القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بين الحب والانتقام الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الهدى حصريه

 

 

رواية بين الحب والانتقام  الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الهدى حصريه 


رواية بين الحب والانتقام  الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الهدى حصريه 



وعد كانت لسه متفاجئة من وجود حازم… حتى مش أخوها يوسف الى توقعته قرب منها وقال

– بتعملي إيه هنا؟


ردّت بتلعثم:

– أنا… كنت بتمشّى شوية… وبشوف تاكسي.

سكتت لحظة وسألت:– إنت اللي بتعمل إيه هنا؟


لاحظ دموعها… عينيها كانت فاضحة رغم محاولتها تخبي.

قال بهدوء:– إنتي بتعيّطي؟


مسحت وجهها بسرعة وقالت:

– لا… كنت بتفرّج على فيلم مؤثر بس.


رفع حاجبه بعدم اقتناع… بس طنش:– كنت بزور صاحبي…

أشار للعربية:– اركبي أوصلك بدل التاكسي.


وعد:– لأ، شكراً.


ابتسم بخفة:– إيه المانع؟


سكتت… مش قادرة تقول إنها مش لاقية مكان تروحه.


فتح لها الباب بإصرار:– مينفعش أسيبك واقفة كده.


همست وهي متوترة:– أنا… مش هروح البيت.


اتفاجئ… قال– طيب… هأخدك المكان اللي إنتي عايزة تروحيه.


قالت بحدة تعبانه:– مش حمل أسئلة من حد.


سكت لحظة…

عقله مليان ميت سؤال فعلاً، لكن صوته كان هادي وهو يقول:

– مش هسألك عن أي حاجة… وعد.


 ركبت بدون كلمة.

ساق حازم السيارة… وخرجوا من المكان كله.

الجو كان صامت… لكن صمت تقيل.


بعد دقائق قال حازم بهدوء:– ممكن أسألك سؤال؟


قالت وعد:– قف.


:– أهدي… أنا قصدي أسألك عن المكان اللي أوصلك عليه.


سكتت وعد شوية…

بعدها همست:

– زايد… ودّيني هناك.


أومأ حازم بدون تعليق…

مع إنه عارف كويس إن المكان بعيد جداً عن بيتها الأصلي…

لكن ما قالش ولا كلمة.


كان سايق بهدوء…

وعينه بتخونه، كل شوية يبص عليها من طرف عينه.


هي ساكتة…باصّة من الشباك كأن الطريق بيبلعها.


لاحظ حاجة…إيدها.فيها جرح… متعورة.


لمحته…وقبل ما يقول أي حاجة، وعد حسّت بنظراته،

فسحبت دراعها بريبة… كأنها تحمي نفسها حتى من مجرد نظرة.


حازم رجّع عينه للطريق…والأسئلة محشورة في زوره لكنه فضل هادي…

خرج منديل من جيبه، ومدهولها بصمت.


وعد اتفاجئت لأنها فهمت نظراته غلط لكن كان بيبص لجروحها… مش بيحكم عليها.


خدت المنديل…وأول حاجة عملتها إنها مسحت دمعة نزلت غصب عنها.


قال حازم – واضح إنك حساسة أوي يا وعد…الفيلم يأثر فيكي بالشكل ده.


سكتت…واتسحبت ذاكرتها فورًا لمشهد أبوها… علي… البيت… الطرد…

وقالت بمرارة هادئة:

– فيلم واقعي…متخيلتش إني في يوم أشوفه…شيء مضحك، مش كده؟


حازم بص لها وسال– في حاجة حصلت معاكي؟


وعد– اتفقنا… مفيش أسئلة.


حازم– عندك حق… بعتذر.


بص قدامه وقال بنبرة صادقة:

– لكن… لما تحبي تتكلمي… أنا موجود.


 وعد – على أساس إننا هنتقابل تاني؟


بص لها… وابتسامته كانت مختلفة.شبه يقين وهو يقول:

– الطرق كلها… بتحطك قدامي يا وعد…


وعد قالت ببرود– لو قصدك على صدفة الطريق… فهي فعلاً مجرد صدفة.


حازم هز راسه:– مش أول مرة.أنا لما شوفتك في الكلية عند نهال… كانت أول مرة أعرف إنك في علوم… وإنك بنت بدران الى اتكلمو عنها.


وعد اتفاجئت:– كنت تعرفني؟!


ابتسم حازم ابتسامة خفيفة:– مش معرفة شخصية…بس من بابا… لحد ما شوفتك بنفسي…وساعتها وافقت على طلبهم لإيدك…مع إني – زي ما بقولك – مش بحب جواز الصالونات.


وعد – انت وافقت؟!


– آه…أنا اللي طلبت إيدك.


وعد نظرت له بعدم فهم:– ليه؟…مده جواز صالونات.


رد حازم بهدوء نادر:

– لما شوفتك… محسّتش كذلك لانى أعجبت بيكي.


الصمت وقع.في اللحظة دي…وعد اتذكرت.

كم مرة رفضت تشوفه…كم مرة قالوا لها “ابن فلان طيار حاي واهله زباره لابوكى ولازم يشوفك” وهي قالت لأ…كم مرة شافته في الجامعة…كل البنات حواليه يضحكوا…هو ببدلة الطيران… كاريزما… وهي قالت “مغرور… وعلاقاته كتير”فتفادته…وما خطرش في بالها إنه هو كان معجب بيها.


صوته قطع شرودها:

– اللي نادالك يومها في الكليه لما كنت معاكي…كان حبيبك؟


وعد بصتلـه فجأة… افتكرت على

قال حازم–  صح…… مش كده؟


وعد قالت وهي تحاول تهرب من السؤال:

– بتقول إيه؟


حازم بهدوء منطقي:– نظرته ليكي… ونظرتك ليه… تدل على كده.

أو إنه قريبك؟!


وعد بانفعال واضح:– خلاص… كفاية كلام.


سكت حازم فورًا.احترم حدودها… وسكت وركز فى قيادته


وعد لفت وشها ناحية الشباك. الظلام برة… بس جواها كان أظلم.


الطريق كله بعدها… صمت.لا موسيقى، لا كلام…

فقط صوت أنفاسها المتقطعة، ونبض قلبها اللي بيحاول يستوعب إنها دلوقتي… وحيدة.


وصـل.العربية وقفت قدّام فيلا زايد.

نزلت وعد…وقفت لحظة…بصّت له من الشباك قبل ما يقفل.


