكراً… من قلبي.


[إياد يربت على رأسها بلطف]


إياد:

– وأنا كمان… اعتبريني أبوك من النهارده يا تارا… انتي وادهم أولادي قبل ما تكونوا ولاد سليم.

يتبع

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا




تعليقات

التنقل السريع