كان يستحق كلمة شكر… يمكن أكثر من شكر.

قالت بهدوء – شكرًا يا حازم.


حازم بهدوؤ – العفو.


بص للفيلا فهل هتعقد فيها لوحدها متكلمش وبعدها حرّك العربية ومشي.


وعد وقفت لوحدها… قدام الفيلا.الليل سكن…الهواء بارد…والفيلا صامتة بشكل مخيف.فتحت الباب…دخلت.


الصمت يوجع.مفيش أصوات…مفيش أرواح…كانت دى الفيلا اللي كانوا بيقضوا فيها الإجازات زمان…بقت دلوقتي… ملجأ الهروب.


والسؤال اللي خبط عقلها بقوة:> "لو بابا عرف إني هنا…هطرد تاني؟

ولا المرة دي…هي..قتلني؟"

الفيلا كانت نضيفة… مرتبة… فيها ريحة نشاط حديث.يعني حد بييجي هنا…

حد بينضف…حد ممكن يدخل في أي لحظة.

وهنا الخوف ضرب قلبها.لو الفيلا مراقبة…بابا هيعرف إنها هنا…

بابا اللي كان زمان يعني "أمان"…اللي كانت متأكدة إنه هيقف معاها حتى لو غلطت…اللي كانت واثقة إنه مش هيسيب الفاعل الحقيقي…


دلوقتي…بقى هو التهديد.نص الظلم اللي اتعرضت ليه… جه منه.


دمعة نزلت…بس مش دمعة بس…كانت وجع، خزي، خذلان.


حست إنها اتظلمت من الكل.من علي…من أهلها…من الدنيا…ومن نفسها كمان..ترجع تقول

"أنا السبب؟"

لو مكنتش حبيته… لو مكنتش صدقته…


لكن عقلها يرد:> لو مكنش حصل كده…هل كنتِ هتعرفي نظرة أبوكِ الحقيقية ليكي؟هل كنتِ هتعرفي إنه شايفك أقل… بسبب أصلك؟


تذكرت الكلمة اللي قت.لتها أكثر من أي صفعة:

"كان لازم أعرف إن دم أمك لسه بيمشي فيكي…

كان لازم أعرف إن معندكيش شرف…بتفضلى بنت تربية ملاجي."


الجملة دي…رُشِقَت في قلبها زي سكينة.

هي؟!اللي عمرها ما قللت من حد اللي كانت بتحترم أبوها…اللي كانت شايفة إنها غالية عنده…يطلع شايفها "بنت ملاجي"؟

وهو…جرّدها من لقب "بنتي".ووسط كل دا…

تسمع صوته جوا دماغها لعلي


> "أنا محبتكيش أصلااا."


الجملة دي خلت روحها تتجمد.إزاي،إزاي قالها ببرود؟إزاي استقوى عليها وهو أكتر واحد عرف ضعفها؟


دموعها نزلت بصمت…عيونها بتسأل:


> أنا عملتلك إيه يا علي؟ ليه دمرتني بالشكل دا؟ ليه رميتني لوحدي؟

ليه خليت كلهم ضدي؟

الحيطان كانت الشاهد الوحيد على انهيارها…الصمت كان مخنوق…

الهوا بارد…نامت على الكنبة…بدون لحاف… نامت بنت كانت أميرة في بيتها…

والنهاردة… مشردة.


نامت في برد الخريف برد الجو…وبرد القلوب.

وهي بتغمض…كان آخر إحساس في قلبها:

> "أنا لوحدي…طول عمرى كنت لوحدى"

---------


في المكتب… كان الدخان مالي الجو.بدران قاعد على الكرسي ووشه واجم، قدامه الطفاية مليانة… ١٥ سيجارة متطفية فيها.


فتح الباب دخل يوسف.


بدران (من غير ما يبص):مش قولت محدش يدخللي؟


يوسف (واقف قدامه بثبات نسبي):بابا… لازم نتكلم بخصوص وعد.مش ملاحظ إن اللي حصل غريب؟


بدران بعصبية:متذكرليش اسمها!


يوسف:الموضوع فيه حاجة نش مفهومه… وبعدين طردك ليها غلط.


بدران مسك اختبار حمل ورمهوله وقع على الأرض عند رجله 


بدران (بصوت مبحوح من الغضب):عارف إيه الغلط؟إني مقتلتهاش على اللي عملته!بس… أول ما أعرف مين عمل فيها كده…هشرب من د..مه.


يوسف -وعد غلطت… جامد غلطها انا ذات نفسي يخلينى مش قادر اصدق الى حصل.. بس كلنا عارفين علاقتها بـ علي…وكانوا قريبين جدًا،إزاي فجأة بقوا بيحدفوا التهم على بعض كده؟


بدران بيرفع صوته-عشان كشفهاااااا!


وقف من مكانه بغضب، عينه مولعة.

بدران: عارف الحرامي لما يسرق ويتكشف…أول حاجة يعملها؟يرمي التهمة على غيره!وده اللي هي عملته!


يوسف بحزم:بس هي رمتها على عمي…كان لازم نسمعلها.


بدران ساخر ومرير:نسمع لكدبها؟مين شافها غير علي؟هو الوحيد اللي كان معاه دلايل!هو أدّاني حقيقة كلامه…هي كان معاها إيه؟ولا حاجة.


يوسف فتح بقه… لكن سكت.

بدران: هي نفسها اتخرست…لما لقت نفسها اتكشفت قدامنا!


سكت يوسف، شد نفسه : أنا بدوّر عليها…وحبيت أعرفك.بدران رفع عينه له… نظرة نار من بدران ويوسف خرج منغير ولا طلمه وقفل الباب وراه

بدران خبط إيده بكل قوته على المكتب…

عينه كانت حمرا….

--------

نادين ـ الأسبوع ده الفرح؟!.. بسرعة دي؟

قال علي بهدوء متماسك ـ اعتراضك إيه؟


قالت نادين : ـ اعتراضي عمره ما كان عليك، بس أنا عايزة أعمل كل حاجة زي أي بنت تانية… مش معنى إني ف التلاتين أتجوز بالسرعة دي زي...


قاطعها علي ـ مين قالك إني همنعك؟ كل حاجة هتتعمل زي ما تحبي.


قالت نادين بدهشة: ـ في أسبوع؟!


قال علي وهو بيبص في ساعته كأنه بيحسب كل ثانية:

ـ آه… لو في اعتراض تاني، بلّغيني بسرعة، عشان وقتي...


قالت نادين بسرعة وهي بتحاول تمسك أعصابها:

ـ تمام يا علي… أنا هسافر معاك، مش كده؟


بصّ لها وقال بجديّه ـ ماعنديش حتّة أسيب فيها مراتي في بلد وأسافر أنا لبلد تانية.


ابتسمت نادين ابتسامة صغيرة، الكلمة علقت في ودنها: "مراتي"…

لكن قبل ما ترد، رنّ تليفونه.


بص علي للشاشة…

"مالك".


قام يمشي شوية بعيد وردّ:ـ عملت إيه؟


جاله صوت مالك - أنا… مش لاقيها.


وقف علي مكانه، وشه اتبدّل، وعينه بقت حادة جدًا:

ـ يعني إيه مش لاقيها يا مالك؟


– دوّرت عليها في كل الشوارع القريبة من الفيلا… اختفت. ممكن تكون ركبت تاكسي، مش عارف بالضبط.


ابتلعت كلامه كلمة واحدة حادة من علي:– حالًا أعرف مكانها ومع مين.


قال مالك مترددًا:– ممكن تكون راحت لحد من معارفها.


أمره علي بصوت جليد:– لو عند «الجن الأزرق» اعرفوهولي فورًا.


قفل علي التليفون وهو ماسكه بقوة، مشي من مكانه في اللحظة دي شاف يوسف خارج ياخد عربيته وبيتكلم ف التليفون

– اعرفلي مكانها وسيب اللي في إيدك وروح دور عليها.


انطلق يوسف بالسيارة، والحراس فتحوا البوابة بسرعة. علي وقف للحظة ينظر للخارج، اتأكد أن يوسف خرج فعلاً ليبحث عن وعد


---

صحيت وعد في اليوم التاني على وجع غريب، حطت إيدها على بطنها بتوجع، وقعدت على السرير مش فاهمة مالها.

قالت بصوت متقطع:

– ب... بابا؟


مفيش رد.

زادت شهقتها وقالت بصوت متألم:

– آه... بابا، الحقني...


بس مفيش أي صوت بيرد عليها.

بصّت حواليها، شافت المكان... الفيلا دي مش بيتها!


الدموع لمعت في عينيها، وقالت بصوت مخنوق:

– يو... يوسف؟


ماحدش رد. الإحساس بالوحدة كان بيزيد معاها كل ثانية.

قامت بصعوبة، وهي بتحاول تاخد نفسها وسط الوجع اللي لأول مرة تحس بيه بالشكل ده. دخلت الحمام، غسلت وشها، والمية نازلة على عيونها اللي كانت مولّعة من كتر البكا.


كانت حاسة إنها موجوعة من كل حاجة... من الألم اللي في جسمها، ومن الوحدة اللي وجعاها أكتر.

حتى جوزها، سابها... ساب اللي زرعه فيها وراح، وخلّاها تواجه مصيبتها لوحدها.


فجأة، سمعت صوت من برّه.

اتشدّ جسمها كله وقالت بتوتر:

– مين؟


خرجت من الحمّام بخطوات مترددة، ولما وصلت لباب الأوضة... اتفاجئت بحدّ واقف قدامها وبصت بدهشه

-------


في فيلا بدران، رجع يوسف من برّه. أول ما دخل، قابل والدته رانيا في الصالة، بصّ لها شوية وقال بنبرة فيها قلق:

– أوضاع البيت إيه؟


ردّت رانيا – زي ما انت شايف، هدوء غريب... كأنه الهدوء اللي قبل العاصفة.


دخلت الخدامة وقالت بهدوء:

– الفطار يا هانم.


قالت رانيا وهي بتقوم:– يلا، عشان تاكل كويس، كويس إنك جيت.


لكن يوسف كان واضح مضايق، قال وهو بيقعد:

– مش عاجبني الوضع يا ماما... أنا بَدور على وعد من امبارح.


ردّت رانيا – ممكن تسكت؟ أبوك لو سمع اسمها هيتضايق.


يوسف – متنسيش إنها بنته... يعني أختي. قد ما نارى منها كبيرة، بس نارى الأكبر من اللي عمل فيها كده... ثم بابا كان يقدر يعاقبها بطريقة تانية، بس مش بالطرد.


قالت رانيا – وده مش عقاب يعني؟


قال يوسف – مش عارف... بس حاسس إن بابا طردها عشان يحميها منه.


رانيا :– يحميها؟! لو معرفكش كنت حسيت إنك طيب زيادة يا يوسف.


ابتسم يوسف بسخرية وقال بهدوء:– وأنا أول مرة أعرف إنك متفهميش دماغ بابا، تفكيره مش بسيط زي ما انتي فاكرة.


رانيا فضلت تبصله باستغراب من كلامه، وهو راح ناحية السفرة. هناك كان علي لسه نازل، ونادين قاعدة على الكرسي. أول ما شافته قالت له:

– خرجت امبارح يا يوسف؟


رد عليها وهو بياخد مكانه على السفرة:– آه، خرجت.


قعدوا على السفرة، يوسف بص لعلي، وعلي كان بيبصله هو كمان.

قال علي ببرود:– عايز تقول إيه؟


رد يوسف – انت خرجت امبارح بالليل؟


نادين قالت بهدوء:– آه، كان عنده شغل.


يوسف – من بعد اللي حصل مباشرة؟


علي – متوقع إن شغلي يستنى؟ انت أول واحد لو جتلك مكالمة إن الشركة بتولع هتجرى؟


في اللحظة دي رن تليفون يوسف، اتخض وبص لعلي بشدة، وعلي كان مبتسم عليه بسخرية. رد يوسف وهو بيرفع السماعة:

– ألو، يا محمود؟


رد محمود:– علي بيه، شركته قدرت توثقنا من برّه، والتوكيل اتقدم في الافتتاح. حاولت أبلغ بدران.


قال يوسف بهدوء: – تمام، هبلغه.


قفل يوسف التليفون ورجع يبص لعلي، حتى رانيا كانت قاعدة معاهم. قالت

– يوسف، روح قول لوالدك هيفطر امتى، مش عايزة حد يزعجه.


سكتوا كلهم لما جه بدران، وقاطع حديثهم بدخول صامت وقوي. خد كرسيه المعتاد وقعد عليه بكل هدوء، وقوة فيها قسوة من بروده. بص للجميع نظرة صادمة، محدش كان متوقع إنه هيفطر معاهم. بعد شوية قال بصوت صارم:

– فين القهوة؟


قالت رانيا – هخلّيهم يحضروها حالًا.


شاورت للخدامة، اللي أومات لها فورًا وراحت. في اللحظة دي بدران بص ليوسف وقال بصوت ثابت:

– هتدخل الافتتاح؟


رد يوسف – آه، شركة عمي هتوثقنا من أمريكا، فهنقدر نقدم الافتتاح السنة دي من غير ما نبان إننا اتهزّينا بعد ضربة السرقة اللي حصلت لنا في السوق.


بدران حوّل نظره لعلي وسأله – راجع أمريكا؟


قال علي – لسه، بعد ما أخلّص شغلي هنا.


دخلت نادين في الكلام بابتسامة:– وجود علي مهم في الشركة دلوقتي، وكمان... فرحنا هيكون الجمعة الجاية.


بصّوا لها الكل بدهشة، يوسف قال :– الجاية؟!


رانيا رفعت حاجبها وقالت: – بالسرعة دي؟


نادين قالت بثقة: – هسافر مع علي، هكون مراته خلاص.


سكتوا كلهم، والجو اتبدّل في لحظة. الصمت بقى تقيل وغريب، كأن في حاجة مش طبيعية بتحصل. بدران كسر الصمت وقال بنبرة عملية:

– القرار ليكم. المهم تكون موجود يا علي في الموسم... المنافسين كلهم في السوق، والحماس السنة دي زايد عن العادة.


رد علي وهو بيأكل بهدوء واضح: – متقلقش، أنا هكون أول واحد يحضر.


قالها وهو بيعض الأكل بأسنانه الحادة، نبرته هادية لكن فيها قوة.

بدران رجع لطبيعته كأن اللي حصل امبارح ما كانش، وكأن كل حاجة اتنسيت.


كل حاجة في البيت كانت غريبة... الهدوء، الكلام، حتى النظرات.

ما فيش حاجة صحيحة في البيت ده.

--------


وعد اتصدمت، عينيها اتّسعت وقالت بنبرة متلخبطة:

– ط... طنط فاطمة؟ انتي هنا؟ من إمتى؟


قالت فاطمة بهدوء وهي متأثرة:

– من امبارح، يا وعد.


استغربت وعد وقالت بنبرة مترددة:

– من امبارح؟


فاطمة هزّت راسها وقالت بهدوء:

– لما حصل اللي حصل امبارح... وخرجتي من البيت، أنا...


سكتت لحظة، مش قادرة تقول الكلمة اللي وعد عارفاها كويس، الكلمة اللي معناها "باباها طردها".

كملت بصوت حزين:

– خرجت وراكي، فضلت ماشية لحد ما شوفتك داخلة فيلا. استنيتك تخرجي، تابعتك، بس ضيّعتك ف النص... فضلت أسأل عليكي، وأسأل لحد ما وصلت هنا. لما لقيتك نايمة، خوفت أصحيكي، فسيبتك تنامي براحتك.


بصّت لها وعد بعيون ممتنة وقالت بدهشة:

– خرجتي ورايا... وفضلتي تسألي لحد ما عرفتي مكاني؟


ابتسمت فاطمة ابتسامة حزينة وقالت:

– ماقدرتش أستحمل أقعد في الفيلا بعد اللي حصل. لما جتلي الفرصة أكون معاكي... خرجت، وجيت.


عين وعد دمعت، وصوتها اختنق وهي تقول:

– طنط فاطمة...


قربت فاطمة منها وقالت بحنان وقلق:

– مالك يا وعد؟ سمعت صوتك، كنتي بتتوجعي.


في اللحظة دي، وعد ما استحملتش، اترمَت عليها وحضنتها بقوة.

قلب فاطمة وجعها، بادلتها العناق وربّتت على ضهرها بحنان.


قالت وعد بصوت مبحوح: – انتي اللي لحقتيني... مجاش منهم حد.


مسحت فاطمة على ضهرها وقالت بحنان: – خلاص يا حبيبتي، اهدي.


بس وعد بعدت عنها، بتتنفس بصعوبة، بتحاول تلم نفسها، وقالت بوجع مكتوم:

– بابا طردني... مش مشاني، أنا عارفة معنى الكلمة. متكسفيش تقوليها، دي الحقيقة.

أنا... بحاول أستوعبها لحد دلوقتي، بس ماكنتش متوقعة تكون دي النتيجة.


قالت فاطمة وهي بتحاول تطبطب عليها:

– اهدي يا حبيبتي، كل حاجة هتتصلّح.


وعد خدت نفسها بصعوبة، مسحت دموعها وقالت بصوت مبحوح:

–  جوايا بركان، مش عارفة إزاي قادرة أكتمه جوايا.


مشيت ببطء وقعدت على الكنبة، لحقِتها فاطمة وقالت بقلق:

– شكلك تعبان يا بنتي، أنا دخلت على صوتك، وجيت أشوفك مالك.


وعد رفعت نظرها باستغراب وقالت:

– دخلتي؟! مش انتي قولتي إنك هنا من امبارح؟


فاطمة ارتبكت شوية، بصّت بعيد وقالت بسرعة:

– آه... بس يمكن ما شُفتيش وأنا بصحيكي. كنت برّه بجيب شوية حاجات للبيت.

لما شُفت كل حاجة فاضية قولت أحضّرك الفطار قبل ما تصحي، بس دخلت لما سمعت صوتك بتتوجعي.


بصّت وعد حواليها وشافت فعلاً أكياس فيها أكل وخضار وفاكهة، بس الإحساس بالوجع رجع يذكرها، وضغطت بإيدها على بطنها


قالت فاطمة بسرعة وهي بتقرب منها:– مالِك يا وعد؟


قالت وعد– هكون كويسة...


ثنّت ركبتيها شوية ناحية بطنها، كأنها بتدور على الوضع اللي يخفّف الألم.

وبنبرة هادية، كأنها بتحلل حالتها كطبيبة، قالت:

– ده تمدد بسيط في جدار الرحم... بسبب التغيّرات الهرمونية.


قالت فاطمة بخوف:– لازم تشوفي دكتور، يا وعد.


هزّت وعد راسها رفض، لأنها في جلستها دي خدت وضع الجنين اللي مريحها نسبيًا، حسب معرفتها الطبية.


قعدت فاطمة على الكرسي اللي جنبها، بصتلها بحنان ممزوج بشفقة، وقالت بهدوء– و... وعد؟


ردّت وعد بسرعة وهي مغمضة عينيها:

– متبصليش النظرة دي... هتكرهيني أقعد معاكي، ويمكن أقولك امشي.


سكتت لحظة، وبعدين فتحت عينيها وقالت بنبرة فيها وجع وعتاب لنفسها:

– ليه عملتِ كده يا وعد؟ ليه عملتِ في نفسك كده؟


سكتت وعد شوية، وصوت أنفاسها كان بيتهزّ من كتر الوجع.

قالت فاطمة وهي بتكتم غضبها ودهشتها:

– يستاهل تعملي في نفسك كده عشانه؟ وتكوني هنا بسببه؟


رفعت وعد عينيها المليانة دموع وقالت بصوت مبحوح:

– لا... ما يستاهلش.


فاطمة قربت منها وقالت بحيرة:– طب ليه؟ ليه يا وعد؟


انفجرت وعد وهي بتتكلم بحرقة: – عشاااان حبيته!


نطقت الكلمة كأنها بتطلع معاها كل اللي وجعها.

بصّت لفاطمة وقالت بانفعال موجوع:

– عارفة يعني إيه بحبه؟هو كان عندي رقم واحد...كان كل حاجة في حياتي.


ابتلعت ريقها وهي بتكمل بصوت مكسور:

– انتي عرفتي كل حاجة، ومش هكدب وأقولك كنت معترضة عليه... لا، أنا كنت عارفة إن اللي بعمله غلط، بس استمريت.

علشان لحظة واحدة وأنا معاه... كنت بتمنى متخلصش.


دمعة نزلت من عينها ببطء، دمعة خذلان مش ضعف، وقالت بصوت خافت:

– حبيته أكتر من أي حد، لدرجة إن لما الوجع جه منه... وجعني بزيادة.

ولما الوجع جه من بابا وعيلتي... ثبت الوجع جوايا.


سكتت شوية، وبصت لفاطمة بعينين باكيات وقالت:

– أنا اعترفتلك، انتي الوحيدة اللي عرفت مشاعري ليه... وشُفتي حبي ليه في عيني فليه مستغربه


فاطمة قالت بحدة مكبوتة:

– بس ماقلتيش إنك على علاقة بعلي بيه... ومتجوزاه في السر!


وعد – كان ده اتفاقنا في البداية...


فاطمة قاطعتها بدهشة:

– اتفاق؟ اتفاق على إيه؟


وعد بتردد – كنا متجوزين عرفي.


اتجمد وش فاطمة من الصدمة، سكتت ومقدرتش تنطق، كأن الكلام خبطها.

وعد كملت وهي بتحاول تدافع عنه بعينين موجوعة:

– كان عنده ظروف تمنعه، صدقيني يا طنط، هو كان ناوي نتجوز رسمي... كان مستعد يعمل كده.


قالت فاطمة وهي تهزّ راسها بحزن عميق:

– ولسه... لسه بتبرري له بعد كل اللي عمله؟


سكتت وعد، مش لأنها اقتنعت، لكن لأنها بدأت تحس إنها ما كانتش بتبرر له... كانت بتبرر لنفسها.

اللي عملته، مش اللي عمله هو.


عينها سرحت، وافتكرت كلماته اللي كانت لسه بتدور جواها زي صدى موجع:

"مستعد تثقي فيّ يا وعد؟ ظروفي تمنعني أتجوزك رسمي... بس جوازنا العرفي مش غلط، طول ما إحنا موافقين."


قالت وعد وهي بتحاول تتماسك:– قال لي جوازنا العرفي مش غلط... طالما إحنا موافقين.


فاطمة بصت لها بصدمة وقالت بحِدّة حزينة:– وعد، عقلك كان فين يا بنتي؟!


بصت لها وعد بعينين ضايعين، مش قادرة ترد.

قربت منها فاطمة وقالت بوجع واضح في صوتها:– مفيش حاجة اسمها جواز عرفي... ده اسمه ز...نا، يا وعد.


كلمة وقفت الدنيا في ودان وعد.

اتجمدت مكانها، نظرتها فرغت من أي تعبير، كأن صوت فاطمة كسر جواها حاجة كانت بتحاول تحافظ عليها.


فاطمة كملت وهي بتحاول تهدي نبرتها:

– سواء بالموافقة أو من غيرها، ده مش جواز حقيقي... دي مش ورقة معترف بيها في الحكومة، ولا دليل على شرعية العلاقة.

دليلها الوحيد... إنك كنتي معاه. مش كده؟


وعد بصوت واهي، كأنها بتحاول تبرر آخر خيط عندها:

– كانت في فيلته... أنا سيبتها هناك.


فاطمة اتوترت وقالت بسرعة: – راحت فين الورقة دي؟


مردّتش وعد.قربت منها فاطمة، صوتها هادي بس حاد في نفس الوقت:

– وعد، انتي ذكية... إزاي وفقتي على كده؟ حتى لو كان تحت اسم الحب؟


سكتت وعد.مش عارفة تقولها إن اللي حصل ما كانش حب، كان ضعف.

إن أكرم لما شافها منهارة وسكرانة بعد اللي حصل بينهم، “أكرمها” بجواز عرفي علشان يسكتها...

بس هو ما كانش إكرام، كان استمرار للذنب.

عملت الغلط، وبعده عملت عشر زيه.


قالت فاطمة بنبرة فيها وجع وغضب مكبوت:

– الحب ليه حدود يا وعد... ليه ضوابط وليه عقل يتحكم فيه.

انتي ذكية، دكتورة، فاهمة... انتي كبيرة كفاية.


غطّت وعد ودانها بإيديها وصرخت:– كفاااايه... أرجوكي كفااااااايه بقى!


سكتت فاطمة.ولما اتكلمت وعد، كان صوتها بيتهز من البكاء:

– معرفش عملت كده إزاي... كنت عارفة إنه غلط.

بس هو قالّي إنه معترف بجوازنا، وإن الورقة دي يقدر يقدّمها للعالم كله.

قال إن ظروفه بس اللي مانعاه من التوثيق...

هو نفسه قال معترف بجوازنا، ليه يبقى باطل؟


فاطمة – معترفش بده قدام أهلك ليه؟


سكتت وعد.

قالت فاطمة بهدوء موجع:– طالما مفيش توثيق، ولا إعلان قدام أهلك... فالجواز ده...


سكتت، مش قادرة تقول الكلمة اللي هتكسر وعد أكتر.

لكن نظرة وعد لوحدها كانت كفيلة تقول إنها فهمت.


فاطمة همست:– وعد...


قاطعها صوت وعد المبحوح:– خلاااص... سبيني لوحدي.


فاطمة قامت، قلبها واجعها عليها.ما زعلتش منها، بس كانت عاجزة تعمل أكتر من كده.


فضلت وعد قاعدة مكانها، ضامّة رجليها لصدرها كأنها بتحاول تحمي نفسها من النار اللي جواها.

دفنت وشها، ودموعها نزلت بحرقة.


كانت دموع استدراك...

ندم، ذنب، وتأنيب.


دلوقتي بس، العقل رجع من غيابه،

والقلب اللي كان بيقودها اتكسر لميت حتة.


النهارده، العقل احتل مكان التفكير والاستيعاب،

والقلب غِفَى...

يمكن في دوامة علاج طويلة.

بس السؤال الحقيقي:

هل هيتشافى الجُرح؟

ولا الأثر هيفضل عمره كله؟


---


فى الليل فاطمة كانت في المطبخ من بدري.

جهّزت أكل دافي، ريحته مالية المكان، ورجعِت بيه للصالة.

وعد لسه قاعدة في نفس مكانها، نفس الوضعية، ساكتة، عينها مطفية.


قالت فاطمة بنبرة فيها حنية:– عملتلك أكل دافي، يرمّ عضمك شوية.


بصتلها وعد وقالت بهدوء:– انتي اللي جبتي الأكل ده؟


ردّت فاطمة، وهي بتقلب في المفرش قدامها:– بتسألي ليه؟


قالت وعد بصوت خافت فيه وجع:– عشان ماعنديش فلوس أدفعلك...

حتى قعادك هنا وخدمتك ليا، أنا ماعنديش أديكي مقابلهم.

أنا ماعدتش "وعد" اللي كانت أميرة نفسها.


طلعت بطاقتها من جيبها، نظرت فيها وقالت بسخرية حزينة:– أول ما فلوس الفيزا دي تخلص، مش هيبقى معايا جنيه واحد.ده لو بابا ما وقفهاش من الأساس.


تنهدت فاطمة وقالت وهي بتبص عليها بعِتاب حنون:– اخس عليكي يا وعد، فكراني قاعدة هنا علشان فلوسك؟


رفعت وعد نظرها وقالت بمرارة:– أمال جايالي ليه؟ سبتي شغلك وجيتي ورايا وأنا مش هفيدك في حاجة.


ابتسمت فاطمة ابتسامة خفيفة وقالت بهدوء: – أنا مش عايزة منك حاجة،

كل اللي عايزاه أكون معاكي... أرعاكي، زي ما كنت بعمل دايمًا.


وعد بصتلها، نظرة فيها تعب وسخرية في نفس الوقت:– آه؟ وده ليه بقى؟


قالت فاطمة ببساطة، وهي بتقرب منها وتمدّ إيدها على كتفها: – عشان بحبك يا وعد...وبعتبرك زي بنتي.


ابتسمت وعد ابتسامة وجيعة، فيها كسرة:– لسه مش قادرة تقتنعي إن حتى بابا نفسه رماني؟


تنهدت فاطمة، قربت منها أكتر وقالت بهدوء دافي:– وعد، أنا هفضل معاكي...

وصدقيني، رنا كانت هتسيب الشغل كمان لما عرفت انها تقدر هنكون معاكى


فاطمة بصراحه – بس أنا قولتلها تِفضل في الشغل، لأنها محتاجاه، أما أنا كده كده كنت هقعد في البيت…بس كنت مكمّلة الشغل علشانك إنتي ورنا.إنتي كنتي أكتر واحدة بتعاملنا كويس هناك…وده بالنسبالي كفاية أوي يا وعد هانم.


وعد بسخريه موجوعه: – هانم؟!

 فاطمة – وهتفضلي ست الهوانم العمر كله، يا بنتي.


نزلت دمعة من عين وعد، وقالت بصوت مكسور:– أنا غلطت... غلطت أوي يا طنط فاطمة.


ما ردّتش فاطمة، كانت عارفة إن غلط وعد لا يتوصف،فاكتفت إنها تبصّ لها بعين مليانة رحمة.


قالت فاطمة بعد لحظة صمت: – ناوية تعملي إيه يا وعد؟


هزّت وعد راسها وقالت وهي بتتنفس بصعوبة:– معرفش...أنا في مصيبة كبيرة، ومفيش حد معايا،ولا حد بيساندني.


قالت فاطمة بهدوء وهي بتحاول تخفف عنها:– انتي لسه في الأول،بس بعد شهر ولا اتنين...بطنك هتبتدي تبان...ولما...


سكتت فاطمة، الكلمات وقفت في حلقها،ماقدرتش تقول عنه ابن حر.ام أو طفل غير شرعى

مدّت إيدها على إيد وعد وربّتت عليها وقالت:– كلي يا بنتي... ربنا يسهل.


قالت وعد وهي بتهز راسها:– مش عايزة آكل.


قالت فاطمة بحزم لطيف:– لا، مفيش الكلام ده.انتي لازم تاكلي،انتي محتاجة الأكل أكتر من أي حد.


قالت وعد بصوت خافت:– مش قادرة... مليش نفس.


ابتسمت فاطمة بحنية وقالت:– الأكل ملوش دعوة بالنَفَس يا وعد،

بعد إذنك... كلي.أنا عاملاه مخصوص ليكي، من قلبي.


سكتت وعد، أومأت بخضوع وقالت بصوت خافت:

– ممكن تسيبيني لوحدي يا طنط؟


قالت فاطمة وهي بتبتسم بحنية حزينة:– هتاكلي أكيد.

بس ما ضغطتش عليها،وقالت قبل ما تخرج:

– لو احتجتي أي حاجه... ناديلي


خرجت فاطمة بهدوء،ولما بقيت وعد لوحدها،

مدت إيدها للتليفون اللي كان على الترابيزة.فتحته،

كانت الشاشة سابته على آخر رقم كلمته... علي.


كل شويه كانت تفتحه وتشوف الرقم...كأنها مستنية منه معجزة.

تنهدت وقالت لنفسها:– إمتى هصحى من الكابوس ده؟أنا عارفة إنه بيحبني...

(سكتت لحظة) بيحبني؟وضربت كفها على راسها بحدة وهي تهمس بحرقة:

– أي حب؟!... ده عمل فيا اللي العدو ما يعملوش.


رن إشعار فوق الشاشة... اسم نادين.

اتجمدت وعد، فتحت السوشيال ميديا اللي كانت قافلاها،وشافت أول بوست...

صورة جديدة لنادين فـ أكبر محل مجوهرات،بتبتسم وهي بتقيس خاتم ماسي ضخم،خاتم باين عليه الغلو... والغرور.


لكن اللي وجعها مش الخاتم...كانت الساعة اللي جنب نادين على الطاولة.

نفس ساعة علي.هي عارفاها كويس.


همست وهي بتكتم شهقة وجع:– يعني... معاها. 

معاها بيختاروا شبكة جوازهم...وهي هنا، بتنهار لوحدها. 

قفلت الموبايل بسرعة،وعيونها اتمالت دموع،مش مصدقة إن اللي كان من يومين بيقسم لها بحبه...بقى في يوم واحد بيختار شبكة لواحدة تانية. 

قلبها وجعها كأنه بيتفتح من جديد،الجرح لسه نازف،ومفيش ندم جاي منه،

ولا حتى لحظة تفكير فيها. 

كانت بتنهار بهدوء...كأنها بتغرق فـ صمت موجع.

-----------


في محل الجواهر، كانت نادين قاعدة جنب علي، عينيها بتلمع وهي بتجرب أطقم الماس قدام المراية.قالت بسعادة ظاهرة:

– الطقم ده تحفـة، بس أكتر حاجة عجباني الخاتم... شوف يا علي، مش شايفه إنه تحفة؟


بصت له وهي بتمد إيدها قدامه، والخاتم بيبرق في ضوء المحل.

رفع علي عينه من التليفون وبص بسرعة، قال بهدوء وهو بيرجع نظره للشاشة:

– ده الى عجبك.


ابتسمت نادين، المدير قال

– تمام كده يا علي بيه؟


أومأ علي بإشارة خفيفة، طلع الكارت من محفظته وسلّمه للمدير اللي سحب المبلغ بابتسامة وقال:– ألف مبروك يا فندم، ربنا يتمم على خير.


كان مالك داخل وقتها، وقف قريب وهو بيبص لعلي بنظرة فيها استفسار.

استأذن علي من نادين بخطوة بسيطة وراح ناحيته، وقال وهو بيحاول يخفض صوته:– كل حاجة تمام؟


رد مالك بهدوء، لكن عيونه فيها قلق:– آه، في الفيلا تمام... بس بصراحة، كنت خايف لو هي معرفتش تتصرف، تتهور إنت وتروحلها.

(سكت لحظة)

– ساعتها كل اللي عملته يضيع، والناس تصدق كلامها هي مش كلامك.


بص له علي بطرف عينه بنظرة تحذير واضحة،

فسكت مالك فورًا، بلع ريقه وقال بسرعة:

– أنا مقصودش، بس الوضع متوتر شوية... وانت، يعني، مش هتقدر تسيبها بسهولة.


قال علي ببرود ثابت:– عملت اللي قولتلك عليه؟


رد مالك:– آه، متقلقش... هي دلوقتي لوحدها تمامًا.


ابتسم علي ابتسامة صغيرة مافيهاش لا دفء ولا ندم، وقال:

– كويس.


رجع لعند نادين اللي كانت بتجرب العقد قدام المراية وتضحك بخفة،

وهو حس للحظة إن انعكاس صورته جنبها في الزجاج باهت...

كأنه مش هو.


في السيارة، كان علي سايق بصمت تام

قالت نادين – حاسة إننا اتسرعنا شوية.


بصلها علي، وهي قربت منه، ابتسمت وقالت بنعومة:

– مش مصدقة إنك هتكون ليا.


مدّت إيدها بهدوء ولمست دراعه، وقربت وشها منه بخطوة خفيفة،

لكن في لحظة،انتفض غرائز عليه الحاسيه ،السيارة انحرفت فجأة،وضغط على الفرامل بقوة!


صرخت نادين بخضة، وبعد ما وقفت العربية، بصت له بعينين مصدوماتين:

– علي! في إيه؟!


قال بصوت خشن ومتوتر: – إياكي... إياكي تقربي مني يا نادين.


اتسعت عينيها بدهشة: – إزاي يعني؟


قال بجمود واضح وصوت خافت فيه تهديد:– تصرفاتك... احسبيها قبل ما تلمسيني.


ضحكت بسخرية وقالت:– قصدك على المتلازمة اللي عندك دي؟!


علي سكت،وشه اتبدل،صوته اتقطع،وإيده شدت الدركسيون بعصبية،العروق في إيده كانت باينه كأنه بيحاول يمسك نفسه بالعافية.


قالت نادين – أوف، ده كله عشان لمستك يا علي؟... أمال لما نتجوز هنعيش إزاي؟أنا هكون مراتك مش غريبة عنك!


ماردش،قالت بنغمة متحدية:

– علي، احنا هنتجوز... فاهم معنى الكلمة دي؟ ولا الجواز عندك هيبقى بس ورقة؟


لف وشه عليها بحدة – نـــــاديـــــن!!!


قالت نادين : "منتا لازم تفهمني يا علي، أنا مش واحدة تجرّها وراك زي ما انت عايز، ولا انت فاكر إنك ما تسمحش لحد يقرب منك غيرها؟"


بصّلها علي باستغراب، فقالت هي بحدة أكتر:"وعد... اللي واكلة عقلك وتفكيرك عني."


اتسعت عينه بدهشة، وقال : "بتقولي إيه؟"


ردت نادين "مضايق من قربي؟ طب وهي؟ لما كانت بتقرب منك كانت اللحظة بتكمل ولا لأ؟"


شدّ علي نبرته وقال بغضب مكتوم "اتكلمي عدل من غير لف ولا دوران يا نادين."


ضحكت بسخرية وقالت: "وعد يا علي... أنا عارفة إن بينكم حاجة كبيرة."


قاطعها بعصبية "نادين كفاية."


لكنها كملت وكأنها بتسكب الزيت على النار:

"يوم الملعب، ممشيتش زي ما افتكرت... شوفتك وانت بتكلمها، كانت قريبة منك جدًا، مفيش حتى مسافة بينكم، كلامكم وهمسكم كان واضح... دي مش علاقة بنت بعمها، دي علاقة واحدة بحبيبها."


قال علي وهو بيكتم غضبه: "خلصتي؟"


 نادين ببرود وقالت: "كلامها عنك كان حقيقي مش كده؟ بينكم علاقة، ولما حسّيت بالخطر، رميت كل الحمل عليها... خلت بدران يطردها ويقول إنها خانته وشرفه، وهي فضلت تبرر، وهو مصدقك... مصدقك لدرجة إنه عمره ما تخيّل إنك أنت السبب في اللي حصل لبنته."


كانت امرأة ذكية بطبعها، وخبيثة كفاية لتستنتج كل ده، لكن علي ما اهتزّش، ظل ساكن تمامًا، عيونه مركزة فيها وكأنه بيقراها.

قال بهدوء بارد:"وبعدين؟"


نادين باستغراب وقالت:"يعني إيه وبعدين؟ بتحنلها ولا إيه؟"


مدّ علي إيده لتليفونه، عمل مكالمة، وهي بتبص له باستغراب.

قالت: "بتعمل إيه يا علي؟"


قال بثقة: "عايزك تسمعي بنفسك لبدران... يمكن الكلام اللي انتي متأكده منه يطلع صح."


بس قبل ما يكمل، أول ما بدران رد وقال "ألو"، نادين اتوترت وقفلت الخط بسرعة.

بصلها علي بنظرة فيها تحدي وقال بهدوء خطر:

"مالك سكتّي؟ المفروض إنك كنتِ عارفة الحقيقة الكبيرة دي، صح؟ ليه ما قولتِهوش؟"


قالت وهي بتحاول تبرر: "أنا سكت عشان جوازنا... بس كده."


ضحك علي بخفوت وقال ساخرًا: "خوفتي اتجوزها؟"


سكتت نادين لحظة، عارفة إنه دايمًا سابقها بخطوة، نظراته بتسبق كلامها، ذكاؤه مرعبها.

قالت بارتباك:"انت... متجوزها؟"


سكت علي ثواني، صمته كان أثقل من أي رد، وبعدين قال بصوت منخفض وجاد جدًا: "هعتبر نفسي ما سمعتش الكلام السخيف اللي قولتيه... بس لو اتكرر، إحنا هننتهي."


قالت بعناد وهي بتحاول تثبت نفسها:"وعد كانت بتقول الحقيقة يومها."


بصلها علي ببرود، وقال وهو بيقفل النقاش نهائي:"انتهينا يا نادين."


لكنها ما سكتتش، "أنا لازم أعرف أنا هتجوز مين بالظبط... أوقات بحس إنك... إنك عندك انفصام يا علي، شخصيات متعدده جوا بعض!"


قال علي بصوت هادي لكنه حاد:"الحقيقة هي اللي إحنا فيها دلوقتي."


سكتت نادين لحظة، وتنهدت وهي بتحاول تهدّي الموقف، وقالت بصراحة:

"أنا بحبك، وحبي ليك ساعات بيخليني أرتكب غباوة."


بصّ لها علي "غباوة زي إيه؟"


قالت نادين "اللي عمرك متتوقعه."


اقترب منها علي شوية، وبص في عيونها بعمق وقال بصوت منخفض:"تقتلي عشانّي."


ارتجفت نادين بخوف من نبرته المخيفة، لكنه أكمل وهو بعيد عنها شوية:

"سكّتي."


تنهدت، وبعدين قال بهدوء شديد: "علاقتنا هتكون سلسة يا نادين، أكتر مما تتخيلي، هتمر باللمح البصر."


نظرت له بارتباك وقالت: "أنت كمان بتحبني ولا لا؟"


ابتسم علي بابتسامة قصيرة وقال: "جوازنا جواب كافي."


ابتسمت نادين بخفّة، ثم اقتصر الصمت، علي شغّل السيارة ومشيوا بهدوء.

---


في اليوم التالي، وصلت وعد الجامعة ماشية بصمت، وراحت على المدرج، قابلت صحابها اللي كانوا قاعدين هناك:

– "وعد تعالى احنا هنا."


كانت وعد محتاجة شوية هدوء، عايزة تقعد لوحدها.

دخلت دكتورة نظرت لهم جميعا وبالذات وعد استغربت وعد من نظرتها

قالت الدكتوره- ممكن كلمه يا دكتوره وعد

بص الجميع لوعد عارفين إن علاقتهم مش حلوه عشان يكون ف بينهم كلام، نزلت وعد من المدرج ولما راحتلها قالت

- نعم يا دكتوره نهال

قالت نهال - ف صديق استقصدنى ف خدمه وانا باديها

استغربت وعد من الى بتقوله وقبل ما تتكلم، قالت نهال

- متحضرين محضرتى وروحى ع السكشن

استغربت قالت وعد- بس ليه أنا معملتش حاجه

قالت نهال - انا مقولتلكيش إنك عملتى حاجه متقلقيش مش هغيبك عندى

سكتت وعد وبصيت لصاحبها الى كانو بصينلها، خرجت وعد والباب اتقفل وراها قالت الدكتوره

- نركز هنا يدكاتره


وعد راحت على السكشن دخلت ملقتش حد هناك قعدت لوحدها مش فاهمه ليه خرجتها وليه جبتها هنا، تنهدت وفضلت تبص فى الساعه لقيت حد بيحسب كرسي وبيعقد قدام واتفجأت لما لقيته حازم بصيتله بشده

قال حازم- كنت فاكر نهال هتاخد وقت أكتر معاكى عشان كده اتأخرت

قالت وعد- انت بتعمل اى هنا

قال حازم- عايز أتكلم معاكي ف موضوع

قامت وعد وراحت عند الباب قال حازم - راحت فين

قالت وعد- انا عندى محاضره

قال حازم- أهدى انا إلى قايل لنهال تعفيكى من محاضرة النهارده

بصيتله وعد بشده معقول خرجتها عشانه، قالت وعد- وده ليه

قال حازم- انا هاجي ،وغرى معاكى يا وعد، بمناسبه الموضوع إلى كنت عايزك فيه من اسبوعين وحبيبك قاطعنا

بصيتلت باستغراب قال حازم- انا عايزك تفكرى ف موضوعنا تانى

قالت وعد بدهشه- موضوع اى

حازم- تتجوزينى


بين الحب والانتقام

بارت١١



جاري كتابة الفصل الجديد  للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع
    